احمد ابو انس
2024-06-30, 11:56 AM
5353 - ( ألا أحدثكم عن الخضر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ! قال : بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل ؛ أبصره رجل مكاتب . فقال : تصدق علي بارك الله فيك ! فقال الخضر : آمنت بالله ، ما شاء الله من أمر يكون ، ما عندي شيء أعطيكه . فقال المسكين : أسألك بوجه الله ! لما تصدقت علي ؛ فإني نظرت السيماء ( وفي رواية : سيماء الخير) في وجهك ، ورجوت البركة عندك ! فقال الخضر : آمنت بالله ، ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتتبيعني ! فقال المسكين : وهل يستقيم هذا ؟! قال : نعم ، الحق أقول ؛ لقد سألتني بأمر عظيم ، أما إني لا أخيبك بوجه ربي ؛ يعني ! قال : فقدم إلى السوق فباعه بأربع مئة درهم ، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء ، فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي ، فأوصني بعمل ؟ قال : أكره أن أشق عليك ؛ إنك شيخ كبير . قال : ليس يشق علي . قال : فقم وانقل هذه الحجارة ، وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم . فخرج الرجل لبعض حاجته ؛ ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة ! قال : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه . قال : ثم عرض للرجل سفر ، فقال : إني أحسبك أميناً ، فاخلفني في أهلي خلافة حسة . قال : فأوصني بعمل . قال : إني أكره أن أشق عليك . قال : ليس يشق علي . قال : فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك . قال : فمضى الرجل لسفره . [قال :] فرجع الرجل وقد شيد بناءه ! فقال : أسألك بوجه الله ! ما سبيلك وما أمرك ؟ قال : سألتني بوجه الله ، ووجه الله أوقعني في العبودية . فقال الخضر : سأخبرك من أنا ؟ أنا الخضر الذي سمعت به ؛ سألني [رجل] مسكين صدقة ، فلم يكن عندي شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله ، فأمكنته من رقبتي ، فباعني . وأخبرك أنه من سئل بوجه الله ، فرد سائله وهو يقدر ؛ وقف يوم القيامة [ليس على وجهه] جلد ولا لحم ؛ إلا عظم يتقعقع . فقال الرجل : آمنت بالله ، شققت عليك يا نبي الله ! ولم أعلم . قال : لا بأس ؛ أحسنت وأبقيت . فقال الرجل : بأبي أنت وأمي يا نبي الله ! احكم في أهلي ومالي بما أراك الله ، أو أخيرك ؛ فأخلي سبيلك ؟ فقال : أحب أن تخلي سبيلي ؛ فأعبد ربي . فخلى سبيله . فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ؛ ثم نجاني منها ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة:
ضعيف
أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 357) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 132-134/ 7530) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 287) من طريق سليمان بن عبيد الله الحطاب : حدثنا بقية بن الوليد : حدثنا محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه : ... فذكره .
والطبراي أيضاً ، وفي "مسند الشاميين" (ص 163) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/ 319/ 2) عن محمد بن الفضل بن عمران الكندي : حدثنا بقية عن محمد بن زياد الألهاني به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف من الطريقين عن بقية :
أما الأولى ؛ فلضعف سليمان بن عبيد الله ؛ قال النسائي :
"ليس بالقوي" . وقال ابن معين :
"ليس بشيء" .
وذكره العقيلي في "الضعفاء" .
ولا ينافي ضعفه قول أبي حاتم فيه :
"صدوق ، ما رأيت إلا خيراً" !
لاحتمال أنه يعني أنه ليس بمتهم ، وذلك لا ينافي الضعف الناشىء من سوء الحفظ ، والذي يستلزم النظر في حديثه ، بل هذا ما صرح به ابنه في مقدمة "الجرح والتعديل" (1/ 37) ، فراجعه إن شئت .
وأما توثيق ابن حبان ؛ فقد عرف تساهله في التوثيق ؛ فلا إشكال . ولذلك ؛ قال الحافظ في "التقريب" - ملخصاً للأقوال المتقدمة فيه - :
"صدوق ، ليس بالقوي" .
قلت : فمثله لا يحتج به ؛ فلا يقبل منه تصريح بقية بالتحديث فيه . وعلى ذلك جرى من قبلنا من النقاد ؛ فقال الذهبي في ترجمة بقية من "الميزان" :
"ومن مناكير بقية : حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة مرفوعاً : بينما الخضر يمشي في سوق لبني إسرائيل ... الحديث بطوله . هذا الحديث قال ابن جوصا : سألت محمد بن عوف عنه ؟ فقال : هذا موضوع . فسألت أبا زرعة عنه ؟ فقال : حديث منكر . قال ابن عدي : لا أعلم رواه عن بقية غير سليمان بن عبيد الله الرقي ، وقد ادعاه عبد الوهاب بن ضحاك العرضي ، وهو متهم ، وأما سليمان ؛ فقال فيه ابن معين : ليس بشيء . فسلم عنه بقية" .
قلت : وقد فاته الطريق الأخرى عند الطبراني ؛ أعني : محمد بن الفضل بن عمران الكندي ، ولكني لم أجد له ترجمة ، مع أنه لم يذكر تحديث بقية ، وكذلك سليمان الرقي لم يذكر ذلك عند الطبراني ، فكأنه أحال بها على رواية الكندي ، ومن أجل ذلك لم يتعرض لذكر التحديث من تكلم على رواية الطبراني ، فقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 103) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، ورجاله موثقون ؛ إلا أن فيه بقية بن الوليد وهو مدلس ؛ ولكنه ثقة" . وأعاده بنحوه في مكان آخر (8/ 213) . وقال المنذري في "الترغيب" (2/ 18) :
"رواه الطبراني وغير الطبراني ، وحسن بعض مشايخنا إسناده ، وفيه بعد . والله أعلم" .
قلت : وصدره بلفظة : (روي) إشارة منه إلى ضعف الحديث المطابق لاستبعاده تحسين بعض مشايخه إياه ؛ فأجاد كما قال الحافظ الناجي في "عجالة الإملاء" (114-115) ، وإن كان العهد به تصديره لأحاديث بقية بلفظة : (عن) كما حققته في مقدمتي لكتابي "صحيح الترغيب والترهيب" وفي "ضعيفه" أيضاً ، فلعل ذلك لضعف سليمان ، وجهالة ابن عمران الكندي .
وقد أشار إليها الحافظ ابن كثير في "البداية" ؛ فإنه ساق الحديث بطوله من رواية أبي نعيم الأصبهاني : حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني ... فساقه من الطريقين المتقدمين ، ثم قال (1/ 330) :
"وهذا حديث رفعه خطأ ، والأشبه أن يكون موقوفاً ، وفي رجاله من لا يعرف . والله أعلم" .
وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة (الخضر) من "الإصابة" - بعد أن ساقه من رواية الطبراني أيضاً - :
"قلت : وسند الحديث حسن ؛ لولا عنعنة بقية ، ولو ثبت لكان نصاً أن الخضر نبي لحكاية النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الرجل : "يا نبي الله !" ، وتقريره على ذلك" .
قلت : وهذا صريح في أن الحافظ لم يقف على تحديث بقية المتقدم ، وإلا ؛ لجزم بحسنه .
والحق أنه ضعيف ؛ لما عرفت من حال المصرح بالتحديث . والله أعلم .
ونبوة الخضر ليست بحاجة في إثباتها إلى مثل هذا الحديث ؛ بعد قوله تعالى في القرآ حكاية عن الخضر : (وما فعلته عن أمري) ، وغير ذلك من الأدلة المعروفة .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة:
ضعيف
أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 357) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 132-134/ 7530) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 287) من طريق سليمان بن عبيد الله الحطاب : حدثنا بقية بن الوليد : حدثنا محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه : ... فذكره .
والطبراي أيضاً ، وفي "مسند الشاميين" (ص 163) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/ 319/ 2) عن محمد بن الفضل بن عمران الكندي : حدثنا بقية عن محمد بن زياد الألهاني به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف من الطريقين عن بقية :
أما الأولى ؛ فلضعف سليمان بن عبيد الله ؛ قال النسائي :
"ليس بالقوي" . وقال ابن معين :
"ليس بشيء" .
وذكره العقيلي في "الضعفاء" .
ولا ينافي ضعفه قول أبي حاتم فيه :
"صدوق ، ما رأيت إلا خيراً" !
لاحتمال أنه يعني أنه ليس بمتهم ، وذلك لا ينافي الضعف الناشىء من سوء الحفظ ، والذي يستلزم النظر في حديثه ، بل هذا ما صرح به ابنه في مقدمة "الجرح والتعديل" (1/ 37) ، فراجعه إن شئت .
وأما توثيق ابن حبان ؛ فقد عرف تساهله في التوثيق ؛ فلا إشكال . ولذلك ؛ قال الحافظ في "التقريب" - ملخصاً للأقوال المتقدمة فيه - :
"صدوق ، ليس بالقوي" .
قلت : فمثله لا يحتج به ؛ فلا يقبل منه تصريح بقية بالتحديث فيه . وعلى ذلك جرى من قبلنا من النقاد ؛ فقال الذهبي في ترجمة بقية من "الميزان" :
"ومن مناكير بقية : حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة مرفوعاً : بينما الخضر يمشي في سوق لبني إسرائيل ... الحديث بطوله . هذا الحديث قال ابن جوصا : سألت محمد بن عوف عنه ؟ فقال : هذا موضوع . فسألت أبا زرعة عنه ؟ فقال : حديث منكر . قال ابن عدي : لا أعلم رواه عن بقية غير سليمان بن عبيد الله الرقي ، وقد ادعاه عبد الوهاب بن ضحاك العرضي ، وهو متهم ، وأما سليمان ؛ فقال فيه ابن معين : ليس بشيء . فسلم عنه بقية" .
قلت : وقد فاته الطريق الأخرى عند الطبراني ؛ أعني : محمد بن الفضل بن عمران الكندي ، ولكني لم أجد له ترجمة ، مع أنه لم يذكر تحديث بقية ، وكذلك سليمان الرقي لم يذكر ذلك عند الطبراني ، فكأنه أحال بها على رواية الكندي ، ومن أجل ذلك لم يتعرض لذكر التحديث من تكلم على رواية الطبراني ، فقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 103) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، ورجاله موثقون ؛ إلا أن فيه بقية بن الوليد وهو مدلس ؛ ولكنه ثقة" . وأعاده بنحوه في مكان آخر (8/ 213) . وقال المنذري في "الترغيب" (2/ 18) :
"رواه الطبراني وغير الطبراني ، وحسن بعض مشايخنا إسناده ، وفيه بعد . والله أعلم" .
قلت : وصدره بلفظة : (روي) إشارة منه إلى ضعف الحديث المطابق لاستبعاده تحسين بعض مشايخه إياه ؛ فأجاد كما قال الحافظ الناجي في "عجالة الإملاء" (114-115) ، وإن كان العهد به تصديره لأحاديث بقية بلفظة : (عن) كما حققته في مقدمتي لكتابي "صحيح الترغيب والترهيب" وفي "ضعيفه" أيضاً ، فلعل ذلك لضعف سليمان ، وجهالة ابن عمران الكندي .
وقد أشار إليها الحافظ ابن كثير في "البداية" ؛ فإنه ساق الحديث بطوله من رواية أبي نعيم الأصبهاني : حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني ... فساقه من الطريقين المتقدمين ، ثم قال (1/ 330) :
"وهذا حديث رفعه خطأ ، والأشبه أن يكون موقوفاً ، وفي رجاله من لا يعرف . والله أعلم" .
وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة (الخضر) من "الإصابة" - بعد أن ساقه من رواية الطبراني أيضاً - :
"قلت : وسند الحديث حسن ؛ لولا عنعنة بقية ، ولو ثبت لكان نصاً أن الخضر نبي لحكاية النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الرجل : "يا نبي الله !" ، وتقريره على ذلك" .
قلت : وهذا صريح في أن الحافظ لم يقف على تحديث بقية المتقدم ، وإلا ؛ لجزم بحسنه .
والحق أنه ضعيف ؛ لما عرفت من حال المصرح بالتحديث . والله أعلم .
ونبوة الخضر ليست بحاجة في إثباتها إلى مثل هذا الحديث ؛ بعد قوله تعالى في القرآ حكاية عن الخضر : (وما فعلته عن أمري) ، وغير ذلك من الأدلة المعروفة .