تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فتياتنا وبناء الذات



ابو وليد البحيرى
2024-06-16, 12:20 AM
فتياتنا وبناء الذات


لم يعد اقتصار الفتاة على ما تتلقاه في مراحل التعليم المختلفة كافياً لخوض غمار حياة عملية ناجحة، ففي ظل وجود ثغرات متعددة، وانخفاض مستوى مخرجات المحاضن التربوية، تعظم الحاجة إلى بذل جهود إضافية، تسهم في إعداد طاقات متميزة تنهض بالأمة؛ لتكون قادرة على المنافسة في عالم يشهد ثورة، وصراعاً محموماً بين الحضارات المتنافسة.

جهات عدة تحمل تبعات هذه المهمة الجسيمة، لكن ما يعنينا هنا هو مسؤولية الفتاة نحو ذاتها ودورها في إعداد نفسها لمواجهة المستقبل بكل مفاجآته ومتطلباته.
إرادة الفتاة ووعيها هو الركيزة الأولى -بعد توفيق الله- في سبيل إعداد الفتاة المتميزة، ويقوم على أسس ودوافع، أبرزها:
استشعار المسؤولية الفردية، ومن ثم التعرف على القدرات والمواهب الشخصية والعناية بها، وتنميتها عن طريق الدورات والبرامج المتاحة، والانخراط في الأعمال التطوعية التي تهيئ الفتاة للحياة العملية، والاستثمار الأمثل للإمكانات المادية وللتقنيات العلمية، وتوظيفها للتحصيل، و زيادة المعرفة بدلاً من الانغماس في الترف، والإغراق في الترفيه والمتع، ولا يتأتى ذلك إلا ببذل جهد مضاعف في التحصيل والتدريب، واستحضار سير النماذج السابقة والمعاصرة لفضليات النساء من العالمات والمخترعات والمتميزات، اللاتي تميزن على عشرات ومئات الآلاف بدأن معهن مسيرة العلم والتحصيل.

وبناء الذات لا يقف عند حد التحصيل العلمي والمعرفي، بل يمتد ليشمل إصلاح القلب وتوثيق الصلة بالله، والجوانب النفسية والمهارات الحياتية المختلفة، التي تسهم في تحقيق حياة مستقرة، كفنون تربية الأبناء ورعاية الأسرة، وبناء العلاقات الاجتماعية، والإحاطة -ما أمكن- بما يجري في الواقع المحلي والعالمي.
وستلقى الفتاة مشقة وعسرة يعرفها كل جاد، وساعٍ للقمة، فكم من ساخر ومثبط! وكم من عقبة و معوق! ناهيك عن طول الطريق وقلة السالكين، لكن ذلك كله يضعف أثره، كلما تقدمت الفتاة خطوات في الطريق مستعينة بالله، واضعة نصب عينيها هدفاً ساميا، وغاية نبيلة.
وقديماً قيل:
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر و الإقدام قتال
إنّ ثمرة اهتمام الفتاة ببناء ذاتها، هو ما يتحقق لها من تميزها على قريناتها، ويؤمن لها -بإذن الله- المستقبل المشرق، والمكانة الرفيعة في المجتمع، وفوق هذا كله مرضاة الله تعالى بما تقدمه من خدمة جليلة لدينها وأمتها ومجتمعها.

عائشة المسلم