تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تعجلــوا بالحــج



ابو وليد البحيرى
2024-06-12, 11:08 AM
تعجلــوا بالحــج

ومن المعلوم أن الحج فريضة على كل مسلم ومسلمة، بالغ وبالغة، حر، ومستطيع.. قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران:97)، والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، ويكفي المسلم الحج مرة واحدة في حياته.
قال صلى الله عليه وسلم : «تعجَّلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» صحيح الجامع.
وعن عبدالرحمن بن سابط: «من مات ولم يحج حجة الإسلام، لم يمنعه مرض جالس أو سلطان جائر، أو حاجة ظاهرة، فليمت على أي حال، يهوديا أو نصرانيا»، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين» رواه البيهقي، فيجب عليك أيها المسلم.. أيتها المسلمة المبادرة والإسراع في أداء الفريضة العظيمة، فلا يقعدنك الشيطان، ولا يأخذنك التسويف، ولا تلهينك الأماني.
وتأمل حال الأجداد كيف كانوا يحجون على أقدامهم وهم يسيرون شهورا وليالي ليصلوا إلى البيت العتيق؟!
ففي الحديث: «والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، وأيضا: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» متفق عليه.
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور» رواه البخاري.
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على التزود من الطاعات والمتابعة بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة.
ومع هذا فإن الأجر عظيم في أيام الحج القليلة التي لا تتجاوز الأسبوع والدروب الميسرة والطرق المعبدة والأمن ورغد العيش والتوعية والحجاج هم وفد الرحمن دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم.
وأبشر- أيها الحاج- بيوم عظيم تقال فيه العثرة، وتغفر فيه الزلة، وتعتق فيه الرقاب، وهو يوم عرفة، وفيه قال صلى الله عليه وسلم : «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عبدا من النار من يوم عرفة» رواه مسلم.
وعليك -أيها الحاج- أن تخلص النية لله عز وجل، وتتعلم أحكام الحج والعمرة، وتختار الحملة التي تحرص على تطبيق السنة المباركة، وعليك بتقوى الله عز وجل في السر والعلانية، والتوبة إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والمعاصي، وهي أن تقلع عن الذنوب والمعاصي جميعها، وتتركها وتندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كانت عندك مظالم للناس أن تردها وتحلل منها سواء كانت عرضا أم مالا.
وتلتزم بآداب السفر وأدعيته المعروفة، وتستغل الوقت بما هو نافع، وتختار الرفقة الصالحة الذين يذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت ويحوطونك بالرعاية والمحبة.. وعليك بالاستخارة والاستشارة قبل اتخاذ قرار الحج.. وعليك بالذكر ولا تفتر قال تعالى: {فإذا قضيتم مناسكم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}.
ولا شك أن الحج يعوّد الصبر ويوطد النفس على حمل مشقة السفر ووعثائه وصعوبته، والخلطة مع الناس والصبر على آذاهم، والتأمل في أحوال المسلمين، والنظر في أحوال الفقراء والمساكين والمعاقين ويعطينا ذلك دافعا للنشاط والبذل في سبيل الله.
ويجعل الحاج قريبا من ربه وعالي الهمة، ويتقي المحارم ويحفظ لسانه وجوارحه من أي إساءة أو أذى.
الحج يذكرنا بأن هذه الحياة الدنيا لا قيمة لها إلا باستغلالها استغلالا مثاليا للتزود للآخرة؛ لأن الأخرة هي خير وأبقى.
أسأل الله أن يسهل على الحجاج حجهم، وأن يحفظهم في حلهم وترحالهم، وأن يتقبل منهم جميعا، وأن يغفر لهم على تقصيرهم، وأن يرجعهم سالمين غانمين إلى أهليهم وذويهم.



اعداد: د.بسام خضر الشطي