تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة والأسرة



ابو وليد البحيرى
2022-12-28, 09:44 PM
المرأة والأسرة - 1150



التحديات المعاصرة للمرأة المسلمة
إن التحديات التي تحيط بالمرأة المسلمة في واقعنا المعاصر هي جزءٌ من التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية؛ فليس الحديث عن التحديات التي تواجه المرأة بمعزلٍ عن جملة التحديات التي تحاك وتدبر للأمة، وهذه التحديات تظهر في صور شتى، فلكل حادثة ما يناسبها، وتنشط تارة، وتكسل تارة، وتصرح تارة، وتلمح تارة، وتقوى تارة، وتضعف تارات، ومن هذه التحديات ما يلي:
(1) الحجاب والزي الشرعي
لطالما كان الزي الشرعي والحجاب هوية للفتاة المسلمة، تعبر عن مدى تمسكها بدينها وعقيدتها الإسلامية وتعاليم دينها؛ فبذل أعداء الإسلام -في سبيل انتزاع حجاب المرأة المسلمة التي كرمها الإسلام به - جهودًا كبيرة لا يمكن إنكارها، وما زالوا في محاولات مستمرة لنزعه، وكل يوم يخرجون بحجة جديدة ليدفعوا المرأة المسلمة لخلع حجابها، ولكن المسلمات الثابتات لم يخضعن لهذه المغريات، وثبتن على حجابهن؛ مما دفع بعض الدول لاستخدام أساليب أخري لتمنع الحجاب بالقوة.
(2) شبكات الإنترنت
تنتشر على مواقع الانترنت العديد من المنصات الترفيهية التافهة، والمواقع المخلة للأخلاق والآداب، وأغلب هذه المواقع تخاطب جيل الشباب الذي يُعتمد عليهم في بناء مستقبل الأمة؛ لذلك فإن مواجهة مثل هذه الأمور تقع مسؤوليته على أفراد المجتمع جميعا.
دعوات تحرير المرأة
من أهم التحديات التي تواجه المرأة المسلمة الآن الدعوات المخادعة المنادية بتحريرها، وقد أوهموها بأن المرأة الغربية قد تحررت من نير الاستبداد والهوان ومصادرة الحقوق والدونية، وهذه خدعة كبرى؛ فإنما حرروها لتناسب رغبات الرجل وشهواته، ولئن كانت المرأة في المجتمعات الأخرى بحاجة ماسة لتحريرها الحقيقي؛ فإن المرأة المسلمة المعاصرة تعتقد أن الإسلام حررها، بل كرمها منذ خمسة عشر قرنًا من الزمان.
البيت ملك للرجل والمرأة
إن من أهم المشاعر التي يحتاجها الرجل من زوجته الحب والتقدير؛ فمهما حصل الرجل على الاحترام والتقدير خارج البيت فإن ذلك لا يعوضه عن نظرة التقدير التي يفتقدها في عين امرأته، فربما تجد شخصا بسيطا جدا ولكنه يشعر أنه ملك؛ بسبب تقدير زوجته له وتعظيمها إياه، فتعوضه عن خذلان كل من حوله له، قال الله -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ} (المائدة ٢٠)، قال كثير من المفسرين كابن عباس ومجاهد وغيرهما في تفسير (وجعلكم ملوكا)، فكل من له بيت وخادم وامرأة فهو من الملوك، وكذلك من له اثنان من الثلاثة.
تربية البنت على تحمل المسؤولية
إن الإهمال في تربية البنات على تحمل المسؤولية، -مهما كانت تلك البنت متدينة أو ملتزمة- لن يجعلها -غالبا- زوجة مناسبة لزوج المستقبل في ظل الواقع الحالي الذي تعيشه الفتيات؛ لأن كثيراً من الآباء والأمهات يظنون أن حُسن الخلق -بمفرده- سيؤدي إلى نجاح الأسرة في المستقبل، فلابد أن تعوّد البنت على تحمل المسؤولية سواء في المطبخ أم في ترتيب البيت، أم في تربية أخواتها الأصغر منها سنا، أم في كيفية التعامل مع الصديقات والجيران، وكيفية التصرف فيما يضايقها من سلوكيات الآخرين وأخلاقهم، وأن تتعلم الصبر والتحمل؛ فإن هذا سيساعدها على الحفاظ على أسرتها في المستقبل؛ فالزوجة الصالحة هي التي ننتظر منها التعامل مع زوجها وأهله وأولادها بطريقة صحيحة، والنتيجة ستكون -بإذن الله- أفضل؛ لذلك على الأم الواعية أن تربي بناتها على أخلاق الإسلام التي تناسب الواقع، لا أن تربيها على بعض ما يجب دون استكمال بقية الواجبات، ثم تنتظر النجاح والفلاح.
علاج مشكلة الكذب عند الأطفال
من الأسس في التربية وعلاج مشكلة الكذب عند الأطفال، أنه ينبغي الحذر من تكرار وصف الطفل بالكذّاب؛ لأنها تُفقده المعاني الجميلة من الصدق والشجاعة، ويهرب إلى وصف الكذب الذي وصفه به أبواه، ومن ثَمَّ يبحث عن أشكاله؛ فيزداد كذبه فيتحول الاتهام مع الأيام إلى واقع؛ لذلك لا بد من إظهار أعلى درجات التحمُّل والصبر وسعة الصدر والتفرغ، وعدم تأجيل علاج هذا السلوك السيئ عند الطفل، ومن الضروري اختيار الأصدقاء الصالحين للطفل، وإبعاده عن أصدقاء السوء؛ فإن الطفل في السنوات الأولى من عمره يُحاكي ما يسمعه ويراه، كذلك لابد من الحذر من أسلوب السيطرة وإشاعة جو الخوف والرعب في البيت، والتدخل الزائد في خصوصيات الطفل، أو الإهمال وعدم الاهتمام والحذر ثم الحذر من التشهير به أو السخرية منه! وضرورة تجنب أسلوب التحقيق مع الطفل حتى لا يُضطر إلى الكذب.
قواعد في الحياة الزوجية
‏دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ابنته فاطمة -رضي الله عنها- فلم يجد عليا في البيت؛ فقال أين ابن عمك؟ ‏فقالت: «كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج»، ويستفاد من هذا الموقف أمور عدة:
- ‏أن السيدة فاطمة -رضي الله عنها- لم تُفش سر المشكلة التي بينها وبن زوجها، فقط قالت (شيء).
- لم يستفسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تفاصيل تلك المشكلة طالما أن ابنته -رضي الله عنها- لم تفض بها إليه.
- حين غضب علي - رضي الله عنه -، خرج من البيت حتى لا تكبر المشكلة.
شريعتنا تكفلت
بالحياة السعيدة
الحياة السعيدة مطلب كل إنسان، فكثيرًا ما نراه يسعى و ينهل من هنا وهناك للبحث عن مقومات تلك الحياة؛ ليحاول أن يصل لما يرضيه من رغد العيش، وها هي ذي شريعتنا الإسلامية بشموليتها قد تكفلت بذلك، وهيأت للعباد الحياة السعيدة الرغيدة، وأحاطت بالجوانب والمجالات، وشملت العلاقات وحتى العواطف، ومن بين تلك الشمولية بيت المسلم وما يخصه من أحكام وواجبات وأخلاق؛ فصلاحه صلاح للمجتمع، وحظي بالكثير من الاهتمام والإرشادات.
منقول

ابو وليد البحيرى
2023-01-01, 07:51 AM
المرأة والأسرة - 1151

أمهات صنعن رجالاً
يزخر التاريخ الإسلامي بنماذج مشرفة وأمهات رائعات، استطعن أن يضعن أثرهن ويصنعن رجالا بحق، هؤلاء الأمهات كان لهن دور فعال في بناء رجال وشخصيات عظيمة، حُفرت أسماؤها عبر العصور، ومن هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل، وسفيان الثوري -رحمهما الله.
الإمام أحمد إمام
أهل السنة -رحمه الله
كان وراء هذا العالم الجليل والإمام العظيم، أم صالحة وهي السيدة صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني من بني عامر - رحمها الله-؛ فقد أدت دورًا رئيسيًا في وضع اللبنة الأولى في تنشئة هذا الإمام؛ لكي يصير بحق إمام أهل السنة، وقد تربي الإمام أحمد -رحمه الله- يتيما؛ فقد توفى والده، وعاش في كنف أمه؛ فتولت تربيته وله من العمر ثلاث سنوات، فاعتنت به، وكانت ترسله إلى المعلم في الكتاب، وكانت على الرغم من محبتها وخوفها عليه، لم تجعل هذا الخوف عائقا له من العلم والارتقاء، بل كانت تحثه عليه وتشرف على ذلك منذ صغره، يقول الإمام أحمد بن حنبل عن أمه: «ربما أردت البكور في الحديث، فتأخذ أمي بثوبي وتقول: حتى يؤذن المؤذن»، أي: أذان الفجر، فكان -رحمه الله- من حرصه يريد الخروج قبل الفجر إلى حلقة المحدث ليكون قريبًا منه فيستطيع السماع بوضوح، ولكنها كانت تتابعه فتمنعه من الخروج حتى يؤذن الفجر؛ إذ حينها يكثر خروج الناس للصلاة، فتأمن عليه وهو صغير في الذهاب بمفرده للتعلم، فكانت أمه تشرف مباشرة على تربية ولدها ولم تتركه لغيرها من أقاربه، فهذه الأم العظيمة كانت بحق سندا وعونا ومحفزا لابنها الذي صار بعد ذلك رابع الأئمة الأربعة.

سفيان الثوري أمير المؤمنين


في الحديث -رحمه الله

سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث كان وراءه أمٌ صالحة، تكفلت بتربيته والإنفاق عليه؛ فكان ثمرتهـا، يقول -رحمه الله-: لما أردتُ طلب العلم قلتُ: يا رب، لابد لي من معيشة، ورأيتُ العلم يضيع، فقلتُ: أفرغ نفسي في طلبه، وسألتُ الله الكفاية (أن يكفيه أمر الرزق)، فكان من كفاية الله له أن قيَّض له أمه، التي قالت له: يا بنيّ، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي.
تجنبا الإهانات

يتوجب على الرجل والمرأة على حد سواء أن يتجنبا تماما توجيه الإهانات بأي طريقة من الطرائق لبعضهما، سواء باستخدام الكلمات النابية والجارحة أو بغيرها من الأساليب؛ لأن من شأن ذلك أن يترك جروحًا في قلب الطرف الآخر لا تندمل بسرعة؛ فالدراسات تؤكد أن من يستخدم الشتائم والإهانات وتحقير الآخر عادة يكون من النوع الذي يفتقد للحجج المقنعة، أو أن مستواه التعليمي والثقافي مترد.
دور الوالدين في حياة أبنائهم

إن القدوة التي ينشأ فيها الطفل، متمثلة في والديه هي التي تحدد نشاطه وتصرفاته واتجاهاته في مستقبل حياته؛ لأن ما يثبت في نفسه في صغره، وينمو معه في منزل أبويه يصبح عادة متمكنة فيه، يصعب تغييرها؛ لذلك من الواجب على الوالدين أن تكون تصرفاتهما كلها قدوة حسنة لأولادهم، مع التوجيه النظري والتعليم؛ ولهذا لو وجد الأطفال آباءهم حريصين على قراءة القرآن وحفظه حرصوا عليه، والعكس صحيح؛ فإن الفعل يتمكن في النفس أكثر من التعليم، ولا سيما نفس الصغير الذي ولد على الفطرة، فإنه يعتاد على ما يشاهد من الأفعال، وما يسمع من الأقوال، ولا سيما إذا كثرت أمامه حتى أصبحت عادة؛ ولهذا ذكَّر الله -سبحانه وتعالى- المسلمين بأهمية القدوة الحسنة في رسولهم -صلى الله عليه وسلم- فقال: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}، فينبغي على الأب والأم معا أن يتقوا الله في تربية أولادهم، ويتعهدوهم بالنصيحة، ويقوموا بتوجيههم الوجهة السليمة التي ترضي الله عنهم، ويبارك لهم في ذريتهم، وأن يوجهوهم منذ نعومة أظفارههم، وأن يعودوهم على الصلاة وعلى تعلم القرآن، وليس ذلك فقط، بل عليهم أن يتابعوهم في البيت وفي الحلقة والمدرسة، وأن يتفقدوا أصدقاءهم وزملاءهم وينصحوهم باجتناب السيئ منهم، ويحثوهم على تقوية الصلة بالصالح منهم.
كيفية التعامل مع ضغوطات الحياة الزوجية

إنّ كيفية التعامل مع ضغوطات الحياة الزوجية يحتاج إلى الكثير من الصبر والحكمة من قبل أحد الطرفين أو كليهما، ويمكن لأي خطوة بالاتجاه الصحيح أن تحدث نقلة نوعية في العلاقة، وتحقق نتائج إيجابية في تجاوز المشكلة، ومن أهم الخطوات التي يمكن اتباعها لحل المشكلات الزوجية ومواجهة ضغوطاتها ما يأتي:

(1) عزل مصدر التوتر

ولا سيما عندما يأتي الضغط من خارج العلاقة الزوجية، مثل العمل أو المسائل المالية، ويصبح مصدر توتر للعلاقة؛ فيجب حل المشكلة في بدايتها قبل أن تفسد الحياة الخاصة للزوجين.

(2) ترتيب الأولويات

وذلك بجعل العلاقة الطيبة أهم من مصدر الضغط ويجب التركيز على راحة الشريك وجعله يدرك أن العلاقة الطيبة لا تزال لها الأولوية قبل أي شيء آخر.

(3) مواجهة الضغوطات معًا

وذلك بوضع الأنا جانبًا والعمل فريقا واحدا لحل المشكلات ومواجهة الضغوطات وإظهار الدعم والتعاطف والتشجيع للطرف الآخر للمرور من الأزمة.

(4) مواجهة المشكلات المالية معًا

تعد القضايا المتصلة بالمادة من أهم أسباب التوتر في العلاقات الزوجية، وفي هذه الحالات يتوجب على الطرفين التعاون للبحث عن حلول للمشكلة سويًا، والابتعاد عن لوم الطرف الآخر وتأنيبه، ويفضل الحصول على استشارة محترفة لتجاوز هذا النوع من الأزمات.

(5) تقديم العلاقة على العمل

يستهلك العمل الكثير من الوقت والجهد، ولا سيما عندما يعمل الطرفان خارج المنزل، وقد يؤثر هذا الإجهاد على العلاقة الزوجية؛ لذا يجب عدم السماح للعمل بأن يطغى على الحياة الخاصة ويؤثر عليها سلبيا؛ لذا من المفيد ممارسة النشاطات المختلفة معًا والقيام بالرحلات الترفيهية من وقت لآخر.

(6) الاستماع ثم الاستماع

مشاركة الآراء وتبادل النصائح والأخذ برأي الطرف الآخر للوصول إلى الحلول، يعد من أهم الأمور التي تخفف من الضغوطات وتقلل من آثارها.
منقول

ابو وليد البحيرى
2023-01-23, 11:01 AM
المرأة والأسرة - 1152
الفرقان


حرية المرأة في ظل الإسلام
الحقيقة الواضحة أن قضية حرية المرأة بالمفهوم الغربي لا محل لها من الإعراب في المنهج الإسلامي، فالغرب له ما يسوغه حين يطالب بحرية المرأة الغربية؛ فهو من الأساس قد احتقر المرأة وعاملها كسقط متاع، وعدها مصدر كل الشرور، ومن ثم فالمرأة لم تكن حرة فطالبوا بحريتها.
أما في الإسلام فالأمر على النقيض تمامًا، فالمرأة في الجاهلية كانت محتقرة أيما احتقار! وكان وأد البنات منتشرًا في القبائل العربية، وكانت المرأة في الجاهلية تعد من سقط المتاع لا يقام لها وزن، فقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرًا، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسَّم لهن ما قسم» (متفق عليه).
ولم يكن لها حق الإرث، وكانوا يقولون في ذلك: «لا يرثنا إلا من يحمل السيف، ويحمي البيضة، وهو الرجل». فإذا مات الرجل ورثه ابنه، فإن لم يكن فأقرب من وجد من أوليائه أبًا كان أو أخًا أو عمًّا، على حين يُضم بناته ونساؤه إلى بنات الوارث ونسائه، فيكون لهن ما لهن، وعليهن ما عليهن، ويكفيك أن تعلمي حال أحدهم حين يبشر بأنثى من صلبه: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (النحل: 58-59).
وكانوا يعدونها من جملة المتاع الذي يورث عن الميت، كما روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها؛ فهم أحق بها من أهلها، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا} (النساء: 19). وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العدد الكثير من النساء من غير حصر، ويسيء عشرتهن، فجاء الإسلام فكرمها وأعلى من شأنها، ونظر إليها نظرة متوازنة، تراعي الفروقات الفطرية بينها وبين الرجل؛ ولذلك لم نسمع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه من بعده عن نساء طالبن بحريتهن من قيود الإسلام.
عمل المرأة في بيتها ليس بالأمر الهين

الإنصاف يقتضي أن نعترف بأن عمل المرأة في بيتها ليس بالأمر الهين أو اليسير، كما أنه ليس تعطيلاً لها أو مسوغاً لأن يحرمها دعاة التغريب من توصيفها بأنها امرأة عاملة، فإن قيام المرأة بمهمة أعمال البيت والإشراف عليه ورعاية أسرتها يعد بمثابة إدارة شؤون دولة مصغرة، ويحتاج إلى التفرغ الكامل والوقت الكافي والذهن الصافي، وهو مجال إن قامت المرأة بحقه وصرفت له ما يستحقه، لم يبق معها وقت تصرفه في أي عمل آخر خارج بيتها.


الأم صانعة الأبطال
في تاريخنا الإسلامي العريق، نماذج مشرفة ومشرقة لأمهات صنعن بجهدهن وكدهن ومثابرتهن علماء وقادة، أناروا للعالم طريقه، وقد اخترنا بعضًا من تلك النماذج لنذكر بدور المرأة الأم الرائع في حياة أبنائها.
أم عبد الرحمن الناصر

الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر الذي حكم الأندلس، وأحيا الخلافة الأموية هناك، ثم خاض المعارك والملاحم مع الأوروبيين، وأصبحت قرطبة في عهده مقر خلافة يحتكم إليها أمراء أوربا وملوكها، ويذهب إلى جامعتها طلاب العالم، سر هذا كله أمه التي ربته، فقد نشأ عبد الرحمن يتيما، فاعتنت أمه بتربيته ورعايته حتى أصبح من أعظم الخلفاء المسلمين في أوربا كلها.
أم محمد الفاتح

كانت أم السلطان محمد الفاتح تأخذه وهو صغير وقت الفجر؛ ليشاهد أسوار القسطنطينية وتقول له: أنت يا محمد تفتح هذه الأسوار، اسمك محمد كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومحمد الصغير يقول: كيف يا أمي أفتح هذه المدينة الكبيرة؟! فترد قائلة: بالقرآن والسلطان والسلاح وحب الناس.
كوني متفائلة مع الجميع

تقول إحداهن: حدثتني صديقتي البارحة عن امتحانها، ومدى خيبة الأمل التي أصابت صاحباتها في ذلك الامتحان؛ فحاولتْ زرع قليل من تفاؤل وأملٍ في قلوبهن، وأصبحت تتحدثُ إليهنّ بأسلوبٍ رقيق عن أنَّ الأمر لا يعدو عن كونه مُجرد درجات، تتفاجأ بمن يخبرهنّ أن يبتعدن عنها، لأنها ذات ايمان قوي!.
نعم أولئك هن المتشائمات، ولكن لم يقف الأمر عندهن، بل لازلن يردن من يفقد الأمل معهن؛ ليكن كالغرقى في بحرٍ واسع، يتخبطن بالماء البارد حتى غرقن بأفكارهن المتشائمة!
كوني متشائمة لكن رجاءً، لوحدك!
ضعي لنفسك أسوأ الاحتمالات لتوطني نفسك على تقبلها، لكن رجاء أعطي غيرك بذرة أمل وإن لم تزرعيها.
وكوني متفائلة لكن رجاءً، مع الجميع!
تفاءلي بأن الغد مشرق، وارسمي لنفسكِ لوحة جميلة، لكن رجاء ادعي الأخريات يشاركنك لوحتكِ تلك.
كيف تُهدم حضارتنا؟

قالوا: إذا أردت أن تهدم حضارة أمّة فهناك وسائل ثلاث هي: هدم الأسرة، وهدم التعليم، وإسقاط القدوات.
لكي تهدم اﻷسرة: عليك بتغييب دور (اﻷم) فاجعلها تخجل من وصفها بـ (ربّة بيت).
ولكي تهدم التعليم: عليك بــ(المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع، وقلّل من مكانته حتى يحتقره طلابه.
ولكي تُسقط القدوات: عليك بـ(العلماء)، فاطعن فيهم، وقلِّل من شأنهم، وشكِّك فيهم، حتى لا يُسمع لهم، ولا يقتدي بهم أحد، فإذا اختفت (اﻷم الواعية)، واختفى (المعلم المخلص)، وسقطت (القدوة)، فمن يُربّي هذا النشء الجديد على القيم والمبادئ والأخلاق؟!
حكاية مثل شعبي سببه الحياء

من الأمثال الشعبية المشهورة: (اكفي القِدرة على فُمها تطلع البنت لأمها)، وكثير من الناس يفهمونه على غير مقصده، فكثير من الناس يظن أنَّ هذا المثل معناه أن البنت تكاد تكون مثل أمها تماما لكن حقيقة هذه القصة أن الأمهات في العهد العثماني كن ينشرن الملابس على الأسطح، وكان طلوع الأسطح للبنت غير المتزوجة عيبا، وكانت الأم عندما تصعد بالملابس على السطح وتنشرها كانت تحمله في قدر نحاسي كبير، ولصعوبة الصعود والنزول على الأم، ‏فكانت الأم إذا تبقى بعض الملابس المغسولة (تكفي القدرة وتضرب عليها حتى تسمع البنت في الأسفل فتصعد لأمها على باب السطح وذلك بدلاً من أن تناديها باسمها لسببين، الأول: حتى لا ترفع الأم صوتها فيسمعها من في الشارع أو الجيران؛ لأن ذلك كان من العيب والمكروه في المجتمع حينها، والثاني: حتى لا يعرف من ‏ بالشارع أن في البيت بنت اسمها فلانة، لذلك كانت الأم تستخدم الضرب على القدر المكفي فتصعد البنت لأمها وترفع لها باقي الغسيل، ومن هنا جاءت المقولة: «اكفي القدرة على فُمها تطلع البنت لأمها».
الأم نبعُ عطاءٍ متدفق لا ينضب

الأم نبعُ عطاءٍ متدفق لا ينضب، وحبٌّ لا يعرف الأسباب ولا ينتظر المقابل، وقدرةٌ استثنائية على التضحية لا تماثلها قدرة، ورغبة متوهجة في دفع أبنائها لطرائق النجاح فتنثني أمامها العقبات.

ابو وليد البحيرى
2023-01-25, 04:26 PM
المرأة والأسرة - 1153
الفرقان


الإمام مالك نموذج - أمهات صنعن رجالاً

كان السر في نجابة الإمام مالك وظهوره يكمن في أمه العاقلة، تلك التي أحسنت توجيه أبنائها، واختارت لهم الطريق السوي، وهيأت لهم أسباب النجاح، وفي قصتها يأخذنا العجب كل مأخذ حين نعلم أن مالكًا الطفل لم يكن يريد أن يتجه إلى العلم، وإنما رغب في أن يتعلم الغناء ويجيده، ومن ثم يصبح مغنِّيًا! لكن أم الإمام مالك العاقلة لم ترضَ لولدها ذلك، فبلطفٍ شديد ولباقة جمة، استطاعت أن تصرف ولدها عن فكرته، وأن تختار بديلاً سريعًا له، وهو العلم.
يقول الإمام عن تلك الحادثة: نشأتُ وأنا غلام، فأعجبني الأخذ عن المغنين؛ فقالت أمي: يا بني، إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يُلتَفَت إلى غنائه؛ فدع الغناء واطلب الفقه، فتركت المغنيين وتبعت الفقهاء، فبلغ الله بي ما ترى، فهذه الأم الفاضلة العاقلة لم تكذب على ولدها وتقول له: إنه قبيح الوجه؛ إذ لم يكن مالك كذلك، بل كان وسيمًا ذا شقرة، وإنما هي أرادت أن توحي إليه بما يصرفه عن عزمه، فقالت قولتها تلك اللبقة المهذبة. ولم يتوقف دور أم مالك عند ذلك، ولم تكتف بتوجيهه إلى طلب العلم وحسب، بل إنها ألبسته ثياب العلم ووجَّهته إلى من يتعلَّم منه، يقول مالك في ذلك: فألبستني ثيابًا مشمرة، ووضعت الطويلة على رأسي -يعني القلنسوة الطويلة- وعمَّمتني فوقها، ثم قالت: اذهب فاكتب الآن، ثم تختار له المعلِّم والأستاذ- وكان أشهرهم آنذاك ربيعة بن أبي عبد الرحمن - فتقول له: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه، ومقصدها بالطبع هو تعلُّم العلم والأدب جميعًا، وبذلك يبتدئ الصبي الصغير مالك بن أنس مسيرته الطويلة في طريق العلم حتى يصير إمامًا فذًّا من أئمة المسلمين، فيكون أثمن عطية، وأغلى هدية، من أم فاضلة تجيد التربية وتحسن التوجيه.


الزواج حب وتعاون وتكامل
دعوة المساواة في تحمل المسؤوليات بين الزوجين هي دعوة تخلو من أي فهم لطبيعة العلاقة بين الزوج والزوجة التي تقوم على التناغم والتكامل لا الندية والمنافسة، فلا ينبغي أن ينظر كل طرف للآخر على أنه ند، فالعلاقة الزوجية الطبيعية خالية من أي شبهة تحدٍّ أو ندية، ولا يمكن أن يكون هناك تطابق في طبيعة المرأة والرجل، فهما مختلفان تشريحيا وفسيولوجيا ونفسيا، فليتحمل كل منكما مسؤولياتـه، وليحمل أي منكما الآخر على كتفيه إذا كان هذا الآخر عاجزاً عن تحمل قدر من مسؤولياته، فالزواج ليس شركة وليس مؤسسة وليس تجارة، وإنما هو حب وتعاون وتكامل وحياة مشتركة ومصير واحد.


كيف نحبب أبناءنا في القرآن الكريم؟


هناك العديد من الوسائل التي ينبغي مراعاتها لتحبيب أطفالنا في القرآن نذكر منها ما يلي: - القراءة أمامه، ولا سيما لو كان الوالدان يقرآن معًا. - إهداء الطفل مصحفًا خاصًّا به، يتجاوب معه ويشعر بملكيته ومكانته. - تحفيزه وتشجعيه على دخول المسابقات القرآنية. - تسجيل صوته وهو يقرأ، فهذا يشجعه ويحثه على التجويد والتحسين. - الدفع به إلى حلقات المسجد، وحثه على إمامة المصلين في النوافل. - الاهتمام بأسئلة الطفل حول القرآن، والحرص على الإجابة عن هذه الأسئلة بطريقة مبسطة وميسرة.
- أن نقص عليهم قصص القرآن فالأطفال عموما يحبون القصص.


من أجل حوار أسري هادئ مثمر وبناء
من المهم جدًا لإنجاح الحوار بين الزوجين تفهم كل طرف لطبيعة الآخر، ومن ثم كيفية التعامل معه، فمن المهم أن تدرك الزوجة أنَّ الزوج عادة ما يميل إلى تفسير الأمور من حوله (بعقله لا بعاطفته)، وذلك على عكس الزوجة التي عادة ما تميل إلى تفسير الأمور (بعاطفتها لا بعقلها)، سواء كان ذلك في إحساسه أو طريقة تفكيره أو حتى في تصرفاته أو كلماته التي ينطق بها، وهذا الأمر نابع من وجود بعض الاختلافات بين شخصية الرجل وشخصية المرأة في ذلك؛ ونتيجة لذلك يجب على كل زوج أن يخاطب عاطفة زوجته أكثر من عقليتها في أثناء الحوار معها، وفي المقابل يجب على الزوجة أيضًا أن تخاطب عقلية زوجها أكثر من عاطفته في أثناء الحوار، وذلك من أجل الوصول إلى حوار أسري هادئ مثمر وبناء.


البيت نعمة
قال الله -تعالى-: {والله جعل لكم من بيوتكم سكناً} سورة النحل الآية 80، قال ابن كثير -رحمه الله-: «يذكر -تبارك و-تعالى-- تمام نعمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون فيها وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع «، فماذا يمثل البيت لأحدنا؟ أليس هو مكان أكله ونومه وراحته؟ أليس هو مكان خلوته واجتماعه بأهله وأولاده؟ أليس هو مكان ستر المرأة وصيانتها؟ قال -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33)، وإذا تأملت أحوال الناس ممن لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ، أو على أرصفة الشوارع، واللاجئين المشردين في المخيمات المؤقتة، عرفت نعمة البيت، وإذا سمعت مضطربا يقول ليس لي مستقر، ولا مكان ثابت، أنام أحيانا في بيت فلان، وأحيانا في المقهى، أو الحديقة أو على شاطئ البحر، ومستودع ثيابي في سيارتي، لعرفت معنى التشتت الناجم عن حرمان نعمة البيت.


اجعلوا البيت مكانا لذكر الله
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت»، فلابد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه، سواء ذكر القلب، وذكر اللسان، أم الصلوات وقراءة القرآن، أم مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة، وكم من بيوت المسلمين اليوم هي ميتة بعدم ذكر الله فيها! كما جاء في الحديث، بل ما هو حالها إذا كان ما يذكر فيها هو ألحان الشيطان من المزامير والغناء، والغيبة والبهتان والنميمة؟ وكيف حالها وهي مليئة بالمعاصي والمنكرات، كالاختلاط المحرم والتبرج بين الأقارب من غير المحارم، أو الجيران الذين يدخلون البيت؟ كيف تدخل الملائكة بيتا هذا حاله؟ فأحيوا بيوتكم -رحمكم الله- بأنواع الذكر.


لا تظهروا خلافاتكم أمام أبنائكم
يندر أن يعيش جماعة في بيت دون نوع من الخلافات، والصلح خير والرجوع إلى الحق فضيلة، ولكن مما يزعزع تماسك البيت، ويضر بسلامة البناء الداخلي ظهور تلك الخلافات أمام الأبناء، فينقسمون إلى معسكرين أو أكثر، ويتشتت الشمل، فضلا عن الأضرار النفسية عليهم وعلى الصغار خصوصا، فتأمل حال بيت يقول الأب فيه للولد: لا تكلم أمك، وتقول الأم له: لا تكلم أباك، والولد في دوامة وتمزق نفسي، والجميع يعيشون في نكد، فلنحرص على عدم وقوع الخلافات قدر الإمكان، وإن حدثت نخفيها قدر المستطاع عن الأبناء.

ابو وليد البحيرى
2023-02-09, 12:26 PM
المرأة والاسرة - 1154



الفرقان
إن لم تستطع أن تجاهد بالسيف والدرع فاخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والإسلام بعلمك - أمهات صنعن أبطالا

كان زيد بن ثابت - رضي الله عنه - طفلاً صغيرًا، واشتاقت نفسه للجهاد، وهو بعدُ ابن ثلاثة عشر عامًا، وحين حاول أن يخرج للحرب في بدر، ردَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بسبب صغر سنه، وعندها رجع إلى البيت يبكي؛ بسبب عدم مشاركته المسلمين في الجهاد، ورأته أمه على هذه الحال لم تطيب خاطره بكلمات وكفى، فإنها كانت تدرك بعمق مواهبه وإمكاناته؛ فلفتت نظره إليها، وقالت له: إن لم يكن باستطاعتك أن تجاهد بالسيف والدرع كما يفعل المجاهدون في المعركة، فباستطاعتك أن تخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والإسلام بالعلم الذي عندك.
لقد كانت القراءة والكتابة مَزِية لدى زيد - رضي الله عنه -، فوق أنه يحفظ الكثير من آيات القرآن الكريم، وهذا مجال يتفوق فيه على غيره، وهكذا استطاعت الأم الواعية الفاهمة أن تفتح لصغيرها بابًا آخر، بعد ما أُغلق أمامه باب الجهاد مؤقتًا.
وحين ذهبت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرضت عليه إمكانات ولدها، وما يمتلكه في غير مجال الجهاد والحرب، اختبره - صلى الله عليه وسلم - وسمع منه، ولما علم قدراته وطاقاته قال له: «اذهب فتعلَّم لغة اليهود؛ فإني -والله- ما آمنهم على كتابي»، فذهب زيد - رضي الله عنه - وتعلم لغة اليهود وأتقنها في أقل من سبع عشرة ليلة!.
وبعد ذلك جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كَتَبَة الوحي، وكفاه شرفًا بذلك، حتى إنه بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوكل إليه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - مهمة جمع القرآن، وكان عمره وقتئِذٍ ثلاثًا وعشرين سنة.
فلكم نبغ ذلك الطفل! ولكم أفاد الأمة الإسلامية! وكان ذلك ثمرة أمٍّ مسلمة استطاعت أن تهب الأمة أعظم ثروة، فتُرى كم يكون أجرها ومكافأتها عند الله؟
المرأة المسلمة والموضة

انتشرت أحدث خطوط الموضة في التبرج والسفور في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية والمجلات المختلفة؛ فلا عجب أن المرأة تعيش اليوم عصرا صارت الموضة فيه فنا، ومع الأسف فنا للسفور والتبرج، إلا من رحم ربي من نسائنا وبناتنا العفيفات؛ فكشف مفاتن المرأة لإبراز أنوثتها وجمالها هو ما يستميت فيه أعداء الله لفتنة المرأة المسلمة وإغرائها، حتى الحجاب أصبح لا يرتبط بأدنى صلة بالحجاب الشرعي الذي تجهل شروطه الشرعية الكثيرات من النساء الغافلات، والمرأة المحجبة حجابًا شرعيا صحيحًا هي من يحبها الله -تعالى-؛ لطاعتها له وخشيتها منه؛ فهي لا تستمع لخفافيش الظلام من النساء والرجال من خطباء الفتنة وأنصارها، وهم في كل عصر، ومهمتهم هي إغواء المرأة وتزيين التبرج لها حتى تشعر بأنه أمر طبيعي لا معصية فيه.
طاعة الزوجة لزوجها ليس إذلالاً لها

إن من المفاهيم (الزوجية) التي اختلط فيها الأمر بين واقع الحقيقة ورغبات النفس وهواها مفهوم (الطاعة)، وقد جاءت الشريعة بما فيها من أحكام وأوامر لكرامة الإنسان وإعزازه متى ما تمسّك بها على الحقيقة، وطاعة المرأة لزوجها أمارة صلاحها، وليس كما يدعي بعض الناس أنها قهر وإذلال لها؛ فإن الله قد وصف الصالحات بقوله: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}، قال ابن عباس: «قانتات» يعني مطيعات لأزواجهنّ، وتأملي - ابنتى وأختى في الله - أن الله قال «قانتات» ولم يقل «طائعات»؛ وذلك لأن القنوت هو شدّة الطاعة التي ليس معها معصية، وهي طاعة فيها معنى السكون والاستقرار للأمر، وليست هي طاعة القهر، فإن المقهور لا يُقال له «قانت» لمن قهره؛ مما يدلّ على أنه ينبغي على الزوجة أن تطيع زوجها وهي راضية بأمره، وعلى الزوج أن يأمرها بما يكون له فيها عون على أن تقبل أمره بسكون وحب واستقرار.
نصائح للمخطوبات الجديدات

تعد الخطوبة فترة زمنية لتهيئة العروسين للنقلة الجذرية التي تجعلهم يستمرون بحياتهم معًا إلى الأبد، وحتى لا تضيع هذه الأيام الجميلة بالأحلام والأوهام وعدم إدراك مدى حجم المسؤولية التي تقع على عاتق الزوجين إليك هذه النصائح:
- احرصي على الالتزام بالآداب الشرعية فترة الخطوبة ولا تتساهلي فيها بأي حال من الأحوال.
- حافظي على جوهركِ قبل عنايتكِ بمظهركِ؛ فهو أساس شخصيتك.
- عليكِ أن تعي المسؤوليات التي ستتحملينها بعد الزواج حتى تكوني زوجةً وأما صالحة.
- أظهري محبتكِ لأهل زوجكِ بشتى الطرائق حتى يُبادلوكِ هذه المشاعر النبيلة.
كوني قدوة حتى تكوني مؤثرة

من أساسيات نجاح الأسرة، تحقيق الالتزام الديني، ومراعاة حقوق الله في كل صغيرةٍ وكبيرة، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت الزوجة نموذجًا للمؤمنة الصالحة، لتكون قدوة في بيتها، ويكون تأثيرها قويا وفاعلاً؛ لأنه من الصعب أن يستمع إليك أفراد أسرتك دون أن تقدمي لهم النموذج الحقيقي من الأخلاق والالتزام.
نصائح عامة لتجنب مشكلات تربية الأولاد

تشير جميع الدراسات التربوية إلى أن العلاقة مشتركة بين الوالدين والأولاد لتجنب مشكلات تربيتهم، إلا أن النصيب الأكبر يقع على عاتق الوالدين؛ لذلك يجب اتباع النصائح الآتية؛ لتجنب مشكلات تربية الأولاد في فترة المراهقة:
- اكتشاف الإيجابيات في الأولاد ودعمها في فترة المراهقة.
- تعبير الوالدين عن الحب للأولاد في هذه المرحلة.
- الحوار، والإنصات، وعدم التوبيخ المستمر، والمصارحة، والمشاركة، والمساندة، والتواصل الإيجابي، كلها أمور متنوعة لحل مشكلات تربية الأبناء.
- تحفيز الأولاد على تحمل المسؤولية بمختلف أنواعها؛ ما يدعم ثقتهم في أنفسهم بدرجة كبيرة.
- إعطاء الأولاد فرصة للتعبير عن آرائهم في فترة المراهقة.
- احترام الأولاد وتقدير خصوصيتهم، وكذلك الابتعاد عما يضايقهم في هذه المرحلة.
- الدعم الفعلي من الوالدين للأولاد، لتحقيق أهدافهم البعيدة.
- تجنب الوالدين للإيحاءات، سواء اللفظية أم التعبيرية السيئة عند التعامل مع الأولاد في مرحلة المراهقة.
- مراعاة تأثير الآخرين على الأولاد ولا سيما الأصدقاء، وكذلك التعامل بحكمة وصبر في المواقف المختلفة التي قد يتعرضون لها في فترة المراهقة.

ابو وليد البحيرى
2023-02-15, 02:29 PM
المرأة والأسرة - 1155


الفرقان

لا تغفلي عن محاسبة نفسك
حق على المرأة الصالحة ألا تغفل عن محاسبة نفسها، والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها؛ فكل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة، يمكن أن تشتري بها كنزًا من الكنوز، لا يتناهى نعيمه أبد الآباد، فإضاعة هذه الأنفاس، يجلب لصاحبها هلاكا وخسرانا عظيما، لا يسمح بمثله إلا أجهل الناس وأحمقهم وأقلهم عقلًا.
وإنما يظهر لها حقيقة هذا الخسران يوم التغابن، قال -تعالى-: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} (آل عمران:30)، فحاسبي نفسك - أمة الله - أولًا على الفرائض، فإن كان فيها نقص فتداركيه بالقضاء أو الإصلاح، ثم حاسبيها على المناهي، فإن ارتكبت منها شيئًا فتداركي ذلك بالتوبة والاستغفار والحسنات المكفرة لذلك، ثم حاسبي نفسك على الغفلة، فإن كنت قد غفلت عما خلقت له فتداركي ذلك بالذكر والإقبال على الله، ثم حاسبيها عما تكلمت به، أو مشت به رجلاك، أو بطشت يداك، أو سمعت أذناك، ماذا أردت بهذا؟ ولم فعلتيه، لمن فعلتيه؟ وعلى أي وجه كان؟ وكوني على ذلك حتى لقاء الله -تعالى-، فستفوزين بسبب هذه المحاسبة بالرضا والقبول - إن شاء الله - عند الله -عز وجل.
طفرة اجتماعية وجفاف أسري

«يا قلبي، يا عمري، يا حياتي»، ألفاظ يطلقها الأصدقاء على بعضهم بعضا، وفي البيت جفاف عاطفي مع الأمهات والزوجات والأزواج، أم وأخت وزوجة يقرؤون هذه التعليقات لأبنائهم وإخوانهم وأزواجهم على الشبكات الاجتماعية لأصدقائهم، وداخل البيت لا يسمعون هذه الكلمات ولا أقل منها، ولا حتى أدب في الكلام.
الطفرة العاطفية على الشبكات الاجتماعية بين الأصدقاء مظهر من مظاهر انفصام السلوك، وخلل وجداني في ترتيب الأولويات الاجتماعية، وتصنّع مفرط في طبيعة العلاقات، وتأنث في الألفاظ لا تجده بين الزوجين.
الكلمة الطيبة صدقة، والتلطف في الكلام سنة كبار النفوس، لكن التميع في الأوصاف والإكثار من إطلاقها ليس مظهراً سلوكياً حسناً، والحكمة وصف كل إنسان بمكانته.
نماذج مضيئة في الصبر والثبات على دين الله -تعالى

الصبر والثبات هو أحد صفات الصحابيات، فقد صبرت الصحابيات من أوائل البعثة، وتحملّن الكثير من المشاق وأتعاب الهجرة وغيرها، فالسيدة خديجة -رضي الله عنها رغم مكانتها الشريفة وانتمائها إلى أشرف بطون مكة- إلّا أنّها صبرت وتحملّت الصعاب العديدة، ودخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعب أبي طالب، وعانت ما عانت من المتاعب والآلام والجوع والحصار، إلّا أنّها لم تضعف ولم تلن، بل بقيت ثابتة صابرةً محتسبةً، وكذلك كانت السيدة سميّة التي صمدت في وجه الكثير من أصناف الظلم والتعذيب الذي لاقته من كفار قريش وكبرائها، ولكنها -رضي الله عنها- لم تستسلم ولم تضعف وتترك الإسلام، ولكن ذلك الصبر عُوِّض خيرًا؛ حيث بشرّها رسول الإسلام بالجنة بمقولته الشهيرة: «صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ»، وأصبحت السيدة سميّة من أروع الأمثلة المضروبة في الصبر والثبات على مرِّ العصور والأزمان.
حكمة الصحابيات

الحكمة خُلُق فاضلٌ، ومن معانيها التعقّل وبُعد النظر والتصرّف وفقًا للشريعة، والحكمة بذلك المدلول هي إحدى صفات الصحابيات الكريمات، والمواقف الدالّة على تلك النقطة كثيرة، ومن النماذج المضيئة في هذا الشأن ما يلي:
حكمة السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها

كانت سند الرسول وملاذه في بداية الدعوة ونزول الوحي، وقد أظهرت أعلى درجات الحكمة والرُشد في تعاملها مع الرسول، وتشجيعها له وتذكيرها له بصفاته الحسنة، وأن دعوته ستنتصر، وتسود رغم معارضة كفار مكة وحربهم الشرسة ضدّه -عليه السلام- فقد أعزّ الله -عزّ وجلّ- الإسلام، ونصر نبيّه.
حكمة السيدة أم سلمة -رضي الله عنها

صلح الحديبية هو حدثٌ تاريخيٌ مشهور، فعندما حزِن الصحابة ورفضوا التحللّ من العمرة، ولم يتقبلوا منع قريش لهم زيارة البيت، ورجوعهم إلى المدينة وهم لم يطوفوا بالبيت العتيق، أشارت أم سلمة على رسول الله بأن يبدأ بالحلق ونحر الهدي أمام الصحابة، فما كان منهم إلّا أن سارعوا بالامتثال لأمر الرسول الكريم، والاقتداء بتصرفه في الحلق والنحر.
من آداب التعامل مع (الواتساب)

- عدم إرسال ما فيه مخالفة شرعية، كنشر الشائعات، وصور النساء، والمقاطع الموسيقية، أو الاستهزاء بالآخرين.
- عدم إرسال أخبار غير موثَّقة، والحرص على ذِكْر المصدر عند إرسال الفوائد العلمية والشرعية.
- التأكد من ثبوت الأحاديث النبوية الشريفة.
- التأكد من الضبط الإملائي والنحوي؛ فمع الأسف بلغ الحال بنا أن رأيتُ بعض الأخطاء في كتابة الآيات القرآنية.
- اختصارُ الرسالة فيه راحة للعين، ودفعٌ للمَلَل، وهو أَدْعى للقراءة.
- في بعض الأحيان قد يكون التحذير من بعض المنكَرات ترويجًا لها ودعاية.
- الشكر خُلُق راقٍ، فلا تحرِمي نفسَك الرد على من أفادك ولو بكلمة: «شكرًا»، ومن لا يَشكُر الناس لا يشكر الله.
- (الصورة التعريفية) و(الحالة) تمثِّلانِك في (الواتس آب)؛ فانتقيهما واحذري وضع صورتك الشخصية؛ فإن ذلك من الأفعال المحرمة.
- لا ترسلي كل ما يأتيك من رسائل ومقاطع لكل أحد؛ فالناس مقامات، وما يصلح لشخص قد لا يصلح لآخر.
- لا تعتبي على أحد قرأ الرسالة ولم يرد عليك، فلا تعلمين ظروفه عند قراءتها، فالتمسي العذر ولا تسيئي الظن.
- احذري أن تتجاهلي رسائل الأهل والأصدقاء، وإن كنت مشغولة، فوضحي ذلك ولو بكلمة.
- لا تضيفي أحدًا إلى قروب حتى تأخذي رأيه، فلعلها لا ترغب، فلو أضفتها دون علمها فقد أحرجتها وتدخلت في خصوصيتها.

ابو وليد البحيرى
2023-02-19, 04:15 AM
المرأة والأسرة - 1156

الفرقان
أسس مهمة في تربية الفتيات
قد لا يدرك بعض الآباء والأمهات قدر المهمة العظيمة التي يقومون بها عند تربية بناتهم، وقدر الرسالة السامية التي يحفظون بها القيم والأخلاق في المجتمع المسلم إن أحسنوا تلك التربية فضلا عن الأجر والثواب المرجوين؛ لأنها قربى إلى الله -سبحانه-، ففي سنن ابن ماجه وحسنه الألباني قال - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له ثلاثُ بناتٍ فصبر عليهن وأطعمهنَّ وسقاهنَّ وكساهُنَّ مِن جِدَتِه كنَّ له حجابًا من النَّارِ يومَ القيامةِ».
الأساس الأول: التربية على حب الله وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم

ومقتضى ذلك أن تعلم البنت الفرائض الدينية، وتنشأ منذ الصغر على الدين والفضيلة، ويغرس ذلك في نفسها بالإقناع والتربية، وينمي أفكارهن قصص أمهات المؤمنين زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقصص الصحابيات اللاتي صنعن المجد، وتحقق التربية جودتها حين تكون الأم قدوة حسنة لابنتها، متمثلة قيم الإسلام مع سلوك حسن وسيرة حميدة في حركاتها وملابسها وتصرفاتها، حينئذ تحاكي البنت أمها، وتكون صورة صادقة عنها في السلوك.
الأساس الثاني: الحياء

تربية البنت على خلق الحياء حارس أمين لها من الوقوع في المهالك؛ فإن مشت فعلى استحياء، زيها ورداؤها استحياء، سمته الحياء، وقولها وفعلها وحركاتها يهذبه الحياء، كما قال – صلى الله عليه وسلم -: والحياء خير كله، ولا يأتي إلا بخير.
الأساس الثالث: الكلمة الطيبة والرفق واللين

البنات مخلوقات رقيقة ناعمة ضعيفة، لا يصلح معهن الشدة والغلظة التي ربما يتعامل بها بعض الآباء مع الذكور من أبنائهم، فهي التي تنشأ في الحلية والزينة ولا تمتلك القدرة على المجادلة والخصومة، قال الله -عز وجل-: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}؛ ولذلك تحتاج تربيتهن إلى وسائل أخرى تتناسب مع رقتهن وتكوينهن الفطري الذي خلقهن الله به.
الأساس الرابع: التعاهد

تعاهد الفتاة بالتوجيه والتنبيه، فإن القلوب تغفل، ويقظتها بالنصح والتذكير، والذكرى تنفع المؤمنين، مع ترويضها على الانضباط بأحكام الشرع في اللباس والحجاب ومسألة الاختلاط.
البيت واحة وارفة الظلال في لهيب الحياة

إن البيت -وإن كان صغيرًا في ساحته- ولكنّه مملكة واسعة الأرجاء ونعمة إلهية كبرى أنعمها اللّه‏ -سبحانه- على الرجل والمرأة، وعندما يكون الزوجان متحابّين يقف أحدهما إلى جانب الآخر، ويأخذ بيده ويمضيان في الطريق، (طريق الحياة)، وما بيت الزوجية الاّ قارب يشق عباب الحياة، ربّانه الرجل وتساعده امرأته ويشتركان معًا في المضي صوب شاطى‏ء السعادة، والبيت أيضًا مدرسة الأبناء، تتبلور فيه شخصياتهم ويتعلّمون فيه ألف باء الحياة، ينتهلون في ظلاله ثقافتهم، فإن كان البيت دافئًا تخرجوا فيه دافئين طيبين، وإن كان هادئاً دخلوا الحياة الاجتماعية خيّرين ينشدون الخير والصلاح لمجتمعهم وأمتهم، ولو كان البيت -لا سمح اللّه-‏ خاوياً على عروشه مقفراً من كل خفقة حب ونسمة حياة طاهرة، خرجوا إلى المجتمع يعانون ضغط العقد النفسية، وتتحمّل الأم مسؤولية كبرى في تربية الأبناء وما أجمل قول الشاعر!:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
الطرائق الموصلة إلى السعادة الزوجية

- ارضي بما قسم الله لك، فالرضا نعمة وسعادة.
- ابتغِي الأجر من الله في كل ما تقولين وتفعلين مع زوجك وأولادك.
- أعطِي الآخرين لكي تأخذي وتنالي؛ فهذا واحد من قوانين الحياة.
- جددي حبك لزوجك وعبِّري عنه؛ فهذا مهم بالنسبة إليه.
- المدح والثناء والمناداة بالاسم، والهدية، لغاتُ حبٍّ تجمِّل الحياة الزوجية وتشد أزرها.
- لا تظهري عيوب زوجك وامدحي ما كان طيبًا عنده.
- اعرفي طبيعة زوجك، فالشخصية طباع وأنماط.
- لا تظني أن الكارثة قد وقعت عند أي خلاف، فكل البيوت هكذا.
- حلَّي الخلافات بسرعة وبسرية، ولا تنتظر حتى تكبر كرة الثلج.
- حاول تجنب إثارة الموضوعات التي تثير حساسية زوجك.
- لا تكوني معارضة لكل اقتراح أو رأي يصدر عن زوجك.
- أشعِرْي نفسك بالرضا والسعادة، وانثري ذلك على أهل بيتك.
- تخلصي من التصورات الخطأ عن الرجل، التي يروجها النسويات.
- اهتمي بالنظافة الشخصية ملبسًا وأناقة وجسدًا، وجددي أثواب الجاذبية.
- تخلصي من القلق، ولا تكوني سريعة الغضب، وتعقلي لحظة الاندفاع.
- عليك بالصمت، واجتنبي النقد غير المفيد؛ فالصمت من أقوى اللغات.
- لا تنتظري السآمة والفشل وتتوقعي حدوثهما، وتفاءلي دومًا بالخير.
- الإقناع أولى؛ فلا تحاولي فرض رأيك بالقوة.
ست الركب أخت الإمام ابن حجر العسقلاني

كانت قارئة كاتبة، أعجوبة في الذكاء، أثنى عليها ابن حجر، وقال: «وكانت أمي بعد أمي»، وذكر شيوخها وإجازاتها من مكة ودمشق وبعلبك ومصر، وقال: «تعلمَت الخط، وحفظت الكثير من القرآن، وأكثرتْ من مطالعة الكتب، فمهرت في ذلك جداً، وكان لها أثر حسن عليه»، قال: «وكانت بي برة، رفيقة، محسنة»، وقد رثاها بقصيدة عنها بعد موتها.
رسائل تاريخية

رسالة والدة شيخ الإسلام ابن تيمية إليه، بعد أن أرسل لها يعتذر عن إقامته بمصر؛ لأنه يرى ذلك أمراً ضروريا لتعليم الناس الدين: «والله لمثل هذا ربيتك، ولخدمة الإسلام والمسلمين نذرتك، وعلى شرائع الدين علمتك، ولا تظننَّ يا ولدي أن قربك مني أحب إليَّ من قربك من دينك وخدمتك للإسلام والمسلمين في شتّى الأمصار، بل يا ولدي إنَّ غاية رضائي عليك لا يكون إلا بقدر ما تقدمه لدينك وللمسلمين، وإني يا ولدي لن أسألك غداً أمام الله عن بعدك عني، لأني أعلم أين؟ وفيم أنت؟ ولكن يا أحمد سأسألك أمام الله وأحاسبك إن قصّرت في خدمة دين الله، وخدمة أتباعه من إخوانك المسلمين».
واجب الأم نحو تربية البنت

- إخلاص النية لله -عز وجل- في إنجابها ورعايتها وتربيتها.
- تتعهدها بالتربية الحسنة والتأديب من صغرها.
- تصلح نفسها وتتوب إلى الله من ذنوبها ومعاصيها، لتكون قدوة صالحة لابنتها.
- تجعل تربية ابنتها أولوية الأولويات.
- تربط ابنتها بكتاب الله قراءة وترتيلًا وحفظًا.
- تصلها بدروس المساجد، وتشجعها على المشاركة في المسابقات القرآنية.
- تعوّدها الحشمة والحياء والستر والعفاف من صغرها.
- تعودها القراءة الدينية والثقافية منذ الصغر.
- تجنبها الكسل، بإشراكها في أشغال البيت التي تناسب سنها.
- تربيها على الأخلاق الحميدة: من شجاعة، وصبر، وكرم، ووفاء، وعزة نفس، وانشغال بمعالي الأمور.
- الدعاء لها دائمًا بصلاح الحال والنجاح والتوفيق.

ابو وليد البحيرى
2023-02-22, 02:08 PM
المرأة والأسرة - 1157



الفرقان
دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
إنه لحلمٌ يراود كل أم مسلمة تملّك الإيمان شـغـاف قلبها، وتربع حب الله -تعالى- وحب رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - في حنايا نـفـسـهـــا، حتى تــــرى ابنها وقد سلك سبل الرشاد، بعيدًا عن متاهات الانحراف، يراقب الله في حـركـاتــــه وسكناته، وأن تجد فلذة كبدها بطلاً يعيد أمجاد أمته، عالماً متبحراً في أمور الدين، ومبتكراً كـــل مباح يسهّل شأن الدنيا.
إنـهـا أمنية كل أم مسلمة، أن يكون ابنها علماً من أعلام الإسلام، يتمثل أمر الله -تعالى- في أمـــور حياته كلها، ويتطلع إلى ما عنده عز وجل من الأجر الجزيل، يعيش بالإسلام وللإسلام.
وسيـبـقـى ذلك مجرد حلم للأم التي تظن أن الأمومة تتمثل في الإنجاب، أو سيبقى رغبات وأماني لأم تجعل همها إشباع معدة ابنها وحسب، وتلك الأم التي تحيط أبناءها بالحب والحنان والتدليل وتلبية كل ما يريدون من مطالب سواء الصالح منها أم الطالح، فـهـي أول مــن يكتوي بنار الأهواء التي قد تلتهم ما في جعبتها من مال، وما في قلبها من قيم، ومـــا في ضميرها من أواصر؛ فإذا بابنها يبعثر ثروتها، ويهزأ بالمثل العليا والأخلاق النبيلة، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، والأم المدلّلة أول من يتلقى طعنات الانحراف، وأقسى الطعنات تتمثل في عقوق ابنها.
لابد للمرأة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهــل فـي توجيههم كسلاً أو تسويفاً أو لا مبالاة، قــال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم: 6) فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار، فلابد من إحسان الـتـنـشـئـة، ولابــد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع.
أختي المؤمنة: إن ابنك وديعة في يديك، فعليك رعايتها، وتقدير المسؤولية؛ فأنت صاحبة رسالة ستُسألين عنها، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَـــا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6).
إفشاء روح التدين داخل البيت
إن الطفل الذي ينشأ في أسرة متدينة سيتفاعل مع الجو الروحي الذي يشيع في أرجائها، والسلوك النظيف بين أفرادها، والنزعات الدينية والخلقية إن أُرسيت قواعدها في الطفولة فسوف تستمر في فترة المراهقة ثم مرحلة الرشد عند أكثر الشباب، وإذا قصّر البيت في التربية الإيمانية، فسوف يتوجه الأبناء نحو فلسفات ترضي عواطفهم وتشبع نزواتهم ليس إلا، فالواجب زرع الوازع الديني في نفوس الأبناء، ومن ثَمّ مساعدتهم عـلـى حـســــن اختيار الأصدقاء؛ وذلك بتهيئة الأجواء المناسبة لاختيار الصحبة الصالحة من الجوار الـصـالح والمدرسة الصالحة، وإعطائهم مناعة تقيهم من مصاحبة الأشرار.
نماذج من النساء الصالحات
سارة بنت هاران (زوجة إبراهيم) -عليه السلام
سارة بنت هاران، (زوجة إبراهيم) -عليه السلام-، كانت عابدة لله منيبة مخبتة، أسلمت قلبها للواحد الأحد فعصمها وحماها من الفواحش، ذهب إبراهيم -عليه السلام- مع زوجته سارة إلى مصر، وكان على مصر ملك، طاغية من الطغاة، وفاجر من الفجار، وجبار من الجبابرة، فاختطف سارة من إبراهيم -عليه السلام-، فلما أدخلت عليه توضأت وصلت ركعتين وأسلمت قلبها إلى الله، وسألت الواحد الأحد أن يعصمها من هذا الفاجر، فأقبل منها الملك فرُكضت رجله ورُفست وخُسفت في الأرض، فرفع عنها، ثم أقبل منها فاستعاذت بالله، فانحدرت رجله في الأرض وأخذت به قشعريرة، ثم رفع عنها، ثم رجع ثالثة فاستعاذت بالله، فحماها وخُسفت رجله في الأرض قال: إنما قربتم لي شيطانة، خذوها، فذهبت، فأعطاها جارية فقالت لإبراهيم: «كفانا الله الفاجر وأخْدَمَنا جارية»، وهذا درس للنساء، أن من اعتصمت بالله وتوكلت عليه والتجأت إليه، عصمها الله وحمى عرضها، وأسلم قلبها للواحد الأحد.
لا للأغاني يا مسلمة!
أختي الحبيبة، يا من تحمل هم الإسلام، وترجو طاعة الرحمن، لا يخفى عليك ما ابتلينا به في زمن الفتنة من طرب وغناء وموسيقى، حتى لا يخلو بيت من هذه المعازف، وقد قال -صلوات الله وسلامه عليه -: «ليكونن في أمتي أقوامٌ يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، يمسون في لهوٍ ولعب، ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير»، وفي هذا الحديث تحريم صريح للمعازف، ولعنة للعازف والمستمع على حد سواء، وقد نهى -صلوات الله وسلامه عليه- عن الغناء في وقت كان فيه الحياء من شيم العرب، فكيف الآن والأغاني لا تخلو من كلام ساقط، ومناظر محرمة، ونشر من أخلاق فاسدة وقيم هابطة في مجتمعاتنا وبين أبنائنا وبناتنا، وما تملأ به رؤوسهم من أفكار واهمة، تفسد تربيتهم وتنشئهم تنشئة طالحة بعيدة عن كتاب الله وتعاليمه
من وصايا الرسول - صلى الله عليه وسلم - للنساء
عن عائشه رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ياعائشة، إياك ومحقرات الأعمال»، وفي لفظ: الذنوب «فان لها من الله طالبا».
أختي المسلمة هذه وصيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأم المؤمنين عائشة وهي وصية غالية نفيسة، فهي تحذير من أمر يغفل عنه أكثر الخلق، ألا وهو صغائر الذنوب، قال أنس -بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم -: «إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات». قال البخاري: معنى ذلك: المهلكات.
للفتيات فقط
هذه تنبيهات أبثها لكل من آمنت بربها، وصدقت برسولها، واستسلمت لدينها، أهديها لتلك الوردة الندية، والزهرة الجميلة، أنت يا فتاة الإسلام، إنها تنبيه وحقائق تجلي الحقيقة لذوي البصائر.
- احذري !!!
- المكالمات الهاتفية لغير المحارم إلا لحاجة شرعية وضرورة ملحة!
- التصوير بشتى صوره ومجالاته وأنواعه؛ فهو من أخطر الأسلحة التي يستخدمها ذئاب البشر!
- الروايات الهابطة؛ فإنها تحمل بين صفحاتها الملونة وأوراقها المصقولة السم الزعاف والأفكار الهدامة!
- المسلسلات والأفلام المضللة التي تقتل الحياء وتئد العفة وتقضي على الفضيلة!
- التبرج والسفور وكثرة الخروج إلى الأسواق والمنتديات التي تصب في نهاية المطاف بالمرأة إلى حياض
الفتنة والرذيلة!
- رفيقات السوء وزميلات الأوهام اللاتي يتخبطن في أوتار المعاصي والضلالة وسيئ الأفعال!
- مصائب الفتن ومدلهمات العقوبات والتي طريقها المعاصي والذنوب، فما نزل بلاء إلى بذنب ولا رفع إلا بتوبة.
من نوادر النساء
قيل لبدوية حسناء، ولها زوج قبيح: يا هذه، أترضين أن تكوني تحت هذا؟
فقالت: لعله أحسن فيما بينه وبين ربه فجعلني ثوابه، وأسأت فيما بيني وبين ربي فجعله عذابي؛ أفلا أرضى بما رضي الله به؟!

ابو وليد البحيرى
2023-02-25, 02:25 PM
المرأة والأسرة - 1158



الفرقان
بناء البيوت على الهدوء والمودة والرحمة
إن بناء البيوت على الهدوء والسكينة والمودة والرحمة، من المهمات التي يقع النصيب الأكبر منها على النساء، وهو من المعاني العظيمة في حديث تبشير السيدة خديجة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، بقول جبريل -عليه السلام-: {فَاقْرأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا ومِنِّي، وبَشِّرْهَا ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبَ فِيهِ، ولَا نَصَبَ}.
والقصب هو: اللؤلؤ المجوَّف، والصخب، أي: الصياح واللغط، والنصب، أي: التعب؛ فكأنَّها -رضي الله عنها- كُوفئت في الآخرة بهذه المكافأة، جزاء بما كانت توفر في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا الهدوء والسكينة والمودة والرحمة، وترك كل ما يؤول إلى الغضب، أو رفع الصوت، أو الصياح، أو المضايقة، أو النكد، أو غير ذلك من الأمور التي يُدخل بها الشيطان القطيعة والشقاق، وغيره مما يحل ببيوت المسلمين اليوم، إلا من رحم الله -تعالى-، فكان جزاؤها من جنس العمل، وجاءتها البشرى من النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل -عليه السلام- عن الله -جل وعلا-؛ بذلك البيت العظيم الذي لا صخب فيه ولا صياح ولا تعب في الجنة، مع رضوان الله -تعالى- الأكبر، وفي الحديث بشارة لكل المؤمنات اللاتي على مثل هذه الحال من الهدوء، وترك الصخب والصياح، والحوار بالشرع والعقل، الذي يؤدي الوقوع فيه إلى الشجار؛ وصولا إلى ما يريده الشيطان من طلب الطلاق، وكل ذلك يمكن أن يكون على شيء تافه لا قيمة له، فالله -سبحانه- يكافئهن هذه المكافئة الضخمة عنده -سبحانه وتعالى.
ومما يتوجه للنساء أيضًا من هذا الحديث، أن تكون السيدة المُكرَّمة أمنا وأم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-، هي القدوة والمثل الأعلى للمؤمنات ليتأسين بها، وليسرن على دربها في التحلي بتلك الأخلاق على قدر الوسع؛ ليكون لتلك الأخلاق الأثر الطيب على البيت وعلى تنشئة الأولاد، ولتحصيل الجزاء الموفور عند الله -تعالى- كذلك في الآخرة.
المرأة والدعوة إلى الله -تعالى
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: المرأة كالرجل عليها الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن النصوص من القرآن الكريم والسنة المطهرة تدل على ذلك وكلام أهل العلم صريح في ذلك، فعليها أن تدعو إلى الله وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر بالآداب الشرعية التي تُطلب من الرجل، وعليها مع ذلك ألا يثنيها عن الدعوة إلى الله الجزع وقلة الصبر، لاحتقار بعض الناس لها أو سبهم لها أو سخريتهم منها، بل عليها أن تتحمل وتصبر، ولو رأت من الناس ما يعد نوعاً من السخرية والاستهزاء، ثم عليها أن ترعى أمراً آخر وهو أن تكون مثالاً للعفة والحجاب عن الرجال الأجانب وتبتعد عن الاختلاط، بل تكون دعوتها مع العناية بالتحفظ من كل ما يُنكر عليها، فإن دعت الرجال دعتهم وهي متحجبة دون خلوة بأحد منهم، وإن دعت النساء دعتهن بحكمة وأن تكون نزيهة في أخلاقها وسيرتها حتى لا يُعترض عليها، ويقلن لماذا ما بدأت بنفسها، وعليها أن تبتعد عن اللباس الذي قد تفتن الناس به، وأن تكون بعيدة عن كل أسباب الفتنة من إظهار المحاسن وخضوع في الكلام مما يُنكر عليها بل تكون العناية بالدعوة إلى الله على وجه لا يضر دينها ولا يضر سمعتها.
الصبر على الأزواج
علي المرأة أن تصبر علي إيذاء زوجها لها، ولاسيما إذا كان الرجل صالحا، ولتكن نظرتها إلي الآخرة لتكون له زوجا في الجنة، فعن عكرمة أن أسماء بنت أبي بكر كانت تحت الزبير بن العوام، وكان شديداً عليها، فأتت أباها فشكت ذلك إليه فقال: يا بنية اصبري! فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات عنها فلم تزوج بعده، جمع بينهما في الجنة أخرجه ابن سعد، وقال عمر - رضي الله عنه - لامرأة كانت تبغض زوجها حين صارحت زوجها بذلك فقال لها عمر: ما حملك علي هذا قالت: إنه استحلفني فكرهت أن أكذب؛ فقال عمر: بلى فلتكذب إحداكن ولتتجمل فليس كل البيوت تبنى علي الحب ولكن معاشرة علي الأحساب والإسلام.
النبى - صلى الله عليه وسلم - يمازح النساء
عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة عجوز: إنه لا تدخل الجنة عجوز» فقالت: وما لهن؟ وكانت تقرأ القرآن، فقال لها: «أما تقرئين القرآن؟ {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَ ّ أَبْكَارًا}، وعن زيد بن أسلم مرسلا: أن امرأة يقال لها أم أيمن جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن زوجي يدعوك قال: من هو؟ أهو الذي بعينه بياض أي يا رسول الله؟ والله ما بعينه بياض فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بل إن بعينه بياضا»، فقالت: لا والله: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وهل من أحد إلا بعينه بياض».
ذكاء المرأة وفطنتها
حكت لنا كتب السير والتاريخ عن قدرة المرأة العقلية وذكائها فهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها- لما هاجر رسول الله من مكة وكان معه أبو بكر الصديق فحمل معه جميع ماله، تقول أسماء: فأتاني جدي أبو قحافة وقد عَمِيَ فقال: إن هذا فجعكم بماله ونفسه، فقلت: كلا قد ترك لنا خيراً كثيراً فعمدت إلى أحجار فجعلتها في كوة البيت وغطيت عليها بثوب ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب فقلت: هذا ما تركه لنا فقال: أما إذا ترك لكم هذا فنعم.
امرأة في النار وامرأة في الجنة
امرأة في النار: عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار، وفي لسانها شيء يؤذي جيرانها، سليطة، قال: «لا خير فيها، هي في النار».
وامرأة في الجنة: وقيل له - صلى الله عليه وسلم -: إن فلانة تصلي المكتوبة وتصوم رمضان وتتصدق بالأثوار وليس لها شيء غيره ولا تؤذي أحدا، قال: هي في الجنة.
يا لها من امرأة عاقلة!
كان الأوقص المَخْزُوميّ قاضياً بمكة، فما رًئى مثلُه في عَفافه وزُهْده؛ فقال يوماً لِجُلسائه: قالت لي أُمي: يا بني إنك خُلقت خِلْقة لا تصلح معها لمَجَامع الفِتْيان عند القيان «إنك لا تكون مع أحدِ إلا تَخَطتْك إليه العيون» فعليك بالدِّينِ فإنَّ الله يَرْفَع به الخَسِيسة وُيتمُّ به النَّقيصة، فنفعني اللهّ -تعالى- بكلامها وأطعتها فوليتُ القضاء، فيا لها من امرأة عاقلة!
أم البنين -رحمها الله
كانت تعتق في كل جمعة رقبة
أخت عمر بن عبد العزيز (رحمهما الله) كانت تعتق في كل جمعة رقبة، وتحمل على فرس في سبيل الله - عز وجل ومن أقوالها:
- أف للبخلٍ، لو كان قميصا ما لبسته، ولو كان طريقا ما سلكته.
- ما تحلى المتحلون بشيء أحسن عليهم من عظم مهابة الله - عز وجل - في صدورهم.
- جعل لكل قوم نهمة في شيء وجعلت نهمتى في البذل والإعطاء، والله للصلة والمواساة أحب إلى من الطعام الطيب على الجوع، ومن الشراب البارد على الظمأ، وهل ينال الخير إلا باصطناعه؟

ابو وليد البحيرى
2023-03-06, 05:02 PM
المرأة والأسرة - 1159


الفرقان
المرأة داعية إلى الله -عزوجل
هناك أحوال كثيرة تستطيع المرأة المسلمة أن تكون فيها داعية إلى الله -تعالى-، ومن ذلك مشاركة زوجها بفكرها ومالها ودعائها، فخديجة -رضي الله عنها- حملت السلاح ولكن دفعت نفسها ومالها للدين، فأول عمل صالح عملته خديجة، هو الدعوة، وآخر عمل عملته هو الدعوة.
فقد ماتت -رضي الله عنها- قبل فرض الصلوات الخمس، والتشريع الوحيد الذي نزل قبل وفاة خديجة هو تحريم الذبائح لغير الله -عز وجل-، لكنها ظلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنوات في تاريخ الإسلام، أسلمت في رمضان، وماتت في رمضان، كانت خلالها تدعو النساء وتساند النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته وتنفق على الدعوة من مالها، فالمرأة ينبغى أن يكون لها حظ وافر من ذلك؛ إذ الدعوة ليست محصورة في خطب ودروس ولا يتصدى لها إلا العلماء كما قد يظن بعض الناس، بل كل مسلمة تستطيع أن تكون داعية إلى الله بسلوكها وتعاملها مع مجتمعها، وبعلمها وهى تبلغ عن ربها ما علمت من دينه، وباحتسابها وهي تنهى عن منكر أو تحث على فعل خير وبما تيسر لها، دون انتظار النتائج؛ لأن النتائج أمرها إلى الله، والمهم هو الإخلاص والعمل، فمتى ما أخلصت الداعية نيتها لله، واستنارت بهدي الله، نفع الله بها وبارك في جهودها، وحقق الخير على يديها.
من قصص الصالحين
يروى أن امرأة جاءت يوما إلى أحد الصالحين فقالت: إن ابني قد أخذه الحرس، وإني أحب أن تبعث إلي صاحب الشرطة، لئلا يضرب، فقام فصلى، فطول الصلاة، وجعلت المرأة تحترق في نفسها، فلما انصرف من الصلاة، قالت المرأة: الله الله في ولدى!. فقال لها: إني إنما كنت في حاجتك؛ فما قام من مجلسه الذي صلى فيه حتى جاءت امرأة إلي تلك المرأة قالت لها: أبشري فقد أطلق ولدك، وها هو ذا في المنزل، فانصرفت إليه.
من وصايا النساء الصالحات
أوصت أم ولدها عند سفره فقالت:
- أي بني، اجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك؛ فإن الوصية أجدي عليك من كثير عقلك.
- أي بني، إياك والنميمة! فإنها تزرع الضغينة، وتفرق بين المحبين.
- أي بني، إياك والتعرض للعيوب! فتُتَخذ غرضًا، وخليق ألا يثبت الغرض على كثرة السهام، وقلما اعتورت السهام غرضا إلا جرحته حتي يضعف ما اشتد من قوته.
- أي بني، إياك والجود بدينك والبخل بمالك! وإذا قصدت فاقصد كريمًا يلين لك، ولا تقصد اللئيم فإنه صخرة لا يتفجر ماؤها.
- ومثل لنفسك مثال ما استحسنت من غيرك فاعمل به، وما استقبحت من غيرك فاجتنبه؛ فإن المرء لا يري عيب نفسه.
مواقف بطولية للنساء الثبات على الإيمان
المرأة المؤمنة التي ألقت بنفسها وولدها في الأخدود، وهي التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة أصحاب الأخدود عندما آمن الناس برب الغلام، وأمر الملك بالأخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم فيها النيران، وقال من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، فجاءت امرأة ومعها صبى لها فتقاعست أن تقع فيها خوفًا على ولدها؛ فأنطق الله ولدها في المهد وقال لها: «يا أمه اصبري فإنك على الحق»، انظري -أختي المسلمة- إلى هذا الثبات على الإيمان والتضحية من أجل الله -عز وجل-؛ حيث ألقت بنفسها وولدها في النار. فكتب الله -عز وجل- لها خلودين، خلود في الدنيا، فقد سجل الإمام مسلم في صحيحه تضحية هذه المرأة، لتكون مثلا لأمة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - رجالا ونساءً في التضحية والثبات على الإيمان والعقيدة، حتى لو وصل الأمر إلى إزهاق النفوس والأرواح من أجل الله -عز وجل- والخلود الثاني في الفردوس مع أنبياء الله ورسله -عليهم السلام.
اختارت العفاف
عن عاصم الأحول قال: كنا ندخل علي حفصة بنت سيرين -رحمها الله- وقد جعلت الجلباب هكذا وتنتقب به، فنقول لها رحمك الله، قال -تعالى-: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النّسَآءِ الّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنّ غَيْرَ مُتَبَرّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لّهُنّ وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ}، فقالت لهم: أكملوا الآية، {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لّهُنّ} فاختارت العفاف وفعلت ما هو خير.
أعظم الناس حقا
عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قلت: يا رسول الله، من أعظم الناس حقا علي المرأة؟ قال: «زوجها» قلت: من أعظم الناس حقا علي الرجل؟ قال: «أمه» رواه الحاكم.
ما يروى فى حلم النساء
روي أبو عمر بن عبد البر: أن جارية لصفية، قالت لعمر: إن صفية تحب السبت وتصل اليهود فبعث إليها فسألها فقالت: أما السبت فإني لم أحبه منذ أن أبدلني الله -تعالى- يوم الجمعة وأما اليهود فإن لي فيهم رحمًا، فأنا أصلها ثم قالت للجارية، ما حملك على ما صنعت؟ قالت: الشيطان فقالت: اذهبي فأنت حرة.
قال أبو عمر: وكانت صفية -رضى الله عنها- حليمة عاقلة فاضلة.
الحذر ممن لعنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
- «المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال».
- «المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء».
- «الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل».
- «الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة».
- «الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله».

ابو وليد البحيرى
2023-03-16, 09:52 AM
المرأة والأسرة - 1160



الفرقان


أخلاق المرأة المسلمة
الخلق الحسن للمرأة المسلمة هو قوام حياتها، وعليه مدار سعادتها فإن رزقته فقد رزقت كل خير، وإن حرمته فقد حرمت من كل خير، قال - صلى الله عليه وسلم - في بيان شرف حسن الخلق: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا» (رواه البخاري والترمذي وأحمد)، ومن الأخلاق الفاضلة التي يجب على المرأة المسلمة الحرص عليها ما يلي:
1- الصبر
وهو أن تحبسي نفسك على الطاعات، وفعل الخيرات بلا ضجر ولا ملل، كما تحبسينها بعيدة عن المعاصي وعن كل خلق سيئ كالكذب والخيانة والغش والخسة، والكبر، والعجب، والبخل والشح والجوع، بإظهار عدم الرضا بحكم الله، ومجاري أقداره في عباده.
2- الصفح والإعراض
الصفح والإعراض عن كل ما تسمعين من كلمة نابية، أو حركة عنيفة فلا تردي على السيئة بالسيئة، ولكن بالحسنة وهي الكلمة الطيبة، قابلي الجفاء والغلظة من أفراد عائلتك بالعطف، والرحمة، واللين، وإن علت أصواتهم اخفضي صوتك، وإن قبحت كلماتهم جملي لفظك، رطبي كلماتك، بهذا تملكين قلوبهم، وتظفرين بودهم، وقربهم، وحسن معاملتهم، قال -تعالى-:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199).
3- الحياء والاحتشام
إن الحياء كله خير فألزمي نفسك بهذا الخلق فإنه أخو الإيمان، وجماع البر والإحسان، فاستحيي من الله -تعالى- حق الحياء، فلا يراك على ما يكره، واستحيي من الملائكة فلا تتكشفي في خلوتك ما استطعت، واستحيي من زوجك وأهلك ومن سائر الناس، فلا تقولي البذاء، ولا تنطقي بالفحش، ولا تعملي عملا، أو تقولي قولا يجانب الحشمة والحياء.
4- كوني سخية
فلا تبخلي بفضل طعام، أو شراب، أو كساء، أو دواء، ابذلي المعروف، وتصدقي من مالك أو مال زوجك بعد استئذانه فتشاطريه الأجر والمثوبة، وتسلمي من العقوبة؛ فإن الله -تعالى- يقول: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}(الل يل: 5- 7).
لا سبيل إلى إصلاح المجتمع إلا بإصلاح المرأة
إن المرأة بمنطق الإحصاء والتعداد نصف المجتمع، ولكنها بحكم تأثيرها في زوجها وأولادها ومحيطها أكثر من النصف، ولهذا قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:
من لي بتربية النساء فإنها في الشرق علة ذلك الإخفاق
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
فالمرأة أكثر من نصف المجتمع، وهي إحدى قواه الفاعلة وتقوم بدور مهم في صياغة حركته، ولهذا لا سبيل إلى إصلاح المجتمع إلا بإصلاح المرأة أولا.
نماذج نسائية مضيئة في عمل الخير
لم تتخلف نساء المسلمات عن ركب العمل التطوعي في سبيل الله -تعالى-، وإن صدر الإسلام ليذخر بنماذج مضيئة من أمهات المؤمنين ومن المسلمات اللاتي ضربن أروع الأمثلة في العمل التطوعي، نذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر ومن هؤلاء النسوة السيدة خديجة بنت خويلد (أم المؤمنين -رضي الله عنها وأرضاها)، فقد بذلت جهدها ومالها في مؤازرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد قال عنها - صلى الله عليه وسلم -: «وواستني في مالها إذ حرمني الناس»، ومنهن أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها-، التي قال عنهـــا الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «أسرعكن لحاقا ًبي أطولكن يدًا» رواه مسلم والمقصود بطول اليد: كثرة مدها بالعطاء للفقراء، فقد كانت -رضي الله عنها- تعمل بيدها وتتصدق على الفقراء، وتقول عنها عائشة -رضي الله عنها-: «ولم أر امراة قط خيراً في الدين من زينب بنت جحش، وأتقى لله وأصدق حديثاً وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تتصدق به وتتقرب به لله -تعالى» (رواه مسلم ج 7/136)، ومنهن الشفاء بنت عبد الله: التي كانت تقوم بتعليم نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا سيما حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- القراءة والكتابة.
ارتداء الحجاب واجتناب الاختلاط تعبُّدٌ لله -عزوجل
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: ارتداء الحجاب واجتناب الاختلاط ليست عاداتٍ وتقاليدَ بل تعبُّدٌ لله -عز وجل-، ونحن ننكر على الذين يقولون: هذه عاداتنا وتقاليدنا، فيجعلون الحجاب وبُعْد المرأة عن الرجل من العادات والتقاليد، هذا كذب وليس بصحيح، وهو أمر له خطورته؛ لأنه يؤدي إلى أن يُغير هذا الحكم الشرعي في يوم من الأيام ويُقال: إن العادة اختلفت والتقاليد انتفت، ونحن نريد أن نُدخل منهجًا جديدًا وعادة جديدة! ثم يُغيِّرون حكم الله بسبب ما وصفوا هذا الحكم الشرعي بما ليس وصفًا له؛ حيث جعلوه من العادات والتقاليد، والواجب على مَنْ يتكلَّم عن هذه الأمور أن يتكلَّم بالمعنى الصحيح، ويقول: هذا من الدين الذي لا يمكن تغييره، ولا يمكن للعادات أن تُغيِّره.
الندية من أكبر معاول الهدم للحياة الأُسريَّة
الندية من أكبر معاول الهدم للحياة الأُسريَّة الناجحة؛ لذلك كان من حكمة الله -تعالى- في خلق آدم -عليه السلام- من تراب، وخلق زوجه من ضلعه الأشأم هي: إلغاء الندية بين أول زوجين على وجه الأرض، كما تكون قطعة منه غالية عليه من الصعب قطعها وفراقها، وأن تكون قريبة من قلبه، يحنو عليها ويعطف، ويتودَّد إليها، وأن تكون تحت قيادته وإمرته.
من يربي النشء على القيم؟
عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان، بنوا سور الصين العظيم، واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، ولكن خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات، وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية فى حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه، بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب، فقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس؛ فبناء الإنسان يأتي قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه طلابنا اليوم.
يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي: (اهدم الأسرة - اهدم التعليم - أسقط القدوات والعلماء).
- ولكي تهدم اﻷسرة: عليك بتغييب دور (اﻷم) اجعلها تخجل من وصفها بـ(ربة بيت).
- ولكي تهدم التعليم: عليك ب(المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.
- ولكي تسقط القدوات: عليك بـ(العلماء) اطعن فيهم وقلل من شأنهم لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد.
فإذا اختفت (اﻷم الواعية)، واختفى (المعلم المخلص)، وسقطت (القدوة) فمن يربي النشء على القيم؟

ابو وليد البحيرى
2023-03-17, 08:25 PM
المرأة والأسرة - ١١٦١



الفرقان
النساء شقائق الرجال
خلق الله -عز وجل- المرأة للغاية التي خلق من أجلها الرجل، وقد قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}؛ فمن أطاع الله أسعده في دنياه، وأثابه في آخرته، ومن عصاه نال جزاء معصيته، فشَقِيَ في الدنيا وتعس في الآخرة.
والمرأة شقيقة الرجل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «النساء شقائق الرجال»، ولا فضل للرجل على المرأة من حيث ميزان الثواب والجزاء، فإن أكرم الناس عند الله -تعالى- أتقاهم لله، رجلاً كان أم امرأة، كما قال -جل شأنه-: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. ولقد خلق الله -تعالى- الجنسين مكمّلين لبعضهما، فالرجل يكمّل المرأة ويحتاجها، والمرأة تُكمّل الرجل وتحتاجه، وبهما تقام الحياة على هذه الأرض، وتدوم البشرية إلى الأجل الذي أراده الله -تعالى.
وقد أمر الله -تعالى- الرجل بأداء حقوق زوجته، كما أمر المرأة بأداء حقوق زوجها، وهو -سبحانه وتعالى- أعلم بمن خلق، كما قال: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ولعلمه -سبحانه وتعالى- بالمرأة، وما جبلها عليه من الخصائص، فقد علم الله -تعالى- ضعفها وعدم قدرتها على مزاولة الأعمال التي يقدر الرجل على مزاولتها، كما أنه سبق في علم الله -تعالى- أن الرجل لا يقدر على أعمال تختص بها المرأة، ومن ثم وزّع -سبحانه وتعالى- بينهما الوظائف تبعًا للخصائص، فكلّف الرجل بأعمال، وكلَّف المرأة بأعمال، وبأداء كل واحدٍ منهما لأعماله تستقيم الحياة.
واقعية الإسلام في التعامل مع المرأة
إعطاء الإسلام حق القوامة للرجل دليل على واقعية هذا الدين وتمامه في فهم طبيعة المرأة وإمكاناتها، التي تجعل غالبية النساء غير قادرات على تحمل مسؤولية البيت مسؤولية كاملة، وتحمل أعبائه دائما. وقد يتساءل بعض الناس: هناك رجال يتخلون عن دور القوامة في البيت ويتركونه للمرأة؛ فهي تتحمل مسؤولية البيت في كل شيء، في حين أن الرجل قد نفض يده من كل شيء، فهل ذلك يعطي الحق في نقل حق القوامة من الرجل إلى المرأة؟
بالطبع: لا، فالحالات الاستثنائية لا يقاس عليها ولا تخرق القاعدة، فالإسلام يتعامل مع المجموع وليس مع حالة فردية فيقيس عليها بقية الحالات.
احذرى أن تكونى من هؤلاء!
احذرى أن تكونى من هؤلاء النسوة اللاتي تبرأ منهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
1- المرأة التى تغضب زوجها
عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعا الرجل امراته إلى فراشه فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح»، وفي حديث مسلم: «والذى نفسى بيده ما من رجل يدعو امراته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا كان الذى فى السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها».
2- المتشبهات من النساء بالرجال
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال»، وعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال:»لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل».
3- نساء كاسيات عاريات
عن أبى هريرة - رضي الله عنه -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، روؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا».
4- النائحة
عن ابن مسعود -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:» ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصلى الملائكة على نائحة و لا مرنة».
المعايير الوهمية للجمال
يُستغل مفهوم الجمال عندَ المرأةِ من خلال وسائلِ الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ؛ حيث تُفرضُ معايير وهميّة باستخدام الصّور المعدّلة على برامج الحاسوب المختلفة؛ ممّا يجعل بعض الفتيات يسعينَ إلى تحقيق صورةٍ وهميّةٍ للجمال، ويسبب هذا الوهم مشكلات نفسيّة، مثل ضعف الثّقة بالنّفس وقلّة تقدير الذّاتِ، فتلجأ بعض النّساء إلى عمليّات التجميلِ، والهواجس الماديّة المتمثّلة في شراءِ مستحضراتٍ تجميليّة وغيرها من السّلعِ. وقد استُغلّ جمال المرأة بمفهوم عُرِفَ بسلعةِ الجمال، فربطَ جمالها بجانب الإعلاناتِ وعروض الأزياءِ، وهُمش دورها في مجالاتِ الحياةِ المُهمّة والمؤثّرة، فربطت المرأة نجاحها بمدى جاذبيتها الشكليّة؛ لذلك يجب عليها إدراك أن جمالها لا يرتبطُ بمعايير الإعلامِ الوهمية، فلكلّ فتاة جمالٌ يميّزها، ونجاح مرتبطٌ بثقافتها وجمال روحها وإنجازاتها في المجتمع.
جمال الدين والخُلُق
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها ولحسَبِها ولمالِها ولدِينِها فعليكَ بذاتِ الدِّينِ ترِبَت يداكَ»، فإنّ جمال الأخلاق هو جمال الروح، ولأنّ جمال الجسد محدود وزائل، وجمال الروح باقٍ وليس محدوداً، فإنّ دين المرأة يغطّي على عيوبها الأخرى، فلا فائدة من مالها، ولا من جمالها، ولا حتى حسبها إذا انعدم دينها، ولكن إذا اجتمع في الزوجة الدين، والجمال، والمال، والحسب فهذا جميل، وينطبق عليه قول الشاعر: ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا!
خير نساء الدنيا
جعل الله -تعالى- تقوى القلوب ميزان التفضيل بين الخلائق، وسببًا لعلوّ مكانتهم عنده؛ حيث قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وعن خير نساء أهل الدنيا قال رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَآسِيَةُ»؛ حيث كان لكلّ واحدةٍ منهنّ تضحية، وعمل عظيم أدّته في سبيل دينها، ودعوتها حتى حازت هذه المنزلة الرفيعة عند الله -تعالى-؛ إذْ إنّهنّ لم يُبشرن بالجنة وحسب، بل رُفعن إلى حدّ الأفضلية المطلقة في الجنة.

ابو وليد البحيرى
2023-03-20, 09:13 PM
المرأة والأسرة - ١١٦٢

الفرقان

من أخلاق نساء السلف والتابعين - حسن تبعل المرأة لزوجها
لقد كانت النساء زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يحرصن على التنافس مع الرجال والأزواج على مرضاة الله وعلى الثواب؛ لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلت المرأة خمسها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها؛ دخلت من أي أبواب الجنة شاءت» رواه ابن حبان في صحيحه، وحسنه الألباني. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضًا حتى ترضى» رواه الدارقطني في الأفراد وحسنه الألباني.
فقيام الزوجة بواجبات زوجها (بعلها) ثوابه عظيم، والتبعل للزوج: حسن القيام بالواجبات معه، كإرضائه، والتجمل له، وإعفافه، والحرص على خدمته، وإدخال السرور عليه، والتزين له، بحيث يرى في زوجته ما قد يفتن به من النساء الأخريات؛ فحينئذ تكفيه زوجه، فلا يلتفت إلى غيرها، وتكون عونا له على غض بصره، كما ينبغي لها أن تتهيأ له حين يحضر، وتستقبله بالترحاب والابتسام وإظهار الشوق له.
بصلاحكِ أنتِ أفضل من الحور العين
قـالَ الإمِـام القُرطبِي -رحمه الله-: «حال المرأة المؤمنة في الجنَّة أفضل من حال الحور العين وأعلى درجة وأكثر جمالاً، فالمرأة الصالحة من أهل الدنيا إذا دخلت الجنة فإنما تدخـلها جزاءً على العمل الصالح وكرامة من الله لها لدينها وصلاحها، أمَّا الحور التي هي من نعيم الجنة فإنما خلقت في الجنة من أجل غيرها، وجُعِلَت جزاء للمؤمن على العمل الصالح، وشتـان بين من دخلت الجنة جزاء على عملها الصالح، وبين من خلقت ليُجَازَى بها صاحب العمل الصالح، فالأولى ملكة سيِّدة آمِرَة، والثانية -على عظم قدرها وجمالها- إلا أنها فيما يتعارفه الناس دون الملكة». (تـفسير القـرطبي، ص 16/154)
تأخير الصلاة بسبب الأعمال المنزلية
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن تأخير المرأة للصلاة عن وقتها ولكن لكثرة الأعمال المنزلية، فقال -رحمه الله-: إنَّ عليك ذنبا، ولا يجوز أن تؤخري الصلاة عن وقتها أبدا، فهي ركن من أركان الإسلام، والله -تعالى- قال: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} (النساء:103)؛ فلا بد أن تؤديها في وقتها، وأقول لك: إذا أديت الصلاة كان ذلك معونة لك على أعمالك؛ لأن الله -تعالى- يقول: {واستعينوا بالصبر والصلاة} (البقرة:٤٥).
كيف تتعامل المرأة ؟
سألت امرأة الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن أنها متزوجة منذ حوالي 25 سنة، ولديها العديد من الأبناء والبنات، وأواجه كثيرا من المشكلات من قبل زوجي، فهو يكثر من إهانتي أمام أولادي وأمام القريب والبعيد، ولا يقدرني أبدا من دون سبب، ولا أرتاح إلا عندما يخرج من البيت، مع العلم أن هذا الرجل يصلي ويخاف الله، أرجو أن تدلوني على الطريق السليم؟ فقال -رحمه الله-: الواجب عليك الصبر، ونصيحته بالتي هي أحسن، وتذكيره بالله واليوم الآخر لعله يستجيب ويرجع إلى الحق، ويدع أخلاقه السيئة، فإن لم يفعل فالإثم عليه ولك الأجر العظيم على صبرك وتحملك أذاه، ويشرع لك الدعاء له في صلاتك وغيرها بأن يهديه الله للصواب، وأن يمنحه الأخلاق الفاضلة، وأن يعيذك من شره وشر غيره، ولا مانع أن تطلبي من أبيه أو أمه أو إخوته الكبار أو من يقدرهم من الأقارب والجيران أن ينصحوه ويوجهوه بحسن المعاشرة، وعليك أن تحاسبي نفسك، وأن تتوبي إلى الله -سبحانه- فلعله إنما سلط عليك لمعاص اقترفتيها؛ لأن الله -سبحانه- يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}(الشورى: 30).
الخلاف بين الزوجين وكيفية علاج ذلك
سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عن امرأة صار بينها وبين زوجها خلاف؛ نتيجة تأثير بعض أقاربها عليها وهو كثير ما يقع بين الزوجين، ولكن من شدة التأثر قطعت المعاشرة الزوجية، وتمادت فيها حتى صارت تحتجب عنه تمامًا ولا تظهر عليه أو تقابله، فما توجيهكم بذلك؟
فقال -رحمه الله-: أولاً: نحذر الأقارب أن يتدخلوا في شؤون الزوجين إلا بطلب من الزوجين، إذا طلب الزوجان أن يتدخل الأقارب من أجل الإصلاح فهذا شيء آخر، والإصلاح خير، أما من دون إصلاح فإنه لا يحل للأقارب أن يتدخلوا في شؤون الزوجين ولا سيما إذا كانوا لا يريدون الإصلاح؛ لأن بعض الأقارب -والعياذ بالله- يحاولون أن ينتصروا لابنتهم مثلاً، أو إذا كانوا من قبل الزوج يحاولون أن ينتصروا لابنهم، فتجدهم يؤججون نار الغضب والغيظ من الزوجة لزوجها أو من الزوج لزوجته، ولا شك أن هذا حرام وهو من كبائر الذنوب؛ لأنه محاولة للتفريق بين المرء وزوجه، وهذا من عمل السحرة، كما قال الله -تعالى-: فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}(البق رة: 102) ولا يحل لهم أن يتدخلوا.
نصيحة لمن لها صفحة على الفيس
وتجدين التعليقات التالية: (أنتي رائعة - متألقة - ما أجملك - تسلمووو - قمر)، وغيرها من الكلمات البراقة وتلتفتين إلى زوجك المسكين الذي أتعبته الحياة تعبا؛ بسبب توفير لقمة العيش، الذي قد أشغلته الحياة عن أن يقول مثل هذه الكلمات، فتجد بعضهن تقارن بين واقعها الذي تعيشه مع زوجها الذي قد لا تسمع فيه كلمة طيبة، وبين هذه المدائح، فتثور وتتمرد على زوجها، ولا شك أن هذه الحال أدت إلى انهيار الكثير من الأسر حتى وصلت إلى الطلاق.
أختي الزوجة: لا تغتري بهذه الألفاظ؛ فإن عالم التواصل الاجتماعي عالم افتراضي ومثالي، معظم رجاله كزوجك إن لم يكونوا أسوأ حالا، فحافظي على بيتك وأسرتك وأطفالك، ولا تجعلي من هذا العالم سببا لدمارك ودمار أسرتك وأطفالك، والأهم حافظي على عفتك وطهارتك، {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، وثقي تماما أنَّ هذا الذي يريد إغوائك لا يريد سوى أن يلهو لأجل إشباع رغبته، فاحترمي من احترمك وجعلك زوجته، تحملين اسمه وشرفه، وصوني عرضه؛ فهو الوحيد الذي يستحق احترامك.

ابو وليد البحيرى
2023-04-27, 01:44 PM
المرأة والأسرة -1163
الفرقان



كيف أكون صديقة لابنتي؟


ليس بالأمر الصعب أن أكون صديقة لابنتي، ولكنه يحتاج لبعض الجهد في البداية، واتباع الأُم لتلك الخطوات التالية سيسهل عليها المُهمة في وقتٍ قصير وهي كالآتي:
الخطوة الأولى: القدوة والمثل الأعلى: عليكِ أن تكوني قدوة لابنتكِ، فلا تقومي بفعل ما تنهينها عنه؛ حتى لا تفقد الثقة بكِ، وأن تتحلي دائمًا بما هو حميد من الصفات وسداد الرأي والتفكير الجيد المتزن في اتخاذ القرارات.
الخطوة الثانية: التربية الدينية والتقرب إلى الله: ساعدي ابنتكِ في التقرب إلي الله ومراقبته في كل تصرفاتها وأقوالها وأفعالها، فدائمًا تستشعر مراقبة الله -تعالى- لها (الله رقيبي.. الله ناظري.. الله شاهد علي)، فكلما كانت على علمٍ بتعاليم دينها وقريبة من الله -تعالى- كانت قريبة منكِ أيضًا.
الخطوة الثالثة: أنتِ الأقرب: أشعري ابنتكِ دائمًا أنكِ قريبة منها وقتما شاءت تجدك، تُساعدينها وتستمعين لها ولأدق أسرارها.
الخطوة الرابعة: تتفهمين مشاعرها: كوني ذكية وتفهمي ما تشعر به ابنتك، وتذكري نفسك عندما كنتِ بعمرها وما كنتِ تفكرين فيه وتهتمين به.
الخطوة الخامسة: كوني مستمعة جيدة: الاستماع الجيد لابنتك يجعلها تشعُر بأنكِ صديقتها المُقربة، ولا تلجأ لأحدٍ غيرك فتحكي لها ما يدور بِخاطرها أو ما تواجهه في المجتمع من مواقف.
الخطوة السادسة: أشبعيها من عاطفتك وحنانك: كلما كنتِ قريبة من ابنتك وأشبعتها من حنانك حافظت عليها من أن تنجرف في تيار -لا قدر الله- يصعُب عليكِ أن تنقذيها منه.
الخطوة السابعة: غرس القيم والمبادئ: فالتعليم وغرس المبادئ من الصغر يجعلك مطمئنة على ابنتك فيما بعد؛ لأنكِ أنبت نباتًا حسنًا، وستجنين ثماره -إن شاء الله- فيما بعد طيبًا.
الخطوة الثامنة: جاوبي عن كل الأسئلة وإن كانت محرجة: كوني على استعداد دائم لتلقي أسئلة ابنتك كلها وجاوبيها بصدقٍ وأمانة وبصدرٍ رحب؛ فأنتِ المصدر الآمن التي تحصل منه على إجابة شافية بدلًا من أن تبحث على إجابته عند غيرك فيُضللها الطريق.
الخطوة التاسعة: فتح باب الحوار: افتحي بينكما بابًا للحوار لا ينغلق أبدًا، عموده الفقري الحب والصداقة والصراحة حتى تُحب ابنتك التحدث معكِ.
حقيقة السعادة الزوجية
السعادة الزوجية قرار يتّخذه كل من الرجل والمرأة معًا، برغم ظروف الحياة الصعبة وكل الضغوطات المحيطة بهم، لكن هناك شريحة كبيرة من الناس تعتقد أنّ السعادة الزوجية مرتبطة بتوافر المال وبانعدام المشكلات، طبعاً هذا الأمر خطأ؛ لأن الحب والتقارب لا يشتريان بالمال والمشكلات هي جزء لا يتجزأ من الحياة، والسعادة الحقيقية للزوجين تكون في الالتزام بطاعة الله وتحقيق المودة والرحمة التي أمر الله -تعالى- بها؛ فهي القاعدة الكبرى التي يجب أن يقوم عليها أساس بناء الحياة الزَّوجية وسعادتها.
أخطاء تربوية يقع فيها الأبوان
هناك عدد من الأخطاء التربوية يقع فيها الأبوان في تربية أبنائهما، ومن تلك لأخطاء ما يلي:
(1) اختلاف وجهات النظر في تربية الطفل بين الأم والأب
كأن يؤمن الأب بالصرامة والشدة، بينما تؤمن الأم باللين وتدليل الطفل، أو يؤمن أحدهما بالطريقة الحديثة، والآخر بالطريقة التقليدية؛ مما يجعل الطفل يكره الطرف الصارم والشديد، ويميل اتجاه الطرف اللين رغبة منه في التقرب ممن يلبي له مطالبه ورغباته.
(2) كلام أحد الوالدين عن الآخر بطريقة سلبية
عندما يشكو أحد الطرفين من الآخر أمام طفله، ويتذمر منه ومن تصرفاته وطريقة تفكيره حتى في الأمور التي لا تخص الأطفال مباشرة، فإن تردد ذلك الكلام على مسامع الطفل يكون لديه فكرة عامة وانطباعاً راسخاً وسيئاً عن هذا الطرف، وطريقة تفكيره تؤدي به ليميل إلى اتجاه الطرف الآخر.
(3) المشاجرات والمشاحنات
عندما تكون مشاجرات وخلافات الوالدين أمام أعين أطفالهما، فذلك يصل بالطفل للشعور بأن وجود الأب في المنزل هو السبب وراء تلك الخلافات، فالأوقات التي يغيب فيها الوالد عن المنزل هادئة وصافية، وما أن يعود حتى تبدأ خلافات تعكر صفو تلك الحياة التي يتمنى الطفل أحياناً ألا يكون الوالد طرفاً فيها.
(4) الانشغال عن الأبناء
إن عدم تخصيص الوالدين وقتا لأبنائهما، وعدم إحاطتهم ببعض الاهتمام والسؤال عن أحوالهم وسماع مشكلاتهم والأحداث التي يعيشونها، أمور تولد لدى الطفل شعوراً بالبعد وعدم الإحساس بمشكلاته ومتطلباته، فلا يجد أمامه سوى الوحدة، أو يلجأ لطرف آخر من خارج الأسرة.
(5) الانتقاد الدائم
عندما يشعر الطفل بأن أحد الوالدين دائم الانتقاد له ولتصرفاته، وأنه لا يمدح ولا يشعر بأي حسنة يقدم الطفل على فعلها، فإنه يفسر ذلك بأن هذا الطرف يكرهه، ودائماً ينتقده، ويرى فقط عيوبه وأخطاءه، فيتملكه الشعور بالحقد والكره له.
المنزلة العلمية للمرأة في الإسلام
بلغت المرأة في الإسلام شأنًا عظيمًا في مجال الفقه والتعليم والفتوى؛ ومما يؤكد ذلك ما ورد عن الإمام مالك بن أنس (ت: 179ه)، حينما كان يُقرأ عليه الموطأ، فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص، تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: «ارجع فالغلط معك، فيرجع القارئ فيجد الغلط».
كيف تكونين متميزة؟
- إن التميز-يا أختاه- في شخصية الإنسان يكون في فكره الوقاد، وأهدافه السامية، وغاياته النبيلة.
- ويكون في التزام مكارم الأخلاق والبعد عن مساوئها.
- والاهتمام بمعالي الأمور والبعد عن سفاسفها.
- والمحافظة على الأوامر الشرعية والصبر على ذلك والانتصار على وساوس الشيطان وحيلة الماكرة.
- والحرص على الطاعة والبعد عن المعصية والإضاعة.
- والانقياد والتسليم لأمر الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم .
من النماذج الفقهية النسائية
السيدة عائشة -رضي الله عنها
تُكْنى أم عبدالله الفقيهة، وهي أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب، ولها مواقف، وروت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن أبيها وعن عمر وغيرهم، وروى عنها خلق كثير، قال أبو بُردة بن أبي موسى عن أبيه: «ما أُشكل علينا - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - أمرُ قطُّ فسألنا عنه عائشة، إلا وجدنا عندها منه علمًا.

ابو وليد البحيرى
2024-04-25, 02:05 PM
المرأة والأسرة -1164
الفرقان

حياء المرأة في القرآن الكريم


إن أبرز ماجبلت عليه المرأة في بناء شخصيتها هي صفة الحياء، وقد تكاد تكون الصفة الأساسية لكل امرأة تربت في وسط يؤمن بالفضيلة والأخلاق، فصفة الحياء هي ملبس الجمال والزينة، ولقد بين القرآن الكريم صورة واضحة للمرأة في قصة موسى -عليه السلام- ونبي الله شعيب للقدوة الحسنة التي يستوجب على المرأة ان تتأسى بها وتحرص عليها وتتمسك به.

قال -تعالى-:{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (القصص25، 26)، وهنا بدأت قصة الحياء المسجل في القرآن الكريم، قال -تعالى-: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} (القصص 25).

جاء في تفسير الجلالين: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} أي واضعة كُمَّ درعها على وجهها حياء منه {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}، وفي تفسير السعدي: فأرسل أبوهما إحداهما إلى موسى، فجاءته {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} وهذا يدل على كرم عنصرها، وخلقها الحسن؛ فإن الحياء من الأخلاق الفاضلة، ولا سيما في النساء، ويدل على أن موسى -عليه السلام-، لم يكن فيما فعله من السقي بمنزلة الأجير والخادم الذي لا يُستحيا منه عادة، وإنما هو عزيز النفس، رأت من حسن خلقه ومكارم أخلاقه، ما أوجب لها الحياء منه، فـ {قَالَتِ} له: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}- أي: لا لِيمُنَّ عليك، بل أنت الذي ابتدأتنا بالإحسان، وإنما قصده أن يكافئك على إحسانك؛ فأجابها موسى.{فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ} من ابتداء السبب الموجب لهربه، إلى أن وصل إليه {قَالَ} مسكنا روعه، جابرا قلبه: {لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}- أي: ليذهب خوفك وروعك، فإن اللّه نجاك منهم؛ حيث وصلت إلى هذا المحل، الذي ليس لهم عليه سلطان.

إن الحياء قيمة إنسانية وإسلامية يجب المحافظة عليها من كل جهة، وهنا يتوجب على المؤسسات التعليمية والأسرية تنمية ثقافة الحياء وربطه بالأخلاق الحميدة، كما سجله القرآن الكريم؛ فالحياء ليس انفصالا عن الحياة ولا انعزالا عن الواجبات.



على المرأة أن تحرص على الستر

قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: على المرأة المُسلمة إذا خرجت إلى الأسواق أو المجتمعات أن تحرص على ستر نفسها، فتلبس ما يستر جميع بدنها، سواءً بالعباءة غير المُطرزة أم الجلباب الذي تضعه على رأسها وتلفه على جسدها، أم الدرع والخمار الذي يستر وجهها وفتحة جيبها، وبذلك تأمن من أن تلتفت إليها الأنظار وتكون محلا للفتنة.





حقوق الزوجين وما يجب عليهما


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الواجب على كل من الزوجين أن يقوم بالحق الذي لصاحبه عليه على وجه نقي، لا كراهة فيه، ولا تململ، ولا مماطلة حتى تتم العشرة بينهما على الوجه المطلوب، وتحصل السعادة الزوجية، ومن المعلوم أن الزوجين إذا رزقا أولاداً، فإن أخلاقهما تنعكس على أولادهما، إذا كانت أخلاقاً فاضلة طيبة، اكتسب الأولاد منهما أخلاقاً فاضلة طيبة، وإذا كان الأمر بالعكس كان الأمر بالعكس، فمن حقوق الوالدين على أولادهما؛ بذل المعروف كالإنفاق والخدمة والجاه وغير ذلك مما ينتفع به الوالدان، وحق الزوجة الكسوة والنفقة بالمعروف دون شح، ولا مماطلة، وحق الزوج على زوجته أن تطيعه فيما أمرها به ما لم يكن ذلك في معصية الله -عزوجل-، وكذلك حق الوالد على الولد أن يطيعه في غير معصية الله -عزوجل-، وفي غير ما يضر الولد؛ ولهذا لو أمر الوالد ابنه أن يطلق امرأته، فإنه لا يلزم الابن طاعته إلا إذا كان أمره بذلك لسبب شرعي، فعليه أن يطلق فيما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك.




أم عمارة -رضي الله عنها


ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة العقبة

أم عمارة هي إحدى الصحابيّتين اللتين بايعتا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بيعة العقبة، وهي امرأةٌ محاربةٌ مجتهدة جادّة، ذات صوم ونُسُك، وفيما يأتي توضيح بعض المعلومات عنها:

- اسمها ولقبها: نسيبة بنت كعب بن عمرو، المعروفة بأم عمارة.

- زواجها: تزوّجت من زيد بن عاصم.

- أولادها: لها ولدان هما: عبد الله بن زيد، وحبيب بن زيد.

- جهادها: شاركت في عدد من المواقف البطولية منها مبايعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بيعة العقبة، ومشاركتها في الحروب مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومنها غزوة أُحد، وفي حروب الردة التي حدثت في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وعودتها من الحرب التي قُتل فيها مسيلمة بطعنات وضربات عدة، والمشاركة في سقي المجاهدين، وتضميد جراح المقاتلين في غزوة أُحد، وشاركت فيها مع جميع أفراد عائلتها: زوجها وأولادها وأختها، وكانوا ممن ثبتوا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودافعوا عنه - صلى الله عليه وسلم -، ودعا لها - صلى الله عليه وسلم - ولأهل بيتها بالبركة والرحمة، ثم طلبت منه أن يدعو لهم بأن يكونوا رفقاءه في الجنّة، ففعل؛ فقالت: «ما أبالي ما أصابني من الدنيا بعد ذلك!.



تعويد الناشئة على العبادة


سئل الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير -حفظه الله-: عن كيفية تعويد الناشئة على العبادة فقال:

تعويد الناشئة على العبادة يكون بالقدوة الصالحة؛ ولذا شُرعت النوافل في البيت، و«أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة» (البخاري: 731)؛ ليقتدي به هؤلاء الناشئة، مع أمرهم بها، واقتدائهم به في فعلها، فإذا أراد أن يصلي قال: «انتبه إلى هذه الصلاة، وصلِّ معي»، كما صلى ابن عباس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يُكلَّف، فأداره النبي - صلى الله عليه وسلم - من شماله إلى يمينه (البخاري: 117)، فوجَّهه بالقول والفعل، فبالقدوة الصالحة وبالأمر بلطفٍ ورفقٍ وتوجيهٍ مقبولٍ لا شك أنهم يحبون بواسطة ذلك العبادة، وينشؤون عليها.

وينشأُ ناشئُ الفتيانِ منَّا

على ما كانَ عوَّدهُ أبوهُ

فإن كان أبوه عوَّده على العبادة: عوَّده على الصلاة، وعوَّده على الصيام، وأعطاه أحيانًا بعض الأموال اليسيرة وقال: إذا رأيتَ فقيرًا تصدَّق عليه، أو قال: أهدِ أو أعطِ إخوانك من هذه الأموال، أو العكس، كل هذا مطلوب، وهذا فيه تمرين للناشئة. بخلاف ما إذا عوَّدهم على خلاف ذلك، فإنما ينشؤون على ما عُوِّدوا.

ابو وليد البحيرى
2024-04-25, 02:06 PM
المرأة والأسرة -1165
الفرقان
من الفضائل الجليلة التي تتصف بها المرأة




حفظ اللسان
حفظ اللسان من الفضائل الجليلة التي تتصف بها المرأة، والمرأة التي تحفظ لسانها ولا تنطق إلا بالطيب يوفقها الله -سبحانه- في حياتها، ويوسع عليها في الفضل، وحفظ اللسان ليس سهلًا؛ لذا على المرأة أن تراقب وتُحاسب نفسها عن كل كلمة تنطقها، وتحفظ لسانها من آفات اللسان الكثيرة، من: كذب وسب، وسخرية واستهزاء، وإفشاء السر، والنميمة وغيرها، قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ.
وقال -تعالى- في كتابه الكريم: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ} (الحجرات: 11). جاء في التفسير الميسر: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين؛ عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين، ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات؛ عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات، ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا، ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب، بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب.



وقال الشيخ السعدي -رحمه الله-: وهذا أيضًا، من حقوق المؤمنين، بعضهم على بعض، أن {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ} بكل كلام، وقول، وفعل دال على تحقير المسلم، فإن ذلك حرام، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر، كما هو الغالب والواقع؛ فإنَّ السخرية لا تقع إلا من قلب ممتلئ بمساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم» ثم قال: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}- أي: لا يعب بعضكم على بعض، واللمز: بالقول، والهمز: بالفعل، وكلاهما منهي عنه حرام، متوعد عليه بالنار.

من آفات اللسان
من أعظم آفات اللسان الكلام في أعراض الناس، والطعن فيهم، وأكل لحومهم بالهمز واللمز، والتنقص لأحوالهم، والازدراء لهم، قال -سبحانه وتعالى- متوعدا لهذا الصنف من الناس: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (الأحزاب:58) فأذية المؤمنين والمؤمنات عظيمة عند الله، وهي تعد على حرماتهم، دون جناية منهم فعلوها، ولا جرم ارتكبوه.

من قصص النساء الصالحات
ضربت النساء المثل والقدوة العالية في تقواهن لله -تعالى-، وهذه بعض النماذج التي تدلل على ذلك، عسى أن تكون حافزًا لنساء المسلمين للوصول إلى هذه الدرجة السامية، بالتأسي بهذه النماذج الرائدة.
- ذكر ابن الجوزي -رحمه الله-: أن امرأة كانت تعجن عجينًا، بلغها أن زوجها قد مات فرفعت يدها عنه وقالت: «هذا طعام قد صار لنا فيه شركاء» (تعني الورثة).
- وكانت المرأة من نساء السلف إذا خرج الرجل من منزله تقول له امرأته أو ابنته: «إياك وكسب الحرام!؛ فإنا نصبر على الجوع والضر ولا نصبر على النار».



- وروى ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى النساء بعد صلاة العيد فكلمهن في الصدقة؛ فأخذن ينزعن الفُتح والقرطة والعقود والأطواق والخواتيم والخلاخيل، ويلقينها في ثوب بلال، وكان بلال قد بسط ثوبه ليضع فيه النساء صدقاتهن.
- وعن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء! وجودهما مختلف: أما عائشة فكانت تجمع الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمت، أما أسماء فكانت لا تمسك شيئًا لغد.

هكذا يفعل الإيمان في نفوس المسلمات
قال سعد بن أبي وقَّاصٍ - رضي الله عنه -: مرَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ من بني دينار، وقد أُصيب زوجُها، وأخوها، وأبوها مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بأُحدٍ، فلـمَّا نُعُوا لها، قالت: فما فعل رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - ؟ قالوا: خيراً يا أمَّ فلان، هو -بحمد الله- كما تحبِّين، قالت: أَرُونيه حتَّى أنظرَ إليه، فأُشير لها إليه، حتَّى إذا رأته، قالت: كلُّ مصيبةٍ بعدَك جَلَلٌ (أي صغيرة). وهكذا يفعل الإيمان في النفوس. رواه الطبري في تاريخه (2/533)،

فتنة النساء
عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ»، وعن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ»؛ لذلك فإن الإسلام عندما فرض الحجاب على المرأة لم يكن ذلك إلاَّ ليصونها عن الابتذال، وليحميها وليكسوها بذلك حلَّة التّقوى والطّهارة والعفاف، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الأحزاب:59)، إلى غير ذلك من النصوص العظيمة التي تستهدف صيانة المرأة المسلمة، وتحقيق عفتها، وحفظ كرامتها، وإبعادها عن أسباب الشر وبذور الفتن.

علاقة المرأة المسلمة بوالديها
إن من أبرز ما تتميز به المرأة المسلمة الراشدة برها بوالديها والإحسان إليهما، وكل مسلمة تطالع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لا يسعها إلا الالتزام بتلك النصوص، والمسارعة إلى بر والديها مهما تكن الظروف، فقد تتابعت آيات القرآن الكريم واضعة مرضاة الوالدين بعد مرضاة الله -عزوجل-، وجاعلة الإحسان إليهما رأس الفضائل بعد الإيمان بالله، قال -تعالى-: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا}. (النساء:36)، ومن هنا كانت الفتاة المسلمة الواعية أبر بوالديها من أي فتاة أخرى، ولا يتوقف برها لوالديها عند انتقالها إلى عش الزوجية، بل يستمر برها بوالديها ما تنفس بها العمر، وامتدت بها الأيام؛ عملاً بهدي القرآن الكريم وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم .

الحوار من أساليب النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع زوجاته
أسلوب الحوار الهادف والإقناع في كثير من شؤون الأسرة وأمورها، من أهم الأساليب في التعامل مع الزوجات، وكان ذلك من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها ليلًا، قالت: فغرت عليه، فجاء - صلى الله عليه وسلم - فرأى ما أصنع، فقال: «مالك يا عائشة أغرت؟»، فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أقد جاءك شيطانك؟» قالت: يا رسول الله، أو معي شيطان؟ قال: «نعم». قلت: ومع كل إنسان؟ قال: «نعم». قالت: ومعك يا رسول الله؟ قال: «نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم». (مسلم:2815)

ابو وليد البحيرى
2024-04-30, 10:21 AM
المرأة والأسرة -1166
الفرقان


آية رسمت منهاجًا للأسرةِ والحياةِ الزوجيةِ











قال الله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ }، هذه الآية رسمت منهاجًا للأسرةِ وللحياةِ الزوجيةِ، وهو أنَّ الرجل هو من يرتّب أمرها ويقوّمها ويسددها، وهو من يسعى لجلبِ الأرزاقِ وتهيئةِ الحاجات والكماليات، فالرجل «راعٍ ومسؤول عن رعيته» وهذا الرجل عليهِ أن يلتزمَ بقوامته على بيته بشرعِ الله -سبحانه وتعالى-، قال ابن كثير -رحمه الله-: يقول -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} أي: الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها.





لماذا الرجل هو القيّم؟







{بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي: لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة: ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك.
{وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أي: من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيما عليها، كما قال الله -تعالى-: {وللرجال عليهن درجة} الآية (البقرة: 228)، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {الرجال قوامون على النساء} يعني: أمراء عليها أي تطيعه فيما أمرها به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله.
{بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} فهناكَ أمر جبليٌّ فطر به الرجل كان بذلك مفضّلا به على المرأةِ وهو: قوته البدنية وقوته العقلية وجلادته، ولذا جعل شهادة المرأة على النصفِ من شهادةِ الرجل، لما في عقلها ودينها من نقصان، وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَ ذلك؟ قال: أليسَ إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قالت بلى يا رسول الله، قال: فذلك من نقصانِ دينها، أليسَ شهادة المرأةِ تعدل نصف شهادةِ الرجل؟ قالت بلى يا رسول الله. قال: فذلك من نقصانِ عقلها.


واجبات القيم







فعلى القيّم الزوجِ أن يحسّن أخلاقَهَ ويهذِّبها بمكارمِ الأخلاقِ، لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عن النسوة: «إنما هنَّ عوانٍ عندكم»، وقال -موجّها في التقويم-: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ؛ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ؛ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاء «وعند ابن حبان» فدارها تعش بها».


حاجة النساء إلى التفقه في أحكام دينهن







لا شكّ أنَّ النساء بحاجة إلى التفقه في أحكام دينهنّ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «النساء شقائق الرجال»، وهنَّ داخلات في قوله -تعالى-: {وقل رب زدني علما}، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من يردِ الله به خيرًا يفقهه في الدين، وغيرها من العموماتِ التي لا تختصّ بجنسٍ عن آخرَ، وفي تفضيلِ كل معلم عن كل جاهل، فجدير بأخواتنا الفضليات أن يعرفنَ أحكام دينهن؛ فقد أثنت عائشة -رضي الله عنها- على نساء الأنصار بقولها: نعم النساء نساء الأنصار! لم يمنعهن الحياء من الفقه في الدين.


من أسباب قسوة القلب







ذكر الله - عز وجل - قسوةَ القلوب في القرآن، وأنها صفة من صفات اليهود؛ قال الله -تعالى-: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (البقرة: 74)، وإن أسباب قسوة القلوب كثيرة منها ما يلي:
- هجر قراءة القرآن وتدبُّر معانيه، قال -تعالى-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد: 24).
- التعلُّق بالماديات وضعف التوكُّل على الله -عزوجل.
- التوسُّع في المباحات (من مأكل ومشرب وغيرها) فلا إفراط ولا تفريط، وخير الأمور الوسط.
- إهمال محاسبة النفس.
- كثرة الكلام والمزاح.
- الغفلة عن الموت وما بعده.
- عدم الإلمام بسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وابتاع سنته وهديه





علاج القسوة







- أعظم علاج وشفاء للأسقام الأخلاقية هو القرآن الكريم، قال -تعالى-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (الإسراء: 82).
- صلة الأرحام.
- الصدقة.
- التقرُّب إلى الله -عزوجل- بالنوافل بعد الفرائض.
- تفقد أحوال الفقراء والمساكين وأحوال الجيران.
- ترك الذنوب والمعاصي.
- كثرة الاستغفار.



نموذج رائع من النساء







كانت -رضي الله عنها- نموذجا رائعا من النساء اللاتي كن يسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم عن أمور دينهن؛ لتصل إلى طريق الصواب، وتسلك جانب الخير؛ ولذلك وصفت بأنها من ذوات العقل والدين، وأنها خطيبة النساء، ولأسماء -رضي الله عنها- مكانة خاصة في نفس أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -؛ فهي التي زينتها يوم زفافها إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، وأدخلتها عليه، وأصبحت بعد ذلك تدعى أسماء عائشة.


المبايعة الصادقة









أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية







إنها واحدة من النسوة المؤمنات صاحبات المجد والشرف والدين، نعتها أبو نعيم فقال: «منهن الأنصارية أسماء بنت يزيد بن السكن النابذة لما يورث الغرور والفتن»، أسلمت في السابقين من الأنصار على يد مصعب بن عمير- رضي الله عنه -، وأسماء هي بنت عمة معاذ بن جبل- رضي الله عنه .



ترك الاستعجال في القرارات الأسرية







من علاج المشكلات الزوجية ترك الاستعجال في القرارات الأسرية، والبعد عن شدة الغضب وإصدار الأحكام المستعجلة في أثنائه، فالتريث يعين على حل المشكلات والصواب في الحسم، وأما العجل والغضب فيعقدان القضايا، ويؤديان إلى ما لا تحمد عقباه؛ ففي ساعة غضب أو عجلة، كم من زوج سارع إلى طلاق زوجته، وكم من زوجة طالبت بطلاقها، فلما عادت العقول بعد طيشانها حضر الندم وربما الدموع ترافقه.


شهادتها لكثير









من الأحداث المهمة في الإسلام







وشهدت أسماء كثيراً من الأحداث المهمة في الإسلام، وكانت تشارك فيها؛ فحضرت غزوة الخندق، وخرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحديبية، وبايعت بيعة الرضوان، ثم شاركت في غزوة خيبر، ولم تتوقف -رضي الله عنها- عن الجهاد؛ فما إن أقبلت السنة الثالثة عشرة من الهجرة حتى خرجت إلى بلاد الشام لتأخذ مكانها في جيش المسلمين في اليرموك لتسقي العطشى، وتضمد الجرحى، ولم يكن عملها مقتصراً على ذلك، بل انغمرت في الصفوف، وقتلت يومئذٍ تسعة من الروم بعمود فسطاطها، وعاشت بعد ذلك دهراً إلى أن توفيت في زمن يزيد بن معاوية - رضي الله عنها وأرضاها.

ابو وليد البحيرى
2024-04-30, 10:21 AM
المرأة والأسرة -1167
الفرقان








من عفة النساء غض أبصارهن
قال -تعالى-: {وَقُل لِلمُؤمَنَاتِ يَغْضُضْنٌ مِنْ أَبْصَارِهِنٌ وَيَحْفَظٌنٌ فُروُجَهُنٌ} (النور: 31)، جاء الأمر واضحًا في هذا الجزء من الآية الكريمة بغض المؤمنات لأبصارهن، وهذا من تمام عفاف المرأة؛ إذ جعل الله غض البصر مقدمًا على حفظ الفرج، وجاء في التفسير الميسر: «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن عمَّا لا يحلُّ لهن من العورات، ويحفظن فروجهن عمَّا حَرَّم الله، ولا يُظهرن زينتهن للرجال، بل يجتهدن في إخفائها إلا الثياب الظاهرة التي جرت العادة بلُبْسها، إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها».
وقال السعدي –رحمه الله-: لمَّا أمر المؤمنين بغض الأبصار وحفظ الفروج، أمر المؤمنات بذلك، فقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} عن النظر إلى العورات والرجال، بشهوة ونحو ذلك من النظر الممنوع، {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} من التمكين من جماعها، أو مسها، أو النظر المحرم إليها.

وقال ابن كثير –رحمه الله-: فقوله -تعالى-: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} أي: عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه: لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا، واحتج كثير منهم بما رواه أبو داود والترمذي، من حديث الزهري، عن نبهان (مولى أم سلمة) أنه حدثه: أن أم سلمة حدثته: أنها كانت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وميمونة، قالت: فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم ، فدخل عليه، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «احتجبا منه» فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أو عمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟».

ما حالنا مع القرآن؟

القرآن أنزله الله ليكون منهج حياة وهداية للناس عامة، ومرشدا إلى أقوم سبيل وأنجحه، قال ربنا: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } (الإسراء: 9)، فبقدر ما نقترب من القرآن ونلازمه قراءة وتدبرا وعملا، ننال من بركاته، ويفتح لنا من خيراته، وبقدر ما نبتعد عنه تحيط بنا الهموم والغموم، ومن ثم تضيق الصدور وتخيم علينا الأحزان؛ ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: «اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومن»

من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة

بلغ من تكريم الإسلام للمرأة أنه خصص باسمها سورة من سور القرآن الكريم سماها سورة «النساء»، وهناك أيضا سورة (مريم)، فقد كرّم الإسلام المرأة أمًّا، فقال -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا}، وسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أبوك». وكرم الإسلام المرأة زوجة، فجعل الزواج منها آية من آياته فقال -تعالى-: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}، واستوصى بها النبي خيرا كما قال في خطبة حجة الوداع: «استوصوا بالنساء خيراً؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله».

الصحابية الجليلة الحولاء بنت تويت

يقول عروة بن الزبير -رضي الله عنه-: إن عائشة -رضي الله عنها- أخبرته أن الحولاء مرت بها، وعندها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالت: هذه الحولاء، وزعموا أنها لا تنام الليل! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خذوا من العمل ما تطيقون، فوالله لايسأم الله حتى تسأموا»، ويروي ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: استأذنت الحولاء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأذن لها وأقبل عليها وقال: كيف أنت؟ فقلت يا رسول الله، أتقبل على هذه هذا الإقبال؟ فقال: إنها كانت تأتينا في زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان»، يقول ابن عبد البر: كانت الحولاء من المجتهدات في العبادة، وفيها جاء الحديث أنها كانت لا تنام الليل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:إن الله لا يمل حتى تملوا اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة».

المرأة معلمة الرجال

ساهمت المرأة المسلمة العالمة العابدة في صناعة الرجال من كبار العلماء؛ فالمؤرخ والمحدث الشهير الخطيب البغدادي صاحب كتاب (تاريخ بغداد) سمِعَ من الفقيهة المحدثة طاهرة بنت أحمد بن يوسف التنوخية المتوفاة (436هـ)، وكانت «أَمَة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل» المتوفاة (377هـ) من أفقه الناس في المذهب الشافعي، وكانت على علم بالفرائض والحساب والنحو، وكانت تُفْتِي ويكتب عنها الحديث، أمَّا جليلة بنت علي بن الحسن الشجري في القرن الخامس الهجري، فكانَتْ مِمَّنْ رَحَلْنَ في طلب الحديث في العراق والشام، وسمع منها بعض كبار العلماء كالسمعاني، وكانت تعلم الصبيان القرآن الكريم، وكانت زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني المتوفاة سنة (688هـ) من النساء اللاتي قضين عمرهن كله في طلب الحديث والرواية، وازدحم الطلاب على باب بيتها في سفح جبل قاسيون بدمشق، فسمِعوا منها الحديث، وقرؤوا عليها كثيرًا من الكتب.

إكرام الإسلام للمرأة أمًّا

أكرم الإسلام المرأة أمًّا فقال -عزوجل-:{ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَاناً } (البقرة:83) وقال-تبارك وتعالى-: { فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا } (الإسراء:23). وحديث «من أحق الناس بحسن صحابتى؟» قال ابن بطال - رحمه الله-: في هذا الحديث دليل أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب؛ لأنه -عليه السلام- كرر الأم ثلاث مرات، وذكر الأب في المرة الرابعة فقط، وإذا تؤمل هذا المعنى شهد له العيان، وذلك أن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الأم، وتشقى بها دون الأب فهذه ثلاث منازل يخلو منها الأب.


توجيهات الإسلام صيانة للمرأة وحفظ لعفتها

إن دين الإسلام عندما جاء بالتوجيهات الكريمة والوصايا العظيمة والإرشادات القويمة للمرأة، لم يأت بها تضييقاً عليها وكبـْتاً لحريتها كما يزعم ذلك من لا علم له ولا فهم، وإنما جاءت تلك التعليماتُ المباركات، والتوجيهات السديدات، صيانةً للمرأة، وحفظاً لعفتها، وصيانةً لشرفها، ورعايةً لفضيلتها، ولتبقى في سمو وعلو ورفعة، أما إذا تخلت المرأة عن توجيهات الإسلام وهدايات هذا الدين واستغنت عنها، زاعمة أن في ذلك تحضّراً وتمدّناً ورقيا، فقد عرضت نفسها لغضب الله وسخطه.

ابو وليد البحيرى
2024-04-30, 10:23 AM
المرأة والأسرة -1168
الفرقان







حقوق المرأة في اختيار الزوج


خص الإسلام المرأة بالحفظ والتكريم، وأحاطها بسياج من الرعاية والعناية، وأمر الرجال بحسن معاملتها سواءً كانت أما، أو أختًا، أو بنتًا، أو زوجة، وأنزلها مكانة رفيعة تليق بها، وسَن للنساء الحقوق التي تكفل لهن الحياة الكريمة والاحترام والتقدير.

ومن هذه الحقوق حق اختيار الزوج؛ فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا، أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ فَقالَ لَهَا رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ، تُسْتَأْمَرُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ له: فإنَّهَا تَسْتَحِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَذلكَ إذْنُهَا، إذَا هي سَكَتَتْ»، والحديث الشريف فيه دلالة على اشتراط إِذْنِ البكر البالغ، فلا يجوز إجبارها على الزواج، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهم الله-، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتَّى تُسْتَأْذَنَ قالوا: كيفَ إذْنُها؟ قالَ: أنْ تَسْكُتَ»، والحديث الشريف فيه دلالة على عدم جواز تزويج الأيّم بغير إذنها ورضاها، والأيّم هي الثيّب التي فارقت زوجها بموتٍ أو طلاقٍ؛ أي سبق لها الزواج من قبل، وفي هذا الحديث أيضًا قد فرّق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الثيّب والبكر، فذكر في حق البكر (الإذن)، وفي حق الثيب (الأمر)، وذلك لكون البكر تستحي أن تتكلّم في أمر زواجها؛ فجعل إذنها صمتها، بينما الثيِّب زال عنها حياء البكر، فتتكلم في زواجها، وتخطب لنفسها، وتأمر الولي أن يزوّجها، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفرّق بينهم؛ من حيث الإجبار والإكراه على الزواج، وهناك العديد من الأدلة الشرعية التي تنصّ على حق الحاكم برد النكاح إن لم يكن عن رضا المرأة، فعن خنساء بنت خذام الأنصارية -رضي الله عنها-: «أنَّ أبَاهَا زَوَّجَهَا وهْيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذلكَ، فأتَتْ رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَدَّ نِكَاحَهُ»، وعن نافع: «أنَّ ابنَ عُمَرَ تزوَّجَ بنتَ خالِهِ عثمانَ بنِ مظعونٍ، قال: فذهَبتْ أمُّها إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إنَّ ابنتي تَكرَهُ ذلك، فأمَره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُفارِقَها، وقال: لا تَنكِحوا اليتامى حتى تستأمِروهنَّ، فإذا سكَتْنَ، فهو إذنُهنَّ؛ فتزوَّجَها بَعْدَ عبدِ اللهِ المغيرةُ بنُ شُعْبةَ».





المرأة والدعوة إلى الله -تعالى



قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- المرأة كالرَّجُل، عليها الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنَّ نصوص القرآن الكريم والسنَّة المطهَّرة تدلُّ على ذلك، وكلام أهلِ العِلم صريحٌ في ذلك، فعليها أن تدعوَ إلى الله، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المُنكَر بالآداب الشرعيَّة في أوساط النساء، وعليها أنْ تراعى أن تكون مثالاً للعفَّة والحجاب عنِ الرِّجال الأجانب، وتبتعد عنِ الاختلاط، بل تكون دعوتها مع العناية بالتحفُّظِ من كلِّ ما يُنكر عليها، وأن تكون نزيهةً في أخلاقها وسيرتها؛ حتى لا يعترضْنَ عليها، ويقلْنَ: لماذا ما بدأت بنفسها؟.



تربية النساء على الصدق



كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يربي النساء على الصدق، ويشدد في ذلك؛ ليُنشئن أولادهنّ تنشئة يحرصون فيها على الصدق، ولا يستسهلون الكذب، حتى في مجال اللهو، فعن عبد الله بن عامر - رضي الله عنه - قال: مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيتنا وأنا صبيّ صغير، فذهبتُ لألعب، فقالت أمّي: يا عبد الله، تعالَ أُعطك، فقال: وما أردتِ أن تعطيه؟ فقالت: أردتُ أن أعطيه تمراً، فقال: أما إنكِ لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليكِ كذبة»(رواه أبو داود، وحسنه الألباني).





المعايير الوهمية للجمال



يُستغل مفهوم الجمال عندَ المرأةِ من خلال وسائلِ الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ؛ حيث تُفرضُ معايير وهميّة باستخدام الصّور المعدّلة على برامج الحاسوب المختلفة؛ ممّا يجعل بعض الفتيات يسعينَ إلى تحقيق صورةٍ وهميّةٍ للجمال، ويسبب هذا الوهم مشكلات نفسيّة، مثل ضعف الثّقة بالنّفس وقلّة تقدير الذّاتِ، فتلجأ بعض النّساء إلى عمليّات التجميلِ، والهواجس الماديّة المتمثّلة في شراءِ مستحضراتٍ تجميليّة وغيرها من السّلعِ. وقد استُغلّ جمال المرأة بمفهوم عُرِفَ بسلعةِ الجمال، فربطَ جمالها بجانب الإعلاناتِ وعروض الأزياءِ، وهُمش دورها في مجالاتِ الحياةِ المُهمّة والمؤثّرة، فربطت المرأة نجاحها بمدى جاذبيتها الشكليّة؛ لذلك يجب عليها إدراك أن جمالها لا يرتبطُ بمعايير الإعلامِ الوهمية، فلكلّ فتاة جمالٌ يميّزها، ونجاح مرتبطٌ بثقافتها وجمال روحها وإنجازاتها في المجتمع.





التدين والأخلاق



من أهم معايير اختيار شريك الحياة



من أهم المعايير التي ينبغي أن يقوم اختيار شريك الحياة عليها هو معيار الالتزام بتعاليم الإسلام وأخلاقه، وفي هذا يقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ» رواه البخاري، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ»، قالوا: يا رسولَ اللهِ وإن كانَ فيهِ؟ قال: «إذا جاءكم من ترضونَ دينهِ وخُلقهُ فأنْكحوهُ» ثلاث مرات. رواه الترمذي، وجاء رجل للحسن بن علي -رضي الله عنهما- فقال: خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ فقال له الحسن: زوجها ممن يتقي الله؛ فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، فالدين والخلق هما الصفتان الأساسيتان اللتان لابد أن يتحلى بها من نقبل به شريكا للحياة.


حرص نساء الصحابة رضي الله عنهنَّ



على تَعلُّم السنة



عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: «اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّار، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوِ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْن»، وفي الحديث عُلوُّ همة الصحابيات -رضي الله عنهنَّ-، وحرصهنَّ على تعلُّم السنة وأحكامها




من مظاهر صبر المرأة الصالحة على زوجها



1- حُسن خُلقها مع زوجها، وحُسن الظن به.

2- لا تغتابه أو تنال به، ولا تدع الفرصة لقريب أو بعيد أن يغتابه أو ينال به.


3- القيام بحقوقه الزوجية خير قيام.


4- الاهتمام بتربية أولادها التربية الإسلامية الصحيحة.

5- ألا تطلبه بما يفوق طاقته من النفقة ونحوها.

6- الحرص على طلب مرضاة زوجها، كما حثها على ذلك الشرع، ولا تتكاسل عن ذلك.

ابو وليد البحيرى
2024-05-08, 12:12 PM
المرأة والأسرة – 1169








الفرقان

من صفات المسلمين والمسلمات
قال الله -تعالى-: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات ِ وَالْمُؤْمِنِين َ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّق ِينَ وَالْمُتَصَدِّق َاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 35).
قال الشيخ السعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: لما ذكر الله -تعالى- ثواب زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنه ليس مثلهن أحد من النساء، ذكر بقية النساء، ولما كان حكمهن والرجال واحدًا، جعل الحكم مشتركًا، فقال: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات ِ} وهذا في الشرائع الظاهرة، إذا كانوا قائمين بها، {وَالْمُؤْمنين وَالْمُؤْمِنَات ِ} وهذا في الأمور الباطنة، من عقائد القلب وأعماله.



{وَالْقَانتين وَالْقَانِتَاتِ } أي: المطيعين للّه ولرسوله، {وَالصَّادقين وَالصَّادِقَاتِ } في مقالهم وفعالهم، {وَالصَّابرين وَالصَّابِرَاتِ } على الشدائد والمصائب {وَالْخَاشعين وَالْخَاشِعَاتِ } في جميع أحوالهم، خصوصًا في عباداتهم، خصوصًا في صلواتهم، {وَالْمُتصدقين وَالْمُتَصَدِّق َاتِ} فرضًا ونفلاً، {وَالصَّائمين وَالصَّائِمَاتِ } شمل ذلك، الفرض والنفل، {وَالْحَافظين فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ } عن الزنا ومقدماته، {وَالذَّاكِرِين اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ } أي: في أكثر الأوقات، خصوصًا أوقات الأوراد المقيدة، كالصباح والمساء، وأدبار الصلوات المكتوبات. {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ} أي: لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة، والمناقب الجليلة، التي هي، ما بين اعتقادات، وأعمال قلوب، وأعمال جوارح، وأقوال لسان، ونفع متعد وقاصر، وما بين أفعال الخير، وترك الشر، الذي من قام بهن، فقد قام بالدين كله، ظاهره وباطنه، بالإسلام والإيمان والإحسان، فجازاهم على عملهم {بِالْمَغفرة} لذنوبهم، لأن الحسنات يذهبن السيئات، {وَأَجْرًا عَظِيمًا} لا يقدر قدره، إلا الذي أعطاه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.



علموا أبناءكم التقوى

على كل أب وأم أن يعلموا أبناءهم ما يسعدهم في الدنيا والآخرة من العلوم الشرعية النافعة، وأهم ذلك التوحيد،
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِن مولودٍ إلا يُولَدُ على الفِطْرةِ فأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، أوْ يُنَصِّرانِهِ، أوْ يُمجِّسانِهِ»، وكذلك الآداب والحقوق والواجبات، علموهم بر الوالدين، علموهم صلة الأرحام، علموهم احترام الكبير، والعطف على الصغير، يقول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: ١٣)، أي: احذر أن تكون مشركًا، واحذر أن تجعل لله ندًّا، وقال: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}، (لقمان: ١٧)، فهل سمعت أسلوبًا أعجب من هذا؟! ثم قال: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: ١٨)، أي لا تتكبر على عباد الله ولا تزه ولا تكن معجبا بنفسك فأنت عبد للواحد الأحد، ثم قال له: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (لقمان: ١٩).


استعداد الأسرة المسلمة لاستقبال رمضان



استعداد الأسرة المسلمة لشهر رمضان يكون من ناحيتين: الاستعداد الإيماني والاستعداد المادي، ومِنْ أهم ما يجب أن تعتني به الأسرة وهي بصدد الاستعداد الإيماني: المحافظة على الصلاة، وتعريف الأبناء فضل هذا الشهر الكريم وعِظمه وبركته، مع شحذ الهمة واستحضار النية لأفراد الأسرة جميعا لاكتساب أقصى زاد من تقوى الله -عز وجل- في هذا الشهر الفضيل، ويكون أفرادها جميعا ممن غفر الله -عزوجل- لهم، وجعلهم من عباده الفائزين المقبولين، والمقصود بالاستعداد المادي هو أن توفر الأسرة ما قد تحتاجه من مستلزمات البيت خلال شهر رمضان دون إسراف أو تقتير، حتى يتسنى لها الحفاظ على أوقاتها في هذا الشهر الكريم. وقد قال الله -تعالى-: {كُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}(الأ عراف:31)، ولا تنسى الأسرة المسلمة في استقبالها لشهر رمضان -من باب صلة الأرحام وحُسْن الجِيرة- تهنئة الأقارب والجيران ولو بالهاتف إن لم يتيسر أكثر من ذلك، وكذلك إظهار السعادة والسرور باستقبال هذا الشهر المبارك، ليُغْرَس في نفوس الأبناء حب هذا الشهر الكريم والتطلع والشوق إليه كل عام.


حِرْص نساء الصحابة -رضي الله عنهنَّ على تَعلُّم السنة

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: «اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا»، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ»، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوِ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ».


ما يستفاد من الحديث

- عُلوُّ همة الصحابيات -رضي الله عنهنَّ-، وحرصهنَّ على تعلُّم السنة وأحكامها.
- وفيه بيان عناية الصحابة -رضي الله عنهم- بحديث النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وملازمتهم له، حتى إنهم ربما لم يفوِّتوا فرصة للنساء في لقاء النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لشدة إحاطتهم به وملازمتهم له.


أحيوا بيوتكم بذكر الله

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت»، فلابد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه، مثل: ذكر القلب، وذكر اللسان، أو الصلوات وقراءة القرآن، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة، وكم من بيوت المسلمين اليوم ميتة بعدم ذكر الله فيها! كما جاء في الحديث، بل ما هو حالها إذا كان ما يذكر فيها هو ألحان الشيطان من المزامير والغناء، والغيبة والبهتان والنميمة ؟!


التكاتف والتعاون على الطاعة والعبادة

مِنْ أعظم نعم الله -تعالى- على عباده المؤمنين أن يبلغهم شهر رمضان، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات، وتُغْفَر فيه الذنوب والسيئات، وتُضاعف فيه الأجور والدرجات، وتُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، ويعتق الله فيه عباده من النيران، فحريٌّ بالأسرة المسلمة أن تستغل هذا الشهر بما يعود عليها بالخير، ومما ينبغي على الآباء والأمهات التكاتف والتعاون على الطاعة والعبادة، والبر والخير، وإرشاد أولادهم والأخذ بأيديهم للوصول إلى أن يكونوا من الفائزين المقبولين، ومن السعداء في الدنيا والآخرة.


من آداب النساء في المساجد


إن خروج المرأة إلى المسجد له آداب شرعية، يجب مراعاتها والأخذ بها، حتى تحقق المرأة من خلالها مرضاة الله -جل جلاله-، وتنال الأجر العظيم على أدائها، ومن هذه الآداب: الحشمة في اللباس، والمشي بسكينة ووقار، وتجنب وضع البخور والعطور، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأه أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة» (رواه مسلم)، وعن أبي هريرة قال: إني سمعت حِبي أبا القاسم يقول: «لا تقبل صلاة امرأه تتطيب لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة» (رواه أبو داود وصححه الألباني -رحمه الله).

ابو وليد البحيرى
2024-05-08, 12:22 PM
المرأة والأسرة – 1170


الفرقان



{لعلكم تتقون}



قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: ذكر الله -تعالى- حكمته في مشروعية الصيام؛ فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}؛ فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى؛ لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه، فهذا من التقوى. ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله -تعالى-، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى.
فاحذري أختي المسلمة من تضييع أوقات هذا الشهر في غير طاعة الله وعبادته؛ فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ورغِم أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ورغِم أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين».


كيف تستقبلين رمضان؟

أفضل ما يستقبل به شهر رمضان هو المبادرة إلى التوبة الصادقة كما قال -سبحانه-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31)، والتخلص من جميع المنكرات من كذب وغيبة ونميمة وفحش وغناء وتبرح واختلاط وغير ذلك، وعقد العزم الصادق والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة من الذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، وتأديتها بتؤدة وطمأنينة وخشوع، وعدم تضييع أوقاته الشريفة فيما لا يفيد.


من قصص النساء الصالحات







ضربت النساء -كما ضرب الرجال- المثل والقدوة العالية في تقواهن لله -تعالى-، ومن ذلك تحري أكل الحلال والتورع فقد ذكر ابن الجوزي -رحمه الله-: أن امرأة كانت تعجن عجينًا، بلغها أن زوجها قد مات، فرفعت يدها عنه وقالت: «هذا طعام قد صار لنا فيه شركاء» (تعني الورثة).
وكانت المرأة من نساء السلف إذا خرج الرجل من منزله تقول له امرأته أو ابنته: «إياك وكسب الحرام!؛ فإنا نصبر على الجوع والضر ولا نصبر على النار».


أربعة أحكام تهم المرأة المُسلمة في رمضان







إن للمرأة المُسلمة أحكامًا تختصُّ بها في رمضان، نذكر منها أهم أربعة أحكام وهي: الحيض والنِّفاس، والحمل والرضاع، وتناول حُبوب لمنع نزول دم الحيض في رمضان، وتذوّق الطَّعام في أثناء الصِّيام.

الحكم الأول: الحيض والنِّفاس
المرأة إذا حاضت أو نفست في أثناء الصيام وجب عليها أن تفطر، ثم تقضي الأيام التي أفطرتها بعد رمضان، حتى وإن رأت الدَّم قبيل المغرب بدقائق قليلة؛ فعن السَّيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ». (أخرجه مسلم)


الحكم الثاني: الحمل والرضاع

رُخِّص للمرأة الحامل والمُرضِع في فطر رمضان إن خافتا على أنفسهما أن يلحقهما ضرر أو مشقة غيرُ معتادة بسبب الصَّوم، أو نصحهما الطبيب أن تفطرا، وفي هذه الحال لهما الفطر، وعليهما القضاء فقط، دون إخراج فدية، وإن كان الخوف على الجنين أو على الطفل الرضيع؛ فللأم الفطر، وعليها القضاء دون الفدية -أيضًا- على المُفتى به من أقوال الفقهاء، وإن كانت المسألة خلافيَّة؛ عملًا بمذهب الحنفيَّة، والشافعيَّة في قول، والحنابلة في رواية.


الحكم الثالث: تناول حُبوب لمنع نزول دم الحيض


تلجأ بعض النساء من باب الحرص على عدم فوات هذه الأيام الفاضلة إلى تناول حبوب لتأخير نزل دم الحيض، وقد أجاز العلماء للمرأة تناول هذه الحبوب، وذلك بعد استشارة طبيبة مُتخصِّصة ثقة، وبإذن الزوج، ما لم يترتب على ذلك ضرر؛ قال -[-: «لا ضرر ولا ضرار»، وإن كان الأولى ترك هذا الأمر يجري وفق طبيعته دون تدخُّل طبيّ؛ ففي ذلك استسلام للخالق -سبحانه- وحُكمِه وحِكمته وتقديره.


الحكم الرابع: تذوّق الطَّعام في أثناء الصِّيام

لا بأس شرعًا بتذوق الطَّعام في أثناء الصِّيام إن كان لحاجةٍ، بشرط الحرص على عدم وصول شيء منه للجوف، ومجِّه بعد ذلك، فإن ابتلعت المرأة منه شيئًا فسد صومها، وعليها القضاء.


خطوات عملية للمحافظة على الأوقات في رمضان







- عدم الخروج من البيت إلا لطاعةٍ لله محققة، أو لضرورة.
- تجنب ارتياد الأسواق ولا سيما في العشر الأواخر من رمضان، ويمكن شراء ملابس العيد قبل ذلك.
- تجنب الزيارات التي ليس لها سبب، وإن كان لها سبب كزيارة مريض فينبغي عدم الإطالة في الجلوس.
- تجنب مجالس السوء، وهي مجالس الغيبة والنميمة والكذب والاستهزاء والطعن في الآخرين.
- تجنب السهر إلى الفجر؛ لأنه يؤدي إلى تضييع الصلوات والنوم أغلب النهار.
- الحذر من تضييع الأوقات في الزينة والانشغال بالملابس وكثرة الجلوس أمام المرآة.
- الحذر من تضييع الأوقات في الجلوس على الهاتف ولو انشغل الناس بقراءة القرآن الكريم ومدراسته لما وجدوا وقتا لذلك.
- الحذر من المشاحنات والخلافات، وإذا دُعيتِ -أختي المسلمة - إلى شيء من ذلك فقولي: إني امرأة صائمة.


المرأة المسلمة التي رباها القرآن







المرأة المسلمة التي رباها القرآن قد فقهت عن الله -تبارك وتعالى- أمره، وتدبرت في حقيقة الدنيا ومصيرها إلى الآخرة، وتناءى قلبها عن المطامع، وارتفعت همتها عن السفاسف، فلا تراها إلا صائمة قائمة باكية نائحة، وقد حفل التاريخ الإسلامي بالخيِّرات الصالحات اللواتي نهجن طريق الجد عن علم ورسوخ عقيدة، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: «أن رسول الله -[- أتى النساء بعد صلاة العيد فكلمهن في الصدقة، فأخذن ينزعن الفتخ والقرط والعقود والأطواق والخواتيم والخلاخيل، ويلقينها في ثوب بلال -رضي الله عنه-، وكان بلال قد بسط ثوبه ليضع فيه النساء صدقاتهن»، وبذلك جفت عبرة اليتيم، وبردت لوعة المسكين، وكذلك فعل النساء حين نزلت آية الصدقة: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِين َ وَالْمُصَّدِّقَ اتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (الحديد:١٨)، وفي قمة هؤلاء العابدات أمهات المؤمنين، ثم نساء الصحابة -رضي الله تبارك وتعالى عنهن- جميعا، وعلى رأس هؤلاء جميعاً أم المؤمنين أم عبد الله الصديقة بنت الصديق، المبرأة من فوق سبع سموات، حبيبة خليل الله -[-، يقول عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء على الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمته، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئاً لغد.

ابو وليد البحيرى
2024-05-08, 12:23 PM
المرأة والأسرة – 1171


الفرقان




القرآن تحيا به القلوب والأرواح

قال الله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (52)، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: {وَكَذَلِكَ} حين أوحينا إلى الرسل قبلك {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} وهو هذا القرآن الكريم، سماه روحا؛ لأن الروح يحيا به الجسد، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالح الدنيا والدين، لما فيه من الخير الكثير والعلم الغزير، وهو محض منة الله على رسوله وعباده المؤمنين، من غير سبب منهم.
وقال الشيخ صالح الفوزان: قال -سبحانه- {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا}، والمقصود بالروح هنا القرآن الذي أوحاه الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو روح القلب، وروح القلب أخص من روح الأبدان، وقد سماه الله روحًا، لأنه تحيا به القلوب، فإذا خالط هذا القرآن بشاشة القلب، فإنه يحيا ويستنير ويعرف ربه ويعبد الله على بصيرة ويخشاه، ويتقيه ويخافه ويحبه ويجله ويعظمه؛ لأن هذا القرآن روح تحرك القلب كالروح التي تحرك الأبدان والأجسام.
وقال سماحة الشيخ ابن باز ر-حمه الله-: فحياة القلوب وصحتها ونورها وإشراقها وقوتها وثباتها على حسب إيمانها بالله ومحبتها وشوقها إلى لقائه، وطاعته له ولرسوله - صلى الله عليه وسلم-، وبإعراضها عن ذكره وتلاوة كتابه يستولي الشيطان على القلوب، فيعدها ويمنيها ويبذر فيها البذور الضارة التي تقضي على حياتها ونورها وتبعدها عن كل خير وتسوقها إلى كل شر ، كما قال -تعالى-: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} أ.هـ
فلنعد إلى كتاب الله ما دمنا في زمن الإمكان والقدرة على التوبة والاستغفار، ولنتب إلى الله توبة نصوحًا من تقصيرنا في حق كتابه وتفريطنا في أداء حقوقه والقيام بواجباته.

احتساب الأجر والنية
المرأة تصرف وقتًا كبيرًا في شهر رمضان في تلبية متطلبات أسرتها؛ ونتيجة لذلك تضيع عليها فرصة أداء الكثير من العبادات، وقد لا تشعر بروحانية هذا الشهر الكريم، ومع ذلك فإن من سماحة هذا الدين ويسره، ومن عظيم إحسان الله إلى عباده أن رتب لجميع الأعمال والعادات التي نقوم بها الأجر والمثوبة، وذلك إذا توفر فيها عامل احتساب الأجر والنية فيها، فللاحتساب أهمية كبرى في حياة ربة المنزل للاستزادة من تحصيل الحسنات، والأجر عند الله -سبحانه وتعالى- وما أجمل كلام ابن القيم -رحمه الله- في ذلك؛ حيث قال: «أهل اليقظة عاداتهم عبادات، وأهل الغفلة عباداتهم عادات».



من مخالفات النساء في شهر رمضان



من مخالفات الصيام أن بعض النساء قد تصوم رمضان ولا تصلي أو لا تصلي إلا في رمضان، والله -جل وعلا- قال عن الصلاة قال: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينَ}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة»، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»، فبعض النساء تنام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس أو تنام عن الظهر حتى يدخل وقت العصر أو تنام عن بعض الصلوات حتى يخرج وقتها، فهي تحافظ على الصيام وهي مشكورة على هذا لكنها تضييع ما هو أهم من الصيام وهي الصلاة والله -جل وعلا- يقول: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}.


نساء السلف في رمضان



لقد كان حال أمهات المؤمنين ونساء السلف في رمضان من حال النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقد تعلمن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن رمضان شهر عبادة وطاعة وقربى من الله -تعالى-، فكن يكثرن من الطاعات، ولا يهتممن كثيرا بشؤون البيت ولا بكثرة طعام ولا شراب ونحو ذلك مما يشغل كثيرا من الأسر في عصرنا الحالي، ومن أهم الأعمال التي كانت نساء النبي - صلى الله عليه وسلم- يفعلنها في رمضان: العناية بصلاة التراويح وقيام الليل، فقد كانت نساء النبي يتحركن وسط النساء بالدعوة والوعظ والعمل الصالح، ويعلمن النساء الصلاة في رمضان تطوعا، فضلا عن محافظتهن - رضي الله عنهن- على الصلاة المفروضة في أول أوقاتها، حتى يكن قدوة للمؤمنات، بل كن يصلين بالنساء أحيانا في صلاة التطوع ليلا، ففي الآثار لأبي يوسف عن عائشة -رضي الله عنها- «أنها كانت تؤم النساء في رمضان تطوعا، وتقوم في وسط الصف»، وكن أحيانا يجعلن عبيدهن يؤمهن بالصلاة، كما كانت تفعل عائشة - رضي الله عنها- فقد أخرج البخاري أن عائشة - رضي الله عنها- كان يؤمها عبدها ذكوان من المصحف؛ وذلك لأنه لم يكن يحفظ القرآن، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يجمع نساءه وبناته فيصلي بهن صلاة الليل.


من واجبات الفتيات المسلمات



على الفتيات المسلمات أن يشاركن والدتهنَّ في إعداد الطعام وطهيه يوميا، وعلى الأم أن تُقسم الأيام على الفتيات في المنزل، وأن تكون قريبة منهنَّ في أثناء إعدادهنَّ للأطعمة والأشربة، ويفضل من الأم أيضًا التنويع في الأطباق والأكلات على مدار الأسبوع؛ ليتسنى لهنَّ تعلم أكبر قدر من تجهيز الأطعمة، وعلى الأم أيضًا أن تشعرهنَّ بأهميتهنَّ في بيوتهنَّ، وأن يحتسبن الأجر في كل عمل يقمن به لوالدهن وإخوانهنَّ وأزواجهنَّ في المستقبل.




من فتاوى النساء في شهر رمضان



- سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن حكم تأخير قضاء الصوم إلى ما بعد رمضان القادم فقال:
من أفطر في رمضان لسفر أو مرض أو نحو ذلك فعليه أن يقضي قبل رمضان القادم ما بين الرمضانين محل سعة من ربنا -عز وجل-؛ فإن أخره إلى ما بعد رمضان القادم فإنه يجب عليه القضاء ويلزمه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم؛ حيث أفتى به جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والإطعام نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف الكيلو تقريباً من تمر أو أُرز أو غير ذلك، أما إن قضى قبل رمضان القادم فلا إطعام عليه.



رمضان شهر



غذاء الأرواح
يكفيك من إعداد الطعام القليل؛ فشهر رمضان شهر عبادة وطاعة، شهر غذاء الأرواح وليس شهر غذاء البطون؛ قال - صلى الله عليه وسلم-: «ما ملأ ابنُ آدم وعاءً شرًّا من البطن، فإنْ كان لابد فثُلُثٌ للطعام، وثُلُثٌ للشراب، وثُلُثٌ للنَّفَس»؛ رواه الترمذي، وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يكفي ابن آدم لُقيمات يُقِمْنَ صُلبَه، ولا يُلام على كفاف»؛ (أخرجه مسلم).

ابو وليد البحيرى
2024-05-16, 03:07 AM
المرأة والأسرة – 1173


الفرقان





الدَّعائم الثلاث التي تقوم عليها الحياةُ الزوجية
قال الله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21)، أشارت الآية الكريمة إلى الدَّعائم الثلاث التي تقوم عليها الحياةُ الزوجية، وهي: السُّكون، والمودَّة، والرَّحمة.



قال الشيخ السعدي -رحمه الله- {وَمِنْ آيَاتِهِ} الدالة على رحمته وعنايته بعباده وحكمته العظيمة وعلمه المحيط، {أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} تناسبكم وتناسبونهن وتشاكلكم وتشاكلونهن {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}؛ بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة، ووجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إلى الزوجة، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} يُعملون أفكارهم ويتدبرون آيات اللّه وينتقلون من شيء إلى شيء، ولا ريب أن أساس تكوين الأسرة هو الزَّواج، وقد عدَّه القرآن آيةً من آيات الله، مثل خلقِ السماوات والأرض، وغيرهما، وقد سمَّى القرآنُ العظيم الارتباط بين الزوجين: (مِيثَاقًا غَلِيظًا)، كما في قوله -تعالى-: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء: 21)، والمقصود به العقدُ القويُّ المتين، وعبَّر القرآن الكريم عن مدى القرب واللُّصوق والدِّفء والوقاية والسِّتر بين الزوجين، فأنزل كلًّا منهما من الآخر منزل اللِّباس لصاحبه، فقال -تعالى-: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة: 187).


خير النساء

عن أبي أذينة الصدفي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن، إلا مثل الغراب الأعصم»، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: (1849)، الودود يعني المتحببة إلى زوجها، المواتية يعني الموافقة لزوجها، المواسية التي تواسيه لو وقع في خطب أو حزن، إذا اتقين الله، إذا خفنه وأطعنه، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات يعني المعجبات المتكبرات وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم صحيح، في صحيح الجامع رواه البيهقي عن أبي أذينة، والغراب الأعصم هو الذي يكون أحمر المنقار والرجلين، وهو نادر جدا.



من مظاهر إنصاف القرآن للمرأة





من مظاهر إنصاف القرآن للمرأة، وتحريرها من ظلم الجاهلية ما يأتي:
1- أَثْبَتَ لها حقَّ التَّملك، والتَّمتُّع بما كسبت من حلال مثل الرَّجلِ في قوله -تعالى-: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (النساء: 32).
2- أَثْبَتَ لها الكرامةَ عند الله - حال التَّقوى - مثل الرَّجل في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13).
3- صيانتها عمَّا يهدر كرامتها الإنسانيَّة، فلم يرض لها الكفر أو الشِّرك بالله، والتَّدنِّي بفطرتها إلى الحدِّ الذي يُهدر كرامتها، وهي في هذا شريكُ الرَّجل، قال -تعالى-: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (الزمر: 7).
4- أثبت لها ثوابَ الأعمال مثل الرَّجل في قوله -تعالى-: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: 195).
5- ضَمِنَ لها حقَّها في الإرث مثل الرَّجل في قوله -تعالى-: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون َ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون َ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (النساء: 7).
6- ضَمِنَ لها حقَّها في المهر، فقال -تعالى- آمرًا الرِّجال: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (النساء: 4).


المرأة المسلمة والأيام العشر من رمضان

لا تُضيّعي فضائل ليالي رمضان ولا سيما العشر الأواخر، في شراء ملابس العيد وحاجيّاته، أو الذّهاب إلى الخيّاط، أو شراء لوازم الحلوى استعداداً للعيد، وكوني عَليَّةَ الهِمّة؛ فقد ضَرَب الرّسول - صلى الله عليه وسلم -المَثل الأعلى في الهِمّة العالية بالإقبال على الطّاعات في شهر رمضان، ولاسيما العشر الأواخر منه؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ العَشْرُ، شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»، أي اجتهد في العبادة وحثّ أهله على ذلك.
ولا تَنسَي الإكثارَ مِن الدُّعاءِ المأثور في ليالي العشر الأواخر؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قُلتُ يا رسول الله، أرأيت إنْ علمتُ أيّ ليلةٍ ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»، واجتهدي في الأعمال الصّالحة حتّى آخر دقيقة مِن هذا الشّهر؛ لأنّكِ لا تدرين هل سيُكتب لكِ معه لقاء جديد أم سيكون هذا هو الوداع الأخير، وتذكّري أنّ السّلف الصّالح كانوا يدْعون الله ستّة أشهر أنْ يُبَلِّغَهم رمضان ثم يَدْعونَه ستّة أخرى أنْ يتقبَّلَه منهم.


معرفة الحقوق الزوجية

إن كل فتاة مقبلة على الزواج في حاجة إلى أن تعرف الحقوق الزوجية التي تسعد بها في حياتها، وتسعد زوجها، لتنتظم حياتهما في هناءة عيش، ومودة بين القلوب، وإن كل أم يهمها سعادة ابنتها، عليها أن تربيها التربية الإسلامية، وأن تحرص على وصيتها بما فيه الخير لها، والسعادة لبيتها.


رمضان شهر القرآن

شهر رمضان له خصوصية بالقرآن ليست لباقي الشهور، قال الله -تعالى-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة 185). فرمضان والقرآن متلازمان، إذا ذكر رمضان ذكر القرآن، وفي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: « كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة «. في هذا الحديث دليل على استحباب تلاوة القرآن ودراسته في رمضان، وأنت - أختي المسلمة - ينبغي أن يكون لك وِرْد من تلاوة القرآن، يحيا به قلبك، وتزكو به نفسك، وتخشع له جوارحك، وبذلك تستحقين شفاعة القرآن يوم القيامة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربي، منعته الطعام والشهوة؛ فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشفَّعان «. (رواه أحمد والحاكم بسند صحيح).

ابو وليد البحيرى
2024-05-16, 03:09 AM
المرأة والأسرة – 1174


الفرقان



وجعل منها زوجها ليسكن إليها
قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.



قال الشيخ السعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: افتتح الله -تعالى- هذه السورة بالأمر بتقواه، والحث على عبادته، والأمر بصلة الأرحام، والحث على ذلك، وبيَّن السبب الداعي الموجب لكل من ذلك، وأن الموجب لتقواه؛ لأنه {رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} ورزقكم، ورباكم بنعمه العظيمة، التي من جملتها خلقكم {مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، خلق مِنْهَا زَوْجَهَا أي: خلق من آدم زوجته حواء؛ لأجل أن يسكن إليها؛ لأنها إذا كانت منه حصل بينهما من المناسبة والموافقة ما يقتضي سكون أحدهما إلى الآخر، فانقاد كل منهما إلى صاحبه، وتتم بذلك النعمة، ويحصل به السرور، وفي الإخبار بأنه خلقهم من نفس واحدة، وأنه بثهم في أقطار الأرض، مع رجوعهم إلى أصل واحد، ليعطف بعضهم على بعض، ويرقق بعضهم على بعض، وقرن الأمر بتقواه بالأمر ببر الأرحام والنهي عن قطيعتها، ليؤكد هذا الحق، وأنه كما يلزم القيام بحق الله، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق، خصوصًا الأقربين منهم، بل القيام بحقوقهم هو من حق الله الذي أمر به، وفي قوله: {وخلق مِنْهَا زَوْجَهَا} تنبيه على مراعاة حق الأزواج والزوجات والقيام به، لكون الزوجات مخلوقات من الأزواج، فبينهم وبينهن أقرب نسب وأشد اتصال، وأقرب علاقة.

ما أجمل التسامح!
ما أجمل خلق التسامح حينما يتصف به المسلم عموما! وفي يوم العيد خصوصا، فلا يخرج المرء من داره إلا وقد خلا قلبه من كدر الأحقاد، وتتابعت على قلبه آيات العفو كالبرد على الظمأ: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (الشورى: 37)، {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (الشورى: 43)، فيهتف قد صبرت وغفرت، فترتاح نفسه ويزداد عزا لوعد رسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم: «ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله».

فضل صلة الأرحام



(1) صلة الرحم من الإيمان: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» رواه البخاري.
(2) صلة الرحم سبب للبركة في الرزق والعمر: عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه» رواه البخاري، وعن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:» من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه». رواه البزار والحاكم.
(3) صلة الرحم سبب لصلة الله -تعالى- وإكرامه: عن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله». رواه مسلم.
(4) صلة الرحم من أسباب دخول الجنة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يأيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

أخطاء تقع في العيد
إن مما ينبه عليه مع إقبال العيد وبهجته بعض الأمور التي يفعلها بعض الناس جهلاً بشريعة الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك:

١- اعتقاد بعضهم مشروعية إحياء ليلة العيد
وهذا من البدع المُحدثة التي لم تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما روي في ذلك حديث ضعيف: «من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» وهذا حديث لا يصح، ضعفه الشيخ الألباني -رحمه الله-، فلا يشرع تخصيص ليلة العيد بالقيام من بين سائر الليالي، بخلاف من كان عادته القيام في غيرها فلا حرج أن يقوم ليلة العيد.

٢- زيارة المقابر في يومي العيدين
وهذا يناقض مقصود العيد وشعاره من البشر والفرح والسرور، ومخالفة هديه - صلى الله عليه وسلم - وفعل السلف.

3- اختلاط النساء بالرجال في المصلى وفي غيره
وفي ذلك فتنة عظيمة وخطر كبير، والواجب تحذير النساء والرجال من ذلك، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع ذلك ما أمكن، كما ينبغي على الرجال والشباب عدم الانصراف من المصلى أو المسجد إلا بعد تمام انصرافهن.

4- خروج بعض النساء غير ملتزمات بالحجاب
وهذا مما عمت به البلوى، وتهاون به الناس والله المستعان، حتى إن بعض النساء -هداهن الله- إذا خرجن إلى المساجد للتروايح أو لصلاة العيد أو غير ذلك، فإنها تتجمل بأبهى الثياب، وأجمل الأطياب، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: « أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ».

أحكام صلاة العيد للنساء
أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء بحضور صلاة العيدين، قالت أم عطية -رضي الله عنها-: «كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نَخْرُجَ يَومَ العِيدِ حتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِن خِدْرِهَا، حتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فيُكَبِّرْنَ بتَكْبِيرِهِمْ، ويَدْعُونَ بدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذلكَ اليَومِ وطُهْرَتَهُ»، فيُسنُّ للمرأة حضور صلاة العيد مع التزامها ببعض الأحكام وهي كما يأتي:
- ألا تكون متطيبة.
- أن يعتزلن الرجال.
- أن يكون لباسها لباسًا شرعيا.
- أن يتجنبن كثرة الحديث وارتفاع الصوت.
- وأن تحرص المرأة أن تلتزم آداب يوم العيد، ومنها أكل تمرات وتراً قبل الخروج للصلاة، والإفطار من الأضحية في عيد الأضحى، ومخالفة طريق الذهاب والعودة، والإكثار من التكبير، لكن بصوت منخفض.

الصلة الحقيقية أن تصل من قطعك
المرء إذا زاره قريبه فرد له زيارته ليس بالواصل، لأنه يـكافئ الزيارة بمثـلها، وكذلك إذا ساعده في أمر وسعى له في شأن، أو قضى له حاجه فردّ له ذلك بمثله لم يكن واصلاً بل هو مكافئ، فالواصل حقاً هو الذي يصل من يقطعه، ويزور من يجفوه ويحسن إلى من أساء إليه من هؤلاء الأقارب؛ عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها». رواه البخاري.

ابو وليد البحيرى
2024-05-16, 03:10 AM
المرأة والأسرة – 1175


الفرقان





بعض توجيهات القرآن للمرأة المسلمة



من التوجيهات القرآنية للنساء في القرآن الكريم قول الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } (الأحزاب: 59) والإدناء هو التغطية من أعلى إلى أسفل، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: يقول -تعالى- آمرًا رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر النساء المؤمنات - ولا سيما أزواجه وبناته لشرفهن- بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء.
- والجلباب هو: الرداء فوق الخمار، قاله ابن مسعود، وعبيدة، وقتادة، والحسن البصري، وغير واحد، وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: لما نزلت هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ }، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها، وقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: «يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شققن مروطهن فاختمرن بها» (رواه البخاري: 4758) وهذا يعني أنهن سارعن في التنفيذ، و«شققن مروطهن» فيه دلالة على علو الهمة وحرصن على تنفيذ أمر الله -تعالى.


المرأة المسلمة وحفظ اللسان



حفظ اللسان من الفضائل الجليلة التي تتصف بها المرأة المسلمة، والمرأة التي تحفظ لسانها ولا تنطق إلا بالطيب يوفقها الله -سبحانه- في حياتها، ويوسع عليها في الفضل، وحفظ اللسان ليس سهلًا؛ لذا على المرأة أن تراقب نفسها وتحاسبها عن كل كلمة تنطقها، وتحفظ لسانها من آفات اللسان الكثيرة، من: الكذب والسب، والسخرية والاستهزاء، وإفشاء السر، والنميمة وغيرها، وقد قال -تعالى- في كتابه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ}.


جمال الدين والخُلُق




قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها ولحسَبِها ولمالِها ولدِينِها فعليكَ بذاتِ الدِّينِ ترِبَت يداكَ»، فإنّ جمال الأخلاق هو جمال الروح، ولأنّ جمال الجسد محدود وزائل، وجمال الروح باقٍ وليس محدوداً، فإنّ دين المرأة يغطّي على عيوبها الأخرى، فلا فائدة من مالها، ولا من جمالها، ولا حتى حسبها إذا انعدم دينها، ولكن إذا اجتمع في الزوجة الدين، والجمال، والمال، والحسب فهذا جميل، وينطبق عليه قول الشاعر: ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا!


نماذج فريدة للمرأة من القرآن الكريم







نموذج فريد من النساء، ذكره القرآن الكريم، وهي أخت موسى -عليه السلام- الشقيقة الحنونة الوفية الذكية: بصرت به عن جنب حتى لا يشعروا به، فكان عندها من حسن التصرف واللباقة ما جعلها تتكلم بالكلام المناسب، وتتدخل في الوقت المناسب، وتقول: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} (القصص: 12) تدخلت لما امتنع عن المرضعات {وحرمنا عليه المراضع}، ورجعت تلك الفتاة الوفية إلى أمها لتخبرها ببشارة نجاة موسى من اليم، وأخذه إلى القصر.


حكم العباءة الضيقة والمفصلة للجسم



ردًا على فتوى وصلت للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، عن حكم الشرع في العباءة الضيقة المفصلة للجسم، أجابت اللجنة بأن العباءة الشرعية للمرأة وهي (الجلباب)، هي ما تحقق فيها قصد الشارع من كمال الستر والبعد عن الفتنة، وبناء على ذلك فلابد لعباءة المرأة أن تتوفر فيها الأوصاف الآتية:
أولاً: أن تكون سميكة لا تظهر ما تحتها، ولا يكون لها خاصية الالتصاق.
ثانيًا: أن تكون ساترة لجميع الجسم، واسعة لا تبدي تقاطيعه.
ثالثا: أن تكون فتحة الأكمام ضيقة.
رابعًا: ألاّ يكون فيها زينة تلفت إليها الأنظار، وعليه فلا بد أن تخلو من الرسوم والزخارف والكتابات والعلامات.
خامسًا: ألاّ تكون مشابهة للباس الكافرات أو الرجال.
سادسًا: أن توضع العباءة على هامة الرأس ابتداءً.


من وصايا الصالحات






- اختاري الصحبة الصالحة من النساء؛ ففي ذلك تقوية لإيمانك وكسبًا للأخلاق الحميدة والآداب الرفيعة، فمخالطة الصالحات هي حياة للقلوب وزاد للخير والصلاح.
- استغفري لذنبك دائمًا، ولا تيأسي وتقنطي من رحمة الله -سبحانه-، فقد أمرنا الله -سبحانه- في كتابه أن نتوب إليه ولا نيأس من رحمته مهما بلغت ذنوبنا، فالتوبة تبث الأمل لديكِ على فعل الخيرات والابتعاد عن المعاصي.
- حاسبي نفسكِ باستمرار؛ إذ من أفضل الطرائق التي تُساعدكِ في إصلاح ذاتكِ وتزكية نفسكِ هي أن تُحاسبيها وتراقبي كل ما يصدر عنها من أفعال وأقوال.
- داومي على الفروض، وتمسّكي بالسنن، وتذكري الآخرة دائمًا؛ إذ إنّ إيمانكِ بمراقبة الله -سبحانه- لكِ وأنّه مطلع على السرائر.

ابو وليد البحيرى
2024-05-23, 12:19 AM
المرأة والأسرة – 1176


الفرقان






توجيهات قرآنية للنساء




قال الله -تعالى-: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32)، هذه من الآداب التي أمَر اللهُ -تعالى- بها نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونساء الأمَّة تبعٌ لهن في ذلك، وإنما وَجَّهَ الخطاب لهن؛ لأن لهن فضيلةً ومنزلةً لا يلحقهن فيها أحد من النساء.

وأول تلك الوصايا التقوى {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} (الأحزاب: 32)؛ لأن التقوى هي المنطلق، ثم بعدها ألا يخضعن بالقول {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} (الأحزاب: 32)؛ بمعنى ألا يعمَدْن إلى ترقيق كلامهن إذا خاطبن الرجال؛ حتى لا يطمع فيهن مَن في قلبه ريبة ودَغَلٌ، بل يكون كلامهن جزلًا، وقولًا فصلًا، بلا ترخيم، ولا تَغَنُّج (تدلل)؛ إذ لا يحل للمرأة أن تخاطب الرجال الأجانب كما تخاطب زوجها، وذلك قوله -جل وعلا-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32)، فلهذا لابد أن ندرك أنَّ التساهل بالحديث بين المرأة والرجل الأجنبي هو المفتاح الأول للشيطان؛ ليدخل بينهما، والمسألة ليست على سبيل التهمة لرجل، ولا امرأة؛ ولكن هذا أمر ربنا، وهو العليم الخبير، وهو الخالق لهذا الإنسان ذكرًا أو أنثى، فإنه -جل وعلا- يخبرنا بأن الخضوع بالقول ابتداء ربما فتح الباب للشيطان؛ ولذلك كان من علامات عقل المرأة، ودلائل عظيم حشمتها أن كلامها مع الرجال الأجانب يلاحظ فيه هذا الأساس الذي أمر به القرآن الكريم.


الحياء صفة عظيمة في الإسلام



الحياء خلق كريم، يحمل صاحبه على ترك القبائح والرذائل والتحلي بالفضائل، وارتياد معالي الأمور، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحياء لا يأتي إلا بخير»، ودين الإسلام مبني على الحياء؛ ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء»، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، وروى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياءً من العذراء في خدرها»، والخدر: هو الستر الذي يمد للجارية الشابة في ناحية البيت، فقد ربى الإسلام بنات المسلمين على الحياء وهي في الخدر، فكيف إذا كانت خارج البيت لحاجة وضرورة؟


المرأة الصالحة من أسباب السعادة



عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أربعٌ من السعادة: المرأةُ الصالحة، والمسكنُ الواسِع، والجارُ الصالح، والمَرْكَب الهنيء، وأربعٌ من الشقاء: المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيِّق»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المرأة الصالحة»: فالمرأة الصالحة من أسباب السعادة وهي خيرُ مَتاع الدنيا، كما وصَفَها - صلى الله عليه وسلم - أيضًا بقوله: «فمن السعادة: المرأة الصالحة، تراها فتُعجِبك، وتَغِيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك»؛ كذلك وصَفَها - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ آخر بقوله: «خير النساء التي تسرُّه إذا نظر، وتُطِيعه إذا أمر، ولا تُخالِفه في نفسها ولا مالها بما يكره»؛ فخيرُ النِّساء التي تسرُّ زوجَها بهيئتها الجميلة إذا نظر إليها، وتُطِيعه في كل أمر معروف.


من مواقف المرأة المسلمة في الحياء



من مواقف المرأة المسلمة في الحياء، ما جاء عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال له: «ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟»، قال: «بلى»، قال: «هذه المرأة السوداء، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: «إني أُصرع، وإني أتكشف؛ فادع الله لي»، قال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك»، فقالت: «أصبر»، فقالت: «إني أتكشف؛ فادع الله لي ألا أتكشف»، فدعا لها»، فانظر كيف طلبت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله لها ألا تنكشف عند الصرع، مع أنها معذورة، ولكنها لا تحب ذلك، فكيف حال من تكره الحجاب وتفتخر بالتبرج؟!


من أخطاء النساء





إطلاق البصر فيما نهى الله عنه



قال -تعالى-: {قُل لِّلْمُؤْمِنِين َ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (النور: 30-31)، وغض البصر معناه الخفض وإطباق الجفن على العين؛ بحيث يمنع الرؤيا، وقد يكون بمجرد صرف البصر عن المنهي عنه، وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تفسير هاتين الآيتين: «فأمر الله نبيه -عليه السلام- في هاتين الآيتين الكريمتين يأن يأمر المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار، وحفظ الفروج، وما ذاك إلا لعظم فاحشة الزنا، وما يترتَّب عليها من الفساد الكبير بين المسلمين، ولأن إطلاق البصر من وسائل مرض القلب، ووقوع الفاحشة، وغض البصر من أسباب السلامة من ذلك».


احذري مصاحبة صديقات السوء!



لقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الجليس الطيب والجليس السوء، فالجليس الطيب يأخذ بيد صاحبه إلى مرضاة الله -تعالى- فيكون سببا في سعادته دنيا وأخرى، والجليس السوء -عياذا بالله- يقود صاحبه إلى سخط الله وغضبه؛ فيكون سببا في شقائه في الدنيا والآخرة، وكما قالوا: (الصاحب ساحب)؛ فلتنظر المرأة مَن تخالل. أخرج أبو داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم مَن يخالل».


من صفات الصالحات



المرأة الصالحة القانتة هي التي تحفظ غيبة زوجها، كما تحفظ حضوره فتصون بذلك عرضه وسمعته، وتقر في بيتها، وإن خرجت، تعطي للطريق حقه، فتخرج محجبة ومستترة بستر الله، وعليها الوقار، وتغض بصرها، وتخفض صوتها، فلا تقول إلا قولا معروفا، لا خضوع فيه ولا تكسر، والمرأة الصالحة العفيفة، لا تتزين إلا لزوجها.



من حقوق المرأة في الإسلام





من حقوق المرأة في الإسلام حق اختيار الزوج فليس لأحد إجبارها على الزواج أو على زوج لا تريده سواء كانت بكرا أم ثيبا فعن ابن عباس «أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» رواه مسلم (1421) وهذا خبر بمعنى الأمر فلا تجبر المرأة البالغ العاقل بكرا أو ثيبا على من لا تريده من الرجال.

ابو وليد البحيرى
2024-05-23, 12:20 AM
المرأة والأسرة – 1177


الفرقان




أصل عظيم من أصول الحياة الزوجية {وَعَاشِرُوهُنَ بِالْمَعْرُوفِ}
قال الله -تعالى-: {وَعَاشِرُوهُن بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: من الآية19)، هذا الأصل من أعظم أصول الحياة الزوجية، ويدخل تحته أنواع كثيرة لا تحصى من التعامل بين الزوجين، ولو راعاه الأزواج، لاختفت أكثر المشكلات الزوجية التي تضج منها البيوت.



قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما، فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان، وهذا يتفاوت بتفاوت الأحوال، وقال ابن كثير -رحمه الله-: أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال -تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 228)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، ولأجل المعاني العظيمة التي اشتمل عليها هذا الأصل وهذه القاعدة القرآنية: {وَعَاشِرُوهُن بِالْمَعْرُوفِ} أكّدها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أعظم مجمع عرفته الدنيا في ذلك الوقت، حين خطب الناس في يوم عرفة فقال: «فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف».


أحاديث موضوعة وضعيفة عن المرأة

بعض ما اشتهر عن المرأة من أحاديث ضعيفة ومكذوبة: «شاوروهن وخالفوهن»، يعني: النِّساء، قال السيوطي: «باطل لا أصل له»، بل يُروى في المرفوع من حديث أنس: «لا يفعلنَّ أحدكم أمرًا حتى يستشير، فإن لم يجد من يستشير، فليستشر امرأة، ثم ليخالفها، فإن في خلافها البركة»؛ وهذا أيضًا يخالف ما جاء في قوله -تعالى-: {عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ}، وتُخالف أيضًا ما ثَبَتَ عنه - صلى الله عليه وسلم - من مشورة بعضِ أزواجه في بعض الأمور وعمله بمشورتهن، كما شاور زوجته «أم سلمة» في صلح الحديبية وعمل بمشورتها، عندما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه أن يحلقوا ويُقَصِّروا شعورهم، ويتحلَّلوا من إحرام العمرة، فشق عليهم ذلك.


بركة بقاء المرأة في مصلاها في الصباح



روى مسلم في صحيحه عَنْ جُوَيْرِيَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى الْـحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : «سُبْحَانَ اللَّـهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ»، وهذا خير عظيم يفوت كثيرا من النساء، ومن الخير لها أن تتأسى بنساء الصحابة بأن تبدأ يومها بالصلاة والجلوس في المصلى تذكر الله، وتطمئن في مصلاها ولا تكون عَجِلة، وإذا كان وراءها أعمالٌ تضطَّرها للقيام فلتأخذ نصيبها وحظها من هذا الجلوس طلبًا لبركة الإبكار وأذكار الصباح وطمأنينة القلب، ثم بعد ذلك تنهض لأعمالها ومصالحها وأولادها مستصحبةً معها هذه البركة التي حصَّلتها في البكور.


من الوصايا النبوية للنساء


حذارِ من التشبُّه بالرجال

عن ابنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: «لعَنَ رَسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - المُتَشَبِّهِين َ مِن الرِّجالِ بالنِّساء، والمتشبِّهاتِ مِن النساء بالرِّجال»؛ أخرجه البخاري في اللباس (5885)، والترمذي في الأدب، قال الطبريُّ -رحمه الله-: المعنى: لا يَجوز للرِّجال التشبهُ بالنِّساء في اللباس والزِّينة التي تختصُّ بالنِّساء ولا العَكْس، وقال ابن القيم: والمرأة المتشبِّهة بالرِّجال تكتسب مِن أخلاقهم حتى يصيرَ فيها مِن التبرُّج والبروز ومشابهة الرِّجال ما قد يُفضي ببعضهنَّ إلى أن تُظهرَ بدنها كما يُظهِره الرجلُ، وتطلب أن تعلوَ على الرِّجال كما يعلو الرِّجال على النِّساء، وتَفعَل مِن الأفعال ما يُنافي الحياءَ والخفر المشروع للنِّساء، وهذا القَدْرُ قد يحصل بمجرد المشابهة. اهـ.


من فتاوى النساء:


حكم الجمعة والجماعة للمرأة

سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- عن حكم صلاة الجمعة والجماعة للمرأة، فقال: الجمعة ليست واجبة على المرأة، بل هي على الرجال، وهكذا الجماعة ليست واجبة على المرأة بل هي على الرجال، والسنة للمرأة أن تصلي في بيتها الجمعة وغير الجمعة، لكن إن صلت مع الناس تخرج دون طيب ومتحجبةً متسترة، كما كان بعض النساء في عهد النبي [ يصلين.


حياء المرأة المسلمة



إن من أخلاق الإسلام خلق عظيم، هو خير كله، ولا يأتي إلا بخير، من اتصف به فقد اتصف بصفة من صفات الأنبياء، إنه خلق الحياء، والحياء من الإيمان، فإذا ذهب الحياء ضعف الدين؛ لذا فإن صلاح المرأة صلاح للمجتمع؛ فكوني أيتها المسلمة حيية تقية.



طاعة المرأة لزوجها

من أبرز صفات الزوجة الصالحة، ومن محاسن أخلاقها: خلق الطاعة، ولا سيما الطاعة في المعروف التي ينجم عنها استقرار الحياة الزوجية السعيدة، وينتج عنها رضا الله -سبحانه وتعالى- عن المرأة المطيعة، ويكون ثوابها الجنة كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المرأة إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت».

ابو وليد البحيرى
2024-05-23, 12:22 AM
المرأة والأسرة – 1178


الفرقان





توجيهات قرآنية في إدارة الخلافات الزوجية

قال الله -تعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} (النساء: 35).
قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: أي: وإن خفتم الشقاق بين الزوجين والمباعدة والمجانبة حتى يكون كل منهما في شق {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} أي: رجلين مكلفين مسلمين عدلين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين، ويعرفان الجمع والتفريق، وهذا مستفاد من لفظ «الحكم»؛ لأنه لا يصلح حكما إلا من اتصف بتلك الصفات، فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب، فإن لم يستطع أحدهما ذلك، قنَّعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق، ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلا عنه، فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح، فرقا بينهما، ولا يشترط رضا الزوج، كما يدل عليه أن الله سماهما حكمين، والحكم يحكم ولو لم يرض المحكوم عليه، ولهذا قال: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} أي: بسبب الرأي الميمون والكلام الذي يجذب القلوب ويؤلف بين القرينين، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} أي: عالمًا بجميع الظواهر والبواطن، مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها، فمن علمه وخبره أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة والشرائع الجميلة.






طاعة الزوج من أسباب دخول الجنة



من أسباب دخول المرأة الجنة من أي أبوابها شاءت: محافظتها على الصلوات الخمس، وصيامها رمضان بتمامه، وعفتها، وكذلك طاعتها لزوجها، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت»، وأكد النبي - صلى الله عليه وسلم في وصايا كثيرة للمرأة- حقوق زوجها عليها، وجعل أول وأهم هذه الحقوق: الطاعة في غير معصية الله، وحسن عشرته وعدم معصيته، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع».


أم ورقة الأنصارية رضي الله عنها





صحابية جليلة بشرها الرسول صلى الله عليه وسلم بالشهادة



الصحابية الأنصارية الجليلة كانت تدعى أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية، أسلمت عندما وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ حيث بايعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل غزوة بدر بأيام قليلة، وكانت -رضي الله عنها- صوامة قوامة ومعروفة بالتقوي والصلاح، بل إنها كانت من فواضل نساء عصرها، ومن أكثر نساء المسلمين كرمًا وبذلا؛ حيث نشأت على حب كتاب الله -تعالى-، وراحت تقرأ آياته آناء الليل وأطراف النهار، حتى غدت إحدى العابدات الفاضلات؛ فجمعت القرآن، وكانت تتدبر معانيه، وتتقن فهمه وحفظه، كما كانت قارئة مجيدة للقرآن، واشتهرت بكثرة الصلاة وحسن العبادة.


شاركت في جمع القرآن



كانت -رضي الله عنها- معروفة بحفظها للقرآن الكريم، لدرجة أنها شاركت في جمع القرآن بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان - صلى الله عليه وسلم - يشيد بها ويعرف مكانتها، ويكبر حفظها وإتقانها، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم وإمعانا في تقديرها-، استجاب لطلبها بتحويل بيتها لمسجد وأمر النساء بالصلاة فيه.


رغبتها في الشهادة



لم يقتصرها حبها للإسلام على الصلاة وقراءة القرآن ورواية الحديث فحسب، بل كانت ترغب في الجهاد؛ حيث استأذنت النبي -[- للجهاد والشهادة في سبيل الله، فقالت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما غزا بدرًا، قلت له: يا رسول الله، ائذن لي في الغزو معك، أمرض مرضاكم، لعل الله أن يرزقني الشهادة، فرد عليها - صلى الله عليه وسلم - قائلا: «قري في بيتك؛ فإن الله -تعالى- يرزقك الشهادة» فلم يكن أمامها من خيار إلا طاعة النبي والعودة إلي بيتها برغبتها استجابة لأمر الله بلزوم طاعة نبيه، ومنذ تلك الواقعة بينها وبين النبي غدت أم ورقة - رضي الله عنها - تعرف بهذا الاسم «الشهيدة» بسبب قوله - عليه الصلاة والسلام -: «قري في بيتك فإن الله -تعالى- يرزقك الشهادة»، ولما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد زيارتها اصطحب معه ثلة من أصحابه الكرام، وقال لهم: «انطلقوا بنا نزور الشهيدة».


هكذا تحققت بشارة النبي - صلى الله عليه وسلم



في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان للصحابية الجليلة غلام وجارية، وكانت قد وعدتهما بالعتق بعد موتها، فسولت لهما نفساهما أن يقتلا أم ورقة، وذات ليلة قاما إليها فغمياها وقتلاها، وهربا، فلما أصبح عمر - رضي الله عنه - قال: والله ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة في إشارة للصحابية الجليلة.
وهنا دخل عمر - رضي الله عنه - بيتها، فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت، فقال: صدق الله ورسوله، ثم صعد المنبر فذكر الخبر، وقال: عليَّ بهما، فأتي بهما، فصلبهما، فكانا أول مصلوبين في المدينة.



الحكمة من فرض الحجاب



الإسلام لم يفرض على المرأة الحجاب إلا ليصونها عن الابتذال، وليحميَها من التعرض للريبة والفحش، وليكسوَها بذلك حُلَّة التقوى والطهارة والعفاف، وسدَّ بذلك كلَّ ذريعةٍ تفضي إلى الفاحشة، قال -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب:33)، وقال -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَ ّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب:53)، وقال -تعالى-: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ...} الآية (النور:31)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب:59)، وقال -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب:32).


الشكوى إلى الله



عن أَبي حُذَيْفَةَ قَالَ: رَأَى الثَّوْرِيُّ رَجُلًا عِنْدَ قَوْمٍ يَشْكُو ضِيقَهُ، فَقَالَ لَهُ الثَّوْرِيُّ: «يَا هَذَا، شَكَوْتَ مَنْ يَرْحَمُكَ إِلَى مَنْ لا يَرْحَمُكَ» المجالسة وجواهر العلم للدينوري (1318)، قال ابن القيم -رحمه الله-: «وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه؛ فإنَّه لو عرف ربَّه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم، وفي ذلك قيل: والعارف إنَّما يشكو إلى الله وحده».

ابو وليد البحيرى
2024-05-31, 04:56 AM
المرأة والأسرة – 1179


الفرقان








القوامة تعزيز لمكانة المرأة لا تقليل لها
قال الله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِم}، الإسلام دين الحق، وكل أحكامه تبتغي الحياة المستقيمة للمرء؛ إذ جعله الله خليفة في الأرض، وآية القوامة جاءت في سبيل ترسيخ مبادئ الحياة الزوجية: {فَالصَّالِحَات قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}، فالأصل أن تكون المرأة صالحة قانتة، وأن يستحقّ الرجل قوامته باتباع أوامر الله.
قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: يخبر -تعالى- أن الرِّجَال {قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله -تعالى-، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن، ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أي: بسبب فضل الرجال على النساء وإفضالهم عليهن، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع، وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات، بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء، ولعل هذا سر قوله: {وَبِمَا أَنْفَقُوا} وحذف المفعول ليدل على عموم النفقة.


المرأة راعية في بيتها

الراعي هو الحافظ المؤتمن، الملتزم بمصالح ما قام عليه في أموره الدينية والدنيوية، والذي سيُسْأل أمام الله عن رعيته: ضيَّع أم حفِظ؟ والمرأة مسؤولة أمام الله -تعالى- عن بيت زوجها وأولاده، وستُسْأل عن ذلك، ضيعت أم حفظت؟، نصحت أم غشت؟، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، ومنهم: «والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسؤولة عنهم...»


من مظاهر إنصاف القرآن العظيم للمرأة

- أَثْبَتَ لها حقَّ التَّملك، والتَّمتُّع بما كسبت من حلال مثل الرَّجلِ، في قوله -تعالى-: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (النساء: 32).
- أثبت لها ثوابَ الأعمال مثل الرَّجل، في قوله -تعالى-: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: 195).
- ضَمِنَ لها حقَّها في الإرث مثل الرَّجل، في قوله -تعالى-: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون َ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون َ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (النساء: 7).
- ضَمِنَ لها حقَّها في المهر؛ فقال -تعالى- آمرًا الرِّجال: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (النساء: 4).
- حَثَّ الأزواجَ على الإحسان إليها بعد طلاقها مراعاةً لحالتها النَّفسية والاجتماعية في قوله -تعالى-: {وَلِلْمُطَلقات مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (البقرة: 241).


الاعتدال في الإنفاق

يعد الاعتدال في الإنفاق من معالم الإعجاز الاقتصادي في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، كما يعد نظام الأولويات في الإنفاق من أساسيات المنهج الإسلامي في التنمية الاقتصادية، وإحداث التنمية يكون من القاعدة، أي من الإنسان، الذي إلى مجموعة من الضوابط؛ مثل: تحقيق إشباع حاجة حقيقية وليست وهمية، وتحقيق مصلحة، ويكون الإنفاق طبقاً للأولويات، ومنع الإنفاق في المجالات الثانوية على حساب المجالات الضرورية ذات الأولوية، كما أن الانفاق مقترن بالطيبات، وفي سبيل الله.


ومن النصائح الموجهة في هذا المجال:

- تذكُّر ملايين المسلمين والمسلمات الذين يفتقدون الحاجات الأساسية، كما يفتقدون السكن المريح والطعام الوفير والثوب الدافئ.
- ضرورة تقدير الزوجة لما يبذله زوجها من جهود وعمل؛ لقاء الحصول على الأموال اللازمة التي ينفق أجزاء منها على شراء الاحتياجات والسلع الضرورية للأسرة.
- أهمية معرفة أن المعيشة الهانئة والسعيدة وسعة العيش قد لا يدوم ذلك كله، وقد تمر بالأسرة أوقات صعبة يحتاجون معها إلى كل ما أنفق دون حساب.
- ورحم الله الفاروق - رضي الله عنه - القائل لرجل من أصحابه: أكلما اشتهيت اشتريت!


على المسلمة عدم الاغترار بالدعوات الباطلة

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: لا تغرُّك أيتها المرأة المسلمة الدعوات الباطلة من أعدائك الذين يريدون أن تكوني كالرجل؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- فرَّق بين الرجال والنساء في الخلقة، وفي العقل، وفي الذكاء، وفي التصرُّف، حتى إن الله -تعالى- قال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء:34)، وقال -عز وجل-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 228)، ثم قال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (البقرة: 228)، فلم يجعل المرأة مساويةً للرجل، لكنَّ أعداءك وأعداء الأخلاق وأعداء الإسلام يريدون منك أن تقومي مقام الرجال، وأن تُشاركي الرجال في أعمالهم، وأن تخالطيهم؛ فإياكِ إياك أيتها الأخت المسلمة أن تُخدَعي بمثل هذه الدعاية الباطلة!.


مسؤولية المرأة الاجتماعية

كفل الإسلام للمرأة حقوقها الاجتماعية والحياتية، بل وجعلها مسؤولة في بيتها ومجتمعها، وتحفل السيرة النبوية بالعديد من الأحاديث والمواقف التي تؤكد هذا المعنى، وترسم للمرأة المسلمة ملامح مسؤوليتها في مجتمعها، من خلال علاقتها ببيتها وزوجها وأبنائها، والتعبير عن رأيها والدفاع عن حقوقها.

ابو وليد البحيرى
2024-05-31, 04:59 AM
المرأة والأسرة – 1180

الفرقان






الأسرة في نظر الإسلام
الأسرة في نظر الإسلام هي أساسُ المجتمع، وهي اللَّبِنة الأولى لبنائه، قال الله -تعالى-: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِل ِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} (النحل: 72).
وقد أكَّد الإسلام على وحدة البناء الاجتماعي، والأسرة هي محور هذا البِناء، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13).
والأسرة هي المحضن الطبيعي للإيمان؛ فمنها قامت دولة الإسلام، فأول مَن آمن من النساء خديجة؛ فهي أول أسرة في الإسلام، وأول محضن لهذه الدعوة.
والحياة الزوجية سُنة من سنن الله في الخلق والتكوين، وهي عامة مطَّردة لا يشذُّ عنها عالَم الإنسان، أو عالم الحيوان، أو عالم النبات، {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (الذاريات: 49)، {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} (يس: 36).
و الأسرة هي الأسلوب الذي اختاره الله للتوالد والتكاثر واستمرار الحياة، بعد أن أعدَّ كِلَا الزوجينِ، وهيَّأهما؛ بحيث يقوم كل منهما بدور إيجابي في تحقيق هذه الغاية: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1).
و أحاط الإسلام الأسرةَ بسياجٍ من الأخلاق، ووضع العقوباتِ المناسبة لمن تُسوِّل له نفسه المساس بهذه الأخلاق الإسلامية؛ فحرَّم الاختلاط ونهَى عن أسبابه، وحرم الزنا، وجميع الأسباب المؤدِّية لذلك، والنصوص القرآنية واضحة في تشديد العقوبة للمحافظة على بناء الأسرة.

المرأة جبلت على حب الزِّينة
بيَّنت السنة أنه أُحلَّ للمرأة من الزِّينة ما لم يحل للرَّجل أن يتزيَّن به، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حُرِّمَ لباس الحرير والذَّهب على ذكور أمتي، وأُحِلَّ لإناثهم»؛ أخرجه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح»؛ وما ذلك إلاَّ لأنَّ المرأة جبلت على حب الزِّينة، والتحلي بالثياب والحلي من الذهب وغيره، كما قال -تعالى-: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} (الزخرف: 18)، حتَّى قيل: إنَّ الزِّينة بالنسبة للمرأة في رتبة «الحاجيَّات»، وبفواتها تقع في الحرج والمشقَّة، ولزينة المرأة اهتمام خاص في التشريع الإسلامي أكثر من الاهتمام بزينة الرجل ولباسه؛ لأنَّ الزينة بالنسبة للمرأة أمر أساسي، فُطرت على حبه؛ ولهذا السبب رخص للمرأة من الزينة أكثر مما رخص للرجل، فأُبيح لها الحرير والذهب وغيرهما.



دور الأسرة في غرس القيم الأخلاقية



الأسرة هي اللبنة الاجتماعية الأولى في المجتمع، وعلى صلاحها وقوتها واستقامتها يتوقف صلاحُ المجتمع وقوته وتماسكه؛ فالمرأة والرجل هما عماد الأسرة، إذا صلحا استطاعا أن يكوِّنا بيتًا نموذجيا على القواعد التي وضعها الإسلام، والأسرة لها تأثير كبير في تكوين جوانب شخصية الفرد المتعددة، كما أن الفرد يستقي منها عاداته وأخلاقه وطبائعه، ولا يمكن إغفال دور الأسرة في تنشئة الأطفال وتربيتهم على التدين والالتزام؛ فالعلاقة بين أفراد الأسرة والقيام بالعبادات، والتمسك بالشعائر، والتحلي بالخلق الحسن في القول والعمل، والأخذ بالقيم الفاضلة التي تدعو إلى حب الخير وكُره الشر، وغرس القيم الطيبة بين الأطفال، والحرص على مصالح الناس، والكف عن إيذائهم، فكل ذلك يدركه الطفل ويُحسه، ويشعر به من خلال تفاعُله مع جماعته المتدينة، بينما ينمو في اتجاه مخالف إذا نشأ في جماعة تهتز فيها القيمُ والمعايير الخلقية السليمة، وتنمو معه بذور الشر والانحراف الخلقي الذي تنعكس آثارُه في مواقف الحياة والمجتمع.


الزوجة المؤمنة تعين على أمر الآ خرة



عن ثوبان مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا رسولَ اللَّهِ أيَّ المالِ نتَّخذُ؟ فَقالَ ليتَّخِذْ أحدُكُم قَلبًا شاكرًا، ولِسانًا ذاكرًا وزَوجةً مُؤْمِنَةً تعينُ أحدَكُم علَى أمرِ الآخِرةِ».
لمّا سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أفضل ما يختزنه المرء من المال، ويكون مكسبًا له من هذه الدنيا، فعدَّ رسول الله أمورا، وهي أن يجعل المسلم لسانه يلهج بذكر الله -تعالى-، ويجعل قلبه شاكرًا لله -تعالى- راضيًا بما قسمه له، وذكر أيضًا اتخاذ المرأة الصالحة المؤمنة التي تُعين الرجل على إتمام إيمانه، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة مع ما سبق من المال؛ لأنَّها تنفع المؤمن، ونفعها يبقى ويدوم، ليس كسائر الأمور الدنيوية؛ فالمرأة المؤمنة تُعين زوجها على طاعة الله ونيل رضاه.
وقد بيّن الحديث أن من أعظم ما يكتسبه المسلم ويحصل عليه هو الزواج من المرأة المؤمنة التي تُعين زوجها على إتمام إيمانه ونيل رضا الله -تعالى.


الزوجة الصالحة فيضٌ من السعادة



روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِها الزوجة الصالحة»، فالزوجة الصالحة فيضٌ من السعادة يغمر البيت، ويملؤه سرورًا وبهجة وإشراقًا؛ فعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله -عز وجل- خيرًا من زوجة صالحة، إنْ أمرها أطاعَتْه، وإن نظر إليها سرَّته، وإن أقسم عليها أبرَّته، وإن غاب عنها نصحَتْه في نفسها وماله».


كان مهرها إسلام زوجها





الصحابية الجليلة أم سليم الخزرجية -رضي الله عنها




هي الصحابية الجليلة أم سليم الخزرجية، من أوائل الصحابيات اللاتي دخلن في الإسلام، وهي من يثرب، وأم سليم والدة الصحابي أنس بن مالك - رضي الله عنه - الذي كان خادمًا للرسول - صلى الله عليه وسلم . تميزت بالحكمة والصبر، وأسلمت -رضي الله عنها- حينما أدركت الإسلام، وبايعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإخوتها الذكور، وقد تزوجت من مالك بن النضر، وحينما أسلمت غضب زوجها، وبدأ يتوعدها، ولكن قتل في سفره، فأخذت أنسا - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون خادمًا له، ويتعلم منه - صلى الله عليه وسلم .
تقدم لخطبتها أبو طلحة الأنصاري، ولكنه لم يكن مسلما؛ فاشترطت عليه الإسلام حتى توافق على الزواج منه، فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلن إسلامه وتزوجا، وشاركت -رضي الله عنها- في غزوة حنين، وكان لها دور مهم في تحميس المقاتلين، وداوت المصابين من المسلمين، وتوفيت أم سليم في سنة ستمئة وخمسين للهجرة في عهد خلافة معاوية بن أبي سفيان.

ابو وليد البحيرى
2024-05-31, 05:00 AM
المرأة والأسرة – 1183

الفرقان





استَوْصوا بالنِّساءِ خَيرًا
روى أبو هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يُؤذي جارَه، واستَوْصوا بالنِّساءِ خَيرًا، فإنَّهنَّ خُلِقنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعلاه، فإن ذهَبتَ تُقيمُه كسَرْتَه، وإنْ ترَكتَه لم يزَلْ أعوَجَ، فاستَوصوا بالنِّساءِ خَيرًا»، بعض الناس يسيء فهم هذا الحديث، بأن فيه انتقاصا للمرأة وتقليلا من شأنها، إلا أن معنى الحديث غير ذلك تماما، ففي هذا الحديث أمر نبوي بالإحسان إلى النساء وحسن معاملتهن.
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «استَوصُوا بالنساء خيرًا»؛ يعني: اقبَلوا هذه الوصيةَ التي أُوصيكم بها، وذلك أن تفعلوا خيرًا مع النساء؛ لأن النساء قاصراتٌ في العقول، وقاصرات في الدِّين، وقاصرات في التفكير، وقاصرات في جميع شؤونهن؛ فهذه المرأة إنِ استمتَعَ بها الإنسان استمتَع بها على عوج، فيَرضى بما تَيسَّر، وإن أراد أن تستقيم فإنها لن تستقيم، ولن يتمكَّن من ذلك، فهي وإن استقامت في دينها، فلن تستقيم فيما تقتضيه طبيعتُها، ولا تكون لزوجها على ما يريد في كلِّ شيء، فهي قاصرة بمقتضى جِبِلَّتِها وطبيعتها، وفي هذا توجيهٌ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حسن معاشرة الإنسان لأهله، وأنه ينبغي أن يأخذ منهم العفوَ وما تيسَّر، كما قال -تعالى-: {خُذِ الْعَفْوَ} (الأعراف: 199)؛ يعني ما عفا وسهُل من أخلاق الناس {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف: 199)، ولا يمكن أن تجد امرأةً -مهما كان الأمر- كاملة، إلا ما أخبر به رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»، ولكن كما أرشَدَ النبي -عليه الصلاة والسلام- استمتعْ بها على ما فيها، وأيضًا إنْ كرهتَ منها خُلُقًا رَضِيتَ منها خلُقًا آخرَ، فقابِلْ هذا بهذا مع الصبر، وقد قال الله -تعالى-: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء: 19).


ليكن بيتنا مسجدًا



من هدى النبي -صلى الله عليه وسلم - أن نتخذ المساجد في البيوت، وأن نواظب على صلاة السنن في البيت، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا أيها الناس في بيوتكم -يعنى الصلوات المسنونة-، فإنَّ أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»، فالصلاة في البيت تشيع فيه روح الطاعة والعبادة لله، وصلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد سواء كانت -مفروضة أم مسنونة- فقد روي أن أم حميد الساعدية جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قد علمتُ، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجد الجماعة».


اقتصاد البيت المسلم



يقوم اقتصاد البيت المسلم على مجموعة من القيم والأسس التي تميزه عن غيره، منها:
- الاعتدال في الإنفاق وتدبير شؤون البيت، قال -تعالى-: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا} (الإسراء: 29)، وقال أبو بكر -رضى الله عنه-: إني أبغض أهل البيت الذين ينفقون رزق أيام في يوم واحد، ولقد أوصت سيدة صالحة ابنتها: لا تكلفي زوجك إلا ما يطيق طبقًا للأحوال، وارفعيه بيدك عن مواطن الضعف والضيق، فحمل الصخور أخف من حمل الديون.
- إدراك الفرق بين الاقتصاد والشح، فالمسلم منهي عن البخل والشح، ولا شك أن ضرورات كل عصر تختلف عن غيره، وضرورات بيت تختلف عن ضرورات بيت آخر، والعبرة ألا يشتري إلا ما هو ضروري للاستعمال.
- ترتيب أولويات الإنفاق في حدود الكسب، فيكون الاهتمام بالضروريات ثم الكماليات، ويجب البعد عن الإنفاق غير المشروع، مثل الإنفاق على وسائل اللهو غير المشروعة، أو شراء ما حرمه الشرع.
- ادخار الفائض من الحاجات الأساسية؛ فقد يحتاج البيت لهذا الفائض بعد ذلك، ولا سيما في حالات الشدة والضيق.
- إعداد الميزانية، ويقصد بها توزيع الموارد المحدودة على الحاجات المتعددة، والقصد من وضع الميزانية حسن استغلال الموارد.



الالتزام بحقوق الجيران



للجار المسلم على جاره حقوق، ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدم القيام بنفع الجار ومساعدته، وذك فيما رواه البخاري في الأدب المفرد عن نافع عن ابن عمر قال : لقد أتى علينا زمان أو قال : حين وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : « كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة! يقول :يا رب، هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه «.



قواعد في إعداد ميزانية الأسرة



- لابد أن يتعلم أفراد الأسرة كيفية اتخاذ القرارات السليمة والحكيمة، لاتباع أفضل الطرائق لاستعمال ما يتوفر لديهم من موارد وإمكانيات.
- الاعتماد على الشورى بين أفراد الأسرة، لضبط الميزانية كلما أمكن، فمشاركة أفراد الأسرة تعطى حافزًا معنويا لهم وتجعلهم يتحملون جميعًا عبء ضبطها.
- ترشيد استهلاك المواد الغذائية من خلال شراء الاحتياجات الأساسية بالكميات التي يحتاج إليها دون زيادة.
- عدم الوقوع تحت تأثير الإعلانات؛ حيث يستهدف أغلبها التأثير على الناس لشراء ما لا يحتاجون إليه.


بركة بقاء المرأة في مصلاها في الصباح



روى مسلم في صحيحه عَنْ جُوَيْرِيَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى الْـحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ «سُبْحَانَ اللَّـهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ».

ابو وليد البحيرى
2024-06-08, 10:34 PM
المرأة والأسرة – 1184

الفرقان









من صور تكريم الإسلام للمرأة
اهتم الإسلام بالمرأة اهتمامًا كبيرًا، وظهر ذلك في صور شتى، فقد جعل الله -تعالى- سورة من سور القرآن العظيم باسمهن (سورة النساء)، وسمى سورة أُخرى باسم إحداهن (سورة مريم)؛ وذلك تكريمًا لهن، وقد ميَّز المرأة في مراحل حياتها، وقدرها، بل إنّه -جلّ وعلا- جعلها مسؤولة من الرجل في الأُمور الشاقة ومنها الاجتماعية والاقتصادية ومتطلبات العيش.
كما أمر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بالإحسان إلى البنات فقال: «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جدته، كن له حجابًا من النار يوم القيامة»، وعنما تصبح زوجة قال الله -تعالى- {وَعَاشِرُوهُن بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: 19)، ورفع من شأنها أمًّا فقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، هكذا ميزها المولى -جل علاه.
وإننا لا نجافي الحقيقة حين نقول: إن الإسلام قد حفظ حقوق الـمرأة منذ تكوينها جنينًا في بطن أمها إلى أن تنزل قبرها، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجه للنساء خطابًا خاصا بعد حديثه للرجال، وربما خصهن بيوم يعلمهن فيه دون الرجال، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن..»، وكانت ثمرة ذلك الاهتمام وتلك الوصايا النبوية للمرأة، صورًا مشرقة في التاريخ من النماذج النسائية المثالية.



من أسباب استقرار البيوت التفاهُم والتشاوُر

لابُدَّ للزوجين من بناء جسرٍ من التفاهُم والانسجام بينهما، قوامُه رعاية كلٍّ منهما لحقوق الآخَر؛ حتى يكون التآلُف والتآزُر بينهما قائمًا على أساس المعروف، لا على أساس الهوى والنزوة، فلا يُهمِل الزوج حُقوقَ زوجته لمجرَّد خطَأ منها أو شيء يكرهه فيها، وكذلك لا تهمل الزوجة حُقوق زوجها لبخلٍ منه، أو أذى بدر منه؛ لسوء فهم، أو سرعة غضب، أو غير ذلك.




ممارسات تدمر الموهبة عند الأطفال

(1) من أهم مدمرات الموهبة عند الأطفال الألعاب الإلكترونية؛ حيث تقتل الذكاء الاجتماعي والذكاء اللغوي عندهم.
(2) السخرية من أفكار الطفل والتعليق غير التربوي على ما يقدمه من إنتاج وتقدم وبذلك تصبح الدافعية لديه متدنية.
(3) قفل باب الحوار مع الطفل منذ الصغر بحكم العادات والتقاليد الخطأ وبذلك يتم قتل الذكاء اللغوي والاجتماعي لديه.
(4) تهميش الأطفال وأمرهم بالسكوت وتعنيفهم باستمرار.
(5) التعليم بالتلقين وعدم مراعاة ميول الطالب وقدراته.
(6) عدم تمكين الأطفال من عيش طفولتهم الطبيعية وإغراقهم في الأنشطة التعليمية.



الفتنة بالنساء

دلت النصوص الشرعية أنَّ الفتنة بالنساء إذا وقعت ترتَّب عليها من المفاسد والمضار وسوء العواقب ما لا يُدرك مداه ولا تُحمد عقباه، فعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه ما- أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ»، وعن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ»، أي اتخذها غرضًا له لإشاعة الرذيلة وفتْنِ الرجال بها، ولا سيما إذا خرجت متجملة متعطرة مزيَّنة، مظهرةً لبعض مفاتنها مبديةً لبعض محاسنها فهنالك يعظم الشر ويتزايد الفساد.


أنواع من اجتهاد النساء في العبادة

كانت «عصمة الدين» امرأة صالحة وهي زوجة الملك الصالح نور الدين زنكي، وقد عرف عنها اجتهادها في العبادة، ففي ليلة من الليالي قامت غاضبة فزعة من نومها، فسألها زوجها: ما الذي أغضبك؟ ما الذي حدث؟ ما الذي جرى؟ فقالت وهي تبكي: فاتني وردي البارحة فلم أصل من الليل شيئاً.



المهر العظيم

عن ثابت البناني -رحمه الله- عن أنس - رضي الله عنه -، قال: «خطب أبو طلحة أُمَّ سليم، فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يُرَدُّ؛ ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحلُّ لي أن أتزوَّجك، فإن تسلم فذاك مهري، ولا أسألك غيره، فأسلم، فكان ذلك مهرها، قال ثابت: فما سمِعْتُ بامرأة قطُّ كانت أكرم مهرًا من أُمِّ سليم الإسلام، فدخل بها فولدت له» أخرجه النسائي، وهذا المهر العظيم كان له ثماره الطيبة على حياتهما الزوجية، فالمهر العظيم ينتج ثمارًا عظيمة.



البيت نعمة

قال الله -تعالى-: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا} (سورة النحل الآية 80)، قال ابن كثير - رحمه الله -: «يذكر -تبارك وتعالى- تمام نعمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع»، ولن تعرفي حقيقة هذه النعمة إلا حين تتأملين أحوال الناس ممن لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ، أو على أرصفة الشوارع، أو اللاجئين المشردين في المخيمات.


حشمة المرأة

ستر المرأة وحشمتها وحياؤها عائد إلى قوة إيمانها ودينها، وينظر في هذا -على سبيل المثال- إلى حال أم سلمة -رضي الله عنها -؛ لما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ المرأة ترخي شبرًا قالت: إذن ينكشف عنها؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: إذن ذراعًا لا تزيد عليه.


نساء من أهل الجنة

أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة المسلمة بغضِّ النظر عن هَفوات الزوج والسعي في تحقيق رضاه؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أُخبِركم برجالكم من أهل الجنَّة؟ النبيُّ في الجنَّة، والصديق في الجنَّة، والشهيد في الجنَّة، والمولود في الجنَّة، والرجل يزُورُ أخاه في ناحية المصر لا يزورُه إلا لله - عزَّ وجلَّ - ونساؤكم من أهل الجنَّة: الودود الولود العؤود على زوجها، التي إذا غضبَ جاءتْ حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول: لا أذوقُ غمضًا حتى تَرضَى».

ابو وليد البحيرى
2024-06-08, 10:38 PM
المرأة والأسرة – 1186

الفرقان







اهتمام الشريعة ببناء الأسرة
اهتمَّت الشريعة الإسلامية ببناء الأسرة اهتمامًا بالغا؛ لأنّها نواة المجتمع وأساسه، وأساس الأسرة هما الزوجان، فصلاح العلاقة بين الزوجين صلاح للأسرة، وفسادهما فساد للأسرة، وبصلاح الأسرة يصلح المجتمع، والعكس صحيح، ومفهوم الأسرة ليس موجودا إلا في ديننا الحنيف، والمحافظة على هذا الكيان من أبرز مقاصد الشريعة.


منهج القرآن في حل الخلافات الزوجية
قال الله -تعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}(النساء : 35)، أي: وإن خفتم الشقاق بين الزوجين والمباعدة والمجانبة حتى يكون كل منهما في شق {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} أي: رجلين مكلفين مسلمين عدلين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين، ويعرفان الجمع والتفريق.
وهذا مستفاد من لفظ «الحَكَم» لأنه لا يصلح حَكَمًا إلا من اتصف بتلك الصفات، فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب، فإن لم يستطع أحدهما ذلك، قنَّعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق، ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلا عنه، فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح، فرقا بينهما، ولا يشترط رضا الزوج، كما يدل عليه أن الله سماهما حَكَمَيْن، والحَكَم يَحْكُم ولو لم يرض المحكوم عليه، ولهذا قال: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} أي: بسبب الرأي الميمون والكلام الذي يجذب القلوب ويؤلف بين القرينين، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} أي: عالمًا بجميع الظواهر والبواطن، مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها، فمن علمه وخبره أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة والشرائع الجميلة.
حرص نساء الصحابة -رضي الله عنهنَّ- على تَعلُّم السنة
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: «اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا»، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ»، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوِ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ»، في الحديث عُلوُّ همة الصحابيات -رضي الله عنهنَّ-، وحرصهنَّ على تعلُّم السنة وأحكامها.
الحرص على صلاح الدين بين الأزواج


من أهم الأسس في حصول السعادة بين الزوجين وتحقيق المقصود من الزواج، حرص كلا منهما على صلاح دين الطرف الآخر، وعلى المشاركة في العبادات، وعلى طلب العلم وحضور مجالس الذكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديم النصح للطرف الآخر، قال -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنون وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة:71).
الاختيار وأثره في استقرار الأسرة
وضع الإسلام أسس الأسرة المسلمة، بما يحقق المصلحة لكل فرد من أفرادها، ودعا المسلم إلى الالتزام بها ليستقر بناء البيت المسلم، ومن هذه الأسس الشرعية، اختيار الزوج والزوجة وفق ميزان التدين والصلاح، فالواقع يظهر لنا أن أسس الاختيار الزواجي أصبح يغلب عليها تغليب المعايير المادية، والسعي وراء المظاهر الخارجية والكماليات لدى كل من الطرفين؛ وبذا لم يعد مفهوم الزواج في الأسر المسلمة مختلفًا عنه في الأسر غير المسلمة، نظرًا لضياع المقاصد الشرعية من الزواج، الأمر الذي سرعان ما يفضي إلى تفكك البناء الأسري.
أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية - المبايعة الصادقة
أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية -رضي الله عنها- نموذج رائع من النساء اللاتي كن يسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمور دينهن لتصل إلى طريق الصواب، وتسلك جانب الخير؛ ولذلك وصفت بأنها من ذوات العقل والدين وأنها خطيبة النساء، روت أسماء بنت يزيد قالت: مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا في جوار أتراب لي فسلم علينا، وقال: «إياكن وكفر المنعمين!»، وكنت من أجرأهن على مسألته فقلت: يا رسول الله، وما كفران المنعمين؟ قال: «لعل إحداكن تطول أيمتها بين أبويها ثم يرزقها الله زوجًا ويرزقها منه ولدًا فتغضب الغضبة فتكفر فتقول ما رأيت منك خيراً قط « ولأسماء -رضي الله عنها- مكانة خاصة في نفس أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فهي التي زينتها يوم زفافها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأدخلتها عليه وأصبحت بعد ذلك تدعى أسماء عائشة، وشهدت -رضي الله عنها- كثيرًا من الأحداث المهمة في الإسلام، وكانت تشارك فيها فحضرت غزوة الخندق، وخرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحديبية وبايعت بيعة الرضوان ثم شاركت في غزوة خيبر، وتوفيت -رضي الله عنها- في زمن يزيد بن معاوية - رضي الله عنه .
موقف عظيم
نقف هنا مع أبي هريرة - رضي الله عنه - وأمُّه أميمة بنت صبيح -رضي الله عنها- لنرى ميزتين عظيمتين في هاتين الشخصيتين الكبيرتين، هذا الموقف هو أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان إذا غدا من منزله لبس ثيابه ثم وقف على باب أمه فيقول: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فترد عليه مثل ذلك، فيقول جزاك الله عني خيرًا كما ربيتني صغيرًا، فتقول: وأنت يا ابني فجزاك الله عني خيرًا كما بررتني كبيرة، ثم يخرج، فإذا رجع قال مثل ذلك، فانظري إلى تعظيم هذا الصحابي الجليل لحق والدته وانظري إلى تقدير الأم لهذا البر.
أهمية معرفة سيرة نساء السلف
إن المرأة المسلمة اليوم تقع تحت ضغوط تكاد تبعدها عن منابع الإسلام الأولى، وتحول بينها وبين تَفَهُم رسالَتِه، لهذا كان عليها أن تتعرف على نساء الرعيل الأول من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعرفة سيرهنَّ وأخبارهنَّ، لتدرك الحال التي كنَّ عليها، ولتجعل منهنَّ قدوة حسنة، ومشاعل تنير أمامها الطريق، وتتذكر بحياة تلك النسوة اللاتي هانت عليهنَّ المكاره ابتغاء وجه الله -تعالى-، وأفضى يقين الإيمان إلى قلوبهنَّ، وسيطر على نفوسهنَّ وعقولهنَّ، فآثرنَّ الآجل على العاجل، والدائم على الفاني، ففزن برحمة الله ورضوانه.

ابو وليد البحيرى
2024-06-08, 10:39 PM
المرأة والأسرة – 1187

الفرقان



دور القدوة في التربية
تعد التربية بالقدوة من أهم وسائل التربية على الإطلاق، والأولاد الصغار أشد تأثرًا بالقدوة من الكبار؛ فهم يجدون في آبائهم المثل الأعلى، والنبراس الذي يهتدون به؛ لأنهم يعتقدون أن كل ما يفعله الكبار صحيحًا؛ فهم لا يدركون -في أول الأمر- الصواب من الخطأ، ولا يميزون بين الخير والشر، إنما هم ينظرون بأعين آبائهم، ويحاكون طريقتهم في الحياة.
توجيهات قرآنية في بيت النبوة
مِن جملة التوجيهات التي أحاط الله -جل وعلا- بها بيت نبيِّه الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - قول الله -تعالى-: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (الأحزاب: 32). فهذا أدب من الآدابٌ التي أمَر اللهُ -تعالى- بها نساء نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك، وقدّم لهذه الوصية التقوى {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} (الأحزاب: 32)، لأن التقوى هي المنطلق، ألا يخضعن بالقول: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} (الأحزاب: 32)؛ بمعنى ألا يعمَدْن إلى ترقيق كلامهن إذا خاطبن الرجال حتى لا يطمع فيهن مَن في قلبه ريبة ودَغَلٌ، بل يكون كلامهن جزلًا، وقولًا فصلًا، بلا ترخيم، ولا خضوع؛ إذ لا يحل للمرأة أن تخاطب الرجال الأجانب كما تخاطب زوجها. من هنا ندرك أنه إذا وجد التساهل بالحديث بين المرأة والرجل الأجنبي عنها كان ذلك السبيل الأول للشيطان؛ ليدخل بينهما، والمسألة ليست على سبيل التهمة لرجل، ولا امرأة؛ ولكن هذا أمر ربنا، وهو العليم الخبير، وهو الخالق لهذا الإنسان ذكرًا أو أنثى؛ لذلك كان من علامات وُفُورِ عقل المرأة، ودلائل عظيم حشمتها أن كلامها مع الرجال منضبط بهذا الضابط الذي أمر به القرآن وهو عدَم الخضوع بالقول؛ فليس بمحرم عليها أن تخاطب الرجال الأجانب فيما تحتاج إليه، ولكن عليها أن تلتزم بما أمرها به الشرع الحكيم، فكما أمر الناس عمومًا رجالًا ونساءً بتخيُّر الألفاظ الحسنة، والعبارات الطيبة في المحادثة فيما بينهم، أُمرَتِ المرأة أن تتجنب الخضوع بالقول {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (الأحزاب: 32).
كمال العبودية لله -تعالى
العبادة تجمع أصلين: غاية الحب بغاية الذل والخضوع، والتعبد: أي التذلل والخضوع، فمن أحببته ولم تكن خاضعًا له، لم تكن عابدًا له، ومن خضعت له بلا محبة، لم تكن عابدًا له، حتى تكون محبا خاضعًا، ومن هاهنا كان المنكرون محبة العباد لربهم منكرين حقيقة العبودية، والمنكرون لكونه محبوبًا لهم، بل هو غاية مطلوبهم ووجهه الأعلى نهاية بغيتهم؛ منكرين لكونه إلهًا، وإن أقروا بكونه ربًا للعالمين وخالقًا لهم، فهذا غاية توحيدهم.
الزواج سكن وأمان
الزواج سكن وأمان، وفيه رضا الرحمن، قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21)، وفيه حفظ الدين، فهو أغض للبصر وأحصن للفرج، وهذه النعمة تدوم وتزداد ويبارك فيها إذا كان المرء وفيا لزوجه وكانت المرأة وفيَّة لزوجها، قال -تعالى-: {وَعَاشِرُوهُن بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: 19)، أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت مثله، كما قال -تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 228)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/06/16.jpg
من الهدي النبوي في تعليم النساء
أحاط النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة بمزيد من الاهتمام والتكريم، وأوصى بها خيرًا في كثير من أحاديثه - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك وصيته العامة بالنساء في خطبته الشهيرة في حجة الوداع قبل موته قائلا - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بالنساء خيرا» رواه البخاري، ومن مظاهر عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء الاهتمام بتعليمهن أمور دينهن، والأمثلة الدالة على ذلك من سيرته وأحاديثه كثيرة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء نسوة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلن: يا رسول الله، ما نقدر عليك في مجلسك من الرجال، فواعدنا منك يوما نأتيك فيه؛ فقال: موعدكن بيت فلان، وأتاهن في اليوم ولذلك الموعد، قال: فكان مما قال لهن: ما من امرأة تقدم ثلاثا من الولد تحتسبهن إلا دخلت الجنة، فقالت امرأة منهن: أو اثنان قال أو اثنان. صحيح أخرجه أحمد وابن حبان.
مشكلة الألفاظ النابية لدى الأطفال
تعد مشكلة تلفظ الأطفال بشتائم وألفاظ نابية من أهم المشكلات التي تعاني منها العديد من الأسر، ولعلاج هذه الظاهرة علينا بالآتي: عدم الضحك مهما كان اللفظ أو الموقف مضحكًا، فالضحك يدفعه إلى التكرار.
التجاهل والتغافل في البدء خير علاج خصوصًا للأطفال ما بين سن الثانية إلى الرابعة.
إحلال السلوك الإيجابي محل السلوك المرفوض، والبحث عن مصدر الألفاظ البذيئة وإبعاد الطفل عنه، فهذه الألفاظ هي محاكاة لما قد سمعه من بيئته المحيطة: الأسرة والجيران والأقران والحضانة.
من المهم التدخل سريعا عند ظهور هذا السلوك قبل تفاقمه، إضافة إلى التحلي بالصبر والهدوء والتدرج في علاجه.

مسؤولية التربية
إن من أعظم ما حرصت عليه الشريعة الغراء تجاه الأبناء، أن يقوم الوالدان على تربيتهم وتعاهدهم بما يصلح لهم أمور دنياهم وآخرتهم، وجاءت النصوص الشرعية ببيان هذه المسؤولية، وأنها مشتركة بين الأب والأم معًا، وليست مقتصرة على أحدهما دون الآخر «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته»، إلا أنه قد خُصَّت الأم بالجانب الأكبر؛ لأنها أكثر ملازمة للأولاد من الأب الذي في الغالب يكون خارج البيت لطلب الرزق، وذلك فيما نص عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».
من الآ داب الشرعية للمرأة في طلبها للعلم
من الآداب الشرعية للمرأة في طلبها للعلم: الإخلاص لله -عز وجل-، والتزام اللباس الشرعي الذي فرضه الله عليها، وعدم الخروج متطيبات، وغض البصر كما قال -تعالى-: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}(ال نور:31)، وعدم الخلوة والخضوع بالقول كما قال -تعالى-: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً}(الأح زاب: 32).

ابو وليد البحيرى
2024-06-18, 11:11 AM
المرأة والأسرة – 1188

الفرقان






من حكمة المرأة مع زوجها

المرأة الحكيمة هي التي تزن كلامها مع زوجها؛ فإن الكلمة لها تأثيرها البالغ سلبًا وإيجابًا، وكم من المشكلات كان سببها كلمة! وكم من الاطمئنان والهدوء سببه كلمة! فعليكِ بمراعاة ذلك، ولا يغرنك الشيطان فإنه عدو لكما جميعًا، وعلى الزوج مثلما على الزوجة من مراعاة زوجته واختيار أفضل الكلام، حتى يسعدا جميعاً ويعيشان في هناء.
صيانة الإسلا م للمرأة
إنَّ نعمة الله على المرأة المسلمة عظيمة، ومنَّته عليها كبيرة؛ حيث هيأ لها الإسلام أسباب سعادتها وصيانة فضيلتها وحراسة عفتها، وتثبيت كرامتها ودرء المفاسد والشرور عنها؛ لتبقى زكية النفس طاهرة الخلق، منيعة الجانب مصونة عن موارد التهتك والابتذال، محميةً عن أسباب الزيغ والانحراف والانحلال. ومن ذلك ما جاء من نصوص في القرآن الكريم من وصيته لها بالقرار في البيت، قال الله -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب:33) ، ومن ذلك وصيته لها بغض البصر، قال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} الآية (النور:31)، ومن ذلك أمرها له بالحجاب، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الأحزاب:59)، إلى غير ذلك من النصوص العظيمة التي تستهدف صيانة المرأة المسلمة، وتحقيق عفتها، وحفظ كرامتها، وإبعادها عن أسباب الشر وبذور الفتن، وليحميها من التعرّض للرِّيبة والفحش، وليمنعها من الوقوع في الفساد، وليكسوها بذلك حلَّة التّقوى والطّهارة والعفاف، ويسدَّ بذلك كلَّ ذريعة تفضي إلى المعصية.
هؤلاء هُنَّ الْقُدواتُ
فِي الْأُمَّةِ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ فِي الْقَدِيمِ وَفِي الْحَدِيثِ حَفِظْنَ دِينَهُنَّ، وَالْتَزَمْنَ بِحِجَابِهِنَّ، وَرَبَّيْنَ أَوْلَادَهُنَّ، وَنَفَعْنَ أُمَّتَهُنَّ، وَأَجْرُهُنَّ عِنْدَ اللَّهِ -تعالى- مَحْفُوظٌ، وَذِكْرُهُنَّ فِي النَّاسِ مَعْرُوفٌ، وَفِيهِنَّ ثَرِيَّاتٌ أَوْقَفْنَ الْأَوْقَافَ الْعَظِيمَةَ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَدُورِ الْأَيْتَامِ، وَمَعُونَةِ الْأَرَامِلِ وَالْمُحْتَاجِي نَ. وَعَيْنُ زُبَيْدَةَ (زَوْجَةِ الْخَلِيفَةِ الرَّشِيدِ) لَا زَالَتْ آثَارُهَا بَاقِيَةً، أَجْرَتْهَا لِلْحُجَّاجِ فِي الْمَشَاعِرِ الْمُقَدَّسَةِ حِينَ رَأَتْهُمْ يَحْمِلُونَ قِرَبَ الْمَاءِ عَلَى ظُهُورِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ، وَأَنْفَقَتْ فِي إِجْرَائِهَا جَوَاهِرَهَا وَأَمْوَالَهَا، هَذِهِ النَّمَاذِجُ الْمُضِيئَةُ مِنْ نِسَاءِ الْأُمَّةِ هُنَّ الْقُدواتُ اللَّائِي يَجِبُ أَنْ يُحْتَذَيْنَ، وَأَنْ يَقْرَأَ بَنَاتُ الْمُسْلِمِينَ سِيَرَهُنَّ، حَفِظَ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَبَنَاتِهِمْ بِحِفْظِهِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِنَّ عَافِيَتَهُ وَسِتْرَهُ.
الأم في بيتها قدوة لبناتها
الأم في بيتها قدوة لبناتها في ملابسها وحجابها وكلامها وحشمتها؛ حيث إنهن ينظرن لها مربية ومعلمة، وفي الغالب الأعم تكون البنات على أخلاق أمهاتهن، فلتتقِ الله -تعالى- الأمهات في فلذات الأكباد، ولتستثمر ذلك في دلالتهن على الخير؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير، فله مثل أجر فاعله» (رواه مسلم)، فيا أيتها الأمهات، لا تخدشن أخلاق بناتكن بتصرف سيئ وحاشاكن من ذلك! ولتكن الأم مع بناتها يأتمرن بالمعروف وينتهين عن المنكر؛ لينجوَ الجميع في الدنيا والآخرة.
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/06/71.jpg
حتى تستقر الأسر وتطمئن
من حكمة المرأة في بيتها أن تحتويَ الخلاف مع زوجها، ولا تُظهره لأولاده، وأن تتنازل وتتغافل فيما يمكن التنازل فيه والتغافل عنه بقدر الإمكان، وذلك مقابل بقاء العشرة الزوجية واستمرار تلك الأسرة يسودها الألفة والمحبة، وهكذا للزوج يقال فيما يخصه من التنازل والتغافل فيما يمكن التغافل عنه، أما إذا صار الزوجان متقابلين في الخصومات واللجاجات، فإن الأسرة لا تستقر ولا تطمئن، وتنخر فيها المشكلات، وتتسع دائرة الخلاف، وحينها يصعب الحل.
أحاديث موضوعة عن المرأة
هناك أحديث ضعيفة ومكذوبة اشتهرت عن المرأة، ومن ذلك قولهم: «شاوروهن وخالفوهن»، يعني: النِّساء؛ قال السيوطي: «باطل لا أصل له»، وهذا يخالف ما جاء في قوله -تعالى-: {عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} (سورة: 233)، وتُخالف أيضًا ما ثَبَتَ عنه - عليه الصَّلاة والسلام - من مشورة بعضِ أزواجه في بعض الأمور وعمله بمشورتهن، كما شاور زوجته «أم سلمة» في صلح الحديبية وعمل بمشورتها، عندما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه أن يحلقوا ويُقَصِّروا شعورهم، ويتحلَّلوا من إحرام العمرة، فشق عليهم ذلك.
من الأخطاء التربوية: اختلاف الرأي بين الأبوين
من الأخطاء التي يقع فيها الأبوان أنه إذا قام أحدهما بعقاب الطفل، يحاول الطرف الآخر التدخل لمنع هذا العقاب أو كسره في غيابه والتكتم على الأمر، وهو سلوك تربوي خطأ، يُعلم الطفل الكذب والخداع وعدم إدراك أخطائه.
مواقف عزيمة المرأة المسلمة وثباتها
من مواقف العَزيمَة والثَّبات والعِبْرَة للمرأة المسلمة مَوْقِف ماشِطَةِ بنْتِ فرْعَوْنَ التي تَمَسَّكَتْ بِدينِ الإسلامِ، وأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ عنِ الحَقِّ، فَقَتَلَهَا الطَّاغِيَةُ فِرْعَوْنُ، فَمَاتَتْ هِيَ وأوْلادُهَا شُهَداءَ، وبَعْدَ مِئاتِ السِّنينِ لَمَّا أُسْرِيَ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شَمَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رائِحَةً طَيِّبَةً عَطِرَةً، فقيل له: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا.
من الأخطاء التربوية: عدم الثبات في المعاملة
عدم الثبات على أسس محددة للتربية والتوجيه، وعدم الاتفاق على أساليب الثواب والعقاب، مثل معاقبة الطفل على سلوك معين في وقت ما، ومسامحته أو مكافأته على السلوك نفسه في وقت لاحق، يجعل الطفل مشتتًا بين الصواب والخطأ، وتكون شخصية مزدوجة في التعامل مع الآخرين.
المرأة الدِّينارية -رضي الله عنها
قال سعد بن أبي وقَّاصٍ -رضي الله عنه-: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ من بني دينار، وقد أُصيب زوجُها وأخوها وأبوها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأُحدٍ، فلـمَّا نُعُوا لها، قالت: فما فعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: خيراً يا أمَّ فلان! هو بحمد الله كما تحبِّين، قالت: أَرُونيه حتَّى أنظرَ إليه، فأُشير لها إليه، حتَّى إذا رأته، قالت: كلُّ مصيبةٍ بعدَك جَلَلٌ.

ابو وليد البحيرى
2024-06-18, 11:13 AM
المرأة والأسرة – 1189

الفرقان



رسالة إلى المرأة المسلمة
ما أحوج المرأة المسلمة إلى التسليم والانقياد لنصوص الوحيين: القرآن والسنة! وما أحوجها إلى أن ينشرح صدرها لحُكْم الله -تعالى! فتتلقى أحكام الشريعة بخضوع وقبول، دون تباطؤ أو تردد، وأن تبادر إلى فعل الطاعات، وأن تسارع إلى الباقيات الصالحات، لعلها تكون من الفائزات يوم العرض واللقاء، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلى من أتى الله بقلب سليم.
الزوجة الصالحة
مدح الله -سبحانه وتعالى- الصالحات من النساء بقوله -سبحانه-: {فَالصَّالِحَات قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ} (النساء: 34)، قال ابن كثير -رحمه الله-: {فَالصَّالِحَات} أي من النساء {قَانِتَاتٌ} قال ابن عباس وغير واحد: يعني المطيعات لأزواجهن {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ}. قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله، وقال عطاء وقتادة: يحفظن ما غاب عنه الأزواج من الأموال وما يجب عليهن من صيانة أنفسهن لهم، وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيّ النساء خير؟ قال: «التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله»، هذه هي صفات النساء المؤمنات الممدوحات مع أزواجهن: صالحات، بعمل الخير والإحسان إلى الأزواج، ومطيعات لأزواجهن فيما لا يسخط الله، ومحافظات على أنفسهن في غيبة أزواجهن، ومحافظات على ما خلفه الأزواج من الأموال، ولا يُرين أزواجهن إلا ما يسرهم، من طلاقة الوجه، وحسن المظهر، ونقاء السريرة.
استوصوا بالنساء خيرًا
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّ المرأة خُلِقَتْ مِن ضِلعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ مَا في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبتَ تُقيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإن تركته، لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء»، هذا أمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيرًا، وأن يحسنوا إليهن وألا يظلموهن وأن يعطوهن حقوقهن ويوجهوهن إلى الخير، وهذا هو الواجب على الجميع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا»، وينبغي ألا يمنع من ذلك كونها قد تسيء في بعض الأحيان إلى زوجها وأقاربها بلسانها أو فعلها؛ لأنهن خلقن من ضلع، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه»، فالمعنى أنه لابد أن يكون في خلقها شيء من العوج والنقص.
من صفات المرأة المسلمة
المرأة المسلمة تؤمن بالله -عزوجل- ربًّا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا، وبالإسلام ديناً، وتظهر آثار الإيمان عليها قولاً وعملاً واعتقادًا.
المرأة المسلمة تحافظ على صلاتها بوضوئها وخشوعها في وقتها؛ فلا يشغلها عن الصلاة شاغل.
المرأة المسلمة تحافظ على حجابها وتعتز به؛ فهي تطلب ستر الله وتشكره على أن صانها وزكاها بالحجاب.
المرأة المسلمة تحرص على طاعة زوجها؛ فتلين معه بالقول، وتُناصحه وتقوم على راحته.
المرأة المسلمة تربي أطفالها على طاعة الله -تعالى-، وتعلمهم العقيدة الصحيحة، وتغرس في قلوبهم حب الله -عزوجل- وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتجنبهم رذائل الأخلاق.

من روائع الشعر (المرأة الصالحة)
ليس الفتاة بمالها وجمالها
كلا ولا بمفاخر الآباء
لكنها بعفافها وبطهرها
وصلاحها للزوج والأبناء
وقيامها بشؤون منزلها وأن
ترعاك في السراء والضراء
ياليت شعري أين توجد هذه
الفتيات تحت القبة الخضراء
من علامات قبول العمل
قال ابن القيم -رحمه الله-: «وعلامة قبول عملك: استقلاله وصغره في قلبك، حتى إن العارف ليستغفر الله عقيب طاعته، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم من الصلاة استغفر الله ثلاثا، وأمر الله عباده بالاستغفار عقيب الحج، ومدحهم على الاستغفار عقيب قيام الليل، وشرع النبي - صلى الله عليه وسلم - عقيب الطهور التوبة والاستغفار، فمن شهد واجب ربه ومقدار عمله وعيب نفسه، لم يجد بدا من استغفار ربه منه واحتقاره إياه واستصغاره».
خلق العــَــفــَـــ ـــاف
قال الله -عزوجل-: {وَلْيَسْتَعفف الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (النور:33)، العفاف كلمةٌ عظيمة ومطلبٌ جليل؛ ولا يرضى أحدٌ لنفسه ولا لذويه أن يُنسب إلى ضدِّه ونقيضه من فسقٍ أو فجورٍ أو فساد أو غير ذلك، والله -عزَّوجل- أمر عباده بالعفاف، وأمر به نبيُه - صلى الله عليه وسلم -، ويترتب على العفاف من الآثار والخيرات الغِزار في الدنيا والآخرة ما لا يحصيه إلا الله -تعالى-، والعفاف زينة الشرفاء وحِلية الفضلاء وجمال الكرماء، كرماءِ النفوس والأخلاق .
نساء لم ينسهن التاريخ
أم ورقة الأنصارية
الصحابية الأنصارية الجليلة كانت تدعي أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية، أسلمت عندما خطت إقدام الرسول -صلي الله عليه وسلم- الشريفة أرض المدينة النبوية؛ حيث بايعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل غزوة بدر بأيام قليلة . كانت صوامة قوامة ومعروفة بالتقوي والصلاح، ونشأت على حب كتاب الله -تعالى-، وراحت تقرأ آياته آناء الليل وأطراف النهار حتى غدت إحدى العابدات الفاضلات؛ فجمعت القرآن، وكانت تتدبر معانيه، وتتقن فهمه وحفظه، كما كانت قارئة مجيدة للقرآن، واشتهرت بكثرة الصلاة وحسن العبادة. ولم يقتصرها حبها للإسلام علي صعيد الصلاة وقراءة القرآن ورواية الحديث بل كانت ترغب في الجهاد حيث استأذنت النبي -صلي الله عليه وسلم- للجهاد والشهادة في سبيل الله، وهي الواقعة التي قصتها بالقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما غزا بدرًا قلت له: يا رسول الله، ائذن لي في الغزو معك، أمرض مرضاكم لعل الله أن يرزقني الشهادة؛ فرد عليها الرسول -صلي الله عليه وسلم- قائلا: «قري في بيتك فإن الله تعالى يرزقك الشهادة»، ومنذ تلك الواقعة بينها وبين النبي غدت أم ورقة - رضي الله عنها - تعرف بهذا الاسم «الشهيدة» .

ابو وليد البحيرى
2024-06-18, 11:18 AM
المرأة والأسرة – 1190

الفرقان







معايير اختيار الزوج
كما أن الدين معيار وأساس في اختيار الرجل لزوجته، فإنه كذلك بالنسبة لاختيار المرأة للرجل، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ».
من وصايا القرآن للنساء
الأمر بإقامة الصلاة
مما أوصى به القرآن الكريم النساء، ما جاء في سورة الأحزاب من الوصية بإقامة الصلاة، وذلك في قول ربنا -سبحانه-: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاة} (الأحزاب: 33). قال السعدي -رحمه الله-: «لما أمرهن بالتقوى عمومًا، وبجزئيات من التقوى، كذلك أمرهن بالطاعة، خصوصًا الصلاة والزكاة، اللتان يحتاجهما، ويضطر إليهما كل أحد، وهما أكبر العبادات، وأجل الطاعات، وفي الصلاة، الإخلاص للمعبود، وفي الزكاة، الإحسان إلى العبيد»؛ فالصلاة عماد الدين، وهي الحد الفاصل بين الكفر والإيمان، ولا سعادة للإنسان، ولا هناء في حياته إلا بمحافظته على هذه الفريضة التي جعل الله فيها من أنواع الخيرات والبركات ما لا يمكن حصره، ألم يقل رب العزة -سبحانه-: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}؟ (العنكبوت: 45)، وهكذا ما جاء من النصوص العظيمة في إجلال هذه الفريضة، وما ينبغي مِن الحرص والحفاظ عليها، وقد يكون لدى بعض النساء نوعٌ من الإخلال بهذه الفريضة مِن جهة ما يعرض لهن مِن العُذر الشرعي، الذي يُدخل بعضَ النساء في نوعٍ من التفريط من جهة عدم مراعاتها لبدء العذر وانتهائه، فربما تركت فرائض أو أخلَّت بما يجب في ذلك، وهذا يوجب على المرأة أن تكون متفقهة في دينها، وأن يتواصى الأبوان بأن يُبيِّنا لبناتهما ما ينبغي في شأن هذه الفريضة، وما يستوجب لهن من الفرائض والأركان، التي من جملتها ما يتعلق بالطهارة لها.
المرأة وطلب العلم
في دواوين الحديث وكتب التراجم كان للمرأة حضور بارز ودور عظيم في تلقي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروايتها، بل نافست الرجال منذ العهد النبوي، وطلبن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخصهن بمجلس، سجل ذلك الإمام البخاري في صحيحه حين وضع هذا العنوان (هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةٍ فِي الْعِلْمِ؟) أورد فيه حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «قالتِ النِّسَاءُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِن نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ»، لقد سابقت المرأة الرجال في طلب العلم، وربما سبقتهم وانفردت دونهن، فمن الأحاديث التي لا يعرف أنه قد رواها إلا النساء حديث فاطمة بنت قيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفقة المبتوتة وسكناها، فكانت قصتها حديثًا يروى وسنة متبعة وحكما يقضي به، وقد أخذ كبار التابعين هذا الحديث من فم فاطمة وتناقلوه عنها وارتبط باسمها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
حقيقة حديث النبي صلى الله عليه وسلم «ناقصات عقل ودين»
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « ما رَأَيْتُ مِن ناقِصاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» فقيل: « يا رَسولَ اللهِ، وما نُقْصانُ العَقْلِ والدِّينِ؟» قالَ: «أمَّا نُقْصانُ العَقْلِ: فَشَهادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهادَةَ رَجُلٍ فَهذا نُقْصانُ العَقْلِ، وتَمْكُثُ اللَّيالِيَ ما تُصَلِّي، وتُفْطِرُ في رَمَضانَ فَهذا نُقْصانُ الدِّينِ»، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: «بين - صلى الله عليه وسلم - أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها، وأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى؛ وذلك لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى، فتزيد في الشهادة أو تنقصها، وأما نقصان دينها؛ فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة، فهذا من نقصان الدين، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله -عزوجل-، هو الذي شرعه -تعالى- رفقا بها وتيسيرا عليها؛ لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس والقضاء بعد ذلك». وقد أساء بعضهم -عن جهل أو عمد- فهم خطابه - صلى الله عليه وسلم - للنساء ووصفهن بأنهن «ناقصات عقل ودين» ففهم الحديث وفق مراده هو، وجعل من ذلك دليلا على ظلم الإسلام للمرأة، والإسلام من هذا الفهم السقيم بريء، وحاله كحال من قرأ قول الله -تعالى-: {فويل للمصلين} (الماعون -5).
حشمة المرأة
عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَن جرَّ ثوبَهُ خيلاءَ لم ينظُرِ اللَّهُ إليهِ يومَ القيامةِ»، فقالَت أمُّ سَلمةَ: «فَكَيفَ يصنَعُ النِّساءُ بذيولِهِنَّ؟» قالَ: «يُرخينَ شبرًا»، فقالت: «إذًا تنكشفَ أقدامُهُنَّ»، قالَ: «فيُرخينَهُ ذراعًا، لا يزِدنَ علَيهِ»، مما يستفاد من الحديث أن ستر المرأة وحشمتها وحياءها عائد إلى قوة إيمانها ودينها، أمَّا مَن رقَّ دينها وضعف إيمانها، فإنها لا تبالي بتلك الحشمة.
بذلت كل ما تملك في سبيل الدفاع عن الدين
الفريعة بنت مالك -رضي الله عنها
الفريعة بنت مالك بن سنان الخدرية -رضي الله عنها- إحدى نساء الصحابة اللاتي بذلن كل ما يملكن في سبيل الدفاع عن الدين طلباً للفوز في الآخرة، أبوها مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري الخزرجي الخدري الصحابي الجليل - رضي الله عنه -، وأمها حبيبة بنت عبد الله بن أبي -رضي الله عنها-، وأخوها الشقيق مفتي المدينة سعد بن مالك بن سنان - رضي الله عنه -، أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أحد أبطال غزوة الخندق وأحد الأعلام في بيعة الرضوان، بين هذه الفئة الطيبة نشأت الفريعة بنت مالك -رضي الله عنها-، تنهل من المكارم والفضائل وتكتسب من الأخلاق معاليها، وكانت -رضي الله عنها- من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين بايعوا تحت الشجرة بالحديبية في السنة السادسة من الهجرة، وبذلك كانت من أولئك النفر الذين أثنى الله -تعالى- عليهم بقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح 18).
أحاديث لم تصح عن النساء
من الأحاديث التي لم تصح عن النساء قولهم: «النساء مصابيح البيوت، ولكن لا تعلِّموهن»، وهو حديث موضوع، وهو من عجيب ما وُجد في أحاديث النِّساء المشتهرة على ألسنة الناس؛ لأنَّ بدايته ثناء على المرأة؛ وختامه ذم لهن، وهو مُخالف لما أمر الله -تعالى- به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في تعليم النساء، ومخالف أيضًا لعموم حديث: «طلب العلم فريضة على كلِّ مسلم»، وعموم غيره مما صح في تعليم النساء.
الرعاية الاجتماعية للنساء
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يهتم بالنساء من الناحية الاجتماعية وحظيت بالمعاملة الحسنة منه، فكان - صلى الله عليه وسلم - يزور بعضهن ويواسيهن في المصائب ويهنئهن في الزواج، وكان - صلى الله عليه وسلم - يفتح بابه للنساء للاستشارة فيما يقع لبعضهن من الأمور مثل حادثة خولة المجادلة في شأن الظهار، بل كان يشاور بعض أزواجه في شؤون العامة، فقد استشارت أم سلمة في حادثة صلح الحديبية، واتخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - دار رملة بنت الحارث يؤوي فيه من يريد إيواءه من الوفود.

ابو وليد البحيرى
2024-06-18, 11:20 AM
المرأة والأسرة – 1191

الفرقان







الأسرة وتربية الأفراد على القيم
الأسرة هي المسؤولة عن تنشئة الأفراد على احترام القيم الاجتماعية، والحفاظ على حقوق الآخرين، ونبذ السلوكيات الخطأ، وإن تربية الأبناء على المنظومة القيمية فرض عين على الوالدين، وتأتي ضمن الأمانة التي حملها الإنسان بقوله -تعالى-: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (الأحزاب:72).
إنصاف الإسلا م للمرأة وتمييزه لها
بخلاف ما يدعي دعاة التحرر والليبرالية والنسوية، أن الإسلام ضيق على المرأة وظلمها، ولا شك أن هذه ادعاءات باطلة، القصد منها أن تتمرد المرأة على تعاليم الإسلام وثوابته وقيمه وأخلاقه؛ فالإسلام لم يظلم المرأة، ومن عدله أنه لم يجعل الواجبات عليها وحدها، ولا على الرجل وحده. بل قال -تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة:228)؛ فللنساء من الحقوق مثل ما عليهن من الواجبات، ومن أقوى علامات تمييز الله للنساء، بأن جعل سورة من سور القرآن العظيم باسمهن «سورة النساء»؛ وذلك تكريمًا لهن، وسمى سورة أُخرى باسم إحداهن سورة مريم، ورغم المساواة في التكليف إلا أن الإسلام ميز المرأة في مراحل حياتها وقدرها بوصفها إنسانة، لا بل إنّه -جلّ وعلا- حمّل مسؤوليتها في الأُمور الشاقة ومنها الاجتماعية والاقتصادية ومتطلبات العيش إلى الرجل، وفي فضل الإحسان إلى البنات قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جدته، كن له حجابًا من النار يوم القيامة»، وعندما تصبح زوجة قال الله -تعالى- {وَعَاشِرُوهن بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: 19)، والأخت هي الرحم، ورفع من شأنها كأم لدرجة أنه قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، هكذا ميزها المولى -جل علاه-، وإننا لا نجافي الحقيقة حين نقول: إن الإسلام هو الـمحرر الحقيقي لعبودية الـمرأة، وأنه قد حفظ حقوقها منذ تكوينها جنينًا في بطن أمها إلى أن تنزل قبرها.
لتكن البداية: تقوية الصلة بالله -عزوجل
كثير من الأمهات ينصب جهدها وجهادها على استذكار الأبناء، ورفع مستوى التحصيل، ودفعهم للحصول على أعلى الدرجات، في حين تغفل عن السبب الأساسي للقوة والنجاح والتوفيق، وهو حسن الصلة بالله -عزوجل-؛ فالإيمان بالله -عزوجل- يمنح المرء القوة والدافعية للسعي والإنجاز؛ لأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والإيمان بالله -عزوجل- يُشعِر الفرد بالثقة بأن ما سيعمله لن يضيع هباءً منثورًا، حتى ولو لم يجنِ ثمرته في الدنيا فجزاؤه مدخر في الآخرة، يقول -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} (الكهف:30).
دور الشيطان في الخلافات الزوجية
عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت!». مما يستفاد من الحديث أن الشيطان له دور خطير في تأجيج المشكلات بين الزوجين وتضخيمها، وهو أحرص ما يكون على إلقاء الخصام والفرقة بينهما، فليحذرا كيده ومكره، وليحسن كل واحد منهما معاملة صاحبه، وليقم بحقه عليه حتى تستمر الحياة الزوجية السعيدة.
تربية الأبناء مهمة عظيمة
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيع؟ حتى يسأل الرجلَ عن أهل بيته»، إن الأولاد نعمة مِن الله مَنَّ بها علينا، فهم زينة الحياة الدنيا، وتربيتهم مهمة عظيمة يجب على الآباء والأمهات أن يحسبوا لها حسابًا، ويعدوا العدة للقيام بحقها، خصوصًا في هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن، واشتدت غربة الدين، وكثرت فيه دواعي الفساد، حتى صار الأب مع أولاده كراعي الغنم في أرض السباع الضارية، إن غفل عنها ساعة أكلتها الذئاب، وهكذا الآباء والأمهات إن غفلوا عن أبنائهم ساعة تاهوا في طريق الفساد.
استحضار النية في الدراسة
في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ومَن سلك طريقًا يلتمس فيه عِلمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة»، يغفل كثير من الآباء والأمهات عن تذكير أبنائهم وبناتهم بنية طلب العلم في دراستهم، فلا يصححها ولا يصلحها، فيصبح الهم ماديا ودنيويا بحتًا، فعندما يعرف الطالب أن دراسته ما هي إلا سعي في طلب العلم، وأنه في عبادة، تكون الدافعية لديه أكبر، والحرص على التفوق أعلى، وتتلاشى المشكلات وتذوب الشدائد في سبيل هذه الغاية السامية التي يسعى لها.
ساعدوا أبناءكم على تنظيم أوقاتهم
لا يجب أن يترك الأبناء لينظموا أوقاتهم بأنفسهم، ولا سيما مع صغر سنهم؛ لأنهم -بطبيعة الحال- سيميلون للعب والنوم وضياع الوقت، ويمكن أن يتم التنظيم عن طريق جدول نتفق فيه معهم، ونضعه في غرفتهم، ويشاركون في وضعه ورسمه وتخطيطه، فنقسم ساعات اليوم ما بين أداء العبادات والنوم والذهاب للمدرسة والدروس والاستذكار بما يتناسب مع جدولهم.
علموا أبناءكم
مع بداية العام الدراسي الجديد علموا أبناءكم أن الدراسة والعلم حياة الأمم والشعوب، وأولى الناس بالتفوق هم أمة «اقرأ»، وإذا كان العلم مهما لكل الأمم، فإن طلب العلم عندنا عبادة، ومذاكرة العلم عندنا تسبيح، والسعي في طلب العلم جهاد، وبذل العلم صدقة، وهنيئًا لمن تعلم العلم وعلَّمه وعمل بعلمه.
وصايا للمعلمات
لا تعاقبي الفصل كله بذنب بعض التلميذات؛ لأن في ذلك ظلما للبريئات.
احفظي أسماء طالباتك، وتعرفي على ميولهن ومهاراتهن.
لا تبدئي درسك بانتقاد تلميذة أو مجموعة من التلميذات.
لا تسخري ولا تدعي أحدا يسخر أو يضحك من المخطئة مهما كان خطؤها.
ساعدي طالباتك على حل مشكلاتهن.
روحي على طالباتك بالمزاح الصادق والمسابقات الهادفة.
خصصي وقتا للتواصل مع طالباتك خارج الحصة؛ لأن التواصل من صفات المعلمة الناجحة.
تفقدي الغائبات واسألي عنهن.
اجعلي درسك وأسلوبك مناسبًا للجميع وليس للمتفوقات فقط.

عاملي كل طالبة معاملة تشعر من خلالها أنها مهمة عندك، فاحترمي رأيها وقدري شخصيتها.

ابو وليد البحيرى
2024-07-04, 03:34 AM
المرأة والأسرة – 1192

الفرقان



واجبات الأم نحو أبنائها
إن من ألزم واجبات المرأة المسلمة في بيتها العناية بأبنائها، والاهتمام بهم ديناً وفكراً وخلقاً ومسلكاً؛ وذلك ليشبوا على الخصال الحميدة والأخلاق الرفيعة، معتزين بدينهم، منتمين إلى عقيدتهم، محبين لوطنهم.
توجيهات أخلاقية من سورة الحجرات
قال الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات: 6)، دلت الآيات الكريمة على وجوب التثبت في نقل الأخبار، والتريث في النطق من الأقوال الصادرة. حتى لا يقع الناس في سوء الظن، مما يكون له الأثر السيئ في تعكير صفو العلاقات الاجتماعية، وتفريق الروابط الزوجية؛ فيتفرق الشمل، ويتشتت الجمع، ويتباعد الأقرباء؛ بسبب أخبار غير صحيحة، أو شائعات غير ثابتة بل كاذبة شنيعة {فَتَبَيَّنُوا}، هذه قاعدة متينة، وأدب رفيع عظيم الصلة بأخلاقيات الناس ولا سيما في عصرنا الحاضر، الذي انتشرت فيه وسائل الاتصال الحديثة، فعلينا أن نتمثل هذا الأدب القرآني، وهذا التوجيه الرباني، فكم من خبر كاذب أدى إلى نتائج وخيمة، وعواقب أليمة! وكم فرق بين أفراد الأسرة الواحدة! فشتت جمعها، وفرق كلمتها، وأشعل نار الكره والبغضاء بين مجموعها، وكم من شائعة فصلت بين الزوجين المتحابين، وحولت الحياة الزوجية إلى الفرقة والتباعد، والتخاصم والتجادل، ولهذا حذرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نقل الأخبار قبل التحقق من صحتها، ويكفي في ذلك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع».

المرأة وتحمل مسؤوليتها
للأسرة المسلمة وإقامتها على ما يرضي الله -جل جلاله - شأن ليس باليسير، يقع عبئه على عاتق الرجل والمرأة على حد سواء، لكن المرأة تتحمل منه النصيب الأكبر؛ فهي الزوجة الحنون، والأم الشفيقة، والمربية الرفيقة، وسيدة المنزل المدبرة، وموجهة الأخلاق الفاضلة، فمنها تكون بداية كل فضيلة وإليها تنتهي؛ لذا كان على المرأة واجب العناية بأسرتها وتحمل مسؤوليتها، والقيام بما كلفها الله به من واجبات نحو زوجها وأبنائها، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الاستعانة بالله - عزوجل - واللجوء إليه بنية صادقة، وطلب العون منه بنية صادقة يشوبها اليقين الأكيد باستجابته -سبحانه- لدعائه وقبوله لرجائها.
دور الأسرة في مساعدة الأبناء على النجاح الدراسي
أكد عدد من الدراسات التربوية وجود علاقة وثيقة بين دوافع الأهل ودوافع الأبناء، وبين نظرة الأهل للتعليم ونظرة الأبناء له، فالأبناء يكتسبون مواقفهم تجاه المدرسة من أسرهم، فالذين استطاعوا تحقيق درجات عالية في المدرسة حققوا ذلك عن طريق ما يلي: الأسرة أيقظت الرغبة الداخلية والتنافس الذاتي لدى أبنائها في التعلم.
الأسرة ساعدت الأبناء على وضع أهداف للتعلم يمكن الوصول إليها.
الأسرة زرعت في الأبناء حب التحدي والطموح ومقاومة المخاطر والصدمات.
الأسرة وضعت للأبناء حدودا واضحة لكل الأمور مثل: مشاهدة التلفاز، الألعاب، الأصدقاء، الهاتف، الانترنت وغيرها.
الأسرة ساعدت الأبناء على حفظ إنجازاتهم وأعمالهم ضمن ملف خاص.
الأسرة عوّدت الأبناء على كيفية التحكم بالمشاعر والتفكير إيجابيا، والابتعاد عن السلبيات التي تعيق عملية التعلم.
الأسرة دربت الأبناء على كيفية التعامل مع الأخطاء تدريبا جيدا.

أخطاء تقع فيها بعض الأمهات
من الأخطاء التي تقع فيها بعض الأمهات مخالفة القول للفعل؛ حيث يتعلم الطفل من أبويه أمورا ثم يجد أنهما يخالفان ما علماه، وهذا السلوك له أثره السيئ على نفس الطفل وسلوكه، ويكفينا قول الله -عزوجل في إنكار هذا الأمر-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (سورة الصف 2-3). فكيف يتعلم الصدق من يرى والده يكذب؟ وكيف يتعلم الأمانة من يرى والده يغش؟ وكيف يتعلم أحسن الخلق من يرى والده يسب ويفحش في القول؟.
أحاديث لا تصح عن النساء...«الجنة تحت أقدام الأمهات»
من الأحاديث المكذوبة عن النساء حديث: «الجنة تحت أقدام الأمهات، من شئن، أدخلن، ومن شئن أخرجن»، وهو حديث موضوع بإجماع العلماء؛ لوجود موسى بن محمد بن عطاء الكذاب في سنده؛ لذلك وجب تركه وعدم الاستشهاد به، ولا سيما وأن في السنة الصحيحة ما يغني عنه فعن معاوية بن جاهمة، أنَّ جاهِمةَ جاءَ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُكَ ؟ فقالَ: هل لَكَ مِن أمٍّ ؟ قالَ: نعَم، قالَ : فالزَمها فإنَّ الجنَّةَ تحتَ رِجلَيها».
كانت مثالا للزهد والتقوى والخوف من الله
الصحابية الجليلة.. بريرة -رضي الله عنها
بريرة مولاة عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنهن-، كانت مولاة لبعض بني هلال فكاتبوها، ثم باعوها من عائشة -رضي الله عنها-، وذكرت كتب السيرة والسنة فضائل كثيرة للصحابية بريرة -رضي الله عنها-، وقد جاء الحديث عنها في مواضع لا تحصى، وكان لها نصيب وافر في خدمة السيدة عائشة -رضي الله عنها- ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك في الجهاد في سبيل الله؛ حيث كانت تخرج مع السيدة عائشة -رضي الله عنها- تؤدي دورها مع الصحابيات الأخريات من سقاية المجاهدين، وتطبيب الجرحى، وكانت ذات شجاعة نادرة وبطولة، وليس عجباً أن تكون كذلك؛ فهي تعيش مع السيدة عائشة أم المؤمنين، وابنة الصديق، وزوجة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكانت بريرة، -رضي الله عنها-، مثالاً في الكرم والجود والعطاء، وعاشت صابرة مؤمنة محافظة على دينها وإسلامها، وكانت حياتها مثال الزهد والتقوى والخوف من الله، توفيت الصحابية الجليلة بريرة، -رضي الله عنها-، في زمن خلافة يزيد بن معاوية، كما جاء ذكر ذلك في الطبقات لابن سعد والمستدرك والاستيعاب وأسد الغابة وأعلام النساء.

ابو وليد البحيرى
2024-07-04, 03:35 AM
المرأة والأسرة – 1193

الفرقان








الأسرة أساس صلاح المجتمع

الأسرة نواة المجتمع ومنطلق صلاح أفرادها من عدمه؛ فإذا أُنشئت الأسرة على تقوى من الله -تعالى-، كانت منبتًا حسنًا لأفرادها ذكورًا وإناثًا، ومعينًا صالحًا للمجتمع والأمة، أما إذا أنشئت بعيدا عن ذلك، فلا شك أنها تُصبح خطرًا عظيمًا على المجتمع.
من أسباب فشل بناء الأسرة الصالحة

من أسباب الفشل في بناء الأسرة الصالحة: ضعف العقيدة الإسلامية، وغياب معاني الإيمان بالله واليوم الآخر ومراقبة الله في النفوس؛ مما يؤثر سلبًا على العلاقات الأسرية بعضها ببعض.
ومما يؤدي -بلا شك- إلى كثرة المخالفات الشرعية، والعادات السيئة، حتى إن رب الأسرة ربما يرى أبناءه وبناته يتخلفون عن أداء الفرائض في أوقاتها، وربما يسمع عنهم ممارسة أنواع من المعاصي والآثام دون أن يحذرهم أو يذكرهم، وفي الجانب الآخر يهتم بكسوتهم وإطعامهم، ويجلب لهم ما يسعدهم في الجانب المادي، وهذا وإن كان من واجباته، ولكن ما هو أوجب منه معرفة العقيدة الإسلامية والارتباط بها علمًا ومعرفة وسلوكًا وأدبًا، ومنهجًا، وحياة، ومن أجل ذلك ربط الإسلام بين العقيدة وبناء الأسرة؛ لأن هذا البناء إن استقام سهل على أفراد الأسرة الاستجابة لبقية فروع الإسلام وتعاليمه، وفي الحديث: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِه».
من مقاصد القرآن الكريم: تَكْوِينُ الأُسرةِ الصالحة
من المقاصد التي استهدفها القرآن الكريم: تكوينُ الأسرة الصالحة، التي هي الرَّكيزة الأُولى للمجتمع الصالح، ونواةُ الأُمَّة الصَّالحة، ولا ريب أن أساس تكوين الأسرة هو الزَّواج، وقد عدَّه القرآن آيةً من آيات الله، مثل خلقِ السماوات والأرض، وغيرهما، فقال الله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21)، فقد أشارت الآية الكريمة إلى الدَّعائم الثلاث التي تقوم عليها الحياةُ الزوجية، وهي: السُّكون، والمودَّة، والرَّحمة، وقد سمَّى القرآنُ العظيم الارتباط بين الزوجين: (مِيثَاقًا غَلِيظًا)، كما في قوله -تعالى-: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء: 21)، والمقصود به العقدُ القويُّ المتين، وعبَّر القرآن الكريم عن مدى القرب واللُّصوق والدِّفء والوقاية والسِّتر بين الزوجين، فأنزل كلًّا منهما من الآخر منزلة اللِّباس لصاحبه، فقال -تعالى-: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة: 187).
من أهداف الزواج في القرآن
مِن أوَّل أهداف الزواج في القرآن: الذريةُ الصالحة، التي تقرُّ بها أعين الأبوين؛ لذا قال -تعالى-: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النحل: 72)، ومن دعاء عباد الرحمن: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74).
الكلام الطيب كالدواء
الكلام الطيب كالدواء على الجرح، فله تأثيره العجيب في استجلاب النفوس، ومن شواهد ذلك ما ورد عن عائشة -رضي الله عنها-: «ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه»، فليست الألفاظ السيئة من خلقه - صلى الله عليه وسلم -، بل إنه لا يقول إلا خيرًا، فقد خدمه أنس - رضي الله عنه - عشر سنين فما عاتبه على شيء لم يفعله، أو على شيء فعله.
التركيز على قيمة العمل وليس الدرجات
تقع على الأهل مسؤولية التركيز على قيمة العمل وليس الدرجات، وعليهم أن يزرعوا الثقة والأمل في نفوس أبنائهم، وأن المثابرة والصبر والتحمل أكثر أهمية من الموهبة والمقدرة الشخصية؛ فالذي يفوز في نهاية المطاف هو من يقدر على التحمل والجلد، وأن من أمضى الأسلحة التي يملكها الانسان هي الوقت والصبر، وعلى الأسرة ان تتوقع لأبنائها دائما توقعات إيجابية.
إظهار الخلافات يزعزع استقرار الأسرة
إظهار الخلافات أمام الأبناء يزعزع تماسك الأسرة واستقرارها؛ فالزوجان الحكيمان يعرفان أن المضرة في هذا منعكسة على الأولاد، ولربما أزالت جانبًا من التربية التي اجتهد فيها الزوجان في أولادهم، فهذه الخلافات يجب أن تقل ولا تكون أمام الأبناء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».
إياكِ والمساس بكبرياء الرجل!
إياك والمساس بكبرياء الرجل فهي أرق من قشرة البصل. تقول امرأة: قلت لزوجي في لحظة غضب: «يا ليتني لم أتزوجك»!. توقعت أنه سيصرخ أو حتى يصل الأمر لـتعنيفي، لكنه كان صامتاً وخرج من البيت، وعاد بعد مدة. ومنذ عودته أحسست بأني أعيش مع رجل آخر، هذا ليس زوجي! فهو صامت لا يفرح، ولا يحزن، ولا يجامل ولا يجادل ولا يناقشني أصلاً. يقوم بواجباته المنزلية فقط. لقد مرت على محادثتنا سنوات والوضع كما هو عليه. وعندها (فهمت) ما معنى الكلمة التي تغير الإنسان. علمت أنني خسرت زوجي ونفسي وسعادتي من أجل كلمة.
الرفق من أسباب الخير والسعادة

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله بأهل بيتٍ خيرًا أدخل عليهم الرفق»، ولا شك أن هذا من أسباب السعادة المنشودة؛ فالرفق يكون في الكلام والتعامل على حد سواء. قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شَيءٍ إلَّا شانَهُ».

ابو وليد البحيرى
2024-07-04, 03:36 AM
المرأة والأسرة – 1194

الفرقان






الرفعة بالقرآن في الدنيا والآخرة

إن الله -عز وجل- وعد حفظة كتابه بثمرات كثيرة، منها الرفعة في الدنيا والآخرة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين»، فهنيئاً لكِ أن يكون ابنك أو ابنتك ممن يرفعهم هذا القرآن العظيم ويعلي شأنهم.
ثَوابُ مَنْ تُعَلِّمُ أَولادَها القرآن
تعليم القرآن العظيم للأولاد الصِّغار سُنَّة مُتَّبَعة عند سلفنا الصالح -رضي الله عنهم- أجمعين، فاللَّذان يعلِّمان أولادَهما كتابَ الله -عز وجل- ويصبران على ذلك، لهما أجرٌ عظيم، يتناسب وتعبهما وصبرهما وتحملهما المشقة في ذلك، بِأَنْ يُكْسَيا حُلَّتَين لا يقومُ لهما أَهْلُ الدنيا. ففي الحديث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَيُكْسَى وَالدَاهُ حُلَّتَين، لا تَقُومُ لَهُمْ الدُّنيا وما فيها، فَيَقُولان: يا رَبِّ، أَنَّى لَنَا هذا؟ فَيُقَالُ: بِتَعْلِيمِ وَلَدِكُما القُرآنَ»، وَحُقَّ لهذين الوالدين أن يَعْجَبا ويَدْهَشا مِنْ هذا الإنعام العظيم الذي حَصَلا عليه من حيث لا يحتسبان، فعندما يُكْسَى هذان الوالدان حُلَّتَين عظيمتين من حُلَلِ الجنة أغلى وأثمن من الدنيا وما فيها، يتساءلان في دهشة: مِنْ أين لنا مِثْلُ هاتين الحلتين وليس لنا -فيما نعلم- من العمل والطاعات ما يؤهِّلُنا للفوز بهذه الكرامة العظيمة؟ فَيُجابان: بتعليم ولدكما القرآن وصبركما عليه وإخلاص النُّصح له، وهكذا فإنَّ صاحب القرآن مِنْ أَبَرِّ الناسِ بوالديه، ولو عَلِمَ كَلُّ والِدين ما يحصل لهما عند الله -تعالى- من الكرامة والرِّفعة بأخذ ولدهما للقرآن العظيم لبادر إلى دفع أولادهما دفعاً، وحثِّهم حثاً على تعلُّمِ القرآن الكريم وتلاوته وتدبره. لذلك ينبغي لولي الصغير أن يوجهه إلى تعلم كتاب الله -تعالى- منذ صغره؛ لأنَّه به يتعلم توحيد ربّه، ويأنس بكلامه، ويسري أثره في قلبه وجوارحه، وينشأ نشأةً صالحة على هذا، قال الحافظ السيوطيُّ -رحمه الله-: تعليمُ الصبيانِ القرآن أصلٌ من أصول الإسلام، فينشؤون على الفطرة، ويسبق إلى قلوبِهِم أنوارُ الحكمة قبل تمكن الأهواء منها، وسوادها بأكدار المعصية والضلال.
رسالة إلى المعلمة
أختي المعلمة الفاضلة: إن عملك عظيم، إذا أحسنت القيام به، وتستطيعين من خلاله أن تنالي الحمد في الدنيا، والأجر في الآخرة إذا اصطحبت الإخلاص فيه وتركت أثرا طيبا لدى طالباتك، وأهم ما يجب عليك -أختي المعلمة- أن تكوني قدوة في مظهرك وملبسك، ووضحي للطالبات اللباس الشرعي الساتر الذي دلنا عليه القرآن الكريم، وبينته لنا السنة النبوية، فقد كثر في زماننا الداعين إلى نزع الحجاب عن الفتاة، وإبعادها عن سياج الصون والعفاف.
من آداب النساء في المساجد
على المرأة المسلمة أن تعلم أنَّ خروجها إلى المسجد له آداب شرعية، يجب مراعاتها والأخذ بها، حتى تحقق من خلالها مرضاة الله -جل جلاله-، وتنال الأجر العظيم على أدائها، فإليك أخيَّـتي بعض النصائح المفيدة: استأذني قبل الخروج من المنزل من ولي الأمر (الأب أو الزوج).
امشي بسكينة ووقار، وتجنبي وضع البخور والعطور، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -[-: «أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة» (رواه مسلم).
احرصي على نظافة البدن والملبس، وتجنبي أكل كل ماله رائحة كريهة؛ فإنه يؤذي المصليات.
أفرغي قلبك مما سوى الله -عز وجل- وأخلصي النية له، قال الله -عز وجل-: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِمْ شَعَائِر الله فَإنْها مِنْ تقْوى الُقلوبِ} (الحج:32).
احرصي على غلق هاتفك النقال حتى لا يفوتك الخشوع.

ينبغي أن يكون البيت مكانا للذكر
قال - صلى الله عليه وسلم -: «مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت»، فلابد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه؛ سواء ذكر القلب، وذكر اللسان، أو الصلوات وقراءة القرآن، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة، فكم من بيوت المسلمين اليوم هي ميتة بعدم ذكر الله فيها.
الزينة الحقيقية
إنَّ لباس التقوى وحلية الإيمان هو الحلية الحقيقية والزينة التامة الكاملة التي من فقَدَها فقَدَ الخير والفضيلة، وفَقَد الحُسن والجمال، فأيُّ جمال يتصور بدون إيمان؟! وأيُّ حسْنٍ يتصوَّر دون تقوى الرَّحمن؟! نعم قد تكون هناك مظاهر زائفة وأمور يُفتن بها الناس، ويظنون أنهم بها على أكمل زينة وأحسن حلية، إلا أنَّهم بفقْدهم لزينة الإيمان وحلاوة الإيمان فقدوا الزينة الحقيقية والجمال الحقيقي.
علمي أبناءك ما يسعدهم في الدنيا والآخرة
على كل أم أن تعلم أبناءها ما يسعدهم في الدنيا والآخرة من العلوم الشرعية النافعة، وأهم ذلك التوحيد، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِن مولودٍ إلا يُولَدُ على الفِطْرةِ فأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، أوْ يُنَصِّرانِهِ، أوْ يُمجِّسانِهِ»، وكذلك الآداب والحقوق والواجبات، علموهم بر الوالدين، علموهم صلة الأرحام، علموهم احترام الكبير، والعطف على الصغير.
الحياة الزوجية لا تستقيم إلا بالمعاشرة بالمعروف
إن الحياة الزوجية لا تستقيم إلا بالمعاشرة بالمعروف، القائمة على أداء الحقوق التي دعا إليها الشرع الحكيم، والخلق الجميل، وذلك بأداء ما أوجب الله على الرجل أداءه نحو زوجته من الحقوق، ومن أعظم ذلك: حسن عشرتها، وطيب صحبتها، وإحسان الأقوال والأفعال معها. يقول -تعالى في هذه السورة الكريمة-: {وَعَاشِرُوهُنّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء:19)، فإذا حصل من الزوجة شيء من التقصير في الأمور الدنيوية-وهذا شيء وارد في الحياة الزوجية من الزوج ومن الزوجة أيضًا- فعلى الزوج أن يصبر؛ فإن الاستقصاء ليس من شيم الكرام، وصبرُه هذا دون أن يلجأ إلى الطلاق قد يفضي إلى خير كثير، كولد صالح، وعاقبة حسنة صارت إلى ما يرضى ويحب.

ابو وليد البحيرى
2024-07-12, 07:30 AM
المرأة والأسرة – 1195

الفرقان







مفتاح السعادة يكمن في القلب
مفتاح سعادة الإنسان يكمن في قلبه؛ فقلب المؤمن قوي العزيمة، لا تفت فيه الهموم ولا المحن، بل تجليه ليصير أكثر بهاءً ونقاءً، يقول -تعالى- في سورة طه: {مَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (سورة طه: 123-126).
ذكر الله من أسباب سعادةالبيوت

روى أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تجعلوا بيوتَكم مقابرَ، إنَّ الشيطانَ ينفِرُ منَ البيتِ الذِي تُقرأُ فيهِ سورةُ البقرة»، وعندَ الإمامِ أحمد: «يَفِرُّ منَ البيتِ الذي تُقرأ فيه سورةُ البقرة».
فالبيوتُ بيتانِ، بيتٌ يُقرأُ فيهِ القرآنُ، فهوَ بيتُ السَّعةِ والرحمة والإيمانِ والطمأنينة، وعليه تنزل ملائكةُ الرحمنِ، وبيتٌ يسكن فيه الشيطانُ، كما في الخبر عن ابن سيرين -رحمه الله- أنه قال: «البيت الذي يقرأ فيه القرآن تحضره الملائكة، وتخرج منه الشياطين، ويتسع بأهله ويكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن تحضره الشياطين، وتخرج منه الملائكة، ويضيق بأهله ويقل خيره»؛ فلذلكَ علينا أنْ نملأ بيوتنا بالقرآن تلاوة ومدارسة، وأنْ تكونَ هُناكَ حلقاتٌ قرآنيةٌ للأبناءِ في البيوتِ، معَ دوامِ متابعتهم على قراءةِ ورد يومي من القرآنِ، ولابدَّ منْ جعلِ نصيبٍ منَ الصلاةِ في البيوتِ، فكثير من النوافلِ صلاتُها في البيتِ خيرٌ من المسجدِ، وصلاة المرأةِ في بيتِها أعظمُ فضلًا، وإذا عُمّر البيت بالصلاة والقرآن نزلت فيه الرحمة وحفته السكينةِ وحضرته الملائكة، وأمَّا منْ أعرضَ عنِ القرآنِ فهو أهلٌ لأن يأوي الشيطان إليهِ ويشاركه بيته طعامًا وشرابًا وبياتًا، وإذا وُجدتِ الشياطينُ في البيوتِ أفسدوا الحياةَ، وأذهبُوا الاستقرارِ، وأثاروا العداوةَ بينَ الزوجينِ، ولكنْ إذا وُجدَ القرآنُ وتلاوتُه وُجدتِ الملائكةُ والرحمةُ، فإنَّه لا مكانَ للشيطانِ في بيوتِ عبادِ الرحمنِ، وبهذا تتحققُ السعادةُ والاستقرارُ.
التوازن في الحزن والفرح
من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء الإسراف في حالة الفرح، والانتكاس الشديد في الأحزان، وتصبح المرأة عرضة لهزات نفسية متتابعة ومتوالية نتيجة لهذه الحال، ولا شك أن الاقتصاد في الأحزان والأفراح منهج قرآني حكيم، قال -تعالى-: {لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}، وبالطبع ليس من بني آدم أحد إلا وهو يحزن ويفرح، لكن أهل الإيمان ينظرون للأحداث كلها بأنها مقدرة في علم الله -سبحانه-، فيورث في قلوبهم الرضا بالنتائج، فتصير نفوسهم ثابتة متوازنة كلما تغيرت أحوال الزمان، فأمر المؤمن كله له خير، سواء أكان في سراء أم ضراء، لكن إنما عليه الصبر والشكر، فلا أسى يكسر النفس، ولا فرح يستخف بها، ولكن رضا وتسليم، وحمد واعتراف بالنعمة.
القيمة الأساسية بين الزوجين
الاحترام بين الزوجين هو القيمة الأساسية التي يجب المحافظة عليها وعدم التفريط فيها، فالحب قد يقل أو تختفي ملامحه ويضعف أثره بين الزوجين في خضم المشكلات التي يعانيها كل منهما، ورغم ذلك تستمر الحياة الزوجية بينهما ولكن إذا مُس الاحترام بينهما أو تصدعت أركانه لن تقوم للبيت قائمة.
أم عمارة -رضي الله عنها
هي نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف، كنيتها أم عمارة، نشأت في يثرب في حي بني النجار، أحد البيوت التي شرح الله قلوب أهلها للإسلام، حضرت بيعة العقبة الثانية رغم ما كان يحف الخروج إليها من مخاطر، كما حضرت بيعة الرضوان وعمرة القضاء، وكان لأم عمارة مواقف جليلة في غزوة أحد؛ حيث أبلت البلاء الحسن في الدفاع عن راية الإسلام والتضحية من أجله بروحها ومالها وأهلها، وظلت متنقلة في أرض المعركة من أجل تقديم الخدمات الضرورية للمجاهدين ومداواة الجرحى وتطبيبهم وسقاية الماء، لقد شهد لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعظيم صنيعها وجميل فعلها؛ حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: «ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟»، روت أم عمارة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث في مختلف العبادات والتوجيهات النبوية، وروى عنها عبادة بن تميم الأنصاري، وعكرمة بن عبد الله العلامة الحافظ المفسر، وأم سعد جميلة بنت سعد الأنصارية، وأحاديثها في السنن الأربعة، وفي زيارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأم عمارة في بيتها وعيادة الصحابة لها واهتمام الخلفاء الأربعة بها بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، دليل على ما تحظى به المرأة المسلمة من مكانة وتكريم، وتقدير لإسهاماتها العظيمة.
وعي المرأة المسلمة
من صفات المرأة المسلمة أنَّها تعي ما يدعو إليه التغريب من سعيه لتغيير ما هي عليه من صفات فاضلة وأخلاق زاكية وحياء؛ فتحذرُ أشدَّ الحذر من تلك الوسائل الهادمة للفضائل والأخلاق الحسنة، وكذلك تُحذِّر غيرها من الوقوع فيما وقع فيه من اغتررن بها وانسقن خلفها، وتعمل على نصحهن وإرشادهن.
إن مع العسر يسرًا ومع الضيق فرجًا
قال الله -تعالى-: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» (سورة الشرح:5، 6)، في هذه الآية خير عظيم؛ إذ فيها البشارة لأهل الإيمان بأن للكرب نهاية مهما طال أمده، فسنن الله في الأرض لا تتبدل ولا تتحول، وإذا تخلفت وعود البشر وتبدلت قوانينهم، فوعد الله لا يتخلف، وسنة الله لا تتبدل، قال السلف -رضوان الله عليهم في هذه الآية-: «لن يغلب عسر يسرين»، وقالوا: «لو كان العسر في جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه».
حشمة المرأة
عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَن جرَّ ثوبَهُ خيلاءَ لم ينظُرِ اللَّهُ إليهِ يومَ القيامةِ»، فقالَت أمُّ سَلمةَ: «فَكَيفَ يصنَعُ النِّساءُ بذيولِهِنَّ؟» قالَ: «يُرخينَ شبرًا»، فقالت: «إذًا تنكشفَ أقدامُهُنَّ»، قالَ: «فيُرخينَهُ ذراعًا، لا يزِدنَ علَيهِ»، مما يستفاد من الحديث أن ستر المرأة وحشمتها وحياءها عائد إلى قوة إيمانها ودينها، أمَّا مَن رقَّ دينها وضعف إيمانها، فإنها لا تبالي بتلك الحشمة.

ابو وليد البحيرى
2024-07-12, 07:31 AM
المرأة والأسرة – 1196

الفرقان






قمة السعادة وكمالها
إن لذة الحياة وجمالها، وقمة السعادة وكمالها، لا تكون إلا في طاعة الله وهي الاستقامة على أمر الله وسلوك طريقه، ليسير الإنسان في الحياة مطمئن الضمير، مرتاح البال، هادئ النفس، دائم البِشر، طلق المحيا، يعفو عمن ظلمه، ويغفر زلة من أساء إليه، يرحم الصغير ويوقر الكبير، يحب الخير لغيره، ويسعى في قضاء حاجات الناس.
من آداب الحديث والحوار
احذري الثرثرة وكثرة الكلام! قال -تعالى-: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (النساء: 114)، واعلمي أن هناك من يحصي كلامك ويعده عليك قال -تعالى-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18)، وليكن كلامك مختصرًا وافيًا بالغرض الذي من أجله تتحدثين.
ليس جميلاً أن تتحدثي بكل ما سمعت؛ فإن في هذا مجالاً للوقوع في الكذب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «كَفَى بالمرءِ كذِبًا أن يحدِّثَ بِكُلِّ ما سمِعَ».
إذا أردت الحديث فإياك والتعاظم والتفاصح والتقعر في الكلام! فهي صفة بغيضة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث يقول: «إنَّ مِن أبغضِكُم إليَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ؟ قالَ: المتَكَبِّرونَ» .
ليكن حديثك بخير وإلا فالصمت أولى بك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».
إياك ومقاطعة الناس أحاديثهم أو ردها عليهم أو إظهار الاستخفاف بها! وليكن حسن الاستماع أدبًا لك، والرد بالتي هي أحسن شعارًا لشخصك.
احذري من السخرية بطريقة كلام الآخرين! كمن يتلعثم في كلامه أو عنده شيء من التأتأة أو اللثغة، قال -تعالى-: {يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم}، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلِمُ أخُو المسلِمِ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ...» الحديث.

واجبنا تجاه أهل فلسطين
يزداد ألم المسلمين وأسفهم يومًا بعد يوم على الحال التي آل إليه المسجد الأقصى، ولا يخفى على أيِّ مسلم ما يعانيه المسلمون في فلسطين من آلام وقتل وتشريد، وشدة حاجتهم إلى الكساء والطعام والدواء؛ ولذا فإنَّ من الواجب على المسلمين المسارعة إلى نجدتهم ومدِّ يد المساعدة لهم، والوقوف معهم في محنتهم، والله -جل وعلا- يثيب المؤمن على ما يقدِّم لإخوانه ثواباً عاجلاً وثوابًا أخرويا، يجد جزاءه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، قال الله -تعالى-: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (المزمل:20)، وقال -تعالى-: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ:39).
غرس حب المسجد الأقصى في نفوس الأبناء
الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع، ومن ثم فإن نجاح أي قضية إنما يبدأ من الأسرة، وبقيامها بدورها المطلوب في تكوين الوعي لدى هذا النشء الصغير منذ طفولته الأولى، وحتى نربي جيلاً قويا واعيًا بمقدساته وقضاياه ولا سيما فلسطين والمسجد الأقصى، فإليكم بعض المقترحات التربوية لتخبرهم فيها عن فلسطين:
(1) التربية بالقدوة الحقيقة أن الطفل يتعلم بالقدوة أكثر مما يتعلمه بغيرها من الطرائق بنسبة تصل إلى 70%؛ لذلك فلابد أن تؤمن الأسرة بقضية فلسطين وتقدر أهميتها، وتتابع أخبارهم، وتدعو لهم، وتساعدهم بكل ما أتيح لهم، فيولي طفلها اهتماماً لما تهتم به أسرته.
(2) التربية بالقصة القصة من أهم الوسائل التربوية لتعليم الأطفال، ولها أثر بالغ في نفوسهم، وتساعدهم دائمًا على تذكر الأحداث التي تسردها بعكس ما تُروى لهم بطرائق روتينية مملة؛ لذا لابد من الإعداد الجيد للمحتوى الذي ستقصه، واختيار اللغة والتعبيرات التي تلائم عمرهم.
(3) التربية بالدعاء خصص وقتًا للدعاء أمام أبنائك لفلسطين والمسجد الأقصى وأهله، وبالتكرار سيترسخ في ذهن طفلك هأهمية المسجد الأقصى، وشاهد بنفسك أثر هذا الأسلوب التربوي الرائع.
(4) التربية بالعطاء يمكنك أن تغرس قيمة العطاء لدى طفلك بِحَثِّه على اقتسام جزء من مصروفه لإخوانه بفلسطين، فيجب توضيح ذلك للطفل، وتحفيز شعور المؤاخاة مع أطفال فلسطين، وأيضًا هو مجال مناسب لتعلمه فضل الإنفاق في سبيل الله، وبذلك تغرس تلك القيم غرسا قويا ومتينا.
(حسبي الله ونعم الوكيل) لجلب النعماء ودفع الضرِّ
هذه الكلمة المباركة (حسبي الله ونعم الوكيل) تقال في مقامين: مقام طلب المنافع، ومقام دفع المضار: فمن الأول: قول الله تبارك و-تعالى- {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} (التوبة: 59).
ومن الثاني: قول الله تبارك و-تعالى- {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (آل عمران:173-174).
وجُمِعَ الأمران في قول الله -عزَّوجلَّ-: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُو نَ} (الزمر:38). أي: قل حسبي الله لجلب النعماء، ولدفع الضرِّ والبلاء.
المؤمنون جسدٌ واحد
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله في تعليقه على حديث النبي [-: «مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ، مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى»، وهكذا فالمؤمنون جسد واحد، والمؤمنات كذلك، كلهم جسد واحد، وكل يعلم حال الجسد إذا أصيب بمرض في أي موضع منه عم الألم وعم التعب، وهذا مثل عظيم، هذا مثل من النبي مثل عظيم -عليه الصلاة والسلام- يدعو إلى التكاتف العظيم، والتعاون بين المسلمين والمسلمات، والتعاطف، ويرفق به ويواسيه إذا احتاج، ويعينه على قضاء دينه، ويدفع عنه الظلم، ويجتهد في كل خير ينفعه، ودفع كل شر.
الابتلاء سنة كونية قدرية
قال الله -تعالى-: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (1) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:1- 2)، البلاء فيه تمحيص واختبار لمن لزم الجادة، وأراد الوصول إلى الجنة، فهي سُنَّة كونية مقدرة على العباد إلى يوم الميعاد، فلا مرد لها، ولا سبيل لإيقافها، فالناس فيها قسمان: قسم صبروا ورضوا بقضاء الله وقدره، ففازوا بالحسنيين، وقسم قنطوا ويئسوا فخسروا الدنيا والآخرة؛ لذا وجب على المسلم الذي يبتلى في دينه، أو نفسه، أو ولده، أو ماله، أو غير ذلك من أنواع الابتلاءات أن يصبر نفسه، وأن يرضى بقضاء الله وقدره، وأن يحمد الله -تعالى- على تدبيره.

ابو وليد البحيرى
2024-07-12, 07:32 AM
المرأة والأسرة – 1197

الفرقان







الالتزام بآداب الإسلا م

لن تؤدي الأسرة المسلمة دورها التربوي على الوجه الأمثل، إلا إذا التزمت الآداب الإسلامية في جميع أمورها، في طعامها وشرابها، في نومها واستيقاظها، في مجالسها وأحاديثها، في جدِّها وهزلها، في أفراحها وأتراحها، وفي سائر شؤونها، وفي هذا الجو الإيماني، وفي هذا الرقي الأخلاقي ينشأ الجيل المسلم.
الأسرة وأثرها في التربية الإيمانية

للتربية الإيمانية ثمراتها الباقية للأسرة؛ حيث ينعم الأبوان ويتمتعان ببِرِّ أولادهما الصالحين الذين تربوا على الأخلاق والقيم الأصيلة، وينتفعان بصلاحهما بعد مماتهما؛ لأن الله -تعالى- ينفعهما بدعاء ولدهما الصالح، ويرفع درجتهما باستغفاره وصلاحه.
وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقولُ يارب أنَّى لي هذه؛ فيقول باستغفار ولدك لك»، فمن أراد أن يُرزق ببر أولاده فليجتهد في تربيتهم تربية إيمانية؛ لأن المؤمن يعرف حق الله -تعالى- عليه وحق أبويه وحق زوجته وأولاده وسائر الحقوق، ومن أحب أن ينعم بصحبة أهله في جنات النعيم فإن الطريق إلى لَمِّ شمل الأسرة في الجنة يبدأ من التربية الإيمانية للذرية قال - تعالى في سورة الطور-: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُم ْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ }(الطور:21)، وقال -عزوجل في سورة الرعد-: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِ مْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ على هِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلاَمٌ عليكُم بِمَا صَبَرْتُم ْفَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد: 23-24)، من هنا كانت أهمية التربية وثمراتها العاجلة والآجلة، وفوائدها الجمة للآباء والأبناء، للفرد والمجتمع، في الدنيا وفي الآخرة.
الترابط والمودة
من المقومات الأساسية للأسرة المسلمة الترابط الأسري بين أفراد الأسرة جميعهم، فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي المتبادل، فحينئذ يتربى الناشئ في جو سعيد يملؤه الثقة والاطمئنان، والعطف والمودة، بعيدًا عن القلق والعقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيته، ولقد أنشأ الله - تعالى - العلاقة الزوجية على أساس المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة، قال - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم21)، وما أحوج النشء إلى الحياة الهادئة الهانئة، الآمنة المطمئنة، التي تسودها روح المودة والرحمة بين جميع أفرادها!
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/07/107.jpg

أحداث غزة وقيمة تحمل المسؤولية
أكثر ما يزيد من قوة الشخصية لدى الطفل، هو تعويده على المشاركة داخل الأسرة وتحمل مسؤولية قراراته، ومن ثم لا يعيش دور الضحية عندما يتعرض لمشكلة في حياته، بل يسعى جاهدا لإدراك الخطأ وحل المشكلة، ومن خلال المشاهد التي تظهر حجم الدمار الذي حل بغزة على وسائل التواصل الاجتماعي من الممكن أن نعلم الطفل قيمة تحمل مسؤولية الدفاع عن العقيدة والوطن، وكيف يواجه هؤلاء الأبطال العدو المحتل بكل قوة وشجاعة؟!
أمهات أنجبن عظماء
هذا أمير المؤمنين، أريب العرب، معاويةُ بنُ أبي سفيان -رضي الله عنهما- من كان وراءه؟ لقد كان وراءه أمٌّ عظيمة هي هند بنت عتبة -رضي الله عنها-، وكان معاوية إذا نوزع الفخر بالمقدرة، انتسب إلى أمه فصدع أسماع خصمه بقوله: أنا ابن هند.
وهذا أمير المؤمنين أعدل الملوك وأروعهم، وأورعهم، وأزهدهم أبو حفص عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله تعالى- من كان وراءه؟ إنها أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب أكمل أهل دهرها كمالاً، وأكرمهم خلالاً.
وهذا سفيان الثوري -رحمه الله-، فقيه العرب، ومحدثهم، إنه أمير المؤمنين في الحديث، وما كان ذلك العَلَم الشامخ والإمام الجليل إلا ثمرةَ أُم صالحةٍ حفظ لنا التاريخ مآثرها وفضائلها ومكانتها، وإن كان ضَن علينا باسمها، روى الإمام أحمد بمسنده عن وكيع قال: «قالت أم سفيان لسفيان: يا بني: اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي»، فكانت - رحمها الله - تعمل وتقدم له؛ ليتفرغ للعلم، وكانت تتخوَّله بالموعظة والنصيحة، قالت له ذات مرة فيما يرويه الإمام أحمد: «يا بني إن كتبت عشرة أحرفٍ فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك؟ فإن لم تر ذلك فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك».

(المقارنة).. من الأساليب التربوية الفاشلة
المقارنة، أسلوب لا يَمُتُّ إلى التربية والتوجيه بأيّة صلةٍ، ويقوم على مَبْدأ مقارنة الولد بإخوته مثلاً أو بأبْناء الجِيران، أو بأحد الأقارب بطريقة فيها الكثيرُ من الاستفزاز للطفل، هذا الأسلوب لا علاقةَ له بالتربية والتوجيه والإرشاد، بل سيكونُ له نتائجُ عكسيَّة تدفعُ الولدُ إلى سلوك اتِّجاه سلبي مُعاكِس لما يريده الآباءُ بوصفه نوعا من ردِّ الفعْلِ ضدَّ السلوك الإيجابي الذي يقومُ به ابنُ العمِّ أو ابن الجيران، وعمومًا فإن لكلِّ طفل قدراتٍ ومميزاتٍ مختلفة عن غيره، ويجبُ على الآباء تقديرُ إمكانيَّات أولادِهم تقديرا صحيحا، ولا يقارنونهم بغيرهم.
كيف ننصر المسجد الأقصى؟
يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: «الطريق إلى القدس طريق واحد لا بديل عنه، هو الإيمان والتقوى والعمل الصالح، وما ضاع المسجد الأقصى إلا لأننا فرطنا في إيماننا، وضيعنا معالمه وأوامره، ولا يرجع المسجد الأقصى إلا أن نرجع لتدارك ما فرطنا، فنعود إلى رب العالمين، باتباع كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - على منهج السلف الصالح».
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/07/108.jpg
التوجيه التربويّ في المَواقِف

عن عمر بن أبي سلمى رضي الله عنه قال: «كنت غُلاَمًا في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت يدي تَطِيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا غلام، سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ ممَّا يَلِيك، فما زالت تلك طعمتي بعدُ»؛ وفي هذا الحديث أصلٌ آخر مهم، وهو ضَرُورة التوجيه التربويِّ في المَواقِف والأحداث؛ ذلك أنه أثبت في ذهن المربَّى، وأوضح له من التوجيهات التربوية العامَّة؛ لذا قال عمر رضي الله عنه في هذا الحديث: فما زالت تلك طعمتي بعد.

ابو وليد البحيرى
2024-07-17, 05:34 PM
المرأة والأسرة – 1198

الفرقان







حقيقة الصبر
الصبر هو حبسُ النفس عن الجزَع، واللسان عن الشكوى، والجوارح عن المعاصي والذنوب، بمعنى أن يتلقَّى العبد البلاءَ بصدر رحب دون شَكْوى أو سخط، وهو الإيمان الكامل واليقين الذي ليس فيه شكٌّ بأنَّ ما أصابك ما كان ليخطئَك، وما أخطأك لم يكن ليصيبَك، وإنَّما كل شيء بقضاءِ وقدَر.
سنة الابتلاء.. وفضيلة الصبر
من سنن الله التي لا تتبدل ولا تتخلف أنه يبتلي الناس ليعلم الصادق من الكاذب، والمؤمن من الكافر، والصابر من الجازع، وليميز كل فريق عن الآخر {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}(الأن فال). والقرآن الكريم ينص في آياته المحكمات على أن الابتلاء سنة من سنن الله في الخلق {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}(المل ك)، ومن يتأمل التاريخ والوقع وأحوال نفسه والناس من حوله لا يكاد يرى إنسانا إلا وقد ابتلي بنوع من أنواع البلاء: إما في نفسه وعافيته وماله، وإما في أهله وأقاربه وعياله، لا يخلو أحد من ذلك على الإطلاق ولكنهم بين معجَّل ومؤجَّل، فالابتلاء قصه طويلة، وتاريخ ممتد بدأ منذ أنزل آدم إلى الأرض، فلابد من الابتلاء حتى لا يكون الإيمان مجرد ادعاء يناله كل من ادعاه دون أن يُبتلى لتُعرف حقيقة دعواه {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:2، 3)، فالابتلاء تمحيص ليُعلم أهل الصدق من أهل الكذب، وليُعلم أهل الإيمان من أهل النفاق، وليعلم الله الصابرين.
نحو دور تربوي إيجابي منشود في تربية الأبناء
تعد تربية الأبناء مسؤولية عظيمة أمام الله -عزوجل-؛ إذ في صلاحهم صلاح المجتمع والأمة، ولعل تربية الأبناء والتعامل معهم فن يستعصي على كثير من الآباء والأمهات والمربين، وكثيرا ما نتساءل عن أجدى السبل للتعامل مع الأبناء؟ ولكي نحسن التربية يجب إعادة النظر في بؤر الاهتمام والوسائل والأساليب المستخدمة في التربية، ولا شك بأن القضية الحاسمة في هذا الموضوع تكمن في دراسة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيف كانت تربيته وتعامله؟ فهي النموذج المتكامل الذي نستطيع من خلاله استقاء الأسس التربوية الصحيحة كافة التي تنتج إنسانًا إيجابيا فاعلًا.
المرأة المسلمة وحسن الخلق
الخلق الحسن هو قوام حياة المرأة المسلمة، وعليه مدار سعادتها فإن رزقته فقد رزقت كل خير، وإن حرمته فقد حرمت من كل خير، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لمن جاء يسأل عن البر «البر حسن الخلق» (رواه مسلم)، كما سئل - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الجنة فقال: «تقوى الله -تعالى-، وحسن الخلق» (رواه الترمذي)، وقال - صلى الله عليه وسلم في بيان شرف حسن الخلق-: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا» (رواه البخاري والترمذي وأحمد)،والأخلاق الفاضلة تكتسب بالمواظبة والتعود، فرِّوضي نفسك عليها، وتعَّودي التخلق بها، وواظبي عليها تفوزي -إن شاء الله تعالى- بحسن الخلق، فحسبك خيراً وشرفاً أن توصفي بحسن الخلق.
من سمات المرأة المسلمة الثبات على الحق
إن المرأة المسلمة تتميز بالثبات على الحق؛ فهي سابقة بالخيرات، منافسة في الطاعات، تسارع إلى مغفرة من ربها ورضوان، ليس في قاموس شخصيتها الوقوف أو التقهقر للوراء، لا تبدد طاقاتها ذات اليمين وذات الشمال، بل هي على الصراط المستقيم، تمتثل قول مولاها -عزوجل-: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} (الأنعام:153) مستعينة بالله -تعالى- تردد قوله الحق: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} (الفاتحة:6).
الصمت وحسن السمت من الأخلاق الفاضلة
عليك أختي المسلمة أن تمسكي لسانك عن كثرة الكلام بلا فائدة، وأن تكوني حسنة السمت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» (رواه البخاري ومسلم)، وإذا تكلمت فأوجزي في الكلام، وتكلمي بالمعروف فقط، قال الله -تعالى في تأديب نساء النبي صلى الله عليه وسلم -: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى...}
(الأحزاب : 32، 33)، والزمي حسن السمت في لباسك، ومشيك وقعودك، وفي عملك، وقولك.
أهل الصَّبْر هم أهلُ الخير والشُّكر
أهل الصَّبْر هم أهلُ الخير والشُّكر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه عمرُ بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه، قال: قال رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «عجبتُ للمؤمن! إذا أصابَه خيرٌ حمِد الله وشَكَر، وإنْ أصابتْه مصيبةٌ حمِد الله وصبَر، فالمؤمن يُؤجَر في كلِّ أمره، حتى يُؤجر في اللُّقمة يرفعها إلى فِيِّ امرأته».
المرأة الداعية
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله - في رده على سؤال: عن المرأة والدعوة إلى الله، ماذا تقولون؟، فأجاب -رحمه الله- بقوله: على المرأة المسلمة الدعوة إلى الله -عز وجل-، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن النصوص من القرآن الكريم والسنة المطهرة تدل على ذلك، ثم عليها أن تكون مثالًا للعفة والحجاب عن الرجال الأجانب، وتبتعد عن الاختلاط، وتكون دعوتها مع العناية بالتحفظ من كل ما يُنكر عليها، وعليها أن تبتعد عن اللباس الذي قد تفتن الناس به، وأن تكون بعيدة عن كل أسباب الفتنة، من إظهار المحاسن، وخضوع في الكلام، مما ينكر عليها.
الهدية إلى الجيران
دعت الشريعة الإسلامية إلى الترابط والتآخي والتآلف؛ فحينما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - آخي بين المهاجرين والأنصار؛ لتتآلف القلوب، وتقوى أواصر الأخوة بين المسلمين؛ ولهذا شجع الإسلام كل خصلة تقوي تلك الروابط، ومن هذا وصيته بالجارة لنساء المؤمنين وزوجات المؤمنين من بعدهن بالإحسان إلى جارتها، عن طريق إعطائها مما من الله به من طعام أو شراب، ولو شيئًا محقَّرًا عند الناس، فإنه سينفع الجارة ويدخل عليها السرور؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة».

ابو وليد البحيرى
2024-07-17, 05:36 PM
المرأة والأسرة – 1199

الفرقان






العقيدة هي الأساس
كانت العقيدة وما زالت هي أساس الدعوات ورأس المطالب، وتوحيد الله ومعرفته، ودعوة النبيين كلها تدور حول هذا الأصل ومتطلباته وآثاره، فينبغي للإنسان أن يكون هذا هو أول مطالبه ومبدأ علومه، وأصل أصوله.
القوامة تعزيز للمكانة لا تقليل لها
قال الله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِم}، الإسلام دينٌ يقوم على السواءِ، وكل أحكامه تبتغي الحياة المستقيمة للمرء، وحسن تطبيقه للاستخلاف في الأرض. ولذلك فإن آية القوامة جاءت في سبيل ترسيخ مبادئ الحياة الزوجية، قال ابن العربي -في تفسير الآية-: «قوله: {قَوَّامُونَ} المعنى: هو أمين عليها، يتولى أمرها ويصلحها في حالها، ولا شك في أن الشرع قد جعل للرجل حقوقا وواجبات تليق به، كما جعل للمرأة حقوقا وواجبات تليق بها، وهما يختلفان في ذلك باختلاف الطبيعة التي خلق عليها كل منهما، وقوامة الرجل على المرأة ثابتة بنصوص الكتاب والسنة، وهي قوامة تكليف ومسؤولية أمام الله -عز وجل-، وليست لتشريف الرجل على المرأة، وهي أيضا للترتيب وتدبير أمور الأسرة، وليست للتسلط على المرأة وإذلالها، فعلى هذا المعنى الشرعي ينبغي أن يفهم أمر القوامة، والقوامة لا يترتب عليها زيادة في مكانة الرجل في الإسلام، أو كونه مفضلًا على المرأة في الثواب، إنما هي نموذج عيش مشترك يرجو الغاية نفسها في الآخرة.
واجبنا تجاه قضية فلسطين
https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2023/11/aqsa-98-300x154.jpg
قضية فلسطين هي قضية كل المسلمين، والاعتداء عليها يعني الاعتداء على كل المسلمين، وإن ما تواجهه أرض فلسطين عموما وغزة خصوصا في الفترة الأخيرة، يعد انتهاكات وخرقا للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وإن نصرة فلسطين والفلسطينيين المظلومين والمستضعفين واجب أخلاقي وإنساني وشرعي، توجبه علينا الظروف القاسية التي يمر بها إخواننا، من قصف متواصل؛ وتقتيل، وهدم بيوتهم وسلب أرضهم ومحاولة تهجيرهم، ونحن مطالبون ببذل الوسع والجهد لنصرتهم بما نملكه ونقدر عليه، وعلينا أن نوقن أن النصر من عند الله، وأنه كائن لا محالة لعباده المؤمنين؛ لأنه وعد الله، وقد جرت سنة الله في خلقه أن ينتصر الحق ولو بعد حين.
المرأة وقضايا الأمة
ينطلق اهتمام المرأة المسلمة بقضايا أمتها من مبدأ الولاية العامة بين المؤمنين والمؤمنات، قال -تعالى-:
{وَالمؤمنون وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: وصف الله المؤمنين بضد ما وصف به المنافقين، فقال‏:‏ ‏{‏وَالْمؤمنون وَالْمُؤْمِنَات ُ‏}‏ أي‏:‏ ذكورهم وإناثهم ‏{‏بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ‏}‏ في المحبة والموالاة، والانتماء والنصرة‏، {‏يَأْمُرُونَ بِالْمَعروف‏}‏ وهو‏:‏ اسم جامع، لكل ما عرف حسنه، من العقائد الحسنة، والأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، وأول من يدخل في أمرهم أنفسهم، ‏{‏وَيَنهون عَنِ الْمُنْكَرِ‏}‏ وهو كل ما خالف المعروف وناقضه من العقائد الباطلة، والأعمال الخبيثة، والأخلاق الرذيلة‏، ‏{‏وَيطيعون اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏ أي‏:‏ لا يزالون ملازمين لطاعة اللّه ورسوله على الدوام‏.‏
الابتلاء سُنّةٌ ماضية ثابتة
من أصول الإيمان أن نعتقد أن الله -تعالى- حكيم في جميع أفعاله؛ لا يفعل شيئاً إلّا لحكمة تامّة، عَلِمَها مَنْ عَلِم، وجَهِلَها مَنْ جَهِل؛ ومن ذلك إنزال البلاء بالعباد؛ فاللهُ -تعالى- لا يُنْزِل البلاءَ عبثاً، حاشاه -سبحانه-، وإنما يُنْزله لحِكَمٍ عظيمة جليلة، بيّنَها في كتابه وسُنة نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، فابتلاء العباد سُنّةٌ ثابتة ماضية من الله -تعالى- في جميع خلقه؛ ليختبر صدقَ إيمانهم، قال -تعالى-: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:2-3).
جلباب الحياء
جلباب الحياء أعظم ما تستتر به المرأة المسلمة، وله أثر عظيم في صلاح أقوالها وأفعالها وتصرفاتها، وإن من علامات حيائها قرارَها في بيتها، ووقارها في حديثها، وإسباغ جلبابها عند خروجها، واجتنابها مواطن الاختلاط، وغلبة الستر والصيانة والعفة عليها.
الحياء منهج حياة
جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحياء منهج حياة، وضابطا للإنسان، يضبط به أعماله وأفعاله؛ فعَنْ أبي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت»
(الْبُخَارِيُّ) فمن نزع منه الحياء لم يبال بما يفعل، حلالا أم حراما، كريما أو خبيثا، صالحا أو طالحا؛ لأنه لا حياء عنده من الله ولا اعتبار للناس في نظره؛ فهو جريء على القبائح، مقبل على النقائص، وإذا كان الحياء في الرجال مروءة وأخلاقا وكمالا وجمالا، فإنه في النساء أكمل وأجمل، وهو فيهن زينة وجمال، وحسن وبهاء وعفة، وهو أزين زينتهن وأفضل أخلاقهن.
المرأة التي نريد
المرأة التي نريد: هي الأم المربية التي تخرج الأجيال، وبقدر صلاح الأم أو فسادها يقاس حال المجتمع صلاحًا وفسادًا، ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باختيار الزوجة ذات الدين.
والمرأة التي نريد: هي المعلمة والمتعلمة، فتتعلم ما يهمها من أمور دينها وتتفقه فيه، ثم تنطلق داعية ومعلمة لغيرها.
والمرأة التي نريد: هي المرأة التي تقوم بما يقوم به الرجل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد جمع الله -عز وجل- بينهما بقوله: {وَالْمُؤمنون وَالْمُؤمنون بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (التوبة:71).

المجتمعات والحياء
إن الحياء في المجتمعات صمام أمان، ومصدر صيانة؛ فإنه يرتفع بأخلاق أفراده، ويسمو بآدابهم، ويزيد ترابطهم، ويعزِّز لُحْمَتهم، ويقوِّي أُلْفَتهم، ويشيع بينهم الخصال الكريمة والفعال الحميدة، ويدعوهم إلى الخير والبر ومكارم الأخلاق، فيُحتَرم أهلُ الفضل، وتُصان الحرمات، ويُترفَّع عن السفاسف والرَّذائل، ويزداد المجتمع بذلك أمنًا وأمانًا، وخيرًا وصلاحًا، وإذا ذهب الحياء فسدت الأذواق، وساءت الأخلاق.

ابو وليد البحيرى
2024-07-17, 05:45 PM
المرأة والأسرة – 1200

الفرقان






الغنى غنى النَّفس.. والسَّعادة سعادة القلب
من تظنُّ أنَّ السعادةَ في الغنى وكثرةِ المتاعِ، وتقارنُ نفسها بمن فوقَها، فسيورثها ذلك ازدراءً لما في يدها من النِّعم، وسيُقلِّلُ من شُكرِهِا لربها، ويُؤثرُ سلباً في حياتِها، ويجعلُها تعيشُ في همٍّ وعناء، وضيقٍ وشقاء، تأمَّلي قول الله -تعالى-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: 7)، وفي صحيح مسلم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقكم، فهو أجدرُ ألا تزدروا نِعمةَ الله عليكم»؛ لذلك فالغني الحقيقي هو غنى النفس والسعادة الحقيقية هي سعادة القلب بالإيمان والتقوى.
احـرصي على ما يـنفعك واسـتعيني بالله
قـال الـعَلّامَـة السَّعْـدِي -رَحِـمَـهُ الله-: «قولـه - صلى الله عليه وسلم -: «احـرص علـى مـا ينفعـك واستعـن بالله» كـلام جامـع نافـع، محتـو علـى سعـادة الدنيـا والآخـرة، والأمـور النافعـة قسمـان: أمـور دينيـة، وأمـور دنيويـة، والعبـد محتـاج إلـى الدنيويـة كمـا أنـه محتـاج إلـى الدينيـة، فمـدار سعادتـه وتوفيقـه علـى الحـرص والاجتهـاد فـي الأمـور النافعـة منهمـا، مـع الاستعانـة بالله -تعالى-، فمتـى حـرص العبـد علـى الأمـور النافعـة واجتهـد فيهـا، وسـلك أسبابهـا وطرقهـا، واستعـان بربـه فـي حصولهـا وتكميلهـا: كـان ذلـك كمالـه، وعنـوان فلاحـه، ومتـى فاتـه واحـد مـن هـذه الأمـور الثلاثـة: فاتـه مـن الخيـر بحسبهـا. فمـن لـم يكـن حريصـا علـى الأمـور النافعـة، بـل كـان كسلان لـم يـدرك شيئـا، فالكسـل هـو أصـل الخيبـة والفشـل، فالكسـلان لا يـدرك خيـرا، ولا ينـال مكرمـة، ولا يحظـى بديـن ولا دنيـا.
ومتـى كـان حريصـا، ولكـن علـى غيـر الأمـور النافعـة: إمـا علـى أمـور ضـارة، أو مفوتـة للكمـال كـان ثمـرة حرصـه الخيبـة، وفـوات الخيـر، وحصـول الشـر والضـرر، فكـم مـن حريـص علـى سلـوك طـرق وأحـوال غيـر نافعـة لـم يستفـد مـن حرصـه إلا التعـب والعنـاء والشقـاء!
ثـم إذا سـلك العبـد الطـرق النافعـة، وحـرص عليهـا، واجتهـد فيهـا: لـم تتـم لـه إلا بصـدق اللجـوء إلـى الله، والاستعانـة بـه علـى إدراكهـا وتكميلهـا، وألا يتكـل علـى نفسـه وحولـه وقوتـه، بـل يكـون اعتمـاده التـام بباطنـه وظاهـره علـى ربـه.
فبذلـك تهـون عليـه المصاعـب، وتتيسـر لـه الأحـوال، وتتـم لـه النتائـج والثمـرات الطيبـة فـي أمـر الديـن وأمـر الدنيـا، لكنـه فـي هـذه الأحـوال محتـاج - بـل مضطـر غايـة الاضطـرار - إلـى معرفـة الأمـور التـي ينبغـي الحـرص عليهـا، والجـد فـي طلبهـا.
أمور تمنع المقصود من تدبر القرآن
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: مما حدث في الإسلام بعد انقراض القُرون الفاضلة، قراءة القرآن بالألحان، بأصوات الغناء وأوزانه وإيقاعاته، عَلَى طريقة أصحاب الموسيقى، وفي الحقيقة هذه الألحان المبتدعة المطربة، تهيج الطباع، وتُلهي عن تدبُّر ما يحصل له من الاستماع، حتى يصير الالتذاذ بمجرد سماع النغمات الموزونة والأصوات المطربة، وذلك يمنع المقصود من تدبر معاني القرآن، وإنما وردت السنة بتحسين الصوت بالقرآن، لا بقراءة الألحان، وبينهما بون بعيد.
من آداب المرأةِ المسلمةِ
أن تطيع الله -عز وجل- وتُخلِصَ في عبادتِه.
أن تكونَ قدوةً حسنةً لأبنائِها وأخواتِها.
أن تصبَر على الأذى في سبيلِ الحق.
أن تعترفَ بخطئِها، وتقبلَ الحقّ مِمّن جاء به.
أن تُحسِنَ إلى الناسِ، ولا تسء إلى أحد.
أن تتبعَ النبي -صلى الله عليه وسلم - وتحذرَ عن مخالفَته.
أن تطلبَ العلمَ وتعملَ به، وتُعِلمَه غيرها.
أن تنصحَ لكلّ مسلمةٍ.
أن تكون كريمةً سخيةً، فلا تردّ السائلَ ولو بالقليلِ.
أن تشكُرَ من أسدَى إليها معروفاً.
أن تبالغ في التسترِ والعفافِ.
أن تتعاهد القرآنَ بالقراءةِ والحفظِ والتدبرِ.
أن تجتنب مجالسَ الغيبةِ والنميمةِ.
أن تنتِقي كلماتِها كما تَنتِقي أطايبَ الثمرِ.
أن تشغَلَها عيوبُها عن عيوبِ الآخرين.

الحجاب ليس من عادات الجاهلية
إن الحجاب الذي فرضه الإسلام على المرأة لم يعرفه العرب قبل الإسلام، بل لقد ذمّ الله -تعالى- تبرّج نساء الجاهلية، فوجه نساء المسلمين إلى عدم التبرج حتى لا يتشبهن بنساء الجاهلية، فقال -جلّ شأنه-: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـهِلِيَّةِ الأولَى} (الأحزاب:33)، بل كان من ضمن عادات الجاهلية الذميمة خروج النساء متبرّجات كاشفات الوجوه والأعناق، باديات الزينة، ففرض الله الحجاب على المرأة بعد الإسلام ليرتقي بها ويصونَ كرامتها، ويمنع عنها أذى الفسّاق والمغرضين.
الأساس في بناء الأسرة المسلمة
إن الأسرة المسلمة الصالحة، هي التي يتربى أفرادها تربية إسلامية، تثمر في نفوسهم الأمن والاطمئنان والسكينة والحب، ولا سبيل إلى ذلك إلا بوجود زوجين صالحين، تربى كل منهما على العلم النافع، والعمل الصالح؛ ولهذا كان الواجب الأول عند إرادة الزواج، أن يبحث الزوج الصالح عن المرأة الصالحة ذات الدين الحق، وأن يختار ولي الأمر للمرأة الصالحة الزوج الصالح، حتى يسكن كل منهما إلى الآخر، وتتحقق بينهما المودة والرحمة، وتنشأ ذريتهما على التقوى والخلق الحسن، تحقيقا لقول الله -عز وجل-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (سورة الروم: 21).
الفتنة في الجوالات وشبهها
قال الشيخ عبد المحسن العبّاد حفظه الله -تعالى-: والفتنة في الجوالات وشبهها عظيمة وخطيرة لكونها تكون في أيدي الكبار والصغار وفي متناولهم بالليل والنهار، وحرص الآباء وكل من له ولاية خاصة على سلامة من تحت أيديهم من الاستخدام السيء للجولات وشبهها لازمٌ متعيّن؛ لقول الله -عزّوجلّ-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته».
ضرورة تعليم العقيدة للناشئة
من الواجب على الأمة عموما، وعلى الآباء والأمهات والمعلمين خصوصًا أن يسعوا بجد لتقريب العقيدة الإسلامية للناشئة، خصوصًا في هذا الزمان الذي كثرت فيه فتن الشبهات وفتن الشهوات، وكثر فيه دعاة الضلال، وتنوعت أساليبهم ومناهجهم؛ لذلك يجب على المربين والمصلحين أن يغرسوا في قلوب الناشئة حب هذه العقيدة والثبات عليها في كل أحوالهم.

ابو وليد البحيرى
2024-07-25, 09:11 PM
المرأة والأسرة – 1201

الفرقان



من صفات المرأة المسلمة

تأتي محبة الله ورسوله على رأس الصفات التي تتوج المرأة الصالحة، ومن علامات تلك المحبة إقبالها على قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه والعمل بأوامره واجتناب نواهيه، إضافة إلى حرصها على أداء النوافل والإكثار منها، وعدم تقديمها لأي أمر على محبتها لله ورسوله، كذلك اتخاذها صحبة من الصالحات تعينها على الطاعات.
من التوجيهات القرآنية للنساء

ألا يخضعن القول
من التوجيهات التي أحاط الله -جل وعلا- بها بيتُ نبيِّه الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - بمزيد الرعاية والعناية: ما حفلت به سورة الأحزاب؛ حيث قال ربنا -تعالى-: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32). فهذه آدابٌ أمَر اللهُ -تعالى- بها نساء نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك، وأول تلك الوصايا بعد أن بُنيت وقدِّم لها التقوى {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} (الأحزاب: 32)، لأن التقوى هي المنطلق، أول تلك الوصايا بعد التقوى ألا يخضعن بالقول {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} (الأحزاب: 32)، بمعنى ألا يعمَدْن إلى ترقيق كلامهن إذا خاطبن الرجال حتى لا يطمع فيهن مَن في قلبه ريبة ودَغَلٌ، بل يكون كلامهن جزلًا، وقولًا فصلًا، بلا ترخيم، ولا تَغَنُّج؛ إذ لا يحل للمرأة أن تخاطب الرجال الأجانب كما تخاطب زوجها، وذلك قوله -جل وعلا-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32).
السبيل لتحصيل العلم الشرعي
الالتحاق بدورات العلم الشرعي: ويتم ذلك من خلال وضع خطة للتعلّم والالتحاق بدورات العلم الشرعي، سواء بمراكز ومعاهد في محيطكِ، أو بمنصات إلكترونية لتعليم العلوم الشرعية أو بمحاضرات ودروس مسجلة على اليوتيوب، فنحن بزمان كثرت فيه المصادر والمعلومات، ونسأل الله أن يجعلها حجّة لنا لا علينا، وكل ما عليكِ فعله هو الالتحاق بأحدها، ومن ثم الصدق في الطلب والالتزام والمثابرة والتحلي بالصبر والإرادة.
أخطر أعدائك: النفس والدنيا والشيطان
المرأة المسلمة في حال مجاهدة دائمة لنفسها لتغليب طاعة الله على هوى نفسها، وعدم اتباع خطوات الشيطان، وهي مدركة تمام الإدراك أن أخطر أعدائها هي النفس والدنيا والشيطان، وتعلم أن المعركة أزلية، فتقبض على دينها كالجمر، وتستعصم بحبل الله من كل كيد وفتنة، وتحتمي بالذكر والتحصين مستمسكه كذلك بكتاب الله وسنة نبيه، وملازمة صحبة الصالحين ومجالس العلم، تلك المجالس التي تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتتنزل فيها السكينة، فالفرد ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، وبذلك تستطيع المجاهدة ومغالبة هواها وشيطانها وتغليب رضا الله فوق كل شيء.
المرأة الصالحة من أسباب السعادة
عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أربعٌ من السعادة: المرأةُ الصالحة، والمسكنُ الواسِع، والجارُ الصالح، والمَرْكَب الهنيء، وأربعٌ من الشقاء: المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيِّق»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المرأة الصالحة»: فالمرأة الصالحة من أسباب السعادة وهي خيرُ مَتاع الدنيا، كما وصَفَها - صلى الله عليه وسلم - أيضًا بقوله: «فمن السعادة: المرأة الصالحة، تراها فتُعجِبك، وتَغِيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك»؛ كذلك وصَفَها - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ آخر بقوله: «خير النساء التي تسرُّه إذا نظر، وتُطِيعه إذا أمر، ولا تُخالِفه في نفسها ولا مالها بما يكره»؛ فخيرُ النِّساء التي تسرُّ زوجَها بهيئتها الجميلة إذا نظر إليها، وتُطِيعه في كل أمر معروف.
من ثمرات العلم وفوائده
أولًا: بالعلم يعبد الإنسان ربه على بصيرة، وبالعلم يعلم الإنسان ما هو واجب عليه فعله وما هو منهيّ عنه، وبه تَصُح عبادته، فلا يتخللها ما يبطلها أو ما ينقص ثوابها.
ثانيًا: العلم يرتقي بصاحبه في الدنيا ويرفع منزلته في الآخرة قال الله -تعالى-: {يرفع الله الذين آمنو منكم والذين أوتوا العلم درجات}. (المجادلة 11)
ثالثًا: أوضح النبي - صلى الله عليه - أن طلب العلم دلالة على أن الله يريد الخير بطالبه، فقال: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».
رابعًا: في أثناء طلبكِ للعلم أنتِ تمهدين طريقك إلى الجنة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم».

مالا يسع المسلمة جهله
العلم الشرعي منه ما هو فرض كفاية، ومنه ما هو فرض عين؛ أي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يعلموه ويصطبروا على تعلمه ويسعون في طلبه، والسبب في ذلك أنه بهذا النوع من العلم يستقيم دينكِ وتصلح دنياكِ، ومن دونه قد يفسد ويبطل الكثير من عباداتكِ ومعاملاتكِ في الحياة اليومية، فتقعين في المحظور، أو تبطلين عبادتكِ دون علمٍ منكِ؛ ولهذا قال سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: « طلبُ العلم فريضة على كلّ مسلم»، ويرى الكثير من العلماء بأن العلم الواجب على المسلم تعلّمه هو أن يعلم الحدّ الأدنى من كل من العلوم الآتية: علم الفقه وعلم التزكية وعلم العقيدة.
الإيمان وحسن الخلق
من أهم الصفات التي يجب تتحلى بها المرأة المسلمة حسن الخلق، فالإيمان وحسن الخلق انعكاس دال على أن جمال الظاهر يأتي من الباطن، فالمرأة الصالحة تحرص على سلامة الصدر من حمل الأذى والضغينة أو التفكير بسوء لخلق الله، وكذلك حفظ اللسان من الأذى، وحماية الجوارح من ارتكاب المعاصي التي يكرهها ونهى عنها الله، وتحقيق أركان الإيمان التي أمرها الله بها.
وفاء الزوجة لزوجها
من أروع الأمثلة التي ضربها لنا القرآن في وفاء الزوجة لزوجها، وفاء زوجة نبي الله أيوب -عليه السلام- له، وصبرها على مرضه الشديد، وتقاسمها معه الحلوة والمرة عندما أصيب بالفقر والمرض وابتلي بلاء شديدا، وهذه سمات الصالحات في كل زمان ومكان.
الإسلام كرم المرأة
رغم كل التداعيات التي تثار بحق المرأة والدعوات لتحريرها ورفع مكانتها، نرى أن الإسلام كرم المرأة ورفع شأنها ابنة وزوجة وأما وأختًا، وأقرّ اشتراكها مع الرجل في أصل الخلق والمكانة الإنسانية، ولا تمييز لأحدهما على الآخر في القدر والمكانة.

ابو وليد البحيرى
2024-07-25, 09:13 PM
المرأة والأسرة – 1202

الفرقان






الصبر في القرآن الكريم
ذكر الله -تعالى- الصبر في القرآن الكريم في نحو من تسعين موضعًا، وأضاف إليه أكثر الخيرات والدرجات، وجعلها ثمرة له، فقال -تعالى-: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} وقال: -عز وجل-: {وَلَنَجْزِين الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وقال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر، وقد وعد الله الصابرين بأنه معهم، وجمع للصابرين أمورًا لم يجمعها لغيرهم فقال: {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/07/177.jpg
ما أحوجنا إلى الصبر!
ما أحوجنا في هذا العصر إلى زاد إيماني يعيننا على العواصف والشدائد التي تجتاحنا! وما أحوجنا كذلك إلى أخلاقنا الإسلامية الرفيعة؛ كي نواجه بها شتى المصاعب والمشكلات! ومن أهم ما نستعين به على ذلك خلق الصبر. الذي وردت فيه آيات قرآنية كثيرة، قال -تعالى-: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ} (الأحقاف: 35)، ففي الصبر اقتداء بأشرف خلق الله ورسلِه الكرام الذين سماهم الله -عز وجل- أولي العزم. والصبر خلق عظيم، وله فضائل كثيرة، منها: أن الله يضاعف أجر الصابرين على غيرهم، ويوفيهم أجرهم بغير حساب، فكل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر، قال -تعالى-: {إنَمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجْرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ} (الزمر: 10)، وأخبر الله -سبحانه وتعالى- أن الصبر خير لأهله فقال -سبحانه-: {وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَّابِريِنَ} (سورة النحل: 126)، ولقد خص الله -تعالى- الصابرين بأمور ثلاثة لم يخص بها غيرهم وهي: «الصلاة من الله عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم»، قال -تعالى-: {وَبَشّرِ الصّابِرينَ (155) الّذِينَ إذا أصَابَتَهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّا إلَيهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ} (سورة البقرة: 155 - 157)، كما أن الله -سبحانه وتعالى- علَّق الفلاح في الدنيا والآخرة بالصبر، فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران: 200).
دعاء الفرج من الكرب
الدعاء من أحب العبادات إلى الله -تعالى-، وقد ورد في الحديث الشريف عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: لقنني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء الكلمات، وأمرني إن نزل بي كرب أو شدة أن أقولهن: «لا إله إلا الله الكريم الحليم، سبحانه وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين»، دعاء الفرج له أهمية كبيرة في حياتنا؛ فعلينا أن نحافظ على الدعاء عموما؛ لأنه في كل وقت يشعر فيه أن الله معه سينجلي هذا الكرب ويأتي الفرج.
الإسلا م في بيت النبوة
كان أول الإسلام في بيت النبوة، وأول الدعوة كانت في بيت نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-، وقد كان أول الذين تلقونه هم هؤلاء الثلاث: خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، الزوجة الطاهرة الوفية الأمينة الحانية على زوجها، وثانيهم على بن أبى طالب - رضي الله عنه - ، وهو الذى رباه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وثالثهم المولى المخلص زيد بن حارثة - رضي الله عنه -، لقد آمنت خديجة منذ أن التقى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - روح القدس، (جبريل -عليه السلام)، وعاد إليها يرجف فؤاده، وأخبرها ورقة بن نوفل بمكانة محمد -عليه الصلاة والسلام-، وأنه رسول هذا الزمان، وأنه لا نبي بعده، آمنت به منذ الابتداء، وكان إيمانها أمنا وسلاما، فقد كانت هي السكن الذى يأوي إلى ما فيه من رحمة وسط عنف المعارضة، وشدة المقاومة، وكما قال ابن هشام في سيرته: «وآزرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله، وصدق بما جاء به، فخفف الله -تعالى- بذلك عن نبيه -صلى الله تعالى عليه وسلم-، لا يسمع شيئا مما يكرهه فيحزنه ذلك، إلا فرج الله -تعالى- عنه بها إذا رجع إليها، تثبته وتخفف عنه، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس» رضى الله -تبارك وتعالى- عنها وأرضاها.
عرِّفوا الطفل بقدراته
على الآباء والأمهات أن يُعَرِّفُوا الطفل بقدراته دون أن يقلِّلوا من شأنها أو يبالغوا في مدحها، فتقدير الطفل لابد أن يكون سليمًا، ولابد وأن يُلَقَّن عيوبه قبل مميزاته، ويتعلم منذ نعومة أظافره كيف يتقبل النقد دون مجاملة؛ لأنَّ المدح والإطراء دون مُسَوِّغ موضوعي يدفع الطفل إلى الغرور والصلف، فقد يرى في نفسه كفاءة تعلو على الآخرين؛ فيظن -وهمًا- أنه أفضل منهم، فيعاملهم بقسوة لا تعرف المودة ولا يرى التسامح طريقًا إليها.
الصبر أفضل علاج
للبحر مد وجزر، وللكلمة نفع وضر، ولكل جراح بلسم، وأفضل البلسم الصبر، فهو فضيلة المتقين، وسبيل إلى جنة النعيم، وهو في الحياة أليق بالأبي الكريم؛ فإذا منَّ الله عليك بالصبر فأبشري بقريب الفرج، فكلما طال بالإنسان صبره، نجح أمره.
الأمانة تكريم من الله للإنسان

قال -تعالى-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (الأحزاب: 72)، فالأمانة هي التكاليف، ويترتب الثواب على أدائها والعقاب على تضييعها، والإنسان حين تحمل هذه الأمانة، ما تحملها إلا طاعة لله -عز وجل-، وهذا تكريم من الله للإنسان؛ حيث اختاره لحمل هذه الأمانة.

ابو وليد البحيرى
2024-07-25, 09:14 PM
المرأة والأسرة – 1204

الفرقان






كيف نحقق الإحسان مع الآخرين
يتحقق الإحسان من خلال القيام بحقوق الخلق، من: بر الوالدين وصلة الرحم، وإكرام الضيف ومساعدة الفقير، وفي غير ذلك مما يلزم مراعاته من حقوق المخلوقات، ولقد أخبر نبينا -صلى الله عليه وسلم - أن الله -سبحانه وتعالى- «كتب الإحسان على كل شيء»، أي أنه أوجب الإحسان في كل شيء؛ لذلك دعانا الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى مراعاته حتى في ذبح البهائم والقتل؛ فقال -صلى الله عليه وسلم -: «فإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، ولْيُحِد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته».
الإحسان خلق عظيم وأدب رفيع
الإحسان خلق عظيم وأدب رفيع، من عاشت في ظلاله تبوأت مرتبة سامقة، وارتقى مستوى إيمانها لتتربع على عرش الأخلاق الحميدة التي دعا إليها إسلامنا العظيم؛ فتنال بذلك مرتبة الإحسان والإحسان ضد الإساءة بمعناه اللغوي، فهو يشمل كل خير يوجه للخلق وكل معروف يسدى إلى الآخر، بل يتعدى ذلك ليصبح معروفًا دون عوض سابق، وخيرا لا يرجى له مقابل، بل قد يساء إليك ولا يسعك إلا أن تقدمي الإحسان، لأنك ألزمت نفسك مرتبة خاصة لا تسمح لك بالهبوط إلى مستوى المسيئين، بل ترفعك إلى مقام رفيع تعيشين فيه مرتبة الإحسان، وهذا الخلق العظيم لأجله قامت الحياة، وعلى أساسه يتفاضل الناس قال الله -تعالى-: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}، والحكمة من ذلك: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (الملك: ٢) فمن لبست هذا الخُلُق رداء، وارتضته شعارًا، فالواجب عليها أن تتعامل مع الخلق بإحسان، فإن وقع إحسانها في مكانه فقد حازت عين الصواب، وإن لم يكن ذلك فالخير عائد إليها. الإحسان منهاج حياة يحوي في طياته الكثير من الأخلاق الحميدة والتصرفات النبيلة التي نبحث عنها، وننشد الصعاب للوصول إليها، يقول ابن القيم -رحمه الله في كتابه مدارج السالكين-: «منزلة الإحسان هي لب الإيمان وروحه وكماله»؛ لأجل ذلك أوجبه الله -تعالى- على كل مسلم ومسلمة ليتحلوا به خلقاً وأدباً ومنهاجاً قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء».
الإصلاح من رب العباد والتأديب من الآباء
هذه قاعدة عظيمة في تربية الأولاد، فكثير من الآباء يظن أنه قادر على تربية ولده بمهاراته التربوية وقدراته العقلية وملكاته النفسية، ويظن أنه بإدخالهم لأفضل المدارس، وتعليمهم أرقى العلوم، وخلطهم بأرقى طبقات المجتمع مسيطر على نفوسهم، ومهيمن على تصرفاتهم وهذا غلط فادح؛ ذلك أنه لا بأس أبدا أن يأخذ الوالدان بكل أسباب التربية المباحة المتاحة، ولكن البأس كل البأس في ركون قلبهما لهذه الأسباب، ثقة بها واعتمادا على قوتها وشأنها؛ فالإنسان إذا وكله الله إلى نفسه ضل، وإذا وكله إلى علمه ذل، فهذا نبينا -صلى الله عليه وسلم - وهو من هو في علمه وحلمه وحكمته وفطنته- قال له ربنا -سبحانه-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}؛ لذلك علينا أن نفرق بين الأخذ بالأسباب، وبين تعلق القلوب وتوكلها على مسبب الأسباب، فما علينا إلا النصح والإرشاد، وأما الإصلاح حقيقة فمرده إلى رب العباد.
رسائل المرأة في الحياة
رسالة عبادة: قال الله -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (الأحزاب:33). رسالة علم: قال الله -تعالى-: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ -أي القرآن- وَالْحِكْمَةِ -أي السنة النبوية- إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}(الأحزا ب:34). رسالة تربية: قال الله -تعالى-: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا}(الأح زاب: 32). رسالة رعاية بيت الزوجية: قال رسول الله -[-: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». رسالة توجيه المجتمع: قال الله -تعالى-: {وَالْمُؤْمنون وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(التوبة:7 1).
حقيقة الإحسان
الإحسان في الإسلام هو إتقان العمل الذي يقوم به المسلم وبذل الجهد لإجادته ليصبح على أكمل وجه، فإن كان العمل خاصا بالناس، وجب تأديته على أكمل وجه، وكأن صاحب العمل خبير بهذا العمل ويتابع العامل بكل دقة، ويعد الإحسان مرتبة عالية من مراتب الدين الثلاثة، بعد الإسلام والإيمان، فهو يعني عبادة الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعريف الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (رواه مسلم وابن ماجه)، وقد ورد في القرآن: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: ٩٠)، أي أن الله يأمر عباده بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به، وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه، ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع، وإلى الخلق في الأقوال والأفعال، ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم، وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي، وعن ظلم الناس والتعدي عليهم، والله -بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم ويذكِّركم العواقب؛ لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها.
الإحسان وعبادة الله -عزوجل
ربط رسول - صلى الله عليه وسلم - الإحسان بعبادة الله لِما لهذه من مكانة عظيمة في دين الله؛ بحيث تعد أسمى غاية خُلِق الإنسان من أجلها، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}، وبما أن العبادة بهذه الأهمية فإنّ إعطاءها حقها اللازم من الإحسان والإجادة يُعد شرطا أساسيا لقبولها وتحصيل الأجر الأوفر عليها.
حفظ كرامة المرأة
قال الله -تعالى-: {وَعَاشِرُوهُن بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: 19)، من مبادئ الإسلام العظيمة حفظ كرامة المرأة، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم - بالنساء في أحاديث كثيرة في هذا الشأن، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم - «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، كما أوصى - صلى الله عليه وسلم - بإكرام المرأة واحترام خصوصياتها وخلقتها، وتجنب استغلالها لإضعافها أو الجور عليها، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيرا».

ابو وليد البحيرى
2024-08-01, 04:30 AM
المرأة والأسرة – 1205

الفرقان






القرآن وصيانة حرمات الإنسان
جاء القرآن الكريم بالتشريعات الضابطة لسلوك المسلم في حياته، والحاكمة لعلاقاته بغيره؛ وذلك صونًا لحرمات كل من الأفراد، والأسر، والمجتمعات المسلمة؛ حيث صان القرآن الكريم حرمات الإنسان وحافظ على أسراره، وحذر من التجسس عليه وكشف خصوصياته وأسراره، كما جاء القرآن بآداب وأخلاقيات راقية تنظم دخول بيوت الآخرين حماية لخصوصياتهم وحرماتهم .
الإسلام وحماية خصوصيات البيوت
من أبرز النصوص القرآنية التي جاءت لحماية حق الإنسان في الاحتفاظ بخصوصياته قوله -سبحانه في سورة النور-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (النور: 28). وفي قوله -تعالى-: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} أي: حتى تستأذنوا من أهلها، وتسلموا عليهم، و(الاستئناس) هو طلب الأنس بالآخر، ويشمل اطمئنان القلب، وسكون النفس، وزوال الوحشة، فينبغي على الزائر تقديم السلام على الاستئذان في الدخول إلى بيوت الآخرين، فإن كان القادم يرى أحدًا من أهل البيت سلم أولاً، ثم استأذن في الدخول، وإن لم يتمكن من رؤية أحد قدم الاستئذان على السلام، ويؤكد هذا ما روي عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أنه قال: قلت يا رسول الله، أرأيت قول الله -تعالى-: حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها؟ هذا التسليم قد عرفناه، فما الاستئناس؟ قال - صلى الله عليه وسلم-: يتكلم الرجل بتسبيحة، وتكبيرة، وتحميدة، ويتنحنح فيؤذِن له أهل البيت، وفي زماننا الراهن يعد إبلاغ صاحب البيت بالزيارة عن طريق الهاتف نوعاً من الاستئذان، أو عند الوصول يكون بطرق الباب أو قرع الجرس، ثم يسلم، وقوله -تعالى-: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، يعني أن الاستئذان والتسليم قبل دخولكم إلى بيوت غير بيوتكم فيه الخير الكثير لكم، ومن ذلك أن يعفيكم من الوقوع في شيء من الحرج، ويجنبكم إيذاء الآخرين بالاطلاع على عوراتهم أو على ما لا يحبون أن يراه غريب منهم، فلعلكم إذا علمتم هذا الأدب في السلوك أن تعملوا به، وأنتم مدركون الحكمة من تشريعه، فالاستئذان عند دخول بيوت الناس واجب على كل طارق، سواء كان رجلاً أم امرأة، مبصراً أم أعمى، إلا في حالات الضرورة القصوى كالاشتعال المفاجئ للحرائق، أو الهجوم المباغت للصوص، أو طلب الاستغاثة، وأحكام الاستئذان، ولا سيما بالبالغين من الرجال والنساء، أما الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم فإنهم غير مكلفين بالاستئذان إلا في أوقات كل من الفجر والظهيرة، والعشاء .
من خصائص البيت المسلم
من خصوصيات البيت المسلم قيامه على الإيمان والعمل الصالح، فهو بيت قائم على الدين والتقى، فالرابط بين أفراده رابطة الإيمان: {والَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُم ْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}( الطور:21)، وهو متميز في إسلامه، يوالي ويحب في الله، ويتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويتمسك بسنته ويبتعد عن البدع.
بيوتنا سكن ورحمة
من نِعَم الله -تعالى- الجليلة على عباده أنْ هيَّأ لهم بيوتا يأوون إليها ويسكنون فيها، وقد امتن عليهم بهذه النعمة في سورة النحل المعروفة بسورة النعم، فقال: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}(النحل:80) ، فالبيت سكن ورحمةً، ولباس وموَّدة، يحتمي الإنسان فيه من الحر، ويستدفئُ به من البرد، ويسترُه عن الأنظار، ويحصنُه من الأعداء، قال الحافظُ ابنُ كثير في التفسير: «يذكر -تبارك وتعالى- تمامَ نِعَمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت، التي هي سكن لهم، يأوون إليها ويستترون، وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع».
الَلبِنة القوية في بناء المجتمع
إن البيت المسلم هو الَلبِنة القوية في بناء المجتمع الملتزمِ بمنهج الله في هذه الحياة، والأسرة في الإسلام نظام إلهي، ومنهجٌ رباني، وهَدْي نبوي، وسلوك إنساني، والحياة في بيوت المسلمين عبادة شاملة، وتربية مستمرة؛ فالحياة الأُسرية هي آية من آيات الله -سبحانه وتعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21)، أي أن الله جعلها سكنًا يأوي إليها أهلُها، وتطمئنُّ فيها النفوسُ، وتسترُ فيها الأعراض، ويتربَّى في كنفها الأجيال.
من الآ داب الشرعية في الاستئذان
د. من الآداب الشرعية في الاستئذان ألا يستقبل الزائر الباب بوجهه، بل يجعله عن يمينه أو عن شماله، وهذا الأدب يجب أن يلتزم به كل مسلم في عصرنا؛ لأن الباب ولو كان مغلقًا إلا أن استقبال الطارق للباب عند فتحه بوجهه قد يجعله يرى ما لا يجوز أن يراه.
وسائل التواصل وتقطيع أواصر الأسرة
من المتفق عليه أنَّ ما نشهده من تطور هائل في وسائل التواصل الاجتماعي فتح أبوابا للخير لا تحصى، كما انفتح بها من أبواب الشر والفساد والبلاء ما هو أكبر وأكثر، فدخول تلك الشبكة كان بمثابة غزو للبيوت والأسر، فقد أصبح لكل واحد من أفراد الأسرة فضاؤه الخاص، وحياته الخفية التي لا يكاد يعرف عنها أحد شيئا، لقد تقطعت الأواصر بعد اتصالها، وبعدت المسافات على قربها، وأصبح كل فرد يعيش في عزلة عن أسرته وهو في أحضانها، وتحت رعايتها، وفي كنفها، إنها صرخة لكل عاقل من أب وأم، وزوج وزوجة: انتهبوا قبل أن تدمنوا، وأفيقوا قبل أن تندموا، واحذروا قبل فوات الأوان، وخذوا من وقائع الآخرين عبرة، قبل أن تكونوا أنتم عبرة لغيركم.
من الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية
للألعاب الحديثة آثار سلبية على العقيدة الإسلامية؛ حيث تُكسب لا عبيها كثيرا من المخالفات الشرعية، قد تصل إلى صلب العقيدة، وأنها قد تعودهم على بعض الطقوس والعبادات لغير المسلمين من الطقوس الشركية وغير ذلك مما يوجد في بعض هذه الألعاب، ومن مخاطرها أنها تنمي فيهم حب العدوان وتدمير الممتلكات والأموال الخاصة والعامة، ومن مخاطرها تضييع الصلوات؛ فهذه الألعاب كالمغناطيس في جذب الأطفال والمراهقين، بل والكبار أيضًا، وهي سبب تقصيرهم في الصلاة وغيرها من العبادات.
حماية أبنائنا وبناتنا
إن حماية أبنائنا وبناتنا -الذين هم أساس المجتمع وقادة المستقبل- مسؤولية مشتركة بين جميع الجهات والمؤسسات، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6)، وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -[- قال: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.

ابو وليد البحيرى
2024-08-01, 04:31 AM
المرأة والأسرة – 1206

الفرقان







حرية المرأة الحقيقة
حرية المرأة الحقيقة هي تلك الحرية المستمدة من العبودية المطلقة لله وحدَه، فإذا استشعرت المرأة هذه العبوديةَ تحرَّرت من كلِّ عبودية سواها، ولتعلم المرأة المسلمُة أنَّ الأحكام الشرعية المقصدُ الأساس منها التعبد لله -تعالى- {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (الملك: 2)؛ إذ إنَّ لذَّة التعبُّد تكمن في الطاعة لله - عزّ وجلَّ - باتِّباع أوامره واجتناب نواهيه: فالمسلمة الرَّاسخة الإيمان تُسَلِّم لشرع الله، وهي على يقين بحِكمة الشارع الحكيم، عَرَفت الحِكمة أو لم تعرفها.
نساء الأنصار.. نموذج الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم
إن وقوف المسلمة على قاعدة السمع والطاعة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - لهوَ من أهم القواعد المثبِّتة على طريق الهداية؛ لأن معنى هذا دوام الصلة القوية بينها وبين الله، فضلاً عن إظهار عبوديتها الحقة لله -تعالى- بذلك. ولعل من الصور المهمة التي تجسد لنا مدى سرعة استجابة المرأة الصالحة لأوامر ربها -عز وجل- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ما فعلته نساء الأنصار عندما نزلت آية الحجاب، في الوقت الذي نرى فيه اليوم كثيرا من النساء في غفلة عن ذلك، فالأم لا تريد لابنتها الحجاب حتى تتزوج، وأخرى تعتقد أن الحجاب سيدفنها ويقضي عليها، وسيحرمها من التمتع بالحياة، وثالثة تظن أن الحجاب له قيوده وضوابطه ومتطلباته، وهي لا تزال صغيرة لا تريد مثل هذه القيود والضوابط، فلتتأمل كل امرأة ترجو الله والدار الآخرة موقف نساء المهاجرين والأنصار، ولتتخذهن قدوة صالحة لها، عسى أن تسير في طريق الهداية وتثبت عليه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «يرحم الله نساء المهاجرين الأول، لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور: 31) شققن مروطهن فاختمرن بها»، وفي رواية: «أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها»، وعن صفية بنت شيبة -رضي الله عنها- قالت: بينا نحن عند عائشة -رضي الله عنها- قالت: فذكرن نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: «إن لنساء قريش لفضلًا، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، وأشد تصديقًا لكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل؛ فقد أنزلت سورة النور: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابة، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به، تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم - معتجرات، كأن على رؤوسهن الغربان».
دور المرأة المسلمة في المواقف الصعبة
كان للمرأة المسلمة دور رائد في تاريخ الإسلام وفي أخطر الظروف من حياة الدعوة، فكانت أم سلمة مثلًا أعلى للنساء في قصة الحديبية، حين اعترض الصحابة على بعض بنود الصلح، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتابة المعاهدة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا»، فما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقُم منهم أحدٌ، دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لَقِيَ من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلِّم أحدًا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرَج فلم يكلِّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا».
من أخلاق المرأة الصالحة مع زوجها
حُسن خُلقها مع زوجها، وحُسن الظن به. لا تغتابه أو تنال منه، ولا تدع الفرصة لقريب أو بعيد أن يغتابه أو ينال به. القيام بحقوقه الزوجية خير قيام. الاهتمام بتربية أولادها التربية الإسلامية الصحيحة. ألا تطلب زوجها بما يفوق طاقته من النفقة ونحوها. الحرص على طلب مرضاة زوجها، كما حثها على ذلك الشرع، ولا تتكاسل عن ذلك.
المرأة المسلمة والإحسان إلى جيرانها
دعت الشريعة الإسلامية إلى الترابط والتآخي والتآلف؛ فحينما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم - آخي بين المهاجرين والأنصار؛ لتتآلف القلوب وتقوى أواصر الأخوة بين المسلمين؛ ولهذا شجع الإسلام كل خصلة تقوي تلك الروابط، ومن هذا وصيته بالجارة لنساء المؤمنين وزوجات المؤمنين من بعدهن بالإحسان إلى جارتها، عن طريق إعطائها مما من الله به من طعام أو شراب، ولو شيئًا محقَّرًا عند الناس، فإنه سينفع الجارة ويدخل عليها السرور؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة»، فلتحرص المسلمة على الإحسان إلى جارتها، وتتعهدها بالزيارة والصلة والتعاون بكل ما ينفع.
حال الفتاة المؤمنة
حال كل فتاة مؤمنة ترجو رضا الله -تبارك وتعالى-، وتعمل للدار الآخرة، أن تكون حريصة على تقوية إيمانها وصلتها بخالقها وبارئها، نجاةً من كثرة الفتن التي تعجُّ بها المجتمعات ووسائل الإعلام والإنترنت في زمننا هذا، وحريصة على مراقبة ربِّها في كل لحظة ولمحة، فلا تجدها أبدًا في موطن شبهة، وإن غابت عن أعين الناس؛ لأنها تعلم أن ربها يعلم خائنة الأعين وما تُخفِي الصدور، وحريصة على صلواتها بالمحافظة عليها في أوقاتها، بخشوعها، وأركانها، وسننها، وواجباتها، ولا تُؤخِّرها عن وقتِها من غير عذر شرعي؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103)، كما أنها حريصةٌ على التفوق في دراستها، والتسلح بسلاح العلم والمعرفة، والرفع من مستوى إدراكها للحياة، واستثمار وقتها فيما يعود عليها بالخير والمنفعة، ويُحقِّق لها ما تفيد به نفسها ومجتمعها وبنات جنسها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «طلب العلم فريضة على كل مسلم».
زينة المرأة المسلمة
بيَّنت السنة أنه أُحلَّ للمرأة من الزِّينة ما لم يحل للرَّجل أن يتزيَّن به، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حُرِّمَ لباس الحرير والذَّهب على ذكور أمتي، وأُحِلَّ لإناثهم»؛ وما ذلك إلاَّ لأنَّ المرأة جبلت على حب الزِّينة، والتحلي بالثياب والمجوهرات وغير ذلك، كما قال -تعالى-: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} (الزخرف: 18)، حتَّى قيل: إنَّ الزِّينة بالنسبة للمرأة في رتبة «الحاجيَّات»، وبفواتها تقع في الحرج والمشقَّة، ولزينة المرأة اهتمام خاص في التشريع الإسلامي أكثر من الاهتمام بزينة الرجل ولباسه؛ لأنَّ الزينة بالنسبة للمرأة أمر أساسي، فُطرت على حبه؛ ولهذا السبب رخص للمرأة من الزينة أكثر مما رخص للرجل، فأُبيح لها الحرير والذهب وغيرهما.
المرأة الصالحة خيرُ متاع الدنيا
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم - أنَّ المرأة الصالحة خيرُ متاع الدنيا، وممَّا حُبِّب إليه من الدنيا؛ فقال: «الدنيا متاعٌ، وخير متاعِ الدنيا المرأةُ الصالحة»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «حُبِّب إليَّ من الدنيا النِّساء والطِّيب، وجُعِل قرَّة عيني في الصلاة»، قال السندي: «قوله: «حُبِّب إليَّ من الدنيا النِّساء» قيل: إنما حبِّب إليه النساء؛ لينقلنَ عنه ما لا يطَّلع عليه الرِّجال من أحواله، ويُستحيا من ذِكْره.

ابو وليد البحيرى
2024-08-01, 04:32 AM
المرأة والأسرة – 1207

الفرقان







الحياء جمال المرأة الحقيقي
كلما كانت المرأة متصفة بالحياء متحلية به، كان ذلكم أكمل في أخلاقها، وأجمل في حليتها وزينتها، بينما إذا نزعت المرأة عن نفسها جلباب الحياء، وأطاحت بلباس الحشمة والعفة، فقدَت جمالها الحقيقي، ومكانتها العالية الرفيعة.
من هدايات القرآن للمرأة المسلمة
على المرأة المسلمة أن تعلم -وهي تقرأ القرآن وتتأمل في كلام الرحمن- أن تتدبر هدايات القرآن الكريم، وتعلم أن سعادتها لا تكون إلا بلزوم هديه، والسير على صراط الله المستقيم، ومن هدايات القرآن وأوامره التي يجب على المرأة تدبرها ما يلي: أولا: أمرها بالحجاب ولزومه والمحافظة على الستر والحشمة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(الأحزا ب: 59)، وأن تحذر من التبرج والسفور فعل أهل الجاهلية الجهلاء، قال -تعالى-: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}(الأحز اب: ٣٣).
ثانياً: ألا تخلو مع الرجال الأجانب، فالخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية حرام بلا ريب؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» (متفق عليه).
ثالثاً: أنها إذا اضطرت إلى الحديث مع رجل وأحوجها الأمر إلى ذلك ألا تخضع بالقول؛ لئلا يكون خضوعها به سبباً لطمع من في قلبه مرض من الرجال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}(الأح زاب: 32).
رابعاً: أن تلزم بيتها، وألا يكون خروجها منه إلا لحاجة تدعوها لذلك، قال الله -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(ال أحزاب: 33)، وكلما كانت المرأة المسلمة ملازمة لبيتها مقللة من الخروج إلا عن حاجة كان ذلكم أقرب لها لنيل رحمة ربها، روى ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ مِنْ رَبِّهَا إِذَا هِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا».
خامساً أن تغض بصرها، وأن تصون عرضها، {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}(ال نور: 31).

جمال الحياة في طاعة الله
إن لذة الحياة وجمالها، وقمة السعادة وكمالها، لا تكون إلا في طاعة الله التي لا تكلف الإنسان شيئاً سوى الاستقامة على أمر الله وسلوك طريقه، ليسير الإنسان في الحياة مطمئن الضمير، مرتاح البال، هادئ النفس، دائم البشر، طلق المحيا، يعفو عمن ظلمه، ويغفر زلة من أساء إليه، يرحم الصغير ويوقر الكبير، يحب قضاء حاجات الناس، ويكون في خدمتهم، ويتحمل أذاهم، ثم هو لا يفرط في صغير ولا كبير من أمر الله، بل يحرص على كل عمل يقربه إليه ويدنيه منه، فإذا نزلت به المصائب تلقاها بصبر ورضا، وإذا جاء الموت رأى فيه خلاصاً من نكد الدنيا، ورحلة إلى دار الخلود.
توجيهات القرآن عز للمرأة المسلمة

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/08/1.jpg
توجيهات القرآن الكريم للمرأة المسلمة وهداياته لها فيها العز لها ولمجتمعها، وفيها الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة، والواجب على المرأة المسلمة التي منَّ الله عليها بالإيمان وهداها للإسلام وعرَّفها بمكانة القرآن وجعلها من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير الأنام، أن ترعى لآداب القرآن وتوجيهاته وهداياته قدرها، وأن تعرف لها مكانتها، وأن تأخذ بها مأخذ العزم والحزم والجد والاجتهاد، وأن تربأ بنفسها مما يدعوها إليه الهمَل من الناس ممن تاهت بهم الأفكار وانحرفت بهم السبل، وحادوا عن هدايات القرآن الكريم.
ما يعين على اغتنام مواسم الخير
مما يعين على اغتنام مواسم الخير، دعاء الله -عز وجل-، ولذلك كان النبي -[- يستفتح يومه فيسأله التوفيق للطاعة والبر، وكان يسأل الله خير يومه أوله وآخره وفتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، والله -تعالى- إذا رآك تقفين على بابه تسألينه من رحمته وهو الكريم -سبحانه- لا يرد من سأله؛ فقد تكفل الله لك أن يعطيك سؤلك أو يرفع عنك من السوء مثلما سألت، أو يدخرها لك بالآخرة في منزلة قد لا تبلغها بكثرة صلاةٍ ولا صيام، يقف الإنسان بين يدي الله ويقول: اللهم إني أسألك التوفيق في الخير، وكلما دخلت في موسم خير وبر تسأل الله أن يجعلك أسعد العباد، تقولين: يا رب لا تجعلني بذنبي شقية ولا محرومة، ولا تحل بيني وبين الفوز بهذا الخير بما كان مني، فإن كنت أنا المقصرة وأنا المذنبة فأنت الكريم الجواد، فتستشعرين بذلك أنك أحوج ما تكونين إلى رحمة الله بالدعاء.
احذري التهاون في الصلاة!
كثير من النساء يتهاونَّ في موضوع الصلاة فتؤخرها عن وقتها، وذلك عند انشغالها بأعمالها في البيت، أو انشغالها بالحديث مع غيرها وبخاصة في وسائل التواصل فاحذري أختاه أن تكوني من هذا الصنف، وأنت تقرئين قول الله -تعالى- : {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} ( الماعون : 4، 5) أي يؤخرونها حتى يفوت وقتها.
نموذج للحكمة وحسن التصرف
أخت موسى الشقيقة الحنونة الوفية الذكية: بصرت به عن جنب حتى لا يشعروا به، ولا بالعلاقة بينه وبينها، وكان عندها من حسن التصرف واللباقة ما جعلها تتكلم بالكلام المناسب، وتتدخل في الوقت المناسب، وتقول: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} (القصص: 12)، تدخلت لما امتنع عن المرضعات {وحرمنا عليه المراضع}، ورجعت البنت الوفية إلى أمها لتخبرها ببشارة نجاة موسى من اليم، وأخذه إلى القصر.
ما أعظم شريعتنا!
ما أعظم شريعتنا! تلك الشريعة التي زرعت في معتنقيها الضمير الحي، وحثَّتْهم على دوام التطهُّر من الإثم في الدنيا خوفًا من عذاب الآخرة، شريعة تكفل النجاة للعصاة والمذنبين والذين ضاقت عليهم أنفسهم، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت بمجرد التوبة لله والاستغفار من الذنب، شريعة تقر بأن «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، وأن مجرد التسليم لشرع الله يهون على المؤمن روحه، فالحكم العدل لا يعاقب مرتين، وقد وسعت رحمته كل شيء، وسبقت رحمته غضبه.
أهم ما يتميز به المسلم والمسلمة
من أهم ما يتميز به المسلم والمسلمة اللذين تعلق قلباهما بالله وطبقا في حياتهما شرعه، وامتثلا أمره، تلك الراحة النفسية والاطمئنان القلبي، فلا تراهما إلا مبتسمين حتى في أحلك الظروف وأقسى الحالات، فهما يدركان أن ما أصابهما لم يكن ليخطئهما، وأن ما أخطأهما لم يكن ليصيبهما، فلا يتحسران لفوت محبوب،ولا يتجهمان لحلول مكروه، فربما كان وراء المحبوب مكروهاً، ووراء المكروه محبوباً {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

ابو وليد البحيرى
2024-08-08, 09:29 AM
المرأة والأسرة – 1208

الفرقان






هذه هي مهمتك الأساسية

أيتها الأم الكريمة، لا تنشغلي بزخارف الحياة وبهرجتها عن العمل الذي أُنيط بكِ، فتكوني مضيعة لما كُلِّفت به؛ فإن هذه الذرية هم رعيتكِ، وستُسألين عنهم، والسؤال عظيم في وقت جسيم، لا تنفع فيه الحجج الواهية، ولا يمكن فيه الرجوع لتصحيح المسار، فتفقَّدي ما كُلِّفت به الآن؛ ليسهل عليك الجواب غدًا، وما قيل عن الأم في كثير من هذه الوقفات هو منطبق على الأب المبارك الكريم، فليعمل الجميع على نجاة نفسه بصلاحه وصلاح من تحت يده؛ فالأمر جِدُّ خطير.
تربية الرجال ليست بالأمر السهل
قال الله -تعالى-: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان:١٤)، فالله -تعالى- قد هيأ الأم لتتحمل المشقة والشدائد في سبيل تربية أبنائها؛ لذلك كانت الوظيفة الأساسية للأم بعد عبادة الله -سبحانه وتعالى- وطاعته هي رعاية الأطفال وتربيتهم. ومعلوم أن تربية الرجال ليست بالأمر السهل، بل هي مهمة صعبة وشاقة، تستدعي مزيدًا من الصفات التي يجب أن تتوفر لدى الأم، ومن ذلك: أن تكون صالحة في نفسها، مصلحة لغيرها، طائعة لربها ولزوجها، قائمة بما أوجب الله عليها، مبتعدة عما نهى الله عنه، قدوة حسنة لأبنائها. ومن الوسائل المعينة للأم للقيام بهذه المهمة ما يلي: أولًا: الإخلاص لله -تعالى-؛ فهي تربي أولادها من أجل الله ولله؛ فهم أمانة أعطاها الله إياها.
ثانيًا: أن تكون الأم قدوة حسنة للأبناء في عباداتها وتعاملاتها وأخلاقها، ومأكلها ومشربها.
ثالثًا: أن تحرص على أن تكون عادلة بين أولادها في العطايا والهبات، حتى في المدح والثناء.
رابعًا: أن تكون حكيمة في تعاملاتها مع أبنائها، ومن أساليب الحكمة التربية بالموقف.
خامسًا: أن تكون صبورة على أولادها، ولا سيما عند الخطأ العابر، فتقوم بالتوجيه والنصح والتقويم.
سادسًا: أن تتصف بالرحمة والحب والرفق، قال رسول الله -[-: «إن اللَّه رفِيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف».
سابعًا: الدعاء، فعلى الأم أن تكثر من الدعاء لأولادها بالهداية والرشاد والاستقامة، ولا تيأس إذا رأت غير ذلك في أحد أبنائها قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (الفرقان: 74).

الدعاء للأولاد وأثره في صلاحهم
دعوة الوالدين لها دور كبير في صلاح الأبناء وتوفيقهم واستقامتهم على الطاعة، فعلينا أن نقرع أبواب السماء دائمًا بالدعاء لأبنائنا والتضرع بلا ملل أو كلل؛ فإن من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له، ولنعلم أن الدعاء للأبناء يصلح أحوالهم، ويجبر كسرهم، ويعالج أخطاءهم، ويحميهم من شرور الدنيا والآخرة، فهيا بنا نرفع أيدينا إلى الله -تعالى- ونسأله أن يهديهم سواء السبيل، وأن يجعلهم قرة أعين لنا في الدنيا والآخرة.
تنشئة الأطفال على الاعتقاد الصحيح
تعليم العقيدة سنام العلوم، وتنشئة الأطفال على الاعتقاد الصحيح حماية للأمة من الزيغ والضلال، وحماية لهم من الفتن والانحرافات في المستقبل، والأهم أن الاهتمام بتعليم العقيدة للأطفال هو منهج الأنبياء -عليهم السلام- والمصلحين قال -تعالى عن إبراهيم-:{ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (البقرة: 132)، وفي وصية لقمان لابنه قال -تعالى-:{يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(لقمان:13) ، وفي وصية نبينا - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس -رضي الله عنهما- قال:» يا غلام، إني أعلمك كلماتٍ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعـوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفَّت الصحف».
أم سفيان الثوري.. الأم الفقيهة
أم سفيان الثوري -رحمه الله-، كان لها عظيم الأثر في تنشئته تنشئة صالحة، وتربيته تربية حسنة؛ فقد ربَّته على حب العلم وطلبه، والاشتغال به، فعن وكيع، قال: «قالت أم سفيان لسفيان: «اذهب فاطلب العلم، حتى أعولك بمغزلي، فإذا كتبت عشرة أحاديث، فانظر هل تجد في نفسك زيادة، فاتبعه وإلا فلا تتعن»؛ أي: فلا تتعب نفسك، ولا تهتم بذلك كثيرًا، بل إنها كانت أمًّا فقيهة، فلم تقتصر على حثه على كتابة الحديث وحفظه فحسب، بل أرشدته على العلم الذي يقرب إلى لله، وهو العمل بالعلم، وخشية الله في الغيب والشهادة، فقالت له: «فإذا كتبت عشرة أحاديث فانظر هل تجد في نفسك زيادة، فاتبعه وإلا فلا تتعن»، لسان حالها: تأمل في نفسك هل إذا حفظت حديثًا من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزداد خشية لله وخوفًا منه؟
مواقف نبوية في تربية الأولاد
عن عبد الله بن شداد، عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إحدى صلاتي العشي، الظهر أو العصر، وهو حامل الحسن أو الحسين، فتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعه، ثم كبَّر للصلاة، فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها، قال: إني رفعت رأسي، فإذا الصبي على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد، فرجعت في سجودي، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها، حتى ظننا أنه قد حدث أمرٌ، أو أنه يُوحى إليك، قال: «كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني -ركب على ظهري-، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته».
التحذير من الدعاء على الأبناء
حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدعاء على الأبناء فقال: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ».
التربية عملية مستمرة
عمليه تعليم الأطفال لا تكون في الصغر فقط، إنما هي عملية مستمرة حتى الكبر؛ فهم بحاجة دائمة للإرشاد والتوجيه، وإن اختلفت الوسائل والطرائق، فهم بحاجة أكبر للتوجيه العقدي بعد سن التكليف؛ حيث يواجهون الكثير من الشبهات والعقائد الفاسدة والمدسوسة، وحينئذ يستخرجون مخزونهم العقدي منذ الصغر، ويضاف لها المعلومات المكتسبة في الكبر لدعم عقيدتهم وثباتها والمحافظة عليها من شرور العقائد الدخيلة، وقد استنبط علماء التربية ذلك من قصة نبي الله يعقوب -عليه السلام-؛ حيث ذكَّر أبناءه بما يعبدون من بعده، وهم ليسوا أطفالا، فقال -تعالى- على لسانه: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة:133)

ابو وليد البحيرى
2024-08-08, 09:30 AM
المرأة والأسرة – 1209

الفرقان






التوزان في حياة المرأة المسلمة
المرأة المسلمة متوازنة في تعاطيها مع الحياة والتكاليف جميعًا، ترى صورة الحياة كاملة، بكل ما تحويه من تنوع وألوان، تضرب بسهم وافر في كل فضيلة، لا تجعل طاعة تطغى على أخرى، ولا فضيلة على فضيلة، تأخذ بكتاب ربها جميعًا. كما قال ربنا -تبارك وتعالى-: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (سورة الفرقان:67).
وصايا لاستغلال شعبان والاستعداد لشهر رمضان
هل تساءلت يومًا: ماذا تفعلين قبل أيام من رمضان؟ هذه بعض الوصايا لاستغلال شهر شعبان والاستعداد لشهر رمضان المبارك: ادعي الله أن يبلغك شهر رمضان، وعليك أن تستبشري بفضائل هذا الشهر، مثل: فتح أبواب الجنان، وغلق أبواب النار، ومغفرة الذنوب، ونول الرحمات، والعتق من النيران.
قبل أيام من رمضان، اعزمي على التوبة؛ فرمضان يعد البداية الحقيقية للعام؛ إذ ترفع أعمال العام في شهر شعبان، ومن ثم يكون رمضان بداية سنة جديدة بعد رفع الأعمال، ومن ثم يحتاج الواحد منا إلى فتح صفحة جديدة بيضاء نقية مع الله، قال الله -تعالى-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31).
قبل أيام من رمضان، خططي للاستفادة منه، فضعي برنامجًا عمليا لاغتنام أيام رمضان ولياليه في طاعة الله -تعالى-، وقسِّمي وقتك بين الأسرة، والقراءة، والنوم، والصلوات، والزيارات… إلخ؛ بحيث تكونين منظمة لا عشوائية، تتركين نفسك للظروف.
تهيئي إيمانيا ونفسيا، وذلك من خلال القراءة والاطلاع على الكتب والرسائل، وسماع المحاضرات والدروس النافعة، التي تبين فضائل الصوم وأحكامه؛ حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه.
جاهدي نفسك وامتنعي عن عاداتك السيئة مثل: السهر، والنوم المفرط، والطعام الكثير، والانشغال بوسائل التواصل، والتسوُّق من غير فائدة، وغير ذلك مما لا تبقى معه قوة الهمة في الطاعات، فجاهدي نفسك من الآن حتى تنتصري على كل هذه الصعوبات، فمَن جَدَّ وَجَد، ومن زرع حصد.

المرأة المسلمة وتلاوة القرآن الكريم
إن تلاوة القرآن وذكر الله -تعالى- من أهم العوامل المثبتة على طريق الهداية؛ حيث إن المسلمة تكون بهما على اتصال دائم بربها -عزوجل-، فهي تتلو كلامه وتذكره بلسانها، فتنشغل بذلك عن اللهو الباطل وآفات اللسان، وتزيد من إيمانها وتقواها لله -تعالى-، وعليها أن تلتزم كتاب الله -تعالى-، فيكون لها ورد يومي لا تفرط فيه مهما كانت الظروف، ثم ترتقي بعد ذلك فتقرأ تفسيرا ميسرا لما تلته من كتاب ربها؛ وبذلك تكون قد حققت قوله -تعالى-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن}.
حث النساء على الأمر بالمعروف
حثَّ المولى - تبارك وتعالى- نِساء النبي - صلى الله عليه وسلم - (أمهات المؤمنين)، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وأرشدهنَّ إلى آداب ذلك، فقال -تعالى-: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32)، قال ابن عبَّاس -رضي الله عنهما - في قوله: {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا} «أمرهنَّ بالأمر بالمعروف، ونَهاهن عن المنكر»، وقال ابنُ زيد - رحمه الله تعالى-: «قولاً حسنًا جميلاً معروفًا في الخير»
الزوجة التي نريد
نُريد الزوجة الودودَ الحانية المحبة؛ تصديقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُ نساءٍ رَكِبن الإبل صالحُ نساء قريش، أحناه على ولدٍ في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده».
نريد الزوجة الراعيةَ لبيت زوجها؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «والمرأةُ راعيةٌ في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها».
نريد الزوجة التي تَسُرُّ زوجها، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله -عز وجل- خيرًا له من زوجه صالحة، إن أمرها أطاعَتْه، وإن نظر إليها سرَّتْه، وإن أقسَم عليها أبرَّتْه، وإن غاب عنها نصحَتْه في نفسها وماله».
نريد الزوجة الراضية بما يأتيها به زوجها، القنوع التي تقنع بالقليل، ولا تُرهِق زوجها بكثرة طلباتها.
نريد الزوجةَ المستقيمة التي تحكُمُها ضوابطُ الشريعة وقِيَمُها، فلا تَمِيلُ مع الأهواء.

العنصر الفاعل في كِيان الأسرة
الزوجة هي العنصر الفاعل في كِيان الحياة الزوجية والأسرة، فهي عندما تُصبِح زوجةً مثالية، تُصبِح مصدرًا كبيرًا للخيرِ والبركة، إذا عَرَفَتْ كيف تقومُ بمسؤولياتها وواجباتها بطريقة صحيحة، بدافع حنانها وإخلاصها لزوجها وبيتها ورعايتها لأولادها، فالزوجة الصالحة مصدرُ سعادة أمة وشعب بأكمله؛ لأن البيت السعيد نواةُ المجتمع وعمارته بطريقة صحيحة.
الغاية التي يطمح إليها كل مسلم ومسلمة
إن دخول الجنة هو الغاية التي يطمح إليها كل مسلم ومسلمة، فإذا رضيَ الله -تعالى- عن عباده وأدخلهم جنته، فقد فازوا بالرضوان والنعيم المقيم الذي لم تَرَهُ عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر، فكل ما يُطلب في الجنة مجاب، يقول -تعالى-: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (فصلت: 31، 32)، وعلى المرأة الصالحة أن تبحث عن كل الأعمال التي تكون سببًا في دخولها الجنة.
من تمام عبودية المرأة

إن من تمام عبودية المرأة المسلمة لربها -جل وعلا-، يقينها التام بأن قرارها في بيتها، وإدارة مملكتها خير لها مما سوى ذلك، مهما كانت المكاسب، لقوله -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33)، وإن اضطرت للخروج من بيتها للعمل فيكون بما يتناسب مع فطرتها، مما لا يضر بإدارة بيتها والقيام بحقوق زوجها وأولادها، بعيدًا عن الاختلاط والسفور والتبرج.
المؤمنة الحقة
المؤمنة الحقة هي التي تعرِف أن الدين هو الخلق الحسن، فهي تجمع بين بكاء العينِ في الليل حبًّا لله -تعالى-، وخوفًا من عقابه، ورجاءً في نعيمه، وبين عَلاقتها مع جاراتها وصديقاتها في النهار حبًّا للمؤمنات، وحرصًا على صلاحهنَّ وهدايتِهنَّ، وهي مع ذلك لا تُقصِّر في حق زوجها أو أبنائها أو أسرتِها عموما، تلك هي المؤمنة التي تعرف أن الإيمان ما وَقَر في القلب وصدَّقه العمل، وأن الإيمان شُعَب، ومِن شُعَبه الحياء، فتفهم أن الإحسان إلى الناس وحُسن صحبتهم، والحرص على مصالحهم، وإماطة الأذى عن طريقهم مِن شُعَبه.

ابو وليد البحيرى
2024-08-08, 09:31 AM
المرأة والأسرة – 1210

الفرقان







الانضِبَاط خُلقٌ من أخلاق الإسلام
تحرص الشريعة الإسلامية على تربية المسلمين على الانضباط والنظام، وعدم الفوضى والعشوائية، والانضِبَاط خُلقٌ من أخلاق الإسلام، يتناول حياة المسلم كافة وكل ما يقوم به من عمل، وهو القدرة على ضبط النفس والتحكم في السلوك؛ لذا فهو من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم في جميع مراحل حياته.
كيف نصنع البيئة التربوية لأبنائنا؟
اهتم الإسلام بصناعة البيئة التربوية للأبناء، فجاء في كتاب الله- عزوجل- الأمر للآباء والأمهات بتأديب الأبناء؛ حيث قال -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم:6). فالنَّشْأةُ الصالحةُ مِنْ صلاح المنشأ، فإنْ أدَّى الوالِدان ما عليهما، وكان الأمْرُ خلافَ ما سَعَيَا له، فقد بَرِئتْ ذمتهم، واللهُ -تعالى- يَهدي مَنْ يشاء ويُضِلُّ مَنْ يشاء، ولكن الخطأ من أهمل تربية أولاده، ولم يربهم التربية الإسلامية الصحيحة، ثم هو يَتَعَلَّلُ بالقَدَر؛ ولذا أوصى الشرع باختيار البيئة الطيبة والرفقة الصالحة، فقال -تعالى-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} (الكهف: 28)، وفي المقابل نهى الإسلام عن رفقة السوء، فقال -تعالى-: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف من الآية 199)، وإن من أهم مقومات هذه البيئة الصالحة أن يتعلم فيها الأبناء العقيدة الصحيحة ومعرفة معنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، ومقتضياتها ومعانيها، وحب الله -تعالى- بذكر صفاته ونِعَمه على البشر، وفي هذه البيئة يتعوّد الأبناء على العبادات منذ الصغر، ويحبون الطاعة ويكرهون المنكر، ويكون ذلك تدريجيا، لا بالعنف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سَبعِ سنينَ، واضْرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشْرٍ، وفَرِّقوا بينَهم في المضاجِع» (صحيح أبي دواد)، وكذلك الأمر في باقي العبادات.
الاختيار السليم.. من أهم مقومات البيئة الصالحة
إن اختيار الزوجة ذات الدين، وذات الخلق الطيب، والعقل الراجح، والمنبت الحسن، من أهم مقومات البيئة الصالحة التي نسعى لإيجادها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»؛ ذلك لأن الزوجة مسؤولة عن تربية الأطفال، وعن صيانة بيت الزوجية من حفظ مال الزوج، وعرضه، وسره، وكذلك الحال من اختيار للزوج الذي يتقي الله، ذي الأخلاق الحميدة، والقادر على القيام بواجبات الزواج، الذي يستطيع قيادة الأسرة في سلام، يقول رسول الله-[-: «إذا أتاكُم من تَرضونَ خُلقهُ ودينهُ فزوّجوهُ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ» (ابن ماجه).
5 طرائق لتربية الطفل على الانضباط
(1) وضع قواعد وحدود واضحة للطفل: من أهم الأمور التي يجب على الآباء القيام بها لتربية الطفل على الانضباط هو وضع قواعد وحدود واضحة له؛ حيث تساعد هذه القواعد على تعليم الطفل السلوكيات المقبولة وغير المقبولة، وتساعده على الشعور بالأمان والراحة. (2) الالتزام بتطبيق القواعد بطريقة ثابتة: من أهم الأمور لضمان نجاح تربية الطفل على الانضباط هو الالتزام بتطبيق القواعد بطريقة ثابتة، وإذا لم يلتزم الآباء بتطبيق القواعد، فسيتعلم الطفل أن هذه القواعد غير مهمة، ولن يكون من المرجح أن يلتزم بها في المستقبل. (3) مكافأة الطفل عند التزامه بالقواعد: من المهم مكافأة الطفل عند التزامه بالقواعد، ويمكن أن تكون هذه المكافآت بسيطة، مثل كلمة طيبة أو قبلة أو لعبة صغيرة؛ فإن ذلك سيساعد الطفل على فهم أن السلوك الجيد له مكافآت. (4) عدم استخدام العقاب البدني: لا ينبغي استخدام العقاب البدني للطفل، فيمكن أن يؤدي العقاب البدني إلى سلوك عدواني أكثر لدى الطفل، وقد يضر بصحته الجسدية والنفسية. (5) التواصل مع الطفل بطريقة فعالة: التواصل الفعال هو عملية نقل المعلومات والأفكار بطريقة واضحة ومؤثرة، يتضمن التواصل الفعال الاستماع الفعال والكلام الفعال.
حقيقة الاستسلام لله -تعالى
إنّ الاستسلام لله -سبحانه- في أمره ونهيه، وقضائه وقدره، من أهم أسباب قوّة قلب العبد ورسوخ يقينه، وسلامة صدره، وتمام رضاه؛ فالكون كونه، والخلق خلقه، وهو المالك المتصرف بالتدبير والتقدير، ومن غابت عنه هذه الحقيقة وانشغل بتوافه الدنيا، لم يصمد قلبه أمام أي فتنة أو ابتلاء، والاستسلام للخالق-سبحانه وتعالى- هو الغاية التي خلق الله الإنسان من أجلها، وهو الطريق الذي يقود إلى السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وهو سبيل تحصيل الهدوء والطمأنينة؛ لأن المسلم وقتها لا يشعر بالقلق أو الخوف، فهو يعلم أن الله معه، ويرعاه، ويحفظه، كما يُحقّق المسلم من وراء الانقياد لربّه، التقوى والصلاح.
الحب والتربية
لا يمكن للتربية أن تتم دون حب؛ فالأطفال الذين يجدون من والديهم عاطفة واهتمامًا ينجذبون نحوهما، ويصغون إليهما بسمعهم وقلوبهم، ولهذا ينبغي على الأبوين أن يحرصا على إبراز عاطفة الحب لأطفالهم والتعبير عنها بوضوح، وعليهما إذا اضطرا يومًا إلى معاقبة الطفل أن يسعيا لاستمالته بالحكمة؛ كيلا يزول الحب الذي لا تتم التربية دونه، وعلى الأبوين أن يتذكرا أن طفلهما بحاجة إلى اللمسة الحانية؛ فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزور الأنصار، ويسلِّم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم، فالطفل يحتاج إلى من تضمه إلى صدرها، وتربت على ظهره، وعند الذهاب إلى المدرسة والرجوع منها، وكذلك قبل أن يذهب للنوم ليلا.
النوار بنت مالك

أم زيد بن ثابت رضي الله عنهما
النوار بنت مالك الأنصارية، صحابية جليلة كانت متزوجة من ثابت بن الضحاك، فولدت له زيد بن ثابت وأخاه يزيد، كانت أمًّا كريمة شهمة حكيمة، آمنت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل مقدمه المدينة، فراحت تغذي زيدًا على مائدة القرآن وحفظه، وحب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وقد عرف قلب زيد الصغير طعم هذا الحب وبركته من أول يوم التقى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان لقاء كرم وحسن ضيافة؛ إذ كانت أول هدية أهديت للحبيب المصطفى حين نزل بدار أبي أيوب الأنصاري، قصعة من طعام جاء بها زيد، أرسلته بها أمه النوار، يروي زيد - رضي الله عنه - قصة هذه الهدية، فيقول: «أول هدية دخلت على رسول الله في بيت أبي أيوب، قصعة أرسلتني بها أمي إليه، فيها خبز مثرود بسمن ولبن، فوضعتها بين يديه، وقلت: يا رسول الله، أرسلت بهذه القصعة أمي؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «بارك الله فيك وفي أمك».

ابو وليد البحيرى
2024-08-14, 06:58 PM
المرأة والأسرة – 1211

الفرقان








احذري من تضييع أوقات الشهر!

فلتحذري -أختاه- من تضييع أوقات شهر رمضان المبارك في غير طاعة الله وعبادته، فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولا بد فاعلاً فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه».
رمضان نعمة يجب أن تشكر

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/08/31.jpg
إن شهر رمضان من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده المؤمنين؛ فهو شهر تتنزل فيه الرحمات، وتغفر فيه الذنوب والسيئات، وتضاعف فيه الأجور والدرجات، ويعتق الله فيه عباده من النيران، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبوابُ الجنَّة، وَغُلِّقَتْ أبوابُ جَهَنَّم، وَسُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ». وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه»، وقال -تعالى في الحديث القدسي-: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به»، وقال - صلى الله عليه وسلم -:»إن لله في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان، وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها، فيستجاب له»، وفيه ليلة القدر؛ قال -تعالى-: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْر مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (القدر: 3). فيا أختي المسلمة، عليك بشكر نعمة الله -تعالى- عليك بأن آثرك على غيرك، وهيأك لصيامه وقيامه، فكم من الناس صاموا معنا رمضان الفائت، وهم الآن بين أطباق الثرى في قبورهم، فاشْكُرِي اللهَ أُخْتِي المُسْلِمَة على هذه النعمة، ولا تُقَابِلِيها بِالمَعَاصِي والسيئات فتزول وتَنْمَحِي.
رمضان شهر الجود والإحسان
أختي المسلمة، حث النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء على الصدقة؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «يا مَعْشَرَ النِّساءِ، تَصَدَّقْنَ وأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفارَ؛ فإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أكْثَرَ أهْلِ النَّارِ»؛ ومن الجود في رمضان إطعام الصائمين؛ فاحرصي - أختي المسلمة - على أن تفطري صائمًا؛ فإن في ذلك الأجر العظيم، والخير العميم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا»، واحرصي كذلك على الصدقة الجارية، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له».
أخطاء تقع فيها النساء في رمضان

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/08/32.jpg
من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء: ضياع الأوقات في إعداد الطعام، والتفنن في الموائد والمأكولات والمشروبات؛ حيث تقضي المرأة معظم نهارها في المطبخ، ولا تنتهي من إعداد هذه الأطعمة إلا مع أذان المغرب، فيضيع عليها اليوم دون ذِكْر أو عبادة أو قراءة للقرآن.
ضياع الأوقات بالليل في الزيارات التي قد تمتد لساعات متأخرة من الليل وربما إلى قبيل الفجر، أو الانشغال بمتابعة القنوات والبرامج التلفزيونية، فتقضي المرأة معظم ساعات الليل في مشاهدة ذلك، وكان الأولى بها أن تحيي ليلها بعبادة الله وذكره وشكره وتلاوة كتابه.
خروج بعض النساء إلى المسجد لصلاة العشاء والتراويح بلباس الزينة مع التعطر والتطيب مع ما في ذلك من أسباب الفتنة والإثم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أيما امرأة أصابت بخوراً، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة».

المرأة الداعية
الدعوة إلى الله -تعالى- أمر موجه إلى الرجال والنساء على حد سواء، وحث عليها القرآن والسنة النبوية الشريفة، وحين تتحمل المرأة مسؤولية هذه المهمة، فإن عليها أن تعمل وتنطلق في عملها من قيم الإسلام وتعاليمه، وقد صنعت الرسالة المحمدية داعيات إلى الله منذ بداية انطلاقها، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول في السيدة خديجة -رضي الله عنها في الحديث-: «لا والله، ما أبدلني الله خيرًا منها؛ آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذا حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء».
اعتناء الإسلام بالأسرة
اعتنى الإسلام بالأسرة عنايةً كبيرة، وشدد على أهمية دور الأم وتربيتها لأبنائها ورعايتها لزوجها وبيتها، ولذلك الاهتمام حِكَمٌ عديدة؛ لأن الاعتناء بالأسرة هو اعتناء بالمجتمع بأكمله؛ إذ إن المجتمع مُكوَّن في أساسه من أُسر عدة، ولأن الأسرة نواة المجتمع والخلية الأولى فيه؛ فإن في صلاحها صلاح للمجتمع بأكمله، وفي فسادها وانهيارها انهيار المجتمع بأكمله، كما أن للأسرة دور عظيم؛ إذ إن نجاح الأسرة وقوّتها وتَماسكها يُخرج للمجتمع أفراداً صالحين أسوياء، يكون منهم الأبطال والمجاهدون، ويؤدون واجبهم بأمانة وشرف، وبهم تستقيم الحياة.
تعلمي أحكام الصيام
يجب على المسلمة أن تتعلم أحكام الصيام، فرائضه وسننه وآدابه، حتى يصح صومها ويكون مقبولاً عند الله -تعالى-، وهذه نبذة يسيرة في أحكام صيام المرأة: يجب الصيام على كل مسلمة بالغة عاقلة مقيمة (غير مسافرة)، قادرة (غير مريضة)، سالمة من الموانع كالحيض والنفاس.
تشترط النية في صوم الفرض، وكذا كل صوم واجب، كالقضاء والكفارة؛ لحديث: «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل»؛ فإذا نويت الصيام في أي جزء من أجزاء الليل ولو قبل الفجر بلحظة صحَّ الصيام.

المرأة الداعية والعلم الشرعي
إن من أهم ما يجب أن تتسلح به المرأة الداعية بعد الإيمان بالله -تعالى-، هو العلم الشرعي؛ فالله -سبحانه وتعالى- أمر الرسول بطلب العلم والزيادة منه، قال -تعالى-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه:14)، فالداعية لابد أن يكون لها يوميا مورد عذب من القرآن والسنة وسير الصالحين، وتزداد نورًا على نور، وتوسع مداركها، وتزيد من ثقافتها واطلاعها، حتى لا تتخلف عن ركب مجتمعها، وتعيش عالمًا غير عالمها، ولا يعني هذا أنها لابد أن تبلغ رتبة الاجتهاد في العلم، بل المطلوب أن تكون على علم بما تدعو إليه.

ابو وليد البحيرى
2024-08-14, 06:58 PM
المرأة والأسرة – 1212

الفرقان






التقوى من أعظم ثمرات الصيام

إنَّ أكبر ما يُرجى حُصولُه للمرأة في رمضان هو التّقوى؛ فمِن أجل التّقوى شَرع الله الصّوم، وهو الفائدة المَرجُوَّة مِن خلالِ أداءِ الفرائض والسُّنن، قال اللهُ -تعالى-: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ}، ففكّري في العمل الجاد للحصول على هذا الشّرف العظيم، وهو الانْضمام إلى دائرة المتّقين، فلا يَمُرَّنَّ عليكِ رمضان وينتهي دون أنْ تستفيدي منه الاستفادة المرجوَّة.
المرأة المسلمة وتحقيق العبودية لله -تعالى
إنَّ المرأة المسلمة لن تصل إلى درجة التقوى الحقيقية إلا بعد أن تتخذ من الوسائل والأسباب ما يوصلها إلى ذلك، ومن أهم تلك الأسباب تحقيق العبودية لله -تعالى-؛ فالعبادة هي الطريق المؤدي إلى بلوغ درجات التقوى. وقد خلق الله الخلق لتحقيق هذه الغاية وتلك الوظيفة، فقال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، والعبادة بمعناها العام تشمل جميع أعمال المرء الإرادية؛ قلبية كانت أو سلوكية، «أما العبادة بمعناها الخاص فهي: الأعمال المحددة التي كُلِّف العبد القيام بها، وهي ما يعبر عنها بـ(الشعائر التعبدية)، كالأركان وغيرها من الفرائض، وهي أعمال مقصورة لتحقيق الطاعة للخالق والتقرب إليه، وإعلان الخضوع الكامل له. ومن هنا كانت العبادة بمعناها الخاص تحمل معنى الغاية والوسيلة في آن واحد، فهي غاية في حد ذاتها؛ لأنها قربة وطاعة لله وخضوع عملي له، وهي وسيلة من جهة أخرى نظرًا لما تحتويه من تحقيق الخضوع لله -تعالى- والإشعار به». إن عبودية المسلمة لله -تعالى- تتحقق عندما تخضع لشرع الله -تعالى-، وتنقاد لأحكامه التي أحل بها الحلال وحرَّم الحرام، وفرض الفرائض، وحدَّ الحدود، وتقوم بذلك كله بحب وذل له وحده -جلَّ وعلا-؛ بحيث تصبح حياتها كلها مصطبغة بالإسلام، في أقوالها وفي أعمالها الظاهرة والباطنة، وأن يكون ولاؤها لهذا الدين وحده، ويظهر ذلك في سلوكياتها ومنهج حياتها؛ بحيث تعيش لله وحده، وكل ما في الدنيا يندرج تحت حكم الله -تعالى.
المرأة المسلمة ومحاسبة النفس
ينبغي للمرأة المسلمة -ولا سيما في هذه الأيام المباركة- أن تقف مع نفسها وقفة حساب وعتاب، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (الحشر:18)، وقال -تعالى-: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} (القيامة:1-2)، قال مجاهد: اللوامة هي التي تندم على ما فات وتلوم نفسها، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الكَيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني»، قال الإمام الترمذي: معنى دان نفسه أي: حاسبها في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة، ويقول الحسن البصري رحمه الله: «لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه، ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والعاجز يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه».
الصحبة الصالحة كنز لا ينفد
إن صحبة الصالحات يكسب المسلمة الصلاح والتقوى، ويرقى بها إلى مدارج القرب من الله -تعالى-، وتتقي بذلك آفات النفس ومكائد الشيطان؛ ولذلك أمرنا الله -تعالى- بصحبة أهل الصدق والتقوى والحرص على مجالستهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:119)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، فالصحبة الصالحة كنز لا ينفد، وكلما كان صلاح الأصحاب أكبر، ازدادت ثمرات تلك الصحبة، وعظمت آثارها في مختلف المجالات، فمع الصحبة تجد المسلمة القدوة الصالحة التي هي الطريق لحسن العاقبة في الآخرة؛ حيث تتأثر بأخلاقهن وسمتهن، وتستفد من علمهن وحديثهن، وتقوي من هِمتها وعزيمتها في الطاعة.
احتسبي صيامكِ وسائر عباداتكِ
احتسبي صيامكِ وسائر عباداتكِ في هذا الشّهر، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، واحتسابكِ لذلك يكون بمسارعتك لطلب الأجر من الله -تعالى- عند فعل الطّاعات، وابْتِغائِكِ بها وجهَه الكريم؛ فاستحضري النيّة وصحّحي القَصْدَ، بجعلِه للهِ وحده، قال -عليه الصّلاة والسّلام-: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى».
المداومة على العمل الصالح
حرص المرأة المسلمة على العمل الصالح، يعلي همة المرأة المسلمة لمجاهدة نفسها والارتقاء في منازل التقوى والقرب من الله -تعالى-، وكلما ازداد تمسكها بالفرائض ومسارعتها إلى النوافل، كان ذلك زادًا لها على تحقيق التقوى، أما إذا تركت بعض الطاعات أو تكاسلت عن بعض النوافل، فإن زادها سيضعف، وجوادها سيتعثر؛ ولذلك أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القليل الدائم من العمل خير من الكثير المنقطع فقال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».
طلب العلم من أفضل القربات
لا شك أن طلب العلم من أفضل القربات عند الله -تعالى-؛ فبه تصح العبادة التي هي «فرض عين» على كل مسلم ومسلمة، كما أن الاستزادة من العلم تعلي قدر المسلمة عند ربها، وترفع منزلتها، وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة في بيان شرف العلم وأهله فمنها: قوله -تعالى-: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (الزمر: 9)، وقوله -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة:11)، وعن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».
الصّلاةَ الصّلاةَ !
الصّلاة هي الرّكن الثّاني مِن أركان الإسلام وعموده، ولا دين لمَن لا صلاةَ له، وتذكَّري قولَه -عليه الصّلاة والسّلام-: «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»، فلا تكوني مثل أناس يضيعون الصلاة ويحافظون على الصيام؛ إذ ترك الصلاة أخطر بكثير من ترك الصيام، والله -جلّ وعلا- يقول: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}، وقد ذَكَر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره عن جمعٍ من أئمة التّفسير، أنّ معنى إضاعة الصّلاة: إضاعة مواقيتها بأنْ تُصلَّى بعدما يَخرُج وقتُها، وليس تركها بالكلية.
أخطاء تقع فيها النساء في رمضان
من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء الفتور عن العبادة حال الحيض والنفاس، فتظن أنها في رخصة من كل أنواع العبادة التي تقربها إلى الله -جل وعلا-، مع أنه يمكن للحائض أن تؤدي كثيرًا من الطاعات حال حيضها كالمداومة على الذكر والدعاء، والصدقة، وقراءة الكتب النافعة، والتفقه في الدين، بل لها أن تقرأ القرآن على القول الصحيح، إلى غير ذلك من الأمور التي تستطيع المرأة المسلمة فعلها.

ابو وليد البحيرى
2024-08-14, 06:59 PM
المرأة والأسرة – 1213

الفرقان
الكلمة الطيبة مفتاح القلوب



الكلمة الطيبة والبسمة الصَّادقة مفتاحٌ نملِك به القلوب، بل هي جزء من نعيم الجنة، ألم نقرأ في كتاب الله -تعالى- في بعض أوصاف الجنة: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا} (الواقعة: ٢٥) وقوله -سبحانه-: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا} (النبأ: ٣٥)، فمَن كانت قليلة البضاعة منهما فليس لها حظٌّ في حبِّ الناس أو التأثير فيهم، قال الله لصفوته من خلقه وخاتم أنبيائه ورسله: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: ١٥٩).

المرأة المسلمة والكلمة الطيبة
الكلمة الطيبة تؤلف القلوب، وتفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر، وتترك أثرًا صالحًا في كل وقت، وأول آثار الكلمة الطيبة على المتكلم نفسه؛ إذ يحصل بها على الأجر والرضوان من الله -تعالى-، وهي سبب لقبول الأعمال قال -تعالى-: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (فاطر:١٠)، وهي من أعمال البر والصدقة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والكَلمةُ الطَّيبة صدقة»، فما أحوج المرأة المسلمة إلى أن تتصف بالكلام الطيب مع الوالدين! الذي عده ربُّنا -سبحانه- مِن برِّهما، فقال -تعالى-: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} (الإسراء: ٢٣)، وما أحوج المرأة المسلمة إلي الكلمة الطيبة مع زوجها! ما أحوجها إلى الكلمة الطيبة مع الأرحام، وفي معاملاتها مع الجيران! فمِن العقل والمنطق والإيمان والوعي واليقظة أن تنتبه المؤمنة إلى خطورة الكلمة، وتوليها اهتمامًا، فكلمةٌ قد تُدخل الإنسان في دين الله وتحقِّق له السَّعادة، وكلمةٌ تُخرجه مِن الدِّين وتُشقيه، وكلمةٌ تبني أسرةً وأخرى تهدمها، وكلمةٌ تُصلح ما فسد بين متشاحنين، وكلمةٌ تُفسد بين مجتمعاتٍ كالنميمة، وقد تُوصل إلى سفك دماءٍ وقتلٍ وتشريدٍ، وكلمةٌ حانيةٌ تزرع الطُّمأنينة والسَّكينة والهدوء في مجتمعٍ، فمن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلتقل خيرًا أو لتصمت.
الكلمة الطيبة رحمة
ما أحوجنا إلى الكلمة الطيبة مع المذنِبين المخطِئين! «إنَّ الرِّفق لا يكون في شيءٍ إلا زَانَه، ولا يُنزَع من شيء إلا شَانَه»، هكذا قال المعلِّم الرحيم - صلى الله عليه وسلم -، لقد وسِع بكلمته الطيبة وقلبه الرحيم كلَّ مَن أخطأ، فعندما أُتي بالرَّجل الذي شرب الخمر فقال رجلٌ مِن القومِ: اللهم الْعَنْهُ، ما أكثرَ ما يُؤْتَى بهِ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَلعنُوه؛ فوالله ما عَلمتُ إلا أنه يُحبُّ اللهَ ورسوله»، وحين غضب أصحابه ممَّن جاء يستأذن في الزِّنا، عالج مشكلته بكلماتٍ طيِّباتٍ ولمسةٍ حانيةٍ، فقام ذلك الرَّجل والزِّنا أبغض شيءٍ إلى قلبه، وقال لأهل مكَّة بعد الفتح: «مَن أَغلقَ عليه بابَهُ فهو آمِنٌ، ومَن دخلَ المسجد فهو آمِنٌ، ومَن دخل دارَ أبي سُفيانَ فهو آمِنٌ»، هذه الكلمة الطيبة صنعت الأعاجيب، وجعلت الناس يدخلون في دِين الله أفواجًا.
من علامات الإيمان
من علامات الإيمان وجل القلوب من ذكر الله، وخشوعها عند سماع ذكره وكتابه وزيادة الإيمان بذلك، وتحقيق التوكل على الله -عز وجل-، وخوف الله سرا وعلنًا، والرضى بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولًا، وإيثار محبة الله ورسوله على محبة ما سواهما والحب في الله والبغض في الله، والعطاء له والمنع له، وأن تكون جميع الحركات والسكنات وسماحة النفوس بالطاعة المالية والبدنية والاستبشار بعمل الحسنات والفرح بها، والمساءة بعمل السيئات والحزن عليها، وإيثار المؤمنين، وكثرة الحياء وحسن الخلق، ومحبة ما تحبه لنفسها لأخواتها المؤمنات، ومواساة المؤمنات خصوصا الجيران، ومعاضدة المؤمنات ومناصرتهن، والحزن بما يحزنهن.
حقيقة الصوم
قال - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سُبْعُمَائَة ضِعْف. يقول عز وجل: «إلاَّ الصِّيام فإِنَّه لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، ولا شك أن هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنعت عن الطعام والشراب فقط، وإنما كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَه وشَرَابَه»، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «الصَّوْمُ جُنَّة، فَإذَا كَانَ يَوْم صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُث، وَلا يَفْسُق ولا يَجْهَل، فإنْ سابَّه أحَدٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرؤٌ صَائِمٌ» أخرجه البخاري ومسلم. فإذا صامت المرأة فليصم سَمْعُها وبصرُها ولسانُها وجميع جوارحِها، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء.
رمضان فرصة لوصل الأرحام وقطع الخلاف
شهر رمضان فرصة عظيمة ومناسبة جليلة لإزالة أسباب الخلاف والنزاع بين المتخاصمين، ووضع حد للمتهاجرين والمتقاطعين، إنه فرصة لأن تسمو فيه النفوس على حظوظها، وتتطهر فيه القلوب من أدرانها وغلوائها، فتمتد فيه الأيدي بالمصافحة بعد سنوات الانقباض، وتطرق فيه الأبواب للزيارة بعد طول الجفاء والهجران، وتجتمع فيه الأرحام بعد التفرق والانقطاع.
المرأة وسلامة القلب
إن سلامة القلوب وصلاحها يكون باستقامتها على أمر الله -تعالى-، وإذا استقام قلب العبد ضمن صاحبه طهارته من الشرك والنفاق والرياء والحسد والغش للمسلمين، ومن كان سليم القلب فاز في الدنيا والآخرة، وأصحاب القلوب السليمة يدركون من الأجر، ويبلغون من المنازل بطهارة قلوبهم ونقائها ما لا يبلغه الصائمون القائمون بصيامهم وأعمالهم الصالحة.
من فضائل شهر رمضان
خص الله شهر رمضان عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضائل منها: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
تُصَفَّد فيه الشياطين.
تُفَتَّح فيه أبواب الجنة، وتُغَلَّق أبواب النار.
فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله.

انتصف رمضان فاحذري!
مرت الأيام بسرعة، ومضى نصف رمضان، منَّا من تغيرت بالفعل، ومنا من قصرت؛ ولذلك نحتاج أن نقف لحظة مع أنفسنا نراجع فيها ما مضى من رمضان، رحل نصف رمضان، لكن مهما قصرنا فما زال أمامنا فرصة، وما زال الباب مفتوحًا، والله يتوب على من تاب، ويَقبَل من أناب، فلنتَّقِ الله، ولنلحق بركب الخيرية.

ابو وليد البحيرى
2024-08-22, 11:47 PM
المرأة والأسرة – 1214

الفرقان






حُقَّ لي أن أفتَخِرَ بديني
حُقَّ لي أن أفتَخِرَ بديني الذي أعلى من قدري وأنا أمٌّ؛ فلم أنتظر يومَ الواحدِ والعشرين من شهر مارس ليأتيَ إليَّ أولادي بالهدايا والحلوى محفوفةً بكلماتٍ لطيفةٍ أسمعها لدقائق ثُمَّ تطويها الأيَّامُ والشُّهور، وتذكِّرهم بي مفكِّرَةُ السنة التالية، فديني جعل لي في كلِّ يومٍ عيدا بينَ أولادي، لا أسمعُ منهم إلاَّ طيِّباً ورضايَ عليهم مقرونٌ برضا اللهِ -عزَّوجل-، وهم يخفضونَ لي جناحَ الذُّلِّ والرَّحمةِ عالمينَ أنَّ في ذلكَ طريق الجنَّة وأسبابها.
الزوجة الصالحة خير شريك
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «الدنيا متاع، وخير متاعها الزوجة الصالحة»، فالزوجة الصالحة ذات الدين خير شريكة لزوجها؛ لأن الدين باقٍ مع الإنسان وملازم له، بعكس المال والحسب والجمال. ومن صفات المرأة الصالحة في بيت زوجها أنها تكون مطيعة له، إلا إذا أمرها بمعصية الله - تعالى - فلا سمع ولا طاعة، وتربي أبناءها على العقيدة الصحيحة، وتعلمهم القرآن، وتربيهم على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى إن أحد العلماء يقول: «تعلمت نصف علمي من أمي، كانت تقرأ علينا كلَّ يوم من القرآن والحديث»، ومن صفاتها أنها تعتني ببيتها وتحافظ على نظافته، وتهيّئ أكبر قدر من الراحة لزوجها وأولادها، وتهيئ لهم الطعام والشراب وتنظف ملابسهم، ولا تفرق بينهم في المعاملة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «المرأة راعية في بيت بعلها وولده»، وتحافظ على أمواله وأولاده وعلى نفسها، سواءٌ في حضوره أم غيابه، ولا تأذن لأحد في بيتها إلا بإذن زوجها، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إن لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا، فحقكم عليهن ألاَّ يوطئن فُرشكم من تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن»، وهي لا تُحمِّل زوجها ما لا يطيق من المصروف، ومن الإنفاق على لباسها وزينتها، بل تتصرف في مالها ومال زوجها بالحكمة من غير إسراف ولا تقتير.
أهمية العناية بالمرأة المسلمة وتحصينها
إن العناية بدعوة المرأة المسلمة وتحصينها أهمية يفرضها الواقع الحالي والمتغيرات المعاصرة؛ فالمرأة المسلمة تقع - في كثير من المجتمعات الإسلامية - تحت تأثير متغيرات وتيارات عدة، منها المؤثرات العالمية في عصر الانفتاح، والهجمة الشرسة على المرأة وقيمها وأخلاقها، لاقتلاعها من مبادئ دينها وقيمه، ثم الثقافات الوافدة المؤثرة على المرأة، وما ينتج عنها من بلبلة فكرية وانبهار بالغرب ولهث لتقليده، مع إبراز المرأة الغربية نموذجا تحتذي به الفتاة المسلمة في حياتها الاجتماعية والأخلاقية، وفي شؤونها الخاصة، ثم يأتي تأثير وسائل الاتصال الجماهيري (وسائل الإعلام)؛ حيث لم يعد دورها مجرد المساهمة في التنشئة الاجتماعية، بل أصبحت عاملا رئيسا في تكوين الأفكار والقيم والمبادئ.
نساء الأمة تبع لنساء النبي صلى الله عليه وسلم
إذا كانت أمهاتُ المؤمنين الطاهراتُ، مطالباتٍ بالعفة والحجاب في خير الأزمنة على الإطلاق، فمن دونهن مِن النساء أوْلى وأحوَج ممَّن عشن في كنف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبيوته الرفيعة، ومجتمعه الفريد؛ ولذلك قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: «هذه آدابٌ أمَرَ اللهُ -تعالى- بها نساءَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونساءُ الأمَّة تَبَعٌ لهن في ذلك»، وأما قوله -تعالى-: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} يعني: في الفضل والشرَف، وليس المعنى: أن تلك الأحكام خاصة بهن.
أين دورك في نهضة الأمة؟
انظري أختي المسلمة دور هاجر - عليها السلام - مع زوجها الخليل إبراهيم - عليه السَّلام - في إرساء اليقين، وبناء الثِّقة في الله، وإقامة شعائر الله، {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 158).
انظري -أختي المسلمة- دور خديجة بنت خُوَيلد - رضي الله عنها - مع زوجها الحبيب -صلى الله عليه وسلم - في التأسيس للإسلام وبنائه.
أختي المسلمة، الأُمَّة في حاجة ماسَّة إليك اليومَ وكُلَّ يوم، فأين دورك أنت في النهوض بها واستعادة مجدها وعزها؟
المرأة العاقلة الرشيدة
المرأة العاقلة الرشيدة تَحرِص على أداء حقوق زوجها، ولمَّا سُئل - صلى الله عليه وسلم - عن خيرِ النِّساءِ؟ قالَ: «الَّتي تُطيعُ زوجَها إذا أَمَرَ، وتَسُرُّهُ إذا نَظَرَ، وتحفظُهُ في نفسِها ومالِهِ»، وسأل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - امرأةً قائلًا لها: «أَذاتُ زوجٍ أنتِ؟ قالت: نعم، قال: كيف أنتِ له؟ قالت: ما آلُوه -أَيْ: لا أُقصِّر في حقه- إلا ما عجَزتُ عنه، قال: فانظري أين أنتِ منه؟ فإنما هو جنتُكِ ونارُكِ»؛ أي: هو سببٌ لدخولك الجنَّةَ برضاه عنكِ، وسببٌ لدخولِكِ النارَ بسخَطِه عليكِ، فأحسِنِي عشرتَه، ولا تُخالفي أمرَه فيما ليس بمعصية، فلا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق.
غياب الحوار سبب للمشكلات
إن الجمود بين أفراد الأسرة يزيد المشكلة تعقيدا؛ لأن أوسع طريق للبناء والعلاج هو المداولة والمحاورة، فإن عُدمت تلك الاستراتيجية خسرنا كثيرًا من التربية؛ لأنها قائمة عليها، وعندما نحاور أزواجنا وأبناءنا وبناتنا، حوارًا هادفًا نستخرج مكنون النفوس، ونمنحها الفرصةَ لتُعبِّر عمَّا يجول في خاطرها فيسهل علاج المشكلات والأزمات.
وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
الواجب على الزوجين -حتى تستمر حياتهما في سكينة وطمأنينة- أن يُعاشِر كلٌّ منهما الآخر بالمعروف، قال -جلَّ وعَلَا-: {وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}( النِّسَاءِ: 19)، وذلك بأَنْ يتعاوَنَا على الخير، ويكونَ كلُّ واحد منهما ناصحًا للآخَر، حريصًا على القيام بحقِّه في مودَّةٍ ووئامٍ، وبُعدٍ عن النزاع والخصام، والتنابز والشتام، وجَرْح المشاعر وكَسْر الخواطر، ويكون ديدنهما التصافي وحفظُ الجميل، والثناءُ على الفعل النبيل، والاعترافُ بالخطأ والاعتذار، والتماسُ الأعذار.
تعاهديهم بالدعاء
ممَّا يُعِين المرءَ على استصلاح أهله وذريته تعاهُدُهم بالدعاء، ومن ذلك الدعاءُ النبويُّ المأثورُ: «اللهم إني أسألُكَ العفوَ والعافيةَ في دِيني ودنياي وأهلي ومالي»؛ ففيه طلبُ الوقايةِ للأهل من الفِتَن والبلايا وسوء المعاشَرة، ومن كل الشرور والآثام، وممَّا تَلهَج به ألسنةُ عبادِ الرحمنِ: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}(الْفُر ْقَانِ: 74)، قال القُرطِبيُّ -رحمه الله-: «ليس شيء أقرَّ لعينِ المؤمن من أن يرى زوجتَه وأولادَه مطيعينَ لله -عَزَّ وَجَلَّ.

ابو وليد البحيرى
2024-08-22, 11:48 PM
المرأة والأسرة – 1215

الفرقان



التقوى وصية الله للأولين والآخرين
التقوى لها أهمية في حياة المسلم؛ فقد وصى ربنا -تبارك وتعالى- بها من قبلنا وإيانا فقال -جل شأنه-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}؛ فتقوى الله وصية للأولين، ولقد بين ربنا -عز وجل- أن التقوى هي خير ما يأخذه المؤمن من دنياه، بل وحثنا على ذلك فقال: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}.
من وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - للنساء
التحذير من صغائر الذنوب!
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائشة، إياك ومحقرات الأعمال!» وفي لفظ: (الذنوب)؛ فإن لها من الله طالبًا؛ أختي المسلمة هذه وصيه الرسول لأم المؤمنين عائشة، وهي وصية غالية نفيسة، إنها تحذير من أمر يغفل عنه أكثر الخلق، ألا وهو صغائر الذنوب. قال أنس بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم -: «إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات!» قال البخاري -رحمه الله-: معنى ذلك المهلكات، فتأملي أختي المؤمنة إذا كانت تلك المقولة من أنس - رضي الله عنه - في عصر من بقي من الصحابة وعصر التابعين، فكيف لو رأى أنس - رضي الله عنه - أحوال الناس اليوم؟! إن المؤمنة الصادقة في إيمانها لا تنظر إلى المعصية التي وقعت فيها وتقول -بلا اهتمام-: إنها صغيرة وإنها بسيطة، بل تخشى على نفسها من عذاب الرحمن، وتبكي خوفا من ألم النيران، وتتحسر أن يحرمها ربها من دخول الجنان، وقديما قال الزاهد بلال بن سعد -رحمه الله-: «لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت».
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/08/52.jpg
من فضائل مريم ابنة عمران -عليها السلام
من فضائل السيدة مريم ابنة عمران -عليها السلام- أنها تربت ونشأت في أسرة مباركة، وكانت أمها امرأة صالحة تدعو لها، كما قال -تعالى-: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (آل عمران: 35 - 36)، فكانت الإجابة من الله لهذه المرأة الصالحة: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا}؛ فسلك الله بها طريق السعداء وأجارها وذريتها من الشيطان {وأنبتها نباتًا حسنً} أي: نبتت نباتا حسنا في بدنها وخلقها وأخلاقها.
آداب الزيارة وحدودها بين النساء
إن للزيارة آداباً وحدوداً، فإذا فقدت الزيارة بعضاً من هذه الآداب وتجاوزت شيئاً من هذه الحدود، فإن القلوب قد تتنافر، نتيجة لذلك، ومن آداب الزيارة ما يلي:
1- اختيار الوقت المناسب: فلا يكون الوقت في الصباح الباكر أو فـي وقـت الظهـيرة بعد الغداء، أو في وقت متأخر من الليل.
2- اجتناب الزيارات المفاجئة: وتلافي ذلك بسؤالك صديقتك التي ترغبين في زيارتها -عن طريق الهاتف إن استطعت- عمَّ إذا كان وقتها يسمح لها باستقبالك أم لا؟
3 - ألا تطول مدة زيارتك: لأن الزيارة إذا كانت مدتها طويلة قد تُشعر صديقتك بـأنـك أثقـلـت عليها وأنك لا تبالين بكثرة مسؤولياتها زوجة وأما وربة بيت، ومن ثم قد يذهب ودّها لك أو يقل.
4- استغلال الوقت بما ينفع: وبما يكون فيه لك ولصديقتك الأجر والثواب، وذلـك بـقــــراءة أحد الكتب الإسلامية، أو سماع مقطع نافع، أو التفكير في نفع المسلمين، حتى لا يذهب وقت الزيارة هباءً في الثرثرة من غيبة ونميمة.
5- إظهار الرضى والسرور والبشاشة بما تقدمه لك من طعام أو شراب: واستكثاره مهما كان قليلاً، وتقديم النصيحة لها بالبعد عن الإسراف والتكـلـف للضيف في المأكل والمشرب، وعدم التحدث بعيوب الطعام الذي قدمتْه لك مهما كان نوعه. 6- تقديم الشكر لصديقتك عند نهاية الزيارة: والدعاء لها بقولك: «جزاك الله خيراً» على استقبالها لك وحسن ضيافتها لك، وقدمي لها الاعـتـذار إن بـدا من أطفالك أي أذى في أثناء الـزيـارة؛ فـإن هــذا الاعتذار قد يُذهب ما في القلوب من كدر أو جفاء أو شحناء إن وجد.
من أحوال نساء السلف
كانت أم حسان بن ثابت - رضي الله عنه - مجتهدة في الطاعة، فدخل عليها سفيان الثوري فلم ير في بيتها غير قطعة حصير خَلِق، فقال لها: لو كتبت رقعة إلى بني أعمامك لغيروا من سوء حالك، فقالت: يا سفيان، قد كنتَ في عيني أعظم وفي قلبي أكبر مذ ساعتك هذه، أما إني ما أسأل الدنيا من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها، يا سفيان، والله ما أحب أن يأتي علي وقت وأنا متشاغلة فيه عن الله بغير الله فبكى سفيان.
وقالت أم سفيان الثوري -رحمه الله- له: يا بني، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي، يا بني، إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة، فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنه لا ينفعك.

نوايا منسية عند استخدام الهاتف
احتسبي ثواب صلة الرحم عند محادثتك لذوي رحمك، «من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه».
احتسبي ثواب إدخال السرور على من تحادثين عند اتصالك للسلام والسؤال عن الأحوال.
احتسبي ثواب الكلمة الطيبة في مكالمة التهنئة أو التعزية وغيرها فـ»الكلمة الطيبة صدقة».
احتسبي أجر قضاء حوائج المسلمين عندما يُطلب منك بعض الحاجيات أو المساعدة في حل مشكلة ما «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته».
احتسبي أجر طلب العلم الشرعي بسؤال أهل العلم عبر الهاتف.
احتسبي ثواب طلب النصيحة من أهلها وبذلها لمن يحتاج إليها.

ابو وليد البحيرى
2024-08-22, 11:50 PM
المرأة والأسرة – 1216

الفرقان






بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم
قامت بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - على طاعة الله ورضاه، فكانت القدوة المثلى للبيت الإسلامي الحقيقي، فكانت بيوته - صلى الله عليه وسلم - متواضعة على قدر حاجته، بسيطة على قدر معيشته، إلا أنها ملئت سعادة، وتمثل فيها رضا أهلها بقَدر الله ورزقه، وإيمانهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».
ليكن بيتنا مسجدا
من الأمور التي يجب على المرأة المسلمة -وهي راعية في بيت زوجها- أن تحرص عليها: أن يكون بيتها تجسيدًا للإسلام بكل معانيه، ومن ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان من هديه اتخاذ المساجد في البيوت، وأن نواظب على صلاة السنن في البيت، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا أيها الناس في بيوتكم (يعنى الصلوات المسنونة)؛ فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة». فالصلاة في البيت تشيع فيه روح الطاعة والعبادة لله، قال - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا» (متفق عليه)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا». (مسلم)؛ وبذلك تعم البركة ويكثر الخير في البيت. والمرأة صلواتها كلها -مفروضة ومسنونة- في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد؛ لأن في ذلك صيانة لها وحفاظًا عليها، فقد روي أن أم حميد الساعدية جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قد علمتُ، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجد الجماعة»، فما أجمل أن تتخذ الأسرة المسلمة في بيتها مسجدًا (ركنًا خاصا للصلاة والعبادة)! والأسرة المسلمة تدرك جيدًا أن التقرب إلى الله -تعالى- لا يكون بأداء الصلاة فقط، بل إن العبادة باب واسع؛ فجميع أفراد البيت يكثرون من ذكر الله -سبحانه- ويحرصون على أذكار اليوم والليلة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ البيت الذي يُذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه، مثل الحي والميت»، وما أجمل أن يجتمع أهل البيت على قراءة القرآن، وما أجمل أن تجتمع كل أسرة مرة في الأسبوع تتعلم أمور دينها، وتقرأ في كتب السنة والعقيدة والفقه وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم ! حتى تعود الصور المشرقة لبيوت صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان يُسمَع من بيوتهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن والصلاة بالليل والبكاء بين يدي الله -سبحانه.
ضوابط خروج المرأة للعمل
قد تلجئ الضرورة والحاجة المرأة للعمل خارج بيتها، فعندئذ ينبغي لمن تؤمن بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولا أن تتقيد بأحكام الشرع حتى يكون خروجها للعمل خروجا شرعيا، يكافئها الله عليه بالثواب في الآخرة مع ما تعطى في الدنيا {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}، ومن تلك الضوابط ما يلي: أن يكون العمل مباحًا.
أن يكون الخروج لحاجة الأسرة أو لحاجة المجتمع.
أن يأذن الزوج أو الولي بذلك.
عدم التفريط في حق الزوج أو الأولاد.
ملائمة العمل لطبيعة المرأة.
الالتزام باللباس الشرعي.
عدم مس الطيب والعطر.
أن تأمن المرأة على نفسها من الفتنة.
عدم الخلوة أو الاختلاط بالرجال.

الإسلام لا يحول دون التمتع بالنعم
الأسرة المسلمة شأنها شأن غيرها من البشر، تميل إلى أن يكون بيتها من خير البيوت سعة وجمالاً، ومملوءًا بالنعم والخيرات، والإسلام لا يمنع الإنسان من أن ينعم ببيت رحب جميل، بل يرى الإسلام أن هذا رزق من الله للإنسان ونعمة منه وفضل، فالله -تعالى- يقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (الأعراف: 32)، ولقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: طأربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء»، وعلى الإنسان أن يحسن استغلال هذا النعيم؛ لأنه سيُسأل عنه يوم القيامة، قال -تعالى-: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}(التك اثر: 8)، فالسعادة الحقيقية في أن يجعل الإنسان من بيته -صغر أم كبر- جنة عامرة بالإيمان، هانئة بالقناعة، ترفرف عليها الطمأنينة والسكينة، ويتنسَّم أفرادها الأدب الرفيع والسلوك القويم، وهي في كل أحوالها تدرك أن ما هي فيه نعمة من نعم الله التي تستوجب الشكر، فشكر النعمة ينميها ويزكيها ويزيدها، قال -تعالى-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ} (إبراهيم: 7).
أم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أمه

أم أيمن الحبشية -رضي الله عنها
أم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أمه هي أم أيمن الحبشية -رضي الله عنها-، بركة بنت ثعلبة، كانت وصيفة لعبدالله بن عبدالمطلب والد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعد وفاة عبدالله صارت أم أيمن تحضن النبي -عليه السلام- حتى كبر؛ وكان -عليه السلام- يناديها: «يا أُمَّه»، أسلمت -رضي الله عنها- قديمًا وهاجرت إلى الحبشة ثم المدينة، وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أعتقها - صلى الله عليه وسلم - عندما تزوج خديجة -رضي الله عنها-، ولما سافرت آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيارة بني النجار أخوال جده عبدالمطلب، اصطحبت ابنها وأم أيمن، وفي طريق العودة توفيت آمنة فبرزت أم أيمن للعناية بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأوقفت نفسها لرعايته وغمرته بعطفها، كما غمره جده عبدالمطلب، وكان كثيراً ما يوصيها: «يا بركة لا تغفلي عن ابني؛ فإني وجدته مع غلمان قريباً من السدرة، وإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني هذا نبي هذه الأمة»، وفي هجرتها الثانية إلى المدينة قصة تدل على إكرام الله -سبحانه وتعالى- لها، ذلك أنها أمست بالمنصرف دون الروحاء فعطشت وليس معها ماء، وهي صائمة فجهدها العطش، فدُلّي عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض، فشربت منه حتى رويت، فكانت تقول: «ما أصابني بعد ذلك عطش، ولقد تعرضت للعطش في الهواجر فما عطشت بعد تلك الشربة، وإني كنت لأصوم في اليوم الحار فما أعطش».
مخالفات تقع فيها النساء
من المخالفات التي تقع فيها بعض النساء عدم طاعة الزوج، ورفع الصوت في وجهه، وجحد جميله ومعروفه والشكاية منه دائما بسبب أو دون سبب، عن حصين بن محصن أنَّ عمةً له قالت: «أتيت رسول الله -[- في بعض الحاجة، فقال: أي هذه! أذات بعل؟ قلت: نعم، قال كيف أنت له؟ قالت ما آلوه، إلا ما عجزت عنه، قال: أين أنت منه؟ فإنما هو جنتك ونارك»، وقال - صلى الله عليه وسلم - «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها».
وقفات مع مشاركة الزوجة في نفقات الأسرة
- لا يجب على الزوجة شرعًا المشاركة في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء، ولا يجوز إلزامها بذلك. - تطوع الزوجة بالمشاركة في نفقات الأسرة أمر مندوب إليه شرعًا لما يترتب عليه من تحقيق معنى التعاون والتآزر والتآلف بين الزوجين. - يجوز أن يتم التفاهم بين الزوجين واتفاقهما الرضائي على مصير الراتب أو الأجر الذي تكسبه الزوجة. - إذا ترتب على خروج الزوجة للعمل نفقات إضافية تخصها فإنها تتحمل تلك النفقات.

ابو وليد البحيرى
2024-08-28, 10:49 AM
المرأة والأسرة – 1217

الفرقان





الإسلام هو الذي كرم المرأة
الإسلام هو الذي كرم المرأة أُمًّا، وأعلم الابنَ بأنَّ أحقَّ خَلْقِ الله بإكرامه وتعظيمه وحُسْن مُعاملته بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - هي أمُّه، جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: (أُمُّكَ)، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ)، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ)، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: (ثُمَّ أبُوكَ). رواه مسلم.
عودة إلى النبع الأول
إن المرأة المسلمة اليوم تقع تحت ضغوط تكاد تبعدها عن منابع الإسلام الأولى، وتحول بينها وبين تَفَهُم رسالَتِه، ومن ذلك وقوعها تحت التأثير السلبي للثقافة الغربية عبر وسائل الإعلام المسموعة والمشاهدة والمقروءة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي والعوالم الافتراضية. ولن تنجو المرأة من هذه الضغوط وهذه الثقافة الوافدة إلا من خلال العودة إلى النبع الأول نبع الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ومعرفة حقيقة موقف الإسلام منها فالله-تعالى- أولى المرأة عناية عظيمة، ولم يشهد التاريخ دينًا ولا شريعة تعتني بالمرأة مثل الإسلام، فإن الله -تعالى- حفظ لها منزلتها ومكانتها، وأعزها وكرمها وأولاها اهتمامًا كبيرًا ونظر إليها نظرة تكريمٍ واعتزازٍ، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} (النساء: 1)، كما أن الإسلام حفظ حقوقها الشرعية والمادية، فقد فرض لها حقًا في الميراث: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون َ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون َ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (النساء: 7)، وحفظ لها حقوقها الزوجية فلها الحقُّ في الموافقة على الخاطب أو رفضه، ولا يجوز إجبارُها على الاقتران برجل لا تريده، وأوجب لها المهر في النكاح وجعله ملكًا لها، وجعل المعاشرة بينها وبين زوجها قائمة على المعروف، وجعل نفقة الزوجة حقًّا واجبًا على الزوج، وأوجب لها المهر في النكاح وجعله ملكًا لها، وجعل المعاشرة بينها وبين زوجها قائمة على المعروف، وجعل نفقة الزوجة حقًّا واجبًا على الزوج.
المرأة في الإسلام
المرأة في الإسلام هي الأم والأخت والابنة والعمة والخالة والجدة والزوجة شريكة الرجل في تَحَمُّل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال بعد أن عانت في الجاهلية من ضياع أهم حقوقها ألا وهو الحق في الحياة، قال -تعالى-: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات ِ وَالْمُؤْمِنِين َ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّق ِينَ وَالْمُتَصَدِّق َاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 35).
مسؤولية المرأة في الأسرة
إذا كان الرجل هو الذي كلف ليمثل سياسة الأسرة الخارجية والاقتصادية، فإن المرأة هي المسؤولة عن إدارة الأسرة الداخلية، تحفظ بيت زوجها في حضوره وغيابه، وتحفظ ماله وتحفظ أولاده وعليها تنظيم المنزل إلى غير ذلك من الشؤون المنزلية، ولهذا كله تتمتع بكل احترام وتقدير من أفراد الأسرة طالما حافظت على مسؤوليتها الداخلية، ولم تتطلع إلى ما ورائها مما لا تستطيع القيام به من صلاحيات الرجل.
مؤسسة الأسرة
حث الإسلام على إنشاء مؤسسة الأسرة بتشريعه الزواج وحثه عليه، مبينًا أن الزواج سكونٌ للنفس للطرفين وهدوء لهما وراحة للجسد، وطمأنينة للروح وامتداد للحياة إلى آخر مطافها، قال الله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم:21)، هكذا يتحدث القرآن عن مؤسسة الأسرة في عديد من الآيات، أن طرفي هذه المؤسسة خلقا من نفس واحدة وكأنهما شطران لنفس واحدة فلا فضل لأحد الشطرين على الآخر في أصل الخلقة ومن حيث العنصر وإنما يحصل التفاضل بينهما بمقومات أخرى، قال الله -تعالى- في هذا المعنى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} (النساء:1).
ممن وهبن أنفسهن للنبي - صلى الله عليه وسلم
خولة بنت حكيم
هي خولة، وقيل خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة السلمية -رضي الله عنها-، امرأة عثمان بن مظعون - رضي الله عنه -، يقول بعض الرواة إنها هي التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي امرأة فاضلة من فواضل نساء عصرها، فعن سعيد بن عبد الرحمن وابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن خولة بنت حكيم بن الأوقص، كانت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال -تعالى-: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}. (الأحزاب: 50).
المرأة الصالحة خير ما يكنز المرء
روى الترمذي عن ثوبان قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: لو علمنا أي المال خير فنتخذه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه».
الصحابيات قدوة لكل فتاة
الصحابيات مثل يقتدى به لكل فتيات العصر ونسائه، وسيرتهن فيها إضاءات تكشف الطريق لكل امرأة تسعى إلى القرب من الله، لقد كانت أمهات المؤمنين وبنات النبي الكريم وأهله -رضي الله عنهن- مثالا يحتذى في الصبر والالتزام والطاعة لله ولرسوله، لقد كانت الواحدة منهن تخاطب زوجها قبل أن يغادر البيت وتقول: يا فلان، نصبر على الجوع، ولا نصبر على الحرام.
حقيقة الفكر النسوي
الفكر النسوي قائم على الفكر الليبرالي وهو الحرية المطلقة للمرأة في جميع الممارسات ومساواتها مع الرجل في كل الحقوق، وهذه الفكرة تناقض مبدأ العبودية لله والاستسلام لشرعه والانقياد له بالطاعة بفعل أوامره واجتناب نواهيه، قال -تعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ولذلك تصرح بعض النسويات فتقول: «النسوية والإسلام لا يجتمعان لمجرد كون النسوية هي المساواة بالحقوق، فالذكر يتم تفضيله بأكثر من آية ويستنقص من المرأة ويأمر بضربها».

ابو وليد البحيرى
2024-08-28, 10:51 AM
المرأة والأسرة – 1218

الفرقان






العقيدة الصحيحة حماية من الزيغ والضلال

تنشئة الأطفال على الاعتقاد الصحيح حماية للأمة من الزيغ والضلال، وعصمة لهم من الفتن والانحرافات في المستقبل؛ فالاهتمام بتعليم العقيدة للأبناء هو منهج الأنبياء -عليهم السلام- والمصلحين، قال -تعالى- عن إبراهيم: {ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (البقرة: 132).

المرأة والشعور بالمسؤولية في تربية أبنائها
لابد للمرأة المسلمة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهل في توجيههم كسلاً أو تسويفاً أو لا مبالاة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم:6)، فلن ينجي المرأة أنها ربت ابنها لكونها طاهية طعامه وغاسلة ثيابه؛ إذ لابد من إحسان التنشئة، ولابد من تربية الأبناء على العقيدة السليمة والتوحيد الصافٍ والعبادة المستقيمة والأخلاق السوية والعلم النافع. ولتسأل الأم نفسها: كم من الوقت خصّصتْ لمتابعة أولادها؟ وكم حَبَتهم من جميل رعايتها، ورحابة صدرها، وحسن توجيهاتها؟! ولتسأل المرأة نفسها هل هي قدوة حسنة لهم أم لا؟ فيجب ألا يُدْعى الابن لمكرمة، والأم تعمل بخلافها، فكيف تطلب منه -على سبيل المثال- أن يكون لسانه عفيفًا، وهو لا يسمع إلا الشتائم والكلمات النابية تنهال عليه؟! وكيف تطلب منه احترام الوقت، وهي تمضي معظم وقتها في ارتياد الأسواق وعلى الهاتف أو في الزيارات؟! أختي المؤمنة: إن ابنك وديعة في يديك، فعليك رعايتها، وتقدير المسؤولية؛ فأنت صاحبة رسالة، ستُسألين عنها، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6).
أخطاء يقع فيها الوالدان: إهمال تعليم العقيدة لأبنائهم
من الأخطاء التي يقع فيها الوالدان إهمالهم تعليم أمر العقيدة والدين لأبنائهم، وهذا تقصير كبير في حقهم؛ لأن العقيدة تغرس منذ الصغر، فإن كبر الأبناء بنفوس لا تحمل عقيدة راسخة ثابتة، فإنهم لن يستطيعوا مواجهة الأفكار الدخيلة الضالة المعادية لدينهم، قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: «فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً».
الدعاء للأبناء سبيل المؤمنين



الدعاء للأبناء -كما أنه منهج الأنبياء الكرام- كذلك هو منهج عباد الرحمن؛ فقد وصفهم الله -تعالى- بذلك فقال: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}(الفرقا ن:74)، أي «يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله ويعبده ويعمل بطاعته، فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة»، قال عكرمة: «لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين»، وفي سورة الأحقاف حكى الله عن المؤمنين قولهم: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}( الأحقاف:15).
الاقتداء بمنهج النبي - صلى الله عليه وسلم -
على الأم التي تحرص على تربية أبنائها على العقيدة الصحيحة أن تقتدي بمنهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعليمه الصحابة صغارا وكبارا، فهي الخطوة الصحيحة للوصول لتحقيق المراد من تعليم أطفالنا العقيدة الصحيحة، ومنهج النبي - صلى الله عليه وسلم - هو منهج القرآن الكريم، فالقرآن فيه ترغيب وترهيب، وبناء على ذلك نرغب الأطفال في كسب رضا الله وفيما عنده -سبحانه- من ثواب وجزاء وعطاء ونبالغ في ذلك، ونرهبه من العقوبة ولكن بأسلوب بسيط وبحذر؛ بحيث لا ينفر ولا يرتعب، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم الصحابة الأشياء التي تدخلهم الجنة وتبعدهم عن النار، فالناس في إقبالهم على الله -سبحانه- بين محبة وخوف ورجاء.
التربية بالحوار
إن الحوار أصل مهم في تربية الناس وإقناع الصغار والكبار؛ ولذلك القرآن الكريم يذكر حوارات كثيرة بين الله وملائكته، وبين الله ورسله، وبين الرسل وقومهم: موسى مع فرعون، ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب مع أقوامهم، وإبراهيم كذلك مع قومه، ومع النمرود، ومع ابنه إسماعيل الذي أمر بذبحه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته يعلم أصحابه ويربيهم، فكان يعلم معاذ بن جبل العقيدة: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ ويرد معاذ، ويجيبه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجلس مع أصحابه فيسألهم أتدرون من المفلس؟ ويردون: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، ويجيبهم هو ويبين المفلس الحقيقي.
من صفات المرأة المسلمة
سليمة الصدر عفيفة اللسان: المرأة الصالحة تحرص على سلامة الصدر من حمل الأذى والضغينة أو التفكير بسوء لخلق الله، وتحفظ لسانها من الأذى، وتحمي جوارحها من ارتكاب المعاصي التي نهى الله عنها، وتحقق أركان الإيمان التي أمرها الله بها.
معظمة لشعائر الله: قال الله -تعالى- {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، فالمرأة الصالحة تعلم أن أداءها لأركان الإسلام واحترامها لشعائر الله، وتقديرها وأداءها على الوجه الأكمل، دليل على تقواها وصلاح قلبها.
مراقبة لله: فهي تراقب الله -تعالى- ظاهرًا وباطنًا، وتستحيي من الله -تعالى- تحقيقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «استحيوا من اللهِ -تعالى- حقَّ الحياءِ، من اسْتحيا من اللهِ حقَّ الحياءِ فلْيحفظِ الرأسَ وما وعى، ولْيحفظِ البطنَ وما حوى، ولْيذكرِ الموتَ والبِلا».

رسالة للأمهات

يجب على الأم أن تدفع أبناءها للتميز حبا في العلم ونفعًا للناس بالخير، وليكونوا قدوة في المجتمع يدفعون الآخرين للتميز مثلهم لينهض المجتمع وتنهض الأمة، يجب أن تُعَلّم الأم أبناءها أن ألوان التميز ليس لها حدود، وأنَّ على أبنائها كلما رأوا أحدًا يتميز في مجال من المجالات أن يفرحوا بذلك؛ لأن حب الخير للآخرين من صفات المؤمنين.

ابو وليد البحيرى
2024-08-28, 10:52 AM
المرأة والأسرة – 1219

الفرقان






من أهم واجبات الأم
من أهم واجبات الأم تربية الأبناء على حب الله -تعالى- وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم - وغرس عقيدة التوحيد والتربية على مراقبة الله -تعالى- وتعظيم شعائر الله والتدريب العملي على إقامة الصلاة وسائر العبادات كما شرع الله -تعالى-، وبناء شخصية الأبناء بناءً متكاملاً متوازنًا في مختلف الجوانب، وغرس القيم الإسلامية وبناء الأخلاق الفاضلة في أنفسهم.
البيت النبوي أسعد البيوت وأكملها
يعدُّ البيتُ النبوي أسعد بيوت الدنيا وأكملها، أسّسه -صلوات الله وسلامه عليه- ليكون نموذجًا لكل زوج مسلم، يسعى لتكوين بيت تسوده السكينة وتعمّهُ المودة والرحمة، ولقد كانت زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - خير الزوجات ومنارات السعادة، وهذه بعض صفاتهن: تحملنَ معه تبعات الدعوة ومشاقّ الرسالة: فها هي ذي خديجة -رضي الله عنها-، تعيش حياتها معه - صلى الله عليه وسلم - قلقة، مثل سائر أصحاب الدعوات؛ ففي كل يوم هناك خَطْبٌ، والسهام مسلّطة إلى الزوج ودعوته وصحابته، فضلًا عما أصابهم من تجويع وحصار، فما فتَّ ذلك في عضدها، بل كانت على قدر المسؤولية، دخل عليها وهو يرجف، فقال: «زملوني»، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: «أي خديجة، ما لي؟ لقد خشيتُ على نفسي»، فأخبرها الخبر، فقالت: كلّا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتُكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، ثم انطلقت به حتى أتت ورقة بن نوفل، وهو ابن عمها.
كنّ عابدات طائعات ذاكرات: حفظن سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبقين من بعده أمهات للمؤمنين، لا يحل لهن الزواج.
كن له سكنًا ومحبّات تبارين في إرضائه وخدمته: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، فجاء أبو بكر، ورسول الله واضعٌ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله والناس ليسوا على ماء، وجعل يطعنني في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله على فخذي. (متفق عليه).
حملن العلم وخدمن الدعوة: ولازمنه في كل أحواله يثبتنه ويمنحنه الثقة ويقدمن له المشورة؛ فكانت السيدة خديجة هي أول من آمن به من النساء، وكانت تخفف عنه ما يلقاه من أذى المشركين، وكانت تدعمه وتدعم دعوته بمالها وجهدها، وكانت عائشة ذات علم وفقه، وكانت بيوته من بعده منارات علم يأوي إليها صحابته الكرام لاستشارة أمهات المؤمنين فيما غمض عليهم من أمور الدين.
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/08/70.jpg

في رحاب السنة النبوية وآدابها
في الصحيحين عَنْ أبى ذَرٍّ جُنْدبِ بنِ جُنادةَ - رضي الله عنه - قال: قُلتُ يا رسولَ اللهِ، أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قال: «الإيمانُ باللهِ، والجهادُ في سَبيلِهِ». قلتُ: أيُّ الرِّقابِ أفضلُ؟ قال: «أنْفسُها عند أهلِها، وأكثرُها ثمنًا». قلتُ: فإنْ لم أفعلْ؟ قال: «تُعين صانعًا، أو تصْنعُ لأَخْرقَ». قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ ضَعُفتُ عن بعضِ العَمَلِ؟ قال: «تَكُفُّ شرَّكَ عن الناسِ، فإنَّها صدَقةٌ مِنْكَ عَلَى نَفسِكَ»، فهذا الحديث يعلمنا أن نكف عن الناس شرورنا؛ فكف الأذى عن الناس عبادة، وهى أقل ما يمكن أن نقدمه حين لا نستطيع النفع وفعل الخير.
كيف نربي أبناءنا على الاهتمام بقضية القدس؟
إن واجب الآباء والمعلمين والدعاة والمربين عظيم في تعريف الأطفال بفلسطين والقدس والمسجد والأقصى وغرس حبهم والدفاع عنهم في قلوبهم، وذلك عن طريق ما يلي: تعليم الأجيال فضائل المسجد الأقصى، والبطولات الإسلامية التي جرت على أرضه
تعريفهم بإسلامية قضية فلسطين وارتباطها بعقيدة المسلمين.
عمل مسابقات منزلية عن المسجد الأقصى.
تعريفهم بحقيقة اليهود وأخبارهم في كتاب الله وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم .

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/08/71.jpg


التفاهم مفتاح السعادة بين الزوجين
التفاهم هو مفتاح السعادة بين الزوجين، فالعلاقة بين الزوجين تبدأ قوية دافئة مليئة بالمشاعر الطيبة، والأحاسيس الجميلة، وقد تفتر هذه العلاقة مع مضي الوقت، وتصبح رماداً لا دفء فيه ولا ضياء. وهذه المشكلة هي أخطر ما يصيب الحياة الزوجيَّة، ويُحْدِث في صَرْحها تصدُّعات وشروخا، وعلى الزوجة أن تعطي هذه المشكلة كل اهتمامها لتتغلب عليها، حتى تكون علاقتها بزوجها علاقة تواصل دائم، وحب متجدد.
الزواج في نظر القرآن الكريم
الزواج في نظر القرآن الكريم ليس وسيلة لحفظ النوع الإنساني فحسب، بل هو امتثال لأمر الله - عزّوجلّ- القائل -سبحانه-: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (النساء: 3)، والزواج تحصين للفرج، وغض للبصر، وقضاء للوطر فيما أباحه الله، وفيه صيانة وحفظ للنسل البشري، ليعمر الأرض بعبادة الله، وحفظ للأنساب، وفيه تكثير لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وحماية للمجتمعات من الأمراض الخُلُقية، وهو -فوق ذلك- وسيلة للاطمئنان والسكن النفسي، والهدوء القلبي والوجداني.
الاعتدال في الكلام يزين شخصيتك
الاعتدال في الكلام يضفي زينة على الشخصية، يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «لا أزال أهاب الرجل حتى يتكلم، فإذا تكلم عرفته»، وقد يُبْتَلى أحد الشريكين بصمت شريكه الطويل، فيمل ويشعر بعدم تفاعله معه، وقد يحدث العكس فيبتلى بكثرة ثرثرته حتى إنه لا يعطيه أي مجال للتحدث، وتلك مشكلة تحتاج إلى صبر ولباقة من المبتلى حتى يفتح مجالات ليتحدث الصامت، ويعوّد الثرثار أن يترك لشريكه مجالاً للحوار.
أم حرام بنت ملحان شهيدة البحر
دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أم حرام بنت ملحان فاتكأ عندها ثم ضحك فقالت: لِمَ تضحك يا رسول الله؟ فقال: «ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله مثلهم مثل الملوك على الأسرة». فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: -صلى الله عليه وسلم -: «اللهم اجعلها منهم». ثم عاد فضحك فقالت له: مثل أو مِمَ ذلك؟ فقال لها: (مثل ذلك). فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: «أنتِ من الأولين ولست من الآخرين». قال أنس: فتزوجت عبادة بن الصامت فركبت البحر مع بنت قرظة (فاختة بنت قرظة زوج معاوية بن أبي سفيان)، فلما قفلت ركبت دابتها فوقصت بها (رمتها) فسقطت عنها فماتت وكانت وفاتها سنة سبع وعشرين، وروى أبو نعيم في الحلية عن هشام بن الغاز قال: قبر أم حرام بنت ملحان بقبرص وهم يقولون: هذا قبر المرأة الصالحة.
اتق الله ولا تطعمنا إلا طيبا!
البيوت المؤمنة في حاجة ماسة وشديدة لتحري الحلال في كل شأنها ولا سيما في الزمن الذي تلتبس فيه أمور كثيرة ببعضها فتتشابه على أرباب البيوت مسائلها؛ لذلك كانت نساء السلف -رضي الله عنهن- إذا همَّ زوجها بالخروج لطلب الرزق قالت له: يا أبا فلان، اتق الله فينا ولا تطعمنا المال الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولكنا لا نصبر على النار.

ابو وليد البحيرى
2024-09-05, 08:27 PM
المرأة والأسرة – 1220

الفرقان






المرأة المسلمة التي نريد
نُريد المرأة التي تجعل دينَها أساس وجودها وأصل حياتها، نريد المرأة الجادة الصالحة في نفسها المصلحة لغيرها التي تسعى دائمًا لترك أثر طيب فيمن حولها، تسير على هدى وبصيرة، متمسكة بالثوابت والفرائض الدينية مبتعدة عن المحرمات، مقتدية بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة والتابعين -رضي الله عنهن- أجمعين.
الإيمان الذي نَحتاجه في نسائنا
الإيمان الذي نَحتاجه في نسائنا هو ذلك الإيمان الذي يجعل المرأة تخاف من الله -تعالى- وهي مطمئنة به، ويجعلها تبكي عند ذكره، وتخشع عند تلاوة آياته، وهي مع ذلك تزداد راحةً وسعادةً وسرورًا، {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28)
إنه ذلك الإيمان الذي يجعل همَّ الآخرة فوق كل الهموم عندها، ويسمو بطُمُوحها وسلوكها، فيجعلها شامةً بين النساء يُشار إليها بالبنان، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم :- «من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ».
إنه ذلك الإيمان الذي يجعلها تعرف أن الدين عقيدة وشريعة وسلوك وأخلاق، وأن المؤمنة الحقَّة هي التي تجمع بين بكاء العينِ في الليل حبًّا لله -تعالى-، وخوفًا من عقابه، ورجاءً في نعيمه، وبين عَلاقتها مع جاراتها وصديقاتها في النهار حبًّا للمؤمنات، وحرصًا على صلاحهنَّ وهدايتِهنَّ، وهي مع ذلك لا تُقصِّر في حق زوجها أو أبنائها أو أسرتِها عموما، وفي الحديث: «قالوا: يا رَسولَ اللهِ، فُلانة تَصومُ النَّهارَ وتَقومُ اللَّيلَ، وتُؤذي جيرانَها! قال: هيَ في النَّارِ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، فُلانة تُصلِّي المَكتوباتِ، وتَصَّدَّقُ بِالأَثوارِ مِنَ الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها، قال: هيَ في الجنَّةِ».
إنه ذلك الإيمان الذي وَقَر في القلب وصدَّقه العمل، الذي يدفعها إلى الإحسان إلى الناس وحُسن صحبتهم، والحرص على مصالحهم، وإماطة الأذى عن طريقهم، قال - صلى الله عليه وسلم :- «الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ».
إنه ذلك الإيمان الذي يجعلها تستحق الحياة الطيبة التي وعد الله بها المؤمنين: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل: 97)، وتستحقُّ به التثبيت الرباني: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (إبراهيم: 27).

التربية الإيمانية طريقك إلى الجنة
للتربية الإيمانية ثمراتها الباقية للأسرة؛ حيث ينعم الأبوان ويتمتعان ببِرِّ أولادهما الصالحين الذين تربوا على الأخلاق والقيم الأصيلة، وينتفعان بصلاحهما بعد مماتهما؛ فالله -تعالى- ينفعهما بدعاء ولدهما الصالح، ويرفع درجتهما باستغفاره وصلاحه، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة؛ فيقولُ: يارب أنَّى لي هذه؟ فيقول باستغفار ولدك لك»، فمن أراد أن يُرزق بر أولاده فليجتهد في تربيتهم تربية إيمانية، ومن أحب أن ينعم بصحبة أهله في جنات النعيم فإن الطريق إلى لَمِّ شمل الأسرة في الجنة يبدأ من التربية الإيمانية للذرية، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُم ْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}(الطور:21) .
من خصائص الأسرة المسلمة
من خصائص الأسرة المسلمة ومن أهم مقوماتها: حرصها على إقامة حدود الله، أي تطبيق شرعه -تعالى- في جميع شؤونها؛ فلقد قامت على تقوى من الله ورضوان، واجتمعت على هدف واحد هو الذي من أجله خُلقت وتكونت، إنه عبادة الله -تعالى- الهدف الأسمى والمقصد الأعلى لقيامها وتكوينها، وقيمة الحياة الزوجية بقدر تحقيقها لهذا الهدف، فإذا نكبت عنه، أو أهملته، فلا قيمة لها.
تأثير الأم على أبنائها
كانت لوالدة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمهما الله- تأثيرٌ كبير عليه، فكانت تُشجِّعه وتُحرِّضه على طلب العلم والتفقُّه في الدين، فكان مِن ثمار هذا التشجيع -بعد توفيق الله عز وجل - أن أصبح هذا الابن الصغير إمامَ أهل السنة والجماعة في هذا العصر، ومفتي عام المملكة العربية السعودية، والعلامة الذي يُرجعُ إليه في كثير من الأمور، ويقول الشيخ محمد بن الأمين الشنقيطي - عن والدته رحمهما الله-: لَمَّا حفِظت القرآن، وأخذتُ الرسم العثماني، عُنِيتْ بي والدتي أشدَّ العناية، وعزَمت على توجيهي للدراسة في بقية الفنون، فجهَّزتْني بجملين أحدهما عليه مركبي وكتبي، والآخر عليه نفقتي وزادي، وقد هيَّأتْ لي ملابسَ كأحسن ما تكون؛ فرحًا بي، وترغيبًا لي في طلب العلم، وهكذا سلَكت سبيل الطلب والتحصيل.
حقيقة التربية ومقاصدها
التربية هي إنشاء الفرد المسلم وتطويره وتهذيبه، حتى يصل إلى المستوى الذي يقوى معه على تحقيق الغاية التي خُلق من أجلها؛ حيث أوضح الله هذه الغاية لخلقه؛ فقال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)، وقد كان من غايات الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحقيق هذه التربية الموصِّلة لتلك الغاية، قال -تعالى-: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (آل عمران: 164)، وقد أفصح النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الهدف أنه من أهداف بعثته؛ فقال: «إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق».
الترابط والمودة
أنشأ الله -تعالى- العلاقة الزوجية على أساس المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم21)، فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي المتبادل، فحينئذ يتربى الأبناء في جو سعيد، ملؤه الاطمئنان والثقة ، والعطف والمودة، بعيداً عن القلق والعقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيتهم.
الاقتصاد في المعيشة
على المرأة المسلمة أن تحرص على الاقتصاد في مطعمها ومشربها ومسكنها وملبسها وسائر شؤونها؛ فإن الترف من أسباب الفساد والانحلال - وصدق من قال:
والنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِن تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى


حُبِّ الرَّضَاعِ وَإِن تَفْطِمْهُ يَنفَطِمِ
فلا إسراف ولا تقتير قال -تعالى- :{وَالَّذِين َإِذَا أَنفَقُوا لَم يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِك َقَوَاما} (الفرقان67) أي: ليسوا مبذرين في إنفاقهم ولا بخلاء على أهليهم، بل معتدلون في الإنفاق، وخير الأمور أوسطها، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «كفى بالمرء سرفاً ألا يشتهي شيئاً إلا اشتراه».

ابو وليد البحيرى
2024-09-05, 08:28 PM
المرأة والأسرة – 1221

الفرقان






الحج زاد إيماني هائل

إن الله -تعالى- قد أودع في عبادة الحج ومناسكه زادًا إيمانيًا هائلًا، ودروسًا تربويةً عظيمة المغزى والأثر، ولئن كان قد افترضه الله على الإنسان مرة في العمر، فلقد جعل فيه من الزاد ما يكفي المؤمن عمره كله.
جهاد النساء: الحج والعمرة

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول لله، على النساء جهاد؟ قال: «نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة»، قوله -صلى الله عليه وسلم -: نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: أي عليهن عمل يعطيهن الله -تعالى- عليه أجر المجاهدين ولا يتعرضن فيه للقتال، وفسره -صلى الله عليه وسلم - بالحج والعمرة، وهذا الجواب النبوي هو الأسلوب البلاغي المعروف بأسلوب الحكيم، وسمى الحج والعمرة جهادًا؛ لما فيهما من مجاهدة النفس.
وأصل هذا الحديث في الصحيح هو ما رواه البخاري في باب حج النساء من كتاب الحج، «عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نغزو أو نجاهد معكم؟ فقال: لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حج مبرور، فقالت عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله -[»، ورواه البخاري في باب فضل الحج المبرور عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، قال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور، وإطلاق لفظ الجهاد على غير القتال قد ثبت كذلك في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- «أن رجلًا استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد».
ما يفيده الحديث
أن الحج والعمرة يقومان مقام القتال في سبيل الله بالنسبة للنساء.
وأن النساء لا يجب عليهن القتال.
وأن الحج والعمرة من الجهاد في سبيل الله.

تحقيق الإخلاص في الحج
أول ما تتربى عليه المرأة المسلمة وهي تتأهب للحج، أهمية تحقيق الإخلاص؛ فالحج من الأعمال الظاهرة البادية للعيان، ويظهر للجميع ما يبذله الحاج فيها من جهد ومال؛ لذلك لابد من الانتباه لدقائق الرياء فيه، قال الله -تعالى-: {وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة: ٥)، وفي الحديث القدسي الصحيح أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله -تعالى-: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»، والإخلاص لله في العبادة معناه: ألا يكون هناك دافع يحمل العبد على أداء العبادة إلا ابتغاء وجه الله -تعالى- ومحبته وتعظيمه ورجاء ثوابه ورضوانه.
في التلبية دروسٌ وعبر
في التلبية دروس وعبر عظيمة، أهمها: تحقيق توحيد القصد وإجابة أمر الله، والمعاهدة على الطاعة إثر الطاعة، ولتستحضري -أختي المسلمة الحاجة إلى بيت الله- أنك إذ ترددين التلبية، تشاركين الكون كله في نداء الاستسلام التام والطاعة المطلقة لرب العالمين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مُلَبٍّ يلبِّي إلَّا لبَّى ما عن يمينِهِ وشمالِهِ من حَجَرٍ أو شجَرٍ أو مدرٍ حتَّى تنقطعَ الأرضُ من هاهنا وَهاهنا».
الحج تربية على الستر والعفاف
ومن آكد المعاني التربوية للنساء في الحج التمسك بالستر والعفاف، وعدم التهاون في الحجاب في أثناء أداء المناسك، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُحرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه»، وعن هشام بن عروة عن زوجته فاطمة بنت المنذر بن الزبير، أنها قالت: «كنا نخمر نغطي وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق - جدتها وجدة زوجها - فلا تنكره علينا».
أم سليم قدوة في الصبر على الشدائد
ضربت لنا أم سليم -رضي الله عنها- مثالاً للصبر ما بعده مثال، فكان صبراً يضارع صبر أمة بأسرها، فقد مات ولدها الصغير، ونحن نعلم أن موت الصغير يؤثر في النفس أكثر من موت الكبير، فصبرت وتجلدت، ولعل كثيرا من النساء تفعل ذلك، ولكن ما فعلته يصعب على أي امرأة أخرى أن تفعله ألا وهو تزينها لزوجها، مع أنه مرخص لها ولغيرها أن تحزن على ولدها دون نياحة أو ندب أو غير ذلك مما يحذر فعله عند فقد عزيز، فكان موقفاً غريباً يسترعي الانتباه، ويدهش المتأمل دهشة عجيبة، يكاد يحار في قمة هذا الإيمان والصبر، والمرأة الصالحة مدعوة للاقتداء بهذا المثال الرائع، الذي يفوق كل وصف في كل شدة تلم بها، وفي كل كرب يحيط بها، وفي كل مكروه ينالها.
أخطاء تقع فيها بعض النساء
من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والكهنة، لمرض أو عين أو فك سحر أو عمل: والرسول -صلى الله عليه وسلم - حذر من إتيانهم فقال -صلى الله عليه وسلم -: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا»، بل إن تصديقهم كفر، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد».
مِن نِعَمِ الله الواجب شكْرُها
إنَّ مِن نِعَمِ الله التي يَجِب على المرأة شكْرُها وحفْظُها، أن يوفِّقها للالتزام بالسُّنة، وييسِّر لها الاستقامةَ على الأوامر الشرعية، ويرزقها من الحياء ما يَمْنعها من الإساءة للناس، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «والحياء شعبةٌ من الإيمان»، وقوله: «إن مِمَّا أدرك الناس من كلام النبوَّة الأُولَى: إذا لَم تستَحْيِ فاصنعْ ما شئت».
الإيمان ليس بالتمنِّي ولا بالتحلِّي

الإيمان ليس بالتمنِّي ولا بالتحلِّي، ولكنَّه ما وقر في القلب، وصدق القول فيه صالح العمل، ومقصود الشَّرع من الأعمال كلِّها ظاهِرِها وباطنِها، إنَّما هو صلاحُ القَلْبِ وكمالُه، وقيامُه بالعبوديَّة لربِّه -عزَّوجلَّ- قال - صلى الله عليه وسلم -: «ألاَ وإنَّ في الجسَد مُضْغةً، إذا صلحتْ صلح الجسد كلُّه، وإذا فسدَتْ فسد الجسد كلُّه، ألا وهي القلب»، فيوم القيامة لا ينفع عندَ الله مالٌ ولا بنون، إلاَّ من أتى الله بقلبٍ سليمٍ.

ابو وليد البحيرى
2024-09-05, 08:29 PM
المرأة والأسرة – 1222

الفرقان



فرصة قد لا تتكرر
إنها أيام ثوابها جزيل، وفضلها كبير، والتفريط فيها ندامة؛ فهي فرصة قد لا تتكرر؛ لأنها أفضل أيام العام ومن أعظم مواسم الطاعات والقربات؛ فقد خصها الشرع بالتكريم؛ ففيها يعظم الأجر، وتحط الأوزار، ويبدأ المؤمن عهدًا جديدًا مع ربه.
المرأة المسلمة والعشر الأول من ذي الحجة
على المرأة المسلمة أن تعد لاستقبال هذه الأيام المباركة عدة تليق بها، فتبدأ بالتوبة النصوح، والإقلاع عن كل ما يغضب الله -سبحانه-، والندم عليه، وعدم العودة إليه، فالتوبة قبل البدء في أية خطوة هي السبيل الصحيح للعمل؛ إذ بالتوبة تطهرين نفسك وتعدين قلبك لاستقبال العبودية الحقة. ثانيًا: لكل أيام فاضلات عبودية تميزها، وأيام العشر يميزها الذكر عبادة وتقربًا إلى الله -سبحانه-، ومن أفضل الذكر قراءة القرآن والاستغفار، والتهليل والتحميد والتكبير، قال -سبحانه-: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} (البقرة: 203)، فالزمي الذكر في كل وقت، وشاركي أسرتك في الاهتمام بالذكر، ولا تشغلنك مشاغلك أيا كانت عنه، ولا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله.
ثالثًا: عليك بالإكثار من الصالحات في تلك الأيام المباركات؛ فعن ابن عباس قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من أيام العشر» (صحيح أبي داود)، والصالحات تحوي كل ما يرضاه الرب -سبحانه- من بر الوالدين وصلة الأرحام وفعل المعروف والدعاء لله -سبحانه- القريب المجيب، وكذلك الصدقة وأما الصوم فهو مستحب بالكلية أيضًا ولا سيما يوم الوقوف بعرفة.
رابعًا: ويأتي إليك يوم النحر الذي قد يغفل عن فضله الكثيرون، يقول ابن القيم -رحمه الله-: «خير الأيام عند الله يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر»؛ لذلك فعليك إعانة زوجك وأسرتك ومن قبلهم نفسك في اغتنام ذلك اليوم والاجتهاد فيه لاكتساب رضا الرب -سبحانه.
ونصيحتي لك بالافتقار إلى الله -سبحانه- في هذه الأيام، فشعور الافتقار هو من أوثق ما يعيد الوصال بيننا وبين الله -سبحانه-؛ فليس لنا سواه نرجوه ونأمل أن يلحقنا بالصالحين أيا ما كانوا في مرضات الله بنياتنا الواثقة فيه -سبحانه.
كوني خديجة
خديجة - رضي الله عنها - لم تكن زوجة فقط ولكنها كانت أما، وأختًا، وصديقةً، هل نظرتِ إلى دورها في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ لقد وقفت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الشدة حتى سمِّي العام الذي ماتت فيه (عام الحزن)؛ لوفاتها، وحزنه - صلى الله عليه وسلم - عليها، كثيراً من الزوجات يكون زوجها في واد وهي في واد آخر، قد يكون الزوج مهموماً بأمر من الأمور، والزوجة لا تبالي بحال الزوج، ومشكلاته التي يعاني منها، ولكنها -رضي الله عنها- عندما جاءها النبي -صلى الله عليه وسلم - من غار حراء، وكان -صلى الله عليه وسلم - خائفاً مرتعشاً، لم يجد إلا خديجة -رضي الله عنها- تواسيه وتؤازره وتخفف ما ألم به.
حكم صلاة العيد للمرأة المسلمة
هل صلاة العيد واجبة على المرأة المسلمة؟
صلاة العيد سنّة مؤكدة يخاطب بها كل من تلزمه الجمعة، فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم - وواظب عليها، وأمر بها وأخرج لها حتى النساء والصبيان، وهي شعيرة من شعائر الإسلام، ومظهر من مظاهره التي يتجلى فيها الإيمان والتقوى، فللمرأة أن تشهد صلاة العيد، وخروجها لها جائز سواء كانت بكرا، أم ثيبا، أم عجوزا أم شابة، وحتى الحائض لحديث أم عطية قالت: «أُمرنا أن نُخرج العواتق والحيّض في العيدين، يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيّض المصلى» متفق عليه.
الفرح والسرور من الدين
إن ديننا دين الفرح والسرور يدعو له، قال الله: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس ٥٨): «أَيْ: بِهَذَا الَّذِي جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ فَلْيَفْرَحُوا، فَإِنَّهُ أَوْلَى مَا يَفْرَحُونَ بِهِ ، هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ أَيْ: مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مِنَ الزَّهْرَةِ الْفَانِيَةِ الذَّاهِبَةِ لَا مَحَالَةَ» انتهى من (تفسير ابن كثير) (4/ 275)، ففضل الله -تعالى- ورحمته هو الهداية لدينه وشرعه، وأخص ذلك هو القرآن المجيد والإيمان.
من أحكام العيد وآدابه للنساء
من آداب خروج النساء لمصلى العيد أن تلتزم اللباس الشرعي وهو الجلباب، وألا تخرج متطيبة أو متبخرة؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأة أصابت بخورا، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة»، ويستحب للمرأة أن تكبر في العيدين دون رفع الصوت، وتشترك المرأة مع الرجل في أحكام العيدين الأخرى «إنما النساء شقائق الرجال» كالاغتسال، ومخالفة الطريق في الذهاب والإياب، والأكل قبل صلاة الفطر وبعد صلاة الأضحى، وفي صفة الصلاة وغيرها.
أشياء مؤثرة في حياة الزوج
كوني حريصة على الاهتمام بتفاصيل حياته والاطمئنان عليها دائمًا.
احرصي على نظافة بيته ومأكله وأماكن راحته.
الاهتمام بالأولاد وحسن مظهرهم وهيئتهم.
المشاركة الدعوية الفاعلة، واستشعار المسؤولية الجماعية.
وضع أهداف مشتركة، والاهتمام بخدمة الدعوة ونشر دين الله -عزوجل.

كيف تصبحين دليل خير؟
إنَّ الدلالة على الخير في الإسلام لها فَضل عظيم، وهي واجب منوط بتنفيذه كل مسلِم قدر استطاعته، والدلالة على الخير لها شقَّان: توجيه النَّاس للخير، وتحذيرهم ونصيحتهم ومنعهم من الشرِّ، وحتى تكوني ممن يدل الناس على الخير فالأمر يسير عزيزتي، فيمكنك المساهمة في نشر الخير بشتى أنواعه فمثلا: تعلنين بين النساء عن المحاضرات المفيدة، والكتب النافعة، وتحاولين توفيرها للأخريات بحسب قدرتك، وتوزعين أو تعلنين عن المجلات الهادفة، وتناصرين أهل الخير بأقوالك وأفعالك، وتدلين على أماكن الخير كأماكن تحفيظ القرآن الكريم النسائية، والمراكز الصيفية الجيدة وما تقدمه من أنشطة، وتبلغين المعلومة النافعة بقلمك، وبلسانك، بـ...إلخ، هنا ستجدين نفسك (دليل خير) وداعية إلى الله -تعالى.
أخطاء تقع فيها النساء يوم العيد
خروج النساء متبرجات متطيبات مخالفات للأدلة الآمرة بالتستر والتحجب.
تخصيص يوم العيد لزيارة المقبرة، وهذا أعجب شيء يكون، وهذا لا يعقل في يوم أمرنا الله فيه بإظهار السرور والفرح.
مصافحة الأجانب (أي: غير المحارم ولو كانوا أقاربها).

ابو وليد البحيرى
2024-09-11, 05:59 PM
المرأة والأسرة – 1223

الفرقان








النية الصالحة تحول العادة إلى عبادة

مما لا شك فيه أن العادات إذا صاحبتها النية الصالحة صارت عبادة، فالترفيه في الرحلات والسفريات إذا نوى صاحبه السير في الأرض، والتفكر والتأمل، وإدخال السرور على الرفقة من الأهل والأصحاب - فإن هذه النية تؤثر في قبول العمل وعلو درجته؛ فاستحضري هذا -يا رعاك الله- في حلك وترحالك.




كيف تديرين الحـوار مع والديك؟
على الفتاة المسلمة أن تعلم أن اختلاف والديك معك في الرأي ليس هدفه إلغاء وجودك، وإنما هو بدافع من الحرص عليك، فأنتِ أمـــانة في عنقهما، وهمـا مسؤولان عنك أمام الله وأمام الناس. وحين تتفهمين هذا الأمر جيدا بواقعيـة وانفتاح ذهني سليم، سترين أنك كنتِ على وشك ارتكاب خطأ فادح في حق والديك لا يجوز الإتيان به؛ فعليك أن تحرصي على أن تبقي باب التفاهم والحوار بينك وبين والديك مفتوحا، واسألي عن سبب رفضهما لهذا الأمر أو ذاك، وناقشي الأسباب بهدوء وأدب، ولا تنسي أنك تخاطبين والديك، فمخاطبة الوالدين تختلف عن مخاطبة الأخوات والصديقات، فانتقي ألفاظك؛ بحيث تكون موزونة وهادئة، وبعيدة عن العصبية والخطأ، وأظهري تعاطفك معهما، ويمكنك أن تستعملي كلمات مثل: «كلامكما صحيح وأقدره» و»أنتما على صواب»، بعد ذلك وضحي موقفك بأدب وبهدوء، واحرصي على اختيار الوقت المناسب لعرض فكرتك، واخفضي لهما جناح الذل من الرحمة، فهما والداك اللذان أوصاك الله -عزوجل- بألا تقولي لهما (أف).
الترويح المباح عن النفس أمر مطلوب
النفس تحتاج إلى شيء من (الترويح) والفسحة في بعض (المباحات)، وإراحتها من كد الدنيا، ومن جد العمل للآخرة، لئلا تضجر النفوس، ولتقوى على المسير، والجد فيما ينفعها من أمر الدنيا والآخرة؛ لأن القلوب والأنفس قد تكل وتتعب، والمراوحة بين الجد والمرح منهج شرعي؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحنظلة: «ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة، قالها ثلاثًا».
سعادة البيت المسلم
لا شك في أن البيت المسلم يختلف عن غيره؛ فأهله يحملون في صدورهم عقيدة جليلة، تملأ قلوبهم بنور الإيمان، وتَظْهَرُ ظلالُها في كل جوانب حياتهم؛ فسعادة البيت المسلم ليست بكثرة الأثاث ولا بغلاء المفروشات، وإنما سعادتهم نابعة من قلوبهم المؤمنة ونفوسهم المطمئنة؛ ذلك لأنهم رضوا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولاً، وقد كانت بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - نموذجًا للبيت المسلم السعيد، فعلى الرغم من صغر حجمها، وتواضع بنائها، فإنها امتلأت بالسعادة والهناء، وظلت المثل الأعلى لبيوت الصحابة -رضوان الله عليهم- ولكل من أراد أن يقيم لنفسه بيتًا من المسلمين بعد ذلك.
أسس البيت المسلم ومقوماته

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/09/26.jpg
من أهم الأمور التي يجب أن تتعلمها المرأة المسلمة، أن البيت المسلم يقوم على مجموعة من الأسس والقواعد التي تحكمه، وتنظم سير الحياة فيه، ومن هذه الأسس ما يلي: للرجل حق القوامة، قال -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34).
الرعاية حق مشترك بين الرجل والمرأة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «الرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها».
التزام المرأة بالوفاء بحقوق زوجها عليها، وحسن طاعته، والتزام الرجل بالوفاء بحقوق زوجته، بحسن معاشرتها وإعفافها والإنفاق عليها.
التزام الوالدين برعاية أولادهما، وحسن تربيتهم، وتعليمهم أمور دينهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم: 6).
التزام الأبناء بر الوالدين وطاعتهما فيما يرضي الله، قال -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا} (الإسراء: 23).
الالتزام بحق الجار، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورِّثه».
معرفة الفضل لأهله واحترام الكبير، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا».
الصدق في المعاملة والحديث، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة».
ستر العورات والمحافظة على حرمة الآخرين، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة».
الاعتدال والاقتصاد في المعيشة والإنفاق، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67).

توجيهات للمـرأة لاستغلال الإجازة الصيفية
على المرأة والفتاة المسلمة استغلال وقتها فيما ينفعها عند ربها، وينفع بها من حولها، وهذه بعض التوجيهات لاستغلال أمثل للإجازة الصيفية: لا تخلو مدينة من دور أو مراكز صيفية لتحفيظ القرآن؛ فلتحرصي على المشاركة فيها وتشجيع أخواتك للالتحاق بهذه المراكز لاستثمار الإجازة استثمارًا نافعًا.
احرصي على المشاركة في الدورات العلمية ومتابعة الدروس الشرعية وتقييدها والاستفادة منها، وإن لم تستطيعي المشاركة كلية فإنك-على الأقل- اختاري من الدروس ما يناسبك واحرصي على متابعتها والإفادة منها.
ما أكثر الأوقات التي تقضيها المرأة بالمهاتفات! فلماذا لا تستغل هذه المكالمات في التوجيه والإرشاد والدلالة على الخير؟ فكوني مشجعة وحاثة لأخواتك على المشاركة في سبل الخير من دروس علمية ودورات شرعية، فالدال على الخير كفاعله.
لماذا لا تفكر الفتاة المسلمة في جمع أفراد أسرتها وأقربائها في تجمعات عائلية في استراحة، أو حتى في المنزل، وتنظم لهم برامج ومسابقات وألعابا، يتخللها بعض التوجيهات والكلمات الإيمانية والتربوية النافعة في مجالات شتى، وهذ الأمر صلة وبر ودعوة وإصلاح .
يمكنك ترتيب رحلة عمرة لأفراد العائلة وحضور الدروس الشرعية في الحرم وزيارة المدينة المنورة وزيارة الأماكن التي وردت في السيرة كـ (زيارة جبل أحد ومقبرة شهداء أحد) وغيرها من الأماكن.

يمكنك استغلال وقتك بالمشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية للتعود على حب العطاء والسعادة بتحقيقه وبذل الخير واستغلال الوقت بما هو نافع.

ابو وليد البحيرى
2024-09-11, 06:00 PM
المرأة والأسرة – 1224

الفرقان






الرفق من أسباب سعادة البيوت
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله -عزوجل- بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق»، أي صار بعضهم يرفق ببعض، وهذا من أسباب السعادة في البيت؛ فالرفق نافع بين الزوجين، ومع الأولاد، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه».
الطريق إلى السعادة الأسرية
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء»، ويمكن تحقيق تلك السعادة داخل البيت من خلال الأمور التالية: الدعاء الصالح، وهو سلاح المسلم؛ فنحن ندعو الله ونحن موقنون بالإجابة بأن يحقِّقَ لنا السعادة، وأن يجلبها لنا، وأن يعيننا على تحقيقها، وعلى إسعاد أنفسنا ومن حولنا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ» ، رواه الترمذي.
المعاشرة بالمعروف بالكلمة الطيبة والصحبة الجميلة، وكف الأذى وحسن المعاملة، قال -تعالى-: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء:19)، ويقول -سبحانه-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 228).
الاحترام المتبادل بين الزوجين، فيجب على الزوجة احترام زوجها، حتى لا تهتز صورته أمام أولاده، وكذلك الزوج يجب عليه احترام زوجته، ومعاملتها معاملة حسنة أمام الجميع، قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21)، فالمودةُ والرحمةُ هما المعنى الحقيقي للاحترام المتبادل بين الزوجين. الحرص على تعليم الأسرة حبَّ الخير وأحكام الشرع، من الصلاة والصدقة وصلة الرحم والعمل الصالح، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6).
التغافل عن الأخطاء ومقابلة ذلك بالحلم والتسامح والعفو، يقول الحسن البصري -رحمه الله-: «ما زال التغافل من فعل الكرام»، ويقول الإمام أحمد -رحمه الله-: «تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل».
عدم نقل المشكلات الأسرية إلى الخارج والحفاظ على أسرار الحياة الزوجية، قال -تعالى-: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: 34).

تربية الطفل على ترشيد الاستهلاك
الاهتمام بتربية الطفل وتوجيه سلوكه أمر ضروري، حتى يمكنه أن يشارك بنصيب من الجهد والعمل في تنظيم الاستهلاك، والتربية السليمة تتطلب إكساب الطفل حقائق وقيما ومهارات واتجاهات معينة، منها: الاتجاه نحو ترشيد الاستهلاك وتوجيه أنماطه الاستهلاكية؛ بحيث يتسم سلوكه الاستهلاكي بالتعقل والاتزان والموضوعية، بمعنى أن يكون استهلاك الطفل من المنتجات المختلفة وكذلك الخدمات بالكميات التي تفي باحتياجاته الضرورية دون زيادة أو نقصان.
https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2023/12/quran-99-300x191.jpg
واجبات أساسية للمرأة المسلمة
أن تتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حدود ما تستطيع على فهم السلف الصالح.
أن تتعامل مع الناس معاملة طيبة؛ فإن الله - عزوجل - يقول في كتابه الكريم: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} (البقرة: 83)، ويقول: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}. (النساء: 58)
أن تلتزم الحجاب الشرعي قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} (الأحزاب: 59).
أن تُحسن إلى زوجها إذا أرادت الحياة السعيدة؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا صلَّت المرأةُ خمسَها، وصامت شهرَها، وحفِظت فرجَها، وأطاعت زوجَها، قيل لها: ادخُلي الجنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شئتِ».
أن ترعى أبناءها رعاية إسلامية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وذكر المرأة أنها: «راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».

بستان التفاؤل
اعلمي -أختاه-، أنَّ التفاؤل حياة لقلبك وراحة له وطمأنية، ولا سيما عندما تستشعرين أن ما أصابك في هذه الحياة من خير إنما هو نعمة من الله تتوجب عليك الشكر، وما أصابك من ابتلاء فإنما هو حكمة من الخالق -سبحانه وتعالى- وامتحان عظيم لصبرك، حينها يزيد الإيمان في قلبك ويسهل عليك مجابهة هذه المحن، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له»(رواه مسلم)، واعلمي أن حسن الظن بالله من واجبات التوحيد ومن العبادات القلبية؛ فإن الله قد مدح الذين أحسنوا الظن به وذم الذين أساؤوا الظن به، قاله -تعالى-: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ }.
أخطاء تقع فيها النساء
من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء مخالفة سنة من سنن الفطرة، وهي: تقليم الأظافر؛ فتجد إحداهن تطيل أظافرها، ثم تضع عليها صبغا يعرف باسم (المناكير)، وهذا الصبغ يمنع وصول الماء إلى الأظافر، ثم تأتي من وضعته لتتوضأ وتصلي فتبطل صلاتها لأن وضوءها غير صحيح؛ حيث إن الماء لم يصل إلى الأظافر، فإن كان لابد من وضعه فيجب على المرأة أن تزيله قبل الوضوء.
كيف تصبحين فتاة مثالية؟
هذه بعض الخطوات التي تأخذ بك لتكوني فتاة متميزة: (1) أداء الصلوات في أوقاتها. (2) حسن استغلال الوقت. (3) ترتيب الواجبات وعدم التسويف في أدائها «لا تؤجلي عمل اليوم إلى الغد». (4) طاعة الوالدين، حتى لو كان على حساب رغباتك وراحتك. (5) القراءة في الكتب المفيدة والمجلات النافعة. (6) صحبة الفتيات الصالحات المميزات فالمرء على دين خليله. (7) المداومة يوميا على ورد من القرآن الكريم والحرص على حفظه وتدبر معانيه. (8) الحرص على أذكار الصباح والمساء. (9) الاهتمام بقضايا المسلمين، ومحاولة بذل المال لإخواننا المسلمين. (10) المساهمة في أعمال الخير ومساعدة المحتاجين، وتنفيس كربهم. (11) الحذر من بعض وسائل الإعلام والترفع عن سفاسفها.
كلمات مأثورة
من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
من ترك فضول الكلام منح الحكمة.
من ترك فضول النظر منح الخشوع.
من ترك القرآن والذكر عوقب بالغفلة والإعراض.

ابو وليد البحيرى
2024-09-11, 06:01 PM
المرأة والأسرة – 1225

الفرقان






المرأة والتفقه في الدين

من صفات المرأة الصالحة أنها تحرص دائمًا أن تأخذ بحظ وافر من العلم الشرعي، انطلاقًا من قوله -تعالى-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه:114)، وقوله -تعالى- أيضًا: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (الزمر:9)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ»، والخطاب هنا موجه للرجال والنساء على حد سواء.

أهمية طلب العلم للمرأة المسلمة
لا يخفى على كل ذي لب أهمية العلم الشرعي في حياة المسلم والمسلمة؛ فهو الموصل لغاية عظيمة، ألا وهي تحقيق العبودية لله -جل جلاله- في هذه الحياة الدنيا. ولقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة على تأكيد فرضية العلم، فقال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} الآية، فبدأ -سبحانه- بالعلم قبل القول والعمل، ليبين قيمة العلم، وعدم تهوينه والتساهل في طلبه، وجاء أيضا في السنة المطهرة بيان وجوبه فقال - صلى الله عليم وسلم -: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» رواه ابن ماجه، وصححه الألباني، وهذا الحديث يشمل الرجال والنساء على حد سواء، لا فرق بينهما في تحصيل العلم الشرعي، وكما هو معلوم أن الخطاب إذا ورد بلفظ المذكر كان خطابا للنساء إلا ما دخله التخصيص، ويؤكده قول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «إنما النساء شقائق الرجال»، فهن شقائق الرجال في الأحكام الشرعية إلا ما خصه الدليل، فالخطاب المقتضي لتحقيق أركان الإيمان موجه إلى الرجال والنساء، على حد سواء، ولا سبيل إلى تحقيقها من غير علم راسخ، ومعرفة صحيحة، وكذلك القول بالنسبة لأركان الإسلام الخطاب فيها للرجال والنساء، ويقال مثل ذلك في كل ما يتعلق بالأخلاق والآداب، فمن هنا تظهر أهمية العلم في حياة المرأة المسلمة.
المرأة والنهضة العلمية في الإسلام
في صدر الإسلام كانتْ أمهات المؤمنين وعدد من كبار الصحابيات منارات للإشعاع العلمي في صدر الإسلام، وتأتي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في الذّروة والمقدّمة، فكانت من الفصيحات البليغات العالمات بالأنساب والأشعار، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستمع منها إلى بعض ما ترويه من الشعر، وتَروي بعض الآثار أنَّ عائشة -رضي الله عنها- عندها نصف العلم؛ لذا كانت مقصد فقهاء الصحابة عندما تستعصي عليهم بعض المسائل العلميَّة والفقهيَّة، ولا سيما فيما يتعلَّق بِجوانب حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أخذ عنها العلم حوالي (299) من الصحابة والتابعين، منهم (67) امرأة، أمَّا أمّ سلمة -رضي الله عنها- فكانتْ كما وصَفَها الذَّهبيُّ «من فقهاء الصحابيات»، وممن روى كثيرًا من الأحاديث عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنها كثير من الصحابة والتابعين بلغوا حوالي (101)، منهم (23) امرأة، وتتعدد أسماء الصحابيات والتَّابعيات اللاتي اشتهَرْنَ بالعلم وكثرة الرواية، وتحفل كتب الحديث والرواية والطبقات بالنساء اللاتي روين ورُوِيَ عنهنَّ الحديث الشريف، مثل: أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأسماء بنت عُمَيْس، وجويرية بنت الحارث، وحفصة بنت عمر، وزينب بنت جحش -رضي الله عنهن.
الصحابيات وطلب العلم
تفطنت الصحابيات الجليلات في عهد النبوة لحاجتهن إلى العلم الشرعي؛ فطلبن من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخصص لهن يوما يجتمعن فيه يعلمهن مما علمه الله، فعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال: اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا، فاجتمعن فأتاهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلمهن مما علمه الله»، فأقرهن النبي - صلى الله عليه وسلم - على طلب العلم والتعلم، واعتنى بهن، وكان - صلى الله عليه وسلم - حريصا على تبليغهن أحكام الشريعة ليتمكنَّ من عبادة الله -عز وجل- على أكمل وجه، ولا سبيل لذلك إلا بالعلم.
أخلاق حاملة القرآن الكريم
تتقي الله في السر والعلانية، حافظةً للسانها، إن تكلمت تكلمت بعلم، وإن سكتَت سكتت بعلم، قليلة الخوض فيما لا يعنيها.
تطلب الرفعة من الله -عزّوجل- لا من المخلوقين.
تبر والديها فتخفض لهما جناحها، وتخفض لصوتهما صوتها، وتبذل لهما مالها، وتنظر إليهما بعين الوقار والرحمة.
تصل الرحم، وتكره القطيعة، رفيقة في أمورها كلها، صبورة على تعليم الخير، تأنس بها المتعلّمة، وكل مجالسها تُفيد خيرًا.

من فتاوى النساء
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- عن النساء اللاتي يغتبن أزواجهن في مجالس النساء ويتحدثن عنهم بشكل غير لائق؟ فقال -رحمه الله:
نصيحتي لهؤلاء النساء ولغيرهن أيضًا: أن يتقوا الله -عزوجل-، وأن يتجنبوا الغيبة، فإنها من كبائر الذنوب، والذي اعتُدي عليه بالغيبة سوف يأخذ من حسنات الذي اغتابه، ولقد مثل الله -تعالى- الغيبة بأقبح مثال، فقال -عز وجل-: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ }، ولو أن المرأة شكت إلى أمها مثلا حال زوجها ومعاملته إياها، لتفرّج عما فيها، وتبحث عن حلّ بينها وبين زوجها فهذا لا بأس به؛ لأنه يراد به المصلحة ولابد منه، وأما إذا كان مقصود المرأة التشهير بزوجها، ونشر معايبه بين النساء فهذا من كبائر الذنوب ولا يحلّ.
من آداب النصيحة
عندما تهمّين بنصيحة إحداهن استحضري ثلاثة أمور أساسية: أنّك ناصحة ولستَ بفاضحٍة، فحاولي أن تُسِرّيَ في نصيحتك إلّا للضرورة.
أنت مجرّد ناصحة ولست بالهادية فالهداية بيد الله وحده، حتى لا تعنّفين على المنصوحة أو تفقدين الأمل في تكرار النصيحة.
استحضري أنك لستَ أفضل من المنصوحة وإن رأيتها عاصية لله -تعالى-، فلا يصيبك العُجب بنفسك وطاعتك.

المقصود من الأمر بالحجاب

قال الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-: والمقصود من الأمر ‎بالجلبــاب، إنما هو ستر زيـنة المرأة، فلا يعقل حـينئذٍ أن يـكون الجلبـاب نفسه زينة، ‏لذلك أوجب الإسلام على المرأة أن تحفظ زينتها الظاهرة بثوب واسع ليس زينة في نفسه.

ابو وليد البحيرى
2024-09-17, 08:55 PM
المرأة والأسرة – 1226

الفرقان






جمال المرأة الحقيقي في حيائها
الحياء من شعب الإيمان، ومن أجلّ صفات المؤمنين، وهو خلق الإسلام، فعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ». والرجل والمرأة سواء في الحاجة إلى هذا الخلق الكريم، إلا أنّ المرأة بفطرتها أقرب إلى هذا الخلق، وأحوج إليه من الرجل، ولذلك يضرب المثل بحيائها، ففي صحيح البخاري، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً، مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وكلما كانت المرأة متصفة بالحياء متحلية به، كان ذلكم أكمل في أخلاقها، وأجمل في حليتها وزينتها.
المرأة والعناية بالقرآن الكريم
مع كثرة الفتن وتتابعها في زماننا وانفتاح أبواب الشهوات على مصارعها، كان لابد من توجيه كل مسلم ومسلمة يريدان الخلاص، إلى أهم أسباب النجاة والعصمة، ألا وهو كتاب الله -تعالى- وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - اللذان من تمسك بهما فلن يضل أبدا. والنساء اليوم أحوج ما يكن إلى الارتباط بالقرآن حفظًا وفهما وتدبرًا وعملاً، ولقد كانت الصحابيات -رضوان الله عليهن- حريصات على تعلم القرآن مباشرة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا سيما أمهات المؤمنين، فعائشة وحفصة وأم سلمة -رضوان الله عليهن - حفظن القرآن الكريم، وكانت حفصة -رضي الله عنها- تعرف الكتابة، وهو ما دعا إلى ائتمانها على الصحف التي كتب فيها القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان اهتمامهن -رضوان الله عليهن- أيضا بفهم معانيه، ومعرفة أحكامه ومراميه، روى البخاري أن عائشة -رضي الله عنها- كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حوسب عذب، قالت عائشة، فقلت: أوليس يقول الله -تعالى-: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قالت، فقال: «إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك»، ووقع نحو ذلك لحفصة -رضي الله عنها- لما سمعت: «لا يدخل النار أحد ممن شهد بدرا والحديبية، قالت: أليس الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فأجيبت بقوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا}»، وكانت عناية الصحابيات بحفظ كتاب الله -عزوجل- كبيرة، منهن من حفظته كله ومنهن من حفظت بعضه، وكانت أم ورقة -رضوان الله عليها- تحفظ القرآن كله، وممن حفظت القرآن أيضًا من نساء الصحابة أم الدرداء الكبرى، وأمها خيرة بنت أبي حدرد، وكانت من فضليات النساء وعقلائهن وذوات الرأي فيهن مع العبادة والنسك.
توجيهات القرآن للمرأة فيها عزها
توجيهات القرآن للمرأة فيها العز لها ولمجتمعها، وفيها الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة، والواجب على المرأة المسلمة التي منَّ الله عليها بالإيمان، وهداها للإسلام، وعرَّفها بمكانة القرآن، وجعلها من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير الأنام، أن تعطي لآداب القرآن وتوجيهاته وهداياته قدرها، وأن تعرف لها مكانتها، وأن تأخذ بها مأخذ العزم والحزم والجد والاجتهاد، وأن تربأ بنفسها عمن تاهت بهم الأفكار وانحرفت بهم السبل، وحادوا عن هدايات القرآن الكريم.

من هدايات القرآن للمرأة المسلمة
من هدايات القرآن للمرأة المسلمة: أنه أمرها بالحجاب ولزومه والمحافظة على الستر والحشمة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(الأحزا ب: 59)، وأن تحذر من التبرج والسفور فعل أهل الجاهلية الجهلاء، قال -تعالى-: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}(الأحز اب: ٣٣). ومن هدايات القرآن للمرأة المسلمة: أنها إذا اضطرت إلى الحديث مع رجل وأحوجها الأمر إلى ذلك ألا تخضع بالقول؛ لئلا يكون خضوعها به سببًا لطمع من في قلبه مرض من الرجال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}(الأح زاب: 32). ومن هدايات القرآن للمرأة: أن تلزم بيتها، وألا يكون خروجها منه إلا لحاجة تدعوها لذلك، قال الله -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(ال أحزاب: 33) ومن هدايات القرآن للمرأة المسلمة: أن تغض بصرها، وأن تحفظ فرجها، وأن تصون عرضها، وأن تحافظ على شرفها وكرامتها {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}(ال نور: 31). ومن هدايات القرآن للمرأة المسلمة: ألا تحاول لفت أنظار الرجال إليها، واجتذابهم للنظر إلى محاسنها: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}(ال نور: 31).
حديث السبعة ليس خاصا بالرجال وحدهم
سئل الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- عن حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، هل هو خاص بالذكور أم أن من عمل به من النساء تحصل على الأجر المذكور في الحديث؟
فقال -رحمه الله-: ليس هـذا الفضل المذكور في هـذا الحديث خاصا بالرجال، بل يعم الرجال والنساء، فالشابة التي نشأت في عبادة الله داخـلة في ذلك، وهكـذا المتـحابات في الله من النساء داخـلات في ذلك، وهكـذا كـل امـرأة دعاها ذو منصب وجمال إلى الفاحشة فقالت: إني أخاف الله، داخلة في ذلك، وهكذا من تصدقت بصدقة من كسب طيب لا تعلم شمالها ما تنفق يمينها داخلة في ذلك، وهكذا من ذكر الله خاليًا من النساء داخل في ذلك كالرجال، أما الإمامة فهي من خصائص الرجال، وهكذا صلاة الجماعة في المساجد تختص بالرجال، وصلاة المرأة في بيتها أفضل لها، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
محافظة المرأة على صلاتها
من صفات المرأة الصالحة محافظتها على صلاتها؛ فلا تؤخرها إلى أن يخرج وقتها، ولا تُقدِّم على صلاتها أي عمل آخر؛ لأنَّ تأخير الصلاة إلى خروج وقتها من كبائر الذنوب؛ فالصلاة في أول وقتها، من أفضل الأعمال، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟ قال: «الصلاة في أول وقتها».
من الأخطاء التي تقع فيها النساء عدم الاهتمام بطلب العلم الشرعي
كثير من النساء لا تهتم بطلب العلم الشرعي؛ ظنًا منها أن ذلك ليس بواجب عليها، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، فعلى كل مسلمة أن تسعى لطلبه والعمل على تحصيله، ومن أعرض عن تعلم العلم الشرعي وقع في أخطاء جسيمة عظيمة، فكم سمعنا عن نساءٍ يخالفن أشياء معلومة من الدين وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فهذه امرأة لا تحسن الوضوء أو الصلاة أو لا تعلم شيئاً عن أحكام الحيض والنفاس، وغيرها من أمور العبادة الأساسية، ولو علمت المرأة ما في طلب العلم ما تكاسلت عنه .

ابو وليد البحيرى
2024-09-17, 08:57 PM
المرأة والأسرة – 1227

الفرقان






إشارة قرآنية بليغة

وردت إشارة بليغة في قوله -تعالى-: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}(ا لأحزاب:34)، وهي كيفية المحافظة والاستمرار على بيت الزوجية، وذلك بتعليم القرآن والسنة فيه، وتربية النشء على ذلك، فكأن القرآن يقول: إذا أردتِ - أيتها المرأة - أن يبقى هذا البيت لكِ؛ فلا يكُنْ همكِ الأول تزيينه وترتيبه وتنظيفه فقط، إنما عليكِ أن تجعلي لكِ وقتًا تتدارسين مع زوجكِ وأبنائكِ فيه كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم .

مكانة المرأة المسلمة في بيتها
جعل القرآن مكانة عالية للمرأة، في بيت الزوجية، وكأنها هي مالكته الفعلية؛ وذلك لقيامها بشؤونه الداخلية: رعاية، تربية، تغذية، إشرافًا، إدارة، متابعة، وغيرها من شؤون الحياة البيتية؛ لذلك فإن البيت السعيد، البيت الصالح، لا يشرف إلا بزوجة صالحة، تقية، نقية. فهذه بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - رغم مكانته -عليه الصلاة والسلام-، وهي بيوته وملكه، نُسبت تلك البيوت الطاهرة، لأولئك الأمهات الطاهرات النقيات، قال -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(ال أحزاب: 33)، {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}(ا لأحزاب: 34)، هذا الخطاب في الآيتين الكريمتين موجه لزوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - خصوصا، ولنساء المؤمنين عموما، ولو تأملت المرأة المسلمة هذا الشرف العظيم، وهذا الإكرام النبيل، لتبين لها أن هناك إشارة قوية للزوجة أن تحرص على كِيان بيتها، والاعتناء به، وملازمته، والتلذذ بالقيام بشؤونه، وأن تكون حصنًا وثيقًا، وسدًّا منيعًا من كل ما يهدده، من عواصف المكر والخداع التي تحاك لزعزعة الأسرة المسلمة، بالتشكيك في دينها، والتنازل عن مبادئها وأخلاقها، وصولًا إلى شتات أمرها، وتفرق وحدتها. وهنا إشارة لك أيتها الزوجة الفاضلة، ما دام البيت بيتك، والشرف شرفك، وكل شؤونه تحت مسؤوليتك، وأنت مسؤولة وراعية، وقد جاء من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»، فأول رعاية يجب أن تحرصي عليها، أن تملكي قلب زوجك بالحب، والمودة والرحمة، والاحترام والتقدير؛ فإن هذا أعظم من كل ما تملكينه في البيت، بل هو السبب الذي يوطد ملكك، ويعلي شأنك، ويرفع درجتك.
ما أعظم هذا الدين!
ما أعظم هذا الدين! وما أبلغه في تربية القلوب، والحفاظ على المودة والرحمة! حتى حال النزاع والخلاف الذي قد يصل إلى الطلاق؛ فإن حبل المودة والحب لا ينقطع بسهولة؛ لهذا نهى الشرع الرجال عن إخراج النساء من بيوتهن في حال الغضب والنزاع الذي يترتب عليه التلفظ بالطلاق، فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ}(ال طلاق: 1)!، ففي هذه الآية قطع لحجة الرجل بأن البيت بيته، ولابد من خروج المرأة بعد طلاقها الرجعي من البيت، بل ما زال البيت منسوبًا إليها، وكأن الشرع يقول له: حتى وإن كان هذا البيت ملكك ماديًّا، إلا أن امتلاك المرأة له معنويًّا أقوى في هذه اللحظات، وهذه الظروف.
من أسباب السعادة الزوجية
شعور الزوجين بالرضا عن العلاقة بينهما حتى ولو كان لديهما مشكلات مالية.
السلوك الإيجابي بين الزوجين مثل التشجيع والحوار الفعال وسلوك الرعاية.
تمتع الزوجين بمهارة الإصغاء والاهتمام والاستجابة لحاجات كل طرف.
تحدث الزوجين مع بعضهما ومحاولة حل المشكلات بطريقة بناءة.
أن تتسم العلاقة بين الزوجين بالحب والتعاطف.
تقدير كلا الزوجين لجهود كل طرف وعدم التقليل منها أو الاستهانة بها؛ فكل ميسر لما خلق له.
التسامح والتغافل والعفو بين الزوجين وعدم مقابلة الإساءة بمثلها.

بالشكر تدوم النعم
من النعم العظيمة التي قد تغفل عنها المرأة وجودها في بيت الزوجية، تحت كنف زوج صالح، يرعى شؤونها، ويقوم بحقها، فعلى المرأة أن تشكر الله -تعالى- على هذه النعمة، قال -تعالى-: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ}(إبراهيم: 7)، فالمحافظة على هذا الكيان واجبة، طاعةً لله -تعالى-، وتعبدًا بطاعته -سبحانه- وطاعة رسوله، ثم طاعة زوجها في المعروف، والقيام بشؤون البيت وتربية الأبناء والعناية بهم، وهذا يستلزم وقتًا من الزمن؛ لذا فقد يكون كثرة خروج المرأة من بيتها سببًا لضياعه، وتشتيتًا لشمله، وقد يكون أيضًا سببًا لسلب هذا البيت منها بالكلية، فلتنتبه المرأة المسلمة حتى لا تفقد هذه النعمة.
سمية بنت الخياط -رضي الله عنها

أول شهيدة في الإسلام
اسمها: سمية بنت الخياط، أم عمّار بن ياسر.
إسلامها: كانت من أوائل الذين أسلموا وأظهروا إسلامهم بمكة، وقيل: إنّها كانت سابع سبعة في الإسلام، وقد عُذّبت وأُلبست درعاً من حديدٍ ثمّ صُهر في الشمس، ثمّ جاء أبو جهل وطعنها بحربة فقتلها، وكانت أوّل شهيدة في الإسلام، وذلك قبل الهجرة، وكانت تُعذّب هي وولدها وزوجها، وكان يمرُّ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويُصبّرهم ويقول: «صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ»، وكان بنو مخزوم يختارون وقت حمّ الظهيرة ليخرجوهم ويعذّبوهم في رمضاء مكة، ومع ذلك أبت سمية إلا الإسلام.
استشهادها: كانت سمية -رضي الله عنها- أول شهيدةٍ في الإسلام، وتُوفّيت قبل أم المؤمنين الكبرى خديجة -رضي الله عنها-؛ لأنَّ سمية تُوفّيت في السنة السادسة من النبوّة، بينما تُوفّيت خديجة -رضي الله عنها- في السنة العاشرة من النبوّة في عام الحزن.

من قواعد الإنصاف في الحوار
من قواعد الإنصاف في الحوار بين الأخذ بالصبر، والرفق، واحتمال الأذى، ومقابلة السيئة بالحسنة، كما قال -تعالى-: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}(فصلت: 34)، وبهذا استمال الرسول - صلى الله عليه وسلم - قلوب أعدائه، وعالج قسوتها حتى لانت، واستقادت، وقبلت الحق؛ وما ذاك إلا بصبره، وتحمله الأذى، قال -تعالى-: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}(فصلت: 35).
العلم النافع من أسباب تقوى المرأة المسلمة
العلم النافع له من الثمرات العظيمة ما يغرسه في نفس المسلمة من تقوى الله -تعالى- والخشية منه، بل إن العلم النافع هو الذي يدفع مباشرة إلى تقوى الله -تعالى-؛ لأنه هو الذي يعرف المسلمة على ربها حق المعرفة، فتخشاه وتهابه، فيدفعها ذلك إلى كل عمل صالح، ويلزم صاحبته بالخلق الفاضل، والأدب الكامل، والاعتصام بالكتاب والسنة، وإخلاص القصد لله -سبحانه-، وبذلك يثمر ثمراته المرجوة منه.

ابو وليد البحيرى
2024-09-17, 08:58 PM
المرأة والأسرة – 1228

الفرقان





الأصل في النساء المسلمات لزوم البيوت
الأصل في النساء المسلمات لزوم البيوت، لقول الله -تعالى-: {وَقرْنَ في بيُوتِكنَّ} (الأحزاب:٣٣)، فهو عزيمة شرعية في حقهن، وخروجهن من البيوت رخصة لا تكون إلا لضرورة أو حاجة؛ ولهذا جاء بعدها: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} أي: لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية.
دور المرأة المسلمة في عصر الرسالة
لقد كان دور النساء في عصر الرسالة دورًا كبيرًا وفاعلاً، ولقد سجلت المرأة في صفحة الإسلام الخالدة أسطرًا من نور، وأعطت المرأة الصحابية المثال والقدوة لكل امرأة مسلمة من بعدها، حتى تكون مثلها وتحذو حذوها وتسلك سبيلها، وإذا أردنا أن نقدم المثال هنا لعظمة النساء اللواتي التففن حول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن الحقائق التالية تعد في الذروة من الأمثلة التي يمكن أن تسجل في تاريخ نساء العالمين، نذكر ما يلي: ألا يكفي المرأة المسلمة فخرًا أن كانت خديجة أول المسلمين؟
ألا يكفي المرأة المسلمة مجدًا أن كانت سمية أول الشهداء في سبيل هذا الدين؟
ألا يكفي المرأة المسلمة اعتزازًا أن كانت أسماء -على صغر سنها-، تغدو وتروح على غار ثور في أثناء هجرة سيد المرسلين؟
ألا يكفي المرأة المسلمة فخرًا أن كانت أم عمارة ثابتة في معركة أحد؛ إذ كان معظم الرجال من الفارين؟
ألا يكفي المرأة المسلمة مجدًا أن كانت عائشة من أكثر المحدثين عن رسول رب العالمين؟
ألا يكفي المرأة المسلمة اعتزازًا أن كانت مشورتها في صلح الحديبية سبباً في وئام المسلمين؟
بلى، إن في سجل المرأة المسلمة أمجادًا وفخارًا لا يدنو منها مجد وفخار لنساء غيرهن في العالمين، فلماذا لا تتيه المرأة المسلمة بتاريخها وتعتز؟ ولماذا لا تفتخر المرأة المسلمة بأمجادها وتعتز؟ إن مما يعتز له نساء من نساء العالمين مواقف هي أقل مما وقفته المرأة المسلمة في عصر الدعوة الأولى، وإن مما يعتز به نساء من نساء العالمين أدنى بكثير مما سجلته المرأة المسلمة من مواقف حول رسول رب العالمين.
من أدب الخلاف: ضبط النفس وعدم التنابز
من أهم آداب الخلاف بين الزوجين ضبط النفس، والبُعد عن استخدام العبارات الجارحة أو انتهاج السلوك المؤذي بين الزوجين، كأن يعيّر الزوج زوجته بنقص فيها، أو أن تخدش الزوجة زوجها بنقائصه، ولا سيما إن كانت تلك النقائص مما لا يؤثّر في الدين والخُلق أو يجرح الاستقامة والسلوك، وفي ذلك يجب أن يكون النقد أو التوجيه بأسلوب رقيق تلميحًا لا تصريحًا، ثم المصارحة بأسلوب المشفِق الودود؛ فالانتقاد الحاد والهجوم الصارخ من الممكن أن يقود إلى التعنت ويؤدي إلى العزة بالإثم.
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/09/46.jpg
مقاصد شرعية مرعية في قرار النساء بالبيوت
مراعاة ما قضت به الفطرة، وحال الوجود الإنساني، وشِرعة رب العالمين، من القسمة العادلة بين عباده من أن عمل المرأة داخل البيت، وعمل الرجل خارجه.
مراعاة ما قضت به الشريعة من أن المجتمع الإسلامي مجتمع غير مختلط ؛ فللمرأة مجتمعها الخاص بها، وللرجل مجتمعه الخاص به.
قرار المرأة في عرين وظيفتها الحياتية، ألا وهو البيت، يُكسبها الوقت والشعور بأداء وظيفتها المتعددة الجوانب؛ ففي البيت: هي زوجة، وأمّ، وراعية لبيت زوجها، ووافية بحقوقه من سكنٍ إليها، وتهيئة مطعم ومشرب وملبس، ومُربّية جيل، وقد ثبت من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال: «المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».
قرارها في بيتها فيه وفاء بما أوجب الله عليها من الصلوات المفروضات وغيرها، ولهذا فليس على المرأة واجب خارج بيتها، فأسقط عنها التكليف بحضور الجمعة والجماعة في الصلوات، وصار فرض الحج عليها مشروطاً بوجود محرم لها.

أخطاء تقع فيها النساء
من الأخطاء التي تقع فيها المرأة المسلمة: ترك طاعة الزوج بالمعروف والنشوز عليه؛ ففي هذا ظلم للزوج بترك حق من حقوقه التي أوجبها الله -عزوجل- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - له على المرأة، قال الله -تعالى-: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (النساء:٣٤)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح»، ويلحق بمعصية الزوج ترك خدمته بالمعروف والتعالي عليه وإلجائه إلى خدمة نفسه وإشغال وقته بذلك، والحاصل من كل ما سبق أن طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية الله -تعالى- وفيما تقدر عليه واجبة، وهي حق من حقوق الزوج على زوجته، وتصير المرأة ظالمة لزوجها بتفريطها في ذلك .
حاجة الطفل إلى أم متفرغة
المرأة ذات رسالة تؤجر عليها إن أدتها كما يريد الله -سبحانه وتعالى-، وهي رسالة تتناسب مع تكوينها الفطري؛ لأنها المحضن الدافئ العطوف للأطفال، فهي أقدر من الرجل على إرواء حاجات الطفل من المحبة والحنان وبقية حاجاته الأساسية، التي لو حُرم منها الطفل لعانى الكثير من المصاعب في مستقبل حياته، والطفل في سنواته الأولى على الأقل يحتاج إلى أمّ متفرغة لا يشغلها شيء عن رعاية الطفولة وتنشِئة الأجيال، وأن كل أمر تقوم به خلافًا لتدبير أمور البيت، ورعاية الأطفال، إنما يتمّ على حساب هؤلاء الأطفال، وعلى حساب الجيل القادم من البشرية.
كنز الحسنات
إذا كان الله -تعالى- يكتب للعبد ما عمل من عمل وما ترك من أثر {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ} (يس: ١٢)، فما علّمته المرأة لأبنائها من العقيدة الصحيحة، والقيم الإسلامية الأصيلة، والتعبد لله -تعالى- من صلاة وصيام وذكر وغيره، فقد أبقت جيلا متميزًا من بعدها، وأبقت بابًا للحسنات الجارية لا ينقطع بعد وفاتها، من هنا وجب على المرأة المسلمة الاجتهاد في حسن تربية أبنائها وبناتها؛ فإنهم كنوزٌ لها في حياتها وبعد مماتها، قال رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
حاجة القلب إلى التزكية

الزكاة في اللغة: النماء والزيادة في الصلاح، فالقلب يحتاج أن يتربى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح، كما يحتاج البدن أن يربَّى بالأغذية المصلحة له، ولابد مع ذلك من منع ما يضره، فلا ينمو البدن إلا بإعطاء ما ينفعه، ودفع ما يضره، كذلك القلب لا يزكو فينمو ويتمّ صلاحه إلا بحصول ما ينفعه، ودفع ما يضره.

ابو وليد البحيرى
2024-09-27, 06:33 PM
المرأة والأسرة – 1229

الفرقان






المرأة هي الدعامة الأساسية في الإصلاح

المرأة هي الدعامة الرئيسية للبيت، وواجبها صيانة بيتها، والمحافظة على أن يستمر في أداء مهمته الخالدة في تنشئة أبناء هذه الأمة على الإسلام، وقد عرفنا -فيما يقصه علينا التاريخ من أنباء- عمالقةً كان للبيت المسلم تأثير كبير عليهم، ومنهم ابن تيمية -رحمه الله- الذي كان لبيته الفاضل أثر واضح في تنشئته على العلم والصلاح والإصلاح، وغيره كثير.
الزوجة الصالحة التي نريد
جاءت امرأةٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالتْ: إني رسولُ النساء إليك، وما منهنَّ امرأةٌ علِمتْ أو لم تعلَم إلا وهي تهوى مخرجي إليك، الله رب الرجال والنساء وإلههنَّ، وأنت رسولُ اللهِ إلى الرجال والنساء، كُتِب الجهادُ على الرجال، فإن أصابوا أثْروا، وإن استشهدوا كانوا أحياءً عند ربهم، فما يعدِلُ ذلك مِن أعمالهنَّ؟ قال: «طاعةُ أزواجهنَّ، والمعرفةُ بحقوقهم، وقليلٌ منكن تفعلُه»، هنا يضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أساسينِ ينبغي أن تتطلع كلُّ زوجةٍ تريد لنفسها الفلاح، ولزواجها النجاح: الأساس الأول هو: طاعة زوجها.
الأساس الثاني هو: القيام بحق الزوج.
إذًا ما صفات هذه هي الزوجة التي نريد؟ نحن نُريد الزوجة الودودَ الحانية المحبة؛ تصديقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُ نساءٍ رَكِبن الإبل صالحُ نساء قريش، أحناه على ولدٍ في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده».
نريد الزوجة الراعيةَ لبيت زوجها، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «والمرأةُ راعيةٌ في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها».
نريدها زوجة مؤمنة تُعينه على إيمانه، مستقيمة تحكُمُها ضوابطُ الشريعة وقِيَمُها.
نريد الزوجة التي تُفكِّر بعقلٍ ومنطقٍ وتدبُّرٍ، وتعرف ما لها وما عليها؛ لتستطيع تخطِّي العقبات داخل أسرتِها، وتُوازِن بين الحقوق والواجبات.
نريد الزوجة التي تَسُرُّ زوجها، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله -عز وجل- خيرًا له من زوجة صالحة؛ إن أمرها أطاعَتْه، وإن نظر إليها سرَّتْه، وإن أقسَم عليها أبرَّتْه، وإن غاب عنها نصحَتْه في نفسها وماله».

خطورة التقليد الأعمى
أمرنا الله -عزوجل- أن نتَّبِع سنة المرسلين، وعباده المتقين الطيبين، ولا نحيد عن هذا الطريق؛ فقال -تعالى-: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}(لقمان:15) ، لكننا نجد من النساء مَن حادت عن الجادة، وأخذت تحاكي الغرب، في اللباس والزينة والطعام والشراب والكلام، والعادات والتقاليد، وكثير من أمور الحياة، وكأنه لا دين لها يأمرها، ولا شرع لها يحكمها، ولكن الأمر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري: «لتَـتَبِعُن سُنَن الذين من قبلكم، شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى ولو دخلوا جُحر ضبٍ لاتبعتموهم، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال فمَن؟!»، فعلى المرأة أن تحذر من الوقوع في هذا الفخ الكبير، وعليها أن تلزم صراط الله المستقيم حتى تنجو بنفسها يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
دور الأسرة في تعزيز الأمن الفكري
أكدت الشريعة على دور الأسرة؛ فالأسرة نواة المجتمع، وأيُّ إهمالٍ أو تقصيرٍ من الأسرة تُجاه أفرادها قد يكون سببًا وعاملاً من عوامل الانحراف الفكريّ، فدور الوالدين من الأدوار المهمة، فَهُم الَّذين يزودون المجتمع بأفرادٍ واعيين وغيورين على أمن أوطانهم واستقرارها، ويسعون لأن يكونوا شخصياتٍ متسلحةً بالعلم والمعرفة، على أساسٍ فكريّ مبنيّ على الوسطيّة والثّقافة المعتدلة، وعلى التَّسامح والعفو، وعلى ضبط الانفعالات والسلوكيّات، ولتحقيق ذلك لابد للأسرة من متابعة ما قد يطرأ على الأبناء من مظاهر الانحراف الفكريّ، والسلوكي، والأخلاقي وغير ذلك من مظاهر الانحراف.
خطوات تعزيز الأمن الفكري لدى الأبناء
أولًا: الدعم العاطفي للأبناء، وإحساسهم بالحب والأمان والاحتواء وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة في التعامل معهم، وسدّ منابع الشعور بالحقد والكراهية، وتحصينهم ضد أي استغلال قد يتعرضون له.
ثانيًا: تنمية مهارة التفكير النقدي لدى الأبناء، وتدريبهم على تمحيص ما يُعرض عليهم من محتوى، وممارسة التقييم فيما يُبث عبر وسائل الإعلام المختلفة، والتمييز بين المقبول وغير المقبول أخلاقيا، كذلك حسن اتخاذ القرار بشأنها.
ثالثًا: اتباع أسلوب الحوار الفعّال والتفاهم البنّاء مع الأبناء؛ لما له من أهمية في تقوية العلاقات الأسرية بين أفرادها، وعدم الخوف من الحديث عن مشكلاتهم أمام والديهم، وما يتعرضون له مخاطر إلكترونية أو تهديدات أمنية.
رابعًا: تفقد أحوال الأبناء وملاحظة سلوكياتهم، ونوعية ملابسهم، والمصطلحات التي يتداولونها، سيساعد الوالدين على فهم التغيّر في شخصية الأبناء، والتصرف المبكّر حيال ذلك التغيّر.
خامسًا: تبصير الأبناء بمخاطر الاستخدام غير الآمن للإنترنت، وتقويتهم للتصدي لأية مكائد تستهدف اجترارهم إلى جماعات افتراضية منحرفة، أو تأثير التيارات الفكرية الفاقدة للهوية.

النوار بنت مالك الأنصارية.. صاحبة أول هدية أهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم
صحابية جليلة كانت متزوجة من ثابت بن الضحاك، فولدت له زيد بن ثابت وأخاه يزيد، قتل زوجها يوم بعاث، وكان عمر زيد ست سنوات، كانت أمًّا كريمة شهمة حكيمة، آمنت بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، قبل مقدمه المدينة، فراحت تغذي زيدًا على مائدة القرآن وحفظه، وحب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وقد عرف قلب زيد الصغير طعم هذا الحب وبركته من أول يوم التقى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان لقاء كرم وحسن ضيافة؛ إذ كانت أول هدية أهديت للحبيب المصطفى حين نزل بدار أبي أيوب الأنصاري، قصعة من طعام جاء بها زيد، أرسلته بها أمه النوار.
من الأخطاء التي تقع فيها النساء: أن تصف المرأةُ المرأةَ لزوجها
وهذا الأمر لا يجوز شرعًا، فقد أخرج البخاري من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تباشر المرأةُ المرأةَ حتى تصفها لزوجها كأنه ينظر إليها»، والحكمة في هذا النهي سد الذرائع والخشية من أن يعجب الرجل بالوصف المذكور، فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة والافتتان بالموصوفة، «والزوج في الحديث ليس مقصودا، بل وصفها ممنوع حتى لأخي الزوجة أو ابنها ونحوهما»، فانظري أختي الكريمة - رحمك الله - بعين الحكمة إلى هذا الحديث وما فيه، فإذا كان وصف امرأة لامرأة مثلها لرجل أجنبي عنها لا يراها يؤدي إلى المفاسد، فكيف حال مَن تخرج من بيتها كالعروس، تعرض جمالها وزينتها في كل محفل وشارع ونادٍ؟!

ابو وليد البحيرى
2024-09-27, 06:34 PM
المرأة والأسرة – 1230

الفرقان






جددي نيَّتك مع الله
النية الصالحة تحول الأعمال العادية التي لا أجر فيها ولا ثواب إلى عبادة يؤجر عليها صاحبها؛ لذلك على المرأة المسلمة أن تجعل حياتها الزوجية كلها لله، فتهَب كلَّ تعبها في بيتها، وسعيها لإسعاد زوجها، وعنائها في تربية أبنائها لله -عزوجل- قال -تعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162)؛ فيهون التعب، وتزول الصعاب، ولا يضيع جهدك هباء.

بيتك أمانة فاحفظيها
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، فالأميرُ الَّذي على النَّاسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم، والرَّجلُ راعي أهلِ بيتِه وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بَعْلِها وولدِه وهي مسؤولةٌ عنهم»، لقد جعل الإسلام مكانة عالية للمرأة، في بيت الزوجية، وكأنها هي مالكته الفعلية؛ وذلك لقيامها بكل شؤونه الداخلية: رعاية، وتربية، وتغذية، وإشرافًا، وإدارة، ومتابعة، وغيرها من شؤون الحياة البيتية؛ لذلك عليها أن تتحمل مسؤوليتها تجاه هذا البيت، ومن الأمور التي تعين المرأة على ذلك أن نستحضر ما يلي: أولا: وقاية النفس والأهل نار جهنم، والسلامة من عذاب الحريق، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6).
ثانيا: عظم المسؤولية الملقاة على راعي البيت أمام الله يوم الحساب، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله -تعالى- سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته».
ثالثا: البيت مكان لحفظ النفس، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة: قال - صلى الله عليه وسلم -: «طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «سلامة الرجل من الفتنة أن يلزم بيته».
رابعًا: الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم؛ فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لَبِناتُه، والبيوت أحياء، والأحياء مجتمع، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعا قويا بأحكام الله، صامدًا في وجه أعداء الله، يشع الخير ولا ينفذ إليه شر، فيخرج من البيت المسلم إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه، من الداعية القدوة، وطالب العلم، والزوجة الصالحة، والأم المربية، وبقية المصلحين .

احرصي على عدم إظهار الخلافات الزوجية أمام الأبناء
يندر أن يعيش أهل بيت دون نوع من الخصومات، ولكن مما يزعزع تماسك البيت، ويضر بسلامة البناء الداخلي هو ظهور الصراعات أمام أهل البيت، فينقسمون إلى معسكرين أو أكثر، ويتشتت الشمل، فضلا عن الأضرار النفسية على الأولاد وعلى الصغار بالذات، فتأملي حال بيت يقول الأب فيه للولد: لا تكلم أمك، وتقول الأم له: لا تكلم أباك، والولد في دوامة وتمزق نفسي، والجميع يعيشون في نكد، فلنحرص على عدم وقوع الخلافات بدايةً قدر المستطاع، وإن وقعت فلنحاول إخفاءها والسعي لحلها بهدوء بعيدًا عن الأبناء.
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/09/109.jpg
أخطاء تقع فيها المرأة المسلمة
من الأخطاء التي تقع فيها الزوجة العناد ومحاولة فرض الرأي، فعلى المرأة أن تعلم أن هذا الأمر ليس دليلاً على قوة شخصيتها؛ فقوة شخصية المرأة تكمن في احتوائها لزوجها، ورقَّتِها، ومدى تأثيرها، فالصوتُ العالي، والتجهُّم، وأخذُ المواقف العنيفة، أو الخصام، كلُّ تلك الأشياء المجرَّبة لن تفيد؛ وإنما الذي يفيد هو احتكام العقل، واستدعاءُ مشاعر التسامح والودِّ، التي أثبتتْ مدى فاعليتها في حل كثير من المشكلات.
خطوات تقرب بينك وبين والدة زوجك
الزَّوجة الحكيمةُ صاحبةُ العقل والفِطنةُ تبدأُ ببابِ حماتها؛ لتطرقَ عليه قبلَ بابِ زوجها؛ لأنَّ الوصول إلى قلبِ زوجها يبدأ مِن بوَّابة أُمِّه؛ فعليها أن تكون عونًا له على برها، ولتعلم أنها كما تدين تدان، ومن الأمور التي تعين المرأة على بناء علاقة جيدة مع والدة الزوج ما يلي: (1) مَحْو الصورة السلبيَّة عن الحماة التي بناها الإعلام في عقولنا، بأنَّ والدة الزوج امرأة متسلِّطة ويجب ألا تحبيها، بل ابدئي بالحبِّ والصداقة ولا تلتفتي لأقوال الصَّديقات، وحكاياتِ الجارات، ، وستبهرك النتائج. (2) ذكِّري زوجَكِ دائمًا ببرِّ أمِّه والإحسان إليها وصلتها وقضاء حوائجها. (3) خُصِّيها ببعض الأسرار، حتَّى ولو لم تكن مهمَّة بالنسبة لكِ، ولكن لتشعريها بمدى أهمِّيَّتِها في حياتك، وعِظَمِ مكانتها. (4) لا تنسيها مِن أطباقك الشَّهيَّة، ومأكولاتك المميَّزة، واطلبي من أبنائك الاهتمامَ بها، والسؤالَ عنها. (5) إذا حَدَث منها بعضُ التدخُّل أو المشكلات، فتجاوزيها بذكاءٍ، متذكرةً أنَّها في مقام أمِّك، واسألي نفسك، ماذا لو كانت أُمُّك مكانَها، كيف كنتِ ستعاملينها؟ (6) الزَّوجة العاقلة لا تَدخُل مع حماتها في صِراعٍ على قلْب الزوج، فهو بالتأكيد يحمل قلبًا يسعكمَا معًا. (7) تذكَّري ابنك حينَ يَكْبَر، وتُصبح له زوجةٌ، كيف ستُعاملك؟ هل كما عاملتِ حماتك؟! (8) تذكَّري كم هي تحبُّ زوجَك وأبناءَك، وتخشى على مصلحتكم، وتدعو لكم! فاغفري لها أيَّ شيءٍ، وتجاوزي عن أيِّ فِعْل. (9) إن أردتِ أن يدومَ احترامُ زوجك لأمِّك وعائلتك، فاحترمي كذلك أمَّه وعائلتَه. (10) مِن باب الفضل والرَّحمة، عليك مساعدتها في أمورها الشخصية إن كانتْ طاعنةً في السِّنِّ؛ فهي كأُمِّك. وأخيرًا: اطلبي منها دائمًا الدُّعاء لكِ ولزوجك وأبنائِك؛ فالأم دعاؤُها مستجابٌ.
كيف أكون صديقة لابنتي؟
الأم الناجحة هي أهم صديقة لبناتها، وهذه المسألة تعد من أهم أسس التربية وحماية بناتنا من أي مشكلات سلوكية وأخلاقية؛ لما فيها من جرعات العطف والأمن والاهتمام والتقدير، ومما يعمق الصلة بين المرأة وبنتها ما يلي: اللجوء إلى الله بالدعاء فهو -سبحانه- من يؤلف القلوب.
الاشتراك مع البنت في بعض الطاعات كالصلاة وتلاوة القرآن وطلب العلم.
الحوار والمشاورة في أمور الفتاة الخاصة بها ثم في أمور المنزل.
الافتخار بالبنت والثناء عليها ولا سيما في حضور من تحب.
الحرص على التواصل الجسدي واللمسات الحانية.
حسن الإنصات والتواصل والتفاعل.
زيادة الاهتمام بها في أمورها الشخصية والحياتية.
منحها مساحة من الثقة المشوبة بالحذر.
احترام آرائها واختياراتها ولا سيما إن لم تكن فيها مخالفة شرعية.
عدم تفضيل غيرها عليها.
اصطحابها إلى مواطن العلم والخير.
مناداتها بأحسن الأسماء والكنى.
تقدير المرحلة العمرية التي تمر بها.

ابو وليد البحيرى
2024-09-27, 06:35 PM
المرأة والأسرة – 1231

الفرقان






مِن أجلِّ الأعمال وأفضلها
مِن أجلِّ الأعمال وأفضلها، وأكثرها ثوابًا وأجرًا -التي يمكن للمرأة أن تفعلها- هي الدعوة إلى الله -تعالى- وإرشاد غيرها من المسلمات إلى طريق الهداية والرشاد، كما دلَّتْ على ذلك نصوصُ الكتاب والسنَّة الصحيحة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن دعا إلى هُدًى كان له مِن الأجْر مثلُ أجور مَن تبِعه لا ينقُص ذلك مِن أجورهم شيئًا»، وكقوله - صلى الله عليه وسلم : «مَن دلَّ على خيرٍ فله مِثل أجْر فاعله».
دور المرأة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حثَّ المولى - تبارك وتعالى- نِساء النبي - صلى الله عليه وسلم - على الحِسْبة، وأرشدهنَّ إلى آداب ذلك، فقال -تعالى-: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32). قال ابن عبَّاس -رضي الله عنهما - في قوله -تعالى-: {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا} «أمْرهنَّ بالأمر بالمعروف، ونَهْيهنَّ عن المنكر»، وقد بيَّن العلماءُ أنَّ الحسبة واجبةٌ على النِّساء كوجوبها على الرِّجال، مع مراعاة الآداب الشرعيَّة المنوطة بها، قال الإمام ابنُ النحَّاس الدمشقي -رحمه الله تعالى-: «إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبٌ على النساء كوجوبِه على الرِّجال؛ حيثُ وُجِدت الاستطاعة، وقال الشيخ ابن باز - رحمه الله - في ردِّه على سؤال: عن المرأة والدعوة إلى الله، ماذا تقولون؟ فأجاب -رحمه الله تعالى- بقوله: «هي كالرَّجُل، عليها الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنَّ النصوص مِن القرآن الكريم والسنَّة المطهَّرة تدلُّ على ذلك»، ولتعلم المرأة أنها نِصف المجتمع، فإذا قامتْ بدورها اكتملَ المجتمع، وإذا لم تقمْ بدورها تعطَّل نصف المجتمع، وعليها مسؤولية كما على أخيها الرجل، فعن عبدِالله بن عمر - رضي الله عنهما - أنَّه سمِع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيته» إلى أنْ قال: «والمرأةُ في بيت زوجها راعية، وهي مسؤولةٌ عن رعيتها».
نماذج في الدعوة والاحتساب
أسهمتْ المرأة المسلمة إسهامًا عظيمًا في جانب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد سطرتْ لنا كُتب السنَّة الصحيحة، نماذجَ احتسابيَّةً فريدةً مِن حياة المرأة المسلمة قديمًا وحديثًا، ومن هذه النماذج الفريدة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومن مواقفها احتسابها على امرأةٍ لبست بردًا فيه تصليب، فعن أمِّ عبدالرحمن بن أُذينة قالت: «كنَّا نطوف بالبيت مع أمِّ المؤمنين -رضي الله عنها- فرأتْ على امرأة بردًا فيه تصليب، فقالت أم ‏المؤمنين -رضي الله عنها-: «اطْرَحِيه، اطرحيه، فإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى ‏نحوَ هذا قَضَبَه، أي: قطعه، وعن علقمةَ بن أبي علقمةَ عن أمِّه، قالت: «رأيتُ حفصةَ بنت عبدالرحمن بن أبي بكر -رضي عنهما- وعليها خمارٌ رقيق يشفُّ عن جيبها‏، فشقَّتْه عائشة -رضي الله عنها- وقالت: «أمَا تعلمين ما أَنْزل الله في سورة النور، ثم دعتْ بخمار فكستْها، ومن ذلك أنَّ دخلتْ مولاتها عليها، وقالتْ لها: «يا أمَّ المؤمنين طُفتُ بالبيت سبعًا واستلمتُ الرُّكن مرَّتين أو ثلاثًا!»، فقالت لها عائشة -رضي الله عنها-: «لا آجَرَك الله، لا آجَرك الله، تدافعين الرِّجال، ألاَ كبَّرْتِ ومررتِ؟!»
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/09/110.jpg
الحسبة مِن أهم صفات المؤمنين والمؤمنات
قال الله -تعالى-: وَالْمُؤْمِنُون َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 71)، فهذه الآية تدلُّ على أنَّ الحسبة واجبةٌ على الرِّجال والنساء، كل حسب قُدرته وعِلمه، وتدلُّ أيضًا على أنَّ الحسبة مِن أهم صفات المؤمنين والمؤمنات، وتدلُّ على أنَّ مَن اتصف بهذه الصفات كلها، فإنَّه أهلٌ لنيل رحمة الله، سواء كان ذلك رجلاً أو امرأة.
من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء
إطلاق البصر فيما نهي الله عنه
قال تعالي: {قُل لِّلْمُؤْمِنِين َ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (النور:٣٠-٣١)، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: «فأمر الله -عزوجل- في هاتين الآيتين المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار وحفظ الفروج، ولأن إطلاق البصر من وسائل مرض القلب ووقوع الفاحشة وغض البصر من أسباب السلامة من ذلك»، وانظري أيتها الأخت الكريمة كيف أن الله ختم الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، وذلك ليعلم كل إنسان أن الله خبير بما يصنعه الناس، وأنه لا تخفى عليه خافية، وفى ذلك تحذير للمؤمنين والمؤمنات من ركوب ما حرم الله عليهم والإعراض عما شرعه لهم، وتذكير لهم بأن الله -سبحانه- يراهم ويعلم أفعالهم وأحوالهم، كما قال -تعالى-: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر١٩).
الصحابية أم الدرداء -رضي الله عنها
هي هجيمة بنت حيَي الأوصابية، زوجة أبي الدرداء الصحابي المعروف العالم الورع، نشأت على حب العلم، وواصلت المسير، حتى كانت فقيهة يأخذ عنها العلماء، عرضت القرآن مرات على أبي الدرداء، وأخذت عن الصحابة - رضوان الله عليهم -، وأخذ عنها كثيرون، كانت عابدة مهيبة فإذا أتاها الناس ذكروا الله -تعالى-، وتتجمع النساء إليها يأخذن عنها، ويتعبدن معها، وبعد وفاة زوجها - رضي الله عنه - استمرت تعلم وتقرئ وتعود النساء على العبادة حتى زمن عبد الملك بن مروان، فكان كثيرًا ما يجلس إليها في مؤخر المسجد بدمشق.
مسلمةٌ وأفتخر!
حُقَّ للمرأةِ المسلمةِ أن ترتفعَ وتسموَ بهذا الشُّعور-شعور أنها على دين الإسلام- حُقَّ لها أن تفتَخِرَ بدينٍ أعلى من قدرها فهي بالإسلامِ جوهرةٌ غاليةٌ مصونةٌ، محفوظةٌ بحجابها من كلِّ أذى وسوء، دينٍ أعلى من قدرها منذُ أن كانت ابنةً في كنفِ والديهاَ، يسقيانها حنانًا وعاطفةً ويرفقانِ بها في كُلِّ أمرٍ، وقد أوجبَ عليهما تعليمها وتثقيفها بما ينفعها في الدُّنيا والآخرةِ، وجعلَ لوالدها ثواباً عظيماً لقاءَ تربيتها تربيةً صالحةً، حق لها أن تفتخر بدينٍ اختصها بحقِّ الميراثِ، من دونِ أن يجبرها على الإنفاقِ منه على نفسها أو على أحدٍ آخر، بل أبقى رعايتي حقّاً لها على مَنْ يعولُها من محارمها، وتركَ لها حرِّيَّةَ التصرُّفِ بمالها كاملةً غير منقوصةٍ، وكرَّمها بأن جعلَ في القرآنِ سورةً سمَّاها سورةَ النِّساءِ، يتلوها المسلمونَ في مشارقِ الأرضِ ومغاربها، حُقَّ لها أن تفتخرَ بدينها وتعتزَّ بانتمائها إليهِ وعبوديَّتها للهِ -تعالى-، فلا تلتفتُ لمن يريدُ أن يسلبها ما هي عليه من النَّعيمِ، حُقَّ لها أن تمضيَ غير عابئةٍ بشعاراتٍ طنانة رنَّانةٍ فارغةٍ من كُلِّ معنًى سامٍ وهدفٍ نبيلٍ، مولِّيَّةً وجهها شطرَ ربِّها -سبحانه- تريدُ رضاهُ وتخافُ سخطهُ، وترجوهُ وحدَهُ ملاذاً ومعيناً وحافظاً.

ابو وليد البحيرى
2024-10-06, 04:54 AM
المرأة والأسرة – 1232

الفرقان







معلمات الأجيال المسلمة
الواجب أن تكون معلمات الأجيال المسلمة نخبة صالحة، تحمل همّ الإسلام، وتسير بخطوات إيجابية في تعليم الأجيال المسلمة وتثقيفها، وتزويد بناتنا بأساليب التربية التي تفيدهن مستقبلاً، وتنقذهن من الوقوع في براثن الانحراف الفكري والعقدي والإلحاد.
الاهتمام بالبنات وأثره في صلاح المجتمع
قالوا في الأثر: تعليم رجل هو تعليم لشخص واحد، بينما تعليم امرأة واحدة يعني تعليم أسرة بكاملها؛ لذلك فإننا بتعليم بناتنا وتنشئتهن النشأة الصالحة نُزيل الهوة الكبيرة التي تفصل أمتنا عن التقدم في كثير من ديار المسلمين. بل إن ديننا الإسلامي بلغ فيه حب العلم والترغيب في طلبه، أن دعا إلى تعليم الإماء من نساء الأمة؛ كي تزول غشاوة الجهل، وتسود المعرفة الواعية، وقبل ذلك ليُعبد الله على بصيرة، وتستقيم الأجيال على أمر الله، قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان له ثلاثُ بناتٍ يُؤدِّبُهنَّ ويرحَمُهنَّ ويكفُلُهنَّ وجَبَت له الجنَّةُ ألبتةَ، قيل يا رسولَ اللهِ: فإن كانتا اثنتينِ؟، قال: وإن كانتا اثنتين، قال: فرأى بعضُ القوم أن لو قال: واحدةً، لقال: واحدة»، ومما يؤسف عليه أن العلمانيين والملاحدة قد سبقوا أصحاب العقيدة السليمة إلى تعليم المرأة، فعاثت نساؤهم في العالم الإسلامي تخريبًا وإفسادًا؛ نتيجة لما يربين عليه الأجيال من مبادئ ضالة ومضلة، وكان للجمعيات النسائية الدور الكبير في صرف بناتنا عن طريق الهدى والرشاد، فلابد من بديل إسلامي لنحصن بناتنا بالتربية الرشيدة، حتى لا يكون موقفنا مجرد النقد واللوم، وذلك بالتعليم النافع، وأساليب الدعوة الجادة بين بنات جنسهن، فلابد من إعداد المرأة إعدادًا مناسبًا لرسالتها بوصفها أنثى، إضافة إلى العلوم الشرعية الواجب عليها تعلمها.
من الأخطاء التي تقع فيها النساء .. مصافحة الرجال الأجانب
كانت السُّنَّة النبوية عندما بايع الرجال النبي صلى الله عليه وسلم يصافحهم ويصافحونه، فلما جاءت النساء ليُبايِعن النبي صلى الله عليه وسلم ظننّ أن نفس الأمر سيكون في حقهن، فقلن: «يا رسول الله، ألا تصافحنا؟!»، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في: «إني لا أصافح النساء، إنما قَوْلِي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة»، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «وما مَست يدُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يدَ امرأة لا يملكها»، فإذا لم يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه، فغيره أولى بذلك؛ لأن مصافحة المرأة للرجل أو العكس من أسباب الفتنة؛ لذلك عمدت الشريعة إلى سد الذرائع المفضية للوقوع في الحرام.
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/09/46.jpg

من صفات المعلمة والمربية المسلمة
من أهم صفات المعلمة المسلمة الإخلاص لله -عزوجل- بأن تقصد بتعليمها وجه الله، وتحتسب الثواب منه وحده، وتتطلع إلى الأجر الجزيل الذي ذكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: من دل على خير فله مثل أجر فاعله، وأن تربي بنات المسلمين على أدب الإسلام، فيتعلمن العلم ويتعلمن الأدب في آن واحد، والمعلمة المسلمة تنضبط بتعاليم الشرع، ولا تستهين بمخالفته مهما كانت المخالفة بسيطة، والمعلمة المسلمة تتكامل شخصيتها بين الاهتمام بالجوهر ونقاء السريرة، وحسن المظهر، فالمظهر الحسن يؤثر في النفس أيما تأثير.
تأثير المرأة الداعية في النساء
المرأة الداعية تكون أقدر من الرجل على البيان والتبليغ خصوصًا في الوسط النسائي لتجانس الظروف والأحوال، ولأسباب أخرى منها ما يلي: أن مجال تأثر المرأة بأختها سواءً في القول والعمل والقدرة والسلوك أكثر مما تتأثر المرأة بالرجل.
أن المرأة بحكم معايشتها للمجتمع النسائي تستطيع أن تطرق المجالات التي تحتاجها المرأة.
تستطيع المرأة الداعية أن تميز بين الأولويات في قضايا الدعوة الأهم فالمهم.
تستطيع المرأة الداعية أن تميز وتلاحظ الأخطاء مما يدفعها للتنبيه وتصحيح الأخطاء.
- تستطيع المرأة القيام بالدعوة الفردية مع النساء مما لا يمكن للرجل القيام به.
أسماء بنت يزيد وافدة النساء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم
أسماء بنت يزيد خطيبة النساء من المحدثات الفاضلات، ومن ذوات العقل والدين؛ فقد جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت: أنا وافدة النساء إليك، وتقدمت إليه بشكواها، فأجابها - صلى الله عليه وسلم وقال: «أعلمي من خلفك من النساء»، وقد روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 81 حديثًا، كما روى عنها العديد من الصحابة والتابعين، وروى عنها الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه.
أمور تساهل فيها النساء
مما تساهل فيه بعض النساء التطيب عند الخروج من المنزل وهذا مما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «أيما امرأةٍ استعطرت فمرت على قومٍ ليجدوا ريحَها فهي زانيةٌ وكلُّ عينٍ زانيةٌ»؛ لأن ذلك يفتن الرجال بها ويدعوهم للنظر إلى محاسنها وقد حرص الشارع الحكيم على قطع كل وسيلة تدعو إلى الافتتان بالمرأة الأجنبية والنظر إليها.
صفات واجبة للمرأة الداعية
الصفة الأولى: العلم بما تدعو إليه، فلا يمكن أن تدعو إلى شيء وهي لا تعلمه، هل هو من الشرع أو لا؟ هل هو من العبادات أم من العادات؟ هل هو من الأمور الدينية أم من التقاليد الاجتماعية الموروثة؟
الصفة الثانية: القدوة الحسنة، قال الله -تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام-: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود: 88).
الصفة الثالثة: حسن الخلق والتواضع ولين الجانب، ولعل غرس المحبة في نفوس المدعوات هو أول سبب لقبول الدعوة في حالات كثيرة.
الصفة الرابعة: الاهتمام بالمظهر الخارجي الذي يجب أن تتحلى به الداعية، فالمظهر هو البوابة الرئيسية التي لابد من عبورها إلى قلوب الأخريات.
الصفة الخامسة: الاعتدال في كل شيء حتى في المشاعر بين الإفراط والتفريط.

ابو وليد البحيرى
2024-10-06, 04:55 AM
المرأة والأسرة – 1233

الفرقان








التربية على التوحيد مسؤولية عظيمة

إنّ تربية الأبناء على عقيدة التوحيد مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الأسرة، وهي استثمار في مستقبل الأمة؛ لأنّ بتربية أجيال مؤمنة ومتمسكة بدينها، نضمن مستقبلاً زاهراً لأمتنا.

توجيهات قرآنية للمرأة المسلمة
مِن جملة التوجيهات التي أحاط الله -جل وعلا- بها بيت نبيِّه الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - بمزيد الرعاية والعناية: ما حفلت به سورة الأحزاب؛ حيث قول ربنا -سبحانه وتعالى-: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32). فهذه آدابٌ أمَر اللهُ -تعالى- بها نساء نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك، وقوله -تعالى- {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}؛ لأن التقوى هي المنطلق، أول تلك الوصايا بعد التقوى ألا يخضعن بالقول {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}، بمعنى ألا يعمَدْن إلى ترقيق كلامهن إذا خاطبن الرجال حتى لا يطمع فيهن مَن في قلبه ريبة ودَغَلٌ، بل يكون كلامهن جزلًا، وقولًا فصلًا، بلا ترخيم، ولا تَغَنُّج؛ إذ لا يحل للمرأة أن تخاطب الرجال الأجانب كما تخاطب زوجها، وذلك قوله -جل وعلا-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32).
صحابيات في غزوة أحد ... صفية بنت عبدالمطلب رضي الله عنها
عن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - قال: «لما كان يوم أحُدٍ أقبلت امرأة تسعى، حتى إذا كادت أن تُشْرِفَ على القتلى، فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تراهم، فقال: المرأة، المرأة، فتوسمْتُ (تبيّن لي بالفراسة والنظر) أنها أمي صفية، فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى، فلَدَمَتْ (دفعتني) في صدري، وكانت امرأة جلْدَةً (صلبة وقويّة النفس)، قالت: إليك لا أرض لك، فقلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عزَمَ عليك (يأمرك ألا تذهبي)، فوَقَفَت وأخرجت ثوبين معها فقالت: هذان ثوبان جئتُ بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله فكفّنوه فيهما، فجئنا بالثوبين لنكفّن فيهما حمزة، فإذا إلى جنبه رجلٌ من الأنصار قتيل قد فُعِلَ به كما فُعِلَ بحمزة، فوجدنا غضاضة (عيبًا) وحياءً أن نكفّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له، فقلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب، فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقْرَعْنَا بينهما فكفّنّا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له». رواه أحمد وصححه الألباني.
معالم تربية الأولاد على عقيدة التوحيد
من المهام الأساسية للمرأة المسلمة مع أولادها تربيتهم على عقيدة التوحيد منذ الصغر، فهي بذلك تُرسّخ في نفوسهم الإيمان القوي بالله وتحميهم من الضلال والانحراف والوقوع في الشرك بالله، وفي الوقت نفسه تُنتج شخصياتٍ متوازنة وقوية ومستقلة، وتتلخص معالم تربية الأولاد على عقيدة التوحيد في النقاط التالية: تصحيح النية
فالنية الصالحة بداية كل خير وسبب كل رشد، بعد توفيق الله-سبحانه وتعالى-، وطلب الذرية الصالحة التي توحد الله -تعالى- مطلب يتوخاه المسلمون بالإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله -تعالى- كما في دعوة عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74). الاجتهاد في الدعاء
وذلك بأن يهدي الله الولد إلى صراطه المستقيم وهديه القويم، فيوحد الله ولا يشرك به شيئا، وهذا منهج النبيين، فهذا إبراهيم الخليل- عليه الصلاة والسلام- قال الله -تعالى- عنه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} (إبراهيم: 35). تلقين الولد مبادئ التوحيد
لابد من تعليم الأبناء وتدريبهم على نطق الشهادتين، وإفهامهم معناهما بحسب مداركهم العقلية وقدراتهم الفكرية، ويبصرون بالأصول الثلاثة وهي معرفة العبد ربه ودينه ونبيه- -صلى الله عليه وسلم - في الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب الملائم إلى عقله ونفسه. القدوة الحسنة
الأب والأم هما القدوة الأولى للأبناء؛ لذلك يجب عليهما أن يكونا قدوة حسنة في تطبيق أحكام الدين والالتزام بتعاليمه وتوحيد الخالق -سبحانه. القصص القرآني
القصص القرآني وقصص الأنبياء والصحابة وسيلة فعالة لترسيخ العقيدة في نفوس الأطفال، فهي تحفز الإيمان في قلوبهم وتقربهم من الدين. الصلاة في جماعة
تعويد الأطفال على الصلاة في جماعة مع الأهل يعزز لديهم الشعور بالانتماء إلى مجتمع المؤمنين.
أهمية تعليم الأطفال الطهارة منذ الصغر
تُعدّ الطهارة ركنًا أساسيًّا في الإسلام، وتربية الأطفال عليها مُنذ الصغر تزرع فيهم قِيَم النظافة، وتقربهم إلى الله -سبحانه تعالى-، الذي حثّ المسلم على نظافته ونظافة كل ما حوله حتى شاع بين المسلمين جميعًا جملة (النظافة من الإيمان)، والأطفال يتعلمون النّظافة من خلال تدريبهم على الوضوء الذي هو عادة يومية عائلية، وقراءة القصص التي تتحدث عن النظافة واستعمال المياه في تطهير الجسم وتنظيفه، واستخدام الألوان والصور الملونة والرسوم التوضيحية لشرح أجزاء الجسم التي يجب غسلها، هذا بخلاف النظافة العامة وإزالة الأوساخ من الجسم.
قواعد في تربية البنات
من القواعد الشرعية في تربية البنات أمرهن بالحجاب، وتدريبهن عليه، وهكذا سائر الأوامر الشرعية والمناهي والتكاليف، وفي البناء الاجتماعي ينبغي أن تلقن الطفلة قواعد السلوك الاجتماعي، بتأديبها على الآداب الشرعية في المأكل والمشرب والملبس والتخاطب والزينة وما إلى ذلك، وفي البناء الأخلاقي يجب تربية الفتاة منذ نعومة أظافرها على الصدق والعفة والمروءة والستر، وتُخَلَّق البنات بخلق الحياء، فهو حارس أمين من الوقوع في الرذائل: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} (القصص: 25)، وحُسن اختيار الصديقة مسألة لا مساومة فيها، فالصداقة لها تأثير بالغ في حياة الفتاة، فصديقات السوء كالشرر الملتهب، إذا وقع على شيء أحرقه، و»المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم مَن يخالل»، ومما يُعين على تربية الفتاة التركيز على حب الله -تعالى- وحبِّ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، مع تنشئتها منذ الصغر على الدين والفضيلة، وتغذية ذلك بقصص أمهات المؤمنين وسير الصحابيات الماجدات، وفضليات نساء المسلمين.

ابو وليد البحيرى
2024-10-06, 04:56 AM
المرأة والأسرة – 1234

الفرقان









العلم أغلى ما يطلب

إن العلم أغلى ما يُطلب في هذه الحياة؛ فلا سبيل إلى معرفة الله، ولا سبيل إلى الوصول إلى رضوان الله في الدنيا والآخرة إلا بالعلم الشرعي، ولم يأمر الله نبيه بطلب الزيادة من شيء إلا من العلم، كما قال -تعالى آمراً نبيه المصطفى [-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه: 114).
الأدب قبل العلم
مع اقتراب عام دراسي جديد، تقع مسؤولية كبيرة على أولياء الأمور وعلى الأم على وجه الخصوص في غرس القيم الأصيلة في نفوس الأبناء، ومن أهم تلك القيم التي كان سلفنا الصالح يحرصون كل الحرص على تعليم أبنائهم إياها، أنَّ الأدب مقدمٌ على العلم، فهذه أم الإمام مالك -رحمهما الله- لما كان صغيرًا ألبسته أحسن الثياب، ثم قالت له: «يا بُنَيَّ، اذهب إلى مجالس ربيعة واجلس في مجلسه، وخذ من أدبه قبل أن تأخذ من علمه». إن وصايا الآباء لأبنائهم بتعلم الأدب قبل العلم أنشأت أجيالاً تربو على الأدب الرفيع مع المعلمين، حتى أنَّ الإمام الشافعي -رحمه الله- وهو تلميذ للإمام مالك قال: «كنت أقلب الورقة بين يدي مالك -رحمه الله- بطريقة هادئة هيبة له لئلا يسمع وقعها»، وهذا الربيع بن سليمان -رحمه الله- وهو من تلاميذ الشافعي يقول: «والله، ما تجرأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلى هيبة له»، فأين الآباء في دنيا اليوم من هذه الوصايا؟ أين الآباء الذي يحرصون على تعلُّم أبنائهم الأدب والأخلاق الحميدة؟
الوعيُ بأهمية التعليم
تقع مسؤولية كبيرة على أولياء الأمور في بناء الوعي لدى الأبناء بأهمية التعليم وأهمية الرسالة التي يحملها الطالبُ، فيدرك أهمية كونه طالبًا مسلمًا، فيتأدب بأدب الإسلام، وننمي فيه جملة من القيم والأخلاق والمثل التي تزين سلوكه في مواطن التعامل مع الآخرين على اختلاف مراتبهم، فالأسرة عليها إرشادُ الطالب إلى حقوق المعلمين، وحقوق الزملاء، وحقوق الموظفين بداية من عامل النظافة إلى مدير المدرسة، وبيان أن هذا مما أوجبه الله -تعالى- علينا، وأن رفعة المرء لا تكون إلا بأداء الحقوق التي افترضها الله -تعالى- علينا تجاه الآخرين، فيأمرونه بحفظ اللسان، وحفظ البصر، والصبر على الأذى، فلا ينطق إلا بما ينم عن أدب واحترام لمعلميه ولزملائه وللعاملين الذين يسخرون جهدهم له ولغيره من الطلبة، فلابد أن تكون أخلاقه صادرة عن هدي القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا تغفل الأسرة عن حث أبنائها على بناء جسور الألفة والمودة بينهم وبين معلميهم، وبينهم وبين زملائهم وكل الذين يساعدون في تهيئة المناخ التعليمي المناسب لهم.
رسالة للآباء والأمهات
كونوا مع أبنائكم، ساعدوهم بالتوجيه ولا تفسدوهم بالترف، ووفروا لهم الجو الدراسي الملائم، وتتبعوهم بزيارة مدارسهم من أجل الوقوف على أحوال سيرهم فيها، إن أبناءكم أمانة لديكم، مروهم بالصلاة، وعلموهم الاهتمام بالواجبات وتنظيم الأوقات، اهتموا بشؤونهم وأسئلتهم، نموا مواهبهم واكتشفوا ميولهم وتمموا مداركهم، واغرسوا في قلوبهم تقوى الله -تعالى- ومحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعودوهم العمل الصالح، وحببوا لهم العلم النافع والأخلاق الحسنة.
التقدير الذاتي للأبناء
وعلى الأب والأم العملُ على رفْع معنويَّات أبنائهم وبناتهم، ويُشعِرونهم بتقديرهم لهم، يَمدَحونهم ويثنون على مَواطِن الخير فيهم، ولا سيَّما عند غيرِهم وبحُضورِهم، وليس الأمر مُتعلِّقًا بالأب فقط، بل على أفراد المجتمع أنْ يُشعِروا أبناءَ المسلمين بقَدرِهم، يُقدِّرونهم ويحترمونهم، يَتعامَلون معهم كما يَتعامَلون مع الكبار، فهذا له دورٌ في شُعورِهم بقدرهم، فيترفَّعون عن بعض ما لا يرضَى من الأقوال والأفعال، عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: كان غلامٌ يهوديٌّ يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمَرِض، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُه، فقعَد عند رأسِه فقال له: (أسلِمْ)، فنظَر إلى أبيه وهو عندَه فقال له: أطِعْ أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - فأسلم، فخرَج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقَذَه من النار».
بصمات نسائية في مسيرة الحضارة الإسلامية
كان للمرأة المسلمة حضورٌ في المجتمع الإسلامي منذ اللحظة الأولى لظهور الإسلام، فكانت تتعلَّم وتُعلِّم، وترحل لطلب العلم، ويقصدها الطلاب لأخذ العلم عنها، وتصنِّف الكتب، وتفتي، وتُستشار في الأمور العامَّة، فالسيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- هي أوَّل من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - على الإطلاق، وكانت ملاذًا وحصنًا منيعًا للدعوة الإسلامية حتى وفاتها في العام العاشر من البعثة، وهو العام الذي سمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحزن، كذلك كانت المرأة أوَّل من ضحَّت بنفسها في سبيل الله؛ فالسيدة سمية بنت خياط -رضي الله عنها- هي أول شهيدة في الإسلام، كما كانت المرأة أول من هاجر في سبيل الله؛ فالسيدة رقية بنت النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، هي أول من هاجرت إلى الله -تعالى- مع زوجها عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إلى الحبشة.
الطالبة الجامعية والأهداف السامية
من أهم الأهداف التي يجب على الطالبة الجامعية أن تحققها من خلال وجودها في الجامعة؛ أن تكون فتاة جامعية إسلامية الثقافة والملامح والعقيدة، وأن تعمل جاهدة على تحقيق المجتمع الإسلامي الأمثل، وأن تتحمل مسؤوليتها كاملة في الحفاظ على مجتمعنا ليبقى مسلمًا مؤمنًا متمسكًا بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فالإسلام يريد من الفتاة المسلمة أن تكون ركيزة لبناء هذه الأمة وسببا لهدايتها ونهضتها، وأن تكون سببا لسعادته وقوته، ويريدها أن تكون مربية للأجيال وبانية لشخصية أبناء هذه الأمة لتعيد لها مجدها وعزتها.
رسالة للمعلمات
اعلمي أيتها الأخت الفاضلة التي وفقها الله لهذه المهنة، أنَّ وظيفة التعليم من أشرف الوظائف على الإطلاق؛ لأنَّها مُهمَّة الأنبياء التي بُعثوا من أجْلها؛ قال الله -تعالى-: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (آل عمران: 164)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ العلماء وَرَثَةُ الأنبياء، وإنَّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذه، أخَذَ بحظٍّ وافر»؛ ولذلك كان نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - مُعَلِّمنا، وموجِّهنا؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّما أنا لكم بمنزلة الوالد، أعَلِّمكم)، ويشير أحدُ علماء التربية إلى أنّ مِهنة التدريس هي «المهنة الأم»، ويقول آخرُ: «المدرِّس قائد يمثِّل كلاًّ من الأب والأمِّ»، فإذا كان أمرُك هكذا أيتها المعلمة، فاحرِصْي على أن تأخُذي بمجامع صفات المربِّية المسلمة، التي بوَّأها الله هذه المسؤوليَّة العظيمة». أَرَأَيْتَ أَعْظَمَ أَوْ أَجَلَّ مِنَ الَّذِي يَبْنِي وَيُنْشِئُ أَنْفُسًا وَعُقُولاَ

ابو وليد البحيرى
2024-10-10, 10:20 PM
المرأة والأسرة – 1235

الفرقان







مسؤولية المرأة المسلمة
إنَّ مسؤولية المرأة المسلمة في المجتمع هي بِناءُ الحياة السعيدة في ذاتها، المُسعِدة لكلِّ فرد في المجتمع، ابِتداءً من الزوجة ربة المنزل، ومرورًا بالأبناء، وانتهاءً بالواجب المَنُوط بها، وتحقيقًا لواجب الاستِخْلاف في الأرض، وإقامة شرع الله -عز وجل- ونصرة دينه.
المرأة المسلمة والاستجابة لأمر الله
إن أهم المعينات على ثبات المرأة المسلمة على طريق الخير والحق، دوام الصلة بينها وبين الله -تعالى-، وإظهار عبوديتها الحقة له -سبحانه-، ومن الصور المهمة التي تجسد لنا هذه العبودية سرعة استجابة المرأة لأوامر ربها -عزوجل- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما فعلته نساء الأنصار عندما نزلت آية الحجاب، في الوقت الذي نرى فيه اليوم كثيرا من النساء في غفلة عن ذلك، فالأم لا تريد لابنتها الحجاب حتى تتزوج، وأخرى تعتقد أن الحجاب سيدفنها ويقضي عليها، وسيحرمها من التمتع بالحياة، وثالثة تظن أن الحجاب له قيوده وضوابطه ومتطلباته، وهي لا تزال صغيرة لا تريد مثل هذه القيود والضوابط، بل تريد أن تمرح وتسرح وتجري هنا وهناك، تتمتع بحياتها قبل أن تكبر، أو قبل أن تتزوج، هذا بزعمها وإنا لله وإنا إليه راجعون، فلتتأمل كل امرأة ترجو الله والدار الآخرة موقف نساء المهاجرين والأنصار، ولتتخذهن قدوة صالحة لها، عسى أن تسير في طريق الهداية وتثبت عليه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «يرحم الله نساء المهاجرين الأول، لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور:31)، شققن مروطهن فاختمرن بها»، وفي رواية: «أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها».
من أهم واجبات المرأة في بيتها
- من أهم واجبات المرأة في بيتها تربية الأبناء والبنات، تربية إسلامية صحيحة، حتى يشبُّوا أفرادًا صالحين، وإلا كانوا وبالاً على مجتمعهم، وسببًا من أسباب فساده وانهياره؛ فالمرأة الصالحة تربي أولادها على العقيدة الصحية ، وتعلمهم القرآن، وتربيهم على هدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إن أحد العلماء يقول: تعلمت نصف علمي من أمي، كانت تقرأ علينا كلَّ يوم من القرآن والحديث. - والمرأة الصالحة تعتني ببيتها وتحافظ على نظافته، وتهيّئ أكبر قدر من الراحة لزوجها وأولادها، قال -عليه الصلاة والسلام-: «والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بَعْلِها وولدِه وهي مسؤولةٌ عنهم»، فهي تحافظ على أمواله وأولاده وعلى نفسها، سواءٌ في حضوره أم غيابه. - والمرأة المسلمة لا تحمِّل زوجها ما لا يطيق من المصروف البيتي، من الإنفاق على لباسها وزينتها؛ بل تتصرف في مالها ومال زوجها بالحكمة من غير إسراف ولا تقتير.
المرأة المسلمة التي نريد

إننا نُريد المرأة التي تجعل دينَها أساس وجودها وأصل حياتها، المرأة التي تجعل قدوتها أمهات المؤمنين ونساء الصحابة والتابعين -رضي الله عنهن أجمعين.
نريد امرأة كالشفاء بنت عبدالله المهاجر -رضي الله عنها-، التي وقفَتْ بجانب الدعوة في المدينة المنورة تُعلِّم الكتابة والطب، وتشارك في بناء الدولة في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه .
نُريدها كآلاف النساء عبر التاريخ الإسلامي اللاتي حمَلنَ رايةَ العلم والدعوة والإصلاح في المجتمع خلال العصور المختلفة.
نريد المرأة التي لا تُخدع بدِعاياتِ التحرُّر التي تجعل المرأةَ سلعةً رخيصةً لا هدف لها إلا تقليد المرأة الغربية المتمردة على الأخلاق وكيان الأسرة وسعادتها.

نحن في حاجة للمرأة القوية
في عصرنا هذا المليء بالفتن (فتن الشهوات وفتن الشبهات) نحتاج امرأة تتصف بالقوة: القوة الإيمانية: بالإيمان الثابت ثبات الجبال.
والقوة الإسلامية: بالتطبيق العملي لشرع الله، ونَبْذ الأهواء والشهوات.
والقوة في الاختصاص: الذي اختُصَّتْ به المرأة؛ سواء في عملها المنزلي أم علمها وفقهها.
ثم قوة العفَّة والحياء والحجاب والوقار: في وجه التحلُّل والسُّفُور.

أخطاء تقع فيها النساء
من الأخطاء التي تقع فيها بعض الزوجات التي حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - نكران جميل الرجل وفضله بأقل إساءة إلى الزوجة، فتراها تحكي عنه في جل المجالس، متنكرة له ولإحسانه عليها، ولهذا حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على بيان تلك الصفة وهي نكران العشرة مع بيان علاج هذه الصفة السيئة من خلال الصدقة؛ فهي تطهير لهن مما يقع منهن من مخالفات ألسنتهن، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار» فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن».
احذري أن تضيعي قلبك ووقتك!
أعظم الإضاعات إضاعتان، هما أصل كل إضاعة: إضاعة القلب، وإضاعة الوقت، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت في طول الأمل، فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل، والصلاح كله في اتباع الهدى، والاستعداد للقاء الله.
من خصائص الأسرة المسلمة
من أهم خصائص الأسرة المسلمة ومقوماتها حرصها على إقامة حدود الله، أي تطبيق شرعه -تعالى- في شؤونها، وقيمة الحياة الزوجية بقدر تحقيقها لهذا الهدف، فإذا نكبت عنه، أو أهملته، فلا قيمة لها، ولن تؤدي الأسرة دورها التربوي على الوجه الأمثل إلا إذا التزمت بالآداب الإسلامية في شؤونها: في طعامها وشرابها، في نومها واستيقاظها، في مجالسها وأحاديثها، في جدِّها وهزلها، في أفراحها وأتراحها، وفي سائر شؤونها، وفي هذا الجو الإيماني، وفي هذا الرقي الأخلاقي ينشأ الجيل المسلم الذي نريد.
وجعل بينكم مودة ورحمة
أنشأ الله -تعالى- العلاقة الزوجية على أساس المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم21]، فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي المتبادل، فحينئذ يتربى الناشئ في جو سعيد يهُبُّهَا الثقة والاطمئنان، والعطف والمودة، بعيدًا عن القلق والعقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيته.

ابو وليد البحيرى
2024-10-10, 10:21 PM
المرأة والأسرة – 1236

الفرقان








المرأة الصالحة مشعل النور والهداية

المرأة الصالحة هي مشعل نور وهداية وحب ووئام، وهي مدرسة إذا أُحسن إعدادها، أخرجت أجيالاً تقود الدنيا بأسرها، وتبني الحضارات ورجالها، ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجال أن يختاروا من النساء ذاتَ الدين، وألا ينخدعوا بمال ولا بجمال ولا جاه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، فأمره أن يختار النواة الصالحة، حتى تتكون منها أسرة صالحة في نفسها، نافعة لوطنها، ولبني جنسها.

مواقف نبوية في تربية الأبناء
حَوَتِ السنَّة النبويَّة الأصول التربوية التي تجعل المربِّي أكثر عمقًا ووَعْيًا ودِراية بحاله وحال المُرَبَّى، كما تُرَسِّخ عنده مَفاهِيم وتَصَوُّرات يستطيع بها قِيادَة هذه العمليَّة التربوية دون تَعقِيد لها، أو تَشتِيت لذهنه، أو تفريط في حقِّها، ومن ذلك ما يلي: عن عائشة - رضِي الله عنها - قالت: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تُقَبِّلون الصِّبيان؟ فما نقبِّلهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أوَ أملك لك أن نَزَعَ الله من قلبك الرحمة؟»، في هذا الحديث أصلٌ كبيرٌ من أصول التربية الصحيحة المُفتَرَضة في المُربِّي، وهو ضرورة الرحمة والشَّفَقة في العمل التربوي، ويُمكِن إدراج آلاف المَسائِل والمواقف التربوية تحت هذا الأصل، كتَقبِيل الأبناء ومُعانَقتهم، وحملهم والجلوس واللَّعِب معهم، وهكذا كلُّ ما كان من صُوَرِ الرحمة والشَّفَقَة.
وعن ابن عباس -رضِي الله عنهما- قال: «بِتُّ عند خالتي (ميمونة)، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمتُ عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه»، في هذا الحديث أصلٌ آخر من أصول التربية العظيمة، وهو القدوة؛ فابن عباسٍ قام يُصلِّي؛ لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قام يُصلِّي، وهكذا كلُّ ابن يَتَأسَّى بقدوته في الخير أو غير ذلك، وعليه يجب تنبيهُ المربِّي على ضرورة القدوة الحسنة وخطر القدوة السيِّئة، وهذا يشمل العبادات والمعاملات والأخلاق.
وعن عمر بن أبي سلمى قال: «كنت غُلاَمًا في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت يدي تَطِيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا غلام، سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ ممَّا يَلِيك»، فما زالت تلك طعمتي بعدُ»، وفي هذا الحديث أصلٌ آخر مهم، وهو ضَرُورة التوجيه التربويِّ في المَواقِف والأحداث، ذلك أنه أثبت في ذهن المربَّى، وأوضح له من التوجيهات التربوية العامَّة؛ لذا قال عمر في هذا الحديث: فما زالت تلك طعمتي بعد.

أمور تتساهل فيها النساء
من الأمور التي تتساهل فيها النساء: عدم الاهتمام بتربية الأولاد تربية إسلامية، وإهمالهم فيما يقصرون فيه من أداء الفرائض وحقوق الله -تعالى-، وعدم النصح لهم والإنكار عليهم، ومن ذلك إهمال البنين لأداء الفرائض في المسجد، وكإهمال البنات إذا بلغن المحيض لأداء الفرائض والصيام وغيرها من الواجبات، وكذلك التغاضي عن المخالفات العقدية كأعياد الميلاد، ولبس الملابس التي عليها الصور أو الصلبان، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».
الأسرة ومسؤولية التربية الخُلُقية



الأسرة عليها مسؤولية كبيرة في التربية الأخلاقية للأبناء، حتى يكونوا أسوياء؛ لأن الطفل الصغير كالصفحة البيضاء، فالأسرة تعمل على غرس القيم الأخلاقية في نفوسهم منذ الصغر كالتقوى والرحمة والعفو والحياء وعفة اللسان ومراعاة حق الله -تعالى- وحق رسوله سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك مراعاة حق القرآن الكريم وحق الوالدين وحق الإخوة، وحق الجار، وحق الرفيق وحق الكبير، وحُسن التعامل مع الآخرين، مع التأكيد على آداب الإسلام، كآداب السلام واللباس، وآداب اليوم والليلة، وأذكار الصباح والمساء، مع آداب الاستئذان، وآداب المجلس، وآداب الحديث، وآداب عيادة المريض، وآداب الطعام والعُطاس والتثاؤب؛ فلهذا وغيره كانت الأسرة هي أهم المحاضن التربوية التي ينشأ فيها الأبناء.
تأثيرُ القدوةِ الصالحةِ في الأطفال
على الأم أن تدرك أنَّ الطفلِ لا يَسْهُلُ عليه إدراكُ المعاني المجردة؛ لذا فهو لا يقتنعُ بالأوامر بمجرد سماعها، بل يحتاج مع ذلك إلى المثالِ الواقعيِّ المشاهَدِ، الذي يدعمُ تلك التعاليمَ في نفسِهِ، ويجعله يُقْبِلُ عَلَيها ويَتَقَبَّلُها ويعملُ بها، وهذا أمرٌ لم يَغْفُل عنه السَّلَفُ الصَّالِحُ، بل تَنَبَّهُوا له، وأَرْشَدُوا إليه المربين، فها هو ذا عمرُو بن عتبةَ يُرشِد مُعلِّمَ ولدِه قائلاً: «لِيَكُنْ أولَّ إصلاحُكَ لِبَنِيَّ إصلاحُك لنفسِك، فإن عيونَهم معقودةٌ بعينك، فالحَسَنُ عندهم ما صَنَعْتَ، والقبيحُ عندهم ما تركتَ، وهذا يؤكدُ أنه لا سبيل إلى التربيةِ السليمةِ إلا بوجود قُدوةٍ صالحةٍ تغدو نموذجًا عمليًّا لامتثال الأوامر، والاستجابة لها، والانزجار عن النواهي، والامتناع عنها.
صحابية جليلة طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد لنيل الشهادة
صحابية جليلة طلبت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذهاب معه للجهاد؛ لتنال الشهادة فرفض وأخبرها بأنها ستموت شهيدة، قالت -رضي الله عنها-: «إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، لمَّا غَزا بدرًا ، قُلتُ لَهُ : يا رسولَ اللَّهِ ، ائذَنْ لي في الغزوِ معَكَ أمرِّضُ مَرضاكم ، لعلَّ اللَّهَ أن يرزُقَني شَهادةً، قالَ: قرِّي في بيتِكِ فإنَّ اللَّهَ -تعالى- يرزقُكِ الشَّهادةَ، قالَ: فَكانت تسمَّى الشَّهيدةُ، قالَ: وَكانت قد قرأتِ القرآنَ فاستأذنتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن تتَّخذَ في دارِها مؤذِّنًا، فأذنَ لَها، قالَ: وَكانت دبَّرت غلامًا وجاريةً فقاما إليها باللَّيلِ فغمَّاها بقطيفةٍ لَها حتَّى ماتَت وذَهَبا، فأصبحَ عمرُ فقامَ في النَّاسِ، فقالَ: مَن كانَ عندَهُ من هذَينِ علمٌ، أو مَن رآهُما فليَجِئْ بِهِما، فأمرَ بِهِما فصُلِبا فَكانا أوَّلَ مصلوبٍ بالمدينةِ»، إنها الصحابية الجليلة أم ورقة بنت عبدالله بن الحارث الأنصارية -رضي الله عنها.
حقيقة الدور التربوي للأم
ماذا نعني بدور الأم التربوي؟ إنه ببساطة دورها في صناعة الإنسان الذي يولد ولا يعلم شيئًا من أمر الحياة، فتتلقَّفه أمه وتمنحه الخطوط العريضة لشخصيته، إنه دور يتجاوز منحه الطعام الصحي والملابس النظيفة والفراش المرتب، على الرغم من أهمية هذه النقاط، لكن مع الأسف لا تفهم كثير من الأمهات طبيعة الدور التربوي المنوط بهنَّ، فلا تمنح الوقت الكمي المناسب لأبنائها، وغالبًا لا تمنحهم الوقت الكيفي النوعي، فلا تجد مجرَّد الوقت للاستماع لأبنائها، فهي مُنهَكَة في أعمالها، ناهيك عن النساء اللاتي يهدرن أوقاتهن الغالية في الثرثرة، وأمام الهاتف، وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
أهم ملامح البيت المسلم
البيت المسلم لابد أن يكون عامرًا بالذكر والصلاة، وهذه العبادة هي أولى الملامح التي تميزه عن غيره من البيوت، وإننا لنعجب من بعض النساء المتفرغات لبيوتهن من الشكوى بالملل والفراغ! وقد وهبها الله فرصة عظيمة لعمارة بيتها وقلبها بالعبادة، التي هي الأولوية المطلقة للإنسان المسلم، والعبادة بمعناها العام، تشمل جميع مهام المرأة، بشرط إصلاح النية، واحتساب هذه الأعمال {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162).

ابو وليد البحيرى
2024-10-10, 10:22 PM
المرأة والأسرة – 1237

الفرقان



النموذج النبوي الشريف في التربية

المسلمون في كلِّ زمان ومكان محتاجون إلى استدعاء النموذج النبوي الشريف؛ ليقتدوا به في تعليم أبنائهم ورجالهم ومجتمعاتهم، وتربيتهم التربية الصالحة التي تمكّنهم في الأرض، والعزة في الدنيا، والنجاة في الآخرة، والفوز برضا الله في كلِّ الأحوال {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21).

كيف تحببين أبناءك في الصحابة؟
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هم أفضل الخلق من بعده، هم منارة الهدى وأعلام التقى، وهم السبب الأصيل في وصول الإسلام إلينا كما جاء به المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وهم قدوة في الاتباع، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، ومن حقهم علينا أن نعرِّف أبناءنا بهم ونحببهم إليهم، وإليك بعض الأساليب المفيدة لنحبب أبناءنا وبناتنا في الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين: إذا كان الابن أو الابنة يحملان اسم صحابي أو صحابية، فاحك لهما قصتهما وبعض مآثرهما.
اطلب منه أن يقوم بِعدِّ أسماء الطلاب في صفه أو أبناء الجيران الذين يحملون أسماء صحابة.
من الجميل أن تجتمع العائلة أسبوعيا، وتختار (شخصية الأسبوع)، على أن تكون مرة من الصحابة الذكور، ومرة من الإناث، وتختار بعض القصص المذكورة عنهم، وذكر مآثرهم وعمل مكافأة لمن يطبق هذه الأخلاق.
عمل مسابقة (أين دفن هذا الصحابي؟) فالصحابة قد انتشروا في أرجاء المعمورة، ومعظم البلاد الإسلامية تضم في أحضانها رفات بعض الصحابة الكرام.
إطلاق كنية على الأبناء مرتبطة باسم أحد الصحابة يغرس في قلب الطفل حب الصحابي وهو صغير، سواء من الذكور أم الإناث .
الكثير من الشوارع والمدارس سميت على أسماء بعض الصحابة الكرام، فمن الجميل عندما نمر بإحداها أن نتعرف على ذلك الصحابي، وأن نطلب من الأبناء البحث عن سيرة ذلك الصحابي، وأن نجعل على ذلك مكافأة .
عود ابنك على مشاهدة كتب السير التي تتحدث عن حياة الصحابة، وتدرج معهم في ذلك من الكتب السهلة البسيطة وحتى الكتب الكبيرة.

ابدؤوا بأنفسكم

من أفضل وسائل ترسيخ ثقافة الاعتذار في نفوس الصغار، أن يبدأ الكبار بذلك، فمن الحكمة أن يعتذر الأب أو الأم أمام الأولاد، إذا وقع أي منهما في خطأ، بل إن الوالدين إذا أخطأ أي منهما في حق أبنائهما، فمن الواجب أن يبادر بالاعتذار، فهذا أفضل أسلوب لتعزيز ذلك الخلق لديهم، الذي يرادف التواضع، علينا بوصفنا مربين، أبًا أو أما، أن نعلم أبناءنا ثقافة الاعتذار عن الخطأ، كذلك أن نعلمهم ونربيهم على قبول الاعتذار من باب التسامح والعفو، الأمر الذي يحفظ روابط المودة والأخوة، ويقوي من تماسك الأسر والمجتمعات.
من مهام المرأة المسلمة في بيتها أسسي بيتك على كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقد عُقد الزواج أساسًا على ذلك.
استحضري النية في كل عملٍ تقومين به داخل بيتك «إنما الأعمال بالنيات».
ابذلي أقصى ما تستطيعين من جهدٍ؛ فإن الله سيجزيك أضعافًا مضاعفة جنةً فيها ما لا عينُ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر.
سمعك وبصرك وعقلك وبدنك وعواطفك وأولادك كلها أمانات ستحاسبين عليها؛ فاجعليها في طاعة الله.
تذكري ما أنت فيه من نعمة (زوج، وبيت، وأولاد) وتذكري كم من امرأةٍ حُرمت الزوج والأولاد! فاحمدي الله على هذه النعم يزدها لكِ.
وأخيرًا .. أختي الحبيبة، كوني كالنحلة تقع فلا تُكسر، وتأكل فلا تفسد، ولا تضع إلا طيبًا، فبيتك هو حديقة أزهارك التي تشرح الصدر وتثمر الخير، فليكن بيتك بيتًا ربانيا بيت قدوة في مظهره ومخبره لتستقيم الحياة على كتاب الله وهدي نبيه -صلى الله عليه وسلم .

رسالة الأمَّة في الأرض
قال الله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة:143)، يقول المفسرون في هذه الآية: إن القرآن الكريم يحدث الأمة كلها (رجالاً ونساءً) عن دورها ورسالتها الأولى والأخيرة في هذا الكون، وعن وظيفتها الضخمة في هذه الأرض، وعن مكانها العظيم في هذه البشرية، وعن دورها الأساسي في حياة الناس، ويقتضي هذا أن تستمع إلى ربها الذي اصطفاها لهذا الأمر العظيم، وأن تنصت إلى رسولها النبي المختار والرحمة المهداة والسراج المنير، فتستضيء به، فهو رائدها وهو حاديها وهو قائدها وهو زعيمها وهو قدوتها، بل والرسول المختار من رب العالمين مالك هذا الكون إلى البشرية كلها، وهو الشهيد على الشهداء يوم القيامة؛ لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقاموا بأداء الأمانة التي ائتمنهم الله عليها، وبالواجب الذي افترضه الله عليهم، ألا وهو تبليغ هذا الحق كاملاً وقدوة حسنة في الالتزام والصدق إلى البشرية كلها.
من الأخطاء الشائعة عند تربية الأبناء
من الأخطاء الشائعة لبعض الآباء والأمهات، ضرب الأبناء وتعنيفهم عند عدم تنفيذ ما يطلب منهم أو عند الخروج عن حدود الأدب، ولكن مع اعتياد الضرب فإن الأبناء لا يتأثرون به، ويصبح بالنسبة إليهم شيئا عاديا، كذلك قد يلجأ بعض الآباء والأمهات إلى التدليل الزائد للأبناء، ولكن يجب أن يكون هناك توازن، فيجب إعطاء الأبناء الحب والحنان والأمان أيضًا ولكن يتم كل هذا بتوازن محسوب.



من أجل ترسيخ ثقافة الاعتذار في نفوس أبنائنا
من أجل ترسيخ هذا الخلق الكريم لدى الأبناء، ينصح خبراء التربية، بالآتي: أولاً: عدم تسويغ الخطأ، وتقديم المسوغات الواهية، وإلقاء المسؤولية على الآخرين للتهرب من تحمل أعباء ذلك الخطأ.
ثانيًا: سرعة تقديم الاعتذار تنهي الخلاف سريعًا، بينما التباطؤ في ذلك يزيد المشكلة، ويعمق الكراهية في نفس من أخطأت في حقه.
ثالثًا: عدم التلاعب بالكلمات، وتقديم الاعتذار بطريقة واضحة وصريحة.
رابعًا: اختيار الوقت والمكان المناسبين للاعتذار.
خامسًا: الاعتذار أمام الملأ إذا كان الخطأ على مرأى من الجميع.
سادسًا: من الممكن إرفاق الاعتذار بهدية، أو قبلة على الرأس.

ابو وليد البحيرى
2024-10-20, 09:20 PM
المرأة والأسرة – 1238

الفرقان


دور الأم في ربط أبنائها بالله -تعالى
ينبغي ربط قلب الولد بالله عزوجل لتكون غايته مرضاة الله والفوز بثوابه، {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} (الأنبياء:94)، وهذا الربط يمكن أن تبثه الأمهات بالقدوة الطيبة، والكلمة المسؤولة، والمتابعة الحكيمة، والتوجيه الحسن، وتهيئة البيئة المعينة لهم على الخير.
مسؤولية الأم في تربية أبنائها لابد للمرأة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهل في توجيههم كسلاً أو تسويفًا أو لا مبالاة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم:6) فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار، ودور المرأة ليس منحصرا في تربية ابنها على المأكل والمشرب والملبس؛ إذ لابد من إحسان التنشئة، ولابد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع. ولتسأل الأم نفسها: كم من الوقت خصّصتْ لمتابعة أولادها؟ وكم حَبَتهم من جميل رعايتها، ورحابة صدرها، وحسن توجيهاتها؟! علمًا بأن النصائح لن تجدي إن لم تكن الأم قدوة حسنة! فيجب ألا يُدْعى الابن لمكرمة، والأم تعمل بخلافها، وإلا فكيف تطلب منه لسانًا عفيفًا وهو لا يسمع إلا الشتائم والكلمات النابية تنهال عليه؟! وكيف تطلب منه احترام الوقت، وهي تمضي معظم وقتها في ارتياد الأسواق والثرثرة في الهاتف أو خلال الزيارات؟! أختي المؤمنة: إن ابنك وديعة في يديك، فعليك رعايتها، وتقدير المسؤولية؛ فأنت صاحبة رسالة ستُسألين عنها، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6). وفي كل تصرف من تصرفاتها وكل كلمة من كلماتها عليها أن تراقب ربها وتحاسب نفسها لئلا تفوتها الحكمة والموعظة الحسنة، وأن تراعي خصائص النمو في الفترة التي يمر فيها ابنها، فلا تعامله وهو شاب كما كان يعامل في الطفولة لئلا يتعرض للانحراف، وحتى لا تُوقِع أخطاءُ التربية أبناءنا في متاهات المبادئ في المستقبل يتخبطون بين اللهو والتفاهة، أو الشطط والغلو؛ وما ذاك إلا للبعد عن التربية الرشيدة التي تسير على هدي تعاليم الإسلام الحنيف؛ لذلك عليها تنمية مهاراتها التربوية لتتمكن من معرفة: لماذا توجه ابنها؟ ومتى توجهه؟ وما الطريقة المثلى لذلك؟
أخطاء تقع فيها المرأة المسلمة من الأمور التي تقع فيها كثير من الفتيات، أنها ما إن تنتهي إحداهن من الدراسة النظامية حتى تهجر الكتب، بل والمطالعة عمومًا، وتصبح اهتماماتها المحدودة لا تتعدى لباسها وزينتها والتفنن في ألوان الطعام والشراب، وهي هموم دنيوية قريبة التناول، لا غير، فعليها أن تعلم أن المرأة المسلمة عضو فاعل في مجتمع الإسلام، فهي مؤثرة ومتأثرة به، وهي ليست هامشية فيه أو مهملة، ولا يصح بحال أن تكون سلبية أو اتكالية؛ فأمتنا الإسلاميَّة تنتظر من يعيد لها أمجادها من أبنائها البررة وبناتها الوفيات.
من صفات المعلمة المسلمة
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/10/164.jpg من صفات المعلمة المسلمة التواضع؛ فذلك من خلق الإسلام وقد قال -تعالى- لنبيه الكريم: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} (الشعراء:215)، فتبتعد عن المفاخرة والمباهاة، فالمعلمة التي تعامل طالباتها بصلف وكبرياء لن تجني غير كرههن لها، والمعلمة التي تسخر من طالباتها ولو بالهمز واللمز تترك جرحًا غائرًا في نفس أولئك الطالبات، فأين هي من أدب الإسلام الذي حذر من تلك المثالب بقوله -تعالى-: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} (الهمزة:1)، وأين القدوة الواجبة عليها والمنتظرة منها؟! ومن صفات المعلمة المسلمة أن تكون يقظة في رسالتها: فهي يقظة لجزئيات المنهج المدرسي لتستفيد منها كما يجب، وتوظفها لخدمة عقيدتها؛ فلا يُدرس العلم بمعزل عن العقيدة، وينبغي أن تكون المعلمة يقظة لما يتجدد من أحداث يومية: فلا تدعها تمر دون استفادة منها، بل بالطرْق والحديدُ ساخن كما يقال فتعلق على الحادثة التعليق المناسب في حينه، وعليها أن تلاحظ تصرفات طالباتها، فتزجرهن عن سيّئ الأخلاق، وترغّبهن في حسنها بطريقة سليمة ولا تلجأ للتصريح إذا نفع التلميح.
الاهتمام بتعليم البنات قيل: تعليم رجل واحد هو تعليم لشخص واحد، بينما تعليم امرأة واحدة يعني تعليم أسرة بكاملها، وبتعليم بناتنا وتنشئتهن النشأة الصالحة نردم الهوة الكبيرة التي تفصل أمتنا عن التقدم في كثير من ديار المسلمين، بل إن ديننا الإسلامي بلغ فيه حب العلم والترغيب في طلبه أن دعا إلى تعليم الإماء من نساء الأمة؛ كي تزول غشاوة الجهل، وتسود المعرفة الواعية، وقبل ذلك ليُعبد الله على بصيرة، وتستقيم الأجيال على أمر الله، وفيما رواه الإمام البخاري -رحمه الله- قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران».
المرأة المسلمة والحرص على طلب العلم جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بحَديثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِن نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنَا ممَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، قالَ: اجْتَمِعْنَ يَومَ كَذَا وَكَذَا فَاجْتَمَعْنَ، فأتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَّمَهُنَّ ممَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: ما مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأَةٍ تُقَدِّمُ بيْنَ يَدَيْهَا، مِن وَلَدِهَا ثَلَاثَةً، إلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ فَقالتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ. وفي روايةٍ : ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ.
من وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم -للنساء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا نساء المسلمات، لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها، ولو فِرْسِنَ شاةٍ». قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحقرن جارةٌ جارتها، أي: لا تستقلل جارةٌ هديةً مُهداة لجارتها، والجارة يقصد به المجاورة للمنزل، كما يقصد بها الضَّرَّة، ولو فِرْسِن شاة: الفِرْسِن، وهو عُظَيمٌ قليلُ اللحم، وهو للبعير موضعُ الحافر للفرس، ويتوسَّع فيه فيطلق على ظِلْف الشاة أيضًا، وليس المراد حقيقة الفِرْسِن؛ فإنه لم تجرِ العادة بإهدائه، ولكن المراد من ذلك المبالغة في إهداء الشيء اليسير، وقَبوله، أي: لا تمتنع جارة من الهدية لجارتها بسبب قلَّة ما تُهديه، ولا تمتنع الجارة من قَبول هدية جارتها مهما كان المُهدَى حقيرًا تافهًا.
ما يفيده الحديث لا ينبغي للمسلمة أن تمتنع عن الإهداء بسبب استصغار ما في يدها.
لا ينبغي للمسلمة أن تمتنع عن قَبول الهدية مهما صغرت.
ينبغي للمسلمين والمسلمات أن يتهادوا فيما بينهم.

ابو وليد البحيرى
2024-10-26, 05:02 AM
المرأة والأسرة – 1239

الفرقان

الالتزام بالشريعة اعْلمْي - رحمك الله - أنَّ من أصول الإيمان مَخافة الله، والتزام أوامره، واجتناب نواهيه، والتحلِّي بالأخلاق الإسلامية؛ فإنَّها منقذة من الضلالة، ولن يستقيمَ حال الناس في مآلهم ومعادِهم ما لم يلتزموا بشريعة الإسلام
هاجر .. قدوة نساء العالمين هاجر أم إسماعيل تلك الزوجة المؤمنة، والأم الفاضلة، والمربية القائدة، قدمت إلى مكة مع زوجها إبراهيم -عليه السلام-، ومكة يومئذ صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا ماء، فجاءت معه طائعة راغبة، وقصتها تحكي لنا واقع امرأة من بيت النبوة. فقد كان أهم ما ميزها ورفع شأنها وذكرها، طاعتها لزوجها إبراهيم -عليه السلام-؛ حيث تركها -عليه السلام- في أرض لا شجر فيها ولا بشر، وليس معها كثير زاد، ولا قريب يؤنسها في وحدتها، ولكن يستودعهما الله الذي لا تضيع ودائعه، فقالت هاجر لإبراهيم -عليه السلام-: لمن تتركنا هنا؟ فلم يرد عليها! فقالت المرأة المؤمنة: ءالله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لن يضيعنا، هكذا ببساطة وثقة ويقين، فكان عاقبة هذا التفويض المطلق والاستجابة الفورية لأمر الله بلا نقاش؛ أن فجر الله لها نبع ماء في قلب الصحراء، وكان مآل الخضوع الكامل والاستسلام لإرادة الله؛ أن أرسل الله لها قبيلة جرهم تقيم بجوارها هي وابنها لتؤنس وحشتهما، وكان الشرف الأعظم والفضل الأكبر جوارها لبيت الله الحرام، وأكرمها الله -تبارك وتعالى- بأن جعل نسكًا من مناسك الحج والعمرة وهو السعي بين الصفا والمروة على خطاها، إنها كلمات نحتاج أن نقف عندها في كل أمرٍ أمرنا الله -تعالى- به، وكل نهيٍ نهانا عنه، مادام الله أمرك بأمر حتى لو رأيت فيه - من وجهة نظرك القاصرة - مضرة لك أو فوات خير فلا تترددي ونفذي؛ فالله أعلم بما ينفعك، وسيجعل لك مخرجًا وسيعوضك خيرًا، ما عليك إلا أن تنفذي أمره ولن يضيعك الله، بل ستجدين الخير ينهال عليك من حيث لا تحتسبين.
فاطمة بنت الخطاب.. قوة في الدين وجرأة في الحق صحابية جليلة اشتهرت بعبادتها وورعها، حتى أطلق عليها (التائبة العابدة)، إنها السيدة فاطمة بنت الخطاب -رضي الله عنها-، أخت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، كرست حياتها لخدمة دعوة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فأصبحت امرأة داعية تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لقد بدأت الدعوة بمن هو أقرب منها، بدأت بأخيها عمر بن الخطاب، ولقد سجل لها التاريخ موقفا عظيما ترك في نفوس المسلمين أثرا طيبًا ودهشة عميقة، وحوّل مسار الدعوة من ضعف إلى قوة ومن خوف إلى أمن، بدأ ذلك الموقف يوم أن وقفت تلك الوقفة التي كانت سببًا في إسلام عمر -رضي الله عنها-، لقد ضربت لنا هذه الصحابية الجليلة مثالا صارخا لمن أراد العمل في حقل الدعوة، والمساهمة في نصرة دين الله -تعالى.
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/09/43.jpg
صفات المرأة الصالحة المرأة الصالحة معظمة لشعائر الله: يقول الله -تعالى-: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، فالمرأة الصالحة تعلم أن أداءها لأركان الإسلام، وحفظ لسانها وقلبها، واحترامها لشعائر الله، وتقديرها وأدائها على الوجه الأكمل، دلالة على تقواها وصلاح قلبها.
تحب الله ورسوله: تأتي محبة الله ورسوله على رأس الصفات التي تتوج المرأة الصالحة، ومن علامات تلك المحبة إقبالها على قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه والعمل بأوامره واجتناب نواهيه، إضافة إلى حرصها على أداء النوافل والإكثار منها، وعدم تقديمها لأي أمر على محبتها لله ورسوله، كذلك اتخاذها صحبة من الصالحات تعينها على الطاعات.
الإيمان وحسن الخلق: من أهم الصفات التي تتحلى بها المرأة المسلمة هو الإيمان وحسن الخلق؛ فالمرأة الصالحة تحرص على سلامة الصدر من حمل الأذى والضغينة أو التفكير بسوء لخلق الله، وكذلك حفظ اللسان من الأذى، وحماية الجوارح من ارتكاب المعاصي التي نهى الله عنها، وتحقيق أركان الإيمان التي أمرها الله بها.

الطاعة هي اللغة السائدة أهم ما ميز أسرة نبي الله إبراهيم -عليهم السلام- الطاعة المطلقة لله -تعالى-، فهاجر المؤمنة أطاعت زوجها لطاعته لله عندما تركهما في الصحراء، ثم يخرج الابن البار إسماعيل -عليه السلام- الطائع لأبيه فيقول:- {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (الصافات: 102)، فالأسرة كلها مطيعة لربها، الزوجة تطيع زوجها، الابن يطيع أباه، الجميع يسير في كنف الطاعة، وبفضل طاعتهم أنجاهم الله -تعالى- في كل المواقف التي مروا بها:- {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (الطلاق).
العمل الأهم للمرأة المسلمة عمل المرأة المسلمة الأهم والأعظم هو تربية أبنائها والانشغال بهم، وهذه رسالة جليلة وعمل فريد لا تقوم به إلا المرأة، فعلى عملها هذا يتوقف مستقبل الأمة، وبهذه الوظيفة تسعد الأسر، وتنجو الشعوب من مهلكات تحيق بها إن أهملتها أو فرّطت فيها؛ فالأمومة ليست نومًا، ولا كسلًا، ولا فراغًا، وإنما هي كفاح، وصبر وبلاء، وفداء، وإيثار، وتضحيات، يهون بجانب ذلك كل عمل من الأعمال.
احذري.. هذه المعوقات المحبطات للأعمال! احذري الكسل والفتور! فإنه يقعد عن العمل ويضيع الأوقات والفرص والمناسبات، وربما تحوّل إلى داء يستمر معكِ ولا يترككِ.
احذري الرياء والسمعة! فإنه يحبط العمل.
احذري حظوظ النفس! التي من أبرزها الأنانية ونسبة الأعمال إليكِ، وتقليل عمل من كان معكِ.
احذري التذمر والتشكي! فإن ذلك من أنواع المنة - والعياذ بالله - بل كوني صامتة محتسبة.
احذري الانقطاع عن العمل! فكثيرات يأخذهن الحماس ليوم أو يومين لكنها بعد ذلك تتوقف، والعمل المستمر حتى وإن كان قليلاً فإنه أدعى للاستمرار يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل».
احذري الحقد والحسد والكبر! وطهري قلبكِ منهما.

التساهل في النصيحة من الأمور التي تتساهل فيها بعض النساء التقصير في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة وغض الطرف عن المخالفات التي تراها في الأوساط النسائية، والله -تعالى- يقول: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم}.

ابو وليد البحيرى
2024-11-02, 05:39 PM
المرأة والأسرة – 1240

الفرقان

الشريعة وبناء الأسرة
اهتمَّت الشريعة الإسلامية ببناء الأسرة اهتماما بالغا؛ لأنّها نواة المجتمع وأساسه، وأساس الأسرة هما الزوجان؛ فصلاح العلاقة بين الزوجين صلاح للأسرة، وفسادهما فساد للأسرة، وبصلاح الأسرة يصلح المجتمع، والعكس صحيح.
السكن والتراحم أهم مقاصد الأسرة في الإسلام
السكن والتراحم من أهم المقاصد الأساسية للأسرة في الإسلام، وقد أشار إليهما القرآن في قوله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الأعراف: 189)، وقوله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21). والسكن مضاد التحرك، ويطلق في الاستخدام القرآني على معنيين، السكن المادي ومنه قوله -تعالى- {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} (النحل: 80)، والسكن المعنوي كما في قوله {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} (التوبة: 103)، ولأجل تحقيق مقصد السكن خلق الله الزوجين من نفس واحدة؛ لأن ذلك أدعى للتآلف وأبعد عن التنافر، ولأجله أيضا شرع الزواج على التأبيد لا التأقيت، ومن ثم عد الإسلام أي نوع من أنواع الزواج المحددة بإطار زمني باطلة ولا تصح شرعا، ولأجله أيضا شرعت أحكام المعاشرة بالمعروف وآدابها بين الزوجين، ووصفها الله بالخيرية؛ إذ يقول -سبحانه- وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء:19) وهو ما يعني أن ما عدا المعاملة بالمعروف ليس سوى الشر أو الإثم، كذلك التراحم فهو يتخلل مجمل العلاقات الأسرية ويتجلى من خلالها؛ فهنالك تراحم بين الأزواج بعضهم بعضا، وتراحم بين الآباء والأبناء كما هو الحال بين نوح وابنه، وتراحم بين الإخوة كما هو الحال بين موسى وهارون، وتعدد مستويات التراحم يؤكد أنه الحافظ للاجتماع الأسري وأساس التراحم الاجتماعي.
أخطاء تقع فيها النساء: التساهل في إظهار الزينة للأقارب
من الأخطاء التي تقع فيها النساء التساهل في إظهار الزينة أمام الأقارب من غير المحارم، بحكم صلة الرحم التي تجعل بينهم صلات قوية وزيارات واجتماعات، لكن هذه الأمور كلها لا تبيح للمرأة أن تبدي زينتها للأقارب من غير المحارم، كابن العم، وابن العمة، وابن الخالة، وابن الخال، وغيرهم؛ فهؤلاء ليسوا محارم لها، فقد أخرج البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إيَّاكم والدخول على النساء! فقال رجل من الأنصار يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت»، فهذا الرجل كان يظن أن دخول الأقارب على المرأة لا شيء فيه، لكن الرسول بيَّن أن (الحمو) وهو قريب الزوج أو الزوجة في دخوله خطورة ومفاسد تشبه الموت، وعلى هذا فلا ينبغي أن تظهر المرأة أمام أقاربها أو أقارب الزوج، كما تظهر على إخوتها، أو كما تجلس مع زوجها (مع مراعاة عدم الخلوة).
احذري .. هذه المعوقات المحبطات للأعمال!
من الصفات التي ينبغي على المرأة المسلمة التحلي بها: كتمان أسرار بيتها؛ فلا تخبر فلانة ولا فلاناً بأخبار بيتها، ولا فيما يدور بينها وبين زوجها وأبنائها وبناتها، ولا تُخرج ما يحصل من الخلاف والمشكلات؛ فكلُّ بيتٍ لا يخلو من ذلك، والمرأة العاقلة تكتم وتعالج ذلك بالحكمة والرفق؛ فإنَّ بعضًا من الناس إذا علموا عمَّا يدور في البيت أخذوا يُخبِّبون النساء على أزواجهن؛ فيزيدون المشكلات إضراماً، ويتسببون في خراب البيوت وتفريق شمل الأسرة وتشتيت الأبناء والبنات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا».
صفات أمهات المؤمنين
كثيرٌ من النساء المسلمات في عصرنا الحالي لا يعلمن عن صفات أمهات المؤمنين، ولا كيف كنّ؟ ولا ماذا أنجزن؟ كثيرٌ من الأمهات لا يربّين بناتهن على الاقتداء بنساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا يُعلّمهن صفات أمهات المؤمنين، حتى بات الكثير من النساء في عصرنا الحالي يعتقدن أنّ وجود المرأة يقتصر فقط على الزواج والإنجاب، فمَن أفضل من أمهات المؤمنين قدوة لنا ولأولادنا؟ وكيف لا نحكي لهم عن السيدة عائشة -رضي الله عنها-، وعن السيدة زينب -رضي الله عنها- التي عُرفت بكرمها وحبّها لمساعدة الفقراء والمساكين؟ وعن السيدة خديجة -رضي الله عنها- التي وقفت بجانب زوجها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في أيام الوحي وكانت أوّل من صّدقه.
حسن العشرة وقاية من الطلاق
حسن العشرة من الوسائل الاحترازية التي تحمي الأسرة من الوقوع في الطلاق؛ لأن حسن العشرة تديم الألفة والمودة والحياة بين الزوجين، وقد قال الله -تعالى-: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء: 19)، فالله -تعالى- يُحذّر من التسرع في الطلاق والتعجل فيه، وأن الإنسان إن كره من زوجته شيئا، فلا يتصور أن ما يكرهه سبب للطلاق، فعسى أن يكون في هذا الذي يراه شرا خير، وعليه أن يتمهل؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يفرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إن سخِطَ منْها خُلقًا رضِيَ منْها آخرَ»، والأمر كذلك للنساء، لا تفرك مؤمنة مؤمنًا، إن كرهت منه خلقا رضيت له آخر.
التخفف من المشكلات الأسرية
من المهم أن يدرك الأبوان حاجة الأبناء لظروف أسرية مناسبة، فيها الاستقرار والرعاية والحنو؛ حتى يواصلوا عامهم الدراسي بنجاح وتميز، فمما لا شك فيه أن المشكلات الأسرية تؤثر بالسلب على التحصيل الدراسي للأبناء، وتصيبهم بالقلق والتوتر، وتتفاقم هذه الآثار بقدر ما تتعمق الخلافات الزوجية بين الأبوين، ولهذا، على الأبوين مراعاة ذلك، وإنهاء مشكلاتهما الأسرية، أو على أقل تقدير عدم مناقشة المشكلات الزوجية بحضور الأبناء، ولا سيما إذا كانوا في سن صغيرة؛ حتى يتم تجنيبهم الآثار السلبية لهذه المشكلات، وانعكاساتها على تحصيلهم الدراسي، فضلًا عن استوائهم النفسي.
أم عطية الأنصارية رضي الله عنها.. الصحابية الفقيهة
الصحابية الجليلة أم عطية الأنصارية، هي نَسِيْبَةُ بِنْتُ الحَارِثِ وَقِيْلَ: نَسِيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ، وهي صحابية جليلة من كبار نساء الصحابة، وهي من الصَّحَابَيات الفقيهَات، لَهَا أَحَادِيث عِدَّةُ، وروى عنها عدد من التابعين، وَهِيَ الَّتِي غَسَّلَتْ زَيْنَبَ بِنْتَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يخرج مع أصحابه لتقوم على رعايتهم، وتوفيت في حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِينَ. كانت أُمّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- أنموذجًا للمرأة النشيطة التي تحرص على التعلم، وكانت تأخذ التوجيهات من النبي وتبلغها للنساء وتقوم على تنفيذها معهن، كما كانت تبادر إلى العمل التطوعي؛ فقد قَالَتْ: سافرتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وصحبه سَبْعَ مراتٍ؛ فَكُنْتُ أَصْنَعُ لَهُمْ طَعَامَهُمْ، وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، وَأُدَاوِي الْمَرْضَى، وَأَقُومُ عَلَى رعايتهم، ونقلت أم عطية ما أخذته من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كثير من فقهاء التابعين الذين اعتمدوا بعد ذلك على أحاديثها فيما يتعلق بأحكام النساء.

ابو وليد البحيرى
2024-11-11, 09:30 PM
المرأة والأسرة – 1241

الفرقان

المرأة وفقه الأولويات على المرأة المسلمة وضع كل مهامها وفقًا لمدى الأولوية التي تندرج تحتها؛ فهي أولًا أَمَة لله -تعالى- عابدة له، ثم هي زوجة عليها يتقدم العمران، وهي أم صانعة للأجيال، وهي مسؤولة عن بيتها راعية له، ثم هي داعية لمحيطها وفقًا لقدراتها، فهي إيجابية متفاعلة، تقدم خدمات ضرورية ولازمة لنهضة أمتها.
المرأة وصلة الرحم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله -تعالى- خلَق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامَتِ الرَّحِمُ، فقالت: هذا مقامُ العائذِ مِن القطيعة، قال: نعم، أما تَرْضَين أن أصِلَ مَن وصلكِ، وأقطع مَن قطعكِ؟ قالتْ: بلى، قال: فذلكَ لكِ»، ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرؤوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}» (محمد:22). في تلك الصورةِ الرائعة التي تحدَّث عنها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ مبينًا حقيقة الموقف الإلهي من الرَّحِم ومن وصلها - تتجلَّى حفاوةُ الإسلام بصلة الرحم؛ حيث تقوم بين يدي الله فتستعيذُ به ممَّن قطعها، وكانت عنايةُ الإسلام بصلة الرحم مِن المبادئ الإسلامية الأولى منذ اليوم الأول الذي صدع فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بدعوته؛ فهذا جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في حواره الطويل مع النجاشي مَلِكِ الحبشة، يقول له: «وأُمِرْنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء»، ولا يَخفَى على المرأة الفَطِنة الواعية أن صلةَ الرحم مَطلوبةٌ مِن المرأة، كما هي مطلوبة مِن الرجل، والخطابُ مُوجَّه للإنسان المسلم حيث كان، والمرأةُ التي رشَّحَتْ نفسها لتكونَ امرأةً مؤمنة تعمل على نهضة الأمة ورفعتها، تُمارِس الصلة بنفسها وتُمارِسه بحثِّ زوجها، وتعليم أبنائها وتحبيبها إليهم.
كوني قدوة لبناتك الأم في بيتها قدوة لبناتها في ملابسها وحجابها وكلامها وحشمتها؛ حيث إنهن ينظرن لها مربيةً ومعلمةً، وفي الغالب الأعم تكون البنات على أخلاق أمهاتهن، فلتتقِ الله -تعالى- الأمهات في فلذات الأكباد، ولتستثمر ذلك في دلالتهن على الخير، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير، فله مثل أجر فاعله».
صلة الرحم أمر هين لين صلة الرحم أمرٌ هيِّن ليِّن، تارة تكون بالزيارةِ الوَدود التي تُوطِّد أواصر القربى، وتفجر ينابيع المحبة والمودة، وتارةً تكون بالكلمة الطيبة، والبسمة الحانية، واللقاء الحسن، والمزاج المعتدِل، والسؤال الصادق عن الأخبار والأحوال، وتارةً بالنصيحة الصادقة الصادرة من قلب حريص على الآخر، يحبُّ له ما يحب لنفسه، وتارةً بإظهار العطف والشفقة والمواساة، وتارةً بالمال الذي يدفع الفاقة ويُنفِّس الكربة، إلى غير ذلك مِن أعمالِ البر والخير والتواصل، التي تزكي العاطفة الإنسانية، وتُنمِّي مشاعر الألفة والمحبة والتكافل والتراحم؛ ولهذا جاء التوجيهُ النبوي الكريم حاضًّا على استمرار الصلة، ولو كانت في أبسط أنواعها وأقلها كلفةً؛ «بُلُّوا أرحامكم ولو بالسلامِ».
المرأة في عصر النبوة المرأة في عصر النبوة لم يكن يمنعهنَّ الحياء الذي يَتَحَلَّيْنَ به أن يتفقَّهن في الدين، ويسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عمَّا جَهِلْنَ منه، ولم تكنْ رعايتهنَّ البالغة بحقوق الزوج والبيت والولد، لِتحولَ بينهنَّ وبين المنافسة في الهدى والخير، والمثوبة والبر، ابتغاء رضوان الله ورسوله، قُلنَ يومًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، غلبَنا عليك الرجال، فاستأثروا بك، وذهبوا بحديثك، فاخْتَر لنا يومًا من تلقاء نفسك نأتيك فيه، فتعظنا بمواعظ الله، وتعُلِّمنا ممَّا علَّمك الله، فقال: «موعدكنَّ بيت فلانة»، فاجتمعن فيه، إنه أدبٌ في الخطاب، وكَرَمٌ في الجواب، وحِرْصٌ على الوفاء، رغبةً في العلم والتعليم، ورجاء للفقه في الدين، وهذا بعض ما كان منه ومنهنَّ، -صلوات الله وسلامه عليه-، و-رضوان الله عنهن.
من حق الزوج على زوجته من حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية، وأن تحفظه في نفسها وماله، وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به، فلا تعبس في وجهه، ولا تبدو في صورة يكرهها، وهذا من أعظم الحقوق، روى الحاكم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أعظم حقًا على المرأة؟ قال: زوجها، وقالت: فأي الناس أعظم حقًا على الرجل؟ قال: أُمه»، ويؤكد رسول الله هذا الحق فيقول: «لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها»، وقد وصف الله -سبحانه- الزوجات الصالحات فقال: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} (سورة النساء: من الآية 34)، والقانتات أي الطائعات، والحافظات للغيب: أي اللائي يحفظن غيبة أزواجهن، فلا يخنَّه في نفس أو مال، وهذا أسمى ما تكون عليه المرأة، وبه تدوم الحياة الزوجية، وتسعد، وقد جاء في الحديث، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها طاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك».
احتواء الخلافات لدوام العشرة على المرأة المسلمة أن تحتويَ الخلاف مع زوجها، ولا تُظهره لأولاده، وأن تتنازل وتتغافل فيما يمكن التنازل والتغافل عنه بقدر الإمكان، وذلك مقابل بقاء العشرة الزوجية واستمرار تلك الأسرة يسودها الألفة والمحبة، وهكذا للزوج يقال فيما يخصه من التنازل والتغافل فيما يمكن التغافل عنه، أما إذا صار الزوجان متقابلين في الخصومات واللجاجات، فإن الأسرة لا تستقر ولا تطمئن، وتنخر فيها المشكلات، وتتسع دائرة الخلاف، وحينها يصعب الحل.
الحياء والإيمان قرينان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الحياء والإيمان قُرِنا جميعاً، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر»، وقال الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحياءُ خيرٌ كُله»، من هنا فإن حرص المرأة على الحياء والاستمساك به، هو الحرص على الفضيلة والعفة والخُلُق القويم، الذي يجبر كل تقصير، ويمنع كل قبيح، ويأمر بكل مليح؛ فما كان الحياءُ في شيءٍ إلا زانهُ، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا شانهُ، فلو ضاع الحياء ضاعت المرأة معه؛ إذ أنه لا يمكن الوصول إلى المرأة والإيقاع بها قبل القضاء على هذا الخُلُق العظيم (خُلُق الحياء).
أمور تتساهل فيها النساء من الأمور التي تتساهل فيها بعض النساء، التلطف واللين في الكلام عند مخاطبة الرجال الأجانب عنها؛ فالإسلام حرَّم على المرأة كل ما يلفت نظر الرجال إليها، فحرَّم عليها أن تتعطر لكون الرائحة الطيبة تلفت الأنظار إليها، وحرَّم عليها لفت الأسماع بصوت يصدر من حليها وخلخالها، قال -تعالى-: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور: 31)، فكذلك حُرِّم عليها التَّرقُّق والتلين في الكلام؛ حتى لا يطمع فيها الرجال، قال -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} (الأحزاب:32)، قال ابن كثير -رحمه الله في تفسير هذه الآية-: «ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها».

ابو وليد البحيرى
2024-11-16, 04:53 AM
المرأة والأسرة – 1242

الفرقان

وقفات في تربية الفتيات الأم عليها مسؤولية كبيرة في تربية الفتيات ورعايتهن، وقد ورد فضل عظيم في السنة لمن أحسن تربية الفتاة ورعاها حق الرعاية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ابتلي من هذه البنات بشي فأحسن إليهن كن له سترا من النار»، وإليك بعض الوقفات في تربية البنات: أولا: ربِّ الفتاة على محبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمهما منذ الصغر، واغرسي في قلبها معاني الإيمان، ونشئيها على مراقبة الله في كل عمل تقوم به، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتني بذلك؛ فقال لابن عباس -رضي الله عنهما-: «يا غلام، إني أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سأَلت فاسأَل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله..» الحديث.
ثانيا: ربِّها على الحياء ومعانيه الجميلة بالقول والفعل والقدوة والسلوك، تارة بالنصيحة المباشرة وتارة بالموعظة وتارة بالقصة المشوقة، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْحَياءُ لا يَأتي إِلاّ بِخَيْرٍ».
ثالثا: احرصي على تعويد الفتاة في الصغر على اللباس الساتر الواسع عند المحارم، وعوديها أيضًا على لبس الحجاب عند خروجها، ولا تتساهلي في ذلك بحجة أنها صغيرة؛ فإن الفتاة تعتاد على ما نشأت عليه، واعلمي أن الفتاة تقتدي غالبًا بأمها فكوني قدوة حسنة لها.
رابعًا: مما يبني شخصية الفتاة ويقويها أن تعطيها الأم دورا في البيت وعملا مناسبا لإمكانياتها تقوم به، وتشعر بالمسؤولية تجاهه، كالطهي والتنظيف ورعاية أخواتها وغير ذلك مما يملأ وقتها، وينمي قدراتها، ويشعرها بالسعادة والثقة في النفس.
خامسًا: يجب أن تخصص الأم وقتا لسماع ابنتها ومعرفة أحوالها، والتحاور معها ومناقشتها وتصحيح مفاهيمها وتوعية فكرها؛ فإن الفتاة بحاجة ماسة إلى من يستمع إليها ويحتويها ويعالج مشكلاتها ويرعى اهتماماتها.

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/11/63.jpg
صلاح البنين والبنات صلاح البنين والبنات مهمة تؤرِّق المربين، وشغلهم الشاغل، ولا سيما مع مُدلهمات الفتن والانفتاح التقني، لكن صدق اللجوء إلى الله خير معين، فابتهال الأبوين وتضرُّعهما إلى الله أن يصلح أولادهم دأب الصالحين، ودعاء الوالدين للأبناء مستجاب في الأغلب، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74).
الاستخدام الخطأ لمفهوم الثقة بعض الأمهات يخطئن في استخدام مفهوم الثقة مع بناتهن، فالكثير منهن يسئن فهم هذا المبدأ، ويعطين الفتاة حرية مطلقة في استخدام وسائل الاتصال والخروج والعلاقات وغير ذلك من التصرفات، وهذا فهم خطأ وخطير، ربما يوقع الفتاة في ورطة كبيرة وفتنة كبيرة لا يمكنها الخروج منها، والصواب أن الفتاة مهما كانت عاقلة وصالحة وواعية ينبغي الحرص عليها، وعدم إعطائها حق التصرف المطلق، بل تعطى شيئا من الحرية التي تناسب عمرها ومرحلتها الفكرية والسلوكية، مع متابعتها وإشعارها بذلك، والاطلاع على طبيعة علاقاتها بالآخرين ومعرفة صديقاتها.
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/11/64.jpg
كيف تكسبين زوجك؟ هذه وصايا نافعة تحبب المرأة لزوجها وتسعده بها: أطيعي زوجك ولا تعصيه أبدا إلا فيما حرم الله؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الله.
توددي له بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، واختمي كلامك دائما بالثناء والدعاء المناسب، كقولك: الله يعافيك والله يحفظك.
تعاهديه بالهدايا ولو كانت رمزية؛ فإنها دليل الوفاء والارتباط الصادق.
اعتني دائما بالمظهر الحسن والهندام الجميل واحرصي على ألا يجد منك ما يكره.
تفهمي نفسية زوجك وطبيعته من حدة أو عصبية أو حساسية وغيرها؛ فتجنبي الأمور والأحوال التي تخالف طبيعته أو تؤدي إلى انفعاله وغضبه.
إياك وكثرة الشكوى! فإن أبغض النساء عند الرجال المرأة الشكاية، ولا سيما إذا كان هذا السلوك أمام الآخرين.
لا تكثري على زوجك من الطلبات، وكوني واقعية ومتعقلة، وليكن طلبك في الوقت المناسب.
كوني صريحة وواضحة في شؤونك جميعها مع زوجك، وأبلغيه عن كل أمر يجدُّ في حياتك، ولا تقدمي على أمر في حياتك حتى تخبريه.

التحلي بالأخلاق الفاضلة من صفات المرأة الصالحة: تحليها بالأخلاق الفاضلة والسجايا الحسنة من صدق الحديث، وأداء الأمانة، والحلم، والأناة، والتؤدة، وحسن الوفاء، وحفظ السر، وحفظ الجميل، والمكافأة على المعروف، وغير ذلك من مكارم الأخلاق، قال -تعالى- {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»، وإياكِ أن تكوني سيئة الخلق! ينفر الناس منك ويتقون شرك، ويحرصون على مجافاتك والابتعاد عنك؛ فإن أعظم حسن الخلق كف الأذى عن الناس وطلاقة الوجه.
امرأة من أهل النار امرأة من أهل النار استحقت هذا الوصف؛ بسبب أفعالها المشينة، من: سلاطة اللسان، وإيذاء الآخرين من الزوج والأقارب والأصحاب والجيران؛ فلا يكاد أحد يسلم من كلماتها النارية، والكل يحذرها ويداريها اتقاء لشرها، عن أبي هريرة قال: قال رجل يا رسول الله: إن فلانة فذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال: «هي في النار».
التبذير في الإنفاق من مسالك الشيطان على المرأة المسلمة أن تقتصد في الإنفاق؛ فالإسراف والتبذير في الإنفاق مسلك من مسالك الشيطان ومجلبة للإثم، ومفسدة للمال، ومدعاة للندم قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}، وقال -تعالى- {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كلوا وتصدقوا، والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة»، فلا تبالغي في تتبع الموضات والزينات التي تفتتن فيها المرأة غالبًا، فإن ذلك دليل على نقص الإيمان وقلة العقل وضعف الشخصية، فعليك بالعقل والتدبير في المال الذي استودعك الله إياه وكوني حازمة في هذا الأمر، واعلمي أن الدنيا لا تدوم على مثل هذه الحال؛ فأعدي ليوم الشدة والضيق ما يقويك ويغنيك عن الخلق ويصون ماء وجهك.
أخطاء تقع فيها بعض النساء من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء: جفاء الزوجة لأم زوجها، والتقصير في السؤال عنها وزيارتها، وتزهيد زوجها في أمه وأهله، وعدم احتمال هفوات الأم اليسيرة العابرة، وربما تطاولت عليها في الكلام والفعال، والإنكار على الزوج في بذل ماله لأمه وأهله ونحو ذلك.

ابو وليد البحيرى
2024-11-24, 02:31 PM
المرأة والأسرة – 1243

الفرقان



أهمية العلم بسِيَر أمهات المؤمنين
إن أهمية العلم بسير أمهات المؤمنين، اللاتي طهرهن الله واختصهن بمكانة عالية، ليكنّ مدارس للتربية والفضيلة، ومنارات هادية للأخلاق والقيم الإسلامية، تكمن في نقلهن لأجيال المسلمين الحكمة النبوية والأخلاق الحميدة من خلال عيشهن في بيت النبي الكريم، ليصنعن نموذجًا مثاليا للمرأة المسلمة الصالحة، المتعلمة والعاملة، والصابرة الزاهدة. لقد اختص الله -تعالى- كل واحدة من أمهات المؤمنين بمزايا وخصائص، لا توجد في نساء العالمين، كيف لا؟ وقد زكاهن الله في كتابه الكريم، وسجل لهن هذا الفضل في قرآن يتلى إلى يوم الدين، ومما فضلهن الله به، أن الوحي المبارك كان يتنزل في بيوتهن في الليل والنهار، وليس بعد ذلك الفضل شرف ومنقبة، ومنزلة ومرتبة، قال -تعالى-: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (الأحزاب:34)، وقد نقلت أمهات المؤمنين ما كان يجري في البيت النبوي، من الهدي والسمت إلى الأمة الإسلامية، ولقد بين القرآن الكريم أن لأمهات المؤمنين فضائل ومناقب شريفة، منها أنهن أمهات للمؤمنين والمؤمنات جميعهم، مع ما لهن من شرف الصحبة والمعية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن تلك الفضائل العلية: أنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، على زينة الدنيا ومتاعها، لما خيرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وآثرن الصبر على الجوع، والعيش على ما تيسر من زاد قليل، ومتاع زهيد من كسوة وبيت وغيره، كما ذكر الله ذلك فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}(الأحزا ب: 28-29).
رسالة إلى كل فتاة
الحياء زينتك، وتاج أمرك، وهو منبع الإيمان بالله -تعالى-، فلا ترخي سمعك لأولئك المخادعين، الذين يدعونك إلى التبرّج باسم الحرية والانفتاح؛ فالحرية في ديننا هي العبوديّة المطلقة لخالقنا -سبحانه وتعالى-، وبانضباطنا للشرع وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، وبهذا نكون على الطريق المستقيم الذي يرضاه الله لنا -سبحانه وتعالى.
أمهات المؤمنين معلمات وقدوة للبشرية
أمهات المؤمنين قدمن مثالا صادقا على سلوك المرأة المسلمة الصالحة، العالمة والعاملة، والمجاهدة في سبيل الله، والحافظة لبيتها وزوجها، فوجب علينا التعرف عليهن، وعلى حياتهن وفضلهن، ومكانتهن في الإسلام بعد دخولهن بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اهتدين بهديه - صلى الله عليه وسلم -، ونهلن من ينابيع العلم النبوي، والمعرفة بكتاب الله -عز وجل-، فهن معلمات وقدوة لنساء البشرية جميعا، بنقل سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الشريفة، والتعريف بأحواله وأعماله وخلقه في بيته وبين أهله.
أهمية وجود المرأة القدوة
إن وجود المرأة القدوة من أعظم أسباب القوة والالتزام والعطاء في المجتمع المسلم؛ وذلك لأن وجود المرأة القدوة يعني وجود البنت الصالحة والزوجة الصالحة والأم المربية، ومن ثم وجود الأسرة الناجحة والذرية الصالحة والمجتمع المسلم المنشود، فنحن عندما نولي المرأة اهتماماً كبيراً فإننا نهيئ أسباباً عظيمة لأهم الأمور وأخطرها في بناء المجتمعات عمومًا، وفي بناء المجتمع المسلم خصوصًا.
قدوات زائفة!
من الفتن المعاصرة أن يرتبط كثير من الفتيات عبر وسائل التواصل والإعلام الحديث بشخصيات لا تصلح أن تكون قدوةً في دين ولا علم، ولا خلق ولا سلوك، إما لفسادها وانحرافها وإما لجهلها وسطحيتها، إن هذه القدوات الزائفة قد تزين للمعجبات بهن الإلحاد والبدع والتبرج والاختلاط والتمرد على منظومة القيم والأخلاق، بأسلوب مباشر مرة وبأساليب غير مباشرة في كثير من الأحيان، فعلى الآباء والأمهات أن يبينوا لبناتهن خطر اتخاذ هؤلاء قدوة لهن، وآثاره السيئة عليهن، وعليكم أن توثقوا صلتهن بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبسير الصالحين والصالحات من سلف هذه الأمة، فسيجدن القدوة الصالحة في العقيدة والإيمان والعبادة والأخلاق.
كيفية زكاة حلي النساء
سئل الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- كيف نزكي ذهب النساء؟ فأجاب -رحمه الله-: يزكى مثل ما يزكى غيره ربع العشر، بالنسبة للذهب يزكى ربع العشر ولو يلبس، الصواب فيه: الزكاة ولو يلبس، إذا بلغ النصاب تخرج ربع العشر من قيمة الحلي من الذهب، والخواتم، والقلادة، والأسورة، وغير ذلك، يعرف وزنه في السوق، ويزكى بقدر قيمته في السوق الذهب المعروف، هذا إذا كان ذهبًا وفضة، أما غير ذلك من الماس، وأنواع الحلي التي غير الذهب والفضة فما فيها زكاة إذا كانت للبس، لا للبيع، ولا للتجارة، ليس فيها زكاة.
أثر القدوة الصالحة
إن القدوة الحسنة لها الأثر البالغ في تقويم العقيدة والعبادة والخلق والسلوك، وكذلك القدوة السيئة لها الأثر البالغ في الزيغ والضلال في العقيدة والعبادة والخلق والسلوك؛ فلتحرصي أختي غاية الحرص على أن تقتدي بالصالحات، ولتحرصي أن تكوني قدوة صالحة لزوجك وبناتك وأبنائك وغيرهم كما قال -تعالى- عن عباد الرحمن أنهم يدعون ربهم فيقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
مخالفات تقع فيها النساء
من الأمور التي تتساهل فيها بعض النساء ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا سيما في الأوساط النسائية، والله -تعالى- يقول: وَالْمُؤْمِنُون َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه}، وكذلك إهمال بعض النساء للنصح للزوج والأولاد - بنين وبنات - فيما يقصرون فيه من أداء الفرائض، وعدم النصح لهم، ومن ذلك تكاسل الزوج والأبناء عن الذهاب للمسجد لأداء الفرائض، وكإهمال البنات إذا بلغن المحيض لأداء الفرائض والصيام وغيرها من الواجبات.
مفهوم العزة بالإسلام
من أهم المفاهيم التي ينبغي على المرأة المسلمة أن تتشربها وترسخها في نفسها: مفهوم العزة بالإسلام، والعزة لهذا الدين، فهذه العزة تصنع من شخصية المرأة المسلمة شخصية تستطيع بها أن تكون امرأة قدوة، ومربية، وداعية، وصابرة، وأن تكون امرأة مستعلية على ركام الدنيا بكل ما تحويه من الفتن، فإذا فقدت المرأة عزتها بهذا الدين فإنها تصبح نهماً وطمعاً لكل عدو ماكر يتربص بها الدوائر، ويريد أن يدخل إلى نفسها كل غريب عن الإسلام، وكل منافٍ لدين الله، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «كنا أذل أمة فأعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله».

ابو وليد البحيرى
2024-11-30, 11:54 AM
المرأة والأسرة – 1244

الفرقان

نصيحة لمن تريد الثبات من أرادت الثبات على الاستقامة، والفوز والفلاح في الآخرة فعليها أن تجاهد نفسها على التمسك بتعاليم القرآن، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، والوقوف عند حدوده، فمن فعلت ذلك فقد سلكت سبيل الهدى والاستقامة.
القرآن الكريم يرشدنا إلى مكارم الأخلاق أختي الكريمة، من المعلوم بالضرورة أن الله -سبحانه و تعالى قد منَّ على البشرية بخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأتم عليه وعلى أمته النعمة بأن أنزل عليهم القرآن الكريم، وبالتأمل والتدبر نجد أن القرآن الكريم يرشدنا إلى مكارم الأخلاق، ويحث عليها. ومن هنا ندرك قيمة حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حينما سُئلَت عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: «كان خلقه القرآن»، ومن هذا الوصف لأم المؤمنين -رضي الله عنها- ندرك أن أخلاق نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - كانت متمثلة في اتباع القرآن، والاستقامة على ما تتضمنه آياته من أوامر ونواهٍ، والتَّخلق بالأخلاق التي امتدحها القرآن الكريم وأثنى على أهلها، والبعد عن الأخلاق التي نهى عنها القرآن الكريم وذم أهلها، قال -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)، قال ابن كثير -رحمه الله-: ومعنى هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا سجيَّةً له وخُلقًا، فما أمره به القرآن فعله، وما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم، من الحياء والكرم والشَّجاعة والصفح والحلم، وكل خُلقٍ جميل، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي ترشدنا إلى مكارم الأخلاق؛ فمن أرادت أن تستمر على طريق الاستقامة، بل وترتقي بأخلاقها حتى يستقيم قلبها، وتستقيم جوارحها وتكون أمةً ربانيةً حقا، وتكابد نفسها الأمارة بالسوء، وتأطرها على الحق حتى تكون نفسًا مطمئنة، فلتتدبر آيات القرآن وتعمل بما فيها من أوامر، وتجتنب ما فيها من نواهٍ.
التربية الإيمانية لأهل البيت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: « كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء»، وترغيب النساء في الصدقة مما يزيد الإيمان، وهو أمر عظيم حث عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: «يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار»، ومن الأفكار المبتكرة وضع صندوق للتبرعات في البيت للفقراء والمساكين، فيكون كل ما دخل فيه ملكا للمحتاجين؛ لأنه وعاؤهم في بيت المسلم، وإذا رأى أهل البيت الآباء والأمهات يصومون النوافل مثل الأيام البيض، والاثنين والخميس، وتاسوعاء، وعاشوراء، وعرفة، وغيرها، فسيكون دافعا لهم على الاقتداء به.
آيات جامعة للأخلاق الكريمة من الآيات الجامعة للأخلاق الكريمة قوله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90)، قال البغوي: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ «بِالْإِنْصَافِ »، «وَالْإِحْسانِ» إِلَى النَّاسِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ العدل التوحيد، والإحسان: الْعَفْوُ عَنِ النَّاسِ، «وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى» صِلَةُ الرَّحِمِ، «وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ» مَا قَبُحَ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الزِّنَا، «وَالْمُنْكَرِ» ما لا يُعْرَفُ فِي شَرِيعَةٍ وَلَا سُنَّةٍ، «وَالْبَغْيِ» الْكِبْرُ وَالظُّلْمُ. «يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» لعلكم تَتَّعِظُونَ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَجْمَعُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةُ، ومن أخلاق القرآن الكريم التي يأمر الله -تبارك وتعالى- نبيه أن يتحلى بها ما ورد في قوله -تعالى-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199) قال ابن القيم: جمع الله له هنا مكارم الأخلاق، وقال جعفر الصادق: أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية.
ما أشبه المربِّي بالطبيب! ما أشبه المربي بالطبيب! يحتاج إلى معرفة أحوال من يعالجه؛ ليصف له الدواء، أو العلاج المناسب، والرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو خير من وجَّه، وربَّى، وأرشد- كان يجيب كل سائل بما يراه، ناصحًا له، أو رادعًا وزاجرًا، فهذا رجلٌ يعرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه شدة الغضب يسأله: أوصني، يجيبه: (لا تغضب) يسأله: أوصني، يجيبه: (لا تغضب) فيردد مراراً: أوصني، ويبقى الجواب: (لا تغضب)، فالحلم دواؤه المناسب، وذاك آخر يعرف منه التأخر عن الصلاة الجماعة يستنصحه، فيجيبه: (الصلاة على وقتها)، مبينًا له أنها من أحب الأعمال إلى الله -تعالى-، فما أجمل أن تتصف المرأة بهذه الصفة ولا سيما أنها مربية الأجيال.
أخطاء يقع فيها الآباء والأمهات من الأمور التي يتساهل فيها الآباء والأمهات إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد، ولا شك أن هذا الأمر يزعزع تماسك البيت، ويضر بسلامة البناء الداخلي؛ فظهور الصراعات أمام الأبناء، يجعلهم ينقسمون إلى معسكرين أو أكثر، فيتشتت الشمل، فضلا عن الأضرار النفسية عليهم وعلى الصغار بالذات، فتأملي حال بيت يقول الأب فيه للولد: لا تكلم أمك، وتقول الأم له: لا تكلم أباك، والولد في دوامة وتمزق نفسي، والجميع يعيشون في نكد، فلنحرص على عدم وقوع الخلافات، ولنحاول إخفاءها إذا حصلت، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب.
التحلي بالصبر والعفو قال الله -تعالى- في الحث على التحلي بالصبر والعفو: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (الشورى: 43) ففي التفسير الوسيط: وللإنسان الصابر على الأذى الذي يصفح عمن أساء إليه، الثواب الجزيل، والعاقبة الحسنة؛ لأن ذلك الصبر والمغفرة منه، لمن الأمور التي تدل على علو الهمة، وقوة العزيمة؛ ولذلك أشار إلى ما يدل على بيان فضله وجميل عاقبته قوله -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة:153).
إشاعة الرفق في البيت من أهم الأخلاق التي تحتاجها بيوتنا -ولا سيما في هذا العصر المتسارع- إشاعة خلق الرفق واللين في البيوت، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله -عز وجل- بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق»، أي صار بعضهم يرفق ببعض، وهذا من أسباب السعادة في البيت؛ فالرفق نافع جدا بين الزوجين، ومع الأولاد، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه».

ابو وليد البحيرى
2024-12-06, 05:01 PM
المرأة والأسرة – 1245

الفرقان




النهضة الحقيقية للمرأة المسلمة
الطريق إلى النهضة الحقيقية للمرأة المسلمة لا يكون بالتخلي عن هويتها وثوابتها، بل بالعودة إلى ينابيع الإسلام الصافية، والعمل على تطبيق تعاليمه السمحة؛ فالإسلام صالح لكل زمان ومكان، وفيه الحلول لكل ما يواجهنا من تحديات، إن نحن أحسنا فهمه وتطبيقه.
احذروا هذا المفهوم: «الفيمينزم الإسلامي»!
من المفاهيم التي بدأت تنتشر في أوساط النساء مصطلح يُسمى بـ«الفيمينزم الإسلامي»، ويسعى أصحاب هذا المصطلح إلى التوفيق بين الأفكار النسوية الغربية وتعاليم الإسلام، وهذا المصطلح من الخطورة بمكان؛ لأن الإسلام كامل بذاته ولا يحتاج إلى إضافات من خارجه، والأولى أن ندعو إلى حقوق المرأة في الإسلام دون الحاجة إلى مصطلحات دخيلة قد تحمل في طياتها مفاهيم تتعارض مع عقيدتنا. ومن هذه الأفكار التي يلبسون بها على النساء، قضية عمل المرأة، وهو الحق الذي لم يمنعه الإسلام مطلقا، فالعمل المشروع الذي يناسب فطرة المرأة ولا يتعارض مع واجباتها الأسرية حلال بالإجماع، لكن ذلك لا يجب أن ينسينا أنَّ الأمومة هي أشرف وأهم وظيفة للمرأة، وأن رعاية الأسرة هي مسؤولية عظيمة لا يجب التقليل من شأنها على النحو الذي نلحظه دائمًا في طرح الحركات النسوية، وكأن أدوار المنزل سُبَّة أو عار على المرأة أن تمحوه. وكذلك مفهوم الأسرة كما يعلمنا ديننا هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وصلاحها من صلاح المجتمع كله، وينادي هذا التيار بتخلي المرأة عن دورها الأسري بحجة تحقيق ذاتها ولا شك أنها دعوات خطيرة تهدد استقرار الأمة كلها؛ فالتوازن بين الواجبات الأسرية والطموحات الشخصية هو ما يجب أن نسعى إليه، وهو ما يتفق مع روح الإسلام الوسطية. الأمر ذاته ينعكس على قضايا أخرى مثل الزواج؛ إذ يدعو أصحاب هذا المصطلح إلى إعادة النظر فيما يسمينه «الأدوار التقليدية للزوجين»، وهو ما يؤدي إلى زعزعة استقرار الأسرة على قاعدة أسئلة استنكارية، منها: لماذا تقوم المرأة بأدوار المنزل؟ لماذا لا يقوم بها الرجل؟ وإذا كان الشرع الحنيف لم يجعل هذه الواجبات فريضة شرعية بالمعنى الحقوقي، فإن مقتضاها ينطوي عليه حسن تبعل المرأة لزوجها، كما أن إنكارها يخدش مفهوم القوامة المقرر في قوله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} (النساء: 34).
مقياس الصلاح عند المرأة
قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: 34)، هذه الآية فيها دلالة واضحة على مقياس الصلاح الذي يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة، وأول مقياس للصلاح أن تكون المسلمة قانتةً، والقنوت هو الطاعة، والمراد بها هنا طاعة الزوج بعد طاعة الله -تعالى-، ولو كانت المرأة صوامةً قوامةً عابدةً، ولكنها لا تعرف لزوجها حقًا، وليس له عندها إلا المخالفة، والنشوز، والعصيان، فليس لها من الصلاح حظ ولا نصيب.
(مجلة أجيالنا) وصحافة الأطفال المتخصصة
أكدت دراسة أعدها أحد كتاب الأطفال المتخصصين عن (حاضر أدب الطفل العربي ومستقبله) أن أبناء الأمة العربية والإسلامية في خطر؛ بسبب افتقارهم لصحافة الأطفال المتخصصة باعتبارها إحدى الوسائل المعاصرة لتربية النشء المسلم، وحمايتهم من مؤامرات الغزو الثقافي، الذي يستهدف تغريب عقلية أبناء المسلمين، وأوضح أن الاهتمام بصحافة الطفل سمة حضارية، وأن أكثر من 70 مليون طفل عربي ومسلم في حاجة إلى صحافة واعية؛ لذلك فإن الأطفال المسلمين في حاجة إلى برامج التوعية بالقيم الإسلامية، ومن هنا تأتي أهمية مجلة أجيالنا - التي تصدر عن قطاع العلاقات العامة والإعلام بجمعية إحياء التراث-، بوصفها أحدى أهم مجلات الأطفال الإسلامية المتخصصة التي تُعنى بالقيم الإسلامية والتربوية الأصيلة.

أهمية التربية على القيم
قيم الدين الإسلامي الحنيف تستهدف إقامة علاقات طيبة وفاضلة بين الإنسان وربِّه، بتأدية حق الله - سبحانه وتعالى -، والالتزام بالأوامر والنواهي الربانية وأداء العبادات المفروضة، كما تستهدف إقامة علاقات طيبة بين الناس بعضهم بعضًا، فيعرف الالتزام بواجباته نحو الآخرين، كما يعرف الحقوق التي له تجاه الآخرين أيضًا، كما تستهدف إقامة علاقات طيبة بين الإنسان ونفسه فينهض بما يمليه عليه ضميره، فيشعر بالرضا عن ذاته في عصر التمزقات والتوترات النفسية الشـرسة، وهي التي يكمـن عـلاجها في الإيمـان بالله - تعالى - وممارسة شعائر الدين الإسلامي الحنيف.
مصطلحات شرعية: النشوز
النشوز في اللغة: هو النفورُ والارتفاعُ، يُقال: مكان نَاشِز، أي: مُرتفع، وأمَّا عند الفقهاء، فالمراد به: خروجُ المرأة عن طاعة زوجها؛ لامتناعها عن أداء الحقوق المقرَّرة له عليها شرعًا، ونفورها منه، وإنما سمِّيت هذه المرأة ناشزًا؛ لأنها ارتَفَعت عن طاعة الزوج، وتَعالَت عليه بما يَجِب عليها الخضوعُ فيه شرعًا لزوجها.
دعوة باطلة!
الدعوة إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، -كما تطرحها بعض التيارات النسوية الغربية-، تتجاهل الفروق الفطرية التي خلقها الله -تعالى- لحكمة يعلمها هو، فالله -عزوجل- خلق الذكر والأنثى وجعل لكل منهما خصائصه وأدواره التي تتكامل لتحقيق عمارة الأرض، قال -تعالى-: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} (آل عمران: 36)، وهذا الاختلاف ليس تفضيلاً لجنس على آخر، بل هو تنوع وتكامل يحقق التوازن في المجتمع.
أخطاء تتساهل فيها النساء
من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء إهمال غض البصر، ظنًا منهن أن الله أمر به الرجل دون النساء، وقد قال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور:31)، وإطلاق العنان للنظر للأجانب وخصوصًا على شاشات التلفاز وغيرها مما يسبب الفتنة، وكذلك من الأخطاء أن تنظر المرأة إلى المرأة فتصفها لأحد محارمها بغير غرض شرعي كالنكاح، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها».
القوامة مسؤولية الرجل

القوامة هي القيام على الأمر لحسن تدبيره؛ ما يعني أنها مسؤولية على الرجل، ولا تعني أي ظلم للمرأة أو انتقاص لحقوقها، ولا سيما مع مشروطيتها الواردة في الآية ذاتها: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، فلكل سفينة قيادة، ولا يمكن للقيادة أن تكون لأكثر من ربان، وعليه؛ فإن القوامة تنظيم للحياة الأسرية وفق الفطرة السليمة، لا تفضيل لمطلق الرجال على مطلق النساء، وهي مسؤولية وتكليف للرجل بالإنفاق والرعاية، وليست تسلطاً أو استبداداً.

ابو وليد البحيرى
2024-12-14, 12:43 PM
المرأة والأسرة – 1246

الفرقان

وصايا نبوية للزوجة المسلمة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت»، أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة المسلمة في هذا الحديث بوصايا عدة؛ حتى تفوز بجنة ربها : المحافظة على الصلاة، لأن الصلاة من أعظم العبادات التي أوجبها الله على عباده، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهي عماد الدين، ولا تسقط بأي حال عن الرجل والمرأة، جاء في الحديث الصحيح: «من حافظ عليها، كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة».
صوم رمضان، وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه».
حفظ الفرج، قال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور:31)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه، أضمن له الجنة».
طاعة الزوج؛ لأن للزوج مكانة عظيمة، كما قال -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، فالزوجة الصالحة من حافظت على بيتها، وصانت فرجها، وأطاعت زوجها في المعروف، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: كل ودود ولود، إذا غضبت، أو أسيء إليها، أو غضب زوجها، قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمض حتى ترضى».

صلاح الزوجة هو التجارة الرابحة إذا كانت طاعة الزوج سبيلا لدخول الجنة، فإن صلاح الزوجة هو التجارة الرابحة، فبعد افتراض الزكاة، جاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أي المال نتخذ؟ فقال: «ليتخذْ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة»، قال المباركفوري: «أي: تعينه على دينه، بأن تُذكره الصلاة والصوم، وغيرهما من العبادات، وتمنعه من سائر المحرمات».
دور المرأة لا يسده غيرها للمرأة دور لا يسده غيرها، ولا يملؤه سواها، فهي المربية الناصحة، والرأي الحصيف، وهي لزوجها السند المتين، ولأسرتها الركن الركين، والحنان المتدفِّق والرحمة الغامرة، فقدها لا يعوض، بل يهز كيان الأسرة، وغيابها عن أدائها رسالتها لا يضعف الأسرة فحسبُ، بل يزعزع دعائم المجتمع وأركانه.
الزوجة شريكة الحياة والمسؤولية الزوجة شريكة الحياة والمسؤوليَّة، وقادرة -بما حبَاها اللهُ من عقل وقلب وعاطفة- أن تُقدِّم رأيًا، وقد حمَّلَها الشرعُ مسؤوليَّةً في إدارة البيت ورعاية الزوج والولد، وهذا يقتضي المشارَكةَ في القرار، وإبداء الرأي، وسماع رأيها واحترامه وتقديره، فإذا اختلَفَا فالقرار الفصل للزوج، وله حق الطاعة بالمعروف، وليست الطاعة المطلقة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف»، ووصف الرجولة يوحي بأهمية أن يكون قائد الأسرة رجلًا يتحلى بصفات الرجولة، رجاحة العقل، الحكمة، سعة الصدر، بعد النظر، القدرة على الحوار، استيعاب أفراد الأسرة، ماهرًا في إدارة المشكلات.
من معكرات صفو الحياة الأسرية هناك أمور تُعكِّر حياةَ الأسرة، بل قد تُفسِدها وتُعرِّضها للدمار، ومن أهم هذه المعكرات عدم الشعور بالمسؤولية من قِبَل الزوجين كليهما؛ فكثير من الزوجات لا يَشعرنَ بمسؤوليتهن التي قرَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها»، فهؤلاء الزوجات يُطالِبن الزوجَ بأداء معظم الواجبات، من الإنفاق على البيت، وهو واجب عليه وحده ضِمن قُدرته، ويُطالِبنه أيضًا بالإشراف على دراسة الأولاد، وتربيتهم، وطعامهم، وبحل المشكلات كلِّها التي تَعرِض للأسرة، ولا يشعُرنَ بأن المسؤولية مشترَكة، وهناك حالات نرى الأزواجَ لا يشعرون بمسؤوليتهم في شؤون الأسرةِ، فترى الزوج مُهمِلا في القيام بواجباته نحو أسرته، من جوانب الإنفاق، والتربية، والتوجيه، والرعاية الصحية، وما إلى ذلك، ويُلقي ذلك كلَّه على الزوجة، والحق أن المسؤولية مشترَكة بين كلا الزوجين، ولابد من حمْل كل منهما بعض الأعباء، حتى يَخِف الحملُ على كل منهما، وهذا يُحقِّق التفاهمَ والسعادة.
قوامة الرجل تشريفٌ وتكليف قال الله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}(ا لنِّسَاءِ: 34)، القوامةُ ولايةٌ تَمنَح الزوجَ حقَّ القيام على شؤون الأسرة وتدبيرها، فهو أمينٌ على الأسرة، يتولَّى أمرَها، ويحميها، ويقوم على مصالح الزوجة والأولاد، بتأمين المأكل والملبس والمسكن والنفقة، ويتعاهد زوجَه وأسرتَه بالتعليم والرعاية، فهذه القوامة تشريفٌ للرجل وتكليفٌ، وزيادةُ مسؤولياتٍ وأعباء، ومِنَ الزلل التمردُ على منصب القوامة، ومنازَعة الرجل ما كلَّفَه اللهُ به.
أسس بناء الأسرة المسلمة الحياة الأسرية مبناها على المودة، والألفة، والرحمة، والتفاهم، لكن *قد *يعكِّر صفوها، *ويكدِّر *حياتها أمورٌ عارضة للطبيعة الأسرية، والمشكلات الأسرية أمر جبلِّيٌّ لا تخلو أسرة منها، وسرعان ما تزول وتتلاشى المضارُّ بزوال سببها، إذا عُولجت بحكمة وصبر وتغافل عن الهفوات والزلَّات، وشريعة *الإسلام *تحرص على بناء صرح الأسرة القوية المتماسكة الجادة المتعاونة؛ لكونها اللَّبِنة الأولى للمجتمع؛ فالزوج والزوجة، والأولاد والأحفاد يعملون بجدٍّ ونشاط، لتحقيق الأهداف التي أرادها الإسلام من الأسرة، ومنها: مد المجتمع ببناة الجيل الصالح، الذي منه تتكون الأمة القوية الناجحة.
أخطاء تتساهل فيها النساء من الأخطاء التي تقع فيها كثير من النساء في عصرنا الحاضر، ولا سيما مع تطور وسائل التواصل الحديثة، جلوس العديد من النساء ربما لساعات، وانشغالها عن خدمة زوجها وتربية أولادها، وتنظيم بيتها، وبدلًا من أن تكون هذه الوسائل نعمةً يُسخِّرها الإنسان في الخير، ويستخدمها في المعروف، أضحت في كثير من الأحيان نقمةً وبلاءً على الأسر الإسلامية؛ فلتحذر المرأة المسلمة من الوقوع في مصيدة هذه المواقع! فتضيع نفسها وتضيع أسرتها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضَيِّعَ من يقوتُ».
خير نساء العالمين
قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «كمل من الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النِّساء كفَضل الثريد على سائر الطعام»، ومعنى الكمال التناهِي والتمام، والكمال المطلق لله خاصّة، وأكمل نوع الإنسان الأنبياء ثم يَليهم الأولياء من الصِّدّيقين والشهداء والصالحين، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خُويلد، وفاطمة بنت محمد»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خُويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون».

ابو وليد البحيرى
2024-12-22, 03:14 PM
المرأة والأسرة – 1247

الفرقان


مسؤولية الوالدين في تربية أبنائهم إن على الوالدين مسؤولية كبيرة في تربية أولادهم، وتنمية الوازع الديني في نفوسهم، وتعريفهم بالحلال والحرام، وتعويدهم على الحياء والعِفَّة التي هي أقصر طريق إلى المجد والعزِّ، وتقوية الرقابة الذاتية لديهم تجاه المغريات والملهيات التي تدعو إلى زعزعة الثقة في الثوابت والأخلاق، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» .
حال الفتاة المؤمنة الفتاة المؤمنة حريصة دائمًا على تقوية إيمانها وصلتها بخالقها وبارئها، وحريصة على مراقبة ربِّها في كل لحظة ولمحة، فلا تجدها أبدًا في موطن شبهة، وإن غابت عن أعين الناس؛ لأنها تعلم أن ربها يعلم خائنة الأعين وما تُخفِي الصدور، ولا يعزُبُ عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. الفتاة المؤمنة، حريصة على صلواتها في أوقاتها، بخشوعها، وأركانها، وسننها، وواجباتها، ولا تُؤخِّرها عن وقتِها من غير عذر شرعي؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103)، وقال -سبحانه-: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (المؤمنون: 1 - 2). الفتاة المؤمنة حريصةٌ على التفوق في دراستها، والتسلح بسلاح العلم والمعرفة، وحريصة على استثمار وقتها فيما يعود عليها بالخير والمنفعة، ويُحقِّق لها ما تفيد به نفسها ومجتمعها وبنات جنسها.
الفتاة المؤمنة، حريصة على حضور مجالس العلم والقرآن، وحفظ ما تيسر من كتاب ربها -جل وعلا- وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم -، وتعلُّم ما يخص أمور دينِها مما تُصحِّح به عبادتها وعقيدتها، ويهذب سلوكها وأخلاقها.
الفتاة المؤمنة حريصةٌ على البر بوالدَيها، وخدمتهما قبل زواجها وبعده، فلا ترفع صوتها فوق صوتهما، ولا تنهرهما أو ترد لهما طلبًا ما دام في حدود المعروف، وتبادِر دائمًا إلى السؤال عنهما، وتفقُّد أحوالهما باستمرار، ولا تمر عليها سجدة أو موضع استجابة إلا ودعت الله لهما بالرحمة والمغفرة أحياء وأمواتا،، واضعة نصب عينَيْها دائمًا قوله -تبارك وتعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا} (الإسراء: 23).
الفتاة المؤمنة، حريصة على حسن التبعُّل لزوجها وطاعته في غير معصية الخالق -تبارك وتعالى-، قال - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا متاعٌ، وخير متاعها المرأة الصالحة».

لين الكلام عبادة لين الكلام وطيبه عبادةٌ وقُربة نؤجَر عليها؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل سلامَى مِنَ الناس عليه صدقة، كل يوم تطلُع فيه الشمسُ يعدل بين الاثْنَيْن صدقة، ويُعين الرَّجل على دابته فيحمل عليها أو يرْفع عليها متاعَه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خُطوة يَخْطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عنِ الطريق صدقة»؛ فإذا كانت الكلمةُ الطيبةُ مع الأباعد صدقة، فكَوْنها صدقة مع الأقارب أَحْرى وأَوْلَى.
الفتاة المسلمة مؤثرة وليست متأثرة الفتاة المؤمنة حريصة على أن تؤثر فيمن حولها وألا تكون هي المتأثرةَ بما حولها من تجاوزات وتصرفات خارجة عن حدود الشرع والدين، سواء من الأهل أو الصديقات والزميلات في العمل والدراسة... إلخ، بل هي حريصةٌ دائمًا على أن تكون هي المؤثِّرةَ؛ أي الداعية إلى ما يصلحهم، وفيه الخير لهم في دينهم ودنياهم، وذلك بالكلمة الطيبة، والخلق الراقي، والموعظة الحسنة، والصبر الجميل، والدعاء لهم بالهداية؛ لقوله -سبحانه وتعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ} (النحل: 125).
أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-
نموذج للفتاة المسلمة الصالحة في بيت أبيها أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بمكة، نشأت وتشبعت أسماء -رضي الله عنها- بمبادئ الإسلام، ورباها أبوها على أخلاقه، فخرجت من بيته الكريم نموذجًا إسلاميًّا رائعًا للمرأة المسلمة، وقد حفظت السيرة لها مواقف بطولية مشرقة، فلقد كانت تحمل الطعام والماء وأخبار مكة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أثناء إقامته في الغار، عن أسماء -رضي الله عنها- قالت: صنعتُ سُفْرةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر، حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، قالت: فلم نجد لسفرته ولا لِسِقائه ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئًا أَرْبُطُ به إلا نِطَاقي، قال: فشُقِّيه باثنين فارْبُطِيه، بواحد السقاء، وبالآخر السفرة، ففعلت، فلذلك سميت ذات النطاقين.
زوجة صابرة تزوجت (أسماء) -رضي الله عنها- بالزبير بن العوام - رضي الله عنه -، وكان حينذاك فقيرًا، لا يملك إلا فرسه، وعاشت معه صابرة مجاهدة، تعمل - في البيت - عملا يدرّ عليهما رزقا يستعينان به على الحياة، وقد هاجرت معه إلى المدينة على هذه الحال.
أديبة عالمة كان أبو بكر الصديق -رضى الله عنه-، ملازمًا للقرآن الكريم وللنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي ظل هذا الوالد المؤمن نشأت (أسماء) -رضي الله عنها-، وتغذى عقلها ولسانها وضميرها، فلا عجب أن تكون أديبة بليغة تقول الشعر، وتجرى الحكمة على لسانها قوية صادقة، وكانت - إلى جانب ذلك - عالمة بأمور دينها محدثة، تروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تسمع من كلامه الطيب، وقد روى لها الشيخان (البخاري، ومسلم) ستة وخمسين حديثًا.
من أسباب الألْفة بين الزوجَيْن مما يزيد الألْفة بين الزوجَيْن، الاحترام المتبادل بينهما، ومن ذلك مناداة المرأة وتكْنيتها بما تُحِب من الكنى، وتلقيبها بالألْقاب الحسنة التي فيها ميزة على غَيْرِها منَ النساء، مِن: صلاح دين، أو حُسْن خُلُق، أو زيادة جَمال، أو حُسن تدْبير في بيتها، أو غير ذلك مما تمْتاز به عنْ غيرِها من النساء، وترخيم اسمها عند ندائِها، وذلك بحذْف أواخِر الاسْم؛ تمْليحًا لها، وإظْهارًا لقَدْرِها عند زَوْجِها؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالتْ: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائش، هذا جبريل يُقرئك السلام»، قلت: «وعليه السلام ورحمة الله»، قالت: وهو يرى ما لا نرى».
إحياء البيوت بذكر الله أمر الإسلام بإحياء البيوت بذكر الله -تعالى- قراءةً لكتاب الله، وصلاةً، وعبادةً، وذكرًا؛ ولذلك كان من سنته - صلى الله عليه وسلم - صلاةُ النافلة في بيته؛ فعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا»، وفي هذا دلالة واضحة على أنه يجب على المسلم أن يجعل في بيته نصيبًا من العبادة، ولا سيما الصلاة؛ لتعليم أبنائه وأهله الصلاةَ، وتعويدهم عليها، ونتذكر في هذا المقام أيضًا محرابَ مريمَ، وهو مكان عبادتها، الذي قال الله فيه: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} (آل عمران: 37).
أهم ملامح البيت المسلم
البيت المسلم لابد أن يكون عامرًا بالذكر والصلاة، وهذه العبادة هي أولى الملامح التي تميزه عن غيره من البيوت، وإننا لنعجب من بعض النساء المتفرغات لبيوتهن من الشكوى بالملل والفراغ! وقد وهبها الله فرصة عظيمة لعمارة بيتها وقلبها بالعبادة، التي هي الأولوية المطلقة للإنسان المسلم، والعبادة بمعناها العام، تشمل جميع مهام المرأة، بشرط إصلاح النية، واحتساب هذه الأعمال {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162).

ابو وليد البحيرى
2024-12-26, 03:41 PM
المرأة والأسرة – 1248

الفرقان



من خصائص الأسرة المسلمة
من أهم خصائص الأسرة المسلمة ومقوماتها، حرصها على تطبيق شرع الله -تعالى- في شؤونها، وعلى تقوى من الله، واجتمعت على هدف واحد هو الذي من أجله خُلقت وتكونت، إنه عبادة الله -تعالى- والحرص على طاعته ولزوم أوامره.
صورةٌ مشرقة للمرأةِ المؤمنة
رياحُ بن عمرو القيسي، أحدُ الصَّالحين الكبار في هذه الأمَّةِ، تزوَّج رياح امرأةً، فأراد أن يختبرَها، فلمَّا كان الليلُ تناوَمَ لها، فقامتْ هذه المرأةُ الصَّالحة تصلِّي حتَّى مضى ربعُ اللَّيْل، ثم نادته: قُمْ يا رياح، فقال: أقوم، أقوم إن شاء الله، فقامت الرُّبعَ الثَّاني، ثم نادته: قم يا رياح، قم، فقال: أقوم، ولم يقمْ فقامتِ الرُّبعَ الثَّالثَ، ثم نادته: قم يا رياح، فقال: أقوم، ولم يقم، فقالت: يا رياح مضى الليلُ، وعسكرَ المحسنون وأنت نائم! ليتَ شعري من غرَّني بك يا رياح؟! من غرَّني بك؟! قال: وقامت الربعَ الباقي، واللهِ إنَّها لصورةٌ مشرقة للمرأةِ المؤمنة الصَّالحة، لقد فهمتْ هذه المرأةُ الصَّالحةُ أنَّ الزواجَ قبل أن يكون تعاونًا على أمورِ الدُّنيا، فهو تعاونٌ على أمورِ الدِّين، فالزوجُ يأخذ بيد زوجتِه، والزوجةُ تأخذ بيد زوجِها، ويسيران معًا على طريقِ الله، أرأيتم موقفَ هذه المرأةِ الصَّالحة، كيف أثبتت لزوجِها أنَّها صاحبةُ منهج، وستواصلُ مسيرتَها في عبادةِ ربِّها، ولن تقطعَ صلتَها بخالقِها، سواء شاركَها زوجُها في ذلك أم تخلَّف عنها، بينما نجدُ في دنيا اليومِ الكثيرَ من النِّساء مَنْ تتركُ الصَّلاةَ وتلاوةَ القرآن وطاعةَ ربِّها بمجردِ أن تتزوَّج! ولا سيما إذا بُليت بزوجٍ غيرِ صالح. موقفُ هذه المرأةِ الصَّالحةِ ينبغي لكلِّ مسلم ومسلمة أن يقفوا أمامَه ليراجعوا أنفسَهم وأحوالَهم، فكأنَّ هذه المرأةَ أرادت -من خلال موقفها- أن تذكِّرَ المسلمين والمسلمات بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «رحِمَ اللهُ رجلاً قام من اللَّيْلِ، فصلَّى وأيقظَ امرأتَهُ، فَإنْ أبَتْ نَضَحَ في وَجهِها الماءَ، رحمَ اللهُ امرأةً قَامَتْ مِنَ اللَّيلِ، فصلَّتْ وأيقظتْ زوجَها، فإنْ أبَى نَضَحَتْ في وجهِهِ الماءَ».
التعامل بين الزوجين بالمعروف
يتعين على كل من الزوجين أن يعامل قرينه بالمعروف؛ عملاً بقوله -تعالى-: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء:19)، وعملاً بقوله -تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} (البقرة:228)، وعليهما أن يحرصا على تماسك الأسرة، ولاسيما في حال وجود الأولاد، لأن تشتت الأسرة يؤدي لضياع الأولاد وفساد أخلاقهم، وعليهما أن يسعيا جادين في حل مشكلة كره أحدهما للآخر، ولا بأس أن تناقش المرأة زوجها حتى تتعرف على ما ينفره منها، فتجتنبه، فإن رجوع المرأة إلى ما يرضي زوجها من أخلاق السلف، وقد رغب في ذلك الشارع، فقد روى الطبراني بسند حسن كما قال المنذري والألباني أن «سعدى المرية» زوجة طلحة بن عبيد الله -]- قالت: دخلت يومًا على طلحة فرأيت منه ثقلاً، فقلت له: مالك؟ لعلك رابك منا شيء فنعتبك، فقال: لا، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت، وقد دل على فضل ذلك ما في الحديث: ألا أخبركم بخير نسائكم من أهل الجنة! الودود الولود العئود لزوجها التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضًا حتى ترضى.
الأسرة والنهوض بالمجتمع
لا سبيل إلى النهوض بالمجتمع المسلم علميًا وإيمانيًا وخلقيًا وثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا إلا من خلال التربية الأسرية التي تسعى إلى إصلاح الفرد ليكون لبنةً صالحةً، وعنصرًا نافعًا في المجتمع، فبصلاح الفرد يصلح المجتمع، ومن أهم أسباب تخلف العالم الإسلامي وتراجع حضارته وتفرق وحدته، غياب دور الأسرة التربوي في إعداد الجيل المسلم الذي يعيد للأمة مجدها ونهضتها وعزتها وكرامتها، وصلاحها وقوتها، فالتربية حصن مكين من مكائد أعداء الدين، من هنا كانت الأهمية البالغة للتربية الأسرية لتحصين الأجيال من تلك السموم التي صارت تُبَث من جهات شتى لإثارة الشبهات، ونشر الشهوات، فما أحوجنا إلى أن نتمسك بهذا الحصن، وأن نتشبث به، وأن نعلم أنه لا سبيل لنا إلى استعادة حصوننا الأخرى إلا من خلاله، فهو المنطلق لنا إلى الإصلاح الشامل في شتى الجوانب.
التربية الإيمانية للأبناء
بالتربية الأسرية القويمة نخرج للأمة أجيال صالحة راشدة، فالتربية الإيمانية لها ثمراتها الباقية للأسرة والمجتمع، حيث ينعم الأبوان ويتمتعان ببِرِّ أولادهما الصالحين الذين تربوا على الأخلاق والقيم الأصيلة، وينتفعان بصلاحهما بعد مماتهما، لأن الله -تعالى- ينفعهما بدعاء ولدهما الصالح، ويرفع درجتهما باستغفاره وصلاحه، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقولُ يارب أنَّى لي هذه، فيقول باستغفار ولدك لك}، فمن أراد أن يُرزق ببر أولاده فليجتهد في تربيتهم تربية إيمانية، لأن المؤمن يعرف حق الله -تعالى- عليه وحق أبويه وحق زوجته وأولاده وسائر الحقوق.
الاقتصاد في المعيشة
على الأسرة المسلمة أن تكون مقتصدة في مطعمها ومشربها ومسكنها وملبسها وسائر شؤونها، فإن الترف من أسباب الفساد والانحلال، فلا إسراف ولا تقتير قال -تعالى-:{وَالَّذِين َإِذَا أَنفَقُوا لَم يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِك َقَوَاما} (الفرقان67) أي: ليسوا مبذرين في إنفاقهم ولا بخلاء على أهليهم، بل معتدلون في الإنفاق، وخير الأمور أوسطها، وقد سأل عبد الملك بن مروان ابن أخيه عمر بن عبد العزيز ما نفقته؟ فقال: الحسنة بين السيئتين، ثم تلا هذه الآية {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} (الفرقان67)، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «كفى بالمرء سرفاً ألا يشتهي شيئاً إلا اشتراه».
الأسرة وتحري الحلال الطيب
يجب على الأسرة المسلمة أن تتحرى الحلال الطيب، وأن تمتنع عن الحرام، وأن تتقي الشبهات حتى يبارك الله - -تعالى- في الذرية - قال بعض السلف: «لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع مالا بأس به حذراً مما به بأس»، وقال بعض الصحابة: «كنا ندع سبعين بابًا من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام»، وكان نساء السلف الصالح إذا خرج زوج إحداهن من بيته تقول له: «اتق الله فينا ولا تطعمنا حرامًا، فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على نار جهنم».
الترابط والمودة
من المقومات الأساسية للأسرة المسلمة الترابط الأسري بين جميع أفراد الأسرة، فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي المتبادل، فحينئذ يتربى الناشئ في جو سعيد يهُبُّهَا الثقة والاطمئنان، والعطف والمودة، بعيدًا عن القلق والعقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيته، ولقد أنشأ الله -تعالى- العلاقة الزوجية على أساس المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم21).

ابو وليد البحيرى
2025-01-06, 01:03 AM
المرأة والأسرة – 1249

الفرقان

التشاور بين الزوجين
التشاور بين الزوجين من أهم عوامل استقرار الأسرة واستمرارها؛ فالشورى منهج حياة في ديننا الإسلامي، قال -سبحانه وتعالى-: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم} (الشورى:38)، وإن أولى الناس بالمشاورة هم الأشخاص المنوط بهم تحمل المسؤولية في البيت، وهما الزوجان. وفي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الكثير من المواقف العملية حول مشاورته لأزواجه، لنا فيها الكثير من العبر والدوس، فعن المسور بن مخرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعد صلح الحديبية: «يا أيها الناس، انحروا واحلقوا»، فما قام أحد، ثم عاد بمثلها، فما قام رجل، حتى عاد بمثلها، فما قام رجل، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل على أم سلمة فقال: «يا أم سلمة، ما شأن الناس؟»، قالت: «يا رسول الله، قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلمن منهم إنسانًا، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك»، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكلم أحدًا حتى أتى هديه فنحره، ثم جلس، فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون، فكان رأي أم سلمة -رضي الله عنها- رأيًا موفقًا ومشورة مباركة، وفي ذلك دليل على استحسان مشاورة المرأة الفاضلة ما دامت ذات فكر صائب ورأي سديد، كما أنه لا فرق في الإسلام بين أن تأتي المشورة من رجل أو امرأة، طالما أنها مشورة صائبة؛ فالشورى سلوك ينظم الحياة والأسرة في كل شئونها، قال الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (الشورى:38)، وفي قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمشورة زوجته أم سلمة تكريم للمرأة، التي يزعم أعداء الإسلام أن الإسلام لم يعطها حقها وتجاهل وجودها، وهل هناك اعتراف واحترام لرأي المرأة أكثر من أن تشير على نبي مرسل، ويعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - بمشورتها لحل مشكلة واجهته في حياته؟!
الأسرة اللبنة الأساس للمجتمع الأسرة المسلمة هي اللبنة الأساس في بناء الفرد الصالح والمجتمع الراشد؛ فهي المأوى الكريم الذي هيأه الحق -سبحانه وتعالى- للبشر من ذكر وأنثى، يستقر فيه ويسكن إليه، وبقدر ما تكون الأسرة صالحة متماسكة يكون المجتمع قويا ومتماسكًا؛ لذلك اعتنى الإسلام بالأسرة منذ اللحظات الأولى، وحثّ على إقامتها على الأسس المتينة التي تضمن لها السعادة والسكينة.
من الأخطاء التي تقع في الحياة الزوجية من الأخطاء التي تقع في الحياة الزوجية، مما يهدد استقرارها وطمأنينتها، الرأي المستبد والتعصب المستمر؛ حيث يستبد أحد الطرفين برأيه، ولا يقبل أي مناقشة فيه، ويطلب تنفيذه حتى ولو كان خطًأ، وفى الواقع إن استبداد الزوج أو الزوجة بالرأي، والإصرار على أن يخضع الطرف الآخر لهذا الرأي دون مناقشة أو مجادلة، حتى ولو كان خطًأ، فإن هذا يجعل الحياة جحيمًا، ويزيد من التباعد بين الطرفين، ويقتل عروق المحبة بينهما؛ لأن الحياة الزوجية ليست أوامر تنفذ، وفروضًا يجب أن تطاع، وليست استبدادًا أو تملكًا وإنما هي مشاركة في كل شيء، في: الرأي، واتخاذ القرارات، ومحاولة تقريب كل منهما إلى الآخر، ودخول كل طرف إلى أعماق نفس الآخر، وفي محاولة فهم كل منهما حتى يستطيعا أن يصلا إلى بر الأمان، والحب يسودهما، والهدوء يملؤهما، والاستقرار والهناءة والسعادة طريقهما.
أروع ما يمكن للمرأة أن تتزين به أروع ما يمكن للمرأة أن تتزين به هو الحياء؛ فالحياء سياج يصون كرامة المسلمة، ويحفظ لها سلوكها وأقوالها، وبهذا ترتفع عن السفاسف، وعندما يخرق هذا السياج ويذهب الحياء فإن المقاييس جميعها يصيبها الخلل، ويصدر عن المسلمة، عندئذ، ما لا يتناسب مع تفردها وتميزها، والتكريم الذي كرمه الله -تعالى- بها، وزوال الحياء من قلوب النساء هي مشكلة كبيرة في حد ذاتها، سببت كثيرًا من الإفساد بين المسلمين، وما كان من سبب لهذا الفساد، وذهاب هذا الحياء إلا تنحية الشريعة، والابتعاد عن منهج الله -جل وعلا-.
أساس الحياة الزوجية الأساس في الحياة الزوجية أن يبلغ الزوجان من التفاهم والتجاوب والتلاحم حتى يصير الاثنان شخصًا واحدًا، بدليل قوله -تعالى-: {خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}، وقوله -تعالى-: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة:187)، وتأمل قوله: {مِنْ أَنْفُسِكُم} ولزوم اللباس للشخص تجد هذا المعنى وأكثر، والغاية من الحياة الزوجية تجدها في بقية الآية: {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} فالسكن والأمن والاستقرار، والتجاوب والسعادة والهدوء، والاطمئنان والسلامة، والصحة والمودة والمرحمة، والتعاون والإخاء، والشفقة والاعتصام، كل هذه المعاني من عطاء الآية، بل عطاؤها أكثر، وهو الغاية من الزواج، لابد إذن أن تنبع التربية والتعليم من هذا المنطلق في الآية، وهو أساس الزواج والغاية منه، وعند ذلك تكون التربية سلوكًا جادًّا، ويكون التعليم توجيهًا صادقًا سليمًا.
تأثير وسائل الإعلام على قيم الأسرة تؤدي وسائل الإعلام -بشتى أنواعها- دورًا كبيرًا في تكوين الوعي المجتمعي، سواء أكانت الرسالة سلبية أم إيجابية؛ فالإعلام سلاح ذو حدين، إما أن يسهم في تعزيز القيم والعادات السليمة وترسيخها ، وإما أن يكون معول هدم لها؛ لذلك على الأبوين الانتباه للتأثيرات السلبية للإعلام التي يتعرض لها أفراد الأسرة ومن هذه التأثيرات: التأثير العَقَدي، من خلال تلاعب بعض المحطات الإعلامية بعقائد المسلمين، وتشويه أُسُسِها وضوابطها، وكذلك التأثير الأخلاقي القِيَمي، من خلال نشر الرذيلة والفساد، وأيضًا التأثير الاقتصادي الاستهلاكي، من خلال الحملات الدعائية ونشر الثقافة الاستهلاكية وتغيير أنماط الأسرة تجاهها.
أم سليم بنت ملحان الأنصارية -رضي الله عنها- هي أم سليم بنت ملحان الأنصارية، أم أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شهدت مشاهد عدة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منها: أحد، وحنين، وكان أبو طلحة قد خطبها وهو يومئذ مشرك، فقالت له: مثلك لا يرد، ولكنك مشرك، فإن أسلمت قبلتك، وكان ذلك صداقي، أما تعلم -يا أبا طلحة- أن آلهتكم لا تضر ولا تنفع، ولو أشعلت فيها النار، لاحترقت؟ فانصرف عنها، وفي قلبه من كلامها شيء، ثم أتاها، وقال لها: قبلت الذي عرضت عليّ، فتزوجها على الإسلام، فما كان لها مهر غير ذلك، ولها -رضي الله عنها- قصة معروفة مع زوجها أبي طلحة وابنه، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان ابن لأبي طلحة يشتكي (مريض)، فخرج أبو طلحة، فقبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة، قال: ما فعل ابني، قالت أم سليم -وهي أم الصبي-: هو أسكن ما كان، فقربت له العشاء، فتعشى، ثم أصاب منها، فلما فرغ، قالت: واروا الصبي، فلما أصبح أبو طلحة، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره، فقال: أعرستم الليلة؟ قال: نعم، قال: اللهم بارك لهما، فولدت غلامًا، فقال لي أبو طلحة: احمله؛ حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبعث معه بتمرات، فقال: أمعه شيء؟ قلت: نعم، تمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمضغها، ثم أخذها من فيه، فجعلها في فيّ الصبي، ثم حنكه، وسماه عبدالله، فقال رجل من الأنصار: فرأيت له تسعة أولاد، كلهم قد قرؤوا القرآن من أولاد عبدالله المولود.