المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحت العشرين



ابو وليد البحيرى
2022-12-28, 03:19 AM
تحت العشرين - 1150


من سمات الشاب المسلم

- من سمات الشاب المسلم أنه يعظم شعائرَ اللهِ، ولا يتجرأ على انتهاك الحرمات، {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الْحَجِّ: 32).
- من أعظم سمات الشاب المسلم توحيده لله، وإقراره بربوبيته؛ فلا يشوب عقيدتَه شيءٌ من الشرك والأباطيل والبِدَع والخرافات، بل قلبُه معلَّق بربه، متوكِّل عليه، يعلم أن الله وحدَه مالكُ النفع والضر، والعطاء والمنع؛ فلا يأتي شيئًا يُخالِف منهجَ التوحيد، ولا يرتكب أمرًا ينافي الاعتقادَ الصحيحَ، وهو حَذِرٌ فَطِنٌ لا يرضى ما يُفسِد عقيدتَه ويلوِّث فطرتَه.
- ومن سمات الشاب المسلم أنه يتخلَّق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي أخلاق القرآن: قال -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4).
- ومن سمات الشاب المسلم أنه بار بوالديه، رحيم بهما، محسن إليهما، قال -تعالى-: { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23).
- الشاب المسلم لا يرفع صوته على شيخ مُسِنٍّ، ولا ضعيف مسكين؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا».
- ومن سمات المسلم استزادته من العلم النافع كما قال -تعالى-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}(طه: 114)، ليَدفَع الجهلَ عن نفسه، ويعمل على بصيرة، فكلما ازداد العبد علمًا بالله كان أكثرَ صلةً به وأقوى إيمانًا، وأصلبَ عقيدةً، وأبعدَ عن الشكوك والوساوس والأوهام.
من أخطر مشكلات الشباب: الصحبة السيئة
إن الصحبة السيئة من أخطر المشكلات التي تواجه الشباب؛ ولذا يقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»، ولخطورة ذلك يوضح النبي- صلى الله عليه وسلم - صفات الصديق الطيب فيقول: «لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقيٌّ» (رواه الترمذي), ويحذر القرآن من مصاحبة الأشرار وترك مصاحبة الأخيار؛ فقال الله -تعالى-: {وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيْدُ زِيْنَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتََّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف 28)؛ فالصحبة السيئة تجلب المفسدة في الدنيا والندم في الآخرة، كما قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً} (الفرقان: 27- 29) فالمنكرات التي يقترفها الشباب إنما هي من نتائج الصحبة السيئة.
الحب في الإسلام
مشاعر الحب من الأمور التي لا يستغني عنها الإنسان الباحث عن الاستقرار النفسي؛ لذا حرص الإسلام على ضبط هذه المشاعر بما يُحقِّق للنفس السعادة والاطمئنان، ومن أنواع الحبِّ في الإسلام ما يلي:
(1) حبُّ الله ورسوله
وهو من شروط الإيمان، ولا يكتمل الإيمان إلا به: «ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلا لِلهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ».
(2) حبُّ العلماء والصالحين
كما في الحديث السابق: «وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلا لِلهِ»، وقِيلَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ ولَمَّا يَلْحَقْ بهِمْ؟ قالَ: «المَرْءُ مع مَن أحَبَّ».
(3) حبُّ الوالدَين والأقارب
يُفطَر الإنسان على حبِّ والدَيه لإحسانهما إليه، وعطفهما عليه، وقيامهما بتلبية احتياجاته حتى أصبح كبيرًا قادرًا.
(4) حبُّ الزوجة والأولاد
حيث إنّه يميل ويسكن إلى زوجته بالفطرة، وكذلك الولد.
(5) حبُّ كل ما يحبه الله
من الأقوال والأعمال والقُرُبات؛ فكلَّما ازدادت محبة العبد لها، ازدادت مكانته ومحبَّته عند الله.
وقد وعَدَ الله -تعالى- المتحابِّين فيه بأنّهم يستظلُّون بظلِّ عرشه يوم القيامة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «سبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ» -وذكر منهم-: «وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللهِ».
الأخوة الإيمانية مواقف لا تنسى
- ما كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ينساها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم تخلّف عثمان - رضي الله عنه - عن بيعة الرضوان، فيضع النبي يده الأخرى قائلًا: وهذه يد عثمان.
- وما كان كعب بن مالك - رضي الله عنه - ينساها لطلحة - رضي الله عنه - يوم أن ذهب إلى المسجد متهللًا بعد أن نزلت توبته، فلم يقم إليه أحد من المهاجرين إلا طلحة - رضي الله عنه - قام فاحتضنه وآواه بعد غياب واقتسم معه فرحته.
- وما كانت عائشة -رضي الله عنها- تنساها للمرأة التي دخلت عليها في حديث الإفك، وظلت تبكي معها دون أن تتكلم وذهبت.
- وما كان أبو ذر - رضي الله عنه - ينساها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم تأخر عن الجيش، فلما حطّ القوم رحالهم ورأوا شبحًا قادمًا من بعيد وأحسن النبي - صلى الله عليه وسلم - الظن بأبي ذر - رضي الله عنه - أنه لن يتخلف؛ فرجا أن لو كان الشبح له، وظل يقول: كن أبا ذر، فكان.
آية وهداية
- قال ابنُ نوحٍ -عليه السلام لأبيه-: {سَآوِي *إِلَى *جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}؛ هذا عَقْلٌ.
- فقال نوحٌ: {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلا مَنْ رَحِمَ}، هذا وَحْيٌّ.
- {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} هذه نتيجةٌ.
- فمَن قدَّم عقلَهُ على الكتاب والسُنَّةِ غرِقَ في بحار الأهواء والبدع، وكان من الخاسرين.
الحكمة ضالة المؤمن
- لا تكن كالذباب لا يقع إلا على الجرح، فإياك والوقوع في أعراض الناس، وذكر مثالبهم، والفرح بعثراتهم، وطلب زلاتهم.
- العفو ألذ من الانتقام، والعمل أمتع من الفراغ، والقناعة أعظم من المال، والصحة خير من الثروة.
- العبادة هي السعادة، والصلاح هو النجاح، ومن لزم الأذكار، وأدمن الاستغفار، وأكثر الافتقار فهو أحد الأبرار.
من أعظم أسباب فساد المجتمعات
اعلم أن من أعظم أسباب فساد المجتمعات: البعد عن شريعة رب العباد؛ فالله -عز وجل- هو خالق الخلق، وهو أعلم بما ينفعهم ويضبط سلوكهم ويصلح مجتمعاتهم، {أَلا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ}، وكلما تجاوز البشر حدهم بتغيير أحكام ربهم، غلبت شريعة الغاب، وزاد ظلم الانسان لأخيه الإنسان.
ها نحن أولاء قد عُدنا
ها نحن أولاء قد عُدنا إلى المدرسة مرةًّ أخرى لتعود الهمَّةُ النشاط من جديد، من خلال:
< البُعد عن قرناء السوء، واستبدالهم بصحبة أهل الخير.
< المحافظة على الصلوات الخمس.
< المحافظة على وِرد القرآن والأذكار (ولو مع تخفيفه).
< الاجتهاد في التحصيل الدراسي بالمدرسة.
< الاجتهاد في مشاركة الأنشطة المدرسية.
منقول

ابو وليد البحيرى
2023-01-02, 10:49 AM
تحت العشرين - 1151


واجب الشباب تجاه القرآن


مع كثرة الفتن وتتابعها في زماننا، وانفتاح أبواب الشهوات على مصارعها أمام الشباب خصوصًا ؛ كان لابد من توجيه كل شاب إلى أهم أسباب النجاة والعصمة، إلى حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، ألا وهو كتاب الله الذي من تمسك به فلن يضل أبدًا، فالشباب اليوم أحوج ما يكون إلى معرفة كيف يتعامل مع القرآن الكريم؟
(1) الإيمان بالقرآن والتصديق به
يجب على العبد المسلم الإيمان والتصديق بالقُرآن؛ وذلك لِما فيه من بيانٍ لأصول العقيدة الثابتة، كتوحيد الله -تعالى-، وإثبات نُبوّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإثبات اليوم الآخر؛ فمَن صدَّق به، وبما جاء فيه، فقد أفلح ونجا في الدُّنيا والآخرة، ومَن كذّب به، فقد كفر وعَرَّض نفسه للهلاك.
(2) تلاوة القرآن حَقّ التلاوة
اهتمّ السَّلَف الصالح -رضي الله عنهم- بالقُرآن الكريم في جوانبه جميعها، ومن واجب المُسلمين تجاه القُرآن الحِرص على تلاوته، وتجويده، وتدبُّر معانيه، وفَهْمها، من خلال الاهتمام بعلم التجويد، ومعرفة أحكامه؛ سواء بالاستماع إلى مَن يُجيد تلاوته، أم بقراءته على شيخٍ مُتقِن.
(3) تدبُّر القرآن الكريم
تدبُّر القُرآن الكريم من أفضل الطاعات، والعبادات؛ لأنّ الإنسان يفهم من خلال تدبُّره المقصود من كلام ربّه -عزّوجلّ-، وهذه إحدى الغايات التي أُنزِل القرآن لأجلها، قال -تعالى-: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}.
(4) العمل بالقرآن الكريم
العمل بالقُرآن يكون باتِّباع أحكامه، والالتزام بأوامره، وآدابه، وقد سُئِلت عائشة -رضي الله عنها- عن خُلُق النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فأجابت بقولها: «كان خلقُه القرآنَ»، أي أنّ أخلاقه كانت تطبيقاً عمليّاً لشرائع القُرآن الكريم وأحكامه.
(5) تعظيم القرآن ومَحبّته
يُعَدُّ تعظيم القُرآن من أعظم حقوقه، ويكون تعظيمه تعظيمًا للقاء الله -تعالى-، ولِما جاء فيه من البَيِّنات والإعجاز، وفي ذلك اعترافٌ بفَضله على الناس؛ فهو سببُ إخراج العرب من الجَهل إلى العِلم، ومن الظلام إلى الحضارة والمعرفة.
(6) تعلُّم القرآن وتعليمه والدعوة إليه
العلم بالقُرآن وتعليمه من أفضل العلوم، والجَمع بينهما أكثر كمالاً؛ لأنّ نَفعه يتعدّى إلى غيره؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ»، وهذه من صفات المؤمنين الصادقين المُتّبِعينَ الأنبياء، ومن حُقوق القرآن التامّة حَقّ تعليمه الأبناءَ، والزوجة، وأهل البيت.
شباب الصحابة والقرآن
لقد كان الحرص الذي تمتع به شباب الصحابة -رضوان الله عليهم- على القرآن الكريم مدعاة لأن يفوقوا غيرهم؛ حتى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باستقراء القرآن من أربعة، ثلاثة منهم من الشباب وهم: معاذ بن جبل، وعبدالله بن مسعود، وسالم، -رضي الله عنهم- جميعًا، قال - صلى الله عليه وسلم -: «استقرؤوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبَيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، قال: لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ».
الفتى المعلم
قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: كنت غلاماً يافعًا أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه - وقد فرا من المشركين، فقالا: يا غلام هل عندك من لبن تسقينا؟ قلت: إني مؤتمن ولست ساقيكما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هل عندك من جذعه لم ينز عليها الفحل؟» قلت: نعم، فأتيتهما بها، فاعتقلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح الضرع، ودعا فحفل الضرع، ثم أتاه أبو بكر - رضي الله عنه - بصخرة منقعرة فاحتلب فيها فشرب وشرب أبو بكر، ثم شربت، ثم قال للضرع: أقلص فقلص، فأتيته بعد ذلك فقلت: علمني من هذا القول قال: «إنك غلام معلم»، قال: فأخذت من فيه سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد» وهو الذي استقرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن، كما في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «اقرأ علي» قال: قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «إني أشتهي أن أسمعه من غيري»، قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} قال لي: «كف، أو أمسك» فرأيت عينيه تذرفان.
فوائد من دروس الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر
خطورة مرحلة الشباب
الشيخ. عبدالرزاق عبدالمحسن البدر
ينبغي على كلِّ شابٍ أن يرعى لهذه المرحلة مكانتها، وأن يدرك خطورتها، وأن يزُمَّ نفسه فيها بزمام الشرع؛ فإن الشباب في الغالب يصحبه سفهٌ وطيش واندفاعٌ وعجلة، فإذا لم يروِّض الشاب نفسه بصحبة الشيوخ وملازمة العقلاء واستشارة أهل الحلم والألباب، فإنه يُهلك نفسه غاية الهلكة في شبابه، وكم من شاب بسبب طيش الشباب وسفهه وعجلته أهلك نفسه وغيره! ولهذا جاءت النصوص منبهةً على خطورة هذه المرحلة وعظم شأنها ووجوب اغتنامها والحذر من إضاعتها والتفريط فيها.
احذر أن تكون من هؤلاء!
نجح أعداء الإسلام في سلْب عقول كثير من الشباب المسلم، وطمس هويته، وقطع الصلة بينه وبين الجيل الفريد، وهذا أمر نراه رأي العين، لا يحتاج إلى بيان؛ فالناظر إلى أحوال هؤلاء اليوم يصاب بالدهشة وخيبة الأمل؛ حيث يجد أمامه شبابًا ليس له هدف، همّه الأول إشباع رغباته وشهواته، ويسعى لتضييع أوقاته.
الأمر لا يقف عند مجرد الحفظ
ولم يكن الأمر لدى شباب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعلم القرآن واقفًا عند مجرد حفظه وإقامة حروفه، بل كانوا يتعلمون أحكامه وحدوده؛ فالحفظ وسيلة إلى ما بعده من المداومة على التلاوة والقراءة، والتدبر والوقوف عند المعاني، ومن ثم أخذ النفس بها، والالتزام بما دلت عليه، كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهنَّ حتى يعرف معانيهنَّ، والعمل بهنَّ».
الاقتداء بشباب الصحابة
إذا كانت الأمة بأسرها مطالبة باتباع الرعيل الأول، والسلف الصالح (أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم )؛ لسلامة دينهم وعقيدتهم ومنهجهم، ولشهادة الله لهم ورضاه عنهم؛ فإن شباب اليوم أحوج ما يكونون إلى الاقتداء بشباب الصحابة -رضوان الله عليهم- في كل أحوالهم عموما، وفي تعاملهم مع القرآن خصوصا؛ ففي ذلك السلامة من الفتن، والانتصار على الشهوة، وعلو الهمة، ورفعة الدرجة في الحياة وبعد الوفاة.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
غزوة بدر والعمل الجماعي
قَالَ الحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ في غزو بدر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْت هَذَا الْمَنْزِلَ؟ أَمَنْزِلاً أَنْزَلَكَهُ اللهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَلا نَتَأَخَّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «بَلْ هُوَ الرَّأيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ» . فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلِ، فَانْهَضْ بِالنَّاسِ حَتَّى نَأتِيَ أَدنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ (أي المشركين)، فَنَنْزِلَهُ ثُمَّ نُغَوِّرَ (نُخَرِّبَ) مَا وَرَاءَهُ مِنْ الآبار، ثُمّ نَبْنِيَ عَلَيْهِ حَوْضًا فَنَمْلَؤُهُ مَاءً، ثُمَّ نُقَاتِلَ الْقَوْمَ، فَنَشْرَبَ وَلا يَشْرَبُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ أَشَرْت بِالرّأْيِ». (رواه ابن إسحاق) نستخلص من هذا الموقف فوائد عدة:
1- العمل الجماعي يُساعد على إضافة تجارب وخبرات كل فرد إلى موارد الفريق، ومن ثم تزداد القدرة الإجمالية للعمل.
2- تشجيعُ القائد للأفكار الجديدة التي يطرحها أفراد الفريق.
3- الشورى تكون فيما لا نصَّ فيه، لقول الحُبَابِ: «أَمَنْزِلاً أَنْزَلَكَهُ اللهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَلا نَتَأَخَّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ» .
4- من فوائد الموقف المهمة: حُسن العَرضِ وإبداءِ الرأي لدى الأفراد، وحُسن الاستماع لدى القائد.
منقول

ابو وليد البحيرى
2023-01-16, 10:52 PM
تحت العشرين - 1152


واجب الشباب تجاه القرآن




الحفاظ على الهوية ...مقصد مهم للمؤمن، فهويتنا هي ديننا، وعقيدتنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ومنهجنا الإيماني العظيم.
والأمم جميعها تسعى للحفاظ عليها، فهي التي تحقق ذاتها، ومقوماتها هي العناصر التي تجتمع عليها الأمة.
والهوية الإسلامية هي الانتماء إلى الله ورسوله، وإلى دين الإسلام وعقيدة التوحيد، التي أكمل الله لنا بها الدين، وأتمَّ علينا بها النعمة، وجعلَنا بها الأمة الوسط وخيرَ أمة أخرجت للناس.
وبهذا تميز الأمة الإسلامية عن غيرها، تمييزا يشمل كل جوانب الحياة، فقد بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم جميع مناحي الحياة خيرها وشرها، ودلَّنا على الخير فيها وحذَّرنا من الشر، كما في حديث أبي الدرداء: «ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائر يقلب جناحيه في السماء إلا وأعطانا منه علماً»، وهذا مصداق قوله سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، وتحقيقاً لقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}.
والهوية هي مصدر العزة والكرامة للأمة {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}، فهي تربط بين أبنائها برباط وثيق من الأخوة والمحبة، فهم كالجسدٌ الواحد، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، قال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحمى» متفق عليه.
إذن فالحفاظ على هويتنا الإسلامية من أهم الواجبات التي يجب أن نحافظ عليها ونتمسك بها ونسعى لتعزيزها،
الذين يطيلون الآمال

قال الشيخ ابن جبرين -رحمه الله-: في ذكر الموت ما يزهد الإنسان في الدنيا ويرغبه في الآخرة، ويحثه على الاستعداد للموت قبل نزوله، حتى يأتيه أجله وهو على أتم استعداد، ولا يأتيه وهو مفرط أو مقصر، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني»؛ فإن الذين يطيلون الآمال ويتوهمون أنهم سيعيشون كذا وكذا، وأنهم سوف يكتسبون ويتصدقون ونحو ذلك، هؤلاء قد تقطع عليهم آمالهم فلا يحصلون على ما أملوا.
الشباب وإثراء الحضارة الإسلامية

كان للشباب المسلمين قديماً دور حيوي في إثراء الحضارة الإسلامية، فكانت أعمارهم تتفاوت بين العشرين والثلاثين عاماً، عندما كانوا رواداً وقادةَ حرب وملوكاً وعلماء وفلاسفة، ومن أبرز هؤلاء الشباب هارون الرشيد وهو أشهر خلفاء العباسيين في العصر الذهبي الإسلامي؛ ففي عمر 15 عاماً كان قائداً للجيش العباسي، وتولى الخلافة في العشرين من عمره، وأيضاً محمد بن قاسم الثقفي في عمر 17 عاماً فتح بلاد السند (باكستان اليوم)، وعبدالرحمن القرشي (صقر قريش) ففي عمر 25 عاماً أقام إمارة أموية في الأندلس (إسبانيا اليوم) حتى جعلها مقرا لملكه، أما عبدالرحمن الناصر لدين الله في عمر 23 عاماً تولى حكم الأندلس، واستمر حكمه 50 عاماً، أسس مدينة الزهراء واتخذها عاصمة له، وتميز عهده بالنهضة العمرانية، أما السلطان محمد الفاتح، ففي عمر 14 عاماً حكم الدولة العثمانية (اسطنبول اليوم)، وفي عمر 21 عاماً أعد جيشاً مكوناً من أكثر من ربع مليون جندي وفتح القسطنطينية.
قصة وعبرة

الساعي في الخير

يحكى أنَّ رجلا في بلاد الهند قديمًا سرق قطيعا من الخراف؛ فقبضوا عليه ووشموا على جبهته بـ(س.خ) أي سارق خراف، ولكن الرجل قرر التوبة والتغيير!
في البداية تشكك الناس منه، لكنه أخذ يساعد المحتاجين ويمد يد العون للجميع (الغنى والفقير)، ويعود المريض، ويعطف على اليتيم، وبعد سنين مر رجل بالقرية فوجد رجلا عجوزاً موشوماً، وكل من يمر عليه يسلم عليه ويقبل يده، والرجل يحتضنهم.
وهنا سأل الرجل أحد الشباب عن الوشم الموجود على جبهة هذا العجوز ما معناه؟
فقال الشاب: لا أدرى، لقد كان هذا منذ زمن بعيد وهو يعني: (الساعي في الخير).
العبرة من القصة

- إنّ ما يبدو لك أحياناً وكأنه النهاية، كثيراً ما يكون بداية جديدة، المهم أن تصدق الله في التغيير.
- ليست للكلمات أي معنى سوى المعاني التي نعطيها لها.
- السبيل الوحيد لجعل البشر يتحدثون خيراً عنك، هو قيامك بعمل طيب.
من طرائف الحكمة

الإسلام لا يأبى أن نقتبس النافع، وأن نأخذ الحكمة أنّى وجدناها، ولكنه يأبى كل الإباء أن نتشبه في كل شيء بمن ليسوا من دين الله، وأن نطرح عقائد الإسلام وفرائضه وحدوده وأحكامه، لنجري ونلهث وراء قوم فتنتهم الدنيا واستهوتهم الشياطين.
اتجاه معاكس

عندما تدخل مواقع التواصل وتشاهد ملايين المسلمين غاضبين لأحوال الأمة ومآسيها وللمسجد الأقصى وما يحدث فيه، ثم تدخل المسجد لصلاة الفجر ولا ترى إلا خمسة أشخاص فقط أغلبهم من كبار السن، حينها تدرك أن النصر بعيد عن هذه الأمة، قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: «اليهود لا يخافون إلا من رجوع المسلمين إلى منهج السلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم أجمعين.
غزوة بدر والعمل الجماعي

قَالَ الحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ في غزو بدر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْت هَذَا الْمَنْزِلَ؟ أَمَنْزِلاً أَنْزَلَكَهُ اللهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَلا نَتَأَخَّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟
قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «بَلْ هُوَ الرَّأيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ» .
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلِ، فَانْهَضْ بِالنَّاسِ حَتَّى نَأتِيَ أَدنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ (أي المشركين)، فَنَنْزِلَهُ ثُمَّ نُغَوِّرَ (نُخَرِّبَ) مَا وَرَاءَهُ مِنْ الآبار، ثُمّ نَبْنِيَ عَلَيْهِ حَوْضًا فَنَمْلَؤُهُ مَاءً، ثُمَّ نُقَاتِلَ الْقَوْمَ، فَنَشْرَبَ وَلا يَشْرَبُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ أَشَرْت بِالرّأْيِ». (رواه ابن إسحاق)
نستخلص من هذا الموقف أن العمل الجماعي يُساعد على إضافة تجارب وخبرات كل فرد إلى موارد الفريق، ومن ثم تزداد القدرة الإجمالية للعمل.
- تشجيعُ القائد للأفكار الجديدة التي يطرحها أفراد الفريق.
- الشورى تكون فيما لا نصَّ فيه، لقول الحُبَابِ: «أَمَنْزِلاً أَنْزَلَكَهُ اللهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَلا نَتَأَخَّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ» .
منقول

ابو وليد البحيرى
2023-01-28, 01:02 PM
شباب تحت العشرين - 1153
الفرقان





من واجبات الشاب المسلم - حفظ الدين بحفظ العلم وتبليغه
إن حفظ العلم وتبليغه واجب على كل مسلم، والشباب المسلم يقع على عاتقهم العبء الأكبر في ذلك؛ فهم الأقدر على الحفظ وطلب العلم وضبطه وتبليغه، وقد سطع نجم الكثير من شباب الصحابة في هذا الميدان؛ فهذا عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- يسارع ويبادر في طلب العلم اغتنامًا منه بوجود كبار الصحابة -رضي الله عنهم-.
وفي رواية عكرمة بيان لحال ابن عباس في طلب العلم، فعن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت لرجل من الأنصار: يا فلان، هلم فلنسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ترى؟ فترك ذلك، وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه، وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح على وجهي التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يا بن عم رسول الله ما جاء بك؟ ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك فأسأله عن الحديث، قال: فبقي الرجل حتى رآني، وقد اجتمع الناس علي، فقال: «كان هذا الفتى أعقل مني».
من فوائد دروس الشيخ عبدالرزاق البدر صفات من يقتدى بهم

قال ابن القيم -رحمه الله- في الكلام على قوله -تعالى-: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28)، فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر أو هو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى، وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط لم يقتد به ولم يتبعه، فإنه يقوده إلى الهلاك، ومعنى الفرط قد فسّر بالتضييع، أي: أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به، وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه، وفسّر بالإسراف، أي: قد أفرط، وفسّر بالهلاك، وفسّر بالخلاف للحق، وكلها أقوال متقاربة، والمقصود أن الله -سبحانه وتعالى- نهى عن طاعة من جمع هذه الصفات.
الصدق أساس شخصية المسلم

من أهمّ الأخلاق التي دعانا ديننا الحنيف إلى التَّخلُّق بها، وتحرِّيها، خلق الصدق، وللصدق مظاهر متعدّدة في حياتنا، فهو يظهر في حديث الفرد، كما يظهر في تصرفاته وأفعاله، والصدق قيمة أساسية من مكونات قيمة الاحترام؛ إذ لا يكتمل احترام الفرد بغير الصدق مع الله، ثم مع نفسه والآخرين، فالصدق ليس مجرد صفة فردية، بل هو خلق يؤثر في الناس، ويؤثر على النفس في الدنيا، وأما في الآخرة، فهو منجاةٌ لصاحبه من النار، وفوزٌ برضوان الله وجنته، ويكفى الصادقين فخرًا أن الصدق هو الصفة التي اشتهر بها سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - (الصادق الأمين)، وهذه القيمة هي أساس شخصية الإنسان المسلم.
من صفات الشاب المسلم

قال الشيخ: عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الشاب المسلم مطيع لربه -تعالى-، فلا يسمع أمراً من الشرع إلا ويكون أول المستجيبين له، ولا نهياً إلا ويكون أول المبتعدين عنه، وقد استحق مثل هذا الشاب الثواب الجزيل يوم القيامة في أن يكون في ظل عرش ربِّه -تعالى-، في وقت تدنو الشمس بلهيبها فوق رؤوس الخلائق، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ» (متفق عليه).
شبابنا وطلب العلم

على الشباب أن يستغلوا ما أنعم الله به عليهم من صحة وفراغ في طلب العلم، وتربية النفس وتهذيبها وتعويدها على الطاعة، وقد نبَّه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إلـى غفلة الكثير من الناس عن هذه النعم؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان من نعم الله مغبون فيها كثير من الناس: الصحة والفراغ»، قال ابن بطال: (كثير من الناس) أي أن الذي يوفق لذلك قليل أهـ. فكثير من الشباب يتوفر لديهم أوقات كبيرة؛ إذ لا مسؤولية عليهم ولا أعباء أسرية تلاحقهم، وهم في مرحلة توقُّدِ الذهن وحضور البديهة وفي قمة النشاط العقلي، فما أجمل أن يتوجه هؤلاء الشبيبة إلى طلب العلم الشرعي والنهل من كنوز الكتاب ومعين السنة المطهرة، وميراث سلف الأمة وتاريخهم.
علمني شيخي

علمني شيخي أن كل الحواجز التي نضعها بينَنا وبين القرآن أوهام، وأن كل الأعذار التي تثنينا عن نيلهِ واهية، وأن من اعتقد أن القرآن يأخذ من وقته فذاك لم يعرِف حقيقةَ القرآن، ومن بخِل على القرآن بالوقت والجهد فإنما بخِلَ على نفسه بالهداية والسَّعد، وإني قد وجدتُ ما علّمَني حقّا.
احذر أن تكون من هذا الصنف!

احذر أن تكون من الشباب المنحرف في عقيدته، المتهوِّر في سلوكه، المغرور بنفسه، المنغمر في رذائله، الذي لا يقبل الحق من غيره، ولا يمتنع عن باطل في نفسه، أناني في تصرفه، كأنما خلق للدنيا وخلقت الدنيا له وحده، شباب عنيد، لا يلين للحق، ولا يقلع عن الباطل، شباب لا يبالي بما أضاع من حقوق الله، ولا من حقوق الآدميين، شباب فوضوي، فاقد الاتزان في تفكيره، وفاقد الاتزان في سلوكه وتصرفاته، شباب معجب برأيه، كأنما يجري الحق على لسانه، فهو عند نفسه معصوم من الزلل، أما غيره فمعرض للخطأ والزلل ما دام مخالفا لما يراه.
قالوا عن النجاح

في الحياة
- لا توجد حدود لما يمكن أن تفعله أو تمتلكه في الحياة؛ فأنت أقوى مما تتخيل.
- يجب عليك الآن فعل الإجراءات التي من شأنها أن تدفعك نحو طموحاتك وأهدافك.
- المماطلة ستؤخر تقدمك فقط.
- يجب أن تصبر وتثابر وتستمر حتى تحقق هدفك.
- يجب أن توسع باستمرار معرفتك ومهاراتك، فكلما تعلمت أكثر، أصبحت أكثر نجاحًا.
- يجب أن تحيط نفسك بأشخاص إيجابيين يدفعونك نحو النجاح.
- السلبية سوف تؤخرك وتمنعك من تحقيق أهدافك.

ابو وليد البحيرى
2023-02-11, 07:29 AM
تحت العشرين - 1154

الفرقان


من حقوق الصديق في المجالس
جميل جدا أن تكون العلاقة بين الأصدقاء والمزاح في إطار الحدود، ولكن الأجمل احترام المشاعر في المزاح، ولا سيما في المجالس العامة، ومن الملاحظات التي يجب تجنبها مع الصديق ولا سيما في المجالس عدم احترام المشاعر، ولا سيما في الأمور التي قد تضايقهم أو تغضبهم.
وهذا أمر خطير قد يؤدي إلى القطيعة أو التنافر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ» رواه مسلم.
ومن الأدب مع الصديق ألا تمازحه في شيء يذكره بموقف سيئ أو بشيء أنت تعلم أنه يغضبه أو يؤذيه، وتأتي في المجلس تمازحه به، وإذا فعلت وتسببت بأذاه او بغضبه فأنت آثم لا محاله، قال الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}.
ومن الأدب مع الصديق: عدم تقديم النصيحة له أمام الجميع؛ لأنه لن يقبل منك حتى ولو كنت على حق، قال الشاعر:
تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس شيء
من التوبيخ لا أرضى استماعه
فحافظوا على ود بعضكم، وأفصحوا بحبكم لبعض، وهذه الدنيا قصيرة وما سميت دنيا الا لدناءتها، وهذه الدنيا ممر وليست مستقرا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا».
نصيحة لمن أراد أن يتغير ليتقدم

- أولا: لا تصاحب إلا الشخصية الجادة الحريصة على وقتها.
- ثانيًا: اجعل جزءًا كبيرًا من قراءتك خاصا بسير الكبار الذين أثَّروا في الناس.
- ثالثًا: اصبر وتجلَّد؛ فإن المتعجل مكانه في ذيل الأمم.
- رابعًا: لا تملّ من التطوير والتدريب والاطلاع، فالتوقف يجعلك تعيش في زمن متأخر.
- خامسًا: تواضع مهما ارتفعت، وابذل وقتك لمن يستحق، ولا تنس أنك عبدٌ لله.
- سادسًا: الدعاء المستمر بالتوفيق مع الاهتمام الخاص بالصلاة.
مفهوم الأخوة الإيمانية

هي الرابطة القائمة على وحدة الدين؛ فهي أسمى الروابط؛ لأنها تقوم على أساس الإيمان بالله، وترتكز على المحبة في الله. قال -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُومِنُونَ إِخْوَةٌ}
أسس الأخوة الإيمانية

- هي القائمة على المحبة الخالصة لله -تعالى- لا تشوبها مطامع الدنيا.
- هي نعمة من الله لا يقصد بها إلا مرضاة الله -تعالى.
- الأخوة الإيمانية شرط في كمال الايمان.
- تقوم على التعاون على البر والتقوى.
- تقوم على التواصي بالحق والصبر.
- أساسها المناصرة والتأييد والمؤازرة في الحق.
- قوامها الدعاء بظهر الغيب وحب الخير.
أعمال تنافى حقوق الأخوة

السخرية والاحتقار: حرم الله -تعالى- احتقار المسلم أخاه، والاحتقار من حقر يحقر بمعنى ذلَّ، فالحقر يعنى الذلة والتصغير والتقليل والاستهانة بالآخر، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}.
التنابز بالألقاب: والتنابز هو التداعي بالألقاب المكروهة، كأن ينادى الشخص بأقبح أسمائه ازدراءً له وتعيرا به، فقد نهي الله -تبارك وتعالى- عن ذلك؛ فقال: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
سوء الظن قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: « إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث».
- التجسس: قال -تعالى-: {ولاتجسسوا}.
- الغيبة: حرم الله -تعالى- الغيبة، وهي ذكر المسلم أخاه بما يكره في غيابه، قال -تعالى-: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}
الصحابي الذي لقب بحميِّ الدَّبَرِ

فإن هذا اللقب (حميُّ الدَّبَرِ) وهو (زنابيرُ النَّحلِ)، أطلق على الصحابي الجليل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح - رضي الله عنه - أحد السابقين الأولين من الأنصار، وهو خال عاصم بن عمر بن الخطاب.
ولقب بهذا اللقب لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بعث عشرة من أصحابه عليهم عاصم بن ثابت؛ فلما كانوا بالرجيع، ذُكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان؛ فنفروا لهم بمائة رجل رامٍ؛ فاتبعوا آثارهم؛ فلما أحس بهم عاصم وأصحابه -رضي الله عنهم- لجؤوا إلى مكان مرتفع؛ فأحاط بهم القوم، فقالوا انزلوا ولكم العهد والميثاق ألا يقتل منكم أحد، فقال عاصم:لا والله لا ننزل في ذمة كافر، اللهم بلغ عنا نبيك السلام؛ فقاتلوهم، فقتل منهم سبعة منهم عاصم وأسر ثلاثة.
وحين قتل عاصم أراد المشركون أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد (امرأة من قريش بمكة)، وكانت نذرت أن تشرب في قحف رأس عاصم الخمر؛ لأنه قتل ابنيها يوم أحد وبعض أشراف قريش يوم بدر؛ فمنعهم الدبر(زنابيرُ النَّحلِ) من الاقتراب منه فقالوا: دعوه حتى يمسي فيذهب عنه ثم نأخذه؛ فبعث الله الوادي (أي بسيل جارف)؛ فاحتمل عاصما فلم يجدوه.
وكان عاصم قد عاهد الله عهدا ألا يمس مشركا، ولا يمسه مشرك بعد ما أسلم، فكان عمر بن الخطاب يقول حين بلغه أن الدبر منعه: حفظ الله العبد المؤمن: كان عاصم قد وفي له في حياته، فمنعه الله منهم بعد وفاته كما امتنع منهم في حياته.
الإسلام النعمة المغفول عن شكرها

إن مثل المسلم، كمثل رجل مسافر، سلك الطريق الصحيح الموصل إلى مطلوبة (المكان الذي يريد الوصول إليه)، فهو وإن تلكأ في سيره وتباطأ إلا أنه سيصل إلى وجهته، وإن مثل غير المسلم كمثل رجل ضل الطريق من الأساس، فهو وإن اجتهد في السير وأسرع، فلن يزيده اجتهاده إلا بعدا؛ فالمسلم الموحد -وإن أخطأ وعصى- يغفر الله له بفضل توحيده، وأما غير المسلم وإن عمل أعمال الخير، فإنها لا تنفعه في الآخرة بشؤم شركه بالله العلي، قال -تعالى- {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ}، فاشكر الله أيها المسلم، واجتهد ألا تخدش توحيدك لربك، واعلم أن للموحدين قدرا كبيرا عند الله.
استمر في صناعة سفينة نجاتك

عندما تكون إنسانًا مستقيمًا في بيئة تغرق في بحر من العِوج والفساد، فإن هؤلاء ينظرون إليك على أنك أنت الأعوج الوحيد بينهم، فلا تلتفت لهم، واستمر في صناعة سفينة نجاتك، ولا تنشغل كثيرًا بمن يشيرون إلى عوجك، فإن الماء لا يحمل الكسالى ولا المستهزئين.
الحقوق المترتبة

على الأخوة الإيمانية
قال - صلى الله عليه وسلم -: «حق المسلم على المسلم ست قيل: ما هن يا رسول الله قال: إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبع جنازته».

ابو وليد البحيرى
2023-02-12, 10:23 PM
شباب تحت العشرين - 1155



الفرقان
خمسة أسباب للثبات على الحق


إن نعمة الإسلام والثبات عليها نعمة عظيمة؛ حيث إنها قضية مصيرية عليها المآل في الآخرة وعليها الاطمئنان والسكينة في الدنيا؛ فاحرص -أخي الشاب الكريم- على البحث عن أسباب الثبات، وسارع إلى تطبيقها، وحافظ عليها، ومن جملة تلك الأسباب ما يلي:
(1) اللجوء إلى الله وإعلان الافتقار إليه ودعاؤه؛ فليس بالعبد غناء عن ربه طرفة عين، فإن لم يثبته ربه ضل وهلك وقد قال الله -عز وجل- لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً}.
(2) تدبر القرآن ومدارسته والعمل به، قال -تعالى-: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين}.
(3) العمل بطاعة الله والكف عن معاصيه؛ فالطاعات أغذية للقلوب، كما أن المعاصي سموم تصيب القلب في مقتل، قال الله -تعالى-: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً}.
(4) كثرة ذكر الله -عز وجل-؛ فالله -جل وعلا- يقول: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، فكثرة الذكر تقوي القلب والبدن، فيستعان بالذكر في مواجهة الفتن والابتلاءات وعند ملاقاة الأعداء.
(5) القرب من العلماء الربانيين؛ فإن العلماء هم ورثة الأنبياء الذين يأخذون بأيدي أتباعهم إلى الله، قال الإمام ابن القيم -رحمه الله واصفًا شيخه ابن تيمية رحمه الله-: وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحاً وقوة ويقينا وطمأنينة.
هكذا ينبغي للمؤمن دائمًا أن يسأل الله-تعالى- الثبات على الحق

قال سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله-: المشروع للمؤمن دائمًا أن يضرع إلى الله -جل وعلا- ويدعوه -سبحانه- أن يثبته على الحق، وأن يمنحه العلم النافع، والعمل الصالح، والفقه في الدين، هكذا ينبغي للمؤمن دائمًا يسأل ربه الثبات على الحق، فيقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم إني أسألك الثبات على الحق، اللهم وفقني للاستقامة على الحق، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم أحسن خاتمتي، ويكثر من ذكر الله في ليله ونهاره، هذا من أسباب الثبات على الحق؛ لأن انقلابه عن الحق من أعظم أسبابه الغفلة والإعراض، أو صحبة الأشرار، أما من أكثر من ذكر الله، ولازم الحق، وصحب الأخيار، فسنة الله في مثل هذا التوفيق والهداية والثبات.
وصايا للشباب

قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: أيها الشاب الموفق: هذه وصايا أنصحك بها نصيحة محب مشفق، إن أخذت بها كانت موجبةً لنجاتك وسببًا لفلاحك وسعادتك في دنياك وأخراك:
- عليك أن تصون شبابك وتحفظه، بأن تتجنب الشرور والفساد بأنواعه، مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه.
- وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة، فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، والصلاة معونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل.
- وعليك أن تكون مؤديا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك وأعظمها حق الأبوين فإنه حق عظيم وواجب جسيم.
- وعليك أن تكون قريبًا من أهل العلم وأكابر أهل الفضل، تستمع أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك.
- وعليك أن تعمل في أيامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله -جل وعلا-، وأن تكون مواظبًا على الأذكار الموظفة في الصباح والمساء وأدبار الصلوات والدخول والخروج والركوب ونحو ذلك؛ فإن ذكر الله -عز وجل- عصمةٌ من الشيطان وأمَنَةٌ لصاحبه من الضر والبلاء.
- وعليك أن يكون لك وردٌ يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك؛ فإن كتاب الله -عز وجل- طمأنينة للقلوب وسعادةٌ لها في الدنيا والآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28).
- وعليك أن تكثر من دعاء الله -عز وجل- أن يثبِّتك على الحق والهدى، وأن يعيذك من الشر والردى؛ فإن الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة.
- وعليك أن تكون حريصًا على مرافقة الأخيار ومصاحبة الأبرار، وأن تجتنب أهل الشر والفساد؛ فإن في صحبة أهل الشر العطب.
- وعليك أن تكون على حذر شديد من هذه الوسائل التي غُزي الشباب من خلالها ولا سيما شبكة المعلومات ليسلم لك دينك، ولتكون في عافية من أمرك، والعافية لا يعدلها شيء.
- وعليك أن تكون على ذكرٍ دائما أنك ستقف يومًا بين يدي الله ويسألك فيه عن هذا الشباب فيما أمضيته وأفنيته؟ {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}(الطو ر:26ـ27) .
نماذج من الثبات على الحق

لقد ضرَب الصحابة والتابعون -رضوان الله عليهم- أجمعين؛ أروعَ الأمثلة في الصمود والثبات على الحق، فلم تَلِنْ لهم قناة، ولم يَخُرْ لهم عزم، حتى مكَّن الله -تعالى- لهم فانتشروا في ربوع الأرض، للإسلام مُبلِّغين وللبلدان فاتحين، حتى دان لهم العربُ والعجم، ولِمَ لا؟ وقد رأوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يتحدَّى بثباته وصموده صناديدَ قريش وكبراءهم، فلم يُساوم ولم يُهادن ولم يقبل الدَّنيَّة أبدًا.
- فهذا بلال بن رباح -رضي الله عنه- يُعذَّب في بطحاء مكة بالحجارة المُحمَّاة، فما يثنيه ذلك عن دينه ولا عن ذكر الله.
- وهذا عبدُالله بن مسعود -رضي الله عنه- يَصدَحُ بالقرآن بجوار الكعبة مُتحدِّيًا صناديد قريش حتى أوجعوه ضربًا، وهو ماضٍ في قراءته يقرع آذانهم بآيات القرآن الكريم، وعندما أشفق عليه الصحابة -رضوان الله عليهم- قال لهم: «ما كان أعداءُ الله أهونَ عليَّ منهم الآن، ولئن شِئتم لأغادينَّهم بمثلها غدًا»، قالوا: «حسبُك، فقد أسمَعْتهم ما يكرهون».
- وهذا أبو بكر الصدِّيق -رضي الله عنه- يَقِف في المشركين خطيبًا عند الكعبة، فيقوم المشركون بضربِه بالنِّعال، حتى ما يُعرف وجهُه من أنفه، وحُمِل إلى بيته في ثوبِه، وهو ما بين الحياةِ والموت، فما يثنيه ذلك عن دينه ولا عن ذكر الله

ابو وليد البحيرى
2023-02-19, 04:12 PM
تحت العشرين - 1156

الفرقان
مما يعين الشباب على الوقاية من فتن الشهوات
يتهافت كثير من الشباب على مواقع الانحلال والمنتديات المنتشرة وبكثرة على الشبكة العنكبوتية، فأصبح بعضهم يقضي أمام شاشاتها الساعات تلو الساعات، يحرق زهرة عمره، ويضيع ماله ودينه قبل ذلك في مشاهدة الصور، والدخولِ في حوارات بين الجنسين من الشباب والشابات يندى لها الجبين، وتدمى لها قلوب أهل الغيرة والصلاح.
وفي هدأة الليل وسكونه، وفي غفلة من الوالدين تدور تلك المحادثات والحوارات التي تسخط الباري -جل في علاه-، وإن مما يعين على حماية الشباب لأنفسهم من تلك الفتن البعد عن مواطنها وأماكنها، قال -تعالى-: {ولا تقربوا الزنا}، فالحذر الحذر من الاقتراب من مقدمات الفاحشة! ومما يعين على ذلك غض البصر؛ فإن فيه راحة للقلب، وطمأنينة في النفس، وحلاوة يهبها الله لذلك الغاض لبصره طلبا لمرضاة الله، أما حين تطلق بصرك في الحرام فإن الحسرة لا تفارقك، والهموم لا تزايلك، ومع هذا فإنك لم تستفد شيئا من نظرك سوى الكدر والسآمة، وإن مما يعين الشاب على حماية نفسه من تلك الشهوات التأمل فيما أعده الله لأهلها يوم القيامة، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًاً}.
من آثار الذنوب والمعاصي

قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: من آثار الذنوب قسوة القلوب، وعدم تأثرها بالمواعظ والآيات والأدلة والتخويف والتحذير والإنذار؛ بحيث تسمع ولا تفقه ولا تقبل، وتزل عنها الموعظة وهي في غفلة، ولأجل شناعة الذنوب عظمت عقوبتها في الدنيا بالقتل للمرتد والزاني المحصن، والقطع للسارق وقاطع الطريق، والحبس للمحاربين، والجلد لأهل المسكرات ونحو ذلك؛ تفاديا للآثار السيئة التي يعم ضررها للمجتمعات؛ حيث إن المعصية إذا أعلنت تعدت عقوبتها؛ لقوله -تعالى-: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، أي أنها تعم العاصي وغيره.
إياك والفراغ!

اشغل نفسك دائما إما بالحق والطاعة، وإما بشيء من المباح أحيانا، ولا تتركها فارغة فيفترسها الشيطان؛ فإن من صادق كلام السلف -رحمهم الله-: «نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وإن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية»، وهذه قاعدة لا مناص للنفس منها، وقديما قالوا: «إن الشباب والفراغ والجدة.. مفسدة للمرء أي مفسدة»، فإياك والفراغ! واعلم قيمة عمرك فلا تهدره في غير النافع المفيد، واعلم أن أهل الجنة ليس يتحسرون إلا على ساعة لم يذكروا الله فيها، فكيف بمن أضاع وقته وأمضى عمره في المعاصي والشهوات؟
المخدرات مغامرة خاسرة

لا يخطر ببال كثير من الشباب المراهقين أو حتى الكبار المدمنين أنهم غرسوا أول مسمار في نعش حياتهم الهانئة وسعادتهم الدنيوية، وأنهم فتحوا على أنفسهم باب الوقوع في تعاطي المخدرات والوقوع في براثن إدمانها، وأنهم قد أخذوا أول خطوة في طريق الضياع، ونحن هنا لا نتكلم عن نوع معين من المخدرات، وإنما نتكلم عن هذا الغول القاتل بأنواعه، فإذا خطا الشاب أو المدمن أول خطوة في هذا الطريق فقد كتب قصة نهايته بنفسه إن لم يتداركه الله برحمته؛ ذلك أن للمخدرات آثارا سلبية مهلكة صحيا واجتماعيا وأسريا وماديا وعمليا و اقتصاديا.
الشباب قوة عظيمة وفرصة لا تعوض

لا يحقر الشاب نفسه في أداء دوره، قال الزهري لبعض الشباب: «لا تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم؛ فإن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا نزل به أمر دعا الشباب، فاستشارهم يبتغي حدة عقولهم»، وقال الحسن البصري: «يا معشر الشباب، عليكم بالآخرة فاطلبوها؛ فكثيراً رأينا من طلب الآخرة، فأدركها مع الدنيا، وما رأينا أحداً طلب الدنيا، فأدرك الآخرة معها»، وقال محمد بن يوسف: «كان سفيان الثوري يقيمنا بالليل؛ يقول: قوموا يا شباب صلوا ما دمتم شباباً»، فهذا الشباب يذهب بسرعة، ثم يتأسف عليه الإنسان، قال أحمد بن حنبل -رحمه الله-: «ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كُمِّي فسقط»، يعني يذهب بسرعة.
خصال التائبين

قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: لابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس همامة متحركة، إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.
من سُبُل السعادة الحقيقية

أصل السعادة كلّها الإيمان بالله واتّباع شرعه والعيش في رحاب الطاعة، قال إبراهيم ابن أدهم - رضي الله عنه -: «لو علم الملُوك ما نحن فيه من النعيم والسرور ولَذة العيش وقلّة التعب، لجالدونا عليه بالسيوف، طلبوا الراحة والنعيم فأخطؤوا الصراط المستقيم». وقال الإمام الحسَن البصريّ -رحمه الله-: «تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة والذِّكر وقراءة القرآن، فإن وجدتم وإلاّ فاعلموا أن الباب مغلَق»، فالسعادة شجرة ماؤها وغذاؤها وهواؤها وضياؤها الإيمان بالله والدار الآخرة. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا من سعداء الدنيا والآخرة.

ابو وليد البحيرى
2023-02-21, 04:08 PM
شباب تحت العشرين - 1157



الفرقان

حقيقة الانتماء إلى الإسلام
يفتخر المسلم بانتمائه إلى دين الإسلام العظيم لأسباب عدّة، فهذا الدّين هو خاتم الأديان السّماويّة، وشريعته نسخت الشّرائع قبلها، وهو الدّين الذي جاء به النّبي محمّد -عليه الصّلاة والسّلام- إلى العالمين دون استثناء، وهو الدّين الذي جاء لصلاح البشريّة وسعادتها في الدّارين، وقد عبّر الأعرابي البسيط عن موافقة أحكام الإسلام للعقل والمنطق حينما قال: والله ما رأيت شيئاً حرّمه الإسلام فقال العقل: لم لم يأمر به؟ ولا شيئاً أحلّه الإسلام فقال العقل: لم لم يحرّمه؟ فالإسلام هو شريعة ومنهج ودستور ربّاني ارتضاه الله -تعالى- للبشريّة جمعاء.
مظاهر التعبير عن الانتماء لهذا الدّين
من مظاهر الانتماء للدين الإسلامي أن يحبّ المسلم دينه حبًّا يتملّك قلبه وجوارحه؛ فالحبّ لهذا الدّين هو الدّافع الذي يحثّ الإنسان على الانتماء إليه حقيقة وليس زيفاً، وهو الحبّ الذي يحمل المسلم على أن يقوم بواجبه اتجاه هذا الدّين العظيم، والحبّ تتبعه الطاعة والانقياد للمحبوب، قال -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، أما من يدّعي محبّته لهذا للدّين دون أن يطيع أمر الله ورسوله فهو غير منتم حقيقة لهذا الدين العظيم.
ومن ذلك أن يؤمن المسلم بأنّ هذا الدّين هو الدّين الحقّ وما سواه هو باطل، فالدّين المعتبر عند الله -تعالى- هو دين الإسلام المهيمن على الأديان جميعها؛ لذلك على المسلم أن يستشعر هذه الحقيقة في حياته وتعامله مع غيره؛ لأنّها ستكون دافعاً له لبذل كلّ ما يستطيع لتبليغ هذا الدّين ونصرته والذّود عنه.
ومن ذلك أن يسخّر المسلم جهوده في سبيل هذا الدّين، فلا يتوانى عن الدّعوة إليه في المحافل كلها وفي المواقف جميعها، وإذا ما تعرّض هذا الدّين إلى الإساءة وقف مدافعاً عنه بقوّة.
ومن ذلك أن ينبذ المسلم العادات والمعتقدات التي تنافي ديننا، فيكون الفخر بتقاليدنا الإسلاميّة وأعرافنا وقيمنا والتّمسك بها خير معبّرٍ عن الانتماء الحقيقي لهذا الدّين.
يا بني إني موصيك بوصية
قال رجل لابنه: يا بني إني موصيك بوصية فإن لم تحفظ وصيتي عني لم تحفظها عن غيري: اتق الله ما استطعت، وإياك والطمع! فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه! فإنك لن تعتذر من خير أبدا.
‏يا بني: خذ الخير من أهله، ودع الشر لأهله، وإذا قمت إلى صلاتك فصل صلاة مودع وأنت ترى ألا تصلي بعدها.
صفحات من تاريخنا المجيد
‏مدينة ‎برشلونة فتحها القائدان طارق بن زياد وموسى بن نصير عام 92هجري، ونصبوا عليها حاكما اسمه: سليمان الأعرابي، وقد سقطت من يد المسلمين عام 185 هجري بحملة من الجيش الفرنسي حتى استردها الحاجب المنصور: عام 375هجري وهدم أسوارها وأسر ملوكها.
وقف القائد (ألفونسو السادس) الذي غَرَّته قوة جيوشه؛ إذ تخطت الـ ٨٠ ألف جندي.
وقال: لو عندي سفن كافية لعبرت البحر، وقاتلت العرب على أرضهم، فإن لدي جيشا يقهر الإنس والجن، وسيهزم حتى ملائكة السماء!.
وعندما بلغ ذلك إلى القائد المسلم «يوسف بن تاشفين»، فأرسل إليه قائلًا: «من أمير المسلمين يوسف بن تاشفين إلى الفونسو السادس: بلغنا أنك دعوت أن يكون لك سفن تعبر بها إلينا؛ فلا تكلف نفسك العناء، فنحن سنعبر إليك حتي تعلم عاقبة دعائك، وإني أعرض عليك إما الإسلام، أو الجزية عن يدٍ وأنت صاغر، وإلا فهي الحرب، وإني أمهلك ثلاثة أيام ولك ما تختار.
وعبر يوسف بن تاشفين بجيش تعداده ٢٥ ألفا فقط، ووقعت معركة الزلاقة: فسحقهم المسلمون وأبادوهم حتى أنه لم يبق من جيش ألفونسو إلا ٥٠٠ جندي.
د. وليد الربيع: من آداب طالب العلم
قال الشيخ د. وليد خالد الربيع: من آداب طالب العلم أن يصبر على ما قد يصدر من الشيخ من غلظة في المعاملة، ولا يمنعه ذلك من ملازمته والاستفادة منه، وإنما عليه أن يحسن الظن به ويتأول أفعاله على أحسن تأويل، وأن يبادر شيخَه بالاعتذار وإدامة حبال الصلة؛ فإن ذلك أطيب لخاطر الشيخ وأبقى لمودته وأنفع للطالب، فقد قيل: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الدنيا والآخرة.
من روائع الحكمة
قال لقمان الحكيم: يا بني، قد أكلت الحنظل، وذقت الصبر، فلم أر شيئاً أمر من الفقر، فإن افتقرت فلا تحدث به الناس كي لا ينتقصوك، ولكن سل الله، فمن الذي سأل الله فلم يعطه؟ أو دعاه فلم يجبه؟ أو تضرع إليه فلم يكشف ما به؟
نماذج حضارتنا الرائعة
عمار الموصلي هو طبيب العيون عام 1010م، هو أول من صمم إبرة جوفاء لشفط المياه البيضاء من أجل استعادة البصر، ومازال نمط هذه العملية متبعا حتى الآن، تدعى هذه العملية بـ (الكتراكت) وتعني المياة البيضاء، فمن يخطر في باله أن عمار الذي عاش بالقرن العاشر هو الذي أرسى قواعد هذه الجراحة!
لا اعتزاز إلا بالإسلام
قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-: الانتماء والاعتزاز بغير الإسلام من أمور الجاهلية، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: نحن أمة أعزنا الله بالإسلام؛ فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، فلا اعتزاز إلا بالإسلام ولا انتماء إلا إلى الإسلام. قال أبو بكرة - رضي الله عنه :
أبي الإسلام لا أب لي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
أي الناس أنت من هؤلاء؟
‏الناس ثلاثة: عاقل، وأحمق، وفاجر
1- العاقل: الدين شريعته، والحلم طبيعته، والرأى الحسن سجيته، إن نطق أصاب، وإن سمع وعى، وإن كلم أجاب.
2- الأحمق: إن تكلم مُجَلٍّ، وإن حدث وهل، وإن استنزل عن رأيه نزل.
3- الفاجر: فإن ائتمنته خانك، وإن صحبته شانك
ية الشافعيلتلميذه

أوصَى الشّافعي تِلميذَه الربيع بن سُليمان قائِلا: إذا أردتَ صلاح قلبِك، أو ابنك، أو أخيك، أو من شئتَ صلاحَهُ، فأودِعهُ في رِياض القُرآن، وبين صحبة القُرآن. سيُصلحه الله شاءَ أم أبى بإذنه -تعالى.

ابو وليد البحيرى
2023-02-26, 11:14 AM
شباب تحت العشرين - 1158



الفرقان

صلاح الشباب بالدين والأخلاق

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: إن الشباب يرد على قلوبهم من المشكلات الفكرية والنفسية ما يجعلهم أحيانا في قلق من الحياة، محاولين جهدهم التخلص من ذلك القلق، وكشف تلك الغمة، ولن يتحقق ذلك لهم إلا بالدين والأخلاق، اللذين بهما قوام المجتمع، وصلاح الدنيا والآخرة، وبهما تحل الخيرات والبركات، وتزول الشرور والآفات، إن البلاد لا تعمر إلا بساكنيها، والدين لا يقوم إلا بأهله، ومتى قاموا به نصرهم الله مهما كان أعداؤهم، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}، وإذا كان الدين لا يقوم إلا بأهله، فإن علينا -أهل الإسلام وحملة لوائه- أن نُقَوِّم أنفسنا أولاً؛ لنكون أهلاً للقيادة والهداية، ومحلاً للتوفيق والسداد، علينا أن نتعلم من كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما يؤهلنا للقول والعمل والتوجيه والدعوة؛ لنحمل الهداية الماضية والنور المبين لكل من يريد الحق، وعلى كل من يريد الباطل.
الشباب والثقة بالنفس
الثقة بالنفس صفة مهمة جدا للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية معًا؛ إذ إن التمتع بها يساعد الشخص على أن يصبح ناجحًا في حياته العائلية والشخصية والمهنية، فهذه الصفة هي من أهم الخصال التي تميّز الشخصية القوية التي تتمثل بتقبُّل كل السلبيات والإيجابيات الجسدية والشخصية والفكرية، والتعايش معها بل والافتخار بها، والثقة في النفس وقوة الشخصية هما كل مايطمح أن يحصل عليه الإنسان لأنهما صفتان لابد أن يوجدا في أي إنسان يريد أن يمتلك مفاتيح النجاح في كل جوانب الحياة، الاجتماعية والأسرية والتعليمية والمهنية، ويعرّف الإنسان الواثق من نفسه بأنه شخص يحترم ذاته ويقدّرها، ويحب نفسه ولا يؤذيها، ويدرك كفاءاته، ويثق بقدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة، والثقة بالنفس تعني اعتماد الشخص على نفسه والشعور بالثقة في قدراته وصفاته وحُكمه وفي نفسه بصفة عامة، كما تُعرّف هذه الصفة على أنها ثقة الفرد في قدراته وإمكانياته وقراراته أو الاعتقاد بأنه قادر على مواجهة تحديات الحياة اليومية ومتطلباتها بنجاح، والشخص الواثق بنفسه يتسم بالتفاؤل والاطمئنان والقدرة على تحقيق أهدافه وتقييم الأشخاص والعلاقات بطريقة صحيحة وفقاً لنظرته لنفسه وتقديره لذاته
احذر أن تكون من هؤلاء!
- احذر أن تكون من هؤلاء الشباب الذين لا يبالون بما أضاعوا من حقوق الله، ولا من حقوق الآدميين.
- الشباب الفوضوي، فاقدي الاتزان في تفكيرهم، وفاقدي الاتزان في سلوكهم وفي جميع تصرفاتهم.
- الشباب الناكبين عن الصراط المستقيم في دينهم، والمعرضين عن التقاليد الاجتماعية في سلوكهم، الذين زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنًا، فهم من الأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
من آثار الذنوب قسوة القلوب
قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: من آثار الذنوب والمعاصي قسوة القلوب، وعدم تأثرها بالمواعظ والآيات والأدلة والتخويف والتحذير والإنذار؛ بحيث تسمع ولا تفقه ولا تقبل، وتزول عنها الموعظة وهي في غفلة، ولأجل شناعة الذنوب عظمت عقوبتها في الدنيا تفاديا للآثار السيئة التي يعم ضررها للمجتمعات؛ حيث إن المعصية إذا أعلنت تعدت عقوبتها؛ لقوله -تعالى-: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}؛ أي أنها تعم العاصي وغيره، وكذا في الحديث: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه».
خطوات تعزيز الثقة في النفس
- القرب من الله -تعالى- وفعل أوامره واجتناب نواهيه.
- التخطيط الجيد وتحديد أهدافك بوضوح.
- النظر دائمًا إلى الإنجازات.
- تعرف على نقاط القوة التي تمتلكها.
- اهتم بنفسك وصحتك البدنية والفكرية.
- المشاركة في المناسبات الاجتماعية.
- الابتعاد عن الروح السلبية.
الفرق بين الثقة بالنفس والغرور
الثقة بالنفس لا يتحلى بها إلا الأشخاص أصحاب الأخلاق الحميدة والعالية، أما الغرور فيتصف بها أصحاب القلوب غير النقية، والغرور يجعل الذين حولهم يكرهونهم، وقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن التكبر في حديثه الشريف «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، وأمرنا الله -عز وجل- بالتواضع والابتعاد عن التكبر والغرور في قوله -تعالى-: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} (الإسراء:37).
أعظم أسباب صلاح القلوب
إن من أعظم أسباب صلاح القلوب وشفائها تلاوة كتاب الله بالتدبر والتفهم لمعانيه، فالقراءة بالتدبر، أعظم ما يصلح القلب ويشفيه من أمراض الشبهات والشهوات؛ لما في القرآن من البراهين الجلية والمواعظ البليغة، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رجلاً جاءه فقال: أوصني، فقال: سألتَ عما سألتُ عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك، فقال: «أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد، فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن، فإنه روحك في السماء، وذكرك في الأرض» (رواه أحمد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة).
الفراغ من أهم أسباب انحراف الشباب
(3) الفراغ داء عضال للفكر والعقل والطاقات الجسمية؛ إذ النفس لا بد لها من حركة وعمل، فإذا كانت فارغة من ذلك تبلد الفكر، وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب، وربما حدث له إرادات سيئة شريرة يُنَفِّس بها عن هذا الكبت الذي أصابه من الفراغ.
وعلاج هذه المشلكة: أن يسعى الشاب في تحصيل عمل يناسبه من قراءة أو تجارة أو كتابة أو غيرها، مما يحول بينه وبين هذا الفراغ، ويستوجب أن يكون عضوًا سليما عاملاً في مجتمعه لنفسه ولغيره.

ابو وليد البحيرى
2023-03-08, 06:29 PM
شباب تحت العشرين - 1159


الفرقان


من صفات الشاب المسلم
الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، وكان - صلى الله عليه وسلم- خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ»، فالشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم-، يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول - صلى الله عليه وسلم- كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا».
فالشابُّ المسلم رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، شعاره الرفق واللين، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- مادِحًا للرِّفْق ذامًّا لغيره: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ»، والشاب المسلم لا يقابل السيئة بالسيئة، وإنما يقابلها بالحسنة، ولا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ، لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، ولا يرفع صوته على شيخ مُسِنٍّ، ولا ضعيف مسكين، وإذا ناظرَ أو جادلَ مع مناظرٍ أو مجادلٍ في دعوته، جادله بخلقه الرفيع، وناظره بالتي هي أحسن.
شباب الإسلام صنعوا التاريخ
إذا نظرنا إلى الأمة الإسلامية في ماضيها وحاضرها نجدها تستنهض حضارتها وتفوقها وريادتها دائمًا وأبداً في همّة شبابها، فانظر إلى حال أصحاب رسول الله الذين رفعوا راية الإسلام، وصمدوا في المعارك حتى انتشر بهم الدين في ربوع الأرض كلها، وقد سار على دربهم شباب حرّكوا همم الناس يوم أن غزا الصليبيون والتتار بلاد الإسلام، شباب صمدوا أمام الفتن فكانوا أساتذة في عفة النفس والاعتصام بالله، وعلى رأسهم نبي الله يوسف -عليه السلام-، وقادة الجيوش في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كانوا شبابا وعلى رأسهم خالد بن الوليد، وأسامة بن زيد، وهؤلاء هم قادة مؤتة كانوا شبابا في بداية العشرينات.
قادة الدعوة والإرشاد (مصعب بن عمير، معاذ بن جبل....)، وقادة العلم والفكر: زيد بن ثابت وجهوده في تعلم اللغة وكتابة الوحي وجمع القرآن ونسخ القرآن الكريم، وكالشافعي والبخاري.
نصيحة مهمة للشباب
أيها الشباب، إن العمر لا يقاس بالسنوات التي قضيتها منذ الولادة، وإنما يقدر بقدر ما قدمت لنفسك وللإسلام من عظائم الأعمال الصالحات؛ فحدد لنفسك هدفا ًغاليا تعيش من أجله وتسعى جاهدا ً لتحقيقه، وأخلص النية لله ترى ثمرة عملك، وإياك أن تهمّش نفسك وتقول لا أقدر! فهناك من يعمل للأمة وهناك من يقدّم للإسلام، فأنت قادر -بإذن الله- على العطاء، وإياك والتسويف! فإذا عزمت على عمل الخير فبادره ولا تقل: الأيام طويلة؛ فالوقت يمر مرّ السحاب؛ فانظر إلى كل ساعة من ساعاتك كيف تذهب؟ ولاتهمل نفسك، وعوّدها أشرف مايكون من العمل وأحسنه، وابعث إلى صندوق القبر مايسّرك يوم الوصول إليه.
لا تيأس من رحمة الله
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: مهما عملت من المعاصي إذا رجعت إلى الله وتبت تاب الله عليك، ولكن إن كانت المعصية تتعلق بآدمي فلابد من الاستبراء من حقه إما بوفائه أو باستحلاله منه؛ لأنه حق آدمي لا يغفر؛ فحق الله يغفر مهما عظم وحق الآدمي لابد أن تستبرئ منه، إما: بإبراء، أو أداء، بخلاف حق الله.
معالي الأمور وسفاسفها
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها»، ومعالي الأمور: هي الأمور الجليلة، رفيعة القدر عالية الشأن، سميت بذلك؛ لأنها في الأعمال من أجلها وأعلاها، أو لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا، والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة التي تنبئ عن خسة نفس صاحبها وهمته، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات.
ولا يهتم الإنسان بالمعالي ويكره السفاسف إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، فتتطلع إرادته إلى طلب الكمالات والمراتب العالية؛ فكلما عظمت الهمم علت المطالب، كما قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: «العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب».
ذاكرة الصحابي أبي هريرة في الحفظ
استدعى الْخلِيفة مَرْوان بن الحكم أبا هريرة ــ رضي الله عنه ــ فطلب منه أن يحدثه بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحدثه ومروان بن الحكم يكتب أحاديث أبي هريرة حتى إذا كان رأس السنة استدعاه مرة أخرى، فسأله عن الأحاديث نفسها التي سبق وأن حدثه بها قبل عام، فأجاب ولم يخطئ في حديث. فقال مروان بن الحكم هكذا الحفظ.
من علامات السعادة
قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
نعيم الدنيا في ثلاث
(4) قال سفيان الثوري: ما بقي لي من نعيم الدنيا إلا ثلاث :
(1) أخ ثقة في الله، أكتسب في صحبته خيراً، إن رآني زائغاً قومني، أو مستقيماً رغبني.
(2) ورزق واسع حلال، ليست لله علي فيه تبعة ولا لمخلوق علي فيه منة.
(3) وصلاة في جماعة أُكفى سهوها، وأرزق أجرها.
مواقف طريفة
من نوادر أشعب بن جبير
في يوم من الأيام دخل أشعب بن جبير على قوم يأكلون، وكانوا لا يرغبون في وجوده من الأساس.
فسألهم أشعب: ماذا تأكلون أيها القوم؟
فقالوا له -مستثقلين وجوده بينهم-: نأكل سُمًّا!
فقام على الفور بإدخال يده في الطبق قائلا: والله الحياة بعدكم حرام!

ابو وليد البحيرى
2023-03-16, 10:00 AM
شباب تحت العشرين - 1160


الفرقان

مظاهر التعبير عن الانتماء لدّين الإسلام


من مظاهر الانتماء إلى دين الإسلام:
- أن يحبّ المسلم دينه حبّاً يتملّك قلبه وجوارحه، فالحبّ لهذا الدّين هو الدّافع الذي يحثّ الإنسان على الانتماء إليه حقيقة وليس زيفًا، وهو الحبّ الذي يحمل المسلم على أن يقوم بواجبه تجاه هذا الدّين العظيم، والحبّ تتبعه الطاعة والانقياد للمحبوب، قال -تعالى- {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
- أن يؤمن المسلم بأنّ هذا الدّين هو الدّين الحقّ وما سواه باطل، فالدّين المعتبر عند الله -تعالى- هو دين الإسلام المهيمن على الأديان جميعها.
- أن يُسخّر المسلم جهوده كلها في سبيل رفعة دينه، فلا يتوانى عن الدّعوة إليه في كلّ المحافل وفي جميع المواقف، وإذا ما تعرّض هذا الدّين إلى الإساءة وقف مدافعًا عنه بما يستطيع.
- أن ينبذ المسلم العادات والمعتقدات التي تنافي ديننا، فيكون الفخر بتقاليدنا الإسلاميّة وأعرافنا وقيمنا والتّمسك بها خير معبّرٍ عن الانتماء الحقيقي لهذا الدّين.
الاعتزاز بالانتماء إلى دين الإسلام
يفتخر المسلم بانتمائه إلى دين الإسلام العظيم لأسباب عدّة، فهذا الدّين هو خاتم الأديان السّماويّة، وشريعته نسخت جميع الشّرائع قبلها، وهو الدّين الذي جاء به النّبي محمّد -عليه الصّلاة والسّلام -إلى العالمين دون استثناء، وهو الدّين الذي جاء لصلاح البشريّة وسعادتها في الدّارين، فالإسلام هو شريعة ومنهج ودستور ربّاني ارتضاه الله -تعالى- للبشريّة جمعاء.
واجب المسلم تجاه دينه
إنّ واجب المسلم تجاه هذا الدّين أن يكون منتميًا انتماءً حقيقيا له، فلا يكفي أن يقول الإنسان إنّي مسلم فقط دون أن يكون منتميًا إلى هذا الدين اعتقادًا وسلوكًا ومنهجًا في الحياة، فقد وصف الله -تعالى- الأعراب الذين ادعوا الإيمان بقوله: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}.
التخلق بأخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم
الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد ولد آدم، فقد كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وكان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ»، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في التفضيل بين الصحابة: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ -أي: أفضلكم - أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا»، فالشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول -صلى الله عليه وسلم - كما قال: {إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا}.
صالح الفوزان: الحياء خلق فاضل
قال الشيخ صالح الفوزان: دلت الأحاديث على أن الحياء خلق فاضل، قال الإمام ابن القيم- رحمه الله-: والحياء من الحياة، وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح، وحقيقة الحياء أنه خلق يبعث على ترك القبائح، ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق، والحياء يكون بين العبد وبين ربه -عزّوجلّ-، فيستحيي العبد من ربه أن يراه على معصيته ومخالفته، ويكون بين العبد وبين الناس.
عبد الرزاق البدر: طيش الشباب
قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: يكثر الطيش في الشباب؛ وذلك أنَّ الشباب مظنَّة الجهل ومطية الذنوب، ولهذا يقال طيش شباب أو شباب طائش إمَّا على سبيل الانتقاد أو الاعتذار، وما من ريب أنَّ الشاب مسؤول عن سفهه وطيشه يوم يقف بين يدي ربه، فلا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، منها شبابُه فيم أبلاه، وإذا لم يزمَّ الشاب نفسه بزمام الشرع والعقل والحكمة أوردته المهالك.
الوفاء بالعهد صفة الرجال
الوفاء بالعهد صفة الرجال، وصفة العظماء، هكذا أمرنا الله -تعالى- أن نكون، وعلى هذه الصفة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما كان عليه من مكارم الأخلاق، كان - صلى الله عليه وسلم - يفي بعهده، ولم يعرف عنه في حياته أنه نقض عهدًا قطعه على نفسه، وكان - صلى الله عليه وسلم - ترجمان القرآن قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}.
في 8 نقاط كيف تترك المعاصي؟
1. تذكر دائما أن الله يراك، وردد في نفسك «الله معي، والله يراني والله يسمعني مطلع علي».
2. اقطع كل سبب يوصلك للمعصية.
3. ابتعد عن رفقاء السوء وصحبة السوء.
4. انظر للوجه القبيح للمعصية واستقذرها.
5. تذكر موقفك غدا بين يدي الله -عز وجل-، وماذا لو مُت الآن؟
6. لا تكثر من الخلوة بنفسك إلا في الطاعة.
7. أكثر من الأعمال الصالحة مع نفسك ومع إخوانك.
8. حافظ على الصلاة والدعاء والأذكار.
علمني شيخي
علمني شيخي أنَّ الحياء من الله يعني أنْ نَكُفَّ عن ارتكاب القبائح، ودناءة الأخلاق، ويحثنا على العمل بمكارم الأخلاق؛ لأنه من خصال الإيمان، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنَّه قال: من استحيا اختفى، ومن اختفى اتقى، ومن اتقى وُقي»، والحياء لا يأتي إلا بخير كما قال نبينا - صلى الله عليه وسلم .

ابو وليد البحيرى
2023-03-17, 08:35 PM
شباب تحت العشرين - 1161


الفرقان


إدراك الشباب لدورهم الحقيقي
مهم جدًا أن يفهم الشباب دورهم الحقيقي في ظل صراع القيم الحالي، وأن يعلم أن ما تمر به الأمة من الهجوم على ثقافتنا ومبادئنا وأخلاقنا. إنما هي سنة من سنن الله في الكون، ألا وهي سنة التدافع، وقد وعد الله -تعالى- بحفظ هذا الدين، يضعف في القلوب لكنه لايزول، وأنه باق ببقاء الدنيا، وكم طاله وناله من أعدائه ما لو كان مع دين آخر لقضي عليه منذ قرون طويلة، ولكن الله كتب لهذا الدين الغلبة، ولأهله النصر إذا تمسكوا به وعملوا بما فيه. من هنا كان على الشباب أن يعوا الدور الخطير الذي تقوم به وسائل الإعلام غير الإسلامية، ومحاولات استقطابهم وتوجيههم إلى الوجهة التي يريدونها لهم، وشغل قلوبهم بملذات النفوس، وشهوات الجسد، وإعطاء صورة سلبية لنا نحن المسلمين، وتضخيم المساوئ والأخطاء التي تقع من بعضنا وتعميمها على الإسلام والمسلمين.
دور الشباب في الإسلام
تبوّأ الشباب مكانةً عظيمةً في الإسلام في مجال بناء الأمة والرقي بحضارتها في مختلف المجالات، الأمر الذي جعل منهم قدوةً لباقي أترابهم، حتّى بعد انقضاء زمانهم، وخلّد أسماءهم وإنجازاتهم إلى يومنا هذا، دلالةً على دور الشباب في ازدهار مجتمعهم، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- من حملوا راية الإسلام شبابًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
أعظم أنواع العبادة
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: أعظم أنواع العبادة أداء ما فرضه الله وتجنب ما حرمه الله -تعالى-، قال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه -عزوجل-: «وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه»، فأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله وصدق الرغبة فيما عند الله»، وذلك أن الله -تعالى- إنما افترض على عباده الفرائض ليقربهم عنده، ويوجد لهم رضوانه ورحمته.
الإمامة في الدِّين
قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: الإمامة في الدِّين رُتبةٌ عليَّة ومنزلةٌ شريفة، إذا أكرم اللهُ -سبحانه- عبده بنيلها فاز بكرامة عظيمة ومنَّة جسيمة، ولا يبلغ العبد هذه الرتبة إلا إذا اجتمعت فيه صفات الخير؛ بحيث يكون قدوةً للصَّالحين وأسوةً لعباد الله يؤتمُّ به في الدِّين، ويؤتسى به في العناية بالفرائض، واجتناب المحرَّمات، وفعل الخيرات، والبعد عن المكروهات، فلا يكون العبد إمامًا للمتقين بعده حتى يأتم بالمتقين قبله، فإذا ائتم بهم ائتمَّ به مَن بعده.
ماذا نريد من شبابنا؟
نريد لشبابنا أن يكونوا نموذجاً في الجمع بين المعرفة بالذات والاعتزاز بها من جهة، والإفادة مما لدى الآخرين من صواب وحكمة من جهة أخرى؛ بحيث يجمعون بين متانة العقيدة والاقتناع بالإسلام دينا خالدا أبديا، وبين الاطلاع الواسع العميق على العلم الحديث؛ فالشباب هم عدتنا، نعدهم لجيل قادم يحمل الراية نحو موقع يتفق ومكانة دينهم ومكانة أمتهم، نريد من شبابنا أن يكونوا قدوة للعالم؛ فهم في نظر العالم قدوة ينظر إليهم ملهمين لتراث أمة توارثوه أبا عن جد؛ فهم أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد بن الوليد، هكذا أنتم يا شباب في نظر أمة الإسلام، فلا غرابة أن تكونوا مستهدفين في عقر داركم بالمخدرات والإباحيات من الصور والأفلام.
صور مضيئة من حياة الصحابة
كان ابن عباس - رضي الله عنه - حبر الأمة رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له «عفير» فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعواعلى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف»، فأخذت هذه الكلمات من ابن عباس - رضي الله عنه - كل مأخذ؛ وذلك لأنه شعر أن له قيمة في هذا الوجود، وأنه ليس على هامش الحياة، ولذلك خاطبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الأسلوب الرفيع الذي يبني في نفس كل من سمعه ووعاه عقيدة راسخة لا تزحزحها الجبال، ومحبة عظيمة لله الواحد الأحد تملأ القلوب هيبة وإجلالاً، فأثمر ذلك أن كان ابن عباس حبر الأمة وعالمها - رضي الله عنه .
جهاد النفس مقدمة لجهاد العدو
قال الشيخ صفوت نور الدين -رحمه الله-: جهاد النفس مقدمة لجهاد العدو، فمن لم يجاهد نفسه لتلتزم بالشرع فتعمل به وتقف عند حدوده لم يمكنه أن يجاهد عدوه، بل إن خروجه للجهاد قبل بلوغ مواطن النـزال إنما هو من جهاد النفس على ذلك؛ ففي حديث أحمد عن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال -في حجة الوداع-: «ألا أخبركم من المسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أَمِنَه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله».
من صور البر بالوالدين
- يروى أنّ أبا هريرة - رضي الله عنه - كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً. - أما عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - فقد طلبت والدته في إحدى الليالي ماء، فذهب ليجيء بالماء، فلما جاء وجدها نائمة، فوقف بالماء عند رأسها حتى الصباح، فلم يوقظها خشية إزعاجها، ولم يذهب خشية أن تستيقظ فتطلب الماء فلا تجده. - أما ابن عون المزني فقد نادته أمه يومًا فأجابها وقد علا صوته صوتها ليسمعها، فندم على ذلك وأعتق رقبتين.

ابو وليد البحيرى
2023-03-20, 09:19 PM
تحت العشرين - ١١٦٢
الفرقان


من لم يُشغل بالحق شغل بالباطل

سنة الله في عباده أن من ترك الحق، فإنه يُبتلى بالباطل، ومن ترك السنة، فإنه يُبتلى بالبدعة، ومن ترك طاعة الله، ابتلي بطاعة الشيطان والنفس والهوى، ومن ترك تعلم ما ينفعه، ابتلي بتعلم ما يضره، ومن ترك قراءة القرآن والاستماع إليه، ابتلي بقراءة الروايات الخليعة والاستماع إلى الغناء والمعازف المحرمة.
ومن ترك الخلق الحسن، ابتلي بالسيء من الأخلاق، وهلم جرا، قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه (الوابل الصيب صـ١٩٨): «فهي النفسُ إن لم تَشْغلْها بالحق وإلا شَغَلَتْكَ بالباطل، وهو القلبُ إن لم تَسْكُنْهُ محبةُ الله -عز وجل-، سكنَتْهُ محبةُ المخلوقين ولابُدَّ، وهو اللسانُ إن لم تشغله بالذكر شغلك باللغو، وهو عليك ولابدَّ، فاختر لنفسك إحدى الخُطَّتين، وأنْزِلْها في إحدى المنزلتين». اهـ، ويؤيد ذلك كله قول الله -تعالى- عن اليهود: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (البقرة: ١٠١)، فلما نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ابْتُلُوا بالباطل وهو اتباع ما تتلو الشياطين على ملك سليمان -عليه السلام-، كما قال -تعالى- في الآية التي بعدها: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} (البقرة: ١٠٢)، قال العلامة السعدي - رحمه الله في تفسيره-: «ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع، ابتلي بالاشتغال بما يضره، فمن ترك عبادة الرحمن، ابتلي بعبادة الأوثان، ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه، ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه، ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان، ومن ترك الذل لربه، ابتلي بالذل للعبيد، ومن ترك الحق ابتلي بالباطل. كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلو الشياطين، وتختلق من السحر على ملك سليمان». اهـ. والخلاصة: أن كل من انصرف عن الحق دخل في الباطل، وكان متشبهًا باليهود الذين تركوا كتاب الله (التوراة) لما رأوها تتفق مع القرآن في نبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأوصافه، فلما أعرضوا عن الحق، أشغلهم الشيطان بالباطل والافتراء، فاتبعوا ما افترته الشياطين على ملك سليمان. المؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الإنسان من طبيعته التقصيرُ والنقص والعيب؛ فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ولا يشيعها إلا من ضرورة، فإذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد منه، لكن دون ضرورة فالأَولى والأفضل أن يستر عورة أخيه؛ لأن الإنسان بشرٌ ربما يخطئ عن شهوة - يعني عن إرادة سيئة - أو عن شُبهة؛ حيث يشتبه عليه الحقُّ فيقول بالباطل أو يعمل به، والمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه.

طرائف ونوادر

يحكى أن رجلاً من الصالحين كان يوصي عماله في المحل بأن يكشفوا للناس عن عيوب بضاعته إن وجدت، وذات يوم جاء يهودي فاشترى ثوباً معيباً و لم يكن صاحب المحل موجوداً؛ فقال العامل: هذا يهودي لايهمنا أن نطلعه على العيب، ثم حضر صاحب المحل فسأله عن الثوب، فقال: بعته لليهودي بثلاثة آلاف درهم، ولم أطلعه على عيبه، فقال: أين هو؟ فقال: لقد رجع مع القافلة، فأخذ الرجل المال معه ثم تبع القافلة حتى أدركها بعد ثلاثة أيام؛ فقال لليهودي: ياهذا، لقد اشتريت ثوب كذا وكذا وبه عيب؛ فخذ دراهمك وهات الثوب، فقال اليهودي: ماحملك على هذا؟ فقال الرجل: الإسلام ؛ إذ يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من غشنا فليس منا». فخذ دراهمك وهات الثوب فقال اليهودي: والدراهم التي دفعتها لكم مزيفة، فخذ بها ثلاثة آلاف صحيحة، وأزيدك أكثر من هذا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

الشباب الصالح ينفع الله به الأمة

قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: أنتم أيها الشباب لكم مستقبل، واجب عليكم أن تجتهدوا في طلب العلم النافع، والتفقه في الدين، وأن تسألوا الله أن يصلح أحوالكم، وأن يمن عليكم بالتوفيق، وأن يجعلكم هداة مهتدين، حتى ينفع الله بكم الأمةَ، وحتى تكونوا هداةً للأمة في مستقبلها، الشباب تُعَلَّق عليه آمال كبيرة في نفع الأمة، إذا أصلحه الله؛ فالشيوخ يذهبون ويأتي الشباب بدلهم، فإذا أصلح الله الشباب حلوا محل آبائهم وأسلافهم الطيبين، في نصر الحق والدعوة إليه، والقيام بشؤون المسلمين، والتوجيه إلى ما فيه صلاحهم ونجاتهم، والتحذير مما فيه هلاكهم وشقاؤهم.


المسلم ناصح لإخوانه وللمسلمين

قال رئيس جمعية أنصار السنة النبوية الشيخ صفوت الشوادفي -رحمه الله-: المسلم المخلص ينصح لأخيه المسلم ويبيِّن له عيوبه سرًّا، ويستره ولا يفضحه، وأيضًا لا ينافقه ولا يداهنه ظنًّا منه أنه بذلك يُبقِي على المودة والمحبة بينهما؛ فإنه لا مودة ولا حب إلا في الله ولله؛ لذلك ينبغي على المسلم أن يسعى في نصح إخوانه وأقرانه، فللنصيحة أثرٌ عظيم، ونفع كبير؛ فرُبَّ غافلٍ قد سمع آية من كتاب الله، أو حديثًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتبه من غفلته، ورُب عاصٍ سمع مثل ذلك فتاب إلى الله توبة نصوحًا، ورب جائرٍ أثَّر فيه كلام واعظ بليغ فأقلع عن جوره، وأقام العدل في نفسه ومع غيره، وقد ومدح القرآن أمَّتنا بأنها تقيم النصيحة، وتؤدِّي ما أوجب الله عليها من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ قال -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: 110).

حقيقة التدين وثمراته

أيها الشاب: لا تظن أنَّ الدين هو أن تصلي، وتصوم، وتقرأ القرآن، وتزكي، وتحج، وتنطق الشهادة، فحسب؛ فإنك لن تقطف ثمار هذه العبادات ولن تحقق أهدافها إلا إذا صحَّت (عبادتك التعاملية)؛ فإن حقيقة تدينك هو: استقامتك، ومعاملتك مع جيرانك، وتوقيرك للكبير، ورحمتك بالصغير، وصدقك مع القريب والبعيد، والعدو والصديق، وحقيقة تدينك تظهر في برك لوالديك، وحفظك للسانك، وغضك لبصرك، وحسن خلقك مع الخلق أجمعين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا».

حِفْظ اللِّسَانِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»، بَيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أثرَ الكلمةِ وما يترتَّب عليها مِن أجْرٍ أو وِزر، حتَّى إنَّ العبدَ لَيتكلَّم بالكلمةِ مِمَّا يَرْضاه الله ويحبُّه، لا يَلتفِت لها قلبُه وبالُه لِقِلَّةِ شأنِها عندَه؛ يَرْفَعه الله بها درجاتٍ في الجنَّةِ، وإنَّه لَيتكلَّم بالكلمةِ الواحدةِ مِمَّا يَسْخَطه ويَكْرَهه اللهُ ولا يَرْضاه، لا يَلتفِت بالُه وقلبُه لعِظَمِها؛ فيَهْوِي بها (أي: يَنزِل ويَسقُط بسببِها) في دَرَكاتِ جَهَّنَمَ.

ابو وليد البحيرى
2023-04-27, 01:51 PM
تحت العشرين - 1163
الفرقان


نحو إجازة مثمرة في منتصف العام

إجازة منتصف العام عادة لا تتجاوز الأسبوعين أو تزيد بقليل، أي أنها فترة قصيرة لن تتيح لك الجمع بين الأنشطة المتعددة، لكن لابد من الحرص على الاستفادة من هذه الإجازة القصيرة بالتنظيم الجيد، والعزم المخلص للاستفادة من كل ساعة فيها، واستثمارها أفضل استثمار؛ من أجل تجديد الهمة لمواصلة الفصل الثاني من العام الدراسي بهمة ونشاط. فهي إجازة من أجل الاستعداد والتقاط الأنفاس، وشحذ الهمم للفصل الأخير الطويل الأهم غالبا، أكثر من كونها استراحة من السابق عليه؛ فأوقات الفراغ فرصة لن تعوض، وأوقات ثمينة أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باستثمارها والاستفادة منها، وعدم إهدارها في كسل أو في سفاسف الأمور، ولا سيما في مرحلة الشباب؛ فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، والإجازة نعمة كبيرة، ومع الأسف فكثير منا لا يقدرها حق قدرها؛ فيهدرها في نوم وكسل، أو في أمور تافهة لا تفيد بقدر ما تضر، أمور تُفقدك جزءا من رأس مالك، ألا وهو عمرك، عن ابن عباس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
فوائد الإجازة

- من فوائد الإجازة: أنها علاج من المتاعب، وفرصة للاسترخاء بعيدًا عن الضغوط، وفرصة للترويح عن النفس باللهو المباح حتى يستطيع الإنسان تحمل ضغوط الحياة بعد العودة من الإجازة. -وهي تجديد للنشاط، وكسر لروتين الحياة والملل؛ ذلك لأن النفس عندما تكرر فعل شيء يوميا، يفقد هذا الشيء متعته وطعمه، ويصبح كأنه واجب ثقيل الدم حتى لو كان الفعل محبوباً. - والإجازة فرصة ذهبية للتفكير في تجديد العلاقات مع العائلة والأصدقاء وقضاء وقت ممتع معهم.
الإبداع فى حياة المسلم

يعلّمنا ديننا أن السعي للارتقاء بالنفس إلى معالي الأمور من حسن فهم المرء لدينه، ولما كانت الحياة الكريمة والترقي فيها حلم كل إنسان، فإن آليات الوصول وأبجدياته لذلك، أن يكون الشخص مبدعًا في تفكيره، واسع المدارك، دقيق النظر للأمور. والشخص المبدع هو الذي يحاول توظيف قدراته للخروج بحل بسيط لبعض المشكلات أو المواقف التي تبدو مستحيلة بالنسبة إلى الناس، لكنها بسيطة لديه، وهو الشخص الذي لديه الكثير من المهارات العقلية التي تمكنه من إيجاد الحل المناسب من خارج الصندوق.

الأهداف العليا للإنسان

قال الشيخ د. وليد الربيع: إن القرآن الكريم واضح ومحدد ومباشر في تحديد الأهداف العليا للإنسان؛ فقال -تعالى-: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، وقال -سبحانه-: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}، وبين الوسيلة بقوله -عزوجل-: {إياك نعبد وإياك نستعين} وقال -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون}، فالعبادة والاستعانة والدعاء والتقوى والمجاهدة سبيل لتحقيق أعلى الغايات وأسمى المقاصد.

مواقف لا تنسى من حياة الصحابة

أرسل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قبل القادسية ربعي بن عامر رسولًا إلى رستم (قائد الجيوش الفارسية وأميرهم)، فدخل عليه، وقد زيَّنوا مجلسه بالنمارق، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت، واللآلئ الثمينة العظيمة، وعليه تاج وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي - رضي الله عنه - بثياب صفيقة، وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل عليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه، فقالوا له: ضع سلاحك، قال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت؛ فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكَّأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها، فقالوا: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومـن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
الإيمان يزيد وينقص

قال الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: الإيمان عند أهل السنة والجماعة يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والزيادة ثبتت بالآيات الصريحة كقوله -تعالى-: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} (الأنفال:2)، وفي القرآن ثماني آيات كلها مصرحة بالزيادة، وقد جاء في حديث نقصان دين المرأة: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين» (البخاري: 304)، فدل على أن الدين ينقص، وزيادته بما يقوي الإيمان من الأعمال الصالحة، مثل: كثرة الذكر وتلاوة القرآن وغيرها.
شجاعة فتىً

مر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على مجموعة من الصبيان يلعبون فهرولوا، وبقي صبي مفرد في مكانه، هو عبد الله بن الزبير، فسأله عمر: لِمَ لَمْ تعدُ مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين لم أقترف ذنباً فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقةً فأوسعها لك.
من معالم الرُّجولة

قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام، ومَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة، قال الله -تعالى-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ} هكذا قال رب العالمين {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} (النُّور:36-37)، فأين هذه الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة أو يهون من شأنها ويقلِّل من مكانتها ؟.
من طرائف العرب

سأل هشام بن عمر فتى أعرابيا عن عمره، فدار بينهما الحوار الآتي : هشام: كم تَعُدُّ يا فتى؟ الفتى: أعد من واحد إلى ألف وأكثر. هشام: لم أرد هذا بل أردت كم لك من السنين؟ الفتى: السنون كلها لله -عزوجل- وليس لي منها شيء. هشام: قصدت أسألك ما سنك؟ الفتى: سني من عظم. هشام: يا بني إنما أقصد ابن كم أنت؟ الفتى: ابن اثنين طبعاً أب وأم. هشام: يا إلهي إنما أردت أن أسألك كم عمرك؟ الفتى: الأعمار بيد الله لا يعلمها إلا هو. هشام: ويلك يا فتى لقد حيرتني ماذا أقول؟ الفتى: قل : كم مضى من عمرك؟

ابو وليد البحيرى
2024-04-25, 02:07 PM
تحت العشرين - 1164
الفرقان


نصائح وتوجيهات للشباب المسلم تجاه نفسه ودينه وأمَّته


قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الشباب في أي أمَّة من الأمم هم العمود الفقري الذي يشكل عنصر الحركة، والحيوية؛ إذ لديهم الطاقة المنتجة، والعطاء المتجدد، ولم تنهض أمَّة من الأمم -غالباً- إلا على أكتاف شبابها الواعي، وحماسته المتجددة، ولقد علم أعداء الإسلام هذه الحقيقة، فسعوا إلى وضع العراقيل في طريقهم، أو تغيير اتجاههم، إما بفصلهم عن دينهم، أو إيجاد هوة سحيقة بينهم وبين أولي العلم، والرأي الصائب، في أمتهم؛ لذلك كان على الشباب المسلم دورٌ مهم، وأعمال بالغة الأهمية؛ لينهضوا بأنفسهم تجاه ما يراد بهم، وليكونوا حرَّاساً للدين تجاه ما يُكاد به، ويمكن أن نلخص ذلك الدور، وتلك الأعمال فيما يلي:
(1) العلم الشرعي

قال الله -تعالى-: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر:9)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ»؛ فالعلم واجب شرعي على كل مسلم، ولا يمكن للجاهل أن يفهم دينه، ولا أن يدافع عنه في المحافل، والمنتديات، والجاهل لا تستفيد منه أمته، ولا مدينته، ولا قريته، ولا أهله؛ فلذا كان على الشباب المسلم أن يسارعوا إلى حلقات العلم، في المساجد، والمراكز الإسلامية، وأن يستثمروا نشاطهم وفراغهم في حفظ القرآن، وقراءة الكتب.

(2) الدعوة إلى الله وتعليم الناس

قال -تعالى-: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:104)، والدعوة والتعليم: زكاة العلم، وواجب على من تعلَّم العلم الشرعي أن يبلغه لغيره، وأن يساهم في هداية الكفار إلى الإسلام، وهداية العصاة إلى الاستقامة.

(3) الطاعة للأوامر والاجتناب للنواهي

والشاب المسلم مطيع لربه -تعالى-، فلا يسمع أمراً من الشرع إلا ويكون أول المستجيبين له، ولا نهياً إلا ويكون أول المبتعدين عنه، وقد استحق مثل هذا الشاب الثواب الجزيل يوم القيامة في أن يكون في ظل عرش ربِّه -تعالى-، في وقت تدنو الشمس بلهيبها فوق رؤوس الخلائق. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ».
مرحلة الشباب أعظم مرحلة سيسأل عنها الإنسان

مرحلة الشباب قطعة من العمر، وهي أهم مرحلة سيسأل عنها الإنسان، ففي الحديث الذي أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه - وفي رواية: «وماذا عَمِلَ فيم عَلِمَ».

من حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم
الزبير بن العوام -رضي الله عنه

أسلم الزبير بن العوام -رضي الله عنه - وهو ابن ست عشرة سنة، إنه حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وابن عمته صفية، وأول من سلّ سيفه في سبيل الله، وكان فارسًا مغواراً، لم يتخلف عن غزوة واحدة، وكان يسمي أبناءه بأسماء الشهداء من الصحابة. تلقى التعذيب على دينه، من عمه، فكان يصبر ويقول: «لا أرجع إلى الكفر أبداً»، وهاجر إلى الحبشة، وكان في صدره مثل العيون، من كثرة الطعن والرمي، وقَتَلَ يوم بدر عمه نوفل بن خويلد بن أسد، وفي أحد وفي قريظة يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فداك أبي وأمي»! وفي الخندق قال - صلى الله عليه وسلم -: «من يأتيني بخبر القوم»؟ فقال الزبير: «أنا»، فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية ففعل، ثم الثالثة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكل نبي حواري، وحواريّ الزبير» (رواه الشيخان)، وكانت له شجاعة نادرة في اختراق صفوف المشركين يوم حنين ويوم اليرموك واليمامة، وكان له دور عظيم في فتح حصن بابليون، وتمكين عمرو بن العاص من استكمال فتح مصر، وكان كريماً سخيّاً، يكثر الإنفاق في سبيل الله، -صلى الله عليه وسلم- وأرضاه.

الشباب والارتباط بالعلماء

قال الشيخ: حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ: إن شبابَ الإسلام اليوم تتقاذَفُ بهم أمواجُ الفتن، من أفكارٍ مُنحرِفة، ومشارِبَ ضالَّة، وشهواتٍ جامِحة، وغزوٍ فكريٍّ لا ساحلَ له، حتى إن أحدَهم ليحمِلُ تلك الوسائل في يدِه فيما يُسمَّى بالجوَّالات، فهم في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ إلى الالتِحام بعُلماء الأمة المشهُود لهم في الأمة, بالعلمِ والورَع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات. وبحاجةٍ إلى أن يصدُروا عنهم خاصَّةً في قضايا مهمة حصلَ من الخطأ في فهمِها نتائجُ وخيمةٌ عبر تأريخ الأمة المُحمدية، كقضية التكفير، وقضية الولاء والبراء، ومسائل الإنكار، وكالبَيعة والجهاد، ونحو هذه القضايا الخطِرة.

يا شباب، احذروا طول الأمل!

يا شباب، طول الأمل فاحذروا! فالموت يأتي بغتة، ففي صحيح البخاري من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: «خطَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطًّا، وقال: هذا الإنسان، وخطَّ إلى جنبه خطا، وقال: هذا أجله، وخط خطا آخر بعيدًا عنه، فقال: وهذا الأمل، فبينما هو كذلك إذا جاءه الأقرب».

عظم أمنيات الصحابة تدل على عظم نفوسهم

شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: (سل ما تريد)، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»، ما أعظمها من أمنية! فهيا شبابنا، لتكن همتكم وأمنياتكم مثل الصحابة الكرام.
م الورطات

قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إن أعظم الورطات أن يقدم المرء على قتل نفس محرمة بغير حق؛ إذ لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، فإن قتل نفسًا واحدة محرمة وقع في ورطة عظيمة لا مخلص له من تبعتها، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ» رواه البخاري. هذا في قتل نفس واحدة فقط، فكيف بقتل الأنفس الكثيرة!
ؤلاء قدواتنا
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - غفر الله لجميعهم، وأوجب لهم الجنة كما في كتابه، إنهم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم، رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، رضي عنهم بطاعتهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، هؤلاء الذين حملوا الدين، هؤلاء الذين انتشر بهم الإسلام، هؤلاء الذين توسعت بهم رقعة دولة هذا الدين شرقاً وغرباً.

محب النبي محمد
2024-05-01, 08:11 AM
مجهود جبار حقيقة اشكرك اخي ابو وليد
https://cse.google.de/url?q=https://jubail.info/ (http://https://cse.google.de/url?q=https://jubail.info/)
https://www.google.fr/url?q=https://jubail.info/ (https://www.google.fr/url?q=https://jubail.info/)
https://www.google.es/url?q=https://jubail.info/ (https://www.google.es/url?q=https://jubail.info/)
https://www.google.com.sa/url?q=https://jubail.info/ (https://www.google.com.sa/url?q=https://jubail.info/)

ابو وليد البحيرى
2024-05-01, 12:42 PM
جزاكم الله خيرا
وأحسن الله إليكم

ابو وليد البحيرى
2024-05-02, 05:23 AM
تحت العشرين - 1165
الفرقان



سوء الظن وخطره على الفرد والمجتمع





لقد نهى الإسلام عن سوء الظن وحرّمه مثل سوء القول؛ لأنه يُذهِب العلاقات بين الناس، ويُقطّع أواصر المَحبّة بينهم، وينشر السّوء والبغضاء، وأمر الله- عزّوجل- عباده المؤمنين باجتناب كثير من الظن؛ لآثاره السلبية التي قد تعزل الإنسان عن مُجتمعه، وتجعله دائمًا خائفًا ومتوجسًا، ممّا قد يؤذي شخصيّته مع مرور الأيام، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} (الحجرات: 12)، ولخطورة هذه الصفة ولعظم مفسدتها، وسوء أثرها ودوامه، ولأن وجودها يقضي على روح الألفة والمحبة بين الناس، فقد قسمها العلماء إلى أقسام حتى يحذرها الناس، على النحو الآتي:

سُوء الظّن بالله -تعالى
وهو أن يظن الإنسان بالله ظنًا لا يليق بمقامه -تعالى-، أو لا يرضى بقضاء الله وقدره، أو أن يظن المسلم في قلبه أن الله لن يغفر له ولن يصفح عنه، وهذا من اليأس والقنوط من رحمة الله.

سُوء الظّن بالمسلمين
حيث يظن المسلم سوءًا بكل مَن يحيطون به، سواء كانوا من ذويه أم من أصدقائه أم الناس عمومًا دون بيّنة أو برهان أو دليل واضح، إنما حكم بمجرد تهيؤات وخيالات، وهو ما يحمل مسيء الظن على احتقار من أساء الظن به، وعلى عدم القيام بحقوقه وإطالة اللسان عليه.

علاج آفة الظن السيئ
من الوسائل التربوية لعلاج هذه الآفة حُسن الاستعانة بالله والاستعاذة به والتوقف عن الاسترسال في الظنون، مع معرفة أسماء الله وصفاته حتى يتجنب العبد الظن السيئ، واتهام النفس بالتقصير والعمل على إصلاحها وتنقية القلب وتزكية النفس وشغلها بما هو نافع، وعدم تتبع عورات الناس ولا إساءة الظن بهم، واليقين بأن السّرائر لا يعلمها إلا الله- سبحانه وتعالى- وهو ما يجعلنا لا نسيء الظن بأحد إذا أيقنا هذه الحقيقة.

ذاكرة الصحابي أبي هريرة - رضي الله عنه - في الحفظ
استدعى الْخلِيفة مَرْوان بن الحكم أبا هريرة - رضي الله عنه - فطلب منه أن يحدثه بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحدثه ومروان بن الحكم يكتب أحاديث أبي هريرة، حتى إذا كان رأس السنة استدعاه مرة أخرى، فسأله عن نفس الأحاديث التي سبق وأن حدثه بها قبل عام، فأجاب ولم يخطئ في حديث، فقال مروان بن الحكم: هكذا الحفظ.

تقوى الله
من وصايا الشيخ ابن باز -رحمه الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -سبحانه- في السر والعلانية، والشدة والرخاء، فإنها وصية الله ووصية رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (النساء:131)، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبه: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ» (سنن أبي داود 4607). والتقوى كلمة جامعة، مع الخير كله، وحقيقتها أداء ما أوجب الله -تعالى-، واجتناب ما حرمه على وجه الإخلاص له والمحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد وعد الله عباده المتقين بتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وتسهيل الرزق، وغفران السيئات والفوز بالجنات.

أبرُّ الأصحاب
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ أبرَّ الأصحاب وخير الرفقاء عمل المرء الصالح، ولن يدخل معه في قبره إلا هذا الصاحب، روى البزار في مسنده والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلُ ابْنِ آدَمَ وَمَالِهِ وَعَمَلِهِ مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءَ، قَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: أَنَا مَعَكَ مَا دُمْتَ حَيًّا، فَإِذَا مُتَّ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْكَ، فَذَلِكَ مَالُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ، فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى قَبْرِكَ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ لَكَ، فَذَلِكَ وَلَدُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا فَذَلِكَ عَمَلُهُ»، ونقل ابن القيم -رحمه الله- في روضة المحبين عن أحد الحكماء أنه سُئل: أي الأصحاب أبَرّ؟ قال: «العمل الصالح»؛ فالعمل الصالح صاحب بر بصاحبه، ومن فرط فيه ندم أشد الندامة.

آية وتفسير
قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}، قال العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله في تفسيره-: «{وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم، {وَآثَارَهُمْ} وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو بنى مسجدا، أو محلا من المحال التي ينتفع بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر مثلا بمثل.


التسامح في الإسلام
حث الشرع الحنيف على التسامح والعفو، فجاءت الآيات والأحاديث مُعبّرة عن هذا الخُلُق، وتميزت به صفات النبي- صلى الله عليه وسلم - ومن بعده السلف الصالح، قال الله -تعالى-: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} (البقرة:178)، وقال- جل وعلا-: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(البقرة:2 37)، وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: «ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» (رواه مسلم


الشاب القوي العفيف
من المواقف المؤثرة موقف نبي الله موسى -عليه السلام-، مع النساء العفيفات، قال -تعالى-: {وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، وبالرغم من أن موسى -عليه السلام- كان طريدا لا مأوى له إلا أنه لم يتأخر عن خدمة هاتين المرأتين، فقام بسقاية الغنم عفيفًا مخلصًا؛ فأكرمه الله بزوجة هي ابنة نبي، فوجد السكن والعون لقاء أدبه وموقفه.

ابو وليد البحيرى
2024-05-02, 05:24 AM
تحت العشرين - 1166
الفرقان



الشباب واستثمار مواسم الطاعات
أمَر اللهُ عبادَه بفعل الخيرات والمسارَعة إليها، ومدح أصحاب هذه الخصال، قال -تعالى-: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}(ال ْبَقَرَةِ: 148)، هذا توجيه لِهِمَم أُولي الألبابِ للمبادَرة والمسارَعة إلى الصالحات قبل الفوات، وبشَّر اللهُ المسابقينَ بالسبق المحقَّق والفوز بوعد الله الحق.
قال -تعالى-: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}(الْم ُؤْمِنَونَ: 61)، وإن المسلم إذا حضرت له فرصة القربة والطاعة فالحزم كل الحزم في انتهازها، والمبادَرة إليها، أمَّا المتأنِّي والمتأخِّر فلا حظَّ له في ميدان السباق، وإذا فاتَه الفضلُ في الخير فيَعَضُّ أصابعَ الندم، ولاتَ حين مندم، وقد حثَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على اغتنام الشباب قبل نزول الشيب والهرم، واغتنام الفراغ قبل حلول المشاغل، واغتنام الصحة قبل مفاجأة المرض، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(الْ حَشْرِ: 18)، بيَّن -سبحانه- أن الاستعداد لمواسم الخير التي هي فُرَص عابرة دليل على الصدق، قال -تعالى-: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}(مُحَمَّد ٍ: 21). لهذه الأمة نفحات في أيام دهرها، يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «اطلبوا الخيرَ دهرَكم كلَّه، وتعرَّضُوا لنفحات رحمة الله -تعالى- فإن لله -عز وجل- نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده».


فضل الإخلاص والمتابعة



من الفوائد التي ذكرها الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر في فضل الإخلاص والمتابعة: قال ابن القيم -رحمه الله-: والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال، وقصد وجه المعبود وحده، دون شيء من الحظوظ سواه، حتى تكون صورة العملين واحدة، وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله -تعالى-، وتتفاضل أيضا بتجريد المتابعة، فبين العملين من الفضل بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلا لا يحصيه إلا الله -تعالى.



الإسلام ليس تقييدًا للحريات



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الإسلام ليس تقييدًا للحريات، ولكنه تنظيم لها، وتوجيه سليم، حتى لا تصطدم حرية شخص بحرية آخرين عندما يعطى الحرية بلا حدود؛ لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى، ويحل الفساد؛ ولذلك سمى الله الأحكام الدينية حدودًا، فإذا كان الحكم تحريما قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}، وإن كان إيجابا قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا}.


نصائح لاستغلال مواسم الطاعات



- إذا أراد الإنسان أن يوفق في موسم الطاعة فليستقبله أول ما يستقبله بالتوبة، فيكثر من الاستغفار؛ فإن الذنب قد يحول بين العبد وبين العمل الصالح.
- عليك أن تحس بقصر الأجل وقصر العمر؛ فهي من أعظم الأمور التي تعين على مواسم الخير.
- مما يعين على اغتنام مواسم الخير دعاء الله -تعالى-، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتح يومه فيسأل الله التوفيق للطاعة والبر.
- الاهتداء بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه المواسم، فأولى الناس بالرحمة والهدى والبر هو الحريص على التأسي بالكتاب والسنة.


وصايا للشباب في زمن الفتن



- اعمل على صيانة شبابك وحفظه بتجنب الشرور والفساد بأنواعه، مستعينا -في ذلك- بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه.
- كن محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل.
- كن مؤديا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك، وأعظمها حق الأبوين؛ فإنه حق عظيم واجب جسيم.
- كن قريبًا من أهل العلم وأهل الفضل، تستمع إلى أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك.
- كن محققًا ما أوجبه الله عليك من سمعٍ وطاعة لولي أمرك؛ فإن في ذلك النجاة.
- اعمل في أيامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله -جل وعلا-، فإن ذكر الله -عز وجل- عصمةٌ من الشيطان وأمَنَةٌ لصاحبه من الضر والبلاء.
- ليكن لك وردٌ يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك؛ فإن كتاب الله -عزوجل- طمأنينة للقلوب وسعادةٌ لها في الدنيا والآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرع د:28).
- أكثر من دعاء الله -عز وجل- أن يثبِّتك على الحق والهدى وأن يعيذك من الشر والردى؛ فإن الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة.
- احرص على مرافقة الأخيار ومصاحبة الأبرار، وتجنب أهل الشر والفساد؛ فإن في صحبة أهل الشر العطب.


تعريف الصحابي



قال ابن حجر -رحمه الله-: «الصحابي من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه: من طالت مجالسته له أو قصرت، من روى عنه أو لم يرو عنه، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى»، ويدخل في تعريف الصحابي: من اجتمع بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو حكما، كالصبي في المهد، وأيضا من اجتمع به - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به، ثم ارتد، ثم آمن ومات على الإيمان.


حب الصحابة عقيدة ودين




إن من عقيدة أهل السنة والجماعة وجوب محبة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتعظيمهم وتوقيرهم وتكريمهم، والاحتجاج بإجماعهم، والاقتداء بهم، والأخذ بآثارهم، وحرمة بغض أحد منهم؛ لما شرفهم الله به من صحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والجهاد معه لنصرة دين الإسلام، وصبرهم على أذى المشركين والمنافقين، والهجرة عن أوطانهم وأموالهم، وتقديم حب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك كله، وحبهم -رضي الله عنهم- دين يدان به، وقربى يتقرب بها إلى الله -تعالى.

ابو وليد البحيرى
2024-05-02, 05:25 AM
تحت العشرين - 1167
الفرقان



بشريات للشباب الطائعين





أُبَشِّرُك أيها الشاب الطائع بأنك ستكون في أرض المحشر من جملة مَن يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «سبعة يُظِلُّهُم الله -تعالى- في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه».
فالناس جميعًا يقفون في أرض المحشر حفاة عراة غرلًا، والشمس فوق الرؤوس بقدر ميل أو ميلين، وكل في عرقه بحسب عمله، ويقفون خمسين ألف سنة، يا له من مشهد مهيب! وفي هذا الموقف يقف الشاب الذي نشأ في طاعة الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، أضف لهذا أنه سيأخذ كتابه بيمينه، ويثقل ميزانه، ويشرب في أرض المحشر من يد الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويمر على الصراط - وهو أحدُّ من السيف وأدق من الشعر- ويصل إلى جنَّةٍ عرضها السماوات والأرض، فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كلُّ أمتي يدخلون الجنَّة إلا مَن أبى، قيل: ومَن يأبى يا رسول الله؟، قال: مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى».



احذروا يا شباب طول الأمل !



يقول الفضيل بن عياض -رحمه الله-: «إن من الشقاء طول الأمل، وإن من النعيم قصر الأمل»، وقصر الأمل هو الاستعداد للرحيل في أي وقت وحين، فلا ترى صاحبه إلا متأهبًا لعلمه بقرب الرحيل، وسرعة انقضاء مدة الحياة، وهو من أنفع الأمور للقلب، فإنه يبعث على انتهاز فرصة الحياة التي تمر مرّ السحاب، فاحذروا يا شباب طول الأمل!؛ فالموت يأتي بغتة، ففي (صحيح البخاري) من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: «خطَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطًّا، وقال: هذا الإنسان، وخطَّ إلى جنبه خطا، وقال: هذا أجله، وخط خطًا آخر بعيدًا عنه، فقال: وهذا الأمل، فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب»، فكم من مستقبلٍ يوما لا يستكمله! وكم من مؤملٍ لغدٍ لا يبلغه!.


الشباب في القرآن الكريم



حدَّثنا القرآن الكريم عن نماذج من الشباب والفتيان الذين جاهدوا لنشر دين الله -تعالى-: فها هو ذا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حينما حطَّم الأصنام ثم علَّق الفأس في عنق كبيرهم، ولما رجع قومه ورأوا هذا قالوا: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } (الأنبياء:60)، وها هو ذا إسماعيل يعمل مع والده على بناء بيت الله الحرام، وهو شاب صغير، وحدَّثنا القرآن الكريم عن أتباع موسى -عليه السلام-، فقال -تعالى-: { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } (يونس:83)، قال ابن كثير -رحمه الله-: وهؤلاء هم الشباب؛ لأن سنة الله في الدعوة بَدْءًا من نوح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، إنما الذين يحملون همها هم الشباب، وحدثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف فقال -تعالى-: { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } (الكهف:13)، وما قصة أصحاب الأخدود عنا بعيد، فبطلها غلام صغير، فما ظهر الدين وما عرف الناس شرائع المرسلين إلا بفضل الله -تعالى- ثم الشباب المصلحين، والتاريخ خير شاهد على هذا.


تقوى الله في السر والعلانية






قال الشيخ ابن باز –رحمه الله-: أوصيكم بتقوى الله - سبحانه - في السر والعلانية، والشدة والرخاء، فإنها وصية الله -عز وجل- ووصية رسوله -صلى الله عليه وسلم-، كما قال -تعالى-: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} (النساء: 131)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبه: «أوصيكم بتقوى الله»، والتقوى كلمة جامعة، مع الخير كله، وحقيقتها أداء ما أوجب الله، واجتناب ما حرمه الله على وجه الإخلاص له والمحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد أمر الله عباده بالتقوى ووعدهم عليها بتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وتسهيل الرزق، وغفران السيئات والفوز بالجنات.


مكانة العلماء في الإسلام



للعلماء في شريعتنا منزلة سامية منيعة، ومكانة عالية رفيعة؛ «فالعلماء هم خلفاء الرسول في أمته، وورثة النبي في حكمته، والمحيون لما مات من سنته، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، يُحيون بكتاب الله موتى القلوب، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيَوْه، وكم من ضالٍّ تائهٍ قد هَدَوْه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم!»، والعلماء هم حراس الدين من الابتداع والتزييف، وحماته من التخريف والتشويه والتحريف؛ وهم العدول الذين يحملون هذا العلم من كل خلف، ينفون عن كتاب الله تحريفَ الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين، قيضهم الله لحفظ الدين، وصيانة الملة، ولولا ذلك لبطلت الشريعة، وتعطلت أحكامها، وهم في كل زمان الأصل في أهل الحل والعقد، وهم المعنيون مع الأمراء في قوله -تعالى-: {يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وَأَولي الأمر منكم}(النساء:59).


آثار الذنوب والمعاصي






قال الشيخ ابن جبرين-رحمه الله-: الذنوب لها أثر كبير في حدوث الأضرار والشرور والعقوبات السماوية؛ فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، وقد قال -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، والمصيبة يدخل فيها المصائب البدنية، كالأمراض والعاهات والحوادث السيئة والموت والفتن وتسليط الأعداء، ومن آثار الذنوب أيضا قسوة القلوب، وعدم تأثرها بالمواعظ والآيات والأدلة والتخويف والتحذير والإنذار؛ بحيث تسمع ولا تفقه ولا تقبل، وتزل عنها الموعظة وهي في غفلة.


يا شباب الإسلام اتقوا الله !



يا شباب الإسلام وقوَّة الأمة، اتَّقوا الله في شبابكم؛ فإنكم مسؤولون ومُحاسَبون، فاغتَنِموا فرصة شبابكم الثمينة؛ فإنَّ فقْدها لا يُعوَّض، فهي قوَّةٌ في كلِّ مجال لِمَن وفَّقه الله في استعمالها لما خُلِقت له، يقول ربنا - جلَّ وعلا -: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } (الذاريات: 56-58)، فالله -سبحانه وتعالى- خلق الخلق ليَعبُدوه، وتكفَّل بأرزاقهم، ومنحهم القوَّة ليستعملوها في طاعته، وحذَّرَهم من عُقوبات استعمالها في مَعاصِيه!.

ابو وليد البحيرى
2024-05-08, 05:11 PM
تحت العشرين - 1168
الفرقان



الأُخوَّة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان



الأُخوة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان، وتحقيقها عبادة من أعظم العبادات، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه -؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» صحيح - رواه أبو داود. فدل على أنَّ مَنْ لم يُحِب لله، ويُبْغِض لله، لم يستكمل الإيمان.
وقد كَثُرَ التعبير عن المسلم بالأخ في القرآن الكريم، وفي سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى إنَّ الله -تعالى- سمَّى وَلِيَّ القتيل أخًا للقاتل، فقال -سبحانه-: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } (البقرة: 178)، وسمَّى أهلَ الجنة إخوانًا، فقال: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } (الحجر: 47). وقال -تعالى-: { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } (الحجرات: 12)، ويقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.
لذلك فإنَّ أعظمَ رابطة تَجْمَعُ الناسَ هي رابطة الدِّين، ليس بين المسلمين فحسب، بل بين كُلِّ قومٍ يجمعهم دين واحد، ولكنَّ المسلمين يمتازون عن غيرهم بأنهم على الحق، وأنهم على صراطٍ مستقيمٍ من الله -تعالى-، والمؤمنون إخوةٌ في جميع الأزمان من أوَّلِ الخليقة إلى آخرها، كما قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (الحشر: 10)، وهم إِخوةٌ في جميع أقطار الأرض، وإنْ تباعدت ديارهم، يدعو بعضهم لبعض، ويستغفر بعضهم لبعض، ويُحِبُّ بعضهم بعضًا، ويُعِينُ بعضهم بعضًا على البِرِّ والتقوى، وينصح بعضهم بعضا، ويحترم بعضهم حقوقَ بعض؛ لأنَّ اللهَ رَبَطَ بينهم برابطة الإيمان.


الأصل في الأُخُوَّة الإيمانية



قال الله -تعالى- {)قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون} (يوسف 69)، وقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: «المؤمنُ مرآةُ المؤمنِ والمؤمنُ أخو المؤمنِ يَكفُّ عنهُ ضيعتَه ويحوطُه من ورائِهِ»، فالأصل في الأخوة الإيمانية أن يُذهِب الأخ عن أخيه البؤس والحزن، ويبعث في نفسه الطمأنينة بالود والقرب منه، ويعينه على طاعة الله، وما أجمل الحياة حين تضيق بك الدنيا فتجد فيها أخاً عزيزاً أو صديقاً حميماً يشاركك أحزانك و يُواسيك في همومك! وأجمل من ذلك حين يُقاسمك، الشراكة في العمل الصالح! {اشدد بهِ أزري وأشركهُ في أمري كي نُسبحك كثيراً ونذكرك كثيرا}؛ فالتعاون على البر والتقوى والإعانة على الطاعة والتذكير بالله أجمل معاني الأخوة.


من صور





الأخوة عند السلف



كان السلف مثالاً وقدوة لغيرهم في الأخوة والحب في الله والتعاون على التقوى، ومن هذه النماذج: في كتاب الزهد لأحمد بن حنبل، أن عمر - رضي الله عنه - كان يذكر الأخ من إخوانه بالليل، فيقول: «ما أطولها من ليلة!»؛ فإذا صلى الغداة غدا إليه، فإذا لقيه، التزمه أو اعتنقه.


مقتضيات الأخوة الإيمانية



قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: الأخوة الإيمانية التي رتبها الله -تعالى- في القرآن، ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في السنة يجب أن يكون لها مقتضاها، وهو النصيحة التامة لإخوانك المؤمنين، والقيام بحقوقهم، وأن يكون الأخ المؤمن لك كأنه أخوك من النسب، ولقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حقوق المسلم على أخيه. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.


من حقوق الأخوة الإيمانية



قال الشيخ صالح الفوزان: من حقوق الأخوة الإيمانية والإسلامية، التعاون بين المسلمين على البر والتقوى، والتعاون على تحصيل مصالحهم ودفع المضار عنهم، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2).


واجبات الأخوة في الله



من حقوق الأخوة الإيمانية ما يلي:
• إعانة أخيك في قضاء الحوائج: قال رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ».
• زيارة أخيك ولا سيما عند المرض: «كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل على مَن يعودُه قال: لا بأسَ، طَهُورٌ إنْ شاءَ اللهُ».
• إهداء النصيحة لأخيك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ».
• حفظ عرض أخيك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ»، التماس الأعذار؛ فالتماس الأعذار للإخوان من أفضل الأمور التي يمكن أن يفعلها الإنسان، فكما يقول الناس: التمس لأخيك سبعين عذراً.


مَثَلُ الأخوة في الله



قال ابن تيمية -رحمه الله-: مثل الأخوة في الله، كمثل اليد والعين، إذا دمعت العين مسحت اليد دمعها، وإذا تألمت اليد بكت العين لأجلها .



كيف تعرف ود أخيك؟



- سئل حكيم: كيف تعرف ود أخيك؟
فقال: يحمل همي، ويسأل عني، ويسد خللي، ويغفر زللي، ويذكرني بربي .
فقيل له: وكيف تكافئه؟
قال: أدعو له بظهر الغيب .



من قصص الصالحين



- جاء رجل من السلف الصالح إلى بيت صديق له، فخرج إليه فقال: ما جاء بك؟
قال: عليّ أربعمائة درهم، فدخل الدار فوزنها، ثم خرج فأعطاه، ثم عاد إلى الدار باكيا، فقالت زوجته: هلا تعللت عليه، إذا كان إعطاؤه يشق عليك؟
فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله، فاحتاجَ أن يقول ذلك.

ابو وليد البحيرى
2024-05-08, 05:12 PM
شباب تحت العشريت – 1169

الفرقان








اغتنم خمسًا قبل خمس

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه-: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناءكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ».
هنا يُوصينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوصية من أعظم الوصايا، ويحضُّنا أشدَّ الحضِّ، ويدعونا إلى اغتنام الفرص في زمن المهلة، ويخبرنا أنَّ مَن فرَّطَ في ذلك قد يأتي زمان يتمنَّاه، وقد حيل بينه وبينه، فبعد كل شباب هَرَم، وبعد كل صحة سَقَم، وبعد كل غِنى فقر، وبعد كل فراغ شغل، وبعد كل حياة موت، فمن فرَّط في العمل أيام الشباب لم يدركه في أيام الهَرَمِ، ومَن فرَّط فيه في أوقات الصحة لم يدركه في أوقات السقم، ومَن فرَّط فيه في حالة الغِنى لم يدركه في حالة الفقر، ومَن فرَّط فيه في ساعة الفراغ لم يدركه عند مجيء الشواغل، ومَن فرَّط في العمل في زمن الحياة لم يدركه بعد حيلولة الممات، وعنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ»؛ رواه البخاري، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن عُمُرِه فيمَ أفناهُ، وعن عِلْمِه فيمَ فَعَلَ، وعن مالِه مِن أينَ اكتَسَبَه، وفيمَ أنفَقَه، وعن جِسْمِه فيمَ أبْلاه».
لذا كان لزامًا على كل شابٍّ أن يغتنم هذه الخمس، وأن يعتبر بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تذهب هذه الخمس، وقبل أن يأتي يوم يتمنَّى فيه الإنسان أن يقدم لنفسه ما يحب من خير وبِرٍّ وصدقة وتطوُّع، وما يرفع منزلته في الدنيا والآخرة فلا يستطيع.


الآ داب الشرعية السامية



التحلي بالآداب الشرعية السامية، والأخلاق النبوية العالية، التي تجمل شخصيتك، وتكسبها التميزَ والتفرد، كالاتصاف بالصدق في الأقوال والأفعال، الذي هو مناط الصلاح، ومآبُ الفلاح، فقد ذكر ربُّنا -عز وجل- في كتابه الحكيم: مُدخَل الصدق، ومُخرَج الصدق، ولسان الصدق، وقَدَمَ الصدق، ومَقعد الصدق، وكأنَّ الصدق يحيط بالمؤمن من كلِّ جانب، فلا مكان للكذب في حياته، ولا موطنَ للتحايل في سلوكه، وقد حثَّ رسولنا - صلى الله عليه وسلم - على ضرورة التنزه عن الكذب وقال: «اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ»، بل جعل الكذب اضطرابًا في الشخصية، ومَجلَبةً للحزن والقلق، فقال: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ»؛ وجعل جزاء المترفع عن الكذب بيتًا في وسط الجنة، فقال: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ».



الرجوع إلى الحق




قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:




كثيرٌ من الناس ينتصر لنفسه، فإذا قال قولًا، لا يمكن أن يتزحزح عنه، ولو رأى الصواب في خلافه، ولكن هذا خلاف العقل وخلاف الشرع، والواجب أن يرجع الإنسان للحقِّ حيثما وجده، حتى لو خالف قولَه فليرجع إليه، فإن هذا أعزُّ له عند الله، وأعز له عند الناس، وأسلَمُ لذِمَّتِه وأبرأُ ولا يضره، فلا تظنَّ أنك إذا رجعت عن قولك إلى الصواب أن ذلك يضع منزلتك عند الناس؛ بل هذا يرفع منزلتك، ويعرف الناس أنك لا تتبع إلا الحقَّ، أما الذي يعاند ويبقى على ما هو عليه ويرُدُّ الحق، فهذا متكبِّر، والعياذ بالله.


مواقف مشرقة لشباب





الصحابة في تحمل المسؤولية



تميَّز شباب صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحمل المسؤولية، والأعباء، وبتقلد الأمور، وهم في السن المبكرة؛ لأن هذه النفوس الوثابة، كانت تريد فعلاً نصرة الله ورسوله، كانوا يريدون عز الإسلام، وطاعة الرحمن، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحدهم: «يا زيد، تعلم لي كتاب يهود؛ فإني والله ما آمن يهود على كتابي»، قال زيد: «فتعلمت كتابهم، ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب»، فهذا تعلم لغة بأكملها، تعلم لغة في خمسة عشر يوماً لحاجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحاجة الإسلام، وهكذا استمرت معه هذه الخصلة ليقال له بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا زيد» لكن القائل أبو بكر هذه المرة، «إنك رجل شاب عاقل، ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتتبع القرآن فاجمعه»، وهكذا يقول زيد، وهو يشعر بثقل هذه المهمة، والعبء الذي كُلفه: «فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن…، فقمت، فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع، والأكتاف والعُسب، وصدور الرجال»، وهكذا كُلِّف زيد - رضي الله عنه - رئاسة اللجنة التي شُكِّلت من الصديق والفاروق لجمع القرآن الكريم، فأيُّ مهمة تلك التي قام بها ذلك الشاب! نفعت أجيال الأمة إلى أن تقوم الساعة، وكانت من أسباب حفظ الله لكتابه.


عظم أمنيات الصحابة



شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: «سل» اطلب ما تريد، فقلت: أسألك مرافقة في الجنة، قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».


فساد الخلق






قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كل من يعبد غير الله خُلقه من أفسد الأخلاق، فأين الخُلق في رجل خلقه الله، وأمدَّه بالرزق، وتفضل عليه بالنعمة، وأمده بالعطاء والصحة والعافية، ثم يلجأ إلى غير الله، ويصرف العبادة لغيره ؟! ولهذا فإن فساد الخُلق ملازم للشرك؛ فكل مشرك فاسد الخلق؛ لأن شركه جزء من فساد الأخلاق، بل هو أشنع ما يكون في فساد الأخلاق، فلا يُغتر ببعض المعاملة الحسنة التي يكون عليها بعض الكفار؛ لأنها لمصالح دنيوية ومقاصد آنيَّة، لا يرجون عليها شيئًا عند الله وثوابًا يوم لقاه -سبحانه وتعالى.



الشباب هو فترة عمرك الذهبية



الشباب هو فترة عمرك الذهبية التي لا تعوضها فترة، كنت طفلاً لا تستطيع أن تقوم فتمشي، ثم قمت لكن لتحبو، ثم سرت لكن لتسقط، ثم أصبحت فتى تسير تهد الأرض، تسرع في مناكبها، وتمشي في طرقها، وتصنع وتصنع، لكن لا تنس أن لك مثل الأولى، ستعود إن أذن الله شيخاً كبيراً هرماً لا تستطيع الركض، بل لا تمشي إلا على عكاز، ثم قد تعود بعدها لا تمشي إلا حبواً، ثم قد تصير بعد ذلك لا تستطيع الحراك، وقد ترهّلت عضلاتك، وضعفت قوتك، وذهب سمعك وبصرك، تذكّر أخي الشاب أن الشباب وقت البناء الحقيقي، وقتٌ تستغله في طاعة الله، ووقتٌ تستثمره في عبادة الله، وأفضل سنين عمرك، فلا تُضيع الشباب.

ابو وليد البحيرى
2024-05-08, 05:13 PM
شباب تحت العشريت – 1170
الفرقان



رمضان فرصة للشباب



أخي الشاب، إن تجار الدنيا لا يألون جهدًا، ولا يدّخرون وسعًا في اغتنام أي فرصة، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير، والمكسب الوفير، فلماذا لا تتاجر مع الله؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل منه -سبحانه وتعالى-، فرمضان من أعظم الفرص التي يجب أن يشمر لها المشمرون، ويعد لها عُدَّتها المتقون، فهو شهر مغفرة الذنوب، والفوز بالجنة، والعتق من النيران، لمن سلم قلبه، واستقامت جوارحه، ولم يُضَيع وقته فيما يضرّ أو فيما لا يفيد.
فتأمل - أخي الشاب - في الذين أدركهم الموتُ قبل دخول شهر رمضان، فقد انقطعت أعمالهم وطُويت صحائفهم، فلا يستطيعون اكتساب حسنة واحدة، ولا فعل معروف وإن كان يسيرًا، أما أنت فقد مدَّ الله في عمرك حتى أدركت هذا الشهر العظيم، وهيَّأك لاكتساب هذا الثواب وتلك الأجور، وهذا -والله- نعمة كبرى ينبغي شكرها، والثناء على الله -تعالى- بإسدائها.
واعلم -أخي الحبيب-، أنك إذا قضيت نهار رمضان في النوم، وليله في السهر واللعب، حُرمت أجر الصيام والقيام، وخرجت من الشهر صفر اليدين، فهي -والله- أيام معدودة، وليال مشهودة، ما تُهل علينا إلا وقد آذنت بانصرام، فاجتهد فيها -رحمك الله- بالطاعة والعبادة تفز باللذة والنعيم غدًا، وإياك أن يدركك الشهر وأنت في غفلة، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يغفر له».


فمتى إذًا؟

عن جابر بن سمرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ؛ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ»، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمِّن على دعاء جبريل على من أدرك رمضان ولم يُغفر له، ولا عجب في هذا فرمضان فرصة ثمينة، فيها الرحمة والمغفرة، ودواعيها متيسرة، والأعوان عليها كثيرون، وعوامل الفساد محدودة، ومردة الشياطين مصفَّدون، ولله عتقاء في كل ليلة، وأبواب الجنة مفتحة، وأبواب النيران مغلقة، فمن لم تنله الرحمة مع كل ذلك فمتى تناله إذًا؟!


نسمات رمضان








ها هو ذا شهر رمضان يطرق عليك الباب، فأعد ترتيب نفسك، ولملم بقاياك المبعثرة واقترب من أحلامك البعيدة، واكتشف مواطن الخير في داخلك، واهزم نفسك الأمارة بالسوء، وقل لها بقوة: سأكون من الفائزين هذا العام -إن شاء الله.


ليكن شعارنا: رمضان أولاً







أقبل علينا شهر الخيرات والبركات، فليكن شعارنا من الآن، رمضان أولاً.
- رمضان أولاً: فإن أبواب الجنة تفتح في رمضان، وتغلق أبواب الجحيم؛ فكيف تضيع الفرصة؟
- رمضان أولاً: فالشياطين مُصفَّدة في رمضان؛ فلا حجة لك.
- رمضان أولاً: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خاب وخسر، خاب وخسر، خاب وخسر، من أدرك رمضان ولم يغفر له، فلننتبه من اليوم، ولنتخلص من قيود المعاصي، ولنقبل بقلوبنا على نسائم الخيرات


ركائز نجاح اليوم الرمضاني




من ركائز نجاح اليوم الرمضاني: أداء الصلاة في جماعة وإدراك تكبيرة الإحرام وأداء السنن وإدراك الحجة والعمرة بالجلوس لذكر الله بعد صلاة الفجر إلى الشروق ثم صلاة الضحى والحفاظ على أذكار الصباح والمساء والدعاء قبل الإفطار وأداء صلاة التراويح بخشوع ومصحفك لا يفارق جيبك وتأخير السحور إلى ما قبل الفجر، والحرص على الدعاء في وقت السحر.


شرف عبادة الصيام

أضاف الله -عزوجل- كل أعمال ابن آدم إلى ابن آدم، وشرَّف عبادة الصيام بأن أضافها إلى نفسه الشريفة؛ فقال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، فكل عمل من الأعمال له ثواب محدد، أما الصيام فالله -تعالى- يتكفل بتحديد أجره.


كيف يفلح من لا يصلي؟







سيبقى في دائرة الفشل، من لم يجعل الصلاة في دائرة اهتمامه؛ فالصلاة دائمًا مقرونة بالفلاح، فكيف يفلح من لا يصلي؟!


من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم








كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشجع الناس، وكان أحلم الناس، وكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، ما سُئل شيئًا إلا أعطاه، وكان لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها إلا أن تُنتهك حرمات الله، والقريب والبعيد والقوي والضعيف عنده في الحق واحد، وكان يأكل ما وجد ويلبس ما وجد، وكان أشد الناس تواضعًا، وكان يرقع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله، ويعود المرضى، وكان يكثر الذكر ويقلل اللغو، وكان أكثر الناس تبسمًا، وكان يمزح ولا يقول إلا حقا، وكان يقبل معذرة المعتذر إليه - صلى الله عليه وسلم .


إني صائم

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ -أي وقاية-، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ؛ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ»، وسُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، يَرْضَى لِرِضَاهُ وَيَسْخَطُ لِسَخَطِهِ»، وعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ؛ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلاَ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا.

ابو وليد البحيرى
2024-05-16, 08:21 AM
شباب تحت العشريت – 1171
الفرقان








نصيحة بمناسبة شهر رمضان
قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: نصيحتي للمسلمين جميعًا أن يتقوا الله -جل وعلا-، وأن يستقبلوا شهرهم العظيم بتوبة صادقة من جميع الذنوب، وأن يتفقهوا في دينهم وأن يتعلموا أحكام صومهم وأحكام قيامهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين.




سماحة الشيخ. عبدالعزيز بن باز - رحمه الله-
ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين»، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وصفدت الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة»، وكان يقول - صلى الله عليه وسلم- للصحابة: «أتاكم شهر رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه؛ فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله»، ومعنى: «أروا الله من أنفسكم خيرًا»: يعني سارعوا إلى الخيرات وبادروا إلى الطاعات وابتعدوا عن السيئات، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، ويقول - صلى الله عليه وسلم-: «يقول الله -جل وعلا-: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».
فالوصية لجميع المسلمين أن يتقوا الله، وأن يحفظوا صومهم، وأن يصونوه من جميع المعاصي، ويشرع لهم الاجتهاد في الخيرات والمسابقة إلى الطاعات من الصدقات والإكثار من قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار؛ لأن هذا شهر القرآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (البقرة:185).


ثمرة الصيام الأساسية



إنَّ ثمرة الصيام الأساسية، هي أن يكون حافزًا للصائم على تقوى الله -تعالى-، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، كما قال -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، فالصيام مدرسةٌ عظيمة، فيها يكتسب الصائمون أخلاقًا جليلة، ويتخلَّصون من صفاتٍ ذميمة، يتعودون على اجتناب المحرمات، ويقلعون عن مقارفة المنكرات.


من آداب الصيام







(1) الإخلاص في الصيام

ففي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه».


(2) تبيِيت النية في صوم الفريضة



عن حفصة -رضي الله عنها- قالت: «لا صيامَ لمَن لم يُجمِع قبل الفجر»، وورد أيضًا - بإسناد صحيح - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- من قوله، ولا يُعرَف لهما مخالف من الصحابة.


(3) تعجيل الفطر



ففي الصحيحين عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفِطر».


(4) الفطر على رطبات


قبل أداء صلاة المغرب
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يُفطر على رُطَبات قبل أن يُصلي، فإن لم تكن رُطَبات، فعلى تمرات، فإن لم تكُنْ حَسَا حَسَواتٍ مِن ماء.


(5) ماذا يقول عند فطره؟



عن ابن عمر - رضي الله عنه - ما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله».


(6) قول الصائم إذا شُتم: إني صائم



عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله: كُل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يومُ صومِ أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤٌ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخُلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، للصائم فرحتانِ يفرحهما: إذا أفطر فرِح، وإذا لقي ربه فرح بصومه».


يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر







الشيخ. عبدالرزاق عبدالمحسن البدر
قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ داعي الله في كل ليلة من ليالي رمضان ينادي عباد الله الصائمين بهذين النداءين العظيمين، يعد حافزاً عظيماً ودافعاً قوياً للمسلمين إلى المنافسة في الخيرات والانكفاف عن الآثام والمحرمات، ونفوس الناس على قسمين: نفس تبغي الخير وتطلبه، فلها هذا النداء يا باغي الخير أقبل ، ونفس تبغي الشر وتطلبه، ولها هذا النداء يا باغي الشر أقصر، ثم إن أهل الإيمان وإن لم يسمعوا هذا النداء بآذانهم في ليالي رمضان المباركة، إلا أنهم من وقوعه على يقين؛ لأن المخبر لهم بذلك هو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى -صلوات الله وسلامه عليه.


تعلمت من رمضان



إن أولى ما يعلِّمه الصوم للصائم في باب الصدق هو صدقه مع الله؛ إذ الصيام عملٌ سريٌّ بين العبد وربه، وبإمكان المرء أن يدعي الصيام، ثم يأكل خفيةً فيما بينه وبين نفسه. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «قال الله -عز وجل-: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به» (أخرجه البخاري: 1904، ومسلم: 1151). فجعل الله -سبحانه- الصوم له، والمعنى أن الصيام يختصه الله -سبحانه وتعالى- من بين سائر الأعمال؛ لأنه أعظم العبادات إطلاقًا؛ فإنه سرٌّ بين الإنسان وربه؛ فالإنسان لا يُعلم هل هو صائمٌ أم مفطرٌ؛ إذ نيته باطنة؛ فلذلك كان أعظم إخلاصًا.




قيم وأخلاق رمضانية



قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» خرجه البخاري، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل إني صائم»، قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام، وقال جابر- رضي الله عنه -: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء».

ابو وليد البحيرى
2024-05-16, 08:23 AM
شباب تحت العشرين – 1172
الفرقان







أفضل عمل تقدمه في شهر رمضان
أخي الشاب: لا شك أنك رأيت الناس وقد تبدلت أحوالهم في هذا الشهر، فالمساجد قد امتلأت بالمصلين، والتالين لكتاب الله، والأماكن المقدسة ازدحمت بالطائفين والعاكفين، والأموال تتدفق في مجالات الخير، فهذا يصلي، وهذا يتلو، والآخر ينفق، والرابع يدعو، فأين موقعك بين هؤلاء جميعاً؟
ألم تبحث لك عن مكان داخل هذه الكوكبة المباركة؟ أليس أفضل عمل تقدمه، وخير إنجاز تحققه التوبة النصوح وإعلان السير مع قافلة الأخيار؟ فهل جعلت هذا الهدف نصب عينيك في رمضان وأنت قادر على ذلك بمشيئة الله؟
ولقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه في يوم القيامة: «يوم تدنو الشمس من الخلائق فتكون قدر ميل، ويبلغ منهم الجهد والعرق كل مبلغ»، أنه في هذا اليوم هناك من ينعم بظل الله وتكريمه، ومنهم: «شاب نشأ في طاعة الله -عز وجل» فلماذا لا تكون واحداً من هؤلاء؟ وما الذي يحول بينك وبين ذلك، فأعد الحسابات، وصحح الطريق، واجعل من الشهر الكريم فرصة للوصول إلى هذه المنزلة.


صور مشرقة من حياة الصحابة



في غزوة بدر يقول سعد بن أبي وقاص: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله يوم بدر يتوارى أي: يختبئ في الجيش، فقلت: ما لك يا أخي؟! قال: إني أخاف أن يراني رسول الله فيردني، وأنا أحب الخروج؛ لعل الله يرزقني الشهادة. يريد الشهادة! ماذا يفعل بعض الأبناء اليوم في هذه السن؟.
قال سعد: فعرض عمير على رسول الله فرده لصغره، فلما رده بكى فأجازه، فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره.
طفل صغير تمنى الشهادة في سبيل الله بصدق فنالها، بل بكى خوفاً من أن يُحرم هذه الأمنية العظيمة، فما أسماها من أمنية! وما أروعها من صورة تعكس لنا بجلاء أي هم كانت تحمله تلك النفوس الطاهرة الزكية! أما بعض شباب اليوم فأعظم أمانيهم أن يفوز النادي الفلاني أو المنتخب، وعجبا حين ترى الدموع تذرف وتسكب من أجل ذلك! نسأل الله أن يصلح شباب المسلمين.


نصيحة لرواد الإنترنت

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: معلوم أن الإنترنت فيه خير وفيه شر، والذي يبتغي فيه الخير يجده، في العلوم الشرعية، والعلوم النافعة، وفيه شرٌ محض وشرٌ كثير، فنصيحتي لإخواني: أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يعلموا أنهم إنما خلقوا لعبادة الله -عزوجل-، وأنهم إذا نزلوا بأنفسهم إلى ما يشبه الحيوانات، وهو إشباع الرغبات والشهوات فقد خسروا الدنيا والآخرة، والعياذ بالله، فعليهم أن يحفظوا دينهم، وأن يحفظوا أوقاتهم، وألا يضيعوا هذا العمر الثمين، فوالله لدقيقة واحدة أعز من ألف درهم، أرأيتم إذا حضر الموت لو قيل للإنسان: أعطنا كل الدنيا ونؤجلك دقيقة واحدة لقال: نعم. ولهذا قال الله -عز وجل-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون:99-100).


نبي الله موسى -عليه السلام





الشاب القوي العفيف



من القصص المؤثرة قصة نبي الله - موسى عليه السلام -، وكيف تصرف مع النساء العفيفات: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ^ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، رأى موسى -عليه السلام- فتاتين ترعيان الغنم، وقد وقفتا عند أغنامهما من بعيد تُبعدان الغنم عن الماء، والرجال يتزاحمون بأغنامهم عليه، تبتعدان عن الماء لا تدخلان وسط الرجال، فسقى لهما الغنم، وجلس في الظل يدعو الله أن يرزقه وينجِّيه.
لقد كان -عليه السلام- طريداً ملاحَقاً، لا مأوى له ولا زوجة ولا عمل، ومع ذلك كان في شدة العفة والحياء والرجولة، وقام بسقاية الغنم عفيفاً مخلصاً، فأكرمه الله بزوجة هي ابنة نبي، وعملاً يعمله، ويجد - فوق هذا وذاك - السكن والعون عند شعيب -عليه السلام-، كل ذلك من خلال موقف واحد.


ما يجب أن يعلمه الشاب



اعلم أن الإيمان بالله -عز وجل- ليس اعتقاداً فقط أو قولاً فقط، إنما هو اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان؛ فعليك بطاعة الرحمن وترك العصيان، فإنهما سبيلك إلى زيادة الإيمان، واعلم أن الله -عز وجل- خلقنا لعبادته وحده لا شريك له، كما قال -سبحانه-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} فعليك بإخلاص العبادة لله تعالى وحده، وإياك أن تصرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله -سبحانه وتعالى.


حِفـْظُ الْوَقْتِ فِي رَمَضَان



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم أو العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الآجال، قال -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (الفرقان:62). فينبغي على المسلم -ولاسيما في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم والوقت الثمين- أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة وعظة، فكم من رمضان تحريناه فدخل ومضى!.


موقف شبابي إيجابي




ما إن يحل شهر رمضان حتى ترى المساجد قد امتلأت بالشباب مقبلا على ربه متبتلا راكعا ساجدًا، شباب تنسم من روح الهداية وريحانها، بعدما غشيته نفحات رمضان شهر القرآن، وخففت من وطأة ثقل النفس أسرار الصيام، شباب عقد العزم على ختم القرآن، والحفاظ على الصلوات الخمس في المساجد، وحضور صلاة التراويح، والقيام في الثلث الأخير، والاجتهاد في الطاعات والقربات، والإحسان للفقراء والمحتاجين، والإفطار مع جموع الأخيار، شباب صحا في رمضان، وتطلع للاستقامة بعد رمضان، فرمضان لما بعده.

ابو وليد البحيرى
2024-05-16, 08:24 AM
شباب تحت العشرين – 1173
الفرقان





أي الرجلين أنت في العشر الأواخر؟
العشر الأواخر من رمضان هي خاتمة الشهر، وأفضل لياليه، وفيها ليلة القدر، وعمل المسلم في هذه الليالي دليل على مدى حرصه على اغتنام هذا الشهر.
والسر في ذلك أنك أحد رجلين، إما رجل قد اغتنم الشهر من أوله بالمبادرة في الأعمال الصالحة، أو رجل قد فرط في ذلك كله، فإن كنت من النوع الأول -وأسأل الله أن نكون كلنا كذلك- فأنت بحاجة إلى الثبات على العمل الصالح حتى آخر لحظة من الشهر؛ لأن الأعمال بخواتيمها، وإن كنت من النوع الثاني، فأنت بحاجة إلى استدراك ما فاتك من العمل، وهذا لا يكون إلا بالاجتهاد في العشر الأواخر؛ لذا كان لزاما على المسلم أن يراعي في برنامجه في العشر الأواخر الإكثار من الطاعة وفق هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث كان يعامل العشر الأواخر معاملة مختلفة عن الأيام التي سبقتها، فكان مع إكثاره من الطاعة طوال الشهر، إلا أنه إذا دخل العشر شمر عن ساعد الجد والاجتهاد ليجود خاتمته فيها، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله».


خطورة الفتور عن الطاعات



جاءت النصوص الشرعية تحث على المسارعة في الخيرات، قال -تعالى-: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} (الحديد: 21)، وتحذر من الفتور عن الطاعات، قال -تعالى-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: 16)، وقال ابن مسعود: «مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الآيَةِ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ» (صحيح مسلم: 3027)، وحذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفتور عن الطاعة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فَإِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً، فَإِمَّا إِلَى سُنَّةٍ، وَإِمَّا إِلَى بِدْعَةٍ؛ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّةٍ فَقَدْ اهْتَدَى، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ».



يا غلام إني أعلمك كلمات



عن عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب -رضي الله تعالى عنهما- قال: كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما، فقال: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
هذا من الأحاديث العظيمة التي يجب على الشباب فهمها والعمل بها؛ فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «احفظ الله يحفظك»؛ أي: احفَظْ أوامره وامتثلها، وانتهِ عن نواهيه، يحفظك في تقلباتك ودنياك وآخرتك؛ وقيل: يحفظك في نفسك وأهلك، ودنياك ودِينك، ولا سيما عند الموت؛ إذ الجزاء من جنس العمل، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «احفظ الله تجده تجاهك»؛ أي: تجده أمامك؛ يدلك على كل خير، ويقربك إليه، ويهديك إليه، وأن تعمل بطاعته، ولا يراك في مخالفته، كما أنك تجده في الشدائد، و قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سألت»؛ أي: أردت أن تسأل شيئًا، «فاسأل الله» إشارة إلى أن العبد لا ينبغي له أن يعلق سره بغير الله، بل يتوكل عليه في سائر أموره؛ لأنه القادر على الإعطاء والمنع، ودفع الضر وجلب النفع، أما من حيث سؤال الناس في الأمور التي يقدرون على تحقيقها من أمور الدنيا وحطامها، فوردت أحاديث كثيرة تذم المسألة في هذا، وترغِّبُ في التعفُّف.
«وإذا استعنت»؛ أي: أردت الاستعانة في الطاعة وغيرها من أمور الدنيا والآخرة، «فاستعن بالله»؛ فإنه المستعان، وعليه التكلان، بيده ملكوت السموات والأرض، وهو يُعينك إذا شاء، وإذا أخلصت الاستعانة بالله وتوكلت عليه، أعانك وسددك.
«واعلم أن الأمة»؛ أي: سائر المخلوقين «لو اجتمعت» كلها «على أن ينفعـوك بشيءٍ»؛ أي: على خير الدنيا والآخرة «لم ينفعوك» بشيء من الأشياء «إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك»؛ أي: أثبته في اللوح المحفوظ، «وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك» بالمعنى المتقدم، ويشهد بذلك قوله -تعالى-: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} (يونس: 107).

من فوائد الحديث
على الشباب أن يتعلموا من الحديث أنَّ من حافظ على أوامر الله، حفظه الله في الدنيا والآخرة، وأن من امتثل أوامر الله أخرجه الله من الشدة، ووجوب الرضا بالقضاء والقدر والإيمان بهما، وأن بعد كل كرب فرَجًا، وبعد كل عسرٍ يسرًا، وأنه لن يصيب الإنسان إلا ما كتب الله له، ومن أراد أن يسأل فليسأل الله، وأنَّ الأعمال الصالحة ترفع البلاء، وأنَّ سؤال الخلق في الأصل محرم، لكنه أبيح للضرورة، والضرورة التي أبيحت لأجلها المسألة يوضِّحها حديث (قَبيصة)، وتركه توكلًا على الله أفضل.


المسلم الملتزم بدين الله






قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: إن المسلم الملتزم بدين الله، الذي سار على صراط الله المستقيم، سيجد دعاة الضلال والانحراف، وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة، أما إذا لم يلتفت إليهم، بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف.




خطر الركون إلى الأمل وترك العمل






قال الشيخ عبدالكريم الخضير: قال -تعالى-: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (محمد:9)، فكراهية الله، أو ما جاء عن الله، أو كراهية الدين، أو كراهية الرسول، أو دين الرسول، أو كراهية بعض ما جاء عن الرسول، كل هذا منافٍ لكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله)، وقد يقول قائل: نرى كثيرًا من الناس يكره بعض الشعائر، أو بعض من يأمره بالشعائر، كمن يكره اللحية، ويتقزز من رؤيتها وحاملها، نقول: هذا على خطر عظيم؛ لأن هذه سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وبعض الناس يكره الذين يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر؛ لأنهم يأمرونه بتطبيق دين الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهذا على خطر عظيم إذا كان يكرههم للأمر والنهي.




احذر من تضييع نعم الله عليك!




حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تضييع نعم الله في غير طاعته، وحذر من الغفلة عن المسارعة في الخيرات، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»، ومن الغبن ألا يقدّر الإنسان ما في يده ولا يعرف قيمته على الحقيقة.

ابو وليد البحيرى
2024-05-22, 06:37 PM
شباب تحت العشرين – 1174
الفرقان









عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشباب


سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- مع صغار الصحابة وشبابهم أعظم سيرة؛ فقد تواضَع - صلى الله عليه وسلم- لهم، وجالَسَهم وزارهم وعلَّمَهم ورفَع هِمَهُم، فخرج منهم أعظم جيل، فمن تواضعه - صلى الله عليه وسلم-: أنه إذا مر بصبيان سلَّم عليهم»(رواه مسلم).
وكان شديد الحرص على تعليمهم، قال جندب بن عبد الله - رضي الله عنه -: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ونحن فتية حَزاوِرَة -أي: قارَبْنا البلوغَ- فتعلمنا الإيمانَ قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا»(رواه ابن ماجه).
وكان يغرس العقيدة في نفوسهم، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «*كُنْتُ *خَلْفَ *النَّبِيِّ *- صلى الله عليه وسلم- *يَوْمًا *فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» الحديثَ... (رواه الترمذي).
وكان - صلى الله عليه وسلم- يتلطف معهم فأحيانا يأخذ بأيديهم، قال معاذ - رضي الله عنه -: «أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بيدي، فقال: «إِنِّي أُحِبُّكَ». قُلْتُ: *وَأَنَا *وَاللَّهِ *أُحِبُّكَ. *قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهَا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاتِكَ»؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»
(رواه البخاري في الأدب المفرد).
وكان - صلى الله عليه وسلم- يثني عليهم ويظهر مكانتهم، سمع قراءة سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنه - وهو غلام صغير حسَن الصوت بالقرآن، فقال: « الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا»(رواه ابن ماجه)، ورأى من معاذ - رضي الله عنه - فقها فقال: «أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل»(رواه أحمد).
وفي مجلسه - صلى الله عليه وسلم- كان يُوقِّرهم ويُعلِي من شأنهم مع وجود كبار الصحابة، أوتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلامٌ وعن يساره أشياخٌ، فقال للغلام: «أتأذنَ لي أن أُعطِيَ هؤلاء؟ فقال الغلام: لا واللهِ، لا أؤثر بنصيبي منك أحدًا؛ فتَلَّه،أي: وضَعَه رسول الله - ر- في يده-» (متفق عليه).





الاستمرار على الطاعة بعد رمضان


عندما ذكر الله -تعالى- صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان؛ فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (سورة المؤمنون 1-2)، إنهم خاشعون دائماً، مُعْرِضُونَ عن اللَّغْوِ دائمًا وليس في رمضان فقط، هم باستمرار يفعلون ذلك وليس في رمضان فقط وهكذا في سائر صفات المؤمنين، والسبب أننا مطالبون بالعمل حتى الموت بأمر من الله -تعالى-، قال الله -تعالى-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (سورة الحجر 99)، واليقين هو الموت؛ لذلك أيها الشباب استقيموا على دينكم، واستمروا على طاعة ربكم؛ فليس للطاعة زمن محدود، ولا للعبادة أجل معين.





الفائز الحقيقي


يقول الناس لبعضهم بعضا في العيد من العبارات التي يقولها العامة: من العائدين، ومن الفائزين، هل تعلمون من هم الفائزون؟ قال الله -تعالى-: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (سورة آل عمران 185). وقال -تعالى-: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} (سورة الحشر 20). وقال الله عن أهل الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (سورة التوبة 100). هؤلاء هم الفائزون، فالفوز الحقيقي الفوز في الجنة.





ما حالك بعد رمضان؟


من كانت حاله بعد رمضان أحسن من حاله قبله، مقبلاً على الخير، حريصاً على الطاعة، مواظباً على الجمع والجماعات، مفارقاً للمعاصي والسيئات، فهذه أمارة قبول عمله إن شاء الله -تعالى-، ومن لم تكن حاله بعد رمضان فيها إقبال على الطاعة وترك المعاصي، فعليه أن يسارع إلى مرضات ربه -جل وعلا- وألا ينساق وراء الأهواء ووساوس الشياطين؛ فإن فعل فقد أنجى نفسه من المهالك في الدنيا، ومن غضب الله -تعالى- يوم القيامة.







من مقاصد العيد العظيمة





قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من مقاصد العيد العظيمة تقوية الأخوة الإيمانية، وتمتين الصِّلة الدينية، واطِّراح الإحن والخلافات، إنّه يوم الصَّفاء، يوم النَّقاء، يوم الإخاء، يوم الصِّلات، يوم السَّلام، يوم تبادل الدُّعاء؛ ففي غمرة فرحة العيد وبهجته وجماله، تذوب الخلافات، وتذهب الإحن، وتصفو النفوس، فواجب على كلِّ مسلم في هـذا اليوم المبارك أن يحرص أشدّ الحرص على أن يقوِّيَ صلته بإخوانه، مودّةً ومحبّةً ودعاءً واطّراحًا لما قد يكون بين المتآخين من شقاق وخلاف، وإذا لم يُطّرح الشِّقاق والخلاف في مثل هـذا اليوم المبارك فمتى يطّرح؟





أعياد المسلمين المشروعة


ينبغي أن يعلم المؤمن أنَّه ليس لنا إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى، هذه أعياد المسلمين: فيها الاجتماع على صلاة وذكر، وعبادة لله -عزَّ وجلَّ-، أما الأعياد المستحدثة والمبتدعة فليس لها أصل في دين الله -عزَّ وجلَّ-، ولا يجوز إقرارها، ولا الدعوة إليها، ولا الرضا بها ولا المشاركة فيها.





محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم


محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- واجبة على كل مسلم قطعًا، قال الله -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ…} (آل عمران: 31) وهذا من الأدلة العظيمة الشاهدة على وجوب محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ لا نزاع في أن محبة الله واجبة، وأن اتباع النبي ومحبته طريق إلى محبة الله.







أخطاء الشباب

في الأعياد

اعلم أخي الشاب أن العيد فرحة وسعادة وبهجة، ولكن يجب ألا تطغى هذه الفرحة على النفوس فتستغل العيد في الأمور المحظورة والممنوعة شرعًا، ومن تلك الأمور:
- اختلاط الرجال بالنساء في المنتزهات والحدائق وأماكن الزيارات، مع ما يحصل في ذلك من الفتن التي لا يسلم منها من فعل ذلك، كالمصافحة التي لا تجوز بين الرجل الأجنبي والمرأة الأجنبية، وغير ذلك.
- استقبال العيد بالغناء والرقص والمنكرات، بدعوى إظهار الفرح والسرور.
- السهر ليلة العيد، مما يؤدي إلى تضييع صلاة الفجر والعيد معاً.
- الإسراف والتبذير حتى لو كان في أمور مباحة.
- المبالغة في الملبس والمأكل.
- الغفلة عن الصلوات المفروضة في المسجد

ابو وليد البحيرى
2024-05-22, 06:38 PM
شباب تحت العشرين – 1175
الفرقان






موانع الثبات على الطاعات

يلاحظ أَنَّ بعض الشباب ممن كانوا يحافظون على أنواع كثيرة من الطاعات في رمضان كالذكر والصدقة والإِكثار من النوافل وغيرها، يهملون هذه الطاعات بعد انقضاء الشهر ولا يثبتون عليها، وقد أمرنا الله بالثبات على الطاعات حتى الممات في قوله -تعالى-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر:99)، وهذا الثبات له موانع إِنْ تجنبها الإنسان ثبت على الطاعة بإذن الله.

المانع الأول: طُولُ الْأَمَلِ
من موانع الثبات على الطاعات طُولُ الْأَمَلِ، وهو الحرص على الدنيا والانكباب عليها، والحب لها والإعراض عن الآخرة، وقد حَذَّرنَا الله مِنْ هذا المرض في قوله: {وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ} أَيِ طُولُ الْأَمَلِ، وبَيَّنَ -سبحانه- أَنَّهُ سبب قسوة القلب فقال: {وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (الحديد:16)، كما بَيَّنَ أَنَّهُ سبب الانشغال عن هدف الإنسان من الحياة فقال: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (الحجر:3).


المانع الثاني: الابتعاد عن الأجواء الإيمانية

مِنْ أصول العقيدة الإسلامية أَنَّ الإيمان يزيد وينقص، فيضعف ويضمحل إذا عَرَّضَ العَبْدُ نَفْسَهُ لأجواء المعاصي والذنوب، أو انشغل قلبه على الدوام بالدنيا وأهلها؛ لذا حَثَّ الشرع على مرافقة الصالحين وملازمتهم ليعتاد المسلم فعل الطاعات، وترك السيئات.


المانع الثالث: الانشغال بالمباحات والتوسع فيها

لا شك أَنَّ التوسع في المباحات من الطعام والشراب واللباس ونحوها والإسراف فيها سبب في التفريط في بعض الطاعات وعدم الثبات عليها، فهذا التوسع يورث الركون والنوم والراحة والدَّعَةَ، بل قد يَجُر إلى الوقوع في المكروهات، لِأَنَّ المباحات باب الشهوات، وليس للشهوات حَدٌّ؛ لذا أمر -سبحانه- بالأكل مِنْ الطَيِّبَاتِ ونهى عن الطغيان فيها قال -تعالى-: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف:7).




صلاح الشبابِ صلاحٌ للأمة



لن تسعَدَ الأمةُ الإسلاميةُ ولن يحصُلَ لها عزٌّ وفلاح، وسُؤددٌ وشأنٌ إلا حينما يكونُ شبابُها كما كانوا في العهد الأول: صلاحٌ في الدين، وإعمارٌ للحياة، وجدٌّ في كل عملٍ مُثمِر وفعلٍ خيِّر، وإن الشبابَ المُسلم اليوم يجبُ عليه أن يكون كما كان أسلافه في الماضي كيِّسًا فطِنًا، فلا يستجيبُ إلى ما لا يُحقِّقُ للإسلام غايةً، ولا يرفعُ للحقِّ راية، فكم يحرِصُ أعداءُ الإسلام بكل السُّبُل أن يُوقِعُوا الشباب في مطايا المهالِك ومسالِك الغواية، والبُعد عن القِيَم الإسلامية السامِية، ومبادِئِه السَّمحة اليسيرة التي تسلُكُ بهم مناهجَ الوسطيَّة والاعتِدال، وتقودُهم إلى رعاية المصالِح وجلبِ المنافِع لأنفُسهم ولأمَّتهم، ولبُلدانهم ولمُجتمعاتهم.


عوامل الثبات على الطاعات



للثبات على الطاعات معينات لابد أن يحرص عليها الإنسان ويلتزمها حتى يثبت على طريق الحق والإيمان، ومن ذلك ما يلي:


أولاً: الدعاء بالثبات

مِنْ صفات عباد الرحمن أنهم يدعون الله -تعالى- أَنْ يثبتهم على الطاعة، وأَلا يزيغ قلوبهم بعد إذ هداهم؛ فهم يوقنون أَنَّ قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن يُصَرِّفُهَا كيف يشاء؛ لذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول: «اللهم يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلبي على دينك، اللَّهُمَّ يا مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ».


ثانيًا: تنويع الطاعات والمسارعة إليها

مِنْ رحمة الله -عز وجل- بنا أَنْ نَوَّعَ لنا العبادات لتأخذ النفس بما تستطيع منها، فمنها عبادات بدنية، ومالية وقولية وقلبية، وقد أمر الله -عز وجل- بالتسابق إليها جميعًا، وعدم التفريط في شيء منها، وبمثل هذا التنوع وتلك المسارعة يثبت المسلم على الطاعة، ولا يقطع الملل طريق العبادة عليه.


ثالثًا: التعلق بالمسجد وأهله

ففي التعلق بالمسجد وأهله ما يعين على الثبات على الطاعات؛ حيث المحافظة على صلاة الجماعة، والصحبة الصالحة، ودعاء الملائكة، وحلق العلم، وتوفيق الله وحفظه ورعايته. ونصوص الوحيين في ذلك كثيرة مشهورة.


رابعًا: مطالعة قصص الصالحين

أخبار الأنبياء والصالحين لم تذكر للتسلية والسمر، ولكن لننتفع ونتعظ بها، ومن منافعها تثبيت قلوب المؤمنين والمؤمنات والطائعين والطائعات، قال -تعالى-: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} (هود:120)، وكثير من الناس تتغير أحوالهم إِلى الأصلح والأحسن بمطالعة سير السلف الصالح الأوائل الذين ضربوا أعظم الأمثلة في التضحية والعبادة، والزهد والجهاد والإنفاق وسائر الطاعات.


خامسًا: التطلع إلى ما عند الله من النعيم

إِنَّ اليقين بالمعاد والجزاء يُسَهِّلُ على الإنسان فعل الطاعات وترك المنكرات، مصداقا لقوله -تعالى-: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة:45-46).


قاعدة في حسن الخلق



من أهم القواعد في حسن الخلق، مقابلة السيئة بالحسنة؛ مما يترتب عليه احتواء الإساءة، فعلى الشباب خصوصًا أن يقابلوا الغضب بالهدوء، والتبجح بالحياء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، لأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم.


لزوم اتباع السنة





قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-: نصوص الكتاب والسنة دلت دلالة قاطعة على وجوب اتباع السنة اتباعًا مطلقًا في كل ما جاء به النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام-؛ فهي المرجع الثاني في الشرع الإسلامي، في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية، أو أحكام عملية، أو سياسية، أو تربوية، وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأي أو اجتهاد أو قياس


وماذا بعد رمضان



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إذا كان المسلمون قد ودَّعوا شهر رمضان (موسم الغفران والعتق من النيران وموسم التنافس في طاعة الرحمن)، فإنهم لم يودِّعوا بتوديعه أبواب الخيرات، فلا تزال مواسم الخيرات متجددة وأبواب الخيرات متتالية، وينبغي على عبد الله المؤمن أن يغنم حياته، وأن يستغل وجوده في هذه الحياة للظفر بكل مناسبة كريمة ووقت فاضل، متسابقاً مع المتسابقين في الطاعات، ومسارعاً لنيل رضا رب البريات -سبحانه وتعالى.

ابو وليد البحيرى
2024-05-22, 06:39 PM
شباب تحت العشرين – 1176
الفرقان





نعمة الهداية إلى دين الإسلام
إن أجلّ نعم الله وأعظم مننه على عباده هدايته -تبارك وتعالى- من شاء من عباده إلى هذا الدين الحنيف؛ فالإسلام هو النعمة العظمى والعطية الأجلّ، ومنة الله -سبحانه- على من شاء من عباده، يقول -جلَّ وعلا-: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الحجرات:17) ويقول -جلَّ وعلا-: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} (الحجرات:7) ويقول -جلَّ وعلا-: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (النور:21)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وإنما عظم شأن هذه النعمة وكبر قدرها؛ لأنَّ الإسلام هو دين الله -تبارك وتعالى- الذي رضيه -عز وجل- لعباده دينا ولا يقبل منهم ديناً سواه، يقول -جلَّ وعلا-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران:19)، ويقول -جل وعلا-: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران:85)، ويقول -جلَّ وعلا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة:3)، ويقول -جلَّ وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة:208) أي في الإسلام، ومن عرف الإسلام وما يدعو إليه من العبادات العظيمة والأعمال الجليلة والآداب الرفيعة أدرك رفيع قدره وعلو شأنه.


الغاية التي من أجلها خُلقنا



فالله -عز وجل- خلق الإنسان لعبادته والاستقامة على نهجه القويم؛ آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، قال الله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}(الذ ريات:56-57)؛ فأنت مخلوق من أجل عبادة الله، فعليك بتقوى الله وعبادته، وقوِّ إيمانك بالأعمال الصالحة؛ لتحيا حياة سعيدة في هذه الدنيا، وتجزى في الآخرة ثوابا وافرا، قال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97).



خطر طيش النفس






قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: من سمات أهل العقل النظرُ في العواقب، وأما أهل الطيش فإنهم لا يعملون عقولهم ولا ينظرون في العواقب، بل يندفعون اندفاعًا بلا تعقُّلٍ فيوردهم المهالك؛ ولهذا شبهت النفس في طيشها بكُرةٍ من فخار، وُضعت على منحدر أملس، فلا تزال متدحرجةً ولا يُدرى في نهاية أمرها بأيِّ شيء ترتطم! وكم هي تلك المآلات المؤسفة والنهايات المحزنة التي يؤول إليها أمر الطائشين ممن لا يتأملون في العواقب ولا ينظرون في المآلات.


ماذا نريد من الشباب؟



نريد من شبابنا: أن يُطوّروا من مهاراتهم، ويعملوا على تنمية طاقاتهم عبر العلم التخصصـي، والمهارات المكتسبة من دورات تدريبية متخصصة، تحقيقًا لقول الله -تعالى-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، فمن برع في مجال تخصصه العلمي (الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو الفيزياء أو الكيمياء أو الجيولوجيا......) فقد خدم أمة حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم .
نريد من الشباب: أن يعيشوا بالإسلام قولا وسلوكًا؛ فيَسْلَم الناس من لسانه ويده، وإذا رآه الناس بهديه وسمته الإسلامي رأوْا الإسلام في شخصيته، فيكون بذلك سببًا في إقامة الإسلام في الأرض.
نريد من الشباب: أن يُحسْنوا توظيف طاقاتهم، فيعملوا عملا متقنًا ونافعًا لهم ولمجتمعهم، فلا يتعطل ولا يكسل ولا يفتُر ولا يتوانى عن تحقيق ذاته عن طريق العمل والاعتماد على النفس، لا أن يكون عالة على غيره. وليأخذ من رسوله الحبيب قدوة؛ حيث كان يعمل وهو شاب في الرعي والتجارة.


فاتح الأردن شرحبيل بن حسنة - صلى الله عليه وسلم



هو الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة - رضي الله عنه -، فاتح الأردن، أسلم قديما بمكة، وهو من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية، شارك في فتوحات الشام، كان - رضي الله عنه - يتميز بالشجاعة والإقدام، يشهد له بذلك جهاده مع رسول الله ومع الخلفاء الراشدين من بعده، ويكفي أن يذكر التاريخ عنه أنه فاتح الأردن، وأنه كان لجهاده في أرض الشام أثر كبير في اندحار الروم ونشر الإسلام في تلك الربوع، وكان صريحًا لا يخشى في الحق أحدًا، وكان يجيد القراءة والكتابة، فقد كان من كُتَّاب الوحي، وقد استشهد - رضي الله عنه - قيل: مات شرحبيل بن حسنة يوم اليرموك، ويقال: إنه طعن هو وأبو عبيدة بن الجراح في يوم واحد، ومات في طاعون عمواس وهو ابن سبع وستين.


توجيهات نبوية للشباب



النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب، فيقول - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: «يا غلام: إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»، ويقول - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل، وهو رديفه على حمار: «يا معاذ: أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله» إلى آخر الحديث، ويقول - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة، ربيبه وهو طفل صغير، لما أراد أن يأكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وجالت يده في الصحفة أمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»، فهذه توجيهات من النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجهها لطفل، ليغرس في قلبه هذه الآداب العظيمة، وهذا مما يدل على أهمية توجيه الشباب نحو الخير وبيان مسؤولية الكبار نحوهم.


من أهم الواجبات على الشباب



إن من أهم الواجبات التي ينبغي للشباب أن يهتم بها، ويستثمر فيها عمره طلب العلم الشرعي، قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: التفقه في الدين وتعلم العلم الشرعي من أهم الواجبات، ومن أهم الفروض لعبادة الله -جل وعلا-؛ فقد خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل الرسل لذلك، وأمر العباد بذلك، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، ولا سبيل لمعرفة هذه العبادة ولا الطريق إليها إلا بالعلم، كيف يعرف هذه العبادة التي هو مأمور بها إلا بالعلم؟ والعلم: إنما هو من كلام الله ومن كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - والعلم: قال الله وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».

ابو وليد البحيرى
2024-05-30, 08:51 PM
شباب تحت العشرين – 1177
الفرقان






من وصايا لقمان الحكيم لابنه (الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك)

قال -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان)، وصية لقمان الأولى لابنه: الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، وقد بدأ الله بها؛ لأنها أعظم الوصايا وأنفعها، فأعظم ما أمر الله به التوحيد.
وأعظم ما نهى الله عنه الشرك، والنهي عن الشرك يستلزم توحيد الله وإخلاص العبادة له -تعالى-؛ قال -تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: 36)، وقال -تعالى-: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 256)، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: «ووجه كون الشرك ظلمًا عظيمًا أنه لا أفظع وأبشع مَن سوَّى المخلوق بالخالق، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئًا بمالك الأمر كله، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة من النعم بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم ودنياهم وأُخراهم وقلوبهم وأبدانهم إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟ وهل أعظم ظلمًا ممن خلقه الله لعبادته وتوحيده، فذهب بنفسه التي خلقها الله في أحسن تقويم، فجعلها في أخس المراتب، جعلها عابدة لمن لا يُسوي شيئًا، فظلم نفسه ظلمًا كثيرًا».



المخدرات مفاتيح الشرور ومجمَع الخبائث



لقد أضحى من المتقرر لدى العقلاء والفطناء أن المخدرات أصبحت في هذا الزمن من أنفذ الأسلحة التي يستعملها أعداء دين الله للفتك بأبناء المسلمين والجناية عليهم بما يفسِد دينهم وعقولهم وأخلاقهم؛ فيصبحون أداة فسادٍ وشرٍ وهدمٍ في مجتمعاتهم المسلمة، والإسلام حرَّم الخمر وحرَّم المسكرات والمخدرات والمفتِّرات؛ لأنَّ جنايتها على الناس جنايةٌ عظيمة، ومضرَّتها عليهم مضرة جسيمة، يدركها المتأمل ويستبينها المتبصِّر، ولقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ»؛ فهي مفاتيح الشرور ومجمَع الخبائث ومنبع القبائح بأنواعها، وإذا وضع الشاب قدمه في هذه الطريق (طريق تعاطي الخمور والمخدرات) فإنه يكون بذلك قد جنى على نفسه جناية عظيمة، وأوقعها في مسلكٍ وخيم وبوابة خطيرة تفضي به إلى كل شر وبلاء.


وصية الشيخ ابن باز للشباب






قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: وصيتي للشباب ولا سيما الدعاة منهم الرفق في الأمور كلها، والجدال بالتي هي أحسن، وتحري الأسلوب الجيد اللين؛ لعل الله ينفع بذلك، كما نوصي بالحذر من العنف، والشدة والكلام البذيء؛ فإن هذا ينفر من الحق، وربما سبب خصومة، ونزاعًا، ومقاتلة ومضاربة، والمؤمن قصده الخير، والداعي إلى الله قصده الخير، فينبغي سلوك أسباب الخير، الواجب على الداعي إلى الله، والآمر والناهي أن يسلك المسالك التي تعينه على حصول الخير، وتعين إخوانه على قبول الحق.


على العاقل ألا يغتر بالدنيا






قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: ينبغي للإنسان العاقل أنه كلما رأى من نفسه طموحًا إلى الدنيا، وانشغالًا واغترارًا بها، أن يتذكر الموت، ويتذكر حال الآخرة؛ لأن هذا هو المآل المتيقن، وما يؤمِّله الإنسان في الدنيا فقد يحصل وقد لا يحصل، {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ} لا ما يشاء هو، بل ما يشاء الله -عز وجل-: {لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (الإسراء: 18، 19).


ثلاث وصايا نبويَّة عظيمة



لقد جمع الله جلَّ وعلا لنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - بديعَ الكلِم، وجوامع الوصايا، وأكمل القول وأتمَّه وأحسنَه، ومن كان ذا صلةٍ وثيقةٍ بالسُّنة وهديِ خير العباد صلوات الله وسلامه عليه فاز في دنياه وأخراه.
فقد جاء رَجُل إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ، وفي رواية عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَأَجْمِعِ اليَأسَ مِمَّا فِي يَدَيِ النَّاسِ»، وقد جمع هذا الحديث العظيم ثلاثة وصايا عظيمةً جمعت الخير كلَّه، مَن فهمها وعملَ بها حازَ الخير كلَّه في دنياه وأخراه.
- الوصيَّة الأولى: وصيَّةٌ بالصَّلاة والعناية بها وحسن أدائها.
- والوصيَّة الثَّانية: وصيَّةٌ بحفظ اللِّسان وصيانته.
- والوصيَّة الثَّالثة: دعوةٌ إلى القناعة وتعلُّق القلب بالله وحده.



موقفانِ عظيمان



موقفانِ عظيمان يقفهُما العبد بين يدي ربِّه؛ أحدهما في هذه الحياة الدُّنيا، والآخر يوم يلقى الله جلَّ وعلا يوم القيامة، ويترتَّبُ على صلاحِ الموقف الأوَّل فلاحُ العبد وسعادتُه في الموقف الثَّاني، ويترتَّب على فسادِ حال العبدِ في الموقف الأوَّل ضياعُ أمره وخسرانُه في الموقف الثَّاني، فالموقف الأوَّل: هو هذه الصَّلاة الَّتي كتبها اللهُ جلَّ وعلا على عباده وافترضَها عليهم خمسَ مرَّاتٍ في اليوم واللَّيلة؛ فمَن حافظَ على الصَّلاة، واهتمَّ لها، واعتَنى بها، وأدَّاها في أوقاتِها، وحافظَ على شُروطِها وأركانِها وواجباتِها هانَ عليه الموقفُ يوم القيامة، وأفلحَ وأنجحَ، وأمَّا إذا استهانَ بهذا الموقف، فلم يُعْنَ بهذه الصَّلاة، ولم يهتمَّ لها، ولم يواظب عليها، ولم يحافظ على أركانها وشروطها وواجباتها عَسُرَ عليه موقف يوم القيامة.


من أعظم أخلاق الشباب



من أعظم الأخلاق تقوى الله -جل وعلا-، ومراقبته في السر والعلانية؛ فإن من اتقى الله وراقبه في كل أحواله كلها عاش سعيداً طيبًا، ولهذا ربّى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على هذه الأخلاق الكريمة، فأوصى معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قائلاً له: «اتَّق اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا.

ابو وليد البحيرى
2024-05-30, 08:53 PM
شباب تحت العشرين – 1178
الفرقان







التوكل على الله سبيل النجاح

التوكل على الله هو اعتماد القلب على الله -تعالى- في استجلاب المصالح ودفع المضار، ومعناه: تفويض الأمر لله، والاستعانة به في الأمور جميعها، وربط الأشياء بمشيئته، وهو: صفة إيمانية، ويقين، وثقة، ويكون التوكل مقرونا بالسعي والحركة، وعند مبادئ الأمور، وفي سائر الأحوال.
ولا يتحقق معناه بغير عمل، فمن أراد الرزق أو النجاح بذل الجهد متوكلا على الله، وترك العمل تواكل مذموم، قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَتَوَكّلْ عَلَى اللّه فَهُو حَسْبُه}، قال أهل التفسير: ومن يعتمد على الله ويفوض أمره إليه كفاه ما أهمه، وقال -تعالى-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر:60)؛ فالنجاح لا يأتي من فراغ، بل هناك أسباب ومسببات تولد من تلك الذرة الإيمانية التي غُرستْ في أعماقنا، لتنمو وتزيّن الأرض وما فيها وتصل الى السماء؛ حيث القمة والتفوق.
وفي الحديث القدسي: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله -تعالى-: أنا عند ظن عبدي، بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة». (رواه البخاري)، ولكن ينبغي العلم أن التوكل على الله -تعالى- والثقة به والدعاء وحسن الظن، ليس معناها جلوس المرء منتظرا حصول الغايات دون أسباب، وإنما التوكل الصحيح هو الأخذ بالأسباب مع الاعتماد على الله في كل شيء.



بعض الأسس في حسن الاستذكار



(1) بدء المذاكرة بالقرآن.
(2) الصلاة على وقتها.
(3) الحرص على حضور المراجعات المهمة.
(4) تحديد مكان مناسب للمذاكرة، فهي تحتاج إلى هدوء، وضوء مناسب وهواء متجدد.
(5) لا تذاكر وأنت مُرهَق.
(6) عدم السهر وكذلك عدم الإكثار من شرب الشاي والقهوة.
(7) تخير ساعات النشاط في المذاكرة مثل الصباح الباكر.
(8) الغذاء المتكامل المناسب.
(9) عمل جدول للاستذكار.
(10) المذاكرة الفردية أفضل من الجماعية.
(11) عدم اللجوء إلى الدروس الخصوصية إلا للضرورة.


أفضل طرائق المذاكرة



(1) القراءة الإجمالية للدرس وحفظ العناوين الكبيرة والصغيرة والرسوم التوضيحية (من كتاب الوزارة) ثم قراءة ملخص الدرس وحل التدريبات بعده.
(2) المذاكرة والحفظ: يُفضَّل وضع خط تحت المهم، وفهم المادة قبل حفظها، وفهم القوانين والنظريات ثم حفظها، والمواد التي تحتاج حفظًا تكون في الصباح الباكر، ويكون الحفظ مدته قصيرة ومتقطعا أفضل.
(3) التسميع: فهو تأمينٌ على المعلومات ضد النسيان، ويكشف عن مواطن الضعف والأخطاء، وهو علاجٌ ضد السرحان (شفوي أو تحريري).
(4) المراجعة: عمل جدول لكل المواد لمراجعتها في مدة محدودة قبل الامتحان، ولا داعي للتدقيق في الأمور السهلة في أثناء المراجعة، ولكن لا بد من مراجعة العناوين الكبيرة والصغيرة وتسميعها.
(5) تثبيت المعلومات: وذلك عن طريق تكرار الحفظ- التركيز والانتباه- استخدام الطرائق المختلفة في الحفظ أي استخدام أكثر من حاسة- مراجعة ليلة الامتحان تكون سريعة.. قراءة عناوين وتسميع ما تحتها.. وإمرار العين بسرعة على السطور لاستعادة ما سبق، ما يحتاج إلى حل يكثر من حله.


نصائح ليوم الامتحان



- التوكل على الله، وحسن الظن بالله، وصلاة ركعتين حاجة تدعو فيها ربك وتسأل والديك الدعاء.
- التسمية عند استلام الورقة والدعاء «اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً.. رب يسِّر وأعِن يا كريم».
- مراجعة الورقة جيدًا وفهم الأسئلة، وابدأ بحل الأسئلة السهلة الواثق منها أولاً، واترك الأسئلة الصعبة التي تحتاج إلى تفكير في النهاية.
- إذا نسيت شيئًا استغفر الله والجأ إليه.
- وضع علامة على الأسئلة التي تم حلها حتى لا تنسى شيئًا مع المراجعة الجيدة بعد الانتهاء من الحل.
- لا تنشغل بتصحيح الإجابة بعد الانتهاء من الامتحان؛ حتى لا ينشغل ذهنك وحتى تستعد للامتحان المقبل.


ليس لي مزاج للمذاكرة



هذه العبارة نسمعها كثيرًا من بعض الطلبة، ولعل هذه المشكلة لها أسباب عدة أهمها ما يلي:
(1) عدم القدرة على تنظيم الوقت مما يؤدي إلى تراكم الواجبات.
(2) عدم القدرة على تنظيم طريقة المذاكرة.
(3) التأثر ببعض الأصدقاء وانطباعاتهم السلبية بصعوبة المواد.
(4) ضعف الحالة الصحية.
(5) وجود مشكلات عائلية تؤثر على الحالة النفسية.
(6) الخوف من الامتحان.


سبل علاج هذه المشكلة



(1) الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ}.
(2) الاستعانة بالله أولا.. «إذا سألت فاسأل الله..» ثم بذوي الخبرة.
(3) معالجة الملل بتغيير المكان وببعض الترفيه المباح بعد المذاكرة أو في نهاية الأسبوع.




في انشغالك بالامتحانات تذكر



(1) أنَّ حفاظك على دينك وعلاقتك بربك شيءٌ أساسي.
(2) أنَّ مبادرتك لأداء صلاتك على وقتها يُعوِّدك المبادرة لأداء واجباتك.
(3) أن تبذل أقصى ما تستطيع من مذاكرة وتحصيل العلم الذي ينفعك في الحياة.
(4) أنَّ عليك السعي والحرص على التفوق والنتائج على الله -تعالى.
(5) وأخيرًا تذكر دائمًا الإخلاص وتجديد النية في المذاكرة لتنفع نفسك وتنفع المسلمين.




العزيمة الصادقة



إن كثيراً من شباب أمتنا - على ما فيهم من خير - يفتقدون العزيمة الصادقة التي تؤهلهم إلى إدراك ما يرجون تحقيقه من المعالى، فهناك موانع كثيرة تحول بينهم وبين إكمال تلك المهمات، منها: اليأس والاحباط والانكسار، وغير ذلك من الأسباب التي تجعل المعالى والغايات مجرد أحلام، تراود أصحابها طالما استمروا على تلك الحال من الفتور وضعف الهمة والإرادة، ومما تميَّز به أسلافنا -رضوان الله عليهم- قوة الإيمان وصدق اليقين والتحلي بالأمل الواسع الفسيح، والثقة في نصر الله والتمكين لهذا الدين، فأثمر ذلك أعمالاً خالدة وانتصارات مجيدة، لا زال عبيرها يبهجنا بين فينة وأخرى.

ابو وليد البحيرى
2024-05-30, 08:54 PM
شباب تحت العشرين – 1179
الفرقان








الشباب والإجازة الصيفية
بعد أيام عدة نستقبل الإجازةَ الصيفية، وذلك بعد إمضاء عامٍ دراسيٍّ كامل في الجد والمذاكرة والبذل والتحصيل، على تفاوُتٍ في الهمم وتباين في العزائم، والسؤال الذي يُطرحُ في هذه الأيام هو: ما الذي ينبغي على الشاب الجادِّ أن يفعله في هذه الإجازة المقبلة؟ وهو وقتٌ طويل وأيامٌ عديدة ولحظاتٌ عزيزة ستمُرُّ وتذهب سريعاً.
فلا يليق بالمسلم أن يتركها تذهب سدى، وتضيع هباء دون أن يغتنمها في الخير، أو أن يتزوّد فيها بزاد التّقوى. إنَّ الإجازة الصيفية فرصةٌ مباركة ووقتٌ سانحٌ للجميع لاغتنام هذا الوقت فيما يرضي الله، وما يقرِّب منه -سبحانه- من سديدِ الأعمال وصالحِ الأقوال، وإن من أهم ما ينبغي على الشباب -وهم يستقبلون هذه الإجازة- أن ينووا نيةً صادقة، وأن يعزموا عزيمةً أكيدة، على استغلال هذه الإجازة في طاعة الله -تعالى-، وأن يحذروا إضاعتها فيما لا يفيد، وإن الله -جل وعلا- إذا علِم من عبده صدق نيته وصلاح همته وتمام رغبته، يسَّر له الخير، وفتح له أبوابه، وهيأ له سبله، والتوفيق بيد الله وحده. وإن مما تُغتنم به هذه الإجازة تحصيلُ العلم النافع، ومن نعمة الله علينا تُعقد في أيام الإجازة كثير من الدّورات العلمية النافعة التي يقوم بها أهل العلم وطلابه، ولهذا ينبغي على الآباء وأولياء الأمور أن يشجِّعوا أبناءهم، وأن يأخذوا بأيديهم، وأن يحفّزوهم على المشاركة في هذه الدورات، ليُحصِّلوا خيرا ويغتنموا غنيمةً عظيمة.


اغتنام الأوقات



عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه-: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ)، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ».


شيطان المؤمن



عن أبي هريرة، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنْضِي شَيَاطِينَهُ، كَمَا يُنْضِي أَحَدُكُمْ بَعِيرَهُ فِي السَّفَرِ»، قال ابن القيم -رحمه الله-: «لأنه كلما اعترضه صبَّ عليه سياطَ الذكر والتوجه والاستغفار والطاعة، فشيطانه معه في عذاب شديد، ليس بمنزلة شيطان الفاجر الذي هو معه في راحة ودعة ولهذا يكون قويا عاتيا شديدا»، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إن شيطان المؤمن يلقى شيطان الكافر، فيرى شيطان المؤمن شاحبا، أغبر مهزولا، فيقول له شيطان الكافر: ما لك، ويحك، قد هلكت؟! فيقول شيطان المؤمن: لا والله ما أصل معه إلى شيء، إذا طعم ذكر اسم الله، وإذا شرب ذكر اسم الله، وإذا نام ذكر اسم الله، وإذا دخل بيته ذكر اسم الله، فيقول الآخر: لكني آكل من طعامه، وأشرب من شرابه، وأنام على فراشه، فهذا شاحب، وهذا مهزول».


أعظم الورطات



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إن أعظم الورطات أن يقدم المرء على قتل نفس محرمة بغير حق؛ إذ لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، فإن قتل نفسًا واحدة محرمة وقع في ورطة عظيمة لا مخلص له من تبعتها، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ» رواه البخاري، هذا في قتل نفس واحدة فقط، فكيف بمن قتل الأنفس الكثيرة؟!


من المناهي اللفظية قولهم: سلام حار ولقاء حار



قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: من العبارات الحادثة قولهم: سلام حار، لقاء حار، وهكذا، والحرارة وصف ينافي السلام وأثره، فعلى المسلم الكف عن هذه اللهجة الواردة الأجنبية، والسلام اسم من أسماء الله، والسلام يثلج صدور المؤمنين، فهو تحيتهم وشعار للأمان بينهم.


من علامة المقْتِ إضاعة الوقت



قال بعض أهل العلم: إن من استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون؛ لأن الفراغ يعقُبُه الشغل، والصحة يعقبها السَّقَم، ومما يؤثر عن السلف قولهم: «من علامة المقْتِ إضاعة الوقت»، بل قال ابن القيم -رحمه الله-: «إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها».


حلم ابن عون



كان عبد الله بن عون - وهو من رواة الحديث ولد في البصرة عام685هـ- لا يغضب، فإذا أغضبه رجل، قال: «بارك الله فيك»، فليتنا نعتبر مقارنة بحالنا ومقالنا عند الغضب، يدعو بهذه الدعوة العظيمة لمن أغضبه، فماذا كان يقول إذًا حال ارتياحه وانبساطه، إنَّها القوة والشدة أن يملك نفسه هكذا عند غضبه.


من ذاكرة تاريخ شباب الصحابة



عُمير بن أبي وقاص - رضي الله عنه - هو أخو سعد بن أبي وقاص، أراد أن يشهد غزوة بدر، وكان عمره أربع عشرة سنة (14 سنة)، وقيل: «ست عشرة سنة (16 سنة)، وردَّه النبي -صلى الله عليه وسلم - واستصغره، فذهب يبكي فَرَقَّ له النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجازه، يقول سعد - رضي الله عنه -: «كنت أعقد له حمائل سيفه من صغره - صلى الله عليه وسلم »، وقتل ببدر، قتله «عمرو بن عبد وُد» أحد صناديد قريش.

ابو وليد البحيرى
2024-06-08, 06:14 PM
شباب تحت العشرين – 1180
الفرقان




وقفات مع وصايا لقمان {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}

قال الله -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} من حكمة لقمان -رحمه الله- أن بدأ وصاياه مع ابنه بأهم الأمور، فدعَاه إلى التوحيد ونهاه عن الشرك، ثم بعد ذلك جاء أمره بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فمن الحكمة أن يسير المربي على منهج الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في دعوته للناس وتريبتهم على دين الله، ولا شك أن العقيدة والتوحيد وتطهير العقول والمجتمعات من الشرك، هذا هو الأساس الأصيل الذي لا يجوز أن يُبدأ بشيء قبله، والذي يتجاوز هذا المنهج، ويخترع مناهج تخالف هذا المنهج، فقد ضل سواء السبيل؛ فلا أعظم من الشرك بالله - تبارك وتعالى-؛ لأنه ذنب لا يغفر، قال - تبارك وتعالى-: {إن الله لا يغفرُ أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، وقال -تعالى-: {إنَّ الشرك لَظُلْمٌ عظيم}، وعن عبد اللَّهِ - رضي الله عنه - قال: لَمَّا نَزَلَتْ هذه الْآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا ولم يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذلك على أَصْحَابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا: أَيُّنَا لم يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فقال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «ليس كما تَظُنُّونَ، إنما هو كما قال لُقْمَانُ لاِبْنِهِ: يا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ»، فبين لهم أن المراد بالشرك إذا أطلق إنما هو الشرك الأكبر، والكفر العظيم الذي يستحق صاحبه غضب الله الشديد وتعذيبه الخالد المؤبد، ذنب لا يغفر؛ ولهذا قال لقمان لابنه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.

لقمان الحكيم رجلٌ صالح
لقمان الحكيم رجلٌ صالح، وولي من أولياء الله وحكيمٌ من الحكماء، وهبه الله -جلّ وعلا- الحكمة؛ لأنه كان صادقاً مع الله في أقواله وأعماله، جادا في التقرب إلى الله -عز وجل- بالطاعات وجميل العبادات، وكان قليل الكلام كثير الفكر والتدبر، منَّ الله عليه بالحكمة ووهبه إياها، ومن عظيم مكانة هذا العبد ورفيع شأنه، أن الله -عز وجل- ذكر لنا في القرآن خبره، وأنبأنا عن وصيته لابنه وموعظته لولده وفلذة كبده منوها بها، وذكر ألفاظها لتكون للآباء والمعلمين والمربين نبراسًا وأنموذجًا يحذون حذوه، ويسيرون على نهجه، ليأخذوا منها الوصايا النافعة، والأساليب الناجحة، والطرائق المفيدة في تربية الأبناء وتعليم النشء، وليكون منهجًا سديدًا ومسلكًا رشيدًا يسلكه الآباء والمربون والمعلمون، ينهلون من معينها ويتزودن من حِكَمها ودلالتها؛ لتكون تربيتهم لأبنائهم وللنشء عن بصيرة وحكمة ودراية.


الإخلاص والمتابعة



قال ابن القيم -رحمه الله-: والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال، وقصد وجه المعبود وحده ، دون شيء من الحظوظ سواه، حتى تكون صورة العملين واحدة، وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله -تعالى-، وتتفاضل أيضا بتجريد المتابعة، فبين العملين من الفضل بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلا لا يحصيه إلا الله -تعالى.


الواجب على الشباب المسلم



قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن اباز -رحمه الله-: الواجب على الشباب المسلم هو الجد والاجتهاد في طلب العلم، والتفقه في الدين بنية صالحة وقصد صالح، وأن يعنوا بتطبيق كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على أنفسهم وعلى غيرهم في أقوالهم وأفعالهم، حتى يكون الجميع قدوة صالحة، وحتى يكونوا هداة مهتدين، وحتى يرشدوا الناس إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.


الفراغ داء قتَّال للفكر والعقل

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الفراغ داء قتَّال للفكر والعقل والطاقات الجسمية، فإذا كانت النفس فارغة من ذلك تبلد الفكر، وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب، وعلاج هذه المشلكة أن يسعى الشاب في تحصيل عمل يناسبه من قراءة أو تجارة أو كتابة أو غيرها، مما يحول بينه وبين هذا الفراغ، ويستوجب أن يكون عضوًا سليما عاملاً في مجتمعه لنفسه ولغيره.


الدين لا يقوم إلا بأهله



إن البلاد لا تعمر إلا بساكنيها، والدين لا يقوم إلا بأهله، ومتى قاموا به نصرهم الله مهما كان أعداؤهم، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}، وإذا كان الدين لا يقوم إلا بأهله، فإن علينا -أهل الإسلام والشباب خاصة- أن نُقَوِّم أنفسنا أولاً؛ لنكون أهلاً للقيادة والهداية، ومحلا للتوفيق والسداد، وعلينا أن نتعلم من كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما يؤهلنا للقول والعمل والتوجيه والدعوة؛ لنحمل النور المبين لكل من يريد الحق.


اتباع الهدى.



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: لا يكون المرء متبعًا الهدى إلا بأمرين: تصديق خبر الله تصديقًا جازمًا من غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه، وامتثال أمره - تبارك وتعالى- من غير اعتراض شهوة تمنع من امتثال أمره، وعلى هذين الأصلين مدار الإسلام.


الشباب الذي نريد



- نريد شبابًا يعبد الله مخلصًا له الدين وحده لا شريك له.
- نريد شبابًا متبعًا لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله وعمله، فعلاً وتركا.
- نريد شبابًا يقيم الصلاة على الوجه الأكمل بقدر ما يستطيع.
- نريد شبابًا يحب الخير لعامة المسلمين؛ لأنه يؤمن بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
- نريد شبابًا يؤمن بالله خالقه وخالق السموات والأرض؛ لأنه يرى من آيات الله -سبحانه- ما لا يدع مجالاً للشك والتردد في وجود الله.




احذر أن تكون من هؤلاء الشباب



احذر أن تكون من الشباب المنحرف في عقيدته، المتهوِّر في سلوكه، المغرور بنفسه، المنغمر في رذائله، الذي لا يقبل الحق من غيره، ولا يمتنع عن باطل في نفسه، الأناني في تصرفه، العنيد الذي لا يلين للحق، ولا يقلع عن الباطل، الذي لا يبالي بما أضاع من حقوق الله، ولا من حقوق الآدميين، الفوضوي، فاقد الاتزان في تفكيره، وفاقد الاتزان في سلوكه في جميع تصرفاته.

ابو وليد البحيرى
2024-06-08, 06:15 PM
شباب تحت العشرين – 1183
الفرقان


وقفات مع وصايا لقمان







الوصية بإقامة الصلاة
من وصايا لقمان العظيمة لابنه قوله: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ}؛ فالصلاة هي سرُّ النجاح وأصلُ الفلاح، وهي أوّلُ ما يحاسب به العبدُ يومَ القيامة، عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ».
والمحافظة علي الصلاة عنوان الصِدق والإيمان، والتهاون بها علامةُ الخذلان والخُسران، والتفريط فيها من أعظم أسبابِ البلاء والشقاء، قال -تعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا}(مريم:59)، ومعنى إقامة الصلاة أن يأتي بها على الوجه الأكمل الذي شرعه الله -سبحانه وتعالى- كما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسيء صلاته؛ فعن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دخل الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، فَسَلَّمَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ وقال: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لم تُصَلِّ» فَرَجَعَ يُصَلِّي كما صلى ثُمَّ جاء فَسَلَّمَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لم تُصَلِّ ثَلَاثًا»، فقال: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ما أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي فقال: «إذا قُمْتَ إلى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ من الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتى تعتدل قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذلك في صَلاَتِكَ كُلِّهَا».



من وسائل الثَّبات



- الإقبال على القرآن الكريم قراءةً وتدبُّرًا وعملًا، والإكثارُ من الأعمال الصالحة.
- قراءَة سِيَرِ الأنبِياء وقصصهم وتدبُّرها؛ لمعرفة ثباتهم وصبرهم والتأسِّي بهم.
- كثرة الدعاء بالثَّبات.
- كثْرة ذِكر الله -عزَّ وجلَّ.
- اتِّباع السُّنَّة وهُدَى السلف -رحمهم الله-، وهو طريق أهل السُّنَّة والجماعة.
- التربية الإسلامية الصحيحة للناشئة.
- الإيمان الصادق والتصديق.
- مُمارَسة الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- الالتِفاف حوْل العلماء وطلَبَة العِلم الشرعي.
- الصبر، وعدَم الاستِعجال، واحتِساب الأَجْر.



أثر الصلاة على المجتمع



للصلاة آثار عديدة على المجتمع من أهمها ما يلي:
(1) توحيد صفوف المسلمين وتثبيت قلوبهم
وذلك من خلال إظهار بعض الشعائر بشكلٍ جماعيٍّ كصلاة الجماعة والحج وغيرها من العبادات، فاجتماعهم عليها جميعاً من صغيرٍ وكبيرٍ، وعالمٍ وجاهلٍ، وقويِّ الإيمان وضعيفه يُبيّن عظمة دين الإسلام ووحدته، وأنّ كلمة الله -تعالى- هي العُليا.
(2) ترسيخ العقيدة في قلوب المسلمين
للأذان وقعٌ خاص في أسماع المسلمين؛ فهو بمثابة الإعلان عن دخول وقت الصلاة، وترسيخ العقيدة في نفوس المسلمين التي تؤكّد معاني توحيد الله -تعالى- وإثبات النبوّة لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من خلال الأذان وتكراره.
(3) تلاشي الفروقات بين المسلمين
الفروق تتلاشى بين الناس في الصلاة، حين يصطفّ الفقير بجانب الغنيّ، والمسؤول بجانب المواطن، والأبيض والأسود، يوميا خمس مرات، الكل مفتقر إلى لله -تعالى-؛ فيترسّخ بذلك في نفوسهم ونفوس غيرهم وحدَة هذا المجتمع وهذه الأمة.
(4) ثبات المجتمع المسلم في المحن
الإيمان بالله -تعالى- ورسوخ العقيدة في نفوس المسلمين، يمنحهم القوة والصبر على تحمل الابتلاءات الكونية والشرعية، وهو أمر عام يشمل المجتمعات المسلمة كافة، ولم لا؟ فالعقيدة واحدة، والعبادة واحدة، والأخلاق والمعاملات واحدة، فهم كالجسد الواحد، وهذا من أعظم أسباب ثباتِ المُسلم في المِحن.


من أسباب الانحِراف



- رفقة السوء.
- ضعْف الإيمان، والبُعد عن الله، وترْك الصلاةِ ومجالسِ الذكْر.
- الغلوُّ والتشديد على النفس حتى يملَّ وينحرف، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الدِّين مَتِين فأَوغِلوا فيه برفْق».
- الفَراغ بشقَّيْه الرُّوحي والزمني كما قال الشاعر:

إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَهْ

مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيَّ مَفْسَدَهْ
- اليأس والقُنُوط مِن رحمة الله عندَما يُسْرف الإنسانُ على نفسه، فيظن أنَّ الله لا يغفِر له.
- بعض وسائل الإعلام غير الهادفة (إنترنت، وقنوات فضائية، وإذاعة، ومجلَّات وصحف).
- عدم وضوح الهدف في الحياة، وعدم تحديد الوجهة والغاية.




الصلاة تعلمنا



الصلاة تعلمنا الحب والتعاون والتآلف، وتعلمنا وحدة الصف والتراص وجمع الكلمة، وتعلمنا ألا نجعل مجالاً للشيطان أن يدخل بيننا، قال -عليه الصلاة والسلام-: «أقيموا الصفوف، فإنما تصفون كصفوف الملائكة، حاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أقيموا صفوفكم ثلاثًا، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم».


من آثار الصلاة على المسلم



الصلاة هي عمادُ دين الإسلام، وركنٌ أساسيّ فيه، وهي الفريضة الأولى بعد الإيمان بالله، والصلاة التي يخشع فيها المسلم وتجعله ذليلاً أمام الله متواضعًا لخلقه، تدفعه لفعل الخير وتبعده عن الشر، فيكون قويا بالله مُعتمدًا عليه في أموره كلها، وبالصلاة تحصل الطمأنينة والسكينة في قلب المسلم، والصلاة تساعد في ترسيخ عقيدة المجتمع وثباته أمام المحن والمصائب.


يحصل اليقين بثلاثة أشياء



قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وأما كيف يحصل اليقين؟ فبثلاثة أشياء: أحدها- تدبر القرآن، والثاني- تدبر الآيات التي يحدثها الله في الأنفس والآفاق التي تبين أنه حق، والثالث- العمل بموجب العلم.» مجموع الفتاوى (3/330).

ابو وليد البحيرى
2024-06-08, 06:15 PM
تحت العشرين -1184



الفرقان


وقفات مع وصايا لقمان

التواضع وعدم الكبر

من الوصايا التي أوصى لقمان -رحمه الله- ابنه في القرآن الكريم قوله: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور} (لقمان: 18).
قال السعدي -رحمه الله-: (ولا تصعر خدك للناس) أي: لا تُمِلْهُ وتعبس بوجهك في الناس، تكبُّرًا عليهم، وتعاظما، (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا) أي: بطرًا، فخرًا بالنعم، ناسيًا المنعم، معجبا بنفسك، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ} في نفسه وهيئته وتعاظمه (فَخُور) بقوله.
ومن الكبر الذي يمكن أن يقع فيها الشباب، التكبر بالحسب والنسب؛ فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب، وكذلك التفاخر بالهيئة والشكل، فيلجأ إلى التنقص، والثلب، والغيبة، وذكر عيوب الآخر.
ومن ذلك الكِبْر بالمال، فيستحقر الغني الفقير، ويتكبر عليه، أو الكِبْر بالقوة وشدة البطش، والتكبر به على أهل الضعف، أو التكبر بالأتباع والأنصار، وبالعشيرة، والأقارب، وإن من أشرُّ الكِبْر، من يتكبر على العباد بعلمه، ويتعاظم في نفسه بفضيلته، فهذا لم ينفعه علمه، فإنَّ من طلب العلم للآخرة خشع قلبه، واستكانت نفسه، ومن طلب العلم للفخر والرياسة، فهذا من أكبر الكِبْر، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


احذر الغرور والتهور!
يقع الكثير من الشباب في أخطاء تعرض حياتهم للخطر، وربما تدمرها إلى الأبد، مثل القيادة بتهور، والتنافس على الطرق عشوائيا؛ فينتهي غالبًا بحادث مأساوي يفقد خلاله الشباب عمره، أو يجد نفسه أسير مقعد متحرك طوال حياته، وليست القيادة بتهور ومخالفة قوانين المرور فحسب هي التي تسرق عمر الشباب، بل هناك سلوكيات أخرى، منها ما يمارسها الشباب تحت سمع الأهل وبصرهم، ومنها ما يقدمون عليه لغياب الرقابة مثل التدخين والسهر؛ فلابد من السعي الجاد لإنقاذ الجيل الجديد من مثل هذه التصرفات العشوائية التي يمارسها بعضهم من دون ان يعي خطورتها.


الزبير بن العوام - رضي الله عنه





حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمته



أسلم الزبير بن العوام - رضي الله عنه - وهو ابن ست عشرة سنة، إنه حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمته صفية، وأول من سلّ سيفه في سبيل الله، وكان فارساً مغواراً، لم يتخلف عن غزوة واحدة! وكان يسمي أبناءه بأسماء الشهداء من الصحابة، عذبه عمه لإسلامه؛ فكان يصبر ويقول: «لا أرجع إلى الكفر أبداً». وهاجر إلى الحبشة، وكان في صدره مثل العيون، من كثرة الطعن والرمي، وقَتَلَ يوم بدر عمه نوفل بن خويلد بن أسد، وفي أحد وفي قريظة يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فداك أبي وأمي»! وفي الخندق قال - صلى الله عليه وسلم -: «من يأتيني بخبر القوم»؟ فقال الزبير: «أنا»، فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية ففعل، ثم الثالثة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكل نبي حواري، وحواريّ الزبير»، وكانت له شجاعة نادرة في اختراق صفوف المشركين يوم حنين ويوم اليرموك واليمامة، وكان له دور عظيم في فتح حصن بابليون، وتمكين عمرو بن العاص من استكمال فتح مصر. وكان كريماً سخيّاً، يكثر الإنفاق في سبيل الله، صلى الله عليه وسلم .




من نصائح الشيخ ابن عثيمين للشباب




احرص على أن تكون دائماً مع الله -عز وجل-، مستحضرًا عظمته، ومتفكرًا في آياته الكونية، مثل خلق السموات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته، وباهر قدرته، وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله، ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، واحرص أن يكون قلبك مملوءًا بمحبة الله -تعالى-؛ لما يغذوك به من النعم، ويدفع عنك من النقم، ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه؛ حتى يكون أحب شيء إليك.


نماذج من علو همة الشباب




لقد كان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه شبابًا، فهذا أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما- أمّره رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على الجيش، وكان عمره ثماني عشرة سنة، وهذا عتاب بن أسيد - رضي الله عنه - استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم - على مكة لما صار إلى حنين وعمره نيف وعشرون سنة، وهناك نماذج أخرى لشباب الصحابة الذين أبلوا أحسن البلاء في حمل رسالة الإسلام ونشر نوره في العالمين؛ فالشباب هو القوة الروحية والقوة البدنية، وهو فترة القدرة على إنجاز جسام المهام، فينبغي للإنسان أن يغتنمها كما نصحنا النبي - صلى الله عليه وسلم .



التفريط في الآ خرة




قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: كم يحصل للمرء من ندامة على ما يقع منه من تفريط في بعض مصالحه الدنيوية، والجاد من الناس يعمل بجد حتى لا تقع له هذه الندامة، لكنَّ الكثير منهم يغفل عن العمل الجاد للدار الآخرة فيبوء في ذلك اليوم بندامة وحسرة لا تجدي {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}.





فضل التواضع




رغَّب الإسلام في التَّواضُع وحثَّ عليه ابتغاء مرضات الله، وأنَّ مَن تواضع جازاه الله على تواضعه بالرِّفعة، وقد وردت نصوصٌ مِن السُّنَّة النَّبويَّة تدلُّ على ذلك، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما نقصت صدقة مِن مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله»، وعن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ».

ابو وليد البحيرى
2024-06-17, 09:44 AM
تحت العشرين -1186







الفرقان




وقفات مع وصايا لقمان - التوسط والاقتصاد في الأمور
من وصايا لقمان الحكيم لابنه أن يتوسط في أموره وأحواله، قال -تعالى- فيما حكاه عنه وهو يخاطب ابنه: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (لقمان: 19). أي: امش متواضعا مستكينا، لا مَشْيَ البطر والتكبر، ولا مشي التماوت، {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} أدبًا مع الناس ومع اللّه، {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ} أي أفظعها وأبشعها قال مجاهد: أقبح الأصوات، وهذا التشبيه يدل على كراهة رفع الصوت من غير حاجة لقوله -[-: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ»، وقد جاء التمثيل بالحمار في سياق التقبيح لقوله -تعالى-: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (الجمعة: 5)، وقد جاء في التنزيل المبارك الأمر بالتوسط في أكثر من آية، قال -تعالى-: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (الإسراء: 29)، والتوسط في الأمور هو الطريق المستقيم الذي يحبه الله -تعالى-، كما دلت على ذلك الآيات السابقة وغيرها، والوصية باستحباب القصد في المشي وخفض الصوت إنّما ذلك بالأحوال التي لا حاجة فيها بالإسراع في المشي أو رفع الصوت، فإذا جاءت الحاجة إلى ذلك لم يكن مكروهًا ولا منكرًا، وقد وردت النصوص بذلك، وهذه إشارة إلى بعض النصوص، قال -تعالى-: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} (القصص: 20)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الجمعة: 9)، وقد فسَّر بعض أهل العلم السعي هنا بالمشي القصد.
صلاح القلوب وحقيقة التوحيد
لا صلاح للقلوب حتى يستقر فيها معرفة الله وعظمته ومحبته، وخشيته ومهابته ورجاؤه والتوكل عليه، ويمتلئ من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد، وهو معنى قول لا إله إلا الله، فلا صلاح للقلوب حتى يكون الله أحب إليه من كل شيء، يخشاه ويعبده، ويطيع أمره.
من فوائد غض البصر
الاستجابة إلى أمر الله -عزوجل-، {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} (النور: 30)
تزكية القلب، وتطهير النفس، واختبار لما يعود بالنفع عليهما في الدنيا والآخرة؛ {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} (النور: 30).
سلامة القلب لله -عز وجل- من كل الشوائب التي قد تحدق به فيما لو أطلق للبصر العنان.
مُباعدة النفس عن التطلع إلى ما يمكن أن يكون سببًا يوقعها في الحرام، أو ما يُكلفها صبرًا شديدًا عليها.
يورث القلب نورًا وإشراقًا يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح، كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه.

من أدب الحديث
عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد » الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
من آداب الطريق: كف الأذى
من حقوق الناس على بعضهم بعضا، كف الأذى عنهم، وعدم إيذائهم في أجسادهم وفي أموالهم وفي أعراضهم، فكلمة الأذى كلمة جامعة تشمل كل أذى يصيب الإنسان من أخيه الإنسان من قول أو فعل أو نظر أو إشارة، ومن ذلك استخدام السيارات والدراجات -التي تعد نعمة من نعم الله تعالى- لإزعاج الآخرين، فضلا عن إلقاء القمامة والأوساخ والقاذورات في الطريق أو الأطعمة الزائدة، ورمي قطع الزجاج المكسور أو المسامير، مما يؤدي إلى إيذاء المارة، فهذا كله من الأذى الذي كرهه الإسلام.
من حقوق الكبير في الإسلام
من حقوق الكبير في الإسلام إحسانُ معاملته بحسن خطابه بطيبِ الكلام وسديد المقال والتودد إليه؛ لأن إكرام الكبير وإحسان خطابه من إجلال لله -عز وجل-، فَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ -أَيْ: تَبْجِيلِه وَتَعْظِيمِه- إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ -أَيْ: تَعْظِيمُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فِي الْإِسْلَام، بِتَوْقِيرِهِ فِي الْمَجَالِسِ، وَالرِّفْقِ بِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَنَحْو ذَلِكَ- وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ».
حقيقة العبادة



قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: العبادة هي التقرب إلى الله -تعالى- بما شرعه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه، وفائدتها تعود إليهم، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد.
زمن الرفق
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: «هذا العصر عصر الرفق والصبر والحكمة، وليس عصر الشدة، الناس أكثرهم في جهل، وفي غفلة وإيثار للدنيا، فلابد من الصبر عليهم، ولابد من الرفق بهم حتى تصل الدعوة إلى قلوبهم.
آداب الطريق
من الآداب العظيمة التي حث عليها الإسلام ورغب فيها: آداب الطريق، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ».
معاملة الناس باللطف
قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».

ابو وليد البحيرى
2024-06-17, 09:46 AM
تحت العشرين -1187




الفرقان






الشباب هو فترة عمرك الذهبية
الشباب فترة العمر الذهبية؛ لذلك حثك رسولك - صلى الله عليه وسلم - أن تستثمرها، وأن تستفيد منها، وأن تبذل قصارى جهدك في أن تخرج بعظيم الثمرات، بأن تكتسب علماً نافعًا وتعمل عملاً صالحًا، بأن تصنع لأمتك بطولةً وتاريخاً، وتزكو بأخلاقك وتؤدب نفسك على العادات الكريمة والآداب الرفيعة.
وقفات مع وصايا لقمان

لا تمش في الأرض مرحًا
قال لقمان لابنه -في سورة لقمان-: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. أي ولا تمش في الأرض في حالة من المرح والسرور، غير عابئ بالناس، وتختال بنفسك وتغتر بها؛ لأن الله لا يحب كل متكبر ولا يحب كل متباه في نفسه وفي هيئته وفي قوله، قال القرطبي -رحمه الله-: يقول -تعالى ذكره-: ولا تمش في الأرض مختالا مستكبرًا، وإنما هذا نهي من الله لعباده عن الكبر والفخر والخُيَلاء، وتقدم منه إليهم فيه معرِّفهم بذلك أنهم لا ينالون بكبرهم وفخارهم شيئا يقصر عنه غيرهم، قال السعدي -رحمه الله-: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} أي: جذلا متكبرا جبارا عنيدا، لا تفعل ذلك فيبغضك الله؛ ولهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} أي: مختال معجب في نفسه، فخور أي على غيره، وقد ذُكر الكبر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشدد فيه، فقال: «إن الله لا يحب كل مختال فخور»، فقال رجل من القوم: والله يا رسول الله، إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها، ويعجبني شراك نعلي، وعلاقة سوطي، فقال: «ليس ذلك الكبر، إنما الكبر أن تسفه الحق وتغمط الناس».
الشاب الناجح الذي نريد
كلُّ شابٍّ منّا يريد أن يكون ناجحًا في حياته، وكثيرًا ما يتساءل الناس في مجتمعاتهم وندواتهم: من الشابُّ الناجحُ يا تُرى؟ إن الشاب الناجح هو الشابُّ الذي يثق بنفسه، وثقتُهُ هذه هي التي تجلب له احترام الآخرين، الذي يرنو إليه كلُّ شاب، ولا بد أيضاً من صحبة الأخيار من الأصدقاء، ويسلك السلوكَ الإسلاميَّ الرفيع بدفع الأذى بالإحسان، والمنعِ بالجود والعطاء، سلاحُهُ الإيمان، وعمادُه التوكل، وغذاؤُه المواظبةُ على القربات والطاعات، وأن يكون طموحُهُ وتطلعه إلى المثل العليا، فإن الشبابَ بلا طموح كشجرة لا تُزهر ومن ثم لا تُثمر.



المرء بأصغريه
كثيرٌ من النَّاس يهتمُّ بصورته الخارجيَّة ومظهره المشاهَد ولا يهتمُّ بالمخْبَر؛ ولهذا يكون منه أنواع من الزَّلل والخطل ولا يبالي بذلك مما يخرِم مكانته، ويضعف منزلته، ويوقعه مواقع الذُّل والهوان، بينما إذا عُنيَ المرء بهذين العضوين (اللِّسان والقلب) عنايةً تامَّة، وحافظ عليهما واعتنى بإصلاحهما وتقويمهما في ضوء هدي الشَّريعة وآدابها القويمة، صَلَحت حاله كلُّها. وفي الدُّعاء المأثور عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا» فجمَع - صلى الله عليه وسلم - في هذا الدُّعاء بين هذين العضوين الخطيرين العظيمين.
خيرُ ما يُوجَّه إليه الشباب



قال الشيخ عبدالكريم الخضير: خيرُ ما يُوجَّه إليه الشباب -في ظروفنا التي نعيشها- أمرَانِ فقط؛ لكنهما أمرانِ يحويان الدنيا والآخرة، هما: العلْم والعمَل؛ إذ إنَّ العمل وحده دون عِلمٍ قد يكون ضررًا ونقصًا على صاحبه؛ فقد يَعبُد اللهَ -جلَّ وعلا- على غير ما شرعه في كتابه، أو في سُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، فيعبد الله على جهل، ويُفسد أكثرَ مما يصلح، والعِلم أيضًا مِن دون عمل كالشجر بلا ثمر، فلا بُدَّ مِن اقْتران العِلْم بالعمَل، واقتضاء العِلْم للعمَل.
طيش النفس



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من سمات أهل العقل والحكمة النظرُ في العواقب، وأما أهل الطيش فإنهم لا يعملون عقولهم ولا ينظرون في العواقب، بل يندفعون اندفاعًا بلا تعقُّلٍ؛ فيوردهم المهالك؛ ولهذا شبهت النفس في طيشها بكُرة من فخار وُضعت على منحدر أملس؛ فلا تزال متدحرجةً ولا يُدرى في نهاية أمرها بأيِّ شيء ترتطم؟ وكم هي تلك المآلات المؤسفة والنهايات المحزنة التي يؤول إليها أمر الطائشين ممن لا يتأملون في العواقب ولا ينظرون في المآلات!
انحراف القيم
كل أمة تستمد أخلاقها من قيمها، وتنبع القيم من عقيدتها. وفساد الأخلاق يجعل الأمة على خطر عظيم، والانحراف الأخلاقي من أقوى الأسباب الجالبة لزوال نعم الله وتحول عافيته وفجاءة نقمته؛ فما زالت عن العبد نعمة ولا حلت به نقمة إلا بذنب، قال -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (الشورى: 30).
إذا سمعتـم المؤذن فقولوا مثلمـا يقول



من فوائد الشيخ الألباني -رحمه الله- أنه قال: على من يسمع الإقامة مثل ما على من سمع الأذان من الإجابة، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلب الوسيلة له، وذلك لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتـم المؤذن، فقولوا مثلمـا يقول...»، ولأن الإقامةَ أذانٌ لغة، وكذلك شرعاً، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة» يعني أذانًا وإقامة.
مَثَل العالم في الأمَّة
العلم نورٌ وضياءٌ لصاحبه، ومَثَل العالم في الأمَّة مَثَل أُناس في ظُلمة، وبينهم شخصٌ بيده مصباحٌ، يضيء لهم بمصباحه الطَّريق، فيسلَمُون منَ العِثار، ويتَّقون الشَّوك والأخطار، ويسيرون في جادَّة سويَّة وصراط مستقيم.
أبرُّ الأصحاب
إنَّ أبرَّ الأصحاب وخير الرفقاء عمل المرء الصالح، ولن يدخل معه في قبره إلا هذا الصاحب، نقل ابن القيم -رحمه الله في روضة المحبين- عن أحد الحكماء أنه سُئل: أي الأصحاب أبَرّ؟ قال: «العمل الصالح»؛ فالعمل الصالح صاحب بر بصاحبه، ومن فرط فيه ندم أشد الندامة.

ابو وليد البحيرى
2024-06-17, 09:48 AM
تحت العشرين -1188




الفرقان






حقيقة الخوف من الله -تعالى

الخوف من الله منزلة من منازل الإيمان، وأشدّها نفعًا لقلب العبد، وهي عبادة قلبيّة مفروضة، ولا يبلغ أحد مأمنه من الله إلا بالخوف، قال ابن القيم -رحمه الله-: الخوف من الله من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهي فرض على كل أحد.
من وصايا لقمان لابنه:

عليك بمخافة الله
مما وصى به لقمان ابنه -كما جاء في سورة لقمان-: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}. هنا يعظ لقمان ابنه بأن يخاف من الله -سبحانه-، الذي يعلم كل شيء، ويقول له: لو أنك أخفيت عملك في مكان لا يطلع عليه أحد من الخلق فالله يطلع عليك، ولو أنك أخفيت معصيتك في ظلمة الليل أو في ظلمة البحر أو في مكان تظن ألا يطلع أحد عليك، فيه فإن الله يعلم ما تفعل وسيحاسبك عليه، قال ابن كثير -رحمه الله-: أي: إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة من خردل «يأت بها الله» أي: أحضرها الله يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، كما قال -تعالى-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء: 47)، ولو كانت تلك الذرة محصنة محجبة في داخل صخرة صماء، أو غائبة ذاهبة في أرجاء السماوات أو الأرض، فإن الله يأتي بها، لأنه لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض؛ ولهذا قال: {إن الله لطيف خبير} أي: لطيف العلم، فلا تخفى عليه الأشياء وإن دقت ولطفت وتضاءلت.
من توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب
النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب فيقول - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»، ويقول - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة ربيبه وهو طفل صغير، لما أراد أن يأكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم وجالت يده في الصفحة- أمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يلك»، فهذه توجيهات من النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجهها للطفل ليغرس الآداب العظيمة في قلوبهم ونفوسهم.
من خصال التائبين
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {*التَّائِبُونَ *الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس همامة متحركة، إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.
الصادق الذي يخاف الله

قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الخوف الحقيقي هو خوف يحمل على فعل الأسباب، وأداء الواجبات، وعلى ترك المحرمات، كما يرجوه أنه يدخله الجنة وينجيه من النار إذا أدى حقه، فهو يخاف الله فيعمل ما أوجب الله ويدع ما حرم الله، وهو يرجو الله ويحسن الظن بالله مع قيامه بحق الله وتركه ما حرم الله، هذا هو الصادق الذي يخاف الله ويرجوه، هو الذي يخاف ويرجو مع العمل، مع أداء الفرائض وترك المحارم والوقوف عند حدود الله.
دور الشباب في الحياة
دور الشباب في الحياة دور مهم، فهم إذا صلحوا، نهضوا بأمتهم ونشروا دينهم ودعوا إليه؛ لأن الله أعطاهم من القوة البدنية والقوة الفكرية ما يفوقون به على كبار السن، وإن كان كبار السن يفضلونهم بالسبق والتجارب والخبرة، ومن هنا كان دور شباب الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- دورا عظيما في نشر هذا الدين، تفقهًا في دين الله وجهادًا في سبيله، من أمثال عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت وغيرهم من شباب الصحابة الذين نهلوا من العلم النافع وحفظوا لهذه الأمة ميراث نبيها -صلى الله عليه وسلم - وبلغوه.
لا تستسلم للأوهام والخيالات
قال العلامة السعدي -رحمه الله-: الخوف إن كان خوفًا وهميًّا، كالخوف الذي ليس له سبب أصلًا، أو له سبب ضعيف، فهذا مذموم، يدخل صاحبه في وصف الجبناء، وقد تعوذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجبن؛ ولذا ينبغي مقاومة هذا الخوف. يقول العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: ينبغي للمؤمن أن يطارد هذه الأوهام؛ لأنه لا حقيقة لها، وإذا لم يطاردها، فإنها تُهلكه.
من ثمرات الإيمان باليوم الآخر
من أعظم ثمرات الإيمان باليوم الآخر: أنه يحجز الإنسان عن المعاصي ويُوقفه عن اقترافها؛ لعلمه بأنه سيؤاخذ بها، ويحاسب عليها، فإذا أراد أن يعصي الله في حقِّه، أو يتعدَّى على عباده بظلم أو إضرار ذكَّره إيمانه بالخطر، فحجزه عن تلك الخطيئات؛ قال -تعالى-: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} (هود: 103).
مواقف مضيئة من حياة الصحابة
لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، نزل على أدنى ماء هناك، أي: أول ماء وجده، فتقدم إليه الحباب بن المنذر - -، فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: «بل منزل نزلته للحرب والمكيدة»، فقال: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل، ولكن سِرْ بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم، ونغور ما وراءه من القلب، ونستقي الحياض، فيكون لنا ماء، وليس لهم ماء، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل كذلك.
أحداث وقعت في شهر صفر

أولاً: غزة الأبواء، وهي أول غزو غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث خرج - صلى الله عليه وسلم - في صفر غازيًا على رأس اثني عشر شهرًا من مقدمه المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر صفر، حتى بلغ ودان، وكان يريد قريشًا، وبني ضمرة، ثم رجع إلى المدينة، وكان استعمل عليها سعد بن عبادة.

ابو وليد البحيرى
2024-07-05, 05:54 PM
تحت العشرين -1189




الفرقان





من علامات السعادة

من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه بالمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
القرآن الكريم يقوِّي صلة العبد بربه
يقول الله -جل وعلا- يقول: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (الإسراء:9)؛ فهو كتاب هداية يهدي للتي هي أقوم، ويدل للتي هي أرشد، وكتاب بشارة يبشر المؤمنين بكل خيرٍ وسعادةٍ وفلاحٍ ورفعةٍ في الدنيا والآخرة، وهذا القرآن فيه كفاية للعباد وصلاحٌ لهم، ولهذا قال الله -سبحانه وتعالى-: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} (العنكبوت:51)، أي أن القرآن الكريم فيه الكفاية للعباد في تحقيق سعادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة. ومن مقاصد القرآن الكريم أنه يقوِّي صلة العبد بالله؛ فهو كتابٌ يُعرِّف العبد بربه وبخالقه ولماذا خلقه؟ وما الغاية من وجوده؟ فيُعرِّف العبد بربه العظيم وخالقه الجليل، ويعرِّفه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، يعرَّفه بعظمته وجلاله وكماله، يعرِّفه بأنه هو المعبود بحق ولا معبود بحقٍ سواه، يعرِّفه بوجوب إخلاص الأعمال كلَّها له -سبحانه وتعالى- والإتيان بها خالصةً لوجهه الكريم، يعرِّفه بأن الرب -سبحانه وتعالى- هو الذي يحكم بين عباده، وهو الذي يشرع ما يشاء ويحكم ما يريد، شرع الشرائع وأحكم الأحكام، لا حُكم إلا لله {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (يوسف:40) ، فيعلِّمه القرآن أنه عبدٌ لله، وليس للعبد إلا أن يطيع سيَّده ويأتمر بأمره وينتهي عن نهيه، ويخضع لشرعه ويتأدب بالآداب التي يأمره بها سيده وخالقه ومولاه -سبحانه وتعالى .
تدبر القرآن
قال ابن القيم -رحمه الله-: « فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل له، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتشهده عدل الله وفضله، وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم، ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه وافتراقهم فيما يفترقون فيه».
نصيحة للشباب



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: - عليك -أيها الشاب- أن تعمل في أيامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله -جل وعلا- ، وأن تكون مواظبًا على الأذكار الموظفة في الصباح والمساء وأدبار الصلوات والدخول والخروج والركوب ونحو ذلك؛ فإن ذكر الله -عز وجل- عصمةٌ من الشيطان وأمَنَةٌ لصاحبه من الضر والبلاء، وعليك أن يكون لك وردٌ يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك؛ فإن كتاب الله -عز وجل- طمأنينة للقلوب وسعادةٌ لها في الدنيا والآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرع د:28).
المنجيات والمهلكات



قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ينبغي للعاقل أن يعرض نفسه كل يوم على المنجيات والمهلكات، ويكفيه من المهلكات النظر في عشرة، فإنه إن سلم منها سلم من غيرها، وهي: البخل، والكبر، والعجب، والرياء، والحسد، وشدة الغضب، وشره الطعام، وشره الوقاع، وحب المال، وحب الجاه، ومن المنجيات عشرة: الندم على الذنوب، والصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والشكر على النعماء، واعتدال الخوف والرجاء، والزهد في الدنيا، والإخلاص في الأعمال، وحسن الخُلُق مع الخلق، وحب الله -تعالى- والخشوع.
منزلة الفقه في الدين
إن منزلة الفقه في الدين من المنازل العظيمة، وإن التفقه في دين الله -تعالى- من أجل العبادات؛ فمن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، فلا نعبد ربنا إلا بالفقه، ولا تصح عبادتنا إلا بالفقه، ولا نعرف الحلال والحرام إلا بالفقه؛ فالفقه أساس ديننا، وهو الفهم عن الله ورسوله، فهم الشريعة، وفهم الأحكام، وهذا ولا شك معرفته فرض عين على كل مسلم، في كل مسألة يحتاج إليها أن يعرف فقهها وحكمها، وأما التفقه في الدين على وجه العموم فإنه فرض كفاية، لابدّ أن يكون للمسلمين من يفقههم، ويعلمهم، ويبين لهم أحكام الله -تعالى-، فإن لم يوجد فيهم من يكفيهم هذا الأمر أثموا جميعًا.
أول تلبيس إبليس
قال ابن الجوزي -رحمه الله- في كتابه تلبيس إبليس: «اعلم أن أول تلبيس إبليس عَلَى الناس، صدُّهم عَنِ العلم؛ لأنَّ العلم نور؛ فإذا أطفأ مصابيحهم خبطهم فِي الظُلَم كيف شاء»، فما أعظم خسران المرء وأشدَّ حرمانه عندما تعاق نفسه عن تحصيل العلم الشرعي! بل إنَّ هذه الإعاقة تعد أولَّ خطوة للشيطان مع الإنسان لحرمانه من الخيرات وإيقاعه في الباطل.
الأمور التي يُستجلب بها التوفيق
النية الصالحة هي أساس العمل وقوامه وصلاحه.
كثرة الدعاء والإلحاح على الله -تعالى.
صدق التوكل على الله -جل وعلا- كما في قول شعيب -عليه السلام-: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}.
إصلاح النفس بالعلم؛ فإن العلم نورٌ لصاحبه وضياء.
مجاهدة النفس على العبادة والطاعة فرضها ونفلها.
ملازمة أهل الصلاح والاستقامة، والبُعد عن أهل الشر والفساد.


عبد الله بن عمر أكثر الصحابة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم
ولد عبد الله قبل الهجرة بعشر سنين، وهاجر مع أبيه عمر - رضي الله عنه -، وكان كأبيه قويا، ذكيا، حريصًا على العلم، حريصًا على الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حاول أن يشترك في غزوة بدر، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردّه لصغره، وكذلك حدث في غزوة أحد، ولكنه أذن له في غزوة الخندق، ولم يكن يغيب عن غزوة بعد ذلك، وحضر معارك اليرموك والقادسية وجلولاء وحروب الفرس وفتح مصر، وكان كثير الحفظ والرواية لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان ثاني السبعة المكثرين للرواية. وكان كريم اليد، كريم النفس، أصبح ضريراً آخر حياته، وتوفي وهو ابن (84) سنة.

ابو وليد البحيرى
2024-07-05, 05:56 PM
تحت العشرين -1190



الفرقان






الشباب فترة عمرك الذهبية
قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ، شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك»، هذه وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأولى للشباب؛ لأن فترة الشباب هي فترة عمرك الذهبية التي لا تعوضها فترة، وهي وقت البناء الحقيقي، فعليك أن تستغلها في طاعة الله، وفي عبادة الله، فهي أفضل سنين عمرك، فلا تُضيعها.
وقفات مع وصايا لقمان

الاعتدالُ والتوسط في الأمور كلها

مما جاء من وصايا لقمان لابنه قول الله -تعالى-: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} (لقمان:19)، بعد أن انتهى لقمان من نهْي ابنه عن الأمور التي تجلب الكُرْه والبغضاء بين الناس، شرع في توجيهه إلى ما يبعث على الاحترام والألفة.
وبعد أن بيَّن له آداب معاملة الناس، أتبعه ببيان آدابه الخاصة به، والقصد هو الاعتدالُ والتوسط في الأمور كلها؛ فهذه دعوةٌ للاعتدال في الأمور كافة دون إفراط ولا تفريط؛ فحياة الإنسان على ظهر الأرض قائمةٌ على الاقتصاد والاعتدال في كل مناحي الحياة، في الطعام والشراب، في النفقة والكساء، في مُعاشرة الخَلق، في النوم واليقظة، في السعي والعمل، في كل شيء، ولكن لقمان خصَّ المشي بالاعتدال، وربما قصد منه أن المشي مجتمِع فيه أغلب شؤون الحياة، فمَن أكثر الطعام وأقلَّ من النوم لا يستطيع الاعتدال في المشي، وهكذا، ومَن أبطأ في المشي عرَّض نفسه للفتن، فربما وقع نظره على محرَّم؛ فالطرقات لا تخلو من الفتن، كما أن الإسراع ربما يؤدي إلى الهلكة، فالاقتصاد أولى، وربما خصَّ لقمان المشي بالذكر؛ لأنه أظهر ما يلوح عن الفرد.
حاجة الشباب إلى التفكير النقدي
التفكير النقدي هو: القدرة على تحليل المعلومات وتقييمها واستخلاص النتائج، ويعرف -أيضا- بأنه: القدرة على التفكير بوضوح وعقلانية، والقدرة على تحليل المعلومات، والقدرة على الربط بين المعلومات والخبرات، ففي القرآن الكريم في قصة بحث إبراهيم -عليه السلام- عن الخالق -سبحانه وتعالى-، عندما نظر إلى النجم، وقارن بينه وبين الشمس، قال: {لا أحب الآفلين}؛ حيث وضع معايير وصفات للإله الخالق الذي يعبده، منها: أنه لا يغيب؛ لذلك فإن التفكير النقدي التأملي ضرورة في حياة المسلم عموما والشباب خصوصا، فمن دون تلك المهارة يمكن أن يضل الشباب بسهولة، ولا سيما ممن يشككه في دينه، من الملحدين، أو العلمانيين، أو غيرهم ممن يحاول إضلالهم وصرفهم عن الاستقامة والطريق القويم.
فقه الإلحاد
الإلحاد أحد الظواهر الغريبة عن المجتمع المسلم، وهي ظاهرة لها أسباب متعددة، من أهمها: الانفتاح الثقافي والإعلامي على المجتمعات الملحدة، مع ضعف الوازع الديني لدى طوائف من المجتمع المسلم، والغربة التي يعيشها المسلمون عن دينهم، فتلاقي هذه الشبهات ضعفا في بعض النفوس، فتصاب بعض العقول في المجتمعات المسلمة بأفكار الملحدين، والإلحاد في اللغة يعني الميل والعدول عن الشيء، وهو في الشريعة يقصد به الطعن في الدين أو الخروج عنه، ومن الإلحاد أن يطعن أحد في دين الله -تعالى- وأن يشكك فيه مع أنه قد ينتمي اسما إلى الإسلام، أو التأويل في ضرورات الدين، كأن يقول: الصلاة ليست واجبة، أو أنها لا يشترط أن تصلى كما يصلي المسلمون، أو أن الحجاب ليس فريضة، أو أن الربا ليس محرما، ونحو هذا من الأفكار التي تحاول هدم ثوابت الدين وأصوله.
حب لإخوانك ما تحبه لنفسك



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: يجب عليك -أخي المسلم- أن تربي نفسك، بأن تحب لإخوانك ما تحب لنفسك حتى تحقق الإيمان، وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، ويحب أن يأتي إلى الناس ما يؤتى إليه» الأول حق الله، والثاني حق العبد، أن تأتيك المنية وأنت تؤمن بالله وباليوم الآخر.
الشباب والعمل التطوعي
يعد الشّباب المحرّك الرّئيس للعمل والإنجاز في شتّى أنواع المجتمعات الإنسانيّة؛ ففئة الشّباب تمتلك الحماس المطلوب، والتّفكير المُستنير، والطّاقة البَدنيّة العالية التي تُمكِّنهم من القيام بالأعمال التي قد تعجز عنها فئات أُخرى عديدة، من هنا فإنّ هناك العديد من الفوائد التي تعود على الشباب خصوصا، ولعلَّ أبرز هذه الفوائد: تعزيز انتماء الشباب ومشاركتهم في مجتمعهم.
تنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية.
يتيح للشباب التعرف على الثغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع.
يتيح للشباب الفرصة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة التي تهم المجتمع.
يوفر للشباب فرصة تأدية الخدمات بأنفسهم وحل المشاكل بجهدهم الشخصي.
يوفر للشباب فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع، والمشاركة في اتخاذ القرارات.

اتقاء الذنوب



قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: أرأيتم لو أنَّ شخصًا اشتد به الجوع، ووُضع بين يديه طعام شهي، ومدَّ يده ليطعم منه فقيل له: إنَّه مسموم إن أكلْتَ منه ضرَّك أو أهلكك، أيضعُ يده فيه أو يكفُّها؟ فسبحان الله! كيف يتجنَّب طعاماً خاف مضرته ولا يتجنب ذنوبا خاف عقوبتها؟! هدانا الله.
أثر وتعليق

الوفاة على الإسلام

عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضي لله عنه - وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وَإِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلإِسْلاَمِ أَلاَ تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ»، قال الحافظ ابن عبد البر: «دعاؤه ألا ينزع الإسلام منه فيه الامتثال والتأسي بإبراهيم -عليه السلام- في قوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ} ويوسف -عليه السلام- في قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }، فلا نعمة أفضل من نعمة الإسلام، ومن ابتغى دينا غيره فلن يقبل منه ولو أنفق ملء الأرض ذهبا.

ابو وليد البحيرى
2024-07-05, 05:57 PM
تحت العشرين -1191



الفرقان





الطموح كنز لا يفنى

لا يسعى للنجاح من لا يملك طموحًا؛ ولذلك كان الطموح هو الكنز الذي لا يفنى، فكن طموحًا وانظر إلى المعالي، هذا عمر بن عبدالعزيز (خامس الخلفاء الراشدين) يقول -معبرًا عن طموحه-: «إن لي نفسًا تواقة، تمنت الإمارة فنالتها، وتمنت الخلافة فنالتها، وأنا الآن أتوق إلى الجنة وأرجو أن أنالها».
رسالة إلى أبنائنا الطلاب
أبناءنا الطلاب: هذا عامٌ جديدٌ من الجِدّ أقبل عليكم، فأحسنوا استقباله بالعزم الأكيد، والهمة العالية، والاستثمار الأمثل للوقت، والنية الصالحة الصادقة، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سلك طريقاً يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع». أبناءنا الطلاب: طلب العلم فضله عظيم، فهو أفضل من نوافل العبادات؛ لأن نفعه متعدٍ، فبالعلم ترفعون الجهل عن أنفسكم وعن الآخرين، وطلب العلم عبادة جليلة تتقربون بها إلى ربكم، بل هو فرضٌ على كل مسلم، ألم يقل رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: «طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم»، فصححوا نياتكم، واستثمروا أوقاتكم، واستعينوا بالله -تعالى-، وربكم جواد كريم، يوفق ويعين ويؤجر ويثيب، فاطلبوا من الله العون والتوفيق، وليكن لسان حالكم ومقالكم: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود: 88). أبناءنا الطلاب: لا تصاحبوا الأشرار ولا الأراذل، ولا تصاحبوا تاركي الصلاة، ولا الفساق الذين يصدونكم عن كل ما فيه صلاحكم وفلاحكم ونجاحكم، لا تصاحبوا الذين يسهرون إلى ساعة متأخرة من الليل على ما لا يرضي الله، احذروا: جليس السوء! فجليس السوء يؤذيك ويضرك في دنياك وأخراك، ويعلمك كل خَصلة ذميمة، ويؤخر مستواك الدراسي، ويكون سبباً رئيساً في تأخر حياتكم العلمية والعملية، وجليس السوء يسوؤه أن تنجح في دراستك، ويزعجه جدا أن يراك متفوقاً وهو فاشل في حياته الدراسية، فاحذر أن تماشي!
نصيحة للطلاب
من وصايا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: على كل طالب علم ألا يكون أكبر همه أن ينجح في الامتحان، بل يكون أكبر همه أن يهضم العلم، ويرسخه في قلبه، ولذا عليه أن يجتهد من أول السنة، لأنه إذا ترك الاجتهاد في أول السنة تراكمت عليه الدروس؛ لذلك ننصح كل طالب وطالبة أن يكون اجتهادهم من أول السنة حتى يهضموا العلوم شيئًا فشيئًا، حتى إذا جاء وقت الامتحان إذا هم مستريحون، وهاضمون للعلوم، ومنتفعون بمدة الدراسة، أما من يهمل ويتكاسل، فإذا جاء وقت الامتحان شد على نفسه، وأتعب نفسه، ثم لم ترسخ العلوم في ذهنه، حتى إنك لو سألته غدًا عما اختبر به أمس لم تجد عنده حصيلة منه.
صفات من يقتدى بهم
قال ابن القيم -رحمه الله في الكلام على قوله -تعالى-: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28)-: «فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر أو هو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى، وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط لم يقتد به ولم يتبعه؛ فإنه يقوده إلى الهلاك، ومعنى الفرط قد فسّر بالتضييع، أي: أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به، وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه، وفسّر بالإسراف، أي: قد أفرط، وفسّر بالهلاك، وفسّر بالخلاف للحق، وكلها أقوال متقاربة، والمقصود أن الله -سبحانه وتعالى- نهى عن طاعة من جمع هذه الصفات، فينبغي للرجل أن ينظر في شيخه وقدوته ومتبوعه؛ فإن وجده كذلك فليبعد عنه، وإن وجده ممن غلب عليه ذكر الله -تعالى- واتباع السنة، وأمره غير مفروط عليه، بل هو حازم في أمره فليستمسك بغرزه».
البداية الصحيحة سر النجاح
البداية الصحيحة هي البوابة الواسعة التي ستمر من خلالها بعناصر النجاح، من: تصميم وإرادة وطموح ويقين ووضع الأهداف والخطط، هي كل شيء؛ فالبدايات كالنور الذي يمكن أن يرافقك طوال مسيرتك بطريقة واضحة، أو كالنور في آخر الطريق البعيد الذي من الصعب الوصول إليه بسهولة؛ فاحرص على البداية الجيدة والاستمرار بها استمرار صحيحا، ومدروسا، وممنهجا؛ فإن استطعت أن تكمل مسيرة نجاحك كما البداية فأنت ستنجح وتتفوق، وتصل إلى طموحك بطريقة احترافية، ممتناً لنفسك ولصبرك ولتعلمك.
القضاء على التسويف والمماطلة
من أضرار التسويف والمماطلة أنها من أكثر مضيعات الوقت خطورة، ويخرج خطتك عن مسارها، ويراكم عليك الأعمال، وقد يحرمك من النجاح؛ حيث إننا -غالبًا- ما نؤجل الأعمال الصعبة، المتعبة، غير المحببة، والثقيلة على النفس، وللقضاء على هذا المرض يتبع الآتي: وضع وقت محدد للإنهاء من كل مهمة.
خذ على نفسك عهدًا، وقل لنفسك لن أختلق الأعذار لتأجيل الأعمال.
تعاهد مع نفسك بأنك لن تقوم من مكانك حتى تنتهي من الجزء الذي قررت أن تنهيه لهذا اليوم.
اكتب قائمة بالأشياء التي تؤجلها دائمًا، وحلل هذه القائمة، ولاحظ وجود نمط معين من هذه الأعمال.
شجع نفسك واسألها: ما المشكلات التي سوف أسببها لنفسي حين أؤجل هذا العمل؟

احذر الكسل!

الكسل آفة ومرض، جاءت السنة بالتعوذ بالله منه، لا يتولد عنه إلا الإضاعة والتفريط والحرمان وأشد الندامة، ومن نام على فراش الكسل أصبح ملقى بوادي الأسف، حين يرى سبق المشمرين.
علامات السعادة
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
همة ابن تيمية في العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-: «حدثني شيخنا قال: ابتدأ بي مرض، فقال لي الطبيب: إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر عن ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك: أليست النفس إذا فرحت وسُرّت قويت الطبيعة، فدفعت المرض؟ فقال بلى! فقلت له: فإنّ نفسي تُسرّ بالعلم، فتقوى به الطبيعة، فأجد راحة. فقال: هذا خارج عن علاجنا».
الحفاظ على صحتك

أيها الطالب عليك الاعتناء بصحتك إذا كنت ترغب في الانتباه والتركيز، والاستفادة من المعلومات والملاحظات التي يتناولها الأستاذ أو المحاضر، ويشتمل ذلك النوم الجيد؛ حيث يتأثر مستوى التركيز بدرجة كبيرة بقدر النوم الذي نحصل عليه، والتغذية السليمة، فعندما نحصل على غذاء سليم، فإن قدراتنا الذهنية تعمل بطريقة متميزة.

ابو وليد البحيرى
2024-07-12, 10:43 PM
تحت العشرين -1192



الفرقان






اختيار الصحبة الصالحة

معشر الشباب: إنَّ اختيار الصحبة الصالحة مطلب مهم قال - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» وقد قيل: الصاحب ساحب، والصاحب الفاسد يدل على الشر، ويمنع من الخير ويزين المعصية ويقود إليها.
الشباب والعلم
يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ما آتى الله -عز وجل- عبدًا علمًا إلا شابًا، والخير كله في الشباب، ثم تلا قوله -تعالى-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء:60)، وقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف:13)، وقوله -تعالى-: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم:12)»؛ فالشباب هم الذين يحملون أمانة العلم على عاتقهم، ويعملون على نشره والدعوة إليه، فالذين حملوا هذا العلم ونشروه، ودوَّنوا الكتب، وحفظوا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثرهم من الشباب: فابن عباس -رضي الله عنهما- وكان عمره عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة عشر عامًا، وقد جمع العلم الكثير، وكان ترجمان القرآن، يقول عنه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «نِعْمَ ترجمان القرآن ابن عباس»، وكان أصحابه يسمونه الحَبْر.
وها هو ذا معاذ بن جبل - رضي الله عنه - الذي أسلم وله ثماني عشرة سنة، وقد شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يأتي يوم القيامة يتقدم العلماء بِرَتْوة، مات وهو ابن ثلاث وثلاثين، وقيل: «مات وهو ابن ثماني وعشرين سنة، وهذا ما رجحه الإمام مالك ووافقه الذهبي وهو الأشهر، فمدة تحصيله للعلم لا تبلغ عشر سنوات، ومع هذا فهو إمام العلماء، وقد قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل».
ونحن نريد من شبابنا أن يقتدوا بهذا الجيل الفريد الذي نشر هذا العلم وخدموا هذا الدين، وكانوا نجومًا مضيئة في دياجير الظلام، فيجب أن يتربَّى الشباب تربية دينية صحيحة، يتعوَّد فيها الاستقامة والاعتدال، ويجب تحصينهم بالعلم، وبث روح الوعي، والتَّصدي لكل مَن يبث مكرا للنيل من شباب الإسلام.
واجبات على الشباب المسلم
على الشباب أن يعرفوا أنَّ أمتهم هي خير أمة أخرجت للناس، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
على الشاب أن يكون همه -بعد إصلاح نفسه- إصلاح الآخرين، وتعبيد الناس لرب العالمين.
وعلى الشباب أن يعرفوا ما لوطنهم من الحق؛ فهو بلد الإسلام الذي ولد فيه، وعلى أرضه نشأ، وأن عليه لولاة أمره الطاعة في المعروف، وليحذر أن يكون آلة يستخدمها الأعداء للإفساد في الأرض.
وعلى الشاب أن يكونوا دائمي الارتباط بالله -تعالى-، من خلال أداء الصلاة في وقتها، وكثرة الذكر والدعاء، والاستعانة به في جميع الأمور، والتوكل عليه، والمحافظة على الأوراد والأذكار الشرعية.

أقسام التوحيد
ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام هي: الإيمان بأن الله -سبحانه- هو الخلاق العليم وخالق كل شيء وهذا توحيد الربوبية.
الإيمان بأنه هو المستحق للعبادة، وأن العبادة حقه دون غيره فلا يدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به، ولا يصلى إلا له.. إلى غير ذلك من أنواع العبادة، وهذا هو توحيد الألوهية.
الإيمان بأسمائه وصفاته وأنه -سبحانه- لا شبيه له، ولا كفء له ولا ند له، وأن الواجب إثبات أسمائه وصفاته الواردة في القرآن العظيم أو السنة الصحيحة على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل بل على حد قوله -سبحانه-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى من الآية: 11).

قيمة الوقت في الإسلام
الإسلام لا يعرف الفراغ في الأوقات والأعمال، ولا يعرف ذهاب الأعمار فيما لا يعود على الإنسان بالنفع العاجل أو الأجل، لأن أعمال الدنيا والآخرة في الإسلام أمران متلازمان؛ فالمسلم إما في عمل دنيوي أو أخروي حتى التفكير والاعتبار في ملكوت الواحد القهار، فينشأ عنه خشوع وتدبر وأذكار؛ فقيمة الوقت في الإسلام، مرتبطة بعمر الإنسان وبمرحلة الشباب خصوصا؛ فهي أغلى مرحلة وأثمنها.
سبب رسوخ العلم



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: على المتعلمين أن يعدوا لهذا العام الجد، والنشاط، وأن يحرصوا ما استطاعوا على تحصيل العلم من كل طريق وباب، وأن يبذلوا غاية الجهد لرسوخ العلوم في قلوبهم، فيجتهدوا عليها من أول العام؛ ففي ذلك سبب لرسوخ العلم وتيسير حصوله.
ابدأ بالأهم فالأهم
قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: إن الإنسان يولد جاهلا، ويرزقه الله سمعا وبصراً وعقلا، ويكلفه أن يتعلم حتى يزيل الجهل الذي هو وصف له ذاتي، وليس عليه أن يحيط بكل المعلومات ويقرأ كل الفنون، وإنما عليه أن يبدأ بالأهم فالأهم، ويتعلم ما ينفعه، سواء في المدارس والجامعات أم في الحلقات، والمحاضرات والندوات، أم من الكتب والرسائل.
ماذا نريد من شبابنا؟
نريد من شبابنا أن يجتهدوا في التحصيل العلمي النافع، وأن يُطوّروا من مهاراتهم ويعملوا على تنمية طاقاتهم عبر العلم التخصصـي، والمهارات المكتسبة من دورات تدريبية متخصصة، تحقيقًا لقول الله -تعالى-: {اقـرأ باسم ربك الذي خلق}، فمن برع في مجال تخصصه العلمي (الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو الفيزياء....) فقد خدم أمة حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ونريد مع هذا العلم معرفة بالله -تعالى- ومخافة منه -سبحانه.
علمني شيخي
يقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - فإذا قيل لك بما عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (فصلت: من الآية37)، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن، ومن مخلوقاته ما ذرأه في هذا الكون من البحار والجبال والبراري والأشجار والأنهار وغير ذلك مما لا تحيط به العقول، ولا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى.
العلم ميزان
بالعلم توزنُ الأمور، ويُعرَفُ الحلالُ والحرامُ، وبه تميَّز الأحكامُ، ويُعرف الحقُّ من الباطل، والهدى من الضَّلال؛ ولهذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول كلَّ يوم بعد صلاة الصُّبح: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا صَالِحًا»، فبدأ بالعلم النَّافع؛ لأنَّه به يميِّز الإنسانُ بين الرِّزق الطَّيِّب والخبيث، وبين العمل الصَّالح والطَّالح، أمَّا إذا لم يكن مع الإنسان علمٌ نافعٌ، فكيف يميِّز بين حلال وحرام، وطيب وخبيث، وصالح وطالح؟

ابو وليد البحيرى
2024-07-12, 10:45 PM
تحت العشرين -1193



الفرقان






حقيقة اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم

اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الشرط الثاني من شرطَي قَبول العمل الصالح؛ فيجب على كل مسلم ومسلمة طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألَّا يعبدَ الله إلا بما شرع، وهذا من معاني الإيمان بأنه رسول الله حقًا وصدقًا.
من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم

إن من أعظم ما يتقرب به المسلم والمسلمة إلى الله -تعالى- محبةَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومتابعتَه، ونشر سُنَّتِهِ والذَّبَّ عنها، فلا يتذوق العبد حلاوة الإيمان، إلا بتمام محبته - صلى الله عليه وسلم - ومن علامات محبته - صلى الله عليه وسلم - ما يلي:
(1) الإيمان به وتصديقه فيما أخبر - صلى الله عليه وسلم قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (النساء: 136)، وقال -تعالى-: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (التغابن: 8).
(2) توقيره حيًّا وميتًا وتوقير سُنَّته - صلى الله عليه وسلم قال الله -تعالى-: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (الفتح: 8- 9)، وأثنى الله -تعالى- عليهم: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف: 157).
(3) طاعته فيما أمر ونهى عنه وزجر طاعته فيما أمر ونهى عنه وزجر، والاستجابة والامتثال لِشَرْعِهِ؛ فقد أوجب الله -تعالى- علينا طاعته - صلى الله عليه وسلم -، قال الله -تعالى-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (التغابن: 12)، وأخبر الله -تعالى- أن طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي طاعة لله -تعالى-، فهما قرينتان؛ فقال -تعالى-: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (النساء: 80).
(4) متابعته وترسُّم خُطاه وتطبيق سنته فهو الأسوة والقدوة الحسنة، والنموذج الكامل الجدير بالمتابعة، قال -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21)، وقال -تعالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الحشر: 7).
من أدب الحديث
عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد » الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
حكم ترك الصلاة في جماعة



قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: ترك الصلاة في الجماعة دون عذرٍ من باب المعاصي؛ لأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة في جماعةٍ، وقال للأعمى -لما قال له: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد-، قال: هل تسمع النِّداءَ بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب.
من غدا إلى المسجد أو راح



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح»، ظاهر الحديث أن من غدا إلى المسجد أو راح، سواء غدا للصلاة أم لطلب العلم أم لغير ذلك من مقاصد الخير، أن الله يكتب له في الجنة نزلاً، والنزل: ما يقدم للضيف من طعام ونحوه على وجه الإكرام، أي أن الله -تعالى- يعد لهذا الرجل الذي ذهب إلى المسجد صباحاً أو مساءً يعد له في الجنة نزلاً إكراماً له.
موعظة وتذكير
إن شبابَ الإسلام اليوم تتقاذَفُ بهم أمواجُ الفتن، من أفكارٍ مُنحرِفة، ومشارِبَ ضالَّة، وشهواتٍ جامِحة، وغزوٍ فكريٍّ لا ساحلَ له، حتى إن أحدَهم ليحمِلُ تلك الوسائل في يدِه فيما يُسمَّى بالجوَّالات، فهم في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ إلى الالتِحام بعُلماء الأمة المشهُود لهم في الأمة بالعلمِ والورَع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات، إنهم بحاجةٍ إلى أن يصدُروا عنهم ولا سيما في القضايا المهمة التي حصلَ من الخطأ في فهمِها نتائجُ وخيمةٌ عبر تأريخ الأمة، كقضية التكفير، وقضية الولاء والبراء، وكمسائل الإنكار، كالبَيعة والجهاد، ونحو هذه القضايا الخطِرة التي أضرت الأمة أيما ضرر!.
مَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين كما أمر بذلك ربُّ العالمين وكما أمر بذلك رسوله الكَريم - صلى الله عليه وسلم - شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام، ومَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة، نعم إنَّه معلَمٌ عظيم من معالم الرُّجولة بتبيان ربِّ العالمين، قال الله -تعالى-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ} هكذا قال رب العالمين {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} (النُّور:36-37)، فأين هذه الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة أو يهون من شأنها ويقلِّل من مكانتها؟!.
طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحذر من مخالفته

أمر الله بطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من ثلاثين موضعاً من القرآن، وقرن طاعته بطاعته، وقرن بين مخالفته ومخالفته، كما قرن بين اسمه واسمه، وحذَّر الله -سبحانه- من مخالفته أشد التحذير فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور:63)، وكذلك ألبس الله -سبحانه- الذلة والصغار لمن خالف أمره.

ابو وليد البحيرى
2024-07-12, 10:46 PM
تحت العشرين -1194



الفرقان






معرفة الله غاية كل مطلب

إن من مقامات دين الإسلام العظيمة ومنازله العلية الرفيعة معرفةَ الرب العظيم والخالق الجليل، بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا، وما تعرَّف به إلى عباده في كتابه وسنة رسوله -[-، بل إنّ هذا أساسٌ من أسس الدين العظيمة، وأصل من أصول الإيمان المتينة، وقِوام الاعتقاد وأصلُه وأساسُه.
الشباب وتعظيم الله -عز وجل
إن من أهم الواجبات على الشباب في هذا العصر المادي الذي انتشرت فيه الدعوة إلى الإلحاد، وإنكار وجود الرب -سبحانه وتعالى-، هو تعظيم الله -عز وجل- وتقديره حق قدره، فكيف يفلح قلب ويسعد لا يعظم ربه وخالقه وسيده ومولاه؟ ومن عظَّم الله عرف أن الذل والخضوع والخشوع والانكسار لا يكون إلا له -سبحانه-، وعظّم شرعه، وعظّم دينه، وعرف مكانة رسله، وهذا التعظيم لله -سبحانه- يعد أساسا متينا يقوم عليه دين الإسلام، بل إن روح العبادة في الإسلام هو التعظيم، ومن أسماء ربنا وخالقنا ومولانا الحسنى (العظيم)، وهو -جل وعلا- عظيم في أسمائه، وعظيم في صفاته، وعظيم في أفعاله، وعظيم في كلامه، وعظيم في وحيه وشرعه وتنزيله، بل لا يستحقّ أحدٌ التّعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيجب على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبّته والذّل له والخوف منه، ومن تعظيمه -سبحانه- أن يطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن يُخضع لأوامره وشرعه وحكمه، وأن لا يُعترض على شيء من شرعه.
من صفات الشاب المسلم
الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4)، وكان صلى الله عليه وسلم خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التفضيل بين الصحابة: (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أي: أفضلكم أَحَاسنكم أخلاقا). ١ - الشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان صلى الله عليه وسلم؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا). ٢- الشابُّ المسلم رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ (آل عمران: 159)، ولَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا. ٣- الشاب المسلم لا يغضب؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي، قَالَ: (لَا تَغْضَب فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ-: لَا تَغْضَبْ وإذا غضب لا يغضب إلَّا لله. 4- الشاب المسلم يتواضَع لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ)، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله عز وجل: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (ق: 18).
كن دائماً مع الله -عزوجل
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: احرص أن تكون دائماً مع الله -عز وجل- مستحضراً عظمته متفكراً في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض، وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون قلبك مملوءًا بمحبة الله -تعالى- لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك.
الأمور الجالبة لمحبة الله -عزوجل
من الأمور الجالبة لمحبة الله -عزوجل- معرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فإن العبد كلما كان أعظم معرفة بالله كان لله أحب ولعبادته أطلب وعن معصيته أبعد، وكيف يستقيم أمر البشرية وتصلح حال الناس دون معرفة بخالقهم وبارئهم ورازقهم، وينبغي أن يعلم أن معرفة الله -سبحانه- نوعان: الأول: معرفة إقرار، وهي التي اشترك فيها الناس البر والفاجر والمطيع والعاصي، والثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه، وخشيته والإنابة إليه والأنس به، والفرار من الخلق إليه، وهذه المعرفة هي المصدر لكل خير، والمنبع لكل فضيلة، وأنفع الأمور الجالبة للمحبة.
الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها
قال الشيخ: بكر أبو زيد -رحمه الله-: على كل مسلم الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها، وليعلم أن محبتها لا تكون بالقول والفعل فقط، بل تكون بذلك، وبالتحدث بها، وبالقلب، وبالركون إليها، وبالسكوت عنها، فإن هذه المحبة تُمَكِّن من انتشارها، وتُمَكن من الدفع في وجه من ينكرها من المؤمنين، فليتق الله امرؤ مسلم من محبة إشاعة الفاحشة، قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَ*ةِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور:19).
علمني شيخي
علمني شيخي أنَّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- رضوان الله عليهم- هم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، رضي عنهم بطاعتهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، هؤلاء الذين حملوا الدين، هؤلاء الذين انتشر بهم الإسلام، هؤلاء الذين توسعت بهم رقعة أمة الإسلام شرقاً وغرباً.
حكم من مات على المعاصي ولم يتب
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: إنْ من مات على المعاصي ولم يتب فهو تحت المشيئة، إن شاء الله غفر له، وإن شاء أدخله النار حتى يُطَهَّر من سيئاته، فإذا طُهِّرَ منها في النار أخرجه الله من النار إلى الجنة بفضل رحمته -جلَّ وعلا-، ولا يبقى في النار إلا الكفَّار، لا يُخلَّد فيها إلا الكفرة الذين قال فيهم -سبحانه-: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (البقرة:167).
حاجة الشباب إلى المنهج الصحيح
الشباب المسلم في حاجةٍ مُلحَّة وماسة إلى منهج صحيح يعينهم على الخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم، والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات من الشهوات والشبهات الباطلة، منهج يُصحح لهم عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات، إنهم بحاجة إلى منهجٍ تربوي صحيح، في حاجةٍ إلى مَنهج الإسلام الهادي، مَنهج القرآن والسنة، الذي يستطيعون به النجاة من تلك الفتن، قال -تعالى-: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16).

ابو وليد البحيرى
2024-07-17, 10:58 AM
تحت العشرين -1195



الفرقان



أمتنا خير أمة

على الشاب أن يعلم أن أمته هي خير أمة، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها، وعليه أن يعلم أن أمته بقيت دهراً طويلاً رائداً للعالم، وأنه يجب أن تبقى لها هذه الريادة، وذلك لا يتحقق إلا بالالتزام بتعاليم الإسلام.

من عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشباب غرس الإيمان في نفوسهم
حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على غرس الإيمان في نفوس الشباب حتي لا ينحرفوا يمنة أو يسرة عن منهج الله -عز وجل-: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله -عز وجل-، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه»، فنجده - صلى الله عليه وسلم - «خَصَّ الشَّابَّ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْبَاعِثِ عَلَى مُتَابَعَةِ الْهَوَى فَإِنَّ مُلَازَمَةَ الْعِبَادَةِ مَعَ ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَدَلُّ عَلَى غَلَبَةِ التَّقْوَى»، وفي الحديث حثٌّ للشباب للإقبال على الله -عز وجل-، والنشأة في عبادته -سبحانه وتعالى- من مقتبل عمرهم وريعان شبابهم، وبذلك يستحقون هذه المكانة الرفيعة، وخصهم بذلك؛ لأن سن الشباب قد يغري بمواقعة المعاصي واقتراف الذنوب، نظرا لما يغُلب على المرء من التسويف، وما قد يتاح له من الأسباب المؤدية إلى المعاصي أو المعينة عليها، كالصحة، والفراغ».
ملاطفة الخلق
قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».
الشباب والالتفاف حول العلماء الثقات
قال الله -تعالى-: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ هُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء:83)، والشاب المسلم لا توجهه عاطفته، ولا تقوده حماسته، إنما يسير على طريق الهداية بتوجيه العلماء الثقات، والشيوخ الكبار، ممن لهم علم واسع، وتجارب نافعة، فيهتدي بنصحهم، ويعمل بمشورتهم، ويُرجى أن يكون بعد ذلك أكثر نفعاً لأمته، ودينه، ويكون أكثر حماية ممن يكيد بالشباب لصرفهم عن رسالة الحق، ونشر النور في الأرض.
طيش الشباب
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يكثر الطيش في الشباب؛ وذلك أنَّ الشباب مظنَّة الجهل ومطية الذنوب، ولهذا يقال طيش شباب أو شباب طائش إمَّا على سبيل الانتقاد أو الاعتذار، وما من ريب أنَّ الشاب مسؤول عن سفهه وطيشه يوم يقف بين يدي ربه، فلا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، منها شبابُه فيما أبلاه، وإن لم يزمَّ الشاب نفسه بزمام الشرع والعقل والحكمة أوردته المهالك.
الشباب هم العمود الفقري للأمة
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: «الشباب في أي أمَّة من الأمم هم العمود الفقري الذي يشكل عنصر الحركة، والحيوية؛ إذ لديهم الطاقة المنتجة، والعطاء المتجدد، ولم تنهض أمَّة من الأمم -غالباً- إلا على أكتاف شبابها الواعي، وحماسته المتجددة، ولقد علم أعداء الإسلام هذه الحقيقة، فسعوا إلى وضع العراقيل في طريقهم، أو تغيير اتجاههم، إما بفصلهم عن دينهم، أو إيجاد هوة سحيقة بينهم وبين أولي العلم، والرأي الصائب، في أمتهم، أو بإلصاق الألقاب المنفِّرة منهم، أو وصفهم بصفات ونعوت، غير صحيحة، وتشويه سمعة من أنار الله بصائرهم في مجتمعاتهم».
من أدب الحديث
عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
الأعرابي أعقل من الملحدين
من يسمون أنفسهم بـ»الملحدين» يدَّعون أن هذا الكون كله بمجراته وفضائه ونجومه وكواكبه جاء بمحض الصدفة! وأنه لا خالق له، ولا إله له! تعالى الله عما يهرفون! لقد كان الأعرابي الأمي الذي يعيش في وسط الصحراء أعقل منهم وأعلم، فقد سئل بعض الأعراب: بم عرفت ربك؟ فقال: «البعرة تدل على البعير، والروث يدل على الحمير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وبحار ذات أمواج، أما يدل ذلك على العليم القدير».
همة الشباب وهمومهم
على الشباب أن تكون همتهم -بعد إصلاح أنفسهم- إصلاح الآخرين، وتعبيد الناس لرب العالمين، وليحذروا أن يكونوا دعاة سوء، وعليهم أن يكونوا دائمي الارتباط بالله -تعالى-، من خلال أداء الصلاة في وقتها، وكثرة الذكر والدعاء، والاستعانة به في جميع الأمور، والتوكل عليه، والمحافظة على الأوراد المشروعة كأذكار الصباح والمساء، والدخول والخروج، والركوب، ونزول المكان، وغير ذلك، وعليهم أن يعلموا أن قدوتهم الحقيقية هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وليحذروا من التقليد الأعمى الذي يفقدهم شخصيتهم وهويتهم.
قاعدة في حسن الخلق

أحسن إلى المسيء تملك قلبه

قال الله -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، قال ابن كثير: - رحمه الله تعالى -: أي من أساء إليك فادْفَعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر - رضي الله عنه -: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، هذه قاعدة مهمة في حسن الخلق، وهي عدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة؛ فعلى الشباب أن يقابلوا الغضب بالهدوء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، ازداد غضبًا وتبجُّحًا، وخلع حياءه نهائيًّا، وأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم.

ابو وليد البحيرى
2024-07-17, 10:59 AM
تحت العشرين -1196



الفرقان




الشباب الذين نفتخر بهم

إن الشباب الذين نفتخر بهم، هم الشباب الذين تمسكوا بدينهم وأخلاقهم الإسلامية النابعة من كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - اللذين لن يضل من تمسك بهما ولن يشقى، هم الشباب العاملون بما يجب عليهم من واجبات تجاه أمتهم وبلادهم والذود عنها وعن مقدساتها والعمل على رخائها وسعادتها وعزها وكرامتها، هؤلاء هم الشباب الذين تفتخر الأمة وتعتز بهم.
الفتح الأيوبيّ لبيت المقدس
عزم صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- على فتح بيت المقدس وطرد الصليبيين منه، وذلك بعد فتح عسقلان وما جاورها من المدن؛ حيث أدرك سكان بيت المقدس أنَّهم محاصرون، وأنَّ مصيرهم كمصير بقية المدن التي فتحها صلاح الدين الأيوبيّ. ولذلك أرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين، فعرض عليهم صلاح الدين تسليم المدينة بالشروط التي استسلمت بها المدن الأخرى، ومنها الأمان على الأرواح، والنساء، والأولاد، والأموال، والسماح لأيّ شخص بالخروج سالمًا من المدينة، ولكنَّهم رفضوا تسليمها، واستمرّ صلاح الدين في عرض شروطه على سكان بيت المقدس؛ وذلك تجنّبًا للعنف، ولكنَّهم أصرّوا على الرفض، فقرر -رحمه الله- اقتحام المدينة، وفي العشرين من شهر أيلول عام 1187م وصل صلاح الدين إلى مدينة القدس، وعسكر أمام أسوارها وحاول البدء في المهاجمة، ولكنَّه وجدها محكمة الجانب ومليئةً بالمقاتلين، وأخذ بالطواف حول المدينة مدّة خمسة أيام، وفي الليل نصبوا المجانيق، وبدأت ضربات المجانيق بين الطرفين، ولمَّا أدرك الصليبيين أنَّهم على وشك الهلاك، عقدوا اجتماعًا بينهم، وقرّروا طلب الأمان، وأرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين لتحقيق ذلك، وكان من شروطهم احترام الصليبيين الموجودين في المدينة، والسماح لمن يشاء بمغادرتها، وبعد التشاور سُمح للصليبيين بمغادرة المدينة مقابل الشروط التي حدّدها صلاح الدين، وهكذا استطاع فتح بيت المقدس، ودخلها فاتحًا في يوم الجمعة الموافق الثاني من تشرين الأول (أكتوبر).
مهمتك في الحياة
إن للمسلم دورًا كبيرًا ومهما في هذه الحياة، ومن أجله خلق الله -عزوجل- الثقلين، وهو عبادته وحده لا شريك له، وأرسل الله -سبحانه- الرسل -عليهم الصلاة والسلام- لدعوة الناس إلى هذا الواجب وتوضيح هذا الأمر العظيم وتبصيرهم في ذلك وتوجيههم إلى الخير، وتحذيرهم عما سواه، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات: 56-58) فأبان -سبحانه وتعالى- أنه خلق الثقلين ليعبدوه وحده لا شريك له، خلقهم لعبادته وتعظيمه والخضوع والذل له بفعل أوامره وترك نواهيه، عن محبة خاصة وعن صدق وإخلاص وعن رغبة ورهبة.
هنيئًا لهؤلاء الشباب
هنيئًا لشباب أتقياء تعلقت قلوبهم بالمساجد ومجالس العلم والخير وعمل الصالحات، واغتنموا شبابهم قبل هرمهم، وصحتهم قبل سقمهم، وغناهم قبل فقرهم، وفراغهم قبل شغلهم، وحياتهم قبل مماتهم، هنيئًا لشباب تسلحوا بالعلم والمعرفة، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله، فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36).
الصراع بين الحق والباطل
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله: «اعلم -وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه-: أن شياطين الإنس والجن لم يزالوا ولن يزالوا يوردون الكثير من الشبه على أهل الإسلام وغيرهم للتشكيك في الحق وإخراج المسلم من النور إلى الظلمات، وتثبيت الكافر على عقيدته الباطلة، وما ذاك إلا لما سبق في علم الله وقدره السابق من جعل هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، وصراع بين الحق والباطل، حتى يتبين طالب الهدى وغيره، وحتى يتبين الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق».
حقيقة الإسلام
قال البشير الإبراهيمي -رحمه الله-: أهتف بشباب الإسلام ليعلموا أنَّ الإسلام ليس لفظًا تلوكه الألسنة المنفصلة عن القلوب، إنما الإسلام هو إسلام الوجه لله، هو المعنى الذي خالطت بشاشته قلب نبي التوحيد إبراهيم -عليه السلام-، فقال: أسلمت وجهي، وتذوقته بلقيس حين هداها الله -تعالى- فقالت: وأسلمت مع سليمان، هو استسلام الجوارح -وسلطانها القلب- لله ولعظمته وقدرته، وعلمه حتى توحده وحده، وتعبده وحده، وتدعوه في النائبات وحده، وتنيب إليه وحده، وتُذعن إلى سلطانه وحده، وتخشاه وحده.
فتح بيت المقدس
قام خليفة المسلمين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بفتح بيت المقدس؛ إذ تمكّن من فتحها في السنة الخامسة أو السادسة عشرة للهجرة، واستمرَّ بيت المقدس تحت حكم المسلمين مدّة خمسة قرون، وفي أثناء حكم العبيديين للشام وقع بيت المقدس تحت سيطرة الصليبيين، ومكث تحت سيطرتهم مدّة تسعين عاماً، وبعد ذلك تمكّن المسلمون -في ظل حكم الأيوبيين- من استرجاعه، وبقي في رحاب المسلمين لمدّة تجاوزت ثمانية قرون، وفي أواسط القرن الهجري الماضي سيطر اليهود على بيت المقدس إلى الآن.
من واجبات الشباب في زمن الفتن
حتى ينجو الشاب المسلم في زمن الفتن، عليه العمل بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة القولية والاعتقادية والعملية، وفي مقدمة ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالبعث والجزاء والثواب والعقاب والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها، والقيام بشروطها ولوازمها، وإقامة الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، والحفاظ على صوم رمضان وحج بيت الله الحرام، وبر الوالدين وطاعتهم في غير معصية الله، وصلة الأقارب والإحسان إليهم، والإحسان إلى المسلمين وعدم التسبب في أذيتهم بأي نوع من الأنواع.
بشرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
أراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُدخِل السُّرور على أمثالنا ممَّن لم يُتَحْ لهم شرفُ الصُّحبة بسبب مُرور الزمان، فجعَل المسلمين كلَّهم إخوانه، كما جاء في حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخَل المقبرة فقال: «السلامُ عليكُم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنَّا - إنْ شاء الله - بكم لاحِقون، وَدِدت أنَّا رأينا إخواننا»، قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك؟! قال: «أنتم أصْحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعدُ». قالوا: كيف تعرفُ مَن لم يأتِ بعدُ من أمَّتك يا رسول الله؟ فقال: «أرأيت لو أنَّ رجلاً له خيلٌ غرٌّ محجَّلة بين ظَهراني خيلٍ دُهمٍ بُهمٍ، ألا يعرف خيلَه؟». قالوا: بلى يا رسولَ الله. قال: «فإنهم يَأتُون غُرًّا محجَّلين من الوضُوءِ...» الحديث، وهذا شرفٌ لِمَن رُزِقَ ذلك، جعَلَنا الله منهم.

ابو وليد البحيرى
2024-07-17, 11:00 AM
تحت العشرين -1197



الفرقان






ثمرة تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة

أثمرت تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه للصحابة جيلاً مجاهداً شجاعاً يبذل النفس والمال، ويضحي بكل ما يملك في سبيل إعلاء كلمة التوحيد ونصرة دين الله، ولقد كان للشباب بطولات رائعة ومواقف خالدة، في نصرة دين الله -عزوجل- والدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
أثر توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - على الشباب

لقد بلغ المنهاج النبوي غايته وحقّق أهدافه في تربية شباب الصحابة رضوان الله عليهم؛ فقد برز الشباب في جوانب كثيرة في العلم والإيمان، والدعوة والجهاد، وسائر الأعمال الصالحة.
فهذا معاذ بن جبل يأتي إمامًا للعلماء يوم القيامة كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة إمام العلماء برتوة»، ولقد كانوا أعلم الناس بكتاب الله، وأجمع الناس له، وأدرى الناس بمعانيه وأحكامه، قال عبدالله بن مسعود: ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيما نزلت، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأخذ القرآن من الشباب: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبدالله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل»، وقد أمر أبوبكر الصديق زيد بن ثابت بجمع القرآن؛ مما يؤكد مكانة الشباب، ولقد أثمرت توجيهاته - صلى الله عليه وسلم - جيلاً مؤمناً محباً لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد شهد بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر حينما قال: «لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله».
أضعف الإيمان تجاه قضية فلسطين
من أضعف الإيمان أن يجعل المسلم في قلبه همَّ تحرير المسجد الأقصى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن ماتَ ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يُحَدِّثْ به نَفْسَهُ، ماتَ علَى شُعْبَةٍ مِن نِفاقٍ»، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: إنه إذا لم يُجاهد فليُحدِّث نفسه، يقول: لعله يتيسر لي، ينوي في قلبه: إذا تيسر لي جاهدتُ، إذا أمكن لي جاهدتُ، يعني: يكون في قلبه، في باله شيء من هذا المعنى، ما يكون غافلًا، يرجو ما عند الله -جلَّ وعلا-، وما ذاك إلا لأنَّ الجهاد نصرٌ لدين الله، وإعلاء لكلمة الله، ودعوة إلى ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وسعادتها، وتقوية للمؤمنين، وإعزاز لهم.



واجبنا تجاه المسجد الأقصى
فلسطين دولة عربية إسلامية، والاعتداء عليها يعني الاعتداء على كل المسلمين، والمسجد الأقصى هو أولى القبلتين، وثالث المسجدين، وعلى المسلمين تجاه فلسطين والمسجد الأقصى أمور عدة أهمها ما يلي: الدعاء: وهو السلاح الذي لا يستطيع أحد أن يسلبه من المسلمين، فعلى المسلم ألا يغفل عن الدعاء لإخوانه بظهر الغيب، وأن يلجأ إلى الله -تعالى- بأن يرد المسجد الأقصى والقدس الشريف إلى أمة الإسلام، وأن يخلصهما من أيدي الغاصبين.
الأمل في نصر الله وعدم اليأس، وعلينا أن نوقن أن النصر من عند الله، وأنه كائن لا محالة، والشاك في ذلك عليه أن يصحح إيمانه.
الدعم المعنوي والجهاد المالي ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ومد يد العون بكل ما نستطيع لإخواننا المستضعفين هناك.
البعد عن الذنوب والمعاصي، والرجوع إلى الله، وليعلم كل منا أن ذنبه قد يكون سبباً لتأخير النصر.




من صفات الشباب المستقيم
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الشباب المستقيم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ فيؤمن بأن كل شيء بقضاء الله وقدره مع إيمانه بالأسباب وآثارها، وأن السعادة لها أسباب، والشقاء له أسباب، شباب يدين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ فيعامل المسلمين بالصراحة والبيان كما يحب أن يعاملوه بها؛ فلا خداع ولا غش ولا التواء ولا كتمان.


صمود شباب الصحابة أمام الدنيا وزينتها
كان من ثمرات تربيته النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب صمودهم أمام الدنيا وزينتها، فقد أراد عمر بن الخطاب أن يمتحن معاذ بن جبل وأبا عبيدة بن الجراح بالمال، فأعدّ عمر لكل واحدٍ منهما أربعمائة دينار، وجعل كل واحدة في صرة، وقال للغلام: اذهب بها إلى معاذ ثم إلى أبي عبيدة، وتشاغل في البيت قليلاً لتنظر ما يصنع كلٌ منهما، فما كان من معاذ إلا أن فرّقها جميعًا ولم يبق لأهله إلا دينارين، وكذلك فعل أبو عبيدة، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فسُرّ بذلك عمر وفرح وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.
الرحمة من الإيمان
كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه؛ فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه، وضعفها من ضعف إيمانه، وهـذا ظاهر في قوله -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ»، وذلك أنَّ الله -تعالى- المقصود المعبود رحيم، يحب الرحماء، ودِيننا دين الرَّحمة، ونبيّنا نبيّ الرّحمة، وكتابنا القرآن كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
مواقف خالدة لا تنسى
لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، نزل على أدنى ماء هناك، أي: أول ماء وجده، فتقدم إليه الحباب بن المنذر - رضي الله عنه -، فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: «بل منزل نزلته للحرب والمكيدة»، فقال: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل؛ ولكن سِرْ بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم، ونغور ما وراءه من القلب، ونستقي الحياض، فيكون لنا ماء، وليس لهم ماء، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففعل كذلك.
من آداب الصحابة -رضي الله عنهم
لقد تربى ذلك الجيل من الصحابة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتصفوا بصفات كثيرة من الأخلاق الحسنة، والآداب النبيلة، ومن جملة هذه الآداب، الأدب مع الوالدين والبر بهما، فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه يعمد إلى نخلة فينقرها ويخرج جمارها فيطعمها أمه، فقال له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال: إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئاً أقدر عليه إلا أعطيتها.

ابو وليد البحيرى
2024-07-24, 03:18 PM
تحت العشرين -1198



الفرقان






شبابنا وقضية فلسطين

أثبتت الأحداث الأخيرة في غزة أن قضيّة فلسطين تحتل مكانة متميزة في قلوب كثير من شباب الأمة العربية والإسلامية وعقولهم وفكرهم، في ظل جهود عديدة سعت لتغييب هذه القضية من ذاكرة المجتمعات المسلمة، وحصرها ببعدها الداخلي فقط؛ لذلك من الضروري التركيز على بناء الوعي بقضايا الأمة في قلوب الشباب والناشئة وعقولهم، لتكون دائمًا على رأس أولوياتهم حتى نخرج أجيالا مهتمة بأمتها ومدركة لما يحيط بها من أخطار.
عناية الإسلام بالشباب

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه -تعالى-، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».
اعتنت السنة النبوية بالشباب عنايـة خاصة، تتجلى في الإشــادة بكل شاب طبـع حياته بطابـع الاستقامـة وروح الامتثال والتقـوى، وخاف الله في جميع حركاتـه، كما نجــد أن القرآن الكريم كذلك خـص الشباب بالتوجيه من خـلال القصص التي ساقها؛ تكريمـا للشباب الذي سبق ظهــور الإسلام، واستحق الفضـل بما حاز من كريم الصفات وجلائـل الأعمال، يقول الله -تبارك وتعالى-، في سورة الكهف، {نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}، فبهـذه الآيات ومثلهـا أشار القرآن الكريم إلى أن الشباب قد خلد في الصالحــات ذكره بما أوتى من عقل وتبصر وحكمة، والقرآن الكريم يسوق لنا القصص للاستفادة والتثبيت مصداقــا لقوله -تعالى-: {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}، ومن هنا نلاحـظ الغاية المقصودة في إظهــار العناية بالشباب وحثه على اقتباس السنن الحسنة من ماضي الأمم السابقة.
القراءة أساس العلم والمعرفة
في عصرنا الحديث تعددت وتنوعت وسائل اكتساب العلم والمعرفة ما بين وسائل مقروءة ومسموعة ومرئية، ولكن مع كثرة هذه الينابيع واختلافها تبقى القراءة هي أساس العلم والمعرفة، ومفتاح الرقي والحضارة، وسبب التقدم والتطور، ولا يمكن أن تتقدم أمة أبناؤها قد هجروا القراءة ونبذوا العلم، ولما كان الإسلام دين العلم، والعلم أصله القراءة والكتابة، كانت أول كلمة نزل بها الوحي، ونطق بها الشرع هي الأمر بالقراءة والكتابة والتعلم {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم} (العلق)؛ لذلك يجب علينا أن نعي ونستشعر أنه لا سبيل للارتقاء والتقدم إلا عن طريق القراءة، ونشر حبها وأهميتها بين أطياف المجتمع ولا سيما جيل الشباب.
احفظ الله يحفظك
روى الترمذيُّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، وقوله: «احفظ الله تجده تجاهك»؛ أي: تجده أمامك، يدلك على كل خير، ويقربك إليه، ويهديك إليه، وأن تعمل بطاعته، ولا يراك في مخالفته، فإنك تجده في الشدائد.
فائدة جامعة في التوبة وشروطها



قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: التوبة تجب الذنوب وتمحوها جميعًا، إذا كانت صادقة ويخرج منها كيوم ولدته أمه، يعني إذا تاب توبة عامة صادقة، أما إذا تاب من ذنبه الذي أخذ به فالتوبة مقيدة، فمن تاب من العقوق وحده قبل منه، ومن تاب من القطيعة وحدها قبل منه، لكن لابدّ من استيفاء الشروط، لابدّ أن يندم على الماضي من سيئاته، ويقلع منها ويتركها ويعزم عزمًا صادقًا ألا يعود فيها، ولابدّ من رد المظالم كالسرقة يردها على أهلها.
الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر



قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: يجب أن نعلم أن الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر لابد أن تكون متلقاة من الشرع؛ لأن مثل هذا الأمر لا يكون إلا بتقدير الله -عزوجل- فلابد أن نسلك الطريق الذي جعله الله -سبحانه وتعالى- طريقا يوصل إلى ذلك، أما مجرد الأوهام التي لا تبنى على أصل شرعي فإنها أوهام لا حقيقة لها.
الرحمة من الإيمان

قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه، وضعفها من ضعف إيمانه، وهـذا ظاهر في قوله -[-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ»، وذلك أنَّ إلهنا المقصود المعبود رحيم يحب الرحماء ودِيننا دين الرَّحمة، ونبيّنا نبيّ الرّحمة، وكتابنا القرآن كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
من مشكلات الشباب
الانحراف عن الدين وترك العبادة والعيش في هذه الحياة بلا هدف ولا رسالة ولا دين، أو الإيمان بعقائد الدين نظريا وتركها عمليا من أهم المشكلات التي تواجه شبابنا في العصر الحالي، قال الله - تعالى -: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. (مريم:59). أي أنهم لم ينكروا الإيمان والصلاة والطاعة بل أضاعوا ذلك فاستحقوا عقوبة الله؛ فاحذروا أيها الشباب أن تكونوا من هؤلاء، فالإنسان الذي يدع دينه ويتحلل من عقيدته سيقع في خطيئتين كبيرتين الأولى: أن فطرته التي فطره الله عليها إن لم تدن بالدين الحق؛ ولذلك ستدين بالدين الباطل، وسيعبد الإنسان آلهة أخرى من دون الله، والثانية: أنه سيظل في حالة افتقار وفي حاجة إلى من يملأ عليه فقر قلبه، يقول الإمام ابن القيم: «لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغايته ومطلوبه وأحب إليه من كل ما سواه».
الشباب والدعوة إلى الله
حفظت لنا سير الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- نماذج فريدة من جهود الشباب المبارك في الدعوة، فلقد كان جُلّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبابًا طاهرًا زاكيًا مباركًا، وكانت لهم جهود مباركة في السبق إلى الإسلام وقت الغربة والتعليم والتربية والدعوة، والصبر عند المحنة والمبادرة إلى الهجرة والنصرة، فهنيئًا لمن سلك طريقهم واقتدى بهم واهتدى بهديهم.

ابو وليد البحيرى
2024-07-24, 04:39 PM
تحت العشرين -1199


الفرقان

القدس للمسلمين مهما طال الزمان

بقي المسجد الأقصى في أيدي الصليبيين قرابة التسعين عامًا، حتى حرَّره صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، وما نسي المسلمون أبداً طيلة تلك السنوات قضية القدس والمسجد الأقصى، فبقاؤها في أذهاننا حاضرة واجب من الواجبات مهما تردَّت أوضاعنا، وساءت أحوالنا، ومهما نزل بنا من البلاء، ولابد أن نكون موقنين بموعود الله -تعالى- للمؤمنين: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة: 21)، فالقدس لنا مهما طال الزمان أو قصر.
الشباب ومعالي الأمور

روى الإمام البيهقي عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -: قال

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها»، ومعالي الأمور: هي الأمور الجليلة، رفيعة القدر عالية الشأن.
سميت بذلك؛ لأنها في الأعمال من أجلها وأعلاها، أو لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا، والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة التي تنبئ عن خسة نفس صاحبها وهمته، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات، ولا يهتم الإنسان بالمعالي ويكره السفاسف إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، فتتطلع إرادته إلى طلب الكمالات والمراتب العالية، فكلما عظمت الهمم علت المطالب، كما قال ابن تيمية رحمه الله -تعالى-: العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب؛ لذلك فإن الإنسان المسلم يجب أن يكون عالي الهمة صاحب هدف كبير، حتى إذا جاءت الفرصة استغلها فإن الفرص ربما لا تتكرر.
أعظم قدوة لشبابنا
إن نهضة الأمم تتوقف كثيرًا على إظهار القدوات الصالحة، وكثرة النماذج الطيبة، وإحياء تاريخ الأماجد من أبنائها وعلمائها، وحرص الشباب والناشئة وأبناء الأمة على اتخاذ الأماثل وأصحاب الهمم العالية والمنجزات الرائعة إسوة وقدوة، هو سبيل الصلاح والفلاح، وقد ربى الله هذه الأمة على ذلك، وأمرها أن تتخذ لها قدوة وإسوة، وأنها لن تجد أعظم من رسولها صلوات الله عليه ليكون في مقدمة من تقتدي بهم، قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب).
الشباب وصلاة الفجر
صلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، ولا تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر ترى أن أكثرهم من الشيبان وكبار السن، فليعلم الشباب أنَّ صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فالمنافق يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ -[- قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».
من الموفق حقا؟
الموفق حقا: هو الذي يعلم أن أعظم النعم على الإطلاق هي نعمة الإيمان؛ فيلزم الشكر على أن جعله الله من المسلمين.
الموفق حقا: هو الذي يعلم أن العبودية هي مراد الله من خلقه فيلزم عتبتها ويتمسك بها، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الصلاة هي ركن الإسلام الأول والأكبر بعد الشهادتين، فيحافظ عليها ولا يفرط فيها.
الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الأعمال لا تقبل إلا بالإخلاص، فلا يرجو بعمله -مهما قل- إلا وجه الله وحده لا شريك له.
الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الجنة لا يوصل إليها إلا باتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والسير على منهجه، فيلزم غرزه ويقتفي أثرة ويعمل بسنته.

إذا أردت معرفة تقصيرك فانظر إلى حال من سبقك



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: لا تنظر إلى تقصيرك باعتبار زمانك، فإنك إن فعلت فقد تُعجب بنفسك، إنك قد ترى كلَّ من حولك أقل منك في عبادة الله، لكن انظر إلى تقصيرك بالنسبة لمن سبقك، انظر إلى حال النبي - صلى الله عليه وسلم - وحال الصحابة -رضي الله عنهم-، وإذا نظرنا إلى حال الصحابة وحال التابعين وجدنا أن بيننا وبينهم كما بين الثرى والثريا، وعرفنا تقصيرنا تمامًا.
ثمار التقوى



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلما جاهد العبد نفسه على تحقيق التقوى وجد التيسير في أموره، ونال الرزق الطيب، وهدي إلى المخرج المناسب والملائم فيما يعرِض له من مشكلات، إضافة إلى تكفير السيئات وغفران الذنوب ورفعة الدرجات، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة إلى غير ذلك من الثمار والآثار التي لا حصر لها ولا عد.
هل أنت متقدم أم متأخر؟
قال ابن القيم -رحمه الله-: العبد سائر لا واقف؛ فإما إلى فوق وإما إلى أسفل، إما إلى أمام وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرعٌ ومبطئ، ومتقدمٌ ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}(الم دثر:35-37)، فمن لم يتقدم بالأعمال الصالحة فهو متأخرٌ بالأعمال السيئة.
المعالي لا تنال بالأماني
إنما تنال المعالي بالسعي والعمل، لا بالأماني والكسل، وإنما الأماني رأس مال المفاليس؛ لما قال ربيعة - رضي الله عه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أسألك مرافقتك في الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «فَأَعِنِّى عَلَى نفسك بكثرة السُّجود»، وقال لابن عمر - رضي الله عنه -: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يقوم الليل»، وإنما كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أفضل هذه الأمة؛ لأنه كان أعلاهم همةً وأحسنَهم عملا، فإذا أردت أن يحبك الله فاطلب المعالى واسعَ إليها، ودعِ السفاسفَ وترفعْ عنها.
النفس على ما عودتها
إن النفس إذا عودتها المعالي تعوَّدَتْها، وإذا نزلت بها إلى السفاسف ربما رضيتها وقبلتها، فاسمُ إلى المعالي والقمم، وإياك والرضى بالدون! فإن الراضي بالدون دنيء، وإن أعلى المطالب وأزكاها أن تطلب رضا الله، وتسعى لتحصيل جواره ليس في الجنة فحسب، بل في الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة وأعلاها، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.
من زكاة النفس حسن أخلاقها
لو أن الإنسان سمع ما يقول الناس وما يعترضون به ما مشي خطوة، لكن أنت أصلح ما بينك وبين الله ولا يهمك أحد؛ فإذا التمست رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنك وأرضى عنك الناس، وكفاك مؤونتهم.

ابو وليد البحيرى
2024-07-24, 04:40 PM
تحت العشرين -1200


الفرقان






انتهاز الفرص
قال ابن القيم -رحمه الله-: «الرجل إذا حضرت له فرصة القربة والطاعة، فالحزم كل الحزم في انتهازها، والمبادرة إليها، والعجز في تأخيرها، والتسويف بها، ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكنه من أسباب تحصيلها، فإن العزائم والهمم سريعة الانتقاض قلما ثبتت، والله -سبحانه- يعاقب من فتح له بابا من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعد من إرادته عقوبةً له».
اهتمام الإسلا م بالشباب
حرص ديننا الإسلامي الحنيف على الاهتمام بالشباب في القرآن والسنة؛ فقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- كل ما فيه هداية البشر؛ لنأخذ منهم العبرة في الدعوة إلى الله -سبحانه- قال الله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (يوسف: 111)، أو يؤخذ منهم القدوة كما قال -تعالى- بعد ذكر الأنبياء مخاطباً رسوله - صلى الله عليه وسلم -:- {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام: 90). وقال -تعالى-: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَه} (الممتحنة: 4)، وقد قال الله -تعالى- في قصة إبراهيم -عليه السلام- يحكي ما قاله قومه:- {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء: 60) قال ابن كثير: أي شابا، ويذكر ربنا -عز وجل- أصحاب قصة الفتية أصحاب الكهف فقد قال الله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13) قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: فذكر الله -تعالى- أنهم فتية، وهم الشباب، وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل، وأيضًا فقد اهتمت السنة النبوية المطهرة بالشباب وأولت لهم اهتماماً بالغاً، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبعةُ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم وشاب نشأ في طاعة الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»، وقال - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس -رضي الله عنهما-: «يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك...»، لقد اهتم القرآن والسنة النبوية المطهرة بالشباب حتى نشروا هذا الدين العظيم، وفتحوا الفتوحات الإسلامية بعد أن درس هؤلاء الشباب في مدرسة المربي والمعلم الأول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأخذوا منه أحسن الأخلاق، وتربوا على هذا الدين، وتخلقوا بأخلاقه الكريمة.
وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان: 14)، لما أمر الله -تبارك وتعالى- بالقيام بحقه، بترك الشرك الذي من لوازمه القيام بالتوحيد، أمر بالقيام بحق الوالدين فقال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} أي: عهدنا إليه، وجعلناه وصية عنده، سنسأله عن القيام بها، وهل حفظها أم لا؟ فوصيناه {بِوَالِدَيْهِ} وقلنا له: {اشْكُرْ لِي} بالقيام بعبوديتي، وأداء حقوقي، وألا تستعين بنعمي على معصيتي ،{وَلِوَالديك} بالإحسان إليهما بالقول اللين، والكلام اللطيف، والفعل الجميل، والتواضع لهما، وإكرامهما وإجلالهما، والقيام على خدمتهما واجتناب الإساءة إليهما من كل وجه، بالقول والفعل.
الصلاة ميزان
عن أبي العالية -رحمه الله- قال: «كُنْتُ أَرْحَلُ إِلَى الرَّجُلِ مَسِيْرَةَ أَيَّامٍ لأَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَتَفَقَّدُ صَلاَتَهُ، فَإِنْ وَجَدْتُهُ يُحْسِنُهَا، أَقَمْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجِدْهُ يُضِيِّعُهَا، رَحَلْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَقُلْتُ: هُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ» سير أعلام النبلاء للذهبي (4/209)، فالصلاة ميزان الإيمان، وعلى حسب إيمان العبد تكون صلاته وتتم وتكمل، فإذا صلحت صلح له سائر عمله، وإذا فسدت فسد سائر عمله، وهي محك دقيق يستطيع المرء أن يزن نفسه وغيره من خلال حظه منها واهتمامه بها، وهي مرآة حال العبد ومدى عظمة دين الله في قلبه، ومن ضيعها فهو لما سواه أضيع، وهي المقياس الصحيح لمتانة دين الرجل ومكانته في الإسلام وحظه ونصيبه منه.
من سمات المؤمنين سلامة الصدر واللسان
إنَّ من سمات المؤمنين العظيمة وصفاتهم الكريمة الدالة على كمال إيمانهم وتمام دينهم ونُبل أخلاقهم، سلامة صدورهم وألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين؛ فليس في قلوبهم حسد أو غل أو بُغض أو ضغينة، وليس في ألسنتهم غيبة أو نميمة أو كذب أو وقيعة، بل لا يحملون في قلوبهم إلا المحبة والخير والرحمة والإحسان والعطف والإكرام، ولا يتلفظون بألسنتهم إلا بالكلمات النافعة والأقوال المفيدة والدعوات الصادقة .هؤلاء هم الذين قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر:10).
تعلم أسماء الأنبياء
عن الضحاك رحمه الله قال: «عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَهَالِيَكُمْ وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاؤوا بِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}»، هذه لفتة تربوية مهمة لينشأ الأبناء على معرفة الأنبياء وحبهم والاقتداء بهم، فإن الله لما ذكر عبده وخليله إبراهيم -عليه السلام- في سورة الأنعام، وذكر بعده سبعة عشر نبيا أتبع ذلك -سبحانه- بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} أي: اتبع طريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده، والأخلاق الحميدة، والنهج القويم، والأفعال المرضية، والصفات الرفيعة، وهم الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية لسبيلهم في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فهو يحب لنا ويأمرنا أن نتبع صراط هؤلاء وهو سبيل من أناب إليه، وذلك أنهم لما قاموا بحقيقة الإيمان علما وعملا ودعوة وجهادا جعلهم الله أئمة للخلائق، وجعل الخلائق تبعا لهم يأتمون بأمرهم ويهتدون بهداهم، وخص بالسعادة والفلاح والهدى أتباعهم وبالشقاء والضلال مخالفيهم.
من أدب الحديث
عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
مكفرات الذنوب

قال العلَّامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى-: إنّ التوبة تجب ما قبلها، والإيمان والإسلام يهدم ما قبله، والعمل الصالح الذي هو الحسنات، يذهب السيئات، وسلوك طرق الهداية بجميع أنواعها، من تعلم علم، وتدبر آية أو حديث، حتى يتبيّن له معنى من المعاني يهتدي به، ودعوة إلى دين الحق، ورد بدعة أو كفر أو ضلالة، وجهاد، وهجرة، وغير ذلك من جزئيات الهداية، كلها مكفرات للذنوب محصلات لغاية المطلوب.

ابو وليد البحيرى
2024-08-01, 04:18 PM
تحت العشرين -1201


الفرقان





إصلاح القلوب

إنَّ أهمَّ ما ينبغي على الشاب إصلاحه والعناية به قلبه؛ فإن القلب هو أساس الأعمال، وأصل حركات البدن، وهو لها بمثابة الملك لجنده؛ فإن طاب القلب طاب البدن، وإن فسدَ فسد، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يهتم بإصلاح القلب غاية الاهتمام ويعنى به تمام العناية، ويوصي بذلك في كثير من أحاديثه الشريفة، ويضمِّن ذلك كثيراً من أدعيته المنيفة، فكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا»، ويقول في دعائه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ».
التوسط في الأمور كلها
المتأمل في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجد عنايته بالشباب من أعظم الأمور التي خصها بالتوجيه والإرشاد، ومن ذلك: توجيههم إلى التوسط في الأمور كلها. ففي الحديث الشريف الذى رواه مجاهد أن عبد الله بن عمرو حدثه قال: «كنت مجتهدا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا رجل شاب، فزوجني أبي امرأة من المسلمين، فجاء يوما يزورنا، فقال كيف تجدين بعلك؟ قالت نعم الرجل! لا ينام الليل، ولا يفطر، قال فوقع بي أبي وقال: زوجتك امرأة من المسلمين، فعضلت وفعلت، قال: فجعلت لا ألتفت إلى قوله؛ مما أجد من القوة، إلى أن ذكر ذلك لرسول الله -[- فقال: لكني أنام و أصلي وأصوم وأفطر، فصم من كل شهر ثلاثة أيام، قال: قلت إني أقوى من ذلك فلم يزل حتى قال: فصم صوم داود، صم يوما و أفطر يوما، واقرأ القرآن في كل شهر قال: قلت إني أقوى أكثر من ذلك قال: إلى أن قال: خمسة عشر، قال: قلت: إني أقوى من ذلك، قال: اقرأه في كل سبع حتى انتهى إلى ثلاث، قال: قلت ثلاث....»، في هذا الحديث الشريف نري عنايته - صلى الله عليه وسلم - بالشباب، وحرصه عليهم؛ حيث بين للصحابي عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما- أن الإسلام لم يقتصر اهتمامه على الجانب الروحي فقط، بل وازن بين الجانبين موازنة دقيقة، وضبط العلاقة والنسبة بينهما، وبذلك يلتقي العمل للدين والدنيا معا.
الشباب وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم
على الشباب وغيرهم من المسلمين أن يعتنوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي أحاديثه وسيرته، ويتفقهوا فيها ويحفظوا ما تيسر منها، ويدعوا الناس إلى ذلك؛ لأنها الوحي الثاني والأصل الثاني من أصول الشريعة بإجماع أهل العلم كما قال -عزوجل معظما شأن الكتاب والسنة في آخر سورة الشورى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشـاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} (الشورى: 52، 53) فأخبر -سبحانه- في هذه الآية الكريمة أن القرآن والسنة روح تحصل به الحياة للعباد ونور تحصل به الهداية لمن شاء الله منهم، فجدير بالشباب وغيرهم أن يعضوا على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالنواجذ، وأن يتفقهوا فيهما، وأن يهتدوا بهما إلى صراط الله المستقيم الموصل إليه وإلى دار كرامته.
الصراع بين الحق والباطل



قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: «اعلم -وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه- أن شياطين الإنس والجن لم يزالوا ولن يزالوا يوردون الكثير من الشبه على أهل الإسلام؛ للتشكيك في الحق وإخراج المسلم من النور إلى الظلمات، وتثبيت الكافر على عقيدته الباطلة، وما ذاك إلا لما سبق في علم الله وقدره السابق من جعل هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، وصراع بين الحق والباطل حتى يتبين طالب الهدى وغيره، وحتى يتبين الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق».
الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر



قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: يجب أن نعلم أن الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر لابد أن تكون متلقاة من الشرع؛ لأن مثل هذا الأمر لا يكون إلا بتقدير الله -عزوجل-؛ فلابد أن نسلك الطريق الذي جعله الله -سبحانه وتعالى- طريقا يوصل إلى ذلك، أما مجرد الأوهام التي لا تبنى على أصل شرعي فإنها أوهام لا حقيقة لها.
العقيدة الصحيحة أساس النجاة



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: ليحمد الله من هداه الله لعقيدة السلف ونجاه من العقائد الباطلة؛ فالعقيدة الصحيحة أساس النجاة وقاعدة الفوز والفلاح، وعند الموت لا مجال للاستكثار من الأعمال الصالحة، وفي الدعاء «اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان».
اغتنم حياتك النفيسة
قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ وهو يَعِظُه: «اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك»؛ لذلك فإن على الشباب حفظ الأوقات فيما ينفع، مثل: تلاوة القرآن الكريم، وقراءة الكتب النافعة، وزيارة الأحباب لله وفي الله، ثم مراقبة الله -تعالى- في المتجر والمصنع والمزرعة والوظيفة وفي جميع المجالات والأزمنة والأمكنة؛ فإن الله يراك ويسمعك ويعلم ما يكنه ضميرك، وأنت مسؤول عن وقتك في أي شيء قضيته، والأوقات محدودة والأنفاس معدودة؛ فاغتنم حياتك النفيسة، واحتفظ بأوقاتك العزيزة، فلا تضيعها بغير عمل، ولا تفرط في ساعات عمرك الذاهب بغير عوض؛ فإنك محاسب عليها ومسؤول عنها، ومجازى على ما عملت فيها.
علمني شيخي
يقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - فإذا قيل لك بما عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (فصلت: من الآية37)، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن، ومن مخلوقاته ما ذرأه في هذا الكون من البحار والجبال والبراري والأشجار والأنهار وغير ذلك مما لا تحيط به العقول، ولا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى.
من سبل تقدم الأمة ونهضتها

لا يمكن للأمة أن تتقدم إلا إذا تكاتف شبابها وتعاونوا فيما بينهم على ما يحقق وحدتهم ورقيهم وسعادتهم، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، وتسلحوا بالعلم والمعرفة، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله، فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36).

ابو وليد البحيرى
2024-08-01, 04:20 PM
تحت العشرين -1202


الفرقان






من أهم أخلاق الإسلام
من أهم أخلاق الإسلام، خلوّ القلب من الحِقد والحَسد والكراهية والبغضاء، فهي صفة من صفات الأنبياء والصالحين التي تجعل الإنسان يعيش في سلام وطمأنينة، وتجعله محبوبًا بين الناس، وتساعده على النجاح في حياته، ومن صورها العفو عن الإساءة، والصفح عن الزلات، ومن رَضِيَ الله عنه يرزقه هذه النعمة التي تكشف عن قلبٍ سليم يُحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه.
سلامة الصدور من أسباب النجاة
حرص الإسلام حرصًا شديدًا على تأليف قلوب أبناء الأمة؛ بحيث تشيع المحبة وترفرف رايات الألفة والمودة بينهم، وتزول العداوات والشحناء والبغضاء والغل والحسد والتقاطع. لذا منَّ الله على النبي محمد- صلى الله عليه وسلم - بانشراح الصدر، وسلامة القلب، وطهارة النفس؛ فقال -سبحانه-: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (الشرح: 1-4)، وامتن الله على المؤمنين بهذه النعمة العظيمة فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} (آل عمران:103)، وحتى تشيع الألفة والمودة بيننا فلابد من سلامة الصدور، وطهارتها من الغل والحقد والبغي والحسد، خصوصًا أن الله -تعالى- قد علَّق النجاة يوم القيامة بسلامة القلوب: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء:88، 89)، وأخبر الله -تعالى- عن حال أهل الجنة فقال: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ} (لأعراف:43). {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر:47)، ونهى النبي- صلى الله عليه وسلم - عما يُوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء، فقال- صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تقاطعوا ولاَ تدابروا ولاَ تباغضوا ولاَ تحاسدوا وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا ولاَ يحلُّ لمسلمٍ أن يَهجرَ أخاهُ فوقَ ثلاثٍ».
أسباب معينة على سلامة القلب
يمكن للمسلم أن يتحلى بخلق سلامة الصدر مع الناس جميعًا من خلال بعض الطرائق التربوية، منها: الدعاء: فهو من أعظم الأسباب لتحقيق سلامة القلب، وكان من دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم -: «وأسألك قلبًا سليمًا»، كما أثنى الله على المؤمنين لدعائهم: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا}.
حُسن الظن: قال عمر: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً.
التماس الأعذار: فلابد من إقالة العثرات والتغاضي عن الزلات، والتماس الأعذار للآخر، يقول ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه.
ادفع بالتي أحسن: وليس هذا من العجز، بل من القوة والكياسة قال الله -تعالى-: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت:34).

علاج النفس من العيوب
إنّ علاج النفس من العيوب، له أهمية كبيرة في حياة المسلم، سواء على المستوى الشخصي الذي ينعكس عليه بالسعادة والنجاح، والصحة النفسية، أم على المستوى الاجتماعي، بالقدرة على بناء علاقات اجتماعية قوية وصحية، وبناء مجتمع سليم وسوي، أو على المستوى الديني بالقرب من الله -تعالى-، والنجاة من العذاب يوم القيامة؛ لذا كان سلفنا الصالح- رضوان الله عليهم- يحاسبون أنفسهم باستمرار، ويقومونها ويعالجونها كما يعالج الطبيب مريضه، فصلح حالهم، وعاشوا في أمن وأمان، وحقَّقُوا بذلك السعادة العاجلة والآجلة.
من أسباب السعادة



قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: «من أسباب السعادة أنه كلما وقعت منك زلة فبادر بالتوبة والإصلاح، وكن متفقها في دينك، لا تنشغل بحظك من الدنيا عن حظك من الآخرة، بل اجعل للدنيا وقتا، وللتعلم وللتفقه في الدين، والتبصر والمطالعة والمذاكرة والعناية بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحضور حلقات العلم ومصاحبة الأخيار غالب وقتك، فهذه الأمور هي أهم شأنك، وسبب سعادتك».
الأخلاق مواهب



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحيسن البدر: عن عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إنَّ الله -تعالى- قَسَمَ بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم»، فالأخلاق هباتٌ من الله، وقسمةٌ منه، وتفضُّلٌ؛ فالذي يُعطي الأرزاق هو الذي يُعطي الأخلاق، قال ابن القيم -رحمه الله-: «فإنَّ الأخلاق مواهب، يهب الله منها ما يشاء لمن يشاء»؛ ولهذا كما أنَّه مطلوب في باب اكتساب الرزق أمران لابد منهما: اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- والتوكل عليه، والسعي في طلب الرزق من وجوهه المشروعة المباحة، فكذلك في باب الأخلاق مطلوب اللجوء إلى الله -تعالى- ليمن علينا بالأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة، مع السعي ومجاهدة النفس على تحقيقها.
اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا
عن أبي هريرة- رضي الله عنه -، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امْرَءًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا».
الاستعانة بالله والتوكل عليه



قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: إن الله -تعالى- قد ينزل البركة للإنسان في وقته؛ بحيث يفعل في الوقت القصير ما لا يفعل في الوقت الكثير، ومن أعظم ما يعينك أن تستعين بالله -عزوجل- في جميع أفعالك، بأن تجعل أفعالك مقرونة بالاستعانة بالله حتى لا توكل إلى نفسك؛ لأنك إن وكلت إلى نفسك وكلت إلى ضعف، وعجز وإن أعانك الله فلا تسأل عما يحصل لك من العمل والبركة.
فن التواصل مع الآخرين
يُعد التواصل مع الآخرين بأمانة وصدق من الأخلاقيات التي حثَّ عليها الإسلام؛ حيث أكد ضرورة إحياء الروابط الإنسانية وزرع المحبة وتنميتها في النفوس، لتؤدي بدورها إلى تقوية التعاون في إطار العلاقات الطيبة البناءة، ومن ثم خَلق مجتمعات فاضلة متماسكة ومتمسكة بدينها وقيمها، وفي الوقت نفسه تخلو من المنازعة والمشاجرة.

ابو وليد البحيرى
2024-08-01, 04:21 PM
تحت العشرين -1204


الفرقان






بأخلاقنا لا بأخلاقهم
الإنسان منا يجب عليه أن يتعامل مع الناس بأخلاقه، لا بأخلاق الناس ومعاملتهم؛ لأنَّ الناس منهم الكاذب، ومنهم المنافِق، ومِنهم الغشاش، وغير ذلك؛ فلو أنَّك عاملت كل صنف من الناس بمعاملته وبأخلاقه، اجتمعت فيك كل مساوئ الأخلاق التي في الناس، ولتعلم أن: «كل إناء بما فيه يَنضح»، عامِلِ الناس بأخلاقك لا بأخلاقِهم؛ فإن لم يكونوا أهلًا للجنة بأخلاقهم، فكن أنت أهلًا للجنَّة بخلُقِك.
الشباب والتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
الشابُّ المسلم شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان ذا خُلق عظيم، بشهادة الله -تعالى- له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، فكان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ». فالشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا»، ومن أهم صفات الشاب صاحب الأخلاق أنه رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، لقول الله -عزوجل- لنبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم -: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، و»لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا»، ولا يغضب، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَب، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ»، وإذا غضب لا يغضب إلَّا لدين الله كما رُوي عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ»، شعاره الرفق واللين، فالله يقول لموسى وهارون -عليهما السلام-، لما أرسلهما إلى طاغية الأرض فرعون؛ قال -تعالى-: { فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } (طه: 44)، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم - مادِحًا للرِّفْق ذامًّا لغيره: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».
الركائز الثلاث الأساسية
المعاملة الحسنة مع الناس مِن حسْن الخلُق، وحسْن الخلُق من الركائز الثلاث الأساسية التي قام عليها الإسلام؛ وهي: العقائد، والعبادات، والمعاملات؛ لذلك حثَّنا المولى تبارك و-تعالى- على حسْن الخلق في كتابه الكريم إذ يقول: {وَالْكَاظِمِين الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134)، وقد جمع الله مكارم الأخلاق في آيةٍ واحدةٍ فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف: 199)، قال مجاهد: «خذ العفو، يعني: العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسُّس، وذلك مثل قبول الاعتذار، والعفو، والمساهلة، وترك البحث عن الأشياء، ونحو ذلك».
درر من أقوال العلماء
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «إذا افتقر العبدُ إلى اللَّه ودَعَاهُ، وأدمنَ النَّظَر في كلام اللَّه، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلام الصحابة والتابعين وأئمَّة المسلمين: انفَتَحَ له طريق الهُدَى».
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: من أراد عز الدنيا، والرزق الحلال فيها، والنعيم في الآخرة، فعليه بالتقوى.
قال العلامة محمد بن عثيمين -رحمه الله-: ينبغي لكُلِّ إنسان رأى من النّاس جمعًا أو عدوانًا عليه أن يقول: «حسبنا الله ونعم الوكيل»؛ فإذا قال هكذا، كفاهُ الله شرّهُم، كما كفى إبراهيم ومحمدًا -عليهما الصّلاة والسّلام.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله -تعالى-: الفتن مثل الطوفان، ولا ينجي منها إلا التمسك بالسنة، ولا يمكن أن تتمسك بالسنة إلا إذا عرفتها.

صفات من يقتدى بهم
قال ابن القيم -رحمه الله- في الكلام على قوله -تعالى-: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28)، «فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر أو هو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى، وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط لم يقتد به ولم يتبعه، فإنه يقوده إلى الهلاك، ومعنى الفرط هو التضييع، أي: أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به، وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه.
من أخلاق الشاب المسلم
من أخلاق الشاب المسلم أنه لا يقابل السيئة بالسيئة؛ وإنما يقابلها بالحسنة؛ لأنه يريد أن يكون من ذوي الحظ العظيم؛ كما قال الله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35)، ولا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ؛ لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23).
الاقتداء بالصحابة فضيلة
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهم، وأوجب لهم الجنة -كما في كتابه-، هم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم، رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، ورضي عنهم بطاعتهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم -، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، الذين حملوا الدين، وانتشر بهم الإسلام.
خصال التائبين
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {*التَّائِبُونَ *الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.
عظم أمنيات الصحابة تدل على عظم نفوسهم
شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: (سل) اطلب ما تريد (سل)، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: (أو غير ذلك؟) قلت: هو ذاك، قال: (فأعني على نفسك بكثرة السجود).
يا خير جيل على الأرض التي بُسطت
ما سار مثلكم في البر والبحر
يا خير جيل صحبتم خير من وطأت
أقدامه الأرض في حل وفي سفر
فرسان حرب إذا ما الحرب قد حميت
رهبان ليل إذا ما جُلْت في السحر
هم الذين لشرع الله قد حملوا
هم الهداة بآي الله والسور

ابو وليد البحيرى
2024-08-07, 05:59 PM
تحت العشرين -1205


الفرقان



هنيئًا للشباب الأتقياء
هنيئًا لشاب تقي تعلّق قلبه بعبادة ربه، واعتاد المساجد لتأدية الصلوات المكتوبة وللجلوس في مجالس الخير، وعمل الصالحات وقراءة القرآن وذكر الله، وسار في الطريق الصحيح السليم، ومن تعوّد الطاعة في صغره يفعلها سجية في كبره، وما أكثر الشباب الذين تعلقت قلوبهم بالعبادة والتقى! آخذين بأزمة نفوسهم نحو رضا الله -سبحانه وتعالى-، يرجون رحمته ويخافون عذابه؛ فهؤلاء الصنف من الشباب هم الذين عناهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
شاب نشأ في عبادة الله
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه. ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِقَ يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه»، وحديثنا عن هذا الشاب الصالح الذي نشأ على طاعة الله -تعالى-، فعلم أنه مسؤولٌ عن شبابه فيما أبلاه، وعمل بوصية نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها؛ حيث قال: «اغْتَنِم خمسًا قبل خَمْسٍ: شبابَك قبل هَرَمِكَ، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك، وصحتَك قبل سقمك، وغِنَاك قبل فَقْرك»، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قَدَما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمسٍ: عمره فيم أفناه؟، وعن شبابه فيم أبلاه؟، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟، وماذا عمل فيما عَلِم؟»، فهذا الشاب وفَّقَهُ الله -منذ نَشأ- للأعمال الصالحة، وحبَّبها إليه، وكَرَّه إليه الأعمال السيئة، وأعانه على تركها: إما بسبب تربية صالحة، أو رِفْقة طيبة، أو غير ذلك؛ وقد حفظه الله من اللهو واللَّعب المذمومين، وإضاعة الصلوات، وقد أثنى الله على هذا النشء المبارك بقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13).
قم فأدِّ دورك في الحياة
الشاب الإيجابي يعلم أنه لم يأت إلى الدنيا ليعيش بلا رسالة ولا هدف، ثم يخرج بلا أثر، إنما جاء في هذه الحياة ليترك فيها بصمته؛ لذلك لَمَّا أتى النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- الوحي، وأصاب منه ما أصاب، وهزَّه هزةً شديدة، أسرع إلى خديجة يقول: «زملوني زملوني، دثروني دثروني»، فإذا بالحق يوحي إليه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (المزمل: 1 - 4)، وفي الأخرى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر: 1 - 5)، أي قم فأدِّ دورك في هذه الحياة؛ فقد مضى وقت النوم، أنت الآن مرسل من قبل رب العالمين بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
الْأَخْلَاقُ مَنَائِحُ
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الموفق من يجاهد نفسه على القيام بمحاب الله مستعينًا به وحده راجيًا مده وعونه، ملتمسًا أن يمنحه من منائح رفده ومواهب بره، لا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يدفع السيئات إلا هو، يهدي لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو، ويصرف عن سيئها لا يصرف عن سيئها إلا هو، قال طَاوُسٍ بن كيسان -رحمه الله-: «إِنَّ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ مَنَائِحُ يَمْنَحُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ -عَزَّوَجَلَّ- بِعَبْدٍ خَيْرًا مَنَحَهُ مِنْهَا خُلُقًا صَالِحًا».
أكرم الناس نفسًا وأطيبهم قلبًا
الشاب المؤمن التقي، أكرم الناس نفسًا، وأنداهم كفًّا، وأطيبهم قلبًا، وأرقهم عاطفة، وأصدقهم عزمًا، هو الذي يجلّ الكبير ويحترمه، ويحنّ على الصغير ويرحمه، فلا تسمعه إلا مهنئًا أو معزيًا أو مشجعًا أو مسلِّمًا، ولا تراه إلا هاشًّا باشًّا طلق الوجه مبتسمًا، يحلّيه إيمانه بمكارم الأخلاق، وجدير بشاب هذا شأنه أن يكون آمنًا إذا فزع الناس أجمعون، وأن يظله الله - تحت ظل عرشه يوم القيامة: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13).
ألا بذكرِ اللّه تطمئنُّ القلوب
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله تعالى في تفسيره-: ذَكَرَ الله -تعالى- علامة المؤمنين، فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ}؛ أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضُرُها أفراحها ولذَّاتها، {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}؛ أي: حقيق بها وحريٌّ ألا تطمئنَّ لشيءٍ سوى ذكره؛ فإنَّه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها والأنس به ومعرفته، وعلى قَدْرِ معرفتها باللّه ومحبَّتها له يكون ذِكْرُها له.
شكر نعم الله -عز وجل
قال الشيخ: عبدالمحسن العباد البدر: إن أعظم نعمة أنعم الله بها على المسلمين أن هداهم للإسلام وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهي النعمة التي لا يماثلها نعمة ولا يدانيها نعمة، ومن أعظم نعم الله على المسلم بعد نعمة الإسلام نعمة العقل ونعمة الصحة والعافية، ومن شكر الله -عزوجل- على هذه النعم أن يستعملها المسلم في طاعة الله، وفي كل ما فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وألا يستعملها في معصية الله ولا في ما فيه مضرته في الدنيا والآخرة.
الشباب الذي نريد
إننا نريد شبابًا طامحين، لا يرتضون إلا ذرى الجبال مطيةً لهم، ونريدُ شبابًا على طريق الهدى والتقى سائرين، وبنهج سيدنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - مقتدين، نريد من شبابنا أن يتجهوا صوب المعالي، وأن يسلكوا سبل الرشاد، وأن يديروا ظهورهم لهذا السيل الغازي من الأفكار الوافدة التي تتعارض مع ديننا وقيمنا وأخلاقنا، إننا اليوم في حاجة شديدة إلى الشباب المؤمن، الذي يشعر بواجبه تجاه دينه وأمته، شباب يعرف ما عليه من واجبات، وما له من حقوق.
من وصايا الحكماء للأبناء
يا بني: إذا رأيت قومًا يذكرون الله فاجلس معهم؛ فإن تك عالمًا ينفعك علمك، وإن تك جاهلًا يعلموك.
يا بني: إياك وصاحب السوء! فإنه كالسيف يحسن منظره، ويقبح أثره.
يا بني: احذر الحسد! فإنه يفسد الدين، ويضعف النفس، ويعقبه الندم.
يا بني: لا تؤخر التوبة؛ فإن الموت يأتي بغتة.
يا بني: إذا كنت في الصلاة فاحفظ قلبك، وإن كنت في بيت الآخر فاحفظ بصرك، وإن كنت بين الناس فاحفظ لسانك.

من روائع الشعر

شباب ذللوا سبلَ المعالي

وما عرفوا سوى الإسلام دينا

إذا شهدوا الوغى كانوا كماةً

يدكون المعاقل والحصونا

وإن جنَّ المساء فلا تراهم

من الإشفاق إلا ساجدينا

وما عرفوا الأغاني مائعات

ولكن العلا صيغت لحونا

ولم يتشدقوا بقشور علم

ولم يتقلبوا في الملحدينا

كذلك أخرج الإسلام قومي

شبابًا مخلصًا حرًّا أمينا

وعلمه الكرامة كيف تُبْنَى


فيأبى أن يذل وأن يهونا

ابو وليد البحيرى
2024-08-07, 06:00 PM
تحت العشرين -1206


الفرقان







الشاب المستقيم في ظل عرش الرحمن
الشاب المستقيم في ظل عرش الرحمن يوم القيامة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعةٌ يظلُّهم الله -تعالى- في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِق يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه».
من أسباب استقامة الشباب
لا شك أن الله -عزوجل- جعل للاستقامة على الدين والخير أسبابًا برحمته وفضله، فمن أخذ بهذه الأسباب جنى ثمارها اليانعة، وتتلخص هذه الأسباب في أمور عدة: أولها: وجود القدوة الحسنة
فوجود القدوة الحسنة للشاب في التربية والرعاية الحسية والمعنوية سبب مهم من أسباب استقامته؛ لذلك ينبغي على الشباب البحث عن القدوة الحسنة، وأسمى قدوة حسنة في حياتنا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو الأسوة الحسنة، ثم العلماء الربانيون الذين ساروا على منهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته. ثانيًا: الارتباط بالمساجد
من أسباب استقامة الشباب الارتباط بالمساجد لأداء الفرائض، والحرص على السنن الرواتب، ولا سيما الوتر وسنة الفجر، والحرص على قيام الليل، فالتزام الشباب بذلك له أعظم الأثر في حسن سلوكهم، وسداد حالهم، وصلاح نفوسهم وقلوبهم، وفي استقامتهم وفي الثبات على هذه الاستقامة. ثالثًا: مجالسة العلماء
من أسباب استقامة الشباب الحرص على مجالسة العلماء وطلبة العلم الشرعي، واختيار الصاحب الصالح، والصديق الذي يعين على الخير، الذي شبهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بحامل المسك الذي إذا جلست إليه إما أن يعطيك من المسك وإما أن تجد منه ريحا طيبة. رابعًا: استثمار أوقات الحياة
من أسباب استقامة الشباب استثمار أوقات الحياة في كل علم نافع وعمل صالح، بل وفي كل ما من شأنه أن يكون نافعًا في دينهم ودنياهم؛ فالشباب مسؤولون أمام الله -عزوجل- عن أعمارهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟». خامسًا: الحذر من أصحاب السوء
إنَّ مجالسة الأشرار والسفهاء والفساق، تؤثر على استقامة الشباب، فليس عند هؤلاء إلا لغو القول، وقبيح الفعل، وسوء الخلق، وعاقبة ذلك خسارة الدنيا والآخرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم - شبه الصاحب السيء بنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا كريهة.
الحذر من إضاعة الأعمار والأوقات
احذروا يا شباب أشدَّ الحذر من هدر أعماركم في غير طاعة واجتهاد، أو إضاعته في الذُّنوب والسيئات! فإنَّ الخاسر يومَ القيامة من يَجد نفسَه بلا حسنات تثقل ميزانه، فيتمنى يومَها العودة إلى دار العمل، فلا يُجاب، كما أخبر الله - تعالى - عن هذا الصنف في كتابه؛ فقال -تعالى-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون: 99 - 104).
الطريق الأمثل للاستقامة
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: إن الطريق الأمثل ليسلك الشباب طريق الاستقامة في الدين هو أن يستقيم على النهج القويم بالتفقه في الدين ودراسته، وأن يعنى بالقرآن الكريم والسنة المطهرة، وأنصحه بصحبة الأخيار والزملاء الطيبين، وملازمة العلماء المعروفين بالاستقامة حتى يستفيد من علمهم ومن أخلاقهم، كما أنصحه بالمبادرة بالزواج، وأن يحرص على الزوجة الصالحة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
كن دائمًا مع الله -تعالى
من وصايا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- للشباب: احرص على أن تكون دائماً مع الله -عزوجل- مستحضراً عظمته متفكرًا في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون قلبك مملوءًا بتعظيم الله -عزوجل- حتى يكون في نفسك أعظم شيء، وباجتماع محبة الله -تعالى- وتعظيمه في قلبك تستقيم على طاعته قائماً بما أمر به لمحبتك إياه تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له.
الشباب وعلو الهمة
دعا القرآن الكريم المؤمنين إلى علو الهمة في الأعمال الصالحة، قال -تعالى-:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال -تعالى-:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}، ويقول ابن القيم: «وهمة المؤمن إذا تعلقت بالله-عزوجل- طلبا صادقا خالصًا محضًا، فتلك هي الهمة العالية»، فعلى المؤمن أن يوجه همته لعلو الدين.
السعيد من اتعظ بغيره
قال مطرف: «اللهم إني أعوذ بك، أن يكون أحدٌ أسعد بما علمتني مني، وأعوذ بك أن أكون عبرة لغيري»، يا لها من دعوة عظيمة وصفها شيخ الإسلام ابن تيمية بأنَّها (من أحسن الدعاء)، ومن لم يعمل بعلمه ودعا الناس إليه كانوا أسعد بعلمه منه، ومن لم يعتبر بحال غيره من المفرطين الذين سبقوه كان لمن بعده عبرة.
حال الناس مع الحق
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الناس في تحري الحق وطلبه قسمان: قسم يريده ويطلبه وإذا ظفر به فرح وتلقاه بالقبول، وقسم آخر نفسه عازفة عن الحق وغير مقبلة عليه، وإذا عرض له شيء من الحق تكلف في رده، ولكلٍّ منهما علامة، قال الدارمي -رحمه الله في كتابه الرد على الجهمية-: «الَّذِي يُرِيدُ الشُّذُوذَ عَنِ الْحَقِّ، يَتَّبِعُ الشَّاذَّ مِنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَيَتَعَلَّقُ بِزَلَّاتِهِمْ، وَالَّذِي يَؤُمُّ الْحَقَّ فِي نَفْسِهِ يَتَّبِعُ الْمَشْهُورَ مِنْ قَوْلِ جَمَاعَتِهِمْ، وَيَنْقَلِبُ مَعَ جُمْهُورِهِمْ».
علو الهمة عند شباب الصحابة
«كان شباب الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- يتأسون بنبيهم وفخرهم في الدنيا والآخرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوصلتهم همتهم إلى العلياء؛ فقد أسلم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو ابن ثماني سنين، ودعت همة أرقم بن أبي الأرقم لأن يفتح داره للدعوة في أول الإسلام، ويتعلم زيد بن ثابت لغة اليهود في نصف شهر، ولقد دفعت همة ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه -، أن يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -،: «أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار»؛ لما قال له رسول الله- - صلى الله عليه وسلم - «سلني يا ربيعة أعطك

ابو وليد البحيرى
2024-08-07, 06:02 PM
تحت العشرين -1207


الفرقان






حاجتنا إلى قدوات ونماذج عملية
لابد للشباب المسلم أن يتمثل العقيدة ويتشربها لتتحول إلى واقع عملي في حياته وفي تعامله مع الأنام، تأسياً بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، الذين تحولوا إلى نماذج فريدة سلوكاً وإخلاصاً وطهراً، وهو المطلوب اليوم في واقعنا؛ فالمطلوب إخراج نماذج وقدوات عملية تدعو بواقعها كما تدعو بلسانها، وتعيش بهذا الدين وتنعم به، وتُنعم غيرها برؤيته واقعا مُعاشا فتنجذب له النفوس وتَصلح به أخلاق وأحوال.
الخير كله في الشباب
اعتنى الإسلام بالشباب عناية فائقة، ووجههم توجيها سديدا نحو البناء والنماء والخير، واهتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالشباب اهتماما كبيرا، فقد كانوا الفئة الأكثر التي وقفت بجانبه في بداية الدعوة فأيدوه ونصروه ونشروا الإسلام وتحملوا في سبيل ذلك المشاق والعنت.
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ما آتى الله -عز وجل- عبدا علما إلا شابا، والخير كله في الشباب»، ثم تلا قوله -عز وجل-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، وقوله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، وقوله -تعالى-: {وآتيناه الحكم صبيا}، وعمل - صلى الله عليه وسلم - على تهذيب أخلاق الشباب، وشحذ هممهم، وتوجيه طاقاتهم، وإعدادهم لتحمل المسؤولية في قيادة الأمة، كما حفزهم على العمل والعبادة، فقال -صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وعد منهم: «شاب نشأ في عبادة الله»، وحث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الشباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، فقال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير»، غير أنه نوه إلى أن القوة ليست بقوة البنيان فقط، ولكنها قوة امتلاك النفس والتحكم في طبائعها، فقال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
المؤمن صاحب همة عالية
إن المؤمن بالله ولقائه عالي الهمة سامي الهدف؛ ولذا يغتنم كل حال من أحواله، وكل لحظة من لحظات عمره فيما يقربه إلى الله -تعالى- ويرفع درجته عنده، ويحصل به مغفرته ورحمته، مهتديًا بالقرآن وبما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيان فيخلص التوحيد، ويحافظ على الصلوات المكتوبات، ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج ويعتمر، ويجاهد ويصبر ويصل الرحم ولو قطعت، ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويعطي كل ذي حق حقه؛ فيفعل الخير ويعين على البر وييسر ولا يعسر، ويقول الكلمة الطيبة ويجود بالصدقة والنفقة ولو بالتمرة؛ فإن الله -تعالى- يقبلها ويربيها لصاحبها حتى تكون كالجبل العظيم، ويلهج بالباقيات الصالحات: (سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)؛ فإنها غراس في الجنة، وبها تبنى قصور الجنة، ويرحم البهيمة حتى يسقى الكلب من العطش؛ لأنه من أسباب المغفرة، ويميط الأذى عن الطريق؛ فإنه سبب لدخول الجنة، ويصدق في بيعه وينصح لكل مسلم، ويحسن إلى أصحابه وجيرانه، ويهدي لإخوانه، ويحب للناس ما يحب لنفسه، ويكره لهم من الشر كما يكرهه لنفسه.
القرآن الكريم يدعونا لعلو الهمة
دعا القرآن الكريم المؤمنين إلى علو الهمة في الأعمال الصالحة، قال -تعالى-:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال -تعالى-:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}، ويقول ابن القيم: «وهمة المؤمن إذا تعلقت بالله-عز وجل- طلبا صادقا خالصا محضا، فتلك هي الهمة العالية»، «وعلى المؤمن أن يوجه همته لعلو الدين»، ويمدح القرآن الكريم رجالا لم تشغلهم تجارتهم، ولا بيعهم عن عبادة الله -عز وجل-؛ لهمتهم العالية، قال -تعالى-: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} وآخرون دعتهم المضاجع للنوم والراحة، ولكنهم رفضوها مع نعومتها، واحتياجهم لها، يدعون ربهم خوفا وطمعا، قال -تعالى-: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَهُمْ يُنفِقُونَ}، وكان الجزاء على قدر الهمم، قال -تعالى-: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي: «فكان الجزاء من شيء نفيس تقرّ به أعينهم وتسرّ».
أثر عقيدة الإيمان في السلوك والأخلاق
إن سلوك الإنسان وأخلاقَه وتصرفاتِه في الحياة مظهرٌ من مظاهر عقيدته في حياته الواقعية وممارساته اليومية، فإن صلَحت العقيدة الإيمانية صلَح السلوك واستقام، وإذا فسَدت فسد واعوجَّ، ومن ثَمَّ كانت عقيدة التوحيد والإيمان بالله ضرورةً، لا يستغني عنها الإنسان؛ ليستكمل شخصيته، ويحقق إنسانيته، وقد كانت الدعوة إلى عقيدة التوحيد أول شيء قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتكون حجر الزاوية في بناء الأمة المسلمة. فثمرة كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) ثمرة طيبة تُؤتِي أُكُلَها في كلِّ حين بإذن ربها، والمؤمن كذلك لا يزال يُرفع له عمله الصالح في كل وقت حتى بعد مماته، وقد قال الله عنها: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (إبراهيم: 24 - 25).
غاية المسلم الأساسية من الأخلاق
غاية المسلم الأساسية في أخلاقه، أن يحقق مرضاة ربِّه في الآخرة، قال -تعالى-: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7، 8)، كما أن المسلم يحقِّق سعادته في الدنيا قبل الآخرة، يقول -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28)، فالسرور ثمرة عملية لمن يتحلَّى بالأخلاق الفاضلة، والطمأنينة القلبية والشعور بخيرية الذات وخيرية المصير، وهذه من ثمرات الانسجام بين الإيمان والأخلاق، وذلك نتيجة طبيعية؛ لأن الإنسان عندما يتصرَّف بمقتضى عقيدته يشعرُ بأنه إنسان خيِّر قويُّ الإرادة، يتغلب على نوازعه الشريرة وشهواته، ويرتفع بنفسه إلى ما يُرضِي ربه، هذا في الدنيا، فهو في كل عمل يعمله - سواء كان هذا العمل مع نفسه، أم مع ربه، أم مع الناس - يدرك أن الله معه، ويتذكر دائمًا أن الله مطَّلع عليه، يقول: «الله مطلع علي، الله يراني»، ويتذكر قوله -تعالى-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18)، رقابة من الله ومن الملائكة لحظة بلحظة، فهل يمكن أن يفكِّر أن يعصيه، أو يتمرد عليه وهو تحت رقابته؟ وإذا هو استطاع أن يفلت من عقوبة الدنيا ومحاكم الدنيا، فهل يمكنه أن يهرب من عقوبة الله في الآخرة؟ قال -تعالى-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء: 47).
حكم ترك الصلاة في جماعة


قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: ترك الصلاة في الجماعة دون عذرٍ من باب المعاصي؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة في جماعةٍ، وقال للأعمى لما قال له: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، قال: هل تسمع النِّداءَ بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب.
حال الناس مع الحق


قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الناس في تحري الحق وطلبه قسمان: قسم يريده ويطلبه وإذا ظفر به فرح وتلقاه بالقبول، وقسم آخر نفسه عازفة عن الحق وغير مقبلة عليه وإذا عرض له شيء من الحق تكلف في رده، ولكلٍّ منهما علامة، قال الدارمي -رحمه الله- في كتابه الرد على الجهمية: «الَّذِي يُرِيدُ الشُّذُوذَ عَنِ الْحَقِّ، يَتَّبِعُ الشَّاذَّ مِنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَيَتَعَلَّقُ بِزَلَّاتِهِمْ، وَالَّذِي يَؤُمُّ الْحَقَّ فِي نَفْسِهِ يَتَّبِعُ الْمَشْهُورَ مِنْ قَوْلِ جَمَاعَتِهِمْ، وَيَنْقَلِبُ مَعَ جُمْهُورِهِمْ».

ابو وليد البحيرى
2024-08-13, 10:50 PM
تحت العشرين -1208


الفرقان






حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته كثيرة وهي حقوق يجب على كل فرد معرفتها والعمل بها وتطبيقها قولاً وعملاً؛ إذ كيف يدعي مسلم حب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم لا يقوم بما هو مطلوب منه تجاه من يحب؛ فالخير كل الخير فيما أمر به -عليه الصلاة والسلام- أو حث أمته عليه، والشر كل الشر في مخالفة أمره ونهيه، وقد حذر المولي -عزوجل- من مخالفة أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم ! فقال -تعالى- {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: 63).
الشباب ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم
محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست كلامًا يُقال، ولكنها متابعة له وترَسُّم هديه في كل أمر من أمور الدِّين والدنيا، فلا ينبغي للمسلم الصادق أن يقدم هواه ومراد نفسه على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -. فمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - تقتضي قبول ما جاء به، فيصدقه فيما أخبر، ويطيعه فيما أمر، وينتهي عن كل ما حذَّر منه وزجر، بل وتقتضي حسن التأسي به -عليه الصلاة والسلام- في كل شيء، وتحقيق الاقتداء به في أخلاقه وآدابه ونوافله وتطوعاته، وأكله وشربه ولباسه، وجميع أموره، فيا أيَّها الشباب المحبون لرسولكم محمد - صلى الله عليه وسلم -، تمسكوا بسنته، واتبعوا هديه ظاهرًا وباطنًا، في عبادته، وفي أخلاقه، وفي معاملاته، بل في طريقة أكله وشربه وهيئة جِلسته؛ فالمحبة ليست كلامًا يقال، ولا شعارات ورايات تُرفع، لكن محبة المصطفى متابَعة وتطبيق، وتنفيذ لأوامره، واجتناب نواهيه، والتسليم له في كل شيء، كما قال ربَّنا -عز وجل-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
من حق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته أن يصلوا عليه كلما ذكر اسمه -عليه الصلاة والسلام-، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب: 56)، فالصلاة والسلام عليه واجبة على كل مؤمن ومؤمنة في بعض الأوقات، ومستحبة في أوقات أخرى؛ لما في ذلك من الأجر العظيم من الله -جل وعلا-، ولما في ذلك أيضًا من طاعة لله -تعالى- عندما أمر المؤمنين بالصلاة والسلام عليه.
من جواهر الكلام
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «لَا يَرْجُو عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذنبه» هذه الكلمة كما قال ابن تيمية -رحمه الله- من جواهر الكلام ومن أحسنه وأبلغه وأتمه، فمن رجا نصرا أو رزقا من غير الله خذله الله، والرجاء يكون للخير، والخوف يكون من الشر، ففي الترمذي عن أنس - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟، قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -[-: لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ».
علمني شيخي
علمني الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- أنَّ الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مواضع كثيرة، فإذا اجتهد العبد في طاعة الله زاد إيمانه، وإذا أتى بعض المعاصي أو ترك بعض الواجبات نقص إيمانه، والحب في الله والبغض في الله من الإيمان؛ فحب المؤمنين حب للرسل وحب لما شرع الله من الإيمان، فالإيمان: قول وعمل، تصديق بالقلب وقول باللسان، وعمل بالقلب والجوارح، والإيمان يزيد وينقص.
حقيقة العبادة
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: العبادة هي التقرب إلى الله -تعالى- بما شرعه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه، وفائدتها تعود إليهم، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد، ولما كان العباد لا يمكنهم أن يعرفوا بأنفسهم حقيقة العبادة التي ترضي الله -سبحانه- وتوافق دينه، أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب لبيان حقيقة تلك العبادة، كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (النحل:36).
المسجد الأقصی

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/07/108.jpg
المسجد الأقصى أولى القبلتين في الإسلام، يقع داخل البلدة القديمة بالقدس في فلسطين، وهو كامل المنطقة المحاطة بالسور، واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة، تبلغ مساحته قرابة 144,000 متر مربع، ويشمل قبة الصخرة ومعالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم، ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى هضبة موريا، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه، وتقع في قلبه، وسُمِّيَ الأقصَى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظَّم بالزيارة.
قدر الأدب في الدين
قال عبد الله بن المبارك: «كاد الأدب أن يكون ثلثي الدين»، إنَّما كان الأدب بهذه المكانة؛ لأنَّه خُلق عظيم يكون في العبد؛ فيحمله على فعل ما يُحمد من الأقوال والأعمال، فما استُجلبت الخيرات بمثله، وما استُدفعت الشـرور بمثله، يقود صاحبه إلى كلِّ فضيلة وخير، ويحجزه عن كلِّ سوء وشرّ، وهو عنوان فلاحه وسبيل سعادته في دنياه وأخراه.
السنَّةُ سفينة النجاة
قال مالك بن أنس -رحمه الله-: «السنَّةُ سفينةُ نوحٍ، مَن ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق»، وكان علماء السلف -رحمهم الله- يقولون: الاعتصام بالسنة هو النجاة، فكيف يرجو نجاة من تخلف عن سبيل النجاة وأخذ في سبل الهلكة، وما أجمل هذا التشبيه للسنة بالسفينة !.
هذه عقيدتنا

إنَّ مِنْ عقيدة أهْل السُّنَّة والجماعة حبَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الطحاوي - رحمه الله -: «ونحبُّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نفرِّط في حب واحدٍ منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم،.... ولا نذكُرهم إلا بخير، وحبُّهم دين وإيمان وإحسان».

ابو وليد البحيرى
2024-08-13, 10:51 PM
تحت العشرين -1209


الفرقان






العمل التطوعي سعادة
إن المتطوع في أثناء قيامه بعمله التطوعي، يجد مشاعرَ من السعادة والرضا عن النفس، والراحة النفسية بما قدَّمه من مساعدة للآخرين، وهذه السعادة والطمأنينة مطلب جميع البشر؛ فهم يبحثون عن كل ما يزيل عنهم الغم والهم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتحب أن يلين قلبك، وتُدرِك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطْعِمْه من طعامك يَلِنْ قلبُك، وتُدرِك حاجتك»؛ صحيح الجامع.
الشباب والعمل التطوعي
حث الإسلام على التطوع في الكتاب والسنة النبوية، وحثت الكثير من آيات القرآن الكريم على التطوع، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، ففي هذه الآية تجسيد لمعنى التطوع بين أفراد المجتمع المسلم. وحث على القيام بكل عمل يؤدي إلى البر والتقوى، والمجالات عديدة بين الناس سواء كانت مادية أو معنوية، كما حثت الأحاديث النبوية على التطوع في العديد من المجالات الإنسانية والاجتماعية والخيرية، وجاءت أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة العموم في الحث على فعل الخير، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صَنائعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، وصدَقةُ السِّرِّ تُطفئُ غضبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمُرِ»، ويدخل في باب المعروف كل عمل يقوم به الفرد من غير إلزام، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ»، ولما كان الشّباب هم المحرّك الرّئيس للعمل والإنجاز في شتّى أنواع المجتمعات الإنسانيّة، ففئة الشّباب هي التي تمتلك الحماس المطلوب، والتّفكير المُستنير، والطّاقة البَدنيّة العالية التي تُمكِّنهم من القيام بالأعمال التي قد تعجز عنها فئات أُخرى عديدة، ومن هنا فقد ارتبطت أنواعٌ معيّنة من الأعمال بهذه الفئة، ولعلَّ أبرز هذه الأعمال؛ الأعمالُ التّطوّعيّة التي تتّسم غالبًا بالتّنظيم، وتَستهدف تحقيق إنجازات مُتنوِّعة، وخدمةِ المُجتمعِ.
مفهوم التطوع
التطوّع هو العمل أو الجهد الذي يُقدّم دون مقابل أو عوض مادي؛ بدافع تحمل مسؤولية معينة، وتقديم خدمة إنسانية للمجتمع أو البيئة، والمتطوع هو الشخص الذي يسخّر نفسه عن طواعية ودون إكراه لمساعدة الآخرين ومؤازرتهم؛ بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد الجماعي في موضوع معيّن، ويسعى العمل التطوعي لخلق روح إنسانية تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة؛ فالتطوع ممارسة تتطلب ثقافةً ووعياً بما يقدم لنا وللآخرين؛ لأن التطوع هو منا ولأجلنا، وهو نابع عن خلق العطاء العظيم ويعد عملاً سامياً وجميلاً، انطلاقًا من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «... فالكلمة الطيِبة يتكلم بها الرجل صدقة، وعَون الرجل أخاه على الشيء صدقة، والشربة من الماء يسقيها صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة».
الطمأنينة في الصلاة



علمني الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- «أنَّ من أهم أركان الصلاة التي يجب على المسلم رعايتها والعناية بها، الطمأنينة في ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها؛ فكثير من الناس يصلي صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها، ولا شك أن الطمأنينة من أهم أركان الصلاة؛ فمن لم يطمئن في صلاته فهي باطلة».
حقيقة الدنيا
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الدنيا ليست بدار مقام، وإنما هي ممر إلى الآخرة، وسوق يتزود منه المسافر زاد سفره، فتزودوا منها بالأعمال الصالحة {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (البقرة:197)؛ فما عيبت الدنيا بأكثر من ذكر فنائها وتقلب أحوالها، وهو أول دليل على انقضائها، وزوالها، فتتبدل صحتها بالسقم، ووجودها بالعدم، وشبيبتها بالهرم، ونعيمها بالبؤس، وحياتها بالموت، وعمارتها بالخراب، واجتماعها بفرقة الأحباب، وكل ما فوق التراب تراب.
من فتاوى العلماء للشباب
- سئل الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: من المعلوم أن الشباب أكثر حماسًا وعاطفة من غيرهم، فما نصيحتك للشباب في هذه الأحداث التي تقاسيها الأمة اليوم في الداخل والخارج؟ فقال: الشباب عليهم أن يلتفُّوا حول العلماء، وألَّا يتفرَّدوا ببعض التصرفات، وهم ينقصهم الخبرة والحنكة؛ لأنهم ما زالوا شبابًا يحتاجون إلى شيء من الخبرة، والأمور إنما تُدرك بالتجارب، والعلماء الكبار أكثر تجربة منهم.
من توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب فيقول -صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه -: «يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ» ويقول - صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه -: «يا مُعاذُ أتَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى العِبادِ؟، قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، أتَدْرِي ما حَقُّهُمْ عليه؟، قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ألا يُعَذِّبَهُمْ»، ويقول -صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة رضي الله عنه وهو طفل صغير وجالت يده في الصفحة-: «يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ».
أهمية العمل التطوعي للشباب
تظهر أهمية العمل الاجتماعي التطوعي للشباب بما يحققه من نتائج كثيرة لديهم، من خلال تعزيز الانتماء الوطني، وتنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية العلمية والعملية من خلال مشاركتهم في أنشطة المجتمع المختلفة، وإعطائهم الفرصة لإبداء آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة وإبداء الحلول لها.
مواقف لا تنسى من حياة الصحابة
قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: كنت بارًّا بأمي، فأسلمت، فقالت: لتدعنَّ دينك، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتُعيَّر بي، ويقال: يا قاتل أمه، وبقيت يومًا ويومًا، فقلت: يا أماه، لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، ونزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (العنكبوت: 8).
مفهوم الإحسان

الإحسان، هو الإتقان والإجادة والإتيان بالعمل على أطيب صورة وأجمل وجه، ويكون في عبادة الخالق، وفي معاملة المخلوق، والإحسان في العبادة بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، والإحسان في معاملة المخلوق بيَّنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بقوله: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»، ومن ثمرات الإحسان محبة الله -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة:195).

ابو وليد البحيرى
2024-08-13, 10:52 PM
تحت العشرين -1210


الفرقان






قيمة العلم وأهميته
علمني الشيخ ابن باز -رحمه الله- «أن العلم هو مفتاح كل خير، وهو الوسيلة إلى أداء ما أوجب الله وترك ما حرم الله؛ فإن العمل نتيجة العلم لمن وفقه الله، وهو مما يؤكد العزم على كل خير؛ فلا إيمان ولا عمل ولا كفاح ولا جهاد إلا بالعلم؛ فالأقوال والأعمال التي بغير علم لا قيمة لها، ولا نفع فيها بل تكون لها عواقب وخيمة، وقد تجر إلى فساد كبير».
(مجموع فتاوى ابن باز: (4/ 59)

الشباب والانتماء للوطن
الانتماء للوطن أمر عُرف في الإسلام، وقد ثبت في القرآن الكريم والسُّنة المطهرة ما يُدَلِّل على أن الانتماء للوطن من منطلق إسلامي صحيح متأصل في النفوس، وكامن في القلوب، يقول الله -تعالى-: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (النساء: 66). وقال -سبحانه على لسان الرّجل المؤمن-: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْـمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر: 29)، وهذا نبي الله موسى- عليه السلام- بعد غربة طويلة الأجل، طلب الرجوع إلى أهله، وحن إلى وطنه، وفي الرجوع إلى الأوطان تقتحم المشاعر والحنين، قال -تعالى-: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا}(القصص:29)، وهذا الانتماء للوطن هو الذي ملك وجدان النبي- [- حتى إنه عبّر عنه حينما أخبره ورقة بن نوفل بإخراج قومه له من وطنه فقال- [-:»أَو مُخْرِجِيّ هم؟!» (البخاري)، وحينما تحقق ما أخبره به ورقة بن نوفل، وقف على الحزورة (سوق)، ونظر إلى البيت وقال:»والله إنك لأحب أرض الله إليّ، وإنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك» (الترمذي والنسائي)، وعندما خرج من مكة خرج حزينا مكلومًا فبشره ربه قائلًا: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد} (القصص: 85)، وقد جاء في تفسير القرطبي أن النبي لما خرج من مكة مهاجرًا فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة، فأوحى الله إليه هذه الآية.
طهارة اللسان من السِّباب والكلام الفاحش
إنّ من أهم صفات المؤمنين، طهارة اللسان من السِّباب والكلام الفاحش، وقد يكون السباب لفظيًّا، مثل الشتائم واللعنات، أو غير لفظي، مثل الإشارات والإيماءات، وكلها تتسبب في إثارة الفتن والصراعات بين الناس، وإفساد العلاقات الاجتماعية، وتحطيم الأخلاق والقيم، وإغضاب الله -تعالى- ودخول النار، لذا على المسلم أن يحفظ لسانه من هذه الآفات، وعليه أن يربي نفسه على قول الخير والابتعاد عن الشر، ويستطيع ذلك بالدعاء والتضرع إلى الله -تعالى- أن يطهّر قلبه ولسانه من السّباب، ويحافظ على قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه، ومجالسة الصالحين، فإنهم يؤثرون في الإنسان بكل خير، ولا بد من تذكر عاقبة السباب وهي دخول النار.
الباطل لا يرتفع على الحق أبدًا



قال الشيخ صالح فوزان الفوزان: الذي يظن أن الله يرفع الباطل على الحق، وأن الحق يزول ويذهب وأن الباطل يستمر، هذا ما قَدَرَ الله حق قَدْره، فإن الله -جل وعلا- لا يليق بحكمته أن يرفع الباطل على الحق رفعا مستمرا، وإن حصل شيء على أهل الحق من الهزيمة أو من النكبة فإن هذا شيء مؤقت، فإذا تابوا ورجعوا إلى الله أعاد الله لهم العزة والكرامة.
مفهوم إتقان العمل
يُعرف إتقان العمل بأنه أداء العمل دون خللٍ فيه، والالتزام بمتطلّباته والتقيد بضَوابطه، وأدائه في الوقت المحدد دون تأخير، وهو ما يعبر عنه في الإسلام بالإحسان، وهو أيضًا فعل الشيء على أكمل وجه دون تقصير أو نقصان، وهو من الأخلاق التي يحث الدين الإسلامي على الالتزام بها، وهو من الأمور الواجبة فلا ينبغي أن يهمل المسلم عمله أو يسوفه ويقصر في تأديته على الوجه المطلوب، والأدلة على ذلك كثيرة منها: قوله -تعالى-: {وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 195).
إدراك أهمية الإتقان في العمل
إنّ إتقان الشاب المسلم لعمله واجبٌ شرعيّ وأخلاقيّ، وله آثار عديدة، أبرزها الأجر والثواب الذي أعدّه الله-سبحانه- و-تعالى- في الآخرة لمن أتقن عمله في الدنيا، والتوفيق والنجاح في الدنيا، ودعم النجاح في المُجتمع ورفع مُعدّل الإنتاجِ ونوعيّته، ونشر الخير والفائدة، وإن مَن لا يدرك أهمية العلم ورفع الجهل لن يقدم على التعلم بقوة، ومن لا يدرك أهمية المحافظة على الصحة لن يعير هذا الجانب ما ينبغي من الاهتمام، وكذلك من لا يدرك أهمية الإتقان والإحسان في أداء العمل، فإنه لن يعطيه ما يكفي من الجهد والوقت بل قد تكون أعماله فوضوية عبثية لا تؤتي المرجو منها.
إتقان العمل.. من أخلاق المسلمين
يحض الإسلام على إتقان العمل باعتباره وسيلة من وسائل تحصيل الرزق الحلال، ودافع لاستشعار مُراقبة الله -تعالى- في كل خطوة، ومن ثم أداء العمل على أتمّ وجه وأحسن حال، وقد أخبر الله -سبحانه وتعالى-، ونبيه الكريم- صلى الله عليه وسلم - بأنّ العمل عبادة يُؤجر عليها المسلم إنْ قام بها وأدّاها بحقّها، وأخلص في عمله بما أتاه الله من قوّة وعزيمة صادقة، بل إنّ إتقان المسلم لعمله فريضةٌ، سواء كان هذا العمل صَغيرًا أم كبيرًا، بشرط أن يكون صالحًا والنية فيه خالصة لله وحده.
الدُّر الثَمِيْن مِنْ نَصَائِح ابْنِ عثَيْمِين



احرص يا بني أن يكون قلبك مملوءًا بتعظيم الله -عزوجل- حتى يكون في نفسك أعظم شيء، وباجتماع محبة الله -تعالى- وتعظيمه في قلبك، تستقيم على طاعته قائماً بما أمر به لمحبتك إياه، تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له، وأن تكون مخلصًا له -جل وعلا- في عباداتك، متوكلاً عليه في جميع أحوالك لتحقق بذلك مقام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
الصحابة قدوتي
إن لأصحاب رسول الله علينا معروفًا لا نستطيع رده، لقد نقلوا إلينا نعمة الله الكبرى؛ وهي الدين الإسلامي الذي ارتضاه لنا الله دينًا، وبه قام العدل في الأرض، وبه أصبحنا خير أمة أخرجت للناس، وأصبحنا أعزة آمنين؛ لذلك فإن لأصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - علينا حقوقًا كثيرة، من أهمها محبتهم بالقلب والثناء عليهم باللسان؛ بما لهم من السابقة، وما ثبت لهم من الفضل، وما أسدَوه من المعروف والإحسان، وتحبيبهم إلى الأمة من أجل ذلك، والتلقي عنهم وحسن التأسي بهم في العلم والعمل، والدعوة والأمر والنهي.

ابو وليد البحيرى
2024-08-26, 05:42 PM
تحت العشرين -1211


الفرقان






الصيام عبادة وليس عادة

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، ومعنى قوله: (إيمانًا) أي: إيمانًا بالله وبما أعده من الثواب للصائمين، ومعنى قوله: (احتسابًا) أي: طلبًا لثواب الله، لم يحمله على ذلك رياء ولا سمعة، ولا طلب مال ولا جاه.
همسات للشباب في رمضان
الهمسة الأولى: احمد الله -سبحانه وتعالى- - أن بلغك رمضان، فكثير ممن كانوا معنا في رمضان الماضي قد غيبهم الموت، فاحمد الله واشكره أن منّ عليك لتكون ممن يتقرب إليه بفعل الطاعات، وجمع الحسنات، في هذا الشهر المبارك.
الهمسة الثانية: ليكن رمضان فرصة لك، للابتعاد عن المعاصي وعما يغضب الله - جل وعلا -.. وأعلنها صراحة وداعًا لكل ما يُبعِد عن الله -جل وعلا.
الهمسة الثالثة: رمضان شهر القرآن، فأوصيك بتدبر معانيه، وفهم آياته، واحرص على قراءته والتلذذ بتلاوته، وليكن لك ورد يومي تقرؤه بتمعن وتدبر.
الهمسة الرابعة: إياك أن تكون ممن جعل نهار رمضان نومًا وغفلة، وليله سهرًا على معصية الله -سبحانه وتعالى-!، واحرص على أن تملأ نهارك بالذكر وتلاوة القرآن، وليلك بالصلاة والقيام.
الهمسة الخامسة: أذكرك بأن لله -سبحانه وتعالى- - في كل ليلة عتقاء من النار لمن أتم الصيام، وأدى القيام، وأكثر من الحسنات، وتزود من الطاعات، فلا تغفل عن ذلك، واحرص على أن تكون ممن منحه الله هذه الجائزة العظيمة، جعلني الله وإياك من عتقائه من النار.
الهمسة السادسة: أوصيك بكثرة حضور مجالس الذكر؛ فإنها مراتع المؤمنين، ومحط الصالحين، يكفيك أن الله -جل وعلا- يذكرك ويثني عليك في الملأ الأعلى، ثم تقوم وقد غُفِرت ذنوبك بإذن الله، فأكثر من الحضور، وداوم على ذلك.

من فوائد الصوم



قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: من فوائد الصوم أنه يعرف العبد نفسه وحاجته وضعفه وفقره لربه، ويذكره بعظيم نعم الله عليه، ويذكره أيضًا بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذكر شكر الله -سبحانه-، والاستعانة بنعمه على طاعته، ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183)، فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى، والتقوى هي: طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه، عن إخلاص لله -عز وجل-، ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقى العبد عذاب الله وغضبه.
ما التقوى؟


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: التقوى أن يتخذ الإنسان الوقاية من عذاب الله، وذلك بأن يقوم بأوامر الله -عزوجل- عن علمٍ وبصيرة، وأن يترك ما نهى الله عنه عن علمٍ وبصيرة، وأما مراتبها فهي تختلف باختلاف ما فعل الإنسان من المأمورات وما ترك من المنهيات، فكلما كان الإنسان أقوم في ثوب الطاعة كان أتقى لله -عزوجل-، وكلما كان أبعد عن محارم الله كان أتقى لله -عزوجل-؛ ولهذا كان أتقى الخلق محمداً - صلى الله عليه وسلم - كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأخشاكم لله وأتقاكم له»؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقوم الناس بأمر الله وأبعدهم عن محارم الله.
شهر الصِّيام مدرسة
قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: الصِّيام مدرسةٌ تربويَّةٌ عظيمةٌ مباركَةٌ، يتخرَّج فيها المؤمنون المتَّقون، ويتزوَّد فيها المؤمنون بأعظم زادٍ يمضي معَهم في حياتهم كلِّها، وفي أيَّامهم جميعِها، على أنَّ هذه المدرسةَ لا يستفيد منها كثيرٌ من النَّاس؛ إذ تمضي عليهم هذه المدَّة الشَّريفة وهُم يتعايشون معها تعايشَ الطَّالب البليد في مدرسته يتخرَّج ولا يستفيد، بينما المؤمن المجدُّ الحريص يدخل هذه المدرسة المباركة فيأخُذ منها دروسًا تربويَّةً إيمانيَّةً علميَّةً تمضي معَه في حياته كلِّها.
لماذا رمضان فرصة؟
رمضان فرصة حقيقية، لو تفكَّر كل واحد منَّا في طبيعة حياته ومسيرة أوقاته فسيدرك أنَّنا نعيش كل ثانية وكل دقيقة بفرصٍ وأنفاسٍ لن تعود، وأنَّ هذه الأيام التي نقطعها ونفرح بها لبلوغ غاية أو لنيل مقصدٍ محبَّبٍ للنفس، ستؤول في النهاية إلى النقصان من العمر، سواء شعرنا أم لم نشعر، وحينها لا مناص ولا فرار من الله إلا إليه، لاغتنام هذه الأوقات بالنافع المفيد، وترك اللهو واللعب والأوقات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل قد تجلب الحسرة والمرارة التي تعتصر قلب المرء، يوم أن يقول لربه: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ}.
صوَرٌ من اجتهاد السلف
هذه - أخي الشاب - نماذج مضيئة وصور مشرقة تشير إلى اجتهاد سلفنا الكرام في عبادة الله -تعالى- وطاعته، لعلك إن نظرت فيها أورثك ذلك علوّ الهمة والإقبال على العبادة: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تفطَّرت قدماه، فراجعوه في ذلك فقال: «أفلا أكون عبداً شكورًا».
وكان أبو بكر - رضي الله عنه - كثير البكاء ولا سيما في الصلاة وعند قراءة القرآن.
وكان علي - رضي الله عنه - يبكي في محرابه حتى تَخْضَل لحيته بالدموع، وكان يقول: يا دنيا غرِّي غيري، قد طلَّقتُك ثلاثاً لا رجعة فيه.
وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع دائمًا وفي رمضان في كل ثلاث.

ابدأ بالتوبة
أخي الشاب، التوبة هي بداية الطريق ونهايته، وهي المنزلة التي يفتقر إليها السائرون إلى الله في مراحل سفرهم وهجرتهم إليه -سبحانه-، فليست التوبة قاصرة على العصاة فحسب كما يظن كثير من الناس، بل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد الطائعين وإمام العابدين، «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ»، ولما أمر الله عباده بالتوبة ناداهم باسم الإيمان فقال -سبحانه-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31)، ونحن جميعًا ذوو ذنوب وأخطاء ومخالفات، فمن منا لا يخطئ؟ ومن منا لا يُذنب؟ ومن منا لا يعصي؟
زرع القرآن

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/08/60.jpg

عن مالك بن دينار -رحمه الله- أنه كان يقول: «يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمنين كما أن الغيث ربيع الأرض»، فمن أراد لقلبه الحياة الحقيقية فليتعاهده على الدوام بربيع القلوب وسقيها وغذائها، وأن يرتع قلبه في رياض القرآن، وأن يستضيء به في ظلمات الشبهات والشهوات، وأن يتسلى به عن كل فائت، ويتعزى به عن كل مصيبة، ويستشفي به من أدواء صدره، فيكون جلاء حزنه، وشفاء همه وغمه.

ابو وليد البحيرى
2024-08-26, 05:43 PM
تحت العشرين -1212


الفرقان





رمضان فرصة فاغتنمها

رمضان فرصة حقيقية للاستثمار، واللبيب يدرك بصدق أن الفرص تلوح، وقد لا تعود، وكم من متمنٍّ فاته بالأماني حظه من الغنائم ما فات! وإن تجار الدنيا لا يألون جهدًا، ولا يدّخرون وسعًا في اغتنام أي فرصة، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير، والمكسب الوفير، فلماذا لا تتاجر مع الله؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل منه -سبحانه وتعالى-، ورمضان من أعظم الفرص لهذه التجارة الرابحة.
ثلاثة وعود نبوية لا تفرط فيها
إن البدايات الصحيحة من شأنها أن تورث النتائج الصحيحة، فابدأ شهرك بطاعة الله -تعالى- ولا تكن من الغافلين، ولقد وعدنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، في هذا الشهر بثلاثة وعود، ينبغي ألا نفرط فيها: الوعد الأول: (من قام رمضان إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
الوعد الثاني: (من صام رمضان إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
الوعد الثالث: (من قام ليلة القدر إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
هذه ثلاثة وعود، إذا أخطأ الإنسان في واحدة أصابته الأخرى، وإذا أخطأته الأخرى أصابته الثالثة، والمغبون، والخاسر من أخطأ هذه جميعًا، فانصرم رمضان، ولم يغفر له؛ ولذلك لما رقى النبي - صلى الله عليه وسلم - درجات المنبر الثلاث، فقال: آمين، آمين، آمين فقيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟ فقال: قال لي جبريل: أرغم الله أنف عبد دخل رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين. من ضيع هذه الفرص فلا شك أنه مضيع، وليس العيد بلبس الجديد، وليس العيد بأن يفرح الإنسان، ولم يخرج برحمة الله -تعالى- والقبول والمغفرة، إنما يفرح الناس بالعيد بما منَّ الله به عليهم من الصيام، والقيام، وحق لهم أن يفرحوا بذلك.
أحسن إلى المسيء تملك قلبه
قاعدة مهمة في حسن الخلق تختص بالتعامل مع المسيء، وهي عدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة؛ مما يترتب عليه سيادة هذا المسيء واحتواء الإساءة، فعلى الإنسان والشباب على الأخص أن يقابل الكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، ازداد هياجًا وغضبًا، وخلع حياءه نهائيًّا، وأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم، قال -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، قال ابن كثير: - رحمه الله تعالى-: أي من أساء إليك فادْفَعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر - رضي الله عنه -: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
موقف شبابي مفرح
ما إن يحل شهر رمضان، حتى ترى المساجد قد امتلأت بالشباب مقبلا على ربه، متبتلا راكعا ساجدا، شباب تنسم من روح الهداية وريحانها، بعدما غشيته نفحات رمضان شهر القرآن، وخففت من وطأة ثقل النفس أسرار الصيام، شباب عقد العزم على ختم القرآن، والحفاظ على الصلوات الخمس في المساجد، وحضور صلاة التراويح، والقيام في الثلث الأخير، والاجتهاد في الطاعات والقربات، والإحسان للفقراء والمحتاجين، والإفطار مع جموع الأخيار، شباب صحا في رمضان، وتطلع للاستقامة بعد رمضان، فرمضان لما بعده.
نصائح رمضانية



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: أحث إخواني على قراءة القرآن في رمضان بتمهل وتدبر لمعانيه؛ فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، فتعلموا القرآن والعلم والعمل جميعًا، وأحذر إخواني المسلمين من إضاعة وقت هذا الشهر المبارك، فإن أوقاته ثمينة، وجملة القول: إنني أحث المسلمين على كل عمل صالح يقربهم إلى الله -عزوجل-، وأحذرهم من كل عمل سيء يكون سببًا في آثامهم ونقص إيمانهم.
كيف نحقق التقوى؟
تحقيق التقوى التي أشار الله -تعالى- إليها في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 183)، بين أهل العلم -رحمهم الله- أن التقوى: هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله -تعالى- وقاية بفعل ما أمر، واجتناب ما نهى، هذان هما قطبا رحى التقوى التي أشار القرآن إلى تحقيقها في الصيام، فتأمّل نفسك، واعمل على تحقيق هذه التقوى، في هذا الشهر الفضيل فهو فرصة عظيمة لذلك.
خمسُ خصال موجبةٌ لدخول الجنة
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلُّوا خمسَكم، وصوموا شَهرَكم، وأدُّوا زَكاةَ أموالِكم، وأطيعوا ذا أمرِكم، تدخُلوا جنَّةَ ربِّكم»، هذه وصية جامعة في ذكر موجبات دخول الجنة، وأسباب الظفر بنعيمها، والفوز بخيراتها وملذاتها، وهي الدار التي أعدها الله لعباده المطيعين وأوليائه الصالحين، وجعل فيها من النعيم الكريم والثواب العظيم، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (السجدة:17)، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: «تدخُلوا جنَّةَ ربِّكم» إضافة الجنة إلى الرب -سبحانه-، وهذا فيه تشريفٌ لها، وتعليةٌ لشأنها، ورفعٌ لقدرها.
تقوى الله في السر والعلانية



قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -سبحانه- في السر والعلانية، والشدة والرخاء؛ فإنها وصية الله ووصية رسوله - صلى الله عليه وسلم -، كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (النساء:131)، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبه: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ»، والتقوى حقيقتها أداء ما أوجب الله -تعالى-، واجتناب ما حرمه الله -تعالى- على وجه الإخلاص له والمحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه!.
موقف شبابي محزن
محزن أن ترى الجمع الغفير من الشباب يتخذ رمضان زمنا للهو واللعب، مسرفا فيما يغضب الرحمن، فمنهم من يقضي الليالي متتبعا الملاهي في الشوارع والساحات، منهمكا في التنقل بين الشاشات، فإذا نادى منادي الثلث الأخير من الليل خلد إلى النوم ولم يستفق إلا على منبه الثلث الأخير من النهار! ومنهم يسرح نهاره في التفاهات، منتظرا ساعة الإفطار، مسرفا في المعاصي، معللا النفس بتضييع الأوقات، أي صيام لهؤلاء؟! وأي رمضان حل بهم؟! ماذا جنوا من شبابهم؟! وكيف استقام لهم أن يواجهوا المنح الإلهية بالمعصية؟! قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش»، إنهم لم يدركوا حقيقة رمضان؛ فهم يحرمون أنفسهم من فضائله ونفائسه.

ابو وليد البحيرى
2024-08-26, 05:44 PM
تحت العشرين -1213


الفرقان






حاجة الشباب للقرآن الكريم

إذا كانت الأمة بأسرها مطالبة باتباع سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه الكرام -رضوان الله عليهم-؛ لسلامة دينهم وعقيدتهم ومنهجهم ولشهادة الله لهم ورضاه عنهم، فإن شباب اليوم أحوج ما يكونون إلى الاقتداء بشباب الصحابة -رضوان الله عليهم- في كل أحوالهم عموما، وفي تعاملهم مع القرآن خصوصا؛ ففي ذلك السلامة من الفتن، والانتصار على الشهوة، وعلو الهمة ورفعة الدرجة في الحياة وبعد الوفاة.

الشباب والعناية بالقرآن الكريم
القرآن دستور الأمة وأساس نهضتها، به أخرجها الله من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، وفي كل زمان هو المخرج لها من الفتن والهادي لها من الضلال والحافظ لها من موارد الشبهات والشهوات. ومع كثرة الفتن وتتابعها في زماننا وانفتاح أبواب الشهوات أمام الشباب خصوصا، على مصارعها، كان لابد لكل شاب يريد التمسك بأسباب النجاة والعصمة أن يعتني بكتاب الله -تعالى- الذي من تمسك به فلن يضل أبدا، ولقد حرص شباب الصحابة - رضوان الله عليهم - على هذا الكتاب حتى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باستقراء القرآن من أربعة، ثلاثة منهم من الشباب وهم: معاذ، وابن مسعود، وسالم - رضي الله عنهم -؛ إذ يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبَيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل»، ولم يتوقف الاهتمام بالقرآن عند هؤلاء وإنما كان هذا الاهتمام في كل شباب الصحابة، فكان عمرو بن سلمة - رضي الله عنه وهو من صغار الصحابة- حريصًا على تلقي القرآن، فكان يتلقى الركبان ويسألهم ويستقرئهم حتى فاق قومه أجمع، وأهَّله ذلك لإمامتهم، ولنستمع لذلك من روايته - رضي الله عنه -؛ إذ يقول: «كنا على حاضر فكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدنو منهم فأسمع حتى حفظت قرآنًا، وكان الناس ينتظرون بإسلامهم فتح مكة، فلما فتحت جعل الرجل يأتيه فيقول: يا رسول الله، إنا وافد بني فلان، وجئتك بإسلامهم، فانطلق أبي بإسلام قومه فرجع إليهم. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قدموا أكثركم قرآنًا» قال: فنظروا وإني لعلى حِواء عظيم (أي مكان فيه عدد كبير من الناس)، فما وجدوا فيهم أحدًا أكثر قرآنًا مني، فقدموني وأنا غلام.
علاقة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - بالقرآن
علاقة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - بالقرآن كانت علاقة وطيدة ومنزلته به عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رفيعة، وهو الذي استقرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن كما في الصحيحين أن النبي قال له: «اقرأ علي، قال: قلت: اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري. قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}. قال لي: كف، أو أمسك. فرأيت عينيه تذرفان، إنها شهادة تدل على حسن القراءة مع الإتقان مع جمال الصوت وخشوع القلب وإلا فلماذا اختاره هو دون غيره ليسمع منه، وهذه الشهادة أكدتها شهادة أخرى وزينها قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ». وهو سيدنا ابن مسعود - رضي الله عنه -، وهو الذي قال عن نفسه: «مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ، وَفِيْمَا نَزَلَتْ».
أعلم أمتي بالحلال والحرام
بلغ معاذ بن جبل - رضي الله عنه - بالقرآن الكريم مكانا فاق به كبار الصحابة وصغارهم في الفقه والعلم، ولك أن تتخيل ذلك الأثر حين تسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول عنه: «أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل»، وأخبر عنه أنه يأتي يوم القيامة إماما للعلماء قد سبقهم جميعا برتوة، أي رمية سهم أو رمية حجر، لقد قاده القرآن للخير كل الخير، فعن ابن كعب بن مالك قال: كان معاذ بن جبل شابًّا جميلا سمحًا من خير شباب قومه لا يسأل شيئا إلا أعطاه.
حقيقة التقوى
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: التقوى أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله، وقيل في تعريفها التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله، ولكن أجمع ما قيل فيها هي ما ذكرناه أولا إيش؟ امتثال أمر الله واجتناب نهي الله وتصديق أخبار الله.
المسلم الذي يرجو العتق من النار
قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: المسلم الذي يرجو عتق رقبته من النار في هذا الشهر المبارك ينبغي أن يكون فيه عاملا كعمل سلفه الصالح؛ طامعًا في بلوغ ما بلغوا، فيحفظ وقته ويشغله في طاعة ربه والحرص على استغلال ليله في الصلاة والقراءة والذكر والعبادات.
فضل القرآن على أهله
من فضل القرآن على أهله وحملته أن صاحبه مع السفرة الكرام البررة: كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران»، وحامل القرآن الحافظ له العامل به تعلو درجته يوم القيامة حين يدخل الجنة كما في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها».
أنفع شيء للعبد
قال ابن القيم -رحمه الله-: « فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل له، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتظل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيد بنيانه وتوطد أركانه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه.
التفريط في الآخرة

قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: كم يحصل للمرء من ندامة على ما يقع منه من تفريط في بعض مصالحه الدنيوية! والجاد من الناس يعمل بجد حتى لا تقع له هذه الندامة، لكنَّ الكثير منهم يغفل عن العمل الجاد للدار الآخرة؛ فيبوء في ذلك اليوم بندامة وحسرة لا تجدي {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}.

ابو وليد البحيرى
2024-09-01, 11:07 AM
تحت العشرين -1214


الفرقان





احذر هذه العوائق الثلاث!
الواجب على الشباب أن يحذروا من العوائق التي تعوقهم في السير إلى الله -تعالى- وبلوغ رضوانه، وهي عوائق ثلاثة خطيرة: الشرك بالله، والبدعة في الدين، والمعاصي بأنواعها، أما عائق الشرك فإن التخلص منه يتم بإخلاص التوحيد لله وإفراده -جلّ وعلا- بالعبادة، وأما عائق البدعة فيتم التخلص منه بلزوم السنة والاقتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما عائق المعصية فيتم التخلص منها بمجانبتها وبالتوبة النصوح منها عند الوقوع فيها.
شبابنا والإيجابية
القرآن الكريم جاء ليغرس الفضائل في نفوس المؤمنين، ويشحذ الهمم إلى معالي الأمور، وينهى عن السلبية وعن سفاسف الأمور، ومن الأمور التي دعا إليها القرآن الكريم وربى المؤمنين عليها الإيجابية، وهي حالةٌ في النفس تجعل صاحبها مهمومًا بأمر ما، ويرى أنه مسؤول عنه تجاه الآخرين. ولا يألو جهدًا في العمل له والسعي من أجله، ومن مظاهر الإيجابية في القرآن الكريم الدعوة إلى التعاون على البر والتقوى: قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ} (المائدة: 2)، فهو يدعو إلى أن يكون المجتمع مجتمعا مثاليا يتعاون الجميع في رقيه والنهوض به، ولا يكون ذلك إلا بالبر والتقوى، ومن أقوى المشاعر الإيجابية أن المسلم يتربى على الإيمان بأن المسلمين جميعًا إخوانه يقول -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)، ومن مظاهر الإيجابية في القرآن الكريم أن يعمل المسلم ولا يكون كلاًّ على غيره؛ فالإسلام يدعونا للنشاط والحيوية وحب العمل يقول -تعالى-: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة:10) وفي هذا المعنى يقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لأن يأخذ أحدكم أحبله، ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه».
إِنَّمَا الْخَيْرُ فِي الشَّبَابِ
عن مالك بن دينار -رحمه الله- أنه قال: «إِنَّمَا الْخَيْرُ فِي الشَّبَابِ»؛ وهذا تنبيهٌ عظيم منه -رحمه الله- لأهمية هذه المرحلة، وأن الشاب إذا أحسن استغلال هذه المرحلة حصَّل خيرًا عظيمًا، وأصبح ما حصَّله في شبابه ركيزةً وعمدةً وأصلًا ثابتا يبقى معه إلى مماته نفعًا لنفسه ونفعًا لأمته ونصحًا لغيره، بينما إذا لم يحسِن ذلك أضاع على نفسه خيرية هذه المرحلة وبركتها.
لماذا يقع بعض الشباب في السلبية؟
الوقوع في السلبية يرجع إلى أسباب عدة، أهمها: عدم الفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية، كمن يظن أن الإسلام والالتزام هو الانزواء جانبا والجلوس في المساجد وترك العمل، وهذا هو الفهم الخطأ للإسلام؛ فالتدين الصحيح هو الذي يدفع صاحبه للعمل والسعي في الأرض، قال الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة: 9-10).
الواجب على الشباب المسلم


قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الواجب على الشباب المسلم هو الجد والاجتهاد في طلب العلم، والتفقه في الدين بنية صالحة وقصد صالح، كما أن هذا هو الواجب على الشيوخ من المعلمين والمرشدين ومن غيرهم أن يتفقهوا في دين الله، وأن يعنوا بتطبيق كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم - على أنفسهم وعلى غيرهم في أقوالهم وأفعالهم، حتى يكون الجميع قدوة صالحة، وحتى يكونوا هداة مهتدين، وحتى يرشدوا الناس إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
إيجابية نملة
ضرب الله تعالى لنا مثلاً عجيبًا يلفت أنظار الناس إلى الإيجابية وأهميتها في حياة المسلم، ففي سورة النمل ذكر -تعالى- قصة النمل مع سليمان، يقول -سبحانه-: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ(17)، حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} من فوائد هذه القصة ما يلي: هذه النملة شعرت بالخطر المحدق بقومها، فلم تهتم بنفسها فقط، وتذهب، بل حملت هم قومها.
لم تهتم فقط بمن حولها من مئات النمل، ولكنها تجاوزت ما هو أكثر من ذلك فإذا هي تنادي جميع النمل {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} تنبههم للخطر القادم.
الجيش كبير: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} فما ضعفت لما رأته، ولكنها قامت بما يجب عليها وفق إمكاناتها، فيا لها من نملة عجيبة لها همّة عالية!

العبد سائر لا واقف
قال ابن القيم -رحمه الله-: العبد سائر لا واقف؛ فإما إلى فوق وإما إلى أسفل، إما إلى أمام وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرعٌ ومبطئ، ومتقدمٌ ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}(الم دثر:35-37) ولم يذكر واقفًا؛ فمن لم يتقدم إلى هذه بالأعمال الصالحة فهو متأخرٌ إلى تلك بالأعمال السيئة.
من وصايا السلف للشباب
قال أَيُّوبُ السختياني -رحمه الله-: «يَا معشر الشباب احْتَرِفُوا، لَا تَحْتَاجُونَ أَنْ تَأْتُوا أَبْوَابَ هَؤُلاءِ»، فانظر هذه الوصية التي تؤكد للشباب أن يكون لهم حرفة يكتسب بها مالًا ينفق به على نفسه وعلى أهله وولده، وألا يكون عالة على الآخرين، وأبرك الرزق وأنفعه وأطيبه ما كان من كسب يد المرء؛ فيجعل له في مرحلة شبابه حرفةً يتقنها ويمضي في هذه الحرفة أو هذا العمل أو هذه الصناعة يكتسب منها رزقا وأيضا يمضي في طلبه للعلم وتحصيله له.
من وصايا السلف من آثر الكسل أضر بنفسه
للشباب عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إِنِّي لأَمْقُتُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا لا فِي عَمِلِ دُنْيَا، وَلا آخِرَةٍ». المعجم الكبير للطبراني (8461)، هذه هي البطالة، ومن آثر البطالة والكسل وترك العمل أضر بنفسه مضرة عظيمة وخسر بسببها دنياه وأخراه.
نموذج للإيجابية والسعي في الخير
قال -تعالى-: {وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} ولنركّز معًا على كلمة (يسعى) وما تحمله من معاني بذل هذا الرجل من جهده لإنقاذ قومه من الهلاك، {إنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ}، ولنتأمل كلمة «فاسمعون» التي تدل على شخصية هذا المؤمن الصالح؛ فإنها تضمنت الإيجابية الفاعلة ومعاني الشعور بالمسؤولية والرحمة والإشفاق وإرادة الخير للناس.

ابو وليد البحيرى
2024-09-01, 11:10 AM
تحت العشرين -1215


الفرقان





المرء مع من أحب

ينبغي للشباب أن يتأسّى بالقدوات من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان؛ فالمرء مع من أحب يوم القيامة، والمرء يحشر مع من أحبّ، ومن تشبه بقوم حشر معهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المرء مع من أحب يوم القيامة»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يحب رجل قومًا إلا حشر معهم».
الشباب الذين يُقتدى بهم
بين النبي - صلى الله عليه وسلم - فضل الشاب الذي ينشأ في طاعة ربه -عزوجل- ويخالف الهوى والنفس الأمارة بالسوء ويعرف مكائد الشيطان وحبائله وإغواءاته، قال - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، ..». فتأمل كيف كانت منزلة الشاب الذي نشأ في طاعة الله بعد الإمام العادل مباشرة قبل الأصناف السبعة؛ ليبين لنا النبي - صلى الله عليه وسلم بما لا يدع مجالاً للشك- أنّ الشاب الذي ينشأ في طاعة الله رجل عظيم، ذو همة عالية، قد طلَّق الدنيا والهوى والشيطان والشهوات والشبهات، وأقبل على ربه -عز وجل-؛ ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك»، ولقد كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - شبابًا نشؤوا على طاعة الله -عز وجل- منذ عرفوا الإسلام، نشروا الدين، وذادوا عن حياضه، ورسموا لنا أوضح القدوات في التاريخ، فمن منا ينسى عبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس وعبدالرحمن بن عوف وسمرة بن جندب ورافع بن خديج -رضي الله عنهم أجمعين-، وغيرهم كثير من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين لم يكن يتجاوز عمر أحدهم عشرين عاما، وكانوا قدوات في دينهم وفي عبادتهم وفي جهادهم وفي صلاتهم وفي ذكرهم وفي دفاعهم عن محمد - صلى الله عليه وسلم .
حكم الشرع في المراسلة بين الشباب والشابات



سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: ما حكم الشرع في المراسلة بين الشباب والشابات علمًا بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام؟
فقال -رحمه الله-: لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه؛ لما في ذلك من فتنة، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ويغريها به، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - من سمع الدجال أن يبتعد عنه، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه، ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير ويجب الابتعاد عنها، وإن كان السائل يقول: إنه ليس فيها عشق ولا غرام.
نماذج من الرعيل الأول
تعالوا معي إلى الصفحات العطرة، وقبس من حياة شباب الرعيل الأول الذين أفنوا أعمارهم في عبادة الله وطاعته، فهذا نجم النجوم الزاهرة، أقسم له النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يحبه، إنه معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، إنه يوم مات لم يتجاوز عمره ثلاثا وثلاثين عامًا وقد حصّل ما حصّل، وسبق الأمة في الفقه وعلم الحلال والحرام في تسع سنوات، وكان في الوقت نفسه مجاهدًا مغوارًا فارسًا مشتاقا إلى ربه في ميادين الجهاد كافة.
الصحبة السيئة من أخطر المشكلات
إن الصحبة السيئة من أخطر المشكلات التي تواجه الشباب؛ ولذا يقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال أبو حاتم بن حبان: وما رأيت شيئا أدل على شيء، ولا الدخان على النار، مثل الصاحب على الصاحب! ولخطورة ذلك يوضح النبي- صلى الله عليه وسلم - صفات الصديق الطيب فيقول: «لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقيٌّ»، ويحذر القرآن من مصاحبة الأشرار وترك مصاحبة الأخيار، فقال الله -تعالى-: {وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيْدُ زِيْنَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتََّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف 28)، فالصحبة السيئة تجلب المفسدة في الدنيا والندم في الآخرة، كما قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً} (الفرقان: 27- 29).
احذروا هذه العلاقات المحرمة!
ليست هناك في الإسلام علاقةٌ بين الرجل والمرأة اسمها الصداقة والمصاحبة البريئة؛ فالعلاقات منها ما أحلها الله -تعالى- إما بالزواج أو علاقات الأرحام والمحارم، ومنها ما حرمها الله -تعالى- مثل ما يسمَّونه بعلاقة الخل، والخدن، أو الرفيق، وهذه العلاقات والألفاظ لا تمتُّ للإسلام بصلةٍ، وإنما تصب في مصبِّ العلاقات المحرمة، التي ربما قادت إلى ما لا يحمد عقباه من الكبائر.
الوقت رأس مال العبد
الشباب مطالبون بأن يستغلوا أوقاتهم وأن يحولوها إلى عمل صالح، وإلى إنتاج مثمر، يعود عليهم وعلى أمتهم بالخير والتوفيق، ولا سيما وهم مقبلون على إجازة طويلة؛ فالشباب على أبواب كفاح طويل، يحاولون أن يؤكدوا به وجودهم وهويتهم في مواجهة فتن الشبهات والشهوات، ولا سلاح لهم إلا استغلال رأس مالهم الحقيقي وهو الوقت في النافع المفيد.
خطورة انحراف الشباب
إن الانحراف في مرحلة الشباب خطير ومخيف، ومن الانحراف ما يهدد الأخلاق، ويحطم القيم، ويكون له أضرار جسيمة على المجتمع وسلامته، والانحراف قد يكون فكريا، وهذا من أخطر أنواع الانحرافات، وقد يكون أخلاقيا وهذا أيضا من الخطورة بمكان؛ لأن سلامة القاعدة الأخلاقية في حياة الأمة سبيل استقرارها، ومناط قوتها، وإذا انحرف سلوك الأفراد، كادت الأمة أن تشرف على الهلاك وآذنت بالزوال، قال -تعالى-: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (الاسراء: 16).
الوعي بالأخطار المحدقة بالشباب
لابد للشباب أن يكون لديهم وعي وتصور بالأخطار التي تحدق بهم وبأمتهم، وألا يُستغفلوا، من خلال ما يكاد لهم عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل، بأساليب معاصرة ومتعددة، وغزو فكري وعقدي وأخلاقي أقوى وأشدّ بكثير من الغزو العسكري، إنها جيوش تسعى للتأثير على الشباب في: عقيدتهم وقيمهم ومبادئهم وأخلاقهم.

ابو وليد البحيرى
2024-09-01, 11:11 AM
تحت العشرين -1216


الفرقان






دور الشباب في النهوض بالأمة
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الشباب عليه واجب عظيم، وهو أمل الأمة بعد الله، إذا استقام على دين الله، وجاهد في سبيله، وبدأ بنفسه فأصلح شأنه، واستقام على أمر ربه، وتطلع لإصلاح الأمة.
الشباب وتحمل المسؤولية
دور الشباب في المجتمع دور حيوي ومؤثر؛ فالشباب هم رأس المال الأغلى لأي مجتمع، وهم المورد الأكثر قدرة على التغيير والابتكار؛ لذا على كل شاب أن يدرك قيمة نفسه وأهمية دوره، وأن يعمل بجد وإخلاص لخدمة مجتمعه ووطنه. وقد اهتم الإسلام بتنمية الشباب وتوجيههم نحو ما يفيد أنفسهم ومجتمعاتهم؛ فالإسلام يربي الشباب على الأخلاق الحسنة والسلوك الراشد والتعاون مع الآخرين والتسامح والعدل، ويوجههم إلى استغلال طاقاتهم ومواهبهم في مجالات العلم والإبداع، كما يحذر الإسلام الشباب من الانحرافات والمخاطر التي تهدد سلامتهم وأمنهم ودينهم، مثل المخدرات والجريمة والإرهاب والفساد؛ فسن الشباب في الإسلام أمانة في أعناقهم، يجب أن يحافظوا عليها، وأن يؤدوا دورهم في بناء حضارة إسلامية رائدة تنير العالم بنور الإيمان، والسيرة النبوية وكتب التاريخ الإسلامي مليئة بالنماذج المضيئة والمشرقة لشباب تحملوا مسؤوليتهم تجاه دينهم وأمتهم، منهم على سبيل المثال: محمد بن مسلمة -رحمه الله- فهو واحد من أبرز القادة العسكريين في العصر الإسلامي الأول، فقد قاد حملات عدة في خراسان والسند والهند، وأسس الحكم الإسلامي في هذه المناطق، وكان -رحمه الله- رجلاً شجاعاً وذكيا ومخلصاً لدينه، استطاع أن ينشر الإسلام من خلال الفتوحات الإسلامية بالحكمة والرفق، ويعد محمد بن مسلمة من أعظم الفاتحين في التاريخ الإسلامي، وقد ترك إرثاً عظيماً في الحضارة الإسلامية رغم صغر سنه.
الشباب هم مصابيح الهدى ومشاعل النور
أيها الشباب، إذا لم تكونوا حفظة القرآن وحملة السنة، فمن؟
إذا لم تكونوا مصابيح الهدى ومشاعل النور وسط هذا الواقع الذي تعيشه الأمة، فمن؟
إذا لم تكونوا عمار المساجد والذاكرين الله فيها، فمن؟
إذا لم تكونوا حماة الدين والأوطان، فمن؟
إذا لم تكونوا العلماء والمخترعين، فمن؟
إذا لم تكونوا بُناة مجد هذه الأمة ورعاة عزتها وأساس نهضتها، فمن؟
حري بكم يا شباب، أن تكونوا في همة هذا الشاب الذي يقول: إِذا القَومُ قالوا مَن فَتىً خِلتُ أَنَّني عُنيتُ فَلَم أَكسَل وَلَم أَتَبَلَّدِ
شباب رباهم النبي صلى الله عليه وسلم
في المدرسة النبوية نشأ جيل من الشباب المسلم الذين استفادوا من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن توجيهاته التربوية، منهم على سبيل المثال، على بن أبي طالب - رضي الله عنه - الذي شب وترعرع في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فورث عنه الأخلاق الحميدة، والشمائل المجيدة، والرأي الصائب، والشهامة الإسلامية من شجاعة ونجدة وإغاثة، وهو الذي أعطاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - راية القيادة يوم غزوة بدر، فحمل مسؤولية الجهاد في سبيل الله وهو شاب، وهو الذي كافح وجاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أغلب حروبه، واهبا قوته وشبابه في سبيل الله، ومثل الصحابي الجليل العالم المجاهد زيد بن ثابت - رضي الله عنه - الذي كان قائدا في غزوة تبوك وهو في العشرين من عمره، والصحابي الجليل أسامة بن زيد حب وابن حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تحمل المسؤولية وهو ابن السابعة عشرة من عمره، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- الصحابي الفاضل العابد الزاهد الذي شهد له الرسول -عليه السلام- بالصلاح، ودعاه إلى قيام الليل، فعاش متشبثا بآثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طول حياته، ومعاذ بن جبل - رضي الله عنه -، الشاب الصحابي الجليل الوسيم الجميل الذي خاطبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: يا معاذ، إني لأحبك، فقل في دبر كل صلاة: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه الإمام أحمد في المسند.
اليأس مما في أيدي الناس
قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: مَن كان يائسًا ممَّا في أيدي النَّاس عاش حياتَه مهيبًا عزيزًا، ومَن كان قلبه معلَّقًا بما في أيديهم، عاش حياته مهينًا ذليلًا، ومَن كان قلبه معلَّقًا بالله لا يرجو إلَّا الله، ولا يطلب حاجته إلَّا من الله، ولا يتوكَّل إلَّا على الله، كفاه اللهُ في دنياه وأخراه، والله - جلَّ وعلا - يقول: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (الزمر: 36)، ويقول - جلَّ وعلا -: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق: 3)، والتَّوفيق بيد الله وحده لا شريك له.
احذروا هذه العوائق!
على الشباب أن يحذروا في كلِّ حين من العوائق التي تعوق استقامتهم وسيرهم إلى الله وبلوغهم رضوانه، وهذه العوائق كثيرة أخطرها ثلاثة: الشرك بالله، والبدعة في الدين، والمعاصي بأنواعها، أما عائق الشرك فإن التخلص منه يتم بإخلاص التوحيد لله وإفراده -جلّ وعلا- بالعبادة، وأما عائق البدعة فيتم التخلص منه بلزوم السنة والاقتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما عائق المعصية فيتم التخلص منها بمجانبتها وبالتوبة النصوح منها عند الوقوع فيها.
تَمَيُّزُ الأنْبِيَاءِ في شَبَابِهِمْ
من تأمل أنبياء الله -تعالى- وجدهم بعثوا على أوج الشباب في سن الأربعين، فما بعث الله -تعالى- نبيا إلا على رأس هذه السنِّ إلا عيسى ابن مريم -عليه السلام-، وكان شبابهم ملؤه الكفاح والعمل والنشاط، وكانوا لا يـأنفون من أي عمل ما دام في دائرة الحلال فكلهم قد رعوا الأغنام، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم؛ فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة».
الاستغناء عن الناس هو العز
إن الاستغناء عن الناس هو العز وصيانة النفس وحفظ ماء الوجه، قال لقمان لولده: يا بني، إياك والسُّؤالَ! فإنه يُذهِب ماءَ الحياء مِن الوجه، وأعظمُ مِن هذا استخفافُ الناسِ بك، وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لَنَقلُ الصخر من قُلَلِ الجبالِ أخفُّ عليَّ من مِنَنِ الرجالِ
يقول الناس لي في الكسب عارٌ فقلت العار في ذُل السؤالِ

وذقت مرارة الأشياء طرا فما طعمٌ أَمَرُّ من السؤال
تفكر في كلامك قبل أن تنطق به
من الجميل بالمرء أن يتفكر في كلامه قبل أن يتكلم به؛ فإذا تفكر وجد أنَّه لا يخرج عن ثلاث أحوال: إما أن يتبين له أنه خير بيِّن واضح فليتكلم به ولا حرج.
وإما أن يتبين له أنه شرٌّ بيِّن من غيبة أو كذب أو سخرية أو نميمة أو غير ذلك فليمنع نفسه من التكلم به.
وإما أن يكون مشتبهاً عليه لا يدري أهو من الخير أو الشر، فليمنع نفسه من التكلم به أيضًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ»، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَالا يَرِيبُكَ».

ابو وليد البحيرى
2024-09-07, 08:25 PM
تحت العشرين -1217


الفرقان







العقيدة أوَّل واجبٍ على المكلف

العقيدة هي أهم علوم الدين على الإطلاق؛ إذ هي أوَّل واجبٍ على المكلف، فعند دخول الشخص الإسلامَ يجب عليه معرفة التوحيد قبل تعلُّم العبادات، وعندما بعَث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذًا إلى نحو أهل اليمن، قال له: «فليَكن أوَّل ما تدعوهم إليه أن يُوحدوا الله -تعالى-، فإذا عرَفوا ذلك، فأخْبِرهم أن الله فرَض عليهم خمس صلوات».
ما لا يسع الشباب جهله في العقيدة
لماذا خلقنا الله؟ خلقنا لعبادته، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)، ومعنى {يعبدون}: يوحِّدون.
من ربك؟ ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنِعَمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه، والدليل قوله -تعالى-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة: 2).
كيف عرفت ربك؟ عرَفته بآياته ومخلوقاته، ومن آياته: الليل، والنهار، والشمس، والقمر، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضون السبع، ومَن فيهنَّ، وما بينهما.
ما معنى العبادة؟ كل عمل يحبه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، ومنها: الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر.
ما معنى (لا إله إلا الله)؟ لا معبود بحق إلا الله.
ما معنى (السنة النبوية)؟ طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو دينه.
ما معنى (الصمد)؟ المقصود في الحوائج.
ما البدعة؟ هي العبادة التي اخترعها الناس ولم يفعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو رَدٌّ» رواه مسلم، رد: يعني مردودًا.
ما مراتب الدين؟ مراتب الدين: الإسلام، والإيمان، والإحسان.
ما أركان الإسلام الخمسة؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
ما أركان الإيمان؟ أركان الإيمان ستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
ما واجبنا تجاه القرآن؟ محبته، وقراءته، وفَهْم معانيه، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر عليه.

الحث على العلم والعمل به
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: تعلموا ما أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي؛ فإن العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء ما ورثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر من ميراثهم، تعلموا العلم فإنه رفعة في الدنيا والآخرة، وأجر مستمر إلى يوم القيامة، قال الله -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة:11) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، من بعده أو ولد صالح يدعو له».
https://majles.alukah.net/imgcache/2024/09/19.jpg

رسولي قدوتي
لكل أمّة رسول تقتدي به في جميع شؤونها، ولكل فرد شخصية تكون مثله الأعلى في هذه الحياة ويحب أن يكون مثلها، ونحن المسلمين نملك أفضل قدوة، وأعظم مُعَلّم، وهو الشخصية المثالية التي يجتهد الجميع للاقتداء بها، فصاحب هذه الشخصية رمز الصدق والأمانة والأخلاق الفاضلة وقد جاء - صلى الله عيله وسلم - بدين الإسلام الذي هو خاتم الأديان، وقد أرسله الله -تعالى- ليأمرنا بالأخلاق الحسنة وينهى عن الأخلاق السيئة، وكان صادقاً أميناً يحب الخير لجميع الناس، وكان متواضعًا رحيمًا، فكان أحسن الناس خلقاً وأشجع الناس، لذلك نحن نسير على سنته ونهتدي بهديه في حياتنا كلها وفي جميع شأننا، قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
من أخطاء بعض الشباب
مِن المؤسف أن نرى كثيرًا مِن الشباب لا يعرف الفرقَ بين أركان الإسلام وأركان الإيمان، ومنهم من لا يعرف إلا القليل عن آداب الطعام والشراب، والنوم، وآداب معاملة الكبير، وأدب الحوار مع الناس، ومِن الشباب مَن لا يعرف آداب تلاوة القرآن الكريم، ولا آداب المساجد واستماع دروس العلم، ولقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على التفقه في أمور الدين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا، يُفقِّهه في الدين»، قال الإمام النووي -رحمه الله-: هذا الحديث فيه فضيلةُ العلم والتفقُّه في الدين والحث عليه، وسببه أنه قائدٌ إلى تقوى الله -تعالى.
مواقف من حياة الصحابة -رضوان الله عليهم
عندما سأل النجاشي جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن الدين الذي اعتنقوه، فقال له جعفر - رضي الله عنه -: أيها الملك، كنا قومًا على الشرك: نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم، بعضنا من بعض في سفك الدماء، وغيرها لا نحل شيئًا ولا نحرمه، فبعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا، نعرف وفاءه، وصدقه، وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي، ونصوم، ولا نعبد غيره.
من أدب الحديث
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه، وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
أنواع التوحيد
(1) توحيد الربوبية: يعني: لا رب سوى الله -تعالى-؛ فهو الخالق المالك المدبر. (2) توحيد الألوهية: يعني: لا معبود بحق إلا الله. (3) توحيد الأسماء والصفات: يعني أن الله -تعالى- ليس كمثله شيء في أسمائه وصفاته.
الإيمان قول وعمل
من عقيدة أهل السنة والجماعة أنَّ الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعبة من الإيمان».
جماع الخلق الحسن
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «جماع الخلق الحسن مع الناس أن تصل من قطعك بالسلام والإكرام والدعاء له والاستغفار والثناء عليه والزيارة له، وتعطي من حرمك من التعليم والمنفعة والمال، وتعفو عمن ظلمك في دم أو مال أو عرض، وبعض هذا واجب وبعضه مستحب».
لماذا ندرس العقيدة الصحيحة؟
نحن ندرُس العقيدة؛ لكي ننجوَ من فِتن الشُّبهات التي تَموج كموج البحر، فالعالم مليء بال مذاهب الباطلة الهدَّامة، والأفكار المنحلة، والمناهج الفاسدة، فلابدَّ للمسلم أمام هذه المذاهب والأفكار والمناهج، أن يكون لديه علمٌ صحيح بالعقيدة، وأن يكون لديه فَهمٌ صحيح بها؛ حتى يَميز الخبيث من الطيِّب، والضعيف من الصحيح، والباطل من الحق.

ابو وليد البحيرى
2024-09-07, 08:26 PM
تحت العشرين -1218


الفرقان






الأخلاق ثمرة من ثمرات العقيدة
إنَّ الأخلاق للعقيدة كالثِّمار للشجرة، فثمرة العقيدة ونتاجها هو خُلقٌ قويمٌ، وتصرّفات نبيلة، وهذا مصداق لقول النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا».
تكامل أركان الإسلام والإيمان
من الأصول التي يجب على الشباب معرفتها وتعلمها واليقين بها، أن لكل أمة معتقدات خاصة بها تميزها عن الآخرين، ولقد منّ الله علينا بنعمة الدين الإسلامي بعقيدته السامية وركائزه القوية الثابتة. وذلك فضلٌ من الله علينا، وتعتمد ركائز عقيدتنا وديننا الإسلامي على التوحيد، بمعنى عبادة الله -عز وجل- وحده لا شريك له والإيمان بذلك، ودعونا يا شباب نتخيل الدين الإسلامي كأنه بناء، أركانه هي أركان الإسلام الخمسة: (قول الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا)، فهذه هي الأركان التي يقام بها البناء، وأركان الإيمان الستة هي الركائز التي تدعم البناء، ولقد بقي بناء الإسلام قويا ثابتا على مر العصور لتكامل أركان الإسلام وأركان الإيمان؛ لنقف أمام صرح عظيم مترابط متكامل الأركان والأجزاء، ألا وهو الدين الإسلامي، ومراتب الدين الإسلامي ثلاثة هي الإسلام والإيمان والإحسان.
معنى الإيمان وحقيقته
الإيمان هو التصديق والاطمئنان وأركانه ستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال -تعالى-: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } (سورة البقرة).
الركن الأول من أركان الإيمان
الإيمان بالله هو الركن الأول من أركان الإيمان، وهو أن الإنسان يؤمن بالله الواحد الأحد الفرد الصمد، قال -تعالى- في سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وسورة الإخلاص هي أساس التوحيد والعقيدة في الإسلام؛ فيجب على كل مسلم أن يعرف أسماء الله الحسنى، ويشعر بمعانيها؛ حتى يصل إلى درجة عالية من الإيمان بالله ثم إلى درجة الإحسان، وهي أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وعلينا أن نتعلم الشهادتين؛ لأنها أساس التوحيد والعقيدة، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله، فليس هناك من يستحق العبادة غير الله -سبحانه وتعالى- ولا أحد يشارك الله -عز وجل- في الحكم.
عقيدتنا منبع الأخلاق
تُعَدُّ العقيدة الإسلامية المنبع الرَّئيسي لكلِّ ما يَصدر عن الإنسان من أفعالٍ وتصرّفات؛ فالشاب الذي يَمتلك العقيدة الصحيحة التي تدعوه إلى الصِّدق، والأخلاق النَّبيلة، والعفو، والتسامح، والأمانة، لا تكون تصرُّفاته بخلاف ذلك؛ إذ إنَّ الأخلاق والآداب التي يتحلَّى بها في حياته وتعاملاته مع الآخرين هي التَّجسيد الفعلي والحقيقي لما يُؤمن به من عقائدَ وأفكارٍ دينيَّة، والدَّليل الفعليُّ على صِدق إيمانه، فلا انفكاك بين العقيدة والأخلاق، بل هُما يسيران جنبًا إلى جنب، ويدعم كلٌّ منهما الآخر، كما أنَّ هذه العقيدة هي الرَّادع الأول للمسلم والمانع الأقوى له الذي يَصرفه عن الشَّهوات المُحرَّمة، والأفعال الخطأ، ويتجلَّى دور العقيدة وانعكاسها على الأخلاق في كل جانبٍ من جوانب حياة المسلم اليوميَّة مع أهله وجيرانه وأصدقائه، ومع من يخالفونه الرَّأي، بل حتى مع أعدائه إن وُجدوا.
التَّمسك بالأخلاق الفاضلة
يُعدُّ التَّمسك بالأخلاق الفاضلة أحد العبادات المُهمَّة في الإسلام، ويبلُغ بها المسلم مَبلغ الصَّائم القائم، كما جاء في قول الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن المؤمنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ»، ويَحظى المسلم الخلُوق يوم القيامة بشرف القُرب من الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث الصَّحيح: «إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا»، وتكون أخلاقه الحميدة من أثقل ما يُوضع في ميزانه يوم القيامة، كما قال الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِن شيءٍ أثقل في الميزانِ مِن حُسْنِ الخُلُقِ».
هذا ما توجبه معرفة الله -تعالى



قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: إن الواجب على العبد أن يعبد الله وحده لا شريك له، وأن نفرد الله -جل وعلا- بالعبادات القولية والفعلية والقلبية، ولا نلتفت إلى غيره، كما يفعل المشركون قديما وحديثا؛ حيث يتعلقون بغير الله من الأموات والأضرحة ويدعونهم من دون الله {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ} (يونس: 18).
الفرق بين الأنبياء والرسل
الرسول: هو الذي جاءه وحي من السماء، وأمره الله -تعالى- بتبليغه إلى الناس، مثل سيدنا موسى -عليه السلام-، أمره الله -عز وجل- بتبليغ رسالة التوراة، أما النبي: فهو الذي جاءه وحي السماء ولم يؤمر بتبليغه مثل أنبياء بني إسرائيل؛ حيث دعوا جميعًا إلى شريعة واحدة وهي التوراة، وأيّد الله -سبحانه وتعالى- الرسل والأنبياء بالمعجزات؛ حتى تكون حجة على الناس، وكانت معجزة كل نبي تناسب بيئته والزمن المرسل فيه.
من علامات السعادة



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
معاملة الناس باللطف
قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».
أخطاء يقع فيها الشباب
مِن المؤسف أن تنتشر ظاهرة عقوق الشباب لآبائهم في المجتمع المسلم، وبعض الشباب قد يتطاول على والدَيْه بالقول أو بالفعل، والكثير من الآباء يشتكون مِن عدم طاعة أبنائهم لهم، مما يترتَّب عليه كثير من المشكلات داخل الأسرة، فليحذر الشباب من الوقوع في هذه الكبيرة العظيمة، وليحرِصوا على طاعةِ آبائهم، طالَما يأمرونهم بما فيه طاعةُ الله -تعالى- ورسولِه - صلى الله عليه وسلم -، وليحذَروا مِن سوء عاقبة عقوق آبائهم في الدنيا والآخرة، وليعلَموا أنهم كما يفعلون مع آبائهم سيُفعَل بهم في المستقبل.

ابو وليد البحيرى
2024-09-07, 08:28 PM
تحت العشرين -1219


الفرقان






التوحيد شرط لدخول الجنة
اعلموا يا شباب المسلمين، أن الله -عز وجل- جعل التوحيد شرطا في دخول الجنة، ومانعا من الخلود في النار، قال الله -تعالى-: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}(المائ دة:72)، وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومَن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار» رواه البخاري.
أقسام التوحيد ثلاثة
التوحيد من أهم العلوم التي يجب على الشباب معرفتها حتى يحققوا العبودية لله -تعالى- التي تنجيهم من النار وتكون سببًا في دخولهم الجنة، والتوحيد أقسام ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. القسم الأول: توحيد الألوهية وهو إفراد الله -تعالى- بجميع أنواع العبادة، فلا يصلي ولا يصوم الإنسان إلا لله، ولا يدعو إلا الله، ولا يتوكل على غير الله، وقد أشار الله -تعالى- إلى أن الهدف الأساسي من خلق الإنسان هو عبادة الله وحده وذلك في قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
القسم الثاني: توحيد الربوبية وهو إفراد الله -سبحانه وتعالى- بمجموعة من الأعمال التي لا يستطيع أحد أن يفعلها غيره، فهو وحده مالك الكون، وهو وحده الخالق، ووحده الرازق، ووحده الذي يحيي ويميت، وقد أشار القرآن الكريم إلى توحيد الربوبية في قوله -تعالى-: {قُل مَن رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ قُلِ اللَّـهُ}.
القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات ويقصد به إثبات أسماء الله -تعالى- وصفاته، التي أثبتها وبينها في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها قوله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ (1) اللَّـهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وعلى الإنسان يؤمن بها.

https://majles.alukah.net/imgcache/2024/09/20.jpg

يا شباب احفظوا أسماعكم وألسنتكم
يا شباب الإسلام، احفظوا أسماعكم، وألسنتكم عن سماع الغيبة والنميمة والكلام المحرم أو قوله! واحذروا من سوء الظن بالآخرين! قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (الحجرات: 12).
من فضائل المسجد الأقصى
من فضائل المسجد الأقصى المبارك أن الصلاة فيه مضاعفة، قال أبو ذر - رضي الله عنه -: أيهما أفضل: مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو مسجد بيت المقدس؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم الْمُصَلَّى»، وهذا معناه أن الصلاة في المسجد النبوي أربعة أضعاف الصلاة في المسجد الأقصى، ويعني أن الصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة.
ثمرات التوحيد
التوحيد له فضائل وثمرات عظيمة وكثيرة في الدنيا والآخرة، وهو حق الله الأعظم على عباده، وبالتوحيد يدخل الإنسان الجنة، وبضده وهو الشرك يدخل به النار، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -: «يا مُعاذ، أتَدْرِي ماحَقُّ اللَّه على العِباد؟ قال: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلم، قال: أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئا، أتَدْرِي ما حَقُّهُمْ عليه؟ قال: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلم، قال: أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ» رواه البخاري.
تعلمت من مشايخي



تعلمت من الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: أنّ الإسلام ليس تقييدًا للحريات، ولكنه تنظيم لها، وتوجيه سليم، حتى لا تصطدم حرية شخص بحرية آخرين عندما يعطى الحرية بلا حدود؛ لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى، ويحل الفساد؛ ولذلك سمى الله الأحكام الدينية حدودًا، فإذا كان الحكم تحريما قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}، وإن كان إيجابا قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا}.
الإيمان أجلّ النعم وأعظمها



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ أجلّ النعم وأعظمها، وأعظم الأهداف وأرفعها نعمةُ الإيمان؛ فبه ينال العبد سعادة الدنيا والآخرة، ويظفر بنيل الجنَّة ورضى الله -عز وجل-، وينجو من النار وسخط الجبار -سبحانه-، والإيمان هو الغاية التي خُلقنا لأجلها وأُوجدنا لتحقيقها، فأهل الإيمان هم أهل السعادة، والبعيدون عن الإيمان هم أهل الشقاء قال الله -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
الفراغ داء قاتل فاحذروه!
اعلموا يا شباب، أنَّ الفراغ داء قاتل للفكر والعقل والطاقات الجسمية؛ إذ النفس لابد لها من حركة وعمل، فإذا كانت فارغة من ذلك تبلد الفكر وتعطل العقل، وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب، وربما حدث له إرادات سيئة شريرة يُنَفِّس بها عن هذا الكبت الذي أصابه من الفراغ، وعلاج هذه المشلكة، أن يسعى الشاب في تحصيل عمل يناسبه من قراءة أو تجارة أو كتابة أو غيرها، مما يحول بينه وبين هذا الفراغ، ويستوجب أن يكون عضوًا سليما عاملاً في مجتمعه لنفسه ولغيره.
ما الأشهر الحرم؟
الأشهر الحرم هي شهور مباركة محددة في التقويم الهجري، اختصها الله ووردت في كتابه العزيز: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة: 36)، وهي‏:‏ (شهر رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم)، وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها‏.‏
معرفة الله غاية مطالب البرية
إن من مقامات دين الإسلام العظيمة ومنازله العلية الرفيعة معرفةَ الرب العظيم والخالق الجليل بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا، وما تعرَّف به إلى عباده في كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بل إنّ هذا أساسٌ من أسس الدين العظيمة، وأصل من أصول الإيمان المتينة، وقِوام الاعتقاد وأصلُه وأساسُه.
هكذا يعلمنا الصحابة -رضي الله عنهم
عندما سأل النجاشي -رحمه الله- جعفر بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - عن الدين الذي اعتنقوه، فقال له جعفر - رضي الله عنه -: أيها الملك، كنا قومًا على الشرك، نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم، بعضنا من بعض في سفك الدماء، وغيرها لا نحل شيئًا ولا نحرمه، فبعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا، نعرف وفاءه، وصدقه، وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي، ونصوم، ولا نعبد غيره.

ابو وليد البحيرى
2024-09-12, 04:07 AM
تحت العشرين -1220


الفرقان






الإجازة نعمة تحتاج إلى شكر وعمل
الإجازة الصيفية من النعم التي امتن الله بها علينا، وهي تحتاج إلى شكر وعمل، فلا يضيعها الإنسان في غير ما يقربه إلى الجنة ويباعده عن النار؛ لذلك فإن أبواب استثمار وقت الإجازة كثيرة جدا ولا سيما للشباب والفتيات؛ فعليهم أن يجتهدوا في تحصيل أكبر فائدة دينية ودنيوية مباحة في تلك الأوقات الثمينة.
الشباب واستثمار الإجازات
ها هو ذا العام الدارسي على وشك الانتهاء بما فيه من تعب ونصب، وجد اجتهاد، وجميع الشباب الآن يفكرون في كيفية قضاء الإجازة الصيفية، وكيف يستفيدون من أوقاتهم الكثيرة؟ وهنا تختلف الهمم والإرادات. فبعضهم يستغل الإجازة في اللعب واللهو والنوم، وبعضهم الآخر يقسم وقته فيما يعود عليه بالفائدة في دينه ودنياه، وإذا عرف المسلم قيمة الوقت وأهميته حرص عليه وعزَّ عليه ضياعه وفواته، ولأهمية الوقت فقد أقسم الله -تعالى- به في آيات عديدة منها: {وَالعَصْر}، {والضُّحَى}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} (الليل: 1، 2)، {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (التكوير: 18)، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (الشمس: 1)، {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} (التكوير: 17)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ منَ الناس: الصِّحة والفراغ»؛ لذلك فإن الاستغلال الأمثل للإجازة يكون في طاعة الله -عزوجل-، من: تلاوة القرآن وحفظه، وطلب العلم، والمشاركة في الدورات الشرعية، والدعوة إلى الله، وزيارة العلماء والدعاة، والصالحين والأقارب والأرحام، وإخوانك المسلمين، والمشارَكة في الأنشطة التعليميَّة المُفيدة، ولا بأس بالترفيه المباح إذا انضبط بضوابط الشرع، والسفر المباح للترويح عن لنفس، والاشتراك في النوادي الإسلامية، والبرامج الصيفية النافعة والمفيدة.
أفكار لإجازة مفيدة
(1) تعلم مهارة جديدة: لكل منا مهارات حياتية معينة يرجو إتقانها، وتُمثل الإجازة فرصة لاكتساب هذه المهارات وتطويرها. (2) تعلم البرمجة: تُعدّ البرمجة من أكثر المهن التي ستزداد أهميتها في المستقبل، وفي أيامنا هذه لم يعد الأمر صعبًا؛ فالأطفال الصغار يتعلمونها في المدارس وعلى الإنترنت. (3) شاهد محتوى مفيدا: فلا تقع فريسة للمحتوى التافه على يوتيوب، وشاهد محتوى ينمي معارفك ويوسع أُفقك. (4) تطوع في أعمال خيرية: إذا أردت صقل خبراتك الإنسانية ومساعدة الفئات الأكثر احتياجًا في مجتمعك، اشترك في إحدى الأعمال التطوعية المنتشرة في بلدك وهي كثيرة ولله الحمد. (5) مارس الرياضة: تُعدّ ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها إحدى أكثر الأساليب المُهمّة والفعّالة لضمان الحفاظ على الصحة البدنية والعقلية؛ إذ تتعدّد فوائد الرياضة على الصعيدين النفسي والجسدي.
أهم محاذير الإجازة
أخطر ما في الإجازة الصيفية مرافقة أصدقاء السوء، فكَمْ مِن إنسان كان صالحاً ناجحاً مُسدَّداً أَخْلَد إلى الدَّعة والكَسَل بسبب صديقه ورفيقه! وكَمْ مِن إنسان مُهذَّب مُؤدَّب تَغيَّرتْ أخلاقُه، وفَسَدَتْ طِباعُه بسبب جليسه وصديقه! قال - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجليس السَّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحاً خَبِيثَةً».
نصيحة الشيخ ابن باز للشباب



قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: أنصح أبنائي في الإجازة أن يستغلوها في كل ما يرضي الله: في حفظ القرآن الكريم والإكثار من تلاوته، وفي عمارة المكتبات للمطالعة والاستفادة بحضور المحاضرات العلمية والندوات المفيدة، وفي التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه، وفي النصائح، إلى غير هذا من وجوه الخير، كالتزاور في الله فيما بينهم في أنحاء هذه البلاد؛ لأنها فرصة ينبغي أن تستغل في الخير.
محطات من تاريخ المسجد الأقصى
في عام 583هـ استطاع السلطان صلاح الدين الأيوبي أن يخلص مدينة القدس من أيدي الصليبيين ويرجعها إلى حوزة المسلمين، وحمل معه إلى المسجد العديد من المصاحف، وأوقف عليه أوقافًا لإصلاحه وترميمه، وسجَّل هذه الأعمال على المحراب الأصلي للمسجد، وكان السلطان نور الدين محمود قد بنى منبرًا للمسجد الأقصى، لكن المنية وافته قبل أن يحضره إلى المسجد، فلما انتصر صلاح الدين الأيوبي، وعادت القدس للدولة الإسلامية أحضر صلاح الدين هذا المنبر من حلب ووضعه في مكانه إلى جدار المحراب، ومن المؤسف أن اليهود قاموا بإحراق هذا المنبر عام 1969م، فبيت المقدس فتحه عمر - رضي الله عنه -، وحرره صلاح الدين -رحمه الله-، فمن له اليوم؟
اعرف شرف زمانك
يقول ابن الجوزي - رحمه الله -: «ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل».
فن التواصل مع الآخرين
يُعد التواصل مع الآخرين بأمانة وصدق من الأخلاقيات التي حثَّ عليها الإسلام؛ حيث أكد ضرورة إحياء الروابط الإنسانية وزرع المحبة وتنميتها في النفوس، لتؤدي بدورها إلى تقوية التعاون في إطار العلاقات الطيبة البناءة، ومن ثم خَلق مجتمعات فاضلة متماسكة ومتمسكة بدينها وقيمها، وفي الوقت نفسه تخلو من المنازعة والمشاجرة.
الاستجمام باللهو غير المحرم
قال أبو الدرداء: «إني لأستجم نفسي بشيء من اللهْو غير المحرَّم، فيكون أقوى لها على الحق»، وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «روِّحوا القلوب، فإنها إذا أكرهتْ عميتْ»، وقال - أيضًا -: «أجمُّوا (روِّحوا) هذه القلوب، والتمسوا لها طرائفَ الحكمة؛ فإنها تملُّ كما تمل الأبدان».
وقت الإنسان هو عمره الحقيقي

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله يبين لنا هذه أهمية الوقت-: «وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمرُّ مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله، وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته.... فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته».

ابو وليد البحيرى
2024-09-12, 04:08 AM
تحت العشرين -1221


الفرقان






الدعاء من أسباب الثبات
من أهم أسباب الثبات والاستقامة في زمن الفتن والمتغيرات، سؤال الله -عزوجل-، والإلحاح عليه بطلب الهداية والاستقامة والثبات؛ فهو القائل لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} (الإسراء: 74).
من محفزات الشباب للاستقامة
روى الإمام مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبدالله الثّقفيّ قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال - صلى الله عليه وسلم -: «قل: آمنت بالله، ثمّ استقم»؛ لذلك على الشباب أن يحرص على هذه الاستقامة بكل الوسائل والسبل، وأهم هذه الوسائل أن يدرك حقيقة الاستقامة وأهميتها، ويضع نصب عينيه بعض الأمور الآتية: الشاب المستقيم في ظل عرش الرحمن يوم القيامة: قال رسول -صلى الله عليه وسلم -: «سبعةٌ يظلُّهم الله -تعالى- في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: وذكر منهم: وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله».
أن ندرك أنَّ مَن شَبَّ على شيء شاب عليه: ومَن شاب على شيء مات عليه؛ لذلك قال الشافعي:
وَمَن فاتَهُ التَعليمُ وَقتَ شَبابِهِ فَكَبِّر عَلَيهِ أَربَعًا لِوَفاتِهِ الشباب سريع الزوال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه-: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».
الصحة نعمة ينبغي أن تغتنم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ».
الشباب موضع سؤال يوم القيامة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربِّه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وماله من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم».

العوامل المعينة على الاستقامة والثبات
من العوامل المعينة للشباب على الاستقامة والثبات ما يلي: تقوية الوازع الديني، وحسن الصلة بالله، والتحصُّن بالإيمان بغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة.
الفهم السليم للدين، والتصوُّر الصحيح للاستقامة، والتسلُّح بالعلم النافع وفهم السلف خيرُ معين، والتعلُّق بالقرآن صمام الأمان.
الوسطية والاعتدال، واجتناب الغلوِّ والتنطُّع.
فهم الواقع، ومعرفة مكائد الأعداء ومصائدهم.
مجالسة أهل الخير، والحرص على الرُّفقة الصالحة؛ فالإنسان ابن بيئته.
قراءة سير الأنبياء والمرسلين، وتصفُّح حياة شباب الإسلام من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة، والاقتداء بهم، وجعلهم مثلًا أعلى.

حقيقة الاستقامة
إنَّ الاستِقامة هي لُزُوم طاعة الله -عزوجل-، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن جوامِع كلامه -صلى الله عليه وسلم -: قولُه -للصحابي سفيان بن عبدالله - رضي الله عنه - حين سألَه قائلًا: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قُلْ: آمنتُ بالله، ثم استقِمْ»، أي: استَقِم بعد الإيمان بالله، وهو لُزُوم طاعة الله؛ حيث لا يجدك حيث نَهاك، ولا يفقدك حيث أمرك.
حافظ على فرائض الإسلام
من وصايا الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر للشباب: عليك -أيها الشاب-، أن تكون محافظًا تمام المحافظة غلى فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، ومعونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل، وعليك -أيها الشاب- أن تكون مؤديا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك، وأعظمها حق الأبوين؛ فإنه حق عظيم أوجبه الله -عز وجل- على عباد
الشباب وقضاء حوائج الناس
أكد الله- عز وجل- في القرآن الكريم أن قضاء حوائج الناس من أبواب الفلاح، فأوصى بذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج: 77)، وقضاء الحاجة للآخرين من أبواب التعاون على الخير، قال -سبحانه-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: 2)، ولا شك أن الشباب لديه من الطاقة والقوة والحماس ما يجعله أولى الناس بهذا الخلق العظيم، والقيمة السامية.
مواقف خالدة لصحابة النبي - صلى الله عليه وسلم
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنه قال: كنت بارًّا بأمي، فأسلمت، فقالت: لتدعنَّ دينك، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتُعيَّر بي، ويقال: يا قاتل أمه، وبقيت يومًا ويومًا، فقلت: يا أماه، لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، ونزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (العنكبوت: 8).
من الأخطاء التي يقع فيها الشباب
من الأخطاء التي يقع فيها الشباب إساءة استخدام وسائل الاتصال الحديثة؛ مما يترتَّب عليه كثير من المفاسد في الدين والدنيا، فيجلس أحد الشباب بمفردِه في غرفته ويُغلِق الباب على نفسه، ليشاهد المواقع الإباحية التي تنشر الرذيلة بين الناس، وينسى هذا الشابُّ أن الله -تعالى- يراه، قال -سبحانه-: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر: 19).
عطِّر فمك بذكر الله
ذِكر الله من أعظم الأعمال المُثبتة للعبد، فبذكر الله يتجدَّد الإيمان وتجدَّد الصِّلة بالله -تعالى-، أخرج الإمام أحمد والنسائي وابن حبان في «صحيحه» من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «استكثِروا من الباقيات الصالِحات» قيل: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال: «التكبير والتسبيح والتهليل والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله». قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: «إذا انكشف الغطاء يوم القيامة عن ثواب أعمال البشر، لم يروا ثوابًا أفضل من ذكر الله -تعالى-، فيتحسر عند ذلك أقوام فيقولون: ما كان شيء أيسر علينا من الذكر».
يا شباب: احذروا التكبر على الناس!
بعضُ الشباب يُعجَب بنفسه، فيتكبَّر على الناس بعائلته، أو بعلمه، أو بماله، أو بجماله، أو بقوَّته، أو بغير ذلك، هذا أمر خطير؛ لأنه ينشر الحقد والحسد والكراهية بين الناس، وليَعلَمِ الشابُّ أن كل هذه الأمور هبةٌ مِن عند الله -تعالى-، فيجب عليه أن يشكر الله -تعالى- على فضله، ولا يستخدم نعمة الله في التكبُّر على غيره من الناس، ولقد حذَّرنا نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم - من التكبر على الناس، روى مسلم عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْرٍ»، قال رجلٌ: إن الرجل يحبُّ أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعله حسنةً؟ قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناس».

ابو وليد البحيرى
2024-09-12, 04:09 AM
تحت العشرين -1222


الفرقان






قاعدة مهمة في حسن الخلق

من القواعد المهمة في حسن الخلق عدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة، مما يترتب عليه احتواء المسيء وتجاوز الإساءة، فعلى الشباب أن يضبطوا انفعالاتهم وردود أفعالهم، فيقابلوا الغضب بالهدوء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «ليسَ الشَّديدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّديدُ الَّذي يملِكُ نفسَه عندَ الغَضبِ».

صفات يجب أن يتحلى بها الشاب المسلم
الشابُّ المسلم الدَّيِّن لابد أن يكون رحيمًا في كلامه، مُهذَّبًا في أقواله، حليما في أفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، لقول الله -عز وجل- لنبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم -: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، «ولَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا»، ولا يغضب، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَب، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ»، وإذا غضب لا يغضب إلَّا لدين الله -عز وجل. والشاب المسلم الدَّيِّن متواضَع، لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ»، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق، لقول الله -عز وجل-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18). وشعاره الرفق واللين، فالله يقول لموسى وهارون -عليهما السلام لما أرسلهما إلى طاغية الأرض فرعون- قال -تعالى-: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه: 44)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - مادِحًا للرِّفْق ذامًّا لغيره: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ»، فلا يقابل السيئة بالسيئة، وإنما يقابلها بالحسنة؛ لأنه يريد أن يكون من ذوي الحظ العظيم، كما قال الله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35)، ولا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ، لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23).
قدوتنا في مكارم الأخلاق
الشابُّ المسلم لابد له أن يقتدي بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل شؤونه وأحواله، ومن ذلك اقتداؤه به في مكارم الأخلاق ورفيع الآداب، فهو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، الذي كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، وكان -صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ»، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال في التفضيل بين الصحابة: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ - أي: أفضلكم - أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا»، فالشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم -، لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول -صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا».
الشباب والفراغ
الفراغ هو ذلك الغول المخيف الذي يفترس الإنسان العاطل، وهو من أقوى أسلحة الشيطان ضد الشباب، ولا سيما في فترة الإجازة الصيفية، التي تعد من أهم الأوقات التي ينبغي للشباب استغلالها استغلالا حسنا، ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود خطط أو برامج نافعة، حتى يستغل الشباب هذه الأيام وتلك الساعات الاستغلال الأمثل، فعليهم أن يدركوا أن الوقت من النعم التي لا يشعر بها الإنسان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، وأن هذا الوقت إذا لم تشغله بالحق والأمور النافعة، سيشغل بالباطل والأمور التافهة، فالشاب الرابح في الإجازة هو مَن عمَّرها بالنافع المفيد، فاكتسب علما، أو تعلم حِرفة، أو أتقن مِهنة، أو حفظ آية، أو علم حديثا، أو قرأ كتابا نافعا، أو التحق بمركز صيفي يزيده إيمانا وثقافة، ويكسبه مهارة، ويملأ وقته بالمفيد.
من مقاصد العيد



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من المقاصد المهمة للعيد: تقوية الأخوة الإيمانية بين المسلمين، وطرح الخلافات جانبًا؛ فإنّه يوم الصَّفاء، يوم النَّقاء، يوم الإخاء، يوم الصِّلات، يوم السَّلام؛ فواجب على كلِّ مسلم وعلى الشباب خاصة في هـذا اليوم المبارك أن يحرصوا أشدّ الحرص على تقوية صلتهم بإخوانهم، زيارةً ومودّةً ومحبّةً ودعاءً واطّراحًا لما قد يكون بين المتآخين من شقاق وخلاف، وإذا لم يُطّرح الشِّقاق والخلاف في مثل هـذا اليوم المبارك فمتى يطّرح؟!
بر الوالدين سعادة في الدنيا والآخرة
اعلموا -يا شباب-، أنَّ من أحب ما أنفقت فيها الأيام والليالي بر الوالدين؛ فإن المسلم يحرص ولا سيما في العطلة وفي هذه الأوقات التي لديه فيها متسع على إدخال السرور على الوالدين، وأن يقضوا حوائجهما وأن يستغلوا هذه الفترة من الفراغ في القرب منهم، حتى ولو فاتك الأصحاب والأحباب، ولو فاتتك الزيارات والسفرات، عليك أن تحرص على إرضائهما؛ فذلك خير لك في الدين والدنيا.
أفكار لاستثمار الإجازة الصيفية
الحرص على الدورات في المراكز الصيفية والمساجد.
مزاولة الرياضة مع الالتزام بالآداب الشرعية.
وضع أهداف محددة لحفظ القرآن الكريم وعدد من الأحاديث النبوية.
المشاركة في الرحلات الدعوية.
اختيار عدد من الكتب النافعة لقراءتها وجعلها خير جليس.

كن طالب علم نافعا
إنّ خير ما ينفق فيه الشباب أعمارهم وأحب ما يمضي فيه ليلهم ونهارهم طلب العلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة»، فطلب العلم رحمة من الله -سبحانه وتعالى- ومنَّة وفضيلة إذا اصطفى الله-عزوجل - لها العبد، فقد اختاره لخير الدنيا والآخرة، قال -صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»، فأنت أيها الشاب طالب علم ما جالست العلماء، وذاكرت طلاب العلم والفضلاء، وأنت طالب علم ما فتحت كتابًا تستفيد منه حكمةً أو تقرأ فيه آية أو يُشرح لك فيه حديث من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
ما أجمل أعياد المسلمين!

من الأمور المهمة التي يجب أن يعلمها الشباب، أن لكل أمة من الأمم أعيادًا مختصة بهم، تتناسب مع عقائدهم، ويبقى أن أعياد المسلمين تتميز بأنها عبادة لله -تعالى-، تتلألأ بصفاء الإيمان ونقاء العقيدة والتوحيد وكمال الطاعة لله -عزوجل-، شُرع لنا فيها مظاهر مباركة، منها: الاجتماع والألفة، والتحاب في الله، والاجتماع لصلاة العيد، والتواصل والتزاور والتصافي والتحاب، فما أجملَ هذا العيد! وما أحسنَ كماله! وما أروعَ بهاءه وحسنه وجماله! فشتان بين أعياد المسلمين وبين أعياد غيرهم.

ابو وليد البحيرى
2024-09-19, 04:53 AM
تحت العشرين -1223


الفرقان





غض البصر عفة
إن إطلاق البصر إلى ما حرم الله من أعظم أسباب الوقوع في الفواحش، ولهذا أمر الله بغض البصر: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (النور:30)، ولما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة قال: «اصرف بصرك». فمن غض بصره عف فرجه.
الشباب وخلق العــفاف
العفاف كلمةٌ عظيمة ومطلبٌ جليل، أمر الله -عزّ َوجل- عباده به، وأمر به نبيُه - صلى الله عليه وسلم -، ويترتب على العفاف من الآثار والخيرات الغِزار في الدنيا والآخرة ما لا يحصيه إلا الله -تعالى- قال الله -عز وجل-: وَلْيَسْتَعْفِف ِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (النور:33)، أي ليعمل كلُّ مسلم وليسْعَ لتحقيق العفاف والبعد عن نواقضه ونواقصه، وليجاهد نفسه على ذلك، والله معه مُعِينًا ومسدِّدًا وحافظاً ومغْنيا، فجاهد نفسك يا بني واستعن بالله، وتوكل عليه وكفى بالله وكيلاً، وهذه بعض النصائح المهمة التي سوف تعينك - بعد توفيق الله - على العفاف وهي كما يلي: اللجوء إلى الله -تعالى- فهو يجيب المضطر إذا دعاه.
الإخلاص لله فإنه -سبحانه- يصرف عن المخلصين السوء والفحشاء.
الحرص على غض البصر ومراقبة الله في السر والعلن.
شغل النفس بالمفيد قبل أن تشغلك بالسوء.
تجنب الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد، والوحدة خير من جليس السوء فابحث عن الصالحين وصاحبهم.
توجيه طاقاتك إلى الخير والعلم والعمل.
المواظبة على الصلاة والإكثار من تلاوة القرآن.
الإكثار من الصيام وكثرة الصلاة والذكر والقيام.

من أسس النجاح في الحياة
عليك بتقوى الله -تعالى- فهي خير زاد، وأفضل وصية، فالله -تعالى- يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (1) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (الطلاق 1-2)، ويقول -تعالى- أيضا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } (الطلاق:4).
املأ قلبك بمحبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم محبة أبويك ومن حولك، فالحب يورث الطمأنينة، والكراهية تملأ القلوب تعاسة وشقاء.
اجعل حبك لنفسك يتضاءل أمام حبك لغيرك، فالله -تعالى- يقول: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (الحشر 9)، والسعداء يوزعون الخير على الناس، فتتضاعف سعادتهم.
لا تذرف الدموع على ما مضى، ولا تبك على اللبن المسكوب، بل ابذل جهدا إضافيا حتى تعوض الذي ضاع منك، وتذكر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان».

سلامة العقيدة
على الشباب أن يدركوا أن من أهم أسباب اكتساب محاسن الأخلاق سلامة العقيدة، فالسلوك- في الغالب- ثمرة لما يحمله الإنسان من فكر، وما يعتقده من معتقد، وما يدين به من دين، والانحراف في السلوك إنما هو ناتج - في الغالب - عن خلل في المعتقد، ولا شك أن هناك ارتباطا وثيقا بين الأخلاق والإيمان، فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا، فالعقيدة الصحيحة تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق من صدق، وكرم، وحلم، وشجاعة، ونحو ذلك، وهذه العقيدة الصحيحة تمنع صاحبها من كثير من مساوئ الأخلاق من طغيان وكذب وكبر وجهل وظلم، وغيرها.
نصائح مهمة للشباب
من النصائح المهمة التي يجب على الشباب أن يتحلى بها ولا سيما في هذه الفترة الحركة التي تمر بها الأمة هي التحلّي بالوعي، والانطلاق في سبيل الدّعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والخوض في النّقاشات المعرفيّة المثمرة والهادفة، وتغليب مصلحة الإسلام على ما عداها، وعدم الانشغال بالأمور الهامشيّة والجزئيّة على حساب قضايا الأمَّة، فالشّباب يمثّلون طاقة الأمَّة، وعليهم توظيف كلّ ذلك في خدمة الإسلام، فلا يضيّعوا أوقاتهم في الفراغ والعبث واللّهو واللاجدّيّة، فيصبحوا بالفعل من قاتلي الوقت المحترفين، بدل أن يكونوا العاملين على استنفاده بكلّ خير ووعي.
عبرة وعظة


قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: رأيتُ في قريةٍ صغيرةٍ شرق المدينة حبلًا ممدودًا من بيت إلى باب المسجد فسألتُ عنه، فقيل: هذا بيتُ رجلٍ كبير سنٍّ كفيفِ البصر ليس له قائدٌ، فيُمسك بهذا الحَبل عند كلِّ صلاةٍ ذهابًا للمسجد وإيابًا لبيته، فما حال معاشِر الشَّباب الأصِحَّاء الأقوياء المبصِرين؟!
الإجازة استراحة لا بطالة
كثير من الشباب يفهم الإجازة الصيفية فهمًا خطأ، فمفهومُها عندهم مرتبط باللهو واللعب، والنوم والمرح، والسفر والسهر، أو تسكع في الأسواق وأماكن التجمعات، أو جلوس وقبوع أمام الشاشات والفضائيات، أو حتى جلوس على المقاهي إلى أول ساعات النهار، إلا أنَّ الإجازة في حقيقتها استراحةُ محارب يطلب فيها إراحةُ الأبدان، وتصفيةُ الأذهان، وتعليلُ النفس، واستعادةُ النشاط، ودفعُ الكآبة، ورفعُ الملل والسَّآمة، ليعودَ بعدَها الطالبُ إلى مقاعِدِ الدِّراسة، والموظف إلى كرسي العمل بهمَّة وقَّادة، وعزيمةٍ وثَّابة، وإقبال ونشاط، في غير كلل ولا ملل.
الفراغ داء قاتل للفكر والعقل


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الفراغ داء قتَّال للفكر والعقل والطاقات الجسمية؛ إذ النفس لابد لها من حركة وعمل، فإذا كانت فارغة من ذلك تبلد الفكر وثخن العقل، وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب، وربما حدث له إرادات سيئة شريرة يُنَفِّس بها عن هذا الكبت الذي أصابه من الفراغ.
الإجازة جزء من حياتك
إن الإجازة جزء من حياة الإنسان، وإن كان لا يذهب فيها إلى الدراسة والعمل، فهي محسوبة من عمره، مكتوب عليه عمله، ومسجل عليه قوله، ومرصود عليه فعله وجميع أمره، وسيحاسب عليها أمام الله كما سيحاسب عن بقية عمره ففي الحديث الشريف «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه».
حافظ على صديقك الصالح

قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: « الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، وإذا حاز الشاب صاحبًا صالحًا فعليه أن يتمسك به وأن يتجنب كل ما يفسد علاقته به، فعليه ألا يعاتبه في كل صغيرة وكبيرة، وأن يغض الطرف عن زلاته؛ فإن الكمال لله -تعالى- وحده، حافظ عليه فإنك إن ضيعته فقد لا تجد من يشاركك هموم الحياة ويدلك على الخير، قال أحد الصالحين: «عليك بصحبة من إذا صحبته زانك، وإن غبت عنه صانك، وإن احتجت إليه عانك، وإن رأى منك خلة سدها أو حسنة عدها وأصلحها».

ابو وليد البحيرى
2024-09-19, 04:55 AM
تحت العشرين -1224


الفرقان






كمال الأخلاق من كمال الإيمان

كمال الأخلاق من كمال الإيمان، ونقصها من نقص الإيمان؛ فالمؤمن حين يتحلى بحسن الخلق طاعة لله -تعالى-، فإنما يدفعه لذلك إيمانه بأنه مأمور بحسن الخلق، مثاب عليه، معاقب على تركه. وارتباط الأخلاق بالإيمان وثيق جدا؛ ولذا نُفي كمال الإيمان عن جملة من الناس ساءت أخلاقهم.

عمرك هو رأس مالك
على الشباب أن يعلموا أن أعمارهم هي رأس مالهم الذي يتاجرون فيه مع ربهم، وهو كنزهم الذي يشترون به جنة الخلد ورضا الرب. فإذا ضاع هذا العمر في غير ما وضع له كانت هي الخسارة التي لا تعوض ولا تضاهيها خسارة أصلا، وعند السؤال يظهر الربح من الخسران، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ: عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن شبابِهِ فيم أبلاَهُ؟ وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ؟ وماذا عملَ فيما علِمَ؟»، فأصل العمر أنه وعاءُ العمل، أعطاه الله للإنسان ليعمل فيه ما يربح به عند لقاء الله، فقيمة ما عاشه الإنسان هو قيمة ما استعمله من العمر في طاعة ربه، فليس طول العمر بكثرة الشهور والأعوام، وإنما بقدر الوقت الذي أطيع الله فيه.
الإجازة والفراغ
لئن كان الإنسان يحصل في الإجازة شيئًا من الفراغ، فينبغي أن يعلم أن الفراغ نعمة من الله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، والنعم ينبغي أن تشكر لا أن تكفر، وشكر هذه النعمة بأن تستغل في طاعة الله، وتحصيل رضاه، وفيما يقرب من جنته ويبعد عن ناره، وفيما يحقق سعادة الدنيا والآخرة. وإلا كانت الخسارة والغبن، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نِعمتانِ مغبونٌ فيهِما كثيرٌ من النَّاس: الصِّحَّة والفراغ».
كيف تختار تخصصك الجامعي؟
يصعب على كثير من الطلاّب اختيار المسار الجامعي؛ مما تراهم يبحثون بطريقة مكثّفة في مواقع الويب المختلفة عن طرائق سليمة في اختيار المسار الجامعي؛ لذا عندما تقرّر في اختيار تخصصك احرص دائما على اختيار المجال الذي تفضّله؛ لأن الإنسان -بطبعه- يبدع في الشيء الذي يحب، وهذه أهم الإرشادات اللازمة عند اختيار التخصّص الجامعي: التعرّف على القيم والاهتمامات قبل اختيار تخصص ما.
القيام بتحديد المهارات الشخصيّة والقدرات الذهنية والمادية.
البحث عن المجالات الوظيفية المترتبة على التخصص المختار.
قياس درجة صعوبة دراسة التخصص المختار.
الأخذ بالاستشارات السليمة من المختصّين الأكاديميين.

بين الطاعة والمعصية
لما كانت الطاعة بتوفيق الله -سبحانه وتعالى-، ويحبها ويأمر بها، فإن كل ما اتصل به -سبحانه- فهو مبارك، والعكس بالعكس، فالمعصية متصلة بالشيطان، ويدعو إليها، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}(ال نور:21)، وكل شيء تعلق بالشيطان فهو ممحوق البركة.



أعظم أنواع العبادة
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: أعظم أنواع العبادة أداء ما فرضه الله -تعالى- وتجنب ما حرمه، قال - صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزوجل-: «وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه»، فأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله وصدق الرغبة فيما عند الله»، وأعظم فرائض البدن التي تقرب إلى الله -تعالى- الصلاة، ولكن هذه الصلاة خف ميزانها اليوم عند كثير من الناس كما قال -تعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} (مريم:59-60).



الوقت غنيمة فلا تضيعه
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يتضايق بعض الناس من الوقت، فيعمل على تضييعه حتى في الحرام؛ ولهذا تجد عند بعض الغافلين التعبير بكلمة «قتل الوقت» كأنه عدو!، والوقت غنيمة وما ذهب منه لا يعود، والعاقل هو من يغتنم أوقاته ويحاذر من قتلها وتضييعها.
من حقوق الطريق كف الأذى
كف الأذى، كلمة جامعة تتناول كل أذى بالقول أو الفعل أو الإشارة أو حتى مجرد النظر، ومنه أذى الناس بالسيارات، وترويعهم بها، والاعتداء على حقوقهم، كمن يتجاوزهم وهم منتظمون صفا عند إشارة أو في زحام فيحشرهم بسيارته، ويتقدم عليهم ويعطلهم، فهذا من الأذى، وكذلك أذية الناس باللعب في طرقهم، وإزعاجهم بالصراخ أو الصفير، أو رفع أصوات المذياع، فتوقظ النائم، وتضجر المريض، ولا سيما إذا كان صوتا محرما من غناء وموسيقى صاخبة.
المعاصي تمحق البركة
المعاصي والذنوب لها أثر عجيب على قلب العبد وجسده، وعلى دينه ودنياه، وعقله، وعمره وعمله، وأثرها في القلب أعظم من أثر المرض على البدن؛ فالمعاصي تمحق البركة من كل ما حولها، حتى لا تكاد تجد أقل بركة في عمر الإنسان ودينه ودنياه.
ضرر المعاصي وأخطارها
من أَضرار المعاصي وأخطارها أنها يولِّد بعضُها بعضا، ويدعو بعضُها إلى بعض، حتى يألفها القلب، فتصير له عادة ثابتة، وهيئة راسخة، وصفة لازمة، فيعز على العبد مفارقتها والخروج منها، ولو أنه عطَّلها وغاب عنها وأقبل على الطاعة، لضاقت عليه نفسُه وضاق صدره، إلى أن يعاودها، حتى إن كثيرا من الفسَّاق ليواقع المعصيةَ من غير لذةٍ يجدها، ولا داعيةٍ إليها، إلا ما يجد من ألم فقدها، فتتولد عن المعصية معصية، ومع الذنب ذنب، وهذا معناه ضياع عمر أطول وفوات زمن أكثر، وخسران أوقات أكبر في غير طاعة.
أخطاء يقع فيها الشباب
من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الشباب إساءة استخدام وسائل الاتصال الحديثة، مما يترتَّب عليه كثير من المفاسد في الدين والدنيا، فيجلس الشباب بمفردِه في غرفته الساعات الطوال يقلب الصفحات والمواقع، وينسى هذا الشابُّ أن الله -تعالى- يراه، ويعلم سره ونجواه، قال -سبحانه-: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر:19)، في الوقت الذي يستطيع هذا الشاب أن يستخدم تلك الوسائل فيما ينفعه في أمور دينه ودنياه.

ابو وليد البحيرى
2024-09-19, 04:56 AM
تحت العشرين -1225


الفرقان






نفسك على ما عودتها

إن النفس إذا عودتها المعالي تعوَّدَتْها، وإذا نزلت بها إلى السفاسف ربما رضيتها وقبلتها، فاسمُ إلى المعالي والقمم، وإياك والرضى بالدون فإن الراضي بالدون دنيء، واعلم أن أعلى المطالب وأزكاها أن تطلب الله ورضاه، وتسعى لتحصيل جواره ليس في الجنة فحسب، بل في الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة وأعلاها، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.

الشباب وطلب المعالي
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ معاليَ الأمورِ وأشرافَها ويكرَهُ سَفْسافَها»، ومعالي الأمور: هي الأمور رفيعة القدر عالية الشأن، سميت بذلك؛ لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا. والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات، ولا يهتم الشاب بمعالي الأمور إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يربي أصحابه على علو الهمة وطلب المعالي والسعي إلى المراتب الجليلة، وكان يحزنه أن يجد أحدا من أمته على خلاف ذلك، ومما يروى في طلب المعالي أنَّ عكاشة بن محصن - رضي الله عنه - كان في مجلس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعه يقول: «يَدْخُلُ مِن أُمَّتي الجَنَّةَ سَبْعُونَ ألْفًا بغيرِ حِسابٍ»، فتطلعت همته ليكون واحدًا منهم، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، ففاز بها ونجا من الحساب ببركة نيته وعلو همته، ومما يجب أن يعلمه الشباب أنَّ المعالي إنما تنال بالسعي والعمل، لا بالأماني والكسل، فالأماني رأس مال المفاليس، قال ربيعة للنبي -صلى الله عليه وسلم -: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أعني على نفسك بكثرة والسجود»، وقال لابن عمر: «نعم الرجل عبدالله.. لو كان يقوم الليل»، وإنما كان أبو بكر - رضي الله عنه - أفضل هذه الأمة؛ لأنه كان أعلاهم همةً وأحسنَهم عملا، قال علي وعمر -رضي الله عنهما-: ما سابقنا أبا بكر إلى خير إلا سبقنا إليه، فإذا أردت أن يحبك الله فاطلب المعالى واسعَ إليها، ودعِ السفاسفَ وترفعْ عنها، فـ «إنَّ اللهَ يُحِبُّ معاليَ الأمورِ وأشرافَها ويكرَهُ سَفْسافَها».
التوازن والوسطية في حياة الشباب
رّبَّىَ النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابه ولا سيما الشباب منهم على الوسطية والاعتدال، وكان - صلى الله عليه وسلم - يُقَوِّم كل توَّجّه غير صحيح، أو تفكير خطأ، أو ممارسة سلبية، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «جاء ثلاثة رهط -جمع دون العشرة من الرجال- إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم-، فلمّا أخبروا كأنّهم تقالّوها (استقلوها)، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم-، قد غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر؟! قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلّي اللّيل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء فلا أتزوّج أبدا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: أنتم الّذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» رواه البخاري.
حقائق وواجبات
على الشباب أن يعلموا أن أمتهم هي خير أمة أخرجت للناس، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
على الشباب أن يكون همهم -بعد إصلاح أنفسهم- إصلاح الآخرين، وتعبيد الناس لرب العالمين، وليحذروا أن يكونوا دعاة سوء؛ فيكون عليهم وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
على الشباب أن يعرفوا ما لوطنهم من الحق فهو بلد الإسلام الذي ولدوا فيه، وعلى أرضه نشؤوا، وأن عليهم لولاة أمره الطاعة في المعروف، وليحذروا أن يكونوا مصدرًا للفساد والإفساد.
على الشباب أن يكونوا دائمي الارتباط بالله -تعالى-، من خلال أدائهم الصلاة في وقتها، وكثرة الذكر والدعاء، والاستعانة بالله -تعالى- في الأمور جميعها، والتوكل عليه، والمحافظة على الأوراد والأذكار الشرعية.

الإيمان المستحق للنصر
قال الشيخ عبدالله بن باز {رحمه الله-» الإيمان الشرعي الذي علَّق الله به النصر وحسن العاقبة يتضمن الإخلاص لله في العمل، والقيام بأوامره وترك نواهيه، كما يتضمن وجوب تحكيم الشريعة في كل أمور المجتمع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله -عزوجل- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم، كما يتضمن أيضًا وجوب إعداد ما يستطاع من القوة للدفاع عن الدين.
إكرام كبار السن من الأخلاق النبيلة
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ من الأخلاق النبيلة والخصال الكريمة التي دعا إليها الإسلام: مراعاة قدر كبار السن ومعرفة حقهم وحفظ واجبهم؛ فالإسلام أمر بإكرام المسن وتوقيره واحترامه وتقديره، ولاسيما عندما يصاحب كبر سنه ضعفه العام وحاجته إلى العناية البدنية والاجتماعية والنفسية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، وفي هذا وعيد لمن يهمل حق الكبير ويضيع الواجب نحوه بأنه ليس على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- وغيرُ ملازم لطريقته.
من أخطاء الشباب في الصلاة
يتساهل بعض الشباب في الصلاة بالملابس التي فيها صوَر، والصوَر منهيٌّ عنها على وجه العموم، فكيف بالمسجد! روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ» .
أخطاء يقع فيها الشباب
بعض الشباب لا يراعون أحوال آبائهم الماديةَ، فيحاولون تقليدَ غيرهم من الشباب في الطعام والشراب والكساء، فيُكلِّفون آباءهم فوق طاقتهم، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على القناعة والرضا بما قسَمه الله -تعالى- لنا مِن الرزق، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم ، فإنه أجدَرُ أن لا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم»، هذه وصية عظيمة ترسم منهجًا للمسلم ينبغي أن يلتزم به؛ لأنه بهذه النظرة سيعرف قدر نعم الله عليه، وهذا سيدعوه إلى شكرها، وعدم تقليد الآخرين في أفعالهم.
الصديق الحقيقي
الصديق الحقيقي لا يقتصر نفعه عليك في الدنيا وحسب، بل يتعدى نفعه عليك إلى الآخرة، وذلك عندما يلتقي أصدقاء التقوى وأصدقاء الإيمان في الجنّة، قال -تعالى-: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} فقد جاؤوا إلى الآخرة وليس في قلوبهم أيّ حقد، بل كانت المحبّة تغمر قلوبهم، فالمحبة الحقيقية حينما تملأ قلبك فلن تجد فيه مكانًا للحقد، فالذين لا يحملون الغلّ في قلوبهم هم الأتقياء حقّاً، الذين يحبّون الله -سبحانه وتعالى- فيحبّون خلقه، {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر:47). متحابّين، يعيشون سعادة الإيمان ورضوان الله {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (التوبة:72).

ابو وليد البحيرى
2024-09-27, 02:35 AM
تحت العشرين -1226


الفرقان






المروءة عشر خصال
المروءة عشر خصال: الحلم، وصدق اللهجة، وترك الغيبة، وحسن الخلق، والعفو عند المقدرة، وبذل المعروف، وإنجاز الوعد، وأن تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وألا تعمل في السرّ ما يستحيا منه في العلانية.
المروءة من الأخلاق التي يحتاجها الشباب
المروءة زينة للمؤمن عموما وللشباب خصوصا، بها تعلوه الهيبة والوقار، ويقبل الناس عليه محبة وألفةً ووفاءً، فالشباب صاحب المروءة لا يفعل إلا ما يزينه ويعلي شأنه، يترفع عن التصرفات المزرية؛ لأن الحياء حارس يصونه. وأول محطات المروءة للشاب هي مروءته مع خالقه -سبحانه-، الذي أحسن إليه بنعمه التي لا تعد ولا تحصى، فهل من المروءة أن يجاهر بالمعصية، أو يستكبر عن الهداية؟ ثم تأتي المروءة مع النفس، حينما يرتضي لها أجل المواضع وأزكاها، فغدت نفسه كريمة زكية نبيلة، طاهرة صافية نقية، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}، والمروءة مع الخلق، حينما يكون معهم كلؤلؤة في وسط عقد، يزينهم ولا يشينهم، يقابل إساءتهم بالعفو، ويعرض عن جهلهم عليه، ولا تستثيره طباعهم، بل يختار لهم أجمل الحديث، وطلاقة المحيا، وأحلى الابتسامات، وأرق المشاعر. إن صاحب المروءة قوي الإرادة مع الناس حينما يدعوه بعضهم إلى الحرام فيمتنع عن المسير معهم، وإن صاحب المروءة لين الجانب مع الناس حينما يوصونه بسُنَّة ويعلِّمونه هديًا.
من أصدق مظاهر المروءة
أيها الشباب، إن من أصدق مظاهر المروءة أن يحفظ المرء لسانه من الخوض في أعراض الناس، بل وعرض نفسه أيضًا، ويصون لسانه من الاستهزاء والسخرية والتعليق على أخطائهم وزللهم، فليس هذا من شيم الرجال أو أصحاب العقول الراجحة.
من سبل صلاح الشباب
إن من أول سبل صلاح الشباب أن يتربوا على سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى سيرة الرعيل الأول من الصحابة -رضوان الله عليهم-، كأمثال: (حمزة) و(مصعب) و(جعفر) و(ابن رواحة) و(ابن عمر) و(ابن عباس) و(أسامة ابن زيد) وغيرهم -وهم كثير ولله الحمد- وأن يتأدبوا بآدابهم ويتخلقوا بأخلاقهم من الصغر، فالصحابة -رضي الله عنهم- جيل فريد متميِّز في كلِّ شيءٍ، في عقيدتهم، وعبادتهم، وأخلاقهم، وتعامُلهم، فينبغي للشباب أن يترسموا خطى ذلك الجيل الفريد، إن راموا أن يعود لهم عِزُّهم، ومكانتهم بين الأُمَم، فالفرق كبير والبون واسع بين واقع المسلمين وحال الصحابة -رضي الله عنهم.
مظاهر المروءة
من أهم مظاهر المروءة إتقان الأعمال؛ فإنه إذا أحب أحدكم أن يعمل عملاً فليتقنه، وتظهر حقيقة المروءة في المنازعات والخصومات، لتتضح المعادن الأصيلة من المزيفة، فلا يغير الخصام في ذي المروءة وجهًا، ولا يسف فيه لسانًا، بل يزيده بهاءً وحكمةً وروية، {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}، {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}، وقيل لسفيان بن عيينة -رحمه الله-: قد استنبطت من القرآن كل شيء، فأين المروءة في القرآن؟ قال في قول الله -تعالى-: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}.
لماذا يتجرأ هؤلاء على الله؟



قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الإنسان إذا جهل عظمة الله -جل وعلا- فإنه يتجرأ على ربه -جل وعلا- {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً} (الفرقان: من الآية 55)، فالمشرك حينما دعا غير الله وعبد غير الله هذا لم يقدر الله حق قدره {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (الزمر: من الآية 67)، ولذلك عبد غيره معه -سبحانه.
من أدب الحديث
عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
احذروا التعصب!



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: التعصبُ آفةٌ تثور عن الجهل، تغلق فكرَ صاحبها وعقلَه وتحجُبُه عن عقلِ الأمور على وجهها الصحيح، فلربما نصر باطلا أو رد حقا أو دافع عن ظالم أو اتهم مظلوما إلى غير ذلك من التصرفات الخطأ، وكل تعصب لأمر من الأمور بلا هدى من الله فهو من عمل الجاهلية.
تعلم أسماء الأنبياء
عن الضحاك -رحمه الله- قال: «عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَهَالِيَكُمْ وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاءُوا بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}» سنن سعيد بن منصور(221).
من أخطاء الشباب التهاون في صلة الأرحام
كثير مِن الشباب لا يحرِصُ على صلة أقاربه، ولا يعرف شيئًا عنهم، وهذه ظاهرة خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى انتشار الجفاء بين الأقارب في العائلة الواحدة، ولعل أحدَهم يقابل بعض أقاربه في مكان ما فلا يعرِفهم، إلا بعد أن يذكروا أسماءهم، ولقد حثنا الإسلام على صلة الأرحام، والتعرف على أحوالهم، وزيارة مرْضاهم، وقضاء حوائجهم، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّحِم مُعلَّقة بالعرش، تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقِه، أو يُنسَأ له في أثره، فليَصِلْ رَحِمَه»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليَصِلْ رَحِمَه».

ابو وليد البحيرى
2024-09-27, 02:36 AM
تحت العشرين -1227


الفرقان






مفهوم العبادة

العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله، والعبادة تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له؛ فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء .

حاجة الشباب إلى منهج الإسلام الصافي
من أهم الواجبات التي تقع على عاتق الشباب في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وتعدد فيه التيارات والفرق، البحث بدقة عن منهج الإسلام الصافي، منهج القرآن والسنة بفهم سلف الأمة؛ للخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم. والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات والمستغربات، من الشهوات والشبهات الباطلة؛ وذلك لأسباب منها: أن الشباب المسلم في حاجةٍ مُلحَّة وماسة إلى منهج يُصحح لهم عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات؛ بسبب تعدُّد مناهج التربية، وربما تناقضها كثيراً، واضطرابها في عرض تصور صحيح عن مفاهيم العقيدة الإسلامية ومباحثها، وبيان سبل الوقاية من خطر الزيغ والانحراف عنها، ذلك أننا نرى حولنا من الفرق والمذاهب المختلفة والمتناقضة، وهي اتجاهات مُعادية ومحاربة للإسلام وشريعته، فمنها ما هو علماني مادي، ومنها ما هو فكري تصوري، ومنها ما هو وجودي إلحادي، ومنها ما هو متحلل إباحي، وهكذا مخاطر كثيرة ومتعددة المناهج والمعتقدات، ولا ريب أن العاصم من كل ذلك ملازمة منهج القرآن الصحيح الصافي، الذي جعله الله -تعالى- عصمةً من كل ضلالة وزيغ وفتنة، وفي متابعة السنة النبوية: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16).
الصحبة الصالحة كنز لا ينفد
مما يكسب الشباب الصلاح والتقوى، ويرقى بهم إلى مدارج القرب من الله -تعالى-، صحبة أهل الصدق والتقوى والحرص على مجالستهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:119)، وقال -تعالى- أيضًا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (الكهف: 28)، وقد أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة إلى ضرورة اختيار الجليس الصالح وصحبته، والبعد عن جلساء السوء وترك مصاحبتهم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة»، فالصحبة الصالحة كنز لا ينفد، وكلما كان صلاح الأصحاب أكبر، ازدادت ثمرات تلك الصحبة، وعظمت آثارها في مختلف المجالات.
احذروا يا شباب!
على الشباب الحذر البالغ من مكر الأعداء بهم، والكيد لهم في الليل والنهار؛ بُغيةَ إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومَحاسنه السامية؛ وما كل ذلك إلا ليتمكنوا من خلق أجيال تنتسب إلى الإسلام شَكلاً، ولا تعرفُ عن حقيقة الإسلام شيئًا يُذكر، وتتخلق بأخلاقه، ومن ثَمَّ تُحقق أمثال هذه الأجيال مآرب الأعداء، بلا جهد منهم ولا مَشقة ولا عناء، فتنقلب مَوازينُ الأخلاق والقيم في النفوس.
الاعتزاز بدين الإسلام
من أهم ما يجب على الشباب في ظل الفتن المحيطة بهم أن يكونوا على يقين بأن الدين الإسلامي، هو شريعة الله -تعالى- التي ارتضاها للناس كافة، فالإسلام هو المنهج التربوي الشامل، الكامل، والمحفوظ من كل تغيير، أو تحريف، أو تبديل، أو نقص، أو خلل، ولأنَّه المنهج المنزل من عند الله -تعالى- الذي يعلم النفسَ البشرية، ويعلم ما يهذبُها ويصلحها، ويعلم ما ينفعها ويضرها، ويعلم ما يهديها ويقومها، وما يغويها ويشقيها، ولأنَّه ليس من عند أفكار أو تصورات قاصرة، وليس من عند مناهج بشرية تُغلِّب النفسَ وشهواتِها على مرضاة ربها وموجدها، الذي أقام به وفيه كل مقومات البناء العقدي، والأخلاقي، والتعبُّدي، والحياتي، كلها على أحسن وأكمل وجوهِها، بل كان ذلك واقعًا مرئيًّا وبشريًّا، أقامه الله وجعله حقًّا في حياةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم - فحملوا هداياته وإشراقاتِه، وعلومه وأخلاقه، وتشريعاته الكاملة الشاملة، ففتحوا به الدنيا، ونالوا به حسن الثواب في الآخرة، فما أجله وأكرمه من منهج رَبَّاني محفوظ! {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9).
أخطاء يقع فيها الشباب
وسائل الاتصال الحديثة جعَلَتِ العالم قريةً واحدة، وأصبح الناس متقاربين، وليس في هذا ضررٌ، بل فيه منفعةٌ، ولكن الضرر يكمُنُ في أن يتحوَّل التقارب إلى ذوبان، يفقد الناس معه دينهم وأخلاقَهم وتراثهم، وإن الكثير مِن شبابنا اليوم قد انصرف إلى تقليد أهل الباطل في شتى مجالات الحياة، وتركوا جوانبَ الخير المفيدة، وقد ترتب على ذلك آثارٌ سيئة على الشباب وعلى مجتمعهم؛ فاحذروا يا شباب من تقليد هؤلاء الذين يخالفون الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم !؛ فإنهم لن ينفعوكم يوم القيامة، وسوف يتبرَّؤون من أعمالكم، قال الله -تعالى-: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (الفرقان: 27 - 29).
أهمية العمل الصالح
العمل الصالح هو الذي يمد المسلم بالهمة على مجاهدة نفسه والارتقاء بها في منازل التقوى والقرب من الله -تعالى-، وكلما ازداد تمسك الشاب بالفرائض ومسارعته إلى النوافل، كان ذلك زادًا له على تحقيق التقوى، أما إذا ترك بعض الطاعات أو تكاسل عن بعض النوافل، فإن زاده سيضعف، وجواده سيتعثر؛ ولذلك أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القليل الدائم من العمل خير من الكثير المنقطع، فقال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».
تدبر القرآن يورث الهدى
قال الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: تدبر القرآن يورث الهدى، والنور الإلهي، واليقين والطمأنينة، قال -جلَّ وعلا-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (ص: 29)، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: «فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم، وتزيده يقينًا وطمأنينةً وشفاءً كما قال -جلَّ وعلا-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (الإسراء: 82)».



حقيقة مفهوم الثقة بالنفس

قال الشيخ عبد الرزاق عبدالمحسن البدر: من الأخطاء الشائعة الدعوة إلى الثّقة بالنّفس، والثقةُ في أصلها هي توكل، بل هي خلاصةُ التوكل ولبُّه، وهو لا يكون إلاّ بالله، وفي الدعاء المأثور: «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو؛ فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ». قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله في جواب من سأل عن قول من قال: تجب الثقة بالنفس؟- قال: «لا تجب ولا تجوز الثّقة بالنفس، في الحديث فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ».

ابو وليد البحيرى
2024-09-27, 02:38 AM
تحت العشرين -1228


الفرقان






مجاهدة النفس لاكتساب محاسن الأخلاق
من أسباب تحصيل الأخلاق الحسنة مجاهدة الإنسان نفسه، قال -عزوجل-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69)، فمن جاهد نفسه على التحلي بالفضائل، وجاهدها على التخلي من الراذئل، حصل له خير كثير، واندفع عنه شر مستطير، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:»إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ، وإِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، ومَنْ يَتَحَرَّ الخَيْرَ يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ».
الوفاء بالوعد قيمة قرآنية ووصية نبوية
الوفاء أهم القيم الأخلاقية في الإسلام، التي يجب أن يتحلى بها الشباب في عصرنا الحالي، ويتربون عليها، وتتجلى أهمية هذا الخلق بوصفه قيمة أساسية تحكم العلاقات الإنسانية والاجتماعية المستقيمة، فهو وصية نبوية، وقيمة قرآنية. حيث أولى القرآن الكريم هذه القيمة عناية فائقة؛ لما لها من عظيم الدلالة في تزكية النفوس، وصفاء الفطرة، وسلامة الإيمان، وقد رغب الله -تعالى- في الوفاء بالعهود؛ بما أعد الله للمتمسكين بهذا الخلق من الثواب، وبما أثنى به عليهم في محكم الكتاب، قال -تعالى-: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح: 10)، فمن حُسن أخلاق المسلم أن يفي بعهده ووعده الذي قطعه على نفسه، ولا يغدر ولا يخون ما دام هذا العهد لا يخالف الشريعة، ومن فوائد الوفاء بالوعود ما يلي: أولا: كسب رضا الله -عزوجل- ومحبته؛ فقد أثبت الله محبته للمتقين الذين يوفون بعهدهم، والمستقيمين على عهودهم ومواثيقهم حتى مع أعدائهم.
ثانيا: حسن السمعة عند الناس؛ فالوفاء بالوعد والعهد هو أساس بناء الثقة بين الناس، وانعدام الوفاء سببٌ لتنافر القلوب وانعدام الثقة بين الناس.
ثالثًا: الالتِزامُ بالمَواعيدِ والوفاءُ بها يحفظُ الأوقاتَ من الضَّياعِ، ويُعينُ على قَضاءِ المَصالحِ.

من أخطاء الشباب انتشار الحسد بينهم
الحسد: هو أن يرى الإنسانُ لأخيه نعمةً فيتمنَّى أن تزول عنه وتكون له دونه، وكثير من الشباب يحسُد بعضهم بعضًا على ما أنعم الله -تعالى- عليهم مِن فضله العظيم، وهذا أمر خطير؛ لأن الشاب بحسده قد سخِط على قضاء الله -تعالى-، وكرِه نعمته التي قسمها بين عباده، وقد حذَّرنا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من الحسد؛ لِما يترتب عليه مِن مفاسد في الدين والدنيا: قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَباغضوا، ولا تَحاسدوا، ولا تَدابروا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليالٍ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا»، فاحرص أخي الشاب، أن تكون مِن أصحاب القلوب السليمة، الذين لا يحسُدون أحدًا على نعمةٍ أنعَمَ الله -تعالى- بها عليه، فإذا رأيت شيئًا، فقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله -تعالى.
شهامة النبي - صلى الله عليه وسلم
النبي - صلى الله عليه وسلم - رغم عداوة قريش وإيذائها للمؤمنين، عندما جاءه أبو سفيان يطلب منه الاستسقاء لم يرفض لحسن خلقه، وشهامته، ورغبته في هدايتهم، فإنَّ الشهامة ومكارم الأخلاق مع الأعداء، لها أثر كبير في ذهاب العداوة، أو تخفيفها؛ فالشهامة من مكارم الأخلاق الفاضلة، وهى من صفات الرجال العظماء، فبها تشيع المحبة في النفوس، وتزيل العداوة بين الناس، فيها حفظ الأعراض، ونشر الأمن في المجتمع، إنَّها علامة على علو الهمة، وشرف النفس.
الحياة تضيع مع العبث والغفلة
قال الشيخ محمود شاكر -رحمه الله-: إنَّ الشباب لا يضيع مع طول العمر، ولكنَّه يضيع مع طول العبث، والحياة لا تفنى مع شدة الجهد، ولكنها تفنى في شدة الغفلة، والعقل لا يكلُّ مع طول الفكر، ولكنَّه يكلُّ مع طول الاستخفاف بالفكر، وشباب الشعوب وجهودها وأفكارها هو الحضارة كلها، وأصل الحضارة في القلب الشابِّ العامل المفكِّر الذي لا يسكن، ولا ييأس، ولا يقسو حتى يتحجر.
الرجولة الحقيقية



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من معالم الرجولة الحقيقية شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين كما أمر بذلك ربُّ العالمين، وكما أمر بذلك رسوله الكَريم - صلى الله عليه وسلم -، فهي شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام، ومعلَمٌ عظيم من معالم الرُّجولة، قال الله -تعالى-: {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} (النُّور:37)، فأين هذه الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة أو يهون من شأنها ويقلِّل من مكانتها؟
لا تيأس من إصلاح نفسك!
بعض الشباب إذا ابتلي بمساوئ الأخلاق، ظن أن ذلك الأمر يصعب التخلص منه، وهناك من إذا حاول التخلص من عيوبه مرة أو أكثر فلم يفلح، أيس من إصلاح نفسه، وترك المحاولة إلى غير رجعة، وهذا الأمر لا يحسن بالمسلم، ولا يليق به أبدا؛ فلا ينبغي له أن يرضى لنفسه بالدّون، وأن يترك رياضة نفسه زعما منه أن تبدّل الحال من المحال، بل ينبغي له أن يقوّي إرادته، ويشحذ عزمته، وأن يسعى لتكميل نفسه، وأن يجدّ في تلافي عيوبه؛ فكم من الناس من تبدّلت حاله، وسمت نفسه، وقلّت عيوبه؛ بسبب دربته، ومجاهدته وسعيه، وجدّه، ومغالبته لطبعه.
وقتك ليس عدوك حتى تقتله



قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-: وأما قول الجاهل: (نقتل الوقت)، فالوقت ليس عدواً تقتلُه، الوقت هو رأس مالك وذخيرتك عند الله -سبحانه وتعالى-، فهو ليس عدوا تقتله بالفراغ، تقتله باللهو واللعب والمرح، الواقع أنك تكون قد قتلتَ نفسك بهذه الأفعال، ولم تكن قتلتَ الوقت.
مفاهيم أخلاقية يحتاجها الشباب «الشهامة»
الشهم: هو الذكي الفؤاد المتوقد، والجمع «شهام».
وقيل: الشهم معناه في كلام العرب: (الحمول، الجيد القيام بما يحمل، طيب النفس بما حمل). أما معنى الشهامة اصطلاحًا: قال ابن مسكويه: «الشهامة هي: الحرص على الأعمال العظام توقعًا للأحدوثة الجميلة». وقيل الشهامة هي: (الحرص على الأمور العظام؛ توقعًا للذكر الجميل عند الحقِّ والخلق). وقيل هي: (عزة النفس وحرصها على مباشرة أمور عظيمة، تستتبع الذكر الجميل).

ابو وليد البحيرى
2024-10-03, 01:38 PM
تحت العشرين -1229


الفرقان






نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتْكَ بالباطل

النفس - كما قال الإمام الشافعي رحمه الله-: إن لم تشغلها بالحق شغلتْكَ بالباطل، والشابُّ إن لم ينشغل بالخير وبما ينفعه، تخطَّفَتْهُ الأفكار الطائشة، وعاش في دوامة من التُّرَّهَاتِ والتَّوَافِهِ، ومن المعلوم أن مشاعر الخوف والقلق وسوء الطَّوِيَّةِ لا تغزو النفس الإنسانية إلا حينما تكون فارغةً وغير مشغولة، والهوى -كما قيل- لا يدخل إلا على ناقص.

ظاهرة العنف بين الشباب
من الظواهر السلبية التي انتشرت بين الشباب ظاهرة العنفُ، سواء في الشارع أم في المدارس والجامعات، ويظهر هذا العنف في القول أو الفعل، حتى يصل الأمر إلى أن يعتدي بعضهم على بعض بالضرب الشديد، الذي قد يؤدي إلى إصابة بعضهم بجروحٍ خطيرة. وقد يفقد أحدُ الشباب حياته في بعض المشاجرات، ولا شك أن استخدام الرفق في معاملة الناس مِن أخلاق الإسلام السامية، وقد حثنا الله -تعالى- في القرآن، وكذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه على ذلك: قال -جل شأنه-: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (الفرقان: 63)، وقال -تعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ} (النحل: 125)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائشة، إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويُعطِي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه»، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزَع مِن شيء إلا شانه»، وعنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَن أُعطِي حظَّه مِن الرفق، فقد أُعطي حظَّه مِن الخير، ومَن حُرِم حظَّه مِن الرفق، فقد حُرِم حظه من الخير»، ولقد حثنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على أن نتحلَّى بالأخلاق الكريمة، التي تنشر المحبة بين الناس: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «إن المؤمن لَيُدْرِكُ بحُسْن خُلُقه درجةَ الصائم القائم»، وعنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزان مِن حُسْن الخُلُق»، وعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقًا».
من وسائل الوقاية من العنف المحافظة على عبادة الله -تعالى
إن المحافظة الدائمة على عبادة الله -تعالى- لها أثر فعال وسريع في تهذيب القلوب والسلوك، وهذه العبادة تربط المسلم بالله -تعالى-، وتلزمه باتباع أوامره -سبحانه-، فتجعل سلوك المسلم يتسم بالرفق واللين في معاملاته مع الآخرين؛ قال الله -تعالى-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم». وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيومَ ولدته أمه».
وصية لقمان
لقمان الحكيم رجلٌ صالح، وولي من أولياء الله وحكيمٌ من الحكماء، وهبه الله -جلّ وعلا- الحكمة؛ لأنه كان صادقاً مع الله في أقواله وأعماله، جادا في التقرب إلى الله -عزوجل- بزاكي الطاعات وجميل العبادات، وكان قليل الكلام كثير الفكرة والتدبر، منَّ الله عليه بالحكمة ووهبه إياها، ومن عظيم مكانته ورفيع شأنه أن الله -عزوجل- ذكر لنا في القرآن خبره وأنبأنا عن وصيته لابنه وموعظته لولده وفلذة كبده منوها بها، وذكر ألفاظها لتكون نبراسًا وأنموذجًا نحتذي حذوه ونسير على نهجه، فما أحوجنا إلى تدبر هذه الوصايا والعمل بها!
مرحلة الشباب مرحلة عظيمة وخطيرة
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: مرحلة الشباب مرحلة عظيمة وخطيرة، إن استغلت في الخير والطاعة فيافوز من وفق لذلك! وإن استغلت في الشر والمعصية فيا خيبة من فاتته هذه المرحلة! واستغلالها في الطاعة يكون بالعناية والاهتمام بالقرآن والسنة حفظاً وتفقهاً، مع استغلال الأوقات حتى لا تذهب سدى، مع طلب المعالي في جميع الخيرات والترفع والتنزه والابتعاد عن الموبقات والمهلكات.
أثر العقيدة في منع العنف
إن للعقيدة الإيمانية أثرها في منع انتشار سلوكيات العنف؛ وذلك لأن العقيدة هي أساس بناء الإنسان المسلم؛ فالعقيدة الصحيحة هي الأساس الذي بدأ به الإسلام في تربية المسلم على السلوكيات الرشيدة التي تتسم بالرفق والرحمة، وتعد العقيدة قاعدة بناء الإنسان المسلم في كل مكان وزمان.
وصايا للشباب
قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: عليك -أيها الشاب- أن تعمل على صيانة شبابك وحفظه بأن تتجنب الشرور والفساد بأنواعه، مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه-، وكلّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر، وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، فإن الصلاة معونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل.
رفقاء السوء أسرع طريقٍ إلى العنف
الصديق له أثر واضح على صديقه؛ ولذلك حثنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثةً»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الرجل على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي»، فالاقتران برفقاء السوء هو أسرع طريقٍ إلى العنف والانحراف بجميع أشكاله؛ ولذلك فإن الاقتران بالرفقة الصالحة يؤدي إلى القضاء على أهم العوامل المؤدية إلى العنف.
شباب الصحابة والتعلم من النبي - صلى الله عليه وسلم
كان الشباب من الصحابة- رضي الله عنهم- يقصدون مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهدف التعلم، فيقيمون الأيام العديدة يتعلمون العلم والسلوك، وعندما يشعر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنهم في مستوى المسؤولية يأمرهم بالعودة إلى أهليهم قصد نشر الإسلام وتعاليمه وتولي موقع القيادة، ففي صحيح مسلم عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن سببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رقيقًا، فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم».

ابو وليد البحيرى
2024-10-03, 01:39 PM
تحت العشرين -1230


الفرقان






حقيقة العبادة وتعريفها

العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله، والعبادة تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له، فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء.

وصية نوح عليه السلام لابنه
عَنْ عبداللهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى لله عليه وسلم -: «إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنِّي مُوصِيكَ، فَقَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ، آمُرُكَ باثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، لقَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأُوصِيكَ بِسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلاَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّركِ وَالْكِبْرِ». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ الشِّرك قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: «أَنْ تُسَفِّهَ الْحَقَّ، وَتَغْمَصَ النَّاسَ»، هذه الوصية مهمة؛ لأنها وصية نبي ورسول من أولي العزم، والرسل هم أنصح الناس للناس وأحرصهم على نجاة الخلق، وأبصرهم بما يرضي الحق -جل جلاله-؛ ولأنها وصية والد شفيق لولده؛ وحرص الوالد على ولده مركوز في الفِطر والنفوس، ولأنها جمعت بين أعظم الأوامر وهو توحيد الله وتنزيهه، وبين أعظم النواهي وهو الشرك وقرينُة الكبْر؛ لذلك كان حقيقا على الشباب أن يقفوا مع هذه الوصية وقفة تدبر وعبرة.
الوصية الأولى: الوصية بلا إله إلا الله
وذلك في قوله -عليه السلام-: «آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»، يعني آمرك بالتمسك بلا إله إلا الله، وذلك يقتضي معرفة معناها والعمل بمقتضاها إلى أن تلقى الله -تعالى- عليها، فكلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، هي حق الله على جميع العباد، فهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، وعنها يسأل الأولون والآخرون، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ فجواب الأولى بتحقيق «لا إله إلا الله» معرفة وإقرارا وعملا، وجواب الثانية بتحقيق «أن محمدا رسول الله» معرفة وإقرارا وانقيادا وطاعة، وقال سفيان بن عيينةَ: ما أنعمَ اللَّهُ على عبدٍ من العبادِ نعمةً أعظمُ من أن عرَّفهم «لا إلهَ إلا اللَّهُ.
أخطاء يقع فيها الشباب: لبس حظَّاظة اليد
من الأخطاء التي يقع نفيها الشباب وضع حَلْقةً مصنوعة من الجلد أو غيره في يده، تُسمَّى (الحظاظة)، ويعتقد أنها تجلِبُ الحظ، وهذا اعتقادٌ فاسد، ويجب على الشباب أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله -تعالى- هو الذي يتصرَّف في هذا الكون، ولا يحدث شيء فيه إلا بإرادته -سبحانه-، قال -سبحانه-: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51)، وقال الله -تعالى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر: 49)، قال الشيخ أبو بكر الجزائري -رحمه الله-: أي إنا خلقنا كل شيء بتقدير سابقٍ لخَلْقِنا له، وذلك بكتابته في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض، فهو يقع كما كتب، كميةً وصورةً، وزمانًا ومكانًا، لا يتخلَّف في شيء من ذلك.
خصال التائبين
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {*التَّائِبُونَ *الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس همامة متحركة، إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.
من علامات السعادة



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
أريد أن أصلح نفسي.. ولكن!
كثير من الشباب يرغب في صلاح نفسه لكنه يعجز عن ذلك ويجد كثيرا من المعوقات، ولا شك أنَّ إصلاح النفس البشريَّة مهمَّة صعبة تَحتاج إلى مثابرة ومجاهدة وصدق وإخلاص، ومعونة من الله -تعالى-، ولا سيما في زمانَنا المليء بالفتَن، وهناك أمور تعين الشباب على سلوك طريق الصَّلاح، من أهمها: الصحبة الصالحة، والاستفادة من الوقت، وشغله بالأمور النافعة، ثم لابد لمن يرغب في صلاح نفسه أن يسعى في طلب العلم، فلقد حذَّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم - من الجهْل وأهله، وأخبر أنَّ الجهل داءٌ وأنَّ العلم شفاء، ومن المعِينات على الإصْلاح أن يَجعل الإنسان لنفسه وِردًا من الطَّاعة؛ فإنَّ القلب إذا امتلأ بالطَّاعة نفرَ من المعصِية، وإذا امتلأ بالذِّكْر نفَرَ من الكلام الخبيث، جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: ادْعُ الله أن أكون معك في الجنَّة فقال: «أعنِّي على نفسِك بكثرة السجود»، فمنَّ أراد الصَّلاح والاستِقامة، فليقبل على الله، والله -تعالى- في معيَّته، وليحذَرِ التَّسويف، ولقد صدق القائل: تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ طَرِيقَتَهَا إِنَّ السَّفِينَةَ لا تَمْشِي عَلَى اليَبَسِ
كف بصرك والزم طاعة ربك
قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي: الشاب الذي يقول لك: والله هناك فتن، وأحس بالفتن، نعم، كف بصرك، واخرج وأنت لا تنظر إلى حرمات الله، وادخل وأنت لا تنظر إلى حرمات الله -عزوجل-، واسمع ما يرضي الله، واقرأ ما يرضي الله، واشغل وقتك بما يرضي الله، لن ترى فتنة أبدًا، ولن تشعر بفتنة لا في نفسك، ولا أهلك؛ لأن الله يتولى جميع أمرك.
نصائح ثمينة

من نصائح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله



1- احرص على أن تكون دائماً مع الله -عزوجل- مستحضرًا عظمته متفكرًا في آياته الكونية وما أودع فيها من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته.
شروط صحة العبادة
لصحة العبادة شرطان: الشرط الأول: وهو الإخلاص، ومعناه أن يقصد العبد بعبادته وجه الله -سبحانه-، قال -تعالى-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}(ال بينة:5)، وقال - صلى الله عليه وسلم - قال الله -تبارك وتعالى-: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه».

الشرط الثاني: موافقة هذه العبادة للشرع، بمعنى أن يعبد الله بما أمر وشرع لا بغير ذلك من الأهواء والبدع، قال -تعالى-: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}(الشورى: 21)، وقال -تعالى-: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(الكهف:110 ) وقال - صلى الله عليه وسلم-: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».

ابو وليد البحيرى
2024-10-03, 01:40 PM
تحت العشرين -1231


الفرقان







الأمة لا تتقدم إلا بصلاح شبابها
لا يمكن للأمة أن تتقدم إلا إذا تكاتف شبابها، وتعاونوا فيما بينهم على البر والتقوى، وتسلحوا بالعلم والمعرفة وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله؛ فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36).
واجبات الشباب المسلم اليوم
1- إخلاص الدين لله وحده لا شريك له في القول والاعتقاد والعمل والحب والبغض والفعل والترك {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162). 2- العناية بالقرآن الكريم تلاوة وحفظًا وتدبرًا وتفسيا وعملاً؛ فهو خير كتاب أنزل على أشرف رسول إلى خير أمة أخرجت للناس بأفضل الشرائع وأسمحها وأسماها وأكملها، كما قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (المائدة: 3)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» 3- العناية بالسنة المطهرة والسيرة النبوية؛ فلنا فيهما عظة وعبرة، ولنا فيهما قدوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا. 4- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فهي عماد الدين والصلة برب العالمين والفارقة بين الإسلام والكفر. 5- العمل بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة القولية والاعتقادية والعملية، وفي مقدمة ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره والإيمان بالبعث والجزاء والثواب والعقاب والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها والقيام بشروطها ولوازمها، وبر الوالدين وطاعتهم في غير معصية الله وصلة الأقارب والإحسان إليهم، والإحسان إلى الجيران وعدم أذيتهم، والبعد عما حرمه الله ورسوله من المطاعم والمشارب والملابس والملاهي المحرمة وعدم تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل وعدم التشبه بالكفار في السلام واللباس وغير ذلك مما هو مختص بهم.
مظاهر الجدية في حياة الشباب
أن يكون جادًّا في أمور دنياه، في معاملته مع أهله وجيرانه وأفراد مجتمعه: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ».
أن يكون جادًّا في أمور دينه، في عباداته ونسكه، وفي العمل على تطبيق أحكام الله في أرضه، وأن يكون حريصًا على الوقت، ويغتنمه في طاعة الله، وخدمة دعوته، وتفقد إخوانه، وصلة أرحامه، وقضاء حوائج الناس، ولا يؤجل عمل اليوم إلى الغد، فلا تراخِيَ، ولا تسويف حتى لا تتراكم الأعمال، ويقع ما لا تحمد عقباه.
ومن مظاهر الجد في حياة الشباب، مغالبة الأعذار والعراقيل، وعدم الاستسلام لها، فالمسلم الجاد لا يستسلم أمام المشقات، ولا يضعف أمام العقبات.

ثلاث وصايا جامعة
كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض «من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته».
الجدية في حياة الشباب
الجدية من صفات أهل الإيمان، الذين امتدحهم الله بقوله: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُون} (المؤمنون: 61)، قال القرطبي -رحمه الله-: {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} أي: الطاعات، كي ينالوا أعلى الدرجات والغرفات، والله -سبحانه وتعالى- أمرنا بالجد كما أمر من قبلنا، وقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} (البقرة: 63) أي: بجد واجتهاد؛ لذا لابدّ للشباب من المبادرة، والعمل، وأن يحذروا من التفريط، والإهمال، والكسل، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُوصي أصحابه بقوله: «بادروا بالأعمال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حثنا على الجد بقوله: «الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ».
تعظيم المناهي والسلامة منها



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: مما يعين العبد على تعظيم المناهي والسلامة منها خمسة أمور: الحرص على التباعد عن أسبابها وكلِّ ما يدعو إليها.
مجانبة كلِّ وسيلة تقرب منها.
ترك ما لا بأس به حذرًا مما به بأس.
مجانبة الفضول من المباحات خشية الوقوع في المكروهات.
مجانبة من يجاهر بارتكابها ويحسنها ويدعو إليها ويتهاون بها ولا يبالي ما ركب منها.

لا اعتزاز إلا بالإسلام



قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: نحن أمة أعزنا الله بالإسلام؛ فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، فلا اعتزاز إلا بالإسلام ولا انتماء إلا إلى الإسلام، قال أبو بكرة - رضي الله عنه -: «أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم». فالانتماء والاعتزاز بغير الإسلام من أمور الجاهلية؛ لما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - من يقول: يا للأنصار! ومن يقول: يا للمهاجرين! قال - صلى الله عليه وسلم -: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! » وقال: «دعوها فإنها منتنة».
أسباب ضعفنا وتفرقنا
إن ما نعانيه معشر المسلمين من ضعف وتفرق وتشتيت وهوان، إنما مرده للتهاون والتساهل في الأخذ بالإسلام وعدم تطبيقه كما يريد الله ورسوله والنقص والقصور، وليس في ديننا كما يردد ذلك أعداؤنا ومن دار في فلكهم واتبع مذاهبم وسننهم فقد أكمل الله لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة، قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (المائدة: 3).
من الأخطاء التي يقع فيها الشباب:

عدم احترام الكبير
بعض الشباب لا يحترم الكبير، فتراهم يرفعون أصواتَهم في حضورهم، ويتطاوَلون عليهم في الكلام، وهذه ظاهرةٌ خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى الكراهية وانقطاع الصلة بين الكبار أصحاب الخبرة في الحياة، وبين الشباب الذين لا خبرة لديهم، وليعلمِ الشبابُ أن احترام الكبير من أخلاق الإسلام الكريمة، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، على احترام الكبير في أحاديثه المباركة قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لم يَرْحَم صغيرنا ويَعرِفْ حقَّ كبيرنا، فليس منا».
ثلاث وصايا جامعة
كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض «من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته».

ابو وليد البحيرى
2024-10-09, 06:53 PM
تحت العشرين -1232


الفرقان








من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر
من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر، التخلّص من أمراض الكبر والاستعلاء، والتحلي بأخلاق التواضع ولين الجانب والرحمة بالخلق، ومنشأ ذلك العلم بأن ما آتى الله عبدا من قوّة وحكمة، وحسبٍ وجاه، ومكانة، وأموالٍ وخيراتٍ، إنما هو من تقدير الله -عزّوجل-، وأن العبدَ ما أوتي كلّ ذلك إلا ليُبتلى في هذه الحياة، أيشكر أم يكفر؟ كما لو شاء الله أن يبتليه بسلب تلك النعم لفعل، {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}.
«حقيقة الإيمان بالقضاء والقدر»
من أصول العقيدة التي يجب على الشباب أن يعلموها ويؤمنوا بها: «الإيمان بالقضاء والقدر» فهو الأصل السادس من أصول الإيمان، والقدر هو أن الله -تعالى- علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد. فكل حدث صادر عن علمه، وقدرته، وإرادته، ولا تصل النفس إلى كمال الإيمان إلا حينما تؤمن بقضاء الله وقدره، والإيمان بالقدر يورث العبد اعتدالاً في مواجهة أقدار الله المختلفة، في السرّاء والضرّاء على حدٍّ سواء، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له»، ومن ثمرات هذا الإيمان أن الشاب لا يُسلم نفسه لمشاعر اليأس والإحباط من مرارة الواقع وتتابع الفِتَن؛ ليقينه بموعود الله في نصرة هذا الدين وأنَّ العاقبة للمتقين، ومحاربة اليأس تقود إلى سكون القلب وطمأنينته حتى يُبصر المؤمن المنحة في جوف المحنة، ويُدرك أن بعد العسر يُسرًا، قال -تعالى-: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} (النور:55).
ستة مشاهد عظيمة عند وقوع البلاء
قال ابن القيم رحمه الله: «إذا جرى على العبد مقدور يكرهه، فله فيه ستة مشاهد: الأول: مشهد التوحيد، وأن الله هو الذي قدره وشاءه وخلقه، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
الثاني: مشهد العدل، وأنه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه.
الثالث: مشهد الرحمة، وأن رحمته في هذا المقدور غالبة لغضبه وانتقامه.
الرابع: مشهد الحكمة، وأن حكمته -سبحانه- اقتضت ذلك، لم يقدره سدى ولا قضاه عبثا.
الخامس: مشهد الحمد، وأن له -سبحانه- الحمد التام على ذلك من جميع وجوهه.
السادس: مشهد العبودية، وأنه عبد محض من كل وجه، تجري عليه أحكام سيده وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده، فيصرفه تحت أحكامه القدرية كما يصرفه تحت أحكامه الدينية، فهو محل لجريان هذه الأحكام عليه».

الإسلام ليس تقييدًا للحريات


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: الإسلام ليس تقييدًا للحريات، ولكنه تنظيم لها وتوجيه سليم حتى لا تصطدم حرية الشخص بحرية الآخرين؛ لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى ويحل الفساد، ولذلك سمى الله الأحكام الدينية حدودًا، وهناك فرق بين التقييد وبين التوجيه والتنظيم الذي شرعه لعباده الحكيم الخبير.
شبهات في الإيمان بالقضاء والقدر
من جملة الشبهات التي ترد على الشباب ويقف أمامها حيران: مسألة القدر، ومن الإشكالات التي ترد على قلوب الشباب أن الإنسان يُعذَّب على فعل المعاصي، فكيف يُعَذَّب عليها وهي مكتوبة عليه، ولا يمكن أن يتخلص من الأمر المكتوب عليه؟ والجواب عن ذلك: إذا قلت هذا فقل أيضًا: إن الإنسان يثاب على فعل الطاعات، فكيف يثاب عليها وهي مكتوبة عليه، ولا يمكن أن يتخلص من الأمر المكتوب عليه؟ وجواب ثان وهو: أن القدر سر مكتوم لا يعلمه إلا الله حتى يقع، فمن أين للعاصي العلم بأن الله كتب عليه المعصية حتى يقدم عليها؟ أفليس من الممكن أن يكون قد كتبت له الطاعة؟ فلماذا لا يجعل بدل إقدامه على المعصية أن يقدم على الطاعة؟ ويقول: إن الله قد كتب لي أن أطيع. وجواب ثالث، أن نقول: إن الله قد فَضَّل الإنسان بما أعطاه من عقل وفهم، وأنزل عليه الكتب، وأرسل إليه الرسل، وبَيَّنَ له النافع من الضار، وأعطاه إرادة وقدرة يستطيع بهما أن يسلك إحدى الطريقين، فلماذا يختار هذا العاصي الطريق الضارة على الطريق النافعة؟ أليس هذا العاصي لو أراد سفرًا إلى بلد وكان له طريقان، أحدهما سهل وآمن، والآخر صعب ومخوف، فإنه بالتأكيد سوف يسلك الطريق السهل الآمن، ولن يسلك الصعب المخوف، بحجة أن الله كتب عليه ذلك، بل لو سلكه واحتج بأن الله قد كتبه عليه لعَدَّ الناس ذلك سفها وجنونا، فهكذا أيضا طريق الخير وطريق الشر سواء بسواء، فليسلك الإنسان طريق الخير ولا يخدعن نفسه بسلوك طريق الشر، بحجة أن الله كتبه عليه ونحن نرى كل إنسان قادر على كسب المعيشة، نراه يضرب كل طريق لتحصيلها، ولا يجلس في بيته ويدع الكسب احتجاجا بالقدر، إذًا فما الفرق بين السعي للدنيا والسعي في طاعة الله ؟ لماذا تجعل القدر حجة لك على ترك الطاعة، ولا تجعله حجة لك على ترك العمل للدنيا؟!
اتباع الهدى
لا يكون المرء متبعًا للهدى إلا بأمرين: تصديق خبر الله تصديقًا جازمًا من غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه، وامتثال أمره -تبارك وتعالى- من غير اعتراض شهوة تمنع من امتثال أمره، وعلى هذين الأصلين مدار الإسلام.
الأمور التي يُستجلب بها التوفيق
أجمع العلماء الربانيون على أنَّ حقيقة التوفيق هو ألا يكِلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان: أن يوكل العبد إلى نفسه، ومما ينبغي أن يعتنى به في هذا المقام معرفة الأمور التي يُستجلب بها التوفيق وتتلخص فيما يلي: النية الصالحة التي هي أساس العمل وقوامه وصلاحه.
كثرة الدعاء والإلحاح على الله.
صدق التوكل على الله -جل وعلا-؛ قال شعيب -عليه السلام-: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}.
إصلاح النفس بالعلم؛ فإن العلم نورٌ لصاحبه وضياء.
مجاهدة النفس على العبادة والطاعة فرضها ونفلها.
ملازمة أهل الصلاح والاستقامة، والبُعد عن أهل الشر والفساد.

من الأخطاء التي يقع فيها الشباب لبس حظَّاظة اليد

بعض الشباب يضع في يدِه حَلْقةً مصنوعة من الجلد أو غيره، تُسمَّى (الحظاظة)، ويعتقد أنها تجلِبُ الحظ، وهذا اعتقادٌ فاسد، ويجب على الشباب أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله -تعالى- هو الذي يتصرَّف في هذا الكون، ولا يحدث شيء فيه إلا بإرادته -سبحانه-، قال -تعالى-: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51)، وقال الله -تعالى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر: 49)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كتب الله مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلق السماواتِ والأرض بخمسينَ ألفَ سنةٍ».

ابو وليد البحيرى
2024-10-09, 06:55 PM
تحت العشرين -1233


الفرقان






العلم بالتوحيد نجاة من الشرك

الواجب على الشاب المسلم أن يكون على علم بتوحيد الله -عز وجل- وما يقرِّب إليه، فإن من أعظم أسباب انتشار الشرك بين المسلمين الجهل بما يجب لله من التوحيد، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على بيان التوحيد الخالص، وحريصًا على بيان الشرك وقطع أسبابه.

«وأنهاك عن الشرك والكبر»
من وصايا نبي الله نوح -عليه السلام- لابنه وهو يعظه قبل موته، قوله: آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: آمرك بـ «لا إله إلا الله»؛ و«سبحان الله وبحمده»؛ وأنهاك عن الشرك، والكبر، فيا لها من وصية عظيمة لو انتبه لها الشباب! فالشرك أعظم ما عصي به الله منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا، حتى وصف الله هذا الذنب بالظلم العظيم، فقال -تعالى-: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13)، وما ذلك إلا لما فيه من الجناية العظيمة في حق الخالق -جلَّ جلاله-؛ فالله هو الذي خلق، وهو الذي رزق، وهو الذي يحيي، وهو الذي يميت، ومع كل هذه النعم، وهذه المنن، والمشرك يجحد ذلك وينكره، بل ويصرف عبادته وتعظيمه لغير الله -سبحانه-، فما أعظمه من ظلم وما أشده من جور، لذلك كانت عقوبة المشرك أقسى العقوبات وأشدها، ألا وهي الخلود الأبدي في النار، قال -تعالى- في بيان ذلك: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (المائدة: 72)، وكل ذنب مات العبد من غير أن يتوب منه حال الحياة فإمكان العفو والمغفرة فيه يوم القيامة واردٌ إلا الشرك والكفر؛ فإن الله قد قطع رجاء صاحبه في المغفرة، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (النساء:48).
الشرك الأصغر
الشرك الأصغر هو كل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، ووسيلةٌ ‏للوقوع فيه، وسماه الله ورسوله شركًا، وهو غير مخرج من ملة الإسلام، بل صاحبه لا يزال في دائرة الإسلام، ومن أمثلته الحلف بغير الله والرياء، وهو أن يقصد بعبادته عَرَضَ الدنيا، من تحصيل جاه أو نيل منزلة، قال -تعالى-: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (الكهف: 110)، وروى الإمام أحمد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ يا رسول الله، قال: الرياء، يقول الله -عزوجل لهم يوم القيامة-: «إذا جُزِيَ الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟»
أنواع الشرك المخرج من الملة
(1) شرك في الربوبية: وهو اعتقاد أن ثمة متصرف في الكون بالخلق والتدبير مع الله -سبحانه-، وهذا الشرك ادعاه فرعون لنفسه: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (النازعات: 24) فأغرقه -سبحانه- إمعانًا في إبطال دعواه؛ إذ كيف يغرق الرب في ملكه الذي يسيره؟! (2) شرك في الألوهية: وهو صرف العبادة أو نوع من أنواعها لغير الله، كمن يتقرب بعبادته للأصنام والأوثان والقبور ونحوها، بدعوى أنها تقرِّب من الله، فكل هذا من صور الشرك في الألوهية، فالله -تعالى- لم يجعل بينه وبين عباده في عبادته واسطة من خلقه. (3) شرك في الأسماء والصفات: وهو اعتقاد أن ثمة مخلوقا متصفا بصفات الله -عز وجل- كاتصاف الله بها، كمن يعتقد أن بشرًا يعلم من الغيب مثل علم الله -عزوجلَّ-، أو أن أحدا من الخلق أوتي من القدرة؛ بحيث لا يستعصي عليه شيء، فكل هذا من الشرك بالله، وكل من يدعي ذلك فهو كاذب دجَّال .
وصايا للشباب



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: أيها الشاب عليك أن تكون قريبًا من أهل العلم وأكابر أهل الفضل؛ تستمع إلى أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك، وعليك أن تكون حريصًا على مرافقة الأخيار ومصاحبة الأبرار، وأن تجتنب أهل الشر والفساد؛ فإن في صحبة أهل الشر العطب، وعليك أن تكون على حذر شديد من هذه الوسائل التي غزي الشباب من خلالها ولا سيما شبكة المعلومات؛ ليسلم لك دينك ولتكون في عافية من أمرك، فالعافية لا يعدلها شيء.
من الدروس التربوية لقصة الذبيح إسماعيل -عليه السلام
حوت قصة الذبيح إسماعيل مع والده إبراهيم- عليهما السلام- دروسًا تربوية عديدة، أبرزها الاستسلام والانقياد لطاعة الله وأوامره: فإبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- يعلمان تمام العلم أنّ رؤيا الأنبياء حق، وهي وحي من الله وليس من الشيطان؛ لذلك كانت إجابة إسماعيل على طلب والده {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}، بالاستجابة التامة لهذا الطلب؛ حيث رد قائلاً: {قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، وهذا يدلل على أنّ إسماعيل، قد تربى تربية إيمانية عالية منذ صغره، جعلته يستجيب لأمر الله -عز وجل- دون تردد.
لسان العاقل
عن الحسن البصري -رحمه الله- قال: «لِسَانُ الْعَاقِلِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ؛ تَفَكَّرَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ، فَإِنْ هَمَّ بِالْكَلامِ؛ تَكَلَّمَ، لَهُ وَعَلَيْهِ»، يدل لهذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فليقل خيرا أو ليصمت» وقد أخذ الامام الشافعي -رحمه الله- معنى الحديث فقال: «إذا أراد أن يتكلم فليفكر فإن ظهر له أنه لا ضرر عليه تكلم، وإن ظهر له فيه ضرر أوشك فيه أمسك».
الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص



قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: من أصول الإيمان عند أهل السنة والجماعة أنَّ الإيمان يزيد وينقص كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مواضع كثيرة، فإذا اجتهد في طاعة الله زاد إيمانه، وإذا أتى بعض المعاصي أو ترك بعض الواجبات نقص إيمانه، فالإيمان: قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، يزيد وينقص، فإذا اتقى الله وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأحب في الله وأبغض في الله زاد إيمانه، وإذا فعل بعض المعاصي وتقاعس عن الجهاد أو ما أشبه ذلك نقص إيمانه، وهكذا.
من آداب السؤال في الإسلا م
من آداب السؤال في الإسلام أن يكون غرض السؤال شرعي صحيح: فلا يَقْصِدُ منه التَّعنُّتَ، وإِضاعَةَ الوقت، وأنْ يَتَبَيَّنَ به جَوانِبَ الموضوع ومُلابَساتِه؛ كما كانَتْ عائِشَةُ- رضي الله عنها- لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَّ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، فَلَمَّا سَمِعَت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ»، قَالَتْ: أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ-تعالى-: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} (الانشقاق:8)، فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَهْلِكْ».

ابو وليد البحيرى
2024-10-09, 06:57 PM
تحت العشرين -1234


الفرقان






الصلاةُ سبيل سعادتك

اعلموا يا شباب، أن الصلاة هي سبيل سعادتكم وفلاحكم في الدنيا والآخرة، وهي مِن أعظم الوسائل للحصول على الرزق وقضاء الحوائج، قال -تعالى-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (طه:132)، قال ابن كثير -رحمه الله-: قولُه: {لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ}؛ يعني: إذا أقمتَ الصلاة، أتاك الرزقُ مِن حيث لا تحتسب.
نصائح لأبنائنا الطلاب مع عودة المدارس
أولًا: عليك ابني العزيز، أن تعرف أن الله -تعالى- جعل هذه الحياة مواسم، وجعل أيامها دولًا، وهكذا تتجدد المواسم والأيام كما أراد الله -تعالى- لهذا الكون، فلا تحزن لانتهاء الإجازة والعودة لتكاليف المدارس وقيودها فتلك سنة الله -تعالى- في خلقه.
ثانيًا: عليك ابني العزيز، ششأن تنظر إلى المدارس على أنها طريق تتعلم فيه من علوم الدنيا والآخرة ما يوصلك في النهاية إلى جنة الخلد، ألم تحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول فيه: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ».
ثالثًا: تذكر ابني الحبيب، أن الأمم ترتقي بأبنائها، ولا يستطيع الأبناء الارتقاء بأممهم إلا إذا كانوا من أرباب العلم وحملته، فينبغي عليك ابني الحبيب، أن تتذكر ذلك وأنت تذهب إلى مدرستك وأنت تحضر دروسك؛ أنك ستكون ممن يساهم بعلمه وشهادته في رقي أمته، ورفعتها بين أمم الأرض.
رابعًا: ابني الحبيب، تذكر أن أساس رفعة الإنسان وعلوه في الدنيا والآخرة هو علمه، فالمال والجاه وحدهما لا يرفعان الجاهل ولا يعليان من قيمته، إنما الذي يرفع شأن الإنسان ويعلي من قيمته، ما يتعلمه من علوم الدنيا والآخرة، بل العلم يبني المجد لك ولأسرتك ولأمتك من بعدك أيضًا، يقول الله -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11)، فالذين يرفعهم الله -تعالى- هم أهل الإيمان والعلم.

من آداب طلب العلم
عليك ابني الحبيب، أن تحسن النيةَ والقَصدَ في طلب العلم؛ بحيثُ تتعلَّمُ لإنقاذِ نفسك من الجهل، ومعرفةِ الخيرِ والعملِ به، والابتعادِ عن الشر.
عليك بالجِدّ في طلب العلمِ وذلك بالإصغاء إلى شَرْح المُعلِّمِ بجميع الحواسِ، وبسؤالِ المُعلمِ عما يُشكلُ عليك بعد الشرح في الموضوع الذي شُرحَ؛ وذلك بأدبٍ وحُسْنِ قصْدٍ وقد قيل مفتاحُ العلم شيئان: حُسْنُ السؤالِ وحُسْنُ الإصغاء.
عليك بالصَّبر على طلب العلمِ، فقد تكابدُ السَّهرَ ويحصلُ لك من التَّعَبِ والإرهاقِ والمشقَّةِ الشيءُ الكثيرُ، فعليك أنْ تصبرَ وتستعينَ بالله -تعالى- وتحتسبَ الأجرَ والمثوبةَ من الله -تعالى.
عليك بتقوى الله -عزوجل- وطاعتُه بفعل ما أمرَ واجتناب ما نهى، قال الله -تعالى-: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة282).
احفظ الأوقاتِ وقم بتنظيمها والاستفادة منها؛ فالطالبُ المُجِدُّ هو الذي يستغلُّ الأوقاتِ فيما ينفعُه في دراسته وعلمِه وعملِه.
عليك بالدعاء، وذلك بأنْ تسألَ اللهَ -تعالى- العلمَ النافعَ والعملَ الصالح، قال -تعالى-: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه114).

الوقت هو الحياة
المسلم إذا أدرك قيمة وقته وأهميته، كان أكثر حرصًا على حفظه واغتنامه فيما يُقَرِّبه مِن ربِّه -سبحانه وتعالى- والاستفادة منه بما يعود عليه بالنفع، فيُسَارِع إلى استغلال الفراغ قبلَ الشغل، والصحَّة قبل السقم؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَتانِ مغبونٌ فيهمَا كثيرٌ منَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ».
طرائق إدارة الوقت وتنظيمه
فيما يأتي أبرز الطرائق التي يمكن اتباعها لتنظيم الوقت من أجل الدراسة: (1) إعداد الجداول الدراسية تُساعد الجداول الدراسيّة على تنظيم وقت الدراسة، وإنجاز جميع المتطلبات الدراسيّة؛ لذا يُنصح بجدولة المهمات المطلوب إنجازها في جداول أسبوعية لكل يوم من أيام الأسبوع، ثمّ عمل جداول يومية توزع فيها المهام على ساعات اليوم المتاحة. (2) تحديد وقت لإنجاز المهام يُفضّل عندَ تحديد المهام الدراسيّة اليوميّة وضع فترة زمنيّة محدّدة لكلّ مهمّة؛ إذ إن تقييد الوقت اللازم لإنجاز مهمّة ما من أفضل تقنيات إدارة الوقت؛ إذ يزيد ذلك من تركيز الطالب في أثناء إنجاز المهمة، فيكون أكثر التزامًا وإنتاجيّة. (3) تحديد أهداف واقعيّة على الطالب ألا يبالغ فيما يُمكن إنجازه؛ فينبغي وضع أهداف واقعيّة صغيرة يسهل تحقيقها؛ فالمضي ببطء أفضل من عدم التقدّم مطلقًا. (4) تقسيم المهام الكبيرة يُنصح بتقسيم المهمّات الكبيرة إلى مهام أصغر منها قابلة للتنفيذ خلال وقتٍ قصيرٍ؛ إذ يُساعد ذلك على تسهيل إنجاز الطالب للمهمّةِ، كما تُساعد على التخلّصِ من التأجيل بسبب الشعور بصعوبة المهمّة وحاجتها لوقتٍ طويل. (5) التركيز على مهمّة واحدة يفضل في أثناء الدراسة التركيز على مهمّة واحدة في الوقت الواحد؛ فالقيام بأكثر من مهمّة معًا أو الذهاب والإياب بين المهام المطلوبة، يؤدّي إلى ضياع كثير من الوقت، وتقليل التركيز، ومضاعفة المجهود اللازم لإنجاز المهمّة.
الرجوع إلى الإيمان والعقيدة



قال الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله-: كلما قوي إيمان العبد كان أقرب إلى إصابة الحق، لقوله -تعالى-: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ}؛ لأن الله علق الهداية على وصف الإيمان، وما علق على وصف فإنه يقوى بقوته، ويضعف بضعفه.
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}



قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: أي ليخصوه -سبحانه- بالعبادة، ويفردوه -جل وعلا- بها، ولم يخلقوا عبثا ولا سدى، ولا ليأكلوا ويشربوا، ولا ليعمروا القصور ونحوها، ولا لشق الأنهار، وغرس الأشجار، ولا لغير هذا من مهمات الدنيا، ولكنهم خلقوا ليعبدوا ربهم، وليعظموه، وليتمسكوا بأوامره، وينهوا عن نواهيه، ويقفوا عند حدوده، وليوجهوا العباد إليه، ويرشدوهم إلى حقه، وخلق لهم ما خلق من النعم ليستعينوا بها على طاعته.
من طلب العلم ليحيي به الإسلام



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: صلاح النية في طلب العلم أن ينويَ به طالبُه رفع الجهل عن نفسه وعن غيره، فإن علت همته فطلبه ليحيي به الإسلام كان بأرفع المنازل، قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (1/121): «فمن طلب العلم ليحيي به الإسلام فهو من الصديقين ودرجته بعد درجة النبوة».

ابو وليد البحيرى
2024-10-19, 09:05 AM
تحت العشرين -1235


الفرقان






«كن عالي الهمة»

علو الهمة أدب نفسي نفيس، من امتلكه فقد امتلك مفاتيح النجاح كلها؛ إذ هو خلق مركب من كل المعاني التي تفضي بالإنسان إلى الرقي والسمو والرفعة والمكانة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ يحبُّ مَعالِيَ الأُمُورِ وأَشْرَافَها، و يَكْرَهُ سَفْسافَها».

حاجة الطالب إلى علو الهمة
الطالب في دراسته أشد حاجة إلى همة تقوي عزيمته، وتشحن طاقته، وتجمع شتات فكره؛ إذ بالهمة العالية يمكنه استسهال الصعب، والتجلد والصبر لأجل خوض الصعاب وتخطيها في كل مراحل الدراسة. وحينما يضع الطالب نصب عينيه هدفًا عاليًا ساميًا محددًا، ويضع بين عينيه تصورًا دقيقًا لكل المراحل التي عليه تجاوزها؛ لتحقيق ذلك الهدف، وأيضًا ما يحتاجه من جهد وصبر ومكابدة في طول الطريق، حينئذ يوصف هذا الطالب بأنه عالي الهمة، فتذكر يا بني أن علو همتك وبعد نظرك في الدراسة مفخرة للدين والأمة كلها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وفي كلٍ خيرٌ»، وفي تاريخنا الإسلامي عظماء كثر، ضربوا أروع الأمثلة في علو الهمة في طلب العلم وتعليمه، قال الشافعي -رحمه الله-: «حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين، ولم يكن عند أمي ما تعطيني لأشتري به قراطيس فكنت إذا رأيت عظمًا يلوح آخذه فأكتب فيه»، إن صاحب الهمة العالية يا بني لا تتوقف آماله ولا تنتهي طموحاته؛ فهو كالطائر الذي اعتاد أن يُحلق في فضاء رحب فسيح فهو لا يرضى بالدون مها كانت العقبات ومهما تكاثرت الملمات ومهما غلت التضحيات.
السبيل إلى علو الهمة في الدراسة
إن من أهم التحديات التي تواجهنا في حياتنا العملية هي: القدرة على تحويل «القيم» إلى «إجراءات» عملية، فـ«علو الهمة» تبقى قيمة نظرية ما لم نحوّلها إلى إجراءات عملية ومن تلك الإجراءات ما يلي: أولا: أوجد جوا مناسبا للدراسة والتحصيل العلمي، وحاول -قدر الإمكان- الحدّ من المشوشات ومضيّعات الوقت، ومن أهمها الانشغال مواقع التواصل.
ثانيًا: خذ قسطًا من الراحة بين المادة والأخرى ولو كانت قصيرة جدا، وحاول ألا تخلط المواد ببعضها.
ثالثًا: ابحث عن طريقتك الخاصة والمفضلة للدراسة، وما يناسب غيرك قد لا يناسبك، والعكس صحيح، ما الطريقة التي تفضل؟ هل هي التلخيص، أو كتابة الملاحظات على بطاقات صغيرة، أو تلوين بعض أسطر الكتاب؟ اخترع الطريقة التي تناسبك.
رابعًا: حاول أن تدرس الدرس قبل أن يقدمه المعلم، ولو باختصار وقبل وقت شرح الدرس، فهذه من الوسائل المجربة في سرعة الفهم وثبات المعلومة.
خامسًا: تحلَّ بالصبر والمثابرة {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، ولا تسمح لرغبات النفس كالكسل والتسويف أن يكون عائقًا عن هدفك الذي وضعته لنفسك.

إنّ لي نفسا تواقة

قال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -: « إنّ لي نفسا تواقة، وما حققت شيئًا إلا تاقت لما هو أعلى منه؛ تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن تاقت نفسي إلى الجنة، فأرجو أن أكون من أهلها».

أهمية الاجتهاد في الدراسة



قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: المسلمون بحاجةٍ إلى العلوم الدنيوية حتى يستعينوا بها على طاعة الله، وعلى الاستغناء عمَّا في أيدي الناس، قال -تعالى-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (الأنفال:60)، ومع كون المسلمين يتعلَّمون العلوم الدنيوية وغير ذلك مما يُعينهم، فالاشتغال بالعلوم الدينية مهم جدا بل أهم، فلنأخذ منها بنصيبٍ، ولنجتهد في تعلم دين الله -عزوجل-، والتَّفقه فيه، وإذا جمع بين الأمرين فهو خيرٌ إلى خيرٍ، يقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين»، فإذا تفقَّه في دينه واستفاد مع ذلك في دنياه طبًّا أو صنعةً أخرى تنفعه أو أشياء مما ينفع العبدَ في هذه الدنيا؛ فذلك خيرٌ إلى خيرٍ.
نماذج من عُلوّ الهمة
ذكر لنا التاريخ الإسلامي نماذج من علو الهمة صعب أن يجود الزمان بمثلها: الصديق - رضي الله عنه - كان طموحه أن يدخل الجنة من أبوابها الثمانية.
الصحابي الجليل عكاشة بن محصن - رضي الله عنه - يطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله له ليكون مع من يدخلون الجنة بغير حساب.
الصحابي الجليل ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - لم تكن له غاية دون مرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة.
إن كل هؤلاء جعلوا الآخرة هي همهم الأول بل الأوحد فلم يتعلقوا بحطام الدنيا الزائل ولم يطلبوا سفاسف الأمور بل أحسنوا الظن بربهم وتشبثوا بمعالي الأمور. فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.
كن صاحب طموح عال وهمة كبيرة
قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: «إنَّ الناس لو كانوا إذا كبر عليهم أمرٌ تركوه ما قام دينٌ ولا دنيا»؛ ولذا ينبغي للمرء أن تكون طموحاته عالية وهمته كبيرة، مجافيًا للتواني والكسل، قوي الثقة بالله في أن يبلغه ما يرجو وخيرًا مما يرجو.
صفات عالي الهمة
إن صاحب الهمة العالية تراه دائمًا مجاهدًا لنفسه مشغولاً في كل ما هو مفيد.
صاحب الهمة تجده منظمًا في شؤونه محافظًا على وقته فلكل لحظة عنده ما يناسبها من العمل.
يمد يد العون لكل محتاج ويطلب من الله -تعالى- العون والتوفيق والسداد.
تراه بشوشًا مبتسمًا متفائلاً يفيض على الآخرين من همته.
تراه مخالطًا لأصحاب العزائم بل منافسًا لهم، يتهم نفسه دائمًا بالتقصير.
تراه متوازنًا في كل أموره فلا يطغى أمر على أمر فلا تراه مغرورا ولا تراه عاجزًا مهمومًا.

معاملة الناس باللطف

قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».

ابو وليد البحيرى
2024-10-19, 09:07 AM
تحت العشرين -1236


الفرقان








الشاب صاحب الخلق الحسن

الشاب المسلم صاحب الخلق الحسن لا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ؛ لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، ولا يرفع صوته على شيخ مُسِنٍّ، ولا ضعيف مسكين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منَّا مَن لم يوَقِّرْ كبيرَنا، ويرحَمْ صغيرَنا».

من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم التي يجب أن يتخلق بها الشباب
قال الله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (الأحزاب: 21)، الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقد كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، وكان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ»، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في التفضيل بين الصحابة: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ - أي: أفضلكم - أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا»، فالشابُّ المتدَّيِّن يجب أن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا»، فالشابُّ رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر؛ لقول الله -عزوجل- لنبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِي نَ} (آل عمران: 159)، و»لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا»، ولا يغضب؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَب - فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ-: لَا تَغْضَبْ»، وإذا غضب لا يغضب إلَّا لدين الله -تعالى-، ويتواضَع لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ»، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله -عز وجل-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.
من أهم أسباب النجاح
إن أهمَّ الأسباب التي تُساعِدُ الطالبَ على النجاح والتفوق تعتمدُ -بعد توفيق الله تعالى له- عليه هو شخصيًّا، متمثِّلة في أمور عدَّة ، لعل أهمَّها تركيزُه الكامل مع المعلم أو المدرس الذي يتولَّى عملية الشرح، حتى يتمكَّن من توصيل المعلومة إليه بطريقة سليمة، وأن يكون مستمعًا جيدًا لكل ما يقوله معلِّمه، وإذا لم يفهم مسألةً شُرحت، لا يجعلها تفوت عليه دون أن يفهمها، وأن يطلب من مدرِّسه إعادتها مرة أخرى، هذا إلى جانب أن يكون الطالب متمتعًا بالنشاط بعيدًا عن الكسل، وأن يتفاعل باستمرار مع ما يشرحه المدرس ، فضلاً عن الحضور باستمرار، والحرص على استقبال كل ما يُشرح، وأن يكون مهيَّأً لذلك من خلال عدم انفصاله عن الأجهزة والأدوات التي يحتاج إليها في أثناء العملية التعليمية، التي تسهل عليه عملية الفهم.
المؤمن ليس بالسباب
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللعَّان، ولا الفاحش ولا البذيء»؛ لذلك فالشاب المؤمن لابد أن يكون بعيدا كل البعد عن السب والشتم، ولا يستخدم الألفاظ البذيئة في جدٍّ ولا هزل، ولا في رضًا أو غضب، ليس (بالطعان)؛ أي: ليس عيابًا للناس، (ولا اللعان)؛ أي: أنه لا يلعن أحدًا، ولا يدعو عليه باللعنة؛ إذ اللعنة معناها الطرد من رحمة الله -تعالى-، (ولا الفاحش)؛ أي: لا يفعل الفحش ولا يقوله، والمراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره، (ولا البذيء)؛ وهو الذي لا حياء له.
أدب التعامل مع وسائل التواصل



قال الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد: مَنْ تعامَل مع أدواتِ التواصلِ فْليُذَكِّرْ بفريضةٍ، ولْيدُلَّ على سُنَّةٍ، ولينبِّه على خطأٍ، ولْيَنْصَحْ باحتسابٍ، وليحتسبِ الأجرَ والثوابَ، وليحرِصْ على جمعِ الكلمةِ، وإحسانِ الظنِّ، وليُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه، وليظنَّ بأخيه الخيرَ، وليتقِ شرَّ ظنونِ نفسِه، وليحذَرْ أن يكون الناصحُ لنفسِه في هذه الأدوات ممَّن يتجوَّل بدلاءٍ فارغةٍ، ويجعلُ عقلَه مستباحًا لمتطفِّلي هذه الأدواتِ الثرثارينَ بما لا ينفعُ.
السعادة قرينة الهداية



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الهداية والسَّعادة أمران متلازمان وقرينان لا ينفكَّان، والشَّقاء قرين الضَّلال الذي لا ينفكُّ عنه، فمتى وُجدت الهداية وُجدت السَّعادة، ومتى وُجِدَ الضَّلال وُجِدَ الشَّقاء، ومن كان في بُعدٍ عن الله وطاعته ثم استقام يجد في قلبه لذَّةً كانت مفتقدة، وحلاوةً كانت معدومة وطعمًا كان لا يشعر به، وصدق الله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}.
لماذا يتجرأ هؤلاء على الله؟



قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الإنسان إذا جهل عظمة الله -جل وعلا- فإنه يتجرأ عليه -سبحانه-؛ فالمشرك حينما دعا غير الله وعبد غير الله هذا لم يقدر الله حق قدره {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (الزمر: من الآية 67)؛ ولذلك عبد غيره معه -سبحانه-، وكذلك كالذي يجحد أسماء الله وصفاته وينكرها، هؤلاء ما قدروا الله حق قدره وتجرؤوا على الله وتنقصوه -سبحانه وتعالى-، وقد حذر الله -جل وعلا- من الإلحاد في أسمائه {وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (الأعراف: 180).
من أهم عوامل النجاح



من أهم عوامل النجاح وضوح الهدف؛ لأن النجاح يعني تحقيق ما عزم الإنسان عليه، فلابد أن يكون ذلك واضحًا في ذهنه، لذلك لابد للشباب أن يضعوا حدا لهذه العشوائية وهذا الإهمال العجيب الذي يعيشه بعضهم.
من أخطاء الشباب

التساهل في مصاحبة أصدقاء السوء
بعض الشباب قد يصاحب أصدقاء لا دين لهم ولا أخلاق، فيترتَّب على ذلك كثير مِن المفاسد؛ فالصديق السُّوء له أثرٌ سيِّئ على صاحبه؛ حيث يجعله يكذب ويسرق، ويشرب الدُّخَان والمُخدِّرات والخمور، ويهرُب من المدرسة، ولا يذهب إلى الجامعة، فيضيع مستقبله، إن مجالسة الأصدقاء الصالحين ومرافقتَهم هي خيرُ وسيلةٍ للاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم؛ فللأصدقاء تأثيرٌ كبير على أقرانهم؛ فالصديق الصالح له أثر طيب على صاحبه.

ابو وليد البحيرى
2024-10-19, 09:08 AM
تحت العشرين -1237


الفرقان






أثر العبادة في إصلاح الفرد والمجتمع

إنَّ أداءَ الشباب للعبادات التي شَرَعها اللهُ على وجهها، وطاعة الله فيما أَمر به، له آثارٌ حسنةٌ وطيِّبةٌ على سلوك الفرد والمجتمع، فالصَّلاة مثلًا - وهي عِمادُ الدِّين - تنهى عنِ الفحشاءِ والمنكر، وتُزكِّي النفس، وتُقوِّمُ السلوك، فعن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه -: أَنَّ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَرَأَيْتُمْ لو أَنَّ نَهْرًا بِبابِ أَحَدِكم، يَغْتَسلُ منه كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟»، قَالُوا: لا يَبْقى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قال: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطايا».

ثمرات العبادة
اعلموا يا شباب أنَّ العبادة الحقة لابد أن يكون لها أثر في نفس صاحبها وأخلاقه وسلوكه، فالصــلاة التي هــم أهــم أركــان الإســلام بعد التوحيد التي لها منزلتها الخاصة في الإسلام. بيّن الله -عزوجل- شيئا من الحكم التي من أجلها شرعت، فكان من هذه الحكم: أنها تنهى أهلها عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله -عزوجل-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت:45)، ولما أُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن امرأة تقوم الليل ولكنها إذا أصبحت آذت جيرانها قال: «هي في النار». فكأن حقيقة الصلاة أنها تزكية للنفس وتطهير لها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة، فمن لم ينتفع بصلاته في هذا الجانب، لم يستفد أعظم ثمرات الصلاة، أما الصيام فإنه كذلك تهذيب للنفوس وحرمان لها من شهواتها المحظورة ونزواتها، قبل أن يكون حرمانا لهذه النفوس من الأطعمة والأشربة والشهوات المباحة، ولأجل هذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: « من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».
سلامة العقيدة وحسن الخلق
لا شك أنَّ هناك ارتباطا وثيقا بين الأخلاق والإيمان؛ فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا، فالعقيدة الصحيحة تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق من صدق، وكرم، وحلم، وشجاعة، ونحو ذلك، وهذه العقيدة الصحيحة تمنعه من كثير من مساوئ الأخلاق من الطغيان والكذب والكبر والجهل والظلم، وغيرها.
أهمية جدول المذاكرة
يؤكد علماء التربية أن استغلال الوقت بكفاءة من العوامل المهمة للتحصيل، والجدول المكتوب يساعد على تنظيم العمل وترتيب المذاكرة، فتخصيص وقت ومكان محددين من شأنهما أن يخلصا الطالب من سلوك التأجيل والتسويف، والجدول يساعد على تكوين استعداد نفسي وعقلي للمذاكرة، ويتعين على كل طالب أن يعلم كيف يوازن بين الاستذكار والترويح عن النفس، مع مراعاة ألا يمتد هذا الجدول إلى وقت متأخر من الليل، ولا ينبغي أن يترتب على هذا الجدول تمسك حرفي بنمط يومي أو أسبوعي، لكن أن يمثل الجدول خطة منظمة لألوان مختلفة من النشاط، تدفعك لأن تبدأ مذاكرتك في وقت محدد لزمن معلوم بعده تنتقل لنشاط آخر، مع أهمية مراعاة أوقات الصلاة وضرورة الحفاظ عليها وجعلها أساس في كتابة هذا الجدول.
الهدية النافعة
عادة كثير من الناس، إن قيل له: «ألا أهدي لك هدية؟» ينظر إلى يد المتحدث هل يحمل شيئًا؟ أو ينتظر أن يدخل يده في جيبه، ويُغفل عن نوع من التهادي يعد أشرف أنواع التهادي وأحسنه وأجمله، ألا وهو تهادي مسائل العلم، ولا يعرف قدر هذه الهدية إلا من عرف قدر العلم. قال ابن القيم: «وإنما الهدية النافعة كلمة يهديها الرجل الى أخيه المسلم».
تتلخص ثمرات العبادة في ثلاثة جوانب
- الجانب الأوّل: ثمرات للعبادة تتعلّق بصلة العبد بالله -تعالى-، كحبّ الله -تعالى- وخشيته، وخوفه ورجائه، والتوكّل عليه، والإنابة إليه، وذكره -تعالى- وشكره، والإخلاص لوجهه الكريم، وكمال توحيده وتعْظيمه.. - الجانب الثاني: ثمرات للعبادة تتعلّق بشخصيّة الإنسان، وتكوينه وبنائه، كقوّة الإرادة، وسموّ الهِمّةِ، وتزكية النفس، والتحلي بالصدق والأمانة، والتمسّك بمكارم الأخلاق، والبعد عن مساوئها. - الجانب الثالث: ثمرات للعبادة تتعلّق بصلة الإنسان بالآخرين، وعلاقتهم به، كحفظ الذمم، وأداء الحقوق، وكفّ الأذى، والتسامح، وحسن التعامل مع الناس، وحسن الظنّ وسلامة الصدر.
من طلب العلم ليحيي به الإسلام



قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: صلاح النية في طلب العلم، أن ينويَ به طالبُه رفع الجهل عن نفسه وعن غيره، فإن علت همته فطلبه ليحيي به الإسلام كان بأرفع المنازل، قال ابن القيم في (مفتاح دار السعادة): «فمن طلب العلم ليحيي به الاسلام فهو من الصديقين ودرجته بعد درجة النبوة».
من الأخطاء التي يتساهل فيها الشباب

الكذب في المزاح واستخدام ألفاظ غير لائقة
بعض الشباب إذا أراد أن يمزَحَ مع صاحبه، فإنه يستخدم ألفاظًا غير لائقة، تخدش الحياءَ! روى الترمذي عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان، ولا الفاحش ولا البذيء»، وبعضُ الشباب اعتاد الكذب في مُزاحه لكي يُرضِي الناس، وهذه صفةٌ سيئة، حذرنا منها نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -: فقال: «مَن التمس رضا الله بسَخَط الناس، كفاه الله مُؤْنَة (أي: شر) الناس، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله، وكَلَه (أي: تركه) الله إلى الناس».
ضعف القلوب
مِن الشباب مَن يستطيع رفع الأثقال لقوة بدنه، لكنه لا يستطيع رفع اللحاف الخفيف لينهض لصلاة الفجر لضعف دينه، ومنهم من يستطيع قطع المسافة الطويلة ركضًا، ولا يستطيع قطع المسافة القصيرة إلى المسجد مشيًا، ألا ما أضرَّ وهن القلوب وضعفها، فانتبهوا أيها الشباب!
إياك والكبر!



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في قول الله -تعالى-: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} (لقمان: 18): يعني لا تمش تبخترًا وتعاظمًا وتكبرًا {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: 18)، المختال في هيئته، والفخور بلسانه وقوله، فهو بهيئته مختال، في ثيابه، في ملابسه، في مظهره، في مشيته، فخور بقوله ولسانه، والله -تعالى- لا يحبُّ هذا، إنما يحب المتواضع الغنيَّ الخفيَّ التقي، هذا هو الذي يحبه الله -عز وجل.
يا شباب كونوا من الصادقين
أمرنا الله -تعالى- بأن نكون من الصادقين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، والصدق يكون في القول، ويكون في الفعل، فإذا وعدت إنسانا فيجب أن تكون صادقا فيما وعدت، قاصدا الوفاء عاملا له، ولا يصح أن يكون الوعد بقصد التخلف من موقف أو دفع إلحاح، أو إرضاء لخاطر أحد من الناس، وإذا تحدثت بشيء فلا تتحدث بما يتنافى مع الحقيقة التي تعلمها وتعتقدها، وإذا استنصحك أحد فاصدق في نصحه، ولا تجعل نصحك مشوبا بالهوى أو الغرض وإلا كنت غاشا مخادعا.

ابو وليد البحيرى
2024-10-24, 11:29 AM
تحت العشرين -1238


الفرقان




اقتفاء آثار النبي صلى الله عليه وسلم

لا صلاحَ للأمَّة في دِينها ودُنياها، ولا عِزَّ، ولا نصر، ولا تمكين لها، إلاَّ إذا اقتفت نهج النبي - صلى الله عليه وسلم - وآثارَ أصحابه، وترسَّمت خُطاهم في العبادة والاعتقاد والسلوك، والاقتصاد والسياسة، والدعوة، ويحصل لها مِن ذلك بقدر اتِّباعها لنبيِّها - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -رضي الله عنهم- {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام: 90).

معيار الحكم على الناس
من الأمور المهمة في حياة الشباب ضبط معيار الحكم على الناس من خلال المعيار الشرعي والميزان الإلهي الذي وضعه الشرع للحكم على الأشياء ووزنها، فبمعرفة المعيار الشرعي نستطيع أن نحدّد مدى قربنا من النَّموذج الصَّحيح الذي يحبه الله ويرضى عن صاحبه. قال سهل بن سعد - رضي الله عنه - مرَّ رجلٌ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل عنده جالسٍ: «ما رأيكَ في هذا؟» فقال: رجلٌ من أشراف الناس، هذا والله حريٌّ إن خطبَ أن يُنكح، وإن شفع أن يُشفَّع. فسكتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم مرَّ رجلٌ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما رأيك في هذا؟» فقال: يا رسول الله، هذا رجلٌ من فقراء المسلمين، هذا حريٌّ إن خطبَ ألا يُنكح، وإن شفع ألا يُشفَّع، وإن قال ألا يُسمَع لقوله. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا خيرٌ من ملءِ الأرض مثلَ هذا»، لقد بيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الشريف المعيار الشرعي الصَّحيح في الحكم على الأشخاص ووزنهم، وأنه تقوى الله والاستقامة على أمره، وليس هو الغِنى والحَسَب والشَّرف، كما يرى كثير من الناس، وقد أكَّد هذا المعنى في حديث آخر حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ تعالى لَا ينظرُ إلى صُوَرِكُمْ وَأمْوالِكُمْ، ولكنْ إِنَّما ينظرُ إلى قلوبِكم وأعمالِكم».
السعادة قرينة الهداية
من الأمور المهمة التي يجيب أن يعلمها الشباب أنَّ الهداية والسَّعادة أمران متلازمان وقرينان لا ينفكَّان، والشَّقاء قرين العصيان الذي لا ينفكُّ عنه، فمتى وُجدت الهداية وُجدت السَّعادة، ومتى وُجِدَ العصيان وُجِدَ الشَّقاء، ومن كان في بُعدٍ عن الله وطاعته ثم استقام يجد في قلبه لذَّةً كانت مفتقدة، وحلاوةً كانت معدومة وطعمًا كان لا يشعر به، وصدق الله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}.
الإخلاص رأس مالك فلا تضيعه
اعلموا يا شباب أنَّ الإخلاصَ لله تعالى وإرادةَ وجهه هو رأسُ مال العبد، وقوامُ حياته الطيبة، وأصل سعادته وفلاحه، والإِخلاصُ أعظمُ أعمال القلوب وهو الذي يعطي للعبادة رونقها ويحقق مقصدها وثمرتها، يقول ابن القيم -رحمه الله-: «ومن تأمّل الشريعة في مصادرها ومواردها، علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع بدونها، وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح»، فمَن فَقِهَ الإخلاصَ وتعبَّد لله به، أرشده الله لخير دينه وآخرته ونفعه في صلاح أمره وسلوكه، ولذلك اهتمَّ العلماء بحديث (الأعمالُ بالنيَّات) وعدُّوه من قواعد الإسلام العِظام؛ لأنه أساس العمل وقاعدته وسبيل النجاة.
إصلاح الظاهر والباطن
تزكية النفوس تتطلب تخليصها من آفاتها وإصلاح القلب وتطهيره من أمراضه، فإن أمراض القلوب الباطنة أشدُّ ضررًا وأعظم فتكًا من معاصي الجوارح الظاهرة، ولذلك نجد القرآن يركّز على إصلاح الظاهر والباطن معًا، ويدعو لترك ظاهر الإثم وباطنه؛ حيث قال: {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} (الأنعام: ١٢٠)، والآية تفيد الابتعاد عن الإثم ظاهرِه وباطنِه، لأنَّنا قد نعتني بترك الإثم الظاهر لاطِّلاع الناس عليه، ونقع فيما هو أشد منه وهو الإثم الباطن، من الكبر، والحسد، والحقد، وحب الظهور والرياء.
محبة الله -عز وجل



قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-: محبة الله للعبد، هي أجل نعمة أنعم بها عليه، وأفضل فضيلة، تفضل الله بها عليه، وإذا أحب الله عبدًا يسَّر له الأسباب، وهوَّن عليه كل عسير، ووفَّقه لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه، بالمحبة والوداد، ومن لوازم محبة العبد لربه، أنه لابد أن يتصف بمتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ظاهرًا وباطنًا، في أقواله وأعماله، وجميع أحواله، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (آل عمران: 31)، ومن لوازم محبة الله للعبد أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل، ومن لوازم محبة الله معرفته -تعالى-، والإكثار من ذكره، فمن أحب الله أكثر من ذكره.
ثمار التقوى



قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلما جاهد العبد نفسه على تحقيق التقوى وجد التيسير في أموره، ونال الرزق الطيب، وهدي إلى المخرج المناسب والملائم فيما يعرِض له من مشكلات، إضافة إلى تكفير السيئات وغفران الذنوب ورفعة الدرجات، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة إلى غير ذلك من الثمار والآثار التي لا حصر لها ولا عد.
اذهب فأنتَ لا تعرفه
جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يشهد على قضية، فقال له عمر: «ائتِ بمن يَعرِفُك، فجاء برجل، فقال له: هل تُزكِّيه؟ هل عرفته؟ قال: نعم، فقال عمر: وكيف عرفته؟ هل جاورته المجاورة التي تعرف بها مدخله ومخرجه؟ قال: لا، قال عمر: هل عاملته بالدينار والدرهم اللذين تعرف بهما أمانة الرجال؟ قال: لا، فقال: هل سافرت معه السفر الذي يكشف عن أخلاق الرجال؟ قال: لا، فقال عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: فلعلَّك رأيته في المسجد راكعًا ساجدًا، فجئت تزكِّيه؟! قال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال له عمر بن الخطاب: اذهب، فأنتَ لا تعرفه، إذًا فميزان الشَّرع في الحكم على الأشخاص ليس بكثرة العبادة وأدائها ظاهرًا، ما لم يُختبر بالمعاملة ويُبتلَى بالمعاشرة، حتى يعرف حقيقة معدنه، فقد يكون صاحب عبادة في الظاهر لكن أخلاقه سيئة ومعاملته كذلك.
أتدرون ما المُفْلِسُ؟
قال رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أتدرون ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ، فقال: إنَّ المفلسَ من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَت عليه، ثم طُرِحَ في النار»، هذا الحديث يؤكد - صلى الله عليه وسلم - على أن العبادة مهما كانت كثيرة، فإنها فاقدة لجوهرها وهي وبالٌ على صاحبها إذا م يكن لها أثر على سلوك الشخص وأخلاقه ومعاملاته.
كتب ننصح بالمداومة على قراءتها
من أفضل كتب التفسير التي ننصح الشباب بالاهتمام بها ودوام مطالعتها حتى يتدبروا كتاب الله -تعالى-، تفسير العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- المسمى : (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)، وقد أثنى عليه العلماء، قال العلَّامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: من أحسن التفاسير؛ حيث كان له ميزات كثيرة منها: سهولة العبارة ووضوحها، تجنب الحشو والتطويل، السير على منهج السلف في آيات الصفات، دقة الاستنباط، ومنها أنه كتاب تفسير وتربية على الأخلاق الفاضلة، وقال: هو من أفضل التفاسير كتاب جيد وسهل ومأمون، وقال: أشير على كل مريد لاقتناء كتب التفسير ألَّا تخلو مكتبته من هذا التفسير القيم.

ابو وليد البحيرى
2024-10-24, 11:29 AM
تحت العشرين -1239


الفرقان




نهوض الشباب
التاريخ شاهد على أن في الشباب من يبلغ في حصافة العقل، وحسن التدبير، المنزلة الكافية لأن يلقى على عاتقه ما يلقى على عواتق الكهول أو الشيوخ من عظائم الأمور، وإذا قلبنا صفحات التاريخ، دلتنا على رجال ظهرت عبقريتهم، وكفايتهم للقيام بأعمال جليلة وهم في أوائل عهد شبيبتهم، فقد ولّى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل على اليمن وهو دون سن العشرين، وولّى أسامة بن زيد إمارة جيش فيه الشيخان أبو بكر وعمر، وسن أسامة يومئذ تسع عشرة سنة، وولّى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كعب بن صور قضاء البصرة وهو في سن العشرين، وكان عمر - رضي الله عنه - يدعو ابن عباس في المعضلات ويجلسه بين الأشياخ وهو دون سن العشرين.
السعادة كلها في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
اعلموا يا شباب أنَّ السعادة كلها في طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم : {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} (الأحزاب: 36)، والطاعة لله ورسوله تتمثَّل بالعمل بما يأتي: إخلاص الدين لله وحده لا شريك له في القول والاعتقاد والعمل، والحب والبغض، والفعل والترك: {قُل إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} (الأنعام: 162).
العناية بالقرآن الكريم تلاوة وحفظًا وتدبرًا وتفسيرًا وعملًا، فهو خير كتاب أُنزِل على أشرف رسول إلى خير أمَّة أُخرِجت للناس بأفضل الشرائع وأسمحها وأسماها وأكملها، كما قال -تعالى-: {اليَوْمَ أَكْمَلتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا} (المائدة: 3).
العناية بالسنَّة المطهَّرة والسيرة النبوية، فلنا فيهما عِظَة وعبرة، ولنا فيهما قدوة حسنة لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا.
المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، فهي عماد الدين، والصلة برب العالمين، والفارقة بين الإسلام والكفر.
حفظ الأوقات فيما ينفع؛ فأنت مسؤول عن وقتك في أيِّ شيء قضيته؟ والأوقات محدودة والأنفاس معدودة، فاغتنم حياتك النفيسة، واحتفظ بأوقاتك العزيزة، فلا تضيعها بغير عمل، ولا تفرط بساعات عمرك الذاهب بغير عوض؛ فإنك محاسَب عليها ومسؤول عنها، ومجازى على ما عملت فيها.
اختيار الأصحاب الصالحين والجلساء الناصحين الذين عرفوا الحق واتبعوه والباطل واجتنبوه، والمرء معتبر بقرينه، وسوف يكون على دين خليله فلينظر مَن يخالل، وأنت مع مَن أحببت يوم القيامة.

الشباب وصلاة الفجر
صلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، ولا تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر ترى أن أكثرهم من الشيبان وكبار السن، فليعلم الشباب أنَّ صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فالمنافق يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».
من مشكلات الشباب
الانحراف عن الدين وترك العبادة
من المشكلات المعاصرة للشباب الانحراف عن الدين وترك العبادة والعيش في هذه الحياة بلا هدف ولا رسالة ولا دين، قال الله -تعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. (مريم:59). أي أنهم لم ينكروا الإيمان والصلاة والطاعة بل أضاعوا ذلك فاستحقوا عقوبة الله، والإنسان الذي يدع دينه ويتحلل من عقيدته سيقع في خطيئتين كبيرتين الأولى: أن فطرته التي فطره الله عليها إن لم تدن بالدين الحق سوف تدين بالدين الباطل وسيعبد الإنسان آلهة أخرى من دون الله، والثانية أنه سيظل في حالة افتقار وفي حاجة إلى من يملأ عليه فقر قلبه، يقول الإمام ابن القيم: «لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغايته ومطلوبه، وأحب إليه من كل ما سواه».
الحب في الله والبغض في الله


قال ابن العثيمين -رحمه الله-: يكون الحب في الله بأن ترى شخصًا صاحب دين وعلم وعبادة، وصاحب خلق حسن فتحبه لما قام به من طاعة الله والإيمان به، فهذه هي المحبة في الله، وأما البغض في الله: بأن ترى شخصًا عاصيًا متهاونًا بدينه لا يبالي، فتكرهه وتبغضه لما هو عليه من التهاون بدين الله -عزوجل-، والحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، ولهذا يجب علينا أن يكون حبنا وبغضنا لله -عز وجل-، لا نحب إلا من أحبه الله، ولا نبغض إلا من أبغضه الله.
أبرُّ الأصحاب


قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ أبرَّ الأصحاب وخير الرفقاء عمل المرء الصالح، ولن يدخل معه في قبره إلا هذا الصاحب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ ابْنِ آدَمَ وَمَالِهِ وَعَمَلِهِ مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءَ، قَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: أَنَا مَعَكَ مَا دُمْتَ حَيًّا، فَإِذَا مُتَّ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْكَ، فَذَلِكَ مَالُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ، فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى قَبْرِكَ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ لَكَ، فَذَلِكَ وَلَدُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا فَذَلِكَ عَمَلُهُ».
الغاية التي من أجلها خُلقنا
إن من أهم الواجبات على الشباب أنَّ يعرف الغاية التي من أجْلها خُلق، وهذه الغاية هي عبادة الله -تعالى-، التي من معانيها إخلاص النيَّة لله في القول والعمل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولاء والبَراء لله ورسوله، واتِّباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً، ظاهرًا وباطنًا، في الأمر والنهي، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد.
من واجبات الشباب المسلم اليوم
من أهم واجبات الشباب المسلم اليوم التسلح بالعلم والثقافة، والتفوق في اختصاصه؛ فنحن -مع الأسف- موسومون بأننا من العالم المتخلف الذي يسمونه العالم الثالث، فلا زال بعض الناس يعتقدون أن سبب تخلف المسلمين هو الإسلام، وهذا غير صحيح بالمرة، فيوم كان المسلمون متمسكين بدينهم، كانوا هم الأمة الأولى، والعالم الأول في هذه الدنيا، قادت حضارتهم العالم حوالي عشرة قرون، كان المسلمون فيها السادة والقادة، وكان العالم يتعلم على أيديهم، ويتعلم في مدارسهم وجامعاتهم، وكانت اللغة العربية هي لغة العلم، ومن يريد من أبناء أوروبا أن يظهر أنه إنسان مثقف أو متقدم تكلم بعض ألفاظ بالعربية، كما يفعل كثيرون الآن حينما يكلِّمونك فيدخلون في كلامهم كلمات بالإنجليزية أو بالفرنسية ليشعروك أنهم من أهل التقدم والحضارة، هكذا كنا وينبغي أن نعود إلى ما كنا عليه.
نور اليقين في سيرة خير المرسلين
إنّ شخصية الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - تعد نبراسا لكل من أحبّ أن يهتدي إلى الطريق السوي {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، قال سيدنا سعد بن أبي وقّاص: «كنا نعلّم أولادنا سيرة الرسول ومغازيه كما كنا نعلّمهم القرآن»؛ ولا يوجد كتاب مختصر وسهل يلم بهذا الموضوع ككتاب (نور اليقين) للشيخ محمد الخضري؛ فإنه من أكثر الكتب المتداولة في السيرة النبوية في العالم الإسلامي؛ لذا ننصح الشباب بقراءته واقتنائه.

ابو وليد البحيرى
2024-10-30, 08:20 PM
تحت العشرين -1240


الفرقان



بأخلاقي يزداد إيماني
ما أحلاه من شعارٍ (بأخلاقي يزداد إيماني)! ذلك أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أوضح أنَّ الأخلاق تَتَنَاسَب طرديًّا مع الإيمان؛ فكلَّما زاد معدَّل الإيمان في القلْب، سَمَتِ الأخلاقُ، والعكس بالعكس، وفي هذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَكْمَلُ المؤمنين إيمانًا، أحسنُهم خُلُقًا»، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه»؛ والحديث صحيح، ويقول: «المسلم مَن سلِم المسلمون مِن لسانه ويده، والمؤمِن مَن أمِنَه الناسُ على دمائهم وأموالهم»؛ ويقول: «واللهِ لا يؤمِن، واللهِ لا يؤمِن، واللهِ لا يؤمِن»، قيل: وَمَن يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمَن جارُه بوائقَه».
حاجة الشباب إلى منهج يصحح عقيدته
نحن - أيها الشباب - في حاجة إلى منهجٍ تربوي صحيح، في حاجةٍ إلى منهج الإسلام الهادي، منهج القرآن والسنة؛ للخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم، والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات والمستغربات، من الشهوات والشبهات الباطلة، فالإنسان بطبيعته لا يمكن له أن يعيش عيشة سوية دون منهج. ولهذا كان الوحي نفسه منهاجًا له كما قال -سبحانه-: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (المائدة: 48)، والمنهاج هو الطريق الواضح السهل، فلم يترك الله خلقه دون منهج أو منهاج يسيرون عليه وهم في ابتلاء الحياة الدنيا وسيرهم نحو الآخرة؛ ولهذا فالمنهج ليس قضية تكميلية أو تحسينية، بل هي قضية ضرورية لا يمكن استقامة الحياة من دونها، وذلك لأسباب عدة، منها: المنهج يُصحح للشباب عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات؛ بسبب تعدُّد مناهج التربية، وربما تناقضها واضطرابها في عرض تصور صحيح عن العقيدة الإسلامية ومباحثها، وبيان سبل الوقاية من خطر الزيغ والانحراف عنها.
مكر الأعداء بشباب الأُمَّة الإسلامية، والكيد لهم في الليل والنهار؛ بُغيةَ إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومَحاسنه السامية، وما كل ذلك إلا ليتمكنوا من خلق أجيال تنتسب إلى الإسلام شَكلاً، ولا تعرفُ عن حقيقة الإسلام شيئًا يُذكر، فتنقلب مَوازينُ الأخلاق والقيم في نفوسهم.

الإيمان والأخلاق لا يفترقان
ابني الحبيب لابد أن تعلم أنَّ العبادة هي علاقة بينك وبين ربك، أما السلوك فهو علاقة بينك وبين الناس، فلابد أن تنعكسَ العلاقة بينك وبين ربك على العلاقة بينك وبين أفراد المجتمع، فتحسِّنها وتهذِّبها، وإلا فما علاقة أنَّ الصلاة - مثلًا - تنْهى عن الفحْشاء والمنكَر، كما في قوله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر} (العنكبوت:45)، فالفحشاءُ والمنكَر هما جِماع الأقوال البذيئة والأفعال السيئة، وهما لا يظْهران إلا في التعامُل مع الناس في المجتمع، كما أن العبادة وإن كانتْ هي علاقة بينك وبين ربك، إلَّا أنَّ السلوك يَتَجَلَّى فيها أيضًا، ففي الصلاة أنتَ مأمور بأداء الصلاة في جماعة، لكي تَحْتَكَّ بالناس وتتفاعَل معهم، وفي الحج أنتَ مأمور بضبط الأخلاق في أثناء الزحام... وهكذا، ففي كل عبادة يَتَجَلَّى مظهر من مظاهر السلوك، الذي يجب أن تتحلَّى به وتلتزم به.
الذكر ودوام الصلة بالله -تعالى
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: من حكمة الله -عزوجل- أنه جعل لذكره أسبابًا حتى يستيقظ الإنسان وينتبه لذكر الله -تعالى-؛ لأن الإنسان قد تستولي عليه الغفلة وينسى ذكر الله؛ فجعل الله -تعالى- لذكره أسبابا كثيرة فدخول المنزل فيه ذكر، ولبس الثوب الجديد فيه ذكر، والأكل فيه ذكر، والانتهاء من الأكل فيه ذكر، حتى يكون الإنسان دائمًا على صلة بالله -عزوجل- بذكر الله -تبارك وتعالى.
فضائل حسن الخلق
بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - فضائلَ الخلق الحسن في أحاديثَ كثيرةٍ، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «البِرُّ حسن الخلق»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من أحبِّكم إليَّ، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنَكم أخلاقـًا»، وسئل - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ فقال: «حسن الخلق»، وسئل عن أكثر ما يُدْخل الجنة، فقال: «تقوى الله، وحسن الخلق»، فالأخلاق الحسنة ركن ثابت في الإسلام، حثَّ عليه، ودعا إليه، ودائمًا ما قرنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بتقوى الله، وجعله سببًا في دخول الجنة؛ ذلك لشرف فضله، وفوائده فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن المؤمن لَيدركُ بحسن خلقه درجةَ الصائم القائم».


مَثَل العالم في الأمَّة
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: العلم نورٌ وضياءٌ لصاحبه، ومَثَل العالم في الأمَّة مَثَل أُناس في ظُلمة، وبينهم شخصٌ بيده مصباحٌ، يضيء لهم بمصباحه الطَّريق، فيسلَمُون منَ العِثار، ويتَّقون الشَّوك والأخطار، ويسيرون في جادَّة سويَّة وصراط مستقيم.
مكانة الصحابة في قلوب المسلمين
إنّ لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانةً عظيمةً في قلوب المسلمين؛ فهم أفضل البشر بعد الأنبياء والمرسلين، فحبهم من حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو جزءٌ لا يتجزأ من عقيدة المسلم، وقد أخبر النبي بأنّهم خير القرون؛ حيث قال: «إن خيرَكم قرني، ثم الذين يلونَهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»، فهم نقلهم الشريعة من رسول الله إلى الأمة من بعده؛ فكانوا أعلام الهدى، ومنارات العلم، ونشروا الفضيلة، والأخلاق، والأدب، والصدق.
اتبـاع الهدى
لا يكون الشاب متبعًا للهدى إلا بأمرين: تصديق خبر الله تصديقًا جازمًا من غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه، وامتثال أمره -تبارك وتعالى- من غير اعتراض شهوة تمنع من امتثال أمره، وعلى هذين الأصلين مدار الإسلام.
الطريق إلى اكتساب الأخلاق الراقية
إن الطريق إلى اكتساب الأخلاق الراقية هو الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لذلك فإننا في أمسِّ الحاجة إلى العودة الصحيحة إلى تلك الأخـلاق والآداب التي دعا الإسلام إليها، ورغَّب فيها ديننا الحنيف، وحثَّ عليها نبينا الكريم، في الوقت الذي نرى نتائج انسلاخ الكثير من الناس عنها؛ لذلك كان من واجب كل مسلم الدعوة إلى هذا المسلك النبيل في كل سانحة؛ لأنها من صميم رسالة المصطفى - صلى الله عليه وسلم .
القوَّة الحقيقيَّة
القوَّة الحقيقيَّة هي قوة الأخلاق، أما القوة الموهومة فهي مهترئة سريعة الزوال، وإذا صار الإنسان قويًّا فتَسَلَّط على الناس، واسْتطال عليهم وظَلَمَهم، فإنَّه في داخله وفي حقيقته ضعيفٌ، لا يَثِق حتى في نفسه، وإن بدا للناس عكس ذلك، وإذا قوي الإنسان وأصبحتْ له شَوْكة وسُلطة، كان ذلك امتحانًا عسيرًا لقوَّتِه الحقيقية، قوة أخْلاقه، وأما العاجزُ الذي لا يستبد، فذلك ضعيفٌ عند الله وعند الناس.
العاصم من كل الفتن
اعلموا يا شباب أن العاصم من الفتن هو ملازمة منهج القرآن الكريم، الذي جعله الله -تعالى- عصمةً من كل ضلالة وزيغ وفتنة، وفي متابعة سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الثابتة عنه، قال -تعالى-: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} (المائدة: 15 - 16).

ابو وليد البحيرى
2024-11-07, 04:27 AM
تحت العشرين -1241


الفرقان



من الأخطاء التي يقع فيها الشباب
إضاعة وقت الفراغ
كثير من الشباب يقضي وقتَ فراغه فيما لا ينفعهم في دينِهم ولا في دنياهم، فتراهم يضيعون ساعاتٍ طويلةً فيما لا فائدة منه، فيجلِسون أمام وسائل التواصل، أو يتحدثون فيما لا يُفيدهم، ولا شك أنّ هذه من الأخطاء التي يقع فيها الشباب؛ وما ذلك إلا أنه لا يدرك أنَّ رأس مال المسلم في هذه الحياة الدنيا، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على الاستفادة من وقت الفراغ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتانِ مَغْبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، وقوله: (مغبون فيهما)؛ أي: ذو خسران فيهما، والمغبون هو: الخاسر في التجارة.
صفات الشاب المسلم
الشاب المسلم خُلُقُه القرآن، فالشابُّ رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، فلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا».
الشاب المسلم متواضَع؛ لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ».
الشاب المسلم إذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله -عزوجل-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18)، وإذا شهد لا يشهد إلا بالحقِّ؛ لأنه يعلم أن شهادة الزور هي من أكبر الكبائر؛ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - ثَلاثًا - أَوْ: قَوْلُ الزُّورِ»، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
الشاب المسلم شعاره الرفق واللين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مادِحًا للرِّفْق ذامًّا لغيره: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».
الشاب المسلم لا يقابل السيئة بالسيئة، وإنما يقابلها بالحسنة؛ لأنه يريد أن يكون من ذوي الحظ العظيم؛ كما قال الله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35).
الشاب المسلم لا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ؛ لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، ولا يرفع صوته على شيخ مُسِنٍّ، ولا ضعيف مسكين، فيعفو ويصفح، ويُسامح ويكرم، ويغفر ويرحم؛ لقوله -تعالى-: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النور: 22).

الشباب الذي ينفع دينه وبلده
الشاب الذي ينفع دينه وبلده هو الشباب الذي يتربّى على الدين والأخلاق والقيم المجتمعية الصحيحة، فيساعد على بناء مجتمع متحضر؛ وبالتالي تقل الجريمة في المجتمع والمظاهر السلبية للشباب في الشوارع العامة من المعاكسات والتخريب للممتلكات العامة والخاصة، ولن يتم ذلك إلا إذا تسلح الشباب بالعلم والمعرفة والفِكر السليم والتوجه الصحيح في الأفكار والمعتقدات ليكون قادرًا على بناء مجتمعٍ متحضر؛ فالشباب الفارغ اللاهث خلف المغريات والملهيات، والمغيب وراء الشهوات والنزوات، والمفرغ علميا وثقافيا وفكريا -بعد أن فرغ عقديا ودينيا- لا قيمة له في أي مجتمع بل هو عبء على مجتمعه، وعالة عليه.
من أسباب صلاح القلب
الإكثار من تلاوة القرآن واستماعه: فهذا من أسباب لين القلوب وصلاحها، ولاسيما إذا قرأه متدبرًا لِما يمر عليه من آيات.
كثرة ذكر الله- جل وعلا- على كل حال؛ قال ابن القيم: «إن في القلب قسوةً لا يذيبها إلا ذكر الله -تعالى». وقال رجل للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلبي، قال: «أذِبْهُ بذكر الله -عز وجل».
زيارة المرضى: للاعتبار بحال أهل البلاء، ومخالطة المساكين والفقراء، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم؛ فإنه أجدَرُ ألا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم».
مجالسةُ الصالحين: الذين ينتقون أطايبَ الكلمات كما يُنتقى أطايب الثمر، وربنا يأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الكهف: 28).

احذر كمائن النفس!


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله: الإنسان في نفسه كمائنُ لا يَعلَمُها إلا الله، فاحذَر هذه الكمائنَ! والكمائن كثيرة؛ فقد تكون شِركًا بالله -تعالى- وقد تكون رياءً؛ فالإنسان يحبُّ الرياء، وأن يراه الناس على عملٍ صالح، وقد تكون حسدًا لعباد الله وهو مِن خصال اليهود، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (المنافقون: 9)، وقد تكون بكراهة الحق وتثاقُلِه، وقد تكون بالعداوة والبَغضاء للمؤمنين، وغير ذلك مما لا يُحصى.
اللسان بريد القلب


قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: اللسان بريد القلب وترجمانه والواسطة بينه وبين الأعضاء؛ فإن استقام استقامت، وإن اعوج اعوجت، عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا».
اهتم بصلاح قلبك
على الشباب أن يعلم أنَّ صلاح القلب طريق السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة؛ فالمسلم الذي يُصلح قلبه يُصبح أقرب إلى الله -تعالى-، وينال رضاه، ويسعد في الدارين، وهذا يُفسّر أنّ القلب هو محل نظر الله من العبد، وبصَلاحه تستقيم الجوارح، وتصلح الأعمال، وتطيب الحياة، وصاحب القلب النقي الصالح ينزعج من التفريط، ويتحسر على فوات الطاعة، فإذا فاته ورده من القرآن الكريم حَزِن، وإذا شغله عن العبادة أمرٌ من أمور الدنيا تحسّر على ما فاته.
السلف الصالح قدوتنا
اعلموا يا شباب، أنّ السلف الصالح من الصحابة -رضوان الله عليهم-، هم قدوة لكل مسلمٍ، فهم خير هذه الأمة إيمانًا، وأقربهم إلى الله وسيلةً، وأعلمهم بسُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقهًا وتطبيقًا، وأقلها تكلُّفًا، وأقومها هدْيًا -رضي الله عنهم أجمعين- قال -تعالى-: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 100).
أخلاق الشاب المسلم
الشابُّ المسلم الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا».

ابو وليد البحيرى
2024-11-16, 08:46 PM
تحت العشرين -1242


الفرقان



عناية الإسلام بالشباب
اعتنى الإسلام بالشّباب عناية فائقة، ووجَّههم توجيهًا سديدًا نحو البناء والنّماء والخير، واهتمّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - بالشّباب اهتمامًا كبيرًا، فقد كانوا الفئة الأكثر الّتي وقفت بجانبه في بداية الدّعوة فأيّدوه ونصروه ونشروا الإسلام وتحمّلوا في سبيل ذلك المشاق والعنت. قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: «ما آتى الله -عزّ وجلّ- عبدًا علمًا إلاّ شابًّا، والخيرُ كلُّه في الشّباب»، ثمّ تلا قوله -عزّ وجلّ-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، وقوله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، وقوله -تعالى-: {وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}، وعمل -عليه الصّلاة والسّلام- على تهذيب أخلاق الشّباب، وشحذ هممهم، وتوجيه طاقاتهم، وإعدادهم لتحمّل المسؤولية في قيادة الأمّة، كما حفّزهم على العمل والعبادة، فقال -عليه الصّلاة والسّلام-: «سبعة يُظلّهُم الله في ظِلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: وعدَّ منهم: وشاب نشأ في عبادة الله»، وحثّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - الشّباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، فقال: «المؤمن القويّ خيرٌ وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلّ خير»، غير أنّه نوَّه إلى أنّ القوّة ليست بقوّة البنيان فقط، ولكنّها قوّة امتلاك النّفس والتحكّم في طبائعها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الشّديد بالصّرعة، إنّما الشّديد الّذي يملك نفسه عند الغضب».
من الواجبات المهمة على الشباب
من الواجبات المهمة التي يجب على الشباب القيام بها: بناء أنفسهم إيمانيا وعقليا وجسديا، تنمية جيِّدة سليمة؛ فإن ذلك ينتج شبابًا يحمل همّ الأمّة، متوجّها للخير نافعًا ومطوّرًا للمجتمع، ومواجها لتحديات الحاضر، ويسعى لنمو المجتمع وازدهاره وبلوغه أعلى درجات الكمال الحضاري، اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، فأمّا إذا كانوا بخلاف ما سبق، من وجود شباب غير مهتم بما خصّه الله من خصال، منصرف إلى حياة اللّهو والدّعَة، بحجّة أنّهم يريدون أن يعيشوا شبابهم، وأنّ الشّباب للمتعة والاستمتاع فقط، غير مدركين أنّ هذه المرحلة من حياتهم قد ألقي فيها على عاتقهم أمر الأمّة والمجتمع، فهذا ضياع لطاقة فعالة وإهدار لأكبر قوى منتجة.
المستقبل للإسلام


قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: بكل جزمٍ ويقين، بلا ظنٍ ولا تخمين، نقول: إنّ المستقبل لهذا الدِّين، إنّ المستقبل للإسلام، ما التزم المسلمون دينهم، وكانوا أهلاً لحمل دين الله، ومحلا لنصر الله، الذي لا يتخلف أبداً؛ لقوله -تعالى-: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (الروم: ٤٧)، وإنّ الاعتقاد بأن المستقبل للإسلام هو الذي صنع جيل القدوة الأول: محمداً والذين معه، وهذا اليقين جعلهم يرتبطون بالعروة الوثقى التي تشدهم إلى الله، وتمنعهم من السقوط، وتُجدِّد فيهم الأمل المنشود، وتحفظهم من القنوط؛ فكانوا بهذا أنموذجًا فريدًا في الثبات على الدِّين.
آثار التفكر على إيمان المسلم
إن التفكر في خلق الله -تعالى- عبادة يقوم بها الأصفياء الذين يقودون مجتمعاتهم لله -عزوجل-؛ ولذلك فهي من الأمور التي يجب على الشباب الاهتمام بها؛ لما لها من آثار عظيمة على إيمانهم وأخلاقهم ويقينهم بالله -عز وجل-، ومن آثار التفكر ما يلي: اطمئنان القلب لقدرة الله -عزوجل-: حيث إن معرفة عظم قدرة الله وسعتها تطمئن القلب المؤمن إلى أنه في رحاب رب عظيم، يستحق العبادة وحده دون غيره، وهو وحده القادر على تلبية حاجاته وحمايته.
التفكر يدفع المسلم لحسن الطاعة وحسن العبادة، وتجنب معصيته، فخالق بهذه العظيمة يجب ألا يعصى في الأرض.
الصبر على الابتلاءات، فبالتفكر يدرك الإنسان أن ربه حكيم، لا يخلق شيئاً عبثاً حتى البلاء، فيصبر المسلم ويرضى وينتظر فرجه.
انشغال القلب بالأهم، فالقلب المدرك لعظمة الكون وهو المخلوق ينشغل بما هو أعظم من ذلك بالخالق القدير.
زيادة اليقين في وجود الله الخالق وترسيخ الإيمان بقلب المؤمن، وصدق الله القائل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت: 53).

من غرور الشيطان للإنسان


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله: الشيطانُ يغُرُّ الإنسان بالله -سبحانه وتعالى-، فمثلًا يقول له: لو أنك على باطل لعاقبك الله -تعالى-، أو يقول له: إن رحمة الله واسعة والله غفور رحيم، أو يُمنِّيه بالتوبة، يقول: صحيح هذه معصية، والإنسان معرض نفسه للعقوبة، لكن التوبة أمامك، فالآن تمتع بهذه المعصية وبعدئذٍ تتوب. ولا شك أن هذا خطر عظيم يجب على الشباب على وجه الخصوص الانتباه له.
الحلاوة الدائمة


قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إن الطاعة والعبادة والبعد عن المعاصي والذنوب قد تكون في أول وهلة مرارة، ولكنها مرارة قليلة تعقبها حلاوة دائمة غير منقطعة؛ فإن مرارة الدنيا قصيرة وحلاوة الآخرة دائمة غير منقطعة؛ ولأن يصبر العبد على مرارة في الدنيا منقطعة فينال حلاوة الآخرة غير المنقطعة خير له من أن ينشغل في هذه الحياة بحلاوة زائفة ولذة فانية تعقبها حسرة دائمة ومرارة باقية.
بسواعد الشباب تنهض المجتمعات
الشباب هم عُمُدُ مجتمعاتهم العتيدة، وهم أساس أركانها الوطيدة، وعلى سواعدهم تنهض أممهم وتتطور، وهم وسط العمر، ووسط كلِّ شيء خِيَارُه، وكان أصحاب الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - شباباً.
القرآن يعلمنا
< يعلمنا القرآن كيف نتحرى الصدق في حديثنا، وهي فضيلة امتلاك الشجاعة الأخلاقية التي تبنى بها الثقة، لقوله -تعالى-: {قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} (المائدة: 119). < يعلمنا القرآن كيف نتعامل مع الناس، وألا نميز بين أحد منهم إلا بالتقوى، وأن نتحرى أحسن الألفاظ حين نتحدث، أما إذا أساء إلينا أحد، فيعلمنا القرآن كيف نتحكم في مشاعرنا، قال -تعالى-: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134). < يعلمنا القرآن أيضًا شكر النعم واستشعارها وعدم القنوط من رحمة الله في الملمات والصعاب، يقول ربنا: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: 7). أخطاء يقع فيها الشباب من الأخطاء التي يقع فيها بعض الشباب: الاستغراق في الغيبة والنميمة، فلا تكاد تخلو مجالسُ الشباب من هذه المُوبِقات، إلا مَن حفِظه الله -تعالى-، ولا شك أنَّ هذه الآفات تنشرُ العداوة والحقد بين الشباب، وقد حذَّرنا الله -تعالى- في كتابه العزيز، وكذلك نبينا -[- في سنته المباركة من هذه الأمراض الخطيرة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (الحجرات: 12).

ابو وليد البحيرى
2024-11-22, 12:39 PM
تحت العشرين -1243


الفرقان

التراحم . . من مكارم الأخلاق الإسلام يحثّ على مكارم الأخلاق ويدعو إليها، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»، وفي رواية: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ». وقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» ومن مكارم الأخلاق المنشودة «التراحم»: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّاحِمُونَ *يَرْحَمُهُمُ *الرَّحْمَنُ، *ارْحَمُوا *مَنْ *فِي *الأَرْضِ *يَرْحَمْكُمْ *مَنْ *فِي *السَّمَاءِ» والمقصود بالتراحم: إشاعة الرحمة بين الناس في جميع مجالات التعامل، ولا شك أن حاجتنا ماسة جدا إلى التراحم، ولا سيما في هذا الزمان الذي شاعت فيه القسوة والغلظة والعنف، وصارت أخبار القسوة والعنف تطالعنا في كل لحظة تقريبًا، بل نجد من الأفلام ما يصور العنف والقسوة على أنه بطولة، حتى صار كثير من الشباب يقلدون هؤلاء، ظنًّا أن ذلك من مظاهر الرجولة، بينما التراحم من أعظم صفات المؤمنين: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلُ الْجَسَدِ الواحد؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، والتراحم من أسباب المحبة والاجتماع بين أفراد المجتمع: قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلُ الْجَسَدِ الواحد؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (متفق عليه).
ملاطفة الخلق قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به». مدارج السالكين (4/ 2744)
نماذج مضيئة من سلفنا الصالح من النماذج الشبابية المضيئة في تاريخنا الإسلامي مصعب بن عمير، الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - أول سفير في الإسلام؛ ففتح الله على يديه قلوب الأوس والخزرج، فدخلوا في الإسلام جميعهم، وكانوا اللبنة الأولى والصخرة الصلبة التي قامت عليها دولة الإسلام وحضارة الإسلام، وهذا أسامة بن زيد يؤمّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جيش المسلمين الذي توجه لقتال الروم في بلاد الشام، ولم يتجاوز عمره ثمانية عشر عامًا، وكانت الروم يومها أكبر إمبراطورية في التاريخ، وهذا محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية (عاصمة الدولة البيزنطية)، وكان عمره ثلاثة وعشرين عامًا.
رسالة إلى الشباب اعلموا يا شباب، أن الإسلام لَم ترتفع رايتُه، ولَم يمتدَّ على الأرض سُلطانه، ولَم تَنتشر في العالمين دعوته، إلاَّ على يد هذه الفئة المؤمنة التي تَربَّت في مدرسة النبي - صلى الله عليه وسلم -، هؤلاء الشباب من الرعيل الأوَّل الذين حمَلوا راية الدعوة إلى الله، فحقَّق الله على أيديهم النصر، وقامت بهم دولة الإسلام الفتيَّة، ولا يُمكن للشباب أن يقوموا بما قام به أسلافهم، ويَنهضوا بمسؤوليَّاتهم، ويؤَدُّوا رسالتهم، إلاَّ إذا اقتدوا بهم وساروا على طريقهم واتبعوا منهجهم وسلكوا مسلكهم.
أمور تعين على زيادة الرحمة في القلوب طلب العلم الشرعي؛ لأنه يزيد الخشية، والرحمة من ثمرات الخشية: قال -تعالى-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 28).
اجتناب مواطن القسوة والغفلة والعنف قال -تعالى-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} (الكهف: 28).
حضور مجالس الذكر، وارتياد المساجد: قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُون َهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
اغتنام مواسم وأوقات زيادة الرحمة: قال - -: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا، فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا» (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
الدعاء وسؤال الله خلق الرحمة: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} (آل عمران:8)، {رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} (الكهف:10).

صلاة الفجر مع الجماعة

قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ المحافظةَ على صلاة الفَجر مع الجماعة من علاماتِ صدق الإيمان، ومؤشِّرٌ على قوَّة الإسلام، وإذا كانَ الرَّجلُ لا يشهدها مع الجماعة فهذا برهانٌ على ضعف إيمانه ودينه، ودليلٌ على استِسلامه لنفسه وهواه، وانهِزامه أمام شهواتِه، وكيف يَهنَأ المتخلِّف عنها بالنَّوم؟ وكيف يتلذَّذ بالفِراش والمسلمون في المساجد في بيوت الله مع قرآن الفَجر يعيشون؟! وكيف يُؤثِر لذَّة النَّوم والفِراش على لذَّة المُناجاة والعبادة، وأداء هذه الطَّاعة العظيمة؟! لا يفعل ذلك إلَّا خاسِرٌ محرُومٌ.
مفاهيم خطأ..
هل العبرة بما وقر في القلب فقط؟! إن من المفاهيم الخطأ الشائعة عند كثير من الشباب أنه إذا أُنكر عليه خطأ ما قال: أهم شيء القلب، لا تحاسبني على أفعالي، إنما العبرة بالقلب. ويُقال لهؤلاء: لا شك أن القلب هو الأصل، وأن الأعضاء والجوارح واللسان تبع للقلب، لكننا محاسبون على أقوالنا وعلى أعمالنا كما تقدم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالًا! تهوي به سبعين خريفًا في النار»، وأخرج الإمام مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». فنحن مؤاخذون بأعمالنا وأقوالنا ولا يصح لأحد أن يتحجج في فعل خطأ قولي أو فعلي بأن قلبه سليم وليس مطالبًا إلا بقلبه، لو كان قلبك سليمًا لما أخطأ لسانك ووقعت فيما حرم الله، ولما أخطأت جوارحك ووقعت فيما حرم الله، فإن القلب إذا صلح صلحت جوارحه؛ لذا ينبغي ألا نغتر بهذه المقولة الشائعة بين كثير من الشباب.
التحذير من القسوة والغلظة حذر الإسلام من الغلظة والقسوة؛ لما لهما من آثار سيئة على الفرد والمجتمع؛ فالقسوة والغلظة من أسباب نفرة الناس عن صاحبها: قال -تعالى-: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، والقسوة والغلظة من أسباب العذاب والإبعاد عن رحمة الله -سبحانه-: قال -تعالى-: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (الزمر:22)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَا يَرحَمِ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللهُ»، وقال صلى الله عليه وسلم : «لَا *تُنْزَعُ *الرَّحْمَةُ *إِلَّا *مِنْ *شَقِيٍّ».
أخطاء عقائدية يقع فيها الشباب من أخطاء العقيدة التي يقع فيها الشباب الحلف بغير الله، مثل الحلف بالأمانة أو بالآباء، أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بالكعبة، أو بغير ذلك، فمن فعل ذلك فقد أشرك بالله -تعالى-؛ فإن الحلف لا يكون إلا بالله، فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا يحلف بأبيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ينهاكم عن أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت»، وروى الترمذي: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» -والعياذ بالله.

ابو وليد البحيرى
2024-11-28, 06:27 PM
تحت العشرين -1244


الفرقان

أهمية الاستقامة في حياة الشباب أمَر الله -سبحانه وتعالى- نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه من المؤمِنين بالاستِقامة على الدين، كما قال -تعالى-: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (هود: 112)، وقد قال عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «شيَّبتني هودٌ وأخواتها»، كما بيَّن -سبحانه وتعالى- عاقِبةَ أهلِ الاستقامة بقوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (فصلت:30). كما قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأحقاف: 13-14)، والاستقامة في حياة الإنسان على درجات: أولها: الثَّبَات على التوحيد، والبراءة من الشرْك وأهله، فقد سُئِل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - عن الاستقامة قال: «ألَّا تُشْركَ بالله شيئًا»، أي: لزوم التوحيد الخالص.
ثانيًا: لُزُوم الأَوامِر والنواهي بفعل الأمر وترك النهي، وهي إتيان الطاعات واجتِناب المعاصي، كما قال بذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أن تستَقِيم على الأمر والنهي، ولا تَرُوغ روغان الثعلب»، وذلك بِلُزُوم الطاعات في كلِّ الأحوال حتى ينشَغِل الإنسانُ بما فيه النفْع والخيْر، ويترُك المَعاصِي والمحرَّمات، لتَحقِيق الثَّبات على طاعة الله -عز وجل-؛ لأنَّ التذبذب وعدم الثَّبات من صِفات المنافقين، كما قال -تعالى-: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (النساء: 143)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلف، وإذا اؤتُمِن خان»، فجِماع الاستقامة هي إخلاص التوحيد لله -عز وجل-، وترْك النواهي والثَّبات على ذلك، فهي بجَمِيع أحوال الإنسان مِن أقوال وأعمال وثَبات.

الأسباب المُعِينة على الاستقامة تقوى اللهِ ومُراقَبته.
دعاء الله -سبحانه وتعالى- بالهداية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الفاتحة: 6).
الاستِعانة بالله -عزَّ وجلَّ، والتوكُّل عليه، «احفَظِ اللهَ يَحفظْك».
لزوم المساجد وطلَب العِلم الشرعي.
لزوم الرفقة الصالحة (الجليس الصالح).
الأعمال الصالحة مِن برِّ الوالدين، وصِلة الرَّحِم وغيرها، وكثرة النوافل.
التوبة النَّصُوح.
قراءة القرآن الكريم وتدبُّره.
كثْرة الذِّكْر، قال -تعالى-: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (الأحزاب: 41).
محاسبة النفس وتذكُّر الموت والآخرة.
النظر في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح.

حقيقة الاستقامة الاستِقامة هي لُزُوم طاعة الله -عز وجل-، وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن جوامِع كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -: قولُه للصحابي سفيان بن عبدالله - رضي الله عنه - حين سألَه قائلًا: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قُلْ: آمنتُ بالله، ثم استقِمْ» رواه مسلم. أي: استَقِم بعد الإيمان بالله، وهو لُزُوم طاعة الله؛ فلا يجدك حيث نَهاك، ولا يفقدك حيث أمرك.
أيها الشباب: احذروا الكِبر! بعضُ الشباب يُعجَب بنفسه، فيتكبَّر على الناس إما بعائلته، أو بعلمه، أو بماله، أو بجماله، أو بقوَّته، أو بغير ذلك، هذا أمر خطير؛ لأنه ينشر الحقد والحسد والكراهية بين الناس، وليَعلَمِ الشابُّ أن المال والجمال والعلم وغير ذلك - هبةٌ مِن عند الله -تعالى-، فيجب عليه أن يشكر الله -تعالى- على فضله، ولا يستخدم نعمة الله في التكبُّر على غيره من الناس، ولقد حذَّرنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - من التكبر على الناس فقال: «لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْرٍ»، قال رجلٌ: إن الرجل يحبُّ أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعله حسنةً، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناس».
احذروا ذنوب الخلوات! قال الشيخ صالح بن حميد: مِنْ أخطرِ مسالكِ المهالكِ ذنوبُ الخلوات، وقد كثرَتْ وسائلُها، يقول ابن القيم -رحمه الله-: «ذنوب الخلوات سبب الانتكاسات، وعبادة الخلوات سبب الثبات، وكلَّما طيَّب العبدُ خَلوَتَه بينَه وبينَ ربِّه طيَّب اللهُ خلوتَه في قبره»، فليأخُذِ الشباب حذرَهم من ذنوب الخلوات، ولا سيما مع وسائل التواصل، واعلموا أن عبادة السرِّ تَقِي نوازع الشهوات، والمراقَبة في الخلوات تُرسِّخ قدمَ الثبات، فمَنْ أكثَر العبادةَ في الخلوات ثبَّتَه اللهُ عند الشدائد والمدلَهِمَّات.
فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: «{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن» الله أكبر ما أعظم هذا الفضل وأجزله! فإنَّ حروف القرآن عددها: 361180 حرفا، وقيل: 323015 حرفا، وقيل 340740 حرفا، كما ذكر ذلك ابن كثير، وإذا كان من قرأ حرفا من القرآن فله به عشرُ حسنات كما في حديث ابن مسعود فكم له من الأجر إذا قرأ القرآن كله؟! وقراءة قل هو الله أحد ثلاث مرات وهي سطر واحد تعدل ذلك كله، فلله ما أعظمه من أجر! هذا فضلها لا أنها يكتفي بتلاوتها ثلاث مرات عن تلاوة القرآن.
احذروا هذه الألفاظ الثلاثة! قال ابن القيم -رحمه الله-: «وليحذر كل الحذر من طغيان «أنا»، «ولي»، «وعندي»؛ فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس، وفرعون، وقارون، فإبليس قال: {أنَا خَيْرٌ مِنْهُ}، وفرعون قال: {لِى مُلْكُ مِصْرَ}، وقارون قال: {إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِى}، وأحسنُ ما وضعت فيه هذه الألفاظ: «أنا» في قول العبد: أنا العبد المذنب، المخطئ، المستغفر، المعترف ونحوه، «ولي»، في قوله: لي الذنب، ولي الجرم، ولي المسكنة، ولي الفقرُ والذل: «وعندي» في قوله: «اغفر لي جدي، وهزلي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي».
أسباب الانحِراف عن الاستقامة رفقة السوء.
ضعْف الإيمان، والبُعد عن الله، وترْك الصلاةِ ومجالسِ الذكْر.
الغلوُّ والتشديد على النفس حتى يملَّ فيترُكها وينحرف قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تكُن كالمُنْبَتِّ لا أرضًا قطَع، ولا ظهرًا أبقَى».
الفَراغ كما قال الشاعر:

إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَهْ
مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيَّ مَفْسَدَهْ وسائل الإعلام المضلِّلة (إنترنت، وقنوات فضائية، وإذاعة، ومجلَّات وصحف).
عدم وضوح الهدف في الحياة، وعدم تحديد الوجهة والغاية.


نور اليقين في سيرة خير المرسلين إنّ شخصية الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - تعد نبراسا لكل من أحبّ أن يهتدي إلى الطريق السوي {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، قال سيدنا سعد بن أبي وقّاص: «كنا نعلّم أولادنا سيرة الرسول ومغازيه كما كنا نعلّمهم القرآن»؛ ولا يوجد كتاب مختصر وسهل يلم بهذا الموضوع ككتاب (نور اليقين) للشيخ محمد الخضري؛ فإنه من أكثر الكتب المتداولة في السيرة النبوية في العالم الإسلامي؛ لذا ننصح الشباب بقراءته واقتنائه.

ابو وليد البحيرى
2024-12-12, 02:14 PM
تحت العشرين -1245


الفرقان

الوقت ثمين وأعز من الذهب
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الوقت ثمين، أعز من الذهب، فينبغي أن يشغل بما ينفع، قراءة القرآن، بالتسبيح والتهليل والذكر، بحضور مجالس العلم، وحلقات العلم، عيادة المريض، ومن أحسن ما يستغله فيه قراءة القرآن، والإكثار من ذكر الله، والصلاة تطوعًا، فإذا تيسر له أن يعود مريضًا من إخوانه، أو يزور صديقًا له، يعينه على الخير، أو يذهب إلى حلقة علم إن وجدت، يحضرها، أو ما أشبه ذلك.


الشباب وإدارة الوقت من التحديات الكبيرة التي تواجه الشباب المسلم في العصر الحالي كيفية إدارة أوقاتهم بطريقة فاعلة، وسط المشتتات والملهيات التي تستنزف حياتهم، تلك الملهيات التي لا تستهدف قيمهم ومبادئهم فقط، بل تستهدف أعمارهم وأوقاتهم وهي أغلى ما يملكون، وأغلى ما يقدمون لأمتهم إذا قضوها فيما ينفع، فما أدركت أمة من الأمم قيمة الوقت إلا قويت ونهضت. وما أهدرت أمة قيمة الوقت إلا وذلت وضعفت، وهكذا كانت أمة الإسلام ورجالها، فقد عظَّم الإسلام من قيمة الوقت وحث على استثماره بمختلف الوسائل والسبل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك». وإن مما يحزُّ في النفس، ويؤلمُ القلب، ويحيرُ العقل: أنَّ استشعار قيمة الوقتِ، والحرصَ على حُسن استثمارهِ، أمرٌ مفقودٌ لدى كثير من الشباب، فهناك شباب كُثُر يُفرطونَ في أوقاتهم تفريطاً عجيباً، ويضيِّعون الساعات الطويلة بلا أدنى فائدةٍ، ووالله لو وفقَ هؤلاء أن يستثمروا أوقاتهم بالنهج الصحيح لتغيرَ طعمُ الحياةِ في حِسهم، ولصنعَوا فارقاً ضخماً لأنفسهم وأمتهم.
الوقتُ هو الحياة اعلموا يا شباب أن الوقت هو رأسُ مالِ الانسانِ الحقيقي، وهو أغلى وأنفسُ ما وُهب له بعد الإيمان، فكلّ دقيقةٍ منه أغلى من كنوز الدنيا ونفائسها، وما ضاع منه فلا يمكنُ تعويضه أبدًا، والعمر الحقيقي للإنسان إنما يُحسبُ بمقدار الوقتِ الذي يستثمرهُ لعِمارة آخرتهِ، وما عداهُ فهو خسارةٌ لا تُحسب، وإذا كان الوقتُ هو الحياة، فإنَّ الوقتَ لا يتجدَّدُ ولا يتمدَّدُ ولا يتراجع، وإنما يمضي للأمام.
نماذج مشرقة كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شديد الحرص على استغلال وقته في خدمة الإسلام والمسلمين، وكان قليل النوم يقسّم الليل إلى ثلاثة أقسام: قسم للنوم، وقسم للصلاة والقيام، وقسم لإدارة شؤون المسلمين، وكان يقول: «لو نمتُ بالنهار ضاعت رعيتي، ولو نمت بالليل ضاعت نفسي، فكيف بالنوم مع هذين؟!».
وكان الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - معروفًا بحرصه على الوقت واستغلاله في طاعة الله، وكان يقول: «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي».

كيف يستثمر الشباب أوقاتهم؟ من أراد أن يستثمرَ أوقاتهُ بكفاءةٍ عالية، وأنَّ يحقِّقَ لنفسه فارقاً هائلاً في الإنجاز، فعليه القيام بثلاثة أمورٍ مهمة، وأن يحذر ثلاثة أمور ضارة:
ثلاثة يجب فعلها الأمر الأول: احترامُ الوقت، وأن يكونَ جادا في تنظيمه وتقسيمهِ، عازماً في حُسنِ استثمارهِ والاستفادةِ منهُ.
الأمر الثاني: أن يتعلَّمَ فنَّ إدارةِ الوقت، وأن يتعوَّدَ على تنظيم الوقت، وجدولةِ الأعمالِ، وترتيبِ المهام، (فلكل امرئٍ من دهره ما تعودا «المتنبي»)، ولكل جهدٍ منظم، مردودٌ مضاعف، ومتى أحسنتَ تقسيمَ وقتك، وتنظيمَ مهامِّك: كان يومُكَ كصندوقٍ رُتبَ جيداً فاتسعَ لأشياءَ كثيرةً.
الأمر الثالث: ضبطُ النفسِ والتحكّم بها: فبقليلٍ منْ التفكير والجدِّيةِ سيتمكنُ الإنسانُ منْ توظيفِ الكثير من الأوقات المهدرةِ، والساعات الضائعة، فإن لم يكن كُلها فبعضها.

ثلاثة يجب الحذر منهم أولها: الغفلة، فالغفلة هي أشدُّ ما يضرُ القلوب، والغافلُ يظنُّ أنه يقتلُ الوقت، والحقيقةُ أنَّه يقتلُ نفسه، وصدق الله -تعالى-؛ إذ يقول:{وَأَنذِرْه ُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}(مري م:39)، وقال -تعالى-: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ}(ال أنبياء:1).
وثانيها: الكسل، فالكسلُ من أكبر مضيعات الوقت، ومن أشدِّ أعداءِ النَّجاح، والشاعرُ يقول:

الفوزُ بالجِدِّ والحِرْمَان في الكَسَلِ
فانصبْ تُصِبْ عن قريبٍ غايةَ الأملِ
قد هيئوك لأمرٍ لو فطنت له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل وثالثها: الانشغالُ بالتوافه ورفقةُ البطالين، فبقدر الانشغالِ بالأمور التافهةِ يكونُ الانصرافُ عن الأمور المهمة والعظيمةِ، ومن باع الياقوت بالحصى فهو لا شك مغبونٌ خاسر، وعن المرء لا تسأل وسل عن قرينه، فالمرءُ على دين خليله.
إضاعة الأوقات عقوبة إلهية! إضاعة الأوقات لون من ألوان العقوبة الإلهية للعبد، قال ابن القيم -رحمه الله - في ذكر عقوبات الذنوب: «قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه»، ولا شك أن إضاعة الوقت من أشد قطاع الطريق إلى الله والدار الآخرة، كما قال -رحمه الله-: إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
احذر هذا مصطلح: «قتل الوقت»! قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يتضايق بعض الناس من الوقت ويعمل على تضييعه حتى ولو في الحرام، ولهذا تجد عند بعض الغافلين التعبير بكلمة «قتل الوقت» كأنه عدو!، والوقت غنيمة وما ذهب منه لا يعود، والعاقل هو من يغتنم أوقاته ويحاذر من قتلها وتضييعها.


أشياء ضائعة لا ينتفع بها الإنسان علم لا يعمل به.
عمل لا إخلاص فيه ولا اتباع.
مال لا ينفق منه في سبيل الله.
قلب فارغ من محبة الله والشوق إليه.
بدن معطل من طاعة الله وعبوديته.

وقت معطل عن استدراك فارطه أو اغتنام بر وقربة.
فكر يجول فيما لا ينفع.
قال ابن القيم -رحمه الله-: أعظم الإضاعات إضاعتان، هما أصل كل إضاعة: إضاعة القلب، وإضاعة الوقت، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل، فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل، والصلاح كله في اتباع الهدى والاستعداد للقاء الله.

ابو وليد البحيرى
2024-12-18, 06:04 PM
تحت العشرين -1246


الفرقان

أهمية الصدق في حياة المسلم
اعلموا يا شباب أنَّ الصدق هو أساس الإيمان، وقد جاءت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تأمر بالصدق وتبين فضله وعظم مثوبته وتحذر من ضده، وتتوعد عليه بأشد الوعيد، كقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: 119) . قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا»، ويكفي في بيان فضيلة الصدق أن الله -تعالى- جعل مرتبة الصدق في مرتبة تلي مرتبة النبوة، كما قال -تعالى-: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (النساء: 69)، ووعد الصادقين بالجنة والرضوان والفوز العظيم، كما في قوله -سبحانه-: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (المائدة: 119)، فالصدق ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة أعظمَ النفع؛ إذ هو من أسباب الهداية إلى البر والنجاح في الدعوة، بل في كل عمل نافع، وهو من أسباب محبة الخلق، وكثرة الرزق، وتيسير الأمر، وكثرة الأجر، ورفعة الدرجة، والنجاة من النار، والفوز بأعلى درجات الجنة، قال -تعالى-: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (محمد: 21).
من علامات الصدق سلامة القلب إن من علامة الصدق سلامة القلب، وخلوه من الغش والحقد والحسد للمسلمين؛ فالشاب المؤمن الصادق في إيمانه لا يضمر في قلبه غلا للمؤمنين ولا شرا، بل إن حب الخير والنصح لإخوانه هو طبعه وعادته، وهذه الحال الإيمانية تظهر علاماتها على أعماله، فتجده يتجنب الظلم والعدوان والاستعلاء على الناس، وتجده يسعى لقضاء حاجات المسلمين، وإغاثة الملهوفين، ودفع الظلم عنهم، والحزن على مصابهم، والفرح لفرحهم.
الصدق مع الله -تعالى- الصدق مع الله -تعالى- يكون بأمور، منها: ألا يخالف المسلم ظاهره باطنه، وأن يخلص لله وحده لا شريك له في كل شيء، بعيدًا عن الرياء والسمعة، وكل ما من شأنه أن يشوب صفاء عقيدته شائبة، من التعبد لغير الله، كأن يجعل بينه وبين الله وساطة، أو أن يشرك معه أحدًا في عبادته من بشر، أحياء كانوا أم أمواتًا.
الصدق في القصد والقول والعمل الصدق الحقيقي غير قاصر على صدق القول فقط، بل يكون في القصد والقول والعمل: فمعناه في القصد: الإخلاص لله -تعالى-، وقوة الإرادة على السير إليه -سبحانه وتعالى-، ويكون ذلك بالمبادرة إلى أداء ما افترضه الله عليه، ومنه الدعوة إلى الله -تعالى.
وأما الصدق في القول فمعناه: نطق اللسان بالحق والصواب، فلا ينطق بالباطل أيًّا كان.
والصدق في الأعمال: بأن تكون خالصة لله صوابًا على سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم .

الفرق بين الشهوات والشبهات «الشبهات» و «الشهوات» هما أصلا الشّرّ في الحياة، وهما من أمراض القلوب الخطيرة، التي تنافي الخشية من الله -تعالى-، والفرق بين الشهوة والشبهة: أن الشهوة هي تقديم الهوى على طاعة الله ومرضاته، كمن يفعل الأمور المحرمة، ومن يتلذذ بشرب المسكرات، وأما الشُّبْهَة فهي التباس الحق بالباطل واختلاطه، ومرض الشبهات والشهوات، كلاهما مذكور في القرآن الكريم، قال -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (الأحزاب:32)، فهذا مرض الشهوة.


وصايا للشباب قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: أيها الشاب الموفق: عليك أن تعمل على صيانة شبابك بتجنب الشرور والفساد بأنواعه مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه-، وكلّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر!
وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولا سيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، ومعونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل.
وعليك أن تكون مؤديًا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك، وأعظمها حق الأبوين؛ فإنه حق عظيم وواجب جسيم.
وعليك أن تكون قريبًا من أهل العلم وأكابر أهل الفضل، تستمع إلى أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك.

قالوا عن الصدق قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «عليك بالصدق وإن قتلك».
قال الإمام الشعبي -رحمه الله-: عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك، واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.
وقال عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- :ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه.
قال ابن القيم -رحمه الله-: الصدق هو الطريق الأقوم الذي من لم يسر فيه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران.

من أصول الاعتقاد التي لا يسع المسلم جهلها من أصول الاعتقاد الواجب على المسلم أن يعتقدها: أن الله -تعالى- مستوٍ على عرشه، وعرشه فوق سماواته، وأنه بائن من خلقه -جلَّ وعلا- ليس حاّلاً فيهم، فهو العلي الأعلى، فوق جميع مخلوقاته -سبحانه وتعالى وتقدس-، وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم من أهل القرون المفضلة، قال الله -تعالى-: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى}، وقال الله -تعالى-: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ}، وقال الله -تعالى-: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في سبعة مواضع من القرآن، وكذلك دلت نصوص السنة على ذلك من حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه لجاريته وفيه: فقلت: يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: ادعها، فدعوتها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها، فإنها مؤمنة. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء».
حقيقة الصدق ينبغي للشاب أن يكون صادقًا مع ربه في العمل له، وصادقًا مع الخلق في وعوده وعهوده وعقوده، وفيًّا في كل ذلك، وعلى الشاب الصادق أن يحذر الكذب، فليس الكذب من صفات المؤمنين، وما أضره على الإيمان برب العالمين! ولذا عدَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - من صفات النفاق، ومن علامات المنافقين في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان».

ابو وليد البحيرى
2024-12-24, 01:39 PM
تحت العشرين -1247


الفرقان

الشباب وقيمة الاحترام
وجهنا الله - تعالى - إلى شيء عظيم، يرسخ فضيلة الاحترام؛ حيث قال: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}، أي كلموهم بالكلام الطيب، وألينوا لهم جانبًا، ولاطفوهم، وناصحوهم بما يصلح شأنهم، فكلما درج الناس في سلم الحضارة فالمفترض أن يكون بينهم احترام أكبر ولطف أعظم؛ ولهذا فإنَّ علينا جميعًا أن نكون دقيقين في تعبيراتنا وتصرفاتنا؛ حتى لا يؤذي بعضنا بعضًا من غير قصد. والقاعدة الذهبية في هذا هي أن نخاطب الناس بالأسلوب الذي نحب أن يخاطبونا به، ولو أننا عملنا بهذه القاعدة لتخلصنا من كثير من مشكلاتنا الاجتماعية، وما أجمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيدِهِ لا يُؤْمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لنفسِهِ من الخيرِ»، فالناس بفطرتهم في حاجة ماسة إلى من يقدرهم، ويثني عليهم، ويحفزهم ويهتم بهم. فعلينا إلقاء السلام على من نلقاه في طريقنا، والتبسم في وجهه، وسؤاله عن حاله، والاعتذار إليه عند الخطأ، والمسارعة إلى مساعدته في ساعة ضيق أو كرب، والثناء على أعماله الحسنة، كل ذلك من الأمور التي تعبر عن الاحترام والاهتمام. احذروا يا شباب من التكبر على الآخرين وإهمالهم والاستخفاف بهم! وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا قدره»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط». نحن جمعيًا في حاجة إلى أن ننمي في نفوسنا مشاعر (الحياء)؛ لأننا -حينئذ- سنحترم الناس ونقدرهم؛ وعلى رأسهم الأبوان والمعلمون وكبار السن، ومن لهم أيادٍ بيضاء في خدمة الناس والإحسان إليهم، وفي خدمة البلاد ورفعة شأنها.
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} قال الله -تعالى-: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34-35)، أي: إذا أساء إليك مُسيء مِنَ الخَلق -خصوصًا مَن له حَقٌّ كبير عليك، كالأقارب، والأصحاب، ونحوهم- إساءةً بالقول أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه؛ فإن قَطعك فصِلْه، وإن ظلمك فاعف عنه، وإن تكلَّم فيك غائبًا أو حاضرًا فلا تُقابلْه، بل اعف عنه، وعامله بالقَول الليِّن، وإن هجرك وترك خطابك فطَيّبْ له الكلام، وابذُل له السَّلام، فإذا قابَلت الإساءة بالإحسان حَصَل فائِدةٌ عَظيمةٌ.
المرء بأصغريه قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: كثيرٌ من النَّاس يهتمُّ بصورته الخارجيَّة ومظهره المشاهَد ولا يهتمُّ بالمخْبَر، ولهذا يكون منه أنواع من الزَّلل والخطل ولا يبالي بذلك مما يخرِم مكانته ويضعف منزلته ويوقعه مواقع الذُّل والهوان، بينما إذا اعتنى المرء بهذين العضوين (اللِّسان والقلب) عنايةً تامَّة، وحافظ عليهما، واهتم بإصلاحهما وتقويمهما في ضوء هدي الشَّريعة وآدابها القويمة، صَلَحت حاله كلُّها، قال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا» فجمَع - صلى الله عليه وسلم - في هذا الدُّعاء بين هذين العضوين الخطيرين العظيمين.


مفهوم الاحترام والتوقير الاحترامُ هو الإكبارُ والمهابةُ ومراعاة الحُرمةِ وحُسنُ المعاملةِ، قال ابنُ تَيميَّةَ -رحمه الله-: التَّوقيرُ: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ ما فيه سكينةٌ وطمأنينةٌ من الإجلالِ والإكرامِ، وأن يُعاملَ الإنسان من التَّشريفِ والتَّكريمِ والتَّعظيمِ بما يصونُه عن كُلِّ ما يخرِجُه عن حَدِّ الوَقارِ، وقد أمرَت السُّنَّة بحُسن المعاملة والبشاشة، والقولِ الحَسَن وبَذل السَّلام، ودعت إلى تهذيب اللّسان، والتَّحلي بالتَّسامح، ونبذ الفُحش والبذاءة.
من صور الاحترام المحمودة من صور الاحترام المحمودة إكرام الصغير لمن هو أكبر منه سنًا، أو أكثر منه فضلا، فإن ابن عمر -رضي الله عنهما- لما عرف جواب سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشجرة التي تشبه المسلم لم يُجب، يقول: «فأردت أن أقول هي النخلة، فنظرت فإذا أنا أصغر القوم، فسكتُّ» وفي الحديث: «البركة مع أكابركم»، والكبير في قومه لا يليق أن يقابل بغير الإكرام جاء في الحديث الحسن: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه».
مجاهدة النفس لاكتساب محاسن الأخلاق الخلق الحسن نوع من أنواع الهداية، ومن أسباب حصولها للعبد مجاهدة نفسه، قال -عز وجل-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} {العنكبوت:69}، فمن جاهد نفسه على التحلي بالفضائل، وجاهدها على التخلي من الرذائل حصل له خير كثير، واندفع عنه شر مستطير؛ فالأخلاق منها ما هو غريزي فطري، ومنها ما هو اكتسابي يأتي بالدربة والممارسة، والمجاهدة لا تعني أن يجاهد المرء نفسه مرة أو مرتين أو أكثر، بل تعني أن يجاهد نفسه باستمرار؛ ذلك أن المجاهدة عبادة، والله- تبارك وتعالى- يقول: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر: 99).
من ثمرات الإيمان بتوحيد الربوبية الرضا بما كتبه الله -سبحانه وتعالى- على العبد؛ لأنه يعلم أن الله هو الذي يدبر أموره كلها.
عدم الجزع عند المصيبة، وعلى فوت شيء من متاع الدنيا الزائل؛ لأن الله قدر كل شيء، ودبَّره تدبيرا محكَمًا.
الإيمان بتوحيد الربوبية يجعل القلب مطمئنًّا، آمناً، مهتدياً للحق؛ قال الله -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28).

خطأ التهاون في صلة الأرحام من الأخطاء التي يقع فيها بعض الشباب، عدم الحرِصُ على صلة أقاربه، وهذه ظاهرة خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى انتشار الجفاء بين الأقارب في العائلة الواحدة، ولعل أحدَهم يقابل بعض أقاربه في مكان ما فلا يعرِفهم، إلا بعد أن يذكروا أسماءهم، ولقد حثنا الإسلام على صلة الأرحام، والتعرف على أحوالهم، وزيارة مرْضاهم، وقضاء حوائجهم، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّحِم مُعلَّقة بالعرش، تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقِه، أو يُنسَأ له في أثره؛ فليَصِلْ رَحِمَه».
توحيد الربوبية من أصول العقيدة
من أصول العقيدة التي يجب على الشباب تعلمها أنواع التوحيد، وأول أنواع التوحيد هو: توحيد الربوبية، والربوبية صفة من صفات الله -سبحانه وتعالى-، وهي مأخوذة من اسم الرب، والرب في كلام العرب يطلق على معان منها: المالك، والسيد المطاع، والمُصْلِح، ومعنى توحيد الربوبية: أن يعتقد العبد أن الله خالق، ورازق، ومدبِّر، وأفعال الله -سبحانه وتعالى- كثيرة منها: الخلق، والرَّزْق، والسيادة، والإنعام، والتصوير، والعطاء والمنع، والنفع والضر، والإحياء والإماتة، والتدبير المحكَم، والقضاء والقدر، وغير ذلك من أفعاله التي لا شريك له فيها؛ ولهذا فإن الواجب على العبد أن يؤمن بذلك كله.

ابو وليد البحيرى
2024-12-29, 10:45 PM
تحت العشرين -1248


الفرقان

علامات الجدية في حياة الشباب
إن الجد الذي يجب أن تتصف به نفوس الشباب له علامات من أهمها ما يلي: - الشاب الجاد: حريص على اغتنام وقته؛ فهو يدرك قيمة عمره، قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: «إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما»؛ لذلك كان السلف -رحمهم الله- عندهم حرص على اغتنام الأوقات في كل ما يمكن عمله. ومن علامات الشاب الجاد: الاهتمام بالمسؤوليات؛ لأنه يعلم أن الواجبات التي عليه كثيرة، فإنه لابدّ من إعطاء كل ذي حق حقه، وهذا لابدّ من ترتيب للوقت؛ ولذلك عمر - رضي الله عنه - لما قال: «إن لله عملا في الليل لا يقبله في النهار، وعملا في النهار لا يقبله في الليل» (المصنف لابن أبي شيبه: 3).
ثم من صفات الشاب الجاد، أنه دائم الارتقاء؛ فبعض الشباب في مسيرتهم متذبذبون، تارة ينزل، وتارة يصعد، بينما الشخص الذي يعمل باستمرار وعنده جدية يرتقى باستمرار، قال إبراهيم الحربي -رحمه الله-: «لقد صحبت أحمد بن حنبل عشرين سنة صيفًا، وشتاء، وحرا، وبردًا، وليلاً، ونهارًا، فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس. ومن صفات الجادين: أن عملهم أكثر من كلامهم، فإذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد غير ذلك فتح عليه باب الجدل، وأغلق عنه باب العمل.

الله -تعالى- أمرنا بالجِدّ الله -تعالى- أمرنا بالجد كما أمر من قبلنا، وقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} (البقرة: 63) أي: بجد واجتهاد، فلا بدّ من المبادرة، والعمل، والتحذير البالغ من التفريط، والإهمال، والكسل؛ لأن الندم هو العاقبة، قال الله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} (المؤمنون: 99 - 100).
المثابرة في فكر الصديق - رضي الله عنه - لما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق - رضى الله عنه - إلى الإسلام فأسلم، إذا بالصديق - رضي الله عنه - يستشعر المسؤولية، ويجدُّ في الدعوة الفردية، فيسلم على يديه صفوة من خيار الصحابة: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد الله؛ رضي الله عنهم فكانوا نعم الأعمدة الشامخة لدعوة الله، ونصرة الإسلام؛ فأبو بكر الصديق - رضي الله عنه - كان قوي الهمة والإرادة، وكان يقول عن نفسه: «والله ما نمت فحلمت، ولا سهوت فغفلت، وإنني على الطريق ما زغت»، هذه الكلمات تعبر عن مدى تغلغل مفهوم الإخلاص والمثابرة في نفس أبي بكر]؛ فالعمر قصير والهدف سام، ولا وقت للهزل، فمن جد وجد.
الجدّية صفة لازمة للشباب الجدية صفة أساسية وخلق لازم للشباب؛ حيث تطبع بصماتها على جُل مواقفهم وأحوالهم، ونلمس هذا المعنى من ذلك النداء الرباني في قوله -تعالى-: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (مريم: 12)، يقول الإمام ابن كثير: تعلم الكتاب بقوة، أي بجد وحرص واجتهاد، {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم: 12) أي الفهم والعلم، والجد والعزم، والإقبال على الخير والانكباب عليه، والاجتهاد فيه، وهو صغير حدث.
خطر الهزل على الشباب عدم الجدية يؤدي إلى الوقوع في المعصية والنفاق والعياذ بالله، فسبب المعصية الأولى هو النسيان وقلة العزم والجدية، وهذا يتقاسمه كل بني البشر، وهي المنافذ الأولى التي يخترقها الشيطان من الإنسان، {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (طه: 115)؛ لذا كان الرسل ودعواتهم على مستوى من الجدية بقدر ما يمنع عنهم الخطأ ويحقق العصمة، وتفاوت بعضهم في العزم حتى تميّزوا بـ»أولوا العزم من الرسل»، ولو تأملنا آيات القرآن الكريم ونظرنا إلى أهم صفات المنافقين، وأول ملحظ تلحظه هو انعدام الجدية من حياة هؤلاء، قال -تعالى- {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } (التوبة: 65)، وكذا عند معرض وصفه لعبادتهم: قال -تعالى- {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء: 142).
احذر هذه العوائق!

قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الواجب على الشباب في كلِّ حين الحذر من العوائق التي تعوق الإنسان في سيره إلى الله وبلوغه رضوانه، وهي عوائق ثلاثة خطيرة: الشرك بالله، والبدعة في الدين، والمعاصي بأنواعها. أما عائق الشرك فإن التخلص منه يتم بإخلاص التوحيد لله وإفراده -جلّ وعلا- بالعبادة، وأمَّا عائق البدعة فيتم التخلص منه بلزوم السنة والاقتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما عائق المعصية فيتم التخلص منها بمجانبتها وبالتوبة النصوح منها عند الوقوع فيها.
الجدية أمر لازم لإنجاز المهام إن الجدية أمر لازم لإنجاز المهام وتحقيق الأهداف، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من العجز والكسل فقال: أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من عذاب القبر»، وإن النوم والترف والكسل أحد الأسباب التي أقعدت الأمة، وأخرتها عن ركب الأمم مع أن مكانها صدارة الأمم وريادتها، وهكذا كانت، والمطلوب أن نزكي هذه القيمة ونعلي منها لتزداد تعمقاً وتجذراً في نفوسنا.
التسويف معول هدم للجدية ينبغي أن يكون الشاب حذرًا من الأمور التي تقضي على الجدية في حياته، ومن أهمها التسويف، فكلما جاء طارق الخير صرفه: لعل، وعسى، وكلما جاءك خاطرك خير جاء لك الشيطان ببواب: لعل، وعسى، بعدين، سوف، لعل، فرصة قادمة، وهكذا لا يزال يثبطك حتى تترك العمل، والإنسان إذا أراد أن يقاوم التسويف: يعلم أن الفرصة التي تأتي الآن ربما لا تأتي بعد ذلك.
الترويح عن النفس لا ينافي الجدية الجدية لا تعني ألا يكون هناك أوقات للترويح عن النفس؛ لأن النفوس إذا كلت عميت؛ ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعقيبًا على السماح للسيدة عائشة -رضي الله عنها- بالنظر إلى ألعاب الحبشة-: «ليعلم يهود أن في ديننا فسحة». وكان العلماء من السلف يذكرون الملح والطرائف في أثناء دروس العلم حتى لا يمل طالب العلم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمزح ولا يقول إلا حقا، وكان إذا أعجبه شيء تبسم.
تساهل الشباب في مصاحبة أصدقاء السوء
يتساهل بعض الشباب في مصاحبة أصدقاء لا دين لهم ولا أخلاق، فيترتَّب على ذلك كثير مِن المفاسد؛ فالصديق السُّوء له أثرٌ سيِّئ على صاحبه، وإن مجالسة الأصدقاء الصالحين ومرافقتَهم خيرُ وسيلةٍ للاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم؛ فللأصدقاء تأثيرٌ كبير على مَن في سنِّهم؛ فالصديق الصالح له أثر طيب على صاحبه؛ من أجل ذلك حثنا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق.

ابو وليد البحيرى
2025-01-08, 06:23 AM
تحت العشرين -1249


الفرقان

الشباب والإحسان
من الأخلاق العظيمة التي يجب على الشباب التمسك بها خلق الإحسان؛ فالإحسان خُلقٌ جميل؛ فالمحسن لا يؤذي أحدًا، وإن آذاه أحد عفا وصبر وصفح وغفر، وإذا عامل الناس عاملهم بالفضل والإحسان، فيعطيهم وإن منعوه، ويَصِلهم وإن قطعوه، ويمنّ عليهم وإن حرَموه، وإنما كان كذلك؛ لأنه كان بالله غنياً، وبه راضياً، ومنه قريباً، ولديه حبيبًا.
فمَن أحسن مع الله أحسن مع الناس، ووجد في قلبه سهولة الإحسان إليهم، كما قال -تعالى-: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34-35)، ومن أهم أنواع الإحسان التي يجب على الشباب التخلق بها، الإحسان في العبادة، ومعناها أن يأتي بها على الوجه المشروع دون زيادة ولا نقصان، فيتقن صلاته وزكاته وحجه وصيامه، وأن يحسن في كل قول أو عمل يتقرب به إلى ربه -سبحانه-.
كتب الله الإحسان على كل شيء لقد كتب الله الإحسان على كل شيء، فما من قول أو عمل يقوم به المسلم إلا ويجب عليه أن يحسنه ويتقنه، سواء كان ذلك في العبادات والطاعات، أم في أمور الحياة؛ لقوله النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»، فالإحسان واجب في كل شيء، في الأقوال والأفعال والأخلاق والمعاملات، والفساد منهي عنه في كل شيء، قال -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: 90).
حقيقة الإحسان الإحسان هو إتقان العمل، وبذل الجهد لإجادته ليصبح على أكمل وجه، ويعد الإحسان مرتبة عالية من مراتب الدين الثلاثة، بعد الإسلام والإيمان، فقد ورد في السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعريف الإحسان-: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، وقال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (سورة النحل٩٠).
ما لا يسع الشباب جهله في العقيدة من أمور العقيدة التي يجب على الشباب تعلمها توحيد الله -عز وجل-، ومعرفة أصول التوحيد وأقسامه، ومن أنواع التوحيد التي يجب على الشباب فهمها والعمل بمقتضاها: توحيد الألوهية، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: «أما توحيد الألوهية: فهو توحيد الله بأفعالك أنت، تخصه بالعبادة دون كل ما سواه، من صلاة، وصوم، ودعاء، ونذر، وزكاة، وحج، وغير ذلك، وهو معنى لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق إلا الله، وهو أن تخص ربك بأفعالك، بعباداتك، بقرباتك، لا تدعو مع الله إلهًا آخر، لا تعبد معه سواه من شجر، أو حجر، أو صنم، أو نبي، أو ولي، فلا تدعُ غير الله».
من الواجبات العظيمة للشباب

قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: من الواجبات العظيمة التي يجب على الشباب الاعتناء بها: بر الوالدين والإحسان إليهما، وصلة الرحم، وإكرام الضيف، وصدق الحديث، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء الأمانة، والنصح لكل مسلم، مع الحذر من جميع ما حرم الله، ومن واجب الشباب أن ينشؤوا على ذلك، وأن يوطنوا أنفسهم على الخير، وأن يجاهدوها في هذا المقام حتى يؤدوا ما أوجب الله، وحتى يبتعدوا عما حرم الله عليهم، ومن ذلك الحذر من المخدرات وسائر المسكرات؛ فإن شرها عظيم، وفسادها كبير؛ فيجب البعد عنها والحذر من مجالسة أهلها؛ لأن المجالسة تجر إلى أخلاق الجليس، فالواجب صحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار.
تجنب أذى المسلمين

قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كما أنَّ الإسلام استسلام لله بالعبودية صلاةً وصيامًا وصدقةً، فهو في الوقت نفسه قيامٌ بحقوق المسلمين وبعدٌ عن أذاهم، فمن تعدى وتجاوز وألحق بإخوانه المسلمين شيئا من الأذى أو التعدي أو الظلم أو نحو ذلك، فقد عرض إسلامه للنقص والضعف بحسب ذلك؛ مما يعرِّض نفسه بذلك لعقوبة الله -سبحانه وتعالى-.
الإحسان إلى الخلق من أنواع الإحسان: الإحسان إلى العباد: بحسن الخُلُق، وصدق التعامل، وبذل النصيحة، وتفريج الكربة، وإعانة الضعيف، وإغاثة الملهوف، وإطعام الجائع، والتصدق على المحتاج، وإرشاد التائه، وتعليم الجاهل، والتيسير على المعسر، والإصلاح بين الناس، إلى غير ذلك من أخلاق الإسلام الرفيعة، وآدابه العظيمة؛ فإنّ مِن أجلّ نعم الله -تعالى- على العبد: أن يوَفقَ مع القيام بحق الله -تعالى- إلى القيام بحقوق عباد الله، من الإحسان إليهم، والسعي في مصالحهم، وبذل المعروف لهم، ومن أقرب الناس الواجب الإحسان إليهم والداك، وذلك: ببرهما وطاعتهما في المعروف، بإيصال الخير إليهما، وكف الأذى عنهما، بالدعاء والاستغفار لهما في حياتهما وبعد موتهما، أحسن إليهما في نظرة العين، ونبرة الصوت وابتسامة الوجه، واحفَظ فيهما وصية ربك -سبحانه-: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (العنكبوت: 8).
المعين على التخلق بخلق الإحسان من أهم الأمور التي تعين الشباب على التخلق بالإحسان استشعار العبد لمراقبة الله -عزوجل-، وأن يعلموا أن الله -عزوجل- معهم، رقيب عليهم، مطلع عليهم في كل زمان وفي كل مكان، قال -تعالى-: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا}. فمَن علم علمَ يقين أنّ الله -عزّوجلّ- ناظر إليه مطّلع على عمله، هل يجدر به بعد ذلك أن يضيع عمله، وأن يفرط فيما يجب عليه؟ أم هو في حاجة إلى من يراقبه من البشر؟ {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}.
أمور تخالف العقيدة من المخالفات التي يقع فيها بعض الشباب، أن يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الخالق، سواء أكان هذا المخلوق حيا أم ميتًا، كأن يطلب شفاء مريض، أو كشف كربة، أو أن يغيثه، أو أن يعيذه، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا كله شرك أكبر، مخرج من الملة بإجماع المسلمين؛ لأنه دعا غير الله، واستغاث به، واستعاذ به، وهذا كله عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله بإجماع المسلمين، وصرفها لغيره شرك، ولأنه اعتقد في هذا المخلوق مالا يقدر عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-.