مشاهدة النسخة كاملة : سؤال في الذي أوصى أهله أن يحرّقوه .
أبو شعيب
2008-09-13, 11:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
يقول ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - في فتح الباري [6/522-523]:
قوله: (فوالله لئن قدر الله عليّ) ، في رواية الكشميهني : (لئن قدر عليّ ربي) . قال الخطابي : قد يستشكل هذا ، فيقال : كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى ؟ والجواب أنه لم ينكر البعث ، وإنما جهل ، فظنّ أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب ، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله . قال ابن قتيبة : قد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين فلا يكفرون بذلك ؛ وردّه ابن الجوزي وقال : جحده صفة القدرة كفر اتفاقاً ، وإنما قيل إن معنى قوله : (لئن قدر الله عليّ) أي : ضيّق ، وهي قوله : { وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } أي : ضيّق ، وأما قوله : (لعلي أضلّ الله) فمعناه : لعلي أفوته ، يقال : ضلّ الشيء إذا فات وذهب ، وهو كقوله : { لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى } ، ولعل هذا الرجل قال ذلك من شدة جزعه وخوفه ، كما غلط ذلك الآخر فقال : أنت عبدي وأنا ربك ، ويكون قوله : (لئن قدّر عليّ) بتشديد الدال أي : قدّر عليّ أن يعذبني ليعذبني ، أو على أنه كان مثبتاً للصانع ، وكان في زمن الفترة ، فلم تبلغه شرائط الإيمان ، وأظهر الأقوال أنه قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه ، حتى ذهب بعقله لما يقول ، ولم يقله قاصداً لحقيقة معناه ، بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي ، الذي لا يؤاخذ بما يصدر منه ، وأبعد الأقوال قول من قال إنه كان في شرعهم جواز المغفرة للكافر .
فهذا الرجل شكّ في قدرة الله على بعثه .. ونوى بفعله أن يضلّ الله تعالى ، فلا يقدر أن يبعثه .
سؤالي هو : أيّ الأعذار أصحّ في هذا الرجل ؟؟
- فعذر ابن الجوزي له لا يستقيم ، وقد دحضه ابن تيمية - رحمه الله - .
- وعذر الخطابي لا يستقيم كذلك ، لأنّ الرجل أراد أن لا يقدر عليه الله .. وليس هو يظن أنه لو فعل ذلك فإن الله يتركه .. بل أراد أن يُعجز الله ، كما هو ظاهر في السياق .
- وعذر من قال إن الله في شريعتهم يغفر للكافر .. وهذا قول باطل معلوم البطلان .
- ويبقى عذران : عذر ابن حجر العسقلاني .. أنه قالها ذاهلاً داهشاً عمّا يقول من شدة خوفه وجزعه ، وعذر ابن قتيبة وابن تيمية أنه جهل صفة من صفات الله التي يعذر الله فيها بالجهل .
فعليه ، يكون السؤال هنا .. هل الاعتقاد أن الله على كل شيء قدير من أصل الدين ؟ .. بمعنى ، من يظنّ أن الله يقدر في أحوال دون حال .. وأنه يُعجزه بعض الشيء ، أو يُمكن أن يُضلّه الناس .. فهل هذا وحّد الله في صفة القدرة ؟
كحال رجل قال : الله خلق الناس أجمعين ولم يخلقني .. فهل هذا قد وحّد الله في صفة الخلق ؟
ومعلوم أن الصفات السبعة التي قررها الأشاعرة ، هي ما تترتب عليها استحقاق الله تعالى للألوهية .. كصفة الخلق والقدرة .. إلى آخره .
وقد رأيت من العلماء المتأخرين من رجّح قول ابن حجر العسقلاني ، ولكن هناك إشكال ..
لو كان قالها فرَقاّ وجزعاً كما يزعم ابن حجر ، فهذا يعلم من قرائن حاله .. فلا يمكن أن يستجيب له بنوه ..
وثانياً : لا يُمكن أن يسأله الله تعالى عن شيء لم يقصده ، وقاله وهو يهذي ، فإن الله - عز وجل - يقول : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }[الأحزاب : 5] .. وكان على الرجل أن يقول عندما سأله الله : لم أقصد الذي قلته .. عوضاً عن أن يقول : قلته مخافة منك .
ولكننا يمكن أن نقول : هو معذور بالجهل ، مع كونه لم يكن مسلماً .. وامتحنه الله - تعالى - يوم القيامة ، فغفر له ..
ولكن يعرض هنا إشكال ، وهو : أنه في مسند أحمد جاءت الرواية أن هذا الرجل لم يعمل خيراً قط سوى التوحيد .. فدلّ هذا على أنه موحد .
وإن فتحنا باب العذر بالجهل في جزئية من أصل الدين (وهنا هي في صفة القدرة) .. فسنفتح الباب أيضاً على العذر في جزئيات مسائل الألوهية ..
فمن يحلّ هذه الإشكالات ؟
وجزاكم الله خيراً
أحمد الغزي
2008-09-15, 01:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
يقول ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - في فتح الباري [6/522-523]:
ولكننا يمكن أن نقول : هو معذور بالجهل ، مع كونه لم يكن مسلماً .. وامتحنه الله - تعالى - يوم القيامة ، فغفر له ..
ولكن يعرض هنا إشكال ، وهو : أنه في مسند أحمد جاءت الرواية أن هذا الرجل لم يعمل خيراً قط سوى التوحيد .. فدلّ هذا على أنه موحد .
وإن فتحنا باب العذر بالجهل في جزئية من أصل الدين (وهنا هي في صفة القدرة) .. فسنفتح الباب أيضاً على العذر في جزئيات مسائل الألوهية ..
فمن يحلّ هذه الإشكالات ؟
وجزاكم الله خيراً
حل الاشكالات بسيط ان شاء الله لو التزمنا برد المتشابه للمحكم .. ورد الشبهات بالقطعيات
فإذا علمنا الاصل .. لم يبطله فرع ولا شبهة !!!
"هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب "
فإذا كان عندك القطعيات بالنصوص الصريحة بأنه لا عذر بالجهل في الأصول فكيف يشكل عليك بشبهة دليل وتأويل قول عالم لترد المحكم والاصل بذلك القول المحتمل الصواب والخطأ ؟؟
والصحيح .. أنه إذا تعارض المحكم مع المتشابه يرد المتشابه للمحكم
وإذا تعارضت حوادث الأعيان مع القطعيات .. أُولت لموافقة المحكم
لذلك كي لا تضرب النصوص ببعضها وتحمل كلام العلماء ما لا يحتمل من مخالفة القطعي .. يجب تأويله لما يوافق القطعي .. ولنقل أن قدر بمعنى ضيق ... لو فهمتها هكذا لما وجدت اشكالا
مع ثبوت احدى الروايات بأن هذا الرجل ثبت عنده التوحيد ؟؟
الإمام الدهلوي
2008-09-15, 02:29 AM
أخي أبو شعيب هلا تكرمت ونقلت لي نص الفتوى في ميراث الصبي الذي يموت أحد أبويه فيحكم له بحكم أهل الكتاب أو شيئ قريب من هذا الكلام ... أريد أن أعرف من صاحب هذا القول وأين أجده بارك الله فيك
أبو شعيب
2008-09-15, 04:23 AM
(أحمد الغزي) ،
وهل المحكم يقول إن من شكّ في قدرة الله تعالى فهو يمكن أن يكون مسلماً ؟ .. بل كما ترى أنّ أكثر العلماء الذين ذكرهم ابن حجر ، وهو من بينهم ، يرون أنه لا عذر له بالجهل ..
أما قولك إن الرجل مات على التوحيد .. فليتك قرأت كلّ الموضوع حتى ترى أنني تطرقت إلى ذلك ..
فإن هذه الرواية تعضد قول ابن حجر الذي قال : إنه قالها خوفاً وجزعاً حتى لم يعلم ما قال .. لذلك فهو معذور بانتفاء القصد ، ولم ينقض فعله توحيده .
وقد يفسّرها أصحاب العذر بالجهل ويقولون : متى ما أُعذر المرء ، فإن عذره مانع من انتقاض توحيده ، فيبقى موحداً .
والسؤال المطروح هنا :
هل إذا وجدت رجلاً يشك أن الله خلقه أعذره بالجهل ؟
وهل إذا وجدت رجلاً يشك أن الله على كل شيء قدير أعذره بالجهل ؟
وهل إذا وجدت رجلاً يقول : سأفعل كذا وكذا حتى أضل الله تعالى وأعجزه ، أعذره بالجهل ؟
---------------------
(الإمام الدهلوي) ،
الفتوى هي : الرجل النصراني إذا أسلم وعائلته باقية على كفرها ، فمات أحد أبويه ، فإنه يُحكم له بشريعة النصارى في الميراث ، وليس بشريعة المسلمين .
وقد قال أحد العلماء إن هذه الفتوى كفر .. ولكنه لم يكفّر قائلها .. بل أعذره بالتأويل .
وكل هؤلاء ، قائل الفتوى والحاكم عليها بالكفر ، هم من الأئمة الأعلام .. لذلك رأيت بعض الناس هرب ولم يجب عندما أوردتها له ..
سأبعث هذه الفتوى إليك .. ولن أوردها هنا حتى لا يستغلها من في قلبه مرض ضد الجهلة .. وأستأمنك عليها ، لا تبثها بين الناس ، ولا تجادل بها إلا أصحاب منهج الغلو في التكفير .
أحمد الغزي
2008-09-15, 03:37 PM
(أحمد الغزي) ،
وهل المحكم يقول إن من شكّ في قدرة الله تعالى فهو يمكن أن يكون مسلماً ؟ .. بل كما ترى أنّ أكثر العلماء الذين ذكرهم ابن حجر ، وهو من بينهم ، يرون أنه لا عذر له بالجهل ..
.
سبحان الله .. ألا تعلم بأن القطعي في الشاك في قدرة الله أنه لا يكون مسلماً؟ وأنه لا عذر للجاهل ؟
إذن فالراجح والصحيح أن لا تحمل الكلام هذا المحمل وتحمله بما يوافق القطعي
وكلمة قدر تحتمل ثلاث معاني إثنان يوافقان القطعي والثابت وواحد يخالفه ... فلما نكون منصفين
المعنى الاول قدر .. أي ضيق
المعنى الثاني قدَّر .. بتشديد الدال بمعنى ان شاء الله أو حكم
وكلاهما يجعل امعنى موافقا للنصوص ولا يخالف
أما قدر .. من القدرة فهي التي تعمل الاشكال وتضرب النصوص ببعضها
وحتى الذي حملها على القدرة .. لم يعذره بالجهل بل عذره بالخطأ (انتفاء القصد)وبأنه قالها من الخوف والجزع ولم يعي ما يقول ..
فلماذا نجيد تفصيل المتشابه وتحليله وشرحه .. والخير لنا أن نتركه أو نرده للمحكم والقطعي
؟؟؟!!!
(أحمد الغزي) ،
والسؤال المطروح هنا :
هل إذا وجدت رجلاً يشك أن الله خلقه أعذره بالجهل ؟
وهل إذا وجدت رجلاً يشك أن الله على كل شيء قدير أعذره بالجهل ؟
وهل إذا وجدت رجلاً يقول : سأفعل كذا وكذا حتى أضل الله تعالى وأعجزه ، أعذره بالجهل ؟
.
غريب أمر هذا السؤال
ولكن سأجيبك ..
الأول لا يعذر بجهله وهو كافر
والثاني لا يعذر بشكه وهو كافر
والثالث الذي يريد أن يُعجز الله كافر
ولو رجعنا إلى الحديث .. الأصل أن هذا الرجل ثبت عنده التوحيد .. والله غفر له
والأصل أن الله لا يغفر أن يُشرك به ..
النتيجة الحتمية أن هذا الرجل لم يشك في قدرة الله
انتظر أن تجيب انت عما سألت . .
ونصيحة أرجو أن يتسع صدرك لها ... وأن تسامحني في هذا الشهر الفضيل
دعك من الشبهات التي تجيد جمعها والتزم بالنصوص القطعية
فمسألة الشاك في قدرة الله قطعية ونصوصها ثابتة .. فلماذا نات بالمحتمل وندع القطعي
أبو شعيب
2008-09-15, 04:07 PM
جميل .. بارك الله فيك .. وصلت إلى المتبغى من كل الطرح ..
انظر إلى ما يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 2/490]:
وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : { إنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَقَالَ لِأَهْلِهِ : إذَا مَاتَ فَأَحْرِقُوهُ ، ثُمَّ اُذْرُوَا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ ، وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ . فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا بِهِ كَمَا أَمَرَهُمْ ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ، وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ . ثُمَّ قَالَ : لِمَ فَعَلْت هَذَا ؟ قَالَ مِنْ خَشْيَتِك يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ ؛ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ } . وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَوَاتِرٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، رَوَاهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَالْأَسَانِيدِ ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ، وَحُذَيْفَةَ ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو ، وَغَيْرِهِمْ ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، يَعْلَمُ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّهَا تُفِيدُهُمْ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يَشْرَكهُمْ فِي أَسْبَابِ الْعِلْمِ . فَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ قَدْ وَقَعَ لَهُ الشَّكُّ وَالْجَهْلُ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ؛ بَعْدَ مَا أُحْرِقَ وَذُرِيَ ، وَعَلَى أَنَّهُ يُعِيدُ الْمَيِّتَ وَيَحْشُرُهُ إذَا فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ ؛ وَهَذَانِ أَصْلَانِ عَظِيمَانِ : أَحَدُهُمَا : مُتَعَلِّقٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَالثَّانِي : مُتَعَلِّقٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ يُعِيدُ هَذَا الْمَيِّتَ وَيَجْزِيهِ عَلَى أَعْمَالِهِ ؛ وَمَعَ هَذَا فَلَمَّا كَانَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَمُؤْمِنًا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ وَيُعَاقِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَقَدْ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا - وَهُوَ خَوْفُهُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى ذُنُوبِهِ - غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ .
وقال أيضاً في [مجموع الفتاوى : 35/167]:
وَمِثْلَ الَّذِي قَالَ : إذَا أَنَا مُتّ فَاسْحَقُونِي ، وذروني فِي الْيَمِّ ؛ لَعَلِّي أَضِلُّ عَنْ اللَّهِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُكَفَّرُونَ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ بِالرِّسَالَةِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } وَقَدْ عَفَا اللَّه لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ ؛ وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ فِي الْقَوَاعِدِ الَّتِي فِي هَذَا الْجَوَابِ فِي أَمَاكِنِهَا ، وَالْفَتْوَى لَا تَحْتَمِلُ الْبَسْطَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وقال في [مجموع الفتاوى : 3/231]:
وَالتَّكْفِيرُ هُوَ مِنْ الْوَعِيدِ . فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ تَكْذِيبًا لِمَا قَالَهُ الرَّسُولُ ، لَكِنْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِإِسْلَامِ ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةِ بَعِيدَةٍ . وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكْفُرُ بِجَحْدِ مَا يَجْحَدُهُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ . وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ لَا يَسْمَعُ تِلْكَ النُّصُوصَ ، أَوْ سَمِعَهَا وَلَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ ، أَوْ عَارَضَهَا عِنْدَهُ مُعَارِضٌ آخَرُ أَوْجَبَ تَأْوِيلَهَا ، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا . وَكُنْت دَائِمًا أَذْكُرُ الْحَدِيثَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ : { إذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ، ثُمَّ ذروني فِي الْيَمِّ فَوَاَللَّهِ ، لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبَنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ ، فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : مَا حَمَلَك عَلَى مَا فَعَلْت . قَالَ خَشْيَتُك : فَغَفَرَ لَهُ } . فَهَذَا رَجُلٌ شَكَّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ ، وَفِي إعَادَتِهِ إذَا ذُرِّيَ ، بَلْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يُعَادُ ، وَهَذَا كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، لَكِنْ كَانَ جَاهِلًا لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَكَانَ مُؤْمِنًا يَخَافُ اللَّهَ أَنْ يُعَاقِبَهُ ، فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ . وَالْمُتَأَوِّل ُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ الْحَرِيصُ عَلَى مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ أَوْلَى بِالْمَغْفِرَةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا .
وأخيراً ، قال في [مجموع الفتاوى : 11/408-413]:
وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : { قَالَ رَجُلٌ - لَمْ يُعَجِّلْ حَسَنَةً قَطُّ - لِأَهْلِهِ إذَا مَاتَ فَحَرَقُوهُ ، ثُمَّ أَذَرُّوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ . فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ، وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ : لِمَ فَعَلْت هَذَا ؟ قَالَ : مِنْ خَشْيَتِك يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ ؛ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ } . وَفِي لَفْظٍ آخَرَ : { أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ : إذَا أَنَا مُتّ فَأَحْرِقُونِي ، ثُمَّ اسْحَقُونِي ، ثُمَّ أَذْرُونِي فِي الْبَحْرِ . فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا . قَالَ : فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ . فَقَالَ لِلْأَرْضِ : أَدِّ مَا أَخَذْت ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ . فَقَالَ لَهُ : مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت ؟ قَالَ : خَشْيَتُك يَا رَبِّ . أَوْ قَالَ : مَخَافَتُك ، فَغُفِرَ لَهُ بِذَلِكَ } . وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ : { قَالَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا : أَدِّ مَا أَخَذْت مِنْهُ } . وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَعُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو ، أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : { كَانَ رَجُلٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ . فَقَالَ لِأَهْلِهِ : إذَا أَنَا مُتّ فَخُذُونِي فذروني فِي الْبَحْرِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ ، فَفَعَلُوا . فَجَمَعَهُ اللَّهُ . ثُمَّ قَالَ : مَا حَمَلَك عَلَى الَّذِي فَعَلْت ؟ فَقَالَ : مَا حَمَلَنِي إلَّا مَخَافَتُك . فَغُفِرَ لَهُ } . وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ : { أَنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَلَمَّا يَئِسَ مِنْ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ : إذَا أَنَا مُتّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا ، وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا ، حَتَّى إذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَوَصَلَتْ إلَى عَظْمِي فَامْتَحَشَتْ فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا ، ثُمَّ اُنْظُرُوا يَوْمًا فذروني فِي الْيَمِّ . فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَالَ : لَهُ لِمَ فَعَلْت ذَلِكَ ؟ قَالَ : مِنْ خَشْيَتِك . فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ } . قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو أَنَا سَمِعْته - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ ذَلِكَ . وَكَانَ نَبَّاشًا . فَهَذَا الرَّجُلُ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إذَا تَفَرَّقَ هَذَا التَّفَرُّقَ ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهُ إذَا صَارَ كَذَلِكَ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ إنْكَارِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْكَارِ مَعَادِ الْأَبْدَانِ ، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ ، كَفَرَ . لَكِنَّهُ كَانَ مَعَ إيمَانِهِ بِاَللَّهِ ، وَإِيمَانِهِ بِأَمْرِهِ ، وَخَشْيَتِهِ مِنْهُ ، جَاهِلًا بِذَلِكَ ، ضَالًّا فِي هَذَا الظَّنِّ ، مُخْطِئًا ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ . وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّجُلَ طَمِعَ أَنْ لَا يُعِيدَهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ ، وَأَدْنَى هَذَا أَنْ يَكُونَ شَاكًّا فِي الْمَعَادِ ، وَذَلِكَ كُفْرٌ - إذَا قَامَتْ حُجَّةُ النُّبُوَّةِ عَلَى مُنْكِرِهِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ - هُوَ بَيِّنٌ فِي عَدَمِ إيمَانِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى . وَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ : لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ بِمَعْنَى : قَضَى ، أَوْ بِمَعْنَى : ضَيَّقَ ، فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةَ ، وَحَرَّفَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ . فَإِنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِتَحْرِيقِهِ وَتَفْرِيقِهِ لِئَلَّا يُجْمَعَ وَيُعَادَ . وَقَالَ : إذَا أَنَا مُتّ فَأَحْرِقُونِي ، ثُمَّ اسْحَقُونِي ، ثُمَّ ذروني فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا . فَذَكَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ بِحَرْفِ الْفَاءِ عَقِيبَ الْأُولَى ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ لَهَا ، وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَقْدِرَ اللَّهُ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ . فَلَوْ كَانَ مُقِرًّا بِقُدْرَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ ، كَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ لَهُ ؛ وَلِأَنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ وَالتَّضْيِيقَ مُوَافِقَانِ لِلتَّعْذِيبِ ، وَهُوَ قَدْ جَعَلَ تَفْرِيقَهُ مُغَايِرًا لِأَنْ يَقْدِرَ الرَّبُّ . قَالَ : فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ . فَلَا يَكُونُ الشَّرْطُ هُوَ الْجَزَاءُ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ ذَلِكَ لَقَالَ : فَوَاَللَّهِ لَئِنْ جَازَانِي رَبِّي أَوْ لَئِنْ عَاقَبَنِي رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا ، كَمَا هُوَ الْخِطَابُ الْمَعْرُوفُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ : وَلِأَنَّ لَفْظَ (قَدَرَ) بِمَعْنَى ضَيَّقَ لَا أَصْلَ لَهُ فِي اللُّغَةِ . وَمَنْ اسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ } ، وَقَوْلُهُ : { وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } ، فَقَدْ اسْتَشْهَدَ بِمَا لَا يَشْهَدُ لَهُ . فَإِنَّ اللَّفْظَ كَانَ بِقَوْلِهِ : { وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ } أَيْ اجْعَلْ ذَلِكَ بِقَدْرِ ، وَلَا تَزِدْ وَلَا تَنْقُصْ . وَقَوْلُهُ : { وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } أَيْ : جَعَلَ رِزْقَهُ قُدِرَ مَا يُغْنِيه مِنْ غَيْرِ فَضْلٍ ، إذْ لَوْ يَنْقُصُ الرِّزْقُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَعِشْ . وَأَمَّا (قَدَرَ) بِمَعْنَى (قَدَّرَ) . أَيْ أَرَادَ تَقْدِيرَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، فَهُوَ لَمْ يَقُلْ : إنْ قَدَّرَ عَلَيَّ رَبِّي الْعَذَابَ ، بَلْ قَالَ : لَئِنْ قَدَّرَ عَلَيَّ رَبِّي ، وَالتَّقْدِيرُ يَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : لَئِنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيَّ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ مَا يَنْفَعُهُ وَمَا يَضُرُّهُ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ التَّقْدِيرَ أَوْ التَّضْيِيقَ لَمْ يَكُنْ مَا فَعَلَهُ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ فِي ظَنِّهِ . وَدَلَائِلُ فَسَادِ هَذَا التَّحْرِيفِ كَثِيرَةٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهَا ، فَغَايَةُ مَا فِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِجَمِيعِ مَا يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ ، وَبِتَفْصِيلِ أَنَّهُ الْقَادِرُ ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ يَجْهَلُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَلَا يَكُونُ كَافِرًا .
فهذا ابن تيمية - رحمه الله - يرى الجهل في شيء من مسائل أصل الدين (قدرة الله تعالى وعلمه ، والبعث والحساب) .. وغيره لا يراها كذلك .. كابن الجوزي .. فإنه صرّح أن إنكار البعث وإنكار قدرة الله كفر ، ولم يعذر صاحب هذا الحديث بالجهل ..
وكذلك ابن حجر العسقلاني .. لم يستسغ إعذار هذا الرجل بالجهل ، بل أعذره بانتفاء القصد .
فالسؤال المطروح هنا : هل ابن تيمية - رحمه الله - ضال ومبتدع لأنه رأى العذر بالجهل في حق هذا الرجل في حين لم يره غيره ؟؟
خلوصي
2008-09-15, 04:36 PM
أحسنت أبا شعيب .
أبوزكرياالمهاجر
2008-09-16, 01:26 PM
جزاك الله خيرا أبا شعيب وأحسنت ولونظرت لبقية ألأدلة المعتبرة لمن يعذربالجهل لخرجت بالمزيد
ومن أقوى الأدلة قوله تعالى رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ( البقرة : 286 ) وبقوله تعالى : وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ (الأحزاب:5) وبقول رسول الله : " إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأصَابَ فَلَهُ أجْرَانِ، وَإذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأ فَلَهُ أجْر " (متفق عليه) . وقوله : "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكرِهُوا عَلَيْهِ "( ابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه.)
عبدالله الجنوبي
2008-09-25, 10:09 AM
للمتابعة
أبو شعيب
2008-09-25, 01:15 PM
بارك الله فيكم جميعاً وأحسن إليكم .
الأخ (عبدالله الجنوبي) ،
لا أدري ما الذي تود متابعته والحوار يبدو أنه انتهى عند هذا الحد .. إلا إن أردت متابعتي حتى أشكر الإخوة .. فها قد قلتها ، هل أعجبك هذا ؟ :)
أم معاذة
2008-09-26, 12:08 AM
وَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ : لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ بِمَعْنَى : قَضَى ، أَوْ بِمَعْنَى : ضَيَّقَ ، فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةَ ، وَحَرَّفَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ
هذا جواب عن هذا الاعتراض مأخوذ من كتاب عارض الجهل صـ325 بتصرف
"...بأن نفي أن تكون قدر بمعنى ضيق من لغة العرب يناقض وينافي ما جاء عن أئمة هذه اللغة ، وكذا أئمة التابعين ، من إثبات أن قدر تأتي بمعنى ضيق ، بل هو مروي عن حبر الامة ابن عباس ومجاهد والضحاك واختاره ابن جرير واستشهد عليه بقوله تعالى " ومن قدر عليه رزقه " ومجاهد وقتادة والفراء من علماء اللغة وأبو العباس أحمد بن يحيى - ثعلب - من أئمة اللغة - واعتمده القرطبي وابن كثير والشوكاني من المفسرين ".
ولقد استمعت لشرح كشف الشبهات للشيخ صالح آل الشيخ وقد تطرق لهذا الحديث فقال فيما معناه أن الرجل لم ينكر عموم القدرة وإنما أنكر جزئية منها وهي قدرته سبحانه وتعالى على جمع رماده بعد احراقه وهذا ما ذهب اليه الشيخ الفوزان حفظه الله
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلاما آخر بأن الرجل قال من قال من شدة الجزع والخوف ومثل هذا يعذر كالذي قال من شدة الفرح اللهم انت عبدي وانا ربك وهذا في مجموع الرسائل والمسائل "3/346" ط/دار الكتب العلمية بيروت كما جاء في كتاب عارض الجهل
أبو شعيب
2008-09-26, 12:24 AM
جزاك الله خيراً .
كلام شيخ الإسلام صحيح في أن تأويل كلمة "قدّر" إلى "ضيّق" .. لا يستقيم البتة ..
لا أقول لغة .. ففي اللغة هي تأتي كذلك ، كما جاء في لسان العرب :
وقَدَرَ عليه الشيءَ يَقْدِرُه ويَقْدُره قَدْراً وقَدَراً وقَدَّرَه : ضَيَّقه ؛
لكن من ناحية السياق ، ماذا يقال ؟
فوالله لئن ضيّق الله عليّ ليعذبني عذاباً ؟؟ .. التضييق هو بحد ذاته عذاب .. وكذلك ، حتى لو تأولها المتأولون كما شاؤوا ، فهذا يثبت أن الرجل أراد بتحريقه أن يخلص من تضييق الله عليه .. ونرجع لأصل المسألة وهي : أنه أراد أن يضل الله (كما جاء في بعض الروايات) ، وظنّ أن الله لا يستطيع أن يضيّق عليه .
---
أما قول ابن تيمية في الرسائل والمسائل .. فأرجو أن تأتينا بنصه .. فهو متفق أنه قالها خوفاً وجزعاً (وهذا بنص الحديث) ، ولكن أعذره بالجهل ، ولم يعذره بالخوف أو الجزع الذي قد أوّله العلماء على ذهاب عقله به .
عبدالله الجنوبي
2008-09-26, 05:12 AM
بارك الله فيكم جميعاً وأحسن إليكم .
الأخ (عبدالله الجنوبي) ،
لا أدري ما الذي تود متابعته والحوار يبدو أنه انتهى عند هذا الحد .. إلا إن أردت متابعتي حتى أشكر الإخوة .. فها قد قلتها ، هل أعجبك هذا ؟ :)
جزاك الله خيرا أخي أبا شعيب،
عفوا على الخطأ في العبارة، و إنما كان قصدي زيد إيضاح و تحرير لهذه المسألة، و خاصة علاقتها بأصل الدين.
و هل يمكن القول أن هناك أمور هي من أصل الدين، و لكن مخالفتها لا تدخل في باب عبادة غيرالله و صرف خالص حقه-عزوجل- للمخلوق، وبالتالي يكون العذر فيها وارد كما في هذا الحديث، إن أخذنا بتأويل شيخ الإسلام رحمه الله.
و هذه الأمور التي يدخلها العذر لا ينبغي أن تكون في الكليات وإنما في جزءيات المساءل فقط، كما في الحديث فإنه لم يشك في أصل القدرة و لكنه شك في فرد من أفراده.
و ينطبق هذا التفصيل على من شك في كفر و عدم إسلام بعض المشركين، دون أن يجعله أصلا عاما يدين الله به.
. و يبقى إشكال ألا وهو حد العذر في تلك الجزءيات ؟ فيقينا لا ينطبق على من ظن أن الله لم يخلقه هو مع اعتقاده أن غيره قد خلقه الله ؟ فهل هذا الفرد خارج نطاق التفصيل لكونه لا ينفك عن اعتقاد أن مع الله خالقا آخر-وهذا الذي يظهر لي- ؟
. هذه إشكالات أود مشاركت الإخوان للإجابة عنها و بيان وجه الصواب من الخطأ فيها... و أعتذر عن ركاكة التعبير فهذا مبلغي من العلم- أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا- و جزاكم الله خيرا
أبو شعيب
2008-09-26, 05:55 AM
وإياك أخي الكريم ..
بصراحة أخي لا أستطيع أن أرجّح بين قول من قال إنه قالها هجراً وهذياناً حتى لم يعلم ما قال ، وبين من قال إنه جهل ذلك ..
فكلا القولين يُمكن أن يعترض عليه ، كما بيّنت في أصل الموضوع .
هل يمكن أن يعتقد أحد أن الله ليس على كل شيء قدير ، ثم هو يبقى مسلماً ؟؟ .. أو يعتقد أنه يمكنه أن يُضلّ الله فيُعجزه فيفلت من عذابه ، ثم هو يبقى مسلماً ؟
لذلك ترى أن كثيراً من العلماء لم يستسغ إعذار هذا الرجل بالجهل .. حتى من المعاصرين ممن وقفت على كلامهم ، نبذوا كلام ابن تيمية وأخذوا بكلام ابن حجر وابن الجوزي .
ثم صفة القدرة وصفة العلم من أصل أصول الربوبية ، فالقدح فيها إنما هو قدح في ربوبية الله - تعالى - التي ينبني عليها استحقاقه للعبادة .
ولكنني كنت قد ذكرت في مشاركة سابقة أن الأعذار الشرعية مستقاة من الشريعة ، وليس من محض العقل ، فقد لا يستسيغ العقل كون بعض الأحوال أعذاراً شرعية ، كحال الإكراه ، ولكن في الشريعة جعله الله رخصة .. فلعّل قول ابن تيمية هو الراجح ، لأنه قد قال مدللاً في [مجموع الفتاوى : 11/411-414]:
وَمَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَجَدَ فِيهَا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَا يُوَافِقُهُ ، كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : { أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قُلْنَا : بَلَى . قَالَتْ : لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا عِنْدِي ، انْقَلَبَ ، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ ، فَوَضَعَهَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، وَبَسَطَ طَرَفَ إزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَاضْطَجَعَ ؛ فَلَمْ يَثْبُتْ إلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي رَقَدْت ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا ، وَانْتَقَلَ رُوَيْدًا ، وَفَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدًا ، فَخَرَجَ . ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا ، فَجَعَلْت دِرْعِي فِي رَأْسِي ، وَاخْتَمَرْت وَتَقَنَّعْت إزَارِي ، ثُمَّ انْطَلَقْت عَلَى إثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ . فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْت ، وَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْت ، فَهَرْوَلَ وَهَرْوَلْت ، وَأَحْضَرَ وَأَحْضَرْت ، فَسَبَقْتُه ، فَدَخَلْت . فَلَيْسَ إلَّا أَنْ اضْطَجَعْت ، فَقَالَ : مَا لَك يَا عَائِشَةُ ، حشيا رَابِيَةً ؟ قَالَتْ : لَا شَيْءَ . قَالَ : لِتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ . قَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَأَخْبَرْته . قَالَ : فَأَنْتَ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْت أَمَامِي ؟ قُلْت : نَعَمْ . فَلَهَزَنِي فِي صَدْرِي لَهْزَةً أَوْجَعَتْنِي . ثُمَّ قَالَ : أَظْنَنْت أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ ؟ قَالَتْ : قُلْت : مَهْمَا يَكْتُمْ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَتَانِي حِينَ رَأَيْت فَنَادَانِي ، فَأَخْفَاهُ مِنْك ، فَأَجَبْته وَأَخْفَيْته مِنْك ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْك ، وَقَدْ وَضَعْت ثِيَابَك وَظَنَنْت أَنَّك رَقَدْت ، وَكَرِهْت أَنْ أُوقِظَك ، وَخَشِيت أَنْ تَسْتَوْحِشِي ، فَقَالَ : إنَّ رَبَّك يَأْمُرُك أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ . قُلْت : كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : قُولِي : السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِين َ ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِ ينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِ رِين ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ } . فَهَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَعْلَمُ اللَّهُ كُلَّ مَا يَكْتُمُ النَّاسُ ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : نَعَمْ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهَا بِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ يَكْتُمُهُ النَّاسُ كَافِرَةً ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ ، وَإِنْكَارِ عِلْمِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ كَإِنْكَارِ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ؛ هَذَا مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ ، وَلِهَذَا لَهَزَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ : أَتَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ ؟ وَهَذَا الْأَصْلُ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كُفْرٌ وَلَكِنَّ تَكْفِيرَ قَائِلِهِ لَا يُحْكَمُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ قَدْ بَلَغَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا تَقُومُ بِهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا .
هذا ، والله أعلم .
أم معاذة
2008-09-26, 04:03 PM
جزاك الله خيراً .
كلام شيخ الإسلام صحيح في أن تأويل كلمة "قدّر" إلى "ضيّق" .. لا يستقيم البتة ..
لا أقول لغة .. ففي اللغة هي تأتي كذلك ، كما جاء في لسان العرب :
لكن من ناحية السياق ، ماذا يقال ؟
فوالله لئن ضيّق الله عليّ ليعذبني عذاباً ؟؟ .. التضييق هو بحد ذاته عذاب .. وكذلك ، حتى لو تأولها المتأولون كما شاؤوا ، فهذا يثبت أن الرجل أراد بتحريقه أن يخلص من تضييق الله عليه .. ونرجع لأصل المسألة وهي : أنه أراد أن يضل الله (كما جاء في بعض الروايات) ، وظنّ أن الله لا يستطيع أن يضيّق عليه .
---
أما قول ابن تيمية في الرسائل والمسائل .. فأرجو أن تأتينا بنصه .. فهو متفق أنه قالها خوفاً وجزعاً (وهذا بنص الحديث) ، ولكن أعذره بالجهل ، ولم يعذره بالخوف أو الجزع الذي قد أوّله العلماء على ذهاب عقله به .
هذا رأي شيخ الاسلام ابن تيمية وعند غيره يستقيم المعنى جدا !
ومعناه ولئن ضيق الله علي، وبالغ في محاسبتي وجزائي على ذنوبي ، ليكونن ذلك .قاله القرطبي في تفسير قوله تعالى " فظن ألن نقدر عليه " تفسير القرطبي5/43
أما أمره بإحراقه فلقد رد العلماء عن هذا الاعتراض بأن الرجل فعل ذلك ليكفر عما قصر في حق الله أي عقابا لنفسه وليس هروبا من تضييق الله كما ذكرت .
وهذا كلام ابن تيمية كما ذكره صاحب عارض الجهل 336
" وهذا الرجل لما كان مؤمنا بالله في الجملة ومؤمنا باليوم الآخر في الجملة ، وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت فهذا عمل صالح وهو خوفه من الله أن يعاقبه على تفريطه ، غفر له بما كان من الإيمان بالله واليوم الآخر ، وإنما أخطأ من شدة خوفه كما أن الذي وجد راحلته بعد إياسه منها أخطأ من شدة فرحه "مجموع الرسائل والمسائل 3/346 ط/دار الكتب العلمية بيروت
أبو شعيب
2008-09-26, 05:30 PM
يا أخت أم معاذة ،
على هذا الرأي ، سنرجع لأصل المسألة وهي : أن الرجل فعل ذلك لئلا يضيّق الله عليه .. بمعنى : فعله كي يفلت من عذاب الله ومحاسبته .. أو كما جاء في رواية أخرى : كي يضلّ الله تعالى .
أما قول ابن تيمية - رحمه الله - في الرسائل والمسائل ، فيبدو أن عنده قولان في المسألة ، والله أعلم .
أم معاذة
2008-09-26, 10:48 PM
أما أمره بإحراقه فلقد رد العلماء عن هذا الاعتراض بأن الرجل فعل ذلك ليكفر عما قصر في حق الله أي عقابا لنفسه وليس هروبا من تضييق الله كما ذكرت .
فهو اعتقد أن هذا سيكون سببا لمغفرة الله له وبالتالي يفلت من عقاب الله
أبو شعيب
2008-09-27, 04:30 AM
على هذا الرأي ، سنرجع لأصل المسألة وهي : أن الرجل فعل ذلك لئلا يضيّق الله عليه .. بمعنى : فعله كي يفلت من عذاب الله ومحاسبته .. أو كما جاء في رواية أخرى : كي يضلّ الله تعالى .
جاء في رواية أخرى : لعلي أضل الله ..
جاء من رواية معاوية بن حيدة القشيري بسند صحيح : إن رجلا كان فيمن كان قبلكم رزقه الله - تبارك وتعالى - مالاً وولداً ، حتى ذهب عصر وجاء عصر . فلما حضرته الوفاة قال : أي بني ، أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب ، قال : فهل أنتم مطيعي ؟ قالوا : نعم ، قال : انظروا إذا مت أن تحرقوني حتى تدعوني فحماً . قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ففعلوا ذلك ، ثم اهرسوني في المهراس ، يومئ بيده . قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ففعلوا والله ذلك . ثم أذروني في البحر في يوم ريح ، لعلي أضل الله ، تبارك وتعالى . قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ففعلوا والله ذلك . فإذا هو في قبضة الله تبارك وتعالى فقال : يا ابن آدم ما حملك على ما صنعت ؟ قال : أي رب مخافتك ، قال : فتلافاه الله تبارك وتعالى بها .
وأظن أن هذا يكفي في دحض ادعاء من قال إنه فعله ليغفر الله له .
ثم وصايته لأهله أن يحرّقوه ، ثم يدقّوا رفاته ، ثم يذروا نصفه في البحر ونصفه في البر .. فيه إشارة إلى إرادته تضليل الله تعالى .
والله أعلم
أم معاذة
2008-09-27, 10:48 AM
جاء في رواية أخرى : لعلي أضل الله ..
وأظن أن هذا يكفي في دحض ادعاء من قال إنه فعله ليغفر الله له .
ثم وصايته لأهله أن يحرّقوه ، ثم يدقّوا رفاته ، ثم يذروا نصفه في البحر ونصفه في البر .. فيه إشارة إلى إرادته تضليل الله تعالى .
والله أعلم
لاحظ أنك بهذا الرد تضطرني لإعادة ردي السابق فعبارة لعلي أضل الله معناها أفوته أي أفوت من عقابه بتكفيري عن الشيء الذي كنت مقصرا فيه اتجاهه.كما أن الذي يشك في قدرة الله لا يكون عنده هذا الهلع والخوف إلى درجة أنه يأمر أهله بتحريقة .وجاء في الحديث من طرق أخرى أن هذا الرجل لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد والشاك في قدرة الله ليس بموحد .
أبو شعيب
2008-09-27, 01:01 PM
طيب .. خيراً إن شاء الله .
وماذا عن الحديث الذي استشهد به ابن تيمية - رحمه الله - كما جاء في [مجموع الفتاوى : 11/411-414]:
وَمَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَجَدَ فِيهَا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَا يُوَافِقُهُ ، كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : { أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قُلْنَا : بَلَى . قَالَتْ : لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا عِنْدِي ، انْقَلَبَ ، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ ، فَوَضَعَهَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، وَبَسَطَ طَرَفَ إزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَاضْطَجَعَ ؛ فَلَمْ يَثْبُتْ إلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي رَقَدْت ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا ، وَانْتَقَلَ رُوَيْدًا ، وَفَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدًا ، فَخَرَجَ . ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا ، فَجَعَلْت دِرْعِي فِي رَأْسِي ، وَاخْتَمَرْت وَتَقَنَّعْت إزَارِي ، ثُمَّ انْطَلَقْت عَلَى إثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ . فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْت ، وَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْت ، فَهَرْوَلَ وَهَرْوَلْت ، وَأَحْضَرَ وَأَحْضَرْت ، فَسَبَقْتُه ، فَدَخَلْت . فَلَيْسَ إلَّا أَنْ اضْطَجَعْت ، فَقَالَ : مَا لَك يَا عَائِشَةُ ، حشيا رَابِيَةً ؟ قَالَتْ : لَا شَيْءَ . قَالَ : لِتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ . قَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَأَخْبَرْته . قَالَ : فَأَنْتَ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْت أَمَامِي ؟ قُلْت : نَعَمْ . فَلَهَزَنِي فِي صَدْرِي لَهْزَةً أَوْجَعَتْنِي . ثُمَّ قَالَ : أَظْنَنْت أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ ؟ قَالَتْ : قُلْت : مَهْمَا يَكْتُمْ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَتَانِي حِينَ رَأَيْت فَنَادَانِي ، فَأَخْفَاهُ مِنْك ، فَأَجَبْته وَأَخْفَيْته مِنْك ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْك ، وَقَدْ وَضَعْت ثِيَابَك وَظَنَنْت أَنَّك رَقَدْت ، وَكَرِهْت أَنْ أُوقِظَك ، وَخَشِيت أَنْ تَسْتَوْحِشِي ، فَقَالَ : إنَّ رَبَّك يَأْمُرُك أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ . قُلْت : كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : قُولِي : السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِين َ ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِ ينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِ رِين ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ } . فَهَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَعْلَمُ اللَّهُ كُلَّ مَا يَكْتُمُ النَّاسُ ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : نَعَمْ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهَا بِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ يَكْتُمُهُ النَّاسُ كَافِرَةً ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ ، وَإِنْكَارِ عِلْمِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ كَإِنْكَارِ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ؛ هَذَا مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ ، وَلِهَذَا لَهَزَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ : أَتَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ ؟ وَهَذَا الْأَصْلُ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كُفْرٌ وَلَكِنَّ تَكْفِيرَ قَائِلِهِ لَا يُحْكَمُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ قَدْ بَلَغَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا تَقُومُ بِهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا .
أبوزكرياالمهاجر
2008-09-27, 04:03 PM
بالنسبة كلام شيخ الاسلام المذكور فى مجموع الرسائل والمسائل :
أقول :كان شيخ الاسلام يتحدث بأن النصوص انما أوجبت عدم المؤاخذة بالخطأ لهذه الأمة وكان كلامه تحت عنوان "التكقير بالخطأ فى الاعتقاديات والاجتهاد فى العمليات"
قلت قسم العلماء الخطأ الى قسمين
الأول: الخطأ فى الفعل كأن ترمى زيدا فتصيب عمرا
والثانى: الخطأ فى القصد كأن ترمى من تظنه كافرا فتجده مسلما كما حدث لإسامة ابن زيد فإن خطأه كان فى قصده لما قتل الرجل الذى نطق بالشهادة ظنا منه أنه قالها تعوذا
وهذا القسم الثانى من أنواع الخطأ (الخطأفى القصد) هو الجهل
قال الطبرى عند تفسير قوله تعالى { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }
القول في تأويل قوله تعالى : { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }
قال أبو جعفر: وهذا تعليم من الله عز وجل عباده المؤمنين دعاءه كيف يدعونه، وما يقولونه في دعائهم إياه. ومعناه: قولوا:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا" شيئا فرضت علينا عمله فلم نعمله=،"أو أخطأنا" في فعل شيء نهيتنا عن فعله ففعلناه، على غير قصد منا إلى معصيتك، ولكن على جهالة منا به وخطأ، كما:-
6509 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، إن نسينا شيئا مما افترضته علينا، أو أخطأنا، [فأصبنا] شيئا مما حرمته علينا. (1)
6510 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل تجاوز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها. (2)
6511 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط قال، زعم السدي أن هذه الآية حين نزلت:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، قال له جبريل صلى الله عليه وسلم: فقل ذلك يا محمد.
.............................
الى أن قال :
وكذلك "الخطأ" وجهان:
= أحدهما: من وجه ما نهي عنه العبد فيأتيه بقصد منه وإرادة، فذلك خطأ منه، وهو به مأخوذ. يقال منه:"خطئ فلان وأخطأ" فيما أتى من الفعل، و"أثم"، إذا أتى ما يأثم فيه وركبه، (1) ومنه قول الشاعر: (2)
الناس يلحون الأمير إذا هم... خطئوا الصواب ولا يلام المرشد (3)
يعني: أخطأوا الصواب = وهذا الوجه الذي يرغب العبد إلى ربه في صفح ما كان منه من إثم عنه، (4) إلا ما كان من ذلك كفرا.
= والآخر منهما: ما كان عنه على وجه الجهل به، والظن منه بأن له فعله، كالذي يأكل في شهر رمضان ليلا وهو يحسب أن الفجر لم يطلع = أو يؤخر صلاة في يوم غيم وهو ينتظر بتأخيره إياها دخول وقتها، فيخرج وقتها وهو يرى أن وقتها لم يدخل. فإن ذلك من الخطأ الموضوع عن العبد، الذي وضع الله عز وجل عن عباده الإثم فيه، فلا وجه لمسألة العبد ربه أن لا يؤاخذه به.أهـ
قلت : وهذا ما أراده شيخ الاسلام فى حق هذا الرجل الذى أصى أهله أن يحرقوه حتى يضل الله أى يعجزه سبحانه وتعالى عن اعادته مرة اخرى وهذا عن خطأ فى قصده (أى جهل) وبهذا تعلم أن شيخ الاسلام لم يختلف قوله فى المسئلة والله اعلم
أبو شعيب
2008-09-27, 05:24 PM
أخي الكريم ،
جزاك الله خيراً على تنبيهك .. فإني قد فطنت إلى مراجعة كلام شيخ الإسلام في جامع الرسائل والمسائل ، فوجدته لم يتغيّر ، بل بقي على قوله الأول بإعذار هذا الرجل بالجهل ..
وكان على صاحب كتاب "عارض الجهل" الذي تنقل منه الأخت أن يورد نص كلامه كاملاً غير مبتور ، حتى يتبيّن منهج الشيخ - رحمه الله - .
هذا هو نص كلامه كاملاً :
وفي الإدلالة الشرعية ما يوجب أن الله لا يعذب من هذه الأمة مخطئاً على خطئه ، وإن عذب المخطئ من غير هذه الأمة ، فقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : { قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات فحرقوه ، ثم ذروا نصفه في البر ، ونصفه في البحر ، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين ، فلما مات الرجل فعلوا به كما أمرهم ، فأمر الله البر فجمع ما فيه ، وأمر البحر فجمع ما فيه ، ثم قال : لم فعلت هذا ؟ قال : من خشيتك يا رب ، وأنت أعلم ، فغفر له } . وهذا الحديث متواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، رواه أصحاب الصحيح والمساند من حديث أبي سعيد ، وحذيفة ، وعقبة بن عامر ، وغيرهم ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة ، يعلم أهل الحديث أنها تفيد العلم اليقيني ، وإن لم يحصل ذلك لغيرهم ، فهذا الرجل قد وقع له الشك والجهل في قدرة الله - تعالى - على إعادة من يصل إلى الحالة التي أمر أهله أن يفعلوها به ، وإن من أحرق وذري لا يقدر الله أن يعيده ويحشره إذا فعل به ذلك ، وأنه ظن ذلك ظناً ولم يجزم به .
وهذا أصلان عظيمان : أحدهما متعلق بالله وهو الإيمان بأنه على كل شيء قدير ، والثاني متعلق باليوم الآخر وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت ، ولو صار إلى ما يقدر صيرورته إليه ، مهما كان ، فلا بد أن الله يحييه ويجزيه بأعماله . فهذا الرجل مع هذا لما كان مؤمناً بالله في الجملة ، ومؤمناً باليوم الآخر في الجملة ، وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت ، فهذا عمل صالح ، وهو خوفه من الله أن يعاقبه على تفريط ، غفر له بما كان معه من الإيمان بالله واليوم الآخر ، وإنما أخطأ من شدة خوفه ، كما أن الذي وجد راحلته بعد إياسه منها أخطأ من شدة فرحه .
فهو ما زال يقرر أن الرجل شكّ في قدرة الله على إحيائه بعد موته ..
فعليه يبقى القول أن شيخ الإسلام - رحمه الله - قوله واحد في المسألة .
والله أعلم
الإمام الدهلوي
2008-09-28, 02:38 AM
من المعلوم أن صفة القدرة هي من الصفات العقلية التي لا يعذر المكلف في جهلها لأنه ينبني على أساسها الإيمان بالله عزوجل وما يستلزم ذلك من إفراد الله بالعبادة دون من سواه .. كما أنه لا يوجد فرق بين الجهل بقدرة الله المطلقة أو جزئياتها .. فمن اعتقد أن الله عزوجل قادر على خلق كل البشر ولكنه جهل أو شك أنه قادر على خلق زيد أو عمرو بعينه فهــذا لا يمكن أن يكوم موحد مسلم .
ولكن بعض أهل العم قد يعذرون عذر الشاك في قدرة الله عزوجل كشيخ الإسلام رحمه الله الذي سبق عرض أقواله في المسألة ومن هؤلاء أيضاً ابن حزم رحمه الله .
فقد قال رحمه الله عن الحواريين : ( فهؤلاء الحواريون الذين أثنى الله عزوجل عليهم قد قالوا بالجهل لعيسى عليه السلام هل يستطيع ربك أن يُنزل علينا مائدة من السماء ؟! ولم يبطل بذلك إيمانهم وهذا مالا مخلص منه وإنما كانوا يكفرون لو قالوا ذلك بعد قيام الحجة وتبيُّنهم لها ) إهـ الفصل في الملل والهواء والنحل:3/253.
أبوزكرياالمهاجر
2008-09-28, 03:53 AM
وقال ابن حزم أيضا : وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أن رجلا لم يعمل خيرا قط فلما حضره الموت قال لأهله إذا مت فأحرقوني ثم ذروا رمادي في يوم راح نصفه في البحر ونصفه في البر فوالله لئن قدر الله تعالى علي ليعذبني عذابا لم يعذبه أحدا من خلقه وأن الله عز جل جمع رماده فأحياه وسأله ما حملك على ذلك قال خوفك يا رب وأن الله تعالى غفر له لهذا القول
قال أبو محمد : فهذا إنسان جهل إلى أن مات أن الله عز و جل يقدر على جمع رماده وإحيائه وقد غفر له لإقراره وخوفه وجهله وقد قال بعض من يحرف الكلم عن مواضعه أن معنى لئن قدر الله على إنما هو لئن ضيق الله على كما قال تعالى وأما إذا ما ابتلاه فقد عليه رزقه
قال أبو محمد وهذا تأويل باطل لا يمكن لأنه كان يكون معناه حينئذ لئن ضيق الله علي ليضيقن على وأيضا فلو كان هذا لما كان لأمره بأن يحرق ويذر رماده معنى ولا شك في أنه إنما أمره بذلك ليفلت من عذاب الله تعالى
أبو شعيب
2008-09-28, 04:12 AM
جزاكما الله خيراً على الإفادة .
ويبقى حديث السيدة عائشة - رضي الله عنها - وجهلها أن الله يعلم ما في صدور البشر .. ما الذي يجيب به غير العاذرين بالجهل في الصفات السبعة ؟
ولكن .. حتى لو وجدوا جواباً .. فهل يحقّ لنا أن نقول أن ابن تيمية وابن حزم ، ومن اتبعهما من علماء نجد في هذه المسألة ، كفّار أو ضلاّل لأنهم أعذروا هذا الرجل بالجهل وهو شاك في قدرة الله - تعالى - التي ينبني عليها استحقاقه للعبادة ؟
أبو عبد الرحمن المغربي
2008-09-28, 07:08 AM
لهم أن يجيبوا و قد فعلوا
قالوا:أن الحديث في صحيح مسلم على غير ما أورده ابن تيمية
جاء في رواية مسلم:" قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله، نعم. قال: فإن جبريل أتاني ..."
ثم حتى على اللفظ الذي أورده ابن تيمية فليس هنالك شك فضلاً على الجهل
فمهما لا تفيد الاستفهام بذاتها.
كأن تقول مثلا:" مهما تأخرت فإني منتظرك" فمن تخاطبه إن قال: "نعم" فلا يُفهم من هذا أنك شككت و لا جهلت.
أما إلزامك لهم فبإمكانهم أن يلزموا مخالفهم بما هو أشنع
و هو أنه جمع و قوع الكفر من عائشة رضي الله عنها إلى الجهل وهي أعلم نساء العالمين و هذا بعد أن قضت سنين طويلة في بيت النبوة و قبل ذلك بيت صديق هذه الأمة.
بله نسبة التفريط إلى النبي عليه السلام في تعليم خاصة أهل بيته بديهيات التوحيد و هذا حتى قبيل وفاته إذ الحادثة متأخرة جدا.
فكيف يُجيب؟
و أي الالزامين أشنع؟!
المقام ليس مقام إلزام واصل دون هذا وفقك الله .
أبو شعيب
2008-09-28, 09:54 AM
الأخ أبو عبد الرحمن ،
جزاك الله خيراً .. كلامك صائب .. ما شاء الله .
أم معاذة
2008-09-28, 01:49 PM
أخي الكريم ،
جزاك الله خيراً على تنبيهك .. فإني قد فطنت إلى مراجعة كلام شيخ الإسلام في جامع الرسائل والمسائل ، فوجدته لم يتغيّر ، بل بقي على قوله الأول بإعذار هذا الرجل بالجهل ..
وكان على صاحب كتاب "عارض الجهل" الذي تنقل منه الأخت أن يورد نص كلامه كاملاً غير مبتور ، حتى يتبيّن منهج الشيخ - رحمه الله - .
هذا هو نص كلامه كاملاً :
فهو ما زال يقرر أن الرجل شكّ في قدرة الله على إحيائه بعد موته ..
فعليه يبقى القول أن شيخ الإسلام - رحمه الله - قوله واحد في المسألة .
والله أعلم
على رسلك - هداك الله - ليس هناك أي بتر - إن شاء الله - وصاحب الكتاب نقل الفقرة التي يرى فيها أن ابن تيمية قال بأن الخوف هو ما جعل الرجل يقول ما قاله ، وأنا بإمكاني أن أنقل نفس النص الذي نقلته وأضع الكلام الذي أود إيصاله باللون الأحمر ولا أحد سوف يقول أن هناك بتر !!
وللتنويه فقط فإن صاحب كتاب العارض لم ينقل كلام ابن تيمية للاستشهاد به بل هو رد على هذه المعارضة التي أتى بها ابن تيمية وابن حزم والذين أخذا بظاهر الحديث ، وإنما نبه إلى أن ابن تيمية له أقوال في هذه المسألة، لا غير ، وسواء كان لابن تيمية قول واحد أو قولان فالمهم هو المعارضة وبيان بطلانها .
أما بالنسبة لحديث عائشة فأرجو منك فتح صفحة أخرى خاصة به لأنه لا ينطبق مع عنوان الموضوع والله أعلم .
أبوزكرياالمهاجر
2008-09-28, 02:35 PM
وللتنويه فقط فإن صاحب كتاب العارض لم ينقل كلام ابن تيمية للاستشهاد به بل هو رد على هذه المعارضة التي أتى بها ابن تيمية وابن حزم والذين أخذا بظاهر الحديث ، وإنما نبه إلى أن ابن تيمية له أقوال في هذه المسألة، لا غير ، وسواء كان لابن تيمية قول واحد أو قولان فالمهم هو المعارضة وبيان بطلانها .
.
الظاهر أنه ليس لشيخ الاسلام الا قول واحد فى المسئلة وما نقله صاحب عارض الجهل أوهم به أن له قولا آخر كما فعل صاحب كتاب الجواب المفيد وهذا غلط فكلامه فى الفتاوى متفق مع كلامه فى مجموع الرسائل والمسائل فأين معارضة كلامه الأول لكلامه الثانى هذا ما ننفيه أما معارضة غيرهما لهم فهو ثابت لا ننفيه والمهم هو تحقيق قول شيخ الاسلام
وكون الرجل فعل هذا خوفا من الله فلم ينكر ذلك أحد لا شيخ الاسلام ولا غيره فلا تأثير له
أم معاذة
2008-09-28, 06:28 PM
هذا ما ظهر لك أو ظهر لغيرك ، وهناك آخرون ظهر لهم خلاف هذا، وليس المهم تحقيق كلام ابن تيمية بل المهم هو الرد على الشبهة التي هي أصل الموضوع.
أبو شعيب
2008-09-29, 05:40 AM
أم معاذة ، صدقت .. فبارك الله فيك .
مع كراهتي لمخالفة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ، إلا أن الظاهر أن الأصوب هو ما قاله المخالفون ، وأن هذا الرجل لم يُعذر بالجهل .. بل إما أُعذر بانتفاء القصد أو أن لكلامه تأويلاً آخر صالحاً .
ولكن يتبيّن لنا أيضاً من مذهب ابن تيمية ومن حذا حذوه أنه يعذر في مسائل أصل الدين .. في بعض جزئياتها .
فهو مذهب من المذاهب المعتبرة عند السلف ، فلا يحقّ لأحد تبديع أو تضليل أحد في ذلك إن اعتمد على الدليل الصحيح .
والله أعلم .
أم معاذة
2008-09-30, 05:50 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفيكم بارك الله
من قال أنه مذهب آخر للسلف ؟
وكيف نجعل كلاما لأفراد من الناس مذهبا آخرا للسلف؟
ابن تيمية وغيره ممن أخذوا هذين الحديثين على ظاهرهما أخطأوا وخطؤهم مردود عليهم .
والفرق بين ابن تيمية وبين من يرى عموم الإعذار بالجهالة أن ابن تيمية لا يرى العذر بالجهل لعباد القبور أو الذين يصرفون نوعا من أنواع العبادة لغير الله ، بل يكفرهم ويتبرأ منهم .ومنهجه في هذا هو منج أهل السنة والجماعة أن العذر لا يكون إلا في حالات نادرة كمن يقيم ببادية بعيدة أو حديث عهد بالإسلام.
ونحن وللأسف نرى أن هناك من يعذر حافظ القرآن بالجهل إن وقع منه كفرا أكبر معلوما من الدين بالضرورة !
وكما قال الشيخ الفوزان حفظه الله تعالى في شرحه لنواقض الإسلام العذر بالجهل الآن لا وجود له لكثرة الوسائل وانتشارها بين الناس من أشرطة وكتب وقنوات وانترنت ومراكز وغيرها كثير
أبو شعيب
2008-09-30, 08:59 PM
عندما نقول إنه مذهب آخر للسلف لا يعني ضرورة أنه صائب .. فالحق طريق واحد ، وما خالفه خطأ وباطل .. ولكن المرء قد يجتهد ويُعمل ما عنده من أدلة فيخطئ .. فيكون مذهبه خاطئاً في هذه المسألة .
والسلف هؤلاء هم ابن تيمية وابن حزم وابن قتيبة وابن القيم ومن وافقهم من علماء .. ومذهبهم مشهور .. حتى أخذ به كثير من علماء نجد .
والسلف المعني بهم هنا هم سلف المنهج ، وليسوا سلف القدوة من أصحاب القرون الثلاثة المفضلة .
ولكنني أعجب حقاً من بعض العلماء الذين يعذرون الشاكّ في قدرة الله تعالى بالجهل ، ولا يعذرون من وقع في بعض أنواع العبادة لغير الله .. أليس هذا من التناقض ؟ .. حيث إن كلتا المسألتين من أصل الدين الذي لا يعذر أحد بنقضه .
وإذا أسقطنا الإعذار بالجهل في هذا الباب ، فيلزمنا تكفير كثير من الطوائف المنتسبة إلى الإسلام المعطلين لبعض صفات الكمال في الله - عز وجل - ..
أبوالضحاك المهاجر
2008-10-01, 01:55 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين : ( واحتج بعض من يُجادل عن المشركين ، بقصة الذي قد أوصى أهله أن يُحرقوه بعد موته ، على أن من أرتكب الكفر جاهلاً لا يكفر ، ولا يكفر إلاَّ المُعاند .
والجواب على ذلك كله : أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله مبشرين ومنذرين ، لئلا يكون للناس على الله حُجة بعد الرُسل ، وأعظم ما أُرسلوا به ودعوا إليه : عبادة الله وحده لا شريك له ، والنهي عن الشرك الذي هو عبادة غيره ، فإن كان مُرتكب الشرك الأكبر معذوراً لجهله ، فمن الذي لا يُعذر ؟! … وأما الرجل الذي أوصى أهله أن يُحرِّقوه ، وأن الله غفر له مع شكه في صفة من صفات الرب تبارك وتعالى ، فإنما غفر له لعدم بلوغ الرسالة له ، كذلك قال غير واحد من العلماء ؛ ولهذا قال الشيخ تقي الدين : من شك في صفة من صفات الرب تعالى ، ومثله لا يجهله كفر ، وإن كان مثله يجهله لم يكفر ، قال : ولهذا لم يُكفِّر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الشاك في قُدرة الله تعالى ، لأنه لا يكفر إلاَّ بعد بلوغ الرسالة ، وكذلك قال أبن عقيل ، وحمله على أنه لم تبلغه الدعوة . واختار الشيخ تقي الدين في الصفات : أنه لا يكفر الجاهل ، وأما في الشرك ونحوه فلا ، كما ستقف على بعض كلامه إن شاء الله تعالى ، وقد قدمنا بعض كلامه في الاتحادية وغيرهم ، وتكفيره من شك في كفرهم . قال صاحب اختياراته : والمُرتد من أشرك بالله ، أو كان مُبغضاً لرسوله صلى الله عليه وسلم ، أو لما جاء به ، أو ترك إنكار كُل منكر بقلبه ، أو توهم أن من الصحابة من قاتل مع الكُفار ، أو أجاز ذلك ، أو أنكر فرعاً مجمع عليه إجماعاً قطعياً ، أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم ، كفر إجماعاً . ومن شك في صفة من صفات الله تعالى ، ومثله لا يجهلها فمرتد ، وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتد ، ولهذا لم يُكفر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الشاك في قدرة الله ، فأطلق فيما تقدم من المكفرات ، وفرق في الصفة بين الجاهل وغيره ، مع أن رأي الشيخ : أن التوقف في تكفير الجهمية ونحوهم ، خلاف نصوص أحمد وغيره من أئمة الإسلام . قال المجد رحمه الله تعالى : كل بدعة كفرنا فيها الداعية ، فإنا نُفسق المُقلد فيها ، كمن يقول : بخلق القرآن ، أو أن علم الله مخلوق ، أو أن أسمائه مخلوقة ، أو أنه لا يُرى في الآخرة ، أو يسب الصحابة رضي الله عنهم تديناً ، أو أن الإيمان مُجرد الاعتقاد ، وما أشبه ذلك ، فمن كان عالماً في شئ من هذه البدع يدعوا إليه ، ويناظر عليه ، محكوم بكفره نص أحمد على ذلك في مواضع ، انتهى . فأنظر كيف حكم بكفرهم مع جهلهم ) .الدرر السنية 12 / 68 _ 74 .
ـ قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله : ( وحديث الرجل الذي أمر أهله بتحريقه كان موحداً ليس من أهل الشرك ، فقد ثبت من طريق أبي كامل ، عن حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة (( لم يعمل خيراً قط إلاَّ التوحيد)) ، فبطل الاحتجاج به في مسألة النـزاع ) منهاج التأسيس والتقديس ص 218
و الله أعلم
عبدالله الجنوبي
2008-10-01, 01:57 AM
ولكنني أعجب حقاً من بعض العلماء الذين يعذرون الشاكّ في قدرة الله تعالى بالجهل ، ولا يعذرون من وقع في بعض أنواع العبادة لغير الله .. أليس هذا من التناقض ؟ .. حيث إن كلتا المسألتين من أصل الدين الذي لا يعذر أحد بنقضه .
..
أخي لدي سؤال:
.ما هو دليل إدخال الإيمال بكمال قدرة الله على كل شيء في أصل الدين ؟ و جزاك الله خيرا
أم معاذة
2008-10-01, 04:02 PM
دعنا نقسم ردك لأستوضح بعض الأمور التي عميت علي :
عندما نقول إنه مذهب آخر للسلف لا يعني ضرورة أنه صائب .. فالحق طريق واحد ، وما خالفه خطأ وباطل .. ولكن المرء قد يجتهد ويُعمل ما عنده من أدلة فيخطئ .. فيكون مذهبه خاطئاً في هذه المسألة .
..
وعليه فهو ليس مذهبا آخر للسلف ، إذ لا يعقل أن يكون الرأي الخطأ مذهبا للسلف، ولكن نقول رأيه واجتهاده وهو مخطئ فيه.
والسلف هؤلاء هم ابن تيمية وابن حزم وابن قتيبة وابن القيم ومن وافقهم من علماء .. ومذهبهم مشهور .. حتى أخذ به كثير من علماء نجد .
..
إذا كنت تقصد مسألة "عموم الإعذار بالجهالة" فأنت مخطئ فهذا ليس مذهب ابن القيم ولا ابن تيمية ،أما ابن قتيبة وابن حزم فالله أعلم وحتى ولو كان كذلك فهم مخطئون فالمسألة ليست خلافية كما قال العلامة ابن باز - رحمه الله -
والسلف المعني بهم هنا هم سلف المنهج ، وليسوا سلف القدوة من أصحاب القرون الثلاثة المفضلة .
..
أرجو أن توضح لي هذا التقسيم لأني أسمع به لأول مرة .
أبو شعيب
2008-10-01, 07:15 PM
أخي لدي سؤال:
.ما هو دليل إدخال الإيمال بكمال قدرة الله على كل شيء في أصل الدين ؟ و جزاك الله خيرا
أصل الدين هو الإقرار المطلق التام بألوهية الله - عز وجل - .. ومن خالف في ذلك فقد أشرك بالله - عز وجل - .
وقد قال الله تعالى : { قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، إله الناس } .. فجعل الألوهية مبنية على الربوبية .
فكل من اتصف بالربوبية فهو إله ولا بد .. لذلك يستدل الله دوماً بربوبيته في إثبات ألوهيته .
فإن علمت ذلك ، علمت أن الأصل في الله - عز وجل - هو الربوبية .. وباقي الأصول مبنية على هذا الأصل العظيم بناء استحقاق .
وبمعنى آخر .. فالألوهية تبع للربوبية .. فمن شكّ في بعض جوانب ربوبية الله - سبحانه وتعالى - ، فقد شكّ كذلك في جانب من جوانب الألوهية .
ومثالنا هنا هو في عبادة الخوف ..
من شكّ في قدرة الله على بعث الأجساد .. انتفى عنده الخوف من الله في هذه المسألة (والخوف عبادة) .. فانتفت ألوهية الله تعالى فيها .. فقد نقض أصل الدين من هذه الناحية .
كما أن من شكّ في قدرة الله في مسألة ما ، انتفى فيها رجاؤه ..
أرجو أن تكون قد توضحت المسألة لك .
أبو شعيب
2008-10-01, 08:14 PM
وعليه فهو ليس مذهبا آخر للسلف ، إذ لا يعقل أن يكون الرأي الخطأ مذهبا للسلف، ولكن نقول رأيه واجتهاده وهو مخطئ فيه.
كيف لا يمكن أن يكون الرأي الخطأ مذهباً للسلف ؟ .. والسلف بشر يخطئون ويصيبون ؟ .. وخلافات السلف كثيرة في المسائل الفقهية ، بعضها خطأ وبعضها صواب .. وكلا الرأيين مذهب من مذاهبهم .
قال ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 3/229-230] :
وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَتَنَازَعُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ لَا بِكُفْرِ ، وَلَا بِفِسْقِ ، وَلَا مَعْصِيَةٍ . كَمَا أَنْكَرَ شريح قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } وَقَالَ : إنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَبُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِي فَقَالَ : إنَّمَا شريح شَاعِرٌ يُعْجِبُهُ عِلْمُهُ . كَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَعْلَمَ مِنْهُ ، وَكَانَ يَقْرَأُ { بَلْ عَجِبْتَ } . وَكَمَا نَازَعَتْ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الصَّحَابَةِ فِي رُؤْيَةِ مُحَمَّدٍ رَبَّهُ ، وَقَالَتْ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ . وَمَعَ هَذَا لَا نَقُولُ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُنَازِعِينَ لَهَا : إنَّهُ مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ . وَكَمَا نَازَعَتْ فِي سَمَاعِ الْمَيِّتِ كَلَامَ الْحَيِّ ، وَفِي تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَقَدْ آلَ الشَّرُّ بَيْنَ السَّلَفِ إلَى الِاقْتِتَالِ . مَعَ اتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّة عَلَى أَنَّ الطَّائِفَتَيْن ِ جَمِيعًا مُؤْمِنَتَانِ ، وَأَنَّ الِاقْتِتَالَ لَا يَمْنَعُ الْعَدَالَةَ الثَّابِتَةَ لَهُمْ ، لِأَنَّ الْمُقَاتِلَ وَإِنْ كَانَ بَاغِيًا فَهُوَ مُتَأَوِّلٌ وَالتَّأْوِيلُ يَمْنَعُ الْفُسُوقَ .
والمسائل الخلافية بينهم أكثر من أن يحصرها هذا المقام ، ولكنني أنصحك بكتاب : رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، وسترين فيه مسائل كثير مما تنازع فيها السلف ..
فقولي : إنه مذهب من مذاهب السلف لا يعني ضرورة أنه صحيح .. بل قد يكون باطلاً إن خالف الدليل .
إذا كنت تقصد مسألة "عموم الإعذار بالجهالة" فأنت مخطئ فهذا ليس مذهب ابن القيم ولا ابن تيمية ،أما ابن قتيبة وابن حزم فالله أعلم وحتى ولو كان كذلك فهم مخطئون فالمسألة ليست خلافية كما قال العلامة ابن باز - رحمه الله -
نحن نتكلم في مسألة إعذار من شكّ في بعض قدرة الله تعالى ، كحال ذلك الرجل (على مذهب ابن تيمية).. وليس الإعذار في عموم المسائل .
فهو ، وإن كان مذهباً باطلاً ، إلا أنه أحد مذاهب السلف .. ولا يحقّ لأحد تشنيع أو تضليل القائل به .
أرجو أن توضح لي هذا التقسيم لأني أسمع به لأول مرة .
السلف نوعان : سلف القدوة ، وهم أصحاب القرون الثلاثة المفضلة .. والذين كلامهم حجّة إن لم يخالفه دليل أو من هو مثله .
وسلف المنهج : وهم الذين لا يقوم كلامهم مقام الدليل ، ولكن يستأنس به .
وقد اتفق العلماء على تسمية جميع من انتهج نهج السلف بأنه منهم في الوصف .. فيقال إنه من السلف ..
وأذكر أن الشيخ ابن عثيمين سئل يوماً عمّن يقول إن ابن تيمية ليس من السلف .. فأنكر ذلك وقال : كل من انتهج نهج السلف فهو منهم .
هذا ، والله أعلم .
أم معاذة
2008-10-01, 09:29 PM
كيف لا يمكن أن يكون الرأي الخطأ مذهباً للسلف ؟ .. والسلف بشر يخطئون ويصيبون ؟ .. وخلافات السلف كثيرة في المسائل الفقهية ، بعضها خطأ وبعضها صواب .. وكلا الرأيين مذهب من مذاهبهم .
قال ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 3/229-230] :
والمسائل الخلافية بينهم أكثر من أن يحصرها هذا المقام ، ولكنني أنصحك بكتاب : رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، وسترين فيه مسائل كثير مما تنازع فيها السلف ..
فقولي : إنه مذهب من مذاهب السلف لا يعني ضرورة أنه صحيح .. بل قد يكون باطلاً إن خالف الدليل .
.
نحن نتكلم عن الشاك في قدرة الله ، وهذه المسألة من أصول الدين كما قلت أنت بنفسك ، فهل تعتقد أن هناك اختلافا بين العلماء في أصول الدين ؟!
السلف نوعان : سلف القدوة ، وهم أصحاب القرون الثلاثة المفضلة .. والذين كلامهم حجّة إن لم يخالفه دليل أو من هو مثله .
وسلف المنهج : وهم الذين لا يقوم كلامهم مقام الدليل ، ولكن يستأنس به .
وقد اتفق العلماء على تسمية جميع من انتهج نهج السلف بأنه منهم في الوصف .. فيقال إنه من السلف ..
وأذكر أن الشيخ ابن عثيمين سئل يوماً عمّن يقول إن ابن تيمية ليس من السلف .. فأنكر ذلك وقال : كل من انتهج نهج السلف فهو منهم .
هذا ، والله أعلم .
هل ممكن أن تخبرني من صاحب هذا التقسيم وجزاك الله خيرا
أبو شعيب
2008-10-03, 09:41 AM
نحن نتكلم عن الشاك في قدرة الله ، وهذه المسألة من أصول الدين كما قلت أنت بنفسك ، فهل تعتقد أن هناك اختلافا بين العلماء في أصول الدين ؟!
وهل في كلامي مما يوحي ذلك ؟ .. إلا إن كنت ترين أن مسألة الإعذار بالجهل لمن شكّ في قدرة الله من أصول الدين .. وليست من مسائل الاجتهاد البحتة .
فالجميع متفق ، حتى أهل البدع ، على أن الشاك في قدرة الله كافر .. ولكن الخلاف - كما هو ملاحظ - في إعذاره بالجهل .. هل يعذر أم لا ؟ .. وهذا هو محور الجدال وركيزته ..
ومما هو معلوم عند الفقهاء والأصوليين أن مسألة تنـزيل الأحكام الشرعية هي مسألة قضائية مبناها الاجتهاد ، مع ثبوت أصل الحكم الشرعي عند جميع المسلمين ، وهو أن الشاك في قدرة الله كافر .
فأين الخلاف في الأصول ؟ هدانا الله وإياك .
هل ممكن أن تخبرني من صاحب هذا التقسيم وجزاك الله خيرا
قرأت هذا التقسيم في كتاب "المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية" للبريكان .
أم معاذة
2008-10-04, 02:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهل في كلامي مما يوحي ذلك ؟ .. إلا إن كنت ترين أن مسألة الإعذار بالجهل لمن شكّ في قدرة الله من أصول الدين .. وليست من مسائل الاجتهاد البحتة .
.
ليس عدم العذر بالجهل لمن شك في قدرة الله فقط ، بل الموضوع ككل أعتبره من أصول الدين باعتبار ما يندرج تحته من مسألة تكفير الكافر والبراءة منه وموالاة المسلم .
فأنت عندما تعتقد أن الشاك في قدرة الله كافر يلزمك من هذا الأمر البراءة منه وتكفيره ، وهذا له علاقة بأصل الولاء والبراء.
أما أنها من مسائل الإجتهاد البحتة فغير صحيح فنحن نتكلم في أمر يخص العقيدة ومسائل العقيدة لا مجال فيها للإجتهاد لأن هذا مرده إلى الكتاب والسنة فقط إلا إذا كنت تقصد بذل جهدهم في تقصي الصواب من الحديث فهذا له وجه ولهذا قلت لك أن ما نقلته عن ابن تيمية في بادئ الأمر اجتهاد منه وهو مخطئ ،أو نخصصه ونقول مذهب ابن تيمية في تناوله للحديث أو رأيه فيه أما أن نقول " يتبيّن لنا أيضاً من مذهب ابن تيمية ومن حذا حذوه أنه يعذر في مسائل أصل الدين .. في بعض جزئياتها ، فهو مذهب من المذاهب المعتبرة عند السلف " . فهذه مبالغة ، فأنت لم تنقل عن ابن تيمية غير كلامه عن حديثين فكيف استنتجت من كلامه فيهما أن العذر في مسائل أصل الدين في بعض جزئياتها من المذاهب المعتبرة عند السلف ؟
وكما سبق وأن نقلت عن الشيخ ابن باز - رحمه الله - بأن من وقع في الكفر الأكبر في أصول الدين لا يعذر بالجهل وأن هذه المسألة ليست خلافية ،بل وربما لاحظت أن من يدعي عموم الإعذار بالجهالة ينفي وجود هذا الخلاف ويظن أنما هو عليه هو عقيدة السلف الصحيحة ويرمي الطرف الآخر بالتكفير وموافقة الخوارج .
وعليه فإن كنت تعتقد أننا نتكلم عن أصل من أصول الدين وهو الإيمان بقدرة الله وأن الشاك فيها كافر بالإجماع فاعتقاد كفره أصل من أصول الدين ،فيكون القول بعذره جهلا في غير الأحوال التي استثناها العلماء مخالفة وليس مذهبا .
فالجميع متفق ، حتى أهل البدع ، على أن الشاك في قدرة الله كافر .. ولكن الخلاف - كما هو ملاحظ - في إعذاره بالجهل .. هل يعذر أم لا ؟ .. وهذا هو محور الجدال وركيزته ..
.
سؤال :- كيف يكون الشاك في قدرة الله كافرا بالإجماع ومسلما في نفس الوقت ؟
فأنت عندما تقول أن الشاك في قدرة الله قد يعذر بالجهل فقد أثبت له الإسلام صح ؟
ومما هو معلوم عند الفقهاء والأصوليين أن مسألة تنـزيل الأحكام الشرعية هي مسألة قضائية مبناها الاجتهاد ، مع ثبوت أصل الحكم الشرعي عند جميع المسلمين ، وهو أن الشاك في قدرة الله كافر .
.
هل ممكن أن توضح لي هذه الفقرة لأني لا أرى أني تطرقت لتنزيل الأحكام إن كنت تقصد بها تنفيذها طبعا . والله أعلم
سؤال على الهامش من الذين ضللوا القائلين بعذر من شك في قدرة الله جهلا؟ ومن هم القائلون به؟
والله الموفق
ملاحظة قد أتوقف ليومين أو أقل .
أبوزكرياالمهاجر
2008-12-24, 12:18 AM
قال القاضى أبوبكر ابن العربى :
فالجاهل والمخطىء من هذه الأمة ولو عمل الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا أو كافرافإنه يعذر بالجهل والخطأ حتى تتبين له الحجة التى يكفر تاركها بيا نا واضحا ما يلتبس على مثله وينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام مما أجمعوا عليه إجماعا جليا قطعيا يعرفه كل من المسلمين من غير نظر ولا تأمل كما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى ولم يخالف فى ذلك إلا أهل البدع . أهـ
هذه حكاية القاضى ونسبته لهذا المذهب فتأمل
وقال ابن تيميه: من الناس من يكون جاهلاً ببعض هذه الأحكام جهلاً يُعذر به، فلا يحكم بكفر أحد حتى تقوم عليه الحجة من جهة بلاغ الرسالة كما قال تعالى: رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ . وقال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً .
ولهذا لو أسلم رجل ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه، أو لم يعلم أن الخمر يحرم، لم يكفر بعدم اعتقاد إيجاب هذا وتحريم هذا، بل ولم يعاقب حتى تبلغه الحجة النبوية ..
والصحيح الذي تدل عليه الأدلة الشرعية أ ن الخطاب لا يثبت في حق أحد قبل التمكن من سماعه، وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة الذي يندرس فيها كثير من علوم النبوات، حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يعلم كثيراً مما بعث الله به رسوله ولا يكونه هناك من يبلغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر ولهذا اتفق الأئمة على أنه من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان، وكان حديث العهد بالإسلام فأنكر شيئاً من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة فإنه لا يحكم بكفره، حتى يعرف ما جاء به الرسول أهـ (الفتاوى :11/406)
وقال ابن عبد البر عند شرحه لحديث الرجل الذى اوصى اهله ان يحرقوه :
وأما قوله لئن قدر الله علي فقد اختلف العلماء في معناه فقال منهم قائلون هذا رجل جهل بعض صفات الله عز وجل وهي القدرة فلم يعلم أن الله على كل ما يشاء قدير قالوا ومن جهل صفة من صفات الله عز وجل وآمن بسائر صفاته وعرفها لم يكن بجهله بعض صفات الله كافرا قالوا وإنما الكافر من عائد الحق لا من جهله وهذا قول المقتدمين من العلماء ومن سلك سبيلهم من المتأخرين
أهـ فتأمل
أحمد الغزي
2008-12-24, 02:25 PM
قال القاضى أبوبكر ابن العربى :
فالجاهل والمخطىء من هذه الأمة ولو عمل الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا أو كافرافإنه يعذر بالجهل والخطأ حتى تتبين له الحجة التى يكفر تاركها بيا نا واضحا ما يلتبس على مثله وينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام مما أجمعوا عليه إجماعا جليا قطعيا يعرفه كل من المسلمين من غير نظر ولا تأمل كما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى ولم يخالف فى ذلك إلا أهل البدع . أهـ
هذه حكاية القاضى ونسبته لهذا المذهب فتأمل
الله المستعان ...
ليتك أنصفته رحمه الله ونقلت كلامه كاملا دون أن تبتر منه شيئا ليستقيم المعنى
فكان أولى بك إن كنت تريد الحق أن تذكر أن كلام أبو البكر العربي _ رحمه الله _ جاء في شرحه لكلام البخاري : باب كفران العشير وكفر دون كفر ..
والذي نصه _ دون بتر _ :- " [SIZE="5"]مراده أن يبين أن الطاعات كما تسمى إيماناً ، كذلك المعاصي تسمى كفراً . لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد به الكفر المخرج عن الملة ؛ فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة ، ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً .. إلى آخر النص الذي نقلته .)
فهو يتحدث عن الطاعات التي تسمى ايمانا والمعاصي التي تسمى كفر ..وليس الكفر الأكبر
وكلامه واضح في عنوان الباب الذي ورد فيه الكلام
وإن أردت أن تنصف الشيخ رحمه الله وتبرأه_ كما فعل سلفنا_ من إعذاره المشركين وتسميتهم مسلمين ..
راجع رسالة الجواب المفيد في حكم جاهل التوحيد المؤلف :أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبد الحميد
لن تجد أحد من أهل السنة والجماعة يعذر المشركين بشركهم ويسميهم مسلمين
ولكنك ستجد ذلك عند أهل الأهواء
فعند المسلمين لا عذر لمرتكب الشرك الا الاكراه
وكل من ارتكب الشرك سمى مشركا كان جاهلا أو متأولا إلا المكره
ليتك فرقت بين كلام أهل العلم في أصل الدين .. وكلامهم في الأمور الخفية والاسماء والصفات
فالأعذار التي تنزل على من جهل الأمور الخفية والفروع لا تنزل على أصل الدين
أبوزكرياالمهاجر
2008-12-24, 05:31 PM
الله المستعان ...
ليتك أنصفته رحمه الله ونقلت كلامه كاملا دون أن تبتر منه شيئا ليستقيم المعنى
فكان أولى بك إن كنت تريد الحق أن تذكر أن كلام أبو البكر العربي _ رحمه الله _ جاء في شرحه لكلام البخاري : باب كفران العشير وكفر دون كفر ..
والذي نصه _ دون بتر _ :- " مراده أن يبين أن الطاعات كما تسمى إيماناً ، كذلك المعاصي تسمى كفراً . لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد به الكفر المخرج عن الملة ؛ فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة ، ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً .. إلى آخر النص الذي نقلته .)
فهو يتحدث عن الطاعات التي تسمى ايمانا والمعاصي التي تسمى كفر ..وليس الكفر الأكبر
وكلامه واضح في عنوان الباب الذي ورد فيه الكلام
وإن أردت أن تنصف الشيخ رحمه الله وتبرأه_ كما فعل سلفنا_ من إعذاره المشركين وتسميتهم مسلمين ..
راجع رسالة الجواب المفيد في حكم جاهل التوحيد المؤلف :أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبد الحميد
لن تجد أحد من أهل السنة والجماعة يعذر المشركين بشركهم ويسميهم مسلمين
هذا هو كلام القاضي ابن العربي - رحمه الله - بتمامه :
اقتباس:
مراده أن يبين أن الطاعات كما تسمى إيماناً ، كذلك المعاصي تسمى كفراً . لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد به الكفر المخرج عن الملة ؛ فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً ، فإنه يعذر بالجهل والخطأ ، حتى تتبين له الحجة التي يكفر تاركها بياناً واضحاً ما يلتبس على مثله ، وينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام ، مما أجمعوا عليه إجماعاً جلياً قطعياً ، يعرفه كل المسلمين من غير نظر وتأمل
الأدلة من كلامه أنه يتحدث عن الكفر والشرك الأكبر :
1- أنه قال : (( ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً )) .. وهذا لا يُقال في الشرك الأصغر أو الكفر الأصغر .
2- أنه قال : (( حتى تتبين له الحجة التي يكفر تاركها )) .. ومعلوم أن اشتراط إقامة الحجة لا تكون إلا في الكفر الأكبر .. فإنه لو أصر على فعله بعد إقامة الحجة ، وكان فعله كفراً أصغر ، فإنه لا يكفر .
3- أنه قال : (( معلوم بالضرورة من دين الإسلام )) .. هل الكفر الأصغر والشرك الأصغر من المعلوم ضرورة من دين الإسلام ؟
أما قوله السابق (( لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد به الكفر المخرج عن الملة )) .. فلا يفيد أن ما بعده داخل في نفس السياق .. بل إن ما بعده داخل في سياق جديد .. ودليلي على ذلك هو ما يلي :
إقحام مسألة العذر بالجهل والخطأ لدرء الكفر عمّن وقع في الكفر الأصغر لا معنى له ولا يستقيم ، لأنه حتى لو كان قاصداً عالماً في ما يفعله ، فإنه لا يكفر أصلاً .. فعلام يكون إقحام العذر بالجهل والخطأ واشتراط إقامة الحجة لتكفير الواقع في الكفر الأصغر ؟
وكذلك ، لو كان كلامه اللاحق داخل في سياق السابق ، لكان حرف الفاء في عبارة ( فالجاهل ) تعليلاً لسابقه .. كما هو معلوم في اللغة .. فهل ابن عربي كان يعلل عدم كون هذه الأفعال مخرجة من الملة لأن الجاهل معذور بجهله ؟؟ .. هذا لا يستقيم ، ولا معنى له .
أبوزكرياالمهاجر
2008-12-24, 05:40 PM
وكل من ارتكب الشرك سمى مشركا كان جاهلا أو متأولا إلا المكره
ليتك فرقت بين كلام أهل العلم في أصل الدين .. وكلامهم في الأمور الخفية والاسماء والصفات
فالأعذار التي تنزل على من جهل الأمور الخفية والفروع لا تنزل على أصل الدين
وأين المخطىء هل هو غير معذور عندك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وهل الا يمان بأن الله على كل شىء قدير ليس من الاصول أم من الأمور الخفية ؟؟؟؟؟؟؟؟
دكتور
2013-01-09, 11:35 AM
هذا هو كلام القاضي ابن العربي - رحمه الله - بتمامه :
اقتباس:
مراده أن يبين أن الطاعات كما تسمى إيماناً ، كذلك المعاصي تسمى كفراً . لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد به الكفر المخرج عن الملة ؛ فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً ، فإنه يعذر بالجهل والخطأ ، حتى تتبين له الحجة التي يكفر تاركها بياناً واضحاً ما يلتبس على مثله ، وينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام ، مما أجمعوا عليه إجماعاً جلياً قطعياً ، يعرفه كل المسلمين من غير نظر وتأمل
الأدلة من كلامه أنه يتحدث عن الكفر والشرك الأكبر :
1- أنه قال : (( ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً )) .. وهذا لا يُقال في الشرك الأصغر أو الكفر الأصغر .
2- أنه قال : (( حتى تتبين له الحجة التي يكفر تاركها )) .. ومعلوم أن اشتراط إقامة الحجة لا تكون إلا في الكفر الأكبر .. فإنه لو أصر على فعله بعد إقامة الحجة ، وكان فعله كفراً أصغر ، فإنه لا يكفر .
3- أنه قال : (( معلوم بالضرورة من دين الإسلام )) .. هل الكفر الأصغر والشرك الأصغر من المعلوم ضرورة من دين الإسلام ؟
أما قوله السابق (( لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد به الكفر المخرج عن الملة )) .. فلا يفيد أن ما بعده داخل في نفس السياق .. بل إن ما بعده داخل في سياق جديد .. ودليلي على ذلك هو ما يلي :
إقحام مسألة العذر بالجهل والخطأ لدرء الكفر عمّن وقع في الكفر الأصغر لا معنى له ولا يستقيم ، لأنه حتى لو كان قاصداً عالماً في ما يفعله ، فإنه لا يكفر أصلاً .. فعلام يكون إقحام العذر بالجهل والخطأ واشتراط إقامة الحجة لتكفير الواقع في الكفر الأصغر ؟
وكذلك ، لو كان كلامه اللاحق داخل في سياق السابق ، لكان حرف الفاء في عبارة ( فالجاهل ) تعليلاً لسابقه .. كما هو معلوم في اللغة .. فهل ابن عربي كان يعلل عدم كون هذه الأفعال مخرجة من الملة لأن الجاهل معذور بجهله ؟؟ .. هذا لا يستقيم ، ولا معنى له .
بارك الله لك في فهمك لهذا النص ، هذا النص سياقه في الكفر الأكبر كما ذكرتّ وأوضحتّ
فارس المصري
2013-01-09, 12:19 PM
أضف إلى ذلك قول الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله-:(... و أما جهل هذا الرجل المذكور في هذا الحديث بصفة من صفات الله في علمه وقدرته، فليس ذلك بمخرجه من الإيمان ....) ثم استدل على ذلك بسؤال الصحابة - رضي الله عنهم - عن القدر ثم قال: (ومعلوم أنهم إنما سألوه عن ذلك وهم جاهلون به، وغير جائز عند أحد من المسلمين أن يكونوا بسؤالهم عن ذلك كافرين، .... ولم يضرهم جهلهم به قبل أن يعلموه) التمهيد 18/46،47.
فارس المصري
2013-01-09, 12:41 PM
والحديث جاء في معرض ذكر رحمة الله سبحانه ، فلو كان المعنى أنه إنما قالها وهو دهش ، فما الجديد الذي يمكننا أن نخرج به في الحديث؟ فالدهشة من الخطأ والله سبحانه تجاوز عن الخطأ ، وصار في حكم من سقط عنه التكليف ، وبذا يضيع المعنى الذي من أجله سيق الحديث ، والله تعالى أعلم
فارس المصري
2013-01-09, 01:03 PM
وقد وجدت في كتاب تواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف للوهيبي كلاما جد نفيس في هذا الباب فليراجع غير مأمورين
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.