المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف - مقال لمحمد علوي مالكي - كيف نرد عليه ؟



أبو فراس
2007-04-04, 01:58 PM
قرأت هذا المقال لمحمد علوي مالكي في أحد المنتديات وأريد الرد عليه علميا لأضعه في الموضوع وجزاكم الله خيرا

حول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
بقلم
محمد بن علوي بن عباس المالكي (رحمه الله)

كثر الكلام عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي , و ما كنت أود أن أكتب شيئاً في هذا الموضوع , و ذالك لأن ما شغل ذهني و ذهن العقلاء من المسلمين اليوم أكبر من هذه القضية الجانبية التي صار الكلام عنها أشبه ما يكون بالحولية التي تقرأ في كل موسم و تنشر في كل عام حتى مل الناس سماع مثل هذا الكلام .
لكن لما أحب كثير من الإخوان أن يعرفوا رأي بالخصوص في هذا المجال , و خوفاً من أن يكون ذالك من كتم العلم , أقدمت على المشاركة في الكتابة عن هذا الموضوع سائلاً المولى عز و جل أن يلهم الجميع الصواب آمين .

و قبل أن أسرد الأدلة على جواز الاحتفال بالمولد الشريف و الاجتماع عليه أحب أن أبين المسائل الآتية :
الأولى : أننا نقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف و الاجتماع لسماع سيرته و الصلاة و السلام عليه و سماع المدائح التي تقال في حقه , و إطعام الطعام , و إدخال السرور على قلوب الأمة .

الثانية : أننا لا نقول بسنية الاحتفال بالمولد المذكور في ليلة مخصوصة , بل من اعتقد ذالك فقد ابتدع في الدين , لأن ذكره صلى الله عليه و سلم و التعلق به يجب أن يكون في كل حين , و يجب أن تمتلئ به النفوس .
نعم إن في شهر ولادته يكون الداعي أقوى لإقبال الناس و اجتماعهم و شعورهم الفياض بارتباط الزمان بعضه ببعض , فيتذكرون بالحاضر الماضي و ينتقلون من الشاهد إلى الغائب .

الثالثة : أن هذه الاجتماعات هي وسيلة كبرى للدعوة إلى الله , و هي فرصة ذهبية ينبغي أن لا تفوت .
بل يجب على الدعاة و العلماء أن يذكروا الأمة بالنبي صلى الله عليه و سلم بأخلاقه و آدابه و أحواله و سيرته و معاملته و عبادته .
و أن ينصحوهم و يرشدوهم إلى الخير و الفلاح و يحذروهم من البلاء و البدع و الشر و الفتن , و إننا دائماً بفضل الله ندعو إلى ذالك و نشارك في ذالك و نقول للناس : (( ليس المقصود من هذه الاجتماعات مجرد الاجتماعات و المظاهر , بل إن هذه وسيلة شريفة إلى غاية شريفة و هي كذا و كذا , و من لم يستفد شيئاً لدينه فهو محروم من خيرات المولد الشريف )) .



أدلة جواز الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه و سلم :

الأول : إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن الفرح و السرور بالمصطفى صلى الله عليه و سلم , و قد انتفع به الكافر .
فقد جاء في البخاري أنه يخفف عن أبي لهب كل يوم الإثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشرته بولادة المصطفى صلى الله عليه و سلم .
و يقول في ذالك الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي :

إذا كان هذا كافراً جاء ذمه ** بتبت يداه في الجحيم مخلداً
أتى أنه في يوم الإثنين دائماً ** يُخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره ** بأحمد مسروراً و مات موحداً

الثاني : أنه صلى الله عليه و سلم كان يعظم يوم مولده , و يشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه , و تفضله عليه بالوجود لهذا الوجود , إذ سعد به كل موجود , و كان يعبر عن ذالك التعظيم بالصيام كما جاء في الحديث عن أب قتادة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن صوم يوم الإثنين ؟ فقال : (( فيه ولدت , و فيه أنزل علي )) رواه مسلم في الصحيح في كتاب الصيام .
و هذا في معنى الاحتفال به إلا أن الصورة مختلفة , و لكن المعنى موجود سواء كان ذالك بصيام أو إطعام طعام , أو اجتماع على ذكر أو صلاة على النبي صلى الله عليه و سلم , أو سماع شمائله الشريفة .

الثالث : أن الفرح به صلى الله عليه و سلم مطلوب بأمر القرآن من قوله تعالى : {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } (58) سورة يونس . فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة , و النبي صلى الله عليه و سلم أعظم رحمة قال الله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (107) سورة الأنبياء.

الرابع : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت و انقضت , فإذا جاء زمان الذي وقعت فيه كان فرصة لنذكرها , و تعظيم يومها , لأجلها و لأنه ظرف لها .
و قد أصل صلى الله عليه و سلم هذه القاعدة بنفسه كما صرح في الحديث أنه صلى الله عليه و سلم : لما وصل إلى المدينة و رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له : إنهم يصومون لأن الله نجى نبيهم و أغرق عدوهم فهم يصومونه شكراً لله على هذه النعمة , فقال صلى الله عليه و سلم : نحن أولى بموسى منكم فصامه و أمر بصيامه .

الخامس : أن الاحتفال بالمولد لم يكن في عهده صلى الله عليه و سلم , فهو بدعة , و لكنها حسنة لاندراجها تحت الأدلة الشرعية و القواعد الكلية , فهي بدعة باعتبار هيئتها الاجتماعية , لا باعتبار أفرادها لوجود أفرادها في العهد النبوي كما سنعلم ذلك تطبيقاً إن شاء الله .

السادس : أن المولد الشريف يبعث على الصلاة و السلام المطلوبين بقوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (56) سورة الأحزاب
و ما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً , فكم للصلاة عليه من فوائد نبوية , و إمدادات محمدية , يسجد القلم في محراب البيان عن تعداد آثارها و مظاهر أنوارها .

السابع : أن المولد الشريف , يشمل على ذكر مولده الشريف و معجزاته و التعريف به , أولسنا مأمورين بمعرفته و مطالبين بالاقتداء به , و التأسي بأعماله , و الإيمان بمعجزاته و التصديق بآياته , و كتب المولد تؤدي هذا المعنى تماماً .

الثامن : التعرض لمكافأته بأداء بعض ما يجب له علينا ببيان أوصافه الكاملة , و أخلاقه الفاضلة , و قد كان الشعراء يفدون إليه صلى الله عليه و سلم بالقصائد و يرضي عملهم و يجزيهم على ذلك بالطيبات و الصلات , فإذا كان يرضى عمن مدحه , فكيف لا يرضى عمن جمع شمائله الشريفة , ففي ذلك التقرب له عليه السلام , باستجلاب محبته ورضاه .

التاسع : أن معرفة شمائله و معجزاته و إرهاصاته تستدعي كمال الإيمان به عليه الصلاة و السلام , و زيادة المحبة , إذ الإنسان مطبوع على حب الجميل خلقاً و خُلقا علماً و عملاً , حالاً و اعتقاداً , و لا أجمل و أكمل و لا أفضل من أخلاقه و شمائله صلى الله عليه و سلم , و زيادة المحبة و كمال الإيمان مطلوبان شرعاً فما كان يستدعيهما مطلوب كذلك .

العاشر : أن تعظيمه صلى الله عليه و سلم مشروع , و الفرح بيوم ميلاده الشريف بإظهار السرور و وضع الولائم و الاجتماع للذكر و إكرام الفقراء , من أظهر مظاهر التعظيم و الابتهاج و الفرح و الشكر لله , بما هدانا لدينه القويم , و ما من به علينا من بعثه عليه أفضل الصلاة و التسليم .

الحادي عشر : يؤخذ من قوله صلى الله عليه و سلم في فضل يوم الجمعة , و عد مزاياه , و فيه ولد آدم , تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبي كان من الأنبياء عليهم السلام , فكيف باليوم الذي ولد فيه أفضل النبيين و أشرف المرسلين ؟ و لا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصاً و لنوعه عموماً مهما تكرر كما هو الحال في يوم الجمعة , شكراً للنعمة , و إظهاراً لمزية النبوة و إحياء للحوادث التاريخية الخطيرة ذات الإصلاح المهم في تاريخ الإنسانية و جبهة الدهر و صحيفة الخلود , كما يؤخذ تعظيم المكان الذي ولد فيه نبي من أمر جبريا عليه السلام النبي صلى الله عليه و سلم بصلاة ركعتين ببيت لحم ثم قال له : أتدري أين صليت ؟ قال : لا , قال : صليت ببيت لحمٍ حيث ولد عيسى .

الثاني عشر : أن المولد أمر استحسنه العلماء و المسلمون في جميع البلاد , و جرى به العمل في كل صقعٍ فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن , و ما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح ) أخرجهُ أحمد .

الثالث عشر : أن المولد اجتماع ذكرٍ و صدقةٍ و مدحٍ و تعظيمٍ للجناب النبوي فهو سنة , و هذهِ أمور مطلوبة شرعاً و ممدوحة , و جاءت الآثار الصحيحة بها و بالحث عليها .

الرابع عشر : أن الله تعالى قال : {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } (120) سورة هود , يظهر منه أن الحكمة في قص أنباء الرسل عليهم السلام تثبيت فؤاده الشريف بذلك . و لا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه و أخباره أشد من احتياجه هو صلى الله عليه و سلم .

الخامس عشر : ليس كل ما لم يفعله السلف و لم يكن في الصدر الأول فهو بدعة منكرة سيئة يحرم فعلها و يجب الإنكار عليها , بل يجب أن يعرض ما أحدث على أدلة الشرع , فما اشتمل على مصلحة فهو واجب أو على محرم فهو محرم , أو على مكروه فهو مكروه , أو على مباح فهو مباح , أو على مندوب فهو مندوب , و للوسائل حكم المقاصد , ثم قسم العلماء البجعة إلى خمسة أقسام :
واجبة : كالرد على أهل الزيغ , و تعلم النحو .
و مندوبة : كإحداث الربط و المدارس , و الأذان على المنابر و صنع إحسان لم يعهد في الصدر الأول .
و مكروه : كزخرفة المساجد , و تزويق المصاحف .
و مباحة : كاستعمال المنخل , و التوسع في الأكل و المشرب .
و محرمة : و هي ما أحدث لمخالفة السنة و لم تشمله أدلة الشرع العامة و لم يحتو على مصلحة شرعية .

السادس عشر : ليست كل بدعة محرمة و لو كان كذلك لحرم جمع أبي بكر و عمر و زيد رضي الله عنهم , القرآن و كتبه في المصاحف خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القراء رضي الله عنهم , و لحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمامٍ واحدٍ في صلاة القيام مع قوله نعمت البدعة هذه , و حرم التصنيف في جميع العلوم النافعة و لوجب علينا حرب الكفار بالسهام و الأقواس مع حربهم لنا بالرصاص و المدافع و الدبابات و الطائرات و الغواصات و الأساطيل , و حرم الأذان على المنابر , و اتخاذ الربط و المدارس و المستشفيات و الإسعاف و دار اليتامى و السجون , فمن ثم قيد العلماء رضي الله عنهم حديث ( كل بدعة ضلالة ) بالبدعة السيئة , التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه و سلم .
و نحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف . و ذلك كجمع الناس على إمامٍ واحدٍ في آخر الليل لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح , و كختم المصحف فيها , و كقراءة دعاء ختم القرآن , و كخطبة الإمام ليلة سبع و عشرين في صلاة التهجد , و كنداء المنادي بقوله صلاة القيام أثابكم الله , فكل هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه و سلم و لا أحد من السلف , فهل يكون فعلنا له بدعة ؟

الثامن عشر : قال الإمام الشافعي رضي الله عنه : ما أحدث و خالف كتاباً أو سُنة أو إجماعاً أو أثراً فهو البدعة الضالة , و ما أحدث من الخير و لم يخالف شيئاً من ذلك فهو المحمود .
و جرى الإمام العز بن عبد السلام و النووي كذلك و بن الأثير على تقسيم البدعة إلى ما أشرنا إليه سابقاً .

التاسع عشر : كل ما تشمله الأدلة الشرعية و لم يقصد بإحداثه مخالفة الشريعة و لم يشتمل على مُنكرٍ فهو من الدين .
و قول المتعصب : إن هذا لم يفعله السلف ليس هو دليلاً لهُ , بل هو عدم دليلٍ كما لا يخفى على من مارس علم الأصول , فقد سمى الشارع بدعة الهدى سنة و وعد فاعلها أجراً , فقال عليه الصلاة و السلام : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها , و لا ينقص من أجورهم شئ ) .

العشرون : إن الاحتفال بالمولد إحياء لذكرى المصطفى صلى الله عليه و سلم و ذلك مشروع عندنا في الإسلام , فأنت ترى أن أكثر أعمال الحج إنما هي إحياء لذكريات مشهودة و مواقف محمودة , فالسعي بين الصفا و المروة و رمي الجمار و الذبح بمنى , كلها حوادث ماضية سابقة , يحيي المسلمون ذكراها بتجديد صورتها في الواقع .

واحد و عشرون : كل ما ذكرنا سابقاً من الوجوه في مشروعية المولد إنما هو في المولد الذي خلا من المنكرات المذمومة التي يجب الإنكار عليها , أما إذا اشتمل على شىءٍ مما يجب الإنكار عليه كاختلاط الرجال بالنساء و ارتكاب المحرمات و كثرة الإسراف , مما لا يرضى به صاحب المولد الشريف صلى الله عليه و سلم , فهذا لا شك في تحريمه و منعه لما اشتمل من المحرمات لكن تحريمه حينئذٍ يكون عارضياً لا ذاتياً كما لا يخفى على من تأمل ذلك .



مفهوم المولد في نظري

إننا نرى أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليست له كيفية مخصوصة , لا بد من الالتزام و إلزام الناس بها , بل إن كل ما يدعو إلى الخير و يجمع الناس على الهدى و يرشدهم إلى ما فيه منفعتهم في دينهم و دنياهم يحصل به تحقيق المقصود من المولد النبوي .
و لذلك فلو اجتمعنا على شيء من المدائح التي فيها ذكر الحبيب صلى الله عليه و سلم و فضله و جهاده و خصائصه , و لم نقرأ قصة المولد النبوي التي تعارف الناس على قراءتها و اصطلحوا عليها حتى ظن بعضهم أن المولد النبوي لا يتم إلا بها , ثم استمعنا إلى ما يلقيه المتحدثون من مواعظ و إرشادات و إلى ما يتلوه القارئ من آيات .
أقول : لو فعلنا ذلك فإن ذلك داخل تحت المولد النبوي الشريف , و أظن أن هذا المعنى لا يختلف عليه اثنان , و لا ينتطح فيه عنزان . انتهى

وكما تلاحظون فالمقال قد يؤثر في العوام فأرجو سرعة الرد والتوضيح

سليمان الخراشي
2007-04-04, 02:35 PM
أخي أبافراس : لعلك تستفيد من هذه الرابط المتكامل :


http://saaid.net/mktarat/Maoled/index.htm

وفقكم الله ..

أبو فراس
2007-04-04, 05:58 PM
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل سليمان وهو والله شرف لي أن تمر على موضوعي

حفظك الله ورعاك

أم مريم
2007-04-04, 07:27 PM
مناظرة بين الإمام الإلباني رحمه الله وأحد الذين يرون الاحتفال بالمولد


الشيخ الألباني :
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هل هو خير أم شر ؟
محاور الشيخ :
خير .



الشيخ الألباني : حسناً ، هذا الخير هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجهلونه ؟
محاور الشيخ :
لا .



الشيخ الألباني :
أنا لا أقنع منك الآن أن تقول لا بل يجب أن تبادر وتقول : هذا مستحيل أن يخفى هذا الخير إن كان خيراً أو غيره على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونحن لم نعرف الإسلام والإيمان إلا عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فكيف نعرف خيراً هو لم يعرفه ! هذا مستحيل .
محاور الشيخ :
إقامة المولد النبوي هو إحياء لذكره صلى الله عليه وسلم وفي ذلك تكريم له .



الشيخ الألباني :
هذه فلسفة نحن نعرفها ، نسمعها من كثير من الناس وقرأناها في كتبهم ؛ لكن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما دعا الناس هل دعاهم إلى الإسلام كله أم دعاهم إلى التوحيد ؟
محاور الشيخ :
التوحيد .



الشيخ الألباني :
أول ما دعاهم للتوحيد ، بعد ذلك فُرضت الصلوات ، بعد ذلك فُرض الصيام ، بعد ذل فُرض الحج ، وهكذا ؛ ولذلك امشِ أنت على هذه السنة الشرعية خطوة خطوة .
نحن الآن اتفقنا أنه من المستحيل أن يكون عندنا خيرٌ ولا يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالخير كله عرفناه من طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيها كبشان ، وأنا أعتقد أن من شك في هذا فليس مسلماً .
ومن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تؤيد هذا الكلام : 1. قوله صلى الله عليه وسلم : (( ما تركتُ شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به )) .
فإذا كان المولد خيراً وكان مما يقربنا إلى الله زُلفى فينبغي أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دلنا عليه .
صحيح أم لا ؟ أنا لا أريد منك أن توافق دون أن تقتنع بكل حرف مما أقوله ، ولك كامل الحرية في أن تقول : أرجوك ، هذه النقطة ما اقتنعت بها .
فهل توقفت في شيء مما قلتهُ حتى الآن أم أنت ماشٍ معي تماماً ؟
محاور الشيخ :
معك تماماً .



الشيخ الألباني :
جزاك الله خيراً .
إذاً (( ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به ))
نحن نقول لجميع من يقول بجواز إقامة هذا المولد :
هذا المولد خيرٌ – في زعمكم - ؛ فإما أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دلنا عليه وإما أن يكون لم يدلنا عليه .
فإن قالوا : قد دلنا عليه .
قلنا لهم : ( هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) . ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً أبداً .
ونحن قرأنا كتابات العلوي [1] وغير العلوي في هذا الصدد وهم لايستدلون بدليل سوى أن هذه بدعة حسنة !! بدعة حسنة !!
فالجميع سواء المحتفلون بالمولد أو الذين ينكرون هذا الاحتفال متفقون على أن هذا المولد لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة الكرام ولا في عهد الأئمة الأعلام .
لكن المجيزون لهذا الاحتفال بالمولد يقولون : وماذا في المولد ؟ إنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصلاة عليه ونحو ذلك .
ونحن نقول : لو كان خيراً لسبقونا إليه .
أنت تعرف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) وهو في الصحيحين . وقرنه صلى الله عليه وسلم هو الذي عاش فيه وأصحابه ،ثم الذين يلونهم التابعون ، ثم الذين يلونهم أتباع التابعين . وهذه أيضاً لا خلاف فيها .
فهل تتصور أن يكون هناك خير نحن نسبقهم إليه علماً وعملاً ؟ هل يمكن هذا ؟
محاور الشيخ :
من ناحية العلم لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمن كان معه في زمانه إن الأرض تدور



الشيخ الألباني :
عفواً ، أرجوا عدم الحيدة ، فأنا سألتك عن شيئين علم وعمل ، والواقع أن حيدتك هذه أفادتني ، فأنا أعني بطبيعة الحال بالعلم العلم الشرعي لا الطب مثلاً ؛ فأنا أقول إن الدكتور هنا أعلم من ابن سينا زمانه لأنه جاء بعد قرون طويلة وتجارب عديدة وعديدة جداً لكن هذا لا يزكيه عند الله ولا يقدمه على القرون المشهود لها ؛ لكن يزكيه في العلم الذي يعلمه ، ونحن نتكلم في العلم الشرعي بارك الله فيك . فيجب أن تنتبه لهذا ؛ فعندما أقول لك : هل تعتقد أننا يمكن أن نكون أعلم ؛ فإنما نعني بها العلم الشرعي لا العلم التجربي كالجغرافيا والفلك والكيمياء والفيزياء . وافترض مثلاُ في هذا الزمان إنسان كافر بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم لكن هو أعلم الناس بعلم من هذه العلوم هل يقربه ذلك إلى الله زُلفى ؟
محاور الشيخ :
لا .



الشيخ الألباني :
إذاً نحن لانتكلم الآن في مجال ذلك العلم بل نتكلم في العلم الذي نريد أن نتقرب به إلى الله تبارك وتعالى ، وكنا قبل قليل نتكلم في الاحتفال بالمولد ؛ فيعود السؤال الآن وأرجو أن أحضى بالجواب بوضوح بدون حيدة ثانية .
فأقول هل تعتقد بما أوتيت من عقل وفهم أنه يمكننا ونحن في آخر الزمان أن نكون أعلم من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين في العلم الشرعي وأن نكون أسرع إلى العمل بالخير والتقرب إلى الله من هؤلاء السلف الصالح ؟
محاور الشيخ :
هل تقصد بالعلم الشرعي تفسير القرآن ؟



الشيخ الألباني :
هم أعلم منا بتفسير القرآن ، وهم أعلم منا بتفسير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، هم في النهاية أعلم منا بشريعة الإسلام .
محاور الشيخ :
بالنسبة لتفسير القرآن ربما الآن أكثر من زمان الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فمثلاً الآية القرآنية ((وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)) (النمل:88) فلو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأحد في زمانه إن الأرض تدور هل كان سيصدقه أحد ؟! ما كان صدقه أحد .



الشيخ الألباني :
إذاً أنت تريدنا – ولا مؤاخذة – أن نسجل عليك حيدةً ثانية . يا أخي أنا أسأل عن الكل لا عن الجزء ، نحن نسأل سؤالاً عاماً :
الإسلام ككل من هو أعلم به ؟
محاور الشيخ :
طبعاُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته .



الشيخ الألباني :
هذا الذي نريده منك بارك الله فيك .
ثم التفسير الذي أنت تدندن حوله ليس له علاقة بالعمل ، له علاقة بالفكر والفهم . ثم قد تكلمنا معك حول الآية السابقة وأثبتنا لك أن الذين ينقلون الآية للاستدلال بها على أن الأرض تدور مخطؤون لأن الآية تتعلق بيوم القيامة (( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) .
لسنا على كل حال في هذا الصدد .
وأنا أسلِّم معك جدلاً أنه قد يكون رجلاً من المتأخرين يعلم حقيقة علمية أو كونية أكثر من صحابي أو تابعي الخ ؛ لكن هذا لا علاقة له بالعمل الصالح ؛ فاليوم مثلاً العلوم الفلكية ونحوها الكفار أعلم منا فيها لكن مالذي يستفيدونه من ذلك ؟ لاشيء . فنحن الآن لا نريد أن نخوض في هذا اللاشيء ، نريد أن نتكلم في كل شيء يقربنا إلى الله زلفى ؛ فنحن الآن نريد أن نتكلم في المولد النبوي الشريف .
وقد اتفقنا أنه لو كان خيراً لكان سلفنا الصالح وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم به منا وأسرع إلى العمل به منا ؛ فهل في هذا شك ؟
محاور الشيخ :
لا ، لا شك فيه .



الشيخ الألباني :
فلا تحد عن هذا إلى أمور من العلم التجريبي لا علاقة لها بالتقرب إلى الله تعالى بعمل صالح .
الآن ، هذا المولد ما كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم - باتفاق الكل – إذاً هذا الخير ماكان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ،
كيف خفي هذا الخير عليهم ؟!
لابد أن نقول أحد شيئين :
علموا هذا الخير كما علمناه – وهم أعلم منا – ، أو لم يعلموه ؛ فكيف علمناه نحن ؟!
؛ فإن قلنا : علموه ؛ - وهذا هو القول الأقرب والأفضل بالنسبة للقائلين بمشروعية الاحتفال بالمولد - فلماذا لم يعملوا به ؟! هل نحن أقرب إلى الله زلفى ؟! –
لماذا لم يُخطيء واحدٌ منهم مرة صحابي أو تابعي أو عالم منهم أو عابد منهم فيعمل بهذا الخير ؟!
هل يدخل في عقلك أن هذا الخير لا يعمل به أحدٌ أبداً ؟! وهم بالملايين ، وهم أعلم منا وأصلح منا وأقرب إلى الله زُلفى ؟!
أنت تعرف قول الرسول صلى الله عليه وسلم _ فيما أظن _ :
(( لا تسبوا أصحابي ؛ فوالذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَهُ )) .
أرأيت مدى الفرق بيننا وبينهم ؟!
لأنهم جاهدوا في سبيل الله تعالى ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتلقوا العلم منه غضاً طرياً بدون هذه الوسائط الكثيرة التي بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم ، كما أشار صلى الله عليه وسلم إلى مثل هذا المعنى في الحديث الصحيح :
(( من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأهُ على قراءة ابن أم عبد )) يعني عبد الله بن مسعود .
" غضاً طرياً " يعنى طازج ، جديد .
هؤلاء السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة م لايمكننا أن نتصور أنهم جهلوا خيراً يُقربهم إلى الله زلفى وعرفناه نحن وإذا قلنا إنهم عرفوا كما عرفنا ؛ فإننا لا نستطيع أن نتصور أبداً أنهم أهملوا هذا الخير .
لعلها وضحت لك هذه النقطة التي أُدندنُ حولها إن شاء الله ؟
محاور الشيخ :
الحمد لله .



الشيخ الألباني :
جزاك الله خيراً .
هناك شيء آخر ، هناك آيات وأحاديث كثيرة تبين أن الإسلام قد كَمُلَ _ وأظن هذه حقيقة أنت متنبه لها ومؤمن بها ولا فرق بين عالم وطالب علم وعامِّي في معرفة هذه الحقيقة وهي : أن الإسلام كَمُلَ ، وأنه ليس كدين اليهود والنصارى في كل يوم في تغيير وتبديل .
وأذكرك بمثل قول الله تعالى : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً))
الآن يأتي سؤال : وهي طريقة أخرى لبيان أن الاحتفال بالمولد ليس خيراً غير الطريقة السابقة وهي أنه لو كان خيراً لسبقونا إليه وهم – أي السلف الصالح – أعلم منا وأعبد .
هذا المولد النبوي إن كان خيراً فهو من الإسلام ؛ فنقول : هل نحن جميعاً من منكرين لإقامة المولد ومقرِّين له هل نحن متفقون - كالاتفاق السابق أن هذا المولد ماكان في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم – هل نحن متفقون الآن على أن هذا المولد إن كان خيراً فهو من الإسلام وإن لم يكن خيراً فليس من الإسلام ؟
ويوم أُنزلت هذه الآية : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) لم يكن هناك احتفال بالمولد النبوي ؛ فهل يكون ديناً فيما ترى ؟
أرجو أن تكون معي صريحاً ، ولا تظن أني من المشائخ الذين يُسكِّتون الطلاب ، بل عامة الناس : اسكت أنت ما تعلم أنت ما تعرف ، لا خذ حريتك تماماً كأنما تتكلم مع إنسان مثلك ودونك سناً وعلماً . إذا لم تقتنع قل : لم أقتنع .
فالآن إذا كان المولد من الخير فهو من الإسلام وإذا لم يكن من الخير فليس من الإسلام وإذا اتفقنا أن هذا الاحتفال بالمولد لم يكن حين أُنزلت الآية السابقة ؛ فبديهي جداً أنه ليس من الإسلام .
وأوكد هذا الذي أقوله بأحرف عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس : قال :
" من ابتدع في الإسلام بدعة – لاحظ يقول بدعة واحدة وليس بدعاً كثيرة – يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة " .
وهذا شيء خطير جدا ً ، ما الدليل يا إمام ؟
قال الإمام مالك : اقرؤا إن شئتم قول الله تعالى :
((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً))
فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً . انتهى كلامه .
متى قال الإمام مالك هذا الكلام ؟ في القرن الثاني من الهجرة ، أحد القرون المشهود لها بالخيرية !
فما بالك بالقرن الرابع عشر ؟!
هذا كلامٌ يُكتب بماء الذهب ؛ لكننا غافلون عن كتاب الله تعالى ، وعن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أقوال الأئمة الذين نزعم نحن أننا نقتدي بهم وهيهات هيهات ، بيننا وبينهم في القدوة بُعد المشرقين .
هذا إمام دار الهجرة يقول بلسانٍ عربيٍ مبين : "فمالم يكن يومئذٍ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً".
اليوم الاحتفال بالمولد النبوي دين ، ولولا ذلك ما قامت هذه الخصومة بين علماء يتمسكون بالسنة وعلماء يدافعون عن البدعة .
كيف يكون هذا من الدين ولم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا في عهد أتباع التابعين ؟!
الإمام مالك من أتباع التابعين ، وهو من الذين يشملهم حديث :
(( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) .
يقول الإمام مالك : " ما لم يكن حينئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً ، ولا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صَلُح به أولها " .
بماذا صلح أولها ؟ بإحداث أمور في الدين والُتقرب إلى الله تعالى بأشياء ما تقرب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
والرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل :
(( ما تركتُ شيئاً يُقربكم إلى الى الله إلى وأمرتكم به )) .
لماذا لم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحتفل بمولده ؟! هذا سؤال وله جواب :
هناك احتفال بالمولد النبوي مشروع ضد هذا الاحتفال غير المشروع , هذا الاحتفال المشروع كان موجوداً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعكس غير المشروع ،مع بَون شاسع بين الاحتفالين :
أول ذلك : أن الاحتفال المشروع عبادة متفق عليها بين المسلمين جميعاً .
ثانياً : أن الاحتفال المشروع يتكرر في كل أسبوع مرة واحتفالهم غير المشروع في السنة مرة .
هاتان فارقتان بين الاحتفالين : أن الأول عبادة ويتكرر في كل أسبوع بعكس الثاني غير المشروع فلا هو عبادة ولا يتكرر في كل أسبوع .
وأنا لا أقول كلاماً هكذا ما أنزل الله به من سلطان ، وإنما أنقل لكم حديثاً من صحيح مسلم رحمه الله تعالى عن أبي قتادة الأنصاري قال :
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله : ما تقول في صوم يوم الإثنين ؟
قال (( ذاك يومٌ وُلِدتُ فيه ، وأُنزل القرآن عليَّ فيه .))
ما معنى هذا الكلام ؟
كأنه يقول : كيف تسألني فيه والله قد أخرجني إلى الحياة فيه ، وأنزل عليَّ الوحي فيه ؟!
أي ينبغي أن تصوموا يوم الاثنين شكراً لله تعالى على خلقه لي فيه وإنزاله الوحي عليَّ فيهِ .
وهذا على وزان صوم اليهود يوم عاشوراء ، ولعلكم تعلمون أن صوم عاشوراء قبل فرض صيام شهر رمضان كان هو المفروض على المسلمين .
وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ؛ فسألهم عن ذلك ؛ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنده فصمناه شكراً لله ؛ فقال صلى الله عليه وسلم : (( نحن أحق بموسى منكم )) فصامه وأمر بصومه فصار فرضاً إلى أن نزل قوله تعالى :
((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)) .
فصار صوم عاشوراء سنة ونسخ الوجوب فيه .
الشاهد من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك اليهود في صوم عاشوراء شكراً لله تعالى أن نجى موسى من فرعون ؛ فنحن أيضاً فَتَح لنا باب الشكر بصيام يوم الاثنين لأنه اليوم الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واليوم الذي أُوحي إليه فيه .
الآن أنا أسألك : هولاء الذين يحتفلون بالمولد الذي عرفنا أنه ليس إلى الخير بسبيل أعرف ان كثيراً منهم يصومون يوم الاثنين كما يصومون يوم الخميس ؛ لكن تُرى أكثر المسلمين يصومون يوم الاثنين ؟
لا ، لا يصومون يوم الاثنين ، لكن أكثر المسلمين يحتفلون بالمولد النيوي في كل عام مرة ! أليس هذا قلباً للحقائق ؟!
هؤلاء يصدق عليهم قول الله تعالى لليهود :
((أَتَسْتَبْدِلُ ونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
هذا هو الخير : صيام متفق عليه بين المسلمين جميعاً وهو صيام الاثنين ومع ذلك فجمهور المسلمين لا يصومونه !!
نأتي لمن يصومه وهم قلة قليلة : هل يعلمون السر في صيامه ؟ لا لا يعلمون .
فأين العلماء الذين يدافعون عن المولد لماذا لا يبينون للناس أن صيام الاثنين هو احتفال مشروع بالمولد ويحثونهم عليه بدلاً من الدفاع عن الاحتفال الذي لم يُشرع ؟!!
وصدق الله تعالى ((أَتَسْتَبْدِلُ ونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :
(( للتتبعنَّ سَنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ))
وفي رواية أخرى خطيرة (( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك )) .
فنحن اتبعنا سنن اليهود ؛ فاستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير ، كاستبدالنا المولد النبوي الذي هو كل سنة وهو لا أصل له بالذي هو خير وهو الاحتفال في كل يوم اثنين وهو احتفال مشروع بأن تصومه مع ملاحظة السر في ذلك وهو أنك تصومه شكراً لله تعالى على أن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وأنزل الوحي فيه .
وأختم كلامي بذكر قوله صلى الله عليه وسلم :
(( أبى الله أن يقبل توبة مبتدع )) .
والله تعالى يقول : ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ))
وقد جاء في صحيح مسلم أن أحد التابعين جاء إلى السيدة عائشة
محاور الشيخ :
قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أليس تكريماً له ؟



الشيخ الألباني :
نعم
محاور الشيخ :
فيه ثواب هذا الخير من الله ؟



الشيخ الألباني :
كل الخير . ما تستفيد شيئاً من هذا السؤال ؛ ولذلك أقاطعك بسؤال : هل أحد يمنعك من قراءة سيرته ؟
أنا أسألك الآن سؤالاً : إذا كان هناك عبادة مشروعة ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما وضع لها زمناً معيناً ، ولا جعل لها كيفية معينة ؛ فهل يجوز لنا أن نحدد لها من عندنا زمناً معيناً ، أو كيفية معينة ؟ هل عندك جواب ؟
محاور الشيخ :
لا، لا جواب عندي .



الشيخ الألباني :
قال الله تعالى : ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ))
وكذلك يقول الله تعالى :
((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) التوبة:31
(( لما سمع عدي بن حاتم هذه الآية – وقد كان قبل إسلامه نصرانياً – أشكلت عليه فقال: إنا لسنا نعبدهم قال: ( أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟) ، فقال: بلى. قال : ( فتلك عبادتهم))).
وهذا يبيِّن خطورة الابتداع في دين الله تعالى .

مفرغ مع بعض الاختصار من أحد اشرطة سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني رحمه الله تعالى . رقم الشريط 94/1


((منقول من موقع الشيخ الألبانى رحمه الله ))

أبو فراس
2007-04-04, 11:48 PM
بارك الله فيك أختي الكريمة أم مريم على النقل الطيب وجزاك الله خيرا

أبوخالد
2007-06-14, 01:48 AM
جزاكم الله خيرا أختنا الكريمة على النقل وأحسنت اختيارا بارك الله فيك

محمد طه شعبان
2013-01-20, 11:57 PM
جزاكم الله خيرا

أبو معاذ السلفي
2013-01-21, 01:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بالنسبة لرسالة محمد علوي المالكي فقد رد عليها بعض أهل العلم والحمد لله ، وإليك بعض هذه الردود:

- كتاب " القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله:

لتحميل الكتاب بصيغة وورد وبصيغة pdF

http://www.soufia-h.org/up/uploads/13278746733.rar

ـ كتاب " حوار مع المالكي في رد ضلالاته ومنكراته "للشيخ : عبدالله بن سليمان بن منيع

بصيغة pdf وورد:

http://www.soufia-h.org/up/uploads/13278752685.rar


- كتاب " الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أخطائهم في المولد النبوي"


http://www.soufia-h.org/up/uploads/13278746732.rar
(http://www.soufia-h.org/up/uploads/13278746732.rar)

وراجع الرابط التالي والذي يحتوي على كتب واشرطة في الرد على من اجاز الاحتفال بالمولد:

http://majles.alukah.net/showthread.php?110485-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D8%B1%D8%B7 %D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%86%D9%83%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D8%AF%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA %D9%81%D8%A7%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88 %D9%84%D8%AF&p=638032#post638032