المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحو رمضان مختلف



ابو وليد البحيرى
2022-04-13, 09:28 AM
نحو رمضان مختلف (1)

لذة الحرمان
سعد الكبيسي




وسط عالم مادي يعج بالمتع والشهوات ونيل الحظوظ الدنيوية التي ترهق النفس والجسد معا، قبل وأثناء وبعد تحصيلها، يتراكم السيء من الآثار على العقل والقلب والروح والجسد على مدى شهور طويلة، لتأتي هنا محطة الاستراحة الربانية التي عنوانها الحرمان من خلال الصيام.

نعم، يكون الحرمان تربية وتهذيبا حيث تتزكى النفس بتقوية الإرادة لأخذ قرار الامتناع عن المألوف والمحبوب، وحيث يتزكى الجسد من خلال منح ماكنته قليلا من العطالة، ومنح القلب صفاء وتخففا ورقة مميزة.

في غير رمضان كان النهي النبوي عن أن نصوم الدهر بالتتابع، على عكس رمضان حيث نصومه كل يوم بالتتابع فهو هزة عنيفة تخرجك من مألوف العادات إلى شعائر جديدة ليلية ونهارية، تنقلك من حالة التراخي إلى حالة التحفز والسعي لتنال أعظم العطاء الروحي والنفسي والجسدي بالحرمان!!!

لقد ألفنا التعبد في العطاء بأن نصلي ونزكي ونحج ونذكر ونتحرك للعمل الصالح، لكن ان يكون التعبد هنا بالحرمان فهو أمر على عكس المألوف.

إنه حرمان لا يعلم صدقه وحقيته ودرجته الا الله، لذلك جعل ثوابه عنده.

إنه حرمان شامل عنوانه الحرمان من الطعام والشراب ومضمونه الحرمان من كل قول أوفعل مستنكر والا فلا حاجة لحرمان الجسد من حاجته، ما دامت النفس تقضى حاجتها بأن تنال ما تريد من محرم القول والفعل.

إنه حرمان مكروه لكنه ممزوج بلذة الظفر بنتائجه في تزكية الروح والجسد ليعلن الفرحة وشارة النصر مع أول تمرة تذهب الظمأ وتبل العروق.

إنه حرمان مؤقت لا أبدي من فجر الى مغرب ومن بداية شهر لآخره، فالمنع فيه وسيلة لا غاية، وأفضل الوسائل ما حقق الغايات بيسر وكمال، حيث التعسير غير مقصود ولا فضيلة فيه في تعاليم ديننا.

إنه حرمان يصاحبه التأمل في حر الأيام وعطش النهار بباب الريان المنتظر الذي أعلن احتكار دخوله لهم فحسب.

الناس في الحرمان مذاهب،

فهو حرمان إجباري عند قوم يعقبه عطاء مقبول ومرضي عندهم.


لكنه حرمان محبوب عند آخرين يعقبه عطاء جزيل وشكر عميق لهذا التوفيق.

إنه حرمان ليس من اختياراتنا وبطولاتنا فحسب، بل لأن الشياطين قد صدر الأمر بأن تصفد ودوافع الخير بأن تنتشر وتعين.

إنه حرمان كالنار تسري في الجسد تكويه لكنها تحرق كل ذنب مضى وكل كبيرة سلفت لتجعلها رمادا منثورا.

إنه حرمان وفي فهو يشفع لمن اختاره عند مالك الشفاعة والآمر بهذا الحرمان رب العالمين.

إن ذلك من عجائب التعبد أن يكون للحرمان لذة ....

ابو وليد البحيرى
2022-04-13, 09:31 AM
نحو رمضان مختلف (2)

علاقة جديدة
سعد الكبيسي




لقد تشرّف رمضان بإنزال القرآن فيه، وتشرفت ليلة التنزيل ليلة القدر منه بأن كانت خير الليالي، فالأزمنة والأمكنة المقدسة مهما بلغت قداستها فلن تكون بقداسة صفة من صفات الله تعالى، وكلامه سبحانه صفة من صفاته.

للقرآن في رمضان طعم آخر، لمن تلا وتدبر وعمل، فالشياطين مصفدة ومحبوسة، وملكات الفهم منطلقة ومتوقدة، وأدوات التفاعل والاستقبال في القلب جاهزة وراغبة، ودوافع العمل بالقرآن حاضرة وفاعلة، فلا تحرم نفسك من تلاوة تتدبر فيها، وتستقبل معاني القرآن لتعمل بها، وتتعلق بتلاوة سريعة سطحية لا تتيح فيها للسانك أن يتمهل، ولا لعقلك أن يتدبر، ولا لقبلك أن يتأثر، ولا لجسدك أن يعمل.

رمضان فرصة لبدء علاقة جديدة مع القرآن، فانكماش الشواغل المادية وتوافر المحفزات المعنوية يجعلنا نقرأ القرآن بنمط جديد، فلا نقصد التلاوة على حساب التدبر، ولا نقف عند التدبر إن تسنى لنا العمل بما تدبرناه، فالتلاوة والتدبر والعمل هي أركان الانتفاع التام بالقرآن، وإلا كانت الانتفاع قاصرا ومحدودا، فالله تعالى يعطيك الأجر على مقدار تحقيق هذه الثلاثة، وإن كان يعطي الأجر بكرمه سبحانه على التلاوة فقط بكل حرف عشر حسنات.

اقرأ معي قوله سبحانه: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ"، فاجعل تلاوتك على نية تحصيل الهدى والبينات والفرقان فهو المقصود النهائي والأكمل للانتفاع بالقرآن، فمن لم يحصل على الهدى والبينات والفرقان كان حظه من القرآن تلاوة حروفه دون تدبر معانيه والعمل بمقاصده ومراميه وفي كل ذلك خير.

لقد كان جبريل يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مرة كل عام في رمضان ويعرض أي يختم، وما ذلك إلا لكون رمضان شهر القرآن، فاقترب منه أكثر تلاوة وتدبرا وعملا، واجعل للقرآن أولوية ومزيد عناية.

ارفع شعار النوع لا الكم في رمضان هذا وأنت تتلو القرآن، وراجع ما حفظته من القرآن لتستعين به في قيام ليلك.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ، ولا يتسنى ذلك إلا للمتدبرين العاملين بما تدبروا، أما الذين يتلونه دون تدبر فقد حرموا أنفسهم من هذا الخير وإن أثيبوا على التلاوة فقط.

"كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ".

وقد جاء رجل لابن مسعود رضي الله عنه، فقال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال ابن مسعود: "أهذّاً كهذِّ الشِّعر؟! إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع".

وقال الحسن البصري: "أنزل القرآن ليُعمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملاً".


إنه القرآن نور، وموعظة، وهدى، وبينات، ورحمة، وشفاء، وروح، وذكرى، وبشرى، وبشارة، ونذارة، ورحمة، وفرقان، ومحكم، وبصائر، وبينات، ومبارك، وميسر، ومعجز، وفيه تبيان وتفصيل كل شيء، فاتل كتاب ربك ناويا أخذ حظك من كل هذا فيه، ولا يكن حظك قصد التعبد والتلاوة فقط.

فمعاً نحو انتفاع مختلف بالقرآن ...

ابو وليد البحيرى
2022-04-14, 11:18 AM
نحو رمضان مختلف (3)

سعد الكبيسي

ريح مرسلة
لماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان فهو كالريح المرسلة؟ كما وصفه ابن عباس رضي الله عنه فقال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" رواه البخاري ومسلم.

والريح المرسلة هي الريح السريعة المنطلقة التي لا يوقفها شيء، ويعني التشبيه أن جوده صلى الله عليه وسلم كان سريعا مستمرا غير محدود، فيعطي قبل السؤال، ولا يتأخر عنه بعد السؤال، سواء كان هذا العطاء كميا أو نوعيا.

ما علاقة الجود برمضان؟ ولماذا كان الجود الأكبر فيه؟ لعل السبب في جملة أمور:

أولا: إن رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، والصدقة والجود والإنفاق سبب لنيل ذلك.

ثانيا: إن رمضان تعظم فيه الأجور والمثوبة، فهذا يدفع لمزيد من الجود.

ثالثا: إن القرب من القرآن في رمضان يحرك لتحقيق معاني القرآن وأوامره في الجود ورعاية المحتاجين.

رابعا: إن الجود في رمضان يجبر النقص المتوقع من الصيام، فقد يبتلى المسلم ببعض القول أو الفعل المنافي لمقاصد الصيام، فيأتي الجود هنا ليكمل النقص ويجبر المنكسر، كما تجبر صلاة النافلة صلاة الفريضة.

خامسا: إن رمضان مظنة وقت الحاجة والجوع المحتمل للصائمين من الفقراء، خصوصا أن هناك عيدا يعقب رمضان، والعيد فرحة وتوسعة، فسد حاجتهم في هذا الشهر أولى وأكثر طلبا.

سادسا: إن النفس في رمضان تتخفف من ذنوبها ومن كثرة طعامها وشرابها، فتزكو هذه النفس وتشف وترق وتصبح أكثر استعدادا للبذل والعطاء والجود.

سابعا: لأن الشياطين مصفدة في رمضان فإن نوازع الخير والجود تكون أسهل وأكثر فاعلية، فتنكمش خصال الأثرة والشح والبخل والخوف من الفقر وحب المال.

ثامنا: لا يقتصر الجود في رمضان على المال، بل الجود بالوقت والجهد والمعونة والشفاعة ورفع المعاناة والحاجة عن الناس، فالجود صور متعددة.

تاسعا: إن كرم الله على العبد بأن أتاح له أن يبلغ الشهر الكريم وأن يصومه ويقومه قويا صحيحا، يناسب مقابلة هذا الجود والكرم الرباني بجود العبد وكرمه وشكره.


عاشرا: إن رمضان شهر مميز في كل شيء في قرآنه وصلاته وصيامه وذكره ودعاءه، فناسب أن يكون مميزا في جوده وإنفاقه وكرمه.

تلك عشرة كاملة، فيا من أكرمك الله ببلوغ رمضان لا تحبس عطائك عن مستحقيه، ودع الناس تستقبل جودك كالريح المرسلة بصادق الدعاء والثناء ...

ابو وليد البحيرى
2022-04-14, 11:21 AM
نحو رمضان مختلف (4)

سعد الكبيسي

صلوات خاشعة
الخشوع لبُّ الصلاة ومن أهم مقاصدها العظيمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.

ويتحقق هذا المقصد في رمضان بشكل أكبر وبمعينات أكبر من خلال التنبه للآتي:

أولا: في ليل رمضان صلاة وقيام، والليل موطن السكون والخلوة والتأمل، وكل هذه توفر إمكانا أكبر لخشوع أكثر كمالا وجمالا وعمقا.

ثانيا: في نهار رمضان صلاة وصيام حيث يتخفف الجسد مما يثقله ويصرفه عن كمال الخشوع، ففي النفس إقبال وفي الجسد انكسار وفي القلب راحة، توجه الملكات للاستغراق في خشوع أفضل وأتم.

ثالثا: رمضان شهر القرآن وطعم القرآن المختلف في الصلاة يخلق طعما مختلفا للخشوع فيها، فعلى قدر التدبر في القرآن في الصلاة سيكون قدر الخشوع المتحصل منها.

رابعا: ثمة هدية عظيمة من رب العزة والجلال أن تزاح الشياطين من طريق التعبد والصلاة والخشوع في رمضان، لتفسح المجال أمام الملائكة بأن ينفردوا بالتأثير على ملكات ونوازع الخير في النفس وسد منافذ الوسوسة.

خامسا: إن طمع المسلم أن يكون ممن يشمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" سيكون حافزا عظيما نحو توجيه البال وحصر الهم وتكثيف الانشغال بالتوجه والإنابة والخشوع في هذا القيام، ليكون القيام أكمل والمغفرة أتم وأعظم.

سادسا: إن الخشوع لذة من لذات الصلاة ولذة من لذات النفس، حيث تلقي النفس أثقالها وهمومها وغمومها بين يدي ربها، فتكون الصلاة حينئذ محط راحة لا أداء واجب فحسب.

سابعا: قد نسقط الفريضة بأداء صلاة من حركات رتيبة، لا إقبال فيها ولا توجه، لكننا لن نقطف ثمراتها بدون وجود خشوع يحقق مقاصدها وآثارها، وهذا خطأ يقع فيه بعض العابدين فيغلبون الكم على النوع، ويحرصون على كثرة من الركعات دون أن يحرصوا على الخشوع فيها وتحقيق أهدافها ومقاصدها.

لنقرأ سوية قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((إنَّ الرجل لينصرف وما كُتِب له إلاَّ عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبُعها، ثُلُثها، نِصفها)).


لنجعل رمضان هذا شهر الصلوات الخاشعة ما استطعنا الى ذلك سبيلا

ابو وليد البحيرى
2022-04-15, 12:13 PM
نحو رمضان مختلف (5)

صلوات خاشعة
سعد الكبيسي

الخشوع لبُّ الصلاة ومن أهم مقاصدها العظيمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.

ويتحقق هذا المقصد في رمضان بشكل أكبر وبمعينات أكبر من خلال التنبه للآتي:

أولا: في ليل رمضان صلاة وقيام، والليل موطن السكون والخلوة والتأمل، وكل هذه توفر إمكانا أكبر لخشوع أكثر كمالا وجمالا وعمقا.

ثانيا: في نهار رمضان صلاة وصيام حيث يتخفف الجسد مما يثقله ويصرفه عن كمال الخشوع، ففي النفس إقبال وفي الجسد انكسار وفي القلب راحة، توجه الملكات للاستغراق في خشوع أفضل وأتم.

ثالثا: رمضان شهر القرآن وطعم القرآن المختلف في الصلاة يخلق طعما مختلفا للخشوع فيها، فعلى قدر التدبر في القرآن في الصلاة سيكون قدر الخشوع المتحصل منها.

رابعا: ثمة هدية عظيمة من رب العزة والجلال أن تزاح الشياطين من طريق التعبد والصلاة والخشوع في رمضان، لتفسح المجال أمام الملائكة بأن ينفردوا بالتأثير على ملكات ونوازع الخير في النفس وسد منافذ الوسوسة.

خامسا: إن طمع المسلم أن يكون ممن يشمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" سيكون حافزا عظيما نحو توجيه البال وحصر الهم وتكثيف الانشغال بالتوجه والإنابة والخشوع في هذا القيام، ليكون القيام أكمل والمغفرة أتم وأعظم.

سادسا: إن الخشوع لذة من لذات الصلاة ولذة من لذات النفس، حيث تلقي النفس أثقالها وهمومها وغمومها بين يدي ربها، فتكون الصلاة حينئذ محط راحة لا أداء واجب فحسب.

سابعا: قد نسقط الفريضة بأداء صلاة من حركات رتيبة، لا إقبال فيها ولا توجه، لكننا لن نقطف ثمراتها بدون وجود خشوع يحقق مقاصدها وآثارها، وهذا خطأ يقع فيه بعض العابدين فيغلبون الكم على النوع، ويحرصون على كثرة من الركعات دون أن يحرصوا على الخشوع فيها وتحقيق أهدافها ومقاصدها.


لنقرأ سوية قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((إنَّ الرجل لينصرف وما كُتِب له إلاَّ عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبُعها، ثُلُثها، نِصفها)).

لنجعل رمضان هذا شهر الصلوات الخاشعة ما استطعنا الى ذلك سبيلا ...

ابو وليد البحيرى
2022-04-15, 12:17 PM
نحو رمضان مختلف (6)

شياطين غير مصفدة


سعد الكبيسي

وعدنا الله تعالى بتصفيد شياطين الجنّ في رمضان، حيث الوسوسة في أضعف حالاتها ودافع الخير داخل المسلم في أعلى درجاته،

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَاب جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: "وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ".

والتصفيد إما حبسهم وتقييدهم حقيقة، وإما تعبير مجازي عن ضعف وسوستهم بسبب كثرة الذكر والصيام والقيام وأعمال الخير.

لكن الله تعالى لم يعدنا بتصفيد شياطين الإنس، حيث تبقى شياطين الإنس تمارس وظيفتها بكل كفاءة واقتدار، بل ربما كان من خطتها أن تفسد عليك رمضان بكل ما تستطيع.

شياطين الإنس نجدهم في العمل والشارع والسوق وفي كل مكان، لكن وجودهم الحقيقي في زماننا أصبح في الفن الهابط والإعلام الفاسد الذي لا يحتاج إلى كثير كلام في بيان حقيقته ومظاهر الفساد الذي فيه.

لسنا ضد الفن والإعلام الهادف أو على الأقل الفن والإعلام في الممتع المباح، ولكننا ضد الفن والإعلام المحمل بكمّ هائل من الأفكار والسلوكيات والرسائل التي أصبح العاقل موقنا أنها ليست رسائل عبثية، تهدف لأغراض إنتاجية ربحية فقط بل تهدف لخلق متلق جديد ذي قيم جديدة.

لماذا أصبحت المتعة في ليل رمضان ونهاره هدفا كأنَّ المسلم في رمضان يحمل من العبء النفسي والبدني من صيامه وقيامه ما يحتاج معه إلى مزيد من المتعة والترفيه، في الوقت الذي الذي يريد الإسلام منه من خلال الصيام والقيام والقرآن والصدقة في رمضان أن يتطهر ويرتاح وتصفو نفسه وتتمتع بذلك وتسر.


أيها المسلم: تكفل الله لك بنصف الشياطين في رمضان فكن على حذر من النصف الآخر، وإن كيد الشيطان كان ضعيفا.