عبد الرحمن هاشم بيومي
2022-03-04, 04:58 AM
خرجه مسلم في صحيحه تعليقا بصيغة التمريض [2292]، فقال:
وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَدَيْهَا،
وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ، وَعَصَوْا أَمْرَهُ ". اهـ.
تابعه البزار في مسنده [3177]، فقال: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، بنحوه مرفوعا.
وقال: "وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا أَبُو مُوسَى بِهَذَا الإِسْنَادِ". اهـ.
وخرجه ابن عدي في الكامل [2 : 246]، عن أبي بشر الدولابي، قال: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، به.
وقال ابن عدي: "وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِأَبِي أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، وَقَدْ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ،
ثناه ابْنُ زَاطِيَا، عَنِ الْقَوَارِيرِيّ ِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُرْدَةَ هُوَ يَحْيَى بْنُ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ". اهـ.
ثم قال: "وَأُنْكِرُ مَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ، وَهَذَا طَرِيقٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ ثِقَاتٌ،
وَقَدْ أَدْخَلَهُ قَوْمٌ فِي صِحَاحِهِمْ، وَأَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ بِبُرَيْدٍ هَذَا بَأسًا". اهـ.
وقد خالفه الطبراني فقد خرجه في المعجم الأوسط [4306]، فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيّ ُ، قَالَ:
نا يَحْيَى بْنُ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ سَلَفًا وَفرَطًا بَيْنَ يَدَيْهَا،
وَإِذَا أَرَادَ هَلاكَهَا عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، وَهُوَ يَنْظُرُ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلاكِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ، وَعَصَوْا أَمْرَهُ ".
قال الطبراني: "لا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي مُوسَى إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْقَوَارِيرِيّ ُ". اهـ.
فكأنه لم يعرف من حديث أبي أسامة على شهرته في المصنفات عند المحدثين وأن الحديث حديث يحيى بن بريد وهو ضعيف.
وتابعه ابن عدي في الكامل (9/74)، ثم قال:
"وليحيى بن أبي بردة غير هذا إلا أن هذا الحديث أنكر ما وجدت له". اهـ.
وكان يُستغرب تفرد إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي أسامة بعض الأحاديث.
ففي بعض الأحاديث فيما خرجه الدارقطني في أربعين حديثا، من طريق إِبْرَاهِيم بْن سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُ، قال:
حَدَّثَنا أَبُو أُسَامة، عَن بُرَيد بْنِ عَبد اللهِ، عَن أَبِي بُرْدَة، عَن أَبِي مُوسَى، عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُمْلِي الظَّالِمَ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ تَلا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القرى وهي ظالمة. اهـ.
قال: قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ:
"كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ،
وَعِنْدَ غَيْرِهِ: عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ". اهـ.
وتابعه قال البزار في مسنده، فقال:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِأَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا رَوَاهُ غَيْرَ أَبِي مُعَاوِيَةَ،
حَتَّى أَخْبَرَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَلَمْ نَرَهُ عِنْدَ أَحَدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، إِلا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ،
وَكَانَ سَمَاعُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ، مِنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَسَمَاعُ الْمُعَيْطِيِّ وَاحِدٌ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ تَابَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثَ". اهـ.
وقال الجنابذي في العوالي: "وَقَدْ كَتَبْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ وَهُوَ عَجَبٌ". اهـ.
قلتُ: ولعل أبا أسامة أخذه من أبي معاوية، فنسب الحديث لنفسه وهما، وسوف يأتي في ترجمته ما يدل على ذلك.
فإن أبا أسامة ذو أطول نسخة لحديث بريد عن أبي بردة كما ذكر ابن عدي.
ومما يؤاخذ عليه في هذا الصدد حديث لم يخرجه غير أبي يعلى في مسنده [7285]، فقال:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الَّذِي قَدْ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، إلخ". اهـ.
وهذا خطأ، إنما يرويه أبو أسامة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
فيما خرجه الشاشي في مسنده [٨٣٨]، فقال:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ، يَقُولُ:
اشْتَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَعُدْتُهُ قَالَ: فَحَدَّثَنَا بحديثين أحدهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ،
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فذكر نحوه.
خرجه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم.
وفي حديث ءاخر: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) قال البزار في مسنده:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُرَيْدٍ،
وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا حَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدَةَ، إِلا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ". اهـ.
وقال الترمذي - بعدما خرجه عن إبراهيم -: "غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى". اهـ، ومرضه في موضع ءاخر.
قلتُ: قد يقول قائل: قد تابعه أبو البختري عبد الله بن محمد العنبري فيما خرجه عنه ابن منده في الإيمان (1/448).
وهذه المتابعة فيها نظر، غير معتبرة بها؛ لما ذكره الأئمة البزار والترمذي.
ولو كانت محفوظة لما عدل عنهما مسلم ولا أبو عوانة ولا غيرهما.
قلتُ: بل فعل أبو البختري هذا مرة أخرى ما وقع في إفراد لأبي كريب عن أبي أسامة، فاستنكره عليه الحفاظ.
ففي العلل للترمذي [565]، فقال: حدثنا أبو كريب , وأبو السائب , وحسين بن الأسود البغدادي , قالوا:
حدثنا أبو أسامة , عن بريد بن عبد الله , عن جده أبي بردة , عن أبي موسى , قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد» ,
سألت محمدا قال: هذا حديث أبي كريب.
فقلت له: حدثنا غير واحد عن أبي أسامة", فجعل يتعجب منه , ولم يعرفه إلا من حديثه". اهـ.
وفي موضع ءاخر قال: فَجَعَلَ [أي البخاري] يَتَعَجَّبُ، وَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا حَدَّثَ بِهَذَا غَيْرَ أَبِي كُرَيْبٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ [أي البخاري]: وَكُنَّا نَرَى أَنَّ أَبَا كُرَيْبٍ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فِي الْمُذَاكَرَةِ". اهـ.
وكذا قال مثله محمود بن غيلان فيما سأله الترمذي.
قال ابن القيسراني: "وَقد رَوَاهُ غير من ذكر أَبُو عِيسَى: أَبُو البخْترِي". اهـ.
قلتُ: القول قول الأئمة قال ابن رجب - بعد ذكره كلام الترمذي -: «وما حكاه الترمذيُّ عن البخاريِّ ههنا أنه قال:
"كنا نرى أنَّ أبا كُرَيْب أخَذَ هذا عن أبي أسامة في المذاكرة": فهو تعليلٌ للحديث؛
فإنَّ أبا أسامة لم يرو هذا الحديثَ عنه أحدٌ من الثقات غَيْرُ أبي كريب،
والمذاكرةُ يُجْعَلُ فيها تسامحٌ بخلافِ حالِ السماع أو الإملاء». اهـ.
وتابعهم الإمام أبو زرعة كما في الضعفاء لأبي زرعة في أجوبته على أسئلة البرذعي (2/528).
قال الْبَرْذَعِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثِ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى: «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ».
فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ،
فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ،
فَقَالَ: أَبُو السَّائِبِ رَوَى هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ حَدَّثَنَا بِهِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ.
وَقَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ يَرْوِيهِ أَيْضًا، فَسَأَلْتُ أَبَا هِشَامٍ أَنْ يُخْرِجَ إِلَيَّ كِتَابَهُ فَفَعَلَ،
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَرَأَيْتُهُ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ سَطْرَيْنِ بِخَطٍّ غَيْرِ الْخَطِّ الَّذِي فِي الْكِتَابِ،
ثُمّ قَالَ لِي: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ يَرْوِي مِثْلَ هَذَا- أَوْ نَحْوَ مَا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ-.
وَأَعَادَ عَلَيَّ غَيْرَ مَرَّةٍ، هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ". اهـ.
قال ابن رجب في "شرح علل الترمذي" 248:
أما حديث أبي موسى هذا فخرجه مسلم، عن أبي كريب،
وقد استغربه غير واحد من هذا الوجه، وذكروا أن أبا كريب تفرد به، منهم البخاري وأبو زرعة،
وذكر لأبي زرعة من رواه عن أبي أسامة غير أبي كريب، فكأنه أشار إلى أنهم أخذوه منه،
وحسين بن الأسود كان يتهم بسرقة الحديث، وأبو هشام فيه ضعف أيضًا". اهـ.
قلتُ: قوله: "خرجه مسلم" على الإطلاق فيه نظر، فإنما خرجه في الشواهد.
وقال البزار في مسنده:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ،
وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَالْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِأَبِي كُرَيْبٍ". اهـ.
قلتُ: ورواه غير من ذكر ءانفا، فيما خرجه أبو عوانة في المستخرج [8414]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمِصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَوَابٍ الْهَبَّارِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالا:
ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مَعِيٍّ وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ". اهـ.
قلتُ: المصري لم أعرفه، والهباري متكلم فيه، ولا يحفظ إلا من حديث أبي كريب كما ذكر الأئمة.
لذلك قال الإمام أحمد كما في "مسائل أبي داود" (1821) :"على هذا الحديث يطلبون حديثًا من ثلاثين وجه أحاديث ضعيفة"،
قال أبو داود: وجعل يذكر طلب الطرق نحو هذا، قال: شيء لا ينتفعون به، أو نحو هذا الكلام". اهـ.
وقد تكلم في أبي أسامة بشيء لا يوجب رده بالكلية.
وقال الآجرى، عن أبى داود: قال وكيع: "نهيت أبا أسامة أن يستعير الكتب، وكان دفن كتبه".
وحكى الأزدى فى " الضعفاء " عن سفيان بن وكيع قال: "كان أبو أسامة يتتبع كتب الرواة، فيأخذها ، وينسخها"،
قال لى ابن نمير: إن المحسن لأبى أسامة يقول: "إنه دفن كتبه ، ثم تتبع الأحاديث بعد من الناس".
قال سفيان بن وكيع: "إنى لأعجب كيف جاز حديث أبى أسامة، كان أمره بينا، و كان من أسرق الناس لحديث جيد". اهـ.
قال يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ": قال ابن نمير: هو الذي يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر،
ونرى أنه ليس بابن جابر المعروف، ذكر لي أنه رجل يسمى بابن جابر، فدخل فيه، وإنما هو إنسان يسمى بابن جابر.
قال يعقوب: صدق، هو ابن تميم، وكأني رأيت ابن نمير يتهم أَبا أسامة أنه علم ذلك وعرف، ولكن تغافل عن ذلك،
قال لي ابن نمير: أما ترى روايته لا تشبه شيئًا من حديثه الصحاح الذي روى عنه أهل الشَّام وأصحابه الثقات. اهـ
وذكر له الإمام أحمد بعض الأخطاء التي وقع فيها أبو أسامة كما في العلل (4844)، (4845 و4846).
وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة ثبت، ربما دلس، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره". اهـ.
وهذا الحديث معناه ورد في عن أصحاب الإسرائيليات.
خرج البيهقي في الشعب [7076]، من طريق أبي الْمُثَنَّى، قال:
نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نا أَبِي، نا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنِ السُّمَيْطِ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ:
" إِنَّ لِكُلِّ زَمَانٍ مَلِكًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى نَحْوِ قُلُوبِ أَهْلِهِ، فَإِذَا أَرَادَ صَلاحَهُمْ بَعَثَ عَلَيْهِمْ مُصْلِحًا، وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَتَهُمْ بَعَثَ فِيهِمْ مُتْرَفِيهِمْ ". اهـ.
وخرجه الطبري في تفسيره [14 : 531] حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالا: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فقال بنحو ما قال كعب.
والله أعلم.
وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَدَيْهَا،
وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ، وَعَصَوْا أَمْرَهُ ". اهـ.
تابعه البزار في مسنده [3177]، فقال: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، بنحوه مرفوعا.
وقال: "وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا أَبُو مُوسَى بِهَذَا الإِسْنَادِ". اهـ.
وخرجه ابن عدي في الكامل [2 : 246]، عن أبي بشر الدولابي، قال: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، به.
وقال ابن عدي: "وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِأَبِي أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، وَقَدْ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ،
ثناه ابْنُ زَاطِيَا، عَنِ الْقَوَارِيرِيّ ِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُرْدَةَ هُوَ يَحْيَى بْنُ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ". اهـ.
ثم قال: "وَأُنْكِرُ مَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ، وَهَذَا طَرِيقٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ ثِقَاتٌ،
وَقَدْ أَدْخَلَهُ قَوْمٌ فِي صِحَاحِهِمْ، وَأَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ بِبُرَيْدٍ هَذَا بَأسًا". اهـ.
وقد خالفه الطبراني فقد خرجه في المعجم الأوسط [4306]، فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيّ ُ، قَالَ:
نا يَحْيَى بْنُ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ سَلَفًا وَفرَطًا بَيْنَ يَدَيْهَا،
وَإِذَا أَرَادَ هَلاكَهَا عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، وَهُوَ يَنْظُرُ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلاكِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ، وَعَصَوْا أَمْرَهُ ".
قال الطبراني: "لا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي مُوسَى إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْقَوَارِيرِيّ ُ". اهـ.
فكأنه لم يعرف من حديث أبي أسامة على شهرته في المصنفات عند المحدثين وأن الحديث حديث يحيى بن بريد وهو ضعيف.
وتابعه ابن عدي في الكامل (9/74)، ثم قال:
"وليحيى بن أبي بردة غير هذا إلا أن هذا الحديث أنكر ما وجدت له". اهـ.
وكان يُستغرب تفرد إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي أسامة بعض الأحاديث.
ففي بعض الأحاديث فيما خرجه الدارقطني في أربعين حديثا، من طريق إِبْرَاهِيم بْن سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُ، قال:
حَدَّثَنا أَبُو أُسَامة، عَن بُرَيد بْنِ عَبد اللهِ، عَن أَبِي بُرْدَة، عَن أَبِي مُوسَى، عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُمْلِي الظَّالِمَ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ تَلا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القرى وهي ظالمة. اهـ.
قال: قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ:
"كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ،
وَعِنْدَ غَيْرِهِ: عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ". اهـ.
وتابعه قال البزار في مسنده، فقال:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِأَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا رَوَاهُ غَيْرَ أَبِي مُعَاوِيَةَ،
حَتَّى أَخْبَرَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَلَمْ نَرَهُ عِنْدَ أَحَدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، إِلا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ،
وَكَانَ سَمَاعُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ، مِنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَسَمَاعُ الْمُعَيْطِيِّ وَاحِدٌ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ تَابَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثَ". اهـ.
وقال الجنابذي في العوالي: "وَقَدْ كَتَبْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ وَهُوَ عَجَبٌ". اهـ.
قلتُ: ولعل أبا أسامة أخذه من أبي معاوية، فنسب الحديث لنفسه وهما، وسوف يأتي في ترجمته ما يدل على ذلك.
فإن أبا أسامة ذو أطول نسخة لحديث بريد عن أبي بردة كما ذكر ابن عدي.
ومما يؤاخذ عليه في هذا الصدد حديث لم يخرجه غير أبي يعلى في مسنده [7285]، فقال:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الَّذِي قَدْ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، إلخ". اهـ.
وهذا خطأ، إنما يرويه أبو أسامة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
فيما خرجه الشاشي في مسنده [٨٣٨]، فقال:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ، يَقُولُ:
اشْتَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَعُدْتُهُ قَالَ: فَحَدَّثَنَا بحديثين أحدهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ،
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فذكر نحوه.
خرجه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم.
وفي حديث ءاخر: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) قال البزار في مسنده:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُرَيْدٍ،
وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا حَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدَةَ، إِلا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ". اهـ.
وقال الترمذي - بعدما خرجه عن إبراهيم -: "غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى". اهـ، ومرضه في موضع ءاخر.
قلتُ: قد يقول قائل: قد تابعه أبو البختري عبد الله بن محمد العنبري فيما خرجه عنه ابن منده في الإيمان (1/448).
وهذه المتابعة فيها نظر، غير معتبرة بها؛ لما ذكره الأئمة البزار والترمذي.
ولو كانت محفوظة لما عدل عنهما مسلم ولا أبو عوانة ولا غيرهما.
قلتُ: بل فعل أبو البختري هذا مرة أخرى ما وقع في إفراد لأبي كريب عن أبي أسامة، فاستنكره عليه الحفاظ.
ففي العلل للترمذي [565]، فقال: حدثنا أبو كريب , وأبو السائب , وحسين بن الأسود البغدادي , قالوا:
حدثنا أبو أسامة , عن بريد بن عبد الله , عن جده أبي بردة , عن أبي موسى , قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد» ,
سألت محمدا قال: هذا حديث أبي كريب.
فقلت له: حدثنا غير واحد عن أبي أسامة", فجعل يتعجب منه , ولم يعرفه إلا من حديثه". اهـ.
وفي موضع ءاخر قال: فَجَعَلَ [أي البخاري] يَتَعَجَّبُ، وَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا حَدَّثَ بِهَذَا غَيْرَ أَبِي كُرَيْبٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ [أي البخاري]: وَكُنَّا نَرَى أَنَّ أَبَا كُرَيْبٍ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فِي الْمُذَاكَرَةِ". اهـ.
وكذا قال مثله محمود بن غيلان فيما سأله الترمذي.
قال ابن القيسراني: "وَقد رَوَاهُ غير من ذكر أَبُو عِيسَى: أَبُو البخْترِي". اهـ.
قلتُ: القول قول الأئمة قال ابن رجب - بعد ذكره كلام الترمذي -: «وما حكاه الترمذيُّ عن البخاريِّ ههنا أنه قال:
"كنا نرى أنَّ أبا كُرَيْب أخَذَ هذا عن أبي أسامة في المذاكرة": فهو تعليلٌ للحديث؛
فإنَّ أبا أسامة لم يرو هذا الحديثَ عنه أحدٌ من الثقات غَيْرُ أبي كريب،
والمذاكرةُ يُجْعَلُ فيها تسامحٌ بخلافِ حالِ السماع أو الإملاء». اهـ.
وتابعهم الإمام أبو زرعة كما في الضعفاء لأبي زرعة في أجوبته على أسئلة البرذعي (2/528).
قال الْبَرْذَعِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثِ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى: «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ».
فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ،
فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ،
فَقَالَ: أَبُو السَّائِبِ رَوَى هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ حَدَّثَنَا بِهِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ.
وَقَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ يَرْوِيهِ أَيْضًا، فَسَأَلْتُ أَبَا هِشَامٍ أَنْ يُخْرِجَ إِلَيَّ كِتَابَهُ فَفَعَلَ،
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَرَأَيْتُهُ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ سَطْرَيْنِ بِخَطٍّ غَيْرِ الْخَطِّ الَّذِي فِي الْكِتَابِ،
ثُمّ قَالَ لِي: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ يَرْوِي مِثْلَ هَذَا- أَوْ نَحْوَ مَا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ-.
وَأَعَادَ عَلَيَّ غَيْرَ مَرَّةٍ، هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ". اهـ.
قال ابن رجب في "شرح علل الترمذي" 248:
أما حديث أبي موسى هذا فخرجه مسلم، عن أبي كريب،
وقد استغربه غير واحد من هذا الوجه، وذكروا أن أبا كريب تفرد به، منهم البخاري وأبو زرعة،
وذكر لأبي زرعة من رواه عن أبي أسامة غير أبي كريب، فكأنه أشار إلى أنهم أخذوه منه،
وحسين بن الأسود كان يتهم بسرقة الحديث، وأبو هشام فيه ضعف أيضًا". اهـ.
قلتُ: قوله: "خرجه مسلم" على الإطلاق فيه نظر، فإنما خرجه في الشواهد.
وقال البزار في مسنده:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ،
وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَالْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِأَبِي كُرَيْبٍ". اهـ.
قلتُ: ورواه غير من ذكر ءانفا، فيما خرجه أبو عوانة في المستخرج [8414]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمِصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَوَابٍ الْهَبَّارِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالا:
ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مَعِيٍّ وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ". اهـ.
قلتُ: المصري لم أعرفه، والهباري متكلم فيه، ولا يحفظ إلا من حديث أبي كريب كما ذكر الأئمة.
لذلك قال الإمام أحمد كما في "مسائل أبي داود" (1821) :"على هذا الحديث يطلبون حديثًا من ثلاثين وجه أحاديث ضعيفة"،
قال أبو داود: وجعل يذكر طلب الطرق نحو هذا، قال: شيء لا ينتفعون به، أو نحو هذا الكلام". اهـ.
وقد تكلم في أبي أسامة بشيء لا يوجب رده بالكلية.
وقال الآجرى، عن أبى داود: قال وكيع: "نهيت أبا أسامة أن يستعير الكتب، وكان دفن كتبه".
وحكى الأزدى فى " الضعفاء " عن سفيان بن وكيع قال: "كان أبو أسامة يتتبع كتب الرواة، فيأخذها ، وينسخها"،
قال لى ابن نمير: إن المحسن لأبى أسامة يقول: "إنه دفن كتبه ، ثم تتبع الأحاديث بعد من الناس".
قال سفيان بن وكيع: "إنى لأعجب كيف جاز حديث أبى أسامة، كان أمره بينا، و كان من أسرق الناس لحديث جيد". اهـ.
قال يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ": قال ابن نمير: هو الذي يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر،
ونرى أنه ليس بابن جابر المعروف، ذكر لي أنه رجل يسمى بابن جابر، فدخل فيه، وإنما هو إنسان يسمى بابن جابر.
قال يعقوب: صدق، هو ابن تميم، وكأني رأيت ابن نمير يتهم أَبا أسامة أنه علم ذلك وعرف، ولكن تغافل عن ذلك،
قال لي ابن نمير: أما ترى روايته لا تشبه شيئًا من حديثه الصحاح الذي روى عنه أهل الشَّام وأصحابه الثقات. اهـ
وذكر له الإمام أحمد بعض الأخطاء التي وقع فيها أبو أسامة كما في العلل (4844)، (4845 و4846).
وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة ثبت، ربما دلس، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره". اهـ.
وهذا الحديث معناه ورد في عن أصحاب الإسرائيليات.
خرج البيهقي في الشعب [7076]، من طريق أبي الْمُثَنَّى، قال:
نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نا أَبِي، نا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنِ السُّمَيْطِ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ:
" إِنَّ لِكُلِّ زَمَانٍ مَلِكًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى نَحْوِ قُلُوبِ أَهْلِهِ، فَإِذَا أَرَادَ صَلاحَهُمْ بَعَثَ عَلَيْهِمْ مُصْلِحًا، وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَتَهُمْ بَعَثَ فِيهِمْ مُتْرَفِيهِمْ ". اهـ.
وخرجه الطبري في تفسيره [14 : 531] حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالا: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فقال بنحو ما قال كعب.
والله أعلم.