تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حديث: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ"



عبد الرحمن هاشم بيومي
2022-03-04, 04:58 AM
خرجه مسلم في صحيحه تعليقا بصيغة التمريض [2292]، فقال:
وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَدَيْهَا،
وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ، وَعَصَوْا أَمْرَهُ ". اهـ.
تابعه البزار في مسنده [3177]، فقال: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، بنحوه مرفوعا.
وقال: "وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا أَبُو مُوسَى بِهَذَا الإِسْنَادِ". اهـ.
وخرجه ابن عدي في الكامل [2 : 246]، عن أبي بشر الدولابي، قال: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، به.
وقال ابن عدي: "وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِأَبِي أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، وَقَدْ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ،
ثناه ابْنُ زَاطِيَا، عَنِ الْقَوَارِيرِيّ ِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُرْدَةَ هُوَ يَحْيَى بْنُ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ". اهـ.
ثم قال: "وَأُنْكِرُ مَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ، وَهَذَا طَرِيقٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ ثِقَاتٌ،
وَقَدْ أَدْخَلَهُ قَوْمٌ فِي صِحَاحِهِمْ، وَأَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ بِبُرَيْدٍ هَذَا بَأسًا". اهـ.
وقد خالفه الطبراني فقد خرجه في المعجم الأوسط [4306]، فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيّ ُ، قَالَ:
نا يَحْيَى بْنُ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ سَلَفًا وَفرَطًا بَيْنَ يَدَيْهَا،
وَإِذَا أَرَادَ هَلاكَهَا عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، وَهُوَ يَنْظُرُ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلاكِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ، وَعَصَوْا أَمْرَهُ ".
قال الطبراني: "لا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي مُوسَى إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْقَوَارِيرِيّ ُ". اهـ.
فكأنه لم يعرف من حديث أبي أسامة على شهرته في المصنفات عند المحدثين وأن الحديث حديث يحيى بن بريد وهو ضعيف.
وتابعه ابن عدي في الكامل (9/74)، ثم قال:
"وليحيى بن أبي بردة غير هذا إلا أن هذا الحديث أنكر ما وجدت له". اهـ.
وكان يُستغرب تفرد إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي أسامة بعض الأحاديث.
ففي بعض الأحاديث فيما خرجه الدارقطني في أربعين حديثا، من طريق إِبْرَاهِيم بْن سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُ، قال:
حَدَّثَنا أَبُو أُسَامة، عَن بُرَيد بْنِ عَبد اللهِ، عَن أَبِي بُرْدَة، عَن أَبِي مُوسَى، عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُمْلِي الظَّالِمَ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ تَلا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القرى وهي ظالمة. اهـ.
قال: قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ:
"كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ،
وَعِنْدَ غَيْرِهِ: عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ". اهـ.
وتابعه قال البزار في مسنده، فقال:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِأَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا رَوَاهُ غَيْرَ أَبِي مُعَاوِيَةَ،
حَتَّى أَخْبَرَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَلَمْ نَرَهُ عِنْدَ أَحَدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، إِلا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ،
وَكَانَ سَمَاعُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ، مِنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَسَمَاعُ الْمُعَيْطِيِّ وَاحِدٌ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ تَابَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثَ". اهـ.
وقال الجنابذي في العوالي: "وَقَدْ كَتَبْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ وَهُوَ عَجَبٌ". اهـ.
قلتُ: ولعل أبا أسامة أخذه من أبي معاوية، فنسب الحديث لنفسه وهما، وسوف يأتي في ترجمته ما يدل على ذلك.
فإن أبا أسامة ذو أطول نسخة لحديث بريد عن أبي بردة كما ذكر ابن عدي.
ومما يؤاخذ عليه في هذا الصدد حديث لم يخرجه غير أبي يعلى في مسنده [7285]، فقال:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الَّذِي قَدْ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، إلخ". اهـ.
وهذا خطأ، إنما يرويه أبو أسامة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
فيما خرجه الشاشي في مسنده [٨٣٨]، فقال:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ، يَقُولُ:
اشْتَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَعُدْتُهُ قَالَ: فَحَدَّثَنَا بحديثين أحدهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ،
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فذكر نحوه.
خرجه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم.
وفي حديث ءاخر: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) قال البزار في مسنده:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُرَيْدٍ،
وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا حَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدَةَ، إِلا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ". اهـ.
وقال الترمذي - بعدما خرجه عن إبراهيم -: "غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى". اهـ، ومرضه في موضع ءاخر.
قلتُ: قد يقول قائل: قد تابعه أبو البختري عبد الله بن محمد العنبري فيما خرجه عنه ابن منده في الإيمان (1/448).
وهذه المتابعة فيها نظر، غير معتبرة بها؛ لما ذكره الأئمة البزار والترمذي.
ولو كانت محفوظة لما عدل عنهما مسلم ولا أبو عوانة ولا غيرهما.
قلتُ: بل فعل أبو البختري هذا مرة أخرى ما وقع في إفراد لأبي كريب عن أبي أسامة، فاستنكره عليه الحفاظ.
ففي العلل للترمذي [565]، فقال: حدثنا أبو كريب , وأبو السائب , وحسين بن الأسود البغدادي , قالوا:
حدثنا أبو أسامة , عن بريد بن عبد الله , عن جده أبي بردة , عن أبي موسى , قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد» ,
سألت محمدا قال: هذا حديث أبي كريب.
فقلت له: حدثنا غير واحد عن أبي أسامة", فجعل يتعجب منه , ولم يعرفه إلا من حديثه". اهـ.
وفي موضع ءاخر قال: فَجَعَلَ [أي البخاري] يَتَعَجَّبُ، وَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا حَدَّثَ بِهَذَا غَيْرَ أَبِي كُرَيْبٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ [أي البخاري]: وَكُنَّا نَرَى أَنَّ أَبَا كُرَيْبٍ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فِي الْمُذَاكَرَةِ". اهـ.
وكذا قال مثله محمود بن غيلان فيما سأله الترمذي.
قال ابن القيسراني: "وَقد رَوَاهُ غير من ذكر أَبُو عِيسَى: أَبُو البخْترِي". اهـ.
قلتُ: القول قول الأئمة قال ابن رجب - بعد ذكره كلام الترمذي -: «وما حكاه الترمذيُّ عن البخاريِّ ههنا أنه قال:
"كنا نرى أنَّ أبا كُرَيْب أخَذَ هذا عن أبي أسامة في المذاكرة": فهو تعليلٌ للحديث؛
فإنَّ أبا أسامة لم يرو هذا الحديثَ عنه أحدٌ من الثقات غَيْرُ أبي كريب،
والمذاكرةُ يُجْعَلُ فيها تسامحٌ بخلافِ حالِ السماع أو الإملاء». اهـ.
وتابعهم الإمام أبو زرعة كما في الضعفاء لأبي زرعة في أجوبته على أسئلة البرذعي (2/528).
قال الْبَرْذَعِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثِ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى: «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ».
فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ،
فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ،
فَقَالَ: أَبُو السَّائِبِ رَوَى هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ حَدَّثَنَا بِهِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ.
وَقَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ يَرْوِيهِ أَيْضًا، فَسَأَلْتُ أَبَا هِشَامٍ أَنْ يُخْرِجَ إِلَيَّ كِتَابَهُ فَفَعَلَ،
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَرَأَيْتُهُ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ سَطْرَيْنِ بِخَطٍّ غَيْرِ الْخَطِّ الَّذِي فِي الْكِتَابِ،
ثُمّ قَالَ لِي: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ يَرْوِي مِثْلَ هَذَا- أَوْ نَحْوَ مَا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ-.
وَأَعَادَ عَلَيَّ غَيْرَ مَرَّةٍ، هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ". اهـ.
قال ابن رجب في "شرح علل الترمذي" 248:
أما حديث أبي موسى هذا فخرجه مسلم، عن أبي كريب،
وقد استغربه غير واحد من هذا الوجه، وذكروا أن أبا كريب تفرد به، منهم البخاري وأبو زرعة،
وذكر لأبي زرعة من رواه عن أبي أسامة غير أبي كريب، فكأنه أشار إلى أنهم أخذوه منه،
وحسين بن الأسود كان يتهم بسرقة الحديث، وأبو هشام فيه ضعف أيضًا". اهـ.
قلتُ: قوله: "خرجه مسلم" على الإطلاق فيه نظر، فإنما خرجه في الشواهد.
وقال البزار في مسنده:
"وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ،
وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَالْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِأَبِي كُرَيْبٍ". اهـ.
قلتُ: ورواه غير من ذكر ءانفا، فيما خرجه أبو عوانة في المستخرج [8414]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمِصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَوَابٍ الْهَبَّارِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالا:
ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مَعِيٍّ وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ". اهـ.
قلتُ: المصري لم أعرفه، والهباري متكلم فيه، ولا يحفظ إلا من حديث أبي كريب كما ذكر الأئمة.
لذلك قال الإمام أحمد كما في "مسائل أبي داود" (1821) :"على هذا الحديث يطلبون حديثًا من ثلاثين وجه أحاديث ضعيفة"،
قال أبو داود: وجعل يذكر طلب الطرق نحو هذا، قال: شيء لا ينتفعون به، أو نحو هذا الكلام". اهـ.
وقد تكلم في أبي أسامة بشيء لا يوجب رده بالكلية.
وقال الآجرى، عن أبى داود: قال وكيع: "نهيت أبا أسامة أن يستعير الكتب، وكان دفن كتبه".
وحكى الأزدى فى " الضعفاء " عن سفيان بن وكيع قال: "كان أبو أسامة يتتبع كتب الرواة، فيأخذها ، وينسخها"،
قال لى ابن نمير: إن المحسن لأبى أسامة يقول: "إنه دفن كتبه ، ثم تتبع الأحاديث بعد من الناس".
قال سفيان بن وكيع: "إنى لأعجب كيف جاز حديث أبى أسامة، كان أمره بينا، و كان من أسرق الناس لحديث جيد". اهـ.
قال يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ": قال ابن نمير: هو الذي يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر،
ونرى أنه ليس بابن جابر المعروف، ذكر لي أنه رجل يسمى بابن جابر، فدخل فيه، وإنما هو إنسان يسمى بابن جابر.
قال يعقوب: صدق، هو ابن تميم، وكأني رأيت ابن نمير يتهم أَبا أسامة أنه علم ذلك وعرف، ولكن تغافل عن ذلك،
قال لي ابن نمير: أما ترى روايته لا تشبه شيئًا من حديثه الصحاح الذي روى عنه أهل الشَّام وأصحابه الثقات. اهـ
وذكر له الإمام أحمد بعض الأخطاء التي وقع فيها أبو أسامة كما في العلل (4844)، (4845 و4846).
وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة ثبت، ربما دلس، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره". اهـ.
وهذا الحديث معناه ورد في عن أصحاب الإسرائيليات.
خرج البيهقي في الشعب [7076]، من طريق أبي الْمُثَنَّى، قال:
نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نا أَبِي، نا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنِ السُّمَيْطِ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ:
" إِنَّ لِكُلِّ زَمَانٍ مَلِكًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى نَحْوِ قُلُوبِ أَهْلِهِ، فَإِذَا أَرَادَ صَلاحَهُمْ بَعَثَ عَلَيْهِمْ مُصْلِحًا، وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَتَهُمْ بَعَثَ فِيهِمْ مُتْرَفِيهِمْ ". اهـ.
وخرجه الطبري في تفسيره [14 : 531] حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالا: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فقال بنحو ما قال كعب.
والله أعلم.

أبو إسماعيل محمد حلمي
2022-03-07, 10:53 PM
[الكلام على إخراج مسلم له]

قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (52/15): ((وَقَدْ وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ قال الجلودي حدثنا محمد بن المسيب الارعياني قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِإِسْنَادِهِ)).

وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (457/9): ((هكذا أخرجه مسلم ، ولم يصرح بأن إبراهيم بن سعيد حدثه به ، لكن ذكر أبو عوانة عن مسلم أنه قال حدثنا إبراهيم بن سعيد ، وصرح بتحديثه إياه.وقد جزم الحاكم أن مسلما أخرجه عن إبراهيم بن سعيد بلا سماع.
وقال أبو نعيم في المستخرج بعد تخريجه عن الحسين بن محمد الزبيري ثنا محمد بن المسيب الأرغياني ثنا إبراهيم بن سعيد ثنا أبو أسامة حدثني يزيد بن عبد الله ، ورواه أيضا عن بن المقري عن أبي يعلى ، وأبي عروبة ، ومحمد بن علي بن حرب ثلاثتهم عن إبراهيم بن سعيد فإن كان مسلم سمعه من الجوهري فذاك ، وإلا فقد قيل إن مسلما إنما سمعه من محمد بن المسيب عن إبراهيم بن سعيد الجوهري ، فإن يكن كذلك فقد دخل في رواية الأكابر عن الأصاغر ، فإن الأرغياني أصغر من طبقة مسلم ، وإن كان شاركه في كثير من شيوخه ، والله تعالى أعلم)).

وقال في "النكت الظراف" (445/6): ((قال أبو عوانة في ' مستخرجه ': روى مسلم، عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن أبي أسامة. . . فذكره. ولم أقف في شيء من نسخ م على ما قال، بل جزم بعضهم بأنه ما سمعه من إبراهيم بن سعيد، بل إنما سمعه من محمد بن المسيب، وقد وقع لنا بعلو من طريق محمد بن المسيب الأرغياني، وأخرجه البزار في ' مسنده ' عن إبراهيم ابن سعيد. وأخرجه أبو نعيم في ' المستخرج ' من طريق أبي يعلى وأبي عروبة وغيرهما (أي محمد بن المسيب ومحمد بن علي بن حرب)، عن إبراهيم بن سعيد)).

وقال السيوطي في "تدريب الراوي" (382/1): ((وَقَعَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَحَادِيثُ أُبْهِمَ بَعْضُ رِجَالِهَا....وَف ِي الْمَنَاقِبِ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا» ، الْحَدِيثَ.
وَقَدْ رَوَاهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْجَوْهَرِيِّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْأَرْغِيَانِي ُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ فِيلٍ الْبَالِسِيُّ.
وَرَوَاهُ عَنِ الْأَرْغِيَانِي ِّ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ الْمُزَكِّي، وَأَبُو أَحْمَدَ الْجُلُودِيُّ، وَغَيْرُهُمْ)).

[فوائد]
قال ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ" (569/1): ((رَوَاهُ يحيى بن بريد أبي بردة: عَن أَبِيه، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى. وَهَذَا قد رَوَاهُ أَبُو أُسَامَة: عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى. وَرَوَاهُ عَن أبي أُسَامَة: إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي. وَيحيى هَذَا ضعفه عبيد الله القواريري، وروى عَنهُ. والْحَدِيث يعد فِي أَفْرَاد الْجَوْهَرِي، عَن أبي أُسَامَة. وَالله أعلم)).

وقال الشيروي في "العوالي الصحاح" (32): ((صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، اشْتُهِرَ عَنْهُ بِأَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ الْكُوفِيِّ، وَيُعَدُّ فِي أَفْرَادِهِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمِ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الصَّحِيحِ تَعْلِيقًا فَقَالَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: وَمِمَّ رَوَى عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ)).

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" (161/8): ((تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ إِسْنَادًا وَمَتْنًا)).

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (395/55) بسنده عن محمد بن المسيب ، عن إبراهيم بن سعيد الجوهري به.
ونقل عن محمد بن المسيب قوله: ((كتب عني هذا الحديث محمد بن إسحاق بن خزيمة)).
وأخرج بسنده عن أبي علي زاهر بن أحمد بن محمد أنبأنا محمد بن المسيب ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري به ، ثم نقل عن محمد بن المسيب قوله: "قال لي محمد بن إسحاق بن خزيمة: ((اقرأ علي هذا الحديث)) ، فقلت: ((أنا أستحي منك أن أحدثنك وأنت أستاذ خراسان)) ، فقال ابن علي الرازي: ((يقول لك الأستاذ حدثني وأنت تقول لا)) ، فقلت له: ((أنا لا أقول لا ولكن أستحي أن أحدثه)) ، فقرأت عليه فقال لي بعد القراءة ثلاث مرات: ((بارك الله فيك يا أبا عبد الله)). قال الشيخ يعني زاهرا: وبلغني أن محمد بن إسحاق روى عنه هذا الحديث وقال على رأس الملأ: ((ثنا محمد ابن المسيب الشيخ الصالح)) ، قالوا: من محمد بن المسيب؟! ثم قصده الناس بعد ذلك.

وأخرجه ابن البطر في "فوائد" (16/2) من طريق أبي إسحاق المزكي ، عن محمد بن المسيب به.
وقالَ أبوإسحاقٍ المُزكي: ((كتبَ هذا الحديثَ محمدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزيمةَ، عن محمدِ بنِ المُسيبِ)).

وقال الذهبي في "السير" (426/14) ، وفي "تذكرة الحفاظ" (10/3) - بعد أن أخرجه -: ((وبَالإِسْنَادِ ، قَالَ ابْنُ المُسَيَّب: كَتَبَ عَنِّي هَذَا الحَدِيْثَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَيُقَالُ: إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ الجَوْهَرِيَّ تَفَرَّدَ بِهِ)).
وقال ابن حجر في "التهذيب" (457/9): ((قال بن بأبويه سمعت محمد بن المسيب يقول كتب عني محمد بن إسحاق بن خزيمة وقال تفرد به إبراهيم بن سعيد.
قلت: وأخرجه الحاكم في التاريخ فقال حدثنا محمد بن يعقوب الحافظ إملاء ثنا أبو عبد الله محمد بن المسيب وسأله أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة فقال حدثنا إبراهيم بن سعيد فذكره قال بن الأخرم ولم أسمع من أبي عبد الله)).

وهذا الكلام ظاهره ، استحسان ابن خزيمة ، وقبوله له.
وكذا ممن صححه ابن حبان ، فقد أخرجه في "صحيحه" (6647) (7215).

وأخرج الخطيب في "تاريخ بغداد" (382/7) عن مُحَمَّدُ بن علي المقرئ أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِ يّ قَالَ سمعت أبا عمر بْنَ حَمْدَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ قَصَدْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيَّ مِنْ خُرَاسَان فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، فَامْتَنَعَ عَلِيَّ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ وَعُبَيْدٌ الْعِجْلُ عِنْدَهُ يُذَاكِرُهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْحَدِيثِ فَرَدَّنِي فَقُمْتُ وَقُلْتُ: لا رَدَّكَ اللَّهُ كَمَا رَدَدْتَنِي، فَقَالَ لِي: اقْعُدْ وَذَاكِرْنِي. ثُمَّ قَالَ لِي: سَلْ عَنْ غَيْرِ هَذَا، فَقُلْتُ: حَدِيثُ أبي أسامة عن بريدة عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ» ؟. قَالَ: لا أَعْرِفُهُ. فَقَالَ عُبَيْدٌ الْعِجْلُ: أَنَا أَعْرِفُهُ حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ الجوهريّ حدّثنا أُسَامَةَ. فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي بِهِ فَقَالَ لا أُحَدِّثُ بحديث بِحَضْرَةِ هَذَا الشَّيْخُ فَصَبَرْتُ حَتَّى قَامَ، ثُمَّ تَبِعْتُهُ فَقُلْتُ: حَدِيثُ أَبِي أُسَامَةَ؟ فَقَالَ: لا أُحَدِّثُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا رَاكِبٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَمَا زِلْتُ أَعْدُو مَعَهُ حَتَّى بَلَغَ بَابَ دَارِهِ، وَنَزَلَ عَنْ حِمَارِهِ، فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ، قُلْتُ: الأَصْلُ؟ فَأَخْرَجَ الأَصْلَ فَكَتَبْتُهُ مِنْهُ.

والله أعلم.

عبد الرحمن هاشم بيومي
2022-03-08, 01:24 AM
قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (52/15): ((وَقَدْ وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ قال الجلودي حدثنا محمد بن المسيب الارعياني قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِإِسْنَادِهِ)).

هذا يسمى من الزوائد التي على صحيح مسلم، فلا يقال هذا مما خرجه مسلم، بل ليست من كتابه ولا على شرطه.
ولو كانت على شرطه لما خرجه معلقا بصيغة التضعيف.
وقد بينت فيما سبق وجه ضعف تفردات الجوهري وتفردات أبي كريب عن أبي أسامة كما ذكر البخاري وغيره.


وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (457/9): ((هكذا أخرجه مسلم ، ولم يصرح بأن إبراهيم بن سعيد حدثه به ، لكن ذكر أبو عوانة عن مسلم أنه قال حدثنا إبراهيم بن سعيد ، وصرح بتحديثه إياه.

هذا يحمل على أن أبا عوانة أخذه عن مسلم بالتحديث في خارج كتابه الصحيح التي ترد على من زعم أنه لم يسمعه من الجوهري، وإلا فتعتبر روايته شاذة عن رواة صحيح مسلم.
ولعل سبب عدم تصريح تحديث مسلم للحديث عن الجوهري؛ لعلمه بأن هناك علة خفية مما لا يقف على علتها إلاذوو البصيرة في الحديث فاكتفى بتمريضه.


وقد جزم الحاكم أن مسلما أخرجه عن إبراهيم بن سعيد بلا سماع.

لأنه خرجه تعليقا بصيغة التمريض.
فإن كتابه الصحيح له منهج خاص لا يدخل أي شيء هكذا، هذا إمام كبير في الحديث.


وقال أبو نعيم في المستخرج بعد تخريجه
وإلا فقد قيل إن مسلما إنما سمعه من محمد بن المسيب عن إبراهيم بن سعيد الجوهري ، فإن يكن كذلك فقد دخل في رواية الأكابر عن الأصاغر

وهو بنحو ما قال الحافظ في "النكت الظراف" (445/6)، والسيوطي.
قلت: وهذا القول الممرض لا يعول عليه ولا يعرج به.
إذا كان الإمام مسلم من الأكابر فهذا معناه قد أخذ الحديث من الجوهري ربما قبل أن يولد الأرغياني.
فمسلم أعلم لأنه أكبر ثم لما يلبث مدة من الدهر يأتي الصغار عن أكابر أكابرهم بما لم يأت أكابرهم، فيبلغ ذلك الأكابر فيستغربونه ولا يعرفونه استنكارا له، فهذا لا يكون من الأصاغر إلا مفتعلا، وحاشاهم ذلك.
وإلا فقبل أن يولد هؤلاء الأصاغر كان مسلم والأكابر البخاري وأبو زرعة وغيرهم قد علموا وفطنوا وحذقوا علة الحديث.
لذلك عندما فسر القيسراني كلام ابن عدي بأنه يقصد مسلما، لم يصب.
بل حذق ابن عدي طريقة الكبار فأنكر الحديث عامة وحسن الطريق خاصة، فلا يخفى الفارق بين القول بالحكم على الحديث والحكم على الإسناد.
وإنما قصد ابن عدي بقوم أدخلوه في صحيحه أمثال المتأخرين ابن حبان وغيره.
وإلا فلم يدخله مسلم إلا لبيان علة مكتفيا بإشارة التمريض اختصارا؛ فإن كتابه ليس لبيان العلل، فحتى لا يجيء مستدرك ويقول هذا الحديث على شرط مسلم فيكون مردودا عليه من مسلم نفسه.


[فوائد]
قال ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ" (569/1): . والْحَدِيث يعد فِي أَفْرَاد الْجَوْهَرِي، عَن أبي أُسَامَة. وَالله أعلم)).

هذا نقله عن ابن عدي في ترجمة بريد في تتبع منكرات حديثه فلم يجد ابن عدي أنكر من هذا الحديث له ثم لما جاء على ترجمة ابنه يحيى بن بريد بان له ذلك فأنكره؛ فلذلك الطبراني على سعة علمه وتبحره لم يعرفه إلا من حديث يحيى بن بريد، منكرا حديث أبي أسامة.


وقال الشيروي في "العوالي الصحاح" (32): ((صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، اشْتُهِرَ عَنْهُ بِأَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ الْكُوفِيِّ، وَيُعَدُّ فِي أَفْرَادِهِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمِ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الصَّحِيحِ تَعْلِيقًا فَقَالَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: وَمِمَّ رَوَى عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ)).

أولا ينظر اصطلاحه بالمتفق والمشتهر فهو يريد اتفاق تصحيح علماء زمانه القرن الخامس أو السادس وهو مردود باتفاق البخاري ومسلم على عدم إخراجه متصلا بل خرجه مسلم معللا له، ومردود أيضا بأن الطبراني وابن عدي قاما بنكارته وهم خير ممن بعدهم وأعلم.
وقول الشيروي بأن مسلما قال وقال أبو أسامة خطأ.
لم يجزم مسلم هكذا بل مرض فقال وحدثت عن أبي أسامة، وممن روى ذلك عنه الجوهري.
وهذا لأن الجوهري لا يسلم له أداة التحمل؛ فكما ذكر البخاري رحمه الله أن أبا أسامة يحدث في المذاكرة، وهي مظنة التساهل والخطأ كما ذكر ابن رجب رحمه الله.


ابن كثير في "البداية والنهاية" (161/8): ((تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ إِسْنَادًا وَمَتْنًا)).

يعني بذلك تفرده عن الكتب الستة وإنما جاء مسلم لبيان وجود علة كما هو معلوم، والتفرد المتني فيه عجيب.
ولا يوجد هذا في مسند أحمد الذي هو من الرواة عن أبي أسامة.


وقال ابن حجر في "التهذيب" (457/9): ((قال بن بأبويه سمعت محمد بن المسيب يقول كتب عني محمد بن إسحاق بن خزيمة وقال تفرد به إبراهيم بن سعيد.

قلت: هذا ليس فيه استحسان للحديث ولا قبوله قط، بل هذا إنكار من ابن خزيمة للتفرد الذي أحدثه الجوهري.
نعم، قد يقال هذا تشريف من الأستاذ لتلميذه المجتهد فيما وقع له من هذه الغريبة، فقد كان المحدثون يحبون أن يعلموا بهذه الغرائب والنوادر كما كان يفعل الترمذي مع شيخه البخاري بل وكان يتفاخر الترمذي بأنه يحدث البخاري وأثنى عليه البخاري رحمهم الله.
والله أعلم.

عبد الرحمن هاشم بيومي
2022-05-24, 02:42 AM
مما يضاف هنا بيان أن أبا أسامة راوٍ مشهور له تلاميذه، صاحب نسخة بريد عن جده أبي بردة، فتفرد راوٍ عن مثل أبي أسامة المشهور غير مقبول.

هذا بالضبط مثل الإمام مالك رحمه الله حتى أنه صنف بعضهم غرائب مالك في الأحاديث التي يتفرد بها راوٍ عنه؛ إلا أن الإمام مالك أرفع مقاما؛ لأنه لا يحدث في المذاكرة كما يفعل أبو أسامة ولا نقل عن مالك كما يفعل أبو أسامة أنه دفن كتابه الموطأ ويقرأ في كتب الأخرين، إنما كان معه الموطأ يملى على تلاميذه، فلا تجد الثقات عنه يقع لهم مثل ما يقع لأبي أسامة.

فإن الحفظ خوان كما قال الإمام أحمد، وقد قال أحمد عن أبي أسامة: "كان صحيح الكتاب صدوقا"، إشارة إلى أن كتابه هو المعتمد وأن حفظه دون الكتاب.

وليس هذا بأولى انفرادات الجوهري عن أبي أسامة التي يتعجب منها ويستنكرها الحفاظ فقد أوردت عدة أحاديث على هذا المنوال.

بالإضافة إلى أن الإمام أحمد راوية لأبي أبي أسامة لم يرو عنه هذا الحديث.

وحتى في صنيع مسلم لما جاء بالحديث قال وروي عن أبي أسامة ولم يقل وروي عن بريد، لأبن أبا أسامة لم يأخذه عنه في المذاكرة، لذلك قال: وممن روى ذلك عنه إبراهيم الجوهري؛ إنكارا لأداة التحمل التي تحمل بها الجوهري عن أبي أسامة منكرة، وهي في المذاكرة كما ذكر البخاري.

ولا يمكن استنكار تفرد أبي أسامة كما ذكرنا لأن أبا أسامة مشهور أما بريد فدونه في الشهرة؛ بدليل أنه لم يستنكر تفرد أبي معاوية عن بريد حديث إملاء الظالم، بل اتفق الشيخان على إخراجه من وجه أبي معاوية ولم يتفقا على إخراجه من وجه أبي أسامة؛ لتفرد الجوهري عنه فاستنكره الحفاظ، أما أبو معاوية فقد رواه عنه جمع، فلذلك علم أنه محفوظ.

وقد أفادني الأخ أبو إسماعيل حفظه الله بأنه نقل بعضهم عن ابن طاهر قوله: ((هذا حديث عزيز فرد غريب)).
والله أعلم.