مشاهدة النسخة كاملة : التحذير هذه المرة من ( الكوثري ) من ذوي نحلته ومذهبه !!!!
أبو الحسن الأزهري
2008-08-23, 08:01 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على أفضل الخلق وسيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فإن العلماء هم ورثة الأنبياء ولذا كان حقهم علينا كبيرا ومنزلتهم من الدين رفيعة لاسيما أهل الحديث والأثر ففضلهم مشهود ولم يزل أهل العلم في القديم والحديث إلا ويعظمهم .
قال الإمام أبو حاتم محمد بن حبان بن معاذ بن معبد بن سعيد التميمي في مقدمة صحيحه (انظر الإحسان بتقريب صحيح ابن حبان (1/20-23) :
"....................ثم اختار طائفة لصفوته وهداهم للزوم طاعته من اتباع سبل الأبرار في لزوم السنن والآثار فزين قلوبهم بالإيمان وأنطق ألسنتهم بالبيان من كشف أعلام دينه واتباع سنن نبيه بالدّؤُب في الرحل والأسفار وفراق الأهل والأوطار في جمع السنن ورفض الأهواء والتفقه فيها بترك الآراء فتجرد القوم للحديث وطلبوه ورحلوا فيه وكتبوه وسألوا عنه وذاكروا به ونشروه وتفقهوا فيه وأصلوه وفرعوا عليه وبذلوه وبينوا المرسل من المتصل والموقوف من المنفصل والناسخ من المنسوخ والمحكم من المفسوخ والمفسر من المجمل والمستعمل من المهمل والمختصر من المتقصىَّ والملزوق من المتفصىَّ والعموم من الخصوص والدليل من المنصوص والمباح من المزجور والغريب من المشهور والغرض من الإرشاد والحتم من الايعاد والعدول من المجروحين والضعفاء من المتروكين وكيفية المعمول من المجهول وما حرف عن المخزول وقلب من المنحول من مخايل التدليس وما فيه التلبيس حتى حفظ اللّه بهم الدين على المسلمين وصانه من ثلب القادحين، جعلهم عند التنازع أئمة الهدى وفي النوازل مصابيح الدجى، فهم ورثة الأنبياء ومأنس الأصفياء ".
وقال الإمام الحافظ أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحاكم النيسابوري المتوفى سنة 405 في مقدمة كتابه: (معرفة علوم الحديث)
".................أما بعد- فإني لما رأيت البدع في زماننا كثرت ومعرفة الناس بأصول السنن قلت مع إمعانهم في كتابة الأخبار وكثرة طلبها على الإهمال والإغفال دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف يشتمل على ذكر أنواع علم الحديث مما يحتاج إليه طلبة الأخبار المواظبون على كتابة الآثار.
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن مرزوق البصري بمصر، حدثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن معاوية بن قرة قال: سمعت أبي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال ناس من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة".
سمعت أبا عبد اللّه محمد بن علي بن عبد الحميد الآدمي بمكة يقول سمعت موسى ابن هارون يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول وسئل عن معنى هذا الحديث فقال: إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث، فلا أدري من هم؟. قال أبو عبد اللّه: وفي مثل هذا قيل من أمَّر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحق. فلقد أحسن أحمد بن حنبل في تفسير هذا الخبر إن الطائفة المنصورة التي يرفع الخذلان عنهم إلى قيام الساعة هم أصحاب الحديث.
ومن أحق بهذا التأويل من قوم سلكوا محجة الصالحين واتبعوا آثار السلف الماضين ودفعوا أهل البدع والمخالفين بسنن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله أجمعين من قوم آثروا قطع المفاوز والقفار على التنعم في الدمن والأوطان وتنعموا بالبؤس في الأسفار مع مساكنة العلم والإخبار وقنعوا عند جمع الأحاديث والآثار بوجود الكسر والأطمار قد تركوا الإلحاد الذي تتوق إليه النفوس الشهوانية وتوابع ذلك من البدع والأهواء والمقاييس والآراء والزيغ جعلوا المساجد بيوتهم وأساطينها تكاهم وبواريها فرشهم.
كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أبي عبد اللّه أحمد بن محمد بن حنبل فقال له أحمد بن الحسن: يا أبا عبد اللّه ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث، فقال: أصحاب الحديث قوم سوء. فقام أبو عبد اللّه وهو ينفض ثوبه فقال: زنديق زنديق زنديق ودخل البيت.
سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: سمعت جعفر بن سنان الو اسطي يقول: سمعت أحمد بن سنان القطان يقول: "ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث" وإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قلبه. قال أبو عبد اللّه وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كل من ينسب إلى نوع من الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة ويسميها الحشوية........."
فمن وصف أهلَ الحديثِ والأثرِ الطائفة المنصورة والفرقة الناجية بأنهم مجسمة أو حشوية وبأنهم لا يساوون فلسا أوأنهم دسيسة على الإسلام أو ................. ونحو تلك العبارات الخبيثة ، فإنه خبيث مخبث ضال مضل مبتدع زائغ حري وخليق وجدير وحقيق بالعيب والذم، والقدح .
وإن من جملة الطاعنين في أهل الحديث والأثر محمد زاهد الكوثري مريسي القرن بلا نزاع وجهمي العصر بلا دفاع الزاهد عن الكتاب والسنة وحامل لواء الطعن في الأئمة الذي لم يسلم من لسانه إمام ولا مصلح مجدد .
وقد حذر جمع من العلماء الفضلاء وطلبة العلم النبلاء من الكوثري الهالك - عامله الله عزوجل بما يستحقه - وردوا أباطيله وفندوا شبهاته ونسفوا ترهاته وحمل لواء التحذير من هذا الهالك المتهافت جمع من أهل السنة والجماعة ، ومازالوا حاملين الراية في كل عصر ولا يخلو منهم مصر ، يقومون بتفنيد شبه الكوثريين ودحض باطلهم فصارت بحمد الله وتوفيقه كأمس الذاهب .
وقد ظن الكثير من الكوثريين أن أهل السنة تجنوا على كوثريهم ولم يحذر منه إلا الوهابية - كما يقولون - وعليه فقد عن لي أن أجمع أقوال الموافقين للكوثري في كثير من اعتقاده وانحرافه ليعلم هؤلاء أن تلامذته وأقرانه بل شيوخه شهدوا له بالانحراف والزيغ والضلال .
وعليه فإن التحذير من الكوثري هذه المرة يختلف عن التحذيرات السابقة لأنه تحذير من ذوي نحلته ومذهبه ليعلم الكوثريون أنهم مرذولون، مغلوبون ، مهزومون ، مخذولون ، مدحورون وإليكم الدليل بحول الملك الوهاب : -
1- قال الشيخ مصطفى صبري ( ويلقبونه بشيخ الإسلام ) في كتابه "موقف العلم" (3/392) : (الآن أجده- يعني الكوثري- قدرياً صريحاً… فهو معتزل أي قدري)
وذلك بعد أن حكى مناظرة بينه وبين الكوثري في مسألة القدر .
2- وقال أحمد بن الصديق الغماري الحسني :
في رسالة أرسلها إلى صهره شيخنا العلامة الأثري محمد الأمين بوخبزة بتاريخ التاسع من صفر عام 1372 ونقلها الأستاذ الفاضل ذو الشهادة العالمية ( الدكتوراة ) صادق بن سليم بن صادق في كتابه " ذم الأشاعرة والمتكلمين والفلاسفة " ص 34:
" وأما الشيخ زاهد الكوثري فإنه حقا عدو السنة والسلف الصالح والأئمة إلا الحنفية ومن وافقهم لفرط تعصبع للحنفية وللجنسية التركية أيضا حتى إنه متهم بالشعوبية ............................."
وقال في مكتوب آخر أرسله لشيخنا الأثري وهو في المعتقل ب(آزمور) عن الكوثري ونقله الأستاذ صادق ص 35 :
".......... والكوثري خبيث مجرم لم يكن له دأب إلا الطعن بمثل ذلك الباطل على أهل السنة قبحه الله ............"
وقال " ويكفيك طعنه في أنس بن مالك بأنه خرف ولم يبق يدر ما يقول وأن أبا هريرة متهم بالكذب وهكذا .
ثم إنه طعن في مالك واتهمه بأمور قبيحة منها : إباحة وطء الأدبار وفي الشافعي وأحمد بن حنبل وابن المبارك وابن مهدي والبخاري وسائر أئمة السلف تقريبا إلا من كان مسالما لأبي حنيفة إمامه ........"
وفي مكتوب آخر أرسله إليه يقول واصفا إياه :
" ........... والكوثري حنفي متعصب خبيث مبتدع ضال يبغض العرب وأهل الحديث والشافعية .............."
وقال أيضا في بيان تلبيس المفتري ص 50 في رده على اتهام الكوثري الصحابي أنس بن مالك بالخرف :
" .......... فقبحك الله ما أوقحك ! وأقل حياءك وخوفك من الله ! وما أفحش لسانك ! وأخبث جنانك ! وأجرأ قلمك على انتهاك حرمات الله ! وتبا لمذهب هذا من قواعده وأصوله ............"
يقول أبو الحسن الأزهري ( عفا الله له وبلغه في الدارين أمله ) :-
ليت الكوثريين يتأملون كلام محدثهم الحافظ الشريف أحمد الغماري ( هكذا يلقبونه ) في كوثريهم حين وصفه بأنه :
- عدو السنة والسلف الصالح والأئمة
- متهم بالشعوبية
- خبيث
- مجرم
- لم يكن له دأب إلا الطعن بمثل ذلك الباطل
- قبحه الله
- طاعن في أنس بن مالك
- اتهم أبا هريرة بالكذب
- طعن في مالك واتهمه بأمور قبيحة
- طعن في الشافعي وأحمد بن حنبل وابن المبارك وابن مهدي والبخاري وسائر أئمة السلف تقريبا
- حنفي متعصب
- خبيث
- مبتدع
- ضال
- يبغض العرب وأهل الحديث والشافعية
- يصفه بالقبح
- يصفه بقلة الحياء
- يصفه بقلة الخوف من الله
- يصفه بفحش لسانه
فليس الوهابيون وحدهم هم الذين يصفون الكوثري بالإجرام والقدح فتأملوا !!!!
3- قال تلميذه عبدالله بن الصديق الغماري الحسني عن شيخه الكوثري في كتابه " بدع التفاسير " (ص180-181) : وكنَّا نُعجبُ بالكوثريِّ لعلمه وسَعةِ اطَّلاعه، كما كنَّا نكره منه تعصُّبَه الشديدَ للحنفيَّة تعصُّباً يفوق تعصُّبَ الزمخشريِّ لمذهبِ الاعتزال، حتى كان يقول عنه شقيقُنا الحافظ أبو الفيض: "مجنون أبي حنيفة"، ولمَّا أهداني رسالتَه "إحقاق الحق" في الردِّ على رسالة إمام الحرمين في ترجيح مذهب الشافعي! وجدتُه غَمَزَ نَسَبَ الإمامِ الشافعيِّ، وَنَقَلَ عبارةَ "الساجي" في ذلك، فلمْتُه على هذا الغمز، وقلتُ له: إنَّ الطعنَ في الأنساب ليس بردٍّ علمي، فقال لي: "متعصِّبٌ رَدَّ على متعصِّبٍ". هذه عبارته، فاعترف بتعصُّبِه... وذكر - (أي: الكوثري)- أنه - (أي: الحافظ ابن حجر) - كان يَتْبَع النساءَ في الطريق، ويتغزَّل فيهن، وأنه تبِعَ امرأةً ظنَّها جميلةً، حتى وصلتْ إلى بيتِها وهو يمشي خلفها، وكشفتْ له البرقُعَ، فإذا هي سوداء دميمة، فرجع خائباً... وأكبر من هذا أن "الكوثري" رمى أنس بن مالك - رضي الله عنه- بالخَرَف، لأنَّه روى حديثاً يخالفُ مذهبَ أبي حنيفة، وأقبحُ مِن هذا أنَّه حاول تصحيحَ حديثٍ موضوعٍ لأنه قد يفيدُ البشارة بأبي حنيفةَ، وهو حديث "لو كان العلم بالثريَّا لتناوله رجالٌ من فارس"... فكتَبَ شقيقُنا ردّاً عليه -قال الأخ إحسان: وسمّاه "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري"- جمع فيه سقطاته العلميَّةَ، وتناقضاته التي منشؤها التعصب البغيض، وقسا عليه بعضَ القسوة، وهو مع هذا معترفٌ بعلمه واطلاعه... أ.ه* *
فهذا عبدالله بن الصديق الغماري تلميذ الكوثري وصفه بأنه :
1- متعصب لأبي حنيفة رحمه الله عز وجل
2- غمز نسب الإمام الشافعي رحمه الله عز وجل
3- طعن في الحافظ ابن حجر حيث ادعى بأنه كان يَتْبَع النساءَ في الطريق، ويتغزَّل فيهن، وأنه تبِعَ امرأةً ظنَّها جميلةً، حتى وصلتْ إلى بيتِها وهو يمشي خلفها، وكشفتْ له البرقُعَ، فإذا هي سوداء دميمة، فرجع خائبا
4- رمى أنس بن مالك رضي الله عنه بالخَرَف لأنَّه روى حديثاً يخالفُ مذهبَ أبي حنيفة
5- حاول تصحيحَ حديثٍ موضوعٍ لأنه قد يفيدُ البشارة بأبي حنيفةَ، وهو حديث "لو كان العلم بالثريَّا لتناوله رجالٌ من فارس
ولا شك أنها شهادة من أحد طلابه وقد ذكره عبدالله الغماري ضمن شيوخه ومجيزيه في ترجمته " سبيل التوفيق في ترجمة عبدالله بن الصديق " .
4- قال تلميذه محمد حسام الدين القدسي في مقدمة كتاب " الانتقاء " لابن عبد البر ونقله عنه الشيخ العلامة محمد بهجة البيطار في رسالته " الكوثري وتعليقاته " :
"......................وقد كان الشيخ محمد زاهد الكوثري يصحح الكتاب ويعلق عليه ثم أوقفت ذلك في الصفحة (88) لما اطلعت عليه من دخلة في علمه وعمله دفعتني إلى النظر في تعليقاته على النزر من مطبوعاتي بغير العين التي كانت لا تأخذ منه إلا عالما مخلصا ، فرأيته في بعضها باحثا بمادة واسعة وتوجيه لم يسبق إليه وهو شطر السبب في إعجابي به بما تأتى إليه من عدم النفاذ إلى أغراضه وفي بعضها يحاول الارتجال في التاريخ تعصبا واجتراء والباقي تعليق ككل تعليق وكلام ككل كلام
وخيفة أن أشاركه في الإثم إذا سكت عن جهله بعد علمه سقت هذه الكلمة الموجزة معلنا براءتي مما كان من هذا القبيل .
وأنا ضارب له مثلاً ليقاس عليه، فإنه قال في "ذيول طبقات الحفاظ صفحة 300" عن الكلوتاني "شهدوا له بأنه أكثر معاصريه سماعاً، ملأ البلاد المصرية رواية" ويقول الأستاذ المحقق السيد أحمد رافع الطهطاوي "وهذه الشهادة إنما نقلت عن الأمير تغري برمش، وفيها مجازفة، فكم من كتاب أو جزء ومعجم ومشيخة قرأه أو سمعه الحافظ ابن حجر نقل الكلوتاني ما رآه".
وقال الكوثري أيضاً في الذيول (ص137) –وهو يدافع عن مغلطاي في أمور، إن لم يكن ثابتاً أكثرها فبعضها لا تتماسك في دفعه حجة- "وليس هذا الكلام مما يحط من مقدار من تكون إمامته وعلو شأنه، كما أشرنا إليه، كما لم يحط من مقدار ابن الجزري كلام من تكلم فيه".
مع أنه قال في ترجمة ابن الجزري (ص377) "لما طلب منه الأمير الكبير أيتمش: رفع حساب أوقافه التي كان جعلها تحت نظره أيام قضائه بالشام: هرب إلى الروم، ولم يكن في قضائه محمود السيرة كما ذكره السخاوي وغيره" وسكت فلعله كان مبطلاً في النفاح عن مغلطاي، والوقيعة في الإمام ابن الجزري، فتنـــاقض.
وهو يشد من عصبيته في الأكثر لكل من يحسب أنه يتصل بدم جركسي، سواءً كان حنفياً أم غير حنفي، فيخلق لهم من المحاسن والدفاع ما لا يكون على تصديقه التاريخ، ويعلن بمساوئ غيرهم، ولو قيلت للنيل منهم والوقيعة فيهم.
ولو أن ابن تيمية أو السيوطي وغيرهما كان في محل مغلطاي فيما قيل عنه: لا ستجمع ضروب القول ليثبت تناقضه ولو قالوا عن أحدهم ما قاله عن الكلوتاني "شهدوا له" لسعى لنقده.
ولابد هنا من التصريح بما هو له مما يعزى إليه في موطنه.
وإن كانت القرائن تنادي بأنه من قلمه ليس غير: مقدمة "الاختلاف في اللفظ" ومقدمة تعليقات "بيان زغل العلم" وترجمة السبكي في "الدرر المضيئة" وما يؤخذ به الخطيب البغدادي في ترجمة التطفيل، ولا أعرض له الآن كما عرض لهم، و{إنما يتذكر أولو الألباب}.
وهذه شهادة أحد من تتلمذ له فترة من الزمان وهي تثبت بكل وضوح عدة أمور :
- يحاول الارتجال في التاريخ تعصبا واجتراء
- جهل الرجل بعد علمه
- براءة التلميذ من شيخه الكوثري الهالك
- وصفه بالعصبية والشعوبية
- وصفه بالتناقض
5 - قال تلميذه عبدالعزيز بن الصديق الغماري في ترجمته للكوثري :
" .............................. . وقد قال لي أنه أراد أن يرد على عبد الحي الكتاني ويفضحه فيما سرقه منه في كتابه "فهرس الفهارس"حتى أنه يأخذ عبارته باللفظ بدون تغير ثم تركه لشرفه ونسبته النبوية .................. وقد أخبرني أنه كان إذا رأى المسألة في كتاب فلا يعزب عليه الصفحة والسطر المذكور فيه ,ولكنه حصل له حادث غرق في البحر الأسود فتغير ذهنه بعده ولم يعد لحافظته الأولى ................... وكان حنفياً بتعصب لمذهبه لاسيما على من ينقد مذهبه, وأغلب بحوثه وتأليفه في هذا الباب ........"
وهذه ترجمة تلميذه عبدالعزيز الغماري وقد أثنى عليه فيها لكنه أثبت عدة أمور :
1- كذب الكوثري حيث قال بأن عبدالحي الكتاني سرق منه في كتابه " فهرس الفهارس " فأخذ الكثير من عباراته بدون تغير وهذا كذب كما حققه بعض المهتمين بالفن لأن الكوثري ما طبع كتبه إلا بعد عام 1350و"فهرس الفهارس" لعبدالحي الكتاني طبع عام 1346 تقريبا وفي فترة صدور "فهرس الفهارس" كان الكوثري مشردا في البلاد متنقلا بين الشام ومصر .
2- إثبات اختلاط الكوثري في آخر حياته
3- تعصبه الشديد لحنفيته وأغلب بحوثه في ذلك .
فهذه شهادات بعض تلاميذ الكوثري تفيد تعصبه وطعوناته في الأئمة شهد بها من هم أقرب الناس إليه فليس السلفيون وحدهم هم من حذروا من هذا المتهافت كما يظن الكوثريون وتوجد شهادات أخرى لبعض تلاميذه وذوي نحلته ومذهبه ولعلي أجمعها في مقال آخر والحمد لله رب العالمين
كتبه أبو الحسن الأزهري
غفر الله ذنبه وستر عيبه
21 / 8 / 1429
برياض نجد
فريد المرادي
2008-08-23, 10:23 PM
ما شاء الله وتبارك الله ، جزاك الله خيراً أخي الأزهري على هذا الجهد الظاهر ، وبارك في أوقاتك ...
ممدوح السنعوسي
2008-08-23, 11:08 PM
شكر الله للأخ أبي الحسن على هذا الرد المعزز بالحجج والبينات وأسأل الله أن لا يحرمنا وإياه الأجر والثواب
محمود الغزي
2008-08-24, 12:12 AM
جزاكم الله خير الجزاء ، مقال طيّب !! .
أبو محمد الطنطاوي
2008-10-06, 08:34 PM
وإليك نماذج من كلام الغماري في كتاب بيان تلبيس المفترى محمد زاهد الكوثري :
يقول الغماري : ( وعلى هذا فمن المستحيل أن يثبت خطؤه ـ أي أبو حنيفة ـ في شيء من الأصول أو الفروع ؛ لأن ما خالفه من القرآن فهو مؤول أو منسوخ ، كما هي قاعدة أصول الحنفية ، التي نص عليها الكرخي وغيره من أئمتهم ، وما خالفه من الحديث فهو باطل مردود... فهذا القرآن والسنة والإجماع ، التي هي أدلة الإسلام ، قد سد باب الاحتجاج بها على أبي حنيفة ، واستراح غلاة المبتدعة من أمرها ، وبقي التعارض قائما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي حنيفة ، فأتوا إلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفروا منها ، وحذروا من العمل بها ، وسمى هذا الأعجمي ـ يقصد الكوثري ـ الداعي إلى العمل بها متمجهدا ، وقال عن اللامذهبية : إنها قنطرة اللادينية ، حتى يبقى أبو حنيفة ربا معبودا ، عزيز الجانب ، موفور الحرمة ، لا يهتدي أحد إلى وجه خطئه في الدين ؛ كأنه هو الرسول الذي أرسله الله لهذه الأمة ، وفرض عليهم طاعته ، واتباع أمره ، لا سيد النبيين ، وإمام المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، فإن شرعه نسخ برأي أبي حنيفة ، ودينه رفع بمذهبه .
فمن اعترف بهذا فهو فقيه ، ومن سكت والتزم الحياد فهو سني ، ومن نظر في الدليل ، واهتدى به إلى ما في رأي أبي حنيفة من التضليل ، فهو حشوي متمجهد مبتدع ، في طريقه إلى الإلحاد ، عند هذا المجرم الأعجمي(يقصد الكوثري) ، وإخوانه من غلاة المبتدعة الظالمين .
أبو محمد الطنطاوي
2008-10-06, 08:35 PM
ويقول في موضع آخر : ( وكذلك يعيب ـ الكوثري ـ العاملين بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويسميهم المتمجهدين ، ويدعي أن " اللامذهبية قنطرة اللادينية " فما قنطرة اللادينية وباب الإلحاد إلا رد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتلاعب بها ، وإهانة أهلها والعاملين بها ). .
وبعد أن بين الغماري اختلاف منهجه عن منهج الكوثري في موضوع الفروع بقلمه ، راح يثبت تناقضه في الفقه وأصوله كصنيعه في الحديث وعلومه ، ووطأ لذلك بكلمة قال فيها : ( والمقصود إثبات تناقض الكوثري المفتري الزاعم أنه لا يتناقض والقائل في " ص 239 " من "نكته " : " إن أبا حنيفة لم تنخرم عنده الأصول والضوابط العامة ، بخلاف غيره ، مهما أطالوا الكلام " ، وهانحن لم نطل الكلام ، وأريناه كيف تنخرم على الحقيقة ، وسيمر بنا قريبا من نفس تلاعبه ، ما يعرف به أن الإنخرام والتناقض ، والتلاعب ما خلقت إلا لأن تكون صفة للغلاة من المبتدعة المتمقلدين ، والمتعصبة المتمذهبين بمحاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن الله تعالى أجار من ذلك أهل السنة ، والطائفة الظاهرة على الحق ، العاملين بكتاب الله تعالى ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " ، كهذه المذاهب التي ابتلى الله بها المسلمين ) .
ثم شرع الغماري يثبت تناقض الكوثري في القواعد الأصولية والأحكام الفقهية ، فيضرب كلامه بكلامه ، ويخطمه بخطامه كما قال ، ويضرب أمثلة ونماذج لهذا التناقض :
والمطلق يحمل على المقيد ثم هو يبقى على إطلاقه في موضع آخر ، والعام لا يخصص ثم هو يخصص ، والحاظر مقدم على المبيح ، ثم المبيح مقدم على الحاظر ، والجمع بين الأحاديث أولى من الطرح والدفع ، ثم الطرح والتوهين والدفع أولى ، وحكاية الواقع لا تعم ثم هي تعم ، وعمل الأمة ومواظبتها على الفعل دليل الوجوب ، ثم هو لا يدل على الوجوب ، والقول مقدم على الفعل ثم الفعل مقدم على القول ، والتأويل الباطل قرمطي ، ثم هو سني مقبول إذا كان في نصرة أبي حنيفة ، وكراهية تخصيص ما لم يخصصه الشرع ، ثم تخصيص ما لم يخصصه الشرع ليس بمكروه ، ولا يزاد بالظني على القطعي ، ثم يزاد بالظني على القطعي .
والغماري يضرب لكل هذه الفصول أمثلة ونماذج من تصرفات الكوثري في كتبه ؛ التي تدل على تناقضه ، ثم يعقب على ذلك كله بقوله على سبيل السخرية والاستهزاء : ( وهكذا لا تنخرم ضوابط أبي حنيفة ، ولا تتناقض أقوالهم ، ولا تتضارب أصولهم ، كما يدعي هذا المفتري )
ثم إن الغماري يرى أن هذا التناقض والتضارب في قواعد الأصول ـ عند الكوثري ـ نابع من منهج التقليد والتعصب للمذهب ، فكل فرقة من فرق المقلدة تعرض كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على قول إمامها ، فما وافقه آمنت به ، وما خالفه لعبت به لعب الحواة ، فأبرزته كل ساعة في لون غير لونه السابق ؛ فما شئت من ادعاء نسخ آية ، وهي محكمة عندهم في مسألة أخرى ، وتخصيص عام ، وتقييد مطلق ، هو على عمومه وإطلاقه في موضع آخر ، وتأويل سخيف مضحك ، هو على سخافته حقيقة لا يحوم حولها مجاز .
أحمد إدريس الطعان
2008-10-07, 11:31 PM
قال الأخ أبو الحسن الأزهري :
وقد حذر جمع من العلماء الفضلاء وطلبة العلم النبلاء من الكوثري الهالك - عامله الله عزوجل بما يستحقه -
قلت :
كلمات أقل ما يقال فيها أنها تعبر عن حقد دفين على علم من أعلام الأمة ... أبلى بلاء حسناً في خدمة دينه وأمته واشتغل بالعلم فإن كان أصاب فله أجر وإن كان أخطأ فله أجرين ..
ومهما يكن من أمر فهو بنظرك مسلم فيما أحسب .... وكان يجب أن تدعو الله له بالمغفرة والرحمة وقد أفضى إلى ربه عز وجل ، ولن يضيق عليك الجنة فهي واسعة كما تعلم ...
ولا أدري ماذا استفاد الأخ صاحب المقال من هذا البحث ؟ وما الذي قدمه لأمته إذا كشف للناس عن أن الكوثري قال كذا او أخطأ في كذا ولو ذهبنا نحقق ونتقصى هذه الاتهامات لوجدنا حولها عشرات الاحتمالات ...
أخي الكريم من من العلماء ليس له أخطاء .... لأن مسيرة الحياة طويلة ، ومن الممكن أن يكون أي عالم قال أو تكلم أو صدر منه زلة او خطأ فجمع هذه الأخطاء وتصوير الأمر بهذا التهويل لا يعجر عنه أحد ولا يمكن ان يسلم منه أحد حاشا الأنبياء عليهم السلام ، ولو ذهبنا نبحث عن العثرات لأي عالم من العلماء لجمعنا فيها كتاباً ....
إقرأ ما كتبه خصوم أبي حنيفة رحمه الله ....
والملاسنات التي كانت بين ابن حجر والعيني والسيوطي والسخاوي وغيرهم ...
فهل نرفض علماءنا أم نقبلهم ونستغفر الله عز وجل لهم فلم يكتب ربنا عز وجل العصمة لأحد إلا لأنبيائه عليهم السلام .
أخي الكريم : اشتغل فيما ينفع أمتك من البناء ودعك من الهدم فقد كفاكه اعداء هذه الأمة المتكالبين عليها من كل الجهات .. دعك من فلان وعلان ، وسر على منهج القرآن ، والنبي العدنان .
لؤي الخليلي الحنفي
2008-10-08, 05:47 PM
جزاكم الله خيراً أخي الكريم أحمد إدريس، وأسأل الله تعالى أن يجري الخير على أيديكم.
ولا بأس بالتذكير بأن كف الألسن في العلماء والصالحين هو دأب الأئمة الأكابر.
وحتى لا أطيل، وأخرج عما أردته أقول:
الأخ صاحب الموضوع: هلا راجعت كثيراً مما كتبت دون اقتطاع واجتزاء، وخاصة فيما نقلته عن شيخ الإسلام مصطفى صبري في حق الإمام الكوثري.
وهل أنصفت الحكم بين الإمام الكوثري وخصومه ( إن صح تسميتهم بالخصوم)
أليس من العدل السماع للطرفين ثم الحكم.
أسأل الله تعالى أن يغفر لك زلتك هذه.
أبو عُبيدة
2008-10-08, 06:15 PM
لؤي الخليلي ، ما دام كف الألسن عن العلماء هو دأب الصالحين فلماذا لا أقرأ لك مثل هذه النصائح المشرقة في منتدى الأصلين (الذي أنت أحد مشرفيه ) حينما يذكر ابن تيمية بسوء ، ويذكر ابن عبد الوهاب بسوء ، وينعتان بأبشع النعوت ، من قبل المشرفين والأعضاء على حد سواء ، حتى إن مسألة تكفير ابن تيمية قال عنها كبيركم الذي علمكم السحر سعيد فودة : ( هو قول للعلماء يقلدون فيه ) ؟
بل إنني أتذكر مشاركاتك على عكس ذلك ، حينما يتعاطف أحدهم مع من تسميهم الوهابية ويقول هم إخواننا وإن أخطأوا فتقول له ساخراً : ( هل كنت وهابياً ثم اهتديت ) !!
لا أدري هل القضية منظورة لديك بعين الانصاف الذي تظهره هنا ، أم أنها فئوية مذهبية ، تطبقها على علماء مذهبك ومن يخالفك لا يستحق شيئاً منها ؟!
والكوثري كما هو معروف يكثر الطعن في العلماء ، وإن أردتم منع الطعن فيه فيلزمكم قبل ذلك أن تصرحوا أنه مخطئ بطعنه في شيخ الإسلام ابن تيمية ، حتى نعرف صدقكم إن كنتم صادقين ، أما إن كنتم تعدون ذلك اجتهاداً منه فالطعن في الكوثري اجتهاد منا أيضاً ، وليس الكوثري مخلوق من رخام أو صخر كريم !
أنتظر ردك أخي الفاضل !
سليمان الخراشي
2008-10-08, 07:17 PM
بارك الله فيك أخي أباالحسن ..
والكوثري علم من أعلام " القبورية " " الجهمية " في هذا العصر ، قد نال قلمه من علماء الأمة ( مالك والشافعي وأحمد وغيرهم .. ) ، بل تجاوز إلى بعض الصحابة - رضي الله عنهم - ؛ ( راجع التنكيل ) .
فلابد من تبيين حقيقته للجيل المسلم ؛ حتى لا يغتر مغتر ببدعه وانحرافاته ؛ فيقع فيها أو يُهون منها ..
وفقكم الله وزادكم من فضله ..
لؤي الخليلي الحنفي
2008-10-08, 07:50 PM
لؤي الخليلي ، ما دام كف الألسن عن العلماء هو دأب الصالحين فلماذا لا أقرأ لك مثل هذه النصائح المشرقة في منتدى الأصلين (الذي أنت أحد مشرفيه ) حينما يذكر ابن تيمية بسوء ، ويذكر ابن عبد الوهاب بسوء ، وينعتان بأبشع النعوت ، من قبل المشرفين والأعضاء على حد سواء ، حتى إن مسألة تكفير ابن تيمية قال عنها كبيركم الذي علمكم السحر سعيد فودة : ( هو قول للعلماء يقلدون فيه ) ؟
بل إنني أتذكر مشاركاتك على عكس ذلك ، حينما يتعاطف أحدهم مع من تسميهم الوهابية ويقول هم إخواننا وإن أخطأوا فتقول له ساخراً : ( هل كنت وهابياً ثم اهتديت ) !!
لا أدري هل القضية منظورة لديك بعين الانصاف الذي تظهره هنا ، أم أنها فئوية مذهبية ، تطبقها على علماء مذهبك ومن يخالفك لا يستحق شيئاً منها ؟!
والكوثري كما هو معروف يكثر الطعن في العلماء ، وإن أردتم منع الطعن فيه فيلزمكم قبل ذلك أن تصرحوا أنه مخطئ بطعنه في شيخ الإسلام ابن تيمية ، حتى نعرف صدقكم إن كنتم صادقين ، أما إن كنتم تعدون ذلك اجتهاداً منه فالطعن في الكوثري اجتهاد منا أيضاً ، وليس الكوثري مخلوق من رخام أو صخر كريم !
أنتظر ردك أخي الفاضل !
يكون الردّ أيها الفاضل عندما يرتقي مستوى الحوار لديك، وعندما أجد ما يستحق الردّ.
تقبل تحياتي وإعراضي.
أبو عُبيدة
2008-10-08, 08:10 PM
لم أر إفلاساً كاليوم قط !
أما قولك : ( حينما يرتقي مستوى الحوار لديك )
فلا أدري ما هو الهبوط فيه ؟ ! ربما يكون ذكر اسمك مجرداً ، لأنني قرأت لك ذات غضب تخاطب أحد محاوريك وتقول : لا تخاطبني باسمي مباشرة ، وكأنك تريد منه أن يقول : استاذ أو شيخ ... الخ
على كل فلعله من الطرافة أن يتحدث لؤي عن ارتقاء مستوى الحوار ، وهو - ولعله يتذكر ذلك جيداً - من يطالب بوءد الحوار في منتدى الأصلين ، وعدم السماح للوهابية أن يشاركوا ، بل وتثور ثائرته حينما يقرأ مشاركة لأحدهم يدعوا للإخاء مع الوهابية ، وكان سعيد فودة وجلال أخف حدة منه ، حينما جعلوا للوهابية فرصة في منتدى المناظرات فقط !
قولك : ( وعندما أجد ما يستحق الرد )
فلو كان عندك شيء تدفع به ما رميتك به من الكيل بمكيالين - هنا مكيال وفي الأصلين آخر - لما قلت هذه العبارة ، ولكنك وجدت كلاماً يصف حالك ، ويكشف طريقتك فلم تزد عن أن أقرت به نفسك و استحت من إظهار إقرارها !
لؤي الخليلي الحنفي
2008-10-08, 08:17 PM
أبا عبيدة:
كل يرى الناس بعين طبعه.
ها أنت تؤكد ما ذكرت لك
لا تستطيع إلا أن تنحدر بمستوى الحوار.
تقبل ثانية تحياتي وإعراضي.
أبو عُبيدة
2008-10-08, 08:25 PM
وأنت لا تؤكد إلا إفلاسك ، مرة بعد أخرى !
أما عني فقد شاركت معكم في الأصلين ، وكنت صريحاً وواضحاً في طرح ما عندي ، وكان مبدأي قائم على رفض التكفير من الطرفين ، إلا أنني واجهت شيئاً من سخريتكم و شتيمتكم - وعلى رأسكم فودة - وحذفكم وآخراً : إيقافي لأنني لا أصلح للفهم أو الحوار !!
وتريدون مني أن أقول : أنا أشعري ، حتى أصلح للفهم والحوار !!
العجيب أن أحدكم حاورني في أحد مواضيعي ، وكان حواره قاسياً لا يخلوا من سباب - رغم إفلاسه - إلا أنني قرأت له حواراً مع ملحد ينكر النبوات و الديانات فتمنيت أن أجده يواجه الملحد بسباب يعدل نصف ما واجهني به !
أبوصخر
2008-10-08, 10:08 PM
لا تستطيع إلا أن تنحدر بمستوى الحوار.
تقبل ثانية تحياتي وإعراضي.
أخي لؤي، مع احترامي لك فلا أراك إلا قد أجدت وصف أسلوبك الحواري بكلامك السابق، و الحقيقة أن المتابع لحواراتك و مواضيعك في منتدى الأصلين يلحظ هذا الأمر، و هو غلظتك و شدتك على مخالفيك و استخفافك بهم و شتمك إياهم و تحقيرك لشخصهم و علمهم ..إلخ، و أنا لا أتهم بلا بينة، و إليك بعض ما يشهد لكلامي من كتاباتك أنقلها بالنّص من منتدى الأصلين:
**(سبحان موزع العقول
انظروا ترهات هؤلاء القوم)
و أنت تتحدث عن هذا الموضوع بالتحديد، و لولا احترام قوانين هذا المنتدى لوضعت رابط كل صفحة أنقل منها.
** (لا أدري حقيقة، ولكن الملاحظ على معظم أعضائه من منتدى أهل الحديث والألوكة، والدعوة قائمة للترويج للمنتدى في كلا المنتديين.
فإن كان القائمون عليه من الوهابية فهذا مثار استغرابي باهتمامهم بفقه أئمتنا.
لماذا الآن؟ ولم؟)
و هذا في معرض حديثك عن ملتقى المذاهب الفقهية بعد أن أعلنت له في منتدى الأصلين.
**(أيهذا الأبله الغرّ:
ربما لو جعلت عبارتك هذه توقيعاً لكان أفضل لك من هذا الذي لم يتكلمه بمثل هذه الطريقة أحد قبلك.) و (أما تعلمت كيف تزيل الشعر عن لسانك.
إن لم تتعلمه بعد فأنا أعلمك إياه.) و (لا تستعجل فأنت من وصف نفسه بالسّعار، لا تنقل حالتك إلينا.) و (أراك كحكيم يفتح فمه كضفدعة ليغرق الناس بكلماته الكبيرة الغامضة والبلهاء
ربما تفتقد بنيّ في داخلك جوهر الإنسان.
وأراك تحسن إرسال كلمات موغلة في الكذب.)
و هذه الألفاظ التي يخجل الطفل من التلفّظ بها أوردتها مجتمعة في موضوع هرطقات المشاري.
**(وظهر أحد صبيانهم الجهال المسمى : ،،،،،،،،،،،،، ليكتب على ردودي ...) و تقول في نفس الموضوع: (حسين خالد ومصطفى سعد ، أرجو عدم مخاطبتي باسمي لوحده ، وأرجو منكما التأدب عند مخاطبتي ، وعودا واقرأا ما كتبت ثم علقا ، ولا تقتصرا على مواضع توافق هواكما)
و هذا في موضوع طردك من ملتقى أهل الحديث.
و هذه عينات عشوائية من بعض المواضيع التي شاركت فيها، و إلا فهناك مشاركات أخجل من ايرادها هنا، و كفى بما نقلتُ شاهدا على دنو مستواك الحواري، و ليتك اكتفيت بالمشاركات الفقهية فهي أنفع لك و لغيرك، و أسأل الله أن يعينك على حفظ لسانك و ان يرزقك حسن الخلق.
و الغريب أنكم تتحدثون عن الأخلاق و حسن التعامل و مراعاة قواعد الحوار و النقاش العلمي و أنتم و الله أبعد الناس عنه، و ما يثير العجب أنكم تدّعون أنكم من اهل التصوف و الزهد و العبادة و نراكم مجانبين لأبسط قواعد التعامل الأخلاقية، بل و تخرقون هذه القواعد بكثرة السباب و كيل الخصم بوابل من الشتائم و التجريحات الشخصية، ناهيك عن التكبّر و التبجّح في مشاركاتكم.
و لعمري ما هو دور مشايخكم المزعومين في تربتكم و توعيتكم، سيما محققكم سعيد فودة -هداه الله- الذي لا يقل عنك جرأة و سلاطة لسان مع تحقيره لجهابذة هذه الأمة و اعلامها و استخفافه بعقيدة السلف و لا حول و لاقوة إلا بالله.
أسأل الله لنا و لكم الهداية و التوفيق و الرشاد، و أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و ان يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه، و أن يجمّلنا بحسن الخلق، إنه ولي الصالحين.
أحمد إدريس الطعان
2008-10-09, 07:49 AM
الإخوة الكرام كل من يطعن في العلماء بسخرية وقلة أدب فهو مخطئ ونعتبره خالف تعاليم دينه في الجدل بالحسنى، حتى ولو كان من العلماء الكبار فلا عصمة لأحد بعد الأنبياء لا فرق بين الكوثري وغيره ... وطبعاً هذا ينطبق على ابن تيمية أيضاً رحمه الله
وبيان الخطأ يكون بطريقة عادلة ومنصفة ورفيقة ودون سباب او شتائم أو اتهامات وتعريضات عامة وعشوائية ...
وأرجو من الأخ الكريم الدكتور سليمان الخراشي بيان نصوص الكوثري التي نال فيها من الصحابة والأئمة ... لتبين ذلك للناس حتى لا يبقى الكلام هكذا موهماً ...
الأمر الآخر أخي الكريم : وصف الأمة التي ينتمي إليها الكوثري بالقبورية لا يخدم ديننا أبداً ، لأن الآخرين يقابلونكم بوصف الوهابية وهكذا تم تصنيف أهل السنة والجماعة إلى فرق متنابذة ... وهابي ، قبوري ...
وهذه أوصاف عامة وفضفاضة وتعميمها بهذه الطريقة يشق الصف ، ويوسع الشرخ ...
أنا أحب الكوثري وأحب مصطفى صبري وأحب ابن تيمية والذهبي والسبكي وابن الصلاح والغزالي والنووي ، وابن حجر وابن حجر الهيثمي وابن أبي العز الحنفي .. والشيخ وابن باز ، وابن عثيمين وغيرهم ولعلك تسألني : كيف جمعت بين المتناقضات فأقول : والله وجدتهم نسيجاً واحداً يكمل بعضهم بعضاً وأرى أنهم أصابوا وأخطأوا ولا أقبل عالماً كله ولا أرفضه كله ... نأخذ ما صفى وندع ما كدر .. وكتاب الله عز وجل وسنة رسوله هما المأوى والمعتصم حين تدلهم الطرق ... وتتنابذ الآراء ..
ولا أدري : هل سيصنفني قوم على أنني وهابي ، وآخرون على أنني قبوري ، ،،، ! ؟
محمد المبارك
2008-10-09, 10:22 AM
يتجه الى من يعترض على التحذير من الكوثري و أضرابه ـ بحجة عدم الوقيعة في العلماء ـ ملحظان :
1ـ ان يثبت ان الكوثري اصلاً من أعلام الأمة المتمسكين بما أجمعت عليه الأمة من الاحتجاج بالكتاب و السنة والاجماع .
2ـ ان الكوثري هو حامل راية الوقيعة في أهل العلم في هذا العصر ، فبالتالي فإن الرد على الكوثري واضرابه انتصار لمن وقع في أعراضهم من أئمة اهل السنة و الجماعة قديما و حديثا .
سليمان الخراشي
2008-10-09, 12:32 PM
الأخ الكريم : الدكتور : أحمد الطعان - وفقه الله - :
جزاكم الله خيرًا عن حبكم وحدة الأمة وعدم تفرقها ، وهذا - رعاك الله - لايكون إلا باجتماعها على عقيدة واحدة ، تعلمها الصحابة الكرام من نبيهم صلى الله عليه وسلم ؛ قال الله عنها : ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا .. الآية ) . ونشر هذه العقيدة والتحذير ممن خالفها وأقام الحواجز دون انتشارها ..
أما بغير هذا ، فلن تتوحد الأمة - لا شرعًا ولا عقلا وواقعًا - ، بل ستكون كما قال تعالى : ( تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى ) ، وكما قال القائل : فإن الجُرح ينفرُ بعد حينٍ * إذا كان البناءُ على فسادِ
- أما الكوثري وطعوناته في الأئمة ( دعك من ابن تيمية وابن القيم ! ) ، فلعلك تطالع هذا الرابط :
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=4589
- بارك الله فيك ونفع بجهودك ..
( تنبيه : لستُ دكتورًا ) .
فهد محمد النميري
2008-10-09, 03:21 PM
أشكر الأستاذين الكريمين الخراشي والطعان –وفقهما الله- ؛ وأقول لأبي عبيدة وذويه –وفقكم الله- : إن انتصفتم فخففوا العبارة ولطفوا الأسلوب وافرحوا بإخوتكم الزائرين وكونوا –إن استطعتَ- خيراً منهم ؛ فما أحسن مقابلة السيئةِ بالإحسان والعنفِ بالرفق "فما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه".
وائذنوا لي أيها الإخوة الكرام –رعاكم الله جميعاً- أن أقول :
يبدو أن العامة من طلبة العلم الشرعي من كافة المذاهب والمشارب قد تسرب إليهم منذ القدم داءُ الحدة في الردود والوثوب عن الآراء إلى الأشخاص ؛ فالتمييزُ بين القول والقائل شبه في معدوم أو هو تمييزٌ نظري بحت سرعان ما يتبخر على وقع الترامي العنيف , ولعل من أسبابه غيابُ حصانة فكرية ونفسية كافية تمنع من الانزلاق في هذا النوع من التراشق الكلامي والذي تبقى آثاره بقاءَ الليالي والأيام تعملُ في المسلمين تفريقاً وتشتيتا , لقد زرتُ بعض المنتديات (الإسلامية) فرأيتُ عجباً ؛ إن الأحقاد والحزازات تجللُ نفسها بلباسٍ علمي قشيب أي أن الإحن تبحث عن مبرراتٍ وتتكلمُ بلسانٍ فصيح وبأدلة شرعية ؛ إنك لن تعدمَ ألفاظاً نابية وتعبيرات مسفة تتعدى حدود الأدب والعلم والمروءة ؛ أبقلة الأدبِ تُنصر السنن وتقمع البدع.
يأيها الناس : اعلموا أن المغرض –مهما كان- لن يعجز التقاط نقلٍ هنا أو هناك فالتراث العلمي الهائل والاحتمالات الكثيرة والخطأ البشري تظمنُ الخدمة لكل ؛ فعلى رسلكم ...؛ وتذكروا -غير مأمورين- نقولات الأستاذ السقاف المبتورة عن الإمام ابن تيمية في مناظرات قناة المستقلة وفي السلفيين –أيضاً- من يلجُّ في الخصومة ويحاول أن يصور بعض الأئمة ممن هم على طريقة الإمام الأشعري وكأنهم خصومٌ للسنة مناصبين لها العداء ؛ والحقُ أنك إن فحصت تلك المنقولات لوجدت (أكثرها) مجتزأً وما سوى ذلك حقٌ عند بعضٍ باطلٌ عند آخرين بمعنى أن مواطن الخلاف موجودة لكنها ليست بهذا الحجم الذي يتصوره أو يصوره بعض الأخوة –هداهم الله جميعاً- ؛ إنني لا أنكر وجودَ الخلاف بل أذم الأمعانَ فيه والظلم والبغي الذي يرافقه.
أنصحُ إخواني طلبة العلم بأن ينتفعوا ما استطاعوا من جميع أهل العلم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ويوسعوا مداركهم بتوسيع نطاق القراءة والبحث فتعدد مصادر التثقيف تكسب الطالب ثراءً معرفياً عظيماً ونضجاً سريعاً ومن عرفَ الخلاف وفهمَ المآخذ اتسع صدره ؛ وما وجدتَ من خصومات وتلاسن فقل فيه كما قال الإمام الذهبي –كما في السير-: "كلامُ الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو (لمذهب) أو لحسد، ما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلك، سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئتُ لسردت من ذلك كراريس، اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " , وعلّق على قول البويطي: برئ الناس من دمي إلا ثلاثة: حرملة والمزني وآخر. قلت –أي الذهبي-: "استفق ، ويحك ، وسل ربك العافية ، فكلام الأقران بعضهم في بعض أمر (عجيب)، وقع فيه سادة، فرحم الله الجميع" , وتأملوا كلام العلاّمة ابن حجر-كما في التدريب للسيوطي-: "التحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته, لأن كل طائفة تدعي أن مخالفتها مبتدعة, وقد تبالغ فتكفر مخالفيها, فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف, والمعتمد: أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع, معلوما من الدين بالضرورة, أو اعتقد عكسه, وأما من لم يكن كذلك, وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه, فلا مانع من قبوله" وراجع النزهة بتحقيق الرحيلي ففيها نقول جيدة صـ122؛ ومقصودي بهذا النقل أنه يكشف عن فعل المذاهب والمشارب بالأتباع وأن الفجور في الخصومة سبب مشكلات . وحذوا هذا النقل عن أقوى من تصدى للرد على الشيخ الكوثري وهو العلاّمة السلفي المعلمي حيث وصفَ الكوثري –كما في مقدمة تحقيقه للجرح والتعديل لابن ابي حاتم- قائلاً : "وقد كان لفضيلة العلامة الكبير الأستاذ محمد زاهد الكوثري مد الله في أيامه فضلٌ كبير بتنبيهه على وجود نسخة التقدمة..." ؛ إخواني : دعوا قمم العلم يحلون مشكلاتهم فيما بينهم بهدوءٍ ورزانة وتفرغوا أنتم للطلب والاشتغال بما ينفعكم فالشطط في نُصرة المتبوع ربما أفضى إلى البغي والفتنة.
إنني استشكلُ كلام الأستاذ الخراشي الأخير ؛ فهل المطلوب في سبيل الوحدة (التطابقُ) التام في (كل) مسائل المعتقد ؛ كما يجب أن يُعلم أن فهم معتقد الصدر الأول محل خلاف أصلاً إذ من المعلوم أن الأشاعرة –مثلاً- لم يقولوا بالتأويل في بعض المواطن مناكفةً لقول الصحابة بل لاعتقادهم أنه لا قول للسلف فيها ولهم في تفسير سكوت السلف عن ذلك كلامٌ طويل معروف ؛ كما أنهم لم يتفقوا في كل تأويل ومنهم من رجحّ السكوتَ حيثُ سكت السلف ولكلٍ حجة تراجع في مصادرها ؛ هذا التباين داخل المدرسة الأشعرية أما السلفيون فيرون أن المسألة محسومة منذ الصدر الأول ؛ فتصوير الأستاذ الكريم الخراشي للأمر بهذه الصورة المبسطة ليس صحيحاً إطلاقاً.
وفقك الله الجميع للاعتصام بالحق وحفظ حقوق الأخوة الإسلامية بالتعاذر فيما وسعه الدليل والتأويل ... والله تعالى أعلم
سليمان الخراشي
2008-10-09, 04:04 PM
الأخ الكريم : فهد النميري : جزاكم الله خيرًا .. وشكرًا لمحبتكم وحدة الأمة وعدم تفرقها . وكما قلتُ سابقًا : هذا لن يكون إلا باتباعها ما كان عليه سلفها الصالح منذ الصحابة - رضي الله عنهم - ، وإلا لتفرقت بها السبل والأهواء .. وأظنه - أي ماكان عليه السلف - واضحًا ، لا كما أوهمتَ ، وإلا لدخلنا في باب " نسبية الحقيقة " ، وكلفنا الله بما لا يُستطاع ، أو ما عمّاه عنا في أهم الأمور ، وهو أمر " المعتقَد " .
وكما أنك لا ترى غضاضة في اتباع نهج الأشاعرة أو القبورية ؛ سيأتي غيرك فلا يرى غضاضة في اتباع الرافضة والبهائية ... الخ الفِرق ، فإن فرقت فهذا تحكم منك ، فلابد لك من ضابط في النهاية ؛ وخير ضابط هو نهج الرعيل الأول . ( ما أنا عليه وأصحابي ) .
ولا تخلط - رعاك الله - بين رد " البدعة " وكشف أباطيل " دعاتها " ، والمناوئين منهم لعقيدة السلف .. وبين " أخطاء " العلماء الذين لهم قدم صدق في الأمة ، ممن يُرد خطأهم وتُحفظ مكانتهم . فكلامنا على أولئك لا هؤلاء .. فمن خلط بين الأمرين : أخذته الحمية لـ " هؤلاء " ، فدافع ونافح عن " أولئك " ..
وفقك الله ونفع بك ..
علي أحمد عبد الباقي
2008-10-09, 04:11 PM
الأخ الفاضل الحبيب الدكتور / أحمد بن إدريس الطعان.
وقفت لك من قبل على مقال ((المدخل المقاصدي والمقاربة العلمانية))
وهو موجود في المجلس العلمي على هذا الرابط :
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=2011&highlight=%C7%E1%E3%DE%C7%D5%C F%ED
ووقفت لك على كتاب ((العلمانيون والقرآن الكريم)) فوجدت فهمًا عاليًا في الرد على العلمانيين وقدرة عالية على فهم مداخلهم .
لكن حقيقة أجد في المشاركة السابقة كلامًا عاطفيًا - أرجو أن تغفر لي هذا التعبير - ولم أفهم الجمع الموجود في قولك :
أنا أحب الكوثري وأحب مصطفى صبري وأحب ابن تيمية والذهبي والسبكي وابن الصلاح والغزالي والنووي ، وابن حجر وابن حجر الهيثمي وابن أبي العز الحنفي .. والشيخ وابن باز ، وابن عثيمين وغيرهم ولعلك تسألني : كيف جمعت بين المتناقضات فأقول : والله وجدتهم نسيجاً واحداً يكمل بعضهم بعضاً وأرى أنهم أصابوا وأخطأوا ولا أقبل عالماً كله ولا أرفضه كله ... نأخذ ما صفى وندع ما كدر .. وكتاب الله عز وجل وسنة رسوله هما المأوى والمعتصم حين تدلهم الطرق ... وتتنابذ الآراء ..
كيف يكون هذا وهل أفهم منه أنك لا تفرق بين السني المنتسب لأهل السنة والجماعة والأشعري والماتريدي ومن ينتسب للسنة وفيه أشعرية هل الكل عندك سواء ؟!
هل سواء عندك الكوثري الذي طعن في جل علماء الأمة ونقلة الآثار - وراجع إن شئت ((تأنيب الخطيب)) للكوثري والرد عليه ((التنكيل)) للمعلمي - وابن تيمية الذي بذل حياته في الدفاع عن الكتاب والسنة بعيدًا عن التقليد قد استطاعته، بل أجدك لا تفرق بين الكوثري وابن حجر أو النووي .
هل سيان عندك من عرف بتحرقه في التعصب لمذهب الإمام أبي حنيفة وارتكب ما ارتكب من الأخطاء لأجل الدفاع عنه ومن وضع الكتاب والسنة بين عينيه حريصًا أن لا يحيد عنها؟
ولا يفهم من كلامي هذا أنني أدعي العصمة لابن تيمية أو أنني بصدد الحكم المطلق على الكوثري غفر الله له ، لكن أرى أنهما لا يستويان في ميزان عادل . بارك الله فيك ونفع بك .
علي أحمد عبد الباقي
2008-10-09, 04:12 PM
الأخ الكريم : فهد النميري : جزاكم الله خيرًا .. وشكرًا لمحبتكم وحدة الأمة وعدم تفرقها . وكما قلتُ سابقًا : هذا لن يكون إلا باتباعها ما كان عليه سلفها الصالح منذ الصحابة - رضي الله عنهم - ، وإلا لتفرقت بها السبل والأهواء .. وأظنه - أي ماكان عليه السلف - واضحًا ، لا كما أوهمتَ ، وإلا لدخلنا في باب " نسبية الحقيقة " ، وكلفنا الله بما لا يُستطاع ، أو ما عمّاه عنا في أهم الأمور ، وهو أمر " المعتقَد " .
وكما أنك لا ترى غضاضة في اتباع نهج الأشاعرة أو القبورية ؛ سيأتي غيرك فلا يرى غضاضة في اتباع الرافضة والبهائية ... الخ الفِرق ، فإن فرقت فهذا تحكم منك ، فلابد لك من ضابط في النهاية ؛ وخير ضابط هو نهج الرعيل الأول . ( ما أنا عليه وأصحابي ) .
ولا تخلط - رعاك الله - بين رد " البدعة " وكشف أباطيل " دعاتها " ، والمناوئين منهم لعقيدة السلف .. وبين " أخطاء " العلماء الذين لهم قدم صدق في الأمة ، ممن يُرد خطأهم وتُحفظ مكانتهم . فكلامنا على أولئك لا هؤلاء .. فمن خلط بين الأمرين : أخذته الحمية لـ " هؤلاء " ، فدافع ونافح عن " أولئك " ..
وفقك الله ونفع بك ..
بارك الله فيك أبا مصعب ونفع بك !!
سليمان الخراشي
2008-10-09, 04:27 PM
وبارك فيك أخي الشيخ علي ..
فاتني أن أقول :
- هل اعتراض من اعترض على مقال الأخ أبي الحسن ، هو بسبب أنهم لا يرون الرد على من أخطأ من العلماء ؛ مهما كانت شناعة الخطأ ، بل لكل عالم الحرية أن يقول ويعتقد ما شاء ، ولو خالف النصوص الشرعية ( كما في مسألة البناء على القبور ومتعلقاتها مثلا ) .. ؟ أو الاعتراض هو فقط على " الأسلوب " .. ؟
- هل يلتزم من اعترض على الأسلوب - إن كان هذا سبب اعتراضه - بأن يُنكر أسلوب " الكوثري " مع الأئمة ؛ حيث اللغة السوقية ، والشتم ، والسب ، بل التكفير .. ؟!
فهل نرى لهم إنكارًا واضحًا ؟ لاسيما وقد نقل الأخ النميري أسلوب الشيخ المعلمي الراقي معه ؛ رغم لغته العنيفة الواطية مع علماء الأمة ؟
وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى ، وألف بين قلوبهم على الحق ..
سليمان الخراشي
2008-10-09, 04:35 PM
بعض جهود الدكتور أحمد الطعان :
http://www.saaid.net/book/search.php?do=all&u=%CF.+%C3%CD%E3%CF+%C5%CF%D1% ED%D3+%C7%E1%D8%DA%C7%E4
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2008-10-09, 05:22 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :
جزى الله الجميع خير الجزاء ...
والحقيقة أن من ينافح دون الكوثري وإيضاح حاله : أحسنُ الظن به أنه لا يعرفه أصلا !! أو لا يدري عظيم ما أحدث هذا الهالك في دين الله !! كأن الكلب لم يأكل له عجينا !! ولعلي من أكثر الأعضاء معرفة بجلية هذا الرجل جدا !! فقد شُغلتُ دهرا بالنظر في كتبه ، وتعاليقه ومقالاته وكل شيئ أجده له هنا أو هناك !! حتى قوي العزم على أن أفردتُ جزءا ضخما بعنوان ( الوساطة بين الكوثري وخصومه !! ) قطعتُ فيه شوطا لا بأس به ، وقد لخَّصتُ مباحثه في أوائل كتابي : ( المحارب الكفيل بتقويم أسنة التنكيل ) ولم يكمل بعد ...
والحاصل : أن سقوط الكوثري ليس مما يتناطح فيه كبشان !! فقد أضرّ بنفسه جدا ، حتى أخرجها من زمرة هؤلاء العلماء الذين نلتمس لهم الأعذار عند مخالفتهم صرائح نصوص الكتاب والسنة !! أما هذا فلم يُبق ولم يذر !! فقد تجمّعت فيه أدواء لادواء لها !!
بين تجهم وقدر وتصوف واعتزال وخبث لسان وسوء طوية وعصبية ممقوتة وكل شر !! وما ذكره عنه الأخ أبو الحسن الأزهري : هو غيض من فيض !! بل نُغبة ماء ُ! أو قطرة ندى سقطت من السحاب !! وقد كان أبو الفيض الغماري - وهو مثله بل أشر !!- يلقِّبه بـ ( مجنون أبي حنيفة !! ) والحق : أنه مجنون نفسه ! وبائع يومه بأمسه !! لا حيََاه الله ولا بيَّاه !! ومع كل ذلك : فقد كان لهذا الخاسر حسنات يُغبطُ عليها ، وسعي مشكور في بعض الأمور ، وأنا لا أعدم الاستفادة من كتبه دائما !! مع معرفتي بما فيها من الطمِّ والرمِّ !! تماما ككتب الغماريين تلاميذه وبني جلدته !! ومع هذا : فدعوتنا لأن يغفر الله لسائر المسلمين ، تشمل هؤلاء الهلكى إن شاء الله ، ونحن ما عاديناهم إلا في الله وحسب ، لا انتصارا لشيخ ولا مسألة !!وثناء من أثنى عليهم من أهل السنة : محمول على كونهم لم يكونوا وقفوا على فضائحهم بعد !! فدع عنك ثناء المعلمي للكوثري ، وثناء التقي الهلالي للغماري !! ونفسه أضر َّ : من يريد الانتصار لهذه الشرزمة المنحرفة عن الجادة !! وليجرِّب حظه من فرسان الإنصاف ما شاء ....
فهد محمد النميري
2008-10-09, 05:40 PM
الأستاذ الكريم الخراشي بارك فيك وأحسن إليك...
جميلةٌ إشاراتك عن نسبية الحقيقة ؛ إذ إنني أعتقد أن كثيراً من المسائل من جزئيات أصول الدين وفروعه تغشاها هذه النسبية لغموض الدليل وتكافؤ الحجج إلى حدٍ بعيد فهي نسبية غير مطلقة وبهذا يجب تفضي تلك المباحث إلى ضرورة التعاذر ؛ تأمل كيف قبل الأئمة مذاهب حادثة في باب الفقه كأهل الظاهر الذي انبنى مذهبهم على إنكار أصولٍ كبيرة في الشريعة أطبق أهل العلم على تخطئتهم فيها وأن الصدر الأول سار على القول بها كالقياس وغيره ؛ ولا تسارع بالقول بأن باب المعتقد غير باب الفقه فالكلامُ هنا عن إنكار أصول تشريعية أطبق على العمل بها الصحابة فمن بعدهم ؛ فالمعتصَمُ إذن في الأصول الكبار والأركان العظام وما سوى ذلك من الجزئيات فالأمر فيه يجب أن يكون متسعاً ؛ وتأمل معي كيف تعايشت المذاهب في تاريخ الإسلام على تباين أصولها ؛ فإن لم تسغ ذلك واعتبرتَه من التفرق المذموم (هكذا بإطلاق) ؛ فكيف تفسر التفرق الذي ضرب المنتسبين إلى السلف أعني السلفيين فكلُ حزبٍ منهم بما لديهم فرحون ويستبطنُ كل تيار منهم اعتقاداً مزيفاً بامتلاك الحقيقة المطلقة لذا سارع كل طرف إلى التهجم على الآخر مدعياً احتكاره لفهم منهج السلف في قصصٍ لا تخفاك.
أستاذنا الكريم هذا هو طبع الفكر الإنساني فالاختلاف يستحيل القضاء عليه فالشأن الاجتماع على الكليات والأصول ؛ والشأن في تنظيم الخلاف بين أهل الإسلام فافتراقهم فرصة للمتربصين بالإسلام في الداخل والخارج والتيارات العلمانية ومن ورائها قوى خارجية تنظرُ إلى تهارش الإسلاميين نظرة الضبع إلى الخراف ؛ وأرجو ألا يُفهم مني أنني في صدد ترجيح مذهبٍ على آخر فأنا مقتنعٌ بمجمل ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وأرجحه على المنهج الكلامي في عمومه وأراه أقرب إلى الصواب وإلى ظواهر النصوص لكنني أرى بغياً عظيماً في هذا الباب بين بعض المنتسبين إلى الفريقين.
وأوافقك في ضرورة اتباع الصدر الأول في فهمهم لأصول الدين وأنه أهدى أما تشقيق الكلام الكثير الذي أعقبَ ذلك والتخريج عليه ونسبة كل ذلك في الصدر الأول فهذا ما لا أقتنع به ؛ ولا أريد التوسع في ذلك.
بقي أن أقول إن النقاش أثارته مسألة جزئية عن شخصية محددة هي الشيخ الكوثري ولكن الكلام انجر إلى ظواهر الشطط التي نبغت بعد ذلك واللهج الذريع في الوصم بالبدع والتكفير والإقصاء في تفاصيل يسوء ذكرها.
بالمناسبة إن النقولات التي ذكرتُها عن أهل العلم أكثرهم أشاعرة ومعلومةٌ كثرتهم في أهل العلم والفضل فالتماسُ العذر أولى وأقرب إلى العدل والإنصاف وتحديد من هو العالم الذي له قدم صدق قد يختلف الناس فيها فكم من عالمٍ يراه أقوامٌ إمام هدى وآخرون يرونه شيطان ضلالة ولو تابعنا كلاً على هواه لما سلم لنا عالم قط ؛ أما الشيخ الكوثري فلهجماته العنيفة مثيراتٌ يعرفها من يفتش الكتب بلا أي وسائط ولعلك تعرف أن ألسنةً جاهلةً استطالة على الإمام أبي حنيفة وأتباعه ولمزتهم بمقابح وخزايا موغلة في الانحطاط فرد الكوثريُ التطرف بتطرف مضاد (راجع -على سبيل المثال-كتاب "الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الحنفاء" لابن عبدالبر بتحقيق أبي غدة) ؛ والمقصود أنه لا يجوز عند أهل العقل والحكمة أن يتولى صياغة العلاقة بين المسلمين المتطرفون منهم.
والله تعالى أعلم
سليمان الخراشي
2008-10-09, 06:49 PM
الأخ الكريم : فهد النميري : قلتم - سلمكم الله - : ( وأوافقك في ضرورة اتباع الصدر الأول في فهمهم لأصول الدين وأنه أهدى أما تشقيق الكلام الكثير الذي أعقبَ ذلك والتخريج عليه ونسبة كل ذلك في الصدر الأول فهذا ما لا أقتنع به ؛ ولا أريد التوسع في ذلك ) .. وأقول : بارك الله فيكم .. وفي اختياركم الموفق .
مقال سابق لي عن " الاختلاف بين المسلمين " :
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/36.htm
أحمد إدريس الطعان
2008-10-10, 09:03 PM
أخوتي الأكارم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أخي الشيخ سليمان الخراشي حفظك الله وبارك فيكم لا نختلف حول ضروة بيان الخطأ ولكن التودد والتلطف في النقد والتعليم خصوصاً مع إخواننا المسلمين ضرورة لا مناص عنها في هذا الوقت ومن قسا وأجحف وأساء فلا يضر إلا نفسه // ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك // ...
بالنسبة للرابط حول الكوثري لم أستطع تحميل الكتاب لبطء الإنترنت عندي ...
وبالنسبة لرابط بحوثي أرجو أن تضاف بعض البحوث الموجودة هنا إلى مكتبة صيد الفوائد :
وخصوصاً :
- الحجاب يتحدى
- العلاقة بين العلمانية والغنوصية
- تأملات في الرسالة والرسول
- العمامة والبراجماتزم وللبحث عنوان آخر // هل سقطت العمامة //
- كيف نواجه العلمنة ؟
- انتهاك المقدس وتمييع الإعجاز القرآني
- القرآن الكريم والتأويلية العلمانية
- حصاد العلمانية
- تأملات في العلمانية
وهذا الرابط
http://www.eltwhed.com/vb/forumdisplay.php?f=36
سليمان الخراشي
2008-10-10, 10:42 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أبشر ، ولنا الشرف في وجودها في " صيد الفوائد " ..
وهنا رابطان عن الكوثري :
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=9911
http://www.mahaja.com/forum/showthread.php?t=1166
عدنان البخاري
2008-10-11, 05:26 PM
أما الشيخ الكوثري فلهجماته العنيفة مثيراتٌ يعرفها من يفتش الكتب بلا أي وسائط ولعلك تعرف أن ألسنةً جاهلةً استطالة على الإمام أبي حنيفة وأتباعه ولمزتهم بمقابح وخزايا موغلة في الانحطاط فرد الكوثريُ التطرف بتطرف مضاد (راجع -على سبيل المثال-كتاب "الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الحنفاء" لابن عبدالبر بتحقيق أبي غدة) ؛ والمقصود أنه لا يجوز عند أهل العقل والحكمة أن يتولى صياغة العلاقة بين المسلمين المتطرفون منهم.
والله تعالى أعلم
/// أرى لك أخي الكريم وفَّقك الله أن تراجع هذه الجمل من كلامك وتقف مليًّا للتأمُّل عندها..
/// فهل الـ"متطرِّفون"! الذين بيَّنوا خطأ الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ورحمه وما أُخِذ عليه = وهم ثُلَّةٌ من أئمَّة السلف والحديث، فهل هؤلاء هم المتطرِّفون في نظرك، والذين وصفتهم بـ"الألسنة الجاهلة"، فمن المعتدلون في رأيك إذن ؟
/// الذين يكذِّبون الخطيب البغدادي وابن عديٍّ وابن حبَّان وعبدالله بن الإمام أحمد فيما نقلوه، كفعل الكوثري تمامًا؟! وإلَّا فما الفرق؟!
/// ثمَّ شتَّان بين ما نقل عن هؤلاء فيما أُخِذ على أبي حنيفة رحمه الله، وبين سباب الكوثري وافترائه عليهم.
/// والكلام في النقول المتوافرة في كتب السنة والجرح والتعديل عن أبي حنيفة لم يوجَّه توجيهًا صحيحًا من بعض أتباع الحديث، فنفَّروا الناس منه وطعنوا فيه، ونحو ذلك من الأساليب الخاطئة.
/// ولعلَّك بارك الله فيك تتراجع عن هذا التطرُّف في الوصف بالجملة بما لا يليق بالأئمَّة الذين لا يقل قدرهم عن قدر الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه!
/// والكلام في هذه الجزئية طويل الذيل.
/// والله المستعان.
أبو الفداء
2008-10-11, 08:45 PM
"ولعلَّك بارك الله فيك تتراجع عن هذا التطرُّف في الوصف بالجملة بما لا يليق بالأئمَّة الذين لا يقل قدرهم عن قدر الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه!"
... قلت ولعله أن يتراجع كذلك عن الكلام المجمل الذي لا تفريق فيه بين أهل الحق والخير وأهل الباطل والزيغ والأهواء!!!
أما كلامه عن أنه يرى أن الحقيقة نسبية في بعض المسائل ومطلقة في غيرها، ويعلل اختلاف المختلفين فيما وقع فيه الخلاف بأن سببه "نسبية الحقيقة" فهذا اعتزال لا يخفى ! ولو كانت الحقيقة نسبية في المسائل الخلافية كما يدعي، ما قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هناك مصيب في الاجتهاد يكون له أجران ومخطئ يكون له أجر واحد!! فكيف يصيب المجتهد ويخطئ، وكيف يسدد ويقارب، ان لم يكن الحق في ذات الأمر واحدا في علم الله، فاما يظهره الرب لكل من يطلبه من مظانه فيكون بينا متفقا عليه، واما أن يكون متشابها لا يعلم صوابه كثير من الناس؟؟
الحق واحد مطلق لا يتعدد، بينما أفهام الناس هي التي تحتلف..
فالله نسأل أن ينير أفهامنا بالسنة وأن يطهرها من أدران الفلسفة والاعتزال... والله المستعان
فهد محمد النميري
2008-10-13, 02:07 AM
حيا الله الإخوة الكرام
الأخ الكريم عدنان البخاري -وفقك الله لكل خير ونفع بك- , فواضحٌ جداً أنني لم أتهم كل مخالفي الكوثري والرادِّين عليه بأنهم متطرفون ؛ بل أقصدُ أن هذا الملف كغيره –مع الأسف- سقط بيد بعض الأتباع الصغار من الفريقين فعاثوا في الأعراض لمزاً وطعنا ؛ -وعلى سبيل المثال فقط- أظنك تعلم أن قائمة المستهدفين بألسنة هؤلاء ليس الكوثري بل انظم إليها أقوامٌ كثر من الدعاة والعلماء المنتسبين إلى منهج السلف -دعك من غيرهم- وأن ثمتَ مواقع لم تُنشأ إلا لتأصيل الغيبة والشتم وإزالة أي حاجز نفسي لأكل لحوم البشر... ومسلسل الشتائم مستمرٌ بلا حلقةٍ أخيرة -والله المستعان- . أما الذين نالوا من الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- فترى مطاعنهم فيما أحلتُ عليه وسترى فيه ما يسوء كل مؤمن فالرجاء المراجعة ((فقط))...
أما الأخ الكريم أبو الفداء -وفقك الله لكل خير ونفع بك- فالمسألة التي تسوق الكلامَ فيها بثقة هي محلُ نظرٍ واجتهاد بين أهل العلم ؛ فمن العلماء من يرى أن الحقَ في المسائل الاجتهادية واحدٌ غيرُ متعدد ؛ من هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية ويُعزى هذا الرأي إلى الجمهور ؛ ومنهم من يرى أن الكل مصيبٌ وهو اختيار الإمام الغزالي وجمعٍ آخرين , و(محل الخلاف) هنا في المسائل الفرعية حينما تتعارض فيها الأدلة ويغمض وجه الصواب في المسألة فهي -عند الغزالي وقومه ويُسمون (المصوبة)- متكافئة الحجج قد فُقد الدليل الذي يعين مراد الشارع إذ كلُ دليل معارضٌ بغيره وربما تقول هنا : بل الحقُ واحد وهو معي والأدلة هي كذا ... والجواب عن أدلة الخصم كذا ...؛ فسيعارضك خصمك ويقول بل معي ويسرد أدلته ويُتبعها بأجوبته عن أدلتك , ومراجعةٌ سريعة لكتب الفقه المقارن تزيلُ أية شبهة في صحة هذا الكلام بـ(شرط) فهم المآخذ المتعارضة جيداً والحرص على استقاء الأقوال من مصادرها الأصلية أي أن نضم فقه المقارن إلى أصول الفقه المقارن.
والحاصلُ أن أصحاب هذا القول فهموا أن الشارع لمّا لم يعيّن مرادَه في كل مسألة بدليلٍ ظاهر يقطع المعذرة كان هذا إذناً ضمنياً منه بأن يتبع كلُ مجتهدٍ ما انتهى إليه بعد استفراغ الوسع في طلب الحكم الشرعي وفق المناهج والقواعد المعتبرة عند كلٍ أي أن ما أداه إليه اجتهادُه هو حقٌ في حقِهِ , واستدلوا بأن الصحابة لم يكن ينكر بعضهم على بعض فهذا إقرارٌ منهم بالخلاف فلو كان الحق متعيناً لبادروا بالإنكار كما في المسائل والقضايا التي أنكر بعضهم فيها على بعضٍ ؛ فتأمل معي أنهم –رضي الله عنهم- كانوا يتجادلون ويتناظرون كلٌ يعرض دليلَه ومأخذه ويجيبُ عن دليل صاحبه فربما اتفقوا وربما انفصلت المجالس وكلٌ مقتنعٌ برأيه بل إن أئمة أهل العلم والدين على توالي الأعصار كانوا كذلك فلو كان لكل مسألةٍ دليل ظاهرٌ لحُسم النزاع وانقطع الخلاف ألا تراهم يرددون "لا يحسم النزاع إلا دليل صحيح صريح" ؛ فبقاء النزاع –رغم هذه القاعدة- دليلٌ على عدم الدليل الرافع للنزاع وهذا هو جوهر قول (المصوبة) -فيما أرى والله أعلم- ؛ ولا تعجلْ بادعائك امتلاك الدليل الحاسم فإن خصمك سيجبُهك بنفس دعواك ولن تكون أتقى لله ولا أطلبَ للحق منه ؛ فإما أن تُنكر عليه وإما أن تعذره وعذرك له تسليمٌ ظمني -غير مباشر-بأن دليلك غير ملزمٍ , لكن ربما قيل : إن في قول الله -عز وجل- : "فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول"...الآية الكريمة قطعاً لكل خلاف فلو لم يكن الردُ إلى الله ورسوله قاطعاً للنزاع لمَا أُمرنا به عند ثوران النزاع ؛ فربما قيل -جواباً على ذلك- : إن عدم انقطاع الخلاف -في المسائل الفرعية- بين الصحابة –رضي الله عنهم- دليلٌ على الإذن الرباني الظمني بأن يتبع كلُ أحدٍ منهم ما ظهر له وانتهى باجتهاده إليه وهو حقٌ في حقِهِ يحرم عليه تركه ما لم تظهر حجةٌ تزحزحه عنه . وربما قيل -أيضاً-: ثمتَ دليل فاصلٌ في المسألة وهو الحديث النبوي الشريف حيث قال عليه الصلاة والسلام : "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد" ؛ فالحديثُ هنا نصَّ على الصواب والخطأ في الاجتهاد ؛ وأقول : الحقُ أن الحديث ظاهرُ الدلالة جداً في ذلك إلا أن الإشكال –بالنسبة لي- أن كلَ أحدٍ يظنُ نفسَه مصيباً حازَ الأجرين وأن مخالفَه مخطئٌ معذور مأجور ؛ فالحديثُ لم يعين اجتهاداً معيناً أنه الصواب , وأيضاً ربما يُحمل الحديث على الخلاف الذي يبينُ خطأُ المجتهد فيه قطعاً كأن يفتي بخلافٍ نصٍ إجماعٍ لم يبلغه أو غير ذلك من الأعذار المعروفة فالخطأ هنا ظاهرٌ مقطوعٌ به معذورٌ مأجورٌ صاحبه -وإن فاتَه ثوابُ المصيبين-.
ولأهل القول الثاني ويُسمون (المخطئة) حججٌ قوية ظاهرة وأرى أن ظاهر النصوص تساعدهم لكني لا أزعمُ أن قولهم مقطوعٌ بصوابه ؛ فالمسألة –بالنسبة لي- تحتاج لكثيرٍ من التأمل , وهي مسألة طويلة الذيول , وربما يُعين على تصورها (جيداً) فهم كثرة المدارك الشرعية بما يؤدي إلى تعارضها الظاهري في كثيرٍ من الأحيان , وأن الظنون واجبٌ العمل بها ؛ فالمسألة ذات طبيعة تركيبية.
أخيراً : لا بد من ذكر أمرٍ مهمٍ جداً , وهو أن الخلاف المذكور شبه لفظي لأن الفريقين لا يأثمون المخالف ولاينكرون عليه. أما إشارة الأخ أبي الفداء إلى ذكر معتزلة وغير ذلك فما أدري ما حمله على ذلك إذ الخلاف في المسألة منقولٌ في دواوين العلم عن أهل العلم من أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم . كما أن الخلاف المذكور ينصبُ على المسائل التي تتعارض في الأدلة ولا يتبين فيها الصواب بالقطع أو بقريبٍ منه فهذه التي أزعمُ أن فيها قدراً من النسبية ؛ أما أصول الدين أو المسائل الأصول والأمهات المقررة في الشريعة فهذه لا يشملها الخلاف فهي مطلقة لا نسبية يُنكر على المخالف فيها.
والله جلّ جلاله أعلم
أبو الفداء
2008-10-13, 07:34 AM
مع أن في هذا خروج عن موضوع الصفحة ولكن لا مفر منه ..
فليعذرنا أخونا المفضال صاحب الموضوع..
الأخ فهد وفقه الله.. هذا الخلاف الذي تدعي أنه خلاف قوي ما وقع الا بسبب كلام أهل الكلام وتأثرهم بفلاسفة اليونان، والا فأين في المنقول عن الصحابة والسلف الأول ما يدل على أنه قد وقع بينهم مثل هذا الخلاف الكلامي المذموم؟؟؟ وان كنا علمنا أنهم ما أنكر أحدهم على الآخر، فهل عندك أثارة من علم تدل على أنهم "صوب" بعضهم فعل الآخر وأقره عليه أو قال أن كلا الفعلين المختلفين حق وصواب في ذات الأمر وأن كليهما هو المراد من الخطاب؟؟؟؟
كل ما ذكرتَه فيما كتبتَ عن اعذار المخالف وعدم الانكار عليه وكذا، كل هذا لا يخالفك فيه أحد، ولكنه ليس فيه رائحة الدالالة على أنه ليس هناك حق واحد في المسألة الخلافية، يصيبه المصيب ويخطئه المخطئ! النبي عليه السلام لما قال "لا يصلين أحدكم العصر الا في بني قريظة" اختلف الصحابة في ذلك لما دخل العصر عليهم قبل القدوم على بني قريظة كما هو معلوم، فلما علم النبي بصنيع كل من الفريقين عملا بذلك الأمر لم ينكر على أي منهما، فهل تفهم أنت من ذلك أنه عليه السلام لم يكن له من هذا التكليف مراد واحد هو الصواب وما سواه خطأ؟؟؟ لا شك أنه كان له مراد واحد، فأحد الفريقين أصابه والآخر أخطأه .. ولكن لأن اجتهاد المخطئ قام على استدلال قد يكون له وجاهته، عفا الشارع عنه وقبل منه عمله رحمة بالناس من رب حكيم عليم..
فالآن بأي دليل يفرق القائلون بنسبية الحقيقة في المسائل الخلافية بين مثل هذه المسألة التي في هذا الحديث آنف الذكر، وبين ما ذكرت أنت من مسائل يكون فيها دليلان ظاهرا التعارض، أو غيرها من أسباب الخلاف السائغ في استنباط الأحكام؟؟
الفقهاء لما جمعوا بين الأدلة ظاهرة التعارض - والجمع مقدم على الترك كما أحسبك تعلم - سعوا الى الجمع بكل طريق حتى اذا ما عدموه قالوا بالنسخ أو الضعف، ولم يكن هذا دأبهم الا لأن عقولهم لا تتصور أن يكون كلا الدليلين المتعارضين مقصودين في الخطاب الشرعي على سبيل التخيير، فمن عمل بهذا فهو على الحق ومن عمل بالآخر فهو على الحق كذلك! المسائل الخلافية ليس خطاب الشارع بها خطاب تخيير! التخيير يكون بالنص على التخيير، فمن شاء أخذ ومن شاء ترك! أما النصوص ظاهرة التعارض، والتي في أحدها أمر بشيء وفي الآخر أمر بخلافه.. بأي حجة يقول القائل أن الشارع حين كلف بالأول منها لم يكن يمنع من العمل بالثاني المخالف له والعكس؟؟
المسائل الخلافية ما أصبحت خلافية الا لأنه لا يمكن جمع الأقوال فيها على قول واحد، ولا يتصور العقلاء ذلك! وليس لمن عنده قدر من الفقه في دينه أن يأتي على خلاف وقع بين الصحابة على قولين ويقول فلنجعلهما قولا واحدا حاصله التخيير بين الدليلين، فمن أخذ بأيهما شاء فهو مصيب!! هذا كلام ساقط، وهو لازم القول بتصويب المتنازعين جميعا في مسائل الخلاف، وهو مردود حسا وعقلا وأثرا عن السلف وان ذهب اليه من ذهب من أهل العلم والفضل!
لطالما كان شعار المجتهدين من الصحابة ومن بعدهم: اتباع الدليل! فان علم أن المسألة خلافية يرجع الخلاف فيها الى زمان الصحابة، لم يكن لأحد أن ينكر على أحد، هذا مع كون كل فريق من المتنازعين يعتقد أن مذهبه هو الحق في المسألة ومذهب مخالفه باطل، والا فلو لم يكن يظن أن اختياره هو الحق لم يجز له أن يعمل به أصلا ولا أن يقدمه على غيره! هذا كلام بدهي واضح! أما أن يطالَب الناس بأن يعتقدوا أن ما هم عليه هو الحق، وما عليه مخالفهم هو الحق أيضا في ذات الأمر، فهذا كلام فاسد لا يقبله العقلاء، وما دخل علينا الا من كلام الفلاسفة!!
ولهذا أكرر: الحق واحد مطلق لا يتعدد ومراد المتكلم واحد من كل كلمة يقولها، وهو معلوم عنده على وجه التحديد، وهذا لا يماري فيه عاقل.. أما ما يصل الى أفهام الناس وما يترتب على ذلك الخطاب عندهم من العمل في المسائل التي يتقارب فيها القول (أيا كان سبب التأويل عندهم، دونما اقتصار في ذلك على المسائل التي يظهر فيها تعارض النصوص)، ويفرغ كل مجتهد فيها وسعه طلبا للحق، فهذا هو النسبي، وهو ما رفع الشارع عنه الحرج والمؤاخذة رحمة بالمسلمين ..
ان الفرق كبير بين أن يقول القائل: افعل كذا، ثم يرفع الحرج عمن فهم التكليف على خلاف المراد لكون الكلام يحتمل ذلك الفهم عند المخاطبين به وان بعد، وبين أن يقول القائل: افعل كذا، حتى اذا ما اختلف الناس في تأويل "كذا" قال لبعضهم "هذا ما كنت أريد من الخطاب"، وقال لمخالفيهم أيضا "هذا هو ما كنت أقصد"!!
أما قولك:
"وربما قيل -أيضاً-: ثمتَ دليل فاصلٌ في المسألة وهو الحديث النبوي الشريف حيث قال عليه الصلاة والسلام : "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد" ؛ فالحديثُ هنا نصَّ على الصواب والخطأ في الاجتهاد ؛ وأقول : الحقُ أن الحديث ظاهرُ الدلالة جداً في ذلك إلا أن الإشكال –بالنسبة لي- أن كلَ أحدٍ يظنُ نفسَه مصيباً حازَ الأجرين وأن مخالفَه مخطئٌ معذور مأجور ؛ فالحديثُ لم يعين اجتهاداً معيناً أنه الصواب , وأيضاً ربما يُحمل الحديث على الخلاف الذي يبينُ خطأُ المجتهد فيه قطعاً كأن يفتي بخلافٍ نصٍ إجماعٍ لم يبلغه أو غير ذلك من الأعذار المعروفة فالخطأ هنا ظاهرٌ مقطوعٌ به معذورٌ مأجورٌ صاحبه -وإن فاتَه ثوابُ المصيبين-."
فأقول هذا تأويل شديد التكلف وهو لي لعنق النص كما لا يخفى، وتحميله حمولة لا دليل عليها! فأنت مقتنع بالنظرية "نسبية الحقيقة في بعض المسائل" وتحاول أن تطوع له ذلك النص الذي لا يماري عاقل في مخالفته الواضحة لهذه الفكرة جملة وتفصيلا!! فهو عام لا مخصص له، مطلق لا مقيد له، والبينة بالقيد أو التخصيص على من ادعى، ولو كان من كان من أهل العلم عليهم رحمة الله ورضوانه، والله أعلى وأعلم..
وتأمل فساد قولك اذ تقول: "كلَ أحدٍ يظنُ نفسَه مصيباً حازَ الأجرين وأن مخالفَه مخطئٌ معذور مأجور "
فيا أخ الاسلام هل يتصور من عاقل يعي ما يقول أن يذهب مذهبا في مسألة فقهية وهو لا يظن نفسه مصيبا؟؟ أيدين الله بما يعتقد في نفسه أنه ليس هو الصواب؟؟ هذا كلام بين البطلان! كل قائل بقول وذاهب الى مذهب انما يذهب اليه لاعتقاد صوابه! فان كان هو الصواب حقا كان مصيبا والا كان مخطئا!
وقولك: "وأيضاً ربما يُحمل الحديث على الخلاف الذي يبينُ خطأُ المجتهد فيه قطعاً كأن يفتي بخلافٍ نصٍ إجماعٍ لم يبلغه أو غير ذلك من الأعذار المعروفة فالخطأ هنا ظاهرٌ مقطوعٌ به معذورٌ مأجورٌ صاحبه -وإن فاتَه ثوابُ المصيبين-.""
فنقول لا يجوز الاجتهاد أصلا بمصادمة النص أو الاجماع .. وكون المجتهد لم يبلغه ذلك النص أو ذلك الاجماع فهذا يعذر فيه ويرجى له أن يكون من أهل الأجر الواحد ما دام قد أفرغ وسعه في طلب الدليل ولوازمه.. أما قصرك لهذا الحديث على هذه الحالة دون غيرها فلا دليل عليه البتة! والله المستعان.
فالمرجو منك مراجعة مستندك في مذهبك هذا، فما علمته الا أثرا لكلام الفلاسفة عند من تأثر بهم من أهل العلم، فالله نسأل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
فهد محمد النميري
2008-10-13, 11:50 AM
... مع أنني أشرتُ في التعليق السابق إلى أن قولَ المخطئة تساعده الظواهر وأن الخلاف في مؤداه العملي النهائي لفظي ؛ فالخطبُ –في نظري- يسير , لكني رأيتُ أخي أبا الفداء –وفقه الله- حاول الدفاع عن القول الذي اقتنع به -ومن حقه ذلك- إلا أنني لحظت في بعض نقاشه تصوراً أو تصويراً غير دقيق لآراء (المصوبة) إذ أنهم لم يقولوا بنفي المدلول المعين للخطاب الشرعي في (كل) مسألة ؛ أي أنهم لم يدّعوا أن الشارع لم يقصد في خطاباته شيئاً محدداً (دائماً) بل ذلك مقصورٌ –عندهم- على المسائل التي غمض فيها وجه الترجيح واقتربت أدلتها من التكافؤ المطلق وعلى هذا فذكرُ مسألة الصلاة في بني قريضة ليس دقيقاً إذ الترجيح ظاهر والعمومات والقرائن تكاد أن تُعيّن أن المقصود الإسراع , وهذا دليلٌ قاطع على عذر المخطئ إن عرضت له شبهةٌ منعته من اتباع مقتضى الدليل.
فمناط الخلاف إذن هو : هل للخطاب الشرعي –في بعض المسائل التي سبق وصفها- مدلولٌ (موضوعي معين) أم أن الواجبَ على كل مجتهدٍ بذلُ الوسع وما أداه إليه اجتهاده فهو المفروض عليه شرعاً أي أنه الحقُ في حقِهِ بدليل بقاء كثيرٍ من المسائل في ربقة الخلاف قرونَ متطاولة برغم استعراض الأدلة بين المختلفين وعقد المناظرات ومع كل ذلك لم ينحسم فيها الخلاف لعدم الدليل الشرعي الذي (يُعين) مراد الشارع على بتحديدٍ يزيل الشبهة ؛ فإن كان موجوداً فأين هو وكيف خفي على الناس وإن وجد فلم بقي الخلاف ؛ أكرر : المقصود هنا مسائلٌ بقي فيها الخلاف برغم استعراض الحجج وتداول النقاش والمناظرة فليس هذا ما ينطبق عليه حديث صلاة بني قريضة بدليل أن هذا الحادثة لو تكرر لها نظير لما ساغ أبداً تأخير الصلاة عن وقتها فهي من جنس المسائل التي يُعذر فيها المجتهد لخفاء دليلٍ معينٍ عليه ؛ وما أقصده لا خفاءَ فيه فالاحتجاج والأدلة مستقصى في دواوين أهل العلم . ولعل هذا ما أشاع تعبيرات من نحو : الراجح , والمرجوح , والأقرب ...الخ مما يُشعر (بنسبية ما) في هذا النوع من المسائل , ولعل هذا أيضا ما وسّع دائرة التسامح بين المختلفين وتعايشت به الآراء المختلفة بلا أي تثريب وترتبت عليه آثار كثيرة على صعيد الفقه والقضاء فقاعدة (عدم نقض الاجتهاد بالاجتهاد) وبقيت اجتهاداتٌ كثيرة لم تنقض لعدم الحجة القاطعة مع أنه قد يُقضى بخلافها ... إلى غير ذلك من فروع كثيرة مع أنها في النهاية تتسق على المذهبين (المخطئة والمصوبة).
أرجو أن يُعلم أن هذا ليس ترجيحاً -في الحقيقة- إن هو إلا بيانٌ مختصرٌ جداً لوجهة نظر أصحاب هذا القول الذي ذهب إليه –كما سبق أن ذكرت- جمعٌ من أهل العلم وليس هو من آثار الاعتزال أو الفلسفة كما يدعي الأخ أبو الفداء فهو –هداه الله- تارةً يصفهم بأهل العلم والفضل وتارةً بأنهم أهل الكلام ومتأثرين بفلاسفة اليونان . وقد يكون غياب هذه النسبية أدى إلى ظهور مطلقيات حادة أحالت جنةَ التعايش وضلالها الوارفة إلى جحيم الصراعات والخصام الماحق لكل حقوق الأخوة الإسلامية , وتأمل كيف غابت لغة : (أرى –و الله أعلم- أن الراجح أو الأقرب أو ...) فمن كانت هذه تعبيراته يستحضر عذرَ مخالفه ؛ وتأمل كيف شاعت لغة : (الصحيح من القولين كذا...) ثم ترقى الحال إلى لغة : (الحق في المسألة كذا ...) أو لغة : (مقتضى الأدلة كذا ...) بل لغة : (الصواب الذي لا معدل عنه كذا ...) مع المسائل المطروحة هي مما شاع الخلاف فيه وذاع , ففي مثل هذه المحاضن التعليمية ينشؤ التعصب وتتأسس عقلية الخصام والاحتراب.
والله تعالى أعلم...
للفائدة العامة لقد اطلعتُ على رسالة بديعة ونفيسة جداً للعلاّمة المحدث الشيخ محمد عوامة –حفظه الله- بعنوان "أثر الحديث النبوي في اختلاف الفقهاء" أتمنى من الإخوة أن يقفوا عليها ففيها نفائس.
عدنان البخاري
2008-10-13, 01:18 PM
... ومسلسل الشتائم مستمرٌ بلا حلقةٍ أخيرة -والله المستعان- ...
/// لا أرى علاقة بين الشتَّامين والطعَّانين والباحثين عن الأخطاء المتوهَّمة وما سطَّره الأئمَّة في الكتب السَّالف ذكرها عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
/// بل العلاقة بين هؤلاء المرضى الموسوسين وبين الكوثري أقرب من غيرهم..
/// وأما قولك:
أما الذين نالوا من الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- فترى مطاعنهم فيما أحلتُ عليه وسترى فيه ما يسوء كل مؤمن فالرجاء المراجعة ((فقط))...
/// فلم أكتب ما كتبته إلا بعد مراجعة كل ما قيل في أبي حنيفة من بضع سنين خلت، ولا أدري حقيقة ما موقفك من كلام هؤلاء الأئمَّة في أبي حنيفة ممَّا وصفته بالأمر الذي يسوء كل مؤمن.. فهل نطعن فيهم مثلًا كما فعل الكوثري؟
أم نحاول توجيه كلامهم بما يحفظ قدرهم وقدر أبي حنيفة الإمام رحمهم الله جميعًا؟
أم نتغافل؟ فلم؟ وهو موجود بعشرات الصفحات ولم يستنكرها الأئمة الذين وقفوا على ما فيها ولم يفعلوا كفعل مجنون أبي حنيفة!
أبو الفداء
2008-10-13, 04:54 PM
تقول: "نهم لم يقولوا بنفي المدلول المعين للخطاب الشرعي في (كل) مسألة ؛ أي أنهم لم يدّعوا أن الشارع لم يقصد في خطاباته شيئاً محدداً (دائماً) بل ذلك مقصورٌ –عندهم- على المسائل التي غمض فيها وجه الترجيح واقتربت أدلتها من التكافؤ المطلق"
قلت فأين قلت أنا أنك تدعي أنهم ينفون الدليل الشرعي في "كل" مسألة، وأين في كلامي ما يظهر لك منه أن هذا هو تصوري لما تقول؟؟؟؟؟
ثم أنا أعجب والله كيف لا يظهر لك ولمن وافقتهم فساد هذا المعنى: أن الشارع لم يقصد شيئا محددا من كلامه في بعض المسائل!!!
أنزل أمرا وتكليفا وهو يريده ويريد خلافه كذلك في نفس الوقت؟؟؟ يا أخي أكرمك الله أرجو أن تفرق بين حقيقة أمر التكليف والقصد أو العمل المراد منه عند شارعه، وبين أحوال المكلفين ازاء ذلك الأمر وما لهم وما عليهم في الخطأ ان أرادوا الحق فأصابوه وان أرادوه فأخطأوه فيما هم عاملون بذلك النص!
لا يعقل أبدا أن آمرك - مثلا - بأن تذهب لتفتح الباب، وأنا أقصد أمرين معا في ذات الوقت: أن تفتحه فعلا و ألا تفتحه!! هذا لا يتصوره عقل صحيح! أما لو أمرتك بأن تفتح الباب، ثم جاءك من القرائن الأخرى والأوامر الأخرى المنقولة اليك عني ما فهمت منه - ظنا منك واجتهادا - أن هذا ليس هو مرادي على الحقيقة، فلم تفتح الباب في النهاية ظنا منك أنك بذلك تطيعني، فهذا شأن آخر، ولا تستوي فيه أبدا كمكلف بمن تعمد مخالفة الأمر وهو يعلم .. ولله المثل الأعلى! فان لم يكن هذا المعنى هو ما نفهمه - باطلاق لا دليل على تقييده - من حديث الأجر والأجرين، فما الذي نفهمه؟؟؟
سبحان الله.
أما قولك: "فليس هذا ما ينطبق عليه حديث صلاة بني قريضة بدليل أن هذا الحادثة لو تكرر لها نظير لما ساغ أبداً تأخير الصلاة عن وقتها فهي من جنس المسائل التي يُعذر فيها المجتهد لخفاء دليلٍ معينٍ عليه"
فأسألك بأي دليل وجهت هذا الحديث هذا التوجيه؟ وما أدراك أنها لو تكررت بنفس الظروف والأحوال لما ساغ فعل أحد الفريقين فيها؟؟ بل لو تكررت بنفس الظروف - وضع عدة خطوط ان شئت تحت كلمة بنفس الظروف - فلن يقع الا نفس الخلاف وعلى نفس الصورة! والذي يعنينا هو استقراء الأمر بسائر ظروفه وأحواله لنخرج منه بالفائدة!
نعم الذي يظهر لي عند التأمل أن النص يفيد أن مراد النبي عليه السلام ما كان الا استعجالهم لدخول بني قريظة قبل وقت العصر.. ولكن لما دخل عليهم وقت العصر ولم يكونوا قد بلغوا بني قريظة بعد، ساغ لبعضهم القول بأنهم لو صلوا العصر في غير بني قريظة فقد عصوا الأمر الصريح بألا يصلوا العصر الا فيها! فلو كنت أنت بينهم حينئذ، وكنت مخاطبا بالأمر كما خوطبوا، لما وجدت في يدك من الأدلة - مهما بلغ علمك - ما تجزم به بأنه ليس المراد تأجيل صلاة العصر الى حين دخول بني قريظة كما فعل بعضهم! وليس سبب ذلك أن بعضهم كان فاقدا لدليل قد بلغ من خالفه، وانما لأنه لم يكن ثم وجود حينئذ أصلا لذلك الدليل الذي يحسم مادة النزاع بين الفريقين! فهذه المسألة من هذا الوجه وعلى هذه الصورة، توافق جميع المسائل الخلافية التي ساغ فيها الخلاف من القرون الأولى، ولا أرى في شيء مما ذكرته أنت ما يقصرها على حالة يتخلف فيها علم المخالف بدليل قد علمه غيره!! فمن أين لك بهذا التوجيه؟
وها أنت تقرر أن مراد النبي عليه السلام في نظرك كان واحدا وهو استعجالهم، ولم يكن أن يؤجلوا صلاة العصر الى حين أن يدخلوا.. ولا كان مراده التشريعي أن يفعل بعض الناس هذا ويفعل بعضهم ما يخالفه في نفس الوقت! فالحديث حجة عليك لا لك كما هو واضح!
أما كون كلا الفريقين قد أدى واجبه، بما يرجى معه القبول عند الله منهم جميعا، فهذه نشهد بها كما لم ينكر النبي عليه السلام على أي من الفريقين ما فعل ولكنها لا تعني ولا يلزم منها أبدا أن يكون كلاهما على الحق والصواب في ظنه أن هذا الذي عمله هو مراد الشارع من التكليف! وهذا هو محل اللبس عندك فتأمل!
يا أخي الكريم، النسبية لا تقع في مراد المتكلم من كلامه بالأمر والنهي، وانما تنسب الى فهم السامعين لذلك الكلام! والفرق ينبغي ألا يخفى على مثلك!
أما قولك عني غفر الله لك: "تارةً يصفهم بأهل العلم والفضل وتارةً بأنهم أهل الكلام ومتأثرين بفلاسفة اليونان"
فلو شئت أن أعدد لك أسماء عشرات من أكابر أهل العلم والفضل الذين وقع عندهم تاولات وتأثرات بكلام أهل الكلام والفلسفة لما وسعنا المقام، فكلامك المطلق المجمل هذا - وهو عهدي بك - يلزم منه لازم ما أظنك تقبله ولا تقول به، وهو أن كل من تلبس بموافقة اهل الكلام في بعض ما يذهب اليه من مسائل العلم فهو ليس من أهل العلم والفضل!!!
وأنا ما قلت الا أن هذا القول باطل وهو من أثر الفلسفة والكلام، حتى وان قال به بعض أهل العلم والفضل، وكلامي ولله الحمد واضح لا لبس فيه!
أما قولك: "ولعل هذا ما أشاع تعبيرات من نحو : الراجح , والمرجوح , والأقرب ...الخ مما يُشعر (بنسبية ما) في هذا النوع من المسائل , ولعل هذا أيضا ما وسّع دائرة التسامح بين المختلفين وتعايشت به الآراء المختلفة ... الخ"
فنقول يا أخي رعاك الله لا تخلط بين نسبية فهم المكلف وبين حقيقة الخطاب التكليفي!! هذه النسبية في أفهام الناس والتي من أجلها اتفق العلماء على وجوب عمل المكلف بما يغلب عليه الظن بأنه الصواب، (ما دام قد استفرغ الوسع في طلب الحق من مظانه) هذه نسبية لا ينكرها الا أعمً جاهل!! وليس هذا الكلام منك الا مصادرة عن محل النزاع أصلا! فنزاعنا هنا انما هو في محل هذه النسبية، هل هي واقعة في فهوم البشر للكلام الذي سمعوه ولمقتضى الأدلة التي بين أيديهم، أم أنها راجعة الى خطاب الشارع نفسه!!! فلا داعي لمثل هذا الاستطراد!
أما قولك هداك الله: "وقد يكون غياب هذه النسبية أدى إلى ظهور مطلقيات حادة أحالت جنةَ التعايش وضلالها الوارفة إلى جحيم الصراعات والخصام الماحق لكل حقوق الأخوة الإسلامية , وتأمل كيف غابت لغة : (أرى –و الله أعلم- أن الراجح أو الأقرب أو ...) فمن كانت هذه تعبيراته يستحضر عذرَ مخالفه ؛ وتأمل كيف شاعت لغة : (الصحيح من القولين كذا...) ثم ترقى الحال إلى لغة : (الحق في المسألة كذا ...) أو لغة : (مقتضى الأدلة كذا ...) بل لغة : (الصواب الذي لا معدل عنه كذا ...)"
فأقول هذا كلام لا يطلق هكذا بلا تفصيل، وسأرد عليه مع أنه خروج عن محل النزاع أيضا كسابقه!
فأقول: أولا النسبية التي لا ننكرها ولا نذمها على اطلاقها هي نسبية فهم المكلفين وليس نسبية الخطاب الشرعي نفسه، وأكرر هذا المعنى مرارا وتكرارا لعله يلقى عند أخي الفاضل حظا من التأمل ولو لمرة واحدة! فنسبة النسبية الى مراد الشارع التكليفي من خطاب الأمر والنهي هذه باطلة لا دليل عليها وان قال بها من قال!! ونحن ولله الحمد على ما كان عليه سلفنا من اعذار المخالف فيما يسوغ الخلاف فيه، ونسبة الأجر الواحد الى المخطئ، مع تقرير أن كل صاحب مذهب يرى نفسه مصيبا وغيره مخطئا، ويرجو أن يكون له أجران ولمخالفه أجر واحد، لأن كليهما على الظن في مذهبه وليس القطع واليقين.. فالتسديد هو واجب المكلف فان لم يستطع الجزم بيقين فعليه بغلبة الظن والمقاربة.. ولا يكلف الله نفسا الا ما آتاها. فليس له الانكار على مخالفه في الظن والاجتهاد، ما دام لكل منهما مأخذ سائغ من النصوص، مبناه الظن عند كل منهما!!
كل هذا كلام واضح نقره ونعترف به وندين الله به ولا اشكال! ولكن كلامك أنت ومن تنتصر لهم بأن الخطاب الشرعي التكليفي نفسه لم يكن له عند المتكلم به مقصد واحد ولا مراد واحد يتكلفه المخاطبون به فهذا هو الباطل الذي لا مدخل له من عقل ولا نقل!!
نحن مكلفون بالسعي في معرفة ما كان عليه خطاب التشريع في آخر أمره، على ما فهم الصحابة وما عملوا به، فان اختلفنا في ذلك كما اختلف الذين من قبلنا، فليس هذا يعني أن الخطاب الذي عمل به الصحابة لم يكن المراد منه واحدا في علمهم ولا كان التكليف به واحدا!! وانما معناه أننا اجتهدنا في مسائل الخلاف وبحثنا فمنا من أصاب التكليف على حقيقته وعلى مراد الشارع منه، ومنا من أخطأ ذلك، ولأحدنا أجران وللآخر أجر واحد!
ثم ان اختلاف مآخذ القوم من الخطاب انما نقبله في المسائل التي ساغ فيها الخلاف من زمان الصحابة، أما أنك تريد أن تجعله يجري على سائر ما وقع فيه خلاف بين الخلف والمتأخرين من أهل العلم حتى وان كان الخلاف غير سائغ ولا مقبول، ولم يقع الا بسبب الاشتغال بعلم الكلام والمنطق فهذا لا يوافقك عليه من كان صادقا في طلب الحق ملتزما بحدود ما كان عليه الصحابة والسلف رضي الله عنهم!! ثم يا أخي حتى لو جئتني بمسألة يسوغ فيها الخلاف وقد وقع بين من هم أفضل مني ومنك في القرون الأولى، لما كان علي من حرج ان ذهب بي النظر الى أحد القولين فيها فنصرته بقولي أنه "الصواب" أو أنه "مقتضى الدليل" أو نحو ذلك مما كرهته أنت من العبارات!! وانما يكون الحرج علي ان أنا تنقصت من مخالفي أو أنكرت عليه وطالبته بقبول كلامي مع كونه قد حمله اجتهاده على خلافه كما حملني اجتهادي على ما ذهبت اليه! هذا فيما وقع فيه الخلاف بين الصحابة والسلف في القرون الفاضلة، فكيف اذا كانت المسألة كهذه التي بين أيدينا، الخلاف الأصولي فيها خلاف حادث سببه التأثر بالمناطقة والفلاسفة عند من قال بمثل قولك هذا؟
أما قضية تأثير الخلاف والتناظر والتنازع في المسائل الشرعية على صفو العلاقة بين المتنازعين فهذه قضية قلبية لا يفيدنا الزج بها في كل مناظرة على نحو ما تفعل! فظني أنك تعي كما أعي حدود النزاع وطبيعته، ومتى يكون النزاع مؤثرا في الولاء القلبي بين المتنازعين ومتى لا يكون كذلك.. فلا داعي لسوق مثل هذا الكلام عن جنة التعايش والسلام والوئام والمحبة ونحو ذلك!
هذا والله أعلم وهو الموفق الى جميع ما يحب ويرضى ..
فهد محمد النميري
2008-10-14, 01:02 AM
يقول الأخ عدنان البخاري –وفقه الله وسدده- : " لا أرى علاقة بين الشتَّامين والطعَّانين والباحثين عن الأخطاء المتوهَّمة وما سطَّره الأئمَّة في الكتب السَّالف ذكرها عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه" , ويقول : "ولا أدري حقيقة ما موقفك من كلام هؤلاء الأئمَّة في أبي حنيفة ممَّا وصفته بالأمر الذي يسوء كل مؤمن".
أقول : موقفي مما قالوه وسطروه في الإمام أبي حنيفة –رضي الله عنه- يتلخصُ فيما قاله الإمام أبو عمر بن عبدالبر –رضي الله عنه-: " وأفرطَ (أصحابُ الحديث) في ذم أبي حنيفة رحمه الله وتجاوزوا الحد في ذلك ، والسبب الموجب لذلك –عندهم- إدخاله الرأي والقياس على الآثار واعتبارهما ، وأكثر أهل العلم يقولون : إذا صح الأثر من جهة الإسناد بطل القياس والنظر ، وكان رده لما رد من الأحاديث بتأويلٍ محتمل ..." , ومن صور هذا الإفراط ما تراه منقولاً عن بعض المحدثين في حاشية صفحة رقم (235) من كتاب "الانتقاء لابن عبد البر بتحقيق أبي غدة" , ولشناعة ما هنالك لم أنقله بنصه فأرجو من أخي عدنان أن يُراجعه ثم يبينُ موقفه بعد ذلك , وفي صفحة رقم (271) قال ابنُ عبدالبر : بابُ ذكرِ بعض ما ذُمَّ به أبو حنيفة وطُعنَ عليه فيه... وذكرَ أشياء , ثم قال -في غضون ذلك- : " ونذكر في هذا الباب من ذمّه , والثناءَ عليه , ما يقف به الناظر على حاله , عصمنا الله وكفانا شرَّ (الحاسدين) , آمين ربَّ العالمين". وقال-أي ابن عبدالبر-في جامع بيان فضل العلم : "ليس أحد من علماء الأمة يثبت حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرده دون ادعاء نسخ ذلك بأثرٍ مثله أو بإجماع أو بعمل يجب -على أصله- الانقياد إليه أو طعنٍ في سنده ، ولو فعل ذلك أحد سقطت عدالته فضلا عن أن يتخذ إماما ولزمه اسم الفسق ، ولقد ((عافاهم)) الله عز وجل من ذلك ، ونقموا أيضا على أبي حنيفة الإرجاء ، ومن أهل العلم من ينسب إلى الإرجاء كثير لم يعن أحد بنقل قبيح ما قيل فيه كما عنوا بذلك في أبي حنيفة لإمامته ، وكان أيضا مع هذا يُحسد وينسب إليه ما ليس فيه ويختلق عليه ما لا يليق به وقد أثنى عليه جماعة من العلماء وفضلوه ولعلنا إن وجدنا نشطة نجمع من فضائله وفضائل مالك ، والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي رحمهم الله كتابا ، أملنا جمعه قديما في أخبار أئمة الأمصار إن شاء الله تعالى " , واستفتحَ شيخُ الإسلام ابن تيمية –رضي الله عنه- رسالتَه البديعة "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" بقوله: "وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولا عاما يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته ؛ دقيق ولا جليل ؛ فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلا بد له من عذر في تركه" ثم ذكر أعذارهم وباقي الرسالة هي شرحٌ وتفصيل لهذه الأعذار –فليَهنَكَ العلم والفقه أبا العباس رضي الله عنك-.
فإذا بدرت بوادر من أهل العلم بعضهم في بعض فالقولُ فيها ما قاله الإمام الذهبي –كما في السير-: "كلامُ الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو (لمذهب) أو لحسد، ما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلك، سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئتُ لسردت من ذلك كراريس، اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " , كما أرجوا مراجعة ما أورده ثم علّق عليه أبوعمر ابن عبدالبر في جامع بيان فضل العلم تحت عنوان : "باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض".
قال الأخ عدنان : بل العلاقة بين هؤلاء المرضى الموسوسين وبين الكوثري أقرب من غيرهم ؛ أقول أحسنت –بارك الله فيك-: فلنعاملهم –إذن- بالسوية أما أن تشتغل آلية النقد والبحث والتنقيب والتشهير بأحد الطرفين دون الآخر فهذا هو ما أستنكره ؛ فبيانُ الخطأ والتحذير منه الضلال مطلوب ولا يُستثنى أُناسٌ دون غيرهم والحظْ –غير مأمور- إشارةً سابقةً لابن عبدالبر في أن أباحنيفة نُقّرَ عليه ما لم يُنقّر على غيره مع مشاركته له في الخطأ , ولكل أحدٍ نصيبٌ من الخطأ والضلال فلننبه على الأخطاء بأسلوبٍ علمي ولنكف عما سوى ذلك ؛ وتشييع أسماء بعض العلماء بالهلاك والزيغ... فطيشٌ وصبيانية , وإن بدر من عالمٍ في حق غيره فلا يُقتدى به في ذلك وقد سبق نقلُ شذرةٍ من كلام أهل العلم في ذلك.
لا أنكرُ أن الكوثري أخطأ في مواضع من كتبه ؛ فإن فُتح بابُ التوجيه لكلام من ذموا أبا حنيفة –رحم الله الجميع- فلِمَ لا نلتمس توجيهاً مماثلاً لكلام الكوثري أم أن التأويلات حرامٌ على قومٍ حلالٌ لآخرين.
أحــرامٌ على بلابلِهِ الدوحُ ........ حلالٌ على الطير من كل جنس
أخيراً أشرتَ –أخي عدنان- إلى أن الأئمة بعد ذلك لم ينكروا التسلط على أبي حنيفة وأن الذي انفردَ بإعلان النكير في ذلك (مجنون أبي حنيفة) ؛ أقول: مع أن هذا الكلام غير دقيق -بالمرة- يتضحُ ذلك بشذراتٍ مباركة نقلتُها ؛ فهي منقبةٌ للكوثري يُحمدُ عليها –رحمه الله وعفا عنه- ؛ إذ هل من عاقلٍ يُقرُّ ثلبَ الإمام أبي حنيفة –رحم الله الجميع وتغمدهم بواسع الحلم والمغفرة- آمين.
__________________
ادعى الأخ أبو الفداء –وفقه الله- أن مأخذ (المصوبة) فيما ذهبوا إليه هو تأثرهم بالكلام والفلسفة ؛ فالمرجو منه أن يثبت هذه الدعوى ثم يلزمه بعد ذلك إلزاماً لا انفكاك عنه أن يُبدّع المخالف فيها ؛ أي يثبت أصلَهم الفلسفي الكلامي ثم يُتعبه –بلا انتظار ولا تردد- بالتبديع والتضليل ؛ فإن عذرهم ؛ فالعذرُ لا يقبل التجزئة بل سينطلق من يده مبرِأً المتكلمين والفلاسفة في مآخذهم ؛ وإن بدّعهم فبأصله التزم , ولنا معه كلامٌ آخر.
أقول : كنتُ قد كررتُ -لحد الإملال- أن الخطب في المسألة يسير بل يؤول عملياً إلى أن يكون خلافاً لفظياً ؛ فلا بدعة ولا سنة , وقصارى الأمر الصواب والخطأ في أصل المسألة الدائرة على فلك التصويب والتخطئة –فسبحان العليم الحكيم-.
وكان دافعي كما قلته مراراً ليس ترجيح رأيٍ على رأي ؛ بل بيان عمق البحث في المسألة وأنه لا كما يظن المتعجلون "على طرف الثمام" , أقول : في الحقيقة لو كنتُ أجزم بأحد القولين لأبنتُ موقفي بكل وضوح إلا أنني أعارضُ أحدَ القولين بالآخر لأستكشفَ أغواره وأتبينَ أصولَه أكثر فأكثر , ومعلومٌ أن طالب العلم ربما تحيّر في المسألة وتوقفَ فيها لتعارض أدلتها وتكافئها في نظره فكلما قلّبَ النظر فيها بانت أمام بصيرته طبيعتُها التركيبية ومقدار الاحتمالات التي تعتور المنقولات فيها فتُفقدها دلالتَها فتسقطُ بذلك حجتها وقد قرّروا أن (الاحتمال متى تطرق للدليل أبطلَه).
لمّا رأيت أخي أبا الفداء يخلط في كلامه بين المتفق عليه والمختلف فيه مخطأً بذلك مواقع الخلاف ونقاط البحث ضارباً من الأمثلة ما لا يصح التمثيلُ به أما الأحاديث الشريفة فهي تحتمل الأمرين فيسقطُ بها الاستدلال ؛ فلذلك بدا لي أن أختصر ما أريد قوله في ذلك بهذا الحوار الخيالي الطريف بين الأخوين في الله تعالى زيد وعمرو –أرشدهما الله-:
- زيد : متى اختلف المجتهدان وغمض الدليل وتعسّر الترجيح مع طول المناظرة واستعراض الحجج واستمر ذلك وقتاً يُجزم فيه بعدم دليلٍ حاسم كان ذلك دليلاً على أن ما انتهى إليه كلٌ من المجتهدين هو مراد الشارع في خطابه ؛ إذ لو كان للشارع مراداً معيناً وحيداً لأقام عليه حجةً ظاهرة.
- عمرو : لا يُعقل أن يصدر العاقلُ تكليفاً لغيره مريداً الأمر وضدَه في نفس الأمر , فكيف يقول العاقل : افتح الباب , وهو يريد الفتحَ والإغلاق !..
- زيد : أنا لا أدعي ذلك في كل خطابٍ تكليفي ؛ بل كلامي في بعض جزئيات خطاب التكليف , ثم مثالُك –ياعمرو- الذي ذكرتَ لا يصح في مسألتنا لأن الكلام هنا على ما يحصل الخلاف فيه ويدخله الاحتمال ويعسر إدراكه أما الواضحات فلا كلام فيها. وسأضربُ لك مثلاً أوضحَ للمراد : هبْ أن مجتهدَين اختلافا في فهم خطابٍ للشرع في مسألة جزئية فذهب أحدهم إلى حلِ شيءٍ وذهب الآخر إلى حرمته ؛ فهما متعارضان متناقضان , ثم اندفع كلٌ منهما مجادلاً لصاحبه مبيناً أدلتَه ؛ معضداً حجتَه ؛ مجيباً عن أدلة خصمه ؛ فما زادهم ذلك إلا قناعةً بوجاهة رأي كلٍ منهما عند نفسه ؛ مع أنهما علماء قد استكملا أدوات الاجتهاد , فقل لي : ما الواجبُ عليهما بعد ذلك؟.
- عمرو : الواجب عليهما أن يتبع كلٌ منهما ما انتهى إليه اجتهاده.
- زيد : من الذي أوجب ذلك عليهما؟.
- عمرو : الشارعُ المخاطِبُ بالتكليف.
- زيد : انتبه ؛ إنهما متناقضان ؛ أيأمرهما باتّباع مدلولٍ قد تناقضا في فهمه ...
- عمرو : مراد المخاطِب بالتكليف واحد ؛ والتعدد إنما هو في أفهام المخاطَبين.
- زيد : صحيح لكن ليس على إطلاقه ؛ وتأمل أن المخاطِب يستهدف إفهامَ المخاطَبين فلما لم يكن ذلك في بعض خطابه بدخول الاحتمال فيه وغموض المراد منه كانت تلك أمارةٌ على أن الجميع مأذون فيه ؛ إذ لو كان ثمت مدلول لأقام الدليل عليه ؛ فـ(عدمُ الدليل المعين دليلٌ على عدم المدلول المعين).
- عمرو : أعطني مثالاً يتضح به المقام حتى لا نتيه في العمومات والمجملات.
- زيد : هل الأفضل التسوك باليمنى أو اليسرى ؟. وتذكّر أن التفصيل قولٌ من أقوال متعددة في المسألة لا أنه احتيارٌ راحجٌ بإطلاق.
أخيراً : يجب أن يُعلم أن المسألة –في نظري- فرعية لا تأخذ بعداً عقائدياً.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
أبو الفداء
2008-10-14, 07:30 AM
"ادعى الأخ أبو الفداء –وفقه الله- أن مأخذ (المصوبة) فيما ذهبوا إليه هو تأثرهم بالكلام والفلسفة ؛ فالمرجو منه أن يثبت هذه الدعوى"
سبحان الله!! تأمل كيف يرد الأخ فهد على إلحاحي في مطالبته بتقديم الدليل الذي به خصص القوم عموم حديث الأجرين والأجر الواحد وأخرجوا منه بعض حالات الاجتهاد بعينها، بمطالبتي أنا بأن أقدم دليلا على أن القول بنسبية الحقيقة هو من كلام الفلاسفة وعلى أن تصور أصحاب القول الذي ينتصر له انما هو نابع من تأثرهم بمثل هذا الكلام!!!
ولا زلت أعجب من اصراره على كون الخلاف خلافا لفظيا، وعدم قدرته على ملاحظة الفرق بين كون الخطاب الشرعي له صواب واحد ومراد واحد لا يتعدد، مع كون العمل بالقطع في فهمه هو المتعين على المكلف فان لم يكن ذلك ممكنا له فبغلبة الظن على المجتهد، ويثاب حينئذ على بذله ما في وسعه - على تفاوت في المثوبة - أصاب في ذلك مراد الشارع أم أخطأه، وبين قول القائلين بأن صاحب التكليف الشرعي لم يكن المراد من كلامه عنده واحدا أصلا وانما كان متعددا، فلا صواب وخطأ ثم، وانما الكل صواب وعلى حق ولا فرق!!
يا أخ فهد أنا لست مُخَطئا ولا مصوبا، ولا يخلو أي اجتهاد بشري أيا كان من امكان الاصابة وامكان الخطأ، لأننا بشر، ولم نكن نحن المخاطبين مباشرة بهذا التكليف، فواجبنا افراغ وسعنا في تحري الصواب فيما وصل الينا من الأدلة، طلبا لمعرفة مراد الله من كلامه، فمن أصاب منا ذلك المراد وعمل به كما فهمه المخاطبون الأوائل رضي الله عنهم وعملوا به، فعمله مقبول وله أجران، ومن أخطأ مراد الشارع - بعد افراغ الوسع وعلى شرط الأهلية - دون شذوذ بما أداه اليه اجتهاده، فعمله مقبول أيضا وله أجر واحد.. وأقول بهذا وأطلقه ولا أقيده وأعممه ولا أخصصه، لأني أتبع هذا الحديث الذي لا يدخله الاحتمال ولا اللبس ولا الغموض، والذي لا مخصص ولا مقيد له بحال من الأحوال!
فأي احتمال هذا الذي تدعي أنت دخوله على أدلة المسألة؟؟؟ أنا أكلمك عن حديث لا يماري في معناه ودلالته عاقل!! فالذي يقول: "كلا بل من الممكن أن يجتهد قوم ويختلفوا في فهم مراد النص، ويكون الجميع مصيبا في ثمرة اجتهاده ولا يكون أي الفريقين مخطئا" هذا هو الذي يخالف هذا الحديث مخالفة لا يماري فيها رجل له عينان يبصران، وهو المطالب بتقديم الدليل على هذه المعارضة والتخصيص للنص الواضح الصريح!!
أنا باق على الأصل وأنت من تدعي الزيادة فالبينة عليك لا علينا!! وحتى تأتينا بها فلن أواصل الخوض في هذا المراء!!!
أما قولك على لسان زيد: "هبْ أن مجتهدَين اختلافا في فهم خطابٍ للشرع في مسألة جزئية فذهب أحدهم إلى حلِ شيءٍ وذهب الآخر إلى حرمته ؛ فهما متعارضان متناقضان , ثم اندفع كلٌ منهما مجادلاً لصاحبه مبيناً أدلتَه ؛ معضداً حجتَه ؛ مجيباً عن أدلة خصمه ؛ فما زادهم ذلك إلا قناعةً بوجاهة رأي كلٍ منهما عند نفسه ؛ مع أنهما علماء قد استكملا أدوات الاجتهاد , فقل لي : ما الواجبُ عليهما بعد ذلك؟."
فلعل عمروا أن يرد عليك قائلا: "لا أماريك في وجوب عمل كل منهما بما أفضى اليه ظنه.. ولكن أسألك، لماذا وجب على كل منهما العمل بما أداه اليه اجتهاده وظنه وكان هذا هو واجبه التكليفي الذي يحاسبه الله به يوم القيامة؟؟ لأنه بكل بساطة يظن أن ما ذهب اليه هو الصواب والحق، وما ذهب اليه المخالف خطأ وباطل! فلولا أن كان ذلك كذلك في تصوره وظنه لما كان هناك حاجة الى الاجتهاد أو المناظرة أو البحث أصلا، ولقيل أن القول الوسط في مسألة كذا هو تخيير المكلف بين الحِل والحرمة لأن كليهما سواء وكليهما قد أرادهما الشارع بكلامه ولا فرق!!! فهل تعلم عاقلا من أهل العلم يفتي الناس بهذا؟؟؟
وقولك يا زيد: "(عدمُ الدليل المعين دليلٌ على عدم المدلول المعين)" قول مردود بقاعدة: "عدم العلم لا يعني العدم" .. فنحن مكلفون بما انتهى اليه علمنا وظننا، بعد افراغ الوسع في طلب الدليل.. فان أخطأ من أخطأ منا فلا تثريب عليه، ما دام انه لم يأت في ذلك بدعا من القول وزورا، وانما اتبع المنهج الصحيح في الاستدلال والنظر! فكوننا مكلفين بما انتهى اليه ظننا بعد فراغ وسعنا = هذا لا يعني أبدا ولا يلزم منه عند العقلاء أن يكون هذا الظن هو الصواب والحق في ذات الأمر مهما اختلف وتعدد!!
أما مسألة التسوك باليمنى أم باليسرى فلم يصل الينا فيها نص واضح، ولكل فيها اجتهاده في القياس والتقريب الى القواعد الفقهية العامة، مع علم الجميع بأن الأمر لا يخلو من احتمالات ثلاث لا رابع لها:
اما أنه كان عليه السلام يتسوك باليمني دائما
واما أنه كان يتسوك باليسرى دائما
واما أنه كان يجعل هذه في أحوال وتلك في أحوال أخرى!
أحد هذه الاحتمالات هو الحق في فعله عليه السلام ولا يماري في ذلك عاقل! فمن أصاب باجتهاده وظنه ذلك الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ووافق عليه من علم به من الصحابة، فهذا مجتهد له أجران، ومن أخطأ فمجتهد مخطئ له أجر واحد! فلو أدخلنا كلامك - هداك الله - بالنسبية على هذه الاحتمالات الثلاثة، فهل يسعك أن تدعي أن القائل بأي واحد منها قد أصاب الحق فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك على السواء؟؟؟؟
أنا أعجب والله من اصرارك على المماراة في "نسبيتك" هذه بحجة أن هناك من أهل العلم من قال بها!
أما قولك هداك الله: "ثم يلزمه بعد ذلك إلزاماً لا انفكاك عنه أن يُبدّع المخالف فيها ؛ أي يثبت أصلَهم الفلسفي الكلامي ثم يُتعبه –بلا انتظار ولا تردد- بالتبديع والتضليل ؛ فإن عذرهم ؛ فالعذرُ لا يقبل التجزئة بل سينطلق من يده مبرِأً المتكلمين والفلاسفة في مآخذهم ؛ وإن بدّعهم فبأصله التزم , ولنا معه كلامٌ آخر.""
فما هذا الكلام؟؟ أي الزام هذا الذي "لا انفكاك عنه" وما هذا الخبط المبين؟؟ ليس كل متورط في بدعة يقال عنه أنه مبتدع .. فليتك تراجع منهج أهل السنة في هذه المسألة قبل أن ترميني بمثل هذا الكلام، هداني الله واياك..
لن أزيد في هذه المساجلة أكثر من ذلك، فقد تبين الحق لكل قارئ منصف ولله الحمد.. والى أن يأتينا الأخ فهد بدليل على هذا التفريق والتقييد الذي يتكلم به وينتصر له، فلن أواصل الخوض في هذا المراء ..
أقول ما كتبت وأستغفر الله لي ولك وللمسلمين.
فهد محمد النميري
2008-10-14, 06:49 PM
سأحاول أن أركّز على أهم ما ذكره أخي أبو الفداء –وفقه الله- مع أنه لم يذكر شيئاً جديداً ؛ فأقول :
الدليلُ على أن الخلاف لفظيٌ صِرف ليس له أي أثرٍ عملي إطلاقاً هو : أن الفريقين متفقان على وجوب اتباع ما انتهى إليه الاجتهاد -وإن تناقض مقتضاه- , وأن العذر مبسوطٌ للجميع فلا إنكار ولا تثريب , هذا في الشق العملي ؛ فهل ترى عينُ المنصف إلا الوفاق العملي فإن لم يكن هذا خلافاً لفظياً فما يكون إذن.
أما الشق النظري فيتمثل بأن أحد الفريقين وهم (المخطئة) يضمرُ اعتقاداً غيبياً بأن الحق يكمنُ في أحد الأقوال لا على التعيين (جزماً) إذ يقول أمثلُهم طريقةً " إن نظنُ إلا ظناً وما نحن بمستيقنين" ؛ أما الفريق الأخر فيرى أن المسألة إذا انتهت إلى هذا الحد فالكل مشمولٌ بالإطار الشرعي فلا صواب ولا خطأ ؛ بل قصارى المجتهد أن يقول :"قولنا صوابٌ يحتمل الخطأ وقول غيرنا خطأٌ يحتمل الصواب" فانظرْ -رعاك الله- إلى اللغة الاحتمالية النسبية , ويشهدُ لهذا تطبيقاتٌ كثيرة جداً من مثل قاعدة : "لا يُنقض الاجتهاد بالاجتهاد" مع أنه قد يقضي بغيره و لا ينقضه وهذا عند الأئمة الأربعة بحجة التساوي في الحكم بالظن ؛ إذ إنني أستشكلُ أن يعتقد الحاكم (خطأ) ذلك الحكم الاجتهادي ثم لا ينقضه –على افتراض أنه يقدر على ذلك- بل يمضيه ويقضي باجتهادٍ آخر مغاير "فتلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي" بل لا ضمان عليه إن تغير اجتهادُ نفسه –فضلاً عن غيره- فرأى المرجوحَ راجحاً , وهذا ينطبق أيضاً في الفتوى , أقول : هذا مشكلٌ على قول (المخطئة) ؛ صحيح هم يجيبون عن هذا بأن النسبية في أفهام المجتهدين ؛ أما مدلول الخطاب فواحدٌ لا يتعدد ؛ فالمصيبُ –عندهم- واحدٌ (لا) على التعيين وما سواه معذور مأجور سائغ له بل واجبٌ عليه أن يعمل بمقتضى اجتهاده.
لكن -عند التأمل- نرى أن إحالة المصيب إلى حكم الغيب إحالةٌ على مجهول ؛ كما أن تقاربَ الأقوال لدرجة التكافؤ وتلاشي أي دلالة موضوعية ظاهرة تعيّنُ مدلولَ الخطاب الوحيد –في زعم المخطئة- يدلُ على سقوط دلالة الخطاب (التعينية) أصلاً وتساوي الجميع في نظر الشارع , وتأمل –أيضاً- أن التراجيح في هذا النوع من الاجتهاد تكون بمثاقيل الذر وموازين الشَعْر فالحجج على سبيل التكافؤ وإن تعددت طرقها وتباينت مخارجها . وقولي (عدم الدليل المعيِّن –بالكسر , بصيغة اسم الفاعل-دليلٌ على عدم المدلول المعيَّن –بالفتح , بصيغة اسم المفعول-) على وجهه من الصحة ؛ أما معارضته بقاعدة : (عدم العلم ليس علماً بالعدم) فليس بوجيه ؛ فكلامنا عن نوعٍ من الخلاف الاجتهادي الخاص لا يفضلُ قولٌ فيها على غيره بحجة ظاهرة (حاسمة) ؛ أو انك –أخي الكريم- لم تفهم صورة المسألة أصلاً.
وكلُ ذلك مشروطٌ باتّباع سَنَن الاجتهاد وفق القواعد التي استنبطها وقررها أو اقتنعَ بها كلُ مجتهدٍ أخذا من مصدر الشريعة الأول ومنبعه الأساس القرآن الكريم ومنه تقررت وثبتت حجية السنة الشريفة ومنهما تقرر الإجماع ومن هذه الثلاث توالت مصادرُ للتشريع تباينت أنظارُ الأئمة في اعتبار بعضها , ومع تعدد المصادر واتساع تطبيقات الفقه باتساع رقعة الإسلام وكثرةِ النوازل والقضايا وتلاحقِ الاجتهاد والتخريج وامتزجت المأخذُ وربما تعارضت أو تضاربت واتسع نطاق الترجيح , ويُضافُ إلى ذلك كله ما تقرر عند العلماء من وجوب الأخذ بالظن وبتعددِ المصادر وانبناءِ بعضها على بعض بشكلٍ تركيبي ؛ فترادفت الظنونُ كل ذلك أتاحَ للنسبية أن تأخذ مكانها في واسطة مجلس الاجتهاد التركيبي -الذي سبقَ وصفه-. فهذا هو ما يفسر تلك النسبية التي شاعَ العمل بها عند فقهاء الإسلام –والله أعلم-.
يظن أخي أبو الفداء أن (العمومَ) في حديث الأجر والأجرين فاصلٌ في المسألة وهو مخطئٌ في ذلك ؛ إذ دلالة العموم على أفراده ظنية –عند الجمهور- لا يبعد تخصيصها بالقرائن أو القواعد العامة.
لا ينبغي أن يُفهم أن منتهى قول (المصوبة) إنكار مدلول خطاب التكليف ؛ بل هم ينكرون توحيدَ المدلول لا كلَ المدلول ؛ فالمدلول –عندهم- شمولي لا جزئي.
مما يحتج به (المخطئة) أن انبعاث الجدال والمناظرة دليلٌ على طلب مدلولٍ معين , ولكن قد يقال : الجدال في مؤداه الأخير منصبٌ في تقويم الأدلة وتصحيح دلالات الخطابات بمقتضى اللغة ونحو ذلك مما هو اشتغالٌ بنفس الدليل فإذا انتهت عملية التصحيح والتنقيح يُنظر فإن لاحَ دليلٌ حاسم كان دليلاً على تعيّن مدلولِ الخطاب ؛ وإن لم يوجد هذا (الدليل الحاسم الملزم) كانت أمارةً على تعدد الصواب أو قلْ : (اتساع الإطار الشرعي للجميع) أو أي تعبير آخر يقضي بعدم تعيّن الصواب في قولٍ بعينه.
أخيراً : أرجو من القارئ الكريم أن يُعيد النظر فيما سطّرته يدُ المتناقشين وفيما أُدليَ من حجج وعُرض من أدلة بعينٍ منصفة وعقلٍ واعٍ , وأحسبُ أنه سيضفرُ بفكرةٍ عامة مفيدة عن هذه المسألة الشائكة , ولا تنسَ –أخي القارئ- أن تدعو للجميع بالتوفيق والسداد والمغفرة.
وفق الله الجميع لكل خير , والله أعلم , وصلى الله على نبينا وسيدنا محمدٍ وآله وصحبه وسلّم...
عدنان البخاري
2008-10-14, 06:51 PM
/// حبَّذا لو اختصرت التعقيب، لتذكر لنا رأيك بعبارة صريحة يا أخي فهد، في موقفك من كلام السلف والأقران عن أبي حنيفة، فهل كلامهم المبثوث المشار إليه يوجَّه إلى أنَّهم ((مجموعة)) من الحسدة مثلًا، أم كيف يوجَّه؟
فكلام ابن عبدالبر والذهبي وابن تيمية وغيرهم لا أخالفك فيه ولا أرى أحدًا من شمَّ رائحة العلم يخالف فيه.
أبو الفداء
2008-10-14, 11:55 PM
الله المستعان! كنت قد عزمت على ألا أواصل الخوض في هذا الجدال، ولكن لا أجد من ذلك مناصا.
يقول الأخ فهد هداني الله واياه الى الحق:
"الدليلُ على أن الخلاف لفظيٌ صِرف ليس له أي أثرٍ عملي إطلاقاً هو : أن الفريقين متفقان على وجوب اتباع ما انتهى إليه الاجتهاد -وإن تناقض مقتضاه- , وأن العذر مبسوطٌ للجميع فلا إنكار ولا تثريب , هذا في الشق العملي ؛ فهل ترى عينُ المنصف إلا الوفاق العملي فإن لم يكن هذا خلافاً لفظياً فما يكون إذن."
قلت لا ليس دليلا!
يا أخ فهد نحن نوافقك على أن الفريقين يتفقان على ما ذكرت، ولكن هذا لا يدل على أنه خلاف لفظي!
بل ان المتأمل في كلام "المصوبة" يجد نفسه محمولا على ترك الترجيح أصلا، اذ ما دام كلا القولين صوابا، وكلاهما مراد الشارع من الخطاب، فما الحاجة الى قدح الذهن وافراغ الوسع في ترجيح أحد القولين على الآخر؟ يكفينا اذا ان نحن علمنا أن المسألة خلافية وأن الخلاف فيها قائم من القرون الأولى من لدن الصحابة الى يومنا هذا بلا حسم، أن نأتي فننتقي أي القولين شئنا وكأننا مخيرون في الأمر، بحجة أن لكل منهما دليله القوي عند صاحبه، وأن كليهما صواب وكليهما هو مراد الشارع ولا فرق، وبأيهما عملنا أجزأنا.. فما رأيك في مثل هذا الكلام؟ ألا تراه ثمرة هذا الخلاف الذي ما تراه الا لفظيا ؟؟؟
عندما يأتي رجل يسأل مفتيا في مسألة فيقول له المفتي المسألة خلافية فهناك من قال كذا وهناك من قال كذا، فاختر أنت ما يحلو لك من القولين، لأن كليهما صواب عندي ولا فرق : هذا عمل يصح من ذلك المفتي في نظرك؟
كفى به فسادا يا عقلاء أن أعتقد أني مصيب، ومخالفي أيضا مصيب في مذهبه في نفس الأمر! فالذي يقول بتصويب الجميع، بأي عمل يدين ربه، وكلا المذهبين – وان تعارضا – صواب عنده؟؟؟؟ أيجب عليه الفعل أم الترك، وهو يرى كلا الأمرين صوابا؟؟؟
بل لعل من الثمرات الفادحة لهذا الخلاف والتي تدل على أنه ليس لفظيا وفقط كما يدعي أخونا فهد: فتحه الباب أمام أتباع الفلاسفة أن يقولوا أن الحق نسبي متعدد في جميع المسائل التي وقع فيها خلاف بين العلماء! وحينئ يدخل المخالفون والمبتدعة علينا في أبواب الاعتقاد التي يزعمون وجود الخلاف فيها، يقولون أن الجميع على صواب، وما كان هذا الخطاب من الشارع على هذا النحو الا خطابا للناس بما يفهمون، كل منهم بحسب فهمه النسبي، فمن فهم أن صفات الله – مثلا – ألفاظ لا معنى لها، فهو مصيب وعلى حق، ومن اعتقد أنها على حقيقتها المعنوية فهو مصيب أيضا وعلى حق، والكل مصيبون، لأن الحق نسبي، وكلنا مكلفون بما انتهى اليه ظننا واجتهادنا ... فما رأيك في هذا ؟؟؟
كل هذا والخلاف ليس الا خلافا لفظيا ؟؟؟
وتقول: "أما الشق النظري فيتمثل بأن أحد الفريقين وهم (المخطئة) يضمرُ اعتقاداً غيبياً بأن الحق يكمنُ في أحد الأقوال لا على التعيين (جزماً) إذ يقول أمثلُهم طريقةً " إن نظنُ إلا ظناً وما نحن بمستيقنين" ؛"
وأقول لك ليس اعتقادا غيبيا، وانما هو أمر محسوس معلوم بدلالة الحس والعقل فضلا عن النص الواضح! فأمر التكليف اما أن يريد به الشارع فعلا أو يريد به تركا أو يساوي بين هذا وذاك، على نحو ما هو معلوم في الأحكام التكليفية الخمسة!
والخلاف لم يقع بين الصحابة في أي من مسائل العلم أصلا الا لعلم المتنازعين منهم بدلالة الحس والعقل معا، بأن الحق لا يمكن أن يكون في قول وضده معا في نفس الوقت، وأن مراد الشارع من الكلام لا يمكن أن يكون العمل بعملين مختلفين معا!! فمن من الصحابة بلغك عنه يا أخ فهد – هداك الله – أنه كان يقول لمن يسأله: ان كلامي صواب وكلام مخالفي أيضا صواب، فبأيهما شئت أن تأخذ فافعل؟؟؟!
نحن ان اجتهدنا فانما نصل الى أن نقول: هذا هو ما أدى اليه اجتهادنا وهو ما نظن أنه الصواب ونظن أنه هو الذي أراده الشارع، فنرجو في ذلك الأجرين.. فهذا القائل "بالتصويب"، الى أي شيء يؤديه اجتهاده، ولماذا يجتهد أصلا في أي قضية ثبت فيها وجود الخلاف؟؟؟
يا أخ فهد ان هذا المذهب له لوازم تهدم الفقه نفسه لو تصورته حق تصوره!!
وتأمل لو أننا جئنا الى مسألة من المسائل، وأردنا أن نعرف هل كان مراد الشارع فيها الفعل أم الترك – مثلا – فوجدنا نصا واضحا على تخيير المكلف بينهما، هل تستوي صورة هذه المسألة – عقلا – مع مسألة فيها نصوص مؤداها الفعل، ونصوص أخرى تؤدي الى الترك، مما أدي الى وقع الخلاف بين العلماء فيما يؤدي اليه الجمع بين تلك النصوص عند امكان الجمع، أو الترجيح فيما بينها؟؟ هل يقال أن هذه الأخيرة أيضا يصار فيها الى تخيير المكلف بين الفعل والترك، كما يصار في الأولى؟؟ هذا هو لازم القول بتصويب الجميع.. فأي فقه هذا؟
ثم يقول الأخ فهد: "أما الفريق الأخر فيرى أن المسألة إذا انتهت إلى هذا الحد فالكل مشمولٌ بالإطار الشرعي فلا صواب ولا خطأ ؛ بل قصارى المجتهد أن يقول :"قولنا صوابٌ يحتمل الخطأ وقول غيرنا خطأٌ يحتمل الصواب" فانظرْ -رعاك الله- إلى اللغة الاحتمالية النسبية"
قلت: هذا تكرار للكلام لا فائدة منه ولا حاجة للتعليق عليه. وان كان تقريره أن المجتهد غايته أن يصل الى ما يظن صوابه في مقابل كلام المخالفين له والذي يظن خطأه = هذا التقرير حجة عليه! لأن ظن الاصابة دليل على العلم بامكانها وبأن أحد الأقوال هو الصواب ولابد!! ونحن ما أنكرنا وجود النسبية في مأخذ كل مجتهد، فليته يراجع المشاركات الآنفة بتأن لعلك تحسن تصور الكلام!
أما قولك: "ويشهدُ لهذا تطبيقاتٌ كثيرة جداً من مثل قاعدة : "لا يُنقض الاجتهاد بالاجتهاد" مع أنه قد يقضي بغيره و لا ينقضه وهذا عند الأئمة الأربعة بحجة التساوي في الحكم بالظن ؛ إذ إنني أستشكلُ أن يعتقد الحاكم (خطأ) ذلك الحكم الاجتهادي ثم لا ينقضه –على افتراض أنه يقدر على ذلك- بل يمضيه ويقضي باجتهادٍ آخر مغاير "فتلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي" بل لا ضمان عليه إن تغير اجتهادُ نفسه –فضلاً عن غيره- فرأى المرجوحَ راجحاً , وهذا ينطبق أيضاً في الفتوى , أقول : هذا مشكلٌ على قول (المخطئة) ؛ صحيح هم يجيبون عن هذا بأن النسبية في أفهام المجتهدين ؛ أما مدلول الخطاب فواحدٌ لا يتعدد ؛ فالمصيبُ –عندهم- واحدٌ (لا) على التعيين وما سواه معذور مأجور سائغ له بل واجبٌ عليه أن يعمل بمقتضى اجتهاده." اهـ.
فلا أدري أين هذا الذي يُشكل على من تسميهم بالمخَطئة؟ قاعدة لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد معناها أن الظن لا يحسم فيه الخلاف الا بالقطع، لا بظن مثله.. وهذا أمر معلوم بضرورة العقل قبل أن يكون قاعدة فقهية! فالخلاف في حكم صلاة الجماعة – مثلا – سببه اختلاف ظن كل فريق من الفرق المتنازعة فيما يرى أنه هو الصواب في مراد الشارع! فعند بعضهم أن تاركها يأثم، وعند البعض الآخر أنه لا يأثم.. هذا ظن وذاك ظن مثله، وليس في أي منهما حسم للنزاع لأن الاجتهاد لا ينقض بمثله، فهل في شيء من ذلك ما يعارض علمنا – والذي حملنا على الاجتهاد والترجيح أصلا – بأن أحد الأقوال في المسألة هو الصواب ضرورة، وهو ما نبتغي الوصول اليه لنبني عليه عملنا؟
أما قولك: "لكن -عند التأمل- نرى أن إحالة المصيب إلى حكم الغيب إحالةٌ على مجهول ؛"
فأقول نعم هو مجهول، ولو كان معلوما عند الجميع لما وقع الخلاف ولا وجد في الأمة أصلا، فليتك تتأمل!! فتلمس السبل للوصول الى ذلك المجهول هو بغية الجميع، ولولاه ما اجتهدوا ولما قال كل منهم بما أفضى اليه ظنه أنه الصواب!!
وتقول: "كما أن تقاربَ الأقوال لدرجة التكافؤ وتلاشي أي دلالة موضوعية ظاهرة تعيّنُ مدلولَ الخطاب الوحيد –في زعم المخطئة- يدلُ على سقوط دلالة الخطاب (التعينية) أصلاً وتساوي الجميع في نظر الشارع"
قلت لا يزال الأخ فهد مصرا على هذا الخلط الواضح بين حقيقة تساوي المختلفين عند الشارع من حيث كون كل منهم قد أدى ما عليه وبذل ما وسعه في طلب معرفة المراد التكليفي من مظانه، فيحاسب على هذا الأساس، وبين جعل حقيقة ذلك المبلغ الظني الذي به عمل هؤلاء المختلفون دليلا على أنه لا خطأ أصلا والكل مصيبون!
ثم يقول: "وتأمل –أيضاً- أن التراجيح في هذا النوع من الاجتهاد تكون بمثاقيل الذر وموازين الشَعْر فالحجج على سبيل التكافؤ وإن تعددت طرقها وتباينت مخارجها ."
قلت: وأين أنكرنا نحن ذلك المعنى؟
ثم يقول: "وقولي (عدم الدليل المعيِّن –بالكسر , بصيغة اسم الفاعل-دليلٌ على عدم المدلول المعيَّن –بالفتح , بصيغة اسم المفعول-) على وجهه من الصحة ؛ "
وأقول: سلمنا لك بصحة هذه القاعدة، فما هو المدلول الذي يبحث عنه الباحثون أصلا ان لم يكن مراد الشارع التكليفي في كل مسألة من مسائل الشرع؟؟ ثم ما هو المدلول أصلا ان لم يكن ظن كل مجتهد فيما يفضي اليه الدليل الواحد من الدلالة؟؟ ما الدليل الا الحجة المرشدة التي تقود المكلف الى معرفة مراد الشارع منه! فما رأيت مثل اليوم عجبا أن يقال أن عدم وجود دليل قطعي يحسم مادة النزاع في مسائل الخلاف، يدل على عدم وجود مراد أو مقصد شرعي تكليفي واحد في المسألة!! فما قيمة أفراد الأدلة أصلا في المسألة الخلافية حينئذ وما الدلالة التي تراد من كل منها مع كلام كهذا؟؟ وما سبب وجود الخلاف فيها بين الصحابة ومن تبعهم أصلا؟
لعلنا يراد منا في النهاية أن نقول: لو كان الصحابة على مثل رجاحة عقول أصحاب هذا القول الألمعي، لكفونا الخلاف في جميع ما وقع فيه الخلاف بينهم في مسائل الدين، ولما ظهرت لنا هذه المذاهب المتعددة عند الأئمة المتبوعين، ولكان عندنا في مكان كتب المذاهب هذه كتاب واحد جامع كبير فيه كل ما نقل الينا من نصوص في كل مسألة من المسائل، وما تؤدي اليه تلك النصوص - كل واحد منها على حدة - من الأحكام (وأقول على حدة لأنه لا داعي لتكلف الجمع بين نصوص الباب الواحد ما دمنا لا نريد الوصول الى ترجيح مراد شرعي واحد في المسألة الواحدة، والكل عندنا صواب!!)، وليأخذ المكلف ما يحلو له من ذلك ليجعله مذهبه في المسألة، لأنه أيا كان فهو صواب، والصواب نسبي، فبأي الأقوال عمل فهو مصيب!!
سبحانك ربي!
أما قوله: "أما معارضته بقاعدة : (عدم العلم ليس علماً بالعدم) فليس بوجيه ؛ فكلامنا عن نوعٍ من الخلاف الاجتهادي الخاص لا يفضلُ قولٌ فيها على غيره بحجة ظاهرة (حاسمة) ؛ أو انك –أخي الكريم- لم تفهم صورة المسألة أصلاً"
فهذا يرجعنا من جديد الى مطالبته بدليل ذلك التفريق عنده بين أنواع الخلاف الاجتهادي في نسبة بعض المختلفين الى الاصابة وبعضهم الا الخطأ، وليته يجيبنا الى ذلك لو كان يدري اليه سبيلا!
أما قوله: "وكلُ ذلك مشروطٌ باتّباع سَنَن الاجتهاد وفق القواعد التي استنبطها وقررها أو اقتنعَ بها كلُ مجتهدٍ أخذا من مصدر الشريعة الأول ومنبعه الأساس القرآن الكريم ومنه تقررت وثبتت حجية السنة الشريفة ومنهما تقرر الإجماع ومن هذه الثلاث توالت مصادرُ للتشريع تباينت أنظارُ الأئمة في اعتبار بعضها , ومع تعدد المصادر واتساع تطبيقات الفقه باتساع رقعة الإسلام وكثرةِ النوازل والقضايا وتلاحقِ الاجتهاد والتخريج وامتزجت المأخذُ وربما تعارضت أو تضاربت واتسع نطاق الترجيح , ويُضافُ إلى ذلك كله ما تقرر عند العلماء من وجوب الأخذ بالظن وبتعددِ المصادر وانبناءِ بعضها على بعض بشكلٍ تركيبي ؛ فترادفت الظنونُ ....."
فأقول كل هذا حشو لا داعي له لأني ما أحسبه يظن أني أخالفه في شيء منه أصلا!!
أما قوله هداه الله: "كل ذلك أتاحَ للنسبية أن تأخذ مكانها في واسطة مجلس الاجتهاد التركيبي -الذي سبقَ وصفه-. فهذا هو ما يفسر تلك النسبية التي شاعَ العمل بها عند فقهاء الإسلام –والله أعلم"
فهذا استدلال بمحل النزاع أصلا فتأمل!!
أما قوله: "يظن أخي أبو الفداء أن (العمومَ) في حديث الأجر والأجرين فاصلٌ في المسألة وهو مخطئٌ في ذلك ؛ إذ دلالة العموم على أفراده ظنية –عند الجمهور- لا يبعد تخصيصها بالقرائن أو القواعد العامة."
فأقول، لا بأس، سلمنا لك بأنها دلالة ظنية، فأين الدلالة المقابلة التي بها أخرجت بعض أفراد هذا العموم منه، والتي هي في قوتها وترقى لتخصيص عمومها الواضح الصريح؟؟؟ أخوك أبو الفداء قد مل والله من تكرار مطالبتك بدليلك – أيا كان نوع ذلك الدليل طالما أنه يرقى للاستدلال – والذي تضعه في مقابل النص العام الواضح، لتخصص به بعض أنواع المسائل الخلافية دون البعض في مسألة التصويب والتخطئة على نحو ما أنت فاعل!!!
ويقول "لا ينبغي أن يُفهم أن منتهى قول (المصوبة) إنكار مدلول خطاب التكليف ؛ بل هم ينكرون توحيدَ المدلول لا كلَ المدلول ؛ فالمدلول –عندهم- شمولي لا جزئي."
قلت وهذا هو عين ما نطالبكم بالدليل عليه.. وقد أيسنا من ذلك ولله الحمد!
أما قوله: "مما يحتج به (المخطئة) أن انبعاث الجدال والمناظرة دليلٌ على طلب مدلولٍ معين , ولكن قد يقال : الجدال في مؤداه الأخير منصبٌ في تقويم الأدلة وتصحيح دلالات الخطابات بمقتضى اللغة ونحو ذلك مما هو اشتغالٌ بنفس الدليل ..."
فأقول هذا والله أعجب ما قرأت من كلام الأخ فهد من يوم أن ظهر بيننا عضوا في هذا المنتدى!! ووالله ما أراه الا آية على شدة حرصه على الانتصار لقوله حتى وقد تبين له عواره!
ما معنى أن الجدال ليس سببه الحرص على الوصول الى القول الواحد الصواب، وانما "هو منصب في مؤداه الأخير" في تقويم الأدلة وتصحيح دلالات الخطاب والاشتغال بنفس الدليل؟؟ لماذا اشتغل الفقهاء بالدليل أصلا ان لم يكن طلبا لمعرفة ما يفضي اليه من الدالالة التي ينبني عليها العمل، ثم ما فائدة جمعهم الأدلة في المسألة الواحدة وتنازعهم فيها ان لم يكن مرادهم معرفة الدلاالة الأخيرة التي يصار اليها ويؤخذ منها الحكم في المسألة؟؟؟ يا أخي اتق الله فكلامك هذا مراء بين لا يقيم لك حجة ولا دليلا!!
ويزيد قائلا: "فإذا انتهت عملية التصحيح والتنقيح يُنظر فإن لاحَ دليلٌ حاسم كان دليلاً على تعيّن مدلولِ الخطاب ؛ وإن لم يوجد هذا (الدليل الحاسم الملزم) كانت أمارةً على تعدد الصواب أو قلْ : (اتساع الإطار الشرعي للجميع) أو أي تعبير آخر يقضي بعدم تعيّن الصواب في قولٍ بعينه. "
قلت فأنا الآن أطالبك بنقل عن واحد من أئمة الفقه المتبوعين فضلا عن الصحابة والتابعين، قد جمع جمعا من الأقوال المتنازعة في مسألة من المسائل أيا كانت ثم قرر أن هذه الأقوال على اختلافها كلها صواب عنده في نفس الوقت وأن هذا التقرير هو حاصل ما انتهى اليه اجتهاده!!!
أتريد اختراع منهج فقهي جديد يا أخ فهد؟؟؟
سبحان الله!
أخيراً : لن أزيد بعد هذا الرد شيئا، ولن أعاود المجادلة وقد انقلب الأمر الى سفسطة محضة وتكرار للكلام كما لا يخفى!! وان لم يأتنا أخونا فهد بما طالبناه به مرارا فلا عبرة عندنا بما هو قائل بعد.. فهو كما قرر بنفسه في سياق كلامه متوقف في المسألة فلا أدري لو لم يكن متوقفا كيف كان يقول؟؟!! الله المستعان!
هذا ورجاء المعذرة من أخينا أبي الحسن صاحب الموضوع حفظه الله موصول اليه، اذ خرجنا وبعدنا عنه أيما ابتعاد..
أسأل الله أن يهدينا واياه الى سواء السبيل، وأن يعيذني واياه والمسلمين من شرور أنفسنا وأمراضها ..
آمين.
فهد محمد النميري
2008-10-15, 02:45 PM
أخي عدنان –بارك الله فيك- مع أن تعقيبي السابق شافٍ كافٍ وقاطع لأدبار الظنون السيئة إلا أنني سأقول –إمعاناً في توضيح (الواضحات)-:
إن من ألمحَ إلى أن الحسدَ نحوه ربما كان من الدوافع الخفية وراء عنف الألفاظ ضد أبي حنيفة بل وغيره من العلماء هو : ابن عبدالبر والذهبي –لستُ أنا- بل وغيرهما -ممن لم أذكره- كما أنهما بينا الموقفَ الرشيد من مثل هذا التلاسن الذي قد يشتعل بين بعض الأكابر ؛ وأقول : إن كان للتأويل مدخلٌ في الاعتذار عن بعض ما ورد وحمله على أحسن المحامل ؛ فيجبُ أن تكون التأويلاتُ مقتسمةً بالسوية.
وعلى أية حال فالتنقيرُ عن ذلك ليس من العلم في شيء , ألا يسعُنا أن نبين الأخطاء ونحذّر من الضلال بلا شتائم ولعنات.
أما أن يكون ثلبُ أبي حنيفة –رضي الله عنه- قولاً للسلف –بالمفهوم العقائدي- يُحامى عنه فـ"ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين".
_______________
-( تنبيهات )-
- لا يصحُ ولا يجوز –عند أهل العلم والإيمان بل كافة أهل الإسلام- تعليلُ كل حقيقةٍ بالاختلاف فيها ؛ فكم من الحقائق ما اختلف الناس فيه كاختلاف أهل الأديان مع أننا ((نقطع)) بكفرهم وضلالهم وشرودهم عن السبيل بمخالفتهم للإسلام , كما نقطع -بنفس الدرجة- بضلال أهل المذاهب الفكرية المنحرفة كالشيوعية والليبرالية –مثلاً- ؛ فاختلافنا مع كل هؤلاء في الأصول القطعية والمقدمات الأولوية , وللنقاش معهم شكلٌ وأسلوبٌ وطبيعةٌ أخرى مغايرة عما نحنُ فيه الآن.
- نصَّ (المصوبة) على عدم جريان هذا الأصل في باب أصول الدين وتنادوا بالنكير على من قال بذلك كالعنبري وغيره , فنقلُ الخلافِ من الفروع إلى الأصول لا يلزمهم.
- (( من أسميهم –يعني أنا- بـ(المخطئة) !...)) أضحك الله سنّك –أبا الفداء- ؛ بل هي التسمية الدارجة في كتب أهل العلم.
- الذي يرفع النزاع " دليل صحيح صريح" أليس كذلك ؟ : فلماذا بقي النزاع ؛ ولماذا ساغ الخلاف ؛ ولماذا لم تُنقض القضايا ؛ لماذا لم تشذّذ الفتاوى ... لعدم وجود مثل هذا الدليل وذلك لعدم وجود المدلول الجزئي المعَّين ؛ فلم يبقَ إلا تراجيح احتمالية ظنية تتأثرُ بالطبيعة النفسية للمجتهد وبيئته ومحظنه التعليمي الذي نشأ فيه , وهذه هي النسبية بعينها ؛ فمن الناس من تميلُ نفسه إلى الشدة ومنهم من تأخذه المساهلةُ ومنهم من يتردد بين الطرفين وما "رخصُ ابن عباس وشدائد ابن عمر" عنّا ببعيد. –رضي الله عنهم وأرضاهم-
أخشى أن يقول أبوالفداء : اتقْ الله يافهد ؛ فإن الشذوذ في الفتاوى عمَّ وطمَّ , وسأقول : هونْ عليك –أخي الكريم- فكلامُنا عما ساغ الخلاف فيه دون غيره...
- الاختلاف والمناظرة يجب أن تكون قائمة ومبرراتها ماثلة ؛ لكنها –نظر في (المصوبة)- منصَبّةٌ على تقويم على الأدلة وتنقيح الدلالات ونحو ذلك مما هو اشتغالٌ بنفس الدليل ؛ بدليل أن اعتراضات المتناظرين تتوجه إلى ذلك كأن يُقال –مثلاً- : هذا خلافٌ مسبوق بإجماع , أو هو قياس في محل النص , أو أن العلة منقوضةٌ بعدم الاطراد... الخ .
- أرجو (التأمل) هاهنا : لو افترضنا أن عملية البحث والنظر تبدأ بشكل عمودي متصاعد طامحةً إلى إصابة الحق الأعلى (سواءً كان متعيناً "غيبياً" أم لا) ؛ فتأمل أن العملية تبدؤ من الأسفل إلى الأعلى ومعلومٌ أن من يبدؤ من أسفل لا يعلمُ ما في الأعلى قبل أن يصل إليه لأن "الدليل يسبق المدلولَ ولا يتقدمه" ؛ ففي أثناء عمليه بناء الدليل لا يعترّض المتجادلون لمسألة (هل الصواب واحد جزئي أو متعدد كلي) ؛ حتى إذا انتهت أقدام الفريقين إلى السطح الأعلى تبين الأمر ؛ فإن وُجد الدليل الحاسم فالحق متعين بمقتضاه وإلا فهو متعدد ؛ وبهذا يسقط الاعتراض قبلَ الصعود إلى السطح على أكتاف الأدلة.
أكرر لمزيد توضيح : المجتهدُ حينما يشرع في عملية الاجتهاد -لا شك- أنه يبحث عن حقٍ معين وهذا قبل الانتهاء من عملية البحث والتقصي ولكن بعد الانتهاء تنكشف الحقيقة إما نسبية وإما مطلقة ؛ وبهذا يتضح أن نقل حالةَ ما قبلَ الاجتهاد والبحث بعدَه خطأ –والله تعالى أعلم-.
- نسبية الحقيقة في هذا البحث أو القول بالتصويب لا يُخاطب به سائر المكلفين بل يطرقه العلماءُ وطلاّب العلم الباحثين أما سائر المكلفين فعليهم سؤال أهل الذكر فيما أشكل , ومتى اختلف المفتون فالمتعيّن الأخذ بفتوى أوثق الرجلين أو أحوط القولين أو ... والمسألة معروفة ؛ وقد قرّر أهل العلم قاطبةً (المصوبة والمخطئة) على أن : (تتبّعَ الرخصِ حرامٌ).
- هل للسلف قولٌ في المسألة ؟
الذي أعلمه أنه لم يُنقل عنهم شيءٌ (صريح) , ومن وقف على شيءٍ من ذلك فليبادرْ –مشكوراً- بالكشف عنه فما وراءَه مطلب , وقصارى أمر الباحث الاستقراء –ما استطاع- والفهم لمسالك المجتهدين وموقفهم من اجتهادات بعضهم والتأمل من دلالات النصوص وتقليبها والإجابة عما يُشكل ولو تعميم نص أو تخصيصه لقرائن يراها ويقتنع بها وليس ذلك ليّاً لأعناق النصوص بل هي تحتمله -وقد سبق بيان ذلك-.
- وصف أبوالفداء بعضَ كلامي بالحشو مع أنه–أي كلامي-كان استتماماً لبيان الدليل بذكر مبررات تراكم الظنون وانبناء بعضها على بعض , هو العمود الأساس في خيمة النسبية التي ظللت اجتهادات العلماء وفتاوى الفقهاء. في حين أنني أركّز على نقاط الخلاف والأفكار الرئيسية فيما يدلي به من تعليقاته الظافية ((كثيرة)) الكلام فأمخض زبدتَها وهي نزرٌ يسير وأُلقي ما سوى ذلك في سلة الإهمال "ومن كثرُ كلامه كثر سقطه".
أبو الفداء
2008-10-15, 03:58 PM
الله المستعان!
لا يزال الأخ فهد يصر على المراوغة واللجج ولا يجيبني الى ما أطالبه به، ويتذرع بأن أكثر كلامي محله "سلة الاهمال" فيعقب على بعضه ويترك أكثره.. ثم يأتي في اشارة عابرة في آخر تعقيبه - بعد طول جدال - ليقرر أنه لم يقف على أثر سلفي واحد يستند اليه في مذهبه في المسألة.. !
وعلى أي حال فقد فرغت من هذا الجدال وأقمت حجتي ولله الحمد، ولن أعيد ولن أكرر، فالعمر أثمن من أن يضيع في مثل هذا المراء! وفيما كتبتُ في هذه الصفحة ما يكفي لمن كانت له عينان..
والله أسأل أن يغفر لي وله وللمسلمين، ويهدينا واياه الى سواء السبيل..
والحمد لله رب العالمين
عدنان البخاري
2008-10-15, 06:09 PM
/// للأسف الشديد يا أخي الكريم فهد أنت تحيد في جوابك عن سؤالي بطريقةٍ (دبلوماسية)! وهذا ما لا يصلح في الموضوعيَّة والعلميَّة.
/// فلم تكن حاجتي منك استنباط جوابٍ من كلام الذهبي أوغيره، ولم أطلبه منك، طلبتُ رأيك أنت بصراحةٍ! والجواب يحصل بنعم أولا، وتنقطع به أدبار الظنون السَّيِّئة -إنْ وُجِدَت أصلًا- ولم تكن متوهَّمةً!
/// وكوننا نغض الطرف عن هذه الحوادث التي عفى عليها الزمن ولم يعد لها أثر =أمرٌ متَّفقٌ عليه، لكنَّنا بإشاعة إلماحتك غير الصَّريحة جدًّا بصدد غلق باب تهمةٍ عن إمامٍ واحدٍ وفتح عشراتٍ منها ضدَّ أئمَّةٍ آخرين، وهذا هو الجنون الذي أتحدَّث عنه..
/// فمن أجل الدفاع ((الخاطيء)) عن الإمام أبي حنيفة نتَّهم جملةً من السَّلف بالحسد!
/// ثم يا أخي الكريم.. قليلًا من التأمَّل .. فأين ذهب الورع وترك حظِّ النَّفس من كل هذه المجموعة؟! وأين ذهب الورع والفهم والحياد ممَّن نقل أقوالهم ممَّن تقدَّم سرد أسمائهم في مؤلَّفاتهم!! أفاتهم هذا الذي تلمح إليه ولا تريد التَّصريح به؟!
/// ثمَّ لم وقع التَّحاسد ضدَّ إمام واحدٍ، تولَّد عنها أنواع من البهتان يفترونه عليه، كالجهميَّة، وكذا وكذا وكذا عن الإمام رضي الله عنه!
/// ولم صار كلام الذَّهبي وابن عبدالبر مقبولًا في هؤلاء الأئمة وكلامهم مردودا ابتداءًا؟!
......... ؟!
فهد محمد النميري
2008-10-15, 08:05 PM
أقول لأخي الكريم أبي الفداء -أكرمه الله ووفقه- : رافقتك السلامةُ وصاحبَك التوفيقُ ؛ فقد أدلى كلٌ منا بما رأه حجةً ودليلا ؛ فما على القارئ إلا أن يردد النظر فيما كتبنا جميعاً ؛ ولن يعدمَ الفائدة -إن شاء الله تعالى-.
____________
أما أخي عدنان -وفقه الله- ؛ فأقول له : تاللهِ ما أدري ما تقول !... وفيما مضى بيانٌ لمن أراد البيان ؛ أما الكلام الزائد فلا خير فيه.
عدنان البخاري
2008-10-15, 08:28 PM
/// نعم.. فيه بيان لمن أراده عن طرق الحيدة في النقاش.
طالب الإيمان
2008-10-30, 08:55 PM
سبحان الله
مع تباعد الأماكن .. رأيتُ أن أقول لأستاذي ( الإمام الأعظم ) - فهد بن محمد النميري - وفقه الله وسدد خطاه , ما قلتُه قبل هذا في مسألة جزئية وردت على ريشة الفنان أبي الفداء - أحبه الله - : مسألة غوص كثير من طلبة العلم في ( النص ) وإغفالهم ( المقصد ) و ( المصلحة ) .. فأصبحوا نصوصيون أكثر من النص !!
وسيبقى الإنصاف سيد الموقف !
وليفهم النبيه ما أقصد ولا يقف عند النص ! فيصبح من ( المعلطة ) !
أحمد إدريس الطعان
2008-10-31, 02:04 PM
أسجل إعجابي بهذا الحوار الراقي من الطرفين الأخ الكريم فهد بن محمد والأخ الحليم أبو الفداء ... وقد أفدت منه أيما فائدة ..
وفقكم الله وأيدكم .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.