محمدعبداللطيف
2021-12-19, 11:36 AM
قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :
( قِفْ حَيْثُ وَقَف القَوْمُ ،
فإنَّهم عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا ، وَبِبَصَرٍ نافِذٍ كَفُّواْ ولَهُمْ على كَشْفِهَا كَانُوا أَقْوَى ،
وبالفَضْلِ لو كانَ فِيهَا أَحْرَى ،
فَلئِنْ قُلْتُم : حَدَثَ بَعْدَهُم ، فَمَا أَحْدَثَهُ إِلاَّ مَنْ خَالفَ هَدْيَهُمْ ، ورَغِبَ عن سُنَّتِهِم ، وَلَقدْ وَصَفُوا مِنْهُ مَا يَشْفِي ، وَتَكَلَّمُواْ منه بِمَا يَكْفِي ،
فَمَا فَوْقُهُمْ مُحَسِّرٌ ، وَمَا دُونهُمْ مُقَصِّرٌ ،
لَقَدْ قَصَّرَ عَنْهم قَوْمٌ فَجَفَوا ، وَتَجَاوَزَهُم آخرون فَغَلَوا ،
وإنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَ ذَلك عَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ ) .
قال الشيخ صالح ال الشيخ
رضيَ اللهُ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ ؛ فلقد نصحنا بنصيحةٍ شافيةٍ كافيةٍ لو كانَ في القلوبِ حياةٌ ،
وصفَ من سبق وهم الصَّحابةُ -رضيَ اللهُ عنهم-
بأنَّهم : ( على علمٍ وقفوا ، وببصرٍ نافذٍ كفُّوا ).
فقسم حالَ الصَّحابةِ إلى قسمين:
الأوَّل: أنَّهم وقفوا على علمٍ ، فهم أعلمُ النَّاسِ ، أعلم هذه الأمَّةِ هم صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-
وهم أحرى بالعلمِ من غيرِهِم ، وما بعدهم ينقصُ فيهم العلمُ.
فالصَّحابةُ هم أهلُ العلمِ، وأهلُ الإدراكِ ، وأهل العقولِ المستقيمةِ ، وأهلُ الأفهامِ المستنيرةِ ،
هم أهلُ فهمِ الكتابِ والسّنَّةِ ، وتفسيرُ الكتابِ والسّنَّةِ إنَّما يؤخَذُ من مشكاةِ الصَّحابةِ رضوانُ الله عليهم .
وصفهم عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رضي الله عنه-
بقولِهِ: (فإنَّهُم على علمٍ وقفوا)
وقفوا على علمٍ ، العلمِ عن رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- أو على علمٍ علموه من الكتابِ والسّنَّةِ بما فهموه بما تقتضيه لغةُ العربِ ،
أو بما علَّمَه بعضُهُم بعضاً ،
فما ذكروه من المسائلِ ذكروه على علمٍ وعلى بصيرةٍ،
هذا هو القسمُ الأوَّلُ.
والقسمُ الثَّاني:
ما كفّوا عنه وسكتُوا عنه ،
قال : ( وببصرٍ نافذٍ كفّوا ) ببصرٍ نافذٍ كفّوا عمَّا كفّوا عنه ، فلم يدخلوا في مسائلَ ممَّا دخل فيها من بعدهم ؛ لأجلِ عجزِهِم ، لا ،
ولكن لأجلِ نفوذِ بصرِهِم وبصيرتِهِم ،
وفهمِهِم وإدراكِهِم وعلمِهِم ،
فإنَّهم تكلَّمُوا فيما تكلموا فيه على علمٍ وقفوا عليه ، وما سكتوا عنه أو لم يدخلوا فيه فإنَّهُم كفّوا عنه ببصرٍ وبصيرةٍ ،
وهذا هو الَّذي يجبُ .
فإنه يجبُ علينا أن ننبذَ الآراءَ والعقولَ والأفهامَ الَّتي تخالفُ ما كان عليه صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-
في أمورِ الاعتقادِ جميعاً، بل وفي أمورِ الدِّين جميعاً .
فكلُّ ما كان عليه صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-
فهذا هو الميزانُ المستقيمُ الَّذي تزنُ به فهمَكَ ،
وتَزِنُ به الأحوالَ والأمورَ والفئاتِ والنَّاسَ ، لأنَّنا أُمِرْنَا بالاتِّباعِ.
وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رضي الله عنه- أوصانا بهذه الوصيَّةِ الكافيةِ الشَّافيةِ ،
بأنَّنَا نتَّبعُ الصَّحابةَ ؛ لأنَّهُم تكلَّمُوا فيما تكلَّموا فيهِ على علمٍ.
فهديُ الصَّحابةِ واجبُ الاتِّباعِ ؛
سواءٌ كان ذلك في الأمورِ الاعتقاديَّةِ ،
أو كان ذلك في الأمورِ العمليَّةِ ،
أو كان ذلك في الأمورِ السّلوكيَّةِ ، يعني في أمور الأخلاقِ ، والعباداتِ ، والزُّهدِ ، ونحوِ ذلك.
فما جاوز طريقتَهُم فهو غُلُوٌّ ،
وما قَصُرَ عن طريقتهم فهو تحسيرٌ ،
فما دونهم مقصِّرٌ، وما زادَ على ما أتوا به فهو من الغلاةِ، والَّذين سيكونُ مآلُهُم إلى التَّقصيرِ والحسرةِ.
فهذا كلامُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ كمنهجٍ عامٍّ ،
وهو الَّذي اتَّبعه الأئمَّةُ في أبوابِ الاعتقادِ والعملِ والسّلوكِ إلى آخره .
فقالوا:
ما جاء عن الصَّحابةِ نأخذُهُ، فمنهاجُ الصَّحابةِ هو الميزانُ،
وفهمُ الصَّحابةِ هو الميزانُ ،
وطريقةُ الصَّحابةِ هي الميزانُ ،
فهم أهلُ العلومِ، وأهلُ العقولِ ، وأهلُ الأفهام .
شرح لمعة الاعتقاد
( قِفْ حَيْثُ وَقَف القَوْمُ ،
فإنَّهم عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا ، وَبِبَصَرٍ نافِذٍ كَفُّواْ ولَهُمْ على كَشْفِهَا كَانُوا أَقْوَى ،
وبالفَضْلِ لو كانَ فِيهَا أَحْرَى ،
فَلئِنْ قُلْتُم : حَدَثَ بَعْدَهُم ، فَمَا أَحْدَثَهُ إِلاَّ مَنْ خَالفَ هَدْيَهُمْ ، ورَغِبَ عن سُنَّتِهِم ، وَلَقدْ وَصَفُوا مِنْهُ مَا يَشْفِي ، وَتَكَلَّمُواْ منه بِمَا يَكْفِي ،
فَمَا فَوْقُهُمْ مُحَسِّرٌ ، وَمَا دُونهُمْ مُقَصِّرٌ ،
لَقَدْ قَصَّرَ عَنْهم قَوْمٌ فَجَفَوا ، وَتَجَاوَزَهُم آخرون فَغَلَوا ،
وإنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَ ذَلك عَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ ) .
قال الشيخ صالح ال الشيخ
رضيَ اللهُ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ ؛ فلقد نصحنا بنصيحةٍ شافيةٍ كافيةٍ لو كانَ في القلوبِ حياةٌ ،
وصفَ من سبق وهم الصَّحابةُ -رضيَ اللهُ عنهم-
بأنَّهم : ( على علمٍ وقفوا ، وببصرٍ نافذٍ كفُّوا ).
فقسم حالَ الصَّحابةِ إلى قسمين:
الأوَّل: أنَّهم وقفوا على علمٍ ، فهم أعلمُ النَّاسِ ، أعلم هذه الأمَّةِ هم صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-
وهم أحرى بالعلمِ من غيرِهِم ، وما بعدهم ينقصُ فيهم العلمُ.
فالصَّحابةُ هم أهلُ العلمِ، وأهلُ الإدراكِ ، وأهل العقولِ المستقيمةِ ، وأهلُ الأفهامِ المستنيرةِ ،
هم أهلُ فهمِ الكتابِ والسّنَّةِ ، وتفسيرُ الكتابِ والسّنَّةِ إنَّما يؤخَذُ من مشكاةِ الصَّحابةِ رضوانُ الله عليهم .
وصفهم عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رضي الله عنه-
بقولِهِ: (فإنَّهُم على علمٍ وقفوا)
وقفوا على علمٍ ، العلمِ عن رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- أو على علمٍ علموه من الكتابِ والسّنَّةِ بما فهموه بما تقتضيه لغةُ العربِ ،
أو بما علَّمَه بعضُهُم بعضاً ،
فما ذكروه من المسائلِ ذكروه على علمٍ وعلى بصيرةٍ،
هذا هو القسمُ الأوَّلُ.
والقسمُ الثَّاني:
ما كفّوا عنه وسكتُوا عنه ،
قال : ( وببصرٍ نافذٍ كفّوا ) ببصرٍ نافذٍ كفّوا عمَّا كفّوا عنه ، فلم يدخلوا في مسائلَ ممَّا دخل فيها من بعدهم ؛ لأجلِ عجزِهِم ، لا ،
ولكن لأجلِ نفوذِ بصرِهِم وبصيرتِهِم ،
وفهمِهِم وإدراكِهِم وعلمِهِم ،
فإنَّهم تكلَّمُوا فيما تكلموا فيه على علمٍ وقفوا عليه ، وما سكتوا عنه أو لم يدخلوا فيه فإنَّهُم كفّوا عنه ببصرٍ وبصيرةٍ ،
وهذا هو الَّذي يجبُ .
فإنه يجبُ علينا أن ننبذَ الآراءَ والعقولَ والأفهامَ الَّتي تخالفُ ما كان عليه صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-
في أمورِ الاعتقادِ جميعاً، بل وفي أمورِ الدِّين جميعاً .
فكلُّ ما كان عليه صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-
فهذا هو الميزانُ المستقيمُ الَّذي تزنُ به فهمَكَ ،
وتَزِنُ به الأحوالَ والأمورَ والفئاتِ والنَّاسَ ، لأنَّنا أُمِرْنَا بالاتِّباعِ.
وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رضي الله عنه- أوصانا بهذه الوصيَّةِ الكافيةِ الشَّافيةِ ،
بأنَّنَا نتَّبعُ الصَّحابةَ ؛ لأنَّهُم تكلَّمُوا فيما تكلَّموا فيهِ على علمٍ.
فهديُ الصَّحابةِ واجبُ الاتِّباعِ ؛
سواءٌ كان ذلك في الأمورِ الاعتقاديَّةِ ،
أو كان ذلك في الأمورِ العمليَّةِ ،
أو كان ذلك في الأمورِ السّلوكيَّةِ ، يعني في أمور الأخلاقِ ، والعباداتِ ، والزُّهدِ ، ونحوِ ذلك.
فما جاوز طريقتَهُم فهو غُلُوٌّ ،
وما قَصُرَ عن طريقتهم فهو تحسيرٌ ،
فما دونهم مقصِّرٌ، وما زادَ على ما أتوا به فهو من الغلاةِ، والَّذين سيكونُ مآلُهُم إلى التَّقصيرِ والحسرةِ.
فهذا كلامُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ كمنهجٍ عامٍّ ،
وهو الَّذي اتَّبعه الأئمَّةُ في أبوابِ الاعتقادِ والعملِ والسّلوكِ إلى آخره .
فقالوا:
ما جاء عن الصَّحابةِ نأخذُهُ، فمنهاجُ الصَّحابةِ هو الميزانُ،
وفهمُ الصَّحابةِ هو الميزانُ ،
وطريقةُ الصَّحابةِ هي الميزانُ ،
فهم أهلُ العلومِ، وأهلُ العقولِ ، وأهلُ الأفهام .
شرح لمعة الاعتقاد