هكذا الحربُ، من قاتلَ فليقاتلْ كما يُقاتلُ عاصم

[احمد ابو انس]

عاد المسلمون إلى المدينةِ بعدَ أحُدٍ، وجعلوا يتذاكرون المعركة وما كان فيها، فيترحَّمون على الأبطالِ الذين استشهدوا وينوِّهون بالكماةِ الذي أبلوا وجالدوا، فذكروا فيمن ذكروهم عاصمَ بن ثابتٍ، وعجبُوا كيفَ اتفق له أنْ يُردي ثلاثة إخوةٍ من بيتٍ واحدٍ في جُملةِ من أردَاهم. فقال قائلٌ منهم: وهل في ذلك من عجب؟! أفلا تذكرون رسول الله صلوات الله وسلامه عليه حين سألنا قبيلَ بدرٍ «كيف تقاتِلون؟» فقام له عاصمُ بن ثابتٍ، وأخذ قوسَه بيده وقال: إذا كان القومُ قريبًا مني مائة ذراعٍ كان الرَّميُ بالسهام، فإذا دَنَوا حتى تنالهُم الرماحُ كانت المداعَسة (المطاعنة بالرماح) إلى أن تتقصَّفَ الرِّماح، فإذا تقصفَتِ الرماحُ وضعناها وأخذنا السيوفَ وكانت المـُجالدَة (المضاربة بالسيوف).فقال عليه الصلاة والسلام: «هكذا الحربُ، من قاتلَ فليقاتلْ كما يُقاتلُ عاصم».

ماصحة هذا الحديث؟

[عبد الرحمن هاشم بيومي]

خرجه الطبراني في المعجم الكبير [4513]، فقال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابَهْرَامَ الأَيْذَجِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ،
ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: فذكر نحوه.
في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي [1277]، فقال: محمد بن الحجاج من ولد ابى لبابة الأنصاري مديني روى عن أبيه
روى يعقوب بن محمد الزهري عن عاصم بن سويد عنه، قال سألت أبي عنه فقال: "هو مجهول". اهـ. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٥‏/٣٣٠).
قلت: خولف يعقوب بن محمد فيما خرجه الحسن بن سفيان الشيباني في مسنده، ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة [1817]، فقال:
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حدثنا رفاعة بن الحجاج الأنصاري، عن أبيه، عن حسين السائب، قال: فذكره.
تابعه فيما خرجه الخطابي في غريب الحديث (1/507)، من طريق محمد بن إسحاق السراج، نا محمد بن الصباح، نا عاصم بن سويد، به.
وهذا مرسل كما ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/394)، فقال:
"والحسين هذا هو ابن السائب بن أبي لبابة، ولا يعرف له رؤية، يعني فضلا عن الصحبة". اهـ.
قلتُ: والإسناد مظلم مضطرب.
والله أعلم.

[احمد ابو انس]

جزاكم الله خيرا .