مشاهدة النسخة كاملة : فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
حسن المطروشى الاثرى
2021-08-08, 09:35 PM
اليوم / الأحد
الموافق : 29/ ذو الحجة / 1442 هجري
الموافق 8/ 8/ 2021 ميلادي
- الفوائد المنتقاة من المنهاج للنووي " رحمه الله
1) (مقدمة النووي /ص25)
فقال الامامان الحافظان أبو عبد الله الحاكم وصاحبه أبو بكر البيهقي رحمهما الله أن المنية اخترمت مسلما رحمه الله قبل اخراج القسم الثاني وانه إنما ذكر القسم الاول قال القاضي عياض رحمه الله وهذا مما قبله الشيوخ والناس من الحاكم أبي عبد الله وتابعوه عليه قال القاضي وليس الأمر على ذلك لمن حقق نظره ولم يتقيد بالتقليد فانك اذا نظرت تقسيم مسلم في كتابة الحديث على ثلاث طبقات من الناس كما قال فذكر أن القسم الاول حديث الحفاظ وأنه اذا انقضى هذا أتبعه بأحاديث من لم يوصف بالحذق والاتقان مع كونهم من أهل الستر والصدق وتعاطى العلم ثم أشار إلى ترك حديث من أجمع العلماء أو اتفق الاكثر منهم على تهمته ونفى من اتهمه بعضهم وصححه بعضهم فلم يذكره هنا ووجدته ذكر في أبواب كتابه حديث الطبقتين الاوليين وأتى بأسانيد الثانية منهما على طريق الاتباع للاولى والاستشهاد أو حيث لم يجد في الباب الأول شيئا وذكر أقواما تكلم قوم فيهم وزكاهم آخرون وخرج حديثهم ممن ضعف أو اتهم ببدعة وكذلك فعل البخارى فعندى أنه أتى بطبقاته الثلاث في كتابه على ما ذكر ورتب في كتابه وبينه في تقسيمه وطرح الرابعة كما نص عليه فالحاكم تأول أنه إنما أراد أن يفرد لكل طبقة كتابا ويأتى بأحاديها خاصة مفردة وليس ذلك مراده بل انما أراد بما ظهر من تأليفه وبان من غرضه أن يجمع ذلك في الأبواب ويأتى بأحاديث الطبقتين فيبدأ بالاولى ثم يأتى بالثانية على طريق الاستشهاد والاتباع حتى استوفى جميع الاقسام الثلاثة ويحتمل أن يكون أراد بالطبقات الثلاث الحفاظ ثم الذين يلونهم والثالثة هي التي طرحها وكذلك علل الحديث
............
(مقدمة/24)
لزم الامام الحافظ أبوالحسن على بن عمر الدارقطني رحمه الله وغيره البخارى ومسلما رضي الله عنهما اخراج احاديث تركا اخراجها مع أن أسانيدها أسانيد قد أخرجا لرواتها في صحيحهما بها وذكر الدارقطنى وغيره أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم رووا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورويت أحاديثهم من وجوه صحاح لامطعن في ناقليها ولم يخرجا من أحاديثهم شيئا فيلزمهما اخراجها على مذهبيهما وذكر البيهقى أنهما اتفقا على أحاديث من صحيفة همام بن منبه وأن كل واحد منهما انفرد عن الآخر بأحاديث منها مع أن الاسناد واحد وصنف الدارقطنى وأبو ذر الهروى في هذا النوع الذي ألزموهما وهذا الالزام ليس بلازم في الحقيقة فانهما لم يلتزما استيعاب الصحيح بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وانما قصدا جمع جمل من الصحيح كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله لكنهما اذا كان الحديث الذي تركاه أو تركه أحدهما مع صحة اسناده في الظاهر أصلا في بابه ولم يخرجا له نظيرا ولا ما يقوم مقامه فالظاهر من حالها أنهما اطلعا فيه على علة ان كانا روياه ويحتمل أنهما تركاه نسيانا أو ايثارا لترك الاطالة أو رأيا أن غيره مما ذكراه يسد مسده أولغير ذلك والله أعلم
.............
(مقدمة /24)
عاب عائبون مسلما بروايته في صحيحه عن جماعة من الضعفاء والمتوسطين الواقعين في الطبقة الثانية الذين ليسوا من شرط الصحيح ولا عيب عليه في ذلك بل جوابه من أوجه
ذكرها الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ الله أحدها أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده ولا يقال الجرح مقدم على التعديل لان ذلك فيما اذا كان الجرح ثابتا مفسر السبب والا فلا يقبل الجرح اذا لم يكن كذا وقد قال الامام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي وغيره ما احتج البخارى ومسلم وأبو داود به من جماعة علم الطعن فيهم من غيرهم محمول على أنه لم يثبت الطعن المؤثر مفسر السبب الثاني أن يكون ذلك واقعا في المتابعات والشواهد لافي الأصول وذلك بأن يذكر الحديث أولا باسناد نظيف رجاله ثقات ويجعله أصلا ثم يتبعه باسناد آخر أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة أو لزيادة فيه تنبه على فائدة فيما قدمه وقد اعتذر الحاكم أبو عبد الله بالمتابعة والاستشهاد في اخراجه عن جماعة ليسوا من شرط الصحيح منهم مطر الوراق وبقية بن الوليد ومحمد بن إسحاق بن يسار وعبد الله بن عمر العمرى والنعمان بن راشد وأخرج مسلم عنهم في الشواهد في أشباه لهم كثيرين الثالث أن يكون ضعف الضعيف الذى احتج به طرأ بعد أخذه عنه باختلاط حدث عليه فهو غير قادح فيما رواه من قبل في زمن استقامته كما في أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن أخي عبد الله بن وهب فذكر الحاكم أبو عبد الله أنه اختلط بعد الخمسين ومائتين بعد خروج مسلم من مصر فهو في ذلك كسعيد بن أبي عروبة وعبد الرازق وغيرهما ممن اختلط آخرا ولم يمنع ذلك من صحة الاحتجاج في الصحيحين بما أخذ عنهم قبل ذلك الرابع أن يعلو بالشخص الضعيف اسناده وهو عنده من رواية الثقات نازل فيقتصر على العالى ولا يطول باضافة النازل إليه مكتفيا بمعرفه أهل الشأن في ذلك وهذا العذر قد رويناه عنه تنصيصا وهو خلاف حاله فيما رواه عن الثقات أولا ثم أتبعه بمن دونهم متابعة وكأن ذلك وقع منه على حسب حضور باعث النشاط وغيبته
..........
( مقدمة / 26)
وقد استدرك جماعة على البخارى ومسلم أحاديث أخلا بشرطهما فيها ونزلت عن درجة ما التزماه وقد سبقت الاشارة إلى هذا وقد ألف الامام الحافظ أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى فى بيان ذلك كتابه المسمى بالاستدراكات والتتبع وذلك فى مائتى حديث مما فى الكتابين ولابى مسعود الدمشقى أيضا عليهما استدراك ولابى على الغسانى الجيانى فى كتابه تقييد المهمل فى جزء العلل منه استدراك أكثره على الرواة عنهما وفيه ما يلزمهما وقد أجيب عن كل ذلك أو أكثره وستراه فى مواضعه ان شاء الله تعالى والله أعلم
...........
( مقدمة النووي / ص 30 )
مذهب الشافعى والمحدثين أو جمهورهم وجماعة من الفقهاء أنه لا يحتج بالمرسل ومذهب مالك وأبى حنيفة وأحمد وأكثر الفقهاء أنه يحتج به ومذهب الشافعى أنه اذا انضم إلى المرسل ما يعضده احتج به وذلك بأن يروى أيضا مسندا أو مرسلا من جهة أخرى أو يعمل به بعض الصحابة أو أكثر العلماء وأما مرسل الصحابى وهو روايته ما لم يدركه أو يحضره كقول عائشة رضى الله عنها أول ما بدىء بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الوحى الرؤيا الصالحة فمذهب الشافعى والجماهير أنه يحتج به وقال الاستاذ الامام أبو إسحاق الاسفراينى الشافعى لا يحتج به الا أن يقول انه لا يروى الا عن صحابى والصواب الاول
(
.............
(مقدمة / 32 )
ذا قال الصحابى قولا أو فعل فعلا فقد قدمنا أنه يسمى موقوفا وهل يحتج به فيه تفصيل واختلاف)
قال أصحابنا إن ينتشر فليس هو اجماعا وهل هو حجة فيه قولان للشافعى رحمه الله وهما مشهوران أصحهما الجديد أنه ليس بحجة والثانى وهو القديم أنه جحة فان قلنا هو حجة قدم على القياس ولزم التابعى وغيره العمل به ولم تجز مخالفته وهل يخص به العموم فيه وجهان واذا قلنا ليس بحجة فالقياس مقدم عليه ويجوز للتابعى مخالفته فأما اذا اختلف الصحابة رضى الله عنهم على قولين فان قلنا بالجديد لم يجز تقليد واحد من الفريقين بل يطلب الدليل وان قلنا بالقديم فهما دليلان تعارضا فيرجح أحدهما على الآخر بكثرة العدد فان استوى العدد قدم بالائمة فيقدم ما عليه امام منهم على مالا امام عليه فان كان الذى على أحدهما أكثر عددا ومع الاقل امام فهما سواء فان استويا فى العدد والائمة الا أن فى أحد الشيخين أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَفِي الآخر غيرهما ففيه وجهان لاصحابنا أحدهما أنهما سواء والثانى يقدم ما فيه أحد الشيخين هذا كله اذا انتشر أما اذا لم ينتشر فان خولف فحكمه ما ذكرناه
...........
( مقدمة / ص 33 *)
[فصل فى الاسناد المعنعن]
وهو فلان عن فلان قال بعض العلماء هو مرسل والصحيح الذى عليه العمل وقاله الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول انه متصل بشرط أن يكون المعنعن غير مدلس وبشرط امكان لِقَاءُ مَنْ أُضِيفَتِ الْعَنْعَنَةُ إِلَيْهِمْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وفى اشتراط ثبوت اللقاء وطول الصحبة ومعرفته بالرواية عنه خلاف منهم من لم يشترط شيئا من ذلك وهو مذهب مسلم ادعى الاجماع عليه وسيأتى الكلام عليه حيث أذكره فى أواخر مقدمة الكتاب ان شاء الله تعالى ومنهم من شرط ثبوت اللقاء وحده وهو مذهب على بن المدينى والبخارى وأبى بكر الصيرفى الشافعى والمحققين وهو الصحيح ومنهم من شرط طول الصحبة وهو قول أبى المظفر السمعانى الفقيه الشافعى ومنهم من شرط ان يكون معروفا بالرواية عنه وبه قال أبو عمرو المقرئ وأما اذا قال حدثنا الزهري أن بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَذَا أَوْ حَدَّثَ بِكَذَا أو فعل أو ذكر أو روى أو نحو ذلك فقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وجماعة لا يلتحق ذلك بعن بل يكون منقطعا حتى يبين السماع وقال الجماهير هو كعن محمول على السماع بالشرط المقدم وهذا هو الصحيح
..........
( مقدمة / 35 )
سائر وجوه الترجيح وهى نحو خمسين وجها جمعها الحافظ أبو بكر الحازمى فى أول كتابه الناسخ والمنسوخ وقد جمعتها أنا مختصرة ولا ضرورة إلى ذكرها هنا كراهة للتطويل والله أعلم فصل فى معرفة الصحابى والتابعى هذا الفصل مما يتأكد الاعتناء به وتمس الحاجة إليه فبه يعرف المتصل من المرسل فأما الصحابى فكل مسلم رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ لحظة هذا هو الصحيح فى حده وهو مذهب أحمد بن حنبل وأبى عبد الله البخارى فى صحيحه
والمحدثين كافة وذهب أكثر أصحاب الفقه والأصول إلى أنه من طالت صحبته له صلى الله عليه وسلم قال الامام القاضي أبو الطيب الباقلانى لاخلاف بين أهل اللغة أن الصحابى مشتق من الصحبة جار على كل من صحب غيره قليلا كان او كثيرا يقال صحبه شهرا ويوما وساعة قال وهذا يوجب فى حكم اللغة اجراء هذا على مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ سَاعَةً هذا هو الأصل قال ومع هذا فقد تقرر للامة عرف فى أنهم لايستعملونه الا فيمن كثرت صحبته واتصل لقاؤه ولا يجرى ذلك على من لقى المرء ساعة ومشى معه خطوات وسمع منه حديثا فوجب أن لايجرى فى الاستعمال الا على من هذا حاله هذا كلام القاضي المجمع على امانته وجلالته وفيه تقرير للمذهبين ويستدل به على ترجيح مذهب المحدثين فان هذا الامام قد نقل عن أهل اللغة أن الاسم يتناول صحبة ساعة وأكثر أهل الحديث قد نقلوا الاستعمال فى الشرع والعرف على وفق اللغة فوجب المصير والله أعلم وأما التابعى ويقال فيه التابع فهو من لقى الصحابى وقيل من صحبه كالخلاف فى الصحابى والاكتفاء هنا بمجرد اللقاء أولى نظرا إلى مقتضى اللفظين
..............
( مقدمة / 36 )
فان لم يكن خبيرا بالالفاظ ومقاصدها عالما بما يحيل معانيها لم يجز له الرواية بالمعنى بلا خلاف بين أهل العلم بل يتعين اللفظ وان كان عالما بذلك فقالت طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول لا يجوز مطلقا وجوزه بعضهم فى غير حديث النبى صلى الله عليه وسلم ولم يجوزه فيه وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف المذكورة يجوز فى الجميع اذا جزم بأنه أدى المعنى وهذا هو الصواب الذى تقتضيه أحوال الصحابة فمن بعدهم رضى الله عنهم فى روايتهم القضية الواحدة بألفاظ مختلفة ثم هذا فى الذى يسمعه فى غير المصنفات أما المصنفات فلا يجوز تغييرها بالمعنى اذا وقع فى الرواية
أو التصنيف غلط لا شك فيه فالصواب الذى قاله الجماهير أنه يرويه على صواب ولا يغيره فى الكتاب بل ينبه عليه حال الرواية فى حاشية الكتاب فيقول كذا وقع والصواب كذا
........
(مقدمة / 40)
يستحب لكاتب الحديث اذا مر بذكر الله عز وجل أن يكتب (عز وجل) أو (تعالى) أو (سبحانه وتعالى) أو (تبارك وتعالى) أو (جل ذكره) أو (تبارك اسمه) أو (جلت عظمته) أو ما أشبه ذلك وكذلك يكتب عند ذكر النبى صلى الله عليه وسلم بكمالهما لا رامزا اليهما ولا مقتصرا على أحدهما وكذلك يقول فى الصحابى (رضى الله عنه) فان كان صحابيا بن صحابى قال (رضى الله عنهما) وكذلك يترضى ويترحم على سائر العلماء والأخيار ويكتب كل هذا وان لم يكن مكتوبا فى الاصل الذى ينقل منه فان هذا ليس رواية وانما هو دعاء وينبغى للقارىء أن يقرأ كل ما ذكرناه وان لم يكن مذكورا فى الاصل الذى يقرأ منه ولا يسأم من تكرر ذلك ومن أغفل هذا حرم خيرا عظيما وفوت فضلا جسيما
............
حسن المطروشى الاثرى
2021-08-12, 10:44 PM
اليوم : الخميس
الموافق : 3/ محرم / 1443 هجري
الموافق 12/ اغسطس / 2021 ميلادي
تكلمة " لشرح مقدمة الإمام مسلم " النووي
............
(مقدمة/ص 40)
قال النووي رحمه الله :
بدأ مسلم رحمه الله بالحمد لله لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال كل أمر ذى بال لا يبدأ بالحمد لله فهو أقطع وفي رواية بحمد الله وفي رواية بالحمد فهو أقطع وفي رواية أجذم وفي رواية لا يبدأ فيه بذكر الله وفي رواية ببسم الله الرحمن الرحيم روينا كل هذه في كتاب الأربعين للحافظ عبد القادر الرهاوى سماعا من صاحبه الشيخ ابي محمد عبد الرحمن بن سالم الانبارى عنه وروينا فيه أيضا من رواية كعب بن مالك الصحابى رضى الله عنه والمشهور رواية أبي هريرة وهذا الحديث حسن رواه أبو داود وبن ماجه في سننهما ورواه النسائى في كتابه عمل اليوم والليلة روى موصولا ومرسلا ورواية الموصول اسنادها جيد ومعنى أقطع قليل البركة وكذلك أجذم
...........
(ج1/ ص 44)
ينكر على مسلم رحمه الله كونه اقتصر على الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون التسليم وقد أمرنا الله تعالى بهما جميعا فقال تعالى صلوا عليه وسلموا تسليما فكان ينبغى أن يقول وصلى الله وسلم على محمد فان قيل فقد جاءت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم غير مقرونة بالتسليم وذلك في آخر التشهد في الصلوات فالجواب أن السلام تقدم قبل الصلاة في كلمات التشهد وهو قوله سلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته ولهذا قالت الصحابة رضى الله عنهم يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف نصلى عليك الحديث وقد نص العلماء رضى الله عنهم على كراهة الاقتصار على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من غير تسليم والله اعلم وقد ينكر على مسلم رحمه الله في هذا الكلام شيء آخر وهو قوله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين فيقال اذا ذكر الأنبياء لا يبقى لذكر المرسلين وجه لدخولهم في الأنبياء فان الرسول نبى وزيادة ولكن هذا الانكار ضعيف ويجاب عنه بجوابين أحدهما أن هذا سائغ وهو أن يذكر العام ثم الخاص بنويها! بشأنه وتعظيما لأمره وتفخيما لحاله وقد جاء فى القرآن العزيز آيات كريمات كثيرات من هذا مثل قوله تعالى من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال وقوله تَعَالَى وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى وغير ذلك من الايات الكريمات وقد جاء أيضا عكس هذا وهو ذكر العام بعد الخاص قال الله تعالى حكاية عن نوح صلى الله عليه وسلم رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات
.........
(ج1/ص 55)
اعلم أن تعمد وضع الحديث حرام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ وشذت الكرامية الفرقة المبتدعة فجوزت وضعه فى الترغيب والترهيب والزهد وقد سلك مسلكهم بعض الجهلة المتسمين بسمة الزهاد ترغيبا فى الخير فى زعمهم الباطل وهذه غباوة ظاهرة وجهالة متناهية ويكفى فى الرد عليهم قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ
.........
(ج1/ ص 59)
ذكر بن السكيت في سفيان ثلاث لغات للعرب ضم السين وفتحها وكسرها وذكر أبو حاتم السختياني وغيره ضم العين وكسرها وهما وجهان لأهل العربية معروفان
.................
إغفال المجون]
وقد جرى أبو إسحاق الخصرى في زهر الآداب على إغفال المجون، فنحده يقول عن راشد بن أرشد:
«وله مذهب استفرغ فيه أكثر شعره، وصنت الكتاب عن ذكره» .
وقد صرحت بإنكار هذا المهج فى «مدامع العشاق» وبينت هناك أن حرص الحصرى على الأخلاق ضيّع علينا ما أعرض عنه من الآثار الأدبية، وكنا في حاجة إلى أن نعرف كل ما ترك الأولون! وأحب أن يعلم القارىء أن المجون لون من ألوان الغذاء التي تحيا بها العقول، فكما أن الأجسام تحتاج في تغذيتها إلى المواد المختلفة، والعناصر المتنوعة: من الملح، والحلو، والمرّ، كذلك العقول تحتاج في تغذيتها إلى المعارف المتباينة:
من جدّ القول وهزله، وحلوه ومرّه، ولكنّ أكثر الناس لا يفقهون! على أن الحصرى لم يخل كتابه من المجون، بل ومن فاحش المجون، وللقارىء أن يتتبع ما وقع من ذلك في ألفاف الكتاب ليرى كيف غلب لمؤلف على أمره، فأباح ما لا يباح
.............
ان المتقدمون يعنون بدراسة الكامل للمبرد، والبيان والتبيين للجاحظ، وأدب الكاتب لابن قتيبة، والنوادر لأبى على القالى، وكانت هذه الكتب أصول الأدب عندهم كما ذكر ابن خلدون، وعندى أن زهر الآداب أغزر مادة، وأكبر قيمة من جميع تلك المصنّفات؛ لأن ذوق الحصرى ذوق أدبىّ صرف، أما أولئك فقد كانت أهواؤهم موزعة بين اللغة، والرواية، والنحو، والتصريف.
إن زهر الآداب دائرة معارف أدبية، شاء الله أن تسلم من جناية الليالى، والحمد لله على أن كنت الموفّق إلى إحياء هذا الأثر النفيس.
محمد زكى عبد السلام مبارك
................
(ج1/ 63)
كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَدُ دهاة العرب كنيته أبوعيسى وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ أَسْلَمَ عَامَ الْخَنْدَقِ وَمِنْ طُرَفِ أَخْبَارِهِ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَحْصَنَ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَاثَمِائَةِ امْرَأَةٍ وَقِيلَ أَلْفَ امْرَأَةٍ
..............
(ج1/ 64)
فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ضَبَطْنَاهُ يُرَى بِضَمِّ الْيَاءِ وَالْكَاذِبِينَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْجَمْعِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اللَّفْظَتَيْنِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الرِّوَايَةُ فِيهِ عِنْدنَا الْكَاذِبِينَ عَلَى الْجَمْعِ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِي ُّ فِي كتابه المستخرج على صحيح
مسلم في حَدِيثُ سَمُرَةَ الْكَاذِبَيْنِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ على التثنية واحتج به على أن الراوى له يُشَارِكَ الْبَادِئَ بِهَذَا الْكَذِبِ ثُمَّ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ الْكَاذِبَيْنِ أَوِ الْكَاذِبِينَ عَلَى الشَّكِّ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَذَكَرَ بَعْضُ الأئمة جواز فتح الياء من يُرَى وَهُوَ ظَاهِرٌ حَسَنٌ فَأَمَّا مَنْ ضَمَّ الْيَاءَ فَمَعْنَاهُ يَظُنُّ وَأَمَّا مَنْ فَتَحَهَا فَظَاهِرٌ وَمَعْنَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى يَظُنُّ أَيْضًا فَقَدْ حُكِيَ رَأَى بِمَعْنَى ظَنَّ وَقُيِّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَأْثَمُ إِلَّا بِرِوَايَتِهِ مَا يَعْلَمُهُ أَوْ يَظُنُّهُ كَذِبًا أَمَّا مَا لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يَظُنُّهُ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ وَإِنْ ظَنَّهُ غَيْرُهُ كَذِبًا أَوْ عَلِمَهُ وَأَمَّا فِقْهُ الْحَدِيثِ فَظَاهِرٌ فَفِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَاذِبًا وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ
............
( مقدمة / 65)
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْهُذَلِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ أَبُو بَكْرٍ وَغُنْدَرٌ لَقَبٌ لقبه به بن جُرَيْجٍ رُوِّينَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَائِشَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ كُلْثُومٍ السُّلَمِيِّ قَالَ قَدِمَ علينا بن جُرَيْجٍ الْبَصْرَةَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَحَدَّثَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بِحَدِيثٍ فَأَنْكَرَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقَالَ بن عائشة انما سماه غندرا بن جُرَيْجٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَ يُكْثِرُ الشَّغْبُ عَلَيْهِ فَقَالَ اسْكُتْ يَا غُنْدَرُ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُسَمُّونَ الْمُشْغِبَ غُنْدَرًا وَمِنْ طُرَفِ أَحْوَالِ غُنْدَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ بَقِيَ خَمْسِينَ سَنَةً يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَمَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وتسعين
....
( مقدمة / 67)
أَبُو هُرَيْرَةَ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كُنِّيَ بِهَذِهِ الْكُنْيَةِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا وَأَصَحُّهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدِي فِيهِ شَيْءٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ هُوَ الَّذِي يَسْكُنُ إِلَيْهِ الْقَلْبُ فِي اسْمِهِ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ قَالَ وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَتْ طَائِفَةٌ صَنَّفَتْ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَكَذَا قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ أَصَحُّ شَيْءٍ عِنْدنَا فِي اسْمِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ وَأَمَّا سَبَبُ تَكْنِيَتِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ كَانَتْ لَهُ فِي صِغَرِهِ هُرَيْرَةٌ صَغِيرَةٌ يَلْعَبُ بِهَا وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ رِوَايَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ الْأَنْدَلُسِيّ ُ فِي مُسْنَدِهِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ خَمْسَةَ آلَافِ حَدِيثٍ وَثَلَاثَمِائَة ٍ وَأَرْبَعَةً وسبعين حديثا
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذَا الْقَدْرِ وَلَا مَا يُقَارِبهُ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ ينزل المدينه بذى الحليفة وله بها دار مات بالمدينة سنة تسع وخمسين وهو بن ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَمَاتَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا
........
( مقدمة / 70)
نه لافرق فِي تَحْرِيمِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَا كَانَ فِي الْأَحْكَامِ وَمَا لَا حُكْمَ فِيهِ كَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْمَوَاعِظِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَكُلُّهُ حَرَامٌ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَأَقْبَحِ الْقَبَائِحِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّ ةِ الطَّائِفَةِ الْمُبْتَدِعَةِ فِي زَعْمِهِمُ الْبَاطِلِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَضْعُ الْحَدِيثِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَتَابَعَهُمْ عَلَى هَذَا كَثِيرُونَ مِنَ الْجَهَلَةِ الَّذِينَ يَنْسُبُونَ أَنْفُسَهُمْ إِلَى الزُّهْدِ أَوْ يَنْسُبهُمْ جَهَلَةٌ مِثْلُهمْ وَشُبْهَةُ زَعْمِهِمُ الْبَاطِلِ أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ بِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا كَذِبٌ عَلَيْهِ وَهَذَا الَّذِي انْتَحَلُوهُ وَفَعَلُوهُ وَاسْتَدَلُّوا بِهِ غَايَةَ الْجَهَالَةِ وَنِهَايَةِ الْغَفْلَةِ وَأَدَلُّ الدَّلَائِلِ عَلَى بُعْدِهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَقَدْ جَمَعُوا فِيهِ جُمَلًا مِنَ الْأَغَالِيطِ اللَّائِقَةِ بِعُقُولِهِمُ السَّخِيفَةِ وَأَذْهَانِهِمُ الْبَعِيدَةِ الْفَاسِدَةِ فَخَالَفُوا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا وَخَالَفُوا صَرِيحَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَة ِ وَالْأَحَادِيثَ الصَّرِيحَةَ الْمَشْهُورَةَ فِي إِعْظَامِ شَهَادَةِ الزُّورِ وَخَالَفُوا إِجْمَاعَ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّاتِ فِي تَحْرِيمِ الْكَذِبِ عَلَى آحَادِ النَّاسِ.....
......
( مقدمة / 71 )
وَأَمَّا الْحَدِيثَ الَّذِي تَعَلَّقُوا بِهِ فَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَخْصَرُهَا أَنَّ قَوْلَهُ لِيُضِلَّ النَّاسَ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى إِبْطَالِهَا وَأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ صَحِيحَةً بِحَالٍ الثَّانِي جَوَابُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كذبا ليضل الناس الثَّالِثُ أَنَّ اللَّامَ فِي لِيُضِلَّ لَيْسَتْ لَامَ التَّعْلِيلِ بَلْ هِيَ لَامُ الصَّيْرُورَةِ وَالْعَاقِبَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ عَاقِبَةَ كَذِبِهِ وَمَصِيرِهِ إِلَى الْإِضْلَالِ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عدوا وحزنا وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ أَكْثَرُ مِنْ أن يحصر وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَاهُ فَقَدْ يَصِيرُ أَمْرُ كَذِبِهِ إِضْلَالًا وَعَلَى الْجُمْلَةِ مَذْهَبُهُمْ أَرَكُّ مِنْ أَنْ يُعْتَنَى بِإِيرَادِهِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يُهْتَمَّ بِإِبْعَادِهِ وَأَفْسَدُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى إِفْسَادِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
( مقدمة / 80)
وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَوْزَاعِ الَّتِي نُسِبَ إِلَيْهَا فَقِيلَ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ وَقِيلَ قَرْيَةٌ كَانَتْ عِنْدَ بَابِ الْفَرَادِيسِ مِنْ دِمَشْقَ وَقِيلَ مِنْ أَوْزَاعِ الْقَبَائِلِ أَيْ فِرَقِهِمْ وَبَقَايَا مُجْتَمَعَةٍ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ كَانَ اسْمُ الْأَوْزَاعِيِّ عَبْدَ الْعَزِيزِ فَسَمَّى نَفْسَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَانَ يَنْزِلُ الْأَوْزَاعَ فَغَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ
........
( مقدمة / 88)
تَعَالَوْا حَتَّى نعد خصال بن الْمُبَارَكِ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ فَقَالُوا جَمَعَ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ وَالْأَدَبَ وَالنَّحْوَ وَاللُّغَةَ وَالزُّهْدَ وَالشِّعْرَ وَالْفَصَاحَةَ وَالْوَرَعَ وَالْإِنْصَافَ وَقِيَامَ اللَّيْلِ وَالْعِبَادَةَ وَالشِّدَّةَ فِي رَأْيهِ وَقِلَّةَ الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَقِلَّةَ الْخِلَافِ عَلَى أَصْحَابِهِ وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُصْعَبٍ جمع بن الْمُبَارَكِ الْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ وَالْعَرَبِيَّة َ وَأَيَّامَ النَّاسِ وَالشَّجَاعَةَ وَالتِّجَارَةَ وَالسَّخَاءَ وَالْمَحَبَّةَ عِنْدَ الْفِرَقِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بن سعد صنف بن الْمُبَارَكِ كُتُبًا كَثِيرَةً فِي أَبْوَابِ الْعِلْمِ وَصُنُوفِهِ وَأَحْوَالُهُ مَشْهُورَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَأَمَّا مَرْوُ فَغَيْرُ مَصْرُوفَةٍ وَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ بِخُرَاسَانَ وَأُمَّهَاتُ مَدَائِنِ خُرَاسَانَ أَرْبَعٌ نَيْسَابُورُ وَمَرْوُ وَبَلْخُ وَهَرَاةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
( مقدمة / 90 )
م نْ أَرَادَ بِرَّ وَالِدَيْهِ فَلْيَتَصَدَّقْ عَنْهُمَا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ وَيَنْتَفِعُ بِهَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ البصرى الفقيه
الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْحَاوِي عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَلَامِ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَلْحَقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَوَابٌ فَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ قَطْعًا وَخَطَأٌ بَيِّنٌ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَلَا تَعْرِيجَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُهُمَا إِلَى الْمَيِّتِ إِلَّا إِذَا كَانَ الصَّوْمُ وَاجِبًا عَلَى الْمَيِّتِ فَقَضَاهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ مُحَقِّقِي مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ
أنه يصح
أَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَى الْمَيِّتِ وَذَهَبَ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ ثَوَابُ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي باب من مات وعليه نذر أن بن عُمَرَ أَمَرَ مَنْ مَاتَتْ أُمُّهَا وَعَلَيْهَا صَلَاةٌ أَنْ تُصَلِّيَ عَنْهَا وَحَكَى صَاحِبُ الْحَاوِي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُمَا قَالَا بِجَوَازِ الصَّلَاةِ عَنِ الْمَيِّتِ
........
حسن المطروشى الاثرى
2021-08-17, 10:23 PM
اليوم : الثلاثاء
الموافق : 8/ محرم /1443 هجري
الموافق : 17/اغسطس /2021
مقدمة الامام مسلم " للنووي رحمهم الله
(مقدمة / 105)
زَمَنُ طَاعُونِ الْجَارِفِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ اخْتِلَافًا شَدِيدًا مُتَبَايِنًا تَبَايُنًا بَعِيدًا فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ التَّمْهِيدِ قَالَ مَاتَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِي ُّ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي طاعون الجارف ونقل بن قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّ طَاعُونَ الجارف كان فى زمن بن الزُّبَيْرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ الْمَدَايِنِيُّ فِي كِتَابِ التَّعَازِي أَنَّ طَاعُونَ الْجَارِفِ كان فى زمن بن الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ فِي شَوَّالٍ وَكَذَا ذَكَرَ الْكَلَابَاذِيّ ُ فِي كِتَابِهِ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ مَعْنَى هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ وُلِدَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِي ُّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَفِي قَوْلِهِ إِنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ الْجَارِفِ بِسَنَةٍ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَانَ الْجَارِفُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَذَكَرَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ مَاتَ مُطَرِّفٌ بَعْدَ طَاعُونِ الْجَارِفِ وَكَانَ الْجَارِفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ
......
( مقدمة / 106)
كانت الطواعين كثيرة ذكر بن قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّ أَوَّلَ طَاعُونٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ طَاعُونُ عَمَوَاسَ بِالشَّامِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَامْرَأَتَاهُ وَابْنُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ الْجَارِفُ فِي زمن بن الزُّبَيْرِ ثُمَّ طَاعُونُ الْفَتَيَاتِ لِأَنَّهُ بَدَأَ فِي العذارى والجوازى بِالْبَصْرَةِ وَبِوَاسِطٍ وَبِالشَّامِ وَالْكُوفَةِ وَكَانَ الْحَجَّاجُ يَوْمَئِذٍ بِوَاسِطٍ فِي وِلَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ طَاعُونُ الْأَشْرَافِ يَعْنِي لِمَا مَاتَ فِيهِ مِنَ الْأَشْرَافِ ثُمَّ طَاعُونُ عَدِيِّ بْنِ أَرَطْأَةَ سَنَةَ مِائَةٍ ثُمَّ طَاعُونُ غُرَابٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَغُرَابٌ رَجُلٌ ثُمَّ طَاعُونُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي شَعْبَانَ وَشَهْرِ رَمَضَانَ وَأَقْلَعَ فِي شَوَّالٍ وَفِيهِ مَاتَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِي ُّ قَالَ وَلَمْ يَقَعْ بِالْمَدِينَةِ وَلَا بِمَكَّةَ طَاعُونٌ قَطُّ هَذَا ما حكاه بن قُتَيْبَةَ
........
( مقدمة / 107)
قالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَايِنِيُّ كَانَتِ الطَّوَاعِينُ الْمَشْهُورَةُ الْعِظَامُ فِي الْإِسْلَامِ خَمْسَةً طَاعُونُ شِيرَوَيْهِ بِالْمَدَائِنِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ ثُمَّ طَاعُونُ عَمَوَاسَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ بِالشَّامِ مَاتَ فِيهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا ثُمَّ طَاعُونُ الْجَارِفِ فِي زمن بن الزُّبَيْرِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ هَلَكَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا مَاتَ فِيهِ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ ابْنًا وَيُقَالُ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ ابْنًا وَمَاتَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَرْبَعُونَ ابْنًا ثُمَّ طَاعُونُ الْفَتَيَاتِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ ثُمَّ كَانَ طَاعُونٌ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي رَجَبٍ وَاشْتَدَّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَكَانَ يُحْصَى فِي سِكَّةِ الْمُرِيدِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَلْفُ جِنَازَةٍ أَيَّامًا ثُمَّ خَفَّ فِي شَوَّالٍ وَكَانَ بِالْكُوفَةِ طَاعُونٌ وَهُوَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ سَنَةَ خَمْسِينَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمَدَائِنِيُّ وَكَانَ طَاعُونُ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ كَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أو ثمانى عشرة
............
( مقدمة / 110)
قَوْلُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِي ِّ (إِنَّمَا نَفِرُّ أَوْ نَفْرَقُ مِنْ تِلْكَ الْغَرَائِبِ) مَعْنَاهُ إِنَّمَا نَهْرُبُ أَوْ نَخَافُ مِنْ هَذِهِ الْغَرَائِبِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ مَخَافَةً مِنْ كَوْنِهَا كَذِبًا فَنَقَعُ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن كَانَتْ أَحَادِيثَ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ فَحَذَرًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْبِدَعِ أَوْ فِي مُخَالَفَةِ الْجُمْهُورِ وَقَوْلُهُ نَفْرَقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ نَفِرُّ أَوْ نَفْرَقُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي فِي إِحْدَاهُمَا
..........
( مقدمة / 111)
لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ مَا قَالَهُ مُسْلِمٌ يَجْرِي الْكَذِبُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ صِنَاعَةَ هَذَا الْفَنِّ فَيُخْبِرُونَ بِكُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَفِيهِ الْكَذِبُ فَيَكُونُونَ كَاذِبِينَ فَإِنَّ الْكَذِبَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ سَهْوًا كَانَ الْإِخْبَارُ أَوْ عَمْدًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَكَانَ صَالِحٌ هَذَا مِنْ كِبَارِ الْعُبَّادِ الزُّهَّادِ الصَّالِحِينَ وَهُوَ صَالِحُ بْنُ بَشِيرٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ أَبُو بَشِيرٍ الْبَصْرِيُّ الْقَاضِي وَقِيلَ لَهُ الْمُرِّيُّ لِأَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مُرَّةَ أَعْتَقَتْهُ وَأَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ مُعْتَقَةٌ لِلْمَرْأَةِ الْمُرِّيَّةِ وَكَانَ صَالِحٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ
..........
( مقدمة / 112)
(إِنَّ حَمْزَةَ الزَّيَّاتَ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبَانٍ فَمَا عَرَفَ مِنْهُ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا وَمِثْلُهُ اسْتِئْنَاسٌ وَاسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ ضَعْفِ أَبَانٍ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَمْرِ الْمَنَامِ وَلَا أَنَّهُ تَبْطُلُ بِسَبَبِهِ سُنَّةٌ ثَبَتَتْ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ سُنَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَكَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ فَنَقَلُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَيَّرُ بِسَبَبِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ وَتَلْبِيسِ الشَّيْطَانِ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِهِ لِأَنَّ حَالَةَ النَّوْمِ لَيْسَتْ حَالَةَ ضَبْطٍ وَتَحْقِيقٍ لِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَشَهَادَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا لَا مغفلا ولا سىء الْحِفْظِ وَلَا كَثِيرَ الْخَطَأِ وَلَا مُخْتَلَّ الضَّبْطِ وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ هَذَا كُلُّهُ فِي مَنَامٍ يَتَعَلَّقُ بِإِثْبَاتِ حُكْمٍ عَلَى خِلَافِ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْوُلَاةُ أَمَّا إِذَا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُهُ بِفِعْلِ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَوْ يُرْشِدُهُ إِلَى فِعْلِ مَصْلَحَةٍ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ بَلْ تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
( مقدمة / 130)
خَبَرُ الْوَاحِدِ فَهُوَ مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ الْمُتَوَاتِرِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاوِي لَهُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِهِ فَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ حُجَّةٌ مِنْ حُجَجِ الشَّرْعِ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهَا وَيُفِيدُ الظَّنَّ وَلَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَأَنَّ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِهِ عَرَفْنَاهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ وَذَهَبَتِ الْقَدَرِيَّةُ وَالرَّافِضَةُ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى أنه لا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَنَعَ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ دَلِيلُ الْعَقْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَنَعَ دَلِيلُ الشَّرْعِ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ مِنْ جِهَةِ دليل العقل وقال الجبائى مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ لَا يَجِبُ الْعَمَلُ إِلَّا بِمَا رَوَاهُ اثْنَانِ عَنِ اثْنَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجِبُ الْعَمَلُ إِلَّا بِمَا رَوَاهُ أَرْبَعَةٌ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُوجِبُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ دُونَ الْبَاطِنِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ إِلَى أَنَّ الْآحَادَ الَّتِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَوْ صحيح مسلم
تُفِيدُ الْعِلْمَ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْآحَادِ وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا الْقَوْلَ وَإِبْطَالَهُ فِي الْفُصُولِ وَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ كُلُّهَا سِوَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ بَاطِلَةٌ وَإِبْطَالُ مَنْ قَالَ لَا حُجَّةَ فِيهِ ظَاهِرٌ فَلَمْ تَزَلْ كُتُبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآحَادُ رُسُلِهِ يُعْمَلُ بِهَا وَيُلْزِمُهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَمَلَ بِذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَمْ تَزَلِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى امْتِثَالِ خَبَرِ الْوَاحِدِ إِذَا أَخْبَرَهُمْ بِسُنَّةٍ وَقَضَائِهِمْ بِهِ وَرُجُوعِهِمْ إِلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا وَنَقْضِهِمْ بِهِ مَا حَكَمُوا بِهِ على خِلَافَهُ وَطَلَبِهِمْ خَبَرَ الْوَاحِدِ عِنْدَ عَدَمِ الْحُجَّةِ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ وَاحْتِجَاجِهِم ْ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ وَانْقِيَادِ الْمُخَالِفِ لِذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مَعْرُوفٌ لاشك فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَالْعَقْلُ لَا يُحِيلُ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَقَدْ جَاءَ الشَّرْعُ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ
حسن المطروشى الاثرى
2021-08-24, 02:13 PM
اليوم : الثلاثاء
الموافق : 15/ محرم / 1443 هجري
الموافق : 24/ اغسطس / 2021 ميلادي
" تابع / المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج للإمام النووي رحمه الله
............................
( ج1/ ص 144)
قال النووي رحمه الله :
اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَعُمُومِهِمَا وَخُصُوصِهِمَا وَأَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ أَمْ لَا وَأَنَّ الْأَعْمَالَ مِنَ الْإِيمَانِ أَمْ لَا وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْمُتَقَدِّمِي نَ وَالْمُتَأَخِّر ِينَ الْقَوْلَ
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ الْبُسْتِيُّ الْفَقِيهُ الْأَدِيبُ الشَّافِعِيُّ الْمُحَقِّقُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَعَالِمُ السُّنَنِ مَا أَكْثَرَ مَا يَغْلَطُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَمَّا الزُّهْرِيُّ فَقَالَ الْإِسْلَامُ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانُ الْعَمَلُ وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ يَعْنِي قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ)
لايمان فى قلوبكم وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ رَجُلَانِ مِنْ كُبَرَاءِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى قَوْلٍ مِنْ هَذَيْنِ وَرَدَّ الْآخَرُ مِنْهُمَا عَلَى الْمُتَقَدِّمِ وَصَنَّفَ عَلَيْهِ كِتَابًا يَبْلُغُ عَدَدُ أَوْرَاقِهِ الْمِئِينَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَيَّدَ الْكَلَامُ فِي هَذَا وَلَا يُطْلَقَ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ قَدْ يَكُونُ مُؤْمِنًا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا فِي بَعْضِهَا وَالْمُؤْمِنُ مُسْلِمٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا وَإِذَا حَمَلْتَ الْأَمْرَ عَلَى هَذَا اسْتَقَامَ لَكَ تَأْوِيلُ الْآيَاتِ وَاعْتَدَلَ الْقَوْلُ فِيهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ شَيْءٌ مِنْهَا وَأَصْلُ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقُ وَأَصْلُ الْإِسْلَامِ الِاسْتِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ فَقَدْ يَكُونُ الْمَرْءُ مُسْتَسْلِمًا فِي الظَّاهِرِ غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الْبَاطِنِ وَقَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِي الْبَاطِنِ غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الظَّاهِرِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ الْإِيمَانَ الشَّرْعِيَّ اسْمٌ لِمَعْنًى ذِي شُعَبٍ وَأَجْزَاءٍ لَهُ أَدْنَى وَأَعْلَى وَالِاسْمُ يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِهَا كَمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّهَا وَالْحَقِيقَةُ تَقْتَضِي جَمِيعَ شُعَبِهِ وَتَسْتَوْفِي جُمْلَةَ أَجْزَائِهِ كَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَهَا شُعَبٌ وَأَجْزَاءٌ وَالِاسْمُ يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِهَا وَالْحَقِيقَةُ تَقْتَضِي جَمِيعَ أَجْزَائِهَا وَتَسْتَوْفِيهَ ا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ شُعْبَةً مِنَ الْإِيمَانِ
ي حَدِيثِ سُؤَالِ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَجَوَابِهِ قَالَ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ اسْمًا لِمَا ظَهَرَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَجَعَلَ الْإِيمَانَ اسْمًا لِمَا بَطَنَ مِنَ الِاعْتِقَادِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقَ بِالْقَلْبِ لَيْسَ مِنَ الْإِسْلَامِ بَلْ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ لِجُمْلَةٍ هِيَ كُلُّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَجِمَاعُهَا الدِّينُ وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ وَالتَّصْدِيقُ وَالْعَمَلُ يَتَنَاوَلُهُمَ ا اسْمُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ جَمِيعًا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دينا وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ منه فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ الدِّينَ الَّذِي رَضِيَهُ وَيَقْبَلُهُ مِنْ عِبَادِهِ هُوَ الْإِسْلَامُ وَلَا يَكُونُ الدِّينُ فِي مَحَلِّ الْقَبُولِ وَالرِّضَا إِلَّا بِانْضِمَامِ التَّصْدِيقِ إِلَى الْعَمَلِ هَذَا كَلَامُ الْبَغَوِيِّ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ التَّمِيمِيُّ الْأَصْبَهَانِي ُّ الشَّافِعِيُّ رحمه
للَّهُ فِي كِتَابِهِ التَّحْرِيرُ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ الْإِيمَانُ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّصْدِيقُ فَإِنْ عَنَى بِهِ ذَلِكَ فَلَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ لَيْسَ شَيْئًا يَتَجَزَّأُ حَتَّى يُتَصَوَّرَ كَمَالُهُ مَرَّةً وَنَقْصُهُ أُخْرَى وَالْإِيمَانُ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَالْعَمَلُ بِالْأَرْكَانِ وَإِذَا فُسِّرَ بِهَذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهِ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ قَالَ فَالْخِلَافُ فِي هَذَا عَلَى التَّحْقِيقِ إِنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمُصَدِّقَ بِقَلْبِهِ اذا لم يجمع إلى تصديقه العمل بمواجب الْإِيمَانَ هَلْ يُسَمَّى مُؤْمِنًا مُطْلَقًا أَمْ لَا وَالْمُخْتَارُ عِنْدنَا أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِمُوجِبِ الْإِيمَانِ فَيَسْتَحِقَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ هَذَا آخِرُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَلَفِ بْنِ بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ الْمَغْرِبِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مَذْهَبُ جَمَاعَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهَا أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَالْحُجَّةُ عَلَى زِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ مَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ مِنَ الْآيَاتِ يَعْنِي قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مع ايمانهم وقوله تعالى وزدناهم هدى وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى
.............
( ج1/ 148)
أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ يَجْتَمِعَانِ وَيَفْتَرِقَانِ وَأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا قَالَ وَهَذَا تَحْقِيقٌ وَافِرٌ بِالتَّوْفِيقِ بَيْنَ مُتَفَرِّقَاتِ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ الَّتِي طَالَمَا غَلِطَ فِيهَا الْخَائِضُونَ وَمَا حَقَّقْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَذَاهِبِ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ فَهِيَ مُتَظَاهِرَةٌ مُتَطَابِقَةٌ عَلَى كَوْنِ الْإِيمَانِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَهَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ وَالْمُحَدِّثِي نَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَأَنْكَرَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِي نَ زِيَادَتَهُ وَنُقْصَانَهُ وَقَالُوا مَتَى قَبِلَ الزِّيَادَةَ كَانَ شَكًّا وَكُفْرًا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَكَلِّمِي نَ نَفْسُ التَّصْدِيقِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَالْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِزِيَادَةِ ثَمَرَاتِهِ وَهِيَ الْأَعْمَالُ وَنُقْصَانِهَا قَالُوا وَفِي هَذَا تَوْفِيقٌ بَيْنَ ظَوَاهِرِ النُّصُوصِ الَّتِي جَاءَتْ بِالزِّيَادَةِ وَأَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَبَيْنَ أَصْلِ وَضْعِهِ فِي اللُّغَةِ وَمَا عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُو نَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا حَسَنًا فَالْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ نَفْسَ التَّصْدِيقِ يَزِيدُ بِكَثْرَةِ النَّظَرِ وَتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ وَلِهَذَا يَكُونُ إِيمَانُ الصِّدِّيقِينَ أَقْوَى مِنْ إِيمَانِ غَيْرِهِمْ بِحَيْثُ لَا تَعْتَرِيهِمُ الشُّبَهُ وَلَا يَتَزَلْزَلُ إِيمَانُهُمْ بِعَارِضٍ بَلْ لَا تَزَالُ قُلُوبُهُمْ مُنْشَرِحَةً نَيِّرَةً وَإِنِ اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِمُ
,,,,,,,,,,,,,,,,
(ج1/ 150)
اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ وَلَا يُكَفَّرُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ مَا يُعْلَمُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ضَرُورَةً حُكِمَ بِرِدَّتِهِ وَكُفْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعَرَّفُ ذَلِكَ فَإِنِ اسْتَمَرَّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ وَكَذَا حُكْمُ مَنِ استحل الزنى أَوِ الْخَمْرَ أَوِ الْقَتْلَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي يُعْلَمُ تَحْرِيمُهَا ضَرُورَةً فَهَذِهِ جُمَلٌ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَة ِ بِالْإِيمَانِ قَدَّمْتُهَا فِي صَدْرِ الْكِتَابِ تَمْهِيدًا لِكَوْنِهَا مِمَّا يَكْثُرُ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ وَلِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهَا وَتَرْدَادِهَا فِي الْأَحَادِيثِ
................
(ج1/ ص 152)
اعْلَمْ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ سَلَكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ طَرِيقَةً فِي الْإِتْقَانِ وَالِاحْتِيَاطِ وَالتَّدْقِيقِ وَالتَّحْقِيقِ مَعَ الِاخْتِصَارِ الْبَلِيغِ وَالْإِيجَازِ التَّامِّ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ مُصَرِّحَةً بِغَزَارَةِ عُلُومِهِ وَدِقَّةِ نَظَرِهِ وَحِذْقِهِ وَذَلِكَ يَظْهَرُ فِي الْإِسْنَادِ تَارَةً وَفِي الْمَتْنِ تَارَةً وَفِيهِمَا تَارَةً فَيَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ فِي كِتَابِهِ أَنْ يَتَنَبَّهَ لِمَا ذَكَرْتُهُ فَإِنَّهُ يَجِدُ عَجَائِبَ مِنَ النَّفَائِسِ وَالدَّقَائِقِ تَقَرُّ بِآحَادِ أَفْرَادِهَا عَيْنُهُ وَيَنْشَرِحُ لَهَا صَدْرُهُ وَتُنَشِّطُهُ لِلِاشْتِغَالِ بِهَذَا الْعِلْمِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَحَدٌ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي هَذِهِ النَّفَائِسِ الَّتِي يُشِيرُ إِلَيْهَا مِنْ دَقَائِقِ عِلْمِ الْإِسْنَادِ وَكِتَابُ الْبُخَارِيِّ وَإِنْ كَانَ أَصَحَّ وَأَجَلَّ وَأَكْثَرَ فَوَائِدَ فِي الْأَحْكَامِ وَالْمَعَانِي فَكِتَابُ مُسْلِمٍ يَمْتَازُ بِزَوَائِدَ مِنْ صَنْعَةِ الْإِسْنَادِ وَسَتَرَى مِمَّا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُكَ وَيَزْدَادُ بِهِ الْكِتَابُ وَمُصَنِّفُهُ فِي قَلْبِكَ جَلَالَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَ
..............
(ج1/ ص 157)
اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ إِثْبَاتُ الْقَدَرِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَّرَ الْأَشْيَاءَ فِي الْقِدَمِ وَعَلِمَ سُبْحَانَهُ أَنَّهَا سَتَقَعُ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى صِفَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَهِيَ تَقَعُ عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّرَهَا سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى وَأَنْكَرَتِ الْقَدَرِيَّةُ هَذَا وَزَعَمَتْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يُقَدِّرْهَا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا وَأَنَّهَا مُسْتَأْنَفَةُ الْعِلْمِ أَيْ إِنَّمَا يَعْلَمُهَا سُبْحَانَهُ بَعْدَ وُقُوعِهَا وَكَذَبُوا عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَجَلَّ عَنْ أَقْوَالِهِمُ الْبَاطِلَةَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ قَدَرِيَّةً لِإِنْكَارِهِمُ الْقَدَرَ قَالَ أَصْحَابُ الْمَقَالَاتِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَقَدِ انْقَرَضَتِ الْقَدَرِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ الشَّنِيعِ الْبَاطِلِ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ عَلَيْهِ وَصَارَتِ الْقَدَرِيَّةُ فِي الْأَزْمَانِ الْمُتَأَخِّرَة ِ تَعْتَقِدُ إِثْبَاتَ الْقَدَرِ وَلَكِنْ يَقُولُونَ الْخَيْرُ مِنَ اللَّهِ وَالشَّرُّ مِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ وَقَدْ حَكَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ غَرِيبُ الْحَدِيثِ وَأَبُو الْمَعَالِي إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ الْإِرْشَادُ فِي أُصُولِ الدِّينِ أَنَّ بَعْضَ الْقَدَرِيَّةِ قَالَ لَسْنَا بِقَدَرِيَّةٍ بَلْ أَنْتُمُ الْقَدَرِيَّةَ لِاعْتِقَادِكُم ْ إِثْبَاتَ القدر قال بن قُتَيْبَةَ وَالْإِمَامُ هَذَا تَمْوِيهٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةِ ومباهتة وتواقح فان أهل الحق يفوضون أمورهم إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُضِيفُونَ الْقَدَرَ وَالْأَفْعَالَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ يُضِيفُونَهُ إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَمُدَّعِي الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ وَمُضِيفُهُ إِلَيْهَا أَوْلَى بِأَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ مِمَّنْ يَعْتَقِدُهُ لِغَيْرِهِ وَيَنْفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ شَبَّهَهُمْ بِهِمْ لِتَقْسِيمِهِمُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ فِي حُكْمِ الْإِرَادَةِ كَمَا قَسَّمَتِ الْمَجُوسُ فَصَرَفَتِ الْخَيْرَ إِلَى يَزْدَانَ وَالشَّرَّ إِلَى أَهْرَمْنَ وَلَا خَفَاءَ بِاخْتِصَاصِ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْقَدَرِيَّة ِ هَذَا كلام الامام وبن قُتَيْبَةَ وَحَدِيثُ الْقَدَرِيَّةِ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ رَوَاهُ أبو حازم عن بن عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إِنْ صَحَّ سماع أبى حازم من بن عُمَرَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا جَعَلَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ مَذْهَبِهِمْ مَذْهَبَ الْمَجُوسَ فِي قَوْلِهِمْ بِالْأَصْلَيْنِ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخَيْرَ مِنْ فِعْلِ النُّورِ وَالشَّرَّ مِنْ فِعْلِ الظُّلْمَةِ فَصَارُوا ثَنَوِيَّةً وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ يُضِيفُونَ الْخَيْرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّرَّ إِلَى غَيْرِهِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ جَمِيعًا لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُمَا إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ فَهُمَا مُضَافَانِ إِلَيْهِ
,,,,,,,,,,,,,,,
(1/ 155)
أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ مِنَ التَّصْنِيفِ فِيهِ وَمِنْ أَحْسَنِ الْمُصَنَّفَاتِ فِيهِ وَأَكْثَرِهَا فَوَائِدَ كِتَابُ الْحَافِظِ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ قَرَّرَ أَئِمَّتُنَا مِنَ الْمُتَكَلِّمِي نَ ذَلِكَ أَحْسَنَ تَقْرِيرٍ بِدَلَائِلِهِمُ الْقَطْعِيَّةِ السَّمْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّة ِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
................
(1/170)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِصِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَئِمَّةُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ الْعَوَامَّ الْمُقَلِّدِينَ مُؤْمِنُونَ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى مِنْهُمْ بِمُجَرَّدِ اعْتِقَادِ الْحَقِّ جَزْمًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَتَزَلْزُلٍ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ
............
(1/182)
لْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حُرُمٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى بَعْدَ هَذِهِ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ وَالْأَشْهُرُ الْحُرُمُ هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ هِيَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الْفُنُونِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَدَبِ الْمُسْتَحْسَنِ فِي كَيْفِيَّةِ عَدِّهَا عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي كِتَابِهِ صِنَاعَةُ الْكُتَّابِ قَالَ ذَهَبَ الْكُوفِيّونَ إِلَى أَنَّهُ يُقَالُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ قَالَ وَالْكُتَّابُ يَمِيلُونَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ لِيَأْتُوا
بِهِنَّ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وقوم ينكرون هذا ويقولون جاؤوا بِهِنَّ مِنْ سَنَتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ وَجَهْلٌ بِاللُّغَةِ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ الْمُرَادُ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ ذِكْرُهَا وَأَنَّهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا مِنْ سَنَتَيْنِ قَالَ وَالْأَوْلَى وَالِاخْتِيَارُ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ تَظَاهَرَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالُوا مِنْ رِوَايَةِ بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ وَهَذَا أَيْضًا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ قَالَ النَّحَّاسُ وَأُدْخِلَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْمُحَرَّمِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ قَالَ وَجَاءَ مِنَ الشُّهُورِ ثَلَاثَةُ مُضَافَاتٍ شَهْرُ رَمَضَانَ وَشَهْرَا رَبِيعٍ يَعْنِي وَالْبَاقِي غَيْرُ مُضَافَاتٍ وَسُمِّيَ الشَّهْرُ شَهْرًا لِشُهْرَتِهِ وَظُهُورِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(1/190)
أَمَّا أَبُو عَرُوبَةَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَاسْمُهُ مِهْرَانَ وَهَكَذَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ عروبة بغير ألف ولام وقال بن قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ أَدَبُ الْكَاتِبِ فِي بَابِ ما تغير من أسماء الناس هو بن أَبِي الْعَرُوبَةَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُمْ عروبة لحن وذكره بن قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ الْمَعَارِفُ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ يُكْنَى أَبَا النضر لاعقب لَهُ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَمَسَّ امْرَأَةً قَطُّ وَاخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنِ اخْتِلَاطِهِ كَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَاخْتِلَاطُهُ مَشْهُورٌ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَخَلَّطَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ بَعْدَ هَزِيمَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ يَعْنِي وَمِائَةٍ
............
(1/200)
قال الخطابي رحمه الله :
أَنَّ أَهْلَ الرِّدَّةِ كَانُوا صِنْفَيْنِ صِنْفٌ ارْتَدُّوا عَنِ الدِّينِ وَنَابَذُوا الْمِلَّةَ وَعَادُوا إِلَى الْكُفْرِ وَهُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْلِهِ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ طَائِفَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَصْحَابُ مُسَيْلِمَةَ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمُ الَّذِينَ صَدَّقُوهُ عَلَى دَعْوَاهُ فِي النُّبُوَّةِ وَأَصْحَابُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ وَمَنْ كَانَ مِنْ مُسْتَجِيبِيهِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِمْ وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ بِأَسْرِهَا مُنْكِرَةٌ لِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّعِيَةٌ النُّبُوَّةَ لِغَيْرِهِ فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَتَلَ اللَّهُ مُسَيْلِمَةَ بِالْيَمَامَةِ وَالْعَنْسِيَّ بِصَنْعَاءَ وَانْفَضَّتْ جُمُوعُهُمْ وَهَلَكَ أَكْثَرُهُمْ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى ارْتَدُّوا عَنِ الدِّينِ وَأَنْكَرُوا الشَّرَائِعَ وَتَرَكُوا الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَغَيْرَهَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَكُنْ يُسْجَدُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي بَسِيطِ الْأَرْضِ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَمَسْجِدِ عَبْدِ الْقَيْسِ فِي الْبَحْرَيْنِ فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جُوَاثَا فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الْأَعْوَرُ الشَّنِّيُّ يَفْتَخِرُ بِذَلِكَ ... وَالْمَسْجِدُ الثَّالِثُ الشَّرْقِيُّ كَانَ لَنَا ... وَالْمِنْبَرَان ِ وَفَصْلُ الْقَوْلِ في الخطب ... أيام لامنبر لِلنَّاسِ نَعْرِفُهُ ... إِلَّا بِطَيْبَةَ وَالْمَحْجُوبِ ذِي الْحُجُبِ .
وَالصِّنْفُ الْآخَرُ هُمُ الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَأَقَرُّوا بِالصَّلَاةِ وَأَنْكَرُوا فَرْضَ الزَّكَاةِ وَوُجُوبَ أَدَائِهَا إِلَى الْإِمَامِ وَهَؤُلَاءِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَهْلُ بَغْيٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُدْعَوْا بِهَذَا الِاسْمِ فِي ذلك
لزَّمَانِ خُصُوصًا لِدُخُولِهِمْ فِي غِمَارِ أَهْلِ الرِّدَّةِ فَأُضِيفَ الِاسْمُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى الرِّدَّةِ إِذْ كَانَتْ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَأَهَمَّهُمَا وَأُرِّخَ قِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ فِي زَمَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ فِي زَمَانِهِ لَمْ يَخْتَلِطُوا بِأَهْلِ الشِّرْكِ وَقَدْ كَانَ فِي ضِمْنِ هَؤُلَاءِ الْمَانِعِينَ لِلزَّكَاةِ مَنْ كَانَ يَسْمَحُ بِالزَّكَاةِ وَلَا يَمْنَعُهَا إِلَّا أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ صَدُّوهُمْ عَنْ ذَلِكَ الرَّأْيِ وَقَبَضُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي ذَلِكَ كَبَنِي يَرْبُوعٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ جَمَعُوا صَدَقَاتِهِمْ وَأَرَادُوا أَنْ يَبْعَثُوا بِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَنَعَهُمْ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ مِنْ ذَلِكَ وَفَرَّقَهَا فِيهِمْ وَفِي أَمْرِ هَؤُلَاءِ عَرَضَ الْخِلَافُ وَوَقَعَتِ الشُّبْهَةُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَاجَعَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَنَاظَرَهُ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَكَانَ هَذَا مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَعَلُّقًا بِظَاهِرِ الْكَلَامِ قَبْلَ أَنْ يَنْظُرَ فِي آخِرِهِ وَيَتَأَمَّلَ شَرَائِطَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ يُرِيدُ أَنَّ الْقَضِيَّةَ قَدْ تَضَمَّنَتْ عِصْمَةَ دَمٍ وَمَالٍ مُعَلَّقَةً بِإِيفَاءِ شَرَائِطِهَا وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطَيْنِ لَا يَحْصُلُ بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ مَعْدُومٌ ثُمَّ قَايَسَهُ بِالصَّلَاةِ وَرَدَّ الزَّكَاةَ إِلَيْهَا وَكَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِتَالَ الْمُمْتَنِعِ مِنَ الصَّلَاةِ كَانَ إِجْمَاعًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَكَذَلِكَ رَدَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ إِلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَاجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الِاحْتِجَاجُ مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْعُمُومِ وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقِيَاسِ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ يُخَصُّ بِالْقِيَاسِ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ الْخِطَابُ الْوَارِدُ فِي الْحُكْمِ الْوَاحِدِ مِنْ شَرْطٍ وَاسْتِثْنَاءٍ مُرَاعًى فِيهِ وَمُعْتَبَرٌ صِحَّتُهُ
...............
(1/203)
نَّ أَهْلَ الرِّدَّةِ كَانُوا أَصْنَافًا مِنْهُمْ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْمِلَّةِ وَدَعَا إِلَى نُبُوَّةِ مُسَيْلِمَةَ وَغَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَأَنْكَرَ الشَّرَائِعَ كُلَّهَا وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ الصَّحَابَةُ كُفَّارًا وَلِذَلِكَ رَأَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْيَ ذَرَارِيِّهِمْ وَسَاعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ وَاسْتَوْلَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَارِيَةً مِنْ سبى بنى حنيفة فولدت له محمد الذى يدعى بن الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ لَمْ يَنْقَضِ عَصْرُ الصَّحَابَةِ حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُسْبَى فَأَمَّا مَانِعُو الزَّكَاةِ مِنْهُمُ الْمُقِيمُونَ عَلَى أَصْلِ الدِّينِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ بَغْيٍ وَلَمْ يُسَمَّوْا عَلَى الِانْفِرَادِ مِنْهُمْ كُفَّارًا وَإِنْ كَانَتِ الرِّدَّةُ قَدْ أُضِيفَتْ إِلَيْهِمْ لِمُشَارَكَتِهِ مُ الْمُرْتَدِّينَ فِي مَنْعِ بَعْضِ مَا مَنَعُوهُ مِنْ حُقُوقِ الدِّينِ وَذَلِكَ أَنَّ الرِّدَّةَ اسْمٌ لُغَوِيٌّ وَكُلُّ مَنِ انْصَرَفَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهِ فَقَدِ ارْتَدَّ عَنْهُ
...........
(1/205)
ذَا أَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي زَمَانِنَا فَرْضَ الزَّكَاةِ وَامْتَنَعُوا مِنْ أَدَائِهَا يَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ أَهْلِ الْبَغْيِ قُلْنَا لَا فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَ فَرْضَ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ كَانَ كَافِرًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَأُولَئِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا عُذِرُوا لِأَسْبَابٍ وَأُمُورٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْهَا قُرْبُ الْعَهْدِ بِزَمَانِ الشَّرِيعَةِ الَّذِي كَانَ يَقَعُ فِيهِ تَبْدِيلُ الْأَحْكَامِ بِالنَّسْخِ وَمِنْهَا أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا جُهَّالًا بِأُمُورِ الدِّينِ وَكَانَ عَهْدُهُمْ بِالْإِسْلَامِ قَرِيبًا فَدَخَلَتْهُمُ الشُّبْهَةُ فَعُذِرُوا فَأَمَّا الْيَوْمَ وَقَدْ شَاعَ دِينُ الْإِسْلَامِ وَاسْتَفَاضَ فِي الْمُسْلِمِينَ عِلْمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ حَتَّى عَرَفَهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَاشْتَرَكَ فِيهِ الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ فَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِتَأْوِيلٍ يَتَأَوَّلُهُ فِي إِنْكَارِهَا وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِمَّا أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إِذَا كَانَ عِلْمُهُ مُنْتَشِرًا كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَوْمِ شَهْرِ رمضان والاغتسال من الجنابة وتحريم الزنى وَالْخَمْرِ وَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَا يَعْرِفُ حُدُودَهُ فَإِنَّهُ إِذَا أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْهَا جَهْلًا بِهِ لَمْ يَكْفُرْ وَكَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ أُولَئِكَ الْقَوْمِ فِي بَقَاءِ اسْمِ الدِّينِ عَلَيْهِ فَأَمَّا مَا كَانَ الْإِجْمَاعُ فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ طَرِيقِ عِلْمِ الْخَاصَّةِ كَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَأَنَّ الْقَاتِلَ عَمْدًا لَا يَرِثُ وَأَنَّ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَهَا لَا يَكْفُرُ بَلْ يُعْذَرُ فِيهَا لِعَدَمِ اسْتِفَاضَةِ عِلْمِهَا فِي الْعَامَّةِ
حسن المطروشى الاثرى
2021-08-28, 02:57 PM
اليوم : السبت
الموافق : 19 / محرم / 1443 هجري
الموافق : 28/ اغسطس / 2021 ميلادي
تكملة " لفوائد شرح النووي على صحيح مسلم "
(1/207)
(وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ) هَكَذَا فِي مُسْلِمٍ عِقَالًا وَكَذَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْضِهَا عَنَاقًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَرَّرَ الْكَلَامَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ فِي مَرَّةٍ عِقَالًا وَفِي الْأُخْرَى عَنَاقًا فَرُوِيَ عَنْهُ اللَّفْظَانِ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْعَنَاقِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ صغارا كلها بأن ماتت أماتها فى بعض الحول فاذا حال حول الأمات زكى السخال الصغار بحول الأمات سواء بقى من الأمات شيء
رِوَايَةُ عِقَالًا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِيهَا فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ زَكَاةُ عَامٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ بِذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ النَّسَائِيِّ وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالْمُبَرِّدِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْعِقَالَ يُطْلَقُ عَلَى زَكَاةِ الْعَامِ
.........
(1/230)
قَوْلُهُ (مَا مِنْ حَدِيثٍ لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا وَقَدْ حَدَّثْتُكُمُوه ُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَتَمَ مَا خَشِيَ الضَّرَرَ فِيهِ وَالْفِتْنَةَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُهُ عَقْلُ كُلِّ وَاحِدٍ وَذَلِكَ فِيمَا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ وَلَا فِيهِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ قَالَ وَمِثْلُ هَذَا عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَثِيرٌ فِي تَرْكِ الْحَدِيثِ بِمَا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ وَلَا تَدْعُو إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ أَوْ لَا تَحْمِلُهُ عُقُولُ الْعَامَّةِ أَوْ خُشِيَتْ مَضَرَّتُهُ عَلَى قَائِلِهِ أَوْ سَامِعِهِ لَا سِيَّمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَخْبَارِ الْمُنَافِقِينَ وَالْإِمَارَةِ وَتَعْيِينِ قَوْمٍ وُصِفُوا بِأَوْصَافٍ غَيْرِ مُسْتَحْسَنَةٍ وَذَمِّ آخَرِينَ وَلَعْنِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
............
(1/231)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ الله أنكر بن قُتَيْبَةَ فَتْحَ الْخَاءِ وَقَالَ ثَابِتٌ مُؤَخَّرَةُ الرَّحْلِ وَمُقَدَّمَتُهُ بِفَتْحِهِمَا وَيُقَالُ آخِرَةُ الرَّحْلِ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَهَذِهِ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَقَدْ جَمَعَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِيهَا سِتَّ لُغَاتٍ فَقَالَ فِي قَادِمَتَيِ الرَّحْلِ سِتُّ لُغَاتٍ مُقْدِمٌ وَمُقْدِمَةٌ بِكَسْرِ الدَّالِ مُخَفَّفَةٌ وَمُقَدَّمٌ وَمُقَدَّمَةٌ بِفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً وَقَادِمٌ وَقَادِمَةٌ قَالَ وَكَذَلِكَ هَذِهِ اللُّغَاتُ كُلُّهَا فِي آخِرَةِ الرَّحْلِ وَهِيَ الْعُودُ الَّذِي يَكُونُ خَلْفِ الرَّاكِبِ
.........
(1/237)
(فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ) مَعْنَاهُ أَخْبِرْهُمْ أَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِلَّا فَأَبُو هُرَيْرَةَ لَا يَعْلَمُ اسْتِيقَانَ قُلُوبِهِمْ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اعْتِقَادُ التَّوْحِيدِ دُونَ النُّطْقِ وَلَا النُّطْقَ دُونَ الِاعْتِقَادِ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا
............
(1/238)
قَوْلُهُ (فَضَرَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَخَرَرْتُ لِاسْتِي فَقَالَ ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ)
وَاخْتَلَفُوا فِي اخْتِصَاصِهِ بِالْمَرْأَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً فَيَكُونُ إِطْلَاقُهُ فِي الرَّجُلِ مَجَازًا وَاسْتِعَارَةً وَقَدْ كَثُرَ إِطْلَاقُهُ فِي الْأَحَادِيثِ لِلرَّجُلِ
قَوْلُهُ لِاسْتِي فَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الدُّبُرِ وَالْمُسْتَحَبّ ُ فِي مِثْلِ هَذَا الْكِنَايَةُ عَنْ قَبِيحِ الْأَسْمَاءِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَجَازِ وَالْأَلْفَاظِ الَّتِي تُحَصِّلُ الْغَرَضَ وَلَا يَكُونُ فِي صُورَتِهَا مَا يُسْتَحْيَا مِنَ التَّصْرِيحِ بِحَقِيقَةِ لَفْظِهِ وَبِهَذَا الْأَدَبِ جَاءَ الْقُرْآنُ
وَالسُّنَنُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُن َّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ من الغائط فاعتزلوا النساء فى المحيض وَقَدْ يَسْتَعْمِلُونَ صَرِيحَ الِاسْمِ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ وَهِيَ إِزَالَةُ اللَّبْسِ أَوِ الِاشْتِرَاكُ أَوْ نَفْيِ الْمَجَازِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي وَكَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِكْتَهَا وَكَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ وَكَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَدَثُ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَاسْتِعْمَالُ أَبِي هُرَيْرَةَ هُنَا لَفْظُ الِاسْتِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
(1/239)
نَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَلَ الْحَائِطَ وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَهَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِدُخُولِ الْأَرْضِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِأَدَوَاتِهِ وَأَكْلِ طَعَامِهِ وَالْحَمْلِ مِنْ طَعَامِهِ إِلَى بَيْتِهِ وَرُكُوبِ دَابَّتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفِ الَّذِي يُعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِهِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ الطَّعَامَ وَأَشْبَاهَهُ إِلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَأَشْبَاهِهِمَ ا وَفِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ فِي حَقِّ مَنْ يَقْطَعُ بِطِيبِ قَلْبِ صَاحِبهِ بِذَلِكَ نَظَرٌ وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ فِي الدَّرَاهِمِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي يُشَكُّ أَوْ قَدْ يُشَكُّ فِي رِضَاهُ بِهَا فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَشَكَّكَ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا فِيمَا تَشَكَّكَ فِي رِضَاهُ بِهِ ثُمَّ دَلِيلُ الْجَوَازِ فِي الْبَابِ
من الكتاب والسنة
الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَفِعْلُ وَقَوْلُ أَعْيَانِ الْأُمَّةِ فَالْكِتَابُ قَوْلُهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أو بيوت آبائكم إِلَى قَوْلُهُ تَعَالَى أَوْ صَدِيقِكُمْ وَالسُّنَّةُ هَذَا الْحَدِيثُ وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِنَحْوِهِ وَأَفْعَالُ السَّلَفِ وَأَقْوَالُهُمْ فِي هَذَا أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
........
(1/240)
جَوَازُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْآخَرِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُ السَّلَفِ وَقَالَ لَا يُفْدَى بِمُسْلِمٍ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُفَدَّى بِهِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا
............
(1/242)
انَ الِاجْتِهَادُ جَائِزًا لَهُ وَوَاقِعًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَلَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى سَائِرِ الْمُجْتَهِدِين َ بِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الْخَطَأِ فِي اجْتِهَادِهِ وَمَنْ نَفَى ذَلِكَ وَقَالَ لَا يَجُوزُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَوْلُ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ إِلَّا عَنْ وَحْيٍ فَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مُخَاطَبَتِهِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحْيٌ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ نَاسِخٌ لِوَحْيٍ سَبَقَ بِمَا قَالَهُ أَوَّلًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَهِيَ اجْتِهَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا تَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ فَأَمَّا أُمُورُ الدُّنْيَا فَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى جَوَازِ اجْتِهَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَوُقُوعُهُ مِنْهُ وَأَمَّا أَحْكَامُ الدِّينِ فَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ لِغَيْرِهِ فَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى وَقَالَ جَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْيَقِينِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ يَجُوزُ فِي الْحُرُوبِ دُونَ غَيْرِهَا وَتَوَقَّفَ فِي كُلِّ ذَلِكَ آخَرُونَ ثُمَّ الْجُمْهُورُ الَّذِينَ جَوَّزُوهُ اخْتَلَفُوا فِي وُقُوعِهِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْهُمْ وُجِدَ ذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ لَمْ يُوجَدْ وَتَوَقَّفَ آخَرُونَ ثُمَّ الْأَكْثَرُونَ الَّذِينَ قَالُوا بِالْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ اخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ الْخَطَأُ جَائِزًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إِلَى جَوَازِهِ وَلَكِنْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ اسْتِقْصَاءِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
(1/243)
قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ فروخ اسم بن لِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَبُو الْعَجَمِ وَكَذَا نَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ أن فروخ بن لِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ أَبُو الْعَجَمِ
..........
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
انتهى المجلد الأول من
" شرح النووي على صحيح مسلم "
ويليه المجلد الثاني
وفيه "(بَاب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَام ِ دِينًا
حسن المطروشى الاثرى
2021-09-01, 11:14 PM
اليوم : الأربعاء
الموافق : 23/ محرم / 1443 هجري
الموافق : 1/ سبتمبر / 2021 ميلادي
" تكملة لانتقاء الفوائد لشرح صحيح مسلم " للإمام النووي رحمه الله
" الجزء الثاني "
.....
الجزء الثاني
(2/ص 3 )
ي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ كَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلٍ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ عَلَى الشَّكِّ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ مِنْ رِوَايَةِ الْعَقَدِيِّ بضع وستون بلا شك ورواه أبوداود وَالتِّرْمِذِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلٍ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بِلَا شَكٍّ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَقَالَ فِيهِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ بَابًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّاجِحَةِ مِنَ الرِّوَايَتَيْن ِ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ وَلِسَائِرِ الرُّوَاةِ بِضْعٌ وَسِتُّونَ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الشَّكُّ الْوَاقِعُ فِي رِوَايَةِ سُهَيْلٍ هُوَ مِنْ سُهَيْلٍ كَذَا قَالَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُهَيْلٍ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَأَمَّا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ أَخْرَجَاهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيْرَ أَنَّهَا فِيمَا عِنْدنَا مِنْ كِتَابِ مُسْلِمٍ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ وَفِيمَا عِنْدنَا من كتاب)
.............
(2/ ص 5)
الَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ بِكَسْرِ الْحَاءِ تَتَبَّعْتُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُدَّةً وَعَدَدْتُ الطَّاعَاتِ فَإِذَا هِيَ تَزِيدُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ شَيْئًا كَثِيرًا فَرَجَعَتُ إِلَى السُّنَنِ فَعَدَدْتُ كُلَّ طَاعَةٍ عَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْإِيمَانِ فَإِذَا هِيَ تنقص
عَنِ الْبِضْعِ وَالسَّبْعِينَ فَرَجَعَتْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَرَأَتْهُ بِالتَّدَبُّرِ وَعَدَدْتُ كُلَّ طَاعَةٍ عَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْإِيمَانِ فَإِذَا هِيَ تَنْقُصُ عَنِ الْبِضْعِ وَالسَّبْعِينَ فَضَمَمْتُ الْكِتَابَ إِلَى السُّنَنِ وَأَسْقَطَتِ الْمُعَادَ فَإِذَا كُلُّ شَيْءٍ عَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَنَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْإِيمَانِ تِسْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا وَلَا تَنْقُصُ فَعَلِمْتُ أَنَّ مُرَادَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَنِ وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ وَصْفِ الْإِيمَانِ وَشُعَبِهِ وَذَكَرَ أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً أَيْضًا صَحِيحَةٌ فَإِنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَذْكُرُ لِلشَّيْءِ عَدَدًا وَلَا تُرِيدُ نَفْيَ مَا سِوَاهُ وَلَهُ نَظَائِرُ أَوْرَدَهَا فِي كِتَابِهِ مِنْهَا فِي أَحَادِيثِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
,,,,,,,,,
(2/ ص 5)
وَرُوِّينَا فِي رِسَالَةِ الْإِمَامِ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ عَنِ السَّيِّدِ الْجَلِيلِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْحَيَاءُ رُؤْيَةُ الْآلَاءِ أَيِ النِّعَمِ وَرُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى الْحَيَاءُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الشُّرَّاحِ إِنَّمَا جُعِلَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ غَرِيزَةً لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَخَلُّقًا وَاكْتِسَابًا كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَقَدْ يَكُونُ غَرِيزَةً وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى قَانُونِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابٍ وَنِيَّةٍ وَعِلْمٍ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ بِهَذَا وَلِكَوْنِهِ بَاعِثًا عَلَى أَفْعَالِ الْبِرِّ وَمَانِعًا مِنَ الْمَعَاصِ
...........
(2/6)
فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ أَيْ دَعْهُ عَلَى فِعْلِ الْحَيَاءِ وَكُفَّ عَنْ نَهْيِهِ وَوَقَعَتْ لَفْظَةُ دَعْهُ فِي الْبُخَارِيِّ وَلَمْ تَقَعْ فِي مُسْلِمٍ
........
(2/9 )
قال النووي رحمه الله
في حديث " قل آمنت بالله ثم استقم "
قالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثم استقاموا أَيْ وَحَّدُوا اللَّهَ وَآمَنُوا بِهِ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَمْ يَحِيدُوا عَنِ التَّوْحِيدِ وَالْتَزَمُوا طَاعَتَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى أَنْ تُوُفُّوا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ
وقال بن عباس رضى الله عنهما فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ مَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جميع القرآن آية كانت أَشَدُّ وَلَا أَشَقُّ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ حِينَ قَالُوا قَدْ أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ فَقَالَ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الِاسْتِقَامَةُ دَرَجَةٌ بِهَا كَمَالُ الْأُمُورِ وَتَمَامُهَا وَبِوُجُودِهَا حُصُولُ الْخَيْرَاتِ وَنِظَامُهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِيمًا فِي حَالَتِهِ ضَاعَ سَعْيُهُ وَخَابَ جَهْدُهُ قَالَ وَقِيلَ الِاسْتِقَامَةُ لَا يُطِيقُهَا إِلَّا الْأَكَابِرُ لِأَنَّهَا الْخُرُوجُ عَنِ الْمَعْهُودَاتِ وَمُفَارَقَةُ الرُّسُومِ وَالْعَادَاتِ وَالْقِيَامُ بَيْنَ يَدِيِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى حَقِيقَةِ الصِّدْقِ وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَقَالَ الْوَاسِطِيُّ الْخَصْلَةُ الَّتِي بِهَا كَمُلَتِ الْمَحَاسِنُ وَبِفَقْدِهَا قَبُحَتِ الْمَحَاسِنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(2/13)
قَالَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ مَعْنَى حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ اسْتِلْذَاذُ الطاعات وتحمل المشقات في رضى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيثَارُ ذَلِكَ عَلَى عَرَضِ الدُّنْيَا وَمَحَبَّةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِفِعْلِ طَاعَتِهِ وَتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ وَكَذَلِكَ مَحَبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
.............
(2/19)
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُكْتَبُ جَمِيعُ مَا يَلْفِظُ بِهِ الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَا ثَوَابَ فِيهِ وَلَا عِقَابَ لِعُمُومِ الآية أم لا يكتب الا مافيه جَزَاءٌ مِنْ ثَوَابٍ أَوْ عِقَابٍ وَإِلَى الثَّانِي ذهب بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ أَيْ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَى الْإِمْسَاكِ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ لِئَلَّا يَنْجَرَّ صَاحِبُهَا إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ أَوِ الْمَكْرُوهَاتِ وَقَدْ أَخَذَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ فَقَالَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَلْيُفَكِّرْ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ تَكَلَّمَ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ ضرر أوشك فِيهِ أَمْسَكَ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ إِمَامُ الْمَالِكِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ فِي زَمَنِهِ جِمَاعُ آدَابِ الْخَيْرِ يَتَفَرَّعُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المرء تركه مالا يَعْنِيهِ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي اخْتَصَرَ لَهُ الْوَصِيَّةَ لَا تَغْضَبْ وَقَوْلِهِ صَلَّى الله عليه وسلم لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَرُوِّينَا عَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الصَّمْتُ بِسَلَامَةٍ وَهُوَ الْأَصْلُ وَالسُّكُوتُ فِي وَقْتِهِ صِفَةُ الرِّجَالِ كَمَا
أَنَّ النُّطْقَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ أَشْرَفِ الْخِصَالِ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ يَقُولُ مَنْ سَكَتَ عَنِ الْحَقِّ فَهُوَ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ قَالَ فَأَمَّا إِيثَارُ أَصْحَابِ الْمُجَاهَدَةِ السُّكُوتَ فَلِمَا عَلِمُوا مَا فِي الْكَلَامِ مِنَ الْآفَاتِ ثُمَّ مَا فِيهِ مِنْ حَظِّ النَّفْسِ وَإِظْهَارِ صِفَاتِ الْمَدْحِ وَالْمَيْلِ إِلَى أَنْ يَتَمَيَّزَ مِنْ بَيْنِ أَشْكَالِهِ بِحُسْنِ النُّطْقِ وَغَيْرِ هَذَا مِنَ الْآفَاتِ وَذَلِكَ نَعْتُ أَرْبَابِ الرِّيَاضَةِ وَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهِمْ فِي حُكْمِ الْمُنَازَلَةِ وَتَهْذِيبِ الْخُلُقِ وَرُوِّينَا عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ مَنْ عَدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَعَنْ ذِي النُّونِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَصْوَنُ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَمْسَكُهُمْ لِلِسَانِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
(2/22)
وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَهُوَ أَيْضًا مِنَ النَّصِيحَةِ الَّتِي هِيَ الدِّينُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا بَعْضُ الرَّافِضَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يُكْتَرَثُ بِخِلَافِهِمْ فِي هَذَا فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَنْبُغَ هَؤُلَاءِ وَوُجُوبُهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَة ِ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ فَلَا يَضُرُّكُمْ تَقْصِيرُ غَيْرِكُمْ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزر أخرى وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمِمَّا كُلِّفَ بِهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَإِذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يَمْتَثِلِ الْمُخَاطَبُ فَلَا عَتْبَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ لِكَوْنِهِ أَدَّى مَا عَلَيْهِ
...........
(2/23)
الَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآمِرِ وَالنَّاهِي أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْحَالِ مُمْتَثِلًا مَا يَأْمُرُ بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَالنَّهْيُ وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْئَانِ أَنْ يَأْمُرَ نَفْسَهُ وَيَنْهَاهَا وَيَأْمُرَ غَيْرَهُ وَيَنْهَاهُ فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا كَيْفَ يُبَاحُ لَهُ الْإِخْلَالُ بِالْآخَرِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ بِأَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ غَيْرَ الْوُلَاةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الَّذِي يَلِيهِ كَانُوا يَأْمُرُونَ الْوُلَاةَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُم ْ عَنِ الْمُنْكَرِ مَعَ تَقْرِيرِ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ وَتَرْكِ تَوْبِيخِهِمْ عَلَى التَّشَاغُلِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّهُ إِنَّمَا يَأْمُرُ وَيَنْهَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّيْءِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْمُحَرَّمَا تِ الْمَشْهُورَةِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزِّنَا وَالْخَمْرِ وَنَحْوِهَا فَكُلُّ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَاءُ بِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ دَقَائِقِ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَوَامِّ مَدْخَلٌ فِيهِ وَلَا لَهُمْ إِنْكَارُهُ بَلْ ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا إِنْكَارَ فِيهِ لِأَنَّ عَلَى أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ أَكْثَرِهِمْ وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطىء غَيْرُ مُتَعَيَّنٌ لَنَا وَالْإِثْمُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ لَكِنْ إِنْ نَدَبَهُ عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ إِلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ فَهُوَ حَسَنٌ مَحْبُوبٌ مَنْدُوبٌ إِلَى فِعْلِهِ بِرِفْقٍ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إِخْلَالٌ بِسُنَّةٍ أَوْ وُقُوعٍ فِي خِلَافٍ آخَرَ وَذَكَرَ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَحْكَامُ السُّلْطَانِيَّ ةُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ مَنْ قَلَّدَهُ
السُّلْطَانُ الْحِسْبَةَ هَلْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ إِذَا كَانَ الْمُحْتَسِبُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا يُغَيِّرُ مَا كَانَ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَمْ يَزَلِ الْخِلَافُ فِي الْفُرُوعِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَلَا يُنْكِرُ مُحْتَسِبٌ وَلَا غَيْرُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ اجماعا أوقياسا جَلِيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(2/24)
ابَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَرُهُ مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَةٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ إِلَّا رُسُومٌ قَلِيلَةٌ جِدًّا وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ بِهِ قِوَامُ الأمر وملاكه واذا كثر الخبث عَمَّ الْعِقَابُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ وَإِذَا لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِمِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِقَابِهِ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَةِ وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيلِ رِضَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَابِ فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيمٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ معظمه ويخلص نيته ولا يهابن مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قال ولينصرن الله من ينصره وَقَالَ تَعَالَى وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صراط مستقيم وَقَالَ تَعَالَى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَقَالَ تَعَالَى أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وليعلمن الكاذبين وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ وَلَا يُتَارِكُهُ أَيْضًا لِصَدَاقَتِهِ وَمَوَدَّتِهِ وَمُدَاهَنَتِهِ وَطَلَبِ الْوَجَاهَةِ عِنْدَهُ وَدَوَامِ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْهِ فَإِنَّ صَدَاقَتَهُ وَمَوَدَّتَهُ تُوجِبُ لَهُ حُرْمَةً وَحَقًّا وَمَنْ حَقِّهِ أَنْ يَنْصَحَهُ وَيَهْدِيَهُ إِلَى مَصَالِحِ آخِرَتِهِ وَيُنْقِذهُ مِنْ مَضَارِّهَا وَصَدِيقُ الْإِنْسَانِ وَمُحِبُّهُ هُوَ مَنْ سَعَى فِي عِمَارَةِ آخِرَتِهِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى نَقْصٍ فِي دُنْيَاهُ وَعَدُوُّهُ مَنْ يَسْعَى فِي ذَهَابِ أَوْ نَقْصِ آخِرَتِهِ وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ صُورَةُ نَفْعٍ فِي دُنْيَاهُ وَإِنَّمَا كَانَ إِبْلِيسُ عَدُوًّا لَنَا لِهَذَا وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَوْلِيَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ لِسَعْيِهِمْ فِي مَصَالِحِ آخِرَتِهِمْ وَهِدَايَتِهِمْ إِلَيْهَا وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ تَوْفِيقَنَا وَأَحْبَابَنَا وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ لِمَرْضَاتِهِ وَأَنْ يَعُمَّنَا بِجُودِهِ وَرَحْمَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(2/25)
وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَرْفُقَ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ وَمِمَّا يَتَسَاهَلُ أَكْثَرُ النَّاسِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا إِذَا رَأَى إِنْسَانًا يَبِيعُ مَتَاعًا مَعِيبًا أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يُعَرِّفُونَ الْمُشْتَرِيَ بِعَيْبِهِ وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَقَدْ
.............
(2/26)
نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا صِفَةُ النَّهْيِ وَمَرَاتِبُهُ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِقَلْبِهِ مَعْنَاهُ فَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِزَالَةٍ وَتَغْيِيرٍ مِنْهُ لِلْمُنْكَرِ وَلَكِنَّهُ هُوَ الَّذِي فِي وُسْعِهِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَقَلُّهُ ثَمَرَةً قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي صِفَةِ التَّغْيِيرِ فَحَقُّ الْمُغَيِّرِ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ زَوَالُهُ بِهِ قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا فَيَكْسِرَ آلَاتِ الْبَاطِلِ وَيُرِيقَ الْمُسْكِرَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْمُرَ مَنْ يَفْعَلُهُ وَيَنْزِعَ الْغُصُوبَ وَيَرُدَّهَا إِلَى أَصْحَابِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمْرِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ وَيَرْفُقَ فِي التَّغْيِيرِ جُهْدَهُ بِالْجَاهِلِ وَبِذِي الْعِزَّةِ الظَّالِمِ الْمَخُوفِ شَرُّهُ إِذْ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى قَبُولِ قَوْلِهِ كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَيُغْلِظَ عَلَى الْمُتَمَادِي فِي غَيِّهِ وَالْمُسْرِفِ فِي بَطَالَتِهِ إِذَا أَمِنَ أَنْ يُؤَثِّرَ إِغْلَاظُهُ مُنْكَرًا أَشَدَّ مِمَّا غَيَّرَهُ لِكَوْنِ جَانِبِهِ مَحْمِيًّا عَنْ سَطْوَةِ الظَّالِمِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدَّ مِنْهُ مِنْ قَتْلِهِ أَوْ قَتْلِ غَيْرِهِ بِسَبَبِ كَفِّ يَدَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّبَ قَوْلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ غَيَّرَ بِقَلْبِهِ وَكَانَ فِي سَعَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ اسْتَعَانَ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى إِظْهَارِ سِلَاحٍ وَحَرْبٍ وَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ إِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَغْيِيرِهِ بِقَلْبِهِ هَذَا هُوَ فِقْهُ الْمَسْأَلَةِ وَصَوَابُ الْعَمَلِ فِيهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُحَقِّقِي نَ خِلَافًا لِمَنْ رَأَى الْإِنْكَارَ بِالتَّصْرِيحِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ قُتِلَ وَنِيلَ مِنْهُ كُلُّ أَذًى هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَسُوغُ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ أَنْ يصد مرتكب الكبيرة ان لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهَا بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إِلَى نَصْبِ قِتَالٍ وَشَهْرِ سِلَاحٍ فَإِنِ انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ رَبَطَ الْأَمْرَ بِالسُّلْطَانِ قَالَ وَإِذَا جَارَ وَالِي الْوَقْتِ وَظَهَرَ ظُلْمُهُ وَغَشْمُهُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ حِينَ زُجِرَ عَنْ سُوءِ صَنِيعِهِ بِالْقَوْلِ فَلِأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ التَّوَاطُؤُ عَلَى خَلْعِهِ وَلَوْ بِشَهْرِ الْأَسْلِحَةِ وَنَصْبِ الْحُرُوبِ هَذَا كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ خَلْعِهِ غَرِيبٌ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَحْمُولٌ
لَى مَا إِذَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ إِثَارَةُ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْهُ قَالَ وَلَيْسَ لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ الْبَحْثُ وَالتَّنْقِيرُ وَالتَّجَسُّسُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ بَلْ إِنْ عَثَرَ عَلَى مُنْكَرٍ غَيَّرَهُ جَهْدَهُ هَذَا كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ أَقْضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ لَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِهَا لِأَمَارَةٍ وَآثَارٍ ظَهَرَتْ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي انْتَهَاكِ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا مِثْلُ أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقَ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا فَيَجُوزُ لَهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ أَنْ يَتَجَسَّسَ وَيُقْدِمَ عَلَى الْكَشْفِ والبحث حذرا من فوات مالا يستدرك وكذا لوعرف ذلك غير المحتسب من المتطوعة جازلهم الْإِقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ وَالْإِنْكَارِ الضَّرْبُ الثَّانِي مَا قَصُرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ وَلَا كَشْفُ الْأَسْتَارِ عَنْهُ فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَاتَ الْمَلَاهِي الْمُنْكَرَةِ مِنْ دَارٍ أَنْكَرَهَا خَارِجَ الدَّارِ لَمْ يَهْجُمْ عَلَيْهَا بِالدُّخُولِ لِأَنَّ الْمُنْكَرَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَنِ الْبَاطِنِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي آخَرِ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّ ةِ بَابًا حَسَنًا فِي الْحِسْبَةِ مُشْتَمِلًا عَلَى جُمَلٍ مِنْ قَوَاعِدِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَقَدْ أَشَرْنَا هُنَا إِلَى مَقَاصِدِهَا وَبَسَطْتُ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ لِعِظَمِ فَائِدَتِهِ وَكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَكَوْنِهِ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...............
حسن المطروشى الاثرى
2021-09-10, 11:24 AM
اليوم : الجمعة
الصفحة ( 30 ----100 )
" المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإما النووي رحمه الله
الموافق : 2/ صفر/ 1443 هجري
الموافق : 10 / سبتمبر / 2021 ميلادي
تابع /
...............
(2/32)
مَّا مَا ذُكِرَ مِنْ نِسْبَةِ الْإِيمَانِ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَدْ صَرَفُوهُ عَنْ ظَاهِرِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَبْدَأَ الْإِيمَانِ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ مِنَ الْمَدِينَةِ حَرَسَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ إِمَامُ الْغَرْبِ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا أَحَدُهَا أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يُقَالُ إِنَّ مَكَّةَ مِنْ تِهَامَةَ وَتِهَامَةُ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ فَإِنَّهُ يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا الْكَلَامَ وَهُوَ بِتَبُوكَ وَمَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ حِينَئِذٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمَنِ فَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ فَقَالَ الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَنَسَبَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ لِكَوْنِهِمَا حِينَئِذٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ كَمَا قَالُوا الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ وَهُوَ بِمَكَّةَ لِكَوْنِهِ إِلَى نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَالثَّالِثُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ أَحْسَنُهَا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ لِأَنَّهُمْ يَمَانُونَ فِي الْأَصْلِ فَنَسَبَ الْإِيمَانَ إِلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ أَنْصَارَهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ جَمَعَ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ طُرُقَ الْحَدِيثِ بِأَلْفَاظِهِ كَمَا جَمَعَهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَتَأَمَّلُوهَا لَصَارُوا إِلَى غَيْرِ مَا ذَكَرُوهُ وَلَمَا تَرَكُوا الظَّاهِرَ وَلَقَضَوْا بِأَنَّ الْمُرَادَ الْيَمَنَ وَأَهْلَ الْيَمَنِ عَلَى مَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إِطْلَاقِ ذَلِكَ إِذْ مِنْ أَلْفَاظِهِ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ والانصار
..................
(2/ 37)
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ مَعْنَاهَا حِيَازَةُ الْحَظِّ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ قَالَ وَيُقَالُ هُوَ مِنْ وَجِيزِ الْأَسْمَاءِ وَمُخْتَصَرِ الْكَلَامِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ مُفْرَدَةٌ يُسْتَوْفَى بِهَا العبارة عن المعنى هَذِهِ الْكَلِمَةِ كَمَا قَالُوا فِي الْفَلَاحِ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ أَجْمَعَ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْهُ قَالَ وَقِيلَ النَّصِيحَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ نَصَحَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ إِذَا خَاطَهُ فَشَبَّهُوا فِعْلَ النَّاصِحِ فِيمَا يَتَحَرَّاهُ مِنْ صَلَاحِ الْمَنْصُوحِ لَهُ بِمَا يَسُدُّهُ مِنْ خَلَلِ الثَّوْبِ قَالَ وَقِيلَ إِنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ نَصَحْتَ الْعَسَلَ إِذَا صَفَّيْتَهُ مِنَ الشَّمْعِ شَبَّهُوا تَخْلِيصَ الْقَوْلِ مِنَ الْغِشِّ بِتَخْلِيصِ الْعَسَلِ مِنَ الْخَلْطِ قَالَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ عماد الدين وقوامه النصحية كَقَوْلِهِ الْحَجُّ عَرَفَةُ أَيْ عِمَادُهُ وَمُعْظَمُهُ عَرَفَةُ وَأَمَّا تَفْسِيرُ النَّصِيحَةِ)
قَالُوا أَمَّا النَّصِيحَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فَمَعْنَاهَا مُنْصَرِفٌ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَنَفْيِ الشَّرِيكِ عَنْهُ وَتَرْكِ الْإِلْحَادِ فِي صِفَاتِهِ وَوَصْفِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ كُلِّهَا وَتَنْزِيهِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ وَالْحُبِّ فيه والبغض فيه وموالاة من أطاعه ومعادة مَنْ عَصَاهُ وَجِهَادِ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَالِاعْتِرَافِ بِنِعْمَتِهِ وَشُكْرِهِ عَلَيْهَا وَالْإِخْلَاصِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَالدُّعَاءِ إِلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَالْحَثِّ عَلَيْهَا وَالتَّلَطُّفِ فِي جَمِيعِ النَّاسِ أَوْ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ عَلَيْهَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحْمَهُ اللَّهُ وَحَقِيقَةُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ رَاجِعَةٌ إِلَى الْعَبْدِ فِي نُصْحِهِ نَفْسَهُ فَاللَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ نُصْحِ النَّاصِحِ وأما النصيحة لكتابه سبحانه وتعالى فالإيمان بأن كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَتَنْزِيلُهُ لَا يُشْبِههُ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْخَلْقِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ ثُمَّ تَعْظِيمُهُ وَتِلَاوَتُهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ وَتَحْسِينُهَا وَالْخُشُوعُ عِنْدَهَا وَإِقَامَةُ حُرُوفِهِ فِي التِّلَاوَةِ وَالذَّبُّ عَنْهُ لِتَأْوِيلِ الْمُحَرِّفِينَ وَتَعَرُّضِ الطَّاعِنِينَ وَالتَّصْدِيقُ بِمَا فِيهِ وَالْوُقُوفُ مَعَ أَحْكَامِهِ وَتَفَهُّمُ عُلُومِهِ وَأَمْثَالِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِمَوَاعِظِهِ وَالتَّفَكُّرُ فِي عَجَائِبِهِ وَالْعَمَلُ بِمُحْكَمِهِ وَالتَّسْلِيمُ لِمُتَشَابِهِهِ وَالْبَحْثُ عَنْ عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَنَشْرُ عُلُومِهِ وَالدُّعَاءُ إِلَيْهِ
........
(2/39)
قال بن بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّصِيحَةَ تُسَمَّى دِينًا وَإِسْلَامًا وَأَنَّ الدِّينَ يَقَعُ عَلَى الْعَمَلِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْقَوْلِ قَالَ وَالنَّصِيحَةُ فَرْضٌ يُجْزِي فِيهِ مَنْ قَامَ بِهِ وَيَسْقُطُ عَنِ الْبَاقِينَ قَالَ وَالنَّصِيحَةُ لَازِمَةٌ عَلَى قَدْرِ الطَّاقَةِ إِذَا عَلِمَ النَّاصِحُ أَنَّهُ يُقْبَلُ نُصْحُهُ وَيُطَاعُ أَمْرُهُ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَكْرُوهَ فَإِنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ أَذًى فَهُوَ فِي سَعَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(2/56)
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَيْحَكُمْ أَوْ قَالَ وَيْلَكُمْ) قَالَ الْقَاضِي هُمَا كَلِمَتَانِ اسْتَعْمَلَتْهُ مَا الْعَرَبُ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ وَالتَّوَجُّعِ قَالَ سِيبَوَيْهِ وَيْلٌ كَلِمَةٌ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ وويح تَرَحُّمٌ وَحُكِيَ عَنْهُ وَيْحٌ زَجْرٌ لِمَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَكَةِ قَالَ غَيْرُهُ وَلَا يُرَادُ بِهِمَا الدُّعَاءُ بِإِيقَاعِ الْهَلَكَةِ وَلَكِنِ التَّرَحُّمُ وَالتَّعَجُّبُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَيْحٌ كَلِمَةُ
رَحْمَةٍ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ وَيْحٌ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا فَيُتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَيُرْثَى لَهُ وويل لِلَّذِي يَسْتَحِقُّهَا وَلَا يُتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(2/57)
قوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفُرٌ الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ) وَفِيهِ أَقْوَالٌ أَصَحُّهَا أَنَّ مَعْنَاهُ هُمَا مِنْ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ وَأَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْكُفْرِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ كُفْرُ النِّعْمَةِ وَالْإِحْسَانِ وَالرَّابِعُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَحِلِّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَغْلِيظُ تَحْرِيمِ الطَّعْنِ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نُصُوصٌ مَعْرُوفَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ)
.........
(2/59)
وْلُهُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَالَ مَنْصُورٌ قَدْ وَاللَّهِ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكنى أكره أن يروى عنى ها هنا بِالْبَصْرَةِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْصُورًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَرِيرٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَنْصُورٌ بَعْدَ رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ مَوْقُوفًا وَاللَّهِ إِنَّهُ مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْلَمُوهُ أَيُّهَا الْخَوَاصُّ الْحَاضِرُونَ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُصَرِّحَ بِرَفْعِهِ فِي لَفْظِ رِوَايَتِي فَيَشِيعُ عنى فى البصرة التى هي مملؤة مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِتَخْلِيدِ أَهْلِ الْمَعَاصِي فِي النَّارِ وَالْخَوَارِجُ يَزِيدُونَ عَلَى التَّخْلِيدِ فَيَحْكُمُونَ بِكُفْرِهِ وَلَهُمْ شُبْهَةٌ فِي التَّعَلُّقِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ قَدَّمْنَا تَأْوِيلَهُ وَبُطْلَانَ مَذَاهِبِهِمْ بِالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَةِ الْوَاضِحَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(2/62)
ا يَجُوزُ لَعْنُ أحد بعينه مسلما كان أوكافرا أَوْ دَابَّةً إِلَّا مَنْ عَلِمْنَا بِنَصٍّ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ يَمُوتُ عَلَيْهِ كَأَبِي جَهْلٍ وَإِبْلِيسَ وَأَمَّا اللَّعْنُ بِالْوَصْفِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ كَلَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِ لَةِ وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِ مَةِ وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ وَالْمُصَوِّرِي نَ وَالظَّالِمِينَ وَالْفَاسِقِينَ وَالْكَافِرِينَ وَلَعْنِ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ وَمَنِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَمَنْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ باطلاقه على الأوصاف لاعلى الْأَعْيَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
....
(2/68)
خْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَقْلِ مَا هُوَ فَقِيلَ هُوَ الْعِلْمُ وَقِيلَ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَقِيلَ قُوَّةٌ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ هَذَا كَلَامُهُ قُلْتُ وَالِاخْتِلَافُ فِي حَقِيقَةِ الْعَقْلِ وَأَقْسَامِهِ كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ لَا حَاجَةَ هُنَا إِلَى الْإِطَالَةِ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الْمُتَكَلِّمُو نَ هُوَ فِي الْقَلْبِ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُوَ فِي الرَّأْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(2/70)
كانَ أَبُو سَعِيدٍ يَنْزِلُ الْمَقَابِرَ فَقِيلَ لَهُ الْمَقْبُرِيُّ وَقِيلَ كَانَ مَنْزِلُهُ عِنْدَ الْمَقَابِرِ وَقِيلَ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَهُ عَلَى حَفْرِ الْقُبُورِ فَقِيلَ لَهُ الْمَقْبُرِيُّ وَجَعَلَ نُعَيْمًا عَلَى إِجْمَارِ الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُ نُعَيْمٌ الْمُجَمِّرُ
(2/84)
قال النووي رحمه الله :
قال الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَلَا انْحِصَارَ لِلْكَبَائِرِ فِي عدد مذكور وقد جاء عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ أَسَبْعٌ هِيَ فَقَالَ هِيَ إِلَى سَبْعِينَ وَيُرْوَى إِلَى سَبْعمِائَةٍ أَقْرَبُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرُ سَبْعٌ فَالْمُرَادُ بِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ سَبْعٌ فَإِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْعُمُومِ فَهِيَ مَخْصُوصَةٌ بِلَا شَكٍّ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ السَّبْعِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ثَلَاثٌ وَفِي الْأُخْرَى أَرْبَعٌ لِكَوْنِهَا مِنْ أَفْحَشِ الْكَبَائِرِ مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِهَا لَا سِيَّمَا فِيمَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي بَعْضِهَا مَا ذَكَرَ فِي الْأُخْرَى وَهَذَا مُصَرَّحٌ بِمَا ذَكَرَتُهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَعْضُ وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدِيهِ وَجَاءَ فِي النَّمِيمَةِ وَعَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ أَنَّهُمَا مِنَ الْكَبَائِرِ وَجَاءَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ مِنَ الْكَبَائِرِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَاسْتِحْلَالُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ الكبيرة وتمييزها من الصغيرة فجاء عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كُلُّ شَيْءٍ نُهِيَ الله عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَبِهَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إسحاق الاسفراينى الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الْإِمَامُ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرُهُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ
اللَّهُ هَذَا الْمَذْهَبَ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا بِأَنَّ كُلَّ مُخَالَفَةٍ فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى كَبِيرَةٌ وَذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ إِلَى انْقِسَامِ الْمَعَاصِي إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَدْ تَظَاهَرَ عَلَى ذَلِكَ دَلَائِلُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاسْتِعْمَالُ سَلَفِ الْأَمَّةِ وَخَلَفِهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبَسِيطُ فِي الْمَذْهَبِ إِنْكَارُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَا يَلِيقُ بِالْفِقْهِ وَقَدْ فُهِمَا مِنْ مَدَارِكِ الشَّرْعِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أبو حامد قد قَالَهُ غَيْرُهُ بِمَعْنَاهُ وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ المخالفة فبيحة جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنَّ بعضها أعظم من بعض وتنقسم باعتبار ذلك إلى مَا تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ أَوْ صَوْمُ رَمَضَانَ أَوِ الْحَجُّ أَوِ الْعُمْرَةُ أَوِ الْوُضُوءُ أَوْ صَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ صَوْمُ عَاشُورَاءَ أَوْ فِعْلُ الْحَسَنَةِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَإِلَى مَا لَا يُكَفِّرهُ ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مَا لَمْ يَغْشَ كَبِيرَةً فَسَمَّى الشَّرْعُ مَا تُكَفِّرُهُ الصَّلَاةُ وَنَحْوُهَا صَغَائِرَ وَمَا لَا تُكَفِّرُهُ كَبَائِرَ وَلَا شَكَّ فِي حُسْنِ هَذَا وَلَا يُخْرِجُهَا هَذَا عَنْ كَوْنِهَا قَبِيحَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهَا صَغِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَوْقَهَا لِكَوْنِهَا أَقَلَّ قُبْحًا وَلِكَوْنِهَا مُتَيَسِّرَةَ التَّكْفِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...............
(2/85)
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبَسِيطُ فِي الْمَذْهَبِ إِنْكَارُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَا يَلِيقُ بِالْفِقْهِ وَقَدْ فُهِمَا مِنْ مَدَارِكِ الشَّرْعِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أبو حامد قد قَالَهُ غَيْرُهُ بِمَعْنَاهُ وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ المخالفة فبيحة جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنَّ بعضها أعظم من بعض وتنقسم باعتبار ذلك إلى مَا تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ أَوْ صَوْمُ رَمَضَانَ أَوِ الْحَجُّ أَوِ الْعُمْرَةُ أَوِ الْوُضُوءُ أَوْ صَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ صَوْمُ عَاشُورَاءَ أَوْ فِعْلُ الْحَسَنَةِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَإِلَى مَا لَا يُكَفِّرهُ ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مَا لَمْ يَغْشَ كَبِيرَةً فَسَمَّى الشَّرْعُ مَا تُكَفِّرُهُ الصَّلَاةُ وَنَحْوُهَا صَغَائِرَ وَمَا لَا تُكَفِّرُهُ كَبَائِرَ وَلَا شَكَّ فِي حُسْنِ هَذَا وَلَا يُخْرِجُهَا هَذَا عَنْ كَوْنِهَا قَبِيحَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهَا صَغِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَوْقَهَا لِكَوْنِهَا أَقَلَّ قُبْحًا وَلِكَوْنِهَا مُتَيَسِّرَةَ التَّكْفِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(2/86)
انْقِسَامُ الْمَعَاصِي إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا مُنْتَشِرًا جدا فروى عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ الْكَبَائِرُ كُلُّ ذَنْبٍ خَتَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَارٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ لَعْنَةٍ أَوْ عَذَابٍ وَنَحْوِ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ مَا أوعد الله عليه بنار أوحد فِي الدُّنْيَا وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَالضَّابِطُ الشَّامِلُ الْمَعْنَوِيُّ فِي ضَبْطِ الْكَبِيرَةِ أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ يُقْدِمُ الْمَرْءُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِشْعَارِ خَوْفٍ وَحَذَارِ نَدَمٍ كَالْمُتَهَاوِن ِ بِارْتِكَابِهَا والمتجرىء عَلَيْهِ اعْتِيَادًا فَمَا أَشْعَرَ بِهَذَا الِاسْتِخْفَافِ وَالتَّهَاوُنِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَمَا يُحْمَلُ عَلَى فَلَتَاتِ النَّفْسِ أَوِ اللِّسَانِ وَفَتْرَةِ مُرَاقَبَةِ التَّقْوَى وَلَا يَنْفَكُّ عَنْ تَنَدُّمٍ يَمْتَزِجُ بِهِ تَنْغِيصُ التَّلَذُّذِ بِالْمَعْصِيَةِ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ الْعَدَالَةَ وَلَيْسَ هُوَ بِكَبِيرَةٍ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي فَتَاوِيهِ الْكَبِيرَةِ كُلُّ ذَنْبٍ كَبُرَ وَعَظُمُ عِظَمًا يَصِحُّ مَعَهُ أَنْ يُطْلَقَ عليه اسم الكبيرة وَوُصِفَ بِكَوْنِهِ عَظِيمًا عَلَى الْإِطْلَاقِ قَالَ فَهَذَا حَدُّ الْكَبِيرَةِ ثُمَّ لَهَا أَمَارَاتٌ مِنْهَا إِيجَابُ الحد ومنها الابعاد عَلَيْهَا بِالْعَذَابِ بِالنَّارِ وَنَحْوِهَا فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ وَمِنْهَا وَصْفُ فَاعِلِهَا بِالْفِسْقِ نَصًّا وَمِنْهَا اللَّعْنُ كَلَعْنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْقَوَاعِدُ إِذَا أَرَدْتَ
مَعْرِفَةَ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فَاعْرِضْ مَفْسَدَةَ الذَّنْبِ عَلَى مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ أَقَلِّ مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ فَهِيَ مِنَ الصَّغَائِرِ وَإِنْ سَاوَتْ أَدْنَى مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ أَوْ رَبَتْ عَلَيْهِ فَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ فَمَنْ شَتَمَ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ اسْتَهَانَ بِالرُّسُلِ أَوْ كَذَّبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَوْ ضَمَّخَ الْكَعْبَةَ بِالْعَذِرَةِ أَوْ أَلْقَى الْمُصْحَفَ فِي الْقَاذُورَاتِ فَهِيَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَلَمْ يُصَرِّحِ الشَّرْعُ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ امْرَأَةً مُحْصَنَةً لِمَنْ يَزْنِي بِهَا أَوْ أَمْسَكَ مُسْلِمًا لِمَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا شَكَّ أن مفسدة ذلك أعظم من مَفْسَدَةِ أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ كَوْنِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ دَلَّ الْكُفَّارَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يُسْتَأْصَلُونَ بِدَلَالَتِهِ وَيَسْبُونَ حَرَمَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ وَيَغْنَمُونَ أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّ نِسْبَتَهُ إِلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ أَعْظَمُ مِنْ تَوَلِّيهِ يَوْمَ الزَّحْفِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَعَ كَوْنِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَذَبَ عَلَى إِنْسَانٍ كَذِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِسَبَبِهِ أَمَّا إِذَا كَذَبَ عَلَيْهِ كَذِبًا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِسَبَبِهِ تَمْرَةً فَلَيْسَ كَذِبُهُ مِنَ الْكَبَائِرِ قَالَ وَقَدْ نَصَّ الشَّرْعُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْكَبَائِرِ فَإِنْ وَقَعَا فِي مَالٍ خَطِيرٍ فَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ وَقَعَا فِي مَالٍ حَقِيرٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَا مِنَ الْكَبَائِرِ فِطَامًا عَنْ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ كَمَا جُعِلَ شُرْبُ قَطْرَةٍ مِنْ خَمْرٍ مِنَ الكبائر وان لم يتحقق الْمَفْسَدَةُ وَيَجُوزُ أَنْ يُضْبَطَ ذَلِكَ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ قَالَ وَالْحُكْمُ بِغَيْرِ الْحَقِّ كَبِيرَةٌ فَإِنَّ شَاهِدَ الزُّورِ مُتَسَبِّبٌ وَالْحَاكِمُ مُبَاشِرٌ فَإِذَا جُعِلَ السَّبَبُ كَبِيرَةٌ فَالْمُبَاشَرَة ُ أَوْلَى قَالَ وَقَدْ ضَبَطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْكَبَائِرَ بِأَنَّهَا كُلُّ ذَنْبٍ قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ فَعَلَى هَذَا كُلُّ ذَنْبٍ عُلِمَ أَنَّ مَفْسَدَتَهُ كَمَفْسَدَةِ مَا قُرِنَ بِهِ الْوَعِيدُ أَوِ الْحَدُّ أَوِ اللَّعْنُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَتِهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ تُضْبَطَ الْكَبِيرَةُ بِمَا يُشْعِرُ بِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا فِي دِينِهِ إِشْعَارَ أَصْغَرِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ الْمُفَسِّرُ وَغَيْرُهُ الصَّحِيحُ أَنَّ حَدَّ الْكَبِيرَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بَلْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِوَصْفِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَعَاصِي بأنها كبائر وأنواعها بِأَنَّهَا صَغَائِرَ وَأَنْوَاعٌ لَمْ تُوصَفْ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ على صغائر وكبائر والحكمة فى عدم بيانه أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُمْتَنِعًا مِنْ جَمِيعِهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْكَبَائِرِ قَالُوا وَهَذَا شَبِيهٌ بِإِخْفَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَسَاعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَسَاعَةِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ مِنَ اللَّيْلِ وَاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا أُخْفِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ يَجْعَلُهَا كبيرة وروى عن عمر وبن عباس
وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ تُمْحَى بِالِاسْتِغْفَا رِ وَالصَّغِيرَةَ تَصِيرُ كَبِيرَةً بِالْإِصْرَارِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي حَدِّ الْإِصْرَارِ هُوَ أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ الصَّغِيرَةُ تَكْرَارًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِدِينِهِ إِشْعَارَ ارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ بِذَلِكَ قَالَ وَكَذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَتْ صَغَائِرُ مُخْتَلِفَةُ الْأَنْوَاعِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ مَجْمُوعُهَا بِمَا يُشْعِرُ بِهِ أَصْغَرُ الْكَبَائِرِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُصِرُّ مَنْ تَلَبَّسَ مِنْ أَضْدَادِ التَّوْبَةِ بِاسْمِ الْعَزْمِ عَلَى الْمُعَاوَدَةِ أَوْ بِاسْتِدَامَةِ الْفِعْلِ بِحَيْثُ يَدْخُلُ بِهِ ذَنْبُهُ فِي حَيِّزِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْوَصْفُ بِصَيْرُورَتِهِ كَبِيرًا عَظِيمًا وَلَيْسَ لِزَمَانِ ذَلِكَ وَعَدَدِهِ حَصْرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
(2/88)
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ أَقِفْ فِي عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَفِيمَا يَخْتَصَّانِ بِهِ مِنَ الْحُقُوقِ عَلَى ضَابِطٍ أَعْتَمِدهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ طَاعَتهُمَا فِي كُلِّ مَا يَأْمُرَانِ بِهِ وَيَنْهَيَانِ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ حَرُمَ على الولد الجهاد بغير اذنهما لما يشق عَلَيْهِمَا مِنْ تَوَقُّعِ قَتْلِهِ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَلِشِدَّةِ تَفَجُّعِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلُّ سَفَرٍ يَخَافَانِ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ هَذَا كَلَامُ الشيخ أبى محمد وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي فَتَاوِيهِ الْعُقُوقُ الْمُحَرَّمُ كُلُّ فِعْلٍ يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ أَوْ نَحْوُهُ تَأَذِّيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْوَاجِبَةِ قَالَ وَرُبَّمَا قِيلَ طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِمَا فِي ذَلِكَ عُقُوقٌ وَقَدْ أَوْجَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ طَاعَتُهُمَا فِي الشُّبُهَاتِ قَالَ وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ عُلَمَائِنَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَفِي التِّجَارَةِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا
.........
(2/90)
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِطْلَاقِهِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ أَطْلَقْنَاهُ وَمَا مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ إِطْلَاقِهِ مَنَعْنَاهُ وَمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ إِذْنٌ وَلَا مَنْعٌ لَمْ نَقْضِ فِيهِ بِتَحْلِيلٍ وَلَا تَحْرِيمٍ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ تُتَلَقَّى مِنْ مَوَارِدِ الشَّرْعِ وَلَوْ قَضَيْنَا بِتَحْلِيلٍ أَوْ تَحْرِيمٍ لَكُنَّا مُثْبِتِينَ حُكْمًا بِغَيْرِ الشَّرْعِ قَالَ ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْإِطْلَاقِ وُرُودِ ما يقطع به الشرع ولكن ما يقتضى للعمل وَإِنْ لَمْ يُوجِبِ الْعِلْمَ فَإِنَّهُ
افٍ إِلَّا أَنَّ الْأَقْيِسَةَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَمَلِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِنَّ فِي تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَصْفِهِ هَذَا كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ ومحله من الاتقان والتحقق بِالْعِلْمِ مُطْلَقًا وَبِهَذَا الْفَنِّ خُصُوصًا مَعْرُوفٌ بِالْغَايَةِ الْعُلْيَا
.............
(2/91)
اخْتَلَفَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَصْفِهِ مِنْ أَوْصَافِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ وَالْمَدْحِ بِمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ وَلَا مَنَعَهُ فَأَجَازَهُ طَائِفَةٌ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ إِلَّا أَنْ يَرِدَ بِهِ شَرْعٌ مَقْطُوعٌ بِهِ مِنْ نَصِّ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ عَلَى إِطْلَاقِهِ فَإِنْ وَرَدَ خَبَرٌ وَاحِدٌ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَأَجَازَهُ طَائِفَةٌ وَقَالُوا الدُّعَاءُ بِهِ وَالثَّنَاءُ مِنْ بَابِ الْعَمَلِ وَذَلِكَ جَائِزٌ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ لِكَوْنِهِ رَاجِعًا إِلَى اعْتِقَادِ مَا يَجُوزُ أَوْ يَسْتَحِيلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَرِيقِ هَذَا الْقَطْعِ قَالَ الْقَاضِي وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْعَمَلِ ولقوله اللَّهِ تَعَالَى وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
حسن المطروشى الاثرى
2021-09-26, 08:03 PM
تابع / المنهاج للنووي رحمه الله
الموافق : 18/ صفر / 1443 هجري
الموافق : 26/ سبتمبر / 2021 ميلادي
(2/130)
قَوْلُهُ (وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ لَهُ) فَاسْمُهُ مِدْعَمٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْ نِ كَذَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْمُوَطَّأِ فِي هذا الحديث بعينه قال الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقِيلَ إِنَّهُ غَيْرُ مِدْعَمٍ قَالَ وَوَرَدَ فِي حَدِيثٍ مِثْلِ هَذَا اسْمُهُ كَرْكِرَةُ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وكركرة
........
(2/142)
حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ الصَّحَابِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمِنْ مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ وُلِدَ فِي الْكَعْبَةِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَلَا يُعْرَفُ أَحَدٌ شَارَكَهُ فِي هَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ وَمِنْ طُرَفِ أَخْبَارِهِ أَنَّهُ عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ مِنْ حِينِ ظُهُورِهِ وَانْتِشَارِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
(2/145)
لُقْمَانُ الْحَكِيمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نُبُوَّتِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَكِيمًا وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا إِلَّا عِكْرِمَةُ فَإِنَّهُ قال كان نبيا وتفرد بهذا القول وأما بن لُقْمَانَ الَّذِي قَالَ لَهُ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقِيلَ اسْمُهُ أَنْعُمُ وَيُقَالُ مِشْكَمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
....
حسن المطروشى الاثرى
2021-10-03, 04:45 PM
تابع / المنهاج شرح مسام ابن الحجاج
المجلد الثاني
الموافق / 25/ صفر/ 1443
الموافق : 3/ اكتوبر / 2021
(2/168)
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال قال بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هِيَ الْفَرَائِضُ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ وَقَالَ الْحَسَنُ هُوَ الدِّينُ وَالدِّينُ كُلُّهُ أَمَانَةٌ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ الْأَمَانَةُ مَا أُمِرُوا بِهِ وَمَا نُهُوا عَنْهُ وَقَالَ مُقَاتِلٌ الْأَمَانَةُ الطَّاعَةُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ قَالَ فَالْأَمَانَةُ فِي قَوْلِ جَمِيعِهِمُ الطَّاعَةُ وَالْفَرَائِضُ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِأَدَائِهَا الثَّوَابُ وَبِتَضْيِيعِهَ ا الْعِقَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ الْأَمَانَةُ فِي الْحَدِيثِ هِيَ الْأَمَانَةُ الْمَذْكُورَةُ فى قوله تعالى إنا عرضنا الأمانة وَهِيَ عَيْنُ الْإِيمَانِ فَإِذَا اسْتَمْكَنَتِ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِ الْعَبْدِ قَامَ حِينَئِذٍ بِأَدَاءِ التَّكَالِيفِ وَاغْتَنَمَ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَجَدَّ فِي إِقَامَتِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...................
(2/171)
(لِلَّهِ أَبُوكَ) كَلِمَةُ مَدْحٍ تَعْتَادُ الْعَرَبُ الثَّنَاءَ بِهَا فَإِنَّ الْإِضَافَةَ إِلَى الْعَظِيمِ تَشْرِيفٌ وَلِهَذَا يُقَالُ بيت الله وناقة اللَّهِ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ فَإِذَا وُجِدَ مِنَ الْوَلَدِ مَا يُحْمَدُ قِيلَ لَهُ لِلَّهِ أَبُوكَ حَيْثُ أَتَى بِمِثْلِكَ
.........
(2/174)
لَا أَبَا لَكَ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ هَذِهِ كَلِمَةٌ تَذْكُرهَا الْعَرَبُ لِلْحَثِّ عَلَى الشَّيْءِ وَمَعْنَاهَا أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ لَهُ أَبٌ وَحَزَبَهُ أَمْرٌ وَوَقَعَ فِي شِدَّةٍ عَاوَنَهُ أَبُوهُ وَرَفَعَ عَنْهُ بَعْضَ الْكُلِّ فَلَا يَحْتَاجُ مِنَ الجد والاهتمام إلى ما يحتاج إليه حالة الِانْفِرَادُ وَعَدَمُ الْأَبِ الْمُعَاوِنِ فَإِذَا قِيلَ لَا أَبَا لَكَ فَمَعْنَاهُ جِدَّ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَشَمِّرْ وَتَأَهَّبْ تَأَهُّبَ مَنْ لَيْسَ لَهُ مُعَاوِنٌ والله اعلم
..............
(2/202 )
د تَأْتِي كَلَّا بِمَعْنَى حَقًّا وَبِمَعْنَى أَلَا الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ يُسْتَفْتَحُ بِهَا الْكَلَامُ وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ عَلَى أَقْسَامٍ وَقَدْ جَمَعَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ أَقْسَامَهَا وَمَوَاضِعَهَا فِي بَابٍ مِنْ كِتَابِهِ الْوَقْفُ وَالِابْتِدَاءُ
حسن المطروشى الاثرى
2021-10-05, 09:37 PM
............
(2/209)
قَدْ لَخَصَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْإِسْرَاءِ جُمَلًا حَسَنَةً نَفِيسَةً فَقَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ إِنَّمَا كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي الْمَنَامِ وَالْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ وَمُعْظَمُ السَّلَفِ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِي نَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِي نَ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِجَسَدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآثَارُ تَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَنْ طَالَعَهَا وَبَحَثَ عَنْهَا وَلَا يُعْدَلُ عَنْ ظَاهِرِهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي حَمْلِهَا عَلَيْهِ فَيُحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْكِتَابِ أَوْهَامٌ أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَقَدْ نَبَّهَ مُسْلِمٌ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَقَدَّمَ وَأَخَّرَ وَزَادَ وَنَقَصَ مِنْهَا قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ غَلَطٌ لَمْ يُوَافَقْ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِسْرَاءَ أَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَقَالَ الْحَرْبِيُّ كَانَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بخمس سنين وقال بن إِسْحَاقَ أُسْرِيَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ وَالْقَبَائِلِ)
قَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةَ شَرِيكٍ هَذِهِ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ صَحِيحِهِ وَأَتَى بِالْحَدِيثِ مُطَوَّلًا قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْحَقِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ زَادَ فِيهِ زِيَادَةً مَجْهُولَةً وَأَتَى فِيهِ بِأَلْفَاظٍ غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ الْإِسْرَاءِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ كَابْنِ شِهَابٍ وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَقَتَادَةَ يَعْنِي عَنْ أَنَسٍ فَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِمَا أَتَى بِهِ شَرِيكٌ وَشَرِيكٌ لَيْسَ بِالْحَافِظِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ قَبْلَ هَذَا هِيَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا هَذَا كَلَامُ الْحَافِظِ عَبْدُ الْحَقِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُ مُسْلِمٍ
.........
(2/230)
أَمَّا الْأُصْبُعُ فَفِيهَا عَشْرُ لُغَاتٍ كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُهَا وَضَمُّهَا مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا وَالْعَاشِرَةُ أُصْبُوعٌ عَلَى مِثَالِ عُصْفُورٍ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ وَضْعِ الْأُصْبُعِ فِي الْأُذُنِ عِنْدَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَهَذَا الِاسْتِنْبَاطُ وَالِاسْتِحْبَا بُ يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ إِنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
(2/234)
أَمَّا عِيسَى فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ مَسِيحًا قَالَ الْوَاحِدِيُّ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّ أَصْلَهُ بِالْعِبْرَانِي َّةِ مَشِيحَا فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَغَيَّرَتْ لَفْظَهُ كَمَا قَالُوا مُوسَى وَأَصْلُهُ مُوشَى أَوْ مِيشَا بِالْعِبْرَانِي َّةِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ غَيَّرُوهُ فَعَلَى هَذَا لَا اشْتِقَاقَ لَهُ قَالَ وَذَهَبَ أكثر العلماء إلى أنه مُشْتَقٍّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَحُكِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهُ لم يمسح ذا عاهة الا بريء وقال ابراهيم وبن الْأَعْرَابِيِّ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحُ أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمَصَ لَهُ وَقِيلَ لِمَسْحِ زَكَرِيَّا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ قَطْعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ حِينَ وُلِدَ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَحَهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(2/235)
الدَّجَّالُ فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَالْأَعْوَرُ يُسَمَّى مَسِيحًا وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ حِينَ خُرُوجِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ عِيسَى أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَاخْتُلِفَ فِي الدَّجَّالِ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُهُ مِثْلَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَلَكِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسِيحُ هُدًى وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ ضَلَالَةٍ وَرَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِسِّيحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالسِّينِ الْمُشَدَّدَةِ وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(236 )
وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ إِحْدَاهُمَا بِذَهَابِهَا وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ وَاللَّهُ أعلم
........
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ختم المجلد الثاني من
" المنهاج " للإمام النووي
ويليه المجلد الثالث
اليوم : الثلاثاء
الموافق 27/ صفر/1443 هجري
اليوم 5/ أكتوبر /2021 ميلادي
حسن المطروشى الاثرى
2021-10-18, 09:09 PM
المجلد الثالث
اليوم : الأثنين
الموافق 11/ ربيع الأول / 1443 هجري
الموافق : 18/ أكتوبر / 2021 ميلادي
المجلد الثالث
" شرح النووي على صحيح مسلم "
(3/13 )
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ) فَالسُّبُحَاتُ بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاءِ وَرَفْعِ التَّاءِ فِي آخِرِهِ وَهِيَ جَمْعُ سُبْحَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَالْهَرَوِيُّ وَجَمِيعُ الشَّارِحِينَ لِلْحَدِيثِ
منَ اللُّغَوِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِي نَ مَعْنَى سُبُحَاتُ وَجْهِهِ نُورُهُ وَجَلَالُهُ وَبَهَاؤُهُ وَأَمَّا الْحِجَابُ فَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ وَالسَّتْرُ وَحَقِيقَةُ الْحِجَابِ إِنَّمَا تَكُونُ لِلْأَجْسَامِ المحدودة والله تعالى مُنَزَّهٌ عَنِ الْجِسْمِ وَالْحَدِّ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَانِعُ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَانِعُ نُورًا أَوْ نَارًا لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ مِنَ الْإِدْرَاكِ فِي الْعَادَةِ لِشُعَاعِهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ وَالْمُرَادُ بِمَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّ بَصَرَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ
..........
(3/16)
أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَجْمَعِهِمْ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُمْكِنَةٌ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ عَقْلًا وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى وُقُوعِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى دُونَ الْكَافِرِينَ وَزَعَمَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ وَأَنَّ رُؤْيَتَهُ مُسْتَحِيلَةٌ عَقْلًا وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَجَهْلٌ قَبِيحٌ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنَيْن ِ وَرَوَاهَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ صَحَابِيًّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَاتُ الْقُرْآنِ فِيهَا مَشْهُورَةٌ وَاعْتِرَاضَاتُ الْمُبْتَدِعَةِ عَلَيْهَا لَهَا أَجْوِبَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْمُتَكَلِّمِي نَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَذَلِكَ بَاقِي شُبَهِهِمْ وَهِيَ مُسْتَقْصَاةٌ فِي كُتُبِ الْكَلَامِ وَلَيْسَ بِنَا ضَرُورَةٌ إِلَى ذِكْرِهَا هُنَا وَأَمَّا رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَلَكِنَّ الْجُمْهُورَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي الدُّنْيَا وَحَكَمَ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكَ أَنَّهُ حَكَى فِيهَا قَوْلَيْنِ لِلْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَحَدُهُمَا وُقُوعُهَا وَالثَّانِي لَا تَقَعُ ثُمَّ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الرُّؤْيَةَ
قُوَّةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ
.................
(3/17)
أَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ وَالْمُحَقِّقُو نَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَصَحَّحَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا رَوَاهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ مُتَّصِلًا وَبَعْضُهُمْ مُرْسَلًا أَوْ بَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا وَبَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا حُكِمَ بِالْمُتَّصِلِ وَبِالْمَرْفُوع ِ لِأَنَّهُمَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ مِنْ كُلِّ الطَّوَائِفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
حسن المطروشى الاثرى
2021-10-27, 11:40 AM
الحمد لله
اليوم : الأربعاء
الموافق : 20 / ربيع الأول /1443 هجري
الموافق 27/ أكنوبر / 2021 ميلادي
تابع / المجلد الثالث من المنهاج لشرح صحيح مسلم للنووي
(3/29)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذلك طائفة حكاه بن فُورَكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ بَاطِلٌ بَلْ لَا يَرَاهُ الْمُنَافِقُونَ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِرُؤْيَتِهِمُ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الْجَمْعَ الَّذِي فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُنَافِقُو نَ يَرَوْنَ
الصُّورَةَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ يَرَاهُ جَمِيعُهُمْ وَقَدْ قَامَتْ دَلَائِلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقَ لَا يَرَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَم
............
(3/35)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ عَقْلًا وَوُجُوبُهَا سَمْعًا بِصَرِيحِ قَوْلِهِ تَعَالَى يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قولا وقوله ولا يشفعون الا لمن ارتضى وَأَمْثَالِهِمَ ا وَبِخَبَرِ الصَّادِقِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ الَّتِي بَلَغَتْ بِمَجْمُوعِهَا التَّوَاتُرَ بِصِحَّةِ الشَّفَاعَةِ فِي الْآخِرَةِ لِمُذْنِبِي الْمُؤْمِنِينَ وَأَجْمَعَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَيْهَا وَمَنَعَتِ الْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ مِنْهَا وَتَعَلَّقُوا بِمَذَاهِبِهِمْ فِي تَخْلِيدِ الْمُذْنِبِينَ فِي النَّارِ وَاحْتَجُّوا بقوله تعالى فما تنفعهم شفاعة الشافعين وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شفيع يطاع وَهَذِهِ الْآيَاتُ فِي الْكُفَّارِ وَأَمَّا تَأْوِيلُهُمْ أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ بِكَوْنِهَا فِي زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ فَبَاطِلٌ وَأَلْفَاظُ الْأَحَادِيثِ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ صَرِيحَةٌ فِي بُطْلَانِ مَذْهَبِهِمْ وَإِخْرَاجِ مَنِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ لَكِنَّ الشَّفَاعَةَ خمسة أقسام أولها مختصة بنبينا صلى الله عليه سلم وَهِيَ الْإِرَاحَةُ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَتَعْجِيلُ الْحِسَابِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا الثَّانِيَةُ فِي إِدْخَالِ قَوْمٍ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَهَذِهِ وَرَدَتْ أَيْضًا لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الثَّالِثَةُ الشَّفَاعَةُ لِقَوْمٍ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ فَيَشْفَعُ فِيهِمْ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَنُنَبِّهُ عَلَى مَوْضِعِهَا قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الرَّابِعَةُ فِيمَنْ دخل النار
مِنَ الْمُذْنِبِينَ فَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَلَائِكَة ِ وَإِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ يُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَا يَبْقَى فِيهَا إِلَّا الْكَافِرُونَ الْخَامِسَةُ فِي زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ لِأَهْلِهَا وَهَذِهِ لَا يُنْكِرُهَا الْمُعْتَزِلَةُ وَلَا يُنْكِرُونَ أَيْضًا شَفَاعَةَ الْحَشْرِ الْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ عُرِفَ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ سُؤَالُ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَفَاعَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَغْبَتَهُمْ فِيهَا وَعَلَى هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ الْإِنْسَانُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهَا لَا تَكُونُ إِلَّا لِلْمُذْنِبِينَ فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ كَمَا قَدَّمْنَا لِتَخْفِيفِ الْحِسَابِ وَزِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ ثُمَّ كُلُّ عَاقِلٍ مُعْتَرِفٌ بِالتَّقْصِيرِ مُحْتَاجٌ إِلَى الْعَفْوِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِعَمَلِهِ مُشْفِقٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ وَيَلْزَمُ هَذَا الْقَائِلَ أَلَّا يَدْعُوَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِأَنَّهَا لِأَصْحَابِ الذُّنُوبِ وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ مَا عُرِفَ مِنْ دُعَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(3/36)
أَنَّ الْكُفَّارَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ وَالْمُسْتَحِقّ ُونَ لِلْخُلُودِ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ حَيَاةً يَنْتَفِعُونَ بِهَا وَيَسْتَرِيحُون َ مَعَهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عنهم من عذابها وَكَمَا قَالَ تَعَالَى ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا ولا يحيى وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ نَعِيمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دَائِمٌ وَأَنَّ عَذَابَ أَهْلِ الْخُلُودِ فِي النَّارِ دَائِمٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ إِلَى آخِرِهِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُمِيتُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِمَاتَةً بَعْدَ أَنْ يُعَذَّبُوا الْمُدَّةَ الَّتِي أَرَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَهَذِهِ الْإِمَاتَةُ إِمَاتَةٌ حَقِيقِيَّةٌ يَذْهَبُ مَعَهَا الْإِحْسَاسُ وَيَكُونُ عَذَابُهُمْ عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ ثُمَّ يُمِيتُهُمْ ثُمَّ يَكُونُونَ مَحْبُوسِينَ فِي النَّارِ مِنْ غَيْرِ إِحْسَاسٍ الْمُدَّةَ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ مَوْتَى قَدْ صَارُوا فَحْمًا فَيُحْمَلُونَ ضَبَائِرَ كَمَا تُحْمَلُ الْأَمْتِعَةُ وَيُلْقَوْنَ عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فيصب عليهم ماء الحياة
.........
(3/45)
أنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُولِ الْمُتَقَدِّمَة ِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ وَالْمُحَقِّقُو نَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا رُوِيَ مُتَّصِلًا وَرُوِيَ مُرْسَلًا وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَرُوِيَ مَوْقُوفًا فَالْحُكْمُ لِلْمَوْصُولِ وَالْمَرْفُوعِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ مِنْ أَصْحَابِ فنون العلوم فلا يقدح اختلافهم ها هنا في رفع الحديث ووقفه لاسيما وَقَدْ رَوَاهُ الْأَكْثَرُونَ مَرْفُوعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
حسن المطروشى الاثرى
2021-10-30, 11:12 AM
اليوم : السبت
الموافق : 23/ ربيع الأول / 1443 هجري
الموافق : 30 / أكتوبر / 2021 ميلادي
" تتمة المبحث لتلخيص المنهاج للإمام النووي رحمه الله
(3/50)
يَزِيدُ الْفَقِيرُ) هُوَ يَزِيدُ بْنُ صُهَيْبٍ الْكُوفِيُّ ثُمَّ الْمَكِّيُّ أَبُو عُثْمَانَ قِيلَ لَهُ الْفَقِيرُ لِأَنَّهُ أُصِيبَ فِي فَقَارِ ظَهْرِهِ فَكَانَ يَأْلَمُ مِنْهُ حَتَّى يَنْحَنِيَ لَ
........
(3/51)
قَوْلُهُ (فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ) هُوَ بِالسِّينَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْ نِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَةٌ وَهُوَ جَمْعُ سِمْسِمٍ وَهُوَ هَذَا السِّمْسِمُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الشَّيْرَجُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو السَّعَادَاتِ الْمُبَارَكُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأَثِيرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ السَّمَاسِمَ جَمْعُ سِمْسِمٍ وَعِيدَانُهُ تَرَاهَا إِذَا قُلِعَتْ وَتُرِكَتْ فِي الشَّمْسِ لِيُؤْخَذُ حَبُّهَا دِقَاقًا سُودًا كَأَنَّهَا مُحْتَرِقَةٌ فَشَبَّهَ بِهَا هَؤُلَاءِ قَالَ وَطَالَمَا طَلَبْتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَسَأَلْتُ عَنْهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا شَافِيًا قَالَ وَمَا أَشْبَهَ أَنْ تَكُونَ اللَّفْظَةُ مُحَرَّفَةً وَرُبَّمَا كَانَتْ عِيدَانُ السَّاسَمِ وَهُوَ خَشَبٌ أَسْوَدُ كَالْآبَنُوسِ هَذَا كَلَامُ أَبِي السَّعَادَاتِ وَالسَّاسَمُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ بِحَذْفِ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ الثَّانِيَةِ كَذَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ لَا يعرف معنى السماسم هنا قال ولعله صَوَابَهُ عِيدَانُ السَّاسَمِ وَهُوَ أَشْبَهُ وَهُوَ عُودٌ أَسْوَدُ وَقِيلَ هُوَ الْآبَنُوسُ وَأَمَّا صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فَقَالَ قَالَ بَعْضُهُمْ السَّمَاسِمُ كُلُّ نَبْتٍ ضَعِيفٍ كَالسِّمْسِمِ وَالْكُزْبَرَةِ وَقَالَ آخَرُونَ لَعَلَّهُ السَّأْسَمُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ الْآبَنُوسُ شَبَّهَهُمْ بِهِ فِي سَوَادِهِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ من الأصول والكتب كَأَنَّهَا عِيدَانُ السَّمَاسِمِ بِأَلِفٍ بَعْدَ الْهَاءِ وَالصَّحِيحُ الْمَوْجُودُ فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ وَالْكُتُبِ كَأَنَّهُمْ بِمِيمٍ بَعْدَ الْهَاءِ وَلِلْأَوَّلِ أَيْضًا وَجْهٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي كَأَنَّهَا عَائِدٌ عَلَى الصُّوَرِ أَيْ كَأَنَّ صُوَرَهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
(3/52)
أَنَّ الْعُلَمَاءَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرِهِمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْمَعَاصِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ لَخَصَّ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَقَاصِدَ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ لَا خِلَافَ أَنَّ الْكُفْرَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ لَيْسَ بِجَائِزٍ بَلْ هُمْ مَعْصُومُونَ مِنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا الْمَعَاصِي فَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ كُلِّ كَبِيرَةٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْعَقْلِ أَوِ الشَّرْعِ فَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَمَنْ مَعَهُ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ مِنْ مُقْتَضَى دَلِيلِ الْمُعْجِزَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ وَافَقَهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْإِجْمَاعِ وَذَهَبَتِ الْمُعْتَزِلَةُ إلى أن ذلك من طريق العقل وكذلك اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ طَرِيقُهُ الْإِبْلَاغَ فِي الْقَوْلِ فَهُمْ مَعْصُومُونَ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا مَا كَانَ طَرِيقُهُ الْإِبْلَاغَ فِي الْفِعْلِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْعِصْمَةِ فِيهِ رَأْسًا وَأَنَّ السَّهْوَ وَالنِّسْيَانَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ فيه وتأولوا
أَحَادِيثَ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوَاضِعِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْمُظَفَّرِ الْإِسْفَرَايِن ِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْخُرَاسَانِيّ ِينَ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَشَايِخِ الْمُتَصَوِّفَة ِ وَذَهَبَ مُعْظَمُ الْمُحَقِّقِينَ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَوُقُوعِهِ مِنْهُمْ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَنْبِيهِهِمْ عَلَيْهِ وَذِكْرِهِمْ إِيَّاهُ إِمَّا فِي الْحِينِ عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَإِمَّا قَبْلَ وَفَاتِهِمْ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِيَسُنُّوا حُكْمَ ذَلِكَ وَيُبَيِّنُوهُ قَبْلَ انْخِرَامِ مُدَّتِهِمْ وَلِيَصِحَّ تَبْلِيغُهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنَ الصَّغَائِرِ الَّتِي تزرى بفاعلها وتحط منزلته وتسقط مروأته وَاخْتَلَفُوا فِي وُقُوعِ غَيْرِهَا مِنَ الصَّغَائِرِ مِنْهُمْ فَذَهَبَ مُعْظَمُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِي نَ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى جَوَازِ وُقُوعِهَا مِنْهُمْ وَحُجَّتُهُمْ ظَوَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْأَخْبَارِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّحْقِيقِ وَالنَّظَرِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ مِنْ أَئِمَّتنَا إِلَى عِصْمَتِهِمْ مِنَ الصَّغَائِرِ كَعِصْمَتِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ وَأَنَّ منصب النبوة يجل عن مواقعها وَعَنْ مُخَالَفَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَمْدًا وَتَكَلَّمُوا عَلَى الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَتَأَوَّلُوهَا وَأَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ
.......
(3/53)
أنْ نَسَبَ قَوْمٌ هَذَا الْمَذْهَبَ إِلَى الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ وَطَوَائِفَ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ إِذْ مَنْزِعُهُمْ فِيهِ مَنْزِعٌ آخَرُ مِنَ التَّكْفِيرِ بِالصَّغَائِرِ وَنَحْنُ نَتَبَرَّأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ وَانْظُرْ هَذِهِ الْخَطَايَا الَّتِي ذُكِرَتْ لِلْأَنْبِيَاءِ مِنْ أَكْلِ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ الشَّجَرَةِ نَاسِيًا وَمِنْ دَعْوَةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى قَوْمٍ كُفَّارٍ وقتل موسى صلى الله عليه وسلم لكافر لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ وَمُدَافَعَةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم الكفار بقوله
عَرَّضَ بِهِ هُوَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ صَادِقٍ وَهَذِهِ كُلُّهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ لَيْسَتْ بِذُنُوبٍ لَكِنَّهُمْ أَشْفَقُوا مِنْهَا إِذْ لَمْ تَكُنْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَتَبَ عَلَى بَعْضِهِمْ فِيهَا لِقَدْرِ مَنْزِلَتِهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى
..............
حسن المطروشى الاثرى
2021-11-27, 09:27 PM
اليوم : السبت
الموافق : 21 / ربيع الثاني / 1443 هجري
الموافق : 27/ نوفمبر / 2021 ميلادي
تابع / المجلد الثالث من فوائد شرح النووي على صحيح مسلم
(3/60)
سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ هَكَذَا يُرْوَى فِي كُتُبِ الحديث وغيرها وأن بن قتيبة قال في كتابه أدب الكتاب الصواب بن أَبِي الْعَرُوبَةِ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ وَاسْمُ أَبِي عَرُوبَةَ مِهْرَانُ
أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ مِمَّنِ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَأَنَّ الْمُخْتَلِطَ لَا يُحْتَجُّ بِمَا رَوَاهُ فِي حَالِ الِاخْتِلَاطِ وَشَكَكْنَا هَلْ رَوَاهُ فِي الِاخْتِلَاطِ أَمْ فِي الصِّحَّةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الْمُخْتَلِطِين َ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عُرِفَ أَنَّهُ رَوَاهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.................
(3/61 )
قال النووي رحمه الله
ي الْبَصْرَةِ ثَلَاثَ لُغَاتٍ فَتْحُ الْبَاءِ وَضَمُّهَا وَكَسْرُهَا وَالْفَتْحُ هُوَ الْمَشْهُورُ
...........
(3/65)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَحَبَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلذِّرَاعِ لِنُضْجِهَا وَسُرْعَةِ اسْتِمْرَائِهَا مَعَ زِيَادَةِ لَذَّتِهَا وَحَلَاوَةِ مَذَاقِهَا وَبُعْدِهَا عَنْ مَوَاضِعِ الْأَذَى هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ
بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا كَانَتِ الذِّرَاعُ أَحَبَّ اللَّحْمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ كَانَ لَا يَجِدُ اللَّحْمَ إِلَّا غِبًّا فَكَانَ يَعْجَلُ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا أَعْجَلُهَا نُضْجًا
............
(3/69)
(إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْن ِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى)
هَجَرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ وَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ هِيَ قَاعِدَةُ بِلَادِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ هَجَرٌ اسْمُ بَلَدٍ مُذَكَّرٌ مَصْرُوفٌ قَالَ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ هَاجِرِيٌّ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي الْجُمَلِ هَجَرٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قُلْتُ وَهَجَرٌ هَذِهِ غَيْرُ هَجَرٍ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرٍ تِلْكَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْمَدِينَةِ كَانَتِ الْقِلَالُ تُصْنَعُ بِهَا وَهِيَ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ
............
(3/71)
قوله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ) قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ هَذِهِ كَلِمَةٌ تُذْكَرُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَاضُعِ أَيْ لَسْتُ بِتِلْكَ الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ قَالَ وَقَدْ وَقَعَ لِي مَعْنًى مَلِيحٌ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَكَارِمَ الَّتِي أُعْطِيتُهَا كَانَتْ بِوَسَاطَةِ سِفَارَةِ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى فَإِنَّهُ حَصَلَ لَهُ سَمَاعُ الْكَلَامِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ قَالَ وَإِنَّمَا كَرَّرَ وَرَاءَ وَرَاءَ لِكَوْنِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَلَ لَهُ السَّمَاعُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَحَصَلَ لَهُ الرُّؤْيَةُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَرَاءُ مُوسَى الَّذِي هُوَ وراء محمد صلى الله عليه وسلم أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ وَأَمَّا ضَبْطُ وَرَاءَ وَرَاءَ فَالْمَشْهُورُ فِيهِ الْفَتْحُ فِيهِمَا بلا تنوين ويجوز عند أهل العربية بناؤها عَلَى الضَّمِّ وَقَدْ جَرَى فِي هَذَا كَلَامٌ بَيْنَ الْحَافِظِ أَبِي الْخَطَّابِ بْنِ دِحْيَةَ وَالْإِمَامُ الأديب أبي اليمن الكندي فرواهما بن دِحْيَةَ بِالْفَتْحِ وَادَّعَى أَنَّهُ الصَّوَابُ فَأَنْكَرَهُ الْكِنْدِيُّ وَادَّعَى أَنَّ الضَّمَّ هُوَ الصَّوَابُ
...........
(3/75)
كَعْبُ بْنُ مَاتِعٍ بِالْمِيمِ وَالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ بَعْدَهَا عَيْنٌ وَالْأَحْبَارُ الْعُلَمَاءُ واحدهم حبر بفتح الحاء وكسرها الغتان أى كعب العلماء كذا قاله بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُمِّيَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ لِكَوْنِهِ صَاحِبَ كُتُبِ الْأَحْبَارِ جَمْعُ حِبْرٍ وَهُوَ مَا يُكْتَبُ بِهِ وَهُوَ مَكْسُورُ الْحَاءِ وَكَانَ كَعْبٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ بَلْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تُوُفِّيَ بِحِمْصَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ فُضَلَاءِ التَّابِعِينَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
.............
حسن المطروشى الاثرى
2021-11-30, 09:52 PM
اليوم : الثلاثاء
الموافق : 24/ ربيع الثاني / 1443 هجري
الموافق : 30 / نوفمبر / 2021 ميلادي
تكملة الفوائد من شرح النووي على صحيح مسلم "
ويليه كتاب " الطهارة "
...................
(3/83)
فِي أَبِي لَهَبٍ لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا فَتْحُ الْهَاءِ وَإِسْكَانُهَا وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَمَعْنَى تَبَّ خَسِرَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذِهِ السُّورَةِ عَلَى جَوَازِ تَكْنِيَةِ الْكَافِرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي جَوَازِ تَكْنِيَةِ الْكَافِرِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى جِهَةِ التَّأَلُّفِ وَإِلَّا فَلَا إِذْ فِي التَّكْنِيَةِ تَعْظِيمٌ وَتَكْبِيرٌ وَأَمَّا تَكْنِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَبِي لَهَبٍ فَلَيْسَتْ مِنْ هَذَا وَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِذَا كَانَ اسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وهَذِهِ تَسْمِيَةٌ بَاطِلَةٌ فَلِهَذَا كَنَّى عَنْهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يُعْرَفُ بِهَا وَقِيلَ إِنَّ أَبَا لَهَبٍ لَقَبٌ وَلَيْسَ بِكُنْيَةٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عُتْبَةَ وَقِيلَ جَاءَ ذِكْرُ أَبِي لَهَبٍ
..................
(3/85)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تَنْفَعُهُمْ أَعْمَالُهُمْ وَلَا يُثَابُونَ عَلَيْهَا بِنَعِيمٍ وَلَا تَخْفِيفِ عَذَابٍ لَكِنَّ بَعْضَهُمْ أَشَدُّ عَذَابًا مِنْ بَعْضٍ بِحَسَبِ جَرَائِمِهِمْ
.............
(3/86)
قال النووي رحمه الله
الْجَاهِلِيَّةُ فَمَا كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ جَهَالَاتِهِمْ والله تعالى أَعْلَمُ
..............
(3/88)
سبقك بها عكاشة
قيل ان الرجل وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي الْأَسْمَاءِ الْمُبْهَمَةِ أَنَّهُ يُقَالُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ صَحَّ هَذَا بَطَلَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُنَافِقٌ وَالْأَظْهَرُ الْمُخْتَارُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...............
(3/91)
وْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي حَقِيقَةِ التَّوَكُّلِ فَحَكَى الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ التَّوَكُّلِ إِلَّا مَنْ لَمْ يُخَالِطْ قَلْبَهُ خَوْفٌ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ سَبُعٍ أَوْ عَدُوٍّ حَتَّى يَتْرُكَ السَّعْيَ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ ثِقَةً بِضَمَانِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ رِزْقَهُ وَاحْتَجُّوا بِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ وَقَالَتْ طائفة حده الثقة بالله تعالى والايقان بِأَنَّ قَضَاءَهُ نَافِذٌ وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّعْي فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالتَّحَرُّزِ مِنَ الْعَدُوِّ كَمَا فَعَلَهُ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيُّ وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ بَعْضِ الْمُتَصَوِّفَة ِ وَأَصْحَابِ عِلْمِ الْقُلُوبِ وَالْإِشَارَاتِ وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ إِلَى نَحْوِ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمُ اسْمُ التَّوَكُّلِ مَعَ الِالْتِفَاتِ وَالطُّمَأْنِين َةِ إِلَى الْأَسْبَابِ بَلْ فِعْلُ الْأَسْبَابِ سُنَّةُ اللَّهِ وَحِكْمَتُهُ وَالثِّقَةُ بِأَنَّهُ لَا يَجْلِبُ نَفْعًا وَلَا يَدْفَعُ ضَرًّا وَالْكُلُّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي عِيَاضٍ قَالَ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اعْلَمْ أَنَّ التَّوَكُّلَ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ وَأَمَّا الْحَرَكَةُ بِالظَّاهِرِ فَلَا تُنَافِي التَّوَكُّلَ بِالْقَلْبِ بَعْدَ مَا تَحَقَّقَ الْعَبْدُ أَنَّ الثِّقَةَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تعالى فان تعسر شئ فَبِتَقْدِيرِهِ وَإِنْ تَيَسَّرَ فَبِتَيْسِيرِهِ وَقَالَ سَهْلُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ التَّوَكُّلُ الِاسْتِرْسَالُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا يُرِيدُ وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْجَبَّرِيُّ التَّوَكُّلُ الِاكْتِفَاءُ بِاللَّهِ تَعَالَى مَعَ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَقِيلَ التَّوَكُّلُ أَنْ يَسْتَوِيَ الْإِكْثَارُ وَالتَّقَلُّلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
(3/99)
قال النووي
يأجوج ومأجوج
قالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ هُمْ مِنْ وَلَدِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ وَقَالَ الضَّحَّاكُ هُمْ جِيلٌ مِنَ التُّرْكِ وَقَالَ كَعْبٌ هُمْ بَادِرَةٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ مِنْ غَيْرِ حَوَّاءَ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَلَمَ فَامْتَزَجَتْ نُطْفَتُهُ بِالتُّرَابِ فَخَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
حسن المطروشى الاثرى
2021-12-04, 09:13 PM
اليوم : السبت
الموافق : 28/ ربيع الثاني / 1443
الموافق : 4/ ديسمبر / 2021
كتاب " الطهارة "
(3/100)
" كتاب الطهارة "
قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ يُقَالُ الْوُضُوءُ والطُّهُورُ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ وَيُقَالُ الْوَضُوءُ وَالطَّهُورُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ الَّذِي يتطهر به هكذا نقله بن الْأَنْبَارِيِّ وَجَمَاعَاتٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَذَهَبَ الْخَلِيلُ وَالْأَصْمَعِيّ ُ وَأَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِي ُّ وَالْأَزْهَرِيّ ُ وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَحُكِيَ الضَّمُّ فِيهِمَا جَمِيعًا وَأَصْلُ الْوُضُوءِ مِنَ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ وَسُمِّيَ وُضُوءُ الصَّلَاةِ وُضُوءًا لِأَنَّهُ يُنَظِّفُ الْمُتَوَضِّئَ وَيُحَسِّنُهُ وَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ أَصْلُهَا النَّظَافَةُ وَالتَّنَزُّهُ وَأَمَّا الْغُسْلُ فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ فَهُوَ مَضْمُومُ الْغَيْنِ وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ فَيَجُوزُ بِضَمِّ الْغَيْنِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ
............
(3/102)
قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَقِيقَةُ الصَّبْرِ أَنْ لَا يَعْتَرِضَ عَلَى الْمَقْدُورِ فَأَمَّا إِظْهَارُ الْبَلَاءِ لَا عَلَى وَجْهِ الشَّكْوَى فَلَا يُنَافِي الصَّبْرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نعم العبد مَعَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(3/102)
أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاخْتَلَفُوا مَتَى فُرِضَتِ الطَّهَارَةُ للصلاة فذهب بن الْجَهْمِ إِلَى أَنَّ الْوُضُوءَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَانَ سُنَّةً ثُمَّ نَزَلَ فَرْضُهُ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ قَالَ الْجُمْهُورُ بَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَرْضًا قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْوُضُوءَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلَاةِ أَمْ عَلَى المحدث خاصة
ذَهَبَ ذَاهِبُونَ مِنَ السَّلَفِ إِلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَرْضٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الْآيَةَ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ ثُمَّ نُسِخَ وَقِيلَ الْأَمْرُ بِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى النَّدْبِ وَقِيلَ بَلْ لَمْ يُشْرَعْ إِلَّا لِمَنْ أَحْدَثَ وَلَكِنَّ تَجْدِيدَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُسْتَحَبٌّ وَعَلَى هَذَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْفَتْوَى بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمْ فِيهِ خِلَافٌ
............
(3/103)
وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مِنْ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ مِنْ قَوْلِهِمَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى خِلَافِهِ وَلَوْ صَلَّى مُحْدِثًا مُتَعَمِّدًا بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَلَا يَكْفُرُ عِنْدنَا وَعِنْدَ الْجَمَاهِيرِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَكْفُرُ لِتَلَاعُبِهِ وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْكُفْرَ لِلِاعْتِقَادِ وَهَذَا الْمُصَلِّي اعْتِقَادُهُ صَحِيحٌ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَلِّي مُحْدِثًا عُذْرٌ أَمَّا الْمَعْذُورُ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهِيَ مَذَاهِبُ لِلْعُلَمَاءِ قَالَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَائِلُونَ أَصَحُّهَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَالِهِ وَيَجِبُ أَنْ يُعِيدَ إِذَا تَمَكَّنَ مِنَ الطَّهَارَةِ وَالثَّانِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ أن يصلي ويحب الْقَضَاءُ وَالثَّالِثُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَالرَّابِعُ يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ وَهُوَ أَقْوَى الْأَقْوَالِ دَلِيلً
...........
(3/106)
أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مَرَّةً مَرَّةً وَعَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ سُنَّةٌ وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالْغَسْلِ مَرَّةً مَرَّةً وَثَلَاثًا ثَلَاثًا وَبَعْضُ الْأَعْضَاءِ ثَلَاثًا وَبَعْضُهَا مَرَّتَيْنِ وَبَعْضُهَا مَرَّةً قَالَ الْعُلَمَاءُ فَاخْتِلَافُهَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنَّ الثَّلَاثَ هِيَ الْكَمَالُ وَالْوَاحِدَةُ تُجْزِئُ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ اخْتِلَافُ الْأَحَادِيثِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِيهِ عَنِ الصَّحَابِيِّ الْوَاحِدِ فِي الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ فَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حَفِظَ وَبَعْضَهُمْ نَسِيَ فَيُؤْخَذُ بِمَا زَادَ الثِّقَةُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي قَبُولِ زِيَادَةِ الثِّقَةِ الضَّابِطِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي طَائِفَةٍ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْمَسْحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَا فِي بَاقِي الْأَعْضَاءِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالكٌ وَأَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُون َ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا
وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِيهَا الْمَسْحُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي بَعْضِهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ مَسَحَ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْآتِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى بَاقِي الْأَعْضَاءِ وَأَجَابَ عَنْ أَحَادِيثِ الْمَسْحِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِأَنَّ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَوَاظَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَفْضَلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَاسْتِيعَابِ جَمِيعِهِمَا بِالْغَسْلِ وَانْفَرَدَتِ الرَّافِضَةُ عَنِ الْعُلَمَاءِ فَقَالُوا الْوَاجِبُ فِي الرِّجْلَيْنِ الْمَسْحُ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْهُمْ فَقَدْ تَظَاهَرَتِ النُّصُوصُ بِإِيجَابِ غَسْلِهِمَا وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ كُلُّ مَنْ نَقَلَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ غَسَلَهُمَا وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ فِيهِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي جَمَاعَةٍ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِ اسْتِيعَابِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِوَايَةٍ الْوَاجِبُ رُبْعُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَا قِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَ ا أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ السَّلَفِ الحسن البصري والزهري والحكم وقتادة وربيعة ويحي بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ عَطَاءٍ وَأَحْمَدَ وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لَا يَصِحَّانِ إِلَّا بِهِمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حنبل
...........
(3/107)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)
وَالْمُرَادُ بِالْغُفْرَانِ الصَّغَائِرُ دُونَ الْكَبَائِرِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ عَقِبَ كُلِّ وُضُوءٍ وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَيَفْعَلُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ لَهَا سَبَبًا وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ بِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُخَرَّجِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ مَتَى تَوَضَّأَ صَلَّى وَقَالَ إِنَّهُ أَرْجَى عَمَلٍ لَهُ وَلَوْ صَلَّى فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً مَقْصُودَةً حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ كَمَا تَحْصُلُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ فَالْمُرَادُ لَا يحدث بشئ من أمور الدنيا ومالا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ عَرَضَ لَهُ حَدِيثٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ عُرُوضِهِ عُفِيَ عَنْ ذَلِكَ وَحَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَقَدْ عُفِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَنِ الْخَوَاطِرِ الَّتِي تَعْرِضُ وَلَا تَسْتَقِرُّ
.......
(3/113)
وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة) وَفِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَة ِ مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَفِي الرواية الأخرى الاغفر لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِيهَا وفي الحديث الآخر (مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ نَافِلَةً) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ يُقَالُ إِذَا كَفَّرَ الْوُضُوءُ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الصَّلَاةُ وَإِذَا كَفَّرَتِ الصَّلَاةُ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الْجُمُعَاتُ وَرَمَضَانُ وَكَذَلِكَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَالْجَوَابُ مَا أَجَابَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنَ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ بِهِ دَرَجَاتٌ وَإِنْ صَادَفَتْ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً رَجَوْنَا أَنْ يُخَفِّفَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
,,,,,,,,,,,
(3/114)
أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ فَقَالَ أَلَا أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا)
الْمَقَاعِدُ فَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالْقَافِ قِيلَ هِيَ دَكَاكِينُ عِنْدَ دَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَقِيلَ دَرَجٌ وَقِيلَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ اتَّخَذَهُ لِلْقُعُودِ فِيهِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ وَالْوُضُوءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
..........
حسن المطروشى الاثرى
2021-12-19, 09:29 PM
الحمد لله
اليوم : الأحد
الموافق : 14/ جمادى الأول / 1443 هجري
الموافق : 19/ ديسمبر / 2021 ميلادي
تتمة الفوائد من المنهاج للإمام النووي رحمه الله
(3/ص 122)
ي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ فِيهِ حُجَّةٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الاستنثار غير الاستنشاق خلافا لما قاله بن الاعرابي وبن قُتَيْبَةَ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ
............
(3/125)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِر ْ وِتْرًا وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لْيَنْثُرْ) أَمَّا الِاسْتِجْمَارُ فَهُوَ مَسْحُ مَحَلِّ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ بِالْجِمَارِ وَهِيَ الْأَحْجَارُ الصِّغَارُ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُقَالُ الِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِجْمَا رُ وَالِاسْتِنْجَا ءُ لِتَطْهِيرِ مَحَلِّ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَأَمَّا الِاسْتِجْمَارُ فَمُخْتَصٌّ بِالْمَسْحِ بِالْأَحْجَارِ وَأَمَّا الِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِنْجَا ءُ فَيَكُونَانِ بِالْمَاءِ وَيَكُونَانِ بِالْأَحْجَارِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ طَوَائِفِ الْعُلَمَاءِ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِي نَ وَالْفُقَهَاءِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ هَذَا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ فِي الْبُخُورِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ ثَلَاثَ قِطَعٍ أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَسْتَعْمِلُ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
(3/120)
يُسْتَحَبُّ للمتوضيء أَنْ يَقُولَ عَقِبَ وُضُوئِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مُتَّصِلَا بِهَذَا الْحَدِيثِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِي نَ وَيُسْتَحَبُّ أن يضم إليه مارواه النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِهِ عَمَلُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَرْفُوعًا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَتُسْتَحَبُّ هَذِهِ الْأَذْكَارُ للمغتسل أيضا والله أعلم
.........
(3/121 )
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَهُوَ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ صَاحِبِ الْأَذَانِ كَذَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِي نَ وَالْمُتَأَخِّر ِينَ وَغَلَّطُوا سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ هُوَ هُوَ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى غَلَطِهِ فِي ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ صَحِيحِهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ صَاحِبَ الْأَذَانِ لَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُ
حَدِيثِ الْأَذَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...............
(3/125)
قَالَ الْعُلَمَاءُ يُقَالُ الِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِجْمَا رُ وَالِاسْتِنْجَا ءُ لِتَطْهِيرِ مَحَلِّ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَأَمَّا الِاسْتِجْمَارُ فَمُخْتَصٌّ بِالْمَسْحِ بِالْأَحْجَارِ وَأَمَّا الِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِنْجَا ءُ فَيَكُونَانِ بِالْمَاءِ وَيَكُونَانِ بِالْأَحْجَارِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ طَوَائِفِ الْعُلَمَاءِ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِي نَ وَالْفُقَهَاءِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ هَذَا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ فِي الْبُخُورِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ ثَلَاثَ قِطَعٍ أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَسْتَعْمِلُ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..................
(3/126)
وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَأَنَّ الْمَسْحَ لَا يُجْزِئُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى مَذَاهِبَ فَذَهَبَ جَمْعٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ مَسْحُهُمَا وَلَا يَجِبُ الْمَسْحُ مَعَ الْغَسْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ خِلَافُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ وَقَالَتِ الشِّيعَةُ الْوَاجِبُ مَسْحُهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَالْجُبَّائِيّ ُ رَأْسُ الْمُعْتَزِلَةِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ وَتَعَلَّقَ هَؤُلَاءِ الْمُخَالِفُونَ لِلْجَمَاهِيرِ بِمَا لَا تَظْهَرُ فِيهِ دَلَالَةٌ وَقَدْ أَوْضَحْتُ دَلَائِلَ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَشَوَاهِدِهَا وَجَوَابُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْمُخَالِفُونَ بِأَبْسَطِ الْعِبَارَاتِ الْمُنَقَّحَاتِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُخَالِفِ شُبْهَةٌ أَصْلًا إِلَّا وَضَحَ جَوَابُهَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ
...........
(3/142)
حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِن ِيُّ إِمَامُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّين َ عَنْ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِلصَّلَاةِ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ دَاوُدَ وَقَالَ هُوَ عِنْدَهُ وَاجِبٌ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَحُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ هُوَ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَدْ أَنْكَرَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُو نَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ نَقْلَ الْوُجُوبِ عَنْ دَاوُدَ وَقَالُوا مَذْهَبُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَالْجَمَاعَةِ وَلَوْ صَحَّ إِيجَابُهُ عَنْ دَاوُدَ لَمْ تَضُرَّ مُخَالَفَتُهُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُون َ وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْمَحْكِيُّ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
(3/144)
(لَوْلَا أَنَّ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَوْ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ أَوَ لَمْ يَشُقَّ قَالَ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ قَالُوا وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ مَسْنُونٌ بِالِاتِّفَاقِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَتْرُوكَ إِيجَابُهُ وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ يَحْتَاجُ فِي تَمَامِهِ إِلَى دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ كَانَ مَسْنُونًا حَالَةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنَّ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ
..............
(3/147)
فَالْخِتَانُ وَاجِبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَسُنَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا ثُمَّ إِنَّ الْوَاجِبَ فِي الرَّجُلِ أَنْ يُقْطَعَ جَمِيعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى يَنْكَشِفَ جَمِيعُ الْحَشَفَةِ وَفِي الْمَرْأَةِ يَجِبُ قَطْعُ أَدْنَى جُزْءٍ مِنَ الْجَلْدَةِ الَّتِي فِي أَعْلَى الْفَرْجِ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْخِتَانَ جَائِزٌ فِي حَالِ الصِّغَرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَخْتِنَ الصَّغِيرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوَجْهٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ خِتَانُهُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُخْتَنْ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ وَهَلْ يُحْسَبُ يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنَ السَّبْعِ أَمْ تَكُونُ سَبْعَةً سِوَاهُ فِيهِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا يُحْسَبُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَقِيلَ يَجِبُ خِتَانُهُ فِي فَرْجَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَأَمَّا مَنْ لَهُ ذَكَرَانِ فَإِنْ كَانَا عَامِلَيْنِ وَجَبَ خِتَانُهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَامِلًا دُونَ الْآخَرِ خُتِنَ الْعَامِلُ وَفِيمَا يُعْتَبَرُ الْعَمَلُ بِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا بِالْبَوْلِ وَالْآخَرُ بِالْجِمَاعِ وَلَوْ مَاتَ إِنْسَانٌ غَيْرُ مَخْتُونٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُخْتَنُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَالثَّانِي يُخْتَنُ الْكَبِيرُ دُونَ الصَّغِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حسن المطروشى الاثرى
2022-02-02, 10:57 AM
اليوم : الأربعاء
الموافق : 1/ رجب / 1443 هحري
الموافق : 2/ 2/ 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي على صحيح مسلم
كتاب " السواك "
(3/145) أ
أنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ وَقَدْ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِن ِيُّ إِمَامُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّين َ عَنْ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِلصَّلَاةِ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ دَاوُدَ وَقَالَ هُوَ عِنْدَهُ وَاجِبٌ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَحُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ هُوَ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَدْ أَنْكَرَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُو نَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ نَقْلَ الْوُجُوبِ عَنْ دَاوُدَ وَقَالُوا مَذْهَبُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَالْجَمَاعَةِ وَلَوْ صَحَّ إِيجَابُهُ عَنْ دَاوُدَ لَمْ تَضُرَّ مُخَالَفَتُهُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُون َ وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْمَحْكِيُّ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
إنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَلَكِنْ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا أَحَدُهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا بِمَاءٍ أَوْ بِتُرَابٍ أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا الثَّانِي عِنْدَ الْوُضُوءِ الثَّالِثُ
عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الرَّابِعُ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ الْخَامِسُ عِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ وَتَغَيُّرُهُ يَكُونُ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمِنْهَا أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ وَمِنْهَا طُولُ السُّكُوتِ وَمِنْهَا كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ السِّوَاكَ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ لِئَلَّا يُزِيلُ رَائِحَةَ الْخُلُوفِ الْمُسْتَحَبَّة ِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ بِعُودٍ من أراك وبأى شئ اسْتَاكَ مِمَّا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ حَصَلَ السِّوَاكُ كَالْخِرْقَةِ الْخَشِنَةِ وَالسَّعْدِ وَالْأُشْنَانِ وَأَمَّا الْإِصْبَعُ فَإِنْ كَانَتْ لَيِّنَةً لَمْ يَحْصُلْ بِهَا السِّوَاكُ وَإِنْ كَانَتْ خَشِنَةً فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا الْمَشْهُورُ لَا تُجْزِي وَالثَّانِي تُجْزِي وَالثَّالِثُ تُجْزِي إِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَلَا تُجْزِي إِنْ وَجَدَ وَالْمُسْتَحَبّ ُ أَنْ يَسْتَاكَ بِعُودٍ مُتَوَسِّطٍ لَا شَدِيدِ الْيُبْسِ يَجْرَحُ وَلَا رَطْبٍ لَا يُزِيلُ وَالْمُسْتَحَبّ ُ أَنْ يَسْتَاكَ عَرْضًا وَلَا يَسْتَاكَ طُولًا لِئَلَّا يُدْمِي لَحْمَ أَسْنَانِهِ فَإِنْ خَالَفَ وَاسْتَاكَ طُولًا حَصَلَ السِّوَاكُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ السِّوَاكَ أَيْضًا عَلَى طَرَفِ أَسْنَانِهِ وَكَرَاسِيِّ أَضْرَاسِهِ وَسَقْفِ حَلْقِهِ إِمْرَارًا لَطِيفًا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ فِي سِوَاكِهِ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ فِيهِ وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ سِوَاكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَوَّدَ الصبي السواك ليعتاده قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا أَنَّ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَوْ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ أَوَ لَمْ يَشُقَّ قَالَ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِي نَ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ
........
(3/145)
جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ
............
(3/145)
والمعولي بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ منسوب إلى المعاول بطن من الأزهد
...........
(3/148)
الْخِتَانُ وَاجِبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَسُنَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا ثُمَّ إِنَّ الْوَاجِبَ فِي الرَّجُلِ أَنْ يُقْطَعَ جَمِيعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى يَنْكَشِفَ جَمِيعُ الْحَشَفَةِ وَفِي الْمَرْأَةِ يَجِبُ قَطْعُ أَدْنَى جُزْءٍ مِنَ الْجَلْدَةِ الَّتِي فِي أَعْلَى الْفَرْجِ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْخِتَانَ جَائِزٌ فِي حَالِ الصِّغَرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَخْتِنَ الصَّغِيرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوَجْهٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ خِتَانُهُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُخْتَنْ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ وَهَلْ يُحْسَبُ يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنَ السَّبْعِ أَمْ تَكُونُ سَبْعَةً سِوَاهُ فِيهِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا يُحْسَبُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَقِيلَ يَجِبُ خِتَانُهُ فِي فَرْجَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَأَمَّا مَنْ لَهُ ذَكَرَانِ فَإِنْ كَانَا عَامِلَيْنِ وَجَبَ خِتَانُهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَامِلًا دُونَ الْآخَرِ خُتِنَ الْعَامِلُ وَفِيمَا يُعْتَبَرُ الْعَمَلُ بِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا بِالْبَوْلِ وَالْآخَرُ بِالْجِمَاعِ وَلَوْ مَاتَ إِنْسَانٌ غَيْرُ مَخْتُونٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُخْتَنُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَالثَّانِي يُخْتَنُ الْكَبِيرُ دُونَ الصَّغِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(3/150)
ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي اللِّحْيَةِ عَشْرَ خِصَالٍ مَكْرُوهَةٍ بَعْضُهَا أَشَدُّ قُبْحًا مِنْ بَعْضٍ إِحْدَاهَا خِضَابُهَا بِالسَّوَادِ إلا لِغَرَضِ الْجِهَادِ الثَّانِيَةُ خِضَابُهَا بِالصُّفْرَةِ تَشْبِيهَا بِالصَّالِحِينَ لا لاتباع السنة الثالثة تبييضها بِالْكِبْرِيتِ أَوْ غَيْرِهِ اسْتِعْجَالًا لِلشَّيْخُوخَةِ لِأَجْلِ الرِّيَاسَةِ وَالتَّعْظِيمِ وَإِيهَامِ أَنَّهُ مِنَ الْمَشَايِخِ الرَّابِعَةُ نَتْفُهَا أَوْ حَلْقُهَا أَوَّلَ طُلُوعِهَا إِيثَارًا لِلْمُرُودَةِ وَحُسْنِ الصُّورَةِ الْخَامِسَةُ نَتْفُ الشَّيْبِ السَّادِسَةُ تَصْفِيفُهَا طَاقَةً فَوْقَ طَاقَةٍ تَصَنُّعًا لِيَسْتَحْسِنَه ُ النِّسَاءُ وَغَيْرُهُنَّ السَّابِعَةُ الزِّيَادَةُ فِيهَا وَالنَّقْصُ مِنْهَا بِالزِّيَادَةِ فِي شَعْرِ الْعَذَارِ مِنَ الصُّدْغَيْنِ أَوْ أَخْذُ بَعْضِ الْعِذَارِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَنَتْفُ جَانِبَيِ الْعَنْفَقَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ الثَّامِنَةُ تَسْرِيحُهَا تَصَنُّعًا لِأَجْلِ النَّاسِ التَّاسِعَةُ تَرْكُهَا شَعِثَةً مُلَبَّدَةً إِظْهَارًا لِلزَّهَادَةِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِنَفْسِهِ الْعَاشِرَةُ النَّظَرُ إِلَى سَوَادِهَا وَبَيَاضِهَا إِعْجَابًا وَخُيَلَاءَ وَغُرَّةً بِالشَّبَابِ وَفَخْرًا بِالْمَشِيبِ وَتَطَاوُلًا عَلَى الشباب الحادية عشر عقدها وضفرها الثانية عشر حَلْقُهَا إِلَّا إِذَا نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَةٌ فَيُسْتَحَبُّ لها
حلقها والله اعلم
......
(3/151)
قال النووي رحمه الله
وَالْمُخْتَارُ تَرْكُ اللِّحْيَةِ عَلَى حَالِهَا وَأَلَّا يَتَعَرَّضَ لها بتقصير شئ أَصْلًا وَالْمُخْتَارُ فِي الشَّارِبِ تَرْكُ الِاسْتِئْصَالِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَبْدُو بِهِ طَرَفُ الشَّفَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
............
(3/156)
الثَّالِثَةُ يَجُوزُ الْجِمَاعُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ الظاهرى واختلف فيه أصحاب مالك فجوزه بن القاسم وكرهه بن حَبِيبٍ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(3/156)
الرَّابِعَةُ لَا يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَا اسْتِدْبَارُهُ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ لَكِنْ يُكْرَهُ
..........
(3/160)
قَوْلُهَا (كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ إِذَا تَطَهَّرَ وَفِي تَرَجُّلِهِ إِذَا تَرَجَّلَ وَفِي انْتِعَالِهِ إِذَا انْتَعَلَ) هذه قاعدة مستمرة فى الشرع وهى انما كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ وَالتَّشْرِيفِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالسِّوَاكِ وَالِاكْتِحَالِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَتَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَهُوَ مَشْطُهُ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَالسَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَسْلِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُصَافَحَة ِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِيهِ وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالِامْتِخَاطِ وَالِاسْتِنْجَا ءِ وَخَلْعِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيُسْتَحَبُّ التَّيَاسُرُ فِيهِ وَذَلِكَ كُلَّهُ بِكَرَامَةِ الْيَمِينِ وَشَرَفِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ مِنَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ لَوْ خَالَفَهَا فَاتَهُ الْفَضْلُ وَصَحَّ وُضْوءُهُ وَقَالَتِ الشِّيعَةُ هُوَ وَاجِبٌ وَلَا اعْتِدَادَ بِخِلَافِ الشِّيعَةِ واعلم أن الابتداء باليسار وان كَانَ مُجْزِيًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَغَيْرِهِمَا بِأَسَانِيدَ حَمِيدَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا لَبِسْتُمْ أو توضأتم فابدؤا بِأَيَامِنِكُمْ فَهَذَا نَصٌّ فِي الْأَمْرِ بِتَقْدِيمِ الْيَمِينِ وَمُخَالَفَتُهُ مَكْرُوهَةٌ أَوْ مُحَرَّمَةٌ وَقَدِ انْعَقَدَ إِجْمَاعٌ العلماء عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةٌ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَكْرُوهَةٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَا لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّيَامُنُ وَهُوَ الْأُذُنَانِ والكفان
وَالْخَدَّانِ بَلْ يُطَهَّرَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَمَا فِي حَقِّ الْأَقْطَعِ وَنَحْوِهِ قَدَّمَ الْيَمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(3/163)
خْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَتْوَى مِنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ فَيَسْتَعْمِلَ الْحَجَرَ أَوَّلًا لِتَخِفَّ النَّجَاسَةُ وَتَقِلَّ مُبَاشَرَتُهَا بِيَدِهِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ سَوَاءٌ وَجَدَ الْآخَرَ أَوْ لَمْ يَجِدْهُ فَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَجَرِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالْمَاءُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجَرِ لِأَنَّ الْمَاءَ يُطَهِّرُ الْمَحَلَّ طَهَارَةً حقيقية وَأَمَّا الْحَجَرُ فَلَا يُطَهِّرُهُ وَإِنَّمَا يُخَفِّفُ النَّجَاسَةَ وَيُبِيحُ الصَّلَاةَ مَعَ النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا وَبَعْضُ السَّلَفِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْحَجَرُ وَرُبَّمَا أَوْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَاءَ لَا يجزى وقال بن حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ لَا يُجْزِي الْحَجَرُ إِلَّا لِمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَخِلَافُ ظَوَاهِرِ السُّنَنِ الْمُتَظَاهِرَة ِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حسن المطروشى الاثرى
2022-02-08, 10:12 AM
اليوم : الثلاثاء
الموافق : 7/ رجب / 1443 هجري
الموافق : 8/ فبراير / 2022 ميلادي
(3/163)
اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُتَوَضَّأُ مِنَ الْأَوَانِي دُونَ الْمَشَارِعِ وَالْبِرَكِ وَنَحْوِهَا إِذْ لَمْ ينقل ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِيمَا نَعْلَمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَهَا فَعَدَلَ عَنْهَا إِلَى الْأَوَانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
(3/164)
أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا حَتَّى يَجُوزَ لِلْمَرْأَةِ الْمُلَازِمَةِ بَيْتَهَا وَالزَّمِنِ الَّذِي لَا يَمْشِي وَإِنَّمَا أَنْكَرَتْهُ الشِّيعَةُ وَالْخَوَارِجُ وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِوَايَاتٌ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ كَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ وَقَدْ رَوَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَدْ بَيَّنْتُ أَسْمَاءَ جَمَاعَاتٍ كَثِيرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ رَوَوْهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِيهِ جُمَلًا نَفِيسَةً مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
..........
(3/165)
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَفْضَلُ أَمْ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَذَهَبَ أَصْحَابُنَا إِلَى أَنَّ الْغَسْلَ أَفْضَلُ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ وَذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَاتٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَذَهَبَ جَمَاعَاتٌ مِنَ التَّابِعِينَ إِلَى أن المسح أفضل وذهب إليه الشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا المسح أفضل والثانية هما سواء واختاره بن المنذر والله أعلم
..........
(3:165)
وَرُوِّينَا فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ مَا سَمِعْتُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَحْسَنَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
(3/166)
وَأَمَّا سَبَبُ بَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ أَوْجُهًا حَكَاهَا الْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَحَدُهَا قَالَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشِفِي لِوَجَعِ الصُّلْبِ بِالْبَوْلِ قَائِمًا قَالَ فَتَرَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُ الصُّلْبِ إِذْ ذَاكَ وَالثَّانِي أَنَّ سَبَبَهُ مَا رُوِيَ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ رَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ قَائِمًا لعلة بمأبضه والمأبض بهمزة ساكنة بعد الميم ثم باء مُوَحَّدَةٍ وَهُوَ بَاطِنُ الرُّكْبَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا لِلْقُعُودِ فَاضْطُرَّ إِلَى الْقِيَامِ لِكَوْنِ الطَّرَفِ الَّذِي مِنَ السُّبَاطَةِ كَانَ عَالِيًا مُرْتَفِعًا وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
ابِعًا وَهُوَ أَنَّهُ بَالَ قَائِمًا لِكَوْنِهَا حَالَةً يُؤْمَنُ فِيهَا خُرُوجُ الْحَدَثِ مِنَ السَّبِيلِ الْآخَرِ فِي الْغَالِبِ بِخِلَافِ حَالَةِ الْقُعُودِ وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ الْبَوْلُ قَائِمًا أَحْصَنُ لِلدُّبُرِ وَيَجُوزُ وَجْهٌ خَامِسٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لِلْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ وَكَانَتْ عادته المستمرة يبول قاعدا ويدل عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالتِّرْمِذِيّ ُ وَالنَّسَائِيُّ وَآخَرُونَ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ قَائِمًا أَحَادِيثُ لَا تَثْبُتُ وَلَكِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا ثَابِتٌ فَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يُكْرَهُ الْبَوْلُ قَائِمًا إِلَّا لِعُذْرٍ وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا تحريم قال بن الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَاقِ اخْتَلَفُوا فِي الْبَوْلِ قَائِمًا فَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وزيد بن ثابت وبن عُمَرَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا قَالَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هريرة رضى الله عنهم وفعل ذلك بن سيرين وعروة بن الزبير وكرهه بن مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ بَالَ قَائِمًا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ كَانَ فِي مكان يتطاير إليه من البول شئ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فَإِنْ كَانَ لَا يَتَطَايَرُ فَلَا بأس به وهذا قول مالك قال بن الْمُنْذِرِ الْبَوْلُ جَالِسًا أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَائِمًا مُبَاحٌ وَكُلُّ ذَلِكَ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا كلام بن الْمُنْذِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
(3/168)
وَقَدْ ثَبَتَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَبَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وُضُوئِهِ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَةَ وَقَدْ جَاءَ فِي أَحَادِيثَ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا الِاسْتِعَانَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ فِي إِحْضَارِ الْمَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ
وَلَا نَقْصَ وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَيُبَاشِرَ الْأَجْنَبِيُّ بِنَفْسِهِ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَالثَّالِثُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ فَهَذَا الْأَوْلَى تَرْكُهُ وَهَلْ يُسَمَّى مَكْرُوهًا فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ وَإِذَا صَبَّ عَلَيْهِ وَقَفَ الصَّابُّ عَلَى يَسَارِ الْمُتَوَضِّئِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(3/171)
مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ يَكْفِي وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْجَمِيعُ لَمَا اكْتَفَى بِالْعِمَامَةِ عَنِ الْبَاقِي فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ مَسَحَ عَلَى خُفٍّ وَاحِدٍ وَغَسَلَ الرِّجْلَ الْأُخْرَى وَأَمَّا التَّتْمِيمُ بِالْعِمَامَةِ فَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِتَكُونَ الطَّهَارَةُ عَلَى جَمِيعِ الرَّأْسِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لُبْسُ الْعِمَامَةِ عَلَى طُهْرٍ أَوْ عَلَى حَدَثٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ قَلَنْسُوَةٌ وَلَمْ يَنْزِعْهَا مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُتِمَّ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ كَالْعِمَامَةِ وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَلَمْ يَمْسَحْ شَيْئًا مِنَ الرَّأْسِ لَمْ يجزه ذلك عندنا بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى جَوَازِ الِاقْتِصَارِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَاللَّهُ أعلم
..........
(3/172)
أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ اسْتُحِبَّ لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يُقَدِّمُوا أَحَدَهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ إِذَا وَثِقُوا بِحُسْنِ خُلُقِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَتَأَذَّى مِنْ ذلك ولا يترتب عليه فتنة فاما إذا لَمْ يَأْمَنُوا أَذَاهُ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فُرَادَى ثُمَّ إِنْ أَدْرَكُوا الْجَمَاعَةَ بَعْدُ ذلك استحب
لهم اعادتها معهم
........
(3/176)
الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مُوَقَّتٌ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي السَّفَرِ وَبِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الْحَضَرِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ يَمْسَحُ بِلَا تَوْقِيتٍ وَهُوَ قَوْلٌ قديم ضعيف عن الشافعي واحتجوا بحديث بن أَبِي عِمَارَةَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي تَرْكِ التَّوْقِيتِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَوْجُهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ ظَاهِرَةٌ وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يُقَالُ الْأَصْلُ مَنْعُ الْمَسْحِ فِيمَا زَادَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرِينَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ الْحَدَثِ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ لَا مِنْ حِينِ اللُّبْسِ وَلَا مِنْ حِينِ الْمَسْحِ ثُمَّ إِنَّ الْحَدَثَ عَامٌّ مخصوص بحديث صفوان بن غسال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفَرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أيام وليالهن إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا أَجْنَبَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ فَلَوِ اغْتَسَلَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُ وَجَازَتْ صَلَاتُهُ فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خَلْعِهِ وَلُبْسِهِ عَلَى طَهَارَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَجَّسَتْ رِجْلُهُ فِي الْخُفِّ فَغَسَلَهَا فِيهِ فَإِنَّ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
(3/176)
المسح على الخفين
الَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي رَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ وَوَقْفِهِ عَلَى عَلِيٍّ قَالَ وَمَنْ رَفَعَهُ أَحْفَظُ وَأَضْبَطُ والله سبحانه وتعالى أعلم
...........
(3/177)
وَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فاغسلوا وجوهكم الْآيَةَ وَمَا أَظُنُّ هَذَا الْمَذْهَبَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا اسْتِحْبَابَ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَكَانَ أَحَدُنَا يَكْفِيهِ الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ وَحَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَكْلَ سَوِيقًا ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ كَحَدِيثِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَ ةِ وَسَائِرِ الْأَسْفَارِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَاتِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَأَمَّا الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فَالْمُرَادُ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا قُمْتُمْ مُحْدِثِينَ وَقِيلَ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(3/180)
مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ بَلِ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةِ الْيَدِ فَمَتَى شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا كُرِهَ لَهُ غَمْسُهَا فِي الاناء قبل غسلها سواء قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ أَوِ النَّهَارِ أَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا مِنْ غَيْرِ نَوْمٍ وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِوَايَةً أَنَّهُ إِنْ قام
مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ كُرِهَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ وَإِنْ قَامَ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ كُرِهَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ اعْتِمَادًا عَلَى لَفْظِ الْمَبِيتِ فِي الْحَدِيثِ وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ النَّجَاسَةَ عَلَى يَدِهِ وَهَذَا عَامٌّ لِوُجُودِ احْتِمَالِ النَّجَاسَةِ فِي نَوْمِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَفِي الْيَقَظَةِ وَذَكَرَ اللَّيْلَ أَوَّلًا لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ بَلْ ذَكَرَ الْعِلَّةَ بَعْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(3/181)
قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ يَرْفَعُهُ وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ احْتِيَاطِهِ وَدَقِيقِ نَظَرِهِ وَغَزِيرِ عِلْمِهِ وَثُبُوتِ فَهْمِهِ فَإِنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعًا اخْتَلَفَتْ رِوَايَتُهُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال الآخر عن أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ وَهَذَا بِمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْفُصُولِ وَلَكِنْ أَرَادَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَلَّا يَرْوِيَ بِالْمَعْنَى فَإِنَّ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى حَرَامٌ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَجَائِزَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ إِلَّا أَنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(3/186)
يَحْرُمُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقْتَنِي كَلْبًا إِعْجَابًا بِصُورَتِهِ أَوْ لِلْمُفَاخَرَةِ بِهِ فَهَذَا حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا الْحَاجَةُ الَّتِي يَجُوزُ الِاقْتِنَاءُ لَهَا فَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالتَّرْخِيصِ لِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَهِيَ الزَّرْعُ وَالْمَاشِيَةُ وَالصَّيْدُ وَهَذَا جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي اقْتِنَائِهِ لِحِرَاسَةِ الدُّورِ وَالدُّرُوبِ وَفِي اقْتِنَاءِ الْجَرْوِ لِيُعَلَّمَ فَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَهُ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَة ِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَنِ اقْتَنَى كَلْبَ صَيْدٍ وَهُوَ رَجُلٌ لَا يَصِيدُ وَاللَّهُ أعلم
.........
(3/195)
ن النضح انما يُجْزِي مَا دَامَ الصَّبِيُّ يَقْتَصِرُ بِهِ عَلَى الرَّضَاعِ أَمَّا إِذَا أَكَلَ الطَّعَامَ عَلَى جِهَةِ التَّغْذِيَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ بِلَا خِلَافٍ وَاللَّهُ أعلم
.........
(3/197)
وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إِلَى أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص وبن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَدَاوُدَ وَأَحْمَدَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْن ِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَدْ غَلِطَ مَنْ أَوْهَمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُنْفَرِدٌ بِطَهَارَتِهِ وَدَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِالنَّجَاسَةِ رِوَايَةُ الْغَسْلِ وَدَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِالطَّهَارَةِ رِوَايَةُ الْفَرْكِ فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمْ يَكْفِ فَرْكُهُ كَالدَّمِ وَغَيْرِهِ قَالُوا ورواية الغسل محمولة على الاستحباب والتنزيه وَاخْتِيَارِ النَّظَافَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا حُكْمُ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ ضَعِيفٌ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ نَجِسٌ دُونَ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَقَوْلٌ أَشَذَّ مِنْهُ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ نَجِسٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا طَاهِرَانِ وَهَلْ يَحِلُّ أَكْلُ الْمَنِيِّ الطَّاهِرِ فِيهِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا لَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْخَبَائِثِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْنَا وَأَمَّا مَنِيُّ بَاقِي الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ الْآدَمَيْ فَمِنْهَا الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْمُتَوَلِّد ُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَحَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَمَنِيُّهَا نَجِسٌ بِلَا خِلَافٍ وَمَا عَدَاهَا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ فِي مَنِيِّهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَصَحُّ أَنَّهَا كُلُّهَا طَاهِرَةٌ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَنَّهَا نَجِسَةٌ وَالثَّالِثُ مَنِيُّ مَأْكُولِ اللَّحْمِ طَاهِرٌ وَمَنِيُّ غَيْرِهِ نَجِسٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(3/199)
الِاحْتِلَامُ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِالنَّائِمِ فَلَا يَكُونُ الْمَنِيُّ الَّذِي عَلَى ثَوْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنَ الجماع ويلزم
مِنْ ذَلِكَ مُرُورُ الْمَنِيِّ عَلَى مَوْضِعٍ أَصَابَ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ فَلَوْ كَانَتِ الرُّطُوبَةُ نَجِسَةٌ لَتَنَجَّسَ بِهَا الْمَنِيُّ وَلَمَا تَرَكَهُ فِي ثَوْبِهِ وَلَمَا اكْتَفَى بِالْفَرْكِ وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِنَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا جَوَابُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ اسْتِحَالَةُ الِاحْتِلَامِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَوْنُهَا مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بَلْ الِاحْتِلَامُ مِنْهُ جَائِزٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بَلْ هُوَ فَيْضُ زِيَادَةِ الْمَنِيِّ يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَنِيُّ حَصَلَ بِمُقَدِّمَاتِ جِمَاعِ فسقط منه شئ عَلَى الثَّوْبِ وَأَمَّا الْمُتَلَطِّخُ بِالرُّطُوبَةِ فَلَمْ يَكُنْ على الثوب وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
حسن المطروشى الاثرى
2022-02-12, 04:47 AM
اليوم : السبت
الموافق : 11/ رجب / 1443 هجري
الموافق : 12/ فبراير / 2022 ميلادي
" تكلمة لشرح النووي رحمه على صحيح مسلم "
(3/197)
وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إِلَى أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص وبن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَدَاوُدَ وَأَحْمَدَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْن ِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَدْ غَلِطَ مَنْ أَوْهَمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُنْفَرِدٌ بِطَهَارَتِهِ وَدَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِالنَّجَاسَةِ رِوَايَةُ الْغَسْلِ وَدَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِالطَّهَارَةِ رِوَايَةُ الْفَرْكِ فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمْ يَكْفِ فَرْكُهُ كَالدَّمِ وَغَيْرِهِ قَالُوا ورواية الغسل محمولة على الاستحباب والتنزيه وَاخْتِيَارِ النَّظَافَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا حُكْمُ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ ضَعِيفٌ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ نَجِسٌ دُونَ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَقَوْلٌ أَشَذَّ مِنْهُ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ نَجِسٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا طَاهِرَانِ وَهَلْ يَحِلُّ أَكْلُ الْمَنِيِّ الطَّاهِرِ فِيهِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا لَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْخَبَائِثِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْنَا وَأَمَّا مَنِيُّ بَاقِي الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ الْآدَمَيْ فَمِنْهَا الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْمُتَوَلِّد ُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَحَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَمَنِيُّهَا نَجِسٌ بِلَا خِلَافٍ وَمَا عَدَاهَا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ فِي مَنِيِّهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَصَحُّ أَنَّهَا كُلُّهَا طَاهِرَةٌ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَنَّهَا نَجِسَةٌ وَالثَّالِثُ مَنِيُّ مَأْكُولِ اللَّحْمِ طَاهِرٌ وَمَنِيُّ غَيْرِهِ نَجِسٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(3/199)
الِاحْتِلَامُ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِالنَّائِمِ فَلَا يَكُونُ الْمَنِيُّ الَّذِي عَلَى ثَوْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنَ الجماع ويلزم
مِنْ ذَلِكَ مُرُورُ الْمَنِيِّ عَلَى مَوْضِعٍ أَصَابَ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ فَلَوْ كَانَتِ الرُّطُوبَةُ نَجِسَةٌ لَتَنَجَّسَ بِهَا الْمَنِيُّ وَلَمَا تَرَكَهُ فِي ثَوْبِهِ وَلَمَا اكْتَفَى بِالْفَرْكِ وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِنَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا جَوَابُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ اسْتِحَالَةُ الِاحْتِلَامِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَوْنُهَا مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بَلْ الِاحْتِلَامُ مِنْهُ جَائِزٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بَلْ هُوَ فَيْضُ زِيَادَةِ الْمَنِيِّ يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَنِيُّ حَصَلَ بِمُقَدِّمَاتِ جِمَاعِ فسقط منه شئ عَلَى الثَّوْبِ وَأَمَّا الْمُتَلَطِّخُ بِالرُّطُوبَةِ فَلَمْ يَكُنْ على الثوب وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(3/200 )
اعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْإِنْقَاءُ فَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةً وَهِيَ الَّتِي لَا تُشَاهَدُ بِالْعَيْنِ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ وَجَبَ غَسْلُهَا مَرَّةً وَلَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْغَسْلُ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ عَيْنِيَّةً كَالدَّمِ وَغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إِزَالَةِ عَيْنِهَا وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُهَا بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْنِ ثَانِيَةً
........
(3/201)
ي كِتَابِ الْوُضُوءِ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ بَلْ إِنَّهُ كَبِيرٌ فَثَبَتَ بِهَاتَيْنِ الزِّيَادَتَيْن ِ الصحيحتين أَنَّهُ كَبِيرٌ فَيَجِبُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي زَعْمِهِمَا وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِكَبِيرٍ تَرْكُهُ عَلَيْهِمَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَأْوِيلًا ثَالِثًا أَيْ لَيْسَ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قُلْتُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهَذَا الزَّجْرَ وَالتَّحْذِيرَ لِغَيْرِهِمَا أَيْ لَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ أَنَّ التَّعْذِيبَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي غَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَبَبُ كَوْنِهِمَا كَبِيرَيْنِ أَنَّ عَدَمَ التَّنَزُّهِ مِنَ الْبَوْلِ يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ فَتَرْكُهُ كَبِيرَةٌ بِلَا شَكٍّ وَالْمَشْيُ بِالنَّمِيمَةِ وَالسَّعْيُ بِالْفَسَادِ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ
..........
(3/202)
ذَكَرَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي صَاحِبَيِ الْقَبْرَيْنِ فَأُجِيبَتْ شَفَاعَتِي أَنْ يُرْفَعَ ذلك عنهما ما دام القضيبان رطبان وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو لَهُمَا تِلْكَ الْمُدَّةَ وَقِيلَ لِكَوْنِهِمَا يُسَبِّحَانِ مَا دَامَا رَطْبَيْنِ وَلَيْسَ لِلْيَابِسِ تَسْبِيحٌ وَهَذَا مَذْهَبُ كَثِيرِينَ أَوِ الْأَكْثَرِينَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ في قوله تعالى وإن من شئ الا يسبح بحمده قالوا معناه وان من شئ حي ثم قالوا حياة كل شئ بحسبه فحياة الخشب مالم ييبس والحجر مالم يُقْطَعْ وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ هَلْ يُسَبِّحُ حَقِيقَةً أَمْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الصَّانِعِ فَيَكُونُ مُسَبِّحًا مُنَزِّهًا بِصُورَةِ حَالِهِ وَالْمُحَقِّقُو نَ عَلَى أَنَّهُ يُسَبِّحُ حَقِيقَةً وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى وإن من الحجارة لما يهبط من خشية الله وَإِذَا كَانَ الْعَقْلُ لَا يُحِيلُ جَعْلَ التَّمْيِيزِ فِيهَا وَجَاءَ النَّصُّ بِهِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(3/202)
اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْقَبْرِ لِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ يُرْجَى التَّخْفِيفُ بِتَسْبِيحِ الْجَرِيدِ فَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحَصِيبِ الْأَسْلَمِيَّ الصَّحَابِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ فَفِيهِ أَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَبَرَّكَ بِفِعْلٍ مِثْلِ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَلَى الْقُبُورِ مِنَ الْأَخْوَاصِ وَنَحْوِهَا مُتَعَلِّقِينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
............
(3/203)
يهِ (مَيْمُونَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الْإِزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ) هَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ فِي الرِّوَايَةِ فِي الْكِتَابِ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ إِحْدَانَا مِنْ غَيْرِ تَاءٍ فِي كَانَ وَهُوَ صَحِيحٌ فَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ مَا جَرَى مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْأَفْعَالِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الصِّفَاتِ مَجْرَى الْفِعْلِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ قَالَ امْرَأَةٌ فَهَذَا نَقْلُ الْإِمَامِ هَذِهِ الصِّيغَةَ أنه يجوز حذف التاء من فعل ماله فَرْجٌ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَقَدْ نَقَلَهُ أَيْضًا الْإِمَامُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ خَرُوفٍ فِي شَرْحِ الْجُمَلِ وَذَكَرَهُ آخَرُونَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كَانَ هُنَا الَّتِي لِلشَّأْنِ وَالْقِصَّةِ أَيْ كَانَ الْأَمْرُ أَوِ الْحَالُ ثُمَّ ابْتَدَأَتْ فَقَالَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(3/204)
فَاعْلَمْ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا أَنْ يُبَاشِرَهَا بِالْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ فَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوِ اعْتَقَدَ مُسْلِمٌ حِلَّ جِمَاعِ الْحَائِضِ فِي فَرْجِهَا صَارَ كَافِرًا مُرْتَدًّا وَلَوْ فَعَلَهُ إِنْسَانٌ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ حِلَّهُ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِوُجُودِ الْحَيْضِ أَوْ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ أَوْ مُكْرَهًا فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ وَطِئَهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالْحَيْضِ وَالتَّحْرِيمِ مُخْتَارًا فَقَدِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً كَبِيرَةً نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَتَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْجَدِيدُ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ وَجَمَاهِيرِ السَّلَفِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ ذهب إليه من السلف عطاء وبن أَبِي مُلَيْكَةَ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو الزِّنَادِ وَرَبِيعَةُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِي ُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَجْمَعِينَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ الضَّعِيفُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عن بن عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَإِسْحَاقَ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْهُ وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي الْكَفَّارَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدٌ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَقَالَ الْبَاقُونَ دِينَارٌ أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ فِي الْحَالِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الدِّينَارُ وَنِصْفُ الدِّينَارِ هَلِ الدِّينَارُ فِي أَوَّلِ الدَّمِ وَنِصْفُهُ فِي آخِرِهِ أَوِ الدِّينَارُ فِي زَمَنِ الدَّمِ
ونصفه بعد انقطاعه وتعلقوا بحديث بن عَبَّاسٍ الْمَرْفُوعِ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ وَهُوَ حَدِيثٌ ضعيف باتفاق الحفاظ فالصواب ألا كَفَّارَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(3/207)
وْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَفِسْتِ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ نَفِسْتِ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ مَعْنَاهُ حَاضَتْ وَأَمَّا فِي الْوِلَادَةِ فَيُقَالُ نَفُسَتْ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْضًا وَقَالَ الْهَرَوِيُّ فِي الْوِلَادَةِ نَفُسَتْ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَفِي الْحَيْضِ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رِوَايَتُنَا فِيهِ فِي مُسْلِمٍ بِضَمِّ النُّونِ هُنَا قَالَ وَهِيَ رِوَايَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحَيْضِ وَالْوِلَادَةِ وَذَكَرَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ خُرُوجُ الدَّمِ وَالدَّمُ يُسَمَّى نَفَسًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.................
(3/210)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ فَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ الْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَهَا بِفَتْحِ الْحَاءِ وَهُوَ خَطَأٌ وَصَوَابُهَا بِالْكَسْرِ أَيِ الْحَالَةَ وَالْهَيْئَةَ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا عَلَى الْخَطَّابِيِّ وَقَالَ الصَّوَابُ هُنَا مَا قَالَهُ الْمُحَدِّثُونَ مِنَ الْفَتْحِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الدَّمُ وَهُوَ الْحَيْضُ بِالْفَتْحِ بِلَا شَكٍّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ فِي يَدِكَ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي يُصَانُ الْمَسْجِدُ عَنْهَا وَهِيَ دَمُ
ال حَيْضِ لَيْسَتْ فِي يَدِكَ وَهَذَا بِخِلَافِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي فَإِنَّ الصَّوَابَ فِيهِ الْكَسْرُ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ مِنَ الْفَتْحِ هُوَ الظَّاهِرُ هُنَا وَلِمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَجْهٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
(3/211)
(وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وأحمد بن عيسى قالا حدثنا بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سليمان بن يسار عن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَرْسَلْنَا الْمِقْدَادُ) هَذَا الْإِسْنَادُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ وَقَالَ قَالَ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ سَأَلْتُ مَخْرَمَةَ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ فَقَالَ لَا وَقَدْ خَالَفَهُ اللَّيْثُ عَنْ بُكَيْرٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ بن عَبَّاسٍ وَتَابَعَهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِي ِّ وَقَدْ قَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا فِي سُنَنِهِ مَخْرَمَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا وَرَوَى النَّسَائِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طُرُقٍ وَبَعْضُهَا طَرِيقُ مُسْلِمٍ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ وَفِي بَعْضِهَا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ أَرْسَلَ عَلِيٌّ الْمِقْدَادَ هَكَذَا أَتَى بِهِ مُرْسَلًا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَمَاعِ مَخْرَمَةَ مِنْ أَبِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ لِمَخْرَمَةَ مَا حَدَّثْتَ بِهِ عَنْ أَبِيكَ سَمِعْتَهُ مِنْهُ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُهُ قَالَ مَالِكٌ وَكَانَ مَخْرَمَةُ رَجُلًا صَالِحًا وَكَذَا قَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى إِنَّ مَخْرَمَةَ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ وَذَهَبَ جَمَاعَاتٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ يَسْمَعْ مَخْرَمَةُ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا إِنَّمَا يَرْوِي من كتاب أبيه وقال يحيىبن معين وبن أَبِي خَيْثَمَةَ يُقَالُ وَقَعَ إِلَيْهِ كِتَابُ أَبِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَقَالَ مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ قُلْتُ لِمَخْرَمَةَ حَدَّثَكَ أَبُوكَ فَقَالَ لَمْ أُدْرِكْ أَبِي وَلَكِنْ هَذِهِ كُتُبُهُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَخْرَمَةُ صَالِحُ الْحَدِيثِ إِنْ كَانَ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَلَا أَظُنُّ مَخْرَمَةَ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ كِتَابَ سُلَيْمَانَ بْنِ يسار ولعله سمع الشئ الْيَسِيرَ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا بِالْمَدِينَةِ يُخْبِرُ عَنْ مخرمة أنه كان يقول في شئ مِنْ حَدِيثِهِ سَمِعْتُ أَبِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا كَلَامُ أَئِمَّةِ هَذَا الْفَنِّ وَكَيْفَ كَانَ فَمَتْنُ الْحَدِيثِ صَحِيحٌ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ قيل هَذِهِ الطَّرِيقِ وَمِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي ذَكَرَهَا غَيْرُهُ والله أعلم
........
(3/220)
أُمُّ سُلَيْمٍ وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِهَا فَقِيلَ اسْمُهَا سَهْلَةُ وَقِيلَ مُلَيْكَةُ وقيل رميثة وقيل أنيفة ويقال الرميضا
وَالْغُمَيْصَا وَكَانَتْ مِنْ فَاضِلَاتِ الصَّحَابِيَّات ِ وَمَشْهُورَاتِه ِنَّ وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
(3/221)
قَوْلُهَا تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَفِيهِ خِلَافٌ كَثِيرٌ مُنْتَشِرٌ جِدًّا لِلسَّلَفِ والخلف من الطوائف كلها ولأصح الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهَا كلمة أصلها افتقرت ولكن العرب اعتادت استعماله غَيْرَ قَاصِدَةٍ حَقِيقَةَ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ فَيَذْكُرُونَ تَرِبَتْ يَدَاكَ وَقَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَشْجَعَهُ وَلَا أُمَّ لَهُ وَلَا أَبَ لَكَ وَثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَوَيْلُ أمه وما أشبه هذا من ألفاظهم يقولنها عند انكار الشئ أو الزجر عنه أزجر عَنْهُ أَوِ الذَّمِّ عَلَيْهِ أَوِ اسْتِعْظَامِهِ أَوِ الْحَثُّ عَلَيْهِ أَوِ الْإِعْجَابِ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
حسن المطروشى الاثرى
2022-03-05, 01:14 PM
اليوم : السبت
الموافق : 2/ شعبان / 1443 هجري
الموافق : 5/ مارس / 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي ل صحيح مسلم " المنهاج "
(3/229)
وَلَمْ يُوجِبْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الدَّلْكَ فِي الْغُسْلِ وَلَا فِي الْوُضُوءِ إِلَّا مَالِكٌ وَالْمُزَنِيُّ وَمَنْ سِوَاهُمَا يَقُولُ هُوَ سُنَّةٌ لَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ طَهَارَتُهُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَمْ يُوجِبْ أَيْضًا الْوُضُوءَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ إِلَّا دَاوُدَ الظَّاهِرِيَّ وَمَنْ سِوَاهُ يَقُولُونَ هُوَ سُنَّةٌ فَلَوْ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ صَحَّ غُسْلُهُ وَاسْتَبَاحَ بِهِ الصَّلَاةَ وَغَيْرَهَا وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَمَا ذَكَرْنَا وَتَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ أَوَّلًا لَا يَأْتِي بِهِ ثَانِيًا فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وُضُوءَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(3/230)
اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ أَصْحَابِنَا فِي تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَشْهَرُهَا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَرْكُهُ وَلَا يُقَالُ فِعْلُهُ مَكْرُوهٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مُبَاحٌ يَسْتَوِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ فَإِنَّ الْمَنْعَ وَالِاسْتِحْبَا بَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ظَاهِرٍ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْأَوْسَاخِ وَالْخَامِسُ يُكْرَهُ فِي الصَّيْفِ دُونَ الشِّتَاءِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ فِي التَّنْشِيفِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالثَّانِي مكروه فيهما وهو قول بن عمر وبن أَبِي لَيْلَى وَالثَّالِثُ يُكْرَهُ فِي الْوُضُوءِ دُونَ الغسل وهو قول بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَدْ جَاءَ فِي تَرْكِ التَّنْشِيفِ هَذَا الْحَدِيثُ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ
...
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(اغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً وَأَمَّا فِعْلُ التَّنْشِيفِ فَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ أَوْجُهٍ لَكِنَّ أَسَانِيدَهَا ضَعِيفَةٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم شئ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِبَاحَةِ التَّنْشِيفِ بِقَوْلِ مَيْمُونَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَعْنِي يَنْفُضُهُ قَالَ فَإِذَا كَانَ النَّفْضُ مُبَاحًا كَانَ التَّنْشِيفُ مِثْلُهُ أَوْ أَوْلَى لِاشْتِرَاكِهِم َا فِي إِزَالَةِ الْمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(3/233)
(دعا بشئ نَحْوَ الْحِلَابِ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ إِنَاءٌ يُحْلَبُ فِيهِ وَيُقَالُ لَهُ الْمِحْلَبُ أَيْضًا بِكَسْرِ الْمِيمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ إِنَاءٌ يَسَعُ قَدْرَ حَلْبَةِ نَاقَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ عَنِ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّهُ الْجُلَّابُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَأَرَادَ بِهِ مَاءَ الْوَرْدِ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَأَنْكَرَ الْهَرَوِيُّ هَذَا وَقَالَ أَرَاهُ الْحِلَابَ وَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
,,,,,,,,
الجزء الرابع / تابع
(4/2)
قال العلماء والمستحب ان لاينقص في الغسل عن صاع ولافي الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِي ِّ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ عَلَى التقريب لاعلى التَّحْدِيدِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الصَّاعَ هُنَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَالْمُدُّ رِطْلَانِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ كان على شاطيء الْبَحْرِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْإِسْرَافُ حَرَامٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
............
(4/4)
التَّعْلِيمِ بِالْوَصْفِ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ مِنَ الْقَوْلِ وَيَثْبُتُ فِي الْحِفْظِ مَا لايثبت بِالْقَوْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
(4/11)
وَالْمُسْتَفِيض ِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ ومعناه أحكم فتل شعري وقال الامام بن بري فِي الْجُزْءِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي لَحْنِ الْفُقَهَاءِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَصَوَابُهُ ضَمُّ الضَّادِ وَالْفَاءِ جَمْعُ ضَفِيرَةٍ كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٌ وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى صَحِيحٌ وَلَكِنْ يَتَرَجَّحُ مَا قَدَّمْنَاهُ لِكَوْنِهِ الْمَرْوِيَّ الْمَسْمُوعَ فِي الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
(4/12)
مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَفَائِرَ الْمُغْتَسِلَةِ إِذَا وَصَلَ الْمَاءُ إِلَى جَمِيعِ شَعْرِهَا ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ لَمْ يَجِبْ نَقْضُهَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَّا بِنَقْضِهَا وَجَبَ نَقْضُهَا وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصِلُ الْمَاءَ إِلَى جَمِيعِ شَعْرِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ لِأَنَّ إِيصَالَ الْمَاءِ وَاجِبٌ وَحُكِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ وُجُوبُ نَقْضِهَا بكل حال عن الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وُجُوبُ النَّقْضِ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ دون الجنابه ودليلنا حديث أم سلمه واذا كَانَ لِلرَّجُلِ ضَفِيرَةٌ فَهُوَ كَالْمَرْأَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ غُسْلَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَغْسَالِ الْمَشْرُوعَةِ سَوَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مَا سَيَأْتِي فِي الْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَسْتَعْمِلَ فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ صِفَةِ الْغُسْلِ بِكَمَالِهَا
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-03-06, 09:42 PM
اليوم : الأحد
الموافق : 3/ شعبان / 1443 هجري
الموافق : 6 / مارس / 2022 ميلادي
تابع / المنهاج شرح النووي على صحيح مسلم "
(4/14)
" تطهري بها سبحان الله "
أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمْثَالِهِ يُرَادُ بِهَا التَّعَجُّبُ وَكَذَا لااله إِلَّا اللَّهُ وَمَعْنَى التَّعَجُّبِ هُنَا كَيْفَ يَخْفَى مثل هذا الظاهر الذي لايحتاج الْإِنْسَانُ فِي فَهْمِهِ إِلَى فِكْرٍ وَفِي هَذَا جَوَازُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ وَاسْتِعْظَامِه ِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ عِنْدَ التَّثَبُّتِ عَلَى الشَّيْءِ وَالتَّذَكُّرِ بِهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِعْمَالِ الْكِنَايَاتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَوْرَاتِ
...........
(4/17)
أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ جَرَيَانُ الدَّمِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ عِرْقٍ يُقَالُ لَهُ الْعَاذِلُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِخِلَافِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ الرَّحِمِ وَأَمَّا حُكْمُ الْمُسْتَحَاضَة ِ فَهُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَحْسَنَ بَسْطٍ وَأَنَا أُشِيرُ إِلَى أَطْرَافٍ مِنْ مَسَائِلِهَا فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَة َ لَهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ فِي مُعْظَمِ الْأَحْكَامِ فَيَجُوزُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا فِي حَالِ جَرَيَانِ الدَّمِ عِنْدَنَا وعند جمهور العلماء حكاه بن المنذر في الاشراق عن بن عباس وبن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَإِسْحَاقَ وابي ثور قال بن الْمُنْذِرِ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ وَرَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَكَرِهَهُ ابْنُ سيرين وقال أحمد لايأتيها الاأن يَطُولَ ذَلِكَ بِهَا وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ رَحِمَهُ الله تعالى أنه لايجوز وَطْؤُهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ زَوْجُهَا الْعَنَتَ وَالْمُخْتَارُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْجُمْهُورِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَكَانَ زَوْجُهَا يُجَامِعُهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا بِهَذَا اللَّفْظِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قال بن عَبَّاسٍ الْمُسْتَحَاضَة ُ يَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِذَا صَلَّتْ الصَّلَاةُ أَعْظَمُ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَة َ كَالطَّاهِرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا فَكَذَا فِي الْجِمَاعِ وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهِ وَاللَّهُ أعلم
............
(4/18)
أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ الْمُسْتَحَاضَة َ لَا تُصَلِّي بِطَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ مُؤَدَّاةٍ كَانَتْ أَوْ مَقْضِيَّةٍ وَتَسْتَبِيحُ مَعَهَا مَا شَاءَتْ مِنَ النَّوَافِلِ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَهَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَسْتَبِيحُ أَصْلًا لِعَدَمِ ضَرُورَتِهَا إِلَيْهَا النَّافِلَةِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَحُكِيَ مِثْلُ مَذْهَبِنَا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُفْيَانِ الثوري وأحمد وابي ثور وقال أبوحنيفه طَهَارَتُهَا مُقَدَّرَةٌ بِالْوَقْتِ فَتُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِطَهَارَتِهَا الْوَاحِدَةِ مَا شَاءَتْ مِنَ الْفَرَائِضِ الْفَائِتَةِ وَقَالَ ربيعة ومالك وداود دم الاستحاضة لاينقض الْوُضُوءَ فَإِذَا تَطَهَّرَتْ فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِطَهَارَتِهَا ماشاءت مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَى أَنْ تُحْدِثَ بِغَيْرِ الِاسْتِحَاضَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
(4/22)*
قَوْلُهُ (وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَرْفُ الَّذِي تَرَكَهُ هُوَ قَوْلُهُ اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَسْقَطَهَا مُسْلِمٌ لِأَنَّهَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ حَمَّادُ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ وَتَوَضَّئِي فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ حَمَّادٍ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ ذِكْرَ الْوُضُوءِ مِنْ رِوَايَةِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَأَيُّوبَ بْنِ أَبِي مَكِينٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
............
(4/24)
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قِيلَ إِنَّ بَنَاتَ جَحْشٍ الثَّلَاثَ زَيْنَبَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ وَحَمْنَةَ زَوْجَ طَلْحَةِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنَّ يَسْتَحِضْنَ كُلُّهُنَّ وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَسْتَحِضْ مِنْهُنَّ إِلَّا أُمُّ حَبِيبَةَ وَذَكَرَ الْقَاضِي يُونُسُ بْنُ مُغِيثٍ فِي كتابه الموعب فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ مِثْلَ هَذَا وَذَكَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اسْمُهَا
زَيْنَبُ وَلُقِّبَتْ إِحْدَاهُنَّ حَمْنَةُ وَكُنِّيَتِ الْأُخْرَى أُمُّ حَبِيبَةَ وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَقَدْ سَلِمَ مَالِكٌ مِنَ الْخَطَأِ فِي تَسْمِيَةِ أُمِّ حَبِيبَةَ زَيْنَبَ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي أُخْرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ مَعَ بَعْضِ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَمَّا قَوْلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ فَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمُّ حَبِيبٍ بِلَا هَاءٍ وَاسْمُهَا حَبِيبَةُ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ قَوْلُ الْحَرْبِيِّ صَحِيحٌ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهَذَا الشَّأْنِ قَالَ غَيْرُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبٍ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَهَا حَبِيبَةُ قَالَ وكذلك قاله الحميدي عن سفيان وقال بن الْأَثِيرِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ حَبِيبَةَ وَقِيلَ أُمُّ حَبِيبٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً قَالَ وَأَهْلُ السِّيَرِ يَقُولُونَ الْمُسْتَحَاضَة ُ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جحش قال بن عَبْدِ الْبَرِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُمَا كَانَتَا تُسْتَحَاضَانِ قَوْلُهُ إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
.........
حسن المطروشى الاثرى
2022-03-14, 01:44 PM
اليوم : الإثنين
الموافق : 11/ شعبان / 1443 هجري
الموافق : 14/ مارس / 2022 ميلادي
تابع " شرح النووي على صحيح مسلم ابن الحجاج رحمه الله "
(4/26)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَلْقِيبِهِ بِالرِّشْكِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّ ةِ الْقَاسِمُ وَقِيلَ الْغَيُورُ وَقِيلَ كَثِيرُ اللِّحْيَةِ وَقِيلَ الرِّشْكُ بِالْفَارِسِيَّ ةِ اسْمٌ لِلْعَقْرَبِ فَقِيلَ لِيَزِيدَ الرِّشْكُ لِأَنَّ الْعَقْرَبَ دَخَلَتْ فِي لحيته فمكثت فيها ثلاثة ايام وهو لايدري بِهَا لِأَنَّ لِحْيَتَهُ كَانَتْ طَوِيلَةً عَظِيمَةً جِدًّا حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهَا أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ بِإِسْنَادِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
(4/31)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ولايفضي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ لَمْسِ عَوْرَةِ غَيْرِهِ بِأَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ كَانَ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَتَسَاهَلُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي الْحَمَّامِ فَيَجِبُ عَلَى الْحَاضِرِ فِيهِ أَنْ يَصُونَ بَصَرَهُ وَيَدَهُ وَغَيْرَهَا عَنْ عَوْرَةِ غَيْرِهِ وَأَنْ يَصُونَ عَوْرَتَهُ عَنْ بَصَرِ غَيْرِهِ وَيَدِ غَيْرِهِ مِنْ قَيِّمٍ وَغَيْرِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا رَأَى مَنْ يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِنْكَارُ
.......
(4/38)
قَوْلُ أَبِي الْعَلَاءِ أَنَّ السُّنَّةَ تَنْسَخُ السُّنَّةَ هَذَا صَحِيحٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا نَسْخُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَة ِ بِالْمُتَوَاتِر َةِ وَالثَّانِي نَسْخُ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِمِثْلِهِ وَالثَّالِثُ نَسْخُ الْآحَادِ بِالْمُتَوَاتِر َةِ وَالرَّابِعُ نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ فَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَهِيَ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
(4/46)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَالْأَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ من نَظَافَةَ الْيَدِ مِنَ النَّجَاسَةِ وَالْوَسَخِ وَاسْتِحْبَابِه ِ بَعْدَ الفراغ الا أن لايبقى عَلَى الْيَدِ أَثَرُ الطَّعَامِ بِأَنْ كَانَ يَابِسًا وَلَمْ يَمَسُّهُ بِهَا وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى لا يستحب غسل اليدللطعام إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْيَدِ أَوَّلًا قَذَرٌ وَيَبْقَى عَلَيْهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ رَائِحَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
(4/48)
فاختلف العلماء في أكل لحوم الجزور وذهب الاكثرون إلى أنه لاينقض الْوُضُوءَ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ الرَّاشِدُونَ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وبن مسعود وابي بن كعب وبن عَبَّاسٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو طَلْحَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو أُمَامَةَ وَجَمَاهِيرُ التَّابِعِينَ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَذَهَبَ إِلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ وبن خُزَيْمَةَ وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ وَحُكِيَ عَنِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا وَحُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ فَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا حَدِيثَانِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْوَى دَلِيلًا وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ أجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَكِنْ هَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِبَاحَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ دُونَ مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالنَّهْيُ عَنْ مَبَارِكِ الْإِبِلِ وَهِيَ أَعْطَانُهَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ مَا يُخَافُ مِنْ نِفَارِهَا وَتَهْوِيشِهَا عَلَى الْمُصَلِّي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(4/49)
أَنَّ الْأَشْيَاءَ يُحْكَمُ بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولِهَا حَتَّى يُتَيَقَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ الطَّارِئُ عَلَيْهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَابِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ وَهِيَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ حُكِمَ بِبَقَائِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ هَذَا الشَّكِّ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَحُصُولِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ
......ز
(4/55)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دِبَاغِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَطَهَارَتِهَا بِالدِّبَاغِ عَلَى سَبْعَةِ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جَمِيعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلِّد َ مِنْ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَبَاطِنِهِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَائِعَةِ وَالْيَابِسَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا والمذهب الثاني لايطهر شَيْءٌ مِنَ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَلَا يَطْهُرُ غيره وهومذهب الاوزاعي وبن الْمُبَارَكِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ يَطْهُرُ جُلُودُ جَمِيعِ الْمَيْتَاتِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ إِلَّا أَنَّهُ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسَاتِ دُونَ الْمَائِعَاتِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لافيه وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ فِي حِكَايَةِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَالْمَذْهَبُ السَّادِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْمَذْهَبُ السَّابِعُ أَنَّهُ ينتفع بجلود الميتة وان لم تدبغ ويجوزاستعمالها فِي الْمَائِعَاتِ وَالْيَابِسَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَاحْتَجَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ أَصْحَابِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ بِأَحَادِيثَ وَغَيْرِهَا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ دَلِيلِ بَعْضٍ وَقَدْ أوْضَحْتُ دَلَائِلَهُمْ فِي أَوْرَاقٍ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
..........
(4/56)
نَّ التَّيَمُّمَ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَهُوَ خِصِّيصَةٌ خَصَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَفًا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْوَجْهِ واليدين سواء كان عن حدث أصغر أوأكبر وَسَوَاءٌ تَيَمَّمَ عَنِ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبَتَيْنِ ضَرْبَةٍ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٍ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفِقَيْنِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَآخَرُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَأَحْمَدَ واسحاق وبن الْمُنْذِرِ وَعَامَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَحُكِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُ الْيَدَيْنِ إِلَى الْإِبْطَيْنِ هَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يَخْتَلِفْ أحد من العلماء في انه لايلزم مسح ماوراء المرفقين وحكى أصحابنا ايضا عن بن سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُجْزِيهِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ ضَرَبَاتٍ ضَرْبَةٍ
لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٍ ثَانِيَةٍ لِكَفَّيْهِ وَثَالِثَةٍ لِذِرَاعَيْهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَنِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَمَنْ قَبْلَهُمْ عَلَى جَوَازِهِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَفِ وَلَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ الْإِمَامِ التَّابِعِيِّ وَقِيلَ إِنَّ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ رَجَعَا عَنْهُ
........
(4/68)
قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي جَوَازِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَشَبَهِهَا مِنَ الْأَذْكَارِ وَهَذَا جَائِزٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ آيَةٍ وَبَعْضِ آيَةٍ فَإِنَّ الْجَمِيعَ يَحْرُمُ وَلَوْ قَالَ الجنب بسم الله أو الحمدلله وَنَحْوَ ذَلِكَ إِنْ قَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ حَرُمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الذِّكْرَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَمْ يَحْرُمْ وَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَنْ يُجْرِيَا الْقُرْآنَ عَلَى قُلُوبِهِمَا وَأَنْ يَنْظُرَا في المصحف ويستحب لهما اذاأرادا الِاغْتِسَالَ أَنْ يَقُولَا بِسْمِ اللَّهِ عَلَى قَصْدِ الذِّكْرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُكْرَهُ الذِّكْرُ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَفِي حَالَةِ الْجِمَاعِ
..........
(4/73)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَحُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ وَشُعْبَةَ وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّ النَّوْمَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ لِلشَّافِعِيِّ قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ أَنَّ كَثِيرَ النَّوْمِ يَنْقُضُ بِكُلِّ حَالٍ وَقَلِيلُهُ لَا يَنْقُضُ بِحَالٍ وَهَذَا مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْهُ وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ أَنَّهُ إِذَا نَامَ عَلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الْمُصَلِّينَ كَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ والقائم والقاعد لاينتقض وضوؤه سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ انْتَقَضَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ غَرِيبٌ وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إِلَّا نَوْمُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ رُوِيَ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى والمذهب السادس أنه لا ينقض الانوم السَّاجِدِ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عنه والمذهب السابع أنه لاينقض النَّوْمَ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ حَالٍ وَيَنْقُضُ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمَذْهَبُ الثَّامِنُ أَنَّهُ إِذَا نَامَ جَالِسًا مُمَكِّنًا مَقْعَدَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ لَمْ يُنْتَقَضْ وَإِلَّا انْتُقِضَ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَهُ أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى خُرُوجِ الرِّيحِ فَإِذَا نَامَ غَيْرَ مُمَكِّنٍ الْمَقْعَدَةَ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ خُرُوجُ الرِّيحِ فَجَعَلَ
....
حسن المطروشى الاثرى
2022-03-19, 12:31 PM
اليوم / السبت
الموافق : 16/ شعبان / 1443 هجري
الموافق : 19/ مارس / 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي على صحيح مسلم ابن الحجاج
................
(4/75)
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ بِالْخَمْرِ أَوِ النَّبِيذِ أَوِ الْبَنْجِ أَوِ الدَّوَاءِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ سَوَاءٌ كَانَ ممكن المقعدة أوغير مُمَكِّنِهَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَكَانَ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لاينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعا للحديث الصحيح عن بن عَبَّاسٍ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(4/76)
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ كَانَتِ الْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ كَانَتْ سُنَّةً فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي حَقِّنَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وُجُوبُهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَشَاوِرْهُمْ في الامر وَالْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَمُحَقِّقُو أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُتَشَاوِرِ ينَ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ صَاحِبُ الْأَمْرِ يَفْعَلُ مَا ظَهَرَتْ لَهُ مَصْلَحَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(4/77)
صَحَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ بِهِ فَجَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَيَكُونُ الْوَاقِعُ الْإِعْلَامَ أَوَّلًا ثُمَّ رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ فَشَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِمَّا بِوَحْيٍ وَإِمَّا بِاجْتِهَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ هُوَ عَمَلًا بِمُجَرَّدِ المنام هذا ما لايشك فِيهِ بِلَا خِلَافٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ ولايصح لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ غَيْرُ حَدِيثِ الْأَذَانِ وَهُوَ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ ذَاكَ لَهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ عَمُّ عباد بن تميم
......
(4/78)
بْنِ تَمِيمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (يابلال قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ) فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ حُجَّةٌ لِشَرْعِ الْأَذَانِ مِنْ قِيَامٍ وأنه لايجوز الْأَذَانُ قَاعِدًا قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ جَوَّزَهُ وَوَافَقَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّا قَدَّمْنَا عَنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا النِّدَاءِ الْإِعْلَامُ بِالصَّلَاةِ لَا الْأَذَانُ الْمَعْرُوفُ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ قُمْ فَاذْهَبْ إِلَى مَوْضِعٍ بَارِزٍ فَنَادِ فِيهِ بِالصَّلَاةِ لِيَسْمَعَكَ النَّاسُ مِنَ الْبُعْدِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقِيَامِ فِي حَالِ الْأَذَانِ لَكِنْ يُحْتَجُّ لِلْقِيَامِ فِي الْأَذَانِ بِأَحَادِيثَ مَعْرُوفَةٍ غَيْرِ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَذْهَبُنَا الْمَشْهُورُ أَنَّهُ سُنَّةٌ فَلَوْ أَذَّنَ قَاعِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ صَحَّ أَذَانُهُ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ مُضْطَجِعًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ صَحَّ أَذَانُهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِعْلَامُ وَقَدْ حَصَلَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي اشْتِرَاطِ الْقِيَامِ شَيْءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
(4/78)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي لَفْظِ الْإِقَامَةِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا الَّذِي تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْإِقَامَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَالَ مَالِكٌ رحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ هِيَ عَشْرُ كَلِمَاتٍ فَلَمْ يُثَنِّ لَفْظَ الْإِقَامَةِ وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي الْأَوَّلِ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّةً وَفِي الْآخَرِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّةً فَتَكُونُ ثَمَانِ كَلِمَاتٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِقَامَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً فَيُثَنِّيهَا كُلَّهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ شَاذٌّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي الْحَرَمَيْنِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
(4/80)
عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ) اسْمُهُ سَمُرَةُ وَقِيلَ أَوْسٌ وقيل جابر وقال بن قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سَمُرَةَ وهو غريب وأبو مَحْذُورَةَ قُرَشِيٌّ جُمَحِيٌّ أَسْلَمَ بَعْدَ حُنَيْنٍ وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَتَوَارَثَتْ ذُرِّيَّتُهُ الْأَذَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ
..........
(86)
قَالُوا وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ أَجْمَعُ لِلْخَيْرِ مِنْ لَفْظَةِ الْفَلَاحِ وَيَقْرُبُ مِنْهَا النَّصِيحَةُ
........
)90
أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا هُوَ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَعْنَاقًا جَمْعُ عُنُقٍ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَكْثَرُ النَّاسِ تَشَوُّفًا إِلَى
رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمُتَشَوِّفَ يُطِيلُ عُنُقَهُ إِلَى مَا يَتَطَلَّعُ إِلَيْهِ فَمَعْنَاهُ كَثْرَةُ مَا يَرَوْنَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ إِذَا أَلْجَمَ النَّاسَ الْعَرَقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طَالَتْ أَعْنَاقُهُمْ لِئَلَّا يَنَالَهُمْ ذَلِكَ الْكَرْبُ وَالْعَرَقُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ سَادَةٌ وَرُؤَسَاءٌ وَالْعَرَبُ تَصِفُ السَّادَةَ بِطُولِ الْعُنُقِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَكْثَرُ أَتْبَاعًا وَقَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ مَعْنَاهُ أَكْثَرُ النَّاسِ أَعْمَالًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ
>>>>>>>>>
)93(
اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلِ الْأَفْضَلُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَرْصُدَ نَفْسَهُ لِلْأَذَانِ أَمْ لِلْإِمَامَةِ عَلَى أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا الْأَذَانُ أَفْضَلُ وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَالثَّانِي الْإِمَامَةُ افضل وهونص الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ وَالرَّابِعُ إِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ وَجَمِيعِ خِصَالِهَا فَهِيَ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنِ كَجٍّ وَالْمَسْعُودِي ُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَمَّا جَمْعُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ فَإِنَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يستحب ان لا يَفْعَلَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ وَقَالَ مُحَقِّقُوهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ انه لابأس بِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَهَذَا أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(96)
وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَاجِبَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْعُلَمَاءُ كَافَّةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله وجماعة عن بن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَالْأَوْزَاعِي ِّ أَنَّهُ سُنَّةً لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَأَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ يَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ وَلَا أَظُنُّ هَذَا يَصِحُّ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ مَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَعَ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ ولفظة التكبير الله اكبر فهذا يجزئ بالاجماع قال الشافعي ويجزي الله الاكبر لايجزي غيرهما وقال مالك لا يجزئ إِلَّا اللَّهُ أَكْبَرُ وَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ وَهَذَا قَوْلٌ مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَأَجَازَ أَبُو يُوسُفَ اللَّهُ الْكَبِيرُ وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ الِاقْتِصَارَ فِيهِ عَلَى كُلِّ لَفْظٍ فِيهِ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ أَوِ اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أعْظَمُ وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
........
(98)
واعلم ان تكبيرة الاحرام واجبة وما عدا سُنَّةٌ لَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَمُوَافَقَةُ السُّنَّةِ هَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إلا واحمد بن حنبل رضي الله عنه في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْهُ أَنَّ جَمِيعَ التَّكْبِيرَاتِ وَاجِبَةٌ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ الصَّلَاةَ فَعَلَّمَهُ وَاجِبَاتِهَا فَذَكَرَ منها
تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا زَادَ وَهَذَا مَوْضِعُ الْبَيَانِ وَوَقْتُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ
.......
99
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَائِفَةٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنَ إِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَيَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حمده
فِي حَالِ ارْتِفَاعِهِ وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فِي حَالِ اسْتِوَائِهِ وَانْتِصَابِهِ فِي الِاعْتِدَالِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي
..........
106
اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأُولَيَيْن ِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَلَى الْإِسْرَارِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ وَالْأُخْرَيَيْ نِ مِنَ الْعِشَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَا ءِ وَمَذْهَبُنَا الْجَهْرُ فِيهِمَا وَفِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ قِيلَ يَجْهَرُ فِيهَا وَقِيلَ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَنَوَافِلُ النَّهَارِ يُسِرُّ بِهَا وَالْكُسُوفُ يُسِرُّ بِهَا نَهَارًا وَيَجْهَرُ لَيْلًا وَالْجِنَازَةُ يُسِرُّ بِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَقِيلَ يَجْهَرُ لَيْلًا وَلَوْ فَاتَهُ صَلَاةُ لَيْلَةٍ كَالْعِشَاءِ فَقَضَاهَا فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى جَهَرَ وَإِنْ قَضَاهَا نَهَارًا فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ يُسِرُّ وَالثَّانِي يَجْهَرُ وَإِنْ فَاتَهُ نهارية كالظهر فقضاها نهارا أسر وإن قَضَاهَا لَيْلًا فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ يَجْهَرُ وَالثَّانِي يُسِرُّ وَحَيْثُ قُلْنَا يَجْهَرُ أَوْ يُسِرُّ فَهُوَ سُنَّةٌ فَلَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عِنْدَنَا
.........
115
حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَضْعُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ تَحْتَ السُّرَّةِ ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ وَالْبَيْهَقِيّ ُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي شَيْبَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي وَضْعِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْخُشُوعِ وَمَنَعَهُمَا مِنَ الْعَبَثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
120
لرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِنَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا فَعَلَهُ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ إِظْهَارُ هَذَا الشِّعَارِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِنْ تَرَكُوهُ كُلُّهُمْ أَثِمُوا كُلُّهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أصحابنا هي سنة وقال بن خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ لَكِنْ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَمَنْ تَرَكَهَا وَصَلَّى مُنْفَرِدًا بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ هِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَقَالَ بِكُلِّ قَوْلٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَة ِ طَوَائِفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ
..........
123
قَوْلُهُ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا مِمَّا اخْتَلَفَ الْحَافِظُ فِي صِحَّتِهِ فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِي ِّ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ وَالدَّارَقُطْن ِيِّ وَالْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِ يِّ شَيْخِ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ قَدْ خَالَفَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِيهَا جَمِيعَ أَصْحَابِ قَتَادَةَ وَاجْتِمَاعُ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ عَلَى تَضْعِيفِهَا مُقَدَّمٌ عَلَى تَصْحِيحِ مُسْلِمٍ لَا سِيَّمَا وَلَمْ يَرْوِهَا مُسْنَدَةً فِي صَحِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
124
اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عَقِبَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي الصَّلَاةِ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالْجَمَاهِيرُ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ لَوْ تُرِكَتْ صَحَّتِ الصَّلَاةُ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لَوْ تُرِكَتْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ الله رضي الله عنهما وهو قول الشَّعْبِيُّ وَقَدْ نَسَبَ جَمَاعَةٌ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا إِلَى مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ فَإِنَّهُ مَذْهَبُ الشَّعْبِيِّ كَمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ لِوُجُوبِهَا خَفَاءٌ وَأَصْحَابُنَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَذْكُورِ هُنَا أَنَّهُمْ قَالُوا كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ قولوا اللهم صلي عَلَى مُحَمَّدٍ إِلَى
آخِرِهِ قَالُوا وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَهَذَا الْقَدْرُ لَا يَظْهَرُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ إِلَّا إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ إِلَى آخِرِهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ رَوَاهَا الْإِمَامَانِ الْحَافِظَانِ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْبُسْتِيُّ وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحَيْهِمَا قَالَ الْحَاكِمُ هِيَ زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ وَاحْتَجَّ لَهَا أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا فِي صَحِيحَيْهِمَا
.........
حسن المطروشى الاثرى
2022-04-02, 11:31 AM
اليوم : السبت
الموافق : ا/ رمضان / 1443 هجري
الموافق : 2/ ابريل / 2022 ميلادي
" تكملة لفوائد الإمام النووي لشرح صحيح مسلم "
124
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَزْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُمْ جَمِيعُ الْأُمَّةِ وَالثَّانِي بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَالثَّالِثُ أَهْلُ بَيْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذُرِّيَّتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
125
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحِكْمَةِ فِي قَوْلِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ مَعَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ لِيُتِمَّ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِهِ وَقِيلَ بَلْ سَأَلَ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ وَقِيلَ بَلْ لِيَبْقَى ذَلِكَ لَهُ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَجْعَلَ لَهُ بِهِ لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ كَإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ سَأَلَ صَلَاةً يَتَّخِذُهُ بِهَا خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَالْمُخْتَارُ فِي ذَلِكَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدِهَا حَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَعْنَاهُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَتَمَّ الْكَلَامُ هُنَا ثُمَّ اسْتَأْنَفَ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ أَيْ وَصَلِّ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ
لَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ فَالْمَسْئُولُ لَهُ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَفْسُهُ الْقَوْلُ الثَّانِي مَعْنَاهُ اجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَاةً مِنْكَ كَمَا جَعَلَتْهَا لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ فَالْمَسْئُولُ الْمُشَارَكَةُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ لَا قَدْرِهَا الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرهِ وَالْمُرَادُ اجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَاةً بِمِقْدَارِ الصَّلَاةِ الَّتِي لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ وَالْمَسْئُولُ مُقَابَلَةُ الْجُمْلَةِ فَإِنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْآلِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُمْ جَمِيعُ الْأَتْبَاعِ وَيَدْخُلُ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا يَدْخُلُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ فَطَلَبَ إِلْحَاقَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الَّتِي فِيهَا نَبِيٌّ وَاحِدٌ بِتِلْكَ الْجُمْلَةِ الَّتِي فِيهَا خَلَائِقُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
126
الَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَمْ يَجِئْ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ذِكْرُ الرَّحْمَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْغَرِيبَةِ قَالَ وَاخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى أَنَّهُ يُقَالُ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَحُجَّةُ الْأَكْثَرِينَ تَعْلِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الرَّحْمَةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ الرَّحْمَةَ
..........
136
جَوَازِ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فَإِنَّهُ مَرَضٌ وَالْمَرَضُ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَالْحِكْمَةُ فِي جَوَازِ الْمَرَضِ عَلَيْهِمْ وَمَصَائِبِ الدُّنْيَا تَكْثِيرُ أَجْرِهِمْ وَتَسْلِيَةُ النَّاسِ بِهِمْ وَلِئَلَّا يَفْتَتِنَ النَّاسُ بِهِمْ وَيَعْبُدُوهُمْ لِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
150
ي رِوَايَةٍ (أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدْرَاكًا فِي قَفَاهُ يُبْصِرُ بِهِ مِنْ وَرَائِهِ وَقَدِ انْخَرَقَتِ الْعَادَةُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَلَيْسَ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا عَقْلٌ وَلَا شَرْعٌ بَلْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِظَاهِرِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ
الرُّؤْيَةُ رُؤْيَةٌ بِالْعَيْنِ حَقِيقَةً وَفِيهِ الْأَمْرُ بِإِحْسَانِ الصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَجَوَازُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَكِنِ الْمُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ كَتَأْكِيدِ أَمْرٍ وَتَفْخِيمِهِ وَالْمُبَالَغَة ِ فِي تَحْقِيقِهِ وَتَمْكِينِهِ مِنَ النُّفُوسِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنَ الْحَلِفِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي أَيْ مِنْ وَرَائِي كَمَا فِي الرِّوَايَاتِ الْبَاقِيَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْدِ الْوَفَاةِ وَهُوَ بَعِيدٌ
.........
153
نَّ السُّنَّةَ فِي السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عن يمينه السلام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ شِمَالِهِ وَلَا يُسَنُّ زِيَادَةُ وَبَرَكَاتُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَأَشَارَ إِلَيْهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنَّهَا بِدْعَةٌ إِذْ لَمْ يَصِحَّ فِيهَا حَدِيثٌ بَلْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ فِي تَرْكِهَا وَالْوَاجِبُ مِنْهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ بِغَيْرِ مِيمٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَسْلِيمَتَيْنِ
.........
169
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِنَّ يُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى الْمَعَاصِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ من الجنة والناس أجمعين وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ مُؤْمِنَهُمْ وَمُطِيعُهُمْ هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيُنَعَّمُ بِهَا ثَوَابًا وَمُجَازَاةً لَهُ عَلَى طَاعَتِهِ أَمْ لَا يَدْخُلُونَ بَلْ يَكُونُ ثَوَابُهُمْ أَنْ يَنْجُوا مِنَ النَّارِ ثُمَّ يُقَالُ كُونُوا ترابا كالبهائم وهذا مذهب بن أَبِي سُلَيْمٍ وَجَمَاعَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَهَا وَيُنَعَّمُونَ فِيهَا بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ البصري والضحاك ومالك بن أنس وبن أبي ليلى وغيرهم
.........
182
قَوْلُهُ (فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ) فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ النِّسَاءِ وَسُورَةِ الْمَائِدَةِ وَنَحْوِهَا وَمَنَعَهُ بَعْضُ السَّلَفِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ إِلَّا السُّورَةُ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الْبَقَرَةَ وَنَحْوُ هَذَا وَهَذَا خَطَأٌ صَرِيحٌ وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ وَيُقَالُ سورة بلا همز وبالهمز لغتان ذكرهما بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَتَرْكُ الْهَمْزَةِ هُنَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ وَيُقَالُ قَرَأْتُ السُّورَةَ وَقَرَأْتُ بِالسُّورَةِ وَافْتَتَحْتُهَ ا وَافْتَتَحْتُ بِهَا
...........
184
قَوْلُهُ (إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا) فِيهِ جَوَازُ التَّأَخُّرِ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إِذَا عُلِمَ مِنْ عَادَةِ الْإِمَامِ التَّطْوِيلُ الْكَثِيرُ وَفِيهِ جَوَازُ ذِكْرِ الْإِنْسَانِ بِهَذَا وَنَحْوِهِ فِي مَعْرِضِ الشَّكْوَى وَالِاسْتِفْتَا ءِ قَوْلُهُ (فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ)
.......
193
يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنَ إِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ أَنْ يَقُولَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي حَالِ ارْتِفَاعِهِ وَقَوْلُهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فِي حال اعْتِدَالِهِ
........
194
(اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إثما قَالَ الْخَطِيئَةُ الْمَعْصِيَةُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِثْمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآدَمِيِّ
......
196
وَقَوْلُهُ ذَا الْجَدِّ المشهور فيه بفتح الْجِيمِ هَكَذَا ضَبَطَهُ الْعُلَمَاءُ الْمُتَقَدِّمُو نَ وَالْمُتَأَخِّر ُونَ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ هُوَ بِالْفَتْحِ قَالَ وَقَالَهُ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكَسْرِ قَالَ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَرَفَهُ أَهْلُ النَّقْلِ قَالَ وَلَا يعلم من قاله غَيْرَهُ وَضَعَّفَ الطَّبَرِيُّ وَمَنْ بَعْدَهُ الْكَسْرَ 2قَالُوا وَمَعْنَاهُ عَلَى ضَعْفِهِ الِاجْتِهَادُ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ مِنْكَ اجْتِهَادَهُ إِنَّمَا يَنْفَعُهُ وَيُنْجِيهُ رَحْمَتَكَ وَقِيلَ الْمُرَادُ ذَا الْجَدِّ وَالسَّعْي التَّامِّ فِي الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْإِسْرَاعُ فِي الْهَرَبِ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْإِسْرَاعِ فِي الْهَرَبِ مِنْكَ هَرَبُهُ فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِكَ وَسُلْطَانِكَ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الْجَدُّ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْحَظُّ وَالْغِنَى وَالْعَظَمَةُ وَالسُّلْطَانُ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْعَظَمَةِ وَالسُّلْطَانِ مِنْكَ حَظُّهُ أَيْ لَا يُنْجِيهُ حَظُّهُ مِنْكَ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ وَيُنْجِيهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خير عند ربك والله تعالى أعلم
.....
216
وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمَشْرُوعَ تَسْلِيمَتَانِ ومذهب مالك رحمه الله تعالى في طَائِفَةُ الْمَشْرُوعِ تَسْلِيمَةٌ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ قَالَ بِالتَّسْلِيمَة ِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ عِنْدَهُ سُنَّةٌ وَشَذَّ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّ ةِ فَأَوْجَبَهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ مَنْ قبله والله أعلم
..........
217
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي السُّتْرَةِ كَفُّ الْبَصَرِ عَمَّا وَرَاءَهُ وَمَنْعُ مَنْ يُجْتَازُ بِقُرْبِهِ وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْخَطَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي لَا يَكْفِي قَالَ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ بِهِ حَدِيثٌ وَأَخَذَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ ضَعِيفٌ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يَكُونُ مُقَوَّسًا كَهَيْئَةِ الْمِحْرَابِ وَقِيلَ قَائِمًا بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِلَى الْقِبْلَةِ وَقِيلَ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ إِلَى شِمَالِهِ قَالَ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ الْخَطَّ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَحَدِيثُ الْخَطِّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَاضْطِرَابٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَاسْتَحَبَّهُ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ وَفِي الْقَدِيمِ وَنَفَاهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَقَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ بِاسْتِحْبَابِه ِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ الْخَطِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
227
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِ شَيْءٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ نَقْصُ الصَّلَاةِ لِشُغْلِ الْقَلْبِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبْطَالُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي نَسْخَهُ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمَرْءِ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ وَهَذَا غَيْرُ مَرْضِيٍّ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتَأْوِيلِهَا وَعِلْمِنَا التَّارِيخَ وَلَيْسَ هُنَا تَارِيخٌ وَلَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَالتَّأْوِيلُ بَلْ يُتَأَوَّلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مَعَ أَنَّ حَدِيثَ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمَرْءِ شَيْءٌ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
"
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ختم المجلد الرابع " شرح صحيح مسلم " للنووي رحمه الله
ويليه " المجلد الخامس "
نسأل الله التوفيق والثبات
حسن المطروشى الاثرى
2022-04-15, 09:26 AM
اليوم : الجمعة
الموافق : 14/ رمضان / 1443 هجري
الموافق : 15/ ابريل / 2022 ميلادي
تابع / فوائد الإمام النووي على صحيح مسلم
" المجلد الخامس "
......
(5/10)
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَنَّ اسْتِقْبَالَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ هَلْ كَانَ ثَابِتًا بِالْقُرْآنِ أَمْ بِاجْتِهَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَجْهَيْنِ فِي ذَلِكَ لِأَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى الذي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ كَانَ بِسُنَّةٍ لَا بِقُرْآنٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ يَنْسَخُ السُّنَّةَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّين َ الْمُتَأَخِّرِي نَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَهُ وَبِهِ قَالَ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ السُّنَّةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْكِتَابِ فَكَيْفَ يَنْسَخُهَا وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَمْ يَكُنِ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِسُنَّةٍ بَلْ كَانَ بِوَحْيٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا جَعَلْنَا القبلة التي كنت عليها الْآيَةَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي عَكْسِهِ وَهُوَ نَسْخُ السنة للقرآن فجوزه الاكثرون ومنعه الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَ
........
(ج5/20)
اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْعَاءَ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثَانِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ النَّهْيُ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ من رواية علي وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ رِوَايَةِ سَمُرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَيْهَقِيّ ِ مِنْ رِوَايَةِ سَمُرَةَ وَأَنَسٍ وَأَسَانِيدُهَا كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْإِقْعَاءِ وَفِي تَفْسِيرِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالصَّوَابُ الَّذِي لَا مَعْدِلَ عَنْهُ أَنَّ الْإِقْعَاءَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَصَاحِبُهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ وَآخَرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّهْيُ وَالنَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يَجْعَلَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا هو مراد بن عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فِي الْجُلُوسِ بين السجدتين وحمل حديث بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَيْهِ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَآخَرُونَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ قال وكذا جاء مفسرا عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَمَسَّ عَقِبَيْكَ أَلْيَيْكَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ
.........
(5/19)
نَّ السُّنَّةَ فِيهِ الِافْتِرَاشُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ وَأَيُّهمَا أَفْضَلُ فِيهِ قَوْلَانِ وَأَمَّا جِلْسَةُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ فَسُنَّتُهُمَا الِافْتِرَاشُ وَجِلْسَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ السُّنَّةُ فِيهِ التَّوَرُّكُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
......
(5/22)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حُلْوَانُ الْكَاهِنِ مَا يَأْخُذُهُ الْمُتَكَهِّنُ عَلَى كِهَانَتِهِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَفِعْلُهُ بَاطِلٌ قَالَ وَحُلْوَانُ الْعَرَّافِ حَرَامٌ أَيْضًا قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَّافِ وَالْكَاهِنِ أَنَّ الْكَاهِنَ إِنَّمَا يَتَعَاطَى الْأَخْبَارَ عَنِ الْكَوَائِنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَدَّعِي مَعْرِفَةَ الْأَسْرَارِ وَالْعَرَّافُ يَتَعَاطَى مَعْرِفَةَ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ وَمَكَانَ الضَّالَّةِ وَنَحْوِهِمَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا فِي حَدِيثِ مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِي الْعَرَبِ كَهَنَةٌ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنَ الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رِئْيًا مِنَ الْجِنِّ يُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَارَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي اسْتِدْرَاكَ ذَلِكَ بِفَهْمٍ أُعْطِيَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُمُ مَعْرِفَةَ الْأُمُورِ بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَابٍ اسْتَدَلَّ بِهَا كَمَعْرِفَةِ مَنْ سَرَقَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَمَعْرِفَةِ مَنْ يُتَّهَمُ بِهِ الْمَرْأَةُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الْمُنَجِّمَ كَاهِنًا قَالَ وَالْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ فِيمَا يَدَّعُونَهُ هَذَا كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ وَهُوَ نَفِيسٌ
.....
5/24
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَةً فَقِيهُهُمْ وَمُحَدِّثُهُمْ وَمُتَكَلِّمُهُ مْ وَنُظَّارُهُمْ وَمُقَلِّدُهُمْ أَنَّ الظَّوَاهِرَ الْوَارِدَةَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السماء أن يخسف بكم الأرض وَنَحْوِهِ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا بَلْ مُتَأَوَّلَةٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَمَنْ قَالَ بِإِثْبَاتِ جِهَةِ فَوْقُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا تَكْيِيفٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ تَأَوَّلَ فِي السَّمَاءِ
أَيْ عَلَى السَّمَاءِ وَمَنْ قَالَ مِنْ دَهْمَاءِ النُّظَّارِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ وَأَصْحَابِ التَّنْزِيهِ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَاسْتِحَالَةِ الْجِهَةِ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَأَوَّلُوهَا تَأْوِيلَاتٍ بِحَسَبِ مُقْتَضَاهَا وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سَبَقَ قَالَ وَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي جَمَعَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَقِّ كُلَّهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَنِ الْفِكْرِ فِي الذَّاتِ كَمَا أُمِرُوا وَسَكَتُوا لِحِيرَةِ الْعَقْلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ التَّكْيِيفِ وَالتَّشْكِيلِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وُقُوفِهِمْ وَإِمْسَاكِهِمْ غَيْرُ شَاكٍّ فِي الوجود والموجود وَغَيْرُ قَادِحٍ فِي التَّوْحِيدِ بَلْ هُوَ حَقِيقَتُهُ ثُمَّ تَسَامَحَ بَعْضُهُمْ بِإِثْبَاتِ الْجِهَةِ خَاشِيًا مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّسَامُحِ وَهَلْ بَيْنَ التَّكْيِيفِ وَإِثْبَاتِ الْجِهَاتِ فَرْقٌ لَكِنْ إِطْلَاقُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّرْعُ مِنْ أَنَّهُ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَأَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَعَ التَّمَسُّكِ بِالْآيَةِ الْجَامِعَةِ لِلتَّنْزِيهِ الْكُلِّيِّ الَّذِي لَا يَصِحُّ فِي الْمَعْقُولِ غَيْرُهُ وهو قوله تعالى ليس كمثله شيء عِصْمَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا كَلَامُ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ
.......
25
أَنَّ إِعْتَاقَ الْمُؤْمِنِ أَفْضَلُ مِنْ إِعْتَاقِ الْكَافِرِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ عِتْقِ الْكَافِرِ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَاتِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْكَافِرُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا مُؤْمِنَةٌ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْكُوفِيُّون َ يُجْزِئُهُ الْكَافِرُ لِلْإِطْلَاقِ فَإِنَّهَا تُسَمَّى رَقَبَةً قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِيرُ مُؤْمِنًا إِلَّا بِالْإِقْرَارِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَي ْنِ وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ جَزْمًا كَفَاهُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَالْجَنَّةِ وَلَا يُكَلَّفُ مَعَ هَذَا إِقَامَةَ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
.........
26
الَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ العلماء برد السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ نُطْقًا مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَقَتَادَةُ وَإِسْحَاقُ وَقِيلَ يَرُدُّ فِي نَفْسِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ يَرُدُّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَرُدُّ بِلَفْظٍ وَلَا إِشَارَةٍ بِكُلِّ حَالٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ يَرُدُّ إِشَارَةً وَلَا يَرُدُّ نُطْقًا وَمَنْ قَالَ يَرُدُّ نُطْقًا كَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْأَحَادِيثُ وَأَمَّا ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَإِنْ سَلَّمَ لَمْ يَسْتَحِقَّ جَوَابًا وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا كَرَاهَةُ السَّلَامِ وَالثَّانِيَةُ جَوَازُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ وَظِيفَتُهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِصَلَاتِهِ فَيَتَدَبَّرَ مَا يَقُولُهُ وَلَا يُعَرِّجُ عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَا غَيْرَهُ
.......
29
قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حيث لا ترونهم فَمَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَتْ رُؤْيَتُهُمْ مُحَالًا لَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ مِنْ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهُ وَمِنْ أَنَّهُ كَانَ يَرْبِطُهُ لِيَنْظُرُوا كُلُّهُمْ إِلَيْهِ وَيَلْعَبَ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ إِنَّ رُؤْيَتَهُمْ عَلَى خَلْقِهِمْ وَصُوَرِهِمُ الْأَصْلِيَّةِ مُمْتَنِعَةٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ إِلَّا لِلْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَمَنْ خُرِقَتْ لَهُ الْعَادَةُ وَإِنَّمَا يَرَاهُمْ بَنُو آدَمَ فِي صُوَرٍ غَيْرِ صُوَرِهِمْ كَمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ قُلْتُ هَذِهِ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَهَا مُسْتَنَدٌ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ الْجِنُّ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ رُوحَانِيَّةٌ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَصَوَّرَ بِصُورَةٍ يُمْكِنُ رَبْطُهُ مَعَهَا ثُمَّ يَمْتَنِعُ مِنْ أَنْ يَعُودَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَأَتَّى اللَّعِبُ بِهِ وَإِنْ خُرِقَتِ الْعَادَةُ أَمْكَنَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ صَلَاةُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَذَا فَامْتَنَعَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَبْطِهِ إِمَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ لَمَّا تَذَكَّرَ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَاطَ ذَلِكَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَوْ تَوَاضُعًا وَتَأَدُّبًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا أَيْ ذَلِيلًا صَاغِرًا مَطْرُودًا مبعدا
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-05-14, 10:28 AM
اليوم : السبت
الموافق : 13/ شوال / 1443 هجري
الموافق : 14/ مايو 5/ 2022 ميلادي
" ختم وتلخيص واستنباط الفوائد من شرح النووي على صحيح مسلم "
" المجلد الخامس "
(5/60
وَاعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ كَالْفَرْضِ وقال بن سِيرِينَ وَقَتَادَةُ لَا سُجُودَ لِلتَّطَوُّعِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ غَرِيبٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
............
(5/61
جَوَازِ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بَلْ يُعْلِمُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ثُمَّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ شَرْطُهُ تَنَبُّهُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْفَوْرِ مُتَّصِلًا بِالْحَادِثَةِ وَلَا يَقَعُ فِيهِ تَأْخِيرٌ وَجَوَّزَتْ طَائِفَةٌ تَأْخِيرُهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ السَّهْوَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَفْعَالِ الْبَلَاغِيَّةِ وَالْعِبَادَاتِ كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِهِ وَاسْتِحَالَتِه ِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَقْوَالِ الْبَلَاغِيَّةِ وَأَجَابُوا عَنِ الظَّوَاهِرِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَإِلَيْهِ مَالَ الاستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ فَإِنَّ السَّهْوَ لَا يُنَاقِضُ النُّبُوَّةَ وَإِذَا لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَفْسَدَةٌ بَلْ تَحْصُلُ فِيهِ فَائِدَةٌ
......
62/5
قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ السَّهْوِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَلَاغِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ مِنْ أَفْعَالِهِ وَعَادَاتِهِ وَأَذْكَارِ قَلْبِهِ فَجَوَّزَهُ الْجُمْهُورُ وَأَمَّا السَّهْوُ فِي الْأَقْوَالِ الْبَلَاغِيَّةِ فَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِهِ كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى امْتِنَاعِ تَعَمُّدِهِ وَأَمَّا السَّهْوُ فِي الْأَقْوَالِ الدُّنْيَوِيَّة ِ وَفِيمَا لَيْسَ سَبِيلُهُ الْبَلَاغُ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ وَلَا أَخْبَارِ الْقِيَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلَا يُضَافُ إِلَى وَحْيٍ فَجَوَّزَهُ قَوْمٌ إِذْ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ تَرْجِيحُ قَوْلِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فِي كُلِّ خَبَرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ خُلْفٌ فِي خَبَرٍ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا لَا فِي صِحَّةٍ وَلَا في مرض ولارضاء وَلَا غَضَبٍ وَحَسْبُكَ فِي ذَلِكَ أَنَّ سِيرَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَامَهُ وَأَفْعَالَهُ مَجْمُوعَةٌ مُعْتَنًى بِهَا عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ يَتَدَاوَلُهَا الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ وَالْمُؤْمِنُ وَالْمُرْتَابُ فَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا اسْتِدْرَاكُ غَلَطٍ فِي قَوْلٍ وَلَا اعْتِرَافٌ بِوَهْمٍ فِي كَلِمَةٍ وَلَوْ كَانَ لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ سَهْوُهُ فِي الصَّلَاةِ وَنَوْمُهُ عَنْهَا وَاسْتِدْرَاكُه ُ رَأْيَهُ فِي تَلْقِيحِ النَّخْلِ وَفِي نُزُولِهِ بِأَدْنَى مِيَاهِ بَدْرٍ
.........
5/63
ذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ رَكْعَةً نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بَلْ إِنْ عَلِمَ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إِنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ بِقَرِيبٍ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِذَا زَادَ رَكْعَةً سَاهِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَزِمَهُ إِعَادَتُهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ كَانَ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ زَادَ خَامِسَةً أَضَافَ إِلَيْهَا سَادِسَةً تَشْفَعُهَا وَكَانَتْ نَفْلًا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَيَخْرُجُ مِنَ الصَّلَاةِ بِكُلِّ ما ينافيها وأن الركعة الفردة لا تكون صَلَاةٍ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْجُلُوسَ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ وَاجِبٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ حَتَّى أَتَى بِالْخَامِسَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ كُلَّ مَا قَالُوهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْجِعْ مِنَ الْخَامِسَةِ وَلَمْ يَشْفَعْهَا وَإِنَّمَا تَذَكَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ فَفِيهِ رد عليهم وحجة الجمهور ثُمَّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ إِذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ فَسَوَاءٌ زَادَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا أَوْ رَكْعَةً أَوْ رَكَعَاتٍ كَثِيرَةً سَاهِيًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ اسْتِحْبَابًا لَا إِيجَابًا
..........
5/73
قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَائِفَةٍ أَنَّهُنَّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً مِنْهَا سَجْدَتَانِ فِي الْحَجِّ وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَلَيْسَتْ سَجْدَةُ صَادْ مِنْهُنَّ وَإِنَّمَا هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَائِفَةٌ هِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ أَسْقَطَ سَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُنَّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَثْبَتَ سَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ وَسَجْدَةَ صَادْ وَأَسْقَطَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الحج وقال أحمد وبن سُرَيْجٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَطَائِفَةٌ هُنَّ خَمْسَةَ عَشْرَةَ أَثْبَتُوا الْجَمِيعَ وَمَوَاضِعُ السَّجَدَاتِ مَعْرُوفَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي سَجْدَةِ حم فَقَالَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا هِيَ عَقِبَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ كنتم اياه تعبدون وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى والجمهور عقب وهم لا يسئمون وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
5/83
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ سَلَّمَ وَاحِدَةً اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَإِنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ جَعَلَ الْأُولَى عَنْ يَمِينِهِ وَالثَّانِيَةَ عَنْ يَسَارِهِ وَيَلْتَفِتُ فِي كُلِّ تَسْلِيمَةٍ حَتَّى يَرَى مَنْ عَنْ جَانِبِهِ خَدَّهُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا حَتَّى يَرَى خَدَّيْهِ مَنْ عَنْ جَانِبِهِ وَلَوْ سَلَّمَ التَّسْلِيمَتَي ْنِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ أَوِ الْأُولَى عَنْ يَسَارِهِ وَالثَّانِيَةَ عَنْ يَمِينِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَحَصَلَتْ تَسْلِيمَتَانِ وَلَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ فِي كَيْفِيَّتِهِمَ ا وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَفَرْضٌ مِنْ فُرُوضِهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهِ هَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ سُنَّةٌ وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِكُلِّ شَيْءٍ يُنَافِيهَا مِنْ سَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ حَدَثٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ وَثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّ
......
5/85
بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ عَقِبَ الْمَكْتُوبَةِ وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّهُ مِنَ المتأخرين بن حزم الظاهري ونقل بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ أَنَّ أَصْحَابَ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ وَغَيْرَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ وَالتَّكْبِيرِ وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ وَقْتًا يَسِيرًا حَتَّى يُعْلِمَهُمْ صِفَةَ الذِّكْرِ لَا أَنَّهُمْ جَهَرُوا دَائِمًا قال فاختار للإمام والمأموم أن يذكر اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ وَيُخْفِيَانِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامًا يُرِيدُ أَنْ يُتَعَلَّمَ مِنْهُ فَيَجْهَرُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ تُعُلِّمَ مِنْهُ ثُمَّ يُسِرُّ وَحُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا وَقَوْلُهُ كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْضُرُ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِصِغَرِهِ قَوْلُهُ أَخْبَرَنِي هَذَا أَبُو مَعْبِدٍ ثُمَّ أَنْكَرَهُ فِي احْتِجَاجِ مُسْلِمٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى ذَهَابِهِ إِلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَعَ إِنْكَارِ الْمُحَدِّثِ لَهُ إِذَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ ثِقَةٌ وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّ ينَ قَالُوا يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا كَانَ إِنْكَارُ الشَّيْخِ لَهُ لِتَشْكِيكِهِ فِيهِ أَوْ لِنِسْيَانِهِ أَوْ قَالَ لَا أَحْفَظُهُ أَوْ لَا أَذْكُرُ أَنِّي حَدَّثْتُكَ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُمُ الْكَرْخِيُّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فَأَمَّا إِذَا أَنْكَرَهُ إِنْكَارًا جَازِمًا قَاطِعًا بِتَكْذِيبِ الرَّاوِي عَنْهُ وَأَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ بِهِ قَطُّ فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ به عند جميعهم لان حزم كُلِّ وَاحِدٍ يُعَارِضُ جَزْمَ الْآخَرِ وَالشَّيْخُ هُوَ الْأَصْلُ فَوَجَبَ إِسْقَاطُ
......
97/5
وقال مالك رضي الله عنه انه لا يستحب
دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ
...............
5/99
جَوَازِ قَوْلِ فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَكَرِهَهُ بن سِيرِينَ وَقَالَ إِنَّمَا يُقَالُ لَمْ نُدْرِكْهَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا هَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِهِ
.....
5/100
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ آخِرُهَا وَعَكَسَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبَيْ نِ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَأَجَابُوا عَنْ رِوَايَةِ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْفِعْلُ لَا الْقَضَاءُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْقَضَاءِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَقَضَاهُنَّ سبع سماوات وقوله تعالى فإذا قضيتم مناسككم وقوله تعالى فإذا قضيت الصلاة وَيُقَالُ قَضَيْتُ حَقَّ فُلَانٍ وَمَعْنَى الْجَمِيعِ الْفِعْلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ مَعْنَاهُ إِذَا أُقِيمَتْ سُمِّيَتِ الْإِقَامَةُ تَثْوِيبًا لِأَنَّهَا دُعَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الدُّعَاءِ بِالْأَذَانِ
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-05-18, 10:29 PM
اليوم : الأربعاء
الموافق : 17/ شوال / 1443 هجري
الموافق : 18/ مايو / 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي
5/100
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ آخِرُهَا وَعَكَسَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبَيْ نِ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَأَجَابُوا عَنْ رِوَايَةِ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْفِعْلُ لَا الْقَضَاءُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْقَضَاءِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَقَضَاهُنَّ سبع سماوات وقوله تعالى فإذا قضيتم مناسككم وقوله تعالى فإذا قضيت الصلاة وَيُقَالُ قَضَيْتُ حَقَّ فُلَانٍ وَمَعْنَى الْجَمِيعِ الْفِعْلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ مَعْنَاهُ إِذَا أُقِيمَتْ سُمِّيَتِ الْإِقَامَةُ تَثْوِيبًا لِأَنَّهَا دُعَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الدُّعَاءِ بِالْأَذَانِ
......
5/101
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ وَمَتَى يُكَبِّرُ الْإِمَامُ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَائِفَةٍ أَنَّهُ يستحب أن لا يَقُومَ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومُوا إِذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَكَانَ أَنَسٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُومُ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْكُوفِيُّون َ يَقُومُونَ فِي الصَّفِّ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَإِذَا قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا يُكَبِّرُ الْإِمَامُ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ
............
5/113
وْلُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ لَا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ جَرَتْ عَادَةُ الْفُضَلَاءِ بِالسُّؤَالِ عَنْ إِدْخَالِ مُسْلِمٍ هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنْ يَحْيَى مَعَ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ إِلَّا أَحَادِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْضَةً مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِأَحَادِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَكَيْفَ أَدْخَلَهَا بَيْنَهَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ قَالَ سَبَبُهُ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْجَبَهُ حُسْنُ سِيَاقِ هَذِهِ الطُّرُقِ الَّتِي
ذكرها لحديث عبد الله بن عمر وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهَا وَتَلْخِيصُ مَقَاصِدِهَا وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ فِي الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا شَارَكَهُ فِيهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ مَنْ رَغِبَ فِي تَحْصِيلِ الرُّتْبَةِ الَّتِي يَنَالُ بِهَا مَعْرِفَةَ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ طَرِيقهُ أَنْ يُكْثِرَ اشْتِغَالَهُ وَإِتْعَابَهُ جِسْمَهُ فِي الِاعْتِنَاءِ بِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ هَذَا شَرْحُ مَا حَكَاهُ الْقَاضِ
....
125
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ جَمَاعَةٌ هِيَ الْعَصْرُ مِمَّنْ نُقِلَ هَذَا عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ أبي طالب وبن مسعود وأبو أيوب وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ والكلبي ومقاتل وأبو حنيفة وأحمد وداود وبن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ قَالَ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى أَنَّهَا الصُّبْحُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الْعَصْرِ وَمَذْهَبُهُ اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هِيَ الصُّبْحُ مِمَّنْ نُقِلَ هَذَا عَنْهُ عُمَرُ بْنُ الخطاب ومعاذ بن جبل وبن عباس وبن عُمَرَ وَجَابِرٌ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ طَائِفَةٌ هِيَ الظُّهْرُ نَقَلُوهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ
وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلَانِ الْعَصْرُ وَالصُّبْحُ وَأَصَحُّهُمَا الْعَصْرُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَنْ قَالَ هِيَ الصُّبْحُ يَتَأَوَّلُ الْأَحَادِيثَ عَلَى أَنَّ الْعَصْرَ تُسَمَّى وَسَطًا وَيَقُولُ إِنَّهَا غَيْرُ الْوُسْطَى الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا الصُّبْحُ يَحْتَجُّ بِأَنَّهَا تَأْتِي فِي وَقْتِ مَشَقَّةٍ بِسَبَبِ بَرْدِ الشِّتَاءِ وَطِيبِ النَّوْمِ فِي الصَّيْفِ وَالنُّعَاسِ وَفُتُورِ الْأَعْضَاءِ وَغَفْلَةِ النَّاسِ فَخُصَّتْ بِالْمُحَافَظَة ِ لِكَوْنِهَا مُعَرَّضَةً لِلضَّيَاعِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَمَنْ قَالَ هِيَ الْعَصْرُ يَقُولُ إِنَّهَا تَأْتِي في وَقْتَ اشْتِغَالِ النَّاسِ بِمَعَايِشِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَأَمَّا مَنْ قَالَ هِيَ الْجُمُعَةُ فَمَذْهَبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْإِيصَاءِ بِالْمُحَافَظَة ِ عَلَيْهَا إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلضَّيَاعِ وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِالْجُمُعَةِ فَإِنَّ النَّاسَ يُحَافِظُونَ عَلَيْهَا فِي الْعَادَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا تَأْتِي فِي الْأُسْبُوعِ مَرَّةً بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَمَنْ قَالَ هِيَ جَمِيعُ الْخَمْسِ فَضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ لِأَنَّ الْعَرَبُ لَا تَذْكُرُ الشَّيْءَ مُفَصَّلًا ثُمَّ تُجْمِلُهُ وَإِنَّمَا تَذْكُرُهُ مُجْمَلًا ثُمَّ تُفَصِّلُهُ أَوْ تُفَصِّلُ بَعْضَهُ تَنْبِيهًا عَلَى فضيلته والله أعلم
زززز,,,,,,
133/5
يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ مِنَ النَّحْوِيِّينَ يَجُوزُ إِظْهَارُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ فِي الْفِعْلِ إِذَا تَقَدَّمَ وَهُوَ لُغَةُ بَنِي الْحَارِثِ وَحَكَوْا فِيهِ قَوْلَهُمْ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الْأَخْفَشُ وَمَنْ وَافَقَهُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسَرُّوا النجوى الذين ظلموا وَقَالَ سِيبَوَيْهِ وَأَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ لَا يَجُوزُ إِظْهَارُ الضَّمِيرِ مَعَ تَقَدُّمِ الْفِعْلِ وَيَتَأَوَّلُون َ كُلَّ هَذَا وَيَجْعَلُونَ الِاسْمَ بَعْدَهُ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ وَلَا يَرْفَعُونَهُ بِالْفِعْلِ كَأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى قيل من هم قيل الذين ظلموا وَكَذَا يَتَعَاقَبُونَ وَنَظَائِرُهُ وَمَعْنَى يَتَعَاقَبُونَ تَأْتِي طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ وَمِنْهُ تَعَقُّبُ الْجُيُوشِ وَهُوَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى ثَغْرِ قَوْمٍ وَيَجِيءَ آخَرُونَ وَأَمَّا اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَهُوَ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَكْرِمَةٌ لَهُمْ أَنْ جَعَلَ اجْتِمَاعَ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَهُمْ وَمُفَارَقَتُهُ مْ لَهُمْ فِي أَوْقَاتِ عِبَادَاتِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِم ْ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ
......
138
قَوْلُهُ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَصْفِهَا بِالْآخِرَةِ وَأَنَّهُ لا كراهة
فِيهِ خِلَافًا لِمَا حُكِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ
......
146
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْمَكْرُوهُ مِنَ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ هُوَ مَا كَانَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَصْلَحَةَ فِيهَا أَمَّا مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَخَيْرٌ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَذَلِكَ كَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَمُحَادَثَةِ الضَّيْفِ وَالْعَرُوسِ لِلتَّأْنِيسِ وَمُحَادَثَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ لِلْمُلَاطَفَةِ وَالْحَاجَةِ وَمُحَادَثَةِ الْمُسَافِرِينَ بِحِفْظِ مَتَاعِهِمْ أَوْ أَنْفُسِهِمْ وَالْحَدِيثُ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالشَّفَاعَةِ إِلَيْهِمْ فِي خَيْرٍ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى مَصْلَحَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكُلُّ هَذَا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَقَدْ جَاءَتْ أحَادِيثُ صَحِيحَةٌ بِبَعْضِهِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ
.......
5/150
إِنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا وَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً
[650] وَفِي رِوَايَةٍ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا فَذِكْرُ الْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ بَاطِلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّين َ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِهَا الثَّالِثُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ وَالصَّلَاةُ فَيَكُونُ لِبَعْضِهِمْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَلِبَعْضِهِمْ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ بحسب كمال الصلاة ومحافظته على هيآتها وَخُشُوعِهَا وَكَثْرَةِ جَمَاعَتِهَا وَفَضْلِهِمْ وَشَرَفِ الْبُقْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذِهِ هِيَ الْأَجْوِبَةُ الْمُعْتَمَدَةُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الدَّرَجَةَ غَيْرُ الْجُزْءِ وَهَذَا غَفْلَةٌ مِنْ قَائِلِهِ فَإِنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَاخْتَلَفَ الْقَدْرُ مَعَ اتِّحَادِ لَفْظِ الدَّرَجَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
5/163
الَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الِاثْنَيْنِ يُكَوِّنَانِ صَفًّا وَرَاءَ الْإِمَامِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا ومذهب العلماء كافة الا بن مَسْعُودٍ وَصَاحِبَيْهِ فَقَالُوا يُكَوِّنَانِ هُمَا وَالْإِمَامُ صَفًّا وَاحِدًا فَيَقِفُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَقِفُ خَلْفَ الرِّجَالِ وَأَنَّهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى تَقِفُ وَحْدَهَا مُتَأَخِّرَةً وَاحْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَشْهُورَةِ بِالْخِلَافِ وَهِيَ إِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَافْتَرَشَهُ فَعِنْدَهُمْ يَحْنَثُ وَعِنْدَنَا لَا يَحْنَثُ
.....
حسن المطروشى الاثرى
2022-05-21, 01:32 PM
اليوم : السبت
الموافق : 21 / مايو / 2022 ميلادي
الموافق : 20 / شوال / 1443 هجري
تابع /
5/95
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْإِتْمَامُ وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ وَلَنَا قَوْلٌ أَنَّ الْإِتْمَامُ أَفْضَلُ وَوَجْهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَكَثِيرُونَ الْقَصْرُ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ الْإِتْمَامُ وَيَحْتَجُّونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِأَنَّ أَكْثَرَ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ كَانَ الْقَصْرُ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يُسَافِرُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنْهُمُ الْقَاصِرُ وَمِنْهُمُ الْمُتِمُّ وَمِنْهُمُ الصَّائِمُ وَمِنْهُمُ الْمُفْطِرُ لَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يُتِمُّ وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ وَهَذَا يَقْتَضِي رَفْعُ الْجُنَاحِ وَالْإِبَاحَةِ
.......
205/5
عُبَيْدِ اللَّهِ مُصَغَّرٌ وَأُمُّهُ مُلَيْكَةُ بِنْتُ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيُّ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَوْلَدَهَا ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأُخْتُهُ حَفْصَةُ فَأُمُّهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ
.......
211
قَوْلُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ وَغَيْرُهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ قَالُوا وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَوْ عَلَى الْبَعِيرِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْحِمَارِ مِنْ فِعْلِ أَنَسٍ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ عَمْرٍو هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِي ِّ وَمُتَابِعِيهِ وَفِي الْحُكْمِ بِتَغْلِيطِ رِوَايَةِ عَمْرٍو نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ نَقَلَ شَيْئًا مُحْتَمَلًا فلعله كان لحمار مَرَّةً وَالْبَعِيرُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إِنَّهُ شَاذٌّ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ في البعيد والراحلة
وَالشَّاذُّ مَرْدُودٌ وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِلْجَمَاعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
214
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِسَبَبِ السَّفَرِ وَلَا الْمَطَرِ وَلَا الْمَرَضِ وَلَا غَيْرِهَا إِلَّا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَاتٍ بِسَبَبِ النُّسُكِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِسَبَبِ النُّسُكِ أَيْضًا وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ
.......
5/220
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ فَحَاكَ فِي صَدْرِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلْتُهُ فَصَدَّقَ مَقَالَتَهُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ الثَّابِتَةُ فِي مُسْلِمٍ كَمَا تَرَاهَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا تَأْوِيلَاتٌ وَمَذَاهِبُ وَقَدْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ لَيْسَ فِي كِتَابِي حَدِيثٌ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ إِلَّا حَدِيثَ بن عَبَّاسٍ فِي الْجَمْعِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَحَدِيثَ قَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي حديث شارب الخمر هو كما قاله فَهُوَ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَسْخِهِ وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ بَلْ لَهُمْ أَقْوَالٌ مِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَهَذَا مَشْهُورٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْكِبَارِ الْمُتَقَدِّمِي نَ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي غَيْمٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ انْكَشَفَ الْغَيْمُ وَبَانَ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ دَخَلَ فَصَلَّاهَا وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَدْنَى احْتِمَالٍ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَا احْتِمَالَ فِيهِ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى تَأْخِيرِ الْأُولَى إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَصَلَّاهَا فِيهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا دَخَلَتِ الثَّانِيَةُ فَصَلَّاهَا فَصَارَتْ صَلَاتُهُ صُورَةَ جَمْعٍ وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل وفعل بن عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ حِينَ خَطَبَ وَاسْتِدْلَالُه ُ بِالْحَدِيثِ لِتَصْوِيبِ فِعْلِهِ وَتَصْدِيقُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهُ وَعَدَمُ إِنْكَارِهِ صَرِيحٌ فِي رَدِّ هَذَا التَّأْوِيلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَمْعِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَعْذَارِ وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيّ ُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي تَأْوِيلِهِ لظاهر الحديث ولفعل بن عَبَّاسٍ وَمُوَافَقَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ
أَشَدُّ مِنَ الْمَطَرِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ فِي الْحَضَرِ لِلْحَاجَةِ لِمَنْ لا يتخذه عادة وهو قول بن سِيرِينَ وَأَشْهَبَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنِ الْقَفَّالِ وَالشَّاشِيُّ الْكَبِيرُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أصحاب الحديث واختاره بن المنذر ويؤيده ظاهر قول بن عباس أراد أن لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ فَلَمْ يُعَلِّلْهُ بِمَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
5/230
أَمَّا مَا صَحَّ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الضُّحَى هِيَ بِدْعَةٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّظَاهُرَ بِهَا كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِدْعَةٌ لَا أَنَّ أَصْلَهَا فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا مَذْمُومٌ أَوْ يُقَالُ قَوْلُهُ بِدْعَةٌ أَيِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ وَهَذَا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِحْبَابُ الْمُحَافَظَةِ فِي حَقِّنَا بِحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي ذَرٍّ أو يقال أن بن عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضُّحَى وَأَمْرُهُ بِهَا وَكَيْفَ كَانَ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الضُّحَى وَإِنَّمَا نُقِلَ التوقف فيها عن بن مسعود وبن عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
انتهى المجلد الخامس ويليه المجلد السادس
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
حسن المطروشى الاثرى
2022-05-28, 10:09 AM
اليوم : السبت
الموافق : 27/ شوال / 1443 هجري
الموافق : 28/ يوليو / 2022 ميلادي
" المجلد السادس من شرح النووي على صحيح مسلم "
(6/15)
وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا جَوَازُ التَّنَفُّلِ مُضْطَجِعًا لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْبُخَارِيِّ وَمَنْ صَلَّى قَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ وَإِذَا صَلَّى مُضْطَجِعًا فَعَلَى يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ جَازَ وَهُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَإِنْ اسْتَلْقَى مَعَ إِمْكَانِ الِاضْطِجَاعِ لَمْ يَصِحَّ قِيلَ الْأَفْضَلُ مُسْتَلْقِيًا وَأَنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ لَا يَصِحُّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(6/15)
الصَّوَابُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا أَنَّ نَافِلَتَهُ ص قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ثَوَابُهَا كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَهُوَ مِنَ الْخَصَائِصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
6/20
وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْطَجِعُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وفي حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ الِاضْطِجَاعَ كَانَ بَعْدَ صَلَاةِ اللَّيْلِ قَبْلَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ وَهَذَا فِيهِ رَدٌّ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي قَوْلِهِمْ أَنَّ الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ سُنَّةٌ قَالَ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مَرْجُوحَةٌ
......
(6/27)
الْأُمَّةُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ فِي حَقِّهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهِ فِي حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا نَسْخُهُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَلَوْ قَدْرَ حَلْبِ شَاةٍ فَغَلَطٌ وَمَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ مَعَ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ لَا وَاجِبَ إِلَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ
......
6/28
وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ الليل صلى من النهار ثنتي عَشْرَةَ رَكْعَةً هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَوْرَادِ وَأَنَّهَا إِذَا فَاتَتْ تُقْضَى
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
6/29
إِذَا رُوِيَ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا أَوْ مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا حُكِمَ بِالرَّفْعِ وَالْوَصْلِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّافِعُ وَالْوَاصِلُ أَكْثَرَ أَوْ أقَلَّ فِي الْحِفْظِ وَالْعَدَدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَائِدَةٌ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ فِيهِ رِوَايَةَ صَحَابِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ وَهُوَ السَّائِبُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَدْخُلُ فِي رِوَايَةِ الْكِبَارِ عن الصغار
.....
6/48
وَقَدْ جَاءَ فِي بعض روايات هذا الحديث قال بن عباس بت عند خالتي في ليلة كانت فِيهَا حَائِضًا قَالَ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ وَإِنْ لَمْ تصح طريقا فهي
حسنة المعنى جدا إذ لم يكن بن عَبَّاسٍ يَطْلُبُ الْمَبِيتَ فِي لَيْلَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَلَا يُرْسِلُهُ أَبُوهُ إِلَّا إِذَا عَلِمَ عَدَمَ حَاجَتِهِ إِلَى أَهْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يفعل حاجته مع حضرة بن عَبَّاسٍ مَعَهُمَا فِي الْوِسَادَةِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مُرَاقِبًا لِأَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنَمْ أَوْ نَامَ قَلِيلًا جِدًّ
.....
6/62
وَالَّذِي نَقُولُهُ إِنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الدَّرْسِ وَلَا فِي التَّلْقِينِ وَالتَّعْلِيمِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ نَصٌّ وَلَا حَدٌّ تَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ تَرْتِيبُ الْمَصَاحِفِ قَبْلَ مُصْحَفِ عُثْمَانَ قَالَ وَاسْتَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأُمَّةُ بَعْدَهُ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ تَرْكَ تَرْتِيبِ السُّوَرِ فِي الصَّلَاةِ وَالدَّرْسِ وَالتَّلْقِينِ قَالَ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ ذَلِكَ بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّدَهُ لَهُمْ كَمَا اسْتَقَرَّ فِي مصحف عثمان وإنما اختلف الْمَصَاحِفِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمُ التَّوْقِيفُ وَالْعَرْضُ الْأَخِيرُ فيتأول قرأته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ آلَ عِمْرَانَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ التَّوْقِيفِ وَالتَّرْتِيبِ وَكَانَتْ هَاتَانِ السُّورَتَانِ هَكَذَا فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَبْلَ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الْأُولَى وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذلك ي رَكْعَةٍ وَلِمَنْ يَتْلُو فِي غَيْرِ صَلَاةٍ قَالَ وقد أباحه بعضهم وتأول نَهْيِ السَّلَفِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَنْكُوسًا عَلَى مَنْ يَقْرَأُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ إِلَى أَوَّلِهَا قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ تَرْتِيبَ آيَاتِ كُلِّ سُورَةٍ بِتَوْقِيفٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ وَهَكَذَا نَقَلَتْهُ الْأُمَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
63
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَقَّ عَلَى الْمُقْتَدِي فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ الْقِيَامُ وَعَجَزَ عَنْهُ جَازَ لَهُ الْقُعُودُ وَإِنَّمَا لَمْ يقعد بن مَسْعُودٍ لِلتَّأَدُّبِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
.....
6/68
أَنَّ طُولَ الْعُمْرِ فِي الطَّاعَةِ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يَنْتَقِلُ إِلَى خَيْرٍ لِأَنَّ الحي يستلحق بِهِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ بِمَا يَفْعَلُهُ مِنَ الطَّاعَاتِ
.............
76
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ جَوَازُ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتِدَاءٌ فِيمَا لَيْسَ
طَرِيقُهُ الْبَلَاغُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا طَرِيقُهُ الْبَلَاغُ وَالتَّعْلِيمُ وَلَكِنْ مَنْ جَوَّزَ قَالَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بل لابد أَنْ يَتَذَكَّرَهُ أَوْ يَذْكُرَهُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شروط ذلك الفور أم يصح على التَّرَاخِي قَبْلَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَمَّا نِسْيَانُ مَا بَلَغَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَيَجُوزُ
.....
6/93
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قُلْتُ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ حُجَّةٌ لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ وَتَفْضِيلِهِ عَلَى سَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَفِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ فَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِي ُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ لِأَنَّ تَفْضِيلَ بَعْضِهِ يَقْتَضِي نَقْصَ الْمَفْضُولِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ اللَّهِ نَقْصٌ بِهِ وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ مَا وَرَدَ مِنْ إِطْلَاقِ أَعْظَمِ وَأَفْضَلِ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ بِمَعْنًى عَظِيمٍ وفاضل
وَأَجَازَ ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ قَالُوا وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى عِظَمِ أَجْرِ قَارِئِ ذَلِكَ وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ قَوْلِ هَذِهِ الْآيَةِ أَوِ السُّورَةِ أَعْظَمُ أَوْ أفْضَلُ بِمَعْنَى أَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا أَكْثَرُ وَهُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا تَمَيَّزَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ بِكَوْنِهَا أَعْظَمَ لِمَا جَمَعَتْ مِنْ أُصُولِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ والوحدانية وَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَهَذِهِ السَّبْعَةُ أُصُولُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
94
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةُ لَمْ يُرَ مثلهن قط قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فِيهِ بَيَانُ عِظَمِ فَضْلِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ وَقَدْ سَبَقَ قَرِيبًا الْخِلَافُ فِي إِطْلَاقِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى كَوْنِهِمَا مِنَ الْقُرْآنِ وَرُدَّ عَلَى مَنْ نسب إلى بن مَسْعُودٍ خِلَافَ هَذَا وَفِيهِ أَنَّ لَفْظَةَ قُلْ مِنَ الْقُرْآنِ ثَابِتَةٌ مِنْ أَوَّلِ السُّورَتَيْنِ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى هَذَا كُلِّهِ
.....
95
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحَسَدُ قِسْمَانِ حَقِيقِيٌّ وَمَجَازِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ تَمَنِّي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا وَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مَعَ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ وَأَمَّا الْمَجَازِيُّ فَهُوَ الْغِبْطَةُ وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى مِثْلَ النِّعْمَةِ الَّتِي عَلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ زَوَالِهَا عَنْ صَاحِبِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا كَانَتْ مُبَاحَةً وَإِنْ كَانَتْ طَاعَةً فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ لَا غِبْطَةَ مَحْبُوبَةٌ إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا
.....
حسن المطروشى الاثرى
2022-06-04, 11:22 AM
........
البداية
6/116
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ هَلْ جَهَنَّمُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ أَمْ عَجَمِيٌّ فَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجُهُومَةِ وَهِيَ كَرَاهَةُ الْمَنْظَرِ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِئْرٌ جَهَامُ أَيْ عَمِيقَةٌ فَعَلَى هَذَا لَمْ تُصْرَفْ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَامْتَنَعَ صَرْفُهَا لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ
..........
6/119
قَوْلُهَا وَهِمَ عُمَرُ تَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِوَايَتِهِ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ التَّحَرِّي قَالَ الْقَاضِي إِنَّمَا قَالَتْ عَائِشَةُ هَذَا لِمَا رَوَتْهُ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ
.......
120
أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلتَّابِعِ إِذَا رَأَى مِنَ الْمَتْبُوعِ شَيْئًا
يُخَالِفُ الْمَعْرُوفَ مِنْ طَرِيقَتِهِ وَالْمُعْتَادَ مِنْ حَالِهِ أَنْ يَسْأَلَهُ بِلُطْفٍ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا رَجَعَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا وَلَهُ مَعْنًى مُخَصَّصٌ عَرَفَهُ التَّابِعُ وَاسْتَفَادَهُ وَإِنْ كَانَ مَخْصُوصًا بِحَالٍ يَعْلَمُهَا وَلَمْ يَتَجَاوَزْهَا وَفِيهِ مَعَ هَذِهِ الْفَوَائِدِ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ بِالسُّؤَالِ يَسْلَمُ مِنْ إِرْسَالِ الظَّنِّ السَّيِّئِ بِتَعَارُضِ الْأَفْعَالِ أَوِ الْأَقْوَالِ وَعَدَمِ الِارْتِبَاطِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ قَوْلُهَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ فِيهِ أَنَّ إِشَارَةَ الْمُصَلِّي بِيَدِهِ وَنَحْوَهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَفِيفَةِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا إِثْبَاتُ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَهَا وَمِنْهَا أَنَّ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ إِذَا فَاتَتْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ
..........
122/6
قَالَ الْخَطَّابِيُّ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنْوَاعٌ صَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَشْكَالٍ مُتَبَايِنَةٍ يَتَحَرَّى فِي كُلِّهَا مَا هُوَ أَحْوَطُ لِلصَّلَاةِ وَأَبْلَغُ فِي الْحِرَاسَةِ فَهِيَ عَلَى اخْتِلَافِ صُوَرِهَا مُتَّفِقَةُ الْمَعْنَى ثُمَّ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَشْرُوعَةٌ الْيَوْمَ كَمَا كَانَتْ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ وَالْمُزَنِيَّ فَقَالَا لَا تُشْرَعُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَزَالُوا عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ تَخْصِيصَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا
رايتموني أصلي "
حسن المطروشى الاثرى
2022-06-11, 11:22 AM
اليوم / السبت
الموافق : 12/ ذو القعدة / 1443 هجري
الموافق : 11/ يونيو / 2022 ميلادي
باب الجمعة
........
6/133
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَحُكِيَ وُجُوبُهُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ حَكَوْهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وحكاه بن الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُ بِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ وَعُمَرُ يَخْطُبُ وَقَدْ تَرَكَ الْغُسْلَ وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ عُثْمَانَ فَعَلَهُ وأقره عمر وحاضروا الْجُمُعَةِ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ وَلَأَلْزَمُوهُ وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي السُّنَنِ مَشْهُورٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَكَانَ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْعِبَادَاتِ
.......
6/140
وفيه دليل لمسئلة غَرِيبَةٍ حَسَنَةٍ وَهِيَ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتَ طَالِقٌ فِي أَفْضَلِ الْأَيَّامِ وَفِيهَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا تَطْلُقُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالثَّانِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَأَمَّا إِنْ أَرَادَ أَفْضَلَ أَيَّامِ السَّنَةِ فَيَتَعَيَّنُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَإِنْ أَرَادَ أَفْضَلَ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَيَتَعَيَّنُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ قَالَ أَفْضَلُ لَيْلَةٍ تَعَيَّنَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَهِيَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْجُمْهُورِ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ
.......
6/144
وَقَدْ جَاءَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُمْ بِالْجُمُعَةِ وَأَعْلَمَهُمْ بِفَضْلِهَا فَنَاظَرُوهُ أَنَّ السَّبْتَ أَفْضَلُ فَقِيلَ لَهُ دَعْهُمْ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ كَانَ مَنْصُوصًا لَمْ يَصِحَّ اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ بَلْ كَانَ يَقُولُ خَالِفُوا فِيهِ قلت ويمكن
أَنْ يَكُونَ أُمِرُوا بِهِ صَرِيحًا وَنُصَّ عَلَى عَيْنِهِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ أَمْ لَهُمْ إِبْدَالُهُ وَأَبْدَلُوهُ وَغَلِطُوا فِي إِبْدَالِ
,,,,,,,,,
150/6
قَالَ الْقَاضِي ذَهَبَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ إِلَى اشْتِرَاطِ الْخُطْبَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وعن الحسن البصري وأهل الظاهر ورواية بن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَصِحُّ بِلَا خُطْبَةٍ وحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا قَائِمًا لِمَنْ أَطَاقَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ قَاعِدًا وَلَيْسَ الْقِيَامُ بِوَاجِبٍ وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ وَاجِبٌ لَوْ تَرَكَهُ أَسَاءَ وَصَحَّتِ الْجُمُعَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا شَرْطٍ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فَرْضٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَقُلْ هَذَا غَيْرُ الشَّافِعِيِّ وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ ثَبَتَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قوله ص صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-06-14, 10:51 AM
كتاب العيدين
6/155
اسْتِحْبَابُ قَوْلِ أَمَّا بَعْدُ فِي خُطَبِ الْوَعْظِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا فِي خُطَبِ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ وَقَدْ عَقَدَ الْبُخَارِيُّ بَابًا فِي اسْتِحْبَابِهِ وَذَكَرَ فِيهِ جُمْلَةً مِنَ الْأَحَادِيثِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَوَّلِ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فَقِيلَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ وَقِيلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِنَّهُ فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ دَاوُدُ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ فَصْلُ الْخِطَابِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ
......
164
نَوَافِلَ النَّهَارِ رَكْعَتَانِ وَأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ فِي حَقِّ جَاهِلِ حُكْمِهَا وَقَدْ أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا فَوَاتَهَا بِالْجُلُوسِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَالِمِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ أَمَّا الْجَاهِلُ فَيَتَدَارَكُهَ ا عَلَى قُرْبٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْمُسْتَنْبَ طُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تُتْرَكُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ تُبَاحُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَيَلْحَقُ بِهَا كُلُّ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ كَقَضَاءِ الفائتة
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
..........
171
دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ خُطْبَةَ الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَذَاهِبِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَئِمَّةِ)وَل ا خِلَافَ بَيْنَ أَئِمَّتِهِمْ فِيهِ وَهُوَ فعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ إِلَّا مَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ فِي شَطْرِ خِلَافَتِهِ الْأَخِيرِ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ لِأَنَّهُ رَأَى مِنَ النَّاسِ مَنْ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عُمَرَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَدَّمَهَا مُعَاوِيَةُ وَقِيلَ مَرْوَانُ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَقِيلَ زِيَادُ بِالْبَصْرَةِ فِي خلافة معاوية وقيل فعله بن الزُّهْرِيِّ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ
........
178
أَنَّ الْمَفْسَدَةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَانَتْ مَأْمُونَةً بِخِلَافِ الْيَوْمَ وَلِهَذَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَوْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ
......
182
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْغِنَاءِ فَأَبَاحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَحَرَّمَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ الْمُجَوِّزُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِأَنَّ هَذَا الْغِنَاءَ إِنَّمَا كَانَ فِي الشَّجَاعَةِ وَالْقَتْلِ وَالْحِذْقِ فِي الْقِتَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْغِنَاءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا يَهِيجُ النُّفُوسَ عَلَى الشَّرِّ وَيَحْمِلُهَا عَلَى الْبَطَالَةِ وَالْقَبِيحِ قَالَ الْقَاضِي إِنَّمَا كَانَ غِنَاؤُهُمَا بِمَا هُوَ مِنْ أَشْعَارِ الْحَرْبِ وَالْمُفَاخَرَة ِ بِالشَّجَاعَةِ وَالظُّهُورِ وَالْغَلَبَةِ وَهَذَا لَا يُهَيِّجُ الْجَوَارِيَ عَلَى شَرٍّ وَلَا إِنْشَادُهُمَا لِذَلِكَ مِنَ الْغِنَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِنْشَادِ وَلِهَذَا قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْ نِ أَيْ لَيْسَتَا مِمَّنْ يتغنى
بِعَادَةِ الْمُغَنِّيَاتِ مِنَ التَّشْوِيقِ وَالْهَوَى وَالتَّعْرِيضِ بِالْفَوَاحِشِ وَالتَّشْبِيبِ بِأَهْلِ الْجَمَالِ وَمَا يُحَرِّكُ النُّفُوسَ وَيَبْعَثُ الهوى والغزل كما قيل الغنا فيه الزنى وَلَيْسَتَا أَيْضًا مِمَّنِ اشْتُهِرَ وَعُرِفَ بِإِحْسَانِ الْغِنَاءِ الَّذِي فِيهِ تَمْطِيطٌ وَتَكْسِيرٌ وَعَمَلٌ يُحَرِّكُ السَّاكِنَ وَيَبْعَثُ الْكَامِنَ وَلَا مِمَّنِ اتَّخَذَ ذَلِكَ صَنْعَةً وَكَسْبًا وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْإِنْشَادَ غِنَاءً وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْغِنَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ وَقَدِ اسْتَجَازَتِ الصَّحَابَةُ غِنَاءَ الْعَرَبِ الَّذِي هُوَ مُجَرَّدُ الْإِنْشَادِ وَالتَّرَنُّمِ وَأَجَازُوا الْحُدَاءَ وَفَعَلُوهُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا كُلِّهُ إِبَاحَةُ مِثْلَ هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهَذَا وَمِثْلُهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا يَخْرُجُ الشَّاهِدُ قَوْلُهُ أَبِمُزْمُورِ الشَّيْطَانِ
......
184
نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى وَجْهِ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا مَخَافَةَ فِتْنَةٍ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا تَحْرِيمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَقُلْ للمؤمنات يغضضن من أبصارهن وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ وأم حبيبة احتجبا عنه أي عن بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَتَا إِنَّهُ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا فقال صلى الله عليه وسلم العمياوان أَنْتُمَا أَلَيْسَ تُبْصِرَانِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ
..
حسن المطروشى الاثرى
2022-06-15, 01:19 PM
كتاب الاستسقاء "
من " المنهاج للإمام النووي شرح مسلم "
كتاب
صلاة الاستسقاء
6/187
(كتاب صلاة الاستسقاء أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ سُنَّةٌ وَاخْتَلَفُوا هَلْ تُسَنُّ لَهُ صَلَاةٌ أَمْ لَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُسَنُّ لَهُ صَلَاةٌ بَلْ يُسْتَسْقَى بِالدُّعَاءِ بِلَا صَلَاةٍ وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ تُسَنُّ الصَّلَاةُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَتَعَلَّقَ بِأَحَادِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا صَلَاةٌ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى لِلِاسْتِسْقَاء ِ رَكْعَتَيْنِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الصَّلَاةِ فَبَعْضُهَا مَحْمُولٌ عَلَى نِسْيَانِ الرَّاوِي وَبَعْضُهَا كَانَ فِي الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ
......
6/188
قَالَ أَصْحَابُنَا الِاسْتِسْقَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ الثَّانِي الِاسْتِسْقَاءُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالثَّالِثُ وَهُوَ أَكْمَلُهَا أَنْ يَكُونَ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ وَيَتَأَهَّبُ قَبْلَهُ بِصَدَقَةٍ وَصِيَامٍ وَتَوْبَةٍ وَإِقْبَالٍ عَلَى الْخَيْرِ وَمُجَانَبَةِ الشَّرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى
.....
188
وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجَمَاهِيرُ إِلَى أَنَّهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقَالَ اللَّيْثُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ صَحَّتَا وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَخُطْبَتِهَا وَجَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ الْعِيدِ وَالتَّأْخِيرِ
.....
189
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَاتٍ زَائِدَةً فِي أَوَّلِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا يُكَبِّرُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فقال به الشافعي وبن جرير وروي عن بن الْمُسَيَّبِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٍ وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُكَبِّرُ وَاحْتَجُّوا لِلشَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَصَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْعَدَدِ وَالْجَهْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَفِي كَوْنِهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ وَخَيَّرَهُ دَاوُدُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَتَرْكِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا وَلَا يُقَامُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً
.....
6/190
السُّنَّةُ فِي كُلِّ دُعَاءٍ لِرَفْعِ بَلَاءٍ كَالْقَحْطِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَإِذَا دَعَا لِسُؤَالِ شَيْءٍ وَتَحْصِيلِهِ جَعَلَ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلى السماء احتجوا بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ يُوهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يرفع ص إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ قد ثبت رفع يديه ص فِي الدُّعَاءِ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَقَدْ جَمَعْتُ مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنَ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أحدهما وذكرتها فِي أَوَاخِرِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعِ الرَّفْعَ الْبَلِيغَ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ أَرَهُ رَفَعَ وَقَدْ رَآهُ غَيْرُهُ رَفَعَ فَيُقَدَّمُ الْمُثْبِتُونَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُمْ جَمَاعَاتٌ عَلَى وَاحِدٍ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
191
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ سُمِّيَتْ دَارَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا بِيعَتْ فِي قَضَاءِ دَيْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْصَى ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ أَنْ يُبَاعَ فيه ما له فان عجز ما له اسْتَعَانَ بِبَنِي عَدِيٍّ ثُمَّ بِقُرَيْشٍ فَبَاعَ ابْنُهُ دَارَهُ هَذِهِ لِمُعَاوِيَةَ وَمَالَهُ بِالْغَابَةِ قَضَى دَيْنَهُ وَكَانَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا وَكَانَ يُقَالُ لَهَا دَارُ قَضَاءِ دَيْنِ عُمَرَ ثُمَّ اقْتَصَرُوا فَقَالُوا دَارُ الْقَضَاءِ وَهِيَ دَارُ مَرْوَانَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ دَارُ الْإِمَارَةِ وَغَلِطَ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهَا دَارُ مَرْوَانَ فَظَنَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْإِمَارَةُ وَالصَّوَابُ
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-06-16, 09:02 AM
....
.....
كتاب الكسوف
6/193
نَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رُوِيَتْ عَلَى أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَ مُسْلِمٌ مِنْهَا جُمْلَةً وَأَبُو دَاوُدَ أُخْرَى وَغَيْرُهُمَا أُخْرَى وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسَنُّ فِعْلُهَا جَمَاعَةً وَقَالَ الْعِرَاقِيُّون َ فُرَادَى وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا فَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وَقِرَاءَتَانِ وَرُكُوعَانِ وَأَمَّا السُّجُودُ فَسَجْدَتَانِ كَغَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ تَمَادَى الْكُسُوفُ أَمْ لَا وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُمَا رَكْعَتَانِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ عَمَلًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ عَائِشَةَ من رواية عروة وعمرة وحديث جابر وبن عباس وبن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ ركعة ركوعان وسجدتان قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ وَبَاقِي الرِّوَايَاتِ الْمُخَالِفَةِ مُعَلَّلَةٌ ضَعِيفَةٌ وحملوا حديث بن سَمُرَةَ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ بِهِ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ وعن بن عَبَّاسٍ وَعَنْ جَابِرٍ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثلاث ركعات ومن رواية بن عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ
......
6/200
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْخُطْبَةِ لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ فقال الشافعي واسحاق وبن جَرِيرٍ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يُسْتَحَبُّ بَعْدَهَا خُطْبَتَانِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
............
6/218
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا تُسَنُّ لِكُسُوفِ الْقَمَرِ هَكَذَا وَإِنَّمَا تُسَنُّ رَكْعَتَانِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فُرَادَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
...........
حسن المطروشى الاثرى
2022-06-21, 01:43 PM
اليوم : الثلاثاء
الموافق : 21/ يونيو / 2022 ميلادي
الموافق : 22 / ذو القعدة / 1443 هجري
الموافق ختم كتاب الجنائز من شرح النووي على صحيح مسلم
المجلد السابع
(7/7)
سَحُولَ قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ تُعْمَلُ فِيهَا وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ السَّحُولِيَّةُ بِالْفَتْحِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى سَحُولَ مَدِينَةٌ بِالْيَمَنِ يُحْمَلُ مِنْهَا هَذِهِ الثِّيَابُ وَبِالضَّمِّ ثِيَابٌ بِيضٌ وَقِيلَ إِنَّ الْقَرْيَةَ ايضا بالضم حكاه بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ
.......
7/8
الْحَدِيثُ الَّذِي فِي سُنَنِ أَبِي داود عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ الْحُلَّةُ ثَوْبَانِ وَقَمِيصُهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِأَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ مُجْمَعٌ عَلَى ضعفه لا سيما وقد خالف بروايته الثقاة
......
7/11
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الدَّفْنِ فِي اللَّيْلِ فَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يُسْتَدَلُّ لَهُ بِهِ وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا يُكْرَهُ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ دُفِنُوا لَيْلًا مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ وَبِحَدِيثِ الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ وَالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَتُوُفِّيَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا وَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا تُوُفِّيَ لَيْلًا فَدَفَنَّاهُ فِي اللَّيْلِ فَقَالَ أَلَا آذَنْتُمُونِي قَالُوا كَانَتْ ظُلْمَةٌ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُجَرَّدِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَإِنَّمَا نَهَى لِتَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ أَوْ عَنْ إِسَاءَةِ الْكَفَنِ أَوْ عَنِ الْمَجْمُوعِ كَمَا سَبَقَ وَأَمَّا الدَّفْنُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِيهَا فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ لَا يُكْرَهَانِ إِلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ التَّأْخِيرُ إِلَى ذلك الوقت لغير سبب به قال بن عَبْدِ الْحَكَمِ الْمَالِكِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَالِاصْفِرَارِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ تَغِيبَ إِلَّا أَنْ يُخْشَى عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَنِصْفِ النَّهَارِ وَكَرِهَ اللَّيْثُ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَفِي الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِإِحْسَانِ الْكَفَنِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِحْسَانِهِ السَّرَفُ فِيهِ وَالْمُغَالَاةُ وَنَفَاسَتُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَظَافَتُهُ وَنَقَاؤُهُ وَكَثَافَتُهُ وَسَتْرُهُ وَتَوَسُّطُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ جِنْسِ لِبَاسِهِ فِي الْحَيَاةِ غَالِبًا لَا أَفْخَرَ مِنْهُ وَلَا أَحْقَرَ
........
7/15
وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ الْقِيرَاطُ الثَّانِي لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِفَرَاغِ الدَّفْنِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ) وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَهُ حَتَّى تُوضَعَ فِي الْقَبْرِ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ يَحْصُلُ الْقِيرَاطُ الثَّانِي بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ فِي اللَّحْدِ وَإِنْ لَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ إِهَالَةِ التُّرَابِ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا تُتَأَوَّلُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ يُوضَعُ فِي اللَّحْدِ وَيُفْرَغُ منه وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ قبل وصولها القبر
.......
7/22
قَوْلُهُ (صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْ نِ وَهَذَا الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ وَهَكَذَا هُوَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْمَغَازِي وَغَيْرِهَا وَوَقَعَ فِي مسند بن أَبِي شَيْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَتُهُ صَحْمَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ وَقَالَ هَكَذَا قَالَ لَنَا يَزِيدُ وَإِنَّمَا هُوَ صَمْحَةُ يَعْنِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى الْحَاءِ وَهَذَانِ شَاذَّانِ وَالصَّوَابُ أَصْحَمَةُ بالألف قال بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّة ِ عَطِيَّةُ
.......
23
قَالَ الْعُلَمَاءُ
وَالنَّجَاشِيُّ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ وَأَمَّا أَصْحَمَةُ فَهُوَ اسْمُ عَلَمٍ لِهَذَا الْمَلِكِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال المطرز وبن خَالَوَيْهِ وَآخَرُونَ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَلَامًا مُتَدَاخِلًا حَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ الْمُسْلِمِينَ يُقَالُ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ النَّجَاشِيُّ وَمَنْ مَلَكَ الرُّومَ قَيْصَرُ وَمَنْ مَلَكَ الْفَرَسَ كِسْرَى وَمَنْ مَلَكَ التُّرْكَ خاقَانُ وَمَنْ مَلَكَ الْقِبْطَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ مَلَكَ مِصْرَ الْعَزِيزُ وَمَنْ مَلَكَ الْيَمَنَ تُبَّعُ وَمَنْ مَلَكَ حِمْيَرَ الْقَيْلُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقِيلَ الْقَيْلُ أَقَلُّ دَرَجَةً مِنَ المَلِكِ
......
24
قَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ الآثار في ذلك فجاء في رواية بن أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يكبر أربعا وخسما وَسِتًّا وَسَبْعًا وَثَمَانِيًا حَتَّى مَاتَ النَّجَاشِيُّ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ إِلَى تِسْعٍ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا وَعَلَى سائر الصحابة خمسا وعلى غيرهم أربعا قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أربع
....
34
نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ وَضْعِ قَطِيفَةٍ أَوْ مِضْرَبَةٍ أَوْ مِخَدَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَحْتَ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ وَشَذَّ عَنْهُمُ الْبَغَوِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ فِي كِتَابهِ التَّهْذِيبِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَالصَّوَابُ كَرَاهَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ شُقْرَانَ انْفَرَدَ بِفِعْلِ ذَلِكَ لَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا عَلِمُوا ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ شُقْرَانُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ كَرَاهَتِهِ أَنْ يَلْبَسَهَا أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهَا وَيَفْتَرِشُهَا فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُ شُقْرَانَ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فروى البيهقي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْعَلَ تَحْتَ الْمَيِّتِ ثَوْبٌ فِي قَبْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
7/35
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ مُسْلِمٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَكْفِينَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِقْبَارَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ غُسْلَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ غُسِّلَ وَاخْتُلِفَ هَلْ صُلِّيَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ أَرْسَالًا يَدْعُونَ وَيَنْصَرِفُونَ وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي عِلَّةِ ذَلِكَ فَقِيلَ لِفَضِيلَتِهِ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَهَذَا يَنْكَسِرُ بِغُسْلِهِ وَقِيلَ بَلْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِمَامٌ وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ إِمَامَةَ الْفَرَائِضِ لَمْ تَتَعَطَّلْ وَلِأَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ قَبْلَ دَفْنِهِ وَكَانَ إِمَامَ النَّاسِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ فُرَادًى فَكَانَ يَدْخُلُ فَوْجٌ يُصَلُّونَ فُرَادًى ثُمَّ يَخْرُجُونَ ثُمَّ يَدْخُلُ فَوْجٌ آخَرُ فَيُصَلُّونَ كَذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَتِ النِّسَاءُ بَعْدَ الرِّجَالِ ثُمَّ الصِّبْيَانُ وَإِنَّمَا أَخَّرُوا دَفْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ إِلَى لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ أَوَاخِرَ نَهَارِ الثُّلَاثَاءِ لِلِاشْتِغَالِ بِأَمْرِ الْبَيْعَةِ لِيَكُونَ لَهُمْ إِمَامٌ يَرْجِعُونَ إِلَى قَوْلِهِ إِنِ اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ وَيَنْقَادُونَ لِأَمْرِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى النِّزَاعِ وَاخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ وَكَانَ هَذَا أَهَمَّ الْأُمُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
36
أَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ الْقَبْرَ لَا يُرْفَعُ عَلَى الْأَرْضِ رَفْعًا كَثِيرًا وَلَا يُسَنَّمُ بَلْ يُرْفَعُ نَحْوَ شِبْرٍ وَيُسَطَّحُ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُمْ تَسْنِيمُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ
.......
39
قَالَ الْعُلَمَاءُ بَنُو بَيْضَاءَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ سَهْلٌ وَسُهَيْلٌ وَصَفْوَانُ وَأُمُّهُمُ الْبَيْضَاءُ اسْمُهَا دَعْدُ وَالْبَيْضَاءُ وَصْفٌ وَأَبُوهُمْ وَهْبُ بْنُ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ وَكَانَ سُهَيْلٌ قَدِيمَ الْإِسْلَامِ
هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
.....
40
دَلِيلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِين َ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ وممن قال به أحمد واسحاق قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ فِي الْمُوَطَأِ عَنْ مالك وبه قال بن حبيب المالكى وقال بن أَبِي ذِئْبٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ بِحَدِيثٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ حَدِيثُ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالثَّانِي أَنَّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ الْمُحَقَّقَةِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَمَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ حِينَئِذٍ فِيهِ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ فَلَا شَيْءَ لَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِيُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَقَدْ جَاءَ لَهُ بِمَعْنَى عليه كقوله تعالى وان أسأتم فلها الرَّابِعُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَقْصِ الْأَجْرِ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَعَ وَلَمْ يشيعها الىالمقبرة لِمَا فَاتَهُ مِنْ تَشْيِيعِهِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ وَحُضُورِ دَفْنِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
41
(وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ومحمد بن رافع قالا حدثنا بن أبي فديك أخبرنا الضحاك يعنى بن عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَقَالَ خَالَفَ الضَّحَّاكَ حَافِظَانِ مَالِكٌ وَالْمَاجِشُونُ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلًا وَقِيلَ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مُرْسَلًا هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِي ِّ وَقَدْ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَهَا الضَّحَّاكُ زِيَادَةُ
ثِقَةٍ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ لِأَنَّهُ حَفِظَ مَا نَسِيَهُ غَيْرُهُ فَلَا تَقْدَحُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
42
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ الْجُرْجَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِ يُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سعيد المصيصى حدثنا حجاج عن بن جريج أخبرني عبد الله بن أبي ملكية وَقَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الْجَيَّانِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْمَقْطُوعَةِ فِي مُسْلِمٍ قَالَ وَهُوَ أَيْضًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَهِمَ فِي رُوَاتِهَا وَقَدْ رَوَاهُ عبد الرزاق في مصنفه عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ قَالَ الْقَاضِي قَوْلُهُ إِنَّ هَذَا مَقْطُوعٌ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مُسْنَدٌ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَمِّ رُوَاتَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَجْهُولِ لَا مِنْ بَابِ الْمُنْقَطِعِ إِذِ الْمُنْقَطِعُ مَا سَقَطَ مِنْ رُوَاتِهِ رَاوٍ قبل التابعى قال القاضي ووقع في سنده إِشْكَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ مُسْلِمٍ وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَجَّاجًا الْأَعْوَرَ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُوهِمُ أَنَّ حَجَّاجًا الْأَعْوَرَ حَدَّثَ بِهِ عَنْ آخَرَ يُقَالُ لَهُ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ كَذَا بَلْ حَجَّاجٌ الْأَعْوَرُ هُوَ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ
.......
45
دَلِيلٌ لِمَنْ جَوَّزَ لِلنِّسَاءِ زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَفِيهَا خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهَا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِنَّ لِحَدِيثِ لَعَنِ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالثَّانِي يُكْرَهُ وَالثَّالِثُ يُبَاحُ وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِحَدِيثِ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ نَهَيْتُكُمْ ضَمِيرُ ذُكُورٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ فِي الْأُصُولِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُ هُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي) فِيهِ جَوَازُ زِيَارَةِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْحَيَاةِ وَقُبُورِهِمْ بَعْدَ الْوَفَاةِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَتْ زِيَارَتُهُمْ بَعْدَ الْوَفَاةِ فَفِي الْحَيَاةِ أَوْلَى وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وصاحبهما في الدنيا معروفا وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِلْكُفَّارِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ سَبَبُ زِيَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَهَا أَنَّهُ قَصَدَ قُوَّةَ الْمَوْعِظَةِ وَالذِّكْرَى بِمُشَاهَدَةِ قَبْرِهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرِكُمُ الْمَوْتَ
.........
48
قَالَ الْقَاضِي مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمَحْدُودٍ وَمَرْجُومٍ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ وولد الزنى وَعَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْتَنِبُ الصَّلَاةَ عَلَى مَقْتُولٍ فِي حَدٍّ وَأَنَّ أَهْلَ الْفَضْلِ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الْفُسَّاقِ زَجْرًا لَهُمْ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ لَا يُصَلَّى عَلَى
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
مرجوم ويصلى على المقتول في قصاص وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُصَلَّى عَلَى مُحَارِبٍ وَلَا عَلَى قَتِيلِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ وَقَالَ قَتَادَةُ لا يصلى على ولد الزنى وَعَنِ الْحَسَنِ لَا يُصَلَّى عَلَى النُّفَسَاءِ تَمُوتُ مِنْ زِنًا وَلَا عَلَى وَلَدِهَا وَمَنَعَ بَعْضُ السَّلَفِ الصَّلَاةَ عَلَى الطِّفْلِ الصَّغِيرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى السِّقْطِ فَقَالَ بِهَا فُقَهَاءُ الْمُحَدِّثِينَ وَبَعْضُ السَّلَفِ إِذَا مَضَى عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَمَنَعَهَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ وَتُعْرَفَ حَيَاتُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا الشَّهِيدُ الْمَقْتُولُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَعَنِ الْحَسَنِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
حسن المطروشى الاثرى
2022-06-25, 10:18 AM
السبت
26/ ذو القعدة / 1443 هجري
25/ 6/ 2022 ميلادي
كتاب الزكاة
( 7/55
وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَأَئِمَّةُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الْأُوقِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَهِيَ أُوقِيَّةُ الْحِجَازِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُوقِيَّةُ وَالدَّرَاهِمُ مَجْهُولَةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي أَعْدَادٍ مِنْهَا وَيَقَعُ بِهَا الْبِيَاعَاتُ وَالْأَنْكِحَةُ كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ قَالَ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً إِلَى زَمَانِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَنَّهُ جَمَعَهَا بِرَأْيِ الْعُلَمَاءِ وَجَعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةُ دَوَانِيقَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَإِنَّمَا مَعْنَى مَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى صِفَةٍ لَا تَخْتَلِفُ بَلْ كَانَتْ مَجْمُوعَاتٍ مِنْ ضَرْبِ فَارِسَ وَالرُّومِ وَصِغَارًا وَكِبَارًا وَقِطَعَ فِضَّةٍ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ وَلَا مَنْقُوشَةٍ وَيَمَنِيَّةٍ وَمَغْرِبِيَّةٍ فَرَأَوْا صَرْفَهَا إِلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَنَقْشِهِ وَتَصْيِيرَهَا وَزْنًا وَاحِدًا لَا يَخْتَلِفُ وَأَعْيَانًا لِيُسْتَغْنَى فِيهَا عَنِ الْمَوَازِينِ فَجَمَعُوا أَكْبَرَهَا وَأَصْغَرَهَا وَضَرَبُوهُ عَلَى وَزْنِهِمْ قَالَ الْقَاضِي وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ حِينَئِذٍ مَعْلُومَةً وَإِلَّا فَكَيْفَ كَانَتْ تُعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَحُقُوقُ الْعِبَادِ وَلِهَذَا كَانَتِ الْأُوقِيَّةُ مَعْلُومَةً هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي
......
54
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهُ هَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ مِنَ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ وَالرَّيَاحِينِ وَغَيْرِهَا إِلَّا الْحَشِيشَ وَالْحَطَبَ وَنَحْوَهُمَا أَمْ يَخْتَصُّ فَعَمَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ وَخَصَّصَ الْجُمْهُورُ عَلَى اخْتِلَافٍ لَهُمْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ
.....
61
قَوْلُهُ (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ انْفَرَدَ بِهَا مَالِكٌ دُونَ سَائِرِ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا مَالِكٌ بَلْ وَافَقَهُ فِيهَا ثِقَتَانِ وَهُمَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ فَالضَّحَّاكُ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَأَمَّا عُمَرُ فَفِي الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ يَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ فَقَوْلُهُ سَمْرَاءِ الشَّامِ هِيَ الْحِنْطَةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُوَافِقُوهُ فِي جَوَازِ نِصْفِ صَاعٍ حِنْطَةٍ وَالْجُمْهُورُ يُجِيبُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ وَقَدْ خَالَفَهُ أَبُو سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ أَطْوَلُ صُحْبَةً وَأَعْلَمُ بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَةُ لَمْ يَكُنْ قَوْلُ بَعْضِهِمْ بِأَوْلَى مِنْ بَعْضٍ فَنَرْجِعُ إِلَى دَلِيلٍ آخَرَ وَجَدْنَا ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ وَالْقِيَاسَ مُتَّفِقًا عَلَى اشْتِرَاطِ الصَّاعِ مِنَ الْحِنْطَةِ كَغَيْرِهَا فَوَجَبَ اعْتِمَادُهُ وَقَدْ صَرَّحَ مُعَاوِيَةُ بِأَنَّهُ رَأْيٌ رَآهُ لَا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ حَاضِرِي مَجْلِسِهِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ عِلْمٌ فِي مُوَافَقَةِ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَذَكَرَهُ كَمَا جَرَى
......
7/77
وَفِي جَهَنَّمَ مَذْهَبَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْعُجْمَةِ وَالْعِلْمِيَّة ِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ
قَالَ يُونُسُ وَأَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ هِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لَا تَنْصَرِفُ لِلتَّعْرِيفِ وَالْعُجْمَةِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ اسْمٌ عَرَبِيٌّ سُمِّيَتْ بِهِ لِبُعْدِ قَعْرِهَا وَلَمْ يَنْصَرِفْ لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ قَالَ قُطْرُبٌ عَنْ رُؤْبَةُ يُقَالُ بِئْرٌ جَهَنَّامٌ أَيْ بَعِيدَةُ الْقَعْرِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْجُهُومَةِ وَهِيَ الْغِلَظُ يُقَالُ جهم الْوَجْهِ أَيْ غَلِيظُهُ وَسُمِّيَتْ جَهَنَّمُ لِغِلَظِ أَمْرِهَا فِي الْعَذَابِ
.....
حسن المطروشى الاثرى
2022-07-18, 11:37 AM
اليوم / الاثنين
الموافق : 19/ ذو الحجة / 1443 هجري
الموافق : 18/ يوليو / 2022 ميلادي
7/85
وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءُ) اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى أَوْجُهٍ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَا هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَنْ شُيُوخِنَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا مَعَ كَسْرِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ قَالَ الْبَاجِيُّ قَرَأْتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ الْبَرَوِيِّ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ وَعَلَيْهِ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ بِالْمَشْرِقِ وَقَالَ لِي الصُّورِيُّ هِيَ بِالْفَتْحِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ مَنْ رَفَعَ الرَّاءَ وَأَلْزَمَهَا حُكْمَ الْإِعْرَابِ فَقَدْ أَخْطَأَ قَالَ وَبِالرَّفْعِ قَرَأْنَاهُ عَلَى شُيُوخِنَا بِالْأَنْدَلُسِ وَهَذَا الْمَوْضِعُ يُعْرَفُ بِقَصْرِ بَنِي جَدِيلَةَ قِبْلِي الْمَسْجِدِ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ رِوَايَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ هَذَا الْحَرْفَ بَرِيحَاءَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وكسر الراء وكذا سمعناه من أبي بحر عن العذرى والسمرقندى وكان عند بن سَعِيدٍ عَنِ الْبَحْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ بِيرَحَاءَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَضَبَطَهُ الْحُمَيْدِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ بَيْرَحَاءَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ جَعَلْتُ أَرْضِي بَارِيحَا لِلَّهِ وَأَكْثَرُ رِوَايَاتِهِمْ فِي هَذَا الْحَرْفِ بِالْقَصْرِ وَرُوِّينَاهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا بِالْوَجْهَيْنِ وَبِالْمَدِّ وَجَدْتُهُ بِخَطِّ الْأَصِيلِيِّ وَهُوَ حَائِطٌ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ وَلَيْسَ اسْمَ بِئْرٍ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
88
(عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ قَدِمَتَ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاهِبَةٌ أَوْ رَاغِبَةٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ رَاغِبَةٌ بِلَا شَكٍّ وَفِيهَا وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ قَالَ الْقَاضِي الصَّحِيحُ رَاغِبَةٌ بِلَا شَكٍّ
وَأُمُّ أَسْمَاءَ اسْمُهَا قَيْلَةُ وَقِيلَ قَتِيلَةُ بِالْقَافِ وَتَاءِ مُثَنَّاةٍ من فوق وهي قَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْقُرَشِيَّةُ الْعَامِرِيَّةُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهَا أَسْلَمَتْ أَمْ مَاتَتْ عَلَى كفرها والأكثرون على موتها مشركة
.......
90
نَّ الصَّدَقَةَ عَنِ الْمَيِّتِ تَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَيَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا أَجْمَعُوا عَلَى وُصُولِ الدُّعَاءِ وَقَضَاءِ الدِّينِ بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَمِيعِ وَيَصِحُّ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ حَجَّ الْإِسْلَامِ وَكَذَا إِذَا وَصَّى بِحَجِّ التَّطَوُّعِ عَلَى الأصح عندنا واختلف العلماء في الصوم إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ فَالرَّاجِحُ جَوَازُهُ عَنْهُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ لَا يَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَسَائِرُ الطَّاعَاتِ فَلَا تَصِلُهُ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَصِلُهُ ثَوَابُ الْجَمِيعِ كَالْحَجِّ
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
92
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إِنَّ ثَوَابَ الْفَرْضِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً وَاسْتَأْنَسُوا فِيهِ بِحَدِيثٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْجِمَاعِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ نَفْسِهِ وَكِلَاهُمَا تَصِحُّ إِرَادَتُهُ هُنَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَاتِ تَصِيرُ طَاعَاتٍ بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَاتِ فَالْجِمَاعُ يَكُونُ عِبَادَةً إِذَا نَوَى بِهِ قَضَاءَ حَقِّ الزَّوْجَةِ وَمُعَاشَرَتَهَ ا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَافَ الزَّوْجَةِ وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنَ النَّظَرِ إِلَى حَرَامٍ أَوَ الْفِكْرِ فِيهِ أَوِ الْهَمِّ بِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ
.....
93
(قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) فِيهِ جَوَازُ الْقِيَاسِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِمْ وَأَمَّا الْمَنْقُولُ عَنِ التَّابِعِينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذَمِّ الْقِيَاسِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْقِيَاسَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ الْفُقَهَاءُ الْمُجْتَهِدُون َ وَهَذَا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ مِنْ قِيَاسِ الْعَكْسِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّون َ فِي الْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ دليل
.....
97
(مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا فِي الْإِنْفَاقِ فِي الطَّاعَاتِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَعَلَى الْعِيَالِ وَالضِّيفَانِ وَالصَّدَقَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُذَمُّ وَلَا يُسَمَّى سَرَفًا وَالْإِمْسَاكُ الْمَذْمُومُ هو الامساك عَنْ هَذَا
............
7/103
(حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ) فَقَوْلُهُ يَتَهَلَّلُ أَيْ يَسْتَنِيرُ فَرَحًا وَسُرُورًا وَقَوْلُهُ مُذْهَبَةٌ ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَالْجُمْهُورُ مُذْهَبَةٌ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَالثَّانِي وَلَمْ يَذْكُرِ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ غَيْرَهُ مُدْهُنَةٌ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَضَمِّ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا نُونٌ وَشَرَحَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي كِتَابِهِ غَرِيبُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ فَسَّرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إِنْ صَحَّتِ الْمُدْهُنُ الْإِنَاءُ الَّذِي يُدْهَنُ فِيهِ وَهُوَ أَيْضًا اسْمٌ لِلنُّقْرَةِ فِي الْجَبَلِ الَّتِي يُسْتَجْمَعُ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ فَشَبَّهَ صَفَاءَ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ بِصَفَاءِ هَذَا الْمَاءِ وَبِصَفَاءِ الدُّهْنِ وَالْمُدْهُنُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ هَذَا تَصْحِيفٌ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَاتِ وَعَلَى هَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهَيْنِ فِي تَفْسِيرِهِ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ فِضَّةٌ مُذْهَبَةٌ فَهُوَ أَبْلَغُ فِي حُسْنِ الْوَجْهِ وَإِشْرَاقِهِ وَالثَّانِي شَبَّهَهُ فِي حُسْنِهِ وَنُورِهِ بِالْمُذْهَبَةِ مِنَ الْجُلُودِ وَجَمْعُهَا مَذَاهِبُ وَهِيَ شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَصْنَعُهُ مِنْ جُلُودٍ وَتَجْعَلُ فِيهَا خُطُوطًا مُذْهَبَةً يُرَى بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ وَأَمَّا سَبَبُ سُرُورِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرَحًا بِمُبَادَرَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَذْلِ أَمْوَالِهِمْ لِلَّهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِدَفْعِ حَاجَةِ هَؤُلَاءِ الْمُحْتَاجِينَ وَشَفَقَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ إِذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنْ يَفْرَحَ وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ وَيَكُونَ فَرَحُهُ
.....
114
مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ) هُوَ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَكَسْرِ الْبَاءِ قِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ وَقِيلَ لَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَاسْمُ آبِي اللَّحْمِ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ خَلَفٌ وَقِيلَ الْحُوَيْرِثُ الْغِفَارِيُّ وَهُوَ صَحَابِيٌّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ
........
120
لظِّلِّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةُ مِلْكٍ وَكُلُّ ظِلٍّ فَهُوَ لِلَّهِ وَمِلْكِهِ وَخَلْقِهِ وَسُلْطَانِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا ظِلُّ الْعَرْشِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مُبَيَّنًا وَالْمُرَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا قَامَ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَدَنَتْ مِنْهُمُ الشَّمْسُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ حَرُّهَا وَأَخَذَهُمُ الْعَرَقُ وَلَا ظِلَّ هُنَاكَ لِشَيْءٍ إِلَّا لِلْعَرْشِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ هُنَا ظِلُّ الْجَنَّةِ وَهُوَ نَعِيمُهَا وَالْكَوْنُ فِيهَا كَمَا قال تعالى وندخلهم ظلا ظليلا قال القاضي وقال بن دِينَارٍ الْمُرَادُ بِالظِّلِّ هُنَا الْكَرَامَةُ وَالْكَنَفُ وَالْكَفُّ مِنَ الْمَكَارِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ قَالَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظِلَّ الشَّمْسِ قَالَ الْقَاضِي وَمَا قَالَهُ مَعْلُومٌ فِي اللِّسَانِ يُقَالُ فُلَانٌ فِي ظِلِّ فُلَانٍ أَيْ فِي كَنَفِهِ وَحِمَايَتِهِ قَالَ وَهَذَا أولى الأقوال وَتَكُونُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْعَرْشِ لِأَنَّهُ مَكَانُ التَّقْرِيبِ وَالْكَرَامَةِ وَإِلَّا فَالشَّمْسُ وَسَائِرُ الْعَالَمِ تَحْتَ الْعَرْشِ وَفِي ظِلِّهِ
.......
7/122
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ فِي بِلَادِنَا وَغَيْرِهَا وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ رِوَايَاتِ نُسَخِ مُسْلِمٍ لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي النَّفَقَةِ فِعْلُهَا بِالْيَمِينِ قَالَ الْقَاضِي وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَهَمُ فِيهَا مِنَ النَّاقِلِينَ عَنْ مُسْلِمٍ لَا مِنْ مُسْلِمٍ بِدَلِيلِ إِدْخَالِهِ بَعْدَهُ حَدِيثَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
......
123
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الشُّحُّ أَعَمُّ مِنَ الْبُخْلِ وَكَأَنَّ الشُّحَّ جِنْسٌ وَالْبُخْلَ نَوْعٌ وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ الْبُخْلُ فِي أَفْرَادِ الْأُمُورِ وَالشُّحُّ عَامٌّ كَالْوَصْفِ اللَّازِمِ وَمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الطَّبْعِ قَالَ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الشُّحَّ غَالِبٌ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَإِذَا شَحَّ فِيهَا وَتَصَدَّقَ كَانَ أَصْدَقَ فِي نِيَّتِهِ وَأَعْظَمَ لِأَجْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وَآيَسَ مِنَ الْحَيَاةِ وَرَأَى مَصِيرَ الْمَالِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ صَدَقَتَهُ حِينَئِذٍ نَاقِصَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ وَالشُّحُّ رَجَاءُ الْبَقَاءِ وَخَوْفُ الْفَقْرِ وَتَأْمُلُ الْغِنَ
........
125
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ عِيَالٌ لَا يَصْبِرُونَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يصبر على الاضاقة وَالْفَقْرِ فَإِنْ لَمْ تَجْتَمِعْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ قَالَ الْقَاضِي جَوَّزَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَقِيلَ يَرُدُّ جَمِيعَهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِيلَ يَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الشَّامِ وَقِيلَ إِنْ زَادَ عَلَى النِّصْفِ رُدَّتِ الزِّيَادَةُ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالطَّبَرِيُّ وَمَعَ جَوَازِهِ فَالْمُسْتَحَبّ ُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثُّلُثِ
.....
132
اسْمُ أَبِي إِدْرِيسَ عَابدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَاسْمُ أَبِي مُسْلِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وبعدها موحدة ويقال بن ثواب بفتح الثاء وتخفيف الواو ويقال بن أثوب ويقال بن عبد الله ويقال بن عوف ويقال بن مُسْلِمٍ وَيُقَالُ اسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَوْفٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالزُّهْدِ وَالْكَرَامَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَحَاسِنِ الْبَاهِرَةِ أَسْلَمَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَلْقَاهُ الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ فِي النَّارِ فَلَمْ يَحْتَرِقْ فَتَرَكَهُ فَجَاءَ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَقِيَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا قَوْلُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْأَنْسَابِ إِنَّهُ أَسْلَمَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَغَلَطٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَأَصْحَابِ التَّوَارِيخِ وَالْمَغَازِي وَالسِّيَرِ وغيرهم والله أعلم
...
7/156
خْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ مَنْسُوبٌ إِلَى الشَّعِيرِ الْحَبِّ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ مَخْلَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ أَبُو مُحَمَّدٍ بَغْدَادِيٌّ سَكَنَ طَرَسُوسَ رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ الصَّنْعانِيَّي ْنِ وَسُفْيَانَ رَوَى عَنْهُ مسلم وأبو داود وبن عَوْفٍ الْبَزْدَوِيُّ وَابْنُهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ وَالْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ ثِقَةٌ وَذَكَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ أَحْوَالِهِ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ وَذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ الْمَشْهُورِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مُخْتَصَرًا وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ فَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فِي الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا كُلَّهُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضٌ قَالَ لَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَ مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ الشَّعِيرِيَّ فِي رِجَالِ الصَّحِيحِ وَلَا فِي غَيْرِهِمْ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ وَلَا الْبَاجِيُّ وَلَا الْجَيَّانِيُّ وَمَنْ تَكَلَّمَ عَلَى رِجَالِ الصَّحِيحِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ وَلَا مِنْ أَصْحَابِ التَّقْيِيدِ وَلَا ذَكَرُوا مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ غَيْرَ مَنْسُوبٍ أَصْلًا وَبَسَطَ الْقَاضِي الْكَلَامَ فِي إِنْكَارِ هَذَا الِاسْمِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الرُّوَاةِ أَحَدٌ يُسَمَّى مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ لَا فِي الصَّحِيحِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَضَمَّ إِلَيْهِ كَلَامًا عَجِيبًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنَ الْعَجَائِبِ فَمَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ مَشْهُورٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أولا وبالله
......
7/160
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ قَالَ وَقَدْ كَادَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكُونُ أَشَدَّ إِشْكَالًا مِنْ سَائِرِ الْمَسَائِلِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا الْمَعَالِي وَقَدْ رَغَّبَ إِلَيْهِ الْفَقِيهُ عَبْدُ الْحَقِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَرَهَّبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّ الْغَلَطَ فِيهَا يَصْعُبُ مَوْقِعُهُ لِأَنَّ إِدْخَالَ كَافِرٍ فِي الْمِلَّةِ وَإِخْرَاجَ مُسْلِمٍ مِنْهَا عَظِيمٌ فِي الدِّينِ وَقَدِ اضْطَرَبَ فِيهَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِي ِّ وَنَاهِيكَ بِهِ فِي علم الأصول وأشار بن الْبَاقِلَّانِي ِّ إِلَى أَنَّهَا مِنَ الْمُعَوِّصَاتِ لِأَنَّ الْقَوْمَ لم يصرحوا بالكفر وانما قالوا أقوالا لا تُؤَدِّي إِلَيْهِ وَأَنَا أَكْشِفُ لَكَ نُكْتَةَ الْخِلَافِ وَسَبَبَ الْإِشْكَالِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَزِلِيّ َ مَثَلًا يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَحَيٌّ وَلَا حَيَاةَ لَهُ يُوقِعُ الِالْتِبَاسٌ فِي تَكْفِيرِهِ لِأَنَّا عَلِمْنَا مِنْ دَيْنِ الْأُمَّةِ ضَرُورَةً أَنَّ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِحَيٍّ وَلَا عَالِمَ كَانَ كَافِرًا وَقَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى اسْتِحَالَةِ كَوْنِ الْعَالِمِ لَا عِلْمَ لَهُ فَهَلْ نَقُولُ إِنَّ الْمُعْتَزِلِيّ َ إِذَا نَفَى الْعِلْمَ نَفَى أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَالِمًا وَذَلِكَ كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَنْفَعُهُ اعْتِرَافُهُ بِأَنَّهُ عَالِمٌ مَعَ نَفْيِهِ أَصْلَ الْعِلْمِ أَوْ نَقُولُ قَدِ اعْتَرَفَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ وَإِنْكَارُهُ الْعِلْمَ لَا يُكَفِّرُهُ وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِعَالِمٍ فَهَذَا مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ هَذَا كَلَامُ الْمَازِرِيِّ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ أَصْحَابهِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يَكْفُرُونَ وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ وَجَمَاهِيرُ المعتزلة وسائل أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِلَّا الْخَطَّابِيَّة َ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الرَّافِضَةِ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِم ْ فِي الْمَذْهَبِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ فَرَدَّ شَهَادَتَهُمْ لِهَذَا لَا لِبِدْعَتِهِمْ والله أعلم
........
176
حْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ آلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ خَاصَّةً قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُمْ قُرَيْشٌ كُلُّهَا وَقَالَ أُصْبَغُ الْمَالِكِيُّ هُمْ بَنُو قُصَيٍّ دَلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَلِلشَّافِعِيّ ِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحِلُّ لِآلِهِ وَالثَّانِي تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَالثَّالِثُ تَحِلُّ لَهُ وَلَهُمْ وَأَمَّا مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا تَحْرُمُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ وَالثَّانِي تَحِلُّ وَبِالتَّحْرِيم ِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وبالاباحة قال مالك وادعى بن بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَأَمَّا مَوَالِي غَيْرِهِمْ فَتُبَاحُ لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلِ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا تَحْرِيمُهَا عَلَى مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
188
مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ وَالْمُحَقِّقِي نَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ بِقَرِينَةٍ وَبِغَيْرِ قَرِينَةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الصَّوَابُ
وَالْمَذْهَبَان ِ الْأَوَّلَانِ فَاسِدَانِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِنَهْيِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بصحيح ولم يصح في شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ لَا تُطْلَقُ إِلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اسْمٌ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ كَرَاهَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحِ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ عَلَى الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
انتهى كتاب الزكاة ويليه كتاب " الصيام "
شرح النووي على صحيح مسلم
حسن المطروشى الاثرى
2022-07-21, 10:13 PM
كتاب الصيام
اليوم : الخميس
الموافق : 21/ يوليو / 2022
الموافق : 22 / ذو الحجة / 1443 هجري
........
كتاب الصيام
7/190
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) الْمُرَادُ رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ بَلْ يَكْفِي جَمِيعَ النَّاسِ رُؤْيَةُ عَدْلَيْنِ وَكَذَا عَدْلٌ عَلَى الْأَصَحِّ هَذَا فِي الصَّوْمِ وَأَمَّا الْفِطْرُ فَلَا يَجُوزُ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَاحِدٍ عَلَى هلال شَوَّالٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَجَوَّزَهُ بِعَدْلٍ
.......
7/215
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ الْقُبْلَةُ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ لَكِنَ الْأَوْلَى لَهُ تَرْكُهَا وَلَا يُقَالُ إِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ لَهُ وَإِنَّمَا قَالُوا إِنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى فِي حَقِّهِ مَعَ ثُبُوتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْمَنُ فِي حَقِّهِ مُجَاوَزَةُ حَدِّ الْقُبْلَةِ وَيُخَافُ عَلَى غَيْرِهِ مُجَاوَزَتُهَا كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ وَأَمَّا مَنْ حَرَّكَتْ شَهْوَتَهُ فَهِيَ حَرَامٌ فِي حَقِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَقِيلَ مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ قَالَ الْقَاضِي قَدْ قَالَ بِإِبَاحَتِهَا لِلصَّائِمِ مُطْلَقًا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَكَرِهَهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ مَالِكٌ وَقَالَ بن عَبَّاسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَالشَّافِعِيُّ تُكْرَهُ لِلشَّابِّ دُونَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مالك وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِبَاحَتَهَا فِي صَوْمِ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ الْمَنِيُّ بِالْقُبْلَةِ وَاحْتَجُّوا لَهُ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي السُّنَنِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ مُقَدِّمَةُ الشُّرْبِ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهَا لَا تُفْطِرُ وَكَذَا الْقُبْلَةُ مُقَدِّمَةٌ لِلْجِمَاعِ فَلَا تُفْطِرُ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ وغيره عن بن مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ مَنْ قَبَّلَ قَضَى يَوْمًا مَكَانَ يَوْمِ الْقُبْلَةِ
..............
225
حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ إِرْشَادٌ إِلَى الْأَفْضَلِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَوْ خَالَفَ جَازَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَجَوَابُهُمْ عَنِ الْحَدِيثِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الِاغْتِسَالُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَفْضَلَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَيَكُونُ فِي حَقِّهِ حِينَئِذٍ أَفْضَلَ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْبَيَانَ لِلنَّاسِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْبَيَانِ وَهَذَا كَمَا تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الثَّلَاثَ أَفْضَلُ وَهُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ وَتَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ وَطَافَ عَلَى الْبَعِيرِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّوَافَ سَاعِيًا أَفْضَلُ وَهُوَ الَّذِي تَكَرَّرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَالْجَوَابُ الثَّانِي لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ مُجَامِعًا فَاسْتَدَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَالِمًا فَإِنَّهُ يفطر ولا صوم له والثالث جواب بن الْمُنْذِرِ فِيمَا رَوَاهُ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ وَأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حِينَ كَانَ الْجِمَاعُ مُحَرَّمًا فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ كَمَا كَانَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ مُحَرَّمًا ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَكَانَ يُفْتِي بِمَا عَلِمَهُ حَتَّى بَلَغَهُ النَّاسِخُ فرجع إليه قال بن الْمُنْذِرِ هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
222
أَجْمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْأَمْصَارِ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ إِبْطَالُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَقِيلَ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وليس بشيء وحكى عن طاوس وعروة والنخعى أن علم بجنابته لم يصح والا فيصح وحكى مثله عن أبي هريرة وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ وَحُكِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ يَصُومُهُ وَيَقْضِيهِ ثُمَّ ارْتَفَعَ هَذَا الْخِلَافُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ هَؤُلَاءِ عَلَى صِحَّتِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ الْخِلَافِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَهْلِ الْأُصُولِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ حُجَّةٌ عَلَى كُلِّ مُخَالِفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
227
فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ دَلَالَةٌ لِأَبِي حنيفة ومن يقول يجزئ عِتْقُ كَافِرٍ عَنْ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ وَالظِّهَارِ وَإِنَّمَا يَشْتَرِطُونَ الرَّقَبَةَ الْمُؤْمِنَةَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِأَنَّهَا مَنْصُوصٌ عَلَى وَصْفِهَا بِالْإِيمَانِ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ يُشْتَرَطُ الْإِيمَانُ فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ تَنْزِيلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَالشَّافِعِيُّ يَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُخَالِفُهُ
.........
حسن المطروشى الاثرى
2022-08-03, 10:25 PM
اليوم : الأربعاء
الموافق : 5/ محرم / 1444 هجري
الموافق : 3/ اغسطس / 2022 ميلادي
" ختم كتاب الصيام من شرح النووي لصحيح مسلم "
.......
المجلد الثامن
كتاب الصيام
(8/ 12
من بن عَبَّاسٍ بِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنَ الْمُحَرَّمٍ وَيَتَأَوَّلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ إِظْمَاءِ الْإِبِلِ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْيَوْمَ الْخَامِسَ مِنْ أَيَّامِ الْوِرْدِ رَبْعًا وَكَذَا بَاقِي الْأَيَّامِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَيَكُونُ التَّاسِعُ عَشْرًا وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَخَلَائِقُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَمُقْتَضَى اللَّفْظِ وأمَّا تَقْدِيرُ أَخْذِهِ مِنَ الاظماء فبعيد ثم ان حديث بن عَبَّاسٍ الثَّانِي يَرُدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ عَاشُورَاءَ فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى تَصُومُهُ فَقَالَ إِنَّهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ يَصُومُ التَّاسِعَ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ لَيْسَ هُوَ التَّاسِعُ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ الْعَاشِرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَآخَرُونَ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ جَمِيعًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ الْعَاشِرَ وَنَوَى صِيَامَ التَّاسِعِ
........
(8/14)
وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَإِذَا سَأَلُونَا الطَّعَامَ أَعْطَيْنَاهُمُ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَمْرِينُ الصِّبْيَانِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَتَعْوِيدُهُمُ الْعِبَادَاتِ وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُمْ مَتَى أَطَاقُوا الصَّوْمَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَهَذَا غَلَطٌ مَرْدُودٌ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَفِي رِوَايَةٍ يَبْلُغَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
8/15
قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَمَنْ بِهِ يُقْتَدَى نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصِيَامُهُ حَسَنٌ وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأَرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الَّذِي رَآهُ وَقَدْ رَأَى غَيْرُهُ خِلَافَ مَا رَأَى هُوَ وَالسُّنَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَا رَآهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ وَمَالِكٌ مَعْذُورٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا هَذَا الْحَدِيثُ وَلَوْ بَلَغَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ دُعَاءٍ وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ مِنَ الْغُسْلِ وَالتَّبْكِيرِ إِلَى الصَّلَاةِ وَانْتِظَارِهَا وَاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ وَإِكْثَارِ الذِّكْرِ
.....
8/20
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ الصَّرِيحُ عَنْ تَخْصِيصِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَيَوْمِهَا بِصَوْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ وَاحْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ الْمُبْتَدَعَةِ الَّتِي تُسَمَّى الرَّغَائِبُ قَاتَلَ اللَّهُ وَاضِعَهَا وَمُخْتَرِعَهَا فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي هِيَ ضَلَالَةٌ وَجَهَالَةٌ وَفِيهَا مُنْكَرَاتٌ ظَاهِرَةٌ وَقَدْ صَنَّفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مُصَنَّفَاتٍ نَفِيسَةً فِي تَقْبِيحِهَا وَتَضْلِيلِ مُصَلِّيهَا وَمُبْتَدِعِهَا وَدَلَائِلِ قبحها وبطلانها وتضلل فَاعِلِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
8/27
أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ ثُمَّ وَرِثَهُ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ أَخْذُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَرَادَ شِرَاءَهُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِحَدِيثِ فَرَسِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ النِّيَابَةَ فِي الْحَجِّ جَائِزَةٌ عَنِ الْمَيِّتِ وَالْعَاجِزِ الْمَأْيُوسِ مِنْ بُرْئِهِ وَاعْتَذَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مُخَالَفَةِ مَذْهَبِهِمْ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ وَالْحَجِّ عَنْهُ بِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَهَذَا عُذْرٌ بَاطِلٌ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ اضْطِرَابٌ وَإِنَّمَا فِيهِ اخْتِلَافٌ جَمَعْنَا بَيْنَهُ كَمَا سَبَقَ وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهِ احْتِجَاجُ مُسْلِمٍ بِهِ فِي صَحِيحِهِ وَاللَّهُ أعلم
..........
8/43
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَ
كْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
44
لَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
45
أَيَّامُ الْبِيضِ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَقَدْ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ فِي كِتَابِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هِيَ الثَّانِي عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَى ثَلَاثَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِئَلَّا يُظَنَّ تَعَيُّنُهَا وَنَبَّهَ بِسُرَّةِ الشَّهْرِ وَبِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ فِي أَيَّامِ الْبِيضِ عَلَى فَضِيلَتِهَا
ابو لمى
2022-08-04, 06:57 AM
أَيَّامُ الْبِيضِ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَقَدْ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ فِي كِتَابِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هِيَ الثَّانِي عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَى ثَلَاثَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِئَلَّا يُظَنَّ تَعَيُّنُهَا وَنَبَّهَ بِسُرَّةِ الشَّهْرِ وَبِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ فِي أَيَّامِ الْبِيضِ عَلَى فَضِيلَتِهَا
هذا الحديث عن احمد والترمذي وابن ماجه وايب داود والنسائي لايثبت بطريق تأنس اليه نفوس أهل العلم
فراوي احدها عبد الملك القيسي لايكاد يعرف له الا هذا الحديث الذي يرويه عنه انس بن سيرين
والطريق الاخر(طريق ابي ذر) أضعف وفيه اضطراب . . فيه يحيى بن سام وفيه حكيم بن جبير وكلاهما من ضعفاء الكوفة وشيعتها!
حسن المطروشى الاثرى
2022-08-06, 10:40 AM
وفقكم الله
حسن المطروشى الاثرى
2022-08-25, 10:48 AM
اليوم : الخميس
الموافق : 27/ محرم / 1444
الموافق : 25/ لغسطس / 2022
كتاب الحج " من المنهاج لمسلم ابن الحجاج رحمه الله
8/77
كتاب الحج
مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِوَحْيٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْوَحْيَ بَدَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
8/81
وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَالْأَسْمَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَغَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِيهِ غَلَطَيْنِ فَاحِشَيْنِ فَقَالَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَزَعَمَ أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ إِسْكَانُ الرَّاءِ وَأَنَّ أُوَيْسًا مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَرَنٍ وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ الْقَبِيلَةُ الْمَعْرُوفَةُ يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْمُرَادِيُّ وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ قَالُوا وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ
......
82
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ صَارَتْ مِيقَاتَهُمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ بِتَوْقِيتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِرَفْعِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِي ِّ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعِرَاقَ لَمْ تَكُنْ
فُتِحَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَامُهُ فِي تَضْعِيفِهِ صَحِيحٌ وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرْتُهُ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ لِضَعْفِهِ بِعَدَمِ فَتْحِ الْعِرَاقِ فَفَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُفْتَحُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِخْبَارِ بِالْمَغِيبَاتِ الْمُسْتَقْبَلَ اتِ كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّامَ لَمْ يَكُنْ فُتِحَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ زُوِيَتْ لَهُ مَشَارِقُ الارض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي مازوى لِي مِنْهَا وَأَنَّهُمْ سَيَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ وَأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
82
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَشْرُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هِيَ وَاجِبَةٌ لَوْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَصَحَّ حَجُّهُ وَقَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ وَفَائِدَةُ الْمَوَاقِيتِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً حَرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَتُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَلَزِمَهُ الدَّمُ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَفِي الْمُرَادِ بِهَذَا النُّسُكِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ وَأَمَّا مَنْ لا يريد حجا ولاعمرة فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا سَوَاءٌ دَخَلَ لِحَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وحشاش وصياد ونحوهم أولا تَتَكَرَّرُ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِلشَّافِعِيّ ِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْحَرَمِ لِمَا يَتَكَرَّرُ
.....
84
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا كُلِّهِ فَمَنْ كَانَ فِي مَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ وَارِدًا إِلَيْهَا وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فَمِيقَاتُهُ نَفْسُ مَكَّةَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ مَكَّةَ وَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ خَارِجِهَا سَوَاءٌ الْحَرَمُ وَالْحِلُّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ مِنَ الْحَرَمِ كَمَا يَجُوزُ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَرَمِ حُكْمُ مَكَّةَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِي مَكَّةَ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنْ نَفْسِ الْمَدِينَةِ وَسُورِهَا وَفِي الْأَفْضَلِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا مِنْ بَابِ دَارِهِ وَالثَّانِي مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَحْتَ الْمِيزَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي إِحْرَامِ الْمَكِّيِّ بِالْحَجِّ وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ فِي إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَأَمَّا مِيقَاتُ الْمَكِّيِّ لِلْعُمْرَةِ فَأَدْنَى الْحِلِّ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَمَرَهَا فِي الْعُمْرَةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى التَّنْعِيمِ وتحرم بالعمرة منه والتنعيم فِي طَرَفِ الْحِلِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
86
قَدْ سَبَقَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ أَهَلُّوا مِنَ الْعَقِيقِ كَانَ أَفْضَلَ وَالْعَقِيقُ أَبْعَدُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ بِقَلِيلٍ فَاسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ لِأَثَرٍ فِيهِ وَلِأَنَّهُ قِيلَ إِنَّ ذَاتَ عِرْقٍ كَانَتْ أَوَّلًا فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ حُوِّلَتْ وَقُرِّبَتْ إِلَى مَكَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْحَجِّ مِيقَاتَ مَكَانٍ وَهُوَ مَا سَبَقَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَمِيقَاتَ زَمَانٍ وَهُوَ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَلَا يجوز الا حرام بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ هَذَا الزَّمَانِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ هَذَا الزَّمَانِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَجًّا وَانْعَقَدَ عُمْرَةً وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا وَفِعْلُهَا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَلَا يُكْرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لَكِنْ شَرْطُهَا أَنْ لّا يَكُونَ
ي الْحَجِّ وَلَا مُقِيمًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِهِ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ وَكَرِهَ تَكْرَارَهَا في السنة بن سِيرِينَ وَمَالِكٌ وَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِمَّا فَوْقَ الْمِيقَاتِ أَبْعَدَ مِنْ مَكَّةَ سَوَاءٌ دُوَيْرَةُ أَهْلِهِ وَغَيْرُهَا وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا مِنَ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ لِلِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
94
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُحْرِمُ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ رُكُوبِ دَابَّتِهِ وَقَبْلَ قِيَامِهِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَفِيهِ حَدِيثٌ من رواية بن عَبَّاسٍ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَفِيهِ أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَا تُقَدَّمُ عَلَى الْإِحْرَامِ
......
95
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَيُقَالُ لِلرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الشَّامِيَّانِ لِكَوْنِهِمَا بِجِهَةِ الشَّامِ قَالُوا فَالْيَمَانِيَا نِ بَاقِيَانِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ الشَّامِيَّيْنِ فَلِهَذَا لم يستلما
وَاسْتُلِمَ الْيَمَانِيَانِ لِبَقَائِهِمَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ الْعِرَاقِيَّ مِنَ الْيَمَانِيَيْن ِ اخْتُصَّ بِفَضِيلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فَاخْتُصَّ لِذَلِكَ مَعَ الِاسْتِلَامِ بِتَقْبِيلِهِ وَوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْيَمَانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْقَاضِي وَقَدِ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ وَالْفُقَهَاءُ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ لَا يُسْتَلَمَانِ وَإِنَّمَا كَانَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ ثُمَّ ذَهَبَ
..........
121
نَّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى حَلْقِ الرَّأْسِ لِضَرَرٍ مِنْ قَمْلٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَهُ حَلْقُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ من صيام أو صدقة أو نسك وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَالنُّسُكَ شَاةٌ وهي شاة تجزيء فِي الْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ إِنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ وَالْأَحَادِيثَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ
..............
122
أَنَّ الْآصُعَ جَمْعُ صَاعٍ صَحِيحٌ وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ الْآصُعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ هُوَ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ بَعْدَهُمْ وَفِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَكُتُبِ النَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ وَلَا خِلَافَ فِي جوازه وصحته وأما ما ذكره بن مَكِّيٍّ فِي كِتَابِهِ تَثْقِيفُ اللِّسَانِ أَنَّ قَوْلَهُمْ في جمع الصاع آصُعٌ لَحْنٌ مِنْ خَطَأِ الْعَوَامِّ وَأَنَّ صَوَابَهُ أُصُوعٌ فَغَلَطٌ مِنْهُ وَذُهُولٌ وَعَجَبٌ قَوْلُهُ هَذَا مَعَ اشْتِهَارِ اللَّفْظَةِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ والعربية وَأَجْمَعُوا عَلَى صِحَّتِهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَقْلُوبِ قَالُوا فَيَجُوزُ فِي جَمْعِ صَاعٍ آصُعٌ وَفِي دَارٍ آدُرٌ وَهُوَ بَابٌ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ فَاءَ الْكَلِمَةِ فِي آصُعٍ صَادٌ وَعَيْنُهَا وَاوٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً وَنُقِلَتْ إِلَى مَوْضِعِ الْفَاءِ ثُمَّ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ أَلِفًا حِينَ اجْتَمَعَتْ هِيَ وَهَمْزَةُ الْجَمْعِ فَصَارَ آصُعًا وَوَزْنُهُ عندهم أعقل وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي آدُرٍ
,,,,,
132
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَبَعْضُ التَّابِعِينَ لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاطُ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ وَأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِضُبَاعَةَ وَأَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ قَالَ قَالَ الْأَصِيلِيُّ لَا يَثْبُتُ فِي الِاشْتِرَاطِ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَعْمَرٍ وَهَذَا الَّذِي عَرَّضَ بِهِ الْقَاضِي وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ مِنْ تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ غَلَطٌ فَاحِشٌ جِدًّا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَشْهُورٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَالنَّسَائِيِّ وَسَائِرِ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِأَسَانِيدَ كَثِيرَةٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ تَنْوِيعِ طُرُقِهِ أَبْلَغُ كِفَايَةٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ لَا يُبِيحُ التَّحَلُّلَ إِذَا لَمْ يَكُنِ اشْتِرَاطٌ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
,,,,,,
135
دِ اخْتَلَفَتْ رِوَايَاتُ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَلْ كَانَ قَارِنًا أَمْ مُفْرِدًا أَمْ مُتَمَتِّعًا وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رِوَايَاتِهِمْ كَذَلِكَ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَهَا مَا ذَكَرْتُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلًا مُفْرِدًا ثُمَّ صَارَ قَارِنًا فَمَنْ رَوَى الْإِفْرَادَ هُوَ الْأَصْلُ وَمَنْ رَوَى الْقِرَانَ اعْتَمَدَ آخِرَ الْأَمْرِ وَمَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَالِارْتِفَاقُ وَقَدِ ارْتَفَقَ بِالْقِرَانِ كَارْتِفَاقِ الْمُتَمَتِّعِ وَزِيَادَةٌ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ وَبِهَذَا الْجَمْعِ تَنْتَظِمُ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فِي كِتَابٍ صَنَّفَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ خَاصَّةً وَادَّعَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا وَتَأَوَّلَ بَاقِي الْأَحَادِيثِ وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَدِلَّتِهِ وَجَمِيعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ فِي تَرْجِيحِ الْإِفْرَادِ بِأَنَّهُ صَحَّ ذَلِكَ مِنْ رواية جابر وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ مَزِيَّةٌ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى غَيْرِهِمْ فَأَمَّا جَابِرٌ فَهُوَ أَحْسَنُ الصَّحَابَةِ سِيَاقَةً لِرِوَايَةِ حَدِيثِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا مِنْ حِينِ خُرُوجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى آخِرِهَا فَهُوَ أضبط لها من غيره وأما بن عُمَرَ فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَجَّحَ قَوْلَ أَنَسٍ عَلَى قَوْلِهِ وَقَالَ كَانَ أَنَسٌ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ وَهُنَّ مُكْشِفَاتٌ الرُّءُوسَ وَإِنِّي كُنْتُ تَحْتَ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّنِي لُعَابُهَا أَسْمَعُهُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَأَمَّا عَائِشَةُ فَقُرْبُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْرُوفٌ وَكَذَلِكَ اطِّلَاعُهَا عَلَى بَاطِنِ أَمْرِهِ وَظَاهِرِهِ وَفِعْلِهِ فِي خَلْوَتِهِ وَعَلَانِيَتِهِ مَعَ كَثْرَةِ فقهها وعظم فطنتها وأما بن عَبَّاسٍ فَمَحَلُّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ فِي الدِّينِ وَالْفَهْمِ الثَّاقِبِ مَعْرُوفٌ مَعَ كَثْرَةِ بَحْثِهِ وَتَحَفُّظِهِ أَحْوَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي لَمْ يَحْفَظْهَا غَيْرُهُ وَأَخْذُهُ إِيَّاهَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَمِنْ دَلَائِلِ تَرْجِيحِ الْإِفْرَادِ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدُوا الْحَجَّ وَوَاظَبُوا
حسن المطروشى الاثرى
2022-09-07, 10:01 AM
اليوم : الأربعاء
الموافق /: 10 / صفر/ 1444 هجري
الموافق : 7/ سبتمبر / 2022 ميلادي
كتاب " الحج " من شرح النووي على مسلم
146
اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ كَانَ فِي جَمِيعِ بَنَاتِ آدَمَ وَأَنْكَرَ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْحَيْضَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ وَوَقَعَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ
......
149
فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِأَشْهُرِ الْحَجِّ فِي قول الله تعالى الحج أشهر معلومات فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ هِيَ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ تَمْتَدُّ إِلَى الْفَجْرِ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ بكماله وهو مروي أيضا عن بن عباس وبن عُمَرَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا
.....
150
مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ الْعُمْرَةَ فَمِيقَاتُهُ لَهَا أَدْنَى الْحِلِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنَ الْحَرَمِ فَإِنْ خَالَفَ وَأَحْرَمَ بِهَا مِنَ الْحَرَمِ وَخَرَجَ إِلَى الْحِلِّ قَبْلَ الطَّوَافِ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَطَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ عُمْرَتُهُ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ يَصِحُّ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوجُ إِلَى الْحِلِّ لِيَجْمَعَ فِي نُسُكِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَمَا أَنَّ الْحَاجَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَقِفُ بِعَرَفَاتٍ وَهِيَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ لِلطَّوَافِ وَغَيْرِهِ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهَكَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ الْخُرُوجُ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ إِلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْرُجْ لَزِمَهُ دَمٌ وَقَالَ عَطَاءٌ لاشيء عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْزِئُهُ
حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بُدَّ مِنْ إِحْرَامِهِ مِنَ التَّنْعِيمِ خَاصَّةً قَالُوا وَهُوَ مِيقَاتُ الْمُعْتَمِرِين َ مِنْ مَكَّةَ وَهَذَا شَاذٌّ مَرْدُودٌ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ أَنَّ جَمِيعَ جِهَاتِ الْحِلِّ سَوَاءٌ وَلَا تَخْتَصُّ بِالتَّنْعِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
154
أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ إِلَى طُهْرِهَا لِتَأْتِيَ بِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهَا فِي تَرْكِهِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُودٌ
.....
169
قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْمُتْعَةِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا عُمَرُ فِي الْحَجِّ فَقِيلَ هِيَ فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَقِيلَ هِيَ الْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ الْحَجُّ مِنْ عَامِهِ وَعَلَى هَذَا إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا تَرْغِيبًا فِي الْإِفْرَادِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ لَا أَنَّهُ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهَا أَوْ تَحْرِيمَهَا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ظَاهِرُ حَدِيثِ جَابِرٍ وَعِمْرَانَ وَأَبِي مُوسَى أَنَّ الْمُتْعَةَ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِيهَا إِنَّمَا هِيَ فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ قَالَ وَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَلَا يَضْرِبُهُمْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّمَتُّعِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا ضَرَبَهُمْ عَلَى مَا اعْتَقَدَهُ هُوَ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ كَانَ مَخْصُوصًا فِي تِلْكَ السَّنَةِ للحكمة التي قدمنا ذكرها قال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّمَتُّعَ الْمُرَادَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الْحَجِّ قَالَ وَمِنَ التَّمَتُّعِ أَيْضًا الْقِرَانُ لِأَنَّهُ تَمَتُّعٌ بِسُقُوطِ سَفَرِهِ لِلنُّسُكِ الْآخَرِ مِنْ بَلَدِهِ قَالَ وَمِنَ التَّمَتُّعِ أَيْضًا فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرَهُمَا إِنَّمَا نَهَوْا عَنِ الْمُتْعَةِ الَّتِي هِيَ الِاعْتِمَارُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ الْحَجُّ مِنْ عَامِهِ وَمُرَادُهُمْ نَهْيُ أَوْلَوِيَّةٍ لِلتَّرْغِيبِ فِي الْإِفْرَادِ لِكَوْنِهِ أَفْضَلَ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ هَذَا عَلَى جَوَازِ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْهَا
......
170
حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ حَدِيثٌ عَظِيمٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى جُمَلٍ مِنَ الْفَوَائِدِ وَنَفَائِسَ مِنْ مُهِمَّاتِ الْقَوَاعِدِ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ لَمْ يَرْوِهِ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ كَرِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ وَأَكْثَرُوا وَصَنَّفَ فِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ جُزْءًا كَبِيرًا وَخَرَّجَ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ مِائَةً وَنَيِّفًا وَخَمْسِينَ نَوْعًا وَلَوْ تُقُصِّيَ لَزِيدَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ قَرِيبٌ مِنْهُ وَقَدْ سَبَقَ الِاحْتِجَاجُ بِنُكَتٍ مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ
...............
173
قال القاضي قال بن قُتَيْبَةَ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُوقٌ الْقَصْوَاءُ وَالْجَدْعَاءُ وَالْعَضْبَاءُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَضْبَاءُ اسْمٌ لِنَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تُسَمَّ بِذَلِكَ لِشَيْءٍ أَصَابَهَا قَالَ الْقَاضِي قَدْ ذُكِرَ هُنَا أَنَّهُ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ وَفِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ خَطَبَ عَلَى الْقَصْوَاءِ وَفِي غَيْرِ مُسْلِمٍ خَطَبَ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَلَى نَاقَةٍ خَرْمَاءَ وَفِي آخَرَ الْعَضْبَاءِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ لَا تُسْبَقُ وَفِي آخَرَ تُسَمَّى مُخَضْرَمَةً وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا نَاقَةٌ وَاحِدَةٌ خلاف ما قاله بن قُتَيْبَةَ وَأَنَّ هَذَا كَانَ اسْمُهَا أَوْ وَصْفُهَا لِهَذَا الَّذِي بِهَا خِلَافَ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَكِنْ يَأْتِي فِي كِتَابِ النَّذْرِ أَنَّ الْقَصْوَاءَ غَيْرُ الْعَضْبَاءِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ هُنَاكَ قَالَ الْحَرْبِيُّ الْعَضْبُ وَالْجَدْعُ وَالْخَرْمُ وَالْقَصْوُ وَالْخَضْرَمَةُ فِي الآذان قال بن الْأَعْرَابِيِّ الْقَصْوَاءُ الَّتِي قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا والْجَدْعُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَالْقَصْوُ مِثْلُهُ قَالَ وَكُلُّ قَطْعٍ فِي الْأُذُنِ جَدْعٌ فَإِنْ جَاوَزَ الرُّبُعَ فَهِيَ عَضْبَاءُ وَالْمُخَضْرَمُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ فَإِنِ اصْطَلَمَتَا فَهِيَ صَلْمَاءُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَصْوَاءُ الْمَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ عَرْضًا وَالْمُخَضْرَمَ ةُ الْمُسْتَأْصَلَ ةُ وَالْمَقْطُوعَة ُ النِّصْفِ فَمَا فَوْقَهُ وَقَالَ الْخَلِيلُ الْمُخَضْرَمَةُ مَقْطُوعَةُ الْوَاحِدَةِ وَالْعَضْبَاءُ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ قَالَ الْحَرْبِيُّ فَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَضْبَاءَ اسْمٌ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْأُذُنِ فَقَدْ جُعِلَ اسْمُهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ التَّابِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ الْعَضْبَاءَ وَالْقَصْوَاءَ وَالْجَدْعَاءَ اسْمٌ لِنَاقَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
185
يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْمَذْكُورَاتِ وَهِيَ صَخَرَاتٌ مُفْتَرِشَاتٌ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَاتٍ فَهَذَا هُوَ الْمَوْقِفُ الْمُسْتَحَبُّ وَأَمَّا مَا اشْتُهِرَ بَيْنَ الْعَوَامِّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِصُعُودِ الْجَبَلِ وَتَوَهُّمِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ إِلَّا فِيهِ فَغَلَطٌ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُ الْوُقُوفِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ وَأَنَّ الْفَضِيلَةَ فِي مَوْقِفِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ فَإِنْ عَجَزَ فَلْيَقْرَبْ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ
.......
186
وَقْتُ الْوُقُوفِ فَهُوَ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ
يَوْمَ عَرَفَةَ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي يَوْمَ النَّحْرِ فَمَنْ حَصَلَ بِعَرَفَاتٍ فِي جُزْءٍ مِنْ هَذَا الزَّمَانِ صَحَّ وُقُوفُهُ وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ فَاتَهُ الْحَجُّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ فِي النَّهَارِ مُنْفَرِدًا بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اللَّيْلِ وَحْدَهُ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى اللَّيْلِ كَفَاهُ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى النَّهَارِ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ يَدْخُلُ وَقْتَ الْوُقُوفِ مِنَ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْوُقُوفِ رُكْنٌ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
187
اعْلَمْ أَنَّ الْمُزْدَلِفَةَ كُلَّهَا مِنَ الْحَرَمِ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ وَالْمَاوَرْدِي ُّ وَأَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَغَيْرُهُمْ حَدُّ مُزْدَلِفَةَ مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ وَلَيْسَ الْحَدَّانِ مِنْهَا وَيَدْخُلُ فِي الْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعُ تلك الشعاب والجبال الداخلية فِي الْحَدِّ الْمَذْكُورِ
......
189
أَنَّ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ هُوَ قُزَحُ وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْمُفَسِّرِينَ وَأَهْلُ السِّيَرِ وَالْحَدِيثِ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ جَمِيعُ الْمُزْدَلِفَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَعْنِي الْكَعْبَةَ فَدَعَاهُ إِلَى آخِرِهِ فِيهِ أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى قُزَحَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَهَذَا لاخلاف فِيهِ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الدَّفْعِ مِنْهُ فقال بن مسعود وبن عُمَرَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ لَا يَزَالُ وَاقِفًا فِيهِ يَدْعُو وَيَذْكُرُ حَتَّى يُسْفِرَ الصُّبْحُ جِدًّا كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ مَالِكٌ يَدْفَعُ مِنْهُ قَبْلَ الْإِسْفَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
193
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ إِذَا كَانَ قَدْ رَمَلَ وَاضْطَبَعَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَوْ طَافَ بِنِيَّةِ الْوَدَاعِ أَوِ الْقُدُومِ أَوِ التَّطَوُّعِ وَعَلَيْهِ طَوَافُ إِفَاضَةٍ وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَحَجَّ بِنِيَّةِ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يُجْزِئُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ بِنِيَّةِ غَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لَهُ أَسْمَاءٌ فَيُقَالُ أَيْضًا طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَطَوَافُ الْفَرْضِ وَالرُّكْنِ وَسَمَّاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا طَوَافَ الصَّدْرِ وَأَنْكَرَهُ الْجُمْهُورُ قَالُوا وَإِنَّمَا طَوَافُ الصَّدْرِ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...194
.....
195
زَمْزَمُ فَهِيَ الْبِئْرُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا قِيلَ سُمِّيَتْ زَمْزَمَ لِكَثْرَةِ مَائِهَا يُقَالُ مَاءُ زَمْزُومٍ وَزَمْزَمَ وَزَمَازِمَ إِذَا كَانَ كَثِيرًا وَقِيلَ لِضَمِّ هَاجِرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِمَائِهَا حِينَ انْفَجَرَتْ وَزَمِّهَا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِزَمْزَمَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَلَامِهِ عِنْدَ فَجْرِهِ إِيَّاهَا وَقِيلَ إِنَّهَا غَيْرُ مُشْتَقَّةٍ وَلَهَا أَسْمَاءٌ أُخَرُ ذَكَرْتُهَا فِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ مَعَ نَفَائِسَ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهَا زَمْزَمُ فَهِيَ الْبِئْرُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا قِيلَ سُمِّيَتْ زَمْزَمَ لِكَثْرَةِ مَائِهَا يُقَالُ مَاءُ زَمْزُومٍ وَزَمْزَمَ وَزَمَازِمَ إِذَا كَانَ كَثِيرًا وَقِيلَ لِضَمِّ هَاجِرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِمَائِهَا حِينَ انْفَجَرَتْ وَزَمِّهَا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِزَمْزَمَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَلَامِهِ عِنْدَ فَجْرِهِ إِيَّاهَا وَقِيلَ إِنَّهَا غَيْرُ مُشْتَقَّةٍ وَلَهَا أَسْمَاءٌ أُخَرُ ذَكَرْتُهَا فِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ مَعَ نَفَائِسَ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَيْرُ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ زَمْزَمُ وَشَرُّ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ بَرَهُوتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
195
نَّ قُرَيْشًا كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ تَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَ ةِ وَهِيَ مِنَ الْحَرَمِ وَلَا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ نَحْنُ أَهْلُ الْحَرَمِ فَلَا نَخْرُجُ مِنْهُ فَلَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَصَلَ الْمُزْدَلِفَةَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ يَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَ ةِ عَلَى عَادَةِ قُرَيْشٍ فَجَاوَزَ إِلَى عَرَفَاتٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ أَيْ جُمْهُورُ النَّاسِ فَإِنَّ مَنْ سِوَى قُرَيْشٍ كَانُوا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَيُفِيضُونَ مِنْهَا
...........
204
افِرٌ بِالْعُرُشِ فَالْإِشَارَةُ بِهَذَا إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَفِي الْمُرَادِ بِالْكُفْرِ هُنَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي بُيُوتِ مَكَّةَ قَالَ ثَعْلَبٌ يُقَالُ اكْتَفَرَ الرَّجُلُ إِذَا لَزِمَ الْكُفُورَ وَهِيَ الْقُرَى وَفِي الْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَهْلُ الْكُفُورِ هُمْ أَهْلُ الْقُبُورِ يَعْنِي الْقُرَى الْبَعِيدَةَ عَنِ الْأَمْصَارِ وَعَنِ الْعُلَمَاءِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمُرَادُ الْكُفْرُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ أَنَّا تَمَتَّعْنَا وَمُعَاوِيَةُ يَوْمئِذٍ كَافِرٌ عَلَى دِينِ الْجَاهِلِيَّةِ مُقِيمٌ بِمَكَّةَ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ
.
..
210
فَالْمُرَادُ بِهِ هَدْيُ التَّمَتُّعِ فَهُوَ وَاجِبٌ بِشُرُوطٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي ثَلَاثَةٍ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الثَّانِي أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ أَفَقِيًّا لَا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ وَحَاضِرُوهُ أَهْلُ الْحَرَمِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى مَسَافَةٍ لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الْمِيقَاتِ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَأَحَدُهَا نِيَّةُ التَّمَتُّعِ وَالثَّانِي كَوْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي سَنَةٍ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ الثَّالِثُ كَوْنُهُمَا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا تُشْتَرَطُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
216
نَّ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ إِحْرَامِهِ مُفْرِدًا ثُمَّ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فَصَارَ قَارِنًا وَجَمَعْنَا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَحْسَنَ جَمْعٍ فحديث بن عُمَرَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَوَّلِ إِحْرَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَوَاخِرِهِ وَأَثْنَائِهِ وَكَأَنَّهُ
لَمْ يَسْمَعْهُ أَوَّلًا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ أَوْ نَحْوِهِ لِتَكُونَ رِوَايَةُ أَنَسٍ مُوَافِقَةً لرواية الاكثرين كما سبق والله أعلم
..........
219
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى طَافَ وَسَعَى فَتَجِبُ مُتَابَعَتُهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي قَالَهُ بن عُمَرَ هُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ الا ما حكاه القاضي عياض عن بن عَبَّاسٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَإِنْ لَمْ يَسْعَ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ للسنة
............
220
رَعُ الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وَاجِبٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّتِهِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ حَدِيثِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ يَقْتَضِيَانِ أَنَّ الطَّوَافَ وَاجِبٌ لِأَنَّ كُلَّ مَا فَعَلَهُ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَنَاسِكِ فَقَدْ أمرنا بأخذ المناسك وفي حديث بن عَبَّاسٍ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ وَلَكِنَّ رَفْعَهُ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ على بن عَبَّاسٍ وَتَحْصُلُ بِهِ الدَّلَالَةُ مَعَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِصَحَابِيٍّ انْتَشَرَ وَإِذَا انْتَشَرَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ بِلَا مُخَالَفَةٍ كَانَ حُجَّةً عَلَى الصَّحِيحِ
.............
228
اسْتِحْبَابُ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فِي الْهَدَايَا مِنَ الْإِبِلِ وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهَذَا يُخَالِفُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمَشْهُورَةَ فِي الْإِشْعَارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ مُثْلَةٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْخِتَانِ وَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ وَأَمَّا مَحَلُّ الْإِشْعَارِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِشْعَارُ فِي صَفْحَةِ السَّنَامِ الْيُمْنَى وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْيُسْرَى وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَأَمَّا تَقْلِيدُ الْغَنَمِ فَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِتَقْلِيدِهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ الثَّابِتُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ بِالتَّقْلِيدِ فَهِيَ حُجَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْغَنَمَ لَا تُشْعَرُ لِضَعْفِهَا عَنِ الْجَرْحِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِالصُّوفِ وَأَمَّا الْبَقَرَةُ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ الْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْإِشْعَارُ وَالتَّقْلِيدِ كَالْإِبِلِ
.............
حسن المطروشى الاثرى
2022-09-17, 09:31 PM
المجلد التاسع
9/ 25
قَالَ بن الْكَلْبِيِّ مَنَاةُ صَخْرَةٌ لِهُذَيْلٍ بِقُدَيْدٍ وَأَمَّا إِسَافٌ وَنَائِلَةٌ فَلَمْ يَكُونَا قَطُّ فِي نَاحِيَةِ الْبَحْرِ وَإِنَّمَا كَانَا فِيمَا يُقَالُ رَجُلًا وَامْرَأَةً فَالرَّجُلُ اسمه اساف بن بقاء ويقال بن عَمْرٍو وَالْمَرْأَةُ اسْمُهَا نَائِلَةُ بِنْتُ ذِئْبٍ وَيُقَالُ بِنْتُ سَهْلٍ قِيلَ كَانَا مِنْ جُرْهُمَ فَزَنَيَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ حَجَرَيْنِ فَنُصِّبَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَقِيلَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَعْتَبِرَ النَّاسُ بِهِمَا وَيَتَّعِظُوا ثُمَّ حَوَّلَهُمَا قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا مُلَاصِقَ الْكَعْبَةِ وَالْآخَرَ بِزَمْزَمَ وَقِيلَ جَعَلَهُمَا بِزَمْزَمَ وَنَحَرَ عِنْدَهُمَا
.....
9/28
دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَوْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ النِّسَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَكَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ الْأَوَائِلِ وَقَالَ إِنَّمَا يُقَالُ السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ وَالسُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ وَشِبْهُ ذَلِكَ وَالصَّوَابُ جَوَازُ قَوْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ النِّسَاءِ وَسُورَةِ الْمَائِدَةِ وَغَيْرِهَا وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَتَظَاهَرَتْ بِهِ الأحاديث الصحيحة
.......
33
إِطْلَاقِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَأَمَّا إِنْكَارُ الْأَصْمَعِيِّ وَغَيْرِهِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامِّ وَمَحَالِّ كَلَامِهِمْ وَأَنَّ صَوَابَهُ الْعِشَاءُ فَقَطْ وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهَا بِالْآخِرَةِ فَغَلَطٌ مِنْهُمْ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِيهِ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ بِهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَاضِحًا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ
....
40
عَطَاءٌ الْكَيْخَارَانِ يُّ بِفَتْحِ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتَ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الْكَوْخَارَانِ يُّ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا نِسْبَةٌ إِلَى مَوْضِعٍ بِالْيَمَنِ هَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُقال ابن
سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ هِيَ قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ يُقَالُ لَهَا كَيْخَرَانَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَطَاءٌ هَذَا ثِقَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
,,,,,
43
عَنِ الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَلِّفُوا الْقُرْآنَ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِ فَسَبَّهُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِنْ كَانَ الْحَجَّاجُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ تَأْلِيفَ الْآيِ فِي كُلِّ سُورَةٍ وَنَظْمِهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ فَهُوَ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ تَأْلِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ تَأْلِيفَ السُّورَةِ بَعْضِهَا فِي إِثْرِ بَعْضٍ فَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَخَالَفَهُمُ الْمُحَقِّقُونَ وَقَالُوا بَلْ هُوَ اجْتِهَادٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَلَيْسَ بِتَوْقِيفٍ قَالَ الْقَاضِي وَتَقْدِيمُهُ هُنَا النِّسَاءَ عَلَى آلِ عِمْرَانَ دَلِيلٌ على أنه لم يرد الا نظم الآى لِأَنَّ الْحَجَّاجَ إِنَّمَا كَانَ يَتَّبِعُ مُصْحَفَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا يُخَالِفُهُ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ تَرْتِيبَ الْآيِ لَا تَرْتِيبَ السُّوَرِ
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-09-24, 11:21 AM
اليوم : السبت
الموافق : 27/ صفر/ 1444 هجري
الموافق : 24/ 9/ 2022 ميلادي
.............
9/45
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ (فَهَذِهِ اللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ وَهَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ مُسْلِمٍ وَتَقْدِيرُهُ هَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي أَتَيْتُ بِهَا فِي حَجَّتِي مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْهَيْئَاتِ هِيَ أُمُورُ الْحَجِّ وَصِفَتُهُ وَهِيَ مناسككم فخذوها عني واقبلوها وحفظوها وَاعْمَلُوا بِهَا وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَعَلِي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَوْدِيعِهِمْ وَإِعْلَامِهِمْ بِقُرْبِ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَثِّهِمْ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِالْأَخْذِ عَنْهُ وَانْتِهَازِ الْفُرْصَةِ مِنْ مُلَازَمَتِهِ وَتَعْلَمِ أُمُورِ الدِّينِ وَبِهَذَا سُمِّيَتْ حَجَّةُ الْوَدَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
9/46
جَوَازُ تَظْلِيلِ الْمُحْرِمِ عَلَى رَأْسِهِ بِثَوْبٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ نَازِلًا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ فَعَلَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أنه لافدية وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ تَحْتَ خَيْمَةٍ أَوْ سَقْفٍ جَازَ وَوَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا كان الزمان يسيرا في المحمل لافدية وَكَذَا لَوِ اسْتَظَلَّ بِيَدِهِ وَقَدْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ صَحِبْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَا رَأَيْتُهُ مُضْرِبًا فُسْطَاطًا حَتَّى رَجَعَ رواه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن وعن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَبْصَرَ رَجُلًا عَلَى بَعِيرِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَدِ اسْتَظَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ فَقَالَ أضْحِ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُحْرِمٍ يُضْحِي لِلشَّمْسِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلَّا غَرَبَتْ بِذُنُوبِهِ حَتَّى يَعُودَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ أُمِّ الحصين وهذا المذكور في مسلم ولأنه لَا يُسَمَّى لُبْسًا وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرْنَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وكذا فعل عمر وقول بن عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وَلَوْ كَانَ فَحَدِيثُ أُمِّ الْحُصَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
52
فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سُفْيَانَ صَاحِبَ مُسْلِمٍ فَاتَهُ مِنْ سَمَاعِ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ مُسْلِمٍ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ أَوَّلُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَهَذَا مَوْضِعُهُ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ هُنَاكَ وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ مِنْ هُنَا عَنْ مُسْلِمٍ وَلَا يَقُولُ أَخْبَرَنَا كَمَا يَقُولُ فِي بَاقِي الْكِتَابِ وَأَوَّلَ هذا قول الجلودى حدثنا ابراهيم عن مسلم حدثنا بن نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عمر عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِي نَ يا رسول الله إلى آخره
.....
55
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي حَلَقَ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ زَعَمُوا أَنَّهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ اسْمُهُ خِرَاشُ بن أمية بن ربيعة الكلبي بِضَمِّ الْكَافِ مَنْسُوبٌ إِلَى كُلَيْبِ بْنِ حَبَشِيَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
9/61
وْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَنْزِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ) أَمَّا الْخَيْفُ فَسَبَقَ بَيَانُهُ وَضَبْطُهُ وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَمَعْنَى تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ تَحَالَفُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَيْهِ وَهُوَ تَحَالُفُهُمْ عَلَى إِخْرَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى هَذَا الشِّعْبِ وَهُوَ خَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ وَكَتَبُوا بَيْنَهُمُ الصَّحِيفَةَ الْمَشْهُورَةَ وَكَتَبُوا فِيهَا أَنْوَاعًا مِنَ الْبَاطِلِ وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ وَالْكُفْرِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ كُلَّ مَا فِيهَا مِنْ كُفْرٍ وَقَطِيعَةِ رَحِمٍ وَبَاطِلٍ وَتَرَكَتْ مَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى
......
63
خْتَلَفُوا هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ سُنَّةٌ وَلِلشَّافِعِيّ ِ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا وَاجِبٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ والثاني سنة وبه قال بن عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَمَنْ أَوْجَبَهُ أَوْجَبَ الدَّمَ فِي تَرْكِهِ وَإِنْ قُلْنَا سُنَّةٌ لَمْ يَجِبِ الدَّمُ بِتَرْكِهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ وَفِي قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ هَذَا الْمَبِيتِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا الْوَاجِبُ مُعْظَمَ اللَّيْلِ وَالثَّانِي سَاعَةً الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ أَنْ يَتْرُكُوا هَذَا الْمَبِيتَ وَيَذْهَبُوا إِلَى مَكَّةَ لِيَسْتَقُوا بِاللَّيْلِ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ وَيَجْعَلُوهُ فِي الْحِيَاضِ مُسَبَّلًا لِلشَّارِبِينَ وَغَيْرِهِمْ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِآلِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَلْ كُلِّ مَنْ تَوَلَّى السِّقَايَةَ كَانَ لَهُ هَذَا وَكَذَا لَوْ أُحْدِثَتْ سِقَايَةٌ أُخْرَى كَانَ لِلْقَائِمِ بِشَأْنِهَا تَرْكُ الْمَبِيتِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا تَخْتَصُّ الرُّخْصَةُ بِسِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَخْتَصُّ بِآلِ عَبَّاسٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَخْتَصُّ بِبَنِي هَاشِمٍ مِنْ آلِ الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِمْ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا أصحهما الأول والله أعلم
.....
75
م ذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَقَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ وَلَيْسَ لِلْكَرَاهَةِ حُجَّةٌ تُعْتَمَدُ
....
حسن المطروشى الاثرى
2022-09-25, 10:26 AM
82
عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَاسْمُ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ أَسْلَمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ وَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ إِلَيْهِ وَأَبِي شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَقَالَ خُذُوهَا يَا بَنِي طَلْحَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ ثُمَّ نَزَلَ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ بِهَا إِلَى وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَقِيلَ إِنَّهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَتْ غَزْوَتُهُ فِي أَوَائِلِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمَيَّ الاسقاية الْحَاجِّ وَسِدَانَةَ الْبَيْتِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ
قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْهُمْ قَالَ وَهِيَ وِلَايَةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبْقَى دَائِمَةً لَهُمْ وَلِذُرِّيَّاتِ هِمْ أَبَدًا وَلَا يُنَازَعُونَ فِيهَا وَلَا يُشَارَكُونَ مَا دَامُوا مَوْجُودِينَ صَالِحِينَ لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
85
قَوْلُهُ (جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ) هَكَذَا هُوَ هُنَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَهَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَكُلُّهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ
......
86
قَالَ الْعُلَمَاءُ بُنِيَ الْبَيْتُ خَمْسَ مَرَّاتٍ بَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَحَضَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبِنَاءَ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَقِيلَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَفِيهِ سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ حِينَ وَقَعَ إِزَارُهُ ثم بناه بن الزُّبَيْرِ ثُمَّ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَاسْتَمَرَّ إِلَى الْآنِ عَلَى بِنَاءِ الْحَجَّاجِ وَقِيلَ بُنِيَ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ إِيضَاحِ الْمَنَاسِكِ الْكَبِيرِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَذَا الْبِنَاءِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ سَأَلَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ هَدْمِهَا وردها إلى بناء بن الزُّبَيْرِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ ناشدتك الله يا أمير المؤمنين ألا تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ لُعْبَةً لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ إِلَّا نَقَضَهُ وَبَنَاهُ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
.....
حسن المطروشى الاثرى
2022-09-28, 10:43 AM
اليوم : الاربعاء
الموافق : 2/ ربيع الاول / 1444 هجري
الموافق : 28/ سبتمبر / 2022 ميلادي
المجلد التاسع " للنووي شرح مسلم "
.............
103/9
قَالَ الْعُلَمَاءُ اخْتِلَافُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وَاخْتِلَافِ الْمَوَاطِنِ وَلَيْسَ فِي النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم وَاللَّيْلَةُ أَوِ الْبَرِيدُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ ثَلَاثًا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَسُئِلَ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَسُئِلَ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمًا فَقَالَ لَا وَكَذَلِكَ الْبَرِيدُ فَأَدَّى كُلٌّ مِنْهُمْ مَا سَمِعَهُ وَمَا جَاءَ مِنْهَا مُخْتَلِفًا عَنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ فَسَمِعَهُ فِي مَوَاطِنَ فَرَوَى تَارَةً هَذَا وَتَارَةً هَذَا وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ تَحْدِيدٌ لِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ وَلَمْ يُرِدْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْدِيدَ أَقَلِّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ سَوَاءٌ كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أو يوما أو بريدا أو غير ذلك لرواية بن عَبَّاسٍ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ آخِرُ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ السَّابِقَةِ لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلَّا مَعَ ذِي
حْرَمٍ وَهَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى سَفَرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
9/111
وْلُهُ (وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ بَعْدَ الْكَوْنِ بِالنُّونِ بَلْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا إِلَّا بِالنُّونِ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْحُفَّاظُ الْمُتْقِنُونَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي وَهَكَذَا رَوَاهُ الْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ وَرَوَاهُ الْعُذْرِيُّ بَعْدَ الْكَوْرِ بِالرَّاءِ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ بِالنُّونِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يُقَالُ إِنَّ عَاصِمًا وَهِمَ فِيهِ وَأَنَّ صَوَابَهُ الْكَوْرِ بِالرَّاءِ قُلْتُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْحَرْبِيُّ بَلْ كِلَاهُمَا رِوَايَتَانِ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْن ِ جَمِيعًا التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَخَلَائِقُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَذَكَرَهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ وَخَلَائِقُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ بِالنُّونِ وَيُرْوَى بِالرَّاءِ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ قَالَ وَيُقَالُ هُوَ الرُّجُوعُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ أَوْ مِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَمَعْنَاهُ الرُّجُوعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الشَّرِّ هَذَا كَلَامُ
التِّرْمِذِيِّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ بِالرَّاءِ وَالنُّونِ جَمِيعًا الرُّجُوعُ مِنْ الِاسْتِقَامَةِ أَوِ الزِّيَادَةِ إِلَى النَّقْصِ قَالُوا وَرِوَايَةُ الرَّاءِ مَأْخُوذَةٌ من تكوين الْعِمَامَةِ وَهُوَ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا وَرِوَايَةُ النُّونِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكَوْنِ مَصْدَرُ كَانَ يَكُونُ كَوْنًا إِذَا وُجِدَ وَاسْتَقَرَّ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّاءِ قِيلَ أَيْضًا إِنَّ مَعْنَاهُ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرُّجُوعِ عَنِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ أَنْ كُنَّا فِيهَا يُقَالُ كَارَ عِمَامَتَهُ إِذَا لَفَّهَا وَحَارَهَا إِذَا نَقَضَهَا وَقِيلَ نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تُفْسَدَ أَمُورُنَا بَعْدَ صَلَاحِهَا كَفَسَادِ الْعِمَامَةِ بَعْدَ اسْتِقَامَتِهَا عَلَى الرَّأْسِ وَعَلَى رِوَايَةِ النُّونِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ مَعْنَاهُ فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُمْ حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ أَيْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى حَالَةٍ جَمِيلَةٍ فَرَجَعَ عَنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
116
خْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِيَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فَقِيلَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَقِيلَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ لِلِاحْتِرَازِ مِنَ الْحَجِّ الْأَصْغَرِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ الْحَجُّ عَرَفَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
120
(يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ قَالَ وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ) وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَعَلَّهُ أَضَافَ الدَّارَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُكْنَاهُ إِيَّاهَا مَعَ أَنَّ أَصْلَهَا كَانَ لأبي طالب لأنه الذي كفله ولأنه أَكْبَرُ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَاحْتَوَى عَلَى أَمْلَاكِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَحَازَهَا وَحْدَهُ لِسِنِّهِ عَلَى عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَقِيلٌ بَاعَ جَمِيعَهَا وَأَخْرَجَهَا عَنْ أَمْلَاكِهِمْ كَمَا فَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ بِدُورِ مَنْ هَاجَرَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ فَبَاعَ عَقِيلٌ جَمِيعَ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ هَاجَرَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
حسن المطروشى الاثرى
2022-10-02, 01:42 PM
6/ ربيع الاول / 1444 هجري
2/ سبتمبر / 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي على صحيح مسلم
.............
9/150
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ كان ساكنوا الجحفة في ذلك الْوَقْتِ يَهُودًا فَفِيهِ دَلِيلٌ لِلدُّعَاءِ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْأَمْرَاضِ وَالْأَسْقَامِ وَالْهَلَاكِ وَفِيهِ الدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ بِالصِّحَّةِ وَطِيبِ بِلَادِهِمْ وَالْبَرَكَةِ فِيهَا وَكَشْفِ الضُّرِّ وَالشَّدَائِدِ عَنْهُمْ وَهَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ بَعْضِ الْمُتَصَوِّفَة ِ إِنَّ الدُّعَاءَ قَدْحٌ فِي التَّوَكُّلِ وَالرِّضَا وَأَنَّهُ يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَخِلَافُ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ إنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الدُّعَاءِ مَعَ سَبْقِ الْقَدَرِ وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَا يُسْتَجَابُ مِنْهُ إِلَّا مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
151
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ امْرَأَةٌ لَكَاعِ وَرَجُلٌ لُكَعٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَيُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَى اللَّئِيمِ وَعَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى الْغَبِيِّ الَّذِي لَا يهتدى لكلام غيره وعلى الصغير وخاطبها بن عُمَرَ بِهَذَا إِنْكَارًا عَلَيْهَا لَا دَلَالَةً عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا مِمَّنْ يَنْتَمِي إِلَيْهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ وَحَثَّهَا عَلَى سُكْنَى الْمَدِينَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ
......
155
أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْرَهُمْ يُسَمُّونَهَا يَثْرِبَ وَإِنَّمَا اسْمُهَا المدينة وطابة وطيبة فَفِي هَذَا كَرَاهَةُ تَسْمِيَتُهَا يَثْرِبُ وَقَدْ جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا يَثْرِبُ وَحُكِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَمَّاهَا يَثْرِبُ كُتِبَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ قَالُوا وَسَبَبُ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا يَثْرِبُ لَفْظُ التَّثْرِيبِ الَّذِي هُوَ التَّوْبِيخُ وَالْمَلَامَةُ وَسُمِّيَتْ طَيْبَةُ وَطَابَةُ لِحُسْنِ لَفْظِهِمَا
كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا فِي الْقُرْآنِ يَثْرِبُ فَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلِمَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءٌ الْمَدِينَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِأَهْلِ المدينة وقال تعالى ومن أهل المدينة وَطَابَةُ وَطَيْبَةُ وَالدَّارُ فَأَمَّا الدَّارُ فَلِأَمْنِهَا وَالِاسْتِقْرَا رِ بِهَا وَأَمَّا طَابَةُ وَطَيْبَةُ فَمِنَ الطِّيبِ وَهُوَ الرَّائِحَةُ الْحَسَنَةُ
160
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَأَنَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَاخْتَلَفُوا
ي أَفْضَلِهِمَا مَا عَدَا مَوْضِعِ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ وَمَالِكٌ وَأَكْثَرُ الْمَدَنِيِّينَ الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ وَقَالَ أَهْلُ مكة والكوفة والشافعي وبن وهب وبن حَبِيبٍ الْمَالِكِيَّان ِ مَكَّةُ أَفْضَلُ قُلْتُ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا لِتَفْضِيلِ مَكَّةَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِمَكَّةَ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامِ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
166
قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ جَمِيعًا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معبد عن بن عباس أنه قال ان مرأة اشْتَكَتْ شَكْوَى فَقَالَتْ إِنْ شَفَانِي اللَّهُ لَأَخْرُجَنَّ فَلَأُصَلِّيَنّ َ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَلَاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَى مُسْلِمٍ بِسَبَبِ إِسْنَادِهِ قَالَ الْحُفَّاظُ ذكر بن عَبَّاسٍ فِيهِ وَهَمٌ وَصَوَابُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَيْمُونَةَ هَكَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ من رواية الليث وبن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الله عن ميمونة من غير ذكر بن عَبَّاسٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَيْمُونَةَ ولم يذكر بن عَبَّاسٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ وَقَدْ رواه بعضهم عن بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَلَيْسَ يَثْبُتُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ وَمَيْمُونَةَ وَذَكَرَ حَدِيثَهُ هَذَا مِنْ طريق الليث وبن جريج ولم يذكر فيه بن عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ لَنَا الْمَكِّيُّ عَنِ بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا قَالَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بن معبد حدث ان بن عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَلَا يصح فيه بن عَبَّاسٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُهُمْ صَوَابُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ
....
167
فَإِنَّهُ إِذَا نَذَرَ صَلَاةً فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوِ الْأَقْصَى هَلْ تَتَعَيَّنُ فِيهِ قَوْلَانِ الْأَصَحُّ تَتَعَيَّنُ فَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِهِ وَالثَّانِي لَا تَتَعَيَّنُ بَلْ تُجْزِئُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ حَيْثُ صَلَّى فإذا قُلْنَا تَتَعَيَّنُ فَنَذْرُهَا فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الْآخَرِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا يَجُوزُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ إِنْ نَذَرَهَا فِي الْأَقْصَى جَازَ الْعُدُولُ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ دُونَ عَكْسِهِ والله أعلم
.,,,,,
انتهينا من تلخيص وانتقاء الفوائد من كتاب الحج ويليه كتاب " النكاح "
والحمد لله .......
حسن المطروشى الاثرى
2022-10-05, 11:54 AM
الاربعاء
الموافق : 5/ اكتوبر / 2022
8/ ربيع الاول / 1444 هجري
تابع
كتاب النكاح " شرح النووي على صحيح مسلم
.............
180
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِي ُّ قَالَ الْقَاضِي وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ نَكَحَ نِكَاحًا مُطْلَقًا وَنِيَّتُهُ أَنْ لَا يَمْكُثَ مَعَهَا إِلَّا مُدَّةً نَوَاهَا فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ حَلَالٌ وَلَيْسَ نِكَاحُ مُتْعَةٍ وَإِنَّمَا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ مَا وَقَعَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَشَذَّ الْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ هُوَ نِكَاحُ مُتْعَةٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
205
الَ دَاوُدُ يُشْتَرَطُ الْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِ الْبِكْرِ دُونَ الثَّيِّبِ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَهَذَا يَقْتَضِي نَفْيَ الصِّحَّةِ وَاحْتَجَّ دَاوُدُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي مُسْلِمٍ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَأَنَّ الثَّيِّبَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْهُ بِأَنَّهَا أَحَقُّ أَيْ شَرِيكَةٌ فِي الْحَقِّ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ وَهِيَ أَيْضًا أَحَقُّ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهَا تَسْتَقِلُّ فِيهِ بِلَا وَلِيٍّ وَحَمَلَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ عَلَى الْأَمَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَخَصَّ عُمُومَهَا بِهَذَا الْقِيَاسِ وَتَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ جَائِزٌ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ وَاحْتَجَّ أَبُو ثَوْرٍ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ إِنَّمَا يُرَادُ لِيَخْتَارَ كُفُؤًا لِدَفْعِ الْعَارِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِإِذْنِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ نَاقَضَ دَاوُدُ مَذْهَبَهُ في شرط الولي في البكر دون الثيب لِأَنَّهُ إِحْدَاثُ قَوْلٍ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ احداث مثل هذا والله أعلم
......
207
وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي رِوَايَةٍ تَزَوَّجَنِي وَأَنَا بِنْتُ سَبْعٍ وَفِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِنْتُ سِتٍّ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ كَانَ لَهَا سِتٌّ وَكَسْرٌ فَفِي رِوَايَةٍ اقْتَصَرَتْ عَلَى السِّنِينَ وَفِي رِوَايَةٍ عَدَّتِ السَّنَةَ الَّتِي دَخَّلَتْ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
208
جَوَازُ الزِّفَافِ وَالدُّخُولِ بِالْعَرُوسِ نَهَارًا وَهُوَ جَائِزٌ لَيْلًا وَنَهَارًا وَاحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي الدُّخُولِ نَهَارًا وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابًا قَوْلُهُ (وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ وَلُعَبُهَا مَعَهَا (الْمُرَادُ هَذِهِ اللُّعَبُ الْمُسَمَّاةُ بِالْبَنَاتِ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الْجَوَارِي الصِّغَارُ وَمَعْنَاهُ التَّنْبِيهُ عَلَى صِغَرِ سِنِّهَا قَالَ الْقَاضِي وَفِيهِ جَوَازُ اتِّخَاذِ اللُّعَبِ وَإِبَاحَةُ لَعِبِ الْجَوَارِي بِهِنَّ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ قَالُوا وَسَبَبُهُ تَدْرِيبُهُنَّ لِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ وَإِصْلَاحِ شَأْنِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا مِنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ
..
210
فَالْمُرَادُ بِهِ هَدْيُ التَّمَتُّعِ فَهُوَ وَاجِبٌ بِشُرُوطٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي ثَلَاثَةٍ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الثَّانِي أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ أَفَقِيًّا لَا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ وَحَاضِرُوهُ أَهْلُ الْحَرَمِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى مَسَافَةٍ لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الْمِيقَاتِ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَأَحَدُهَا نِيَّةُ التَّمَتُّعِ وَالثَّانِي كَوْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي سَنَةٍ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ الثَّالِثُ كَوْنُهُمَا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا تُشْتَرَطُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
216
نَّ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ إِحْرَامِهِ مُفْرِدًا ثُمَّ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فَصَارَ قَارِنًا وَجَمَعْنَا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَحْسَنَ جَمْعٍ فحديث بن عُمَرَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَوَّلِ إِحْرَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَوَاخِرِهِ وَأَثْنَائِهِ وَكَأَنَّهُ
لَمْ يَسْمَعْهُ أَوَّلًا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ أَوْ نَحْوِهِ لِتَكُونَ رِوَايَةُ أَنَسٍ مُوَافِقَةً لرواية الاكثرين كما سبق والله أعلم
..........
219
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى طَافَ وَسَعَى فَتَجِبُ مُتَابَعَتُهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي قَالَهُ بن عُمَرَ هُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ الا ما حكاه القاضي عياض عن بن عَبَّاسٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَإِنْ لَمْ يَسْعَ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ للسنة
............
220
رَعُ الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وَاجِبٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّتِهِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ حَدِيثِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ يَقْتَضِيَانِ أَنَّ الطَّوَافَ وَاجِبٌ لِأَنَّ كُلَّ مَا فَعَلَهُ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَنَاسِكِ فَقَدْ أمرنا بأخذ المناسك وفي حديث بن عَبَّاسٍ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ وَلَكِنَّ رَفْعَهُ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ على بن عَبَّاسٍ وَتَحْصُلُ بِهِ الدَّلَالَةُ مَعَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِصَحَابِيٍّ انْتَشَرَ وَإِذَا انْتَشَرَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ بِلَا مُخَالَفَةٍ كَانَ حُجَّةً عَلَى الصَّحِيحِ
.............
228
اسْتِحْبَابُ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فِي الْهَدَايَا مِنَ الْإِبِلِ وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهَذَا يُخَالِفُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمَشْهُورَةَ فِي الْإِشْعَارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ مُثْلَةٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْخِتَانِ وَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ وَأَمَّا مَحَلُّ الْإِشْعَارِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِشْعَارُ فِي صَفْحَةِ السَّنَامِ الْيُمْنَى وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْيُسْرَى وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَأَمَّا تَقْلِيدُ الْغَنَمِ فَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِتَقْلِيدِهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ الثَّابِتُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ بِالتَّقْلِيدِ فَهِيَ حُجَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْغَنَمَ لَا تُشْعَرُ لِضَعْفِهَا عَنِ الْجَرْحِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِالصُّوفِ وَأَمَّا الْبَقَرَةُ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ الْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْإِشْعَارُ وَالتَّقْلِيدِ كَالْإِبِلِ
...
210
حديث عائِشَةُ رَدَّ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَمَا يَتَخَيَّلُهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ الْيَوْمَ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنَ الْإِشَالَةِ والرفع
.......
218/9
أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُوسِرِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ شَاةٍ وَنَقَلَ الْقَاضِي الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِقَدْرِهَا الْمُجْزِئِ بَلْ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنَ الطَّعَامِ حَصَلَتِ الْوَلِيمَةُ وَقَدْ ذكر مسلم بعد هذا وفي وَلِيمَةِ عُرْسِ صَفِيَّةَ أَنَّهَا كَانَتْ بِغَيْرِ لَحْمٍ وَفِي وَلِيمَةِ زَيْنَبَ أَشْبَعَنَا خُبْزًا وَلَحْمًا وَكُلُّ هذا جائز تحصل به الوليمة لكن يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَكْرَارِهَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ فَكَرِهَتْهُ طَائِفَةٌ وَلَمْ تَكْرَهْهُ طَائِفَةٌ قَالَ وَاسْتَحَبَّ أَصْحَابُ مَالِكٍ لِلْمُوسِرِ كَوْنَهَا أُسْبُوعًا)
......
220
صَفِيَّةُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا كَانَ اسْمَهَا قَبْلَ السَّبْيِ وَقِيلَ كَانَ اسْمَهَا زَيْنَبُ فَسُمِّيَتْ بَعْدَ السَّبْيِ وَالِاصْطِفَاءِ صَفِيَّةَ
......
225
يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا أَتَى مَنْزِلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَأَهْلِهِ وَهَذَا مِمَّا يَتَكَبَّرُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ الْجَاهِلِينَ الْمُتَرَفِّعِي نَ وَمِنْهَا أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ عَلَى وَاحِدٍ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ قَالُوا لِيَتَنَاوَلَهُ وَمَلِكَيْهِ وَمِنْهَا سُؤَالُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ عَنْ حَالِهِمْ فَرُبَّمَا كانت في نفس المرأة حاجة فتستحي أَنْ تَبْتَدِئَ بِهَا فَإِذَا سَأَلَهَا انْبَسَطَتْ لِذِكْرِ حَاجَتِهَا وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ عَقِبَ دُخُولِهِ كَيْفَ حَالُكَ
.....
233
نَقَلَ الْقَاضِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهَا وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ مِنْ عُرْسٍ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ وَأَمَّا الْأَعْذَارُ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا وُجُوبُ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ أَوْ نَدْبِهَا فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي الطَّعَامِ شُبْهَةٌ أَوْ يَخُصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءَ أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ مَعَهُ أَوْ لَا تَلِيقَ بِهِ مُجَالَسَتُهُ أَوْ يَدْعُوهُ لِخَوْفِ شَرِّهِ أَوْ لِطَمَعٍ فِي جَاهِهِ أَوْ لِيُعَاوِنَهُ عَلَى بَاطِلٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ مِنْ خَمْرٍ أَوْ لَهْوٍ أَوْ فُرُشِ حَرِيرٍ أَوْ صُوَرِ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَفْرُوشَةٍ أَوْ آنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَكُلُّ هَذِهِ أَعْذَارٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ وَمِنَ الْأَعْذَارِ أَنْ يَعْتَذِرَ إِلَى الدَّاعِي فَيَتْرُكَهُ وَلَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ لَمْ تَجِبْ إِجَابَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ كَانَتِ الدَّعْوَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْأَوَّلُ تَجِبُ الْإِجَابَةُ فِيهِ وَالثَّانِي تُسْتَحَبُّ وَالثَّالِثُ تُكْرَهُ
.....
235
ان دُعِيتُمْ إِلَى كُرَاعٍ فَأَجِيبُوا) وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ كُرَاعُ الشَّاةِ وَغَلَّطُوا مَنْ حَمَلَهُ عَلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ
......
239
قَوْلُهُ (شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ) ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا رُوِيَ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا حُكِمَ بِرَفْعِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الْإِخْبَارُ بِمَا يَقَعُ مِنَ النَّاسِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُرَاعَاةِ الْأَغْنِيَاءِ فِي الْوَلَائِمِ وَنَحْوِهَا وَتَخْصِيصِهِمْ بِالدَّعْوَةِ وَإِيثَارِهِمْ بِطَيِّبِ الطَّعَامِ وَرَفْعِ مَجَالِسِهِمْ وَتَقْدِيمِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْوَلَائِمِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
انتهى المجلد التاسع ويليه المجلد العاشر
الحمد لله على نعمته وفضله واحسانه
حسن المطروشى الاثرى
2022-10-14, 11:38 PM
اليوم : الجمعة
الموافق 14/ اكتوبر / 2022 ميلادي
الموافق : 18/ ربيع الأول / 1444 هجري
كتاب النكاج " من صحيح مسلم لإمام النووي رحمه الله
المجلد العاشر
(10/16)
خْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْغِيلَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ الْغَيْلُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْأَصْمَعِيّ ُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٌ يُقَالُ مِنْهُ أَغَالَ الرَّجُلُ وأغيل اذا فعل ذلك وقال بن السِّكِّيتِ هُوَ أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ حَامِلٌ يُقَالُ مِنْهُ غَالَتْ وَأَغْيَلَتْ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ هَمِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا أَنَّهُ يَخَافُ مِنْهُ ضَرَرَ الْوَلَدِ الرَّضِيعِ قَالُوا وَالْأَطِبَّاءُ يَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ دَاءٌ وَالْعَرَبُ تَكْرَهُهُ وَتَتَّقِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْغِيلَةِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَبَيَّنَ سَبَبَ تَرْكِ النَّهْيِ وَفِيهِ جَوَازُ
الِاجْتِهَادِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وله قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْوَحْيِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ
.....
10/20
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَمِّ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ هُمَا عَمَّانِ لِعَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَحَدُهُمَا أَخُو أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ ارْتَضَعَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَالثَّانِي أَخُو أَبِيهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ الَّذِي هُوَ أَبُو الْقُعَيْسِ وَأَبُو الْقُعَيْسِ أَبُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأَخُوهُ أَفْلَحُ عَمُّهَا وَقِيلَ هُوَ عَمٌّ وَاحِدٌ وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ عَمَّهَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَيِّتٌ وَفِي الثَّانِي حَيٌّ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا لَفَهِمَتْ حُكْمَهُ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَلَمْ تَحْتَجِبْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانَا عَمَّيْنِ كَيْفَ سَأَلَتْ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَعْلَمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَمٌّ
.............
27/10
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي فَفِيهِ حُجَّةٌ لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّ الرَّبِيبَةَ لَا تَحْرُمُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ فِي حِجْرِ زَوْجِ أُمِّهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي في حجوركم وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى دَاوُدَ أَنَّهَا حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا قَالُوا وَالتَّقْيِيدُ إِذَا خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ فَلَا يُقْصَرُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا لَكِنْ خَرَجَ التَّقْيِيدُ بِالْإِمْلَاقِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أردن تحصنا وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ
.......
30
قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَثْبُتُ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ حكاه بن المنذر عن علي وبن مسعود وبن عمر وبن عباس وعطاء وطاوس وبن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم وقال أبو ثور وأبو عبيد وبن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ يَثْبُتُ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ وَلَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَأَخَذَ مَالِكٌ بقَوْلِهِ تَعَالَى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَأَخَذَ دَاوُدُ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَقَالَ هُوَ مُبَيِّنٌ للقرآن
....
30
وَاعْتَرَضَتِ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ بِحَدِيثِ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ بَاطِلَةٍ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا لَكِنْ نُنَبِّهُ عَلَيْهَا خَوْفًا مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهَا مِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمُ ادَّعَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَائِشَةَ وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ بَلْ قَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَمِنْ رِوَايَةِ أُمِّ الْفَضْلِ وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ وَجَسَارَةٌ عَلَى رَدِّ السُّنَنِ بِمُجَرَّدِ الْهَوَى وَتَوْهِينِ صَحِيحِهَا لِنُصْرَةِ الْمَذَاهِبِ وَقَدْ جَاءَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ وَالصَّوَابُ اشْتِرَاطُهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ شَذَّ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ لَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ إِلَّا بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ وَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
41
قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقْدَحُ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ كَذَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ فَلَمَّا قَضَى هَذَا الْقَائِفُ بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ مَعَ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَمِدُ قَوْلَ الْقَائِفِ فَرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ زَاجِرًا لَهُمْ عَنِ الطَّعْنِ فِي النَّسَبِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ كَانَ زَيْدٌ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَأُمُّ أُسَامَةَ هِيَ أُمُّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ وَكَانَتْ حَبَشِيَّةً سَوْدَاءَ قَالَ الْقَاضِي هِيَ بَرَكَةُ بِنْتُ مُحْصَنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُصَيْنِ بن مالك بن سلمة بن عمرو بْنِ النُّعْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
حسن المطروشى الاثرى
2022-10-25, 11:06 PM
اليوم : الثلاثاء
الموافق : 29/ ربيع الأول / 1444 هجري
الموافق : 25/ اكتوبر / 2022 ميلادي
" المجلد العاشر "
(10/16)
خْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْغِيلَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ الْغَيْلُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْأَصْمَعِيّ ُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٌ يُقَالُ مِنْهُ أَغَالَ الرَّجُلُ وأغيل اذا فعل ذلك وقال بن السِّكِّيتِ هُوَ أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ حَامِلٌ يُقَالُ مِنْهُ غَالَتْ وَأَغْيَلَتْ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ هَمِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا أَنَّهُ يَخَافُ مِنْهُ ضَرَرَ الْوَلَدِ الرَّضِيعِ قَالُوا وَالْأَطِبَّاءُ يَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ دَاءٌ وَالْعَرَبُ تَكْرَهُهُ وَتَتَّقِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْغِيلَةِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَبَيَّنَ سَبَبَ تَرْكِ النَّهْيِ وَفِيهِ جَوَازُ
الِاجْتِهَادِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وله قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْوَحْيِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ
.....
10/20
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَمِّ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ هُمَا عَمَّانِ لِعَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَحَدُهُمَا أَخُو أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ ارْتَضَعَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَالثَّانِي أَخُو أَبِيهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ الَّذِي هُوَ أَبُو الْقُعَيْسِ وَأَبُو الْقُعَيْسِ أَبُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأَخُوهُ أَفْلَحُ عَمُّهَا وَقِيلَ هُوَ عَمٌّ وَاحِدٌ وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ عَمَّهَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَيِّتٌ وَفِي الثَّانِي حَيٌّ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا لَفَهِمَتْ حُكْمَهُ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَلَمْ تَحْتَجِبْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانَا عَمَّيْنِ كَيْفَ سَأَلَتْ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَعْلَمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَمٌّ
.............
27/10
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي فَفِيهِ حُجَّةٌ لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّ الرَّبِيبَةَ لَا تَحْرُمُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ فِي حِجْرِ زَوْجِ أُمِّهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي في حجوركم وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى دَاوُدَ أَنَّهَا حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا قَالُوا وَالتَّقْيِيدُ إِذَا خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ فَلَا يُقْصَرُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا لَكِنْ خَرَجَ التَّقْيِيدُ بِالْإِمْلَاقِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أردن تحصنا وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ
.......
30
قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَثْبُتُ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ حكاه بن المنذر عن علي وبن مسعود وبن عمر وبن عباس وعطاء وطاوس وبن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم وقال أبو ثور وأبو عبيد وبن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ يَثْبُتُ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ وَلَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَأَخَذَ مَالِكٌ بقَوْلِهِ تَعَالَى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَأَخَذَ دَاوُدُ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَقَالَ هُوَ مُبَيِّنٌ للقرآن
....
30
وَاعْتَرَضَتِ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ بِحَدِيثِ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ بَاطِلَةٍ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا لَكِنْ نُنَبِّهُ عَلَيْهَا خَوْفًا مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهَا مِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمُ ادَّعَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَائِشَةَ وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ بَلْ قَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَمِنْ رِوَايَةِ أُمِّ الْفَضْلِ وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ وَجَسَارَةٌ عَلَى رَدِّ السُّنَنِ بِمُجَرَّدِ الْهَوَى وَتَوْهِينِ صَحِيحِهَا لِنُصْرَةِ الْمَذَاهِبِ وَقَدْ جَاءَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ وَالصَّوَابُ اشْتِرَاطُهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ شَذَّ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ لَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ إِلَّا بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ وَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
41
قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقْدَحُ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ كَذَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ فَلَمَّا قَضَى هَذَا الْقَائِفُ بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ مَعَ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَمِدُ قَوْلَ الْقَائِفِ فَرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ زَاجِرًا لَهُمْ عَنِ الطَّعْنِ فِي النَّسَبِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ كَانَ زَيْدٌ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَأُمُّ أُسَامَةَ هِيَ أُمُّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ وَكَانَتْ حَبَشِيَّةً سَوْدَاءَ قَالَ الْقَاضِي هِيَ بَرَكَةُ بِنْتُ مُحْصَنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُصَيْنِ بن مالك بن سلمة بن عمرو بْنِ النُّعْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
تابع
المجلد العاشر
10/50
قَالَ عَطَاءٌ التي لا يقسم لها صفية بنت حي بْنِ أَخْطَبَ أَمَّا قَوْلُهُ تِسْعٌ فَصَحِيحٌ وَهُنَّ مَعْرُوفَاتٌ سَبَقَ بَيَانُ أَسْمَائِهِنَّ قَرِيبًا وَقَوْلُهُ يَقْسِمُ لثمان شهور وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ الَّتِي لَا يَقْسِمُ لَهَا صفية فقال العلماء هو وهم من بن جُرَيْجٍ الرَّاوِي عَنْ عَطَاءٍ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ سَوْدَةُ كَمَا سَبَقَ فِي الْأَحَادِيثِ وَاخْتَلَفُوا فِي الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ هِيَ مَيْمُونَةُ وَقِيلَ أُمُّ شَرِيكٍ وَقِيلَ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ
.....
60
روينا عن بن عَبَّاسٍ قَالَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ لِأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ قِيلَ إِنَّهَا وَلَدَتْ لِآدَمَ أَرْبَعِينَ وَلَدًا فِي عِشْرِينَ بَطْنًا فِي كُلِّ بَطْنٍ ذَكَرٌ وَأُنْثَى وَاخْتَلَفُوا مَتَى خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ فقيل قبل دخولها الْجَنَّةَ فَدَخَلَاهَا وَقِيلَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا أُمُّ بَنَاتِ آدَمَ فأشبهنها ونزع العرق لما جرى لها فِي قِصَّةِ الشَّجَرَةِ مَعَ إِبْلِيسَ فَزَيَّنَ لَهَا أَكْلَ الشَّجَرَةِ فَأَغْوَاهَا فَأَخْبَرَتْ آدَمَ بِالشَّجَرَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا
.....
60
كتاب الطلاق
أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ طَلَاقِ الْحَائِضِ الْحَائِلِ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَلَوْ طَلَّقَهَا أَثِمَ وَوَقَعَ طَلَاقُهُ ويؤمر بالرجعة لحديث بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَشَذَّ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَالَ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ طَلَاقَ الْأَجْنَبِيَّة ِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً وَدَلِيلُهُمْ أَمْرُهُ بِمُرَاجَعَتِهَ ا وَلَوْ لَمْ يَقَعْ لَمْ تَكُنْ رَجْعَةً فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالرَّجْعَةِ الرَّجْعَةُ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ الرَّدُّ إِلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ لَا أَنَّهُ تُحْسَبُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ قُلْنَا هَذَا غَلَطٌ لِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ يُقَدَّمُ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ في أصول الفقه الثاني ان بن عُمَرَ صَرَّحَ فِي رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ حَسَبَهَا عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا يُؤْمَرُ بِرَجْعَتِهَا كَمَا ذَكَرْنَا وهذه الرجعة مستحبة لا واجبة وآخرون هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَأَحْمَدُ وَفُقَهَاءُ الْمُحَدِّثِينَ وَآخَرُونَ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ هِيَ وَاجِبَةٌ فَإِنْ قِيلَ فَفِي حديث بن عُمَرَ هَذَا أَنَّهُ أُمِرَ بِالرَّجْعَةِ ثُمَّ بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ إِلَى طُهْرٍ بَعْدَ الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي هَذَا الْحَيْضَ فَمَا فَائِدَةُ التَّأْخِيرِ فَالْجَوَابُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدِهَا لِئَلَّا تَصِيرَ الرَّجْعَةُ لِغَرَضِ الطَّلَاقِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْسِكَهَا زَمَانًا كَانَ يَحِلُّ لَهُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَإِنَّمَا أَمْسَكَهَا لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ الرَّجْعَةِ
........
63
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَاللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى الْحَيْضِ وَعَلَى الطُّهْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَقْرَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بأنفسهن ثلاثة قروء وَفِيمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ هِيَ الْأَطْهَارُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَآخَرُونَ هِيَ الْحَيْضُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وعلى وبن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وزفر واسحاق
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
75
فى رواية عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَذَكَرَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى لِمَ تُحَرِّمُ مَا أحل الله لك وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إِنْ نَوَى طَلَاقَهَا كَانَ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ كَانَ ظِهَارًا وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا ظِهَارٍ لَزِمَهُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ كفارة يمين والثانى أنه لغو لا شئ فيه ولا يترتب عليه شئ مِنَ الْأَحْكَامِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَذْهَبًا أَحَدُهَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا لَكِنْ لَوْ نَوَى أَقَلَّ مِنَ الثَّلَاثِ قُبِلَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا خَاصَّةً قَالَ وَبِهَذَا الْمَذْهَبِ قَالَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدٌ وَالْحَسَنُ وَالْحَكَمُ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْمَدْخُولِ بها ولا غيرها قاله بن أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيُّ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثٌ وَعَلَى غَيْرِهَا وَاحِدَةٌ)
......
76
هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي سَبَبِ تَرْكِ الْعَسَلِ وَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ قَالَ الْقَاضِي اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي قِصَّةِ الْعَسَلِ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ جَارِيَتِهِ وَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا قَالَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَوْجَبَ بِالتَّحْرِيمِ كَفَّارَةً مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ الله لكم تحلة أيمانكم لِمَا رُوِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاللَّهِ لَا أَطَأُهَا ثُمَّ قَالَ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ حَلِفِهِ على شربه العسل وتحريمه ذكره بن الْمُنْذِرِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَنْ أَعُودَ لَهُ وقد حلفت أن لا تخبره بِذَلِكَ أَحَدًا وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شُرْبِ الْعَسَلِ لَنْ أَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدًا وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينًا لَكِنْ قوله تعالى قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِي التَّحْرِيمِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَهَكَذَا يُقَدِّرُهُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمُوَافِقُوهُم ْ
......
77
أَنَّ الَّتِي شَرِبَ عِنْدهَا الْعَسَلَ زَيْنَبُ وَأَنَّ الْمُتَظَاهِرَت َيْنِ عَلَيْهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فى حديث عمر بن الخطاب وبن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُتَظَاهِرَت َيْنِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَنَّ حَفْصَةَ هِيَ الَّتِي شَرِبَ الْعَسَلَ عِنْدَهَا وَأَنَّ عَائِشَةَ وَسَوْدَةَ وَصْفِيَّةَ مِنَ اللَّوَاتِي تَظَاهَرْنَ عليه وقال وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ النَّسَائِيُّ إِسْنَادُ حَدِيثِ حَجَّاجٍ صَحِيحٌ جَيِّدٌ غَايَةٌ وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ حَدِيثُ حَجَّاجٍ أَصَحُّ وَهُوَ أَوْلَى بِظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَكْمَلُ فَائِدَةً يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَهُمَا اثْنَتَانِ لَا ثَلَاثٌ وَأَنَّهُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ كَمَا قَالَ فِيهِ وَكَمَا اعْتَرَفَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدِ انْقَلَبَتِ الْأَسْمَاءُ على الرواى فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَمَا أَنَّ الصَّحِيحَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ أَنَّهَا فِي قِصَّةِ الْعَسَلِ لا في قصة مارية المروى فِي غَيْرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَمْ تَأْتِ قِصَّةُ مَارِيَةَ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ قَالَ النَّسَائِيُّ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْعَسَلِ جَيِّدٌ صَحِيحٌ غَايَةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ هَذَا الصَّوَابُ أَنَّ شُرْبَ الْعَسَلِ كَانَ عِنْدَ زَيْنَبَ قَوْلُهُ تَعَالَى
....
80
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يُفَضِّلُ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى لِمَا فِي مَفْهُومِهِ أَنَّ بِمِقْدَارِ مَا يَتَعَجَّلُ مِنْ طَيِّبَاتِ الدُّنْيَا يَفُوتُهُ مِنَ الْآخِرَةِ مِمَّا كَانَ مُدَّخَرًا لَهُ لَوْ لَمْ يَتَعَجَّلْهُ قَالَ وَقَدْ
يَتَأَوَّلُهُ الْآخَرُونَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حَظَّ الْكُفَّارِ هُوَ مَا نَالُوهُ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَلَا حَظَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
95
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ الحائل هل لها النفقة والسكنى أم لَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وآخرون لها السكنى والنفقة وقال بن عَبَّاسٍ وَأَحْمَدُ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُمَا جَمِيعًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وجدكم فهذا أمر بالسكنى وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ جَهِلَتْ أَوْ نَسِيَتْ قَالَ الْعُلَمَاءُ الَّذِي فِي كِتَابِ رَبِّنَا إِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتُ السُّكْنَى قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ قَوْلُهُ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا هَذِهِ زِيَادَةٌ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ لَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُوجِبْ نَفَقَةً وَلَا سُكْنَى بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ لِوُجُوبِ السُّكْنَى بِظَاهِرِ قوله تعالى أسكنوهن من حيث سكنتم وَلِعَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن
.....
101
ورطب بن طَابٍ نَوْعٌ مِنَ الرُّطَبِ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَنْوَاعَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ نَوْعًا
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-10-29, 11:13 AM
اليوم : السبت
الموافق : 29/ اكتوبر / 2022
الموافق : 3/ ربيع الثاني / 1444 هجري
تكملة لشرح الإمام النووي على صحيح مسلم
المجلد العاشر
(10/120)
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَجُوِّزَ اللِّعَانُ لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنِ الْأَزْوَاجِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّةِ اللِّعَانِ فِي الْجُمْلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نُزُولِ آيَةِ اللِّعَانِ هَلْ هُوَ بِسَبَبِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ أَمْ بِسَبَبِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِسَبَبِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ أَوَّلًا لِعُوَيْمِرٍ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ سَبَبُ نُزُولِهَا قِصَّةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَاسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا فِي قصة هلال)
قَالَ وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْحَاوِي قَالَ الْأَكْثَرُونَ قِصَّةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَسْبَقُ مِنْ قِصَّةِ الْعَجْلَانِيِّ قَالَ وَالنَّقْلُ فِيهِمَا مُشْتَبِهٌ ومختلف وقال بن الصَّبَّاغِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الشَّامِلِ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ تَبَيَّنَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ أَوَّلًا قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُوَيْمِرٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَمَعْنَاهُ مَا نَزَلَ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَعَلَّهُمَا سَأَلَا فِي وَقْتَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِيهِمَا وَسَبَقَ هِلَالٌ باللِّعَانِ فَيَصْدُقُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي هَذَا وَفِي ذَاكَ وَأَنَّ هِلَالًا أَوَّلُ مَنْ لَاعَنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالُوا وَكَانَتْ قِصَّةُ اللِّعَانِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَمِمَّنْ نقله القاضي عياض عن بن جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ
.......................
122
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا وَزَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَهُ قَدْ زَنَى بِامْرَأَتِهِ فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ وَالْبَيِّنَةُ أَرْبَعَةٌ مِنْ عُدُولِ الرِّجَالِ يَشْهَدُونَ عَلَى نَفْسِ الزنى وَيَكُونُ الْقَتِيلُ مُحْصَنًا وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَتَلَ زَانِيًا مُحْصَنًا الْقِصَاصُ مَا لَمْ يَأْمُرِ السُّلْطَانُ بِقَتْلِهِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ تَصْدِيقُهُ فِي أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ وَقَتَلَهُ بِذَلِكَ
....
136
قال القاضي وقال الأصيلى وبن الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُمَا مَنْ أَسْقَطَ السِّعَايَةَ مِنَ الْحَدِيثِ أَوْلَى مِمَّنْ ذَكَرَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْأَحَادِيثِ الآخر من رواية بن عمر وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا السِّعَايَةَ أَثْبَتُ مِمَّنْ ذَكَرُوهَا قَالَ غَيْرُهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فَتَارَةً ذَكَرَهَا وَتَارَةً لَمْ يَذْكُرْهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُ مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَمَعْنَى الِاسْتِسْعَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَبْدَ يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى تحصل قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَإِذَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ عُتِقَ هَكَذَا فَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِسْعَا ءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَنْ يَخْدُمَ سَيِّدَهُ الَّذِي لَمْ يعتق بقدر ماله فِيهِ مِنَ الرِّقِّ فَعَلَى هَذَا
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
145
وْلُهَا (فَانْتَهَرَتْه ا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِي ُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلم
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
.......
10/152
أَنَّ عِتْقَ الْعَبْدِ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الْأَمَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّمَا أَفْضَلُ عتق الاناث أم عتق الذُّكُورِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْإِنَاثُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ وَقَالَ آخَرُونَ عِتْقُ الذُّكُورِ أَفْضَلُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا فِي الذَّكَرِ مِنَ الْمَعَانِي العامة المنفعة التي لا توجد في الإنات مِنَ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَختُصُّ بِالرِّجَالِ إِمَّا شَرْعًا وَإِمَّا عَادَةً وَلِأَنَّ مِنَ الْإِمَاءِ مَنْ لَا تَرْغَبُ فِي الْعِتْقِ وَتَضِيعُ بِهِ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ
.....
153
مَّا التَّقْيِيدُ في الرَّقَبَةِ بِكَوْنِهَا مُؤْمِنَةً فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ الْخَاصَّ إِنَّمَا هُوَ فِي عِتْقِ الْمُؤْمِنَةِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ فَفِيهِ أَيْضًا فَضْلٌ بِلَا خِلَافٍ وَلَكِنْ دُونَ فَضْلِ الْمُؤْمِنَةِ وَلِهَذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي عِتْقِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَوْنُهَا مُؤْمِنَةً وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَعْلَى ثَمَنًا أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَخَالَفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ من أصحابه وغيرهم قال وهذا أصح
.....
حسن المطروشى الاثرى
2022-11-04, 10:24 AM
اليوم / الجمعة
الموافق : 9/ ربيع الثاني / 1444 هجري
كتاب " البيوع "
...................
177/10
مُنْقِدُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَكَانَ قَدْ شُجَّ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْحُصُونِ بِحَجَرٍ فَأَصَابَتْهُ فِي رَأْسِهِ مَأْمُومَةٌ فَتَغَيَّرَ بِهَا لِسَانُهُ وَعَقْلُهُ لَكِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ التَّمْيِيزِ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِي ُّ أَنَّهُ كَانَ ضَرِيرًا وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لَهُ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ يَبْتَاعُهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ خَاصًّا فِي حَقِّهِ وَأَنَّ الْمُغَابَنَةَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَي ْنِ لَازِمَةٌ لَا خِيَارَ لِلْمَغْبُونِ بِسَبَبِهَا سَوَاءٌ قَلَّتْ أَمْ كَثُرَتْ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ وَهِيَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ الْبَغْدَادِيُّ ونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارُ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ الْغَبْنُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ قُلْ لَا خِلَابَةَ أَيْ لَا خَدِيعَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَوْ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ كَانَتْ قَضِيَّةَ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
209
قَالَ الْقَاضِي وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي خَيْبَرَ هَلْ فُتِحَتْ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا أَوْ بِجَلَاءِ أَهْلِهَا عَنْهَا بِغَيْرِ قِتَالٍ أَوْ بَعْضُهَا صُلْحًا وَبَعْضُهَا عَنْوَةً وبعضها جلاء عَنْهُ أَهْلُهُ أَوْ بَعْضُهَا صُلْحًا وَبَعْضُهَا عَنْوَةً قَالَ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَهِيَ رِوَايَةُ مَالِكٍ ومن تابعه وبه قال بن عُيَيْنَةَ قَالَ وَفِي كُلِّ قَوْلٍ أَثَرٌ مَرْوِيٌّ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا وَكَانَتِ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِي نَ وَهَذَا يَدُلُّ لِمَنْ قَالَ عَنْوَةً إِذْ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَنْوَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ صُلْحًا أَنَّهُمْ صُولِحُوا عَلَى كَوْنِ الْأَرْضِ لِلْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
220
قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَخِي) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ هَذَا أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْمَقْطُوعَةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ حَدِيثًا سَبَقَ بَيَانُهَا فِي الْفُصُولِ الْمَذْكُورَةِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ لأن مسلما لم ينكر مَنْ سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ الْقَاضِي إِذَا قَالَ الرَّاوِي حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَوْ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَوْ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَيْسَ هُوَ مِنَ الْمَقْطُوعِ وَلَا مِنَ الْمُرْسَلِ وَلَا مِنَ الْمُعْضِلِ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الْفَنِّ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ عَنِ الْمَجْهُولِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّوَابُ لَكِنْ كَيْفَ كَانَ فَلَا يُحْتَجُّ بِهَذَا الْمَتْنِ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَلَكِنْ قَدْ ثَبَتَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَلَعَلَّ مُسْلِمًا أَرَادَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ الْبُخَارِيَّ وَغَيْرَهُ وَقَدْ حَدَّثَ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ هَذَا مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَفِي آخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَحْمَد بْنِ يُوسُفَ الْأَزْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَفِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
222
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً فَأَفْلَسَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَهَا وَلَا وَفَاءَ عِنْدَهُ وَكَانَتِ السِّلْعَةُ بَاقِيَةً بِحَالِهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ بَائِعُهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شاء بركها وَضَارَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهَا وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا بِعَيْنِهَا فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ وَالْمَوْتِ وَقَالَ أبو حنيفة لا يجوز له الرجوع فيها بَلْ تَتَعَيَّنُ الْمُضَارَبَةُ وَقَالَ مَالِكٌ يَرْجِعُ فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ وَيُضَارِبُ فِي الْمَوْتِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَعَ حَدِيثِهِ فِي الْمَوْتِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ وَتَأَوَّلَهَا أَبُو حَنِيفَةَ تَأْوِيلَاتٍ ضَعِيفَةً مَرْدُودَةً وَتَعَلَّقَ بِشَيْءٍ يُرْوَى عَنْ علي وبن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُمَا
......
230
خْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِجَارَةِ الْفَحْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الدَّوَابِّ لِلضِّرَابِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَآخَرُونَ اسْتِئْجَارُهُ لِذَلِكَ بَاطِلٌ وَحَرَامٌ وَلَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ عِوَضٌ وَلَوْ أَنْزَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى مِنْ أجره ولا أجرة مثل ولا شئ مِنَ الْأَمْوَالِ قَالُوا لِأَنَّهُ غَرَرٌ مَجْهُولٌ وَغَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَالِكٌ وَآخَرُونَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ لِضِرَابِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ لِضَرَبَاتٍ مَعْلُومَةٍ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إليه وهي مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ وَالْحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ كَمَا حَمَلُوا عَلَيْهِ مَا قَرَنَهُ بِهِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ إِجَارَةِ الْأَرْضِ والله أعلم
<< (https://al-maktaba.org/book/1711/1#p1)
........
231
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ أَنَّ الْكَاهِنَ إِنَّمَا يَتَعَاطَى الْأَخْبَارَ عَنِ الْكَائِنَاتِ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ وَيَدَّعِي معرفة الأسرار
والعراف هو الذى يدعى معرفة الشئ الْمَسْرُوقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْأُمُورِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ ثُمَّ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ الْكَاهِنَ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي مُطَالَعَةَ عِلْمِ الْغَيْبِ وَيُخْبِرُ النَّاسَ عَنِ الْكَوَائِنِ قَالَ وَكَانَ فِي الْعَرَبِ كَهَنَةٌ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنَ الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رُفَقَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَتَابِعَةٌ تُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَارَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ يَسْتَدِرْكُ الْأُمُورَ بِفَهْمٍ أُعْطِيَهُ وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْأُمُورَ بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَابٍ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى مواقعها كالشئ يُسْرَقُ فَيَعْرِفُ الْمَظْنُونَ بِهِ السَّرِقَةُ وَتُتَّهَمُ الْمَرْأَةُ بِالرِّيبَةِ فَيَعْرِفُ مَنْ صَاحِبُهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُسَمِّي الْمُنَجِّمَ كَاهِنًا قَالَ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْكُهَّانِ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَعَلَى النَّهْيِ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدْعُو الطَّبِيبَ كَاهِنًا وَرُبَّمَا سَمَّوْهُ عَرَّافًا فَهَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي النَّهْيِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ
حسن المطروشى الاثرى
2022-11-19, 09:23 AM
اليوم : السبت
الموافق : 24/ ربيع الثاني / 1444 هجري
الموافق : 19/ نوفمبر / 2022 ميلادي
10/235
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قتل الكلب الكلب والكلب العقور واختلفوا في قتل مالا ضَرَرَ فِيهِ فَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا بِقَتْلِهَا كُلِّهَا ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَنُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا إِلَّا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ ثُمَّ اسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ جَمِيعِ الْكِلَابِ الَّتِي لَا ضَرَرَ فِيهَا سَوَاءٌ الْأَسْوَدُ وَغَيْرُهُ وَيَسْتَدِلُّ لما ذكره بحديث بن الْمُغَفَّلِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى الْأَخْذِ بِالْحَدِيثِ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا هَلْ كَلْبُ الصَّيْدِ وَنَحْوُهُ مَنْسُوخٌ مِنَ الْعُمُومِ الْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَأَنَّ الْقَتْلَ كَانَ عَامًّا فِي الْجَمِيعِ أَمْ كَانَ مَخْصُوصًا بِمَا سِوَى ذَلِكَ قَالَ وَذَهَبَ آخرون إلى جواز اتخاذ جميعها الْبَهِيمَ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّ النَّهْيَ أَوَّلًا كَانَ نَهْيًا عَامًّا عَنِ اقْتِنَاءِ جَمِيعِهَا وَأَمَرَ بِقَتْلِ جَمِيعِهَا ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْلِهَا مَا سِوَى الْأَسْوَدِ وَمَنَعَ الِاقْتِنَاءَ فِي جَمِيعِهَا إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِ
..........
المجلد الحادي عشر
(11/7)
جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيَّ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَبَذَلَ الْكُفَّارُ فِي جَسَدِهِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَأْخُذْهَا وَدَفَعَهُ إِلَيْهِمْ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا نَحْوَ هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ النَّجَاسَةُ فَيَتَعَدَّى إِلَى كُلِّ نَجَاسَةٍ وَالْعِلَّةُ فِي الْأَصْنَامِ كَوْنُهَا لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ إِذَا كُسِرَتْ يُنْتَفَعُ بِرُضَاضِهَا
....
11/29
أَنَّ صَلَاحَ الْجَسَدِ وَفَسَادَهُ تَابِعَانِ لِلْقَلْبِ وَفِي هذا الحديث التأكيد عَلَى السَّعْيِ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ وَحِمَايَتِهِ مِنَ الْفَسَادِ وَاحْتُجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ لَا فِي الرَّأْسِ وَفِيهِ خِلَافٌ مشهور مذهب أَصْحَابِنَا وَجَمَاهِيرِ الْمُتَكَلِّمِي نَ أَنَّهُ فِي الْقَلْبِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ فِي الدِّمَاغِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الرَّأْسِ وَحَكَوُا الْأَوَّلَ أَيْضًا عَنِ الْفَلَاسِفَةِ وَالثَّانِي عَنِ الْأَطِبَّاءِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ فِي الْقَلْبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا وَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كان له قلب وَبِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ صَلَاحَ الْجَسَدِ وَفَسَادَهُ تَابِعًا لِلْقَلْبِ مَعَ أَنَّ الدِّمَاغَ مِنْ جُمْلَةِ الْجَسَدِ فَيَكُونُ صَلَاحُهُ وَفَسَادُهُ تَابِعًا لِلْقَلْبِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلْعَقْلِ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ فِي الدِّمَاغِ بِأَنَّهُ إِذَا فَسَدَ الدِّمَاغُ فَسَدَ الْعَقْلُ وَيَكُونُ مِنْ فَسَادِ الدِّمَاغِ الصَّرَعُ فِي زَعْمِهِمْ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِفَسَادِ الْعَقْلِ عِنْدَ فَسَادِ الدِّمَاغِ مَعَ أَنَّ الْعَقْلَ لَيْسَ فِيهِ وَلَا امْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْمَازِرِيُّ لَا سِيَّمَا عَلَى أُصُولِهِمْ فِي الِاشْتِرَاكِ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ بَيْنَ الدِّمَاغِ والقلب وهم يجعلون بين رأس المعدة وَالدِّمَاغِ اشْتِرَاكًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
30/11
وْلُهُ (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِسَمَاعِ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا يُصِحُّونَ سَمَاعَ النُّعْمَانِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ حِكَايَةٌ ضَعِيفَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
11/35
قدم صرار) هُوَ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَكْسُورَةٍ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ واشهر ولم يذكر الا كثرون غَيْرَهُ قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِي ِّ وَالْخَطَّابِيِ ّ وغيرهما وعند أكثر شيوخنا صرار بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هِيَ بِئْرٌ قَدِيمَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الْعِرَاقِ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّهُ مَوْضِعٌ لَا بِئْرٌ قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُ الرواة في مسلم وبعضهم في البخاري ضرار بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ خَطَأٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارَ غَيْرَ مَصْرُوفٍ وَالْمَشْهُورُ صَرْفُهُ
.....
36
يُسْتَحَبُّ لِلْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ أَنَّ نَافِلَةَ النَّهَارِ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ اللَّيْلِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ
....
39
جَوَازُ بَيْعِ عَبْدٍ بِعَبْدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْقِيمَةُ مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِذَا بِيعَ نَقْدًا وَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْحَيَوَانِ فَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدَيْنِ أَوْ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إِلَى أَجَلٍ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ جَوَازُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّون َ لَا يَجُوزُ وَفِيهِ مَذَاهِبُ لِغَيْرِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ)
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-11-27, 07:18 PM
اليوم : الأحد
الموافق : 3/ جمادى الأول / 1444 هجري
الموافق 27/ نوفمبر / 2022 ميلادي
تكملة لشرح الإمام النووي رحمه الله
11/85
الجزء الحادي عشر
85
ذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَلِيَّ يَصُومُ عَنْهُ وَسَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَجَعْلُ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ وَالصَّلَاةُ عَنْهُ وَنَحْوُهُمَا فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهَا لَا تَلْحَقُ الْمَيِّتَ وَفِيهَا خِلَافٌ وَسَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْحِ في شرح مقدمة صحيح مسلم)
......
85
اسْمُ هَذَا الْمَالِ الَّذِي وَقَفَهُ عُمَرُ ثَمْغٌ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مِيمٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ فَمَعْنَاهُ غَيْرُ جَامِعٍ وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ أَصْلٌ قَدِيمٌ أَوْ جُمِعَ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ أَصْلٌ فَهُوَ مُؤَثَّلٌ وَمِنْهُ مَجْدٌ مُؤَثَّلٌ أَيْ قَدِيمٌ وَأَثْلَةُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِشَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمَسَاجِدِ وَالسِّقَايَاتِ وَفِيهِ أَنَّ الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث إنما يتبع فيه شرط الواقف وفيه صحة شروط الواقف وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْوَقْفِ وَهِيَ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْإِنْفَاقِ مِمَّا يُحِبُّ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ مُشَاوَرَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ فِي الْأُمُورِ وَطُرُقِ الْخَيْرِ وَفِيهِ أَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ)
......
90
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فَقِيلَ أَرَادَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى الْخِلَافَةِ فِي إِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ لِئَلَّا يَقَعَ نِزَاعٌ وَفِتَنٌ وَقِيلَ أَرَادَ كِتَابًا يُبَيِّنُ فِيهِ مُهِمَّاتِ الْأَحْكَامِ مُلَخَّصَةً لِيَرْتَفِعَ النِّزَاعُ فِيهَا وَيَحْصُلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّ بِالْكِتَابِ حِينَ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ أَوْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَرْكُهُ أَوْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَنُسِخَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا كَلَامُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ الْمُتَكَلِّمُو نَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ دَلَائِلِ فِقْهِ عُمَرَ وَفَضَائِلِهِ وَدَقِيقِ نَظَرِهِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكْتُبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمُورًا رُبَّمَا عَجَزُوا عَنْهَا وَاسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَنْصُوصَةٌ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا فَقَالَ عُمَرُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى مَا فَرَّطْنَا في الكتاب من شيء وقوله اليوم أكملت لكم دينكم فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْمَلَ دِينَهُ فَأَمِنَ الضَّلَالَ عَلَى الْأُمَّةِ وَأَرَادَ التَّرْفِيهَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ عُمَرُ أفقه من بن عَبَّاسٍ وَمُوَافِقِيهِ قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ إِنَّمَا قَصَدَ عُمَرُ التَّخْفِيفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يكتب مالا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ لَمْ يَتْرُكْهُ لِاخْتِلَافِهِم ْ وَلَا لِغَيْرِهِ لقوله تعالى بلغ ما أنزل إليك كَمَا لَمْ يَتْرُكْ تَبْلِيغَ غَيْرِ ذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ مَنْ خَالَفَهُ وَمُعَادَاةِ مَنْ عَادَاهُ وَكَمَا أَمَرَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ حَكَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ اسْتِخْلَافَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى مَا عَلِمَهُ مِنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ
.....
92
الَ الْخَطَّابِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ تَوَهَّمَ الْغَلَطَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ظَنَّ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ بِحَالٍ لَكِنَّهُ لَمَّا رَأَى مَا غَلَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَجَعِ وَقُرْبِ الْوَفَاةِ مَعَ مَا اعْتَرَاهُ مِنَ الْكَرْبِ خَافَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِمَّا يَقُولُهُ الْمَرِيضُ مِمَّا لَا عَزِيمَةَ لَهُ فِيهِ فَتَجِدُ الْمُنَافِقُونَ بِذَلِكَ سَبِيلًا إِلَى الْكَلَامِ فِي الدِّينِ وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاجِعُونَهُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ قَبْلَ أَنْ يَجْزِمَ فِيهَا بِتَحْتِيمٍ كَمَا رَاجَعُوهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي الْخِلَافِ وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ فَأَمَّا إِذَا أَمَرَ بِالشَّيْءِ أَمْرَ عَزِيمَةٍ فَلَا يُرَاجِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَالَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ رَفَعَ دَرَجَتَهُ فَوْقَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ فَلَمْ يُنَزِّهْهُ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَالْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ وَقَدْ سَهَى فِي الصَّلَاةِ فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ حُدُوثُ بَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي مَرَضِهِ فَيَتَوَقَّفُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ حَقِيقَتُهُ فَلِهَذِهِ الْمَعَانِي وَشَبَهِهَا رَاجَعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ فَاسْتَصْوَبَ عُمَرُ مَا قَالَهُ قَالَ وَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَى حَدِيثِ اخْتِلَافُ أُمَّتِي رحمة رجلان أحدهما مغموض عَلَيْهِ فِي دِينِهِ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ الْجَاحِظُ وَالْآخَرُ مَعْرُوفٌ بِالسُّخْفِ وَالْخَلَاعَةِ وَهُوَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا
وَضَعَ كِتَابَهُ فِي الْأَغَانِي وَأَمْكَنَ فِي تِلْكَ الْأَبَاطِيلِ لَمْ يَرْضَ بِمَا تَزَوَّدَ مِنْ إِثْمِهَا حَتَّى صَدَّرَ كِتَابَهُ بِذَمِّ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَزَعَمَ أنهم يروون مالا يَدْرُونَ وَقَالَ هُوَ وَالْجَاحِظُ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ رَحْمَةً لَكَانَ الِاتِّفَاقُ عَذَابًا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ اخْتِلَافُ الْأُمَّةِ رَحْمَةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَإِذَا اخْتَلَفُوا سَأَلُوهُ فَبَيَّنَ لَهُمْ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ رَحْمَةً أَنْ يَكُونَ ضِدُّهُ عَذَابًا وَلَا يَلْتَزِمُ هَذَا وَيَذْكُرُهُ إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُتَجَاهِلٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه فَسَمَّى اللَّيْلَ رَحْمَةً وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّهَارُ عَذَابًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالِاخْتِلَافُ فِي الدِّينِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَوَحْدَانِيِّت ِهِ وَإِنْكَارُ ذَلِكَ كُفْرٌ وَالثَّانِي فِي صِفَاتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإِنْكَارُهَا بِدْعَةٌ وَالثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ الْفُرُوعِ الْمُحْتَمِلَةِ وُجُوهًا فَهَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَحْمَةً وَكَرَامَةً لِلْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِحَدِيثِ اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إِنْ قِيلَ كَيْفَ جَازَ لِلصَّحَابَةِ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتُونِي أَكْتُبُ وَكَيْفَ عَصَوْهُ فِي أَمْرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْأَوَامِرَ تُقَارِنُهَا قَرَائِنُ تَنْقُلُهَا مِنَ النَّدْبِ إِلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ مَنْ قَالَ أَصْلُهَا لِلنَّدْبِ وَمِنَ الْوُجُوبِ إِلَى النَّدْبِ عِنْدَ مَنْ قَالَ أَصْلُهَا لِلْوُجُوبِ وَتَنْقُلُ القُرائنُ أَيْضًا صِيغَةَ أَفْعَلُ إِلَى الْإِبَاحَةِ وَإِلَى التَّخْيِيرِ وَإِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ضُرُوبِ الْمَعَانِي فَلَعَلَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من القرائن مادل عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ بَلْ جَعَلَهُ إِلَى اخْتِيَارِهِمْ فَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُهُمْ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِمْ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِمْ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ فَأَدَّى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ هَذَا وَلَعَلَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ صدرمنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ جَازِمٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ هَجَرَ وَبِقَوْلِ عُمَرَ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَمَا قَارَنَهُ مِنَ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مَا يَعْهَدُونَهُ مِنْ أُصُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَبْلِيغِ الشَّرِيعَةِ وَأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى غَيْرِهِ مِنْ طُرُقِ التَّبْلِيغِ الْمُعْتَادَةِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
.....
93
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ أَقْصَى عَدَنِ الْيَمَنِ إِلَى رِيفِ الْعِرَاقِ فِي الطُّولِ وَأَمَّا فِي الْعَرْضِ فَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا إِلَى أَطْرَافِ الشَّامِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هِيَ مَا بَيْنَ حَفَرِ أَبِي مُوسَى إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ فِي الطُّولِ وَأَمَّا فِي الْعَرْضِ فَمَا بَيْنَ رَمْلِ يَرِينَ إِلَى مُنْقَطَعِ السَّمَاوَةِ
قَالُوا وَسُمِّيَتْ جَزِيرَةً لِإِحَاطَةِ الْبِحَارِ بِهَا مِنْ نَوَاحِيهَا وَانْقِطَاعِهَا عَنِ الْمِيَاهِ الْعَظِيمَةِ وَأَصْلُ الْجُزُرِ فِي اللُّغَةِ الْقِطَعُ وَأُضِيفَتْ إِلَى الْعَرَبِ لِأَنَّهَا الْأَرْضُ الَّتِي كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَدِيَارُهمُ الَّتِي هِيَ أَوْطَانُهُمْ وَأَوْطَانُ أَسْلَافِهِمْ وَحَكَى الْهَرَوِيُّ عن مالك أن جزيرة العرب هي المجينة وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ واليمامة وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ وَأَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ فَأَوْجَبُوا إِخْرَاجَ الْكُفَّارِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ سُكْنَاهَا وَلَكِنَّ الشَّافِعِيَّ خَصَّ هَذَا الْحُكْمَ بِبَعْضِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَهُوَ الْحِجَازُ وَهُوَ عِنْدَهُ مَكَّةُ والمدينة والميامة وَأَعْمَالُهَا دُونَ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ بِدَلِيلٍ آخَرَ مَشْهُورٍ
........
11/98
وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ النَّذْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَالِيٍّ وَلَا إِذَا كَانَ مَالِيًّا وَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ سَعْدٍ هَذَا وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَلْتَزِمْهُ فَلَا يَلْزَمُ وَحَدِيثُ سَعْدٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ تَرِكَتِهَا أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِإِلْزَامِهِ ذلك والله أعلم
..........
101
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ) وَفِي رِوَايَةٍ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَنَذْرُهُ بَاطِلٌ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا غَيْرُهَا وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِالْحَدِيثِ المروي عن عمر أن بْنِ الْحُصَيْنِ وَعَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ كَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحْدَثِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا أَضَافَ النَّذْرَ إِلَى مُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُهُ بِأَنْ قَالَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ أَتَصَدَّقَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِدَارِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَأَمَّا إِذَا الْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ شَيْئًا لَا يَمْلِكُهُ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ مِثَالُهُ قَالَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَهُوَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ لَا يَمْلِكُ رَقَبَةً وَلَا قِيمَتَهَا فَيَصِحُّ نَذْرُهُ وَإِنْ شُفِيَ الْمَرِيضُ ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي ذِمَّتِهِ
......
105
فَإِنْ قِيلَ الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ فَجَوَابُهُ أَنَّ هذه كلمة تجري على اللسان لا تقصد بِهَا الْيَمِينُ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تعالى بمخلوقاته كقوله تعالى والصافات والذاريات والطور والنجم فَالْجَوَابُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقْسِمُ بِمَا شَاءَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ
.......
107
قَالَ الْقَاضِي فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ إِذَا استقر
ي الْقَلْبِ كَانَ ذَنْبًا يُكْتَبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْخَاطِرِ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ فِي الْقَلْبِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةً فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ
.............
110
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ) تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وما تعملون وَأَرَادَ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَة ِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى آتَانِي مَا حَمَلْتُكُمْ عَلَيْهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَوْحَيَ إِلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُمْ أَوْ يَكُونُ المراد دخولهم في عموم مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَسْمِ فِيهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
حسن المطروشى الاثرى
2022-11-30, 03:49 PM
اليوم : الأربعاء
الموافق : 6/ جمادى اول / 1444 هجري
الموافق : 30/ نوفمبر / 2022 ميلادي
تابع / المجلد الحادي عشر من شرح النووي على صحيح مسلم
(كِتَاب الْحُدُودِ
قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ) هَذَا دَلِيلٌ لِجَوَازِ لَعْنِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْعُصَاةِ لِأَنَّهُ لَعْنٌ لِلْجِنْسِ لَا لِمُعَيَّنٍ وَلَعْنُ الْجِنْسِ جَائِزٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَجُوزُ لَعْنُهُ قَالَ الْقَاضِي وأجاز بعضهم لعن المعين مالم يُحَدَّ فَإِذَا حُدَّ لَمْ يَجُزْ لَعْنُهُ فَإِنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَاطِلٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي النَّهْيِ عَنِ اللَّعْنِ فَيَجِبُ حَمْلُ النَّهْيِ عَلَى الْمُعَيَّنِ لِيُجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
194
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُحْصَنِ إِذَا أَقَرَّ بالزنى فَشَرَعُوا فِي رَجْمِهِ ثُمَّ هَرَبَ هَلْ يُتْرَكُ أَمْ يُتْبَعُ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا يُتْرَكُ وَلَا يُتْبَعُ لِكَيْ أَنْ يُقَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ رَجَعَ عَنِ الْإِقْرَارِ تُرِكَ وَإِنْ أَعَادَ رُجِمَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُتْبَعُ وَيُرْجَمُ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا تَرَكْتُمُوهُ حَتَّى أَنْظُرَ فِي شَأْنِهِ وَفِي رِوَايَةٍ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ فَلَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُلْزِمْهُمْ
......
200
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَتُهُ وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِ إِثْمِ الْمَعَاصِي الْكَبَائِرِ بِالتَّوْبَةِ وَهُوَ بِإِجْمَاعِ المسلمين إلا ما قدمناه عن بن عَبَّاسٍ فِي تَوْبَةِ الْقَاتِلِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ فَمَا بَالُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّ ةِ لَمْ يَقْنَعَا بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ مُحَصِّلَةٌ لِغَرَضِهِمَا وَهُوَ سُقُوطُ الْإِثْمِ بَلْ أَصَرَّا عَلَى الْإِقْرَارِ وَاخْتَارَا الرَّجْمَ فَالْجَوَابُ أَنَّ تَحْصِيلَ الْبَرَاءَةِ بِالْحُدُودِ وَسُقُوطِ الْإِثْمِ مُتَيَقَّنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا سِيَّمَا وَإِقَامَةُ الْحَدِّ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا التَّوْبَةُ فَيُخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ نَصُوحًا وَأَنْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهَا فَتَبْقَى الْمَعْصِيَةُ وَإِثْمُهَا دَائِمًا عَلَيْهِ فَأَرَادَا حُصُولَ الْبَرَاءَةِ بِطَرِيقٍ مُتَيَقَّنٍ دُونَ مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ احْتِمَالٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
204
قَالَ الْقَاضِي وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَاعِزٍ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْجُومِ فَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَأَحْمَدُ لِلْإِمَامِ وَلِأَهْلِ الْفَضْلِ دُونَ بَاقِي النَّاسِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَأَهْلُ الْفَضْلِ وَغَيْرُهُمْ وَالْخِلَافُ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ إِنَّمَا هُوَ فِي الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا فَيُصَلَّى عَلَى الْفُسَّاقِ وَالْمَقْتُولِي نَ فِي الْحُدُودِ وَالْمُحَارَبَة ِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَلَى الْمَرْجُومِ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ وقال قتادة لا يصلي على ولد الزنى وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ وَأَهْلَ الْفَضْلِ يُصَلُّونَ عَلَى الْمَرْجُومِ كَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ وَأَجَابَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ ضَعَّفُوا رِوَايَةَ الصَّلَاةِ لِكَوْنِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ لَمْ يَذْكُرُوهَا وَالثَّانِي تَأَوَّلُوهَا عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بالصلاة أو دعا فسمى صلاة على مقتضاها في اللغة وهذان الجوابان فاسدان أما الأول فإن هذه الزيادة ثابتة فِي الصَّحِيحِ وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَهَذَا التَّأْوِيلُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ إِنَّمَا يُصَارُ إليه إذا اضطربت الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ إِلَى ارْتِكَابِهِ وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَ
.......
217
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَدْرِ حَدِّ الْخَمْرِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَآخَرُونَ حَدُّهُ أَرْبَعُونَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ ثَمَانِينَ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرَاتٍ عَلَى تَسَبُّبِهِ فِي إِزَالَةِ عَقْلِهِ وَفِي تَعَرُّضِهِ لِلْقَذْفِ وَالْقَتْلِ وَأَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ قَالُوا حَدُّهُ ثَمَانُونَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَأَنَّ فِعْلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْدِيدِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى نَحْوَ أَرْبَعِينَ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَلَدَ أَرْبَعِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ في الرواية الثانية وأما زيادة عمر فهي تعزيرات وَالتَّعْزِيرُ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ فَرَآهُ عُمَرُ فَفَعَلَهُ وَلَمْ يَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عَلِيٌّ فَتَرَكُوهُ وَهَكَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ الزِّيَادَةَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْأَرْبَعُونَ فَهِيَ الْحَدُّ الْمُقَدَّرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ حَدًّا لَمْ يَتْرُكْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَتْرُكْهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ فِعْلِ عُمَرَ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكُلٌّ سُنَّةٌ معناه الاقتصار
على الأربعين وبلوغ الثَّمَانِينَ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ولا يشكل شئ مِنْهَا ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ حَدُّ الْحُرِّ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَعَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرِّ كما في الزنى وَالْقَذْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الشَّارِبَ يُحَدُّ سَوَاءٌ سَكِرَ أَمْ لَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ وَهُوَ مَا سِوَى عَصِيرِ الْعِنَبِ مِنَ الْأَنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ فِيهِ كَجَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ الَّذِي هُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ سَوَاءٌ كَانَ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ أَوْ تَحْرِيمَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّون َ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْرُمُ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ بِشُرْبِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ دُونَ مَنْ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
220
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْجَلْدُ فِي الخمر ثمانين وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي قَلِيلِ الْخَمْرِ وَكَثِيرِهَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَلَدَ الْمَعْرُوفَ بِالنَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ ثَمَانِينَ كَمَا سَبَقَ عَنْ رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ يُرَجِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيدَ ثَمَانِينَ قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْأَرْبَعِينَ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ جَلَدَهُ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ فَضَرَبَهُ بِرَأْسِهِ أَرْبَعِينَ فَتَكُونُ جُمْلَتُهَا ثَمَانِينَ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَبُّ إلى عائد إلى الثمانين إلى فَعَلَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهَذَا كَلَامُ الْقَاضِي
......
225
قَالَ الْقَاضِي أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْبَهَائِمِ بِالنَّهَارِ لَا ضَمَانَ فِيهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا رَاكِبٌ أَوْ سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى ضَمَانِ مَا أَتْلَفَتْهُ وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا ضَمَانَ بِكُلِّ حَالٍ إِلَّا أَنْ يَحْمِلَهَا الَّذِي هُوَ مَعَهَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَقْصِدَهُ وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّ الضَّارِيَةَ مِنَ الدَّوَابِّ كَغَيْرِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَضْمَنُ مَالِكُهَا مَا أَتْلَفَتْ وَكَذَا قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ يَضْمَنُ إِذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْإِفْسَادِ لِأَنَّ عَلَيْهِ رَبْطُهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَأَمَّا إِذَا أَتْلَفَتْ لَيْلًا فَقَالَ مَالِكٌ يَضْمَنُ صَاحِبُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ)
,,,,,,,,,
انتهى المجلد الحادي عشر ويليه المجلد الثاني عشر
كتاب " الأقضية "
حسن المطروشى الاثرى
2022-12-10, 08:48 PM
اليوم : السبت
الموافق 10/ ديسمبر / 2022
الموافق / 16/ جمادى اول / 1444 هجري
12/100
يُقَالُ هِرْقِلُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ وَهُوَ اسْمُ علم له ولقبه قصير وَكَذَا كُلُّ مَنْ مَلَكَ الرُّومَ يُقَالُ لَهُ قصير
.....
12/109
الْإِرِّيسِينَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الراء وبيان وَاحِدَةٍ بَعْدَ السِّينِ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فِي مُسْلِمٍ وَفِي أَوَّلِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إِثْمَ الْيَرِيسِيِّين َ بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَبِيَاءَيْنِ بَعْدَ السِّينِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهِمْ عَلَى أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا أَنَّهُمُ الْأَكَّارُونَ أَيِ الْفَلَّاحُونَ وَالزَّرَّاعُون َ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ رَعَايَاكَ الَّذِينَ يَتْبَعُونَكَ وَيَنْقَادُونَ بِانْقِيَادِكَ وَنَبَّهَ بِهَؤُلَاءِ عَلَى جَمِيعِ الرَّعَايَا لِأَنَّهُمُ الْأَغْلَبُ وَلِأَنَّهُمْ أَسْرَعُ انْقِيَادًا فَإِذَا أَسْلَمَ أَسْلَمُوا وَإِذَا امْتَنَعَ امْتَنَعُوا وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَفِي غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَكَّارِينَ وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَإِلَّا فَلَا يَحُلْ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ وَفِي رواية بن وَهْبٍ وَإِثْمُهُمْ عَلَيْكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَلَّاحِين َ الزَّرَّاعِينَ خَاصَّةً بَلِ الْمُرَادُ بِهِمْ جَمِيعُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ الثَّانِي أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَهُمْ أَتْبَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرِيسٍ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْأَرُوسِيَّةُ مِنَ النَّصَارَى وَلَهُمْ مَقَالَةٌ فِي كُتُبِ الْمَقَالَاتِ وَيُقَالُ لَهُمْ الْأَرُوسِيَّون َ الثَّالِثُ أَنَّهُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ
يَقُودُونَ النَّاسَ إِلَى الْمَذَاهِبِ الْفَاسِدَةِ وَيَأْمُرُونَهُ مْ بِهَا
.....
113
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ لَا يُبْتَدَأُ الْكَافِرُ بِالسَّلَامِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ كَافِرًا بِالسَّلَامِ وَأَجَازَهُ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي النَّهْيِ
......
113
قوله بن أَبِي كَبْشَةَ فَقِيلَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ كَانَ يَعْبُدُ الشِّعْرَى وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي عِبَادَتِهَا فَشَبَّهُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ إِيَّاهُمْ فِي دِينِهِمْ كَمَا خَالَفَهُمْ أَبُو كَبْشَةَ رُوِّينَا عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ الْأَنْسَابِ قَالَ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ عَيْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ مُجَرَّدَ التَّشْبِيهِ وَقِيلَ إِنَّ أَبَا كَبْشَةَ جَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من قبل أمه قال بن قُتَيْبَةَ وَكَثِيرُونَ وَقِيلَ هُوَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السَّعْدِيُّ حَكَاهُ بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو الحسن الجرجاني التشابه إنما قالوا بن أَبِي كَبْشَةَ عَدَاوَةً لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسَبُوهُ إِلَى نَسَبٍ لَهُ غَيْرِ نَسَبِهِ الْمَشْهُورِ إِذْ لَمْ يُمْكِنُهُمُ الطَّعْنُ فِي نَسَبِهِ الْمَعْلُومِ الْمَشْهُورِ قَالَ وَقَدْ كَانَ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدُّهُ أَبُو آمِنَةَ يُكَنَّى أَبَا كَبْشَةَ وَكَذَلِكَ عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسَدٍ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ أَبُو سَلْمَى أُمِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ يُدْعَى أَبَا كَبْشَةَ قَالَ وَكَانَ فِي أَجْدَادِهِ أَيْضًا مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَبُو كَبْشَةَ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةِ أُمِّ وَهْبِ بن عبد مناف أبو آمِنَةَ أُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَعْبُدُ الشِّعْرَى وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يُدْعَى أَبَا كَبْشَةَ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السَّعْدِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ مِثْلَ هَذَا كُلِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حبيب
البغدادي وزاد بن مَاكُولَا فَقَالَ وَقِيلَ أَبُو كَبْشَةَ عَمُّ وَالِدِ حَلِيمَةَ مُرْضِعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
.......
111
نُو الْأَصْفَرِ هم الروم قال بن الْأَنْبَارِيِّ سُمُّوا بِهِ لِأَنَّ جَيْشًا مِنَ الْحَبَشَةِ غَلَبَ عَلَى بِلَادِهِمْ فِي وَقْتٍ فَوَطِئَ نِسَاءَهُمْ فَوَلَدْنَ أَوْلَادًا صُفْرًا مِنْ سَوَادِ الْحَبَشَةِ وَبَيَاضِ الرُّومِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيُّ نُسِبُوا إِلَى الْأَصْفَرِ بْنِ الرُّومِ بْنِ عِيصُو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي هَذَا أَشْبَهُ مِنْ قَوْلِ بن الْأَنْبَارِيِّ
.....
113
قَوْلُهُ (وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ) أَمَّا قَوْلُهُ بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَكَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرِوَايَةٍ أُخْرَى بَعْدَهَا إِنَّهَا بَغْلَةٌ بَيْضَاءُ وَقَالَ فِي آخِرِ الْبَابِ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا يُعْرَفُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ سِوَاهَا وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دُلْدُلُ
.....
115
ذَكَرَ الْحَازِمِيُّ فِي الْمُؤْتَلِفِ أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ يَقِفُ عَلَى سَلْعٍ فَيُنَادِي غِلْمَانَهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَهُمْ فِي الْغَابَةِ فَيُسْمِعُهُمْ قَالَ وَبَيْنَ سَلْعٍ والْغَابَةِ ثَمَانِيَةُ أَمْيَالٍ
.......
حسن المطروشى الاثرى
2022-12-31, 09:22 PM
(13/ 18)
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ) وَفَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِي رِجْلِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى أَوْ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الشِّكَالِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَجُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ هُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ ثَلَاثُ قَوَائِمَ محجلة وواحدة
مُطْلَقَةً تَشْبِيهًا بِالشِّكَالِ الَّذِي تُشَكَّلُ بِهِ الْخَيْلُ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي ثَلَاثِ قَوَائِمَ غَالِبًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَدْ يَكُونُ الشِّكَالُ ثَلَاثَ قَوَائِمَ مطلقة وواحدة محجلة قال ولاتكون الْمُطْلَقَةُ مِنَ الْأَرْجُلِ أَوِ الْمُحَجَّلَةُ إِلَّا الرِّجْلَ
قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْمَشْكُولِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ الْجِنْسُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَابَةٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَغَرَّ زَالَتِ الْكَرَاهَةُ لِزَوَالِ شَبَهِ الشِّكَالِ
......
13/24
سَبَبُ تَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا فَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَإِنَّ أَرْوَاحَهُمْ شَهِدَتْ وَحَضَرَتْ دَارَ الاسلام وَأَرْوَاحَ غَيْرِهِمْ إِنَّمَا تَشْهَدُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْكَرَامَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ يَشْهَدُونَهُ فَيَأْخُذُونَ رُوحَهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ شُهِدَ لَهُ بِالْإِيمَانِ وَخَاتِمَةِ الْخَيْرِ بِظَاهِرِ حَالِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِكَوْنِهِ شَهِيدًا وَهُوَ الدَّمُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ عَلَى الْأُمَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ الرِّسَالَةَ إِلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُشَارِكُهُمْ غَيْرُهُمْ فِي هَذَا الْوَصْفِ
......
34
ثُمَّ مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِتَفْضِيلِ الْعُزْلَةِ عَلَى الِاخْتِلَاطِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الِاخْتِلَاطَ أَفْضَلُ بِشَرْطِ رَجَاءِ السَّلَامَةِ مِنَ الْفِتَنِ وَمَذْهَبُ طَوَائِفَ أَنَّ الِاعْتِزَالَ أَفْضَلَ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاعْتِزَالِ فِي زَمَنِ الْفِتَنِ وَالْحُرُوبِ أَوْ هُوَ فِيمَنْ لَا يَسْلَمُ النَّاسُ مِنْهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِمْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْخُصُوصِ وَقَدْ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَجَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ مُخْتَلِطِينَ فَيُحَصِّلُونَ مَنَافِعَ الِاخْتِلَاطِ كَشُهُودِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَحِلَقِ الذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا الشِّعْبُ فَهُوَ مَا انْفَرَجَ بَيْنَ جَبَلَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْسَ الشِّعْبِ خُصُوصًا بَلِ الْمُرَادُ الِانْفِرَادُ وَالِاعْتِزَالُ وَذَكَرَ الشِّعْبَ مِثَالًا لِأَنَّهُ خَالٍ عَنِ النَّاسِ غَالِبًا وَهَذَا الْحَدِيثُ نَحْوُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ حِينَ سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجَاةِ فَقَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ
,,,,
47
قَوْلُهُ (وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ) مَعْنَاهُ يَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ مُسَبَّلًا لِمَنْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَهُ لِطَهَارَةٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِيهِ جَوَازُ وَضْعِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ كَانُوا يَضَعُونَ أَيْضًا أَعْذَاقَ التَّمْرِ لِمَنْ أَرَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاخلاف فِي جَوَازِ هَذَا وَفَضْلِهِ
....
57
(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَتَفْلِي رَأْسَهَ وَيَنَامُ عِنْدَهَا) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واختلفوا فى كيفية ذلك فقال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ كَانَتْ إِحْدَى خَالَاتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَتْ خَالَةً لِأَبِيهِ
أَوْ لِجَدِّهِ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ
......
58
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَتَى جَرَتِ الْغَزْوَةُ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا أُمُّ حَرَامٍ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا رَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا فَهَلَكَتْ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّ فِيهَا ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرص فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا هُنَاكَ فَتُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ مَعْنَاهُ فِي زَمَانِ غَزْوِهِ فِي الْبَحْرِ لَا فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ قَالَ وَقِيلَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي دَلَالَةِ
,,,,
67
حَدِيثُ لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ فَضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
حسن المطروشى الاثرى
2023-01-07, 11:20 AM
تابع / المجلد الثالث عشر من شرح النووي على صحيح مسلم
......
13/90
الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ وَجَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ وما مات فيه فطفا فلا
أكلوا فحديث ضيعف بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لو لم يعارضه شئ كيف وهو معارض بما ذكرنا وَقَدْ أَوْضَحْتُ ضَعْفَ رِجَالِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ فَإِنْ قِيلَ لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ الْعَنْبَرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُضْطَرِّينَ قُلْنَا الِاحْتِجَاجُ بِأَكْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ
......
93
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الْجَمَاهِيرُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدِهِمْ بِتَحْرِيمِ لُحُومِهَا لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة وقال بن عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ وَعَنْ مَالِكٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ أَشْهَرُهَا أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهِيَةَ تَنْزِيهٍ شَدِيدَةً وَالثَّانِيَةُ حَرَامٌ وَالثَّالِثَةُ مُبَاحَةٌ وَالصَّوَابُ التَّحْرِيمُ كَمَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شئ أطعم أهلى إلا شئ مِنْ حُمُرٍ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا سِمَانَ حُمُرٌ وَإِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي بِالْجَوَّالِ
لَّتِي تَأْكُلُ الْجُلَّةَ وَهِيَ الْعَذِرَةُ فَهَذَا الْحَدِيثُ مُضْطَرِبٌ مُخْتَلَفُ الْإِسْنَادِ شَدِيدُ الِاخْتِلَافِ وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى الْأَكْلِ مِنْهَا فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ والله أعلم
....
95
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِبَاحَةِ لُحُومِ الْخَيْلِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وفضالة بن عبيد وأنس بن مالك وأسماء بنت أَبِي بَكْرٍ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَطَاءٌ وَشُرَيْحٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ المحدثين وغيرهم وكرهها طائفة منهم بن عَبَّاسٍ وَالْحَكَمُ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَأْثَمُ بِأَكْلِهِ وَلَا يُسَمَّى حَرَامًا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَكْلَ وَذَكَرَ الْأَكْلَ مِنَ الْأَنْعَامِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا
.......
129
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَخْذِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ قَوْمٌ يَحْرُمُ إِمْسَاكُ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وَالْأَكْلُ مِنْهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ وَإِنَّ حُكْمَ التَّحْرِيمِ باق كما قاله على وبن عمر وقال جماهير العلماءيباح الْأَكْلُ وَالْإِمْسَاكُ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَالنَّهْيُ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الأحاديث المصرحة بالنسخ لاسيما حديث بريدة وهذامن نَسْخِ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ هُوَ نَسْخًا بَلْ كَانَ التَّحْرِيمُ لِعِلَّةٍ فَلَمَّا زَالَتْ زَالَ لِحَدِيثِ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ وَقِيلَ كَانَ النَّهْيُ الأول للكراهة لاللتحريم قَالَ هَؤُلَاءِ وَالْكَرَاهَةُ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ وَلَكِنْ لَا يَحْرُمُ قَالُوا وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ تِلْكَ الْعِلَّةِ الْيَوْمَ فَدَفَّتْ دَافَّةٌ وَاسَاهُمُ النَّاسُ وَحَمَلُوا على هذا مذهب على وبن عُمَرَ وَالصَّحِيحُ نَسْخُ النَّهْيِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ لَمْ يبق تحريم ولاكراهة فيباح
الْيَوْمَ الِادِّخَارُ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَالْأَكْلُ إِلَى مَتَى شَاءَ لِصَرِيحِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
137
نص الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ أَنَّهَا إِنْ تَيَسَّرَتْ كُلَّ شَهْرٍ كَانَ حَسَنًا هَذَا تَلْخِيصُ حُكْمِهَا فِي مَذْهَبِنَا وَادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى نَسْخِ الْأَمْرِ بِالْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ وَاللَّهُ أعلم
......
141
وَذَكَرَ الشَّيْخُ ابراهيم المروزى من أصحابنا أن مايذبح عِنْدَ اسْتِقْبَالِ السُّلْطَانِ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ أَفْتَى أَهْلُ بُخَارَةَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا إِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ اسْتِبْشَارًا بِقُدُومِهِ فَهُوَ كَذَبْحِ الْعَقِيقَةِ لِوِلَادَةِ الْمَوْلُودِ ومثل هذا لايوجب التَّحْرِيمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
حسن المطروشى الاثرى
2023-01-10, 09:44 AM
تابع / المجلد 13
الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَشِبْهَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي أَكْلِ الشَّيْطَانِ مَحْمُولَةٌ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَأَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ حَقِيقَةً إذ العقل لايحيله وَالشَّرْعُ لَمْ يُنْكِرْهُ بَلْ أَثْبَتَهُ فَوَجَبَ قَبُولُهُ وَاعْتِقَادُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
196
أَنَّ النَّحْوِيِّينَ لَمْ يُحِيطُوا إِحَاطَةً قَطْعِيَّةً بِجَمِيعِ كَلَامِ الْعَرَبِ
.....
205
أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْيَمِينِ فِي الشَّرَابِ ونحوه سنة وهذا مما لاخلاف فِيهِ وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالشَّرَابِ قال بن عبد البر وغيره لايصح هَذَا عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ فِي الشَّرَابِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا يقدم الأيمن فالأيمن فى غيره بالقياس لابسنة مَنْصُوصَةٍ فِيهِ وَكَيْفَ كَانَ فَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّيَامُنِ فِي الشَّرَابِ وَأَشْبَاهِهِ وَفِيهِ جَوَازُ شُرْبِ اللَّبَنِ الْمَشُوبِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ أَوْ مَجْلِسِ الْعَالِمِ وَالْكَبِيرِ فهو أحق به ممن يجئ بعده والله أعلم
.....
215
مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ أَحَادِيثُ آحَادٍ بِمِثْلِ هَذَا حَتَّى زَادَ مَجْمُوعُهَا عَلَى التَّوَاتُرِ وَحَصَلَ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ بِالْمَعْنَى الَّذِي اشْتَرَكَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآحَادُ وَهُوَ انْخِرَاقُ الْعَادَةِ بِمَا أَتَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَكْثِيرِ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ الْكَثْرَةَ الظَّاهِرَةَ وَنَبْعِ الْمَاءِ وَتَكْثِيرِهِ وَتَسْبِيحِ الطَّعَامِ وَحَنِينِ الْجِذْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ فِي كُتُبِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ كَالدَّلَائِلِ لِلْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ وَصَاحِبِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الحليمىوأبى بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ الْإِمَامِ الْحَافِظِ وَغَيْرِهِمْ بِمَا هُوَ مشهور وأحسنها كتاب البيهقى فلل هـ الحمد على ماأنعم بِهِ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْنَا بِإِكْرَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
.....
تم المجلد الثالث عشر ويليةهالمجلد الرابع عشر
الحمد لله رب العالمين
حسن المطروشى الاثرى
2023-01-14, 09:49 AM
المجلد الرابع عشر
شرح النووي على صحيح مسلم
...........
(14/3)
وَتَخْصِيصُ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَعَدَدُ السَّبْعِ من الأمور التى علمها الشارع ولانعلم نَحْنُ حِكْمَتَهَا فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا وَاعْتِقَادُ فَضْلِهَا وَالْحِكْمَةُ فِيهَا وَهَذَا كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ وَنُصُبِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وأما ماذكره الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ فيه فكلام باطل فلا تلتفت إليه ولاتعرج عَلَيْهِ وَقَصَدْتُ بِهَذَا التَّنْبِيهِ التَّحْذِيرَ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
14/5
الصَّوَابُ أَنَّ مَاءَهَا مُجَرَّدًا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ مُطْلَقًا فَيُعْصَرُ مَاؤُهَا وَيُجْعَلُ فِي الْعَيْنِ مِنْهُ وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا وَغَيْرِي فِي زَمَنِنَا مَنْ كَانَ عَمِيَ وَذَهَبَ بَصَرُهُ حَقِيقَةً فَكَحَّلَ عَيْنَهُ بِمَاءِ الْكَمْأَةِ مُجَرَّدًا فَشُفِيَ وَعَادَ إِلَيْهِ بَصَرُهُ وَهُوَ الشَّيْخُ الْعَدْلُ الْأَيْمَنُ الْكَمَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ صَاحِبُ صَلَاحٍ وَرِوَايَةٍ لِلْحَدِيثِ وَكَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِمَاءِ الْكَمْأَةِ اعْتِقَادًا فى الحديث وتبركابه والله أعلم
.....
14/20
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ أَيْ أَبْرَدَ دَمْعَتَهُ لِأَنَّ دَمْعَةَ الْفَرَحِ بَارِدَةٌ وَدَمْعَةَ الْحُزْنِ حَارَّةٌ وَلِهَذَا يُقَالُ فِي ضِدِّهِ أَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ
.....
21/14
ي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ الْعِرَافَةُ حَقٌّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ النَّاسِ وَلِيَتَيَسَّرَ ضَبْطُ الْجُيُوشِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْإِمَامِ بِاتِّخَاذِ الْعُرَفَاءِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ الْعُرَفَاءُ فِي النَّارِ فَمَحْمُولٌ عَلَى العرفاء المقصرين فى ولايتهم المرتكبين فيها مالايجوز كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ لِكَثِيرٍ مِنْهُمْ
.....
26
الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ فَقِيلَ هُوَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ وَقِيلَ جَهْجَاهٌ الْغِفَارِيُّ وَقِيلَ نَضْرَةُ بْنُ أَبَى نَضْرَةَ الغفارى والله أعلم
......
46
قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنه ونحن بأذربيجان ياعتبة بْنَ فَرْقَدٍ) إِلَى آخِرِهِ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ أَبُو عُثْمَانَ مِنْ عُمَرَ بَلْ أَخْبَرَ عَنْ كِتَابِ عُمَرَ وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ بَاطِلٌ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْمُحَدِّثِينَ وَمُحَقِّقُو الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّ ينَ جَوَازُ الْعَمَلِ بِالْكِتَابِ وَرِوَايَتِهِ عَنِ الْكَاتِبِ سَوَاءٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ أَذِنْتُ لَكَ فِي رِوَايَةِ هَذَا عَنِّي أَوْ أَجَزْتُكَ رِوَايَتَهُ عَنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَقَدْ أَكْثَرَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَسَائِرُ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُصَنَّفِي نَ فِي تَصَانِيفِهِمْ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِالْمُكَاتَبَة ِ فَيَقُولُ الرَّاوِي مِنْهُمْ وَمِمَّنْ قَبْلَهُمْ كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ كَذَا أَوْ كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَانٌ أَوْ أَخْبَرَنِي مُكَاتَبَةً وَالْمُرَادُ بِهِ هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَذَلِكَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَهُمْ مَعْدُودٌ فِي الْمُتَّصِلِ
....
48
قَوْلُهُ (عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ نَهَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَقَالَ لَمْ يَرْفَعْهُ عن الشعبى إلاقتادة وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ بَيَانٌ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ سُوَيْدٍ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ
......
49
كَيْدِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلَكِ الْكِنْدِيُّ قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُبْهَمَاتُ كَانَ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ وَقِيلَ بل مات نصرانيا وقال بن منده وأبونعيم الْأَصْبَهَانِي ُّ فِي كِتَابَيْهِمَا فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ إِنَّ أُكَيْدِرًا هَذَا أَسْلَمَ وَأَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةَ سِيَرَاءَ قَالَ بن الْأَثِيرِ فِي كِتَابِهِ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ أَمَّا الْهَدِيَّةُ وَالْمُصَالَحَة ُ فَصَحِيحَانِ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَغَلَطٌ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ وَمَنْ قَالَ أَسْلَمَ فَقَدْ أَخْطَأَ خَطَأً فَاحِشًا قَالَ وَكَانَ أُكَيْدِرٌ نَصْرَانِيًّا فَلَمَّا صَالَحَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ إِلَى حِصْنِهِ وَبَقِيَ فِيهِ ثُمَّ حَاصَرَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَتَلَهُ مُشْرِكًا نَصْرَانِيًّا يَعْنِي لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ قَالَ وَذَكَرَ الْبَلَاذُرِيُّ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَادَ إِلَى دَوْمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّ أُكَيْدِرٌ فَلَمَّا سَارَ خَالِدٌ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ قَتَلَهُ وَعَلَى هَذَا القول لاينبغى أيضا عده فى الصحابة هذا كلام بن الْأَثِيرِ
.......
50
فَقَالَ شَقِّقْهُ خُمُرًا بَيْنَ الْفَوَاطِمِ) أَمَّا الْخُمُرُ فَسَبَقَ أَنَّهُ بِضَمِّ الْمِيمِ جَمْعُ خِمَارٍ وَأَمَّا الْفَوَاطِمُ فَقَالَ الْهَرَوِيُّ وَالْأَزْهَرِيُ ّ وَالْجُمْهُورُ إِنَّهُنَّ ثَلَاثٌ فَاطِمَةُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ وَهِيَ
أُمُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهِيَ أَوَّلُ هَاشِمِيَّةٍ وَلَدَتْ لِهَاشِمِيِّ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلَبِ وَذَكَرَ الْحَافِظَانِ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سعيد وبن عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادِهِمَ ا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَسَمَهُ بَيْنَ الْفَوَاطِمِ الْأَرْبَعِ فَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الرَّابِعَةُ فَاطِمَةَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ امْرَأَةَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِاخْتِصَاصِهَا بِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْمُصَاهَرَة ِ وَقُرْبِهَا إِلَيْهِ بِالْمُنَاسَبَة ِ وَهِيَ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ شَهِدَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا وَلَهَا قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ فِي الْغَنَائِمِ تَدُلُّ عَلَى وَرَعِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
59
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ وَفِرَاشٌ لِامْرَأَتِهِ وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أن مازاد عَلَى الْحَاجَةِ فَاتِّخَاذُهُ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُبَاهَاةِ وَالِاخْتِيَالِ وَالِالْتِهَاءِ بِزِينَةِ الدُّنْيَا وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ وَكُلُّ مَذْمُومٍ يُضَافُ إِلَى الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ يَرْتَضِيهِ وَيُوَسْوِسُ بِهِ وَيُحَسِّنُهُ وَيُسَاعِدُ عَلَيْهِ وَقِيلَ إِنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَانَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ مَبِيتٌ وَمَقِيلٌ كَمَا أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ الْمَبِيتُ بِالْبَيْتِ الَّذِي لايذكر اللَّهَ تَعَالَى صَاحِبُهُ عِنْدَ دُخُولِهِ عِشَاءً وَأَمَّا تَعْدِيدُ الْفِرَاشِ لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَلَ
أْسَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى فِرَاشٍ عِنْدَ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ وَغَيْرِ ذلك واستدل بعضهم بهذا على أنه لايلزمه النَّوْمُ مَعَ امْرَأَتِهِ وَأَنَّ لَهُ الِانْفِرَادَ عَنْهَا بِفِرَاشٍ وَالِاسْتِدْلَا لُ بِهِ فِي هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا وَقْتُ الْحَاجَةِ كَالْمَرَضِ وَغَيْرِهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ النَّوْمُ مَعَ الزَّوْجَةِ لَيْسَ وَاجِبًا لَكِنَّهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَالصَّوَابُ فِي النَّوْمِ مَعَ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عُذْرٌ فِي الِانْفِرَادِ فَاجْتِمَاعُهُم َا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ أَفْضَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ مَعَ مُوَاظَبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ فَيَنَامُ مَعَهَا فَإِذَا أَرَادَ الْقِيَامَ لوظيفته قام وتركها فيجمع بين وظيفته وقضاءحقها المندوب وعشرتها بالمعروف لاسيما إِنْ عَرَفَ مِنْ حَالِهَا حِرْصَهَا عَلَى هَذَا ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ النَّوْمِ مَعَهَا الْجِمَاعُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
71
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ جَعْلُ خَاتَمِ الرَّجُلِ فِي الْخِنْصَرِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَتَّخِذُ خَوَاتِيمَ فِي أَصَابِعَ قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِ فِي الْخِنْصَرِ أَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الِامْتِهَانِ فِيمَا يتعاطى باليد لكونه طرفا ولأنه لايشغل الْيَدَ عَمَّا تَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَشْغَالِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ جَعْلُهُ فِي الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَأَمَّا التَّخَتُّمُ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى أَوِ الْيُسْرَى فَقَدْ جَاءَ فِيهِ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ وَهُمَا صَحِيحَانِ
......
وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ وَعَلَى جَوَازِهِ فى اليسار
ولاكراهة فى واحدة منهما واختلفوا أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ فَتَخَتَّمَ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ فِي الْيَمِينِ وَكَثِيرُونَ فِي الْيَسَارِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْيَسَارَ وَكَرِهَ الْيَمِينَ وَفِي مَذْهَبِنَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا الصَّحِيحُ أَنَّ الْيَمِينَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ وأحق بالزينة والاكرام
......
80
قَالَ الْقَاضِي قَالَ الطَّبَرَانِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَغْيِيرِ الشَّيْبِ وَبِالنَّهْيِ عَنْهُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا تَنَاقُضٌ بَلِ الْأَمْرُ بِالتَّغْيِيرِ لِمَنْ شَيْبُهُ كَشَيْبِ أَبِي قُحَافَةَ وَالنَّهْيُ لِمَنْ لَهُ شَمَطٌ فَقَطْ قَالَ وَاخْتِلَافُ السَّلَفِ فِي فِعْلِ الْأَمْرَيْنِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ خِلَافَهُ فِي ذَلِكَ قَالَ ولايجوز أَنْ يُقَالَ فِيهِمَا نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ عَلَى حَالَيْنِ فَمَنْ كَانَ فى موضع عادة أهل الصَّبْغُ أَوْ تَرْكُهُ فَخُرُوجُهُ عَنِ الْعَادَةِ شُهْرَةٌ وَمَكْرُوهٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ نَظَافَةِ الشَّيْبِ فمن كان شَيْبَتُهُ تَكُونُ نَقِيَّةً أَحْسَنَ مِنْهَا مَصْبُوغَةً فَالتَّرْكُ أَوْلَى وَمَنْ كَانَتْ شَيْبَتُهُ تُسْتَبْشَعُ فَالصَّبْغُ أَوْلَى هذا مانقله الْقَاضِي وَالْأَصَحُّ الْأَوْفَقُ لِلسُّنَّةِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ مذهبنا والله أعلم
.....
حسن المطروشى الاثرى
2023-01-21, 10:05 PM
تابع / المجلد الرابع عشر
135
نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةٌ وَأَنَّ رَدَّهُ فَرْضٌ وَأَقَلُّ السَّلَامِ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا فَأَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ لِيَتَنَاوَلَهُ وَمَلَكَيْهِ وَأَكْمَلُ مِنْهُ أَنْ يَزِيدَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَأَيْضًا وَبَرَكَاتُهُ وَلَوْ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَجْزَأَهُ وَاسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ لِزِيَادَةِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ سَلَامِ الْمَلَائِكَةِ بَعْدَ ذِكْرِ السَّلَامِ رَحْمَةُ الله وبركاته عليكم أهل البيت وَبِقَوْلِ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْمُبْتَدِي عَلَيْكُمُ السَّلَامُ فَإِنْ قَالَهُ اسْتَحَقَّ الجواب على الصحيح المشهور وقيل لايستحقه وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لاتقل عَلَيْكَ السَّلَامُ فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا صِفَةُ الرَّدِّ فَالْأَفْضَلُ
......
وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَقُولَ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَيَأْتِي بِالْوَاوِ فَلَوْ حَذَفَهَا جَازَ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ أَوْ عَلَى عَلَيْكُمُ السَّلَامُ أَجْزَأَهُ وَلَوِ اقْتَصَرَ على عليكم لم يجزه بلا خلاف ولوقال وَعَلَيْكُمْ بِالْوَاوِ فَفِي إِجْزَائِهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا قَالُوا وَإِذَا قَالَ الْمُبْتَدِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ الْمُجِيبُ مِثْلُهُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ كَانَ جَوَابًا وَأَجْزَأَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ وَلَكِنْ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ أَفْضَلُ وَأَقَلُّ السَّلَامِ ابْتِدَاءً وردا أن يسمع صاحبه ولايجزئه دُونَ ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الرَّدِّ عَلَى الْفَوْرِ وَلَوْ أَتَاهُ سَلَامٌ مِنْ غَائِبٍ مَعَ رَسُولٍ أَوْ فِي وَرَقَةٍ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ وَقَدْ جَمَعْتُ فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ نَحْوَ كُرَّاسَتَيْنِ فِي الْفَوَائِدِ الْمُتَعَلِّقَة ِ بِالسَّلَامِ وَهَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي وَالْقَائِمِ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ وَفِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَالصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ كُلُّهُ لِلِاسْتِحْبَاب ِ فَلَوْ عَكَسُوا جَازَ وَكَانَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ وَأَمَّا مَعْنَى السَّلَامِ فَقِيلَ هُوَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فقوله السلام عليك أى اسم السلامعليك وَمَعْنَاهُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَيْ أَنْتَ فِي حِفْظِهِ كَمَا يُقَالُ اللَّهُ مَعَكَ وَاللَّهُ يَصْحَبُكَ وَقِيلَ السَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ أَيِ السَّلَامَةُ مُلَازِمَةٌ لَكَ
(
.....
لاتبدأوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا سَلَّمُوا لكن لايقال لَهُمْ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ بَلْ يُقَالُ عَلَيْكُمْ فَقَطْ أَوْ وَعَلَيْكُمْ وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْكُمْ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ بِإِثْبَاتِهَا وَعَلَى هَذَا فِي مَعْنَاهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالُوا عَلَيْكُمُ الْمَوْتُ فَقَالَ وَعَلَيْكُمْ أَيْضًا أَيْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ وَكُلُّنَا نَمُوتُ وَالثَّانِي أَنَّ الْوَاوَ هُنَا للاستئناف لاللعطف والتشريك وتقديره وعليكم ماتستحقونه مِنَ الذَّمِّ وَأَمَّا حَذْفُ الْوَاوِ فَتَقْدِيرُهُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ قَالَ الْقَاضِي اخْتَارَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ منهم بن حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ حَذْفَ الْوَاوِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ التَّشْرِيكَ وَقَالَ غَيْرُهُ بِإِثْبَاتِهَا كَمَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ عَلَيْكُمُ السِّلَامُ بِكَسْرِ السِّينِ أَيِ الْحِجَارَةُ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ عَامَّةُ الْمُحَدِّثِينَ يَرْوُونَ
....
154
ما ماذكره الْمَازِرِيُّ وَحَكَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَمْوِ أَبُو الزَّوْجِ وَقَالَ إِذَا نُهِيَ عَنْ أَبِي الزَّوْجِ وَهُوَ مَحْرَمٌ فَكَيْفَ بِالْغَرِيبِ فَهَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ مَرْدُودٌ ولايجوز حمل الحديث عليه فكذا مانقله الْقَاضِي عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ مَعْنَى الْحَمْوِ الموت فليمت ولايفعل هَذَا هُوَ أَيْضًا كَلَامٌ فَاسِدٌ بَلِ الصَّوَابُ ماقدمناه وقال بن الْأَعْرَابِيِّ هِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ كَمَا يُقَالُ الْأَسَدُ الْمَوْتُ أَيْ لِقَاؤُهُ مِثْلُ الْمَوْتِ وَقَالَ القاضي معناه الخلوة بالأحماءمؤدية إِلَى الْفِتْنَةِ وَالْهَلَاكِ فِي الدِّينِ فَجَعَلَهُ كَهَلَاكِ الْمَوْتِ فَوَرَدَ الْكَلَامُ مَوْرِدَ التَّغْلِيظِ قَالَ وَفِي الْحَمِّ أَرْبَعُ لُغَاتٍ إِحْدَاهَا هَذَا حَمُوكَ بِضَمِّ الْمِيمِ فِي الرَّفْعِ وَرَأَيْتُ حَمَاكَ وَمَرَرْتُ بِحَمِيكَ وَالثَّانِيَةُ هَذَا حَمْؤُكَ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ وَهَمْزَةٍ مَرْفُوعَةٍ وَرَأَيْتُ حَمْأَكَ وَمَرَرْتُ بِحَمْئِكَ وَالثَّالِثَةُ حَمَا هَذَا حَمَاكَ وَرَأَيْتُ حَمَاكَ وَمَرَرْتُ بِحَمَاكَ كَقَفَا وَقَفَاكَ وَالرَّابِعَةُ حَمٌّ كَأَبٍّ وَأَصْلُهُ حَمَوٌ
......
158
جَوَازُ التَّسْبِيحِ تَعْظِيمًا لِلشَّيْءِ وَتَعَجُّبًا مِنْهُ وَقَدْ كَثُرَ فِي الْأَحَادِيثِ وَجَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نتكلم بهذا سبحانك
....
163
اخْتُلِفَ فِي اسْمِ هَذَا الْمُخَنَّثِ قَالَ الْقَاضِي الْأَشْهَرُ أَنَّ اسْمَهُ هِيْتٌ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَمُثَنَّاةٍ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ قَالَ وَقِيلَ صَوَابُهُ هَنْبٌ بِالنُّونِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قاله بن دُرُسْتَوَيْهِ وَقَالَ إِنَّمَا سِوَاهُ تَصْحِيفٌ قَالَ وَالْهَنَبُ الْأَحْمَقُ وَقِيلَ مَاتِعٌ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ مَوْلَى فَاخِتَةَ الْمَخْزُومِيَّ ةِ وَجَاءَ هَذَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ ذُكِرَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَّبَ مَاتِعًا هَذَا وَهِيتًا إِلَى الْحِمَى ذَكَرَهُ الواقدى وذكر أبومنصور الْبَادَرْدِيُّ نَحْوَ الْحِكَايَةِ عَنْ مُخَنَّثٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَنَهُ وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَاهُ إِلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ والمحفوظأنه هِيْتٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِخْرَاجُهُ وَنَفْيُهُ كَانَ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ أَحَدُهَا الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ وَكَانَ مِنْهُمْ وَيَتَكَتَّمُ بِذَلِكَ وَالثَّانِي وَصْفُهُ النِّسَاءَ وَمَحَاسِنَهُنَ ّ وَعَوْرَاتَهُنَ ّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ وَقَدْ نُهِيَ أَنْ تصف المرأة المرأة لزوجها
فَكَيْفَ إِذَا وَصَفَهَا الرَّجُلُ لِلرِّجَالِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَطَّلِعُ مِنَ النِّسَاءِ وَأَجْسَامِهِنَ ّ وَعَوْرَاتِهِنَ ّ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عليه كثير من النساء فكيف الرجال لاسيما عَلَى مَا جَاءَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ وصفها حتى وصف مابين رجليها أى فرجها وحواليه والله أعلم
.....
حسن المطروشى الاثرى
2023-01-23, 09:25 PM
تابع / ختم المجلد الرابع عشر من شرح النووي على صحيح مسلم
14/164
عَنْ أَسْمَاءَ إِنَّهَا كَانَتْ تَعْلِفُ فَرَسَ زوجها الزبير وتكفيه مؤنته وتسوسه وتدق النو لِنَاضِحِهِ وَتَعْلِفُهُ وَتَسْتَقِي الْمَاءَ وَتَعْجِنُ) هَذَا كُلُّهُ من المعروف والمروآت الَّتِي أَطْبَقَ النَّاسُ عَلَيْهَا وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْدُمُ زَوْجَهَا بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْخَبْزِ وَالطَّبْخِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكُلُّهُ تَبَرُّعٌ مِنَ الْمَرْأَةِ وَإِحْسَانٌ مِنْهَا إِلَى زَوْجِهَا وحسن معاشرة وفعل معروف معه ولايجب عليها شيء من ذلك بل لوامتنعت مِنْ جَمِيعِ هَذَا لَمْ تَأْثَمْ وَيَلْزَمُهُ هُوَ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَهَا وَلَا يَحِلُّ
هُ إِلْزَامُهَا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَإِنَّمَا تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ تَبَرُّعًا وَهِيَ عَادَةٌ جَمِيلَةٌ اسْتَمَرَّ عَلَيْهَا النِّسَاءُ مِنَ الزَّمَنِ الْأَوَّلِ إِلَى الْآنَ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْئَانِ تَمْكِينُهَا زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا وَمُلَازَمَةُ بَيْتِهِ
......
168
قَالَ الْمَازِرِيُّ جَمِيعُ الرُّقَى جَائِزَةٌ إِذَا كَانَتْ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِذِكْرِهِ وَمَنْهِيٌّ عَنْهَا إِذَا كَانَتْ بِاللُّغَةِ الْعَجَمِيَّةِ أَوْ بما لايدرى مَعْنَاهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كُفْرٌ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي رُقْيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَجَوَّزَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِمَّا بَدَّلُوهُ وَمَنْ جَوَّزَهَا قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَدِّلُوا الرُّقَى فَإِنَّهُمْ لَهُمْ غَرَضٌ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِمَّا بَدَّلُوهُ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اعْرِضُوا على رقاكم لابأس بالرقى مالم يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الأخرى يارسول اللَّهِ إِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى فَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عنه بأجوبة أحدها كان نهى أولاثم نَسَخَ ذَلِكَ وَأَذِنَ فِيهَا وَفَعَلَهَا وَاسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَى الْإِذْنِ وَالثَّانِي أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الرُّقَى الْمَجْهُولَةِ كَمَا سَبَقَ وَالثَّالِثُ أَنَّ النَّهْيَ لِقَوْمٍ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مَنْفَعَتَهَا وَتَأْثِيرَهَا بِطَبْعِهَا كَمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَزْعُمُهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ لَمْ يُرِدْ بِهِ حَصْرَ الرُّقْيَةِ الْجَائِزَةِ فِيهِمَا وَمَنْعَهَا فِيمَا عداهما وانما المراد لارقية أَحَقُّ وَأَوْلَى مَنْ رُقْيَةِ الْعَيْنِ وَالْحُمَّةِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِيهِمَا قَالَ الْقَاضِي وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ سُئِلَ عَنِ النَّشْرَةِ فَأَضَافَهَا إِلَى الشَّيْطَانِ قَالَ وَالنَّشْرَةُ
مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ أَهْلِ التَّعْزِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَ
ا تَنْشُرُ عَنْ صَاحِبِهَا أَيْ تُخَلِّي عَنْهُ وَقَالَ الْحَسَنُ هِيَ مِنَ السَّحَرِ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا أَشْيَاءُ خَارِجَةٌ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَذْكَارِهِ وَعَنِ الْمُدَاوَاةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الْمُبَاحِ
مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ أَهْلِ التَّعْزِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَنْشُرُ عَنْ صَاحِبِهَا أَيْ تُخَلِّي عَنْهُ وَقَالَ الْحَسَنُ هِيَ مِنَ السَّحَرِ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا أَشْيَاءُ خَارِجَةٌ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَذْكَارِهِ وَعَنِ الْمُدَاوَاةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الْمُبَاحِ
,,,,,,,
170
اخْتَارَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِي نَ هَذَا فَكَرِهَ حَلَّ الْمَعْقُودِ عَنِ امْرَأَتِهِ وَقَدْ حَكَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بِهِ طِبٌّ أَيْ ضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ أَوْ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَيُخَلَّى عَنْهُ أَوْ يُنْشَرُ قال لابأس بِهِ إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الصَّلَاحَ فَلَمْ يَنْهَ عَمَّا يَنْفَعُ وَمِمَّنْ أَجَازَ النَّشْرَةَ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ الصحيح قال كثيرون أو الأكثرون يجوز الاسترقاءللصحيح لِمَا يَخَافُ أَنْ يَغْشَاهُ مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْهَوَامِّ وَدَلِيلُهُ أَحَادِيثُ وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ تَفَلَ فِي كَفِّهِ ويقرأ قل هوالله أَحَدٌ وَالْمُعَوِذِّت َيْنِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ وَمَا بَلَغَتْ يَدَهُ مِنْ جَسَدِهِ
....
171
زَعَمَ بَعْضُ الطَّبَائِعِيِّ ينَ مِنَ الْمُثَبِّتِينَ لِلْعَيْنِ أَنَّ الْعَائِنَ تَنْبَعِثُ مِنْ عَيْنِهِ قُوَّةٌ سُمِّيَّةٌ تَتَّصِلُ بِالْعَيْنِ فيهلك أو يفسد قالوا ولايمتنع هذا كما لايمتنع انْبِعَاثُ قُوَّةٍ سُمِّيَّةٍ مِنَ الْأَفْعَى وَالْعَقْرَبِ تَتَّصِلُ بِاللَّدِيغِ فَيَهْلَكُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْسُوسٍ لَنَا فَكَذَا الْعَيْنُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّا بَيَّنَّا فِي كُتُبِ عِلْمِ الْكَلَامِ أَنَّ لافاعل إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَّنَّا فَسَادَ الْقَوْلِ بِالطَّبَائِعِ وبينا أن المحدث لايفعل فِي غَيْرِهِ شَيْئًا وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا بَطَلَ مَا قَالُوهُ ثُمَّ نَقُولُ هَذَا الْمُنْبَعِثُ مِنَ الْعَيْنِ إِمَّا جَوْهَرٌ وَإِمَّا عَرَضٌ فَبَاطِلٌ أَنْ يكون عرضا لأنه لايقبل الِانْتِقَالَ وَبَاطِلٌ أَنْ يَكُونَ جَوْهَرًا لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ مُتَجَانِسَةٌ فَلَيْسَ بَعْضُهَا بِأَنْ يَكُونَ مُفْسِدًا لِبَعْضِهَا بِأَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ فَبَطَلَ مَا قَالُوهُ قَالَ وَأَقْرَبُ طَرِيقَةٍ قَالَهَا مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامُ مِنْهُمْ أن قالوا لايبعد أَنْ تَنْبَعِثَ جَوَاهِرُ لَطِيفَةٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ مِنَ الْعَيْنِ فَتَتَّصِلُ بِالْمَعِينِ وَتَتَخَلَّلُ مَسَامَّ جِسْمِهِ فَيَخْلُقُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْهَلَاكَ عِنْدَهَا كَمَا يَخْلُقُ الْهَلَاكَ عِنْدَ شُرْبِ السُّمِّ عَادَةً أَجْرَاهَا اللَّهُ تعالى وليست ضرورة ولاطبيعة أَلْجَأَ الْعَقْلُ إِلَيْهَا وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تَفْسُدُ وَتَهْلَكُ عِنْدَ نَظَرِ الْعَائِنِ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعَادَةَ أَنْ يَخْلُقَ الضَّرَرَ عِنْدَ مُقَابَلَةِ هَذَا الشخص لشخص
....
175:14
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعَائِنُ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْوُضُوءِ لِلْمَعِينِ أَمْ لَا وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ هَذِهِ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا وَبِرِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالْوُضُوءِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي الْوُجُوبُ وَيَبْعُدُ الْخِلَافُ فِيهِ إِذَا خَشِيَ عَلَى الْمَعِينِ الْهَلَاكِ وَكَانَ وُضُوءُ الْعَائِنِ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْبُرْءِ بِهِ أَوْ كَانَ الشَّرْعُ أَخْبَرَ بِهِ خَبَرًا عَامًّا ولم يكن زوال الهلاك إلابوضوء الْعَائِنِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِنْ بَابِ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إِحْيَاءُ نَفْسٍ مُشْرِفَةٍ عَلَى الْهَلَاكِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَذْلِ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ فَهَذَا أَوْلَى وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ فِيهِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ الَّذِي حَكَيْتُهُ بَقِيَ مِنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْغُسْلِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَمَا فَسَّرَهُ بِهِ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَدْرَكَ الْعُلَمَاءَ يَصِفُونَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ عُلَمَاؤُنَا وَمَضَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ غُسْلَ الْعَائِنِ وَجْهَهَ إِنَّمَا هُوَ صَبُّهُ وَأَخْذُهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ بَاقِي أَعْضَائِهِ إِنَّمَا هُوَ صَبُّهُ صَبَّةً عَلَى ذَلِكَ الْوُضُوءِ فِي الْقَدَحِ لَيْسَ عَلَى صِفَةِ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ غَسْلُ دَاخِلَةِ الْإِزَارِ إِنَّمَا هُوَ إِدْخَالُهُ وَغَمْسُهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْقَدْحُ فَيَصُبُّهُ عَلَى رَأْسِ الْمَعِينِ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى جَمِيعِ جَسَدِهِ ثم يكفأ القدح وراءه على ظ هر الْأَرْضِ وَقِيلَ يَسْتَغْفِلُهُ
بذلك عند صبه عليه هذه رواية بن أبى ذئب وقد جاء عن بن شِهَابٍ مِنْ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ مِثْلُ هَذَا إِلَّا أَنَّ فِيهِ الِابْتِدَاءَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ وفيه فى غسل القدمين أنه لايغسل جميعهما وَإِنَّمَا قَالَ ثُمَّ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي طَرَفِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى مِنْ عِنْدِ أُصُولِ أَصَابِعِهِ وَالْيُسْرَى كَذَلِكَ وَدَاخِلَةُ الْإِزَارِ هُنَا الْمِئْزَرُ وَالْمُرَادُ بِدَاخِلَتِهِ مَا يَلِي الْجَسَدَ مِنْهُ
.....
قَوْلُهُ (سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيٌّ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشيء ومايفعله) قَالَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ السِّحْرِ وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياءالثابتة خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَفَى حَقِيقَتَهُ وَأَضَافَ ما يقع منه إلى خيالات باطلة لاحقائق لَهَا وَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وذكر أنه مما يتعلم وذكر مافيه إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ مِمَّا يُكَفَّرُ بِهِ وَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنُ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يمكن فيما لاحقيقة لَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مُصَرِّحٌ بِإِثْبَاتِهِ وَأَنَّهُ أَشْيَاءُ دُفِنَتْ وَأُخْرِجَتْ وَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ مَا قَالُوهُ فَإِحَالَةُ كَوْنِهِ مِنَ الْحَقَائِقِ مُحَالٌ وَلَا يُسْتَنْكَرُ فِي الْعَقْلِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَخْرِقُ الْعَادَةَ عِنْدَ النُّطْقِ بِكَلَامٍ مُلَفَّقٍ أَوْ تَرْكِيبِ أَجْسَامٍ أَوِ الْمَزْجِ بَيْنَ قُوًى عَلَى تَرْتِيبٍ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا السَّاحِرُ
.....
179
الْمَرْأَةُ الْيَهُودِيَّةُ الْفَاعِلَةُ لِلسُّمِّ اسْمُهَا زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ أُخْتُ مَرْحَبٍ الْيَهُودِيِّ رَوَيْنَا تَسْمِيَتَهَا هَذِهِ فِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَدَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاخْتَلَفَ الْآثَارُ وَالْعُلَمَاءُ هَلْ قَتَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لافوقع فى صحيح مسلم أنهم قالوا ألانقتلها قال لاومثله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَعَنْ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قتلها وفى رواية بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَهَا إِلَى أَوْلِيَاءِ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ وَكَانَ أَكَلَ مِنْهَا فَمَاتَ بِهَا فَقَتَلُوهَا وَقَالَ بن سَحْنُونٍ أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَهَا قَالَ الْقَاضِي وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَالْأَقَاوِيلِ أَنَّهُ لم يقتلها أولاحين اطَّلَعَ عَلَى سُمِّهَا وَقِيلَ لَهُ اقْتُلْهَا فَقَالَ لَا فَلَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ مِنْ ذلك سلمها لأوليائه فقتلوها قصاصا فيصح قَوْلُهُمْ لَمْ يَقْتُلْهَا أَيْ فِي الْحَالِ وَيَصِحُّ قَوْلُهُمْ قَتَلَهَا أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
196/14
وْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ سَبْعَةُ أَشْفِيَةٍ فَقَدْ أَطْبَقَ الْأَطِبَّاءُ فِي كُتُبِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يُدِرُّ الطَّمْثَ وَالْبَوْلَ وَيَنْفَعُ مِنَ السُّمُومِ وَيُحَرِّكُ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَيَقْتُلُ الدُّودَ وَحُبَّ الْقَرْعِ فِي الْأَمْعَاءِ إِذَا شُرِبَ بِعَسَلٍ وَيُذْهِبُ الْكَلَفَ إِذَا طُلِيَ عَلَيْهِ وَيَنْفَعُ من بدر المعدة والكبدويردهما ومن حمى الورد والربع وغير ذلك صِنْفَانِ بَحْرِيٌّ وَهِنْدِيٌّ وَالْبَحْرِيُّ هُوَ الْقُسْطُ الْأَبْيَضُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ صِنْفَيْنِ وَنَصَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْبَحْرِيَّ أَفْضَلُ مِنَ الْهِنْدِيِّ وَهُوَ أَقَلُّ حَرَارَةً مِنْهُ وَقِيلَ هُمَا حَارَّانِ يَابِسَانِ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ وَالْهِنْدِيُّ أَشَدُّ حَرًّا فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ من الحرارة وقال بن سنيا الْقُسْطُ حَارٌّ فِي الثَّالِثَةِ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذِهِ الْمَنَافِعِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْقُسْطِ
.....
231
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَفِي الْحَيَّاتِ نَوْعٌ يُسَمَّى النَّاظِرُ إِذَا وَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى عين انسان
مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
....
انتهى المجلد الرابع عشر ويليه الخامس عشر
حسن المطروشى الاثرى
2023-01-28, 07:51 PM
المجلد الخامس عشر
المجلد الخامس عشر
(15/15
(مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِير ِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ النردشير هو النرد فالنرد عجمي معرب وشير مَعْنَاهُ حُلْوٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ وَأَمَّا الشِّطْرَنْجُ فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ حَرَامٌ قَالَ مَالِكٌ هُوَ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ وَأَلْهَى عَنِ الْخَيْرِ وَقَاسُوهُ عَلَى النَّرْدِ وَأَصْحَابُنَا يَمْنَعُونَ الْقِيَاسَ
وَيَقُولُونَ هُوَ دُونَهُ وَمَعْنَى صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَدَمِهِ فِي حَالِ أَكْلِهِ مِنْهُمَا وَهُوَ تَشْبِيهٌ لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلِهِمَا
.....
15/21
رِوَايَةٍ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ فَحَصَلَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْمَشْهُورُ ستة وأربعين والثانية خمسة وأربعين والثالثة سبعين جزءا وفي غير مسلم من رواية بن عَبَّاسٍ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَفِي رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ مِنْ خَمْسِينَ ومن رواية بن عمر سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَمِنْ رِوَايَةِ عُبَادَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ قَالَ الْقَاضِي أَشَارَ الطَّبَرِيُّ إِلَى أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ رَاجِعٌ إِلَى اخْتِلَافِ حَالِ الرَّائِي فَالْمُؤْمِنُ الصَّالِحُ تَكُونُ رُؤْيَاهُ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا وَالْفَاسِقُ جُزْءًا مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ الْخَفِيَّ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ وَالْجَلِيُّ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوحَى إِلَيْهِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنْهَا عَشْرُ سِنِينَ بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَرَى فِي الْمَنَامِ الْوَحْيَ وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ لِلْمَنَامَاتِ شَبَهًا مِمَّا حَصَلَ لَهُ وَمَيَّزَ بِهِ من النبوة بجزء من ستة وأربعين قَالَ وَقَدْ قَدَحَ بَعْضُهُمْ فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَمَدَ رُؤْيَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَبِأَنَّهُ رَأَى بَعْدَ النُّبُوَّةِ مَنَامَاتٍ كَثِيرَةً فَلْتُضَمَّ إِلَى الأشهر الستة وحينئذ تَتَغَيَّرُ النِّسْبَةُ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمَنَامَاتِ الْمَوْجُودَةَ بَعْدَ الْوَحْيِ بِأَرْسَالِ الْمَلَكِ مُنْغَمِرَةٌ فِي الْوَحْيِ فَلَمْ تُحْسَبْ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَنَامَ فِيهِ إِخْبَارُ الْغَيْبِ وَهُوَ إِحْدَى ثَمَرَاتِ النُّبُوَّةِ وَهُوَ لَيْسَ فِي حَدِّ النُّبُوَّةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيًّا لِيُشَرِّعَ الشَّرَائِعَ وَيُبَيِّنَ الْأَحْكَامَ وَلَا يُخْبِرُ بِغَيْبٍ أَبَدًا وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي نُبُوَّتِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي مَقْصُودِهَا وهذا الجزء من النبوة وهو الاخبار بالغيب اذا وقع لا يكون الا صدقا والله أعلم
......
15/25
الَ الْقَاضِي وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَنَامِ وَصِحَّتِهَا وَإِنْ رَآهُ الْإِنْسَانُ عَلَى صِفَةٍ لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَرْئِيَّ غَيْرُ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إِذْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التَّجَسُّمُ وَلَا اخْتِلَافُ الْأَحْوَالِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال بن الْبَاقِلَّانِي ِّ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَنَامِ خَوَاطِرُ في القلب وهي دلالات للرأي عَلَى أُمُورٍ مِمَّا كَانَ أَوْ يَكُونُ كَسَائِرِ المرئيات
.....
30
ي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَأَمَّا يَثْرِبُ فَهُوَ اسْمُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَسَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى المدينة وَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَيْبَةَ وَطَابَةَ
.....
جَاءَ فِي حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهَا يَثْرِبَ لِكَرَاهَةِ لَفْظِ التَّثْرِيبِ وَلِأَنَّهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَسَمَّاهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَثْرِبَ فَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ وَقِيلَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ
.....
15/52
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحَادِيثُ الْحَوْضِ صَحِيحَةٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ فَرْضٌ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا يُتَأَوَّلُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي وَحَدِيثُهُ مُتَوَاتِرُ النَّقْلِ رَوَاهُ خَلَائِقُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَعُقْبَةَ بن عامر وبن مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَحَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ وَالْمُسْتَوْرِ دِ وَأَبِي ذَرٍّ وَثَوْبَانَ وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَرَوَاهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بن زيد وأبي برزة وسويد بن حبلة وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصُّنَابِحِيِّ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَخَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَغَيْرِهِمْ قُلْتُ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ غَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَائِذِ بْنِ عُمَرَ وَآخَرِينَ وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ الْمُتَكَاثِرَا تِ قَالَ الْقَاضِي وَفِي بَعْضِ هَذَا مَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْحَدِيثِ مُتَوَاتِرًا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[٢٢٨٩] (أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ)
.......
15/58
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ عَرْضِ الْحَوْضِ لَيْسَ مُوجِبًا لِلِاضْطِرَابِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ بَلْ فِي أَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةِ الرُّوَاةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ سَمِعُوهَا فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ ضَرَبَهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَثَلًا لِبُعْدِ أَقْطَارِ الْحَوْضِ وَسَعَتِهِ وَقَرَّبَ ذَلِكَ مِنَ الْأَفْهَامِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ لَا عَلَى التَّقْدِيرِ الْمَوْضُوعِ لِلتَّحْدِيدِ بَلْ لِلْإِعْلَامِ بِعِظَمِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ فَبِهَذَا تُجْمَعُ الرِّوَايَاتُ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَلَيْسَ فِي الْقَلِيلِ مِنْ هَذِهِ مَنْعُ الْكَثِيرِ وَالْكَثِيرُ ثَابِتٌ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَا مُعَارَضَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
66
رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ شِمَالِهِ يَوْمَ أُحُدٍ رجلين عليهما ثياب بياض ما رأيتهما قَبْلُ وَلَا بَعْدُ يَعْنِي جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ يُقَاتِلَانِ عَنْهُ كَأَشَدِّ الْقِتَالِ فِيهِ بَيَانُ كَرَامَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِكْرَامِهِ إِيَّاهُ بِإِنْزَالِ الْمَلَائِكَةِ تُقَاتِلُ مَعَهُ وَبَيَانُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُقَاتِلُ وَأَنَّ قِتَالَهُمْ لَمْ يَخْتَصَّ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَهَذَا هو الصواب خلافا لمن زعم اختصاص فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الثِّيَابِ الْبِيضِ وَأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَلَائِكَةِ لَا تَخْتَصُّ بِالْأَنْبِيَاء ِ بَلْ يَرَاهُمُ الصَّحَابَةُ وَالْأَوْلِيَاء ُ وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الَّذِي رَأَى الْمَلَائِكَةَ والله أعلم
.....
69
وَوَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ هَذَا الْفَرَسِ مَنْدُوبًا قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ كَانَ فِي أَفْرَاسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْدُوبٌ فَلَعَلَّهُ صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَبِي طَلْحَةَ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا فرسان اتفقا في الاسم
....
79
(كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الذِّكْرِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَمُلَازَمَةُ مَجْلِسِهَا مَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ قَالَ الْقَاضِي هَذِهِ سُنَّةٌ كَانَ السَّلَفُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَفْعَلُونَهَا وَيَقْتَصِرُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَفِيهِ جَوَازُ الْحَدِيثِ بِأَخْبَارِ الْجَاهِلِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ وَجَوَازُ الضَّحِكِ وَالْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّبَسُّمِ كَمَا فَعَلَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في عَامَّةِ أَوْقَاتِهِ قَالُوا وَيُكْرَهُ إِكْثَارُ الضَّحِكِ وَهُوَ فِي أَهْلِ الْمَرَاتِبِ وَالْعِلْمِ أَقْبَحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
80
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِتَسْمِيَتِهِن َّ قَوَارِيرَ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي وَآخَرِينَ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْهَرَوِيُّ وَصَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَآخَرُونَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ أَنْجَشَةُ كَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ وَكَانَ يَحْدُو بِهِنَّ وَيُنْشِدُ شَيْئًا مِنَ الْقَرِيضِ وَالرَّجَزِ وَمَا فِيهِ تَشْبِيبٌ فَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَفْتِنَهُنَّ وَيَقَعَ فِي قُلُوبِهِنَّ حِدَاؤُهُ فَأَمَرَهُ بِالْكَفِّ عَنْ ذَلِكَ وَمَنْ أَمْثَالِهِمُ الْمَشْهُورَةِ الغنارقية الزنى قَالَ الْقَاضِي هَذَا أَشْبَهُ بِمَقْصُودِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمُقْتَضَى اللَّفْظِ قَالَ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَبِي قِلَابَةَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرِّفْقُ فِي السَّيْرِ لِأَنَّ الْإِبِلَ إِذَا سَمِعَتِ الْحُدَاءَ أَسْرَعَتْ فِي الْمَشْيِ وَاسْتَلَذَّتْه ُ فَأَزْعَجَتِ الرَّاكِبَ وَأَتْعَبَتْهُ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النِّسَاءَ يَضْعُفْنَ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَرَكَةِ وَيُخَافُ ضَرَرُهُنَّ وسقوطهن وأما وَيْحَكَ فَهَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ وَوَقَعَ فِي غَيْرِهِ وَيْلَكَ قَالَ الْقَاضِي قَالَ سِيبَوَيْهِ وَيْلٌ كلمة تقال لمن وقع في هلكة وويح زَجْرٌ لِمَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْوُقُوعِ فِي هَلَكَةٍ وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَيْلٌ وَوَيْحٌ وَوَيْسٌ بِمَعْنًى وَقِيلَ وَيْحٌ كَلِمَةٌ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا يَعْنِي فِي عُرْفِنَا فَيَرْثِي لَهُ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَوَيْلٌ ضِدُّهُ قَالَ الْقَاضِي قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ لَا يُرَادُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ حَقِيقَةُ الدُّعَاءِ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْمَدْحُ وَالتَّعَجُّبُ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جَوَازُ الْحُدَاءِ
.......
104
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَحْوَذِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَلْفَ اسْمٍ وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَ اسْمٍ أَيْضًا ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهَا عَلَى التَّفْصِيلِ بِضْعًا وَسِتِّينَ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ رَجُلٌ مُحَمَّدٌ وَمَحْمُودٌ إِذَا كَثُرَتْ خِصَالُهُ الْمَحْمُودَةُ وقال بن فَارِسٍ وَغَيْرُهُ وَبِهِ سُمِّيَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا وَأَحْمَدَ أَيْ أَلْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَهُ أَنْ سَمَّوْهُ بِهِ لِمَا عُلِمَ مِنْ جَمِيلِ صِفَاتِهِ
.....
حسن المطروشى الاثرى
2023-01-30, 08:39 PM
المجلد الخامس عشر
15/122
(اختتن ابراهيم النبي وهو بن ثَمَانِينَ سَنَةٍ بِالْقَدُومِ) رُوَاةُ مُسْلِمٍ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَخْفِيفِ الْقَدُومِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ الْخِلَافُ فِي تَشْدِيدِهِ وَتَخْفِيفِهِ قَالُوا وَآلَةُ النَّجَّارِ يُقَالُ لَهَا قَدُومٌ بِالتَّخْفِيفِ لَا غَيْرُ وَأَمَّا الْقَدُومُ مَكَانٌ بِالشَّامِّ فَفِيهِ التَّخْفِيفُ فَمَنْ رَوَاهُ بِالتَّشْدِيدِ اراد القرية ومن رواه بالتخفيف يحتمل الْقَرْيَةُ وَالْآلَةُ وَالْأَكْثَرُون َ عَلَى التَّخْفِيفِ وَعَلَى إِرَادَةِ الآلة وهذا الذي وقع هنا وهو بن ثمانين سنة هوالصحيح ووقع في الموطأ وهو بن مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وهو متأول اومردود
.....
125
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ) قَالَ كَثِيرُونَ الْمُرَادُ بِبَنِي مَاءِ السَّمَاءِ الْعَرَبُ كُلُّهُمْ لِخُلُوصِ نَسَبِهِمْ وَصَفَائِهِ وَقِيلَ لان اكثرهم اصحاب مواش وَعَيْشَهُمْ مِنَ الْمَرْعَى وَالْخِصْبِ وَمَا يَنْبُتُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَقَالَ الْقَاضِي الْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ خَاصَّةً وَنِسْبَتُهُمْ إِلَى جَدِّهِمْ عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْأَدَدِ وَكَانَ يُعْرَفُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِذَلِكَ وَالْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ مِنْ وَلَدِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عامر
.....126
126
جَوَازُ الْغُسْلِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةٍ وَإِنْ كَانَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ أَفْضَلَ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ومالك وجماهير العلماء وخالفهم بن أَبِي لَيْلَى وَقَالَ إِنَّ لِلْمَاءِ سَاكِنًا وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ
.....
128
ال الشيخ ابو عمر بْنُ الصَّلَاحِ هُوَ حَيٌّ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالْعَامَّةُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ وَإِنَّمَا شَذَّ بِإِنْكَارِهِ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ قَالَ الْحِبْرِيُّ الْمُفَسِّرُ وَأَبُو عَمْرٍو هُوَ نَبِيٌّ وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ مُرْسَلًا وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ وَكَثِيرُونَ هُوَ وَلِيٌّ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا نَبِيٌّ وَالثَّانِي وَلِيٌّ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَهَذَا غَرِيبٌ بَاطِلٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْخَضِرِ هَلْ هُوَ نَبِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ قَالَ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِنُبُوَّتِهِ بِقَوْلِهِ وَمَا فَعَلْتُهُ عن امري فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ نَبِيٌّ أُوحِيَ إِلَيْهِ وَبِأَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْ مُوسَى وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ وَلِيٌّ أَعْلَمَ مِنْ نَبِيٍّ وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ أَنْ يَأْمُرَ الْخَضِرَ بِذَلِكَ وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ الْمُفَسِّرُ الْخَضِرُ نَبِيٌّ مُعَمَّرٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ مَحْجُوبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ يَعْنِي عَنْ أَبْصَارِ أَكْثَرِ النَّاسِ قَالَ وَقِيلَ إِنَّهُ لَا يَمُوتُ إِلَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ حِينَ يُرْفَعُ الْقُرْآنُ وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي أَنَّ الْخَضِرَ كَانَ مِنْ زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ أَمْ بِكَثِيرٍ كُنْيَةُ الْخَضِرِ أَبُو الْعَبَّاسِ وَاسْمُهُ بَلْيَا بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ لَامٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تحت بن مَلْكَانَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَقِيلَ كَلْيَانَ قال بن قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ اسْمُ الْخَضِرِ بَلْيَا بْنُ مَلْكَانَ بْنِ فَالِغَ بْنِ عَابِرَ بْنِ شالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ قَالُوا وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الْمُلُوكِ وَاخْتَلَفُوا فِي لَقَبِهِ الْخَضِرِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَصَارَتْ خَضْرَاءَ وَالْفَرْوَةُ وَجْهُ الْأَرْضِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ فَقَدْ صَحَّ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرُ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ وَبَسَطْتُ أَحْوَالَهُ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
....
144
قَالَ أَصْحَابُنَا فِيهِ اسْتِحْبَابُ ابْتِدَاءِ الْإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ فِي الدُّعَاءِ وَشِبْهِهِ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ وَأَمَّا حُظُوظُ الدُّنْيَا فَالْأَدَبُ فِيهَا الْإِيثَارُ وَتَقْدِيمُ غَيْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِابْتِدَاءِ فِي عُنْوَانِ الْكِتَابِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَجَاءَ بِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَيُقَالُ مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ وَمِنْهُ حَدِيثُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَيَقُولُ إِلَى فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ قَالُوا إِلَّا أَنْ يَكْتُبَ الْأَمِيرُ إِلَى مَنْ دُونَهُ أَوِ السَّيِّدُ إِلَى عَبْدِهِ أَوِ الْوَالِدُ إِلَى وَلَدِهِ وَنَحْوُ هَذَا
.....
155
للَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِنَّ عُمَرَ بن الخطاب منهم
نْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتَلَفَ تَفْسِيرُ الْعُلَمَاءِ لِلْمُرَادِ بِمُحَدَّثُونَ فَقَالَ بن وَهْبٍ مُلْهَمُونَ وَقِيلَ مُصِيبُونَ
قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَفِي الْحِجَابِ وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ)
حسن المطروشى الاثرى
2023-01-31, 09:55 PM
15/193
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مُعَانَقَةِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ فَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَقَالَ هِيَ بِدْعَةٌ وَاسْتَحَبَّهَا سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُو نَ وَتَنَاظَرَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَاحْتَجَّ سُفْيَانُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ بِجَعْفَرٍ حِينَ قَدِمَ فَقَالَ مَالِكٌ هُوَ خَاصٌّ بِهِ فَقَالَ سُفْيَانُ مَا يَخُصُّهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ فَسَكَتَ مَالِكٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَسُكُوتُ مَالِكٍ دَلِيلٌ لِتَسْلِيمِهِ قَوْلَ سُفْيَانَ وَمُوَافَقَتِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ للتخصيص
انتهى المجلد الخامس عشر ويليه المجلد السادس عشر
حسن المطروشى الاثرى
2023-02-03, 08:42 PM
قوله
16/20
المجلد السادس عشر
جَوَازُ ذِكْرِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِالْفَضِيلَةِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِهِ لِلْحَاجَةِ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ فَإِنَّمَا هُوَ لِمَنْ زَكَّاهَا وَمَدَحَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ بَلْ لِلْفَخْرِ وَالْإِعْجَابِ وَقَدْ كَثُرَتْ
تَزْكِيَةُ النَّفْسِ مِنَ الْأَمَاثِلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَدَفْعِ شَرٍّ عَنْهُ بِذَلِكَ أَوْ تَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ لِلنَّاسِ أَوْ تَرْغِيبٍ فِي أَخْذِ الْعِلْمِ عَنْهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَمِنَ الْمَصْلَحَةِ قَوْلُ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إني حفيظ عليم وَمِنْ دَفْعِ الشَّرِّ قَوْلُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي وَقْتِ حِصَارِهِ أَنَّهُ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ وَحَفَرَ بِئْرَ رُومَةَ وَمِنَ التَّرْغِيبِ قَوْلُ بن مَسْعُودٍ هَذَا وَقَوْلُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي وَقَوْلُ غَيْرِهِ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ وَأَشْبَاهُهُ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَالذَّهَابِ إِلَى الْفُضَلَاءِ حَيْثُ كَانُوا وَفِيهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُنْكِرُوا قَوْلَ بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ أَعْلَمُهُمْ وَالْمُرَادُ أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ بِالسُّنَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ يَكُونُ وَاحِدٌ أَعْلَمُ مِنْ آخَرَ بِبَابٍ مِنَ الْعِلْمِ أَوْ بِنَوْعٍ وَالْآخَرُ أَعْلَمُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَقَدْ يَكُونُ وَاحِدٌ أَعْلَمُ مِنْ آخَرَ وَذَاكَ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ بِزِيَادَةِ تَقْوَاهُ وَخَشْيَتِهِ وَوَرَعِهِ وَزُهْدِهِ وَطَهَارَةِ قَلْبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ الْأَرْبَعَةَ كل منهم أفضل من بن مَسْعُودٍ
.....
16/41
ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ دَفَنَ مِنْ أَوْلَادِهِ قَبْلَ مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ بْنِ يوسف مائة وعشرين والله اعلم
.....
45
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ عَاشَ هُوَ وَآبَاؤُهُ الثَّلَاثَةُ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً وَعَاشَ حَسَّانُ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ
.....
200/16
الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونِهَا الْأَسْتَارُ اختص اللَّهُ بِهِ وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُولِ الْخَلْقِ وَمَعَارِفِهِمْ لِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَوَاجِبُنَا أَنْ نَقِفَ حَيْثُ حَدَّ لَنَا وَلَا نَتَجَاوَزَهُ وَقَدْ طَوَى اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَلَى الْعَالَمِ فَلَمْ يعلمه نبي مرسل ولاملك مُقَرَّبٌ وَقِيلَ إِنَّ سِرَّ الْقَدَرِ يَنْكَشِفُ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَلَا يَنْكَشِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
,,,,,
16/218
اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ وَالْأُصُولِيُّ ونَ وَغَيْرُهُمْ فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِه ِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى إِذَا لَمْ يَرِدْ تَوْقِيفٌ فِي تَفْسِيرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَتَنَاسُبُ اللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعِ وَلَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُتَشَابِهُ الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ وَالْمُحْكَمُ مَا سِوَاهُ وَلَا قَوْلُهُمْ الْمُحْكَمُ مَا يَعْرِفُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَالْمُتَشَابِه ُ مَا انْفَرَدَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ وَلَا قَوْلُهُمْ الْمُحْكَمُ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالْمُتَشَابِه ُ الْقَصَصُ وَالْأَمْثَالُ فَهَذَا أَبْعَدُ الْأَقْوَالِ قَالَ بَلِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمُحْكَمَ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمَكْشُوفُ الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ إِشْكَالٌ وَاحْتِمَالٌ وَالْمُتَشَابِه ُ مَا يَتَعَارَضُ فِيهِ الِاحْتِمَالِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُحْكَمَ مَا انْتَظَمَ تَرْتِيبُهُ مُفِيدًا إِمَّا ظَاهِرًا وَإِمَّا بِتَأْوِيلٍ وَأَمَّا الْمُتَشَابِهِ فَالْأَسْمَاءُ الْمُشْتَرَكَةُ كَاَلْقُرْءِ وكالذي بيده عقدة النكاح وكاللمس فَالْأَوَّلُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالثَّانِي
بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَالثَّالِثُ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْمَسِّ باليد ونحوها قال ويطلق على ماورد فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا يُوهِمُ ظَاهِرُهُ الْجِهَةَ وَالتَّشْبِيهَ وَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هَلْ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ وَتَكُونُ الْوَاوُ فِي وَالرَّاسِخُونَ عَاطِفَةً أَمْ لَا وَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ الا الله ثُمَّ يَبْتَدِئُ قَوْلَهُ تَعَالَى وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يقولون آمنا به وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ مُحْتَمَلٌ وَاخْتَارَهُ طَوَائِفُ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَأَنَّ الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَهُ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُخَاطِبَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِمَا لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَقَدْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا لَا يُفِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
.....
انتهى المجلد السادس عشر ويليه السابع عشر
حسن المطروشى الاثرى
2023-02-10, 11:12 PM
المجلد السابع عشر
(17/5)
قَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ اسْمُهُ الْأَعْظَمُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ كُلُّ اسم له فيقال الرؤف وَالْكَرِيمُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُقَالُ من أسماء الرؤف أَوِ الْكَرِيمِ اللَّهُ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ حَصْرٌ لِأَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَسْمَاءٌ غَيْرَ هَذِهِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ وَإِنَّمَا مَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ فَالْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِإِحْصَائِهَا لَا الْإِخْبَارِ بِحَصْرِ الْأَسْمَاءِ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَسْأَلُكَ بِكُلٍّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نفسك أواستأثرت بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى أَلِفُ اسْمٍ قال بن الْعَرَبِيِّ وَهَذَا قَلِيلٌ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
.....
17/15
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ضَرْبَانِ ذِكْرٌ بِالْقَلْبِ وَذِكْرٌ بِاللِّسَانِ وَذِكْرُ الْقَلْبِ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ أَرْفَعُ الْأَذْكَارِ وَأَجَلُّهَا الْفِكْرُ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَلَالِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَمَلَكُوتِهِ وَآيَاتِهِ فِي سمواته وَأَرْضِهِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ هَذَا وَالثَّانِي ذِكْرُهُ بِالْقَلْبِ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَيَمْتَثِلُ مَا أُمِرَ بِهِ وَيَتْرُكُ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَيَقِفُ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَأَمَّا ذكر اللسان مجردا فهو أضعف الأ ذكار وَلَكِنْ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الأحاديث قال وذكر بن جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ اخْتِلَافَ السَّلَفِ فِي ذِكْرِ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ الْقَاضِي وَالْخِلَافُ عِنْدِي إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي مُجَرَّدِ ذِكْرِ الْقَلْبِ تَسْبِيحًا وَتَهْلِيلًا وَشِبْهَهُمَا وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُهُمْ لَا أَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الذِّكْرِ الْخَفِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ والا فذل
لايقاربه ذكر اللسان فكيف يفاضله وانما الخلاف فى ذِكْرُ الْقَلْبِ بِالتَّسْبِيحِ الْمُجَرَّدِ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ اللِّسَانِ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ فَإِنْ كَانَ لَاهِيًا فَلَا وَاحْتَجَّ مَنْ رَجَّحَ ذِكْرَ الْقَلْبِ بِأَنَّ عمل السر أفضل ومن رجح ذكر اللِّسَانَ قَالَ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهِ أَكْثَرُ فَإِنْ زَادَ بِاسْتِعْمَالِ اللِّسَانِ اقْتَضَى زِيَادَةَ أَجْرٍ قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَكْتُبُ الْمَلَائِكَةُ ذِكْرَ الْقَلْبِ فقيل تكتبه وَيَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ عَلَامَةً يَعْرِفُونَهُ بِهَا وقيل لا يكتبونه لأنه لايطلع عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ قُلْتُ الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَهُ وَأَنَّ ذِكْرَ اللِّسَانِ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنَ الْقَلْبِ وَحْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَ
......
17/ 27
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِالْحَوْقَلَةِ وَالْحَوْلَقَةِ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الْأَزْهَرِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ وَيُقَالُ أَيْضًا لَا حَيْلَ وَلَا قُوَّةَ فى لغة غريبة حكاها الجوهرى وغيره
.....
17/80
(إِنَّ الحسنات يذهبن السيئات) إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْحَسَنَاتِ تُكَفِّرُ السَّيِّئَاتِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْحَسَنَاتِ هُنَا فَنَقَلَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا الصلوات الخمس واختاره بن جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ هِيَ قَوْلُ الْعَبْدِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ المراد الحسنات مطلقا
.....
17/90
اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَبَا خَيْثَمَةَ وَأَبُو خَيْثَمَةَ هَذَا اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَيْثَمَةَ وَقِيلَ مالك بْنُ قَيْسٍ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يُكْنَى أَبَا خَيْثَمَةَ إِلَّا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ الْجُعْفِى
....
142
وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمِ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ لِمُضَرَ وَفِي الْبُخَارِيِّ اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ قَالَ الْقَاضِي قَالَ بَعْضُهُمْ اسْتَسْقِ هو الصواب اللائق بالحال لأنهم كفار لايدعى لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ قُلْتُ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَمَعْنَى اسْتَسْقِ اُطْلُبْ لَهُمُ الْمَطَرَ وَالسُّقْيَا وَمَعْنَى اسْتَغْفِرْ ادْعُ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الِاسْتِغْفَارُ
....
146
قال صلى الله عليه وسلم (لاأحد أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ الْوَلَدُ ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَاسِعُ الْحِلْمِ حَتَّى عَلَى الْكَافِرِ الذى يكسب إِلَيْهِ الْوَلَدَ وَالنِّدَّ قَالَ الْمَازِرِيُّ حَقِيقَةُ الصَّبْرِ مَنْعُ النَّفْسِ مِنَ الِانْتِقَامِ أَوْ غَيْرِهِ فَالصَّبْرُ نَتِيجَةُ الِامْتِنَاعِ فَأُطْلِقَ اسْمُ الصَّبْرِ عَلَى الِامْتِنَاعِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَالصَّبُورُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي لَا يُعَاجِلُ الْعُصَاةَ بِالِانْتِقَامِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْحَلِيمِ فِي أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْحَلِيمُ هُوَ الصَّفُوحُ مع القدرةعلى الانتقام)
........
160
مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ تَعَالَى اللَّهُ بَلِ الْعَالَمُ مُلْكُهُ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ فِي سُلْطَانِهِ يَفْعَلُ فيهما ما يشاء فلوا عَذَّبَ الْمُطِيعِينَ وَالصَّالِحِينَ أَجْمَعِينَ وَأَدْخَلَهُمُ النَّارَ كَانَ عَدْلًا مِنْهُ وَإِذَا أَكْرَمَهُمْ وَنَعَّمَهُمْ وَأَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ فَهُوَ فَضْلٌ مِنْهُ وَلَوْ نَعَّمَ الْكَافِرِينَ وَأَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ أَخْبَرَ وَخَبَرُهُ صِدْقٌ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ هَذَا بَلْ يَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ وَيُعَذِّبُ الْمُنَافِقِينَ وَيُخَلِّدُهُمْ فى النار عدلامنه وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَيُثْبِتُونَ الْأَحْكَامَ بِالْعَقْلِ وَيُوجِبُونَ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ وَيُوجِبُونَ الْأَصْلَحَ وَيَمْنَعُونَ خِلَافَ هَذَا فِي خَبْطٍ طَوِيلٍ لَهُمْ تَعَالَى اللَّهُ عَنِ اخْتِرَاعَاتِهِ مُ الْبَاطِلَةِ الْمُنَابِذَةِ لِنُصُوصِ الشَّرْعِ وَفِي ظَاهِرِ هَذِهِ الأحاديث دلالة لأهل الحق أنه لايستحق أَحَدٌ الثَّوَابَ وَالْجَنَّةَ بِطَاعَتِهِ
.....
176
وْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ سَيْحَانَ وَجَيْحَانَ غَيْرُ سَيْحُونَ وَجَيْحُونَ فَأَمَّا سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ الْمَذْكُورَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اللَّذَانِ هُمَا مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فِي بِلَادِ الأرمن فجيحان نهر المصيصة وسيحان نهر إذنه وَهُمَا نَهْرَانِ عَظِيمَانِ جِدًّا أَكْبَرْهُمَا جَيْحَانُ فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي مَوْضِعِهِمَا وَأَمَّا قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ فى صحاحه جيحان نهر بالشام فَغَلَطٌ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَجَازَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بِبِلَادِ الْأَرْمَنِ وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ لِلشَّامِ قَالَ الْحَازِمِيُّ سَيْحَانُ نَهْرٌ عِنْدَ الْمُصَيِّصَةِ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ سَيْحُونَ وَقَالَ صَاحِبُ نِهَايَةِ الْغَرِيبِ سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ نَهْرَانُ بِالْعَوَاصِمِ عِنْدَ الْمُصَيِّصَةِ وَطُرْسُوسُ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ جَيْحُونَ بِالْوَاوِ نَهْرٌ وَرَاءَ خُرَاسَانَ عِنْدَ بَلْخٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَيْحَانَ وَكَذَلِكَ سَيْحُونُ غَيْرُ سَيْحَانَ وَأَمَّا قَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضُ هَذِهِ الْأَنْهَارُ الْأَرْبَعَةُ أَكْبَرُ أَنْهَارِ بلاد الاسلام
.....
181
أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ سَوَادُ الناس وعامتهم من أهل الايمان الذين لايفطنون لِلسُّنَّةِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمِ الْفِتْنَةُ أَوْ يُدْخِلُهُمْ فِي البدعة أو غيرها فهم ثابتوا الايمان وصحيحوا الْعَقَائِدِ وَهُمْ أَكْثَرُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَمَّا الْعَارِفُونَ وَالْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ وَالصَّالِحُونَ الْمُتَعَبِّدُو نَ فَهُمْ قَلِيلُونَ وَهُمْ أَصْحَابُ الدَّرَجَاتِ قَالَ وَقِيلَ مَعْنَى الضُّعَفَاءِ هُنَا وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَهْلُ الْجَنَّةُ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ أَنَّهُ الْخَاضِعُ لِلَّهِ تَعَالَى الْمُذِلُّ نَفْسَهُ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ضِدُّ المتجبر المستكبر
......
183
لرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا يَضَعُ اللَّهُ فِيهَا رِجْلَهُ فَقَدْ زَعَمَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنِ فَوْرَكَ أَنَّهَا غَيْرُ ثَابِتَةٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَلَكِنْ قَدْ رَوَاهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَتَأْوِيلُهَا كَمَا سَبَقَ فِي الْقَدَمِ وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُرَادَ بِالرِّجْلِ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ كَمَا يُقَالُ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْهُ قَالَ الْقَاضِي أَظْهَرُ التَّأْوِيلَاتِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَحَقُّوهَا وَخُلِقُوا لَهَا قَالُوا ولابد مِنْ صَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ الْعَقْلِيِّ عَلَى اسْتِحَالَةِ الْجَارِحَةِ عَلَى اللَّهُ تَعَالَى
......
انتهى المجلد السابع عشر ويليه المجلد الثامن عشر
حسن المطروشى الاثرى
2023-02-14, 05:41 AM
المجلد الثامن عشر
(مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ أَرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ) أَمَّا الْقَفِيزُ فَمِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هو ثمانية مكاكيك والمكوك صاع ونصف وهوخمس كَيْلَجَاتٍ وَأَمَّا الْمُدْيُ فَبِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى وَزْنِ قُفْلِ وَهُوَ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ الشَّامِ قَالَ الْعُلَمَاءُ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَكُّوكًا وَأَمَّا الْإِرْدَبُّ فَمِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ مِصْرَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَآخَرُونَ يَسَعُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ صَاعًا وَفِي مَعْنَى مَنَعَتِ الْعِرَاقُ وَغَيْرِهَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ أَحَدُهُمَا لِإِسْلَامِهِمْ فَتَسْقُطُ عَنْهُمُ الْجِزْيَةُ وَهَذَا قَدْ وُجِدَ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَشْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَجَمَ وَالرُّومَ يَسْتَوْلُونَ عَلَى الْبِلَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيَمْنَعُونَ حُصُولَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا بَعْدَ هذا بورقات عن جابر قال يوشك أن لايجىء اليهم قفيز ولادرهم قُلْنَا مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ يَمْنَعُونَ ذَاكَ وَذَكَرَ فِي مَنْعِ الرُّومِ ذَلِكَ بِالشَّامِ مِثْلَهُ وَهَذَا قَدْ وُجِدَ فِي زَمَانِنَا فِي الْعِرَاقِ وَهُوَ الْآنَ مَوْجُودٌ وَقِيلَ لانهم يرتدون فى آخر الزمان فيمنعون مالزمهم مِنَ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ تَقْوَى
.....
18/58
وَيَقْتُلُهُ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجَمِيعِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ وَأَبْطَلَ أَمْرَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْجَهْمِيَّة ِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَخِلَافًا لِلْبُخَارِيِّ الْمُعْتَزِلِيِ ّ وَمُوَافِقِيهِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي أَنَّهُ صَحِيحُ الْوُجُودِ وَلَكِنَّ الذى يدعى مخارف وخيالات لاحقائق لَهَا وَزَعَمُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَمْ يَوْثُقْ بِمُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ جَمِيعِهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ النبوة)
.....
..............
18/128
قِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ الْخِدَاعَ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي بِكَسْرِ الْغَيْنِ عَلَى النَّهْيِ أَنْ يُؤْتَى مِنْ جِهَةِ الْغَفْلَةِ قَالَ وَسَبَبُ الْحَدِيثِ مَعْرُوفٌ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أسر أبا غرة الشاعر يوم بدر فمن عليه وعاهده أن لايحرض عليه ولايهجوه وَأَطْلَقَهُ فَلَحِقَ بِقَوْمِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى التَّحْرِيضِ وَالْهِجَاءِ ثُمَّ أَسَرَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَسَأَلَهُ الْمَنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ لايلدغ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ وَهَذَا السَّبَبُ يُضَعِّفُ الْوَجْهَ الثَّانِي وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ نَالَهُ الضَّرَرُ مِنْ جِهَةٍ أَنْ يَتَجَنَّبَهَا لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا ثانية
.....
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
" تم في يوم الثلاثاء الموافق 23/ رجب / ختم وتلخيص شرح مسلم للنووي
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.