المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحب لطالب العلم بياض الثياب ووقاره



احمد ابو انس
2021-06-06, 06:21 PM
ولذا كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: (أحب لطالب العلم بياض الثياب ووقاره).

ما صحة هذا الأثر؟

عبد الرحمن هاشم بيومي
2021-06-08, 09:00 PM
هذا مذكور بالمعنى.
رواه مالك في الموطإ [1626] رواية الليثي، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: " إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَنْظُرَ إِلَى الْقَارِئِ أَبْيَضَ الثِّيَابِ ". اهـ.
الزرقاني (4: 338) أخرجه أبو مصعب الزهري، 1905 في الجامع؛ والحدثاني، 687 في الجامع، وسويد (687)، والقعنبي كما في الحلية كلهم عن مالك به.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (8/297) : " القارئ ها هنا الْعَابِدُ الزَّاهِدُ الْمُتَقَشِّفُ وَالْقُرَّاءُ عِنْدَهُمُ الْعُبَّادُ وَالْعُلَمَاءُ ". اهـ.
قال أبو الوليد الباجي في المنتقى شرح الموطأ (7/219) :
قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَنْظُرَ إلَى الْقَارِئِ أَبْيَضَ الثِّيَابِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ قَارِئَ الْقُرْآنِ الْمَعْرُوفَ بِذَلِكَ وَالْمَشْهُورَ بِهِ وَهُمْ كَانُوا أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فِي زَمَنِهِ فَكَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرْغَبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ صِفَتَهُمْ وَيَكُونَ هَذَا رَأْيَهُمْ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ لُبْسُ الْبَيَاضِ دُونَ لُبْسِ الْمُصَبَّغَاتِ مِنْ الْمُعَصْفَرِ الْمُشَبَّعِ وَغَيْرِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ» .

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ بِهِ نَقَاءَ ثِيَابِهِ وَسَلَامَتَهَا مِنْ الْوَضَرِ، وَأَنْ لَا تُدَنَّسَ أَلْوَانُ الثِّيَابِ وَيُغَيَّرَ بَيَاضُهَا؛ لِأَنَّ نَقَاءَ الثَّوْبِ مِنْ حُسْنِ الزِّيِّ وَدَلِيلٌ عَلَى تَوَقِّي لَابِسِهِ وَالْمُحَافَظَة ِ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْقَارِئِ الْعَابِدَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ يُتْقِنْ لَمْ يُحْسِنْ يَقْرَأُ يُرِيدُ وَلَمْ يَتَعَبَّدْ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَسْتَحْسِنْ لِلْعِبَادِ الْخُرُوجَ عَنْ حُسْنِ الزِّيِّ إلَى الْمَلْبَسِ الْمُسْتَخْشَنِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خُرُوجٌ عَنْ الْعَادَةِ وَمَدْخَلٌ فِيمَا يُشَوِّهُ.

وَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ لِرَجُلٍ تَنَسَّكَ فَلَبِسَ الصُّوفَ رَأَيْته نَسَكَ نُسُكًا أَعْجَمِيًّا فَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ عَادَةِ مِثْلِهِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ لِبَاسِ الصُّوفِ الْغَلِيظِ فَقَالَ لَا خَيْرَ فِي الشُّهْرَةِ، وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُهُ تَارَةً وَيَتْرُكُهُ تَارَةً لَرَجَوْت، وَلَا أُحِبُّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْتَهِرَ وَمِنْ غَلِيظِ الْقُطْنِ مَا هُوَ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ، وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَلْيُرَ عَلَيْك مَالُكَ، وَكَانَ عُمَرُ يَكْسُو الْحُلَلَ وَقَالَ عُمَرُ: أُحِبُّ أَنْ أَرَى الْقَارِئَ أَبْيَضَ الثِّيَابِ قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا لِمَنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَلَا أَكْرَهُهُ لَهُ وَاسْتَحْسَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ حُسْنَ الزِّيِّ وَالتَّجَمُّلَ بِالثِّيَابِ الْمُبَاحَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَشْرُوعٌ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» وَسَأَلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77] فَقَالَ أَنْ يَعِيشَ وَيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ غَيْرَ مُضَيِّقٍ عَلَيْهِ فِي رَأْيٍ، وَقَدْ شُرِعَ فِي الصَّلَاةِ التَّجَمُّلُ وَحُسْنُ الزِّيِّ وَالْهَيْئَةِ، وَمُنِعَ الِاحْتِزَامُ وَتَشْمِيرُ الْكُمَّيْنِ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِمَّا يُنَافِي زِيَّ الْوَقَارِ، وَكَذَلِكَ شُرِعَ فِي أَيَّامِ الْجُمَعِ التَّجَمُّلُ بِالْمَلْبَسِ وَالتَّطَيُّبُ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فَالْعَالِمُ مِمَّنْ يَجْتَمِعُ إلَيْهِ النَّاسُ وَيَرِدُونَ عَلَيْهِ فَشُرِعَ لَهُ التَّجَمُّلُ بِالْمَلْبَسِ دُونَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ عَادَةِ مِثْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وخرج الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد [585]، من طريق: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ الْخَلالُ، قال:
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ، نا جَدِّي، نا مُسَدَّدٌ، نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ شَدِيدَ بَيَاضِ الثِّيَابِ، طَيِّبَ الرِّيحِ ". اهـ.
قال الخطيب البغدادي:
" وَهَكَذَا كَانَ فِي أَصْلِ الْخِلالِ: ابْنُ حُبَيْشٍ بِالْحَاءِ الْمَضْمُومَةِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مَفْتُوحَةٌ مُعْجَمَةٌ بِوَاحِدَةٍ وَآخِرُ الْحُرُوفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ،
وَلَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ هَذَا الرَّجُلَ فِي تَارِيخِهِ، وَلا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِي ُّ، وَلا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِهِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ". اهـ.

احمد ابو انس
2021-06-08, 10:31 PM
جزاكم الله خيرا.

عبد الرحمن هاشم بيومي
2021-06-09, 09:12 AM
جزاكم الله خيرا.

وجزاكم الله خيرا

عبد الرحمن هاشم بيومي
2021-06-09, 09:59 AM
ومما يشهد لهذا الأثر ما خرجه البخاري في الأدب المفرد [476]، فقال:
حَدَّثَنَا صَدَقَةُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ : قَالَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ : جَابِرٌ أَوْ جُوَيْبِرٌ :
طَلَبْتُ حَاجَةً إِلَى عُمَرَ فِي خِلاَفَتِهِ ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيْلًا ، فَغَدَوْتُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ أُعْطِيتُ فِطْنَةً وَلِسَانًا ، أَوْ قَالَ : مِنْطَقًا ، فَأَخَذْتُ فِي الدُّنْيَا فَصَغَّرْتُهَا ، فَتَرَكْتُهَا لاَ تَسْوَى شَيْئًا ، وَإِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ أَبْيَضُ الشَّعْرِ أَبْيَضُ الثِّيَابِ ، فَقَالَ لَمَّا فَرَغْتُ : كُلُّ قَوْلِكَ كَانَ مُقَارِبًا ، إِلاَّ وَقُوعَكَ فِي الدُّنْيَا ، وَهَلْ تَدْرِي مَا الدُّنْيَا ؟ إِنَّ الدُّنْيَا فِيهَا بَلاَغُنَا ، أَوْ قَالَ : زَادُنَا ، إِلَى الْآخِرَةِ ، وَفِيهَا أَعْمَالُنَا الَّتِي نُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ ، قَالَ : فَأَخَذَ فِي الدُّنْيَا رَجُلٌ هُوَ أَعْلَمُ بِهَا مِنِّي ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي إِلَى جَنْبِكَ ؟ قَالَ : سَيِّدُ الْمُسلمين