مشاهدة النسخة كاملة : مرة أخرى الكلام عن حكم الزواج بالصغيرة وتزويجها.
شريف شلبي
2008-08-12, 10:27 AM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
سبق أن طرح هذا الموضوع في ضمن بعض المساجلات بهذا المنتدى الكريم ، وقد تمسك أكثر المشاركين بأن القول بجواز الزواج بالصغيرة ولو في المهد هو قول الجمهور 000ولم يعارضه الا القليل من الفقهاء الخ ، غير آبهين - أي المشاركين - بالبعد الواقعي الحالي وبتغير السلوك الانساني في بعض المجتمعات وغيرها مما ينبغي أن يكون له تأثير في الحكم .
والآن قرأت خبراً أريدكم أن تتدبروه وتتفكروا فيه ، وتنظروا هل هذا القول أي الجواز يؤدي الى ما يبتغيه الشرع من مجموع أحكامه وتشريعاته من حفظ الحقوق ومنع الظلم والقهر أم لا ؟
سعودي خمسيني يتزوج طفلة في الثامنة بالقصيم
القدس العربي 11/8/2008 : أقدم أب على تزويج ابنته، البالغة من العمر ثمانية أعوام، لرجل في العقد الخامس من عمره في منطقة القصيم، شمال الرياض. وقالت صحيفة 'عكاظ' امس الاثنين ان والدة الزوجة (الصغيرة) تقدمت بدعوى للمحكمة العامة بعنيزة مطالبة بفسخ عقد نكاح ابنتها مما أعاد للأذهان قضية زواج رجل سبعيني من فتاة في العاشرة من عمرها ما تزال تنظر في محكمة وادي بني هشبل بمنطقة عسير.
عبد الله ابن سفران
2008-08-12, 02:01 PM
قال البخاري في صحيحه 4739 : حدثنا معلى بن أسد حدثنا وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين قال هشام وأنبئت أنها كانت عنده تسع سنين .
أبو الفداء
2008-08-12, 08:31 PM
أخي شريف تقول:
"سعودي خمسيني يتزوج طفلة في الثامنة بالقصيم
القدس العربي 11/8/2008 : أقدم أب على تزويج ابنته، البالغة من العمر ثمانية أعوام، لرجل في العقد الخامس من عمره في منطقة القصيم، شمال الرياض. وقالت صحيفة 'عكاظ' امس الاثنين ان والدة الزوجة (الصغيرة) تقدمت بدعوى للمحكمة العامة بعنيزة مطالبة بفسخ عقد نكاح ابنتها مما أعاد للأذهان قضية زواج رجل سبعيني من فتاة في العاشرة من عمرها ما تزال تنظر في محكمة وادي بني هشبل بمنطقة عسير."
وقد قلت قبل نقل الخبر: "أريدكم أن تتدبروه وتتفكروا فيه ، وتنظروا هل هذا القول أي الجواز يؤدي الى ما يبتغيه الشرع من مجموع أحكامه وتشريعاته من حفظ الحقوق ومنع الظلم والقهر أم لا ؟"
فأخذت أتامل في الخبر من أوله الى آخره فلم أجد فيه ما يدل ولا حتى ما يوحي بأن الرجل "في العقد الخمس" هذا، وقع في ظلم أو قهر لتلك الفتاة الصغيرة!
فهل أنت متأكد من أن هذا هو الخبر الذي أردت نقله؟ أو هل أنت متأكد من أنه كامل غير منقوص؟
من الذي قال يا أخ شريف، أن مطلق تزوج الرجل الكبير من الفتاة الصغيرة هو في حد ذاته ظلم أو قهر كما تذكر، أو أنه فيما مضى لم يكن كذلك ثم أصبح اليوم ذلك بسبب تغير الواقع وغير ذلك مما تقول؟؟؟ هذه شبهة النصارى والعلمانيين وأعيذك بالله من أن تؤثر تلك الشبهة في أمثالك! تريد ان تقول أننا في زماننا هذا ليس للرجل الكبير منا أن يتزوج من فتاة صغيرة كهذه، ان تحققت فيه شروط الكفاءة وغلب الظن على المصلحة الدينية والدنيوية من تلك الزيجة له وللفتاة؟؟ هل تقول أنه يحسن منع ذلك وتغيير الفتوى فيه، منعا لأن يقع "الظلم والقهر" على الصغيرات؟؟؟ فما أشبه قولك هذا بالذي راح يحرم الختان لأننا في هذا الزمان لم نعد نعيش في نفس الظروف التي كان الختان فيها مستحبا!!
ألم يكن ذلك الاحتمال، احتمال وقوع ظلم وقهر للفتاة من زواجها من رجل في سن أبيها، موجودا كذلك في زمان الوحي والتشريع؟؟؟ ومع ذلك أبيح وفعله النبي عليه السلام واقتدى به صحابته والتابعون ومن تبعهم، ولا يزال احتمال وجود الظالم الباغي الذي يظلم الصغيرة قائما في زمانهم كما في زماننا، تماما كما أن احتمال ابتلاء المرأة الكبيرة بمثل هذا الظالم الباغي قائم أيضا في كل زمان!! فما الذي تغير حتى أصبح مطلق القول بمشروعية ذلك النكاح مما يجب اعادة النظر فيه؟؟؟
يا أخي اتق الله وتأمل في لوازم كلامك!
شريف شلبي
2008-08-13, 12:49 PM
أرجو من اخواني التركيز والاختصار فهو أيسر للفهم وأدق تحديداً لأوجه المعارضة
ومع ذلك أبيح وفعله النبي عليه السلام واقتدى به صحابته والتابعون ومن تبعهم
أولاً : النبي لا يقاس عليه غيره في هذا الأمر ، فمَن في خلقه وكماله والأمن من جوره وظلمه وأن تفضل امراةٌ عليه غيرَه 00الخ وهذه الواقعة يجوز أن تكون من خصوصياته كما أفاد بعض العلماء - ابن شبرمة - ويؤيده عدم انتشاره في العصر النبوي - وعلى المعترض اثبات عكسه ، كما أن خصوصيات النبي في أمر النكاح كثيرة ( جواز الزيادة عن اربع ، جواز نكاح الهبة )
ثانياً : النبي صلى الله عليه وسلم قال " لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ " رواه الشيخان ،
والاستئذان لا يعقل الا من المميزة أو البالغة ، وقد علق النبي صحة نكاحها على إذنها .
فهذا ارشاد من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، لا يعارض بفعله الخاص ، لا تنكح حتى تستأذن
أبو الفداء
2008-08-13, 03:02 PM
أخي شريف،
قولك بأن هذه خصوصية من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم هذا يا أخي هو ما يحتاج الى دليل، والا فقد نقل ابن المنذر رحمه الله الاجماع على جواز تزويج الصغيرة غير المميزة "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء"!
والله تعالى يقول: ((وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)) [الطلاق : 4]
فجعل للتي لم تحض عدة كالتي يئست من المحيض، فدل ذلك على جواز نكاحها وطلاقها وهي لم تحض!
ثم انه لو كان الأصل عند العرب في زمان الوحي أن ذلك التزويج للصغيرة فيه حرج من جهة كونها صغيرة لا تميز، لجاءنا نص على استنكار القوم لذلك الفعل منه صلى الله عليه وسلم، فقد عالج الشرع كل عمل كان في الجاهلية وكان يقع منه ظلم أو بغي أو نحو ذلك، وما ترك شيئا فيه شر لأمته الا وحذرهم منه صلى الله عليه وسلم ونص على منعه!
وقد علمنا كيف تحرج عليه السلام من الزواج من زينب بنت جحش رضي الله عنها لما أوحى الله به اليه، بسبب ما تحسبه - بأبي هو وأمي - من قول القوم في مثل ذلك! ولكن لما لم ينقل أي اعتراض منهم أو تحرج منه عليه السلام من عموم نكاح الصغيرة، دل على أنه كان مألوفا مقبولا لا اشكال فيه، فلو كان في اباحته لعامة المسلمين ما يكره في الشرع، أو لو كانت اباحته لعموم المسلمين من الظلم أو الجور أو كذا كما تقول، لجاء دليل واضح على أن النبي صلى الله عليه وسلم منع الأمة منه وخص نفسه به، صلى الله عليه وسلم، اذ لو كان كذلك لكانت الحاجة بل الضرورة تدعو الى وجود نهي منصوص عليه في تلك المسألة!
فكيف والنصوص تبيحه ونفيد بأنه في جملته ليس فيه حرج، طالما تحققت الكفاءة؟؟
ثم ان كنت تقصد أنه ظلمها من كونها لا تملك الخيار، فليس ظلما الا ممن يقع منه بذلك الأمر ظلم، من تخلف الكفاءة أو سوء الاختيار أو كذا.. والا فالطفل الصغير لا يدري أين مصلحته على أي حال، ونحن ما كنا نملك الخيار فيما فعله بنا آباؤنا في صغرنا مهما كان! ومعلوم أنها اذا ميزت ووجدت أنها تكره ذلك الزوج، فان لها أن تنخلع منه، فان أبى أن يخلعها، أجبره القاضي الشرعي! ثم يا أخي هذه طفلة صغيرة، لو أن ذلك الرجل الكبير جار عليها أو آذاها أو ظلمها أو أساء صحبتها، فانها لن تخفي مثل ذلك، وسيكون نفورها منه وصدودها عنه أكبر من أن يصبر عليه هو نفسه أو من يخفيه عن أعين الناس!! ولا يخلو الشرع الحكيم من علاج لكل حالة بحسبها، فأي ظلم هذا الذي تتكلم عنه هكذا باطلاق؟؟
أما كلامك عن حديث استئذان البكر فهذا خارج عن محل النزاع أصلا، لأن من الواضح أنه فيمن تميز ويمكن استئذانها، بينما كلامنا في هذه المسألة فيمن هي دون ذلك، كعائشة رضي الله عنها والتي لم تستأذن لأنها كانت دون التمييز لما عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فتنبه يا رعاك الله.
بندر المسعودي
2008-08-13, 03:49 PM
من المستبعد أن يظلم الأب أبنته لأنه من أشفق الناس عليها وأحرصهم على مصلحتها لهذا أجاز الشارع للأب أن يزوج أبنته الصغيرة من غير إذنها وأظن أن تسمية زواج الصغيرة من الشيخ الكبير ظلم وبشاعة وما أشبه ذلك جاء من الغرب .
شريف شلبي
2008-08-14, 10:35 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
نشرت صحيفة واسعة الانتشار بالأمس بحثاً يدعي صاحبه ضعف رواية الامام البخاري في تحديد سن السيدة عائشة حين العقد عليها والبناء بها ، فأردت نقله لمدارسته والنقاش حوله :
حديث البخاري جاء في باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها : حدثني فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «تزوجني النبي صلي الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين».
قال كاتبه :بمراجعة التواريخ في كتب السيرة (الكامل ــ تاريخ دمشق ــ سير أعلام النبلاء ــ تاريخ الطبري ــ تاريخ بغداد ــ وفيات الأعيات)، يتبين أن البعثة النبوية استمرت ١٣ عامًا في مكة و ١٠ أعوام بالمدينة، وكانت بدء البعثة بالتاريخ الميلادي عام ٦١٠، وكانت الهجرة للمدينة عام ٦٢٣م أي بعد ١٣ عامًا في مكة، وكانت وفاة النبي عام ٦٣٣م والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول (ص) تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام، أي في عام ٦٢٠م،
وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحي، وكانت تبلغ من العمر ٦ سنوات، ودخل بها في نهاية العام الأول للهجرة أي في نهاية عام ٦٢٣م، وكانت تبلغ ٩ سنوات، وذلك ما يعني حسب التقويم الميلادي، أنها ولدت عام ٦١٤م، أي في السنة الرابعة من بدء الوحي حسب رواية البخاري، وهذا وهم كبير. ونقد الرواية تاريخيا بحساب عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبي بكر ــ ذات النطاقين): تقول كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ ١٠ سنوات،
كما تروي ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة بـ ٢٧ عامًا ما يعني أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام ٦١٠م كان ١٤ سنة وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة ١٣ سنة وهي سنوات الدعوة النبوية في مكة، لأن ( ٢٧ ــ ١٣ = ١٤ سنة )، وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ ١٠ سنوات، إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة) كان ٤ سنوات مع بدء البعثة النبوية في مكة، أي أنها ولدت قبل بدء الوحي بـ ٤ سنوات كاملات، وذلك عام ٦٠٦م،
ومؤدي ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عندما نكحها في مكة في العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها ١٤ سنة، لأن (٤ + ١٠ = ١٤ سنة) لأو بمعني آخر أن (عائشة) ولدت عام (٦٠٦م) وتزوجت النبي سنة (٦٢٠م) وهي في عمر (١٤) سنة، وأنه كما ذكر بني بها ـ دخل بها ـ بعد (٣) سنوات وبضعة أشهر، أي في نهاية السنة الأولي من الهجرة وبداية الثانية عام (٦٢٤م) فيصبح عمرها آنذاك (١٤ + ٣ + ١ = ١٨ سنة كاملة) وهي السن الحقيقية التي تزوج فيها النبي الكريم (عائشة).
حساب عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها (أسماء ـ ذات النطاقين): تؤكد المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة، وهي مقتل ابنها (عبدالله بن الزبير) علي يد (الحجاج) الطاغية الشهير، وذلك عام (٧٣ هـ)، وكانت تبلغ من العمر (١٠٠) سنة كاملة فلو قمنا بعملية طرح لعمر (أسماء) من عام وفاتها (٧٣هـ) وهي تبلغ (١٠٠) سنة كاملة فيكون (١٠٠ ــ ٧٣ = ٢٧ سنة) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية، وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور في المصادر التاريخية فإذا طرحنا من عمرها (١٠) سنوات،
وهي السنوات التي تكبر فيها أختها (عائشة) يصبح عمر (عائشة) (٢٧ ــ ١٠ ــ ١٧ سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة ولو بني بها ـ دخل بها ـ النبي في العام الأول يكون عمرها آنذاك (١٧ + ١ = ١٨ سنة)، وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة (عائشة) عند الزواج من النبي. وما يعضد ذلك أيضًا أن (الطبري) يجزم بيقين في كتابه (تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبي بكر) قد ولدوا في الجاهلية، وذلك ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح ويكشف ضعف رواية البخاري، لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت في العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية.
حساب عمر (عائشة) مقارنة (بفاطمة الزهراء) بنت النبي : يذكر (ابن حجر) في (الإصابة) أن (فاطمة) ولدت عام بناء الكعبة والنبي ابن (٣٥) سنة، وأنها أسن ــ أكبر ــ من عائشة بـ (٥) سنوات، وعلي هذه الرواية التي أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية، ولكن علي فرض قوتها نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخاري) يكذب رواية (البخاري) ضمنيا، لأنه إن كانت (فاطمة) ولدت والنبي في عمر (٣٥) سنة فهذا يعني أن (عائشة) ولدت والنبي يبلغ (٤٠) سنة وهو بدء نزول الوحي عليه، ما يعني أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان يساوي عدد سنوات الدعوة الإسلامية في مكة وهي (١٣) سنة وليس (٩) سنوات وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد في رواية البخاري .
نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة: ذكر (ابن كثير) في (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم «ومن النساء.. أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله (صلي الله عليه وسلم) يدعو في خفية، ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة»، وبالطبع هذه الرواية تدل علي أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام (٤) من بدء البعثة النبوية بما يوازي عام (٦١٤م)، ومعني ذلك أنها آمنت علي الأقل في عام (٣) أي عام (٦١٣م) فلو أن (عائشة) علي حسب رواية (البخاري) ولدت في عام (٤) من بدء الوحي معني ذلك أنها لم تكن علي ظهر الأرض عند جهر النبي بالدعوة في عام (٤) من بدء الدعوة أو أنها كانت رضيعة، وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة، ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت في عام (٤) قبل بدء الوحي أي عام (٦٠٦م) ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (٦١٤م) يساوي (٨) سنوات، وهو ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح للأحداث وينقض رواية البخاري.
أخرج البخاري نفسه (باب ـ جوار أبي بكر في عهد النبي) أن (عائشة) قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبوبكر مهاجرًا قبل الحبشة)، ولا أدري كيف أخرج البخاري هذا فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكرت، وتقول إن النبي كان يأتي بيتهم كل يوم وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات،
والمؤكد أن هجرة الحبشة إجماعًا بين كتب التاريخ كانت في عام (٥) من بدء البعثة النبوية ما يوازي عام (٦١٥م)، فلو صدقنا رواية البخاري أن عائشة ولدت عام (٤) من بدء الدعوة عام (٦١٤م) فهذا يعني أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة، فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوي) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحًا، ولكن بالحساب الزمني الصحيح تكون (عائشة) في هذا الوقت تبلغ (٤ قبل بدء الدعوة + ٥ قبل هجرة الحبشة = ٩ سنوات) وهو العمر الحقيقي لها آنذاك.
وبالرجوع لرواية البخاري موضوع البحث يلاحظ أن الحديث الذي ذكر فيه سن (عائشة) جاء من خمسة طرق كلها تعود إلي هشام بن عروة، وأن هشام قال فيه ابن حجر في (هدي الساري) و(التهذيب): «قال عبدالرحمن بن يوسف بن خراش وكان مالك لا يرضاه، بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم ـ جاء ـ الكوفة ثلاث مرات ـ مرة ـ كان يقول: حدثني أبي، قال سمعت عائشة وقدم ـ جاء ـ الثانية فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي عن عائشة».
والمعني ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقاً في المدينة المنورة، ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء وبدأ (يدلس) أي ينسب الحديث لغير راويه، ثم بدأ يقول (عن) أبي، بدلاً من (سمعت أو حدثني)، وفي علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثني) أقوي من قول الراوي (عن فلان)، والحديث في البخاري هكذا يقول فيه هشام عن (أبي وليس (سمعت أو حدثني)، وهو ما يؤيد الشك في سند الحديث، ثم النقطة الأهم وهي أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل،
فإذا طبقنا هذا علي الحديث الذي أخرجه البخاري لوجدنا أنه محقق، فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة، بل كلهم عراقيون مما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق بعد أن ساء حفظه، ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرًا طويلاً ولا يذكر حديثاً مثل هذا ولو مرة واحدة، لهذا فإننا لا نجد أي ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبي في كتاب (الموطأ) للإمام مالك وهو الذي رأي وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة، فكفي بهاتين العلتين للشك في سند الرواية السابقة انتهي.
الموضوع هام - لذا يرجى من الاخوة الأفاضل والمشايخ الكرام مناقشة هذا الكلام والرد المفصل العلمي على ما قيل . وجزاكم الله خيراً
شريف شلبي
2008-08-14, 11:53 AM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
مرة أخرى 00 أرجو من اخواني التركيز والاختصار فهو أيسر للفهم وأدق تحديداً لأوجه المعارضة ، وأسهل في الرد عليها ،
يا أخي أبا الفدا - ذكرت كلاماً جيداً ولكن قولك :
أخي شريف،
أما كلامك عن حديث استئذان البكر فهذا خارج عن محل النزاع أصلا، لأن من الواضح أنه فيمن تميز ويمكن استئذانها، بينما كلامنا في هذه المسألة فيمن هي دون ذلك، كعائشة رضي الله عنها والتي لم تستأذن لأنها كانت دون التمييز لما عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فتنبه يا رعاك الله.
ألا ترى فيه ادعاءً لا دليل عليه - وهو مشابه لما أنكرت علي من ادعاء خصوصية النبي في الزواج بالصغيرة - فما الذي جعل هذا النص النبوي " لا تنكح البكر حتى تستأذن " خارج عن محل النزاع .
أليست الصغيرة بكراً ؟؟؟؟ إذن ينبغي استئذانها .
فإن كان الاستئذان لا يعقل منها لصغرها فلننتظر حتى تكبر ويعقل منها الاستئذان ، تنفيذاً لأمر النبي بوجوب بل باشتراط إذنها !!
وإليك مثــال
إذا أمرتك وقلت لك لا تأخذ هذا الكتاب إلا بإذن صاحبه ، ثم ذهبتَ الى صاحبه فوجدتَه نائماً ، ولا معنى لاستئذان النائم فما الحل ؟؟
على مذهبك في فهم الحديث 00 يسقط الأمر بالاستئذان ويجوز أخذ الكتاب بدون إذن صاحبه
أما أنا - على فهمي - فإنه ينبغي أن تنتظر حتى يستيقظ فتستأذنه قبل اخذ الكتاب .
عبد الله ابن سفران
2008-08-14, 11:56 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
نشرت صحيفة واسعة الانتشار بالأمس بحثاً يدعي صاحبه ضعف رواية الامام البخاري في تحديد سن السيدة عائشة حين العقد عليها والبناء بها ، فأردت نقله لمدارسته والنقاش حوله :الموضوع هام - لذا يرجى من الاخوة الأفاضل والمشايخ الكرام مناقشة هذا الكلام والرد المفصل العلمي على ما قيل . وجزاكم الله خيراً
هذا البحث كتبه صحفي لا علاقة له بعلم الحديث ، وأثنى عليه جمال البنا المنحرف المعروف بقوله :(صحفي شــاب يصحح للأئمــة الأعــلام خطـأ ألـف عـام)
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=117098
ولا ينبغي نقله هنا إلا للإنكار عليه لا لمناقشته فهو دون مستوى المناقشة في مكان كالمجلس العلمي .
فهل ينتقد أصح الأسانيد إلى عائشة صاحبة الشأن بمثل هذا الكلام الفارغ ؟
بل ينبغي تصحيح المعلومات التي أوردها وفق هذا البرهان القوي وهو شهادة عالية الثقة من شخص عن أبيه عن خالته في ما يخص سيرتها .
ولكن هدى الله أخي شريف فهو يريد تحريم الزواج من الصغيرة بالعافية !
وقد وجه رب العزة والجلال من في يده يتيمة أن يتركها إن خاف أن لا يقسط فيها وينكح ما طاب له من النساء .
وقد وضع رب العزة والجلال في كتابه عدة لمن لم تحض .
وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة صغيرة كما في هذا الحديث
وقد زوج الصحابة بعده بناتهم صغاراً ولم يعرف التحريم فيهم ، وقد حكى الكرخي إجماع الصحابة على ذلك
وجاء التابعون فلم يخالف أحد منهم ما عليه الصحابة .
ثم أتباع أتباع التابعين كذلك ، غير أن ابن شبرمة اختلف النقل عنه فبعضهم عزا له المنع من ذلك كالسرخسي وابن حزم وبعضهم نقل عنه الجواز مثل ابن قدامة وكلها مرسلات شبه الريح وإجماع الصحابة قبله متحقق .
وقد حكى ابن المنذر 318ت الإجماع على ذلك .
ولكن يبقى أخونا شريف يرى ذلك منكراً من القول .
عبد الله ابن سفران
2008-08-14, 12:03 PM
وهذان مثالان على موضوعية إسلام بحيري وعلميته
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=22485
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=23358
والمشكلة أنه في الرابط الأول يهاجم كتب السيرة التي أعل بها حديث البخاري !
عبد الله ابن سفران
2008-08-14, 12:12 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
مرة أخرى 00 أرجو من اخواني التركيز والاختصار فهو أيسر للفهم وأدق تحديداً لأوجه المعارضة ، وأسهل في الرد عليها ،
يا أخي أبا الفدا - ذكرت كلاماً جيداً ولكن قولك :
ألا ترى فيه ادعاءً لا دليل عليه - وهو مشابه لما أنكرت علي من ادعاء خصوصية النبي في الزواج بالصغيرة - فما الذي جعل هذا النص النبوي " لا تنكح البكر حتى تستأذن " خارج عن محل النزاع .
أليست الصغيرة بكراً ؟؟؟؟ إذن ينبغي استئذانها .
فإن كان الاستئذان لا يعقل منها لصغرها فلننتظر حتى تكبر ويعقل منها الاستئذان ، تنفيذاً لأمر النبي بوجوب بل باشتراط إذنها !!
وإليك مثــال
إذا أمرتك وقلت لك لا تأخذ هذا الكتاب إلا بإذن صاحبه ، ثم ذهبتَ الى صاحبه فوجدتَه نائماً ، ولا معنى لاستئذان النائم فما الحل ؟؟
على مذهبك في فهم الحديث 00 يسقط الأمر بالاستئذان ويجوز أخذ الكتاب بدون إذن صاحبه
أما أنا - على فهمي - فإنه ينبغي أن تنتظر حتى يستيقظ فتستأذنه قبل اخذ الكتاب .
الأخ شريف يقول : الزواج يحتاج لاستئذان والصغيرة لا عبرة بإذنها إذن لا يجوز تزويجها
فما أدري ما قول الأخ شريف في التالي :
بيع المال يحتاج إلى إذن مالكه والصغيرة لا عبرة يإذنها فهل نحرم على وليها الاتجار بمالها ؟
الزواج يحتاج لإذن المرأة والمجنونة لا عبرة بإذنها فهل نمنع تزويجها حتى تفيق أو تموت ؟
يا أخ شريف من لم تكن له ولاية على نفسه لا تعتبر موافقته ويستبدل بها موافقة وليه لا تعطيل التصرفات المحتاجة للإذن .
أبوعبدالرحمن القطري
2008-08-14, 12:16 PM
ولا ينبغي نقله هنا إلا للإنكار عليه لا لمناقشته فهو دون مستوى المناقشة في مكان كالمجلس العلمي .
فهل ينتقد أصح الأسانيد إلى عائشة صاحبة الشأن بمثل هذا الكلام الفارغ ؟
.
صدقتم جزاكم الله خيرا
عدنان البخاري
2008-08-14, 02:00 PM
/// تم دمج موضوعيك تحت هذا الموضوع، ولا داعي للتكثُّر من المواضيع التي تصب في اتجاه واحد.
شريف شلبي
2008-08-14, 02:16 PM
/// تم دمج موضوعيك تحت هذا الموضوع، ولا داعي للتكثُّر من المواضيع التي تصب في اتجاه واحد.
أسأت بي الظن يا أخي سامحك الله .
وما كان الداعي إلا إفراد الموضوع للمناقشة الحديثية - بصرف النظر عن كون الحديث دليلا على مسألة معينة أو ليس بدليل - التي رأى الكثيرون أنه ينبغي ألا تكون ( المناقشة الحديثية ) نظراً لتفاهة المقال أو تفاهة صاحبه - بالرغم من أن كتاب الله قد علمنا كيف يكون الرد على الخصوم مهما كانت بشاعة القضية التي يتبنونها من وجهة نظرنا - فتحدث القرآن وجادل اهل الباطل في قضية شركهم بالله ، وقضية طلبهم نزول الملائكة مع النبي وإنكار اليوم الآخر واستبعاد إنشاء الأنفس بعد موتها وغير ذلك ، بل أرشد رسوله أن يقول للمشركين " قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا " " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو اهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين "
ولكن يبدوا أن مناقشة صحة حديث أعظم من ذلك !
شريف شلبي
2008-08-14, 02:26 PM
بيع المال يحتاج إلى إذن مالكه والصغيرة لا عبرة يإذنها فهل نحرم على وليها الاتجار بمالها ؟
الزواج يحتاج لإذن المرأة والمجنونة لا عبرة بإذنها فهل نمنع تزويجها حتى تفيق أو تموت ؟
يا أخ شريف من لم تكن له ولاية على نفسه لا تعتبر موافقته ويستبدل بها موافقة وليه لا تعطيل التصرفات المحتاجة للإذن .
لا يحرم على ولي الصغيرة الاتجار بمالها حيث المصلحة الراجحة في استثمار المال لئلا تأكله الزكاة.
وكذا المجنونة التي لا يرجى برؤها لتحقيق مصلحة الزوجية لها ولزوجها .
أما المجنونة وقتاً معيناً ويرجى برؤها فأظن حكمها سيختلف .
أما زواج الصغيرة فأخبرني بالله عليك ما المصلحة التي يخاف فوتها ليستبدل بها موافقة وليها - لتزوج ؟
إلا إن كان الزوج المرتقب غنياً وهو شيخ كبير فيخاف إن أجل الزواج أن يموت فتضيع تركته ولا يكون لابنته نصيب !
عدنان البخاري
2008-08-14, 02:55 PM
أسأت بي الظن يا أخي سامحك الله .
وما كان الداعي إلا إفراد الموضوع للمناقشة الحديثية - بصرف النظر عن كون الحديث دليلا على مسألة معينة أو ليس بدليل - التي رأى الكثيرون أنه ينبغي ألا تكون ( المناقشة الحديثية ) نظراً لتفاهة المقال أو تفاهة صاحبه - بالرغم من أن كتاب الله قد علمنا كيف يكون الرد على الخصوم مهما كانت بشاعة القضية التي يتبنونها من وجهة نظرنا - فتحدث القرآن وجادل اهل الباطل في قضية شركهم بالله ، وقضية طلبهم نزول الملائكة مع النبي وإنكار اليوم الآخر واستبعاد إنشاء الأنفس بعد موتها وغير ذلك ، بل أرشد رسوله أن يقول للمشركين " قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا " " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو اهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين "
ولكن يبدوا أن مناقشة صحة حديث أعظم من ذلك !
/// ليست هناك إساءة ظن يا أخي الكريم ! بل الحكم بالظاهر؛ فكلا موضوعيك يتكلمان عن قضية تزويج الصغيرة، وبس. كون هذا عن الحديث الوارد فيه، وذاك عن قصص واردة عنه في الصحف =لن يغير في الأمر شيئًا.
/// وأمَّا قضية مناقشة الحديث وصحته فأهلًا بها إن كانت على أصول أهله، وليس على أصول المبتدعة والعقلانيين والمتكلمين وأذنابهم. وإلا صار العلم كلأً مباحًا لكل جهول جهالة جهل!
أبو الفداء
2008-08-14, 04:17 PM
الحمد لله وحده
عجبا لك يا أخ شريف! أصبح الآن يؤخذ كلام صحافيين "يصلحون للأمة فهمها لدينها بعد أربعة عشر قرنا" من باب الاحتجاج على البخاري وسائر أهل العلم في الأمة في جميع قرونها!! فالله المستعان!
يا أخ شريف لا حاجة لتكلف الرد على هذا الصحافي في دعواه تلك، ولا يحتاج الرد على تلك الشوشرة - علميا وبالدليل والبرهان القاطع - الى أكثر من بيان أنه يخالف بكلامه هذا اجماع الأمة كلها بشتى طوائفها من لدن الصحابة الى يوم الناس هذا!!!
وفقط!
هذا رد علمي مجمل قاطع لا حاجة لتكلف أكثر منه! والا فتفاصيل تلك المزاعم الواهية التي جاء بها يشغب على الحديث فلا تدخل في باب الحجاج العلمي وانما في باب الشبهات، والله المستعان!
تقول أيها الأخ الكريم:
"يا أخي أبا الفدا - ذكرت كلاماً جيداً ولكن قولك :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
أخي شريف،
أما كلامك عن حديث استئذان البكر فهذا خارج عن محل النزاع أصلا، لأن من الواضح أنه فيمن تميز ويمكن استئذانها، بينما كلامنا في هذه المسألة فيمن هي دون ذلك، كعائشة رضي الله عنها والتي لم تستأذن لأنها كانت دون التمييز لما عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فتنبه يا رعاك الله.
ألا ترى فيه ادعاءً لا دليل عليه - وهو مشابه لما أنكرت علي من ادعاء خصوصية النبي في الزواج بالصغيرة - فما الذي جعل هذا النص النبوي " لا تنكح البكر حتى تستأذن " خارج عن محل النزاع ."
أليست الصغيرة بكراً ؟؟؟؟ إذن ينبغي استئذانها .
فإن كان الاستئذان لا يعقل منها لصغرها فلننتظر حتى تكبر ويعقل منها الاستئذان ، تنفيذاً لأمر النبي بوجوب بل باشتراط إذنها !!
وإليك مثــال
إذا أمرتك وقلت لك لا تأخذ هذا الكتاب إلا بإذن صاحبه ، ثم ذهبتَ الى صاحبه فوجدتَه نائماً ، ولا معنى لاستئذان النائم فما الحل ؟؟
على مذهبك في فهم الحديث 00 يسقط الأمر بالاستئذان ويجوز أخذ الكتاب بدون إذن صاحبه
أما أنا - على فهمي - فإنه ينبغي أن تنتظر حتى يستيقظ فتستأذنه قبل اخذ الكتاب ."
اهـ
وأقول لك والله المستعان: كلا ليست الصغيرة تدخل في "البكر" لأن الشرع فرق بين أحكام هذه وتلك! والاستئذان لا يشرع الا في حق من يمكن استئذانه، ولا يتصور عاقل أن تدخل الفتاة التي دون الاستئذان في الأمر بالاستئذان! فيكون ماذا حينئذ؟
يكون أحد خيارين لا ثالث لهما:
- اما أن يكون الحكم في الفتاة التي هي دون الادراك ودون أن تستأذن له نص مخصوص بخلاف هذا النص، فيقال به ولا اشكال
- واما أن يكون الشارع قد سكت عن تلك التي هي دون الاستئذان ولم يذكر في أمرها شيئا على الاطلاق، وحينئذ لا يستحل نكاحها لأن الأصل في الأبضاع المنع والتحريم! ولا يقال في تلك الحالة أن هذا النص الدال على وجوب استئذان البكر يشمل الفتاة التي لا تدرك الاستئذان لأن أي عاقل يرى بوضوح أن الاستئذان لا قيمة له ولا معنى له في حالتها ولا يجري عليها!!
فعند التأمل ترى أن الحال عندنا هو الحال الأول، وهو حال وجود النص والاجماع على ما يكون من أمر الفتاة الصغيرة غير المميزة والتي هي دون أن تستأذن! فيتضح أنها حالة لا دخل لها بالبكر التي يمكن استئذانها، فهذه لها نص وتلك لها نص، والأمر واضح ولله الحمد!
أما قولك أنت بأن البكر التي هي دون الاستئذان لا يصح تزويجها لأنها لا يمكن استئذانها، فهو تنزيل لحديث الاستئذان على حالة دل العقل على أنها لا يمكن أن تنزل عليه أصلا، مع أن الاجماع والنصوص موجودة ومعلومة في حالة الفتاة الصغيرة التي لا تعي استئذانا ولا غيره، فهل اتضح لك يا أخي الكريم لماذا قلت لك أن هذا الايراد منك هو خارج محل النزاع أصلا؟؟؟
أما ما تحاول إلزامي به في مثال استئذان صاحب الكتاب فليس ملزما ولا صحيحا! لأنك تتكلم عن رجل واحد يكون في حالة يمكن استئذانه وفي حالة لا يمكن استئذانه، فان كان كذلك، وجب انتظاره حتى نتمكن من استئذانه ولا شك! أما ما بين أيدينا فكلام عن حالتين لا تجتمعان في فتاة واحدة! وهي أن تكون دون سن الاستئذان، فهذه لها أحكامها، وأن تكون في سن يمكن استئذانها فيه، وهذه لها أحكامها المغايرة، فدل ذلك على فساد قياسك هذا، فتأمل!
ولعل مثالك هذا يكون أقرب الى حالتنا تلك لو قلت أن صاحب الكتاب اما أن يكون مميزا يمكن استئذانه واما أن يكون غير مميز بله طفل صغير لا تمييز له ولا ادراك، فان كنت أستأذنه هو في الحالة الأولى فمن الذي يجب استئذانه في الحالة الثانية؟؟
عبد الله ابن سفران
2008-08-14, 04:29 PM
لا يحرم على ولي الصغيرة الاتجار بمالها حيث المصلحة الراجحة في استثمار المال لئلا تأكله الزكاة.
ولو كان مالاً غير زكوي هل سيتغير الحكم ؟وكذا المجنونة التي لا يرجى برؤها لتحقيق مصلحة الزوجية لها ولزوجها .
أما المجنونة وقتاً معيناً ويرجى برؤها فأظن حكمها سيختلف .
أما زواج الصغيرة فأخبرني بالله عليك ما المصلحة التي يخاف فوتها ليستبدل بها موافقة وليها - لتزوج ؟
إلا إن كان الزوج المرتقب غنياً وهو شيخ كبير فيخاف إن أجل الزواج أن يموت فتضيع تركته ولا يكون لابنته نصيب !
جيد
إذاً السبب الذي ذكرته وهو عدم إمكان الاستئذان لا يصلح سبباً لعدم صحة التزويج .
تحول السبب الآن إلى أنه لا توجد مصلحة في تزويج الصغيرة .
على ذلك أقول :
1- وهل من شروط صحة الزواج وجود المصلحة ؟ يلزمك أن تفسد كل زواج لا مصلحة فيه .
2- وإذا كان زواج الصغيرة فيه مصلحة لها فهل هو فاسد عند أم صحيح ؟
3- ثم لم تحصر المسألة في زواجها من شيخ كبير ومضاره ؟ ما رأيك في زواجها من صغير أو بالغ يكبرها ببضع سنوات ؟
وبالنسبة للمجنونة التي يرجى برؤها تقول أنك تظن أن الحكم سيختلف ، ألا تتوقف في المسألة حتى تتأكد ؟
أرجو أن تترك التفكير في المسألة قبل استيعاب جميع ما يتعلق بها من معلومات ، فقولك ( ويؤيده عدم انتشاره في العصر النبوي - وعلى المعترض اثبات عكسه ) يدل على أنك افترضت هذا افتراضاً ولم تراجع الكتب التي تبين لك هل كان هذا موجوداً أم لا .
أبو جهاد الأثري
2008-08-14, 04:54 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لا يعنيني كثيرا أن أناقش الموضوع فالوصول إلى الحكم فيه مسفر لذي العينين
إنما يعنيني و بشدة ان أذكرك يا أخي شريف أن هذه شنشنة علمانية هدفها الأساس ضرب المصادر الأصلية .. لذلك يتكأكؤ القوم على صحيح البخاري .. ولو قدروا لطعنوا في القرآن مباشرة لكنهم يتربصون.
فاحذر -أخيّ- أن تنزلق إلى هذه الهوة .. و غالب الظن أنك ما قصدت مثل هذا.
والطعونات العقلية في أحاديث البخاري التي هي سماء في التحري و التثبت و سبر الروايات أصبح مضغة لكل جهول يهرف بما لا يعرف ويحسب كل مدور رغيفا .. لا يفرق بين النسر و الظليم و الصحيح و السقيم.
فمن قائل أن النبي كان يمزح حين قال ناقصات عقل و دين، إلى آخر يستنكر حديث طواف سليمان على مائة امرأة في ليلة .. إلى ثالث يستبشع رواية البقرة التي تتكلم .. إلى رابع يعترض على فرار الحجر بثوب موسى .. إلى خامس يتلوى ألما كيف سولت للبخاري نفسه أن يورد حديثا يقول فيه أن النبي المعصوم صلى الله عليه و سلم سحر... و القائمة طويلة.
وكل أولئك لم يكلفوا أنفسهم مطالعة شرح من شروح الحديث حتى يقوّموا الفهم المعوج و فسق تصورهم وعيّ ألسنتهم وأذهانهم ..ألا سألوا إذ لم يعلموا فإن شفاء العي السؤال.
وإلا لكان عليهم استعمال السواك قبل ان تفتح أفواههم ليتكلموا في صحيح أبي عبد الله البخاري .. الذي لو كان حيا لما صلح أكبر رأس فيهم أن يصب عليه وضوءه.
لقد هزلت..
وسؤالي: لم يطعن الرافضة في الصحيح بشبهات عقلية
ولم يطعن النصارى في الصحيح بشبهات عقلية
والعلمانيون والحداثيون والعصرانيون و القرآنيون ووو...بشبهات عقلية
أكان عندهم دراية بأصول نقد المرويات .. وآليات نقل الأخبار فاستعملوها و بينوا الصحيح من السقيم والبهرج المزيف من السليم القويم .. ثم زادوا أدلة عقلية عضدوا بها أقوالهم لإعلال الروايات؟
أم تراهم صدفوا عن آليات نقد الأخبار التي هي صنعة القوم - وزينتهم و جهبذهم و الكوكب المنير و الجبل الأشم فيهم أبو عبد الله محمد بن إسماعيل - لأن فاقد الشيء لا يعطيه..فمن ثم كانت الهجمة على الجبل ينطحونه بقرون من عهن..
حسبنا الله و نعم الوكيل.
وأخيرا أخي شريف أعيذك أن تردد بلسانك أو تسطر ببنانك ما لا يمتري أحد ذو لب في هزاله .. واتعظ بقول شيخ الإسلام الذهبي لما تكلم على حديث خالد بن مخلد القطواني فقال : ولولا هيبة الجامع الصحيح...
فهل عيبنا أننا لا نرى اليوم لشيء هيبة..
أم هو قول سفيان: من جهل أقدار الرجال كان لقدر نفسه أجهل.
والله المستعان
أبو سعد البقمي
2008-08-14, 05:19 PM
جيد
إذاً السبب الذي ذكرته وهو عدم إمكان الاستئذان لا يصلح سبباً لعدم صحة التزويج .
تحول السبب الآن إلى أنه لا توجد مصلحة في تزويج الصغيرة .
على ذلك أقول :
1- وهل من شروط صحة الزواج وجود المصلحة ؟ يلزمك أن تفسد كل زواج لا مصلحة فيه .
2- وإذا كان زواج الصغيرة فيه مصلحة لها فهل هو فاسد عند أم صحيح ؟
3- ثم لم تحصر المسألة في زواجها من شيخ كبير ومضاره ؟ ما رأيك في زواجها من صغير أو بالغ يكبرها ببضع سنوات ؟
وبالنسبة للمجنونة التي يرجى برؤها تقول أنك تظن أن الحكم سيختلف ، ألا تتوقف في المسألة حتى تتأكد ؟
أرجو أن تترك التفكير في المسألة قبل استيعاب جميع ما يتعلق بها من معلومات ، فقولك ( ويؤيده عدم انتشاره في العصر النبوي - وعلى المعترض اثبات عكسه ) يدل على أنك افترضت هذا افتراضاً ولم تراجع الكتب التي تبين لك هل كان هذا موجوداً أم لا .
أخي عبد الله مناقشتُك للأخ شريف جميلة جداً , لكن الذي لا شك فيه أن زواج واحد في الستين أو الثمنين بواحدة لم تتجاوز العقد الأول من عمرها ظلم أما النبي صلى الله عليه وسلم خارج عن هذة القاعدة .
فقد أُتي قوة أربعين رجلاً
عبد الله ابن سفران
2008-08-14, 05:24 PM
أخي عبد الله مناقشتُك للأخ شريف جميلة جداً , لكن الذي لا شك فيه أن زواج واحد في الستين أو الثمنين بواحدة لم تتجاوز العقد الأول من عمرها ظلم أما النبي صلى الله عليه وسلم خارج عن هذة القاعدة .
فقد أُتي قوة أربعين رجلاً
كلامك صحيح جداً ، هذا لا ينبغي وليس من مصلحة البنت ، على أن بعض النساء يتمنين ذلك إن كان الزوج غنياً ، ولكن حديثي مع الأخ شريف عن صحة زواج الصغيرة ، فلو أن الأب زوجها زواجاً فيه مفسدة لها يأثم إن لم يكن مجتهداً متأولاً في تقدير المصلحة ، ولكن الزواج صحيح أما الأخ شريف فيرى أنه محرم مطلقاً وغير صحيح لعدم القدرة على استئذانها .
محمّد الأمين
2008-08-14, 10:52 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
اشتراط الولي في عقد النكاح
أخرج أبو داود والترمذي وغيرهم بإسنادٍ صحيحٍ متصل عن أبي موسى الأشعري t أن رسول الله r قال: «لا نكاح إلا بولي». وهذا صححه البخاري، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والذّهلي، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وغيرهم. وذكر البعض بأنه على شرط البخاري ومسلم.
وقد أسرف بعض فقهاء الحنفية المتأخرين في تضعيف هذا الحديث بالإرسال، رغم أن إمامهم أبا حنيفة قد رواه موصولاً عن أبي إسحاق. وقد احتج به صاحبه محمد بن الحسن الشيباني، ولم نجد أحداً من متقدميهم ضعفه. على أن متأخريهم يزعمون أن الحديث المرسل حجة عندهم. فهو حجة عندهم كيفما روي.
وروى ابن جريج عن سليمان بن موسى الأموي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله r: «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل. ثلاث مرات. فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها. فإن تشاجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له». سليمان بن موسى: وثقه بعضهم، ووثقه ابن معين عن الزهري. لكن قال عنه أبو حاتم: «في حديثه بعض الاضطراب». وقال البخاري: «عنده مناكير». وقال النسائي: «ليس بالقوي في الحديث». وقال ابن حجر: «فيه لين». فتفرد هذا بالرواية عن الزهري غير مقبول أبداً. فأين ذهب أصحاب الزهري الثقات في حديثٍ من أهمّ الأحاديث التي تُروى في النكاح والتي يحتاج إليها الناس؟ عدا أن سماعه من الزهري –لهذا الحديث– فيه خلاف.
وقيل أنه لم يتفرد، بل تابعه حجاج بن أرطأة، لكنه ضعيف مدلس ولم ير الزهري أصلاً باعترافه، كما في التهذيب. وتابعه جعفر بن ربيعة، لكن قال عنه أبو داود: «لم يسمع من الزهري». فرجع الحديث إلى ابن موسى! ولذلك اكتفى الترمذي بتحسينه، وهذا دلالة ضعف سنده. وقد صح عن الزهري وعن أمنا عائشة t خلاف ذلك، أي إجازة النكاح بغير رضى الولي.
وأخرج البخاري (#4843) ومسلم (#1419) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، قال حدثنا أبو سلمة، قال حدثنا أبا هريرة أن رسول الله r قال: «لا تُنكَحَ الأيم حتى تُستَأمر، ولا تُنكَح البَكر حتى تُستأذَن». قالوا: «يا رسول الله، وكيف إذنها؟». قال: «أن تسكت». وقد روي كذلك بلفظ "الثيّب" بدلاً من "الأيم". ولعل أبو سلمة كان يروي الحديث بلفظ الأيم، والله أعلم. وسبب إعادة ذكر البكر –رغم أنها مشمولة بذكر الأيم– للتأكيد على أن إذنها قد يكون بسكوتها فقط، بينما لا يكفي السكوت للثيب. وكلاهما يجب أخذ إذنه.
وفي حديثٍ صحيحٍ آخر عند النسائي (6|84) من طرقٍ عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس مرفوعاً: «الأيم أحق بنفسها من وليّها، والبكر تستأذن في نفسها. وإذنها صماتها». رواه أكثر الرواة بهذا اللفظ. ورواه بعضهم بلفظ "الثيّب"، والظاهر أنه مرويٌّ بالمعنى. الأَيِّمُ في الأصل: «التي لا زوجَ لها، بِكْرًا كانت أَو ثَيِّبًا، مطلَّقة كانت أو مُتَوَفّى عنها»، كما في "لسان العرب". ومنه قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ...} (32) سورة النــور. لكن قال بعض العلماء أن المقصود هنا هي الثيب فقط.
واختلف العلماء في مسألة تزويج المرأة على مذاهب البالغة:
1– مذهب من قال بأن النكاح يستلزم موافقة الولي فحسب. أي للولي (وقيل الأب خصوصاً) تزويج المرأة لمن أراد: شاءت أم أبت. وأجمعوا على هذا في الصغيرة غير البالغة (عند من أجاز نكاحها، وهم الجمهور). على أن البعض قال بتخييرها عند البلوغ، قياساً على الجارية التي تخيَّر عند إعتاقها. وجعل بعضهم هذا الزواج القهري للبكر فحسب (بالغة كانت أم صغيرة).
وشذّ الحسن البصري وإبراهيم النخعي فأطلقاه في سائر النساء، وهو خلاف الحديث المرفوع المتفق عليه، فلعله لم يبلغهما. وقد روي عن إبراهيم خلاف ذلك، مما يدل على رجوعه. قال إسماعيل: «لا نعلم أحداً قال في الثيب بقول الحسن. وهو قول شاذ. فإن الخنساء زوجها أبوها وهي ثيب، فكرهت ذلك، فرد رسول الله r نكاحه». قال ابن عبد البر: «وهو حديث مجمعٌ على صحته، و لا نعلم مخالفا له إلا الحسن».
هذا وقد جاءت الأحاديث الصحيحة المرفوعة في النهي عن إكراه المرأة البكر والثيب على الزواج ممن لا تقبل به. فلا يحل لمسلم يتقي الله ويؤمن بالله وما أنزل إلى رسوله r أن يفتي بهذا المذهب. وليُنظَر في صحيح البخاري (5|1974): «باب: لا ينكح الأب وغيره البكر أو الثيب إلا برضاها». وأخرج (#4845): من طريق مالك (وهي في الموطأ 2|535) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية، عن خنساء بنت خِذام الأنصارية t: أن أباها زَوَّجَها –وهي ثيّب– فكرهت ذلك. فأتت رسول الله r، فردّ نكاحه. فلم يستفسر رسول الله r هل هي ثيب أم بكر؟ ولا استفصل عن ذلك. ولو كان الحكم يختلف بذلك، لاستفصل وسأل عنه. أو لأخبر بذلك أصحابه، ولم يبهم الأمر. وتأخير البيان –بغير حاجة– متعذّر. والحديث قد رواه سفيان الثوري (من رواية ابن المبارك) –كما في سنن النسائي الكبرى (3|282 #5382)– عن عبد الرحمن عن عبد الله بن يزيد بن وديعة عن الخنساء، فنصت بنفسها على أنها كانت بكراً، وليست ثيباً كما ذكر مالك. وسفيان الثوري هو في أعلى مراتب الحفظ، وهو أحفظ من مالك حتى أنه كان يقول (كما في تاريخ بغداد 9|164): «مالك ليس له حفظ»، ويقصد مقارنة بطبقته من أئمة أهل الحديث الكبار. وقال الإمام يحيى بن معين –كما في تاريخ بغداد (9|164)–: «سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: سفيان الثوري أحب إليّ من مالك في كلّ شيء. يعني في الحديث، وفي الفقه، وفي الزهد». وقد رواه يحيى بن سعيد عن القاسم، عن ابني يزيد مرسلاً (كما في سنن البيهقي، وأصله عند البخاري) ولم يذكر أنها ثيب، فخالف مالكاً في المتن والإسناد. انظر علل الدارقطني (15|434 #4128). وعبد الرحمن يقبل تعدد الأسانيد، فمن الممكن -إن كانت رواية مالك محفوظة- أن يكون روى مرة عن أبيه عن ابني يزيد، وروى مرة عن عبد الله عن الخنساء. ولا شك أن الخنساء أعرف بنفسها من ابني يزيد، فصح أنها كانت بكراً.
كما أن في إجبار المرأة على الزواج ممن تكره ظلمٌ وجورٌ لها. فكيف تُحرم من تحديد شريك حياتها وتُكْره على معاشرة من تبغض؟ وليس هناك ظلم مثل أن تغيب المرأة عن الاختيار الذي سيلزمها طوال الحياة.
2– مذهب من قال بأن النكاح يستلزم موافقة الولي والمرأة معاً، على أن يباشر هو عقدة النكاح. فأجمعوا (إلا قولاً شاذاً للحسن) بأن الثيب لا يزوجها وليها بغير رضاها. وقال جمهور العلماء بأن البكر كذلك لا يزوجها وليها بغير رضاها. واحتجوا بحديث «لا تُنكَحَ الأيم حتى تُستَأمر، ولا تُنكَح البَكر حتى تُستأذَن» على ضرورة موافقة المرأة. مع العلم بأن كثيراً من العلماء جعلوا السلطان برتبة الولي (خاصة في حالة التنازع أو العضل).
3– مذهب من قال بأن النكاح يستلزم موافقة المرأة فحسب، بشرط أن يباشر عقدة النكاح رجل. ولا عبرة بموافقة أقرب العصبة إليها. هذا طبعاً إن زوّجت نفسها بكفء. أما حديث «لا نكاح إلا بولي» فقد أوّلوا الولي بأنه مِن تولية المرأة من الرجال: قريباً كان منها أو بعيداً. وهذا معناه أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى عقد نكاح نفسها –وإن أمَرَها وليها بذلك– ولا عقد نكاح غيرها، ولا يجوز أن يتولى ذلك إلا الرجال. واحتجوا بحديث «الأيم أحق بنفسها من وليّها».
وروى مالك في الموطأ (2|555): عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة زوج النبي r زَوَّجَت حفصة بنت عبد الرحمن المنذر بن الزبير، وعبد الرحمن غائب بالشام. فلما قدم عبد الرحمن قال: «ومثلي يصنع هذا به؟ ومثلي يُفْتَاتُ عليه؟» (أي يُسبَق في تزويج بناته من غير أمره). فكلمت عائشة المنذر بن الزبير. فقال المنذر: «فإن ذلك بيد عبد الرحمن». فقال عبد الرحمن: «ما كنت لأرد أمراً قضيته». فقرت حفصة عند المنذر، ولم يكن ذلك طلاقاً. ورواه سعيد بن منصور في سننه (1|429) عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد بنحوه. وكذلك رواه ابن أبي شيبة من هذا الطريق. وفيه أن عبد الرحمن غضب، وأن أمنا عائشة t غضبت من إنكاره.
ومن الأدلة المشهورة قصة زواج بحرية بنت هانئ من القعقاع بن شور، رغم معارضة أبيها الذي كان مسيرة يوم في البادية، وقد أجاز علي t ذلك النكاح. والقصة مشهورة رواها أبو قيس الأودي (جيد ربما خالف) عن هزيل بن شرحبيل (ثقة مخضرم) عن علي بن أبي طالب t. ورواها أبو إسحاق الشيباني (ثقة ثبت فقيه) عن بحيرة نفسها، وعن زوجها القعقاع، كلاهما. تجد أسانيدها في المحلى (9|454) ومصنف عبد الرزاق (6|197).
وقد احتار الشافعية في كيفية رد هذه القصة. فقال البيهقي: «وهذا الأثر مختلف في إسناده ومتنه. ومداره على أبي قيس الأودي وهو مختلف في عدالته. وبحرية مجهولة». قلت: كلا ليس كذلك، فطرقه الصحيحة تشهد لبعضها البعض، وتقوي المتن الذي ذكرناه. وأما كثرة الطرق فهي تدل على شهرة القصة. وأما أبو القيس فلم يختلف أحد في عدالته وصدقه وصلاحه، وإنما انتقدوا له بعض الأحاديث التي خالف بها كحديث المسح على الجوربين. وهذا القصة فيها ما يدل على ضبطه، عدا عن موافقته لما رواه الشيباني عن بحرية (وقيل: بَحِيرَة) والقعْقاع.
أما قوله عن بحرية بأنها مجهولة (وقد سبقه بذلك الدارقطني)، فإن قصد برواية الحديث، فنعم ليست من رواة الحديث. وإنما هي تابعية جليلة معروفة، تزوجت اثنين من سادة قريش وصالحيهم. أبوها هو هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود بن أبي ربيعة، أحد سادة بني شيبان، وله خطبة شهيرة في موقعة ذي قار. وقد تزوجت أحد المبشرين بالجنة وأنجبت له عروة بن عبد الرحمن بن عوف القرشي. ثم تزوجت التابعي الجليل عبيد الله بن عمر بن الخطاب، حتى قتل في صفين مع معاوية، وكانت منحازة لعلي. فعادت إلى أهلها في الكوفة، وهناك تزوجت من القعقاع بن شور الشيباني في غيبة أبيها، قبل هروب القعقاع إلى معاوية. والقعقاع فارس مشهور، ويضرب به المثل في المجالسة، لقصة مشهورة عند معاوية. حتى قال فيه الشاعر:
ولا يشقى بقعقاعٍ جليس * وكنت جليس قعقاع بن شور
فالمقصود أن هؤلاء كلهم من المشاهير. وهذه القصة مشهورة كذلك. فمن المحال أن يرويها أبو إسحاق الشيباني وهو ثقة فقيه، وهي باطلة لم تحدث. لكن جاء في مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة ما يشعر بأن خالها هو الذي تولى عقدة النكاح، وهذا أقرب للصواب.
أما الاحتجاج بزواج الرسول r من أم سلمة t بغير ولي، مع توكيل طفلها بمباشرة العقد (كما فعل الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء 2|249) فهو مردود، لأن راوي القصة –وهو ابن أم سلمة– مجهول ليس فيه توثيق (بل حديثه منكر لمن تتبعه). ولو صحت، لكان فيها حجة قوية على أبي حنيفة الذي يجيز للمرأة تولي العقد بنفسها.
قال ابن حزم: وصح عن ابن سيرين في امرأة لا ولي لها فولت رجلا أمرها فزوجها، قال ابن سيرين: «لا بأس بذلك. المؤمنون بعضهم أولياء بعض». ومن طريق عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال: «وَلّى عمر بن الخطاب ابنته حفصة أم المؤمنين ماله وبناته ونكاحهن، فكانت حفصة أم المؤمنين t إذا أردات أن تزوج امرأة أمرت أخاها عبد الله فيزوج». وعن عبد الرزاق عن ابن جريج أنه سأل عطاء عن امرأة نكحت بغير إذن ولاتها وهم حاضرون فقال: «أما امرأة مالكة أمر نفسها، إذا كان بشهداء، فإنه جائز بغير أمر الولاة». وقال أبو ثور: «لا يجوز أن تزوج المرأة نفسها، ولا أن تزوجها امرأة. ولكن إن زوجها رجل مسلم، جاز. المؤمنون أخوة بعضهم أولياء بعض». وهو مذهب الأوزاعي. وقال داود الظاهري (أبو سليمان): «البكر لا يزوجها إلا وليها، وأما الثيب فتولّي أمرها من شاءت من المسلمين ويزوجها، وليس للولي في ذلك اعتراض». قلت: وقال الزهري والشعبي عن التزويج بغير ولي: «إن كان كُفُؤاً جاز». أخرجه ابن أبي شيبة (3|457) عنهما بإسنادين صحيحين.
4– مذهب من قال بأن النكاح يستلزم موافقة المرأة فحسب، ويجوز أن تعقد العقد بنفسها. وهذا هو مذهب أبي حنيفة (وقد خالفه صاحباه)، لكن مباشرة المرأة للعقد مكروه عنده. ويجوز للولي الاعتراض على غير الكفء. جاء في البحر الرائق (3|117): «إنما يطالب الولي بالتزويج، كيلا تنسب إلى الوقاحة. ولذا كان المستحب في حقها تفويض الأمر إليه. والأصل هنا: أن كل من يجوز تصرفه في ماله بولاية نفسه، يجوز نكاحه على نفسه. وكل من لا يجوز تصرفه في ماله بولاية نفسه، لا يجوز نكاحه على نفسه. ويدل عليه قوله تعالى {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ...} (230) سورة البقرة. أضاف النكاح إليها. ومن السنة حديث مسلم: «الأيم أحق بنفسها من وليها». وهي من لا زوج لها: بكراً كانت أو ثيباً. فأفاد أن فيه حقَّين: (1) حقه وهو مباشرته عقد النكاح برضاها، (2 حقها) وقد جعلها أحقّ منه. ولن تكون أحق إلا إذا زوّجت نفسها بغير رضاه». كما احتج أبو حنيفة بالقياس على البيع، فإنها تستقل به.
قال الحنفية: لا خلاف في أن المرأة البالغة العاقلة لها أن تتصرف في مالها بكافة التصرفات المالية من بيع وإيجار ورهن وغيرها. فيكون لها كذلك أن تتصرف في نفسها بالزواج. لأن الكلّ حقٌّ خالِصٌ لها. وإذا كان إعطاء المرأة هذا الحق يترتب عليه الخوف من لحوق الضرر بالولي، فقد تداركنا ذلك باشتراط الكفاءة فيمن تختاره المرأة زوجاً لها، محافَظَةٌ على كيان الأسرة وسمعتها.
ويرد عليهم ما أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3|10): حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة t: أنها أنكحت رجلاً من بني أخيها، جاريةً من بني أخيها، فضربت بينهما بستر ثم تكلمت. حتى إذا لم يبق إلا النكاح، أمرت رجلاً فأنكح. ثم قالت: «ليس إلى النساء النكاح». قلت: و علة هذا الأثر كثرة تدليس ابن جريج، ولم يصرح بالسماع من عبد الرحمان. قال الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء (2|249): «حديث ابن جريج فاسد. لأن أحمد بن حنبل يقول (في إسناده إلى ابن جريج): أُخبِرتُ عن عبد الرحمن بن القاسم، فصار من بينه وبين عبد الرحمن مجهولاً. والأخرى أن ابن إدريس يرويه عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة مرسلاً، لم يذكر فيه عن أبيه».
ويرد عليهم ما أخرجه الشافعي في مسنده (2|28) عن ابن عيينة عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة t: «لا تُنْكِحُ (تُزَوِّجُ) المرأةُ المرأةَ. إنما البغيّ (الزّانية) تُنْكِحُ نفسَها». وقد روى ابن أبي شيبة (3|458) عن ابن علية عن أيوب عن ابن سيرين بنحوه. ورواه عن أبي أسامة عن هشام عن ابن سيرين بنحوه. وأبو هريرة t من فقهاء الصحابة، وقد ولاه عمر t، وشرطه في الرجال معروف.
5– مذهب من أجاز للمرأة أن تعقد العقد بنفسها، لكن بشرط موافقة الولي. وقد نسبوا هذا القول لأبي ثور، ولا يصح عنه، فهو لا يجيز للمرأة أن تعقد العقد بنفسها. فلعل هذا القول غلط لا يقول به أحد. والله أعلم.
وقد مزج بعض العلماء (كالشافعي بين هذه المذاهب)، والسبب هو الخلاف في علة الإجبار. فقد قال البعض –ومنهم أبو حنيفة كما قد سلف– بأن العلة هي البلوغ (قياساً على التملك المالي). فالصغيرة (بكراً كانت أم ثيباً) يجوز للأب إجبارها بدون أخذ رأيها (لأنه لا رأي لغير بالغ). فأما اليتيمة (الصغيرة) فهناك خلاف في جواز أن يجبرها غير الأب، إلا أني لا أعلم خلافاً في وجوب تخييرها عند بلوغها عند من أجاز ذلك النكاح. أما لو أجبرها الأب، فقد أجازوا النكاح واختلفوا في تخييرها عند بلوغها. أما الكبيرة فلا يجوز إجبارها (بكراً كانت أم ثيباً). هذا هو قول جمهور السلف، ومذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام.
وقال البعض –ومنهم الشافعي– بأن العلة هي سبق الزواج (لأن المراد منه الخبرة). فيجوز للآباء فقط إجبار البكر (صغيرة كانت أم كبيرة)، ولا يجوز للأب إجبار الثيّب (صغيرة كانت أم كبيرة). والبعض ألحق الجدّ بالأب. فإن لم يكن للأب ولاية (كأن يكون كافراً أو يكون ميتاً) فقد أجمع المسلمون على أنه يجب تخييرها. قال شيخ الإسلام: «البكر البالغ ليس لغير الأب والجد تزويجها بدون إذنها بإجماع المسلمين. فأما الأب والجد فينبغي لهما استئذانها».
وخلاصة القول في هذا الموضوع: أنه لا خلاف بين العلماء في إجبار البكر الصغيرة (إلا عند ابن شبرمة)، ولا خلاف بينهم في عدم إجبار الثيب الكبيرة (إلا عند الحسن)، واختلفوا في غير ذلك اختلافاً بيناً. وأصح الأقوال أنه يجوز تزويج الصغيرة من قبل أقرب العصبة لها، من غير أخذ رأيها، لكن لا يجوز الدخول بها حتى البلوغ، حيث تخيّر، فإن قبلت جاز للزوج الدخول بها، وإلا كان ذلك طلاقاً. ولا يجوز إجبار الكبيرة على الزواج من أحد (بكراً كانت أم ثيباً). ولا تتولى بنفسها إنشاء العقد، ولكن توكل رجلاً. ولا يشترط موافقة أقرب العصبة لها إن زوجت نفسها كفء (والكفاءة تكون في الدين فقط، لا في اللون ولا في العرق ولا في المال). فإن لم يكن كفأً لها، كان لا بد من موافقة أقرب العصبة لها. فإن اشتجروا رفعوا أمرهم إلى السلطان. ومن يتوكل على الله فهو حَسبُه.
اشتراط بلوغ المرأة قبل الدخول بها
لا يخفى بأن زواج الصغار لا يخلو من محاذير صحية، لأن أجهزتهم التناسلية لا تكون مهيأة للجماع بعد، كما أن الصغار لا يكونون مهيئين نفسياً لممارسة الجنس، وبخاصة البنت الصغيرة التي يغلب أن تتضرر جسدياً ولاسيما إذا كان زوجها رجلاً كبيراً! فقد يسبب جماعها مضاعفات نفسية وجسدية سيئة ترافقها طوال حياتها وتؤثر في مستقبلها الجنسي. ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزوجة الصغيرة التي لا تحتمل الوطء لا تُسلَّم إلى زوجها حتى تكبر وتصبح في سـن تتحمل فيه الوطء، حتى وإن كان الزوج عاقلاً أميناً وتعهد ألا يقربها، لأن هيجان الشهوة فيه قد يحمله على وطئها فيؤذيها.
ونحن بدورنا ننصح من الوجهة الطبية بعدم الزواج قبل البلوغ على أقل تقدير لأن البلوغ مؤشر فطري يدل على أن الجسم أصبح مهيأً لممارسة الجنس، كما أن الإنسان بالبلوغ يصل إلى درجة مقبولة من الوعي الاجتماعي الذي يساعده على تكوين الأسرة. علماً بأن معظم القوانين المعمول بها في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية تمنع الزواجَ قبل سِنِّ الرُّشْدِ، أو سنِّ ثماني عشرة سنة. وإن كانت المرأة –عادة– قادرة على الزواج قبل ذلك السن.
ويختلف سن بلوغ المرأة حسب العرق وحسب المناخ. فمعروف أنه في المناطق الحارة، تبلغ المرأة وعمرها تسع سنين، كما هي الحال في كثير من مناطق جزيرة العرب. وأما في المناطق القطبية الباردة، فتتأخر حتى سن 21 كما هي الحال عند الأسكيمو. قال الترمذي: قالت عائشة: «إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة». قال البيهقي (1|319): «تعني –والله أعلم–: (إذا بلغت الجارية تسع سنين) فحاضت فهي امرأة». والمقصود أن هذا أدنى سن للأنثى لتبلغ وتصير امرأة بالغة. وهذه هي الحال مع أمنا عائشة t. إذ أخرج البخاري (5|1973) عن عائشة t: «أن النبي t تزوجها وهي بنت ست سنين، وأُدْخلت عليه وهي بنت تسع، ومكثت عنده تسعاً». وفي رواية أخرى: وزُفَّتْ إليه وهي بنت تسع سنين و لُعَبُهَا معها، ومات عنها وهي بنتُ ثمانَ عشرة.
وهذه هي العادة في كثير من بلاد العرب: قال الإمام الشافعي –كما في سير أعلام النبلاء (10|91)–: «رأيت باليمن بنات تسع يحضن، كثيراً». يقصد: رأيت باليمن الكثير من البنات يحضن في سن التاسعة. وروى البيهقي (1|319) عن الشافعي قال: «أعجل من سمعت به من النساء يحضن: نساء بتِهامة يحضن لتسع سنين». وقال الشافعي كذلك: «رأيت بصنعاء: جَدَّةٌ بنت إحدى وعشرين سنة! حاضت ابنة تسع، وولدت ابنة عشر، وحاضت البنت ابنة تسع، وولدت ابنة عشر». ويذكر مثل هذه الأخبار عن الحسن بن صالح وعن عباد بن عباد المهلبي وعن ابن عقيل وغيرهم. انظر التحقيق في أحاديث الخلاف (2|267).
تزويج النساء بمجرد العقد عليها جائزٌ عند أكثر العلماء، لقوله تعالى في سورة الطلاق: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم –إن ارتبتم– فعدتهن ثلاثة أشهر، واللائي لم يحضن. وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن. ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا}. فقوله {واللائي لم يحضن} دليلٌ على جواز الزواج من امرأة ليست بحائض. وشذ أحد فقهاء العراق، فقال بعدم جواز العقد.
قال ابن شبرمة: إنه لا يزوج الصغير والصغيرة حتى يبلغا، لقوله تعالى {حتى إذا بلغوا النكاح}. فلو جاز التزويج قبل البلوغ، لم يكن لهذا فائدة. ولأن ثبوت الولاية على الصغيرة، لحاجة المولى عليه. حتى أن فيما لا تتحقق فيه الحاجة، لا تثبت الولاية، كالتبرعات. ولا حاجة بهما إلى النكاح، لأن مقصود النكاح طبعاً هو قضاء الشهوة وشرعاً النسل. والصغر ينافيهما. ثم هذا العقد يعقد للعُمر، وتلزمهما أحكامه بعد البلوغ. فلا يكون لأحد أن يلزمهما ذلك، إذ لا ولاية لأحد عليهما بعد البلوغ.
وهذه الحجج التي ذكرها ابن شبرمة –رحمه الله– كلها حجج قوية صحيحة. لكن يرد عليها أن الكلام عن جواز العقد، وليس الدخول. فإذا مات الرجل، ورثته زوجته الطفلة. لكن لا يجوز الدخول عليها، حتى تبلغ لما فيه من إيذاء لها، ولكون الدخول على غير البالغة مناف لغرض النكاح كما أوضح ابن شبرمة. ولهم في رسول الله r أسوة حسنة، كما تقدم في قصته مع أمنا عائشة t. وأما أن الولي لا يملك أن يلزمها بزواج يمتد لبعد النكاح، فصحيح. ولذلك يجب تخيير المرأة عند بلوغها، إن كانت تريد البقاء معه أم لا.
سيف بلعيد
2008-08-14, 11:55 PM
هذا الموضع أثير في موقع العربية اليوم بسبب خبر رجل عمره(50) سنة عقد على طفلة عمرها 8 سنوات
و صلت التعليقات المنتقده أكثر من 200 و لم يناقشو المسألة من الجانب الشرعي
هنا الرابط
http://www.alarabiya.net/articles/2008/08/13/54781.html
علي الفضلي
2008-08-15, 07:04 AM
بارك الله فيكم - وغفر الله لأخينا شريف-.
لقد أجاد الإخوة في بيان خطأ الأخ شريف ، وخاصة أبا الفداء ، وابن سفران ، وأبا جهاد . وليعلم الأخ شريف أن العلمانيين والملحدين والكفرة بأجناسهم لن يرضوا عن هذا الدين ، ولن يبرحوا عن مهاجمته ، فما لك ولهم ، إذا كان الله عزوجل قال : (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )) وهم أهل كتاب ، فما بالك بمن هو دونهم؟!!
وأما قول الأخ شريف:
أما زواج الصغيرة فأخبرني بالله عليك ما المصلحة التي يخاف فوتها ليستبدل بها موافقة وليها - لتزوج ؟
من المصالح -وهي أمر واقع عند كثير من الناس- فقر الولي ، وعدم قدرته على الإنفاق على عياله ، وحاجته لمن يعينه على إعالتهم ، وقد عد الفقهاء من الأحكام التي ترد على النكاح حكم الإباحة - إي إباحة النكاح- قالوا: لمن كان عنده الشهوة ولا مال له ، أو عنده مال ولا شهوة له ، فالأول يحتاج للاقتراض وااقتراض مباح في حقه ، والثاني مباح في حقه لما يحصل من خدمتها ، وبما يقدم لها من مال يسد به حاجتها .ومن المصالح : خشيته على نفسه أن يفارق الحياة ، ولا معيل ولا مربي بعده لها ، فتقدم هذا الرجل الكبير في السن ، ولكنه ديّنٌ ذو خلق ، أليس في هذا حفظ لهذه البنت الصغيرة؟!
من المصالح : خوف انحراف البنية بسبب بعض البيئات التي تعيش فيها البنت ، فكان الأصلح لها أن يزوجها .
ومصالح أخرى ربما تخفى علينا ، ولكنها لا تخفى على العليم الخبير.
ومع القول بالجواز ، فلا شك أن تزويج الكبير بالصغيرة مع وجود الشاب الذي يملأ عين البنت ، هو خلاف الأولى إن لم نقل إنه مكروه ، فقد أخرج النسائي بسند حسن عن بريدة بن حصيب -رضي الله عنه- قال : خطب أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فاطمة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (( إنها صغيرة)) ، فخطبها علي فزوجها منه .
وبوب عليه النسائي في " السنن الصغرى " :
[ تزوج المرأة مثلها في السن ].
والحمد لله رب العالمين.
أبو الفداء
2008-08-15, 03:15 PM
أخانا الفاضل محمد الأمين، أوردت ايرادا طيبا، بارك الله فيك ولكن لي تعقيب على ما صدرت به تبويبك "اشتراط بلوغ المرأة قبل الدخول بها" واستدللت له بعد بما أوردته من نصوص، وهو قولك:
"لا يخفى بأن زواج الصغار لا يخلو من محاذير صحية، لأن أجهزتهم التناسلية لا تكون مهيأة للجماع بعد، كما أن الصغار لا يكونون مهيئين نفسياً لممارسة الجنس، وبخاصة البنت الصغيرة التي يغلب أن تتضرر جسدياً ولاسيما إذا كان زوجها رجلاً كبيراً! فقد يسبب جماعها مضاعفات نفسية وجسدية سيئة ترافقها طوال حياتها وتؤثر في مستقبلها الجنسي. ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزوجة الصغيرة التي لا تحتمل الوطء لا تُسلَّم إلى زوجها حتى تكبر وتصبح في سـن تتحمل فيه الوطء، حتى وإن كان الزوج عاقلاً أميناً وتعهد ألا يقربها، لأن هيجان الشهوة فيه قد يحمله على وطئها فيؤذيها.
ونحن بدورنا ننصح من الوجهة الطبية بعدم الزواج قبل البلوغ على أقل تقدير لأن البلوغ مؤشر فطري يدل على أن الجسم أصبح مهيأً لممارسة الجنس، كما أن الإنسان بالبلوغ يصل إلى درجة مقبولة من الوعي الاجتماعي الذي يساعده على تكوين الأسرة. علماً بأن معظم القوانين المعمول بها في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية تمنع الزواجَ قبل سِنِّ الرُّشْدِ، أو سنِّ ثماني عشرة سنة. وإن كانت المرأة –عادة– قادرة على الزواج قبل ذلك السن."
ففي كلامك هذا أيها الكريم اطلاقات قد أبعدت فيها النجعة.. فقولك "لا يخفى بأن زواج الصغار لا يخلو من محاذير صحية، لأن أجهزتهم التناسلية لا تكون مهيأة للجماع بعد" هذا لا يؤخذ منه حكم عام على كافة الصغار! فربما بلغت فتاة صغيرة في نضج جهازها التناسلي درجة لا تتأذى معها من الايلاج فيها حتى مع كونها لم تحض بعد! ولذلك لم يشترط الفقهاء بلوغ الحيض للفتاة لجواز الدخول بها وانما اشترطوا أن تكون مطيقة له قادرة عليه دون أن تتأذى منه أو أن يتسبب لها في ضرر! والفرق دقيق بين الضابطين يا أخي الكريم! وما سقته بعد ذلك من أحاديث عن عائشة رضي الله عنها في بيان أن الجارية اذا بلغت تسع سنوات فقد صارت امرأة واذا حاضت فقد صارت امرأة، قد يؤخذ منه أنها تصبح عندئذ امرأة كاملة الخلقة، تحبل وتلد وقد اكتمل نضجها كامرأة، ويرجى منها جميع ما يرجى من النساء من الولد والرضاع وكذا.. ولكن هذا ليس فيه دلالة على منع وطئها قبل أن تحيض! ولا يزال صاحب هذه الدعوى مطالبا بتقديم دليل عليها! وقد تكلم الفقهاء في جواز التمتع بها دون الايلاج ما دامت لا تطيقه، وليس ما دامت لم تحض بعد، وهذا واضح لأن الرجل له الحق في التمتع بكل ما أباحه الله له من زوجه ما دامت لا تتضرر أو تتأذى من شيء منه! اما تقييد ذلك ببلوغها الحيض فهذا ما يفتقر الى الدليل!
وقولك بأن تزويج الصغيرة لا يخلو من محاذير صحية، فهلا سميت لنا تفضلا بعض تلك المحاذير؟؟ وهل ثبت طبيا أنها عامة في سائر الفتيات اللاتي توطأن دون بلوغهن المحيض؟؟ فأنا أتفق معك على أنه يلزم التأكد من ان الايلاج في الفتاة الصغيرة لن يضرها، ولعل السبيل الى ذلك أن تفصحها طبيبة مختصة أو نحو ذلك، ولكن من حيث أصل الاباحة فليس لنا أن نمنع من شيء أباحة الله ورسوله دون نص واضح، أو علة طبية ثبت باليقين أنها عامة في كل النساء اذا ما أولج فيهن في سن معينة، فأين تجد هذا، بارك الله فيك؟
أما قولك بارك الله فيك: "كما أن الصغار لا يكونون مهيئين نفسياً لممارسة الجنس، وبخاصة البنت الصغيرة التي يغلب أن تتضرر جسدياً ولاسيما إذا كان زوجها رجلاً كبيراً!"
فهذا لا يسلم لك به مخالفك! فكيف تقول أنه "لا يخفى"؟ بل الذي أراه أنه "لا يظهر" أصلا! بل ان شئت جئتك بحول الله بنقولات من كلام النفسانيين أنفسهم يندى لها الجبين من كلامهم في مدى ادراك الطفل دون ست - بل وأربع - سنوات - ذكرا كان أو أنثى، وبالذات الاناث - لمسألة الجنس والتلذذ ببعض اللفتات واللمسات وكذا! وان شئت جئتك بأبحاث تدل على أنهم يتلذذون بتلك الأعضاء في سنوات مبكرة جدا من أعمارهم، مع كون نضجها لم يكتمل بعد!
يا أخي الكريم، القوم من سفاهتهم ومن تحكيمهم عقولهم في محل شرعة الرحمن جل وعلا، وضعوا القوانين التي تحرم بل وتجرم وقوع أي صورة من صور الاتصال الجسدي بمن هي دون سن الثامنة عشر من عمرها، مع كونهم يعلمون تمام العلم بأن فتياتهم وأولادهم يتواصلون جسديا ويدخلون في علاقات جسدية - وان خلت من الجماع المفضي الى الحمل - ويعبثون في أجساد بعضهم البعض من سنوات متقدمة جدا في أعمارهم!!
فقولك بأن الصغار لا يكونون مهيئين نفسيا لممارسة الجنس، هذا مخالف للواقع والحس بل ولكلام النفسانيين أنفسهم! وفرق بين أن يكون الطفل غير مهيأ جسديا لانتاج السائل المنوي، والطفلة للتبويض والحمل، وبين أن يكونا مهبئين نفسيا "للمارسة الجنس" وللتلذذ بتلك الأعضاء! هذه مسألة دقيقة أرجو أن تعاود مطالعة كلام النفسانيين والأطباء فيها من جديد، أكرمك الله لأن الأمر ليس كما تقول!
أما قولك أن الطفلة الصغيرة بالذات هي التي تتأذى نفسيا وجسديا من ذلك سيما اذا كان الرجل كبيرا، فهذا غير عام في كل الحالات! بل قد يتزوج الرجل الكبير من فتاة صغيرة، ثم يعتني بها كأبيها، ويعودها في عنايته بها على أن تتلذذ بفعله هو وممارسته هو معها وحده دون غيره، من غير أن يكون في ذلك أي أذً أو عدوان عليها، فتشب على التعلق بذلك ومحبته بل والاستكثار منه، ولا تجد في نفسها من ذلك أي كراهة!! بل على العكس تماما، تكون في يده طائعة تعظمه كما لو كان أباها، وفي نفس الوقت تحب وصاله الجسدي فوق ما يكون في غيرها من النساء!! فمعلوم أن الفتاة تنمو فيها غرائزها في سن مبكرة جدا، وتستكشف أعضاءها التناسلية كذلك وتتلذذ بها في سن مبكرة - وأدعوك مجددا الى مراجعة كلام أهل الطب والنفسانيين - فلماذا تجعل افتراض السوء في ذلك الرجل الكبير الذي سيختلي بها، هو حاديك وحاملك على اطلاق القول العام في كل حالة؟؟؟
أما قولك: "كما أن الإنسان بالبلوغ يصل إلى درجة مقبولة من الوعي الاجتماعي الذي يساعده على تكوين الأسرة"
فأقول من الذي قال هذا؟ بل ان الصبية يعلمون الصلاة والقرءان ويؤمرون بها في سن سبع سنوات، وتجوز امامة الصبي الذي هو دون البلوغ كما هو معلوم، ولا يشترط في ذلك أن يكون بالغا (محتلما)! وقد قدمنا أن الرجل الراشد الذي يتزوج من فتاة صغيرة فانه يربيها ويعدها بنفسه اعدادا - نفسيا وجسديا - على تحمل أعباء الزوجية بل وعلى تحمل طباعه هو نفسه وحوائجه، ولعل في كثير من الأحوال أن يكون هذا أثمر للمودة ولحسن العشرة بينهما من غيره! وقد ربى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بنت الست سنوات من بعد أبيها أبي بكر وتولى هو ذلك حتى اذا ما بلغت اطاقة الوطء - ووافق ذلك بلوغها الحيض في سن التاسعة - استأذن في ذلك أباها رضي الله عنهما، ثم كانت بعد ذلك رضي الله عنها أحرص النساء على حظها وعلى ليلتها من النبي صلى الله عليه وسلم كما دلت السنة!
أما قولك: "فقد يسبب جماعها مضاعفات نفسية وجسدية سيئة ترافقها طوال حياتها وتؤثر في مستقبلها الجنسي. ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزوجة الصغيرة التي لا تحتمل الوطء لا تُسلَّم إلى زوجها حتى تكبر وتصبح في سـن تتحمل فيه الوطء"
قلت هذه المضاعفات النفسية والجسدية لا تكون الا من ظالم يظلمها ولا يتقي الله فيها، وهذا وارد حدوثه حتى في التي تتزوج بعد بلوغها، بل وحتى في المرأة الكبيرة - في العقد الثالث من عمرها أو ما بعده - التي قد يبتليها الله برجل ظالم باغ فانه يجعل أول حظها من الجماع عذابا لا تنساه ما بقي لها من العمر!! ومجرد القول بأن وقوع ذلك في الصغر قد يكون أضر، لا يحتج به على منع ما أباحه الله! والا فهل نحرم الزواج كله لنفس هذا السبب، أعني وجود هذا الاحتمال وان تفاوت؟ كلا يا أخي الكريم وانما تعالج كل حالة بحسبها، مع بقاء أصل الاباحة!
وأنا ألزمك بما تقول هنا في أن شرط جواز الوطء هو بلوغ سن تحتمل الفتاة معها الوطء وليس بلوغ الحيض كما ذكرت أنت، فتأمل. أما أنها لا تسلم الى الرجل الا اذا بلغت الوطء فما دليله؟؟؟
أما قولك - رحمك الله: "ونحن بدورنا ننصح"
فأرجو المعذرة أخي الكريم، وأرجو ألا تسيء الظن بمقصدي.. ولكن قولك "نحن بدورنا" يجعلني أتصور أنك لا تتكلم عن نفسك وانما عن جماعة من الناس... فمن أنتم؟؟؟
أما قولك: "علماً بأن معظم القوانين المعمول بها في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية تمنع الزواجَ قبل سِنِّ الرُّشْدِ، أو سنِّ ثماني عشرة سنة. وإن كانت المرأة –عادة– قادرة على الزواج قبل ذلك السن."
فلا أدري ما وجه ايرادك لهذا الكلام في مبحث علمي في مسألة فقهية!! هل توافقهم أنت على هذا الكلام؟؟؟ أعيذك بالله من ذلك!
علي الفضلي
2008-08-15, 06:12 PM
قال البخاري في صحيحه في كتاب (النكاح) :
بَاب إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } ، فَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ .
ـــــ
قال العلامة ابن عثيمين في شرحه على البخاري :
[ الشاهد في هذا الباب قوله تعالى ((واللائي لم يحضن)) ، يعني : اللائي لم يحضن عدتهن ثلاثة أشهر ، ولا عدة إلا بعد نكاح ، والتي لم تحض على حسب استدلال اليبخاري –رحمه الله تعالى- هي التي لم تبلغ ، أي : صغيرة.
ولكن قد يقال : إن البلوغ ليس علامته الحيض فقط ، فقد تبلغ بخمس عشرة سنة وتُزوَّج ، ولا يأتيها الحيض ، فهذه عدتها ثلاثة أشهر ، فلهذا استدلال البخاري –رحمه الله تعالى- فيه نظر ، لأنه ما يظهر لنا أنها تختص بمن لا تحيض ، فإنه يمكن أن تبلغ بتمام خمس عشرة ، بالإنبات ، أو بالإنزال كما هو معروف .
(ثم قرأوا على الشيخ كلاما للحافظ من الفتح(9/190) :
"" قَوْله ( لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ، فَجَعَلَ عِدَّتهَا ثَلَاثَة أَشْهُر قَبْل الْبُلُوغ )
أَيْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نِكَاحهَا قَبْل الْبُلُوغ جَائِز ، وَهُوَ اِسْتِنْبَاط حَسَن ، لَكِنْ لَيْسَ فِي الْآيَة تَخْصِيص ذَلِكَ بِالْوَالِدِ وَلَا بِالْبِكْرِ . وَيُمْكِن أَنْ يُقَال الْأَصْل فِي الْأَبْضَاع التَّحْرِيم إِلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيل ، وَقَدْ وَرَدَ حَدِيث عَائِشَة فِي تَزْوِيج أَبِي بَكْر لَهَا وَهِيَ دُون الْبُلُوغ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْل ، وَلِهَذَا السِّرّ أَوْرَدَ حَدِيث عَائِشَة ، قَالَ الْمُهَلَّب : أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَجُوز لِلْأَبِ تَزْوِيج اِبْنَته الصَّغِيرَة الْبِكْر وَلَوْ كَانَتْ لَا يُوطَأ مِثْلهَا ، إِلَّا أَنَّ الطَّحَاوِيّ حَكَى عَنْ اِبْن شُبْرُمَةَ مَنْعه فِيمَنْ لَا تُوطَأ ، وَحَكَى اِبْن حَزْم عَنْ اِبْن شُبْرُمَةَ مُطْلَقًا أَنَّ الْأَب لَا يُزَوِّج بِنْته الْبِكْر الصَّغِيرَة حَتَّى تَبْلُغ وَتَأْذَن ، وَزَعَمَ أَنَّ تَزْوِيج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَة وَهِيَ بِنْت سِتّ سِنِينَ كَانَ مِنْ خَصَائِصه ، وَمُقَابِله تَجْوِيز الْحَسَن وَالنَّخَعِيِّ لِلْأَبِ إِجْبَار بِنْته كَبِيرَة كَانَتْ أَوْ صَغِيرَة بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا .
( تَنْبِيه ) :
وَقَعَ فِي حَدِيث عَائِشَة مِنْ هَذَا الْوَجْه إِدْرَاج يَظْهَر مِنْ الطَّرِيق الَّتِي فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده ""اهـ.
الحاصل أن الاستدلال بالآية ليس بظاهر ، أما الاستدلال بحديث عائشة – رضي الله عنها- أن أبا بكر زوجها ولها ست سنين ، ودخل عليها النبي –صلى الله عليه وسلم – ولها تسع سنين ، فهذا صحيح أن فيه أن تزويج الرجل أولاده الصغار ، ولكن قد يقال : متى يكون الزوج كالرسول –صلى الله عليه وسلم - ، ومتى تكون البنت عائشة.
أما أن يأتي إنسان طمّاع لا همّ له إلا المال ، فيأتيه رجل ما فيه خير ، ويقول زوجني بنتك ، وهي عنده ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة ، ما بلغت بعد ، ويعطيه مائة ألف ، فيزوجه إياها ويقول : الدليل على ذلك أن أبا بكر- رضي الله عنه – زوّج عائشة النبيَّ.
نقول: هذا الاستدلال بعيد ما فيه شك ، وضعيف ، لأنه لو ما أعطاك المائة ألف ولا أعطاك كذا وكذا ، ما زوجته ، ولا استدللت بحديث عائشة وتزويج أبي بكر للنبي –صلى الله عليه وسلم- إياها .
فالمسألة عندي أن منعها أحسن ، وإن كان بعض العلماء حكى الإجماع على جواز تزويج الرجل ابنته التي هي دون البلوغ ، ولا يعتبر لها إذن ، لأنها ما تعرف مصالحها .
وبعضهم قال : هذا خاص بمن دون التسع .
فالذي يظهر لي أنه من الناحية الانضباطية في الوقت الحاضر ، أن يُمنع الأبُ من تزويج ابنته مطلقا ، حتى تبلغ وتُستأذن ، وكم من امرأة زوّجها أبوها بغير رضاها ، فلما عرفت وأتعبها زوجها قالت لأهلها : إما أن تفكوني من هذا الرجل ، وإلا أحرقت نفسي ، وهذا كثير ما يقع ، لأنهم لا يراعون مصلحة البنت ، وإنما يراعون مصلحة أنفسهم فقط ، فمنع هذا عندي في الوقت الحاضر متعين ، ولكل وقت حكمه .
ولا مانع من أن نمنع الناس من تزويج النساء اللاتي دون البلوغ مطلقا ، فها هو عمر – رضي الله عنه – منع من رجوع الرجل إلى امرأته إذا طلّقها ثلاثا في مجلس واحد ، مع الرجوع لمن طلّق ثلاثا في مجلس واحد كان جائزا في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وسنتين من خلافته ، والراجح أنها واحدة.
ومنع من بيع أمهات الأولاد – فالمرأة السُّرِّيَّة عند سيدها إذا جامعها وأتت منه بولد صارت أم ولد – في عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ، كانت تباع أم الولد ، لكن لما رأى عمر أن الناس صاروا لا يخافون الله ، ويفرِّقون بين المرأة وولدها ، منع –رضي الله عنه – من بيع أمهات الأولاد.
وكذلك أيضا : أسقط الحد عن السارق في عام المجاعة العامة .
وأما قول ابن حزم : أن زواج النبي –صلى الله عليه وسلم – من عائشة هو من خصائصه –صلى الله عليه وسلم – فله وجه ، ولكن الأصل عدم الخصوصية ، ولكن يُرَشِّحُ هذا القول أن الرسول –صلى الله عليه وسلم – خُصَّ بأشياء كثيرة في باب النكاح اهـ.
وقال البخاري –رحمه الله تعالى- :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا).
قال العلامة العثيمين :
[ تقدم لنا أن الرجل يجوز أن يزوّج ابنته الصغيرة إذا كانت بكرا ، ومعلوم أن الصغيرة لا إذن لها ، لأنها لم تبلغ ، وهذا قول جمهور أهل العلم ، واستدلوا بالحديث الذي ذكره المؤلف –رحمه الله - ، وبعضهم حكى الإجماع على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة بدون رضاها ، لأنه ليس لها إذن معتبر ، وهو أعلم بمصالحها ، ولكن نقل الإجماع ليس بصحيح ، فإنه قد حكى ابن حزم عن ابن شبرمة أنه لا يصح أن يزوج ابنته الصغيرة حتى تبلغ ، وتأذن ؛
وهذا عندي هو الأرجح ، والاستدلال بقصة عائشة فيه نظر ، ووجه النظر أن عائشة زُوِّجت بأفضل الخلق –صلى الله عليه وسلم- وأن عائشة ليست كغيرها من النساء ، إذ أنها بالتأكيد سوف ترضى وليس عندها معارضة ، ولهذا لمّا خُيرت –رضي الله عنها- حين قال لها النبي – صلى لله عليه وسلم - : (لا عليك أن تستأمري أبويك) ؛ فقالت : إني أريد الله ورسوله ، ولم ترد الدنيا ولا زينتها .
ثم إن القول بذلك في وقتنا الحاضر يؤدي إلى مفسدة كما أسلفنا سابقا ، لأن بعض الناس يبيع بناته بيعا ، فيقول للزوج : تعطيني كذا ، وتعطي أمها كذا! وتعطي أخاها كذا! ، وتعطي عمها كذا ! ... إلى آخره .
وهي إذا كبرت فإذا هي قد زُوجت فماذا تصنع؟!!
وهذا القول الذي اختاره ابن شبرمة ولا سيما في وقتنا هذا ، هو القول الراجح عندي ، وأنه يُنتظر حتى تبلغ ثم تُستأذن .
فعائشة –رضي الله عنها – تزوجها الرسول –صلى الله عليه وسلم – وهي بنت ست سنين ، يعني قبل أن تبلغ سنّ التمييز ، وتوفي عنها بعد تسع سنين ، حيث توفي الرسول –صلى الله عليه وسلم – في السنة الحادية عشرة من الهجرة فهذه تسع سنوات .
إذاً توفي عنها ولها ثماني عشرة سنة ، ومع ذلك أدركت هذا العلم العظيم الذي ورثته الأمة من بعدها]اهـ.
و قال البخاري- رحمه الله تعالى –
بابٌ لا يُنكِح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها .
قال العلامة ابن عثيمين :
[ المؤلف –رحمه الله تعالى – يقول : (لا ينكح الأب وغيره البكرَ والثيب إلا برضاها) ؛ وهذا الذي ذهب إليه البخاري –رحمه الله – هو الحق ، من أنه لا يجوز للأب أن يزوج البكر إلا برضاها ، ولا لغيره أن يزوج البكر إلا برضاها ، والثيب من باب أولى ، لأنها أملك لنفسها من غيرها.
ولكن يُسْتثنى من ذلك على رأي المؤلف ما سبق من قوله : " باب تزويج الرجل ولده الصغير أو ولده الصغار " ؛ وسبق أن هذا رأي الجمهور ، وهو أن البكر الصغيرة يزوجها أبوها بدون إذن ، لأنه ليس لها إذن معتبر لصغرها ، وعدم معرفتها للأمور ، والأب أشفق من غيره فيزوجها بدون إذنها ، بخلاف غيره ، لا يزوجها حتى ولو أذنت ، لأنها لا تعرف ، ولكن أن القول الراجح أنها لا تُزوّج الصغيرة لا سيما في عصرنا هذا إلا بعد أن تبلغ وتَرْضى.................. .(إلى أن قال العلامة العثيمين) :
فإن قيل : عدم تزويج البكر قبل بلوغها لعدم علمها بأمور الزواج ، فهل إن كانت تعلم هذه الأمور تُزوّج؟
نقول الظاهر أنها إذا عرفت النكاح ، ومصالح النكاح يكْفي ، لأن بعض العلماء حددوا بتسع سنين ، لأن البنت عند تسع غالبا يأتيها الحيض ، يعني : قد يأتيها الحيض ، وقد تعرف مصالح النكاح ، لا سيما في وقتنا هذا ، فالنساء الآن بدأن يقرأن القرآن ، ويعرفن حقوق الزوج ، وما يجب له ، وما يجب عليه ، وصارت المرأة ولو كان لها اثنتا عشرة سنة أو شبهها تعرف مصالح النكاح ، فإذا قُدر أن امرأة تعرف هذه الأمور معرفة جيدة ، ولكنها لم تبلغ ، واستُؤذنت فأذنت فلا بأس ]اهـ.
أبو الفداء
2008-08-15, 08:46 PM
الفاضل الفضلي، زاده الله فضلا،
أولا كلامك عن الرجل الغني الذي يدفع مالا كثيرا في المهر للوالد فيقدم الوالد له ابنته الصغيرة زوجا له، هذا قد يكون من المصلحة والخير للأب والبنت والرجل والأسرة كلها، طالما أن الرجل ليس منخرم السيرة أو الدين، وليس ممن يظن فيه السوء ويخشى منه البغي عليها!! ونرجع مرة أخرى لنكرر أن ظلم الظالمين وفساد الفاسدين في تطبيقهم لشرعة من الشرائع، لا يؤخذ منه الدلالة على فساد تلك الشرعة نفسها أبدا! تماما كما نقول أن مشكلة تصدر كثير من الجهلة للقيام بختان الاناث - وتسببهم لجهلهم في الجور على جهاز الفتاة التناسلي - لا يكون علاجه تحريم الختان نفسه!!!
أما استدلالك أكرمك الله بالأحكام التي قضى فيها عمر رضي الله عنه بخلاف ما كان على زمان النبي صلى الله عليه وسلم فهل أنت من الخلفاء الراشدين؟؟ يا أخي لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتخذ هذه الأحكام ذريعة له ليحل حراما أو يحرم حلالا أو يأتي بقول لم يقل به السلف، لا في زماننا هذا ولا في أي زمان كان! وقولك بضرورة تحريم ومنع ذلك الزواج بعلة تغير أحوال الناس، قياسا على فعل الخلفاء الراشدين، هذا قول فاسد لم يقل بمثله أحد من السلف! وان كنت تظن أن الأمة لم تمر بعصور كان فيها مثل ما في زماننا من أغنياء مترفين فسقة لا يتقون الله في بنات المسلمين، فراجع التاريخ يا أخي الحبيب! بل كان في أزمان متقدمة أكثر - في هذا - مما تراه اليوم، ومع ذلك لم يأتينا أن حكم أحد الفقهاء في زمانه بتشريع جديد يمنع فيه نكاح الصغيرة مطلقا لهذه العلة كما تذهب أنت!!
أما الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم فما أتوا بهذه الأحكام التي ذكرتها من رؤوسهم ولا اجتهاداتهم الخاصة، وهذه شبهة يثيرها الرافضة للترويج لزعمهم الملعون - قبحهم الله - بأن الخلفاء الراشدين أحدثوا في الدين ما لم يكن فيه وبدلوه باجتهادهم وعارضوا ما كان عليه النبي وأصحابه في زمانه، ولا أظن هذا الأمر يخفى على مثلك!! ولا يخفى عليك كذلك أيها الفاضل أننا مأمورون باتباع سنة الخلفاء الراشدين مع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لأنهم عضوا على سنة النبي عليه السلام بالنواجذ! فلولا أنهم علموا أن أقوالهم تلك في الشرع الحكيم لها متسع، وأنها لن تكون تغييرا لحكم أجمع عليه الصحابة وانتهى أمر التشريع والوحي وهو مستقر عليه، لما قالوا بها! ولو كانت من اجتهادهم الخاص لنقل الينا من يخالفهم فيها أو ينكرها عليهم، وهذا أمر يتوافر الداعي الشديد على نقله ان وقع ولا ريب! ولكن عدم نقل ذلك الخلاف دل على اجماع الصحابة على أن في الأمر سعة! ولولا أن كان الأمر كذلك ما أمرنا نبينا باتباع سنة هؤلاء الخلفاء كاتباعنا لسنته صلى الله عليه وسلم! أما أن يأتي واحد من مجتهدينا ويقول لقد حكم الخلفاء الراشدون في قضايا بخلاف ما كان عليه الأمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، اذا فقد فعلوا ذلك للمصلحة المظنونة، وعليه فلنا أن نصنع مثل ذلك فيما يظهر لنا من أحكام الدين أن الناس لم يعد يناسبها ذلك أو لم يعد يصلح فيها، فهذا خرق عظيم وفساد عريض لا أظن مثلك يدعو اليه أو يقول به، بارك الله فيك ونفع بك.
علي الفضلي
2008-08-16, 05:55 AM
الفاضل الفضلي، زاده الله فضلا،
أولا كلامك عن الرجل الغني الذي يدفع مالا كثيرا في المهر للوالد فيقدم الوالد له ابنته الصغيرة زوجا له، هذا قد يكون من المصلحة والخير للأب والبنت والرجل والأسرة كلها، طالما أن الرجل ليس منخرم السيرة أو الدين، وليس ممن يظن فيه السوء ويخشى منه البغي عليها!!
.
أخي أبا الفدا بارك الله فيك :
أولا : هذا الكلام ليس لي!! ، وإنما هو للعلامة الأصولي الفقيه محمد بن صالح العثيمين ، نقلتُ كلامه لأنه من كبار العلماء المعاصرين ، ولإثراء الموضوع .
ثانيا : لعلك تعيد قراءة كلام العلامة ابن عثيمين .
ثالثا : لعلك تقرأ مشاركتي التي قبل هذه .
ثم علِّق -حفظكم الله تعالى - وبانتظار تعليقك بعد قراءة ما ذكرتُ لك.
أبو الفداء
2008-08-16, 06:31 AM
بارك الله فيك أيها الفاضل الفضلي.. وأعتذر اليك عن تحميلك تبعة معارضتي - بادي الرأي - لنقل نقلته أنت عن امام من الأئمة رحمه الله ورضي عنه.. وقد عاودت قراءة كلام الشيخ رحمه الله تعالى فوجدته يقول في المثال الذي ضربه: "أما أن يأتي إنسان طمّاع لا همّ له إلا المال ، فيأتيه رجل ما فيه خير ، ويقول زوجني بنتك ، وهي عنده ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة ، ما بلغت بعد ، ويعطيه مائة ألف ، فيزوجه إياها ويقول : الدليل على ذلك أن أبا بكر- رضي الله عنه – زوّج عائشة النبيَّ." اهـ.
فلي أنه رحمه الله أنكر على الأب الطماع الذي لا يريد الا المال والذي من أجل ذلك لا يتورع عن تقديم صغيرته لرجل فاسد! وهذا محل اتفاق بيننا جميعا فكلنا مطبقون على انكاره واستبشاعه، غير أن القول بأن هذا أمر مما اختص به زماننا هذا، ليس يظهر لي صحته - والله أعلم - وحتى وان ثبت فليس فيه ما يرجح قول المانعين من ذلك والزاعمين أنه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم كابن شبرمة وابن حزم وغيرهما! فميل الشيخ رحمه الله ورضي عنه الى اختيار هذا القول - ولم يصرح بذلك - ليس حجة على صحته، والله أعلى وأعلم.
وقول الشيخ رحمه الله: "ولكن قد يقال : متى يكون الزوج كالرسول –صلى الله عليه وسلم - ، ومتى تكون البنت عائشة."
وهذا ممما عجبت له حقيقة، لأنه معلوم أن رجلا من المسلمين لن يكون أبدا كالنبي صلى الله عليه وسلم ولن تأتي فتاة كعائشة!! فهل هذا دليل - أو حتى قرينة - تخصيص له ولنسائه في الأحكام؟ يمكننا قول مثل ذلك على كل حكم من الأحكام التي كان النبي فيها صلى الله عليه وسلم هو القدوة بنفسه في تطبيق الحكم، ولم يختص بها من دون الأمة، فهل يصلح أن يعد هذا الاعتبار دليلا على تخصيصه - بأبي هو وأمي - بتلك المسألة؟
وأنا أتساءل، لو لم يكن من حكمة الله في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم لفتاة في السادسة من عمرها أن يتعلم المسلمون جواز ذلك على نحو ما جرى في تلك الحالة، فما الحكمة وما المقصد منه في تصوركم اذا؟! لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في زيجاته مثالا وقدوة يتعلم منه المسلمون في كل حالة من تلك الزيجات حكمة ومصلحة ومقصدا من مقاصد الشرع بأحكامه في النكاح كما استنبط أهل العلم رحمهم الله، وهذه هي الحكمة - والله أعلم - في اختصاصه عليه السلام بالزيادة على أربعة نسوة!
فتعطيل فقه حالة عائشة رضي الله عنها بحجة أنه لن تأتي من النساء مثلها ولا من الرجال مثل النبي صلى الله عليه وسلم، لو توسعنا فيها لعطلنا سائر ما تعلمته الأمة من دروس في سائر زيجات النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك تعدد الزوجات نفسه، فتأمل! لأنه قطعا لن يأتي من هو في عدل النبي محمد، ولن تأتي من هن في قناعة وايمان وعفة زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أبدا وهذا مقطوع به ولا مراء!! فما دام لن يكون من الرجال من يمكن أن يكون في مثل عدالة النبي عليه السلام مع الزوجات، فلنقل اذا بمنع تعدد الزوجات مطلقا في زماننا هذا على نفس هذا التخريج وعلى نفس هذا المذهب!! بل قد يأتيك من يقول أن الحاجة الى منع التعدد في هذا الزمان الذي كثر فيه الظلم وقلت فيه الخشية من الله وحسن الديانة، أدعى من الحاجة الى منع تزويج الصغيرة، ويقول هذا المنع له شاهده من القرءان لأن الله قال: ((فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة))، فكيف يرد من هكذا مذهبه على من يقول بهذا الكلام؟؟
أما كلام شيخنا رحمه الله رحمة واسعة في مسألة التأسي بالخلفاء الراشدين في احداث أحكام جديدة بخلاف ما كان عليه الصحابة، فما ضابطه وما حده وبأي حجة يطلق على أساسه القول بمنع ما لم يحرمه الله في زمان النبي والخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم؟ ولو سمحنا به في هذه المسألة، فما بال ذلك الذي استدل بمثل هذا على تحريم الختان مطلقا في بلد من بلاد المسلمين، لغلبة المفسدة في رأيه، وغيره الذي استدل بمثله على أكثر من ذلك، وكلهم يجعلون أنفسهم في مثابة الخلفاء الراشدين ويجعلون اجتهادهم هذا مقيسا على موقف عمر رضي الله عنه في تلك المسائل التي ذكرها الشيخ رحمه الله؟؟ كيف ينضبط هذا الأمر، ومعلوم أن اجماع الصحابة رضي الله عنهم على طاعة عمر رضي الله عنه في تلك الأحكام التي خالف بها ما كان قبله - بالاضافة الى كوننا مكلفين باتباع سنة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بنص الحديث - هو دليلنا على مشروعيتها؟؟؟ وكيف يقاس اجتهادنا نحن واجتهاد علمائنا - واجتهاد أي مجتهد في أي زمان بعد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم - على مثل هذا، ويعطل حكم بالجواز منصوص عليه بالقرءان وبعمل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده، ويحول من الاباحة الى المنع بحجة أن عمرا رضي الله عنه فعل مثل ذلك لما رجحت عنده المفسدة؟
والسؤال الآن، ما هي حدود ولي الأمر في أن يمنع شيئا مباحا لظهور المفسدة وغلبتها بسببه بين رعيته؟ وهل أحكام النكاح تدخل في جنس المسائل التي كان الأصل فيها الحل والاباحة واستواء المنفعة بالمفسدة، حتى اذا ما غلبت مفسدتها جاز للحاكم تحريمها؟؟
تامل هذه الأمثلة التي ضربها الشيخ رحمه الله: "فها هو عمر – رضي الله عنه – منع من رجوع الرجل إلى امرأته إذا طلّقها ثلاثا في مجلس واحد ، مع الرجوع لمن طلّق ثلاثا في مجلس واحد كان جائزا في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وسنتين من خلافته ، والراجح أنها واحدة."
قلت فهل قال عمر بهذا المنع من اجتهاده في المصلحة والمفسدة وتغير حال الرعية عما كان عليه الحال في زمان النبي عليه السلام وأبي بكر؟ وهل يجرؤ مسلم على الاقدام على مثل هذا التغيير في حكم شرعي - فضلا عن خليفة راشد - ما لم يكن يعلم أن له في ذلك متسع، وأنه لن يكون خارقا بذلك للاجماع؟
أما مثال: "ومنع من بيع أمهات الأولاد – فالمرأة السُّرِّيَّة عند سيدها إذا جامعها وأتت منه بولد صارت أم ولد – في عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ، كانت تباع أم الولد ، لكن لما رأى عمر أن الناس صاروا لا يخافون الله ، ويفرِّقون بين المرأة وولدها ، منع –رضي الله عنه – من بيع أمهات الأولاد."
فلا أظن أنه لو لم يكن في هذا الباب متسع له رضي الله عنه يعلمه ويعلمه الصحابة كذلك، لما أقدم عليه! ولا يمكن أن يأتي اليوم واحد من مجتهدي المسلمين ليقول - مثلا - أنه سيحرم أخذ الرقيق مطلقا للمسلمين في فتوحاتهم وغزواتهم - على فرض وجود امام وغزو - لغلبة المفسدة في نظره! فعمر رضي الله عنه لو لم يكن يعلم أنه يسعه هذا القول لما قال به، ولما سكت عنه الصحابة فيه!
وأما مسألة اسقاط حد السرقة في عام المجاعة فقد يقال أن هذه ضرورة وللضرورة أحكامها، والله أعلى وأعلم!
من صاحب النقب
2008-08-16, 06:33 AM
إذا كانت أرواق الصحفيين تضعف فيها أحاديث في البخاري فلا أدري ماذا بقي للأجيال التي بعدنا ، فما من يوم يأتي إلا و الذي بعده شر منه .
فماذا أبقينا للأجيال القادمة من الشر إلا إذا أصبحوا يستدلون بأوراق التواليت .
ابن عبدالكريم
2008-08-16, 07:07 AM
أخانا الفاضل محمد الأمين، أوردت ايرادا طيبا، بارك الله فيك ولكن لي تعقيب على ما صدرت به تبويبك "اشتراط بلوغ المرأة قبل الدخول بها" واستدللت له بعد بما أوردته من نصوص، وهو قولك:
"لا يخفى بأن زواج الصغار لا يخلو من محاذير صحية، لأن أجهزتهم التناسلية لا تكون مهيأة للجماع بعد، كما أن الصغار لا يكونون مهيئين نفسياً لممارسة الجنس، وبخاصة البنت الصغيرة التي يغلب أن تتضرر جسدياً ولاسيما إذا كان زوجها رجلاً كبيراً! فقد يسبب جماعها مضاعفات نفسية وجسدية سيئة ترافقها طوال حياتها وتؤثر في مستقبلها الجنسي. ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزوجة الصغيرة التي لا تحتمل الوطء لا تُسلَّم إلى زوجها حتى تكبر وتصبح في سـن تتحمل فيه الوطء، حتى وإن كان الزوج عاقلاً أميناً وتعهد ألا يقربها، لأن هيجان الشهوة فيه قد يحمله على وطئها فيؤذيها.
ونحن بدورنا ننصح من الوجهة الطبية بعدم الزواج قبل البلوغ على أقل تقدير لأن البلوغ مؤشر فطري يدل على أن الجسم أصبح مهيأً لممارسة الجنس، كما أن الإنسان بالبلوغ يصل إلى درجة مقبولة من الوعي الاجتماعي الذي يساعده على تكوين الأسرة. علماً بأن معظم القوانين المعمول بها في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية تمنع الزواجَ قبل سِنِّ الرُّشْدِ، أو سنِّ ثماني عشرة سنة. وإن كانت المرأة –عادة– قادرة على الزواج قبل ذلك السن."
ففي كلامك هذا أيها الكريم اطلاقات قد أبعدت فيها النجعة.. فقولك "لا يخفى بأن زواج الصغار لا يخلو من محاذير صحية، لأن أجهزتهم التناسلية لا تكون مهيأة للجماع بعد" هذا لا يؤخذ منه حكم عام على كافة الصغار! فربما بلغت فتاة صغيرة في نضج جهازها التناسلي درجة لا تتأذى معها من الايلاج فيها حتى مع كونها لم تحض بعد! ولذلك لم يشترط الفقهاء بلوغ الحيض للفتاة لجواز الدخول بها وانما اشترطوا أن تكون مطيقة له قادرة عليه دون أن تتأذى منه أو أن يتسبب لها في ضرر! والفرق دقيق بين الضابطين يا أخي الكريم! وما سقته بعد ذلك من أحاديث عن عائشة رضي الله عنها في بيان أن الجارية اذا بلغت تسع سنوات فقد صارت امرأة واذا حاضت فقد صارت امرأة، قد يؤخذ منه أنها تصبح عندئذ امرأة كاملة الخلقة، تحبل وتلد وقد اكتمل نضجها كامرأة، ويرجى منها جميع ما يرجى من النساء من الولد والرضاع وكذا.. ولكن هذا ليس فيه دلالة على منع وطئها قبل أن تحيض! ولا يزال صاحب هذه الدعوى مطالبا بتقديم دليل عليها! وقد تكلم الفقهاء في جواز التمتع بها دون الايلاج ما دامت لا تطيقه، وليس ما دامت لم تحض بعد، وهذا واضح لأن الرجل له الحق في التمتع بكل ما أباحه الله له من زوجه ما دامت لا تتضرر أو تتأذى من شيء منه! اما تقييد ذلك ببلوغها الحيض فهذا ما يفتقر الى الدليل!
وقولك بأن تزويج الصغيرة لا يخلو من محاذير صحية، فهلا سميت لنا تفضلا بعض تلك المحاذير؟؟ وهل ثبت طبيا أنها عامة في سائر الفتيات اللاتي توطأن دون بلوغهن المحيض؟؟ فأنا أتفق معك على أنه يلزم التأكد من ان الايلاج في الفتاة الصغيرة لن يضرها، ولعل السبيل الى ذلك أن تفصحها طبيبة مختصة أو نحو ذلك، ولكن من حيث أصل الاباحة فليس لنا أن نمنع من شيء أباحة الله ورسوله دون نص واضح، أو علة طبية ثبت باليقين أنها عامة في كل النساء اذا ما أولج فيهن في سن معينة، فأين تجد هذا، بارك الله فيك؟
أما قولك بارك الله فيك: "كما أن الصغار لا يكونون مهيئين نفسياً لممارسة الجنس، وبخاصة البنت الصغيرة التي يغلب أن تتضرر جسدياً ولاسيما إذا كان زوجها رجلاً كبيراً!"
فهذا لا يسلم لك به مخالفك! فكيف تقول أنه "لا يخفى"؟ بل الذي أراه أنه "لا يظهر" أصلا! بل ان شئت جئتك بحول الله بنقولات من كلام النفسانيين أنفسهم يندى لها الجبين من كلامهم في مدى ادراك الطفل دون ست - بل وأربع - سنوات - ذكرا كان أو أنثى، وبالذات الاناث - لمسألة الجنس والتلذذ ببعض اللفتات واللمسات وكذا! وان شئت جئتك بأبحاث تدل على أنهم يتلذذون بتلك الأعضاء في سنوات مبكرة جدا من أعمارهم، مع كون نضجها لم يكتمل بعد!
يا أخي الكريم، القوم من سفاهتهم ومن تحكيمهم عقولهم في محل شرعة الرحمن جل وعلا، وضعوا القوانين التي تحرم بل وتجرم وقوع أي صورة من صور الاتصال الجسدي بمن هي دون سن الثامنة عشر من عمرها، مع كونهم يعلمون تمام العلم بأن فتياتهم وأولادهم يتواصلون جسديا ويدخلون في علاقات جسدية - وان خلت من الجماع المفضي الى الحمل - ويعبثون في أجساد بعضهم البعض من سنوات متقدمة جدا في أعمارهم!!
فقولك بأن الصغار لا يكونون مهيئين نفسيا لممارسة الجنس، هذا مخالف للواقع والحس بل ولكلام النفسانيين أنفسهم! وفرق بين أن يكون الطفل غير مهيأ جسديا لانتاج السائل المنوي، والطفلة للتبويض والحمل، وبين أن يكونا مهبئين نفسيا "للمارسة الجنس" وللتلذذ بتلك الأعضاء! هذه مسألة دقيقة أرجو أن تعاود مطالعة كلام النفسانيين والأطباء فيها من جديد، أكرمك الله لأن الأمر ليس كما تقول!
أما قولك أن الطفلة الصغيرة بالذات هي التي تتأذى نفسيا وجسديا من ذلك سيما اذا كان الرجل كبيرا، فهذا غير عام في كل الحالات! بل قد يتزوج الرجل الكبير من فتاة صغيرة، ثم يعتني بها كأبيها، ويعودها في عنايته بها على أن تتلذذ بفعله هو وممارسته هو معها وحده دون غيره، من غير أن يكون في ذلك أي أذً أو عدوان عليها، فتشب على التعلق بذلك ومحبته بل والاستكثار منه، ولا تجد في نفسها من ذلك أي كراهة!! بل على العكس تماما، تكون في يده طائعة تعظمه كما لو كان أباها، وفي نفس الوقت تحب وصاله الجسدي فوق ما يكون في غيرها من النساء!! فمعلوم أن الفتاة تنمو فيها غرائزها في سن مبكرة جدا، وتستكشف أعضاءها التناسلية كذلك وتتلذذ بها في سن مبكرة - وأدعوك مجددا الى مراجعة كلام أهل الطب والنفسانيين - فلماذا تجعل افتراض السوء في ذلك الرجل الكبير الذي سيختلي بها، هو حاديك وحاملك على اطلاق القول العام في كل حالة؟؟؟
أما قولك: "كما أن الإنسان بالبلوغ يصل إلى درجة مقبولة من الوعي الاجتماعي الذي يساعده على تكوين الأسرة"
فأقول من الذي قال هذا؟ بل ان الصبية يعلمون الصلاة والقرءان ويؤمرون بها في سن سبع سنوات، وتجوز امامة الصبي الذي هو دون البلوغ كما هو معلوم، ولا يشترط في ذلك أن يكون بالغا (محتلما)! وقد قدمنا أن الرجل الراشد الذي يتزوج من فتاة صغيرة فانه يربيها ويعدها بنفسه اعدادا - نفسيا وجسديا - على تحمل أعباء الزوجية بل وعلى تحمل طباعه هو نفسه وحوائجه، ولعل في كثير من الأحوال أن يكون هذا أثمر للمودة ولحسن العشرة بينهما من غيره! وقد ربى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بنت الست سنوات من بعد أبيها أبي بكر وتولى هو ذلك حتى اذا ما بلغت اطاقة الوطء - ووافق ذلك بلوغها الحيض في سن التاسعة - استأذن في ذلك أباها رضي الله عنهما، ثم كانت بعد ذلك رضي الله عنها أحرص النساء على حظها وعلى ليلتها من النبي صلى الله عليه وسلم كما دلت السنة!
أما قولك: "فقد يسبب جماعها مضاعفات نفسية وجسدية سيئة ترافقها طوال حياتها وتؤثر في مستقبلها الجنسي. ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزوجة الصغيرة التي لا تحتمل الوطء لا تُسلَّم إلى زوجها حتى تكبر وتصبح في سـن تتحمل فيه الوطء"
قلت هذه المضاعفات النفسية والجسدية لا تكون الا من ظالم يظلمها ولا يتقي الله فيها، وهذا وارد حدوثه حتى في التي تتزوج بعد بلوغها، بل وحتى في المرأة الكبيرة - في العقد الثالث من عمرها أو ما بعده - التي قد يبتليها الله برجل ظالم باغ فانه يجعل أول حظها من الجماع عذابا لا تنساه ما بقي لها من العمر!! ومجرد القول بأن وقوع ذلك في الصغر قد يكون أضر، لا يحتج به على منع ما أباحه الله! والا فهل نحرم الزواج كله لنفس هذا السبب، أعني وجود هذا الاحتمال وان تفاوت؟ كلا يا أخي الكريم وانما تعالج كل حالة بحسبها، مع بقاء أصل الاباحة!
وأنا ألزمك بما تقول هنا في أن شرط جواز الوطء هو بلوغ سن تحتمل الفتاة معها الوطء وليس بلوغ الحيض كما ذكرت أنت، فتأمل. أما أنها لا تسلم الى الرجل الا اذا بلغت الوطء فما دليله؟؟؟
أما قولك - رحمك الله: "ونحن بدورنا ننصح"
فأرجو المعذرة أخي الكريم، وأرجو ألا تسيء الظن بمقصدي.. ولكن قولك "نحن بدورنا" يجعلني أتصور أنك لا تتكلم عن نفسك وانما عن جماعة من الناس... فمن أنتم؟؟؟
أما قولك: "علماً بأن معظم القوانين المعمول بها في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية تمنع الزواجَ قبل سِنِّ الرُّشْدِ، أو سنِّ ثماني عشرة سنة. وإن كانت المرأة –عادة– قادرة على الزواج قبل ذلك السن."
فلا أدري ما وجه ايرادك لهذا الكلام في مبحث علمي في مسألة فقهية!! هل توافقهم أنت على هذا الكلام؟؟؟ أعيذك بالله من ذلك!
أخي الحبيب " أبو الفداء " ......
لا فض فوك , و سلمت , و سلمت يمينك ... كلام رائق , موزون , و صحيح 100 % من الناحيتين الطبية و النفسية ...
جزاك الله خيرا , و جعل ما كتبته في ميزان حسناتك ...
أما الأخ " شريف " فسامحني أن قسوت عليك في العبارة ... و لكن ...
جل ما كتبته في هذا الموضوع هو نموذج صارخ للهزيمة النفسية ...
و يبدو أنك - مثل الكثيرين للأسف - تخجلك بعض أحكام الشريعة الإسلامية التي تتعارض بشدة مع الثقافة السائدة في المجتمع الآن , و التي يلعب الإعلام بشقيه - الغربي و العميل - الدور الاساسي في تكوينها ..
و هذه الثقافة حديثة الظهور في مجتمعاتنا أكثر مما تتصور , فأغلب أمهاتنا و جداتنا - بالذات المنتميات منهن الى المناطق الريفية و البدوية - تزوجن في السن ما بين العاشرة و الرابعة عشر ... و قد كانت جدتي - حفظها الله - أمّاً و هي في الثالثة عشرة ! و ما زال الزواج في السن الصغيرة شائعا في تلك المناطق حتى اليوم .. بل إنني قد جاءتني إحدى المريضات منذ عامين فقط , و هي أم لثلاثة أطفال و لما تبلغ التاسعة عشرة بعد !
فالشاهد - أخي الكريم - أنك بدلا من أن تنكر هذه الثقافة الجديدة الغريبة رحت تحاول أن تلتمس لها مخرجا شرعيا . حتى الجئك الأمر أن تستعين بمقالات جهال الصحفيين لما عجزت أن تجد لفكرتك مستندا من كلام أهل العلم !!
و بالمناسبة .. ما كتبه ذلك الكاتب المتعالم يشبه بشدة مقالة قديمة للعقّاد خلص فيها الى نفس النتيجة المضحكة التي تبناها ذلك الكاتب . و قد رد عليه العلاّمة أحمد شاكر - رحمه الله - وقتها ردا مفحما افتتحه بكلمة الحافظ بن حجر الشهيرة : " من تكلم في غير فنه أتى بهذه العجائب " !!
علي الفضلي
2008-08-16, 02:09 PM
بارك الله فيك أيها الفاضل الفضلي.. وأعتذر اليك عن تحميلك تبعة معارضتي - بادي الرأي - لنقل نقلته أنت عن امام من الأئمة رحمه الله ورضي عنه.. وقد عاودت قراءة كلام الشيخ رحمه الله تعالى...
وبكم بارك ، ولا بأس عليك ، وأنا الحقيقة أعتب على بعض الإخوة كونهم لا يقرؤون قراءة متدبر ثم يردون ، أو أنهم لا يقرؤون ثم يردون ، وأنت هنا يبدو لي أنك في هذه المسألة وافقت النوع الأول.
على كل حال : هذا أمر يحصل حتى من بعض العلماء وإن كان نادرا.
والزاعمين أنه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم كابن شبرمة وابن حزم وغيرهما! فميل الشيخ رحمه الله ورضي عنه الى اختيار هذا القول - ولم يصرح بذلك -
هذا الميل يرده من قول الشيخ موضعان :
1-(ولكن الأصل عدم الخصوصية).
2- فإن قيل : عدم تزويج البكر قبل بلوغها لعدم علمها بأمور الزواج ، فهل إن كانت تعلم هذه الأمور تُزوّج؟
نقول الظاهر أنها إذا عرفت النكاح ، ومصالح النكاح يكْفي.
وقول الشيخ رحمه الله: "ولكن قد يقال : متى يكون الزوج كالرسول –صلى الله عليه وسلم - ، ومتى تكون البنت عائشة."وهذا ممما عجبت له حقيقة، لأنه معلوم أن رجلا من المسلمين لن يكون أبدا كالنبي صلى الله عليه وسلم ولن تأتي فتاة كعائشة!! فهل هذا دليل - أو حتى قرينة - تخصيص له ولنسائه في الأحكام؟ يمكننا قول مثل ذلك على كل حكم من الأحكام التي كان النبي فيها صلى الله عليه وسلم هو القدوة بنفسه في تطبيق الحكم، ولم يختص بها من دون الأمة، فهل يصلح أن يعد هذا الاعتبار دليلا على تخصيصه - بأبي هو وأمي - بتلك المسألة؟
أخي أبا الفدا : الشيخ لا يريد أنه خاص به ، و لا يريد الشيخ أنه مثل النبي -صلى الله عليه وسلم- في النبوة وغيره مما اختص به -صلى الله عليه وسلم - ، وإنما يريد الشيخ أن يكون في خلقه وعقيدته كاملا (كمل من الرجال كثير) ، يصلح لتحمل المسؤولية ، بدليل أنه قال : أن تكون البنت كعائشة ، وهذا واضح في أنه يريد به رجاحة العقل ، ومعرفتها لحق زوجها .
أما كلام شيخنا رحمه الله رحمة واسعة في مسألة التأسي بالخلفاء الراشدين في احداث أحكام جديدة بخلاف ما كان عليه الصحابة، فما ضابطه وما حده وبأي حجة يطلق على أساسه القول بمنع ما لم يحرمه الله في زمان النبي والخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم؟ ...... ويعطل حكم بالجواز منصوص عليه بالقرءان وبعمل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده، ويحول من الاباحة الى المنع بحجة أن عمرا رضي الله عنه فعل مثل ذلك لما رجحت عنده المفسدة؟
والسؤال الآن، ما هي حدود ولي الأمر في أن يمنع شيئا مباحا لظهور المفسدة وغلبتها بسببه بين رعيته؟ وهل أحكام النكاح تدخل في جنس المسائل التي كان الأصل فيها الحل والاباحة واستواء المنفعة بالمفسدة، حتى اذا ما غلبت مفسدتها جاز للحاكم تحريمها؟؟
لا تؤاخذني أخي الكريم : لكن هذا السؤال يلزمك أن تجيب أنت عليه أولا ، ثم يأتي اعتراضك على استدلال الشيخ .
فإن من القواعد المقررة عند أهل السنة أن الحاكم له أن يقيد المباح إذا كانت المصلحة العامة في تقييده ، فمن المعلوم-مثلا- أن السفر مباح ، فلو كثر الفساد وسفر الصغار إلى أرض الخنا والفجور ، فقرر الحاكم أن يمنع سفرهم حتى سن البلوغ ، حفظا لدينهم ، وحفظا لهم من تلاعب المومسات والفجار ، تُرى أله الحق في أن يقيد مثل هذا المباح؟!!
أخشى - على تقريرك السابق- أن تقول: ليس له الحق!
والله أعلى وأعلم!
بحجة أن عمرا رضي الله عنه
أظن أن هذه الألف سبق قلم منك ، لأن عمر ممنوع من الصرف ، للعدل والعلمية.
أبو الفداء
2008-08-16, 02:54 PM
بارك الله فيك ونفع بك أيها الفاضل
قولك وفقك الله: "لا تؤاخذني أخي الكريم : لكن هذا السؤال يلزمك أن تجيب أنت عليه أولا ، ثم يأتي اعتراضك على استدلال الشيخ .
فإن من القواعد المقررة عند أهل السنة أن الحاكم له أن يقيد المباح إذا كانت المصلحة العامة في تقييده ، فمن المعلوم-مثلا- أن السفر مباح ، فلو كثر الفساد وسفر الصغار إلى أرض الخنا والفجور ، فقرر الحاكم أن يمنع سفرهم حتى سن البلوغ ، حفظا لدينهم ، وحفظا لهم من تلاعب المومسات والفجار ، تُرى أله الحق في أن يقيد مثل هذا المباح؟!!
أخشى - على تقريرك السابق- أن تقول: ليس له الحق!
والله أعلى وأعلم!"
لا غبار عليه، وقد قررت ذلك في قولي: "وهل أحكام النكاح تدخل في جنس المسائل التي كان الأصل فيها الحل والاباحة واستواء المنفعة بالمفسدة، حتى اذا ما غلبت مفسدتها جاز للحاكم تحريمها؟؟"
ولكن أليس المباح الذي نتفق على أن لولي الأمر تقييده أو منعه اذا غلبت المفسدة أو مظنتها في نظره، هو الأمر من أمور الدنيا والذي أصله الاباحة ولم يرد فيه نص تحريم؟ انها الأمور التي كان الأصل فيها الاباحة ولم يتناولها الشارع بمنع أو تحريم أو تشريع! ولكن الأمثلة التي ضربها الشيخ رحمه الله منها من عمل الخليفة عمر رضي الله عنه ما ليس من هذا النوع، بل أكثرها ليست منه! كتغيير حكم الطلاق ثلاثا مثلا، واسقاط حد السرقة في المجاعة (وهذه كما ذكرت آنفا ضرورة لها أحكامها، وقد يكون في ذلك نظر، لكون المجاعة لها أحكامها الخاصة والتي ما عرفناها الا من عمل عمر رضي الله عنه في ذلك)! ومثل ذلك كما تعلم، زيادته رضي الله عنه لآذان اضافي قبل الجمعة لتنبيه الناس، ونحو ذلك.. هذا الجنس من التصرف بالتشريع منه رضي الله عنه في الأحكام والعبادات لا تدخل في جواز منع ولي الأمر لشيء من المباحات صيانة للرعية من شر قد غلب عليه كما بينت في المشاركة السابقة!
وكلامنا في نكاح الصغيرة ومنعه مطلقا ليس ككلامنا في السفر الى بلد معينة أو تحت سن معينة أو نحو ذلك، وحق ولي الأمر في منعه لغلبة المفسدة!
نكاح من هي دون المحيض - وعقود النكاح عموما - ليس عملا من الأعمال الدنيوية التي هي مباحة بسبب سكوت الشارع عن تحريمها حتى تدخل في مثل هذا! هذا هو الأصل في أمور الدنيا المسكوت عنها وليس في أمور الدين المنصوص عليها! وعقد النكاح أمر من أمور الدين المشروعة بالنص.. وهو مشروع بالنص لأن الأصل في الأبضاع الحرمة كما تعلم، والنكاح عقد شرعي لا يصح الا بقيام الأدلة على مشروعيته.. فكيف يقاس تصرف ولي الأمر في تغيير هذا الحكم على تصرفه في منع شيء مباح لمصلحة راجحة؟
أرجو أن يكون قد اتضح ما أقصد، وأنتظر جوابك أخي الكريم، والله أعلى وأعلم..
اقتباس:
بحجة أن عمرا رضي الله عنه
أظن أن هذه الألف سبق قلم منك ، لأن عمر ممنوع من الصرف ، للعدل والعلمية.
نعم بارك الله فيك، ولو بحثت وفحصت لأخرجت أكثر من ذلك في كتابتي، وهو سبق "كيبورد" وليس سبق "قلم" .. (ابتسامة)..
شكر الله لك مدارستك ونفع بك أيها الفاضل الكريم.
علي الفضلي
2008-08-16, 08:47 PM
"وهل أحكام النكاح تدخل في جنس المسائل التي كان الأصل فيها الحل والاباحة واستواء المنفعة بالمفسدة، حتى اذا ما غلبت مفسدتها جاز للحاكم تحريمها؟؟"
ولكن أليس المباح الذي نتفق على أن لولي الأمر تقييده أو منعه اذا غلبت المفسدة أو مظنتها في نظره، هو الأمر من أمور الدنيا والذي أصله الاباحة ولم يرد فيه نص تحريم؟ انها الأمور التي كان الأصل فيها الاباحة ولم يتناولها الشارع بمنع أو تحريم أو تشريع!
أخي الكريم الأديب : أبا الفدا :
أولا : من أين لك أن الحاكم ليس له تقييد إلا المباح أصالة لا فرعا؟! يعني : أليس تزويج الرجل ابنته من رجل كبير في السن من حيث الاختيار على الإباحة ؟! ، مع التذكير بأن الأولى أن يزوجها من يقاربها سنا إن لم أقل بكراهة تزويج الكبير-كما سبق- .
ولكن الأمثلة التي ضربها الشيخ رحمه الله منها من عمل الخليفة عمر رضي الله عنه ما ليس من هذا النوع، بل أكثرها ليست منه! كتغيير حكم الطلاق ثلاثا مثلا، واسقاط حد السرقة في المجاعة (وهذه كما ذكرت آنفا ضرورة لها أحكامها، وقد يكون في ذلك نظر، لكون المجاعة لها أحكامها الخاصة والتي ما عرفناها الا من عمل عمر رضي الله عنه في ذلك)! ومثل ذلك كما تعلم، زيادته رضي الله عنه لآذان اضافي قبل الجمعة لتنبيه الناس، ونحو ذلك.. هذا الجنس من التصرف بالتشريع منه رضي الله عنه في الأحكام والعبادات لا تدخل في جواز منع ولي الأمر لشيء من المباحات صيانة للرعية من شر قد غلب عليه كما بينت في المشاركة السابقة!
أخي الكريم : الواقع الآن : أن النساء تضررن بفعال آبائهن ، ألا تراها -إن لم تكن ضرورة- مفسدة ظاهرة؟!
وأما من زاد الأذان الثاني فهو عثمان -رضي الله عنه- كما لا يخفى عليك.
وكلامنا في نكاح الصغيرة ومنعه مطلقا ليس ككلامنا في السفر الى بلد معينة أو تحت سن معينة أو نحو ذلك، وحق ولي الأمر في منعه لغلبة المفسدة!
وكذلك الأمر هنا كما ذكرتَ : (لغلبة المفسدة) ، ألا ترى أن كثيرا من زيجات الصغار تغلب عليها المفسدة؟!
نكاح من هي دون المحيض - وعقود النكاح عموما - ليس عملا من الأعمال الدنيوية التي هي مباحة بسبب سكوت الشارع عن تحريمها حتى تدخل في مثل هذا! هذا هو الأصل في أمور الدنيا المسكوت عنها وليس في أمور الدين المنصوص عليها!
أخي : أولا: الفقهاء في أنفسهم مختلفون في حكم النكاح بين من جعله مباحا ، وبين من استحبه ، وبين من أوجبه ، وبين من فصّل.
ثانيا: سبق قريبا : وما الذي يمنع الحاكم من تقييد فعل الأب الذي هو فيه مختار ، وإن كان أصل النكاح مشروعا أو مباحا ؟ أليس للأب الاختيار في مثل هذا الأمر -أعني تزويجه موليته الصغيرة لكبير ؟! هل هو ملزم باختيار هذا الكبير ؟! أم أن هذا الأمر فيه سعة ، أرأيت لو تمالأ الناس على تزويج مولياتهم أناسا ليسوا أكفاء ، أليس للحاكم أن يلزمهم بتزويج الكفء؟!
والحمد لله رب العالمين .
أبو الفداء
2008-08-16, 10:48 PM
سيدي الفضلي، زادك الله فضلا..
تقول: "أولا : من أين لك أن الحاكم ليس له تقييد إلا المباح أصالة لا فرعا؟! يعني : أليس تزويج الرجل ابنته من رجل كبير في السن من حيث الاختيار على الإباحة ؟! ، مع التذكير بأن الأولى أن يزوجها من يقاربها سنا إن لم أقل بكراهة تزويج الكبير-كما سبق- ."
أنا لا أتكلم عنه من حيث اختيار المكلف يا أخي الكريم وانما من حيث أدلة التشريع.. ولم أقل بأن التفريق في حق الامام هو بين المباح أصالة والمباح فرعا كما تقول! وليتضح المعنى أكثر، أسألك: هل مشروعية عقد النكاح عندك، تستوي مع - مثلا - جواز أكل ما لم يرد نص بتحريمه من المأكولات؟؟ هل ما جاء فيه نص تشريع - يخرجه من أصل المنع والتحريم الذي لولا النص لكان لازما له - يستوي بما سكت الشارع عنه فلحق بأصل اباحة جنسه - وليس تحريمه - من أمور الدنيا؟؟ أليس الأصل في أمور الدنيا الاباحة ما لم يرد نص تحريم، والأصل في أمور العبادة المنع ما لم يرد نص تشريع (اباحة أو استحباب أو ايجاب)؟؟؟ ففي أيهما يأتي عقد النكاح عندك؟ في الأمور التي أصلها المنع أم التي أصلها الاباحة؟ في مباحات الدنيا أم في العبادات؟
الذي أتصوره - والله أعلم - أن النكاح من العبادات، والتي ليس لولي الأمر التصرف في منعها أو في منع حالة من حالاتها مطلقا أو تقييدها بقيد لم يقل به الشارع، يقيس ذلك على ما أورد الشيخ رحمه الله من أحكام للخليفة عمر رضي الله عنه وأرضاه! وان كان الامام يريد أن يمنع مفسدة تقع كثيرا في تزويج الصغيرة من كبير، فليشترط - مثلا - ألا يعقد عليها الا بعد أن يتأكد الامام من حصول الكفاءة - مثلا - ومن أن الرجل الكبير هذا ليس ممن يخشى عليها منه! أما أن يحكم بمنع عقد الكبار على الصغار هكذا مطلقا بدعوى كثرة المفسدة فأنى له هذا؟؟ هذا أمر الحكم به ليس ينتهض له شيء مما قاس عليه الشيخ رحمه الله من أحكام عمر رضي الله عنه، ولا أظنه يقاس على حق ولي الأمر في منع أمر من الأمور المباحة التي ليس فيها نص، منعا لمفسدة أو نحو ذلك! والا فهل ترى أنه يجوز لولي الأمر أن يضيف آذانا ثالثا ورابعا قبل الجمعة - مثلا - اقتداءا بعمل عثمان رضي الله عنه - وشكر الله لك تصويبك هذا السبق أيضا (ابتسامة) - ان غلب على ظنه أن هذا تمس حاجة الناس اليه؟ لو حكمنا بما تقول قياسا على حكم عمر في مسألة الطلاق - مثلا - لانجر علينا مثل هذا! فهل فهمت قصدي من ضرورة التفريق بين ما خالف عمر وعثمان رضي الله عنهما ما كان معمولا به في زمان النبي عليه السلام، من باب تقرير أحكام كان عملهما نفسه دليلا على اتساع الشرع لها، وبين تصرف ولي الأمر في منع بعض المباحات سدا للذرائع اجتهادا منه؟
وقولك أيها الفاضل: "أرأيت لو تمالأ الناس على تزويج مولياتهم أناسا ليسوا أكفاء ، أليس للحاكم أن يلزمهم بتزويج الكفء؟!"
قلت هذه هي يا أخي الحبيب.. هذا ما أراه للامام أن يضبطه في سائر عقود النكاح، ان غلب على ظنه أن ترك ذلك للناس على جهالتهم قد ظهرت بسببه المفسدة فيهم.. فهو ولي امر دينهم وهو مسؤول عنه أمام الله! والكفاءة مطلب شرعي كما لا يخفى، ودفع المظالم عن الخلق واجب على ولي الأمر.. فعمله على تحقيق الكفاءة وضمانها في حالة كالتي ذكرت هو واجب عليه كولي أمر للمسلمين! وبه يزول الخطر باذن الله! وليست هذه الصورة في نظري القاصر كصورة منعه لمطلق نكاح الكبار للصغيرات!!
أرجو أن يكون الكلام قد اتضح هذه المرة، وأرجو أن تصبر على أخيك هذا. (ابتسامة)
والله من وراء القصد، أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا ابتاعه..
أبو جهاد الأثري
2008-08-16, 11:15 PM
زادكم الله فضلا وعلما وحلما..
لعلك تنظر مرة أخرى في قولك أخي أبا الفداء:
الذي أتصوره - والله أعلم - أن النكاح من العبادات
هذه ترد عليها إشكالات ما تخفى على مثلك إن شاء الله.
وما أردت التدخل في النقاش أم أقول المدارسة ... وأراها سائرة على وتيرة طيبة بحمد الله، وكلنا منها نستفيد إن شاء الله تعالى.
بورك فيكم.
أبو جهاد الأثري
2008-08-16, 11:15 PM
ولعل النفع الحاصل يكون في ميزان أخينا شريف شلبي وفقه الله تعالى
أبو الفداء
2008-08-17, 02:44 AM
نعم بارك الله فيك أخي الكريم، لعله قد خانني الاصطلاح وفيه ايهام بأمور لا ألتزمها..
ولكن هل تعرف من العقود ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم "سنته" عادا اياه مع الصيام والقيام، وقدمه بعض أهل العلم على التخلي للنوافل كما لا يخفاكم، سوى هذا العقد؟ فان كان الامام يرى أنه بعمومه من المباحات، فهل له أن يقرر منع حالة من حالاته منعا مطلقا في رعيته، على القول بأن عموم اباحتها فيهم هي التي أدت الى المفسدة؟؟؟ كيف يسوغ هذا الحكم لمجتهد مع علمه بخصوصية ذلك العقد في الشرع الحكيم؟ وما يأمنه أن يكون من رعيته - مثلا - من يستحب في حقه هذه الصورة من النكاح التي منعها هو منعا مطلقا، بل وربما يوجد من تجب في حقه؟؟؟ المسألة هنا هي: كيف يقال أنه بمنعه له يستوى بحالة منع شيء مباح قد تحول الى وسيلة للفساد، كمنع السفر الى بلد معين مثلا؟؟ كيف يقال أن صورة من صور عقد النكاح - على خصوصية ذلك العقد في الشرع - قد تتحول بجملة مشروعيتها في الناس الى وسيلة من وسائل الفساد؟؟ الفساد قد يقع في تطبيق تلك الصورة نعم، وهذا كثير لا ننكره، ولكن هل يكون علاجه بأن يمنع ولي أمر المسلمين تلك السنة المباركة نفسها على تلك الصورة هكذا باطلاق، ويقال أن له هذا كما له التصرف في منع المباحات عند غلبة المفسدة؟؟ أم يكون العلاج بأن يضع من الضوابط ما يمنع وقوع ذلك الفساد، ويمنع من سوء اختيار الأب لزوج ابنته الصغيرة؟؟
ابن عبدالكريم
2008-08-17, 07:43 AM
نعم بارك الله فيك أخي الكريم، لعله قد خانني الاصطلاح وفيه ايهام بأمور لا ألتزمها..
ولكن هل تعرف من العقود ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم "سنته" عادا اياه مع الصيام والقيام، وقدمه بعض أهل العلم على التخلي للنوافل كما لا يخفاكم، سوى هذا العقد؟ فان كان الامام يرى أنه بعمومه من المباحات، فهل له أن يقرر منع حالة من حالاته منعا مطلقا في رعيته، على القول بأن عموم اباحتها فيهم هي التي أدت الى المفسدة؟؟؟ كيف يسوغ هذا الحكم لمجتهد مع علمه بخصوصية ذلك العقد في الشرع الحكيم؟ وما يأمنه أن يكون من رعيته - مثلا - من يستحب في حقه هذه الصورة من النكاح التي منعها هو منعا مطلقا، بل وربما يوجد من تجب في حقه؟؟؟ المسألة هنا هي: كيف يقال أنه بمنعه له يستوى بحالة منع شيء مباح قد تحول الى وسيلة للفساد، كمنع السفر الى بلد معين مثلا؟؟ كيف يقال أن صورة من صور عقد النكاح - على خصوصية ذلك العقد في الشرع - قد تتحول بجملة مشروعيتها في الناس الى وسيلة من وسائل الفساد؟؟ الفساد قد يقع في تطبيق تلك الصورة نعم، وهذا كثير لا ننكره، ولكن هل يكون علاجه بأن يمنع ولي أمر المسلمين تلك السنة المباركة نفسها على تلك الصورة هكذا باطلاق، ويقال أن له هذا كما له التصرف في منع المباحات عند غلبة المفسدة؟؟ أم يكون العلاج بأن يضع من الضوابط ما يمنع وقوع ذلك الفساد، ويمنع من سوء اختيار الأب لزوج ابنته الصغيرة؟؟
أحسنتم شيخنا الفاضل ... و أيضا لا تنس أن إغلاق هذا الباب من أبواب الحلال سيفتح أبوابا من الحرام .... و الحر تكفيه الإشارة .
شريف شلبي
2008-08-17, 03:48 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الأخ العزيز : علي الفضلي 00000جزاك الله خيراً وبارك فيك بما نقلت لنا من كلام الشيخ العثيمين رحمه الله رحمة واسعة ، وأثلجت صدري بذكر سلف لي فيما ذهبت اليه ممن لا يستطيع أحد اتهامه بالتفريط في أحكام الشريعة أو الاستجابة لضغوط العلمانيين أو الانهزامية النفسية للغرب .
الأخ العزيز : ابن عبد الكريم 0000 لو راجعت كلامي لن تجد أنني استندت فيه على بحث هذا الصحفي المجهول ، بل إنني قد طرحت الموضوع قبل نشر بحثه بعدة أيام وما كان دفاعي إلا عن رأي ابن شبرمة - الذي رجحه الشيخ ابن عثيمين - فلما قرأت البحث أوردته في هذا المنتدى المبارك في موضوع مستقل حتى لا يفهم ما قد فهمت ، إلا أن الأخ عدنان البخاري - من مشرفي المنتدى - نقل موضوع البحث الى هذا الموضوع بغير إذني طبعاً ، لما رأى من مصلحة في ذلك من وجهة نظره ، وأظن أن الأمر لا يستحق وصفك الشديد بأن موضوعي مثال صارخ عن الانهزامية النفسية ، بل هو إن شاء الله تحر عن الأحكام الشرعية المستندة الى البراهين بدون التسليم بأقوال قد اشتهرت أو عمت بين المسلمين يمكن أن تفضي الى أضرار ومفاسد يأباها الشرع نفسه .
الإخوة الأعزاء الأفاضل الذين ما برحوا ( يسلخونني ) منذ بداية طرح الموضوع تشنيعاً واتهاماً برد الأحاديث والانهزامية النفسية 000الخ ، أرجوا أن تنبهوني على أي فارق جوهري بين ما قلته ، وما نقله الأخ الكريم عن الشيخ العثيمين رحمه الله رحمة واسعة .
أبو الفداء
2008-08-17, 04:19 PM
سبحان الله، الفرق واضح جدا يا أخي!!!
أنت تتكلم في أصل مشروعية تزويج الصغيرة فتنتصر لمذهب ابن شبرمة وابن حزم بلا حجة الا قولك بأن اباحة ذلك التزويج باطلاقها ظلم وعدوان وكذا، وقد بينا لك أن هذه ليست بحجة، بل وليس هو مستند ابن شبرمة أصلا فيما ذهب اليه!!! وادعيت أن في مشروعيتها خرقا للأمر الوارد باستئذان البكر، وقد بينا لك وجه الخلط في ذلك أيضا... بينما الشيخ يتكلم عن صلاحيات امام المسلمين ويرى أن له اذا ما غلبت المفسدة في رعيته أن يمنع تلك الصورة من النكاح حتى يزول الفساد - بغض النظر عن موقفي من استدلاله لهذا رحمه الله -، وهذا لا ينفي أصل مشروعيتها التي يقول بها الشيخ!!.. أما قوله بأن كلام ابن شبرمة فيه وجاهة فلا يعني اقراره لمذهبه رحمه الله كما هو واضح!!
فبالله عليك أين السوية بين ما قلته أنت في أول الموضوع وما أوردته له من الايرادات، وبين ما قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فيما نقله أخونا الفضلي؟؟؟
عجبا لأمرك يا أخي..!
علي الفضلي
2008-08-17, 05:01 PM
سبحان الله، الفرق واضح جدا يا أخي!!!
أنت تتكلم في أصل مشروعية تزويج الصغيرة فتنتصر لمذهب ابن شبرمة وابن حزم بلا حجة الا قولك بأن اباحة ذلك التزويج باطلاقها ظلم وعدوان وكذا، وقد بينا لك أن هذه ليست بحجة، بل وليس هو مستند ابن شبرمة أصلا فيما ذهب اليه!!! وادعيت أن في مشروعيتها خرقا للأمر الوارد باستئذان البكر، وقد بينا لك وجه الخلط في ذلك أيضا... بينما الشيخ يتكلم عن صلاحيات امام المسلمين ويرى أن له اذا ما غلبت المفسدة في رعيته أن يمنع تلك الصورة من النكاح حتى يزول الفساد - بغض النظر عن موقفي من استدلاله لهذا رحمه الله -، وهذا لا ينفي أصل مشروعيتها التي يقول بها الشيخ!!.. أما قوله بأن كلام ابن شبرمة فيه وجاهة فلا يعني اقراره لمذهبه رحمه الله كما هو واضح!!
فبالله عليك أين السوية بين ما قلته أنت في أول الموضوع وما أوردته له من الايرادات، وبين ما قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فيما نقله أخونا الفضلي؟؟؟
عجبا لأمرك يا أخي..!
صدق أخونا الأديب أبو الفداء -وسامحني أخي شريفا- فشتان بين ما استند عليه العلامة العثيمين ، وما تفضلت به .
أحسنتم شيخنا الفاضل ... و أيضا لا تنس أن إغلاق هذا الباب من أبواب الحلال سيفتح أبوابا من الحرام .... و الحر تكفيه الإشارة .
أخي ابن عبد الكريم-حفظكم الله تعالى- منع الولي من تزويج الصغيرة التي لم تبلغ من رجل كبير في السن يفتح أبوابا من الحرام!! سبحان الله !! إن هذا لأمر عجاب!
شريف شلبي
2008-08-24, 03:39 PM
أولاً : النبي لا يقاس عليه غيره في هذا الأمر ، فمَن في خلقه وكماله والأمن من جوره وظلمه وأن تفضل امراةٌ عليه غيرَه 00الخ وهذه الواقعة يجوز أن تكون من خصوصياته كما أفاد بعض العلماء - ابن شبرمة - ويؤيده عدم انتشاره في العصر النبوي - وعلى المعترض اثبات عكسه ، كما أن خصوصيات النبي في أمر النكاح كثيرة ( جواز الزيادة عن اربع ، جواز نكاح الهبة )
COLOR="Red"][/COLOR]
قال الشيخ ابن العثيمين :
وأما قول ابن حزم : أن زواج النبي –صلى الله عليه وسلم – من عائشة هو من خصائصه –صلى الله عليه وسلم – فله وجه ، ولكن الأصل عدم الخصوصية ، ولكن يُرَشِّحُ هذا القول أن الرسول –صلى الله عليه وسلم – خُصَّ بأشياء كثيرة في باب النكاح اهـ.
وقال : ولكن نقل الإجماع ليس بصحيح ، فإنه قد حكى ابن حزم عن ابن شبرمة أنه لا يصح أن يزوج ابنته الصغيرة حتى تبلغ ، وتأذن ؛ وهذا عندي هو الأرجح ، والاستدلال بقصة عائشة فيه نظر ، ووجه النظر أن عائشة زُوِّجت بأفضل الخلق –صلى الله عليه وسلم- وأن عائشة ليست كغيرها من النساء ، إذ أنها بالتأكيد سوف ترضى وليس عندها معارضة . أ.هـ
وعلى كل ، فما دام البعض يرى فارقاً كبيراً بين ما أدعو اليه وبين ما قرره الشيخ ابن العثيمين ، فإني أشهدكم أني قد تركت قولي والتزمت بقوله ورأيه .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.