المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا يرجون عبد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه



احمد ابو انس
2021-03-03, 10:31 PM
عن علي رضي الله عنه‏:‏ لا يرجون عبد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه .
ماصحة هذا الاثر؟

عبد الرحمن هاشم بيومي
2021-03-04, 12:31 PM
لا يصح.
خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه [34504]، فقال:
[حدثنا] أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ، عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ، أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ:
" الْكَلِمَاتُ لَوْ رَحَلْتُمُ الْمَطِيَّ فِيهِنَّ لَأَنْضَيْتُمُو هُنَّ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكُوا مِثْلَهُنَّ: لَا يَرْجُ عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ , وَلَا يَخَفْ إِلَّا ذَنْبَهُ , وَلَا يَسْتَحْيِي مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ ,
وَلَا يَسْتَحْيِي عَالِمٌ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ , وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْزِلَةَ الصَّبْرِ مِنَ الْإِيمَانِ كَمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ , فَإِذَا ذَهَبَ الرَّأْسُ ذَهَبَ الْجَسَدُ , وَإِذَا ذَهَبَ الصَّبْرُ ذَهَبَ الْإِيمَانُ ". اهـ.
وهذا إسناد حسن إلى أبي إسحاق ولكنه منقطع.
وتوبع فيما خرج العدني في الإيمان (19)، فقال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: فذكر نحوه.
وهذا إسناد شديد الضعف، فيه السري بن إسماعيل الهمداني "متروك الحديث"، كذا قال الحافظ في التقريب.
وتوبع فيما خرجه أبو نعيم في الحلية (1/75)، فقال:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: فذكر نحوه.
قلتُ: إنما جاء في مصنف عبد الرزاق بغير هذا الإسناد (9/267) ط التأصيل، فقال: أَخبَرنا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَكَمِ بنِ أَبَانَ، عَن عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: فذكره.
خرجه البيهقي عنه في شعب الإيمان [9267] من طريق أبي عبد الله الصنعاني، فقال: نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، به.
قلتُ: وتوبع فيما خرجه ابن عبد البر في الجامع [547] من طريق أحمد بن خالد، فقال: نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ [عن] الْحَكَم بْن أَبَانَ، به.
وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن منقطع، فيه عكرمة مولى ابن عباس لم يسمع من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وخرج الخلعي في الخامس من الخلعيات [42]، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/510) وابن رشيد السبتي في ملء الغيبة (ص: 385)، من طريق:
يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: فذكر بنحوه مختصرا.
وهذا إسناد جاله ثقات، عدا داود بن أبي عمرة مجهول العين.
وخرج أبو نعيم في الحلية (1/75)، فقال:
ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ، ثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ، ثَنَا عِيسَى بْنُ مُسْلِمٍ الطُّهَوِيُّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزَّغْلِ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: فذكره.
وهذا إسناد شديد الضعف، فيه عيسى بن مسلم الطهوي "متروك"، كذا قال عنه الدارقطني، وثابت بن أبي صفية الأزدي "ضعيف رافضي"، كذا قال ابن حجر.
وأبو الزعل المرادي به جهالة ترجم له الدارقطني في المؤتلف والمختلف (2/1110) للدارقطني ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وخرج الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق (3/1441)، من طريق محمد بن علي السرخسي، قال:
حدثنا بكر بن خداش، حدثنا عيسى بن المسيب، عن جابر عن عبد الله بن معبد الأسدي، قال سمعت عليا يقول: فذكره وفيه زيادة.
وهذا إسناد تالف مسلسل بالعلل إلى عيسى بن المسيب.
وكذلك خرجه السمرقندي في التنبيه بسند تالف.
والله أعلم.

احمد ابو انس
2021-03-04, 02:24 PM
جزاكم الله خيرا .

عبد الرحمن هاشم بيومي
2021-03-04, 04:01 PM
جزاكم الله خيرا .
وجزاكم الله خيرا.

أبو إسماعيل محمد حلمي
2021-03-04, 04:16 PM
وأخرجه البيهقي في "المدخل" (795) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (511/42) من طريق عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو عُمَيْرٍ، ثنا ضَمْرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:" خَمْسٌ لَوْ سَافَرَ فِيهِنَّ رَجُلٌ إِلَى الْيمَنِ كُنَّ فِيهِ عِوَضًا مِنْ سَفَرِهِ: لَا يَخْشَى عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافُ إِلَّا ذَنْبَهُ، وَلَا يَسْتَحْيِي مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلَا يَسْتَحْيِي مَنْ تَعَلَّمَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، وَالصَّبْرُ مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، إِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ تَعَرَّى الْجَسَدُ "
وإسناده حسن ، وقد صح إسناده الى أبي إسحاق السبيعي ، وعكرمة ، فهو بمجموع طرقه حسن أن شاء الله.

عبد الرحمن هاشم بيومي
2021-03-04, 06:59 PM
وأخرجه البيهقي في "المدخل" (795) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (511/42) من طريق:
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو عُمَيْرٍ، ثنا ضَمْرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
" خَمْسٌ لَوْ سَافَرَ فِيهِنَّ رَجُلٌ إِلَى الْيمَنِ كُنَّ فِيهِ عِوَضًا مِنْ سَفَرِهِ:
لَا يَخْشَى عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافُ إِلَّا ذَنْبَهُ، وَلَا يَسْتَحْيِي مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلَا يَسْتَحْيِي مَنْ تَعَلَّمَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، وَالصَّبْرُ مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، إِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ تَعَرَّى الْجَسَدُ "
وإسناده حسن ،

أما أبو عمير وضمرة فقد نسبهما البيهقي في عدة مواضع أخرى بنفس الإسناد السابق فيما خرجه في الشعب [2078]، فقال:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيّ ُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ بِهَرَاةَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النُّحَاسِ، قَالَ: قَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ.
أبو عمير بن النحاس هو عيسى بن محمد الرملي "ثقة"، كذا قال الحافظ ابن حجر، وضمرة بن ربيعة الفلسطيني "صدوق يهم قليل" كذا قال ابن حجر.
قلتُ: هناك علة أنه قد تفرد به الراوي عن الدارمي وهو أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ الهروي لم يذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال.
ولعله يمشى حاله لأن البيهقي اعتمد عليه في النقل عن الدارمي.
وتوبع مع تغاير في اللفظ واختلافه فيما عزاه ابن عبد البر بنحوه في الاستذكار (7/299)، إلى أبي زيد عمر بن شبة عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، فقَالَ:
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
"لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا حَتَّى تَجْتَمِعَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ عَفِيفٌ حَلِيمٌ عَالِمٌ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ مُسْتَشِرٌ لِذَوِي الْأَلْبَابِ لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ". اهـ.
ينظر:
- إبراهيم بن عبد الله الكناني لم يسمع من علي رضي الله عنهذكروا أنه رآه رؤية وذكر البخاري رواية تدل على السماع هل هو غيره أم نفسه؟ يحرر ذلك.
- أنه لم يوثقه أحد.
والله أعلم.

ماجد مسفر العتيبي
2021-03-07, 08:06 AM
عن علي رضي الله عنه‏:‏ لا يرجون عبد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه .
ماصحة هذا الاثر؟

لشيخ الاسلام رحمه الله شرح عجيب لهذه العبارة في جامع المسائل وكانت تعجبه جداً

عبد الرحمن هاشم بيومي
2021-03-07, 11:44 AM
وأخرجه البيهقي في "المدخل" (795) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (511/42) من طريق عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو عُمَيْرٍ، ثنا ضَمْرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:" خَمْسٌ لَوْ سَافَرَ فِيهِنَّ رَجُلٌ إِلَى الْيمَنِ كُنَّ فِيهِ عِوَضًا مِنْ سَفَرِهِ: لَا يَخْشَى عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافُ إِلَّا ذَنْبَهُ، وَلَا يَسْتَحْيِي مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلَا يَسْتَحْيِي مَنْ تَعَلَّمَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، وَالصَّبْرُ مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، إِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ تَعَرَّى الْجَسَدُ "
وإسناده حسن ، وقد صح إسناده الى أبي إسحاق السبيعي ، وعكرمة ، فهو بمجموع طرقه حسن أن شاء الله.
أقول بذلك، وجزاك الله خيرا.

لشيخ الاسلام رحمه الله شرح عجيب لهذه العبارة في جامع المسائل وكانت تعجبه جداً
قال شيخ الإسلام رحمه الله عنها كما في جامع المسائل (169) : "كلمةً من جواهرِ الكلام". اهـ.

وجاء في مجموع الفتاوى (8/161) أنه قال:
سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد ابْنُ تَيْمِيَّة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:

عَنْ قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافَنَّ إلَّا ذَنْبَهُ مَا مَعْنَى ذَلِكَ؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذَا الْكَلَامُ يُؤْثَرُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْكَلَامِ وَأَبْلَغِهِ وَأَتَمِّهِ؛ فَإِنَّ الرَّجَاءَ يَكُونُ لِلْخَيْرِ وَالْخَوْفَ يَكُونُ مِنْ الشَّرِّ وَالْعَبْدُ إنَّمَا يُصِيبُهُ الشَّرُّ بِذُنُوبِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} . فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الطَّاعَاتُ وَالْمَعَاصِي. اهـ.

ثم قال (8/164) :
وَإِنْ سُلِّطَ عَلَيْهِ مَخْلُوقٌ فَمَا سُلِّطَ عَلَيْهِ إلَّا بِذُنُوبِهِ فَلْيَخَفْ اللَّهَ وَلْيَتُبْ مِنْ ذُنُوبِهِ الَّتِي نَالَهُ بِهَا مَا نَالَهُ كَمَا فِي الْأَثَرِ {يَقُولُ اللَّهُ: أَنَا اللَّهُ مَالِكُ الْمُلُوكِ قُلُوبُ الْمُلُوكِ وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِي مَنْ أَطَاعَنِي جَعَلْتُهُمْ عَلَيْهِ رَحْمَةً وَمَنْ عَصَانِي جَعَلْتُهُمْ عَلَيْهِ نِقْمَةً فَلَا تَشْتَغِلُوا بِسَبِّ الْمُلُوكِ وَأَطِيعُونِي أُعَطِّفْ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكُمْ} . وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ. فَإِنَّ الرَّاجِيَ يَطْلُبُ حُصُولَ الْخَيْرِ وَدَفْعَ الشَّرِّ وَلَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إلَّا اللَّهُ وَلَا يُذْهِبُ السَّيِّئَاتِ إلَّا اللَّهُ {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} وَالرَّجَاءُ مَقْرُونٌ بِالتَّوَكُّلِ فَإِنَّ الْمُتَوَكِّلَ يَطْلُبُ مَا رَجَاهُ مِنْ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ وَالتَّوَكُّلُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وَقَالَ: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُو نَ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إنَّا إلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} . فَهَؤُلَاءِ قَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ أَيْ كَافِينَا اللَّهُ فِي دَفْعِ الْبَلَاءِ وَأُولَئِكَ أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوا: حَسْبُنَا فِي جَلْبِ النَّعْمَاءِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ كَافٍ عَبْدَهُ فِي إزَالَةِ الشَّرِّ وَفِي إنَالَةِ الْخَيْرِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ وَرَجَاهُ خُذِلَ مِنْ جِهَتِهِ وَحُرِمَ {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} . {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} . وَقَالَ الْخَلِيلُ: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ} . فَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ رَجَاءَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا عَمِلَ لَهُ كَانَتْ صَفْقَتُهُ خَاسِرَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}. اهـ.



وقال أيضا (8/225) : "
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ إذَا عَرَفَ أَنَّ النِّعَمَ كُلَّهَا مِنْ اللَّهِ صَارَ تَوَكُّلُهُ وَرَجَاؤُهُ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَإِذَا عَلِمَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الشُّكْرِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ. . .
وَالشَّرُّ انْحَصَرَ سَبَبُهُ فِي النَّفْسِ، فَعَلِمَ مِنْ أَيْنَ يَؤْتَى فَاسْتَغْفَرَ وَاسْتَعَانَ بِاَللَّهِ وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِمَّا لَمْ يَعْمَلْ بَعْدُ؛ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ وَلَا يَخَافَنَّ إلَّا ذَنْبَهُ،
وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ الْجَهْمِيَّة الَّذِينَ يَقُولُونَ: يُعَذِّبُ بِلَا ذَنْبٍ، وَيَخَافُونَهُ وَلَوْ لَمْ يُذْنِبُوا، فَإِذَا صَدَّقَ بِقَوْلِهِ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} عَلِمَ بُطْلَانَ هَذَا الْقَوْلِ. اهـ.

وقال في النبوات (1/378) :
" فالخوف الذي يحصل عند ذكره، هو بسبب [من] العبد، وإلا فذكر الربّ نفسه يحصل الطمأنينة والأمن؛ فما أصابك من حسنةٍ فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك؛
كما قال ذلك المريض الذي سُئل: كيف تجدك؟ فقال: أرجو الله، وأخاف ذنوبي. فقال [النبيّ صلى الله عليه وسلم] : "ما اجتمعا في قلب عبدٍ في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمّنه ممّا يخاف"
ولم يقل بذكر الله توجل القلوب، كما قال: {أَلا بِذِكُرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوْبُ}، بل قال: {إِذَاْ ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوْبُهُم}، ثمّ قال: {وَإِذَاْ تُلِيَتْ عَلَيْهمْ آيَاْتُهُ زَأْدَتْهُمْ إِيْمَاْنَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكلُوْنَ}.
وإنّما يتوكّلون عليه لطمأنينتهم إلى كفايته، وأنّه سبحانه حَسْبُ من توكّل عليه؛ يهديه، وينصره، ويرزقه بفضله، ورحمته، وجوده. فالتوكّل [عليه] يتضمّن الطمأنينة إليه، والاكتفاء به عمّا سواه. اهـ.


وقال في مجموع الفتاوي (10/256) :
وَلِهَذَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ لَا يُعَلِّقَ رَجَاءَهُ إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا يَخَافَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَظْلِمَهُ: فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ؛ بَلْ يَخَافُ أَنْ يَجْزِيَهُ بِذُنُوبِهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ وَلَا يَخَافَنَّ إلَّا ذَنْبَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ أَرْجُو اللَّهَ وَأَخَافُ ذُنُوبِي فَقَالَ مَا اجْتَمَعَا فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَأَمَّنَهُ مِمَّا يَخَافُ}.
فَالرَّجَاءُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِاَللَّهِ وَلَا يَتَعَلَّقَ بِمَخْلُوقِ وَلَا بِقُوَّةِ الْعَبْدِ وَلَا عَمَلِهِ فَإِنَّ تَعْلِيقَ الرَّجَاءِ بِغَيْرِ اللَّهِ إشْرَاكٌ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ لَهَا أَسْبَابًا فَالسَّبَبُ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُعَاوِنٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يُمْنَعَ الْمُعَارِضُ الْمُعَوِّقُ لَهُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ وَيَبْقَى إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.