محمدعبداللطيف
2021-02-23, 01:17 PM
﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ هذا فيه إثبات ونفي، فيه أمر ونهي،
أمَّا الأمر ففي قوله (وَاعْبُدُوا اللَّهَ)،
والنهي في قوله (وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)
، وقد مرّ معك دِلالة قوله (اعْبُدُوا اللَّهَ) مع النفي على توحيد الله.
﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ لا هنا نافية،
ومن المتقرر في علم الأصول أن النفي إذا تسلط على نكرة فإنه يفيد العموم، ولا بعدها نكرة وهو المصدر المستكن في الفعل؛ لأن الفعل المضارع مشتمل على مصدر وزمن
﴿أَلَّا تُشْرِكُوا﴾ يعني لا إشراكا به فتشركوا متضمنة لمصدر، والمصدر نكرة. فيكون قوله: ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا﴾ يعني بأي نوع من الشرك
﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ و"شيئا" هنا أيضا نكرة في سياق النهي
﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾فدلت على عموم الأشياء،
فصار إذن عندنا في قوله -تعالى -: ﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾
ثَمَّ عمومان:
الأول: دلت الآية على النهي عن جميع أنواع الشرك وذلك؛
لأن النهي تسلط على الفعل، والفعل فيه مصدر مستكن، والمصدر نكرة.
والثانية: أن مفعول تشرك شيئا، وشيئا نكرة،
والنكرة جاءت في سياق النهي وذلك يدل على عموم الأشياء
يعني لا الشرك الأصغر مأذون به، ولا الأكبر ولا الخفي بدلالة قوله: ﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ﴾
وكذلك ليس مأذونا أن يشرك لا بملك ولا بنبي ولا بصالح ولا بعالم ولا بطالح ولا بقريب ولا ببعيد بدلالة قوله: ﴿شَيْئًا﴾
وهذا استدلال ظاهر الوضوح في الدلالة على التوحيد بالجمع بين النفي والإثبات،
قال: وقوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾
﴿قُلْ تَعَالَوْا﴾ يعني يا مَن حرَّم بعض الأنعام، وافترى على الله في ذلك
﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾
قال العلماء: "أن" هنا تفسيرية متعلقة بمحذوف تقديره وصاكم؛ لأن "أن" التفسيرية تتعلق كما ذكرت لك بكلمة فيها معنى القول دون حروف القول وحددوها بقوله: ﴿وَصَّاكُم﴾
؛ لأنه في آخر الآي جاء ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ في الآية الأولى، ثم ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ في الآية الثانية، ثم ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ في الآية الثالثة كلها فيها الوصية.
فإذن يكون تقدير الكلام: "قل تعالوا أتلو ما حرم ربكم عليكم وصاكم ألا تشركوا به شيئا" يعني: أمركم، والوصية هنا شرعية، وإذا كانت الوصية من الله شرعية، فهي أمر واجب، فقوله: ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ دلالتها على التوحيد كدلالة آية النساء قبلها.
ثم ساق الشيخ -رحمه الله- ـ أثر ابن مسعود قال: قال ابن مسعود: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه، فليقرأ قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا﴾
يعني: التي كانت من آخر ما وصَّى به، من آخر ما أمر به يعني: التي لو قُدِّرَ أنه وصى وختم على هذه الوصية، وفتحت بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وانتقاله إلى الرفيق الأعلى لكانت هذه الآيات التي فيها الوصايا العشر. هذا من ابن مسعود للدلالة على عظم شأن هذه الآيات التي افتتحت بالنهي عن الشرك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ابتدأ دعوته بالأمر بعبادة الله وحده، والنهي عن الشرك، واختتمها أيضا -كما دل عليه كلام ابن مسعود هذا- بالأمر بالتوحيد، والنهي عن الشرك،
فدل على أن ذلك أولى المطالب وأول المطالب وأهم المطالب.
قال -بعد ذلك-: وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: «كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمار فقال لي: يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا»
التمهيد شرح كتاب التوحيد
أمَّا الأمر ففي قوله (وَاعْبُدُوا اللَّهَ)،
والنهي في قوله (وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)
، وقد مرّ معك دِلالة قوله (اعْبُدُوا اللَّهَ) مع النفي على توحيد الله.
﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ لا هنا نافية،
ومن المتقرر في علم الأصول أن النفي إذا تسلط على نكرة فإنه يفيد العموم، ولا بعدها نكرة وهو المصدر المستكن في الفعل؛ لأن الفعل المضارع مشتمل على مصدر وزمن
﴿أَلَّا تُشْرِكُوا﴾ يعني لا إشراكا به فتشركوا متضمنة لمصدر، والمصدر نكرة. فيكون قوله: ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا﴾ يعني بأي نوع من الشرك
﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ و"شيئا" هنا أيضا نكرة في سياق النهي
﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾فدلت على عموم الأشياء،
فصار إذن عندنا في قوله -تعالى -: ﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾
ثَمَّ عمومان:
الأول: دلت الآية على النهي عن جميع أنواع الشرك وذلك؛
لأن النهي تسلط على الفعل، والفعل فيه مصدر مستكن، والمصدر نكرة.
والثانية: أن مفعول تشرك شيئا، وشيئا نكرة،
والنكرة جاءت في سياق النهي وذلك يدل على عموم الأشياء
يعني لا الشرك الأصغر مأذون به، ولا الأكبر ولا الخفي بدلالة قوله: ﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ﴾
وكذلك ليس مأذونا أن يشرك لا بملك ولا بنبي ولا بصالح ولا بعالم ولا بطالح ولا بقريب ولا ببعيد بدلالة قوله: ﴿شَيْئًا﴾
وهذا استدلال ظاهر الوضوح في الدلالة على التوحيد بالجمع بين النفي والإثبات،
قال: وقوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾
﴿قُلْ تَعَالَوْا﴾ يعني يا مَن حرَّم بعض الأنعام، وافترى على الله في ذلك
﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾
قال العلماء: "أن" هنا تفسيرية متعلقة بمحذوف تقديره وصاكم؛ لأن "أن" التفسيرية تتعلق كما ذكرت لك بكلمة فيها معنى القول دون حروف القول وحددوها بقوله: ﴿وَصَّاكُم﴾
؛ لأنه في آخر الآي جاء ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ في الآية الأولى، ثم ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ في الآية الثانية، ثم ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ في الآية الثالثة كلها فيها الوصية.
فإذن يكون تقدير الكلام: "قل تعالوا أتلو ما حرم ربكم عليكم وصاكم ألا تشركوا به شيئا" يعني: أمركم، والوصية هنا شرعية، وإذا كانت الوصية من الله شرعية، فهي أمر واجب، فقوله: ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ دلالتها على التوحيد كدلالة آية النساء قبلها.
ثم ساق الشيخ -رحمه الله- ـ أثر ابن مسعود قال: قال ابن مسعود: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه، فليقرأ قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا﴾
يعني: التي كانت من آخر ما وصَّى به، من آخر ما أمر به يعني: التي لو قُدِّرَ أنه وصى وختم على هذه الوصية، وفتحت بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وانتقاله إلى الرفيق الأعلى لكانت هذه الآيات التي فيها الوصايا العشر. هذا من ابن مسعود للدلالة على عظم شأن هذه الآيات التي افتتحت بالنهي عن الشرك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ابتدأ دعوته بالأمر بعبادة الله وحده، والنهي عن الشرك، واختتمها أيضا -كما دل عليه كلام ابن مسعود هذا- بالأمر بالتوحيد، والنهي عن الشرك،
فدل على أن ذلك أولى المطالب وأول المطالب وأهم المطالب.
قال -بعد ذلك-: وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: «كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمار فقال لي: يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا»
التمهيد شرح كتاب التوحيد