تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عبد المأمور



أبو البراء محمد علاوة
2020-08-28, 03:04 PM
عَبْدُ الْمَأْمُورِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾[1]
. (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftn1)تَأَمَّلْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا ﴾، لتعلمَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَعْبُدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَسْجُدُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، قَالَ العُلَمَاءُ: اتِّخَاذُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَرْبَابًا: سُجُودُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ.
وَقَدْ رَأَينَاهُم رَأْي العَينِ يَسْجُدُونَ للقَسَاوِسَةِ والرُّهْبَانِ دَاخِلَ كَنَائِسِهِم.
وَنَوعٌ آخرُ مِنْ أَنْوَاعِ العِبَادَةِ للْأَتْبَاعِ والرُّؤَسَاءِ يَقَعُ فيه كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، هَذِهِ العِبَادَةُ هِي طَاعَةُ هَؤلَاءِ الْأَتْبَاعِ وَالرُّؤَسَاءِ فِيمَا يأَمَرُونَهُمْ بِهِ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى، وَتَرْكِ مَا ينَهَوْنَهُمْ عَنْهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وهِي عِبَادَةٌ كَالركوعِ والسُّجُودِ، والصَّلَاةِ والصِّيِامِ؛ فَإِنَّ العِبَادَةَ هي كَمَالُ الطَّاعَةِ مَعَ كَمَالِ الحُبِّ والذُّلِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا ﴾[2]. (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftn2)
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: «يَا عَدِيُّ اطْرَحْ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ»، فَطَرَحْتُهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ بَرَاءَةَ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ ﴾، حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: إنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ: «أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونُه ُ، ويُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّون َهُ؟» قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ»[3]. (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftn3)
وهَذَا النَّوعُ مِنَ العِبَادَةِ أعني كَمَالَ الطَّاعَةِ للِمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، لَيسَتْ قاصرةً عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، بلْ كُلُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ ذلك فهُو عَبْدٌ لهَذَا الِمَخْلُوقِ شَاءَ أَمْ أَبَى، وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ.والعجي ُ أَنَّ بعضَهُم يجْهَرُ بِذَلِكَ؛ فيقولُ مُبَرِّرًا طَاعَتَهُ لغَيرِ اللهِ فِيمَا حرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنَا عَبْدُ الْمَأْمُورِ).نَ عَم هُو عَبْدٌ للمَأمُورِ، وليسَ عَبْدًا للَّهِ تَعَالَى؛ ولوْ كَانَ عَبْدًا للَّهِ تَعَالَى مَا قدَّمَ علَى طَاعَتِهِ تَعَالَى أحدًا؛ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ»[4]. (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftn4)
أَمَا يَخْشَى أُولَئِكَ أَنْ يُقَالَ عَنْهُم يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴾؟[5]. (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftn5)


[1] (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftnref1) سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 64.
[2] (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftnref2) سُورَةُ التَّوبةِ: الآية/ 31.
[3] (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftnref3) رواه الترمذي -أَبْوَابُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابٌ: وَمِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ، حديث رقم: 3095، والطبراني في الكبير- حديث رقم: 218، بسند حسن.
[4] (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftnref4) رواه أحمد -حديث رقم: 20653، الطبراني في الكبير- حديث رقم: 381، والأوسط- حديث رقم: 4322، بسند صحيح.
[5] (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#_ftnref5) سُورَةُ الصَّافَّاتِ: الآية/ 22، 23.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#ixzz6WPjHjvr5 (https://www.alukah.net/sharia/0/141667/#ixzz6WPjHjvr5)

محمدعبداللطيف
2020-08-29, 12:27 PM
بلْ كُلُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ ذلك فهُو عَبْدٌ لهَذَا الِمَخْلُوقِ شَاءَ أَمْ أَبَى،
وَإِنْ صَلَّى وَ صَامَ وَ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ.
والعجيبُ أَنَّ بعضَهُم يجْهَرُ بِذَلِكَ؛ فيقولُ مُبَرِّرًا طَاعَتَهُ لغَيرِ اللهِ فِيمَا حرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنَا عَبْدُ الْمَأْمُورِ).
نَعَم هُو عَبْدٌ للمَأمُورِ، وليسَ عَبْدًا للَّهِ تَعَالَى
ولوْ كَانَ عَبْدًا للَّهِ تَعَالَى مَا قدَّمَ علَى طَاعَتِهِ تَعَالَى أحدًانعم بارك الله فيك

أبو البراء محمد علاوة
2020-08-29, 05:35 PM
نعم بارك الله فيك
وفيك بارك الله

محمدعبداللطيف
2020-08-29, 09:58 PM
وَنَوعٌ آخرُ مِنْ أَنْوَاعِ العِبَادَةِ للْأَتْبَاعِ والرُّؤَسَاءِ يَقَعُ فيه كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، هَذِهِ العِبَادَةُ هِي طَاعَةُ هَؤلَاءِ الْأَتْبَاعِ وَالرُّؤَسَاءِ فِيمَا يأَمَرُونَهُمْ بِهِ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى، وَتَرْكِ مَا ينَهَوْنَهُمْ عَنْهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى،
نعم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): من استكبر عن بعض عبادة الله سامعًا مطيعًا في ذلك لغيره، لم يحقق قول: لا إله إلا اللّه، في هذا المقام.
وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم اللّه وتحريم ما أحل اللّه يكونون على وجهين:
أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين اللّه فيتبعوهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم اللّه، وتحريم ما أحل اللّه، اتباعًا لرؤسائهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر، وقد جعله اللّه ورسوله شركًا وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم،فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين، واعتقد ما قاله ذلك، دون ما قاله اللّه ورسوله مشركًا مثل هؤلاء.
والثاني:أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتًا ، لكنهم أطاعوهم في معصية اللّه، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص،
فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب اهـ.

قال الشيخ سليمان آل الشيخ في (تيسير العزيز الحميد):
مراد المصنف رحمه اللّه بإيراد الآية هنا أن الطاعة في تحريم الحلال، وتحليل الحرام، من العبادة المنفية من غير اللّه تعالى، ولهذا فسرت العبادة بالطاعة، وفسر الإله بالمعبود المطاع،
فمن أطاع مخلوقًا في ذلك فقد عبده،
إذ معنى التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا اللّه يقتضي إفراد اللّه بالطاعة، وإفراد الرسول بالمتابعة،
فإن من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع اللّه،
وهذا أعظم ما يبين التوحيد وشهادة أن لا إله إلا اللّه،
لأنها تقتضي نفي الشرك في الطاعة اهـ.