المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحكام شهر رمضان--- للشيخ صالح الفوزان يوميا فى رمضان



ابو وليد البحيرى
2020-04-23, 09:37 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/81.jpg

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

(1)
[باب في وجوب صوم رمضان ووقته]
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، وفرض من فروض الله، معلوم من الدين بالضرورة.
ويدل عليه الكتاب والسنة والإجماع:قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} إلى قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الآية.ومعنى {كتب} : فرض، قال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، والأمر للوجوب.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس"، وذكر منها صوم رمضان.
والأحاديث في الدلالة على فرضيته وفضله كثيرة مشهورة.
وأجمع المسلمون على وجوب صومه، وأن من أنكره كفر.
والحكمة في شرعية الصيام: أن فيه تزكية للنفس وتطهيرًا وتنقية لها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة، لأنه يضيق مجاري الشيطان في بدن الإنسان؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فإذا أكل أو شرب؛ انبسطت نفسه للشهوات، وضعفت إرادتها، وقلت رغبتها في العبادات، والصوم على العكس من ذلك.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/83.jpg
وفي الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة، وفيه باعث على العطف على المساكين وإحساس بآلامهم؛ لما يذوقه الصائم من ألم الجوع والعطش؛ لأن الصوم في الشرع هو الإمساك بنية عن أشياء مخصوصة من أكل وشرب وجماع وغير ذلك مما ورد به الشرع، ويتبع ذلك الإمساك عن الرفث والفسوق.
ويبتدئ وجوب الصوم اليومي بطلوع الفجر الثاني، وهو البياض المعترض في الأفق، وينتهي بغروب الشمس،
قال الله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} "يعني الزوجات" {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ،
ومعنى: {يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر} : أن يتضح بياض النهار من سواد الليل.
ويبدأ وجوب صوم شهر رمضان إذا علم دخوله.
وللعلم بدخوله ثلاث طرق:الطريقة الأولى: رؤية هلاله، قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته"، فمن رأى الهلال بنفسه؛ وجب عليه الصوم.
الطريقة الثانية: الشهادة على الرؤية، أو الإخبار عنها؛ فيصام برؤية عدل مكلف إخباره بذلك؛ لقوله ابن عمر: "تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه"، رواه أبو داود وغيره، وصححه ابن حبان الحاكم.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
والطريقة الثالثة: إكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوما، وذلك حينما لا يرى الهلال ليله الثلاثين من شعبان مع وجود ما يمنع الرؤية من غيم أو قتر أو مع وجود شيء من ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الشهر تسعة وعشرون يوما؛ فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطرون حتى تره، فإن غم عليكم؛ فاقدروا له"، ومعنى "قدروا له"؛
أي: أتموا شهر شعبان ثلاثين يوما؛
لما ثبت في حديث أبي هريرة: "فإن غم عليكم؛ فعدوا ثلاثين".
ويلزم صوم رمضان كل مسلم مكلف قادر.
فلا يجب على كافر،
ولا يصح منه، فإن تاب في أثناء الشهر؛ صام الباقي، ولا يلزم قضاء ما سبق حال الكفر.
ولا يجب الصوم على الصغير، ويصح الصوم من صغير مميز، ويكون في حقه نافلة.
ولا يجب الصوم على مجنون، ولو صام حال جنونه؛ لم يصح منه؛ لعدم النيه.
ولا يجب الصوم أداء على مريض يعجز عنه ولا مسافر، ويقضيانه حال زوال عذر المرض والسفر،
قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
والخطاب بإيجاب الصيام يشمل المقيم والمسافر، والصحيح والمريض، والطاهر والحائض والنفساء، والمغمى عليه؛ فإن هؤلاء كلهم يجب عليهم الصوم في ذممهم؛ بحيث إنهم يخاطبون بالصوم؛ ليعتقدوا وجوبه في ذممهم،
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/83.jpg
والعزم على فعله: إما أداء، وإما قضاء؛ فمنهم من يخاطب بالصوم في نفس الشهر أداء، وهو الصحيح المقيم؛ إلا الحائض والنفساء، ومنهم من يخاطب بالقضاء فقط، وهو الحائض والنفساء والمريض الذي على أداء الصوم ويقدر عليه قضاء، ومنهم من يخبر بين الأمرين، وهو المسافر والمريض الذي يمكنه الصوم بمشقة من غير خوف التلف.
ومن أفطر لعذر ثم زال عذره في أثناء نهار رمضان؛ كالمسافر يقدم من سفره، والحائض والنفساء تطهران، والكافر إذا أسلم، والمجنون إذا أفاق من جنونه، والصغير يبلغ؛ فإن كلا من هؤلاء يلزمه الإمساك بقية اليوم ويقضيه، وكذا إذا قامت البينة بدخول الشهر في أثناء النهار؛ فإن المسلمين يمسكون بقية اليوم ويقضون اليوم بعد رمضان.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/84.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-04-25, 02:46 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/103.jpg

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

(2)
[باب في بدء صيام اليوم ونهايته]قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "هذه رخصة

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
من الله تعالى للمسلمين، ورفع لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام؛ فإنه كان إذا أفطر أحدهم؛ إنما يحل له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء أو ينام قبل ذلك، فمتى نام أو صلى العشاء؛ حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة، فوجدوا من ذلك مشقة كبيرة، فنزلت هذه الآية، ففرحوا بها فرحا شديدًا، حيث أباح الله الأكل والشرب والجماع في أي الليل شاء الصائم، إلى أن يتبين ضياء الصباح من سواد الليل".
فتبين من الآية الكريمة تحديد الصوم اليومي بداية ونهاية، فبدايته من طلوع الفجر الثاني، ونهايته إلى غروب الشمس.
وفي

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/83.jpg
إباحته تعالى الأكل والشرب إلى طلوع الفجر دليل على استحباب السحور.
وفي "الصحيحين" عن أنس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسحروا؛ فإن السحور بركة".
وقد ورد في الترغيب بالسحور آثار كثيرة، ولو بجرعة ماء، ويستحب تأخيره إلى وقت انفجار الفجر.
ولو استيقظ الإنسان وعليه جنابة أو طهرت الحائض قبل طلوع الفجر؛ فإنهم يبدؤون بالسحور، ويصومون، ويؤخرون الاغتسال إلى بعد طلوع الفجر.
وبعض الناس يبكرون بالتسحر لأنهم يسهرون معظم الليل ثم يتسحرون وينامون قبل الفجر بساعات، وهؤلاء قد ارتكبوا عدة أخطاء:
أولاً: لأنهم صاموا وقت الصيام.
ثانيا: يتركون صلاة الفجر مع

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الجماعة، فيعصون الله بترك ما أوجب الله عليهم من صلاة الجماعة.
ثالثا: ربما يؤخرون صلاة الفجر عن وقتها، فلا يصلون إلا بعد طلوع الشمس، وهذا أشد جرما وأعظم إثما، قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} .
ولا بد أن ينوي الصيام الواجب من الليل، فلو نوى الصيام ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر؛ فإنه يمسك، وصيامه صحيح تام إن شاء الله.
ويستحب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بمشاهدتها أو غلب على ظنه بخبر ثقة بأذان أو غيره: فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"، متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: "إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرًا".
والسنة أن يفطر على رطب، فإن لم يجد؛ فعلى تمر، فإن لم يجد؛ فعلى ماء؛ لقول أنس رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات؛ فتمرات، فإن لم تكن تمرات؛ حسا حسوات من ماء ... "، رواه أحمد وأبو داود والترمذي،فإن لم يجد رطبا ولا تمرًا ولا ماءًا أفطر على ما تيسر من طعام وشراب.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/83.jpg
وهنا أمر يجب التنبية عليه، وهو أن بعض الناس قد يجلس على مائدة إفطاره ويتعشى ويترك صلاة المغرب مع الجماعة في المسجد، فيرتكب بذلك خطأ عظيما، وهو التأخر عن الجماعة في المسجد، ويفوت على نفسه ثوابا عظيما، ويعرضها للعقوبة، والمشروع للصائم أن يفطر أولاً، ثم يذهب للصلاة، ثم يتعشى بعد ذلك.ويستحب أن يدعو عند إفطاره بما أحب، قال صلى الله عليه وسلم: "إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد"، ومن الدعاء الوارد أن يقول: "اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت"، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أفطر يقول: "ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله".
وهكذا ينبغي للمسلم أن يتعلم أحكام الصيام والإفطار وقتا وصفة حتى يؤدي صيامه على الوجه المشروع الموافق لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى يكون صيامه صحيحا وعمله مقبولاً عند الله؛ فإن ذلك من أهم الأمور، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} .
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/104.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-04-26, 12:36 AM
http://files2.fatakat.com/2015/6/14345726891800.gif


كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

(3)
[باب في مفسدات الصوم]
للصيام مفسدات يجب على المسلم أن يعرفها؛ ليتجنبها، ويحذر منها لأنها تفطر الصائم، وتفسدعليه صيامه.
وهذه المفطرات منها:
1 الجماع: فمتى جامع الصائم؛ بطل صيامه، ولزمه قضاء ذلك اليوم الذي جامع فيه، ويجب عليه مع قضائه الكفارة، هي: عتق رقبة، فإن لم يجد الرقبة أو لم يجد قيمتها؛ فعليه أن يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين؛ بأن لم يقدر على ذلك لعذر شرعي؛ فعليه أن يطعم ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من الطعام المأكول في البلد.
2 إنزال المني بسبب تقبيل أو لمس أو استمناء أو تكرار نظر، فإذا حصل شيء من ذلك؛

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
فسد صومه، وعليه القضاء فقط بدون كفارة؛ لأن الكفارة تختص بالجماع.والنائم إذا احتلم فأنزل؛ فلا شيء عليه، وصيامه صحيح؛ لأن ذلك وقع بدون اختيار، لكن يجب عليه الاغتسال من الجنابة.
3 الأكل أو الشرب متعمدًا؛ لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .
أما من أكل وشرب ناسيا؛ فإن ذلك لا يؤثر على صيامه، وفي الحديث: "من أكل أو شرب ناسيا؛ فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه".
ومما يفطر الصائم إيصال الماء ونحوه إلى الجوف عن طريق الأنف، وهو ما يسمى بالسعوط،

https://upload.3dlat.net/uploads/13628339808.gif
وأخذ المغذي عن طريق الوريد، وحقن الدم في الصائم، كل ذلك يفسد صومه؛ لأنه تغذية له.ومن ذلك أيضا حقن الصائم بالإبر المغذية؛ لأنها تقوم مقام الطعام، وذلك يفسد الصيام، أما الإبر غير المغذية، فينبغي للصائم أيضا أن يتجنبها محافظة على صيامه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، ويؤخرها إلى الليل.
4 إخراج الدم من البدن بحجامة أو فصد أو سحب دم ليتبرع به لإسعاف مريض؛ فيفطر بذلك كله.
أما إخراج دم قليل كالذي يستخرج للتحليل؛ فهذا لا يؤثر على الصيام، وكذا خروج الدم بغير اختياره برعاف أو جرح أو خلع سن؛ فهذا لا يؤثر على

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الصيام.
5 ومن المفطرات التقيؤ، وهو استخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم متعمدًا؛ فهذا يفطر به الصائم، أما إذا غلبه القيء، وخرج بدون اختياره؛ فلا يؤثر على صيامه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من ذرعه القيء؛ فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا؛ فليقض"، ومعنى "ذرعة القىء" أي: خرج بدون اختياره، ومعنى قوله: "استقاء" أي: تعمد القيء.
وينبغي أن يتجنب الصائم الاكتحال ومداواة العينين بقطرة أو بغيرها وقت الصيام؛ محافظة على صيامه.
ولا يبالغ في المضمضة والاستنشاق؛ لأنه ربما ذهب الماء إلى جوفه، قال صلى الله عليه وسلم: "وبالغ بالاستنشاق إلا أن تكون صائما".

https://upload.3dlat.net/uploads/13628339808.gif
والسواك لا يؤثر على الصيام، بل هو مستحب ومرغب فيه للصائم وغيره في أول النهار وآخره على الصحيح.
ولو طار إلى حلقه غبار أو ذباب؛ لم يؤثر على صيامه.
ويجب على الصائم اجتناب كذب وغيبة وشتم، وإن سابه أحد أو شمته؛ فليقل إني صائم؛ فإن بعض الناس قد يسهل عليه ترك الطعام والشراب، ولكن لا يسهل عليه ترك ما اعتاده من الأقوال والأفعال الرديئة، ولهذا قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الطعام والشراب.
فعلى المسلم أن يتقي الله ويخافه ويستشعر عظمة ربه وإطلاعه عليه في كل حين وعلى كل حال، فيحافظ على صيامه من المفسدات والمنقصات؛ ليكون صيامه صحيحا.
وينبغي للصائم أن يشتغل بذكر الله وتلاوة القرآن والإكثار من النوافل، فقد كان السلف إذا صاموا؛ جلسوا في المساجد، وقالوا: نحفظ

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
صومنا ولا نغتاب أحدًا، وقال صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وذلك لأنه يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله عليه في كل حال من الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، روي عن أبي هريرة مرفوعا: "الصائم في عبادة ما لم يغتب مسلما أو يؤذه"، وعن أنس: "ما صام من ظل يأكل لحوم الناس"، فالصائم يترك أشياء كانت مباحة في غير حالة الصيام؛ فمن باب أولى أن يترك الأشياء التي لا تحل له في جميع الأحوال؛ ليكون في عداد الصائمين حقا.
http://files2.fatakat.com/2015/6/14345727321621.gif

ابو وليد البحيرى
2020-04-26, 11:13 PM
http://files2.fatakat.com/2015/6/14345726891800.gif

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان


(4)
باب في بيان أحكام القضاء للصياممن أفطر في رمضان بسبب مباح؛ كالأعذار الشرعية التي تبيح الفطر، أو بسبب محرم؛ كمن أبطل صومه بجماع أو غيره؛ وجب عليه القضاء؛ لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} 1.
ويستحب له المبادرة بالقضاء؛ لإبراء ذمته، ويستحب أن يكون القضاء متتابعا؛ لأن القضاء يحكي الأداء، وإن لم يقض على الفوز وجب العزم عليه، ويجوز له التأخير؛ لأن وقته موسع، وكل واجب موسع يجوز تأخيره مع العزم عليه؛ كما يجوز تفرقته؛ بأن يصومه متفرقا، لكن إذا لم يبق من

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
شعبان إلا قدر ما عليه؛ يجب عليه التتابع إجماعا؛ لضيق الوقت، ولا يجوز تأخير إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "كان يكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا شعبان؛ لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم" متفق عليه، فدل هذا على ماتت وعليها صيام نذر؛ أفأصوم عنه؟ قال: "نعم".
والولي هو الوارث.قال ابن القيم رحمه الله: "يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي، وهذا مذهب أحمد وغيره، والمنصوص عن ابن عباس وعائشة، وهو مقتضى
https://upload.3dlat.net/uploads/13628339808.gif
الدليل والقياس؛ لأن النذر ليس واجبا بأصل الشرع، وإنما أوجبه العبد على نفسه؛ فصار بمنزلة الدين، ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين، وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء؛ فهو أحد أركان الإسلام؛ فلا تدخله النيابة بحال؛ كما لا تدخل الصلاة والشهادتين؛ فإن المقصود منهما طاعة العبد بنفسه، وقيامه بحق العبورية التي خلق لها وأمر بها، وهذا لا يؤديه عنه غيره، ولا يصلي عنه غيره".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "يطعم عنه كل يوم مسكين، وبذلك أخذ

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
أحمد وإسحاق وغيرهما، وهو مقتضى النظر كما هو موجب الأثر؛ فإن النذر كان ثابتا في الذمة فيفعل بعد الموت، وأما صوم رمضان؛ فإن الله لم يوجبه على العاجز عنه، بل أمر العاجز بالفدية طعام مسكين، والقضاء إنما على من قدر عليه لا من عجز عنه؛ فلا يحتاج إلى أن يقضي أحد عن أحد، وأما الصوم لنذر وغيره من المنذورات؛ فيفعل عنه بلا خلاف؛ للأحاديث الصحيحة.
أن وقت القضاء موسع؛ إلى أن يبقى من شعبان إلا قدر الأيام التي عليه؛ فيجب عليه صيامها قبل دخول رمضان الجديد.
فإن

https://upload.3dlat.net/uploads/13628339808.gif
أخر القضاء حتى أتى عليه رمضان الجديد؛ فإنه يصوم رمضان الحاضر، ويقضي ما عليه بعده، ثم إن تأخيره لعذر لم يتمكن معه من القضاء في تلك الفترة؛ فإنه عليه إلا القضاء، وإن كان لغير عذر؛ وجب عليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد.
وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان الجديد؛ فلا شيء عليه؛ لأن له تأخير في تلك الفترة التي مات فيها، وإن مات بعد رمضان الجديد: فإن كان القضاء لعذر كالمرض والسفر وحتى أدركه رمضان الجديد؛ فلا شيء

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
عليه أيضا، وإن تأخيره لغيره عذر؛ وجبت الكفارة في تركته؛ بأن يخرج عنه إطعام مسكين عن كل يوم.وإن مات من عليه صوم كفارة كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم المتعة في الحج؛ فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينا، ولا يصام عنه، ويكون الإطعام من تركته؛ لأنه صيام لا تدخله النيابة في الحياة، فكذا بعد الموت، وهذا قول أكثر أهل العلم.وإن مات من عليه صوم نذر؛ استحب لوليه أن يصوم عنه؛ لما ثبت في "الصحيحين"؛ أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي وعليها صوم نذر - وفي رواية صوم شهر - أفأصوم عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها قالت : نعم ، قال : فصومي عن أمك .
1 سورة البقرة، آية: 148.

http://files2.fatakat.com/2015/6/14345727321621.gif

ابو وليد البحيرى
2020-04-27, 11:58 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/157.jpg

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

(5)
[باب في ما يلزم من أفطر لكبر أو مرض]

الله سبحانه وتعالى أوجب صوم رمضان على المسلمين؛ أداء في حق غير ذوي الأعذار، وقضاء في حق ذوي الأعذار، الذين يستطيعون القضاء في أيام أخر، وهناك صنف ثالث لا يستطيعون الصيام أداء ولا قضاء كالكبير الهرم والهرم الذي لايرجى برؤه؛ فهذا الصنف قد خفف الله عنه، فأوجب عليه بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من الطعام.
قال الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا} .وقال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
مِسْكِينٍ} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم"، رواه البخاري.والمريض الذي لا يرجى برؤه من مرضه في حكم الكبير، فيطعم عن كل يوم مسكينا.
وأما من أفطر لعذر يزول كالمسافر والمريض مرضا يرجى زواله والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما، والحائض والنفساء؛ فإن كلاًّ من هؤلاء يتحتم عليه القضاء؛ بأن يصوم من أيام أخر بعدد الأيام التي أفطرها، قال تعالى: {وَمَنْ

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
وفطر المريض الذي يضره الصوم والمسافر الذي يجوز له قصر الصلاة سنة؛ لقوله تعالى: في حقهم: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ؛ أي: فليفطر وليقض عدد ما أفطره، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ، والنبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين؛ إلا اختار أيسرهما، وفي "الصحيحين": "ليس من البر الصيام فيالسفر".
وإن صام المسافر أو المريض الذي يشق عليه الصوم؛ صح صومهما مع الكراهة، وأما الحائض والنفساء؛ فيحرم في

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
حقها الصوم حال الحيض والنفاس، ولا يصح.والمرضع والحامل يحب عليهما قضاء ما أفطرتا من أيام أخر،
ويحب مع القضاء من أفطرت للخوف على ولدها إطعام مسكين عن كل يوم أفطرته.
وقال العلامة ابن القيم رحمة الله: "أفتى ابن عباس وغيره من غيره من الصحابة في الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أن تفطرا وتطعما عن كل يوم مسكينا؛ إقامة للإطعام مقام الصيام"؛ يعني: أداءً، مع وجوب القضاء عليهماويجب الفطر على من احتاج إليه لإنقاذ من وقع في هلكة؛

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
كالغريق ونحوه".
ويجب على المسلم تعيين نية الصوم الواجب من الليل؛ كصوم رمضان وصوم الكفارة، وصوم النذر؛ بأن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو قضائه أو يصوم نذرًا أو كفارة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، وعن عائشة مرفوعا: "من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر؛ فلا صيام له"، فيجب أن ينوي الصوم الواجب في الليل،فمن نوى الصوم من النهار؛ كمن أصبح ولم يطعم شيئا بعد طلوع الفجر، ثم نوى الصيام؛ لم يجزئه؛ إلا في التطوع، وأما

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الصوم الواجب؛ فلا ينعقد بنيته من النهار؛ لأن جميع النهار يجب فيه الصوم، والنية لا تنعطف على الماضي.
وأما صوم النفل؛ فيجوز بنية من النهار؛ لحديث عائشة رضي الله عنه: "دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: "هل عندكم من شيء؟ "، فقلنا: لا، قال: "فإني صائم"، رواه الجماعة إلا البخاري؛ ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان مفطرًا لأنه طلب طعاما، وفيه دليل على جواز تأخير نية الصوم إذا كان تطوعا، فتخصص به الأدلة المانعة.
فشرط صحة صوم النفل بنية من النهار أن لا يوجد قبل النية مناف للصيام من أكل وشرب ونحوهما، فإن فعل قبل النية ما يفطره؛ لم يصح يغير خلاف.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/159.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-04-28, 10:27 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/157.jpg

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(6)
[باب في أحكام الحيض والنفاس]

أولاً: الحيض وأحكامه:قال الله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ}
.والحيض هو دم طبيعة وجبلة، يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة، خلقه الله لحكمة غذاء الولد في بطن أمه؛ لا فتقاره إلى الغذاء؛ إذ لو شاركها في غذائها؛ لضعفت قواها، فجعل الله له هذا الغذاء؛ لذلك قل أن تحيض الحامل، فإذا ولدت؛ قلبه
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الله لبنا يدر من ثدييها؛ ليتغذى به ولدها، ولذلك قل أن تحض المرضع، فإذا خلت المرأة من الحمل ورضاع؛ بقي لا مصرف له؛ليستقر في مكان من رحمها، ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام، وقد يزيد عن ذلك أو يقل، ويطول شهر المرأة ويقصر حسبما ركبه الله من الطباع.
وللحائض خلال حيضها وعند نهايته أحكام مفصلة في الكتاب والسنة:من هذه الأحكام: أن الحائض لا تصلي ولا تصوم حال
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

حيضها، قال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت أبي حبيش: "إذا أقبلت الحيضة؛ فدعي الصلاة"، فلو صامت الحائض أوصلت حال حيضها؛ لم يصح لها صوم ولا صلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاها عن ذلك، والنهي يقتضي عدم الصحة، بل تكون بذلك عاصية لله ولرسوله.
فإذا طهرت من حيضها؛ فإنها تقضي الصوم دون الصلاة بإجماع أهل العلم، قالت عائشة رضي الله عنها: "كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، متفق
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
عليه.
ومن أحكام الحائض: أنها يجوز لها أن تطوف بالبيت، ولا تقرأ القرآن، ولا تجلس في المسجد، ويحرم على زوجها وطؤها في الفرج حتى ينقطع حيضها وتغتسل:
قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه} ،ومعنى الاعتزال: ترك الوطء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، رواه

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
الجماعة إلا البخاري، وفي لفظ: "إلا الجماع".
ويجوز لزوج الحائض أن يستمتع منها بغير الجماع في الفرج؛ كالقبلة واللمس ونحو ذلك.
ولا يجوز لزوجها أن يطلقها وهى حائض، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِن} ؛ أي طاهرات من غير جماع، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من طلق امرأته وهي حائض أن يراجعها ثم يطلقها حال طهرها إن أراد.
والطهر هو انقطاع الدم، فإذا انقطع دمها؛ فقد طهرت، وانتهت فترة حيضها؛ فيجب عليها الاغتسال، ثم تزاول ما منعت

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
منه بسبب الحيض، وإن رأت بعد الطهر كدرة أو صفرة؛ لم تلتفت إليها؛ لقول أم عطية رضي الله عنها: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الصفرة شيئا"، رواه البخاري
وغيره، وله حكم الرفع؛ لأنه تقرير منه صلى الله عليه وسلم.
تنبيه هام:إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس؛ لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم، ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر؛ لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
الليلة؛ لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الفتاوى" "22/ 434": "ولهذا كان جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد إذا طهرت الحائض في آخر النهار؛ صلت الظهر والعصر جميعا، وإذا طهرت في آخر الليل؛ صلت المغرب والعشاء جميعا؛ كما نقل ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة ابن عباس؛ لأن الوقت مشترك بين الصلاتين في حال العذر، فإذا طهرت في آخر النهار؛ فوقت الظهر باق، فتصليها قبل العصر، وإذا طهرت في آخر الليل؛ فوقت المغرب باق في حال الغدر، فتصليها قبل العشاء" انتهى.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/159.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-04-30, 03:49 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/157.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

(7)
وأما إذا دخل عليها وقت صلاة، ثم حاضت أو نفست قبل أن تصلي؛فالقول الراجح أنه لا يلزمها قضاء تلك الصلاة التي أدركت أول وقتها ثم حاضت أو نفست قبل أن تصليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في "مجموع الفتاوي" "23/ 335" في هذه المسألة: "والأظهر في الدليل مذهب أبي حنيفة ومالك؛ أنها لا يلزمها شيء؛ لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد، ولا أمر هنا يلزمها بالقضاء، ولأنها أخرت تأخيراً جائزاً؛ فهي غير مفرطة، وأما النائم أو الناسي؛ وإن كان غير مفرط أيضا؛ فإن ما يفعله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
ليس قضاء، بل ذلك وقت الصلاة في حقه حين يستيقظ ويذكر" انتهى.
ثانيا: الاستحاضة وأحكامها:الاستح ضة: سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف من عرق يسمى العاذل.
والمستحاضة أمرها مشكل؛ لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة، فإذا كان الدم ينزل منها باستمرار أو غالب الوقت؛ فما الذي تعتبره منه حيضا وما الذي تعتبره استحاضة لا تترك من أجله الصوم والصلاة؟ فإن المستحاضة يعتبر لها أحكام الطاهرات.

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
وبناء على ذلك؛ فإن المستحاضة لها ثلاث حالات:الحالة الأولى: أن تكون لها عادة معروفة لديها قبل إصابتها بالاستحاضة؛ بأن كانت قبل الاستحاضة تحيض خمسة أيام أو ثمانية أيام مثلاً في أول الشهر أو وسطه، فتعرف عددها ووقتها؛ فهذه تجلس قدر عادتها، وتدع الصلاة والصيام، وتعتبر لها أحكام الحيض، فإذا انتهت عادتها؛ اغتسلت وصلت، واعتبرت الدم الباقي دم استحاضة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي"، رواه

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
مسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: "إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك؛ فدعي الصلاة"، متفق عليه.
الحالة الثانية: إذا لم يكن لها عادة معروفة، لكن دمها متميز، بعضه يحمل صفة الحيض؛ بأن يكون أسودًا أو ثخينا أو له رائحة، وبقيته لا تحمل صفة الحيض؛ بأن يكون أحمر ليس له رائحة لا ثخينا؛ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضا، فتجلس، وتدع الصلاة والصيام، وتعتبر ما عاداه استحاضة، تغتسل عند نهاية الذي يحمل صفة

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
الحيض، وتصلي وتصوم، وتعتبر طاهرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: "إذا كان دم الحيض؛ فإنه أسود يُعرف؛ فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر؛ فتوضئي وصلي"، رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم، ففيه أن المستحاضة تعتبر صفة الدم، فتميز بها بين الحيض وغيره.
الحالة الثالثة: إذا لم يكن لها عادة تعرفها ولا صفة تميز بها الحيض من غيره؛ فإنها تجلس غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر، لأن هذه عادة غالب النساء؛ لقوله صلى الله عليه

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وسلم لحمنة بنت جحش: "إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام، ثم اغتسلي، فإذا استنقأت؛ فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين، وصومي وصلي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء" رواه الخمسة، وصححه الترمذي.
والحاصل مما سبق:أن المعتادة ترد إلى عادتها، والمميزة ترد إلى العمل بالتمييز، والفاقدة لهما تحيض ستا أو سبعا، وفي

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
هذا جمع بين السنن الثلاث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العلامات التي قيل بها ست: إما العادة؛ فإن العادة أقوى العلامات؛ لأن الأصل مقام الحيض دون غيره، وإما التمييز لأن الدم الأسود والثخين المنتن أولى أن يكون حيضا من الأحمر، وأما اعتبار غالب عادة النساء؛ لأن الأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب؛ فهذه العلامات الثلاث تدل عليها السنة والاعتبار"، ثم ذكر بقية العلامات التي قيل بها.وقال في "النهاية": "وأصوب الأقوال اعتبار العلامات التي جاءت بها السنة، وإلغاء ما سوى ذلك" انتهى.

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/159.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-02, 12:02 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(8)
ما يلزم المستحاضة في حال الحكم بطهارتها:
1 يجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة حسبما سبق بيانه.
2تغسل فرجها لإزالة ماعليه من الخارج عند كل صلاة، وتجعل في المخرج قطنا ونحوه يمنع الخارج، وتشد عليه ما يمسكه من السقوط، ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة.
لقوله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام إقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة"، رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال: "حديث حسن"، وقال صلى الله عليه وسلم: "انعت

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
لك الكرسف، تحشين به المكان"، والكرسف القطن، ويمكن استعمال الحفائظ الطبية الموجودة الآن.
ثالثا: النفاس وأحكامه:والنفاس كالحيض فيما يحل؛ كالاستمتاع منها بما دون الفرج،
وفيما يحرم؛ كالوطأ في الفرج ومنع الصوم والصلاة والطلاق والطواف وقراءة القرآن واللبث في المسجد، وفي وجوب الغسل على النفساء عند انقطاع دمها كالحيض، ويجب عليها أن بقضي الصيام دون الصلاة؛ فلا تقضيها كالحائض.والنفاس دم ترخية

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
الرحم للولادة وبعدها، وهو بقية الدم الذي احتبس في مدة الحمل، وأكثر مدته عند الجمهور أربعون يوما.
قال الترمذي "أجمع أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما؛ إلا أن ترى الطهر قبل ذلك؛ فتغتسل وتصلي" اه.
فإذا انقطع دم النفساء قبل الأربعين؛ فقد انتهى نفاسها، فتغتسل وتصلي وتزاول ما منعت منه بسبب النفاس وإذا ألقت الحامل ما تبين فيه خلق إنسان، بأن كان فيه تخطيط، وصار معها دم بعده؛ فلها أحكام النفساء، والمدة التي يتبين فيها خلق

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الإنسان في الحمل ثلاثة أشهر غالبا، وأقلها واحد وثمانون يوما، وإن ألقت علقة أو مضغة؛ لم يتبين فيها تخطيط إنسان؛ لمتعتبر ما ينزل بعدها من الدم نفاسا؛ فلا تترك الصلاة ولا الصيام، وليست لها أحكام النفساء.
تنبيه هام:
وهنا مسألة يجب التنبيه عليها، وهي أن البعض من النساء قد تتناول دواء لمنع نزول دم الحيض حتى تتمكن من صيام رمضان أو أداء الحج، فإن كانت هذه الحبوب لمنع نزول الدم فترة ولا تقطعه؛ فلا بأس بتناولها، وإن كانت تقطع الحيض
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
قطعا مؤبدًا؛ فهذا لا يجوز؛ إلا بإذن الزوج؛ لأن هذا يترتب عليه قطع النسل.
هذه جمل من أحكام الحيض، مررنا عليها مرًّا سريعا، وتفاصيلها تحتاج إلى وقت طويل، لكن يجب على من أشكل عليه شيء منها أو من غيرها أن يسأل العلماء، فيسجد عندهم إن شاء الله ما يزيل إشكاله، وبالله التوفيق.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-02, 12:04 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

(9)
[باب في صلاة التطوع]

اعلموا أن ربكم سبحانه تعالى شرع لكم بجانب فرائض الصلوات التقرب إليه بنوافل الصلوات؛ فالتطوع بالصلاة من أفضل القربات بعد الجهاد في سبيل الله وطلب العلم؛ لمداومة النبي على التقرب إلى ربه بنوافل الصلوات، وقال عليه الصلاة والسلام: "استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة".
والصلاة تجمع أنواعا من العبادة؛ كالقراءة، والركوع، والسجود، والدعاء، والذل، والخضوع، ومناجاة الرب سبحانه وتعالى، والتكبير، والتسبيح، والصلاة على
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
النبي.
وصلوات التطوع على نوعين:
النوع الأول: صلوات مؤقتة بأوقات معينة، وتسمى بالنوافل المقيدة.
والنوع الثاني: صلوات غير مؤقتة بأوقات معينة، وتسمى بالنوافل المطلقة.
والنوع الأول، أنواع متعددة، بعضها آكد من بعض، وآكد أنواعة صلاة الكسوف، ثم صلاة الترويح، ثم صلاة الوتر، وكل من هذه الصلوات سيأتي عنه حديث خاص إن شاء الله تعالى

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
[باب في صلاة الوتر وأحكامها]
ولنبدأ الآن بالحديث عن صلاة الوتر لأهميته، فقد قيل:
إنه آكد التطوع، وذهب بعض العلماء إلى وجوبه، وما اختلف وجوبه؛ فهو آكد من غيره مما لم يختلف في عدم وجوبه.
اتفق المسلمون على مشروعية الوتر، فلا ينبغي تركه، ومن أصر على تركه؛ فإنه ترد شهادته:
قال الإمام أحمد:
"من ترك الوتر عمداً؛ فهو رجل سوء، لا ينبغي أن تقبل شهادته"، وروى أحمد وأبو داود مرفوعا:
"من لم يوتر؛ فليس منا".
والوتر: اسم للركعة المنفصلة عما قبلها، ولثلاث الركعات

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وللخمس والسبع والتسع والإحدى عشرة "إذا كانت هذه الركعات متصلة بسلام واحد"، فإذا كانت هذه الركعات بسلامين فأكثر؛ فالوتر اسم للركعة المنفصلة وحدها.
ووقت الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء الآخرة ويستمر إلى طلوع الفجر؛ ففي "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت:
"من كل الليل أوتر رسول الله؛ من أوله، وأوسطه، وآخره، وانتهى وتره إلى السحر".
وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على أن

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
جميع الليل وقت للوتر؛ إلا ما قبل صلاة العشاء، فمن كان يثق من قيامه في آخر الليل؛ فتأخير الوتر إلى آخر الليل أفضل، ومن كان لا يثق من قيامه في آخر الليل؛ فإنه يوتر قبل أن ينام، بهذا أوصى النبي؛ فقد روى مسلم من حديث جابر عن النبي:
"أيكم خاف ألا يقوم من آخر الليل؛ فليوتر ثم ليرقد، ومن وثق بقيامه من آخر الليل؛ فليوتر من آخره؛ فإن قراءة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل".
وأقل الوتر ركعة واحدة؛ لورود الأحاديث بذلك، وثبوته عن عشرة من الصحابة رضي الله عنهم،

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
لكن الأفضل والأحسن أن تكون مسبوقة بالشفع.
وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، يصليها ركعتين ركعتين، ثم يصلي ركعة واحدة يوتر بها؛ لقول عائشة رضي الله عنها:
"كان رسول الله يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منهابواحدة "، رواه مسلم، وفي لفظ:
"يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة".
وله أن يسردها، ثم يجلس بعد العاشرة، ويتشهد ولا يسلم، ثم يقوم ويأتي بالحادية عشرة، ويتشهد ويسلم.
وله أن يسردها، ولا يجلس إلا بعد الحادية عشرة، ويتشهد

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
ويسلم.
والصفة الأولى أفضل.
وله أن يوتر بتسع ركعات، يسرد ثمانيا، ثم يجلس عقب الركعة الثامنة، ويتشهد التشهد الأول ولا يسلم، ثم يقوم، فيأتي بالركعة التاسعة، ويتشهد التشهد الأخير ويسلم.
وله أن يوتر بسبع ركعات أو بخمس ركعات، لا يجلس إلا في آخر، ويتشهد ويسلم؛ لقول أم سلمة رضي الله عنها:
"كان رسول الله يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام ".
وله أن يوتر بثلاث ركعات، يصلي ركعتين ويسلم، ثم يصلي الركعة الثالثة وحدها، ويستحب أن يقرأ في

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الأولى ب {سَبَّحَ} ، وفي الثانية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، والثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
وقد تبين مما مر أن لك أن الوتر:
بإحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة، وبتسع ركعات، وبخمس ركعات، وبثلاث ركعات، وبركعة واحدة؛ فأعلى الكمال إحدى عشرة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات، والمجزئ ركعة واحدة.
ويستحب لك أن تقنت في الركوع في الوتر؛ بأن تدعو الله سبحانه، فترفع يديك، وتقول: "اللهم اهدني فيمن هديت ... " إلخ الدعاء الوارد.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-03, 03:47 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(10)
[باب في صلاة التراويح وأحكامها]

مما شرعة نبي الهدى محمد في شهر رمضان المبارك صلاة التراويح، وهي سنة مؤكدة، سميت تراويح لأن الناس كانوا يستريحون فيها بين كل أربع ركعات 1؛ لأنهم يطيلون الصلاة.
وفعلها جماعة في المسجد؛ فقد صلاها النبي بأصحابه في المسجد ليالي، ثم تأخر عن الصلاة بهم؛ خوفا من أن تفرض عليهم؛ كما ثبت في "الصحيحين " عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى في المسجد ذات ليلة، وصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، وكثر الناس،

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، لم يخرج إليهم،فلما أصبح؛ قال:
"قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم"، وذلك في رمضان، وفعلها صحابته من بعده، وتلقتها أمته بالقبول، وقال:
"من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة"، وقال:
"من قام رمضان إيمانا واحتسابا؛ غفر له من ما تقدم من ذنبه"، متفق عليه.
فهي سنة ثابته، لا ينبغي للمسلم تركها.
أما عدد ركعاتها؛ فلم يثبت فيه شيء عن النبي، والأمر في ذلك واسع.
قال شيخ

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"له أن يصلي عشرين ركعة، كما هو مشهور من مذهب أحمد والشافعي، وله أن يصلي ستا وثلاثين، كما هو مذهب مالك، وله أن يصلي إحدى عشرة ركعة وثلاث عشرة ركعة، وكل حسن؛ فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام وقصره.
وعمر رضي الله عنه لما جمع الناس على أُبي؛ صلى بهم عشرين ركعة، والصحابة رضي الله عنهم منهم من يقل ومنهم من يكثر، والحد المحدود لا نص عليه من الشارع.
وكثير من الأئمة "أي: أئمة المساجد " في

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
التراويح يصلون صلاة لا يعقلونها، ولا يطمئنون في الركوع ولا في السجود، والطمأنينة ركن، والمطلوب في الصلاة حضورالقلب بين يدي الله تعالى، واتعاظه بكلام الله إذ يتلى، وهذا لا يحصل في العجلة المكروهة، وصلاة عشر ركعات مع طول القراءة والطمأنينة أولى من عشرين ركعة مع العجلة والمكروهة؛ لأن لب الصلاة وروحها هو إقبال القلب على الله عز وجل، ورب قليل خير من كثير، وكذلك ترتيل القراءة أفضل من السرعة، والسرعة المباحة هي التي لا يحصل معها إسقاط شيء

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
من الحروف، فإن أسقط بعض الحروف لأجل السرعة؛ لم يجز ذلك، وينهى عنه، وأما إذا قرا قراءة بينة ينتفع بها المصلونخلفه؛ فحسن.
وقد ذم الله الذين يقرؤون القرآن بلا فهم معناه، فقال تعالى:
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِي} ؛ أي: تلاوة بلا فهم، والمراد من إنزال القرآن فهم معانيه والعمل به لا مجرد التلاوة انتهى كلامه رحمه الله.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وبعض أئمة المساجد لا يصلون التراويح على الوجه المشروع؛ لأنهم يسرعون في القراءة سرعة تخل بأداء القرآن على الوجه الصحيح، ولا يطمئنون في القيام والركوع والسجود، والطمأنينة ركن من أركان الصلاة، ويأخذون بالعدد الأقل من الركعات.
فيجمعون بين تقليل الركعات وتخفيف الصلاة وإساءة القراءة، وهذا تلاعب بالعبادة2، فيجب عليهم أن يتقوا الله ويحسنوا صلاتهم، ولا يحرموا أنفسهم ومن خلفهم أداء التراويح على الوجه المشروع3

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
وفق الله الجميع لما فيه الصلاح والفلاح.1 أي: بين كل تسليمتين؛ لأن التراويح مثنى مثنى، وصلاة التهجد كذلك، وقد يغلط بعض أئمة المساجد الذين لا فقه لديهم، فلا يسلم بين كل ركعتين في التراويح أو التهجد، وهذا خلاف السنة، وقد نص العلماء على أن من قام إلى ثالثة في التراويح أو في التهجد؛ فهو كمن قام إلى ثالثة في فجر؛ أي:
تبطل صلاته، وللشيخ عبد العزيز بن باز جواب يرد على هؤلاء ويبين

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
خطأهم.
2 وبعضهم يخرج صوته بالقراءة خارج المسجد بواسطة الميكروفون، فيشوش على من حوله من المساجد، وهذا لا يجوز.
قال شيخ شيخ الإسلام ابن تيمية: (من كان يقرأ القرآن والناس يصلون تطوعًا؛ فليس له أن يجهر جهرًا يشغلهم به؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يصلون في المسجد، فقال: "يا أيها الناس كلكم يناجي ربه؛ فلا يجهر

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
بعضكم على بعض في القراءة" انتهى.
(مجموع الفتاوى) (23/61 ـ 64.
3وبعض أئمة المساجد يسرع في القراءة ويطيلها من أجل أن يختم القرآن في أول العشر الأواخر وأوسطها، فإذا ختمه؛ ترك مسجده، وسافر للعمرة، وخلف مكانه من قد لا يصلح للإمامه، وهذا خطأ عظيم ونقص كبير وتضييع وكل إليه من القيام بإمامة المصلين إلى آخر الشهر؛ فقيامه بذلك واجب عليه، والعمرة مستحبة؛ فكيف ترك واجبًا عليه لفعل مستحب، وإن
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
بقاءه في مسجدع لعمله أفضل له من العمرة.
وبعضهم إذا ختم القرآن؛ خفف الصلاة، وقلل القراءة في بقية ليالي الشهر التي هي ليالي الإعتاق من النار، وكأن هؤلاء يرون أن المقصود من التراويح والتهجد هو ختم القرآن لا إحياء هذه الليالي المباركة بالقيام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وطلبًا لفضائلها، وهذا جهل منهم، وتلاعب بالعبادة، نرجو الله أن يردهم إلى الصواب.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-04, 01:43 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(11)
[باب في السنن الراتبة مع الفرائض]اعلموا أيها الإخوان أن السنن الراتبة يتأكد فعلها ويكره تركها، ومن داوم على تركها؛ سقطت عدالته عند بعض الأئمة، وأثم بسبب ذلك؛ لأن المداومة على تركها تدل على قلة دينه، وعدم مبالاته.
وجملة السنن الرواتب عشر ركعات، وبيانها كالتالي:ركعتان قبل الظهر، وعند جمع من العلماء أربع ركعات قبل الظهر؛ فعليه تكون جملة السنن الرواتب اثنتي عشرة ركعة.
وركعتان بعد الظهر.
وركعتان بعد المغرب.
وركعتان بعد العشاء.
وركعتان قبل صلاة الفجر بعد
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
طلوع الفجر.
والدليل على هذه الرواتب بهذا التفصيل المذكور هو حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: "حفظت من رسول الله عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته،
وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح، كانت ساعة لا يدخل على النبي فيها أحد، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر؛ صلى ركعتين"، متفق عليه.
وفي "صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها: "كان يصلي قبل

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
الظهر أربعا في بيتي، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يرجع بيتي فيصلي ركعتين".
فيؤخذ من هذا أن فعل الراتبة في البيت أفضل من فعلها في المسجد، وذلك لمصالح تترتب على ذلك؛ منها: البعد عن الرياء والإعجاب ولإخفاء العمل عن الناس، ومنها: أن ذلك سبب لتمام الخشوع والإخلاص، ومنها: عمارة البيت بذكر الله والصلاة التي بسببها تنزل الرحمة على أهل البيت ويبتعد عن الشيطان، وقد قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبوراً".
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وآكد هذه الرواتب ركعتان الفجر؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "لم يكن النبي على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر"، متفق عليه، وقال: "ركعتان الفجر خير من الدنيا وما فيها"، ولهذا كان النبي يحافظ عليهما وعلى الوتر في الحضر والسفر.
وأما ما عدا ركعتي الفجر والوتر من الرواتب؛ فلم ينقل عن النبي أنه صلى راتبة في السفر غير سنة الفجر والوتر.
وقال ابن عمر رضي الله عنهما لما سئل عن سنة الظهر في السفر؛ قال: "لو كنت مسبحا؛ لأتممت ".وقال ابن القيم
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

رحمه الله: "وكان من هديه في سفره الاقتصار على الفرض، ولم يحفظ عنه أنه صلى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها؛ إلا ما كان من الوتر وسنة الفجر".
والسنة تخفيف ركعتي الفجر؛ لما في "الصحيحين " وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي كان يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح، ويقرأ في الركعة الأولى من سنة الفجر بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
اللَّهُ أَحَدٌ} ، ويقرأ في الأولى منهما: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية التي في سورة البقرة، ويقرأ في الركعة الثانية: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا} الآية التي في سورة آل عمران.
وكذلك يقرأ في الركعتين بعد المغرب بالكافرون والإخلاص؛ لما روى البيهقي والترمذي وغيرهما عن ابن مسعود؛ قال: "ما أحصي ما سمعت من رسول الله يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-05, 10:05 PM
https://i.imgur.com/7mmvGv2.gif

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(12)
وإذا فاتك شيء من هذه السنن الرواتب؛ فإنه يسن لك قضاؤه، وكذا إذا فاتك الوتر من الليل؛ فإنه يسن لك قضاؤه في النهار؛ لأنه قضى ركعتي الفجر مع الفجر حين نام عنهما، وقضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد العصر، حين شغل عنهما ويقاس الباقي من الرواتب في مشروعية قضائه إذا فات على ما فيه النص، وقال:
"من نام عن الوتر أو نسيه؛ فليصله إذا أصبح أو ذكر"، رواه الترمذي وأبو داود.
ويقضى الوتر مع شفعه؛ لما في "الصحيح " عن عائشة رضي الله عنها: "كان النبي صلى الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
عليه وسلم إذ منعه من قيام الليل نوم أو وجع؛ صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة".
أيها المسلم، حافظ على هذه السنن الرواتب؛ لأن في ذلك اقتداء بالنبي، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} .
وفي المحافظة على هذه السنن الرواتب أيضا جبر لما يحصل في صلاة الفريضة من النقص والخلل، والإنسان معرض للنقص والخلل، وهو بحاجة ما يجبر به نقصه؛ فلا تفرط بهذه الرواتب أيها المسلم؛ فإنها من زيادة

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
الخير الذي تجده عند ربك، وهكذا كل فريضة يشرع إلى جانبها نافلة من جنسها؛ كفريضة الصلاة وفريضة الصيام، وفريضة الزكاة، وفريضة الحج، كل من هذه الفرائض يشرع إلى جانبها نافلة من جنسها؛ تجبر نقصها وتصلح خللها، وهذا من فضل الله على عباده، حيث نوع لهم الطاعات ليرفع لهم الدرجات، ويحط عنهم الخطايا.
فنسأل الله لنا جميعا التوفيق لما يحبه ويرضاه، إنه سميع مجيب.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
[باب في صلاة الضحى]اعلم أيها المسلم أنه قد وردت في صلاة الضحى أحاديث كثيرة:منها ما في "الصحيحين ": عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: "أوصاني خليلي رسول الله بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام ".
وفي حديث أبي سعيد؛ أن النبي كان يصلي الضحى حتى نقول: لا يدعها، ويدعها حتى نقول: لا يصليها.
وأقل صلاة الضحى ركعتان؛ لقوله في حديث أبي هريرة الذي ذكرنا قريبا: "وركعتي الضحى"، ولحديث أنس: "من قعد في مصلاه حين

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
ينصرف الصبح، حتى يسبح ركعتي الضحى، لا يقول إلا خيرًا؛ غفرت له خطاياه، وإن كانت أكثر من زبد البحر"، رواه أبو داود وأكثرها ثمان ركعات؛ لما روت أم هانئ؛ أن النبي عام الفتح صلى ثمان ركعات سبحة الضحى، رواه الجماعة، ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان يصلي الضحى أربع ركعات، ويزيد ما شاء الله.
ووقت صلاة الضحى يبتدئ من ارتفاع الشمس بعد طلوعها قدر رمح، ويمتد إلى قبيل الزوال؛ أي: وقت قيام الشمس في كبد السماء، والأفضل أن يصلي إذا اشتد الحر؛ لحديث: "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال"، رواه مسلم؛ أي: حين تحمى الرمضاء؛ فتبرك الفصال من شدة الحر.
https://i.imgur.com/GdGWueo.gif

ابو وليد البحيرى
2020-05-05, 10:06 PM
https://i.imgur.com/7mmvGv2.gif

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(13)
[باب في التطوع المطلق]

روى أهل السنن؛ أن النبي سئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: "إن في الليل ساعة، لا يوافقها عبد مسلم، يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة؛ إلا أعطاه إياه".
وقال: "عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحينقبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم"، رواه الحاكم.
وقد مدح الله القائمين من الليل، قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ~ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ~ وَبِالْأَسْحَار ِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وقال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ~ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْمِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
والنصوص في ذلك كثيرة تدل على قيام الليل؛ فالتطوع المطلق أفضله قيام الليل؛ لأنه أبلغ في الإسرار، وأقرب إلى الإخلاص، ولأنه وقت غفلة الناس، ولما فيه من إيثار الطاعة على النوم والراحة.ويستحب التنفل بالصلاة في جميع الأوقات؛ غير أوقات النهي.
وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار لما سبق، وأفضل صلاة الليل الصلاة في ثلث
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

الليل بعد نصفه؛ لما في "الصحيح " مرفوعا: "أفضل الصلاة صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه"، فكان يريح نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الليل، ثم يقوم الذي ينادي الله فيه، فيقول: "هل من سائل فأعطيه سؤله؟ "، ثم ينام بقية الليل في السدس الأخير؛ ليأخذ راحته، حتى يستقبل صلاة الفجر بنشاط، هذا هو الأفضل، وإلا؛ فالليل كله محل القيام.
قال الإمام أحمد رحمه الله: "قيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر ".
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وعليه، فالنافلة بين العشاء ين من قيام الليل، لكن تأخير القيام إلى آخر الليل أفضل كما سبق، قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِهِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} ، والناشئة هي القيام بعد النوم، والتهجد إنما يكون بعد النوم.
فينبغي للمسلم أن له حظا من قيام الليل، يداوم عليه، وإن قل.
وينبغي أن ينوي قيام الليل.
فإذا استيقظ؛ استاك، وذكر الله، وقال: "لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
قوة إلا بالله"، ويقول: "الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور، الحمد لله الذي رد علي روحي، وعافاني في جسدي، وأذن لي بذكره".
ويستحب أن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين؛ لحديث أبي هريرة: "إذا قام أحدكم من الليل؛ فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين"، رواه مسلم وغيره.
ويسلم في صلاة الليل من كل ركعتين؛ لقوله: "صلاة الليل مثنى مثنى"، رواه الجماعة،ومعنى: "مثنى مثنى"؛ أي: ركعتان؛ بتشهد وتسليمتين؛ فهي ثنائية لا رباعية.

https://i.imgur.com/GdGWueo.gif

ابو وليد البحيرى
2020-05-07, 01:25 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(14)

[باب في التطوع المطلق]
وينبغي إطالة القيام والركوع والسجود.
وينبغي أن يكون تهجده في بيته؛ فقد اتفق أهل العلم على أن صلاة التطوع في البيت أفضل، وكان يصلي في بيته، وقال عليه الصلاة والسلام: "صلوا في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته؛ إلا المكتوبة"، رواه مسلم، ولأنه أقرب إلى الإخلاص.
وصلاة النافلة قائما أفضل من الصلاة قاعداً بلا عذر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى قائما؛ فهو أفضل، ومن صلى قاعداً؛ فله نصف أجر صلاة القائم"، متفق عليه.
وأما من صلى النافلة قاعداً

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
لعذر؛ فأجره كأجر القائم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر؛ كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا "، وجواز التطوع جالسا مع القدرة على القيام مجمع عليه.
ويختم صلاته بالوتر؛ فقد كان النبي يجعل آخر صلاته بالليل وتراً، وأمربذلك في أحاديث كثيرة.
ومن فاته تهجده من الليل؛ استحب قضاؤه قبل الظهر؛ لحديث: "من نام عن حزبه من الليل، أو عن شيء منه، فقأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر؛ كتب له، كأنما قرأه الليل".
أيها المسلم، لا تحرم نفسك من المشاركة في

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
قيام الليل، ولو بشيء قليل تداوم عليه؛ لتنال من ثواب القائمين المستغفرين بالأسحار، وربما يدفع بك القليل إلي الكثير، والله لا يضيع أجر المحسنين.
[باب في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها]
سبق أن بينّا جملاً من أحكام صلاة التطوع، ويجدر بنا الآن أن ننبه على أن هناك أوقاتا ورد النهي عن الصلاة فيها؛ إلا ما استثني، وهي أوقات خمسة:
الأول: من طلوع الفجر
الثاني إلى طلوع الشمس؛

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
لقوله: "إذا طلع الفجر؛ فلا صلاة إلا ركعتي الفجر"، رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، فإذا طلع الفجر؛ فإنه لا يصلي تطوعا إلا راتبة الفجر.
الثاني: من طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح في رأي العين.
والثالث: عند قيام الشمس حتى تزول، وقيام الشمس يعرف بوقوف الظل، لا يزيد ولا ينقص، إلى أن تزول إلى جهة الغرب؛ لقول عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب "، رواه مسلم.
والرابع: من صلاة العصر إلى غروب الشمس؛ لقوله: "لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس"، متفق عليه.
والوقت الخامس: إذا شرعت الشمس في الغروب حتى تغيبواعلم أنه يجوز قضاء الفرائض الفائتة في هذه الأوقات؛ لعموم قوله: "من نام عن الصلاة أو نسيها؛ فليصلها إذا ذكرها"، متفق عليه.
ويجوز أيضا فعل ركعتي الطواف في هذه الأوقات؛ لقوله: "لا تمنعوا
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg

أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة من ليل أو نهار"، رواه الترمذي وصححه؛ فهذا إذن منه بفعلها في جميع أوقات النهي، ولأن الطواف جائز في كل وقت؛ فكذلك ركعتاه.
ويجوز أيضا على الصحيح من قولي العلماء في هذه الأوقات فعل ذوات الأسباب من الصلوات؛ كصلاة الجنازة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف؛ للأدلة الدالة على ذلك، وهي تخص عموم النهي عن الصلاة في هذه الأوقات، فتحمل على ما لا سبب له؛ فلا يجوز فعلما بأن تبتدأ في هذه الأوقات صلاة تطوع لا سبب لها.
ويجوز قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، وكذا يجوز أن يقضي سنة الظهر بعد العصر، ولا سيما إذا جمع الظهر مه العصر؛ فقد ثبت عن النبي؛ أنه قضى سنة الظهر بعد العصر.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-08, 03:53 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

(15)
[باب في وجوب صلاة الجماعة وفضلها]
شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وهي صلاة الجماعة في المسجد، فقد اتفق المسلمون على أن أداء الصلوات الخمس في المساجد من أوكد الطاعات وأعظم القربات، بل وأعظم وأظهر شعائر الإسلام.
فقد شرع الله لهذه الأمة الاجتماع في أوقات معلومة، منها ما هو في اليوم والليلة؛ كالصلوات الخمس؛ فإن المسلمين يجمعون لأدائها في المساجد كل يوم وليلة خمس مرات، ومن هذه الاجتماعات ما هو في الأسبوع مرة؛
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
كالاجتماع لصلاة الجمعة، وهو اجتماع أكبر من الاجتماع للصلوات الخمس، ومنها اجتماع يتكرر كل سنة مرتين، وهو أكبر من الاجتماع لصلاة الجمعة؛ بحيث يشرع فيه اجتماع أهل البلد، ومنها اجتماع مرة واحدة في السنة، وهو الاجتماع في الوقوف بعرفة، وهو أكبر من اجتماع العيدين؛ لأنه يشرع للمسلمين عموما في كل أقطار الأرض.
وإنما شرعت هذه الاجتماعات العظيمة في الإسلام؛ لأجل مصالح المسلمين؛ ليحصل التواصل بينهم بالإحسان والعطف
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

والرعاية، ولأجل التوادد والتحابب بينهم في القلوب، ولأجل أن يعرف بعضهم أحوال بعض؛ فيقومون بعيادة المرضى، وتشييع المتوفي، وإغاثة الملهوفين، ولأجل إظهار قوة المسلمين وتعارفهم وتلاحمهم؛ فيغيظون بذلك أعداءهم من الكفار والمنافقين، ولأجل إزالة ما ينسجه بينهم شياطين الجن والإنس من العداوة والتقاطع والأحقاد؛ فيحصل الائتلاف واجتماع القلوب على البر والتقوى، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم".
ومن فوائد صلاة الجماعة:تعليم الجاهل،
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
ومضاعفة الأجر والنشاط على العمل الصالح عندما يشاهد المسلم إخوانه المسلمين يزاولون الأعمال الصالحة، فيقتدي بهم.
وفي الحديث المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"، وفي رواية: "بخمس وعشرين".
فصلاة الجماعة فرض على الرجال في الحضر والسفر، وفي حال الأمان وحال الخوف، وجوبا عينيا، والدليل على ذلك الكتاب
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

والسنة وعمل المسلمين قرنا بعد قرن، خلفا عن سلف.
ومن أجل ذلك؛ عمرت المساجد، ورتب لها الأئمة والمؤذنون، وشرع النداء لها بأعلى صوت: "حي على الصلاة، حي على الفلاح ".
وقال الله تعالى في حال الخوف: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُم} الآية؛ فدلت هذه الآية الكريمة على تأكد وجوب صلاة الجماعة، حيث لم يرخص للمسلمين في تركها الخوف، فلو كانت غير واجبة؛ لكان أولى

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الأعذار بسقوطها عذر الخوف؛ فإن الجماعة في صلاة الخوف يترك لها أكثر واجبات الصلاة، فلولا تأكد وجوبها؛ لم يترك من أجلها تلك الواجبات الكثيرة؛ فقد اغتفرت في صلاة أفعال كثيرة من أجلها.
وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: "أثقل الصلاة على المنافق صلة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما؛ لتوهما ولو حبواً ولقد ههمت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم معي برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-09, 07:45 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(16)
ووجه الاستدلال من الحديث على وجوب صلاة الجماعة من ناحيتين:
الناحية الأولى: أنه وصف المتخلفين عنها بالنفاق، والمتخلف عن السنة لا يعد منافقا؛ فدل على أنهم تخلفوا عن واجب.
والناحية الثانية: أنهصلى الله عليه وسلم هَمَّ بعقوبتهم على التخلف عنها، والعقوبة إنما تكون على ترك واجب، وإنما منعه صلى الله عليه وسلم من تنفيذ هذه العقوبة من في البيوت من النساء والذراري الذين لا تجب عليهم الجماعة.
وفي "صحيح مسلم " أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله! ليس لي
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

قائد يقودني إلى المسجد، فسأله أن يرخص له أن يصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى؛ دعاه، فقال: "هل تسمع النداء؟ "، قال: نعم، قال: "فأجب".
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالحضور إلى المسجد لصلاة الجماعة وإجابة النداء مع ما يلاقيه من المشقة، فدل ذلك على صلاة الجماعة.
وقد كان وجوب كان صلاة الجماعة مستقراً عند المؤمنين من صدر هذه الأمة:قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادي
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
بين الرجلين حتى يقام في الصف".
فدل ذلك على استقرار وجوبها عند صحابة
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعلموا ذلك إلا من جهة النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن كل أمر لا يتخلف عنه إلا منافق يكون واجبا على الأعيان.
وروى الإمام أحمد وغيره مرفوعا: "الجفاء كل الجفاء، والكفر والنفاق، من سمع المنادي إلى الصلاة؛ فلا يجبه".
وثبت حديث بذلك: "يد الله على الجماعة، فمن شذ؛ شذ في النار".
وسئل ابن عباس عن رجل يقوم
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

الليل ويصوم النهار ولا يحضر الجماعة؛ فقال: "هو في النار ".
نسأل الله العافية والتوفيق لمعرفة الحق واتباعه، إنه سميع مجيب.
حكم المتخلف عن صلاة الجماعة وما تنعقد به صلاة الجماعة:
إن المتخلف عن صلاة الجماعة إذا صلى وحده؛ فله حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون معذورًا في تخلفه لمرض أو خوف، وليس من عادته التخلف لولا العذر؛ فهذا يكتب له أجر من صلى في جماعة، لما في الحديث الصحيح: "إذا مرض العبد أو سافر؛ كتب له ما كان يعمل
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
صحيحا مقيما"، فمن كان عازما على الصلاة مع الجماعة عزما جازما، ولكن حال دونه ودون ذلك عذر شرعي؛ كان بمنزلة من صلى مع الجماعة؛ نظرًا لنيتة الطيبة.
والحالة الثانية: أن يكون تخلفه عن الصلاة مع الجماعة لغير عذر؛ فهذا إذا صلى وحده؛ تصح صلاته عند الجمهور، لكنه يخسر أجرًا عظيما وثوابا جزيلاً؛ لأن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، وكذلك يفقد أجر الخطوات التي يخطوها إلى المسجد، ومع خسرانه لهذا الثواب الجزيل يأثم إثما عظيما؛ لأنه ترك
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

واجبا عليه من غير عذر، وارتكب منكرًا يجب إنكاره عليه وتأديبه من قبل ولي الأمر، حتى يرجع إلى رشده.
أيها المسلم، ومكان صلاة الجماعة هو المسجد؛ لإظهار شعار الإسلام، وما شرعت عمارة المساجد إلا لذلك، وفي إقامة الجماعة في غيرها تعطيل لها:وقد قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} .
وقال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ} .
ففي هاتين الآيتين الكريمتين تنويه بالمساجد وعمارها، ووعد له بجزيل الثواب، وفي ضمن ذلك ذم من تخلف عن الحضور للصلاة فيها.

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-10, 04:30 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg


كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(17)
وقد روى أنه: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"، وعن علي رضي الله عنه مثله، وزاد: "وجار المسجد من أسمعه المنادي"، رواه البيهقي بإسناد صحيح.
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن تأمل السنة حق التأمل؛ تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز مع ترك الجماعة؛ فترك حضور المساجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق الأحاديث وجميع الآثار ... " انتهى.وقد توعد الله من عطل المساجد ومنع إقامة الصلاة فيها؛ فقال تعالى: {وَمَنْ
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .
وفي إقامة صلاة الجماعة خارج المسجد تعطيل للمساجد أو تقليل من المصلين فيها، وبالتالي يكون في ذلك تقليل من أهمية الصلاة في النفوس، والله تعالى يقول: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} ، وهذا يشمل رفعها حسيا ومعنويا؛ وكل ذلك مطلوب.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
لكن إذا دعت حاجة لإقامة صلاة الجماعة خارج المسجد، كأن يكون المصلون موظفين في دائرتهم وفي مجمع عملهم، وإذا صلوا في مكانهم؛ كان أحزم للعمل، وكان في ذلك إلزام الموظفين بحضور الصلاة وإقامتها، ولا يتعطل من جراء ذلك المسجد الذي حولهم لوجود من يصلي فيه غيرهم، لعله في تلك الحال ونظرًا لهذه المبررات لا يكون عليهم حرج في الصلاة في دائرتهم.
وأقل ماتنعقد به صلاة الجماعة اثنان؛ لأن الجماعة مأخوذة من الاجتماع، والاثنان أقل ما يتحقق به الجمع، ولحديث
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
أبي موسى مرفوعا: "الاثنان فما فوقهما جماعة"، رواه ابن ماجه، ولحديث: "من يتصدق على هذا؟ ". فقام رجل فصلى معه، فقال: "هذان جماعة"، رواه أحمد وغيره، ولقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: "وليؤمكما أكبركما"، وحكىالإجماع على هذا.
ويباح للنساء حضور صلاة الجماعة في المساجد بإذن أزواجهن غير متطيبات وغير متبرجات بزينة، مع التستر التام والابتعاد عن مخالطة الرجال، ويكن وراء صفوف الرجال؛ لحضورهن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ويسن
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

حضورهن مجالس الوعظ ومجالس العلم منفردات عن الرجال.
ويسن لهن أن يصلين مع بعضهن جماعة منفردات عن الرجال؛ سواء كانت إمامتهن منهن، أو يؤمهن رجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم ورقة أن تجعل لها مؤذنا، وأمرها أن تؤم أهل دارها "، رواه أحمد وأهل السنن، وفعله غيرها من الصحابيات، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة".
والأفضل للمسلم أن يصلي في المسجد الذي لا تقام فيه صلاة الجماعة إلا بحضوره؛ لأنه يحصل بذلك على ثواب عمارة المسجد؛ فقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر} .

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-11, 07:05 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(18)
ثم الأفضل بعد ذلك صلاة الجماعة في المسجد الذي يكون أكثر جماعة من غيره لأنه أعظم أجرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلان أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر؛ فهو أحب إلى الله"، رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان؛ ففيه أن ما كثر جمعه فهو أفضل؛ لما في الاجتماع من نزول الرحمة والسكينة، ولشمول الدعاء ورجاء الإجابة، لا سيما إذا كان فيهم من العلماء وأهل الصلاح، قال تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين َ} ؛ ففيه استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين المحافظين على الطهارة وإسباغ الوضوء.
ثم الأفضل بعد ذلك الصلاة في المسجد القديم؛ لسبق الطاعة فيه على المسجد الجديد.
ثم الأفضل بعد ذلك الصلاة في المسجد الأبعد عنه مسافة؛ فهو أفضل من الصلاة في المسجد القريب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى"، وقال صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
خمساً وعشرين درجة، فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء، وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة؛ لم يخط خطوة؛ إلا رفع له بها درجه، وحط عنه بها خطيئة، حتى يدخل المسجد"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "يابني سلمة! دياركم تكتب آثاركم".
وبعض العلماء يرى أن أقرب المسجدين أولى؛ لأن له جوارًا، فكان أحق بصلاته فيه، ولأنه قد ورد: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"، ولأن تعدي المسجد القريب إلى البعيد قد يحدث عند جيرانه استغرابا، ولعل هذا القول أولى؛

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
لأن تخطي المسجد الذي يليه إلى غيره ذريعة إلى هجر المسجد الذي يليه، وإحراج لإمامه؛ بحيث يساء الظن به.
ومن أحكام صلاة الجماعة:
أنه يحرم أن يؤم الجماعة في المسجد أحد غير إمامه الراتب؛ إلا بإذنه أو عذره؛ ففي "صحيح مسلم " وغيره: "ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه"، قال النووي: "معناه أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره، ولأن في ذلك إساءة إلى إمام المسجد الراتب، وتنفيرًا عنه، وتفريقا بين المسلمين ".

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا صلى بجماعة المسجد غير إمامه الراتب بدون إذنه أو عذر شرعي يسوغ ذلك؛ أنها لا تصحصلاتهم، مما يدل على خطورة هذه المسألة؛ فلا ينبغي التساهل في شأنها، ويجب على جماعة المسلمين أن يراعوا حق إمامهم، ولا يتعدوا عليه في صلاحيته، كما يجب على إمام المسجد أن يحترم حق المأمومين ولا يحرجهم.
وهكذا كلُّ يراعي حق الآخر، حتى يحصل الوئام والتآلف بين الإمام والمأمومين، فإن تأخر الإمام عن الحضور وضاق الوقت؛ صلوا لفعل أبي بكر

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الصديق وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما حين غاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذهابه إلى بني عمرو بن عوفليصلح بينهم، فصلى أبو بكر رضي الله عنه، وصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس لما تخلف النبي صلى الله عليه وسلم فيواقعة أخرى، وصلى معه النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الأخيرة، ثم أتم صلاته وقال: "أحسنتم".
ومن أحكام صلاة الجماعة:
أن من سبق له أن صلى، ثم حضر إقامة الصلاة في المسجد؛ سن له أن يصلي مع الجماعة تلك الصلاة التي

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
أقيمت؛ لحديث أبي ذر: "صل الصلاة لوقتها، فإن أقيمت وأنت في المسجد؛ فصل، ولا تقل: إني صليت؛ فلا اصلي"، رواه مسلم.
وتكون هذه الصلاة في حقه نافلة؛ كما جاء في الحديث الآخر من قوله صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين أمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة: "فإنهما لكما نافلة".
ولئلا يكون قعوده والناس يصلون ذريعة إلى إساءة الظن به وأنه ليس من المصلين.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-12, 05:38 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(19)
ومن أحكام صلاة الجماعة: أنها إذا أقيمت الصلاة أي: إذا شرع في إقامة الصلاة؛ لم يجز الشروع في صلاة نافلة لا راتبة ولا تحية مسجد ولا غيرها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة؛ فلا صلاة إلا المكتوبة"، رواه مسلم، وفي رواية: "فلا صلاة إلا التي أقيمت"؛ فلا تنعقد صلاة النافلة التي أحرم فيها بعد إقامة الفريضة التي يريد أن يفعلها مع ذلك الإمام الذي أقيمت له.
قال الإمام النووي رحمه الله: "والحكمة أن يتفرغ للفريضة من أولها، فيشرع فيها عقب شروع الإمام،

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
والمحافظة على مكملات الفريضة أولى من التشاغل بالنافلة، ولأنه نهى صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف عن الأئمة،ولحصول تكبيرة الإحرام، ولا تحصل فضيلتها المنصوصة إلا بشهود تحريم الإمام ".
وإن أقيمت الصلاة وهو في صلاة نافلة قد أحرم بها من قبل؛ أتمها خفيفة، ولا يقطعها؛ إلا أن يخشى فوات الجماعة؛ لقوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} ، فإن خشى فوت الجماعة؛ قطع النافلة؛ لأن الفرض أهم.
[باب في حكم حضور النساء إلى المسجد]
إن ديننا كامل وشامل

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
لمصالحنا في الدنيا والآخرة، جاء بالخير للمسلمين رجالاً ونساء: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ؛ فهو قد اهتم بشأن المرأة، ووضعها موضع الإكرام والاحترام، إن هي تمسكت بهدية، وتحلت بفضائله.
ومن ذلك أنه سمح لها بالحضور إلى المساجد للمشاركة في الخير من صلاة الجماعة وحضور مجالس الذكر مع الاحتشام والتزام الاحتياطات التي تبعدها عن الفتنة وتحفظ لها كرامتها.
فإذا استأذنت إلى

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
المسجد؛ كره منعها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن، وليخرجن تفلات" 1، رواه أحمد وأبو داود، وذلك لأن أداء الصلاة المكتوبة في جماعة فيها فضل كبير للرجال والنساء، وكذلك المشي إلىالمساجد،وفي "الصحيحين " وغيرهما: "إذا استأذنت نساءكم بالليل إلى المساجد؛ فأذنوا لهن".
ووجه كونها تستأذن لزوج في ذلك؛ لأن ملازمة البيت حق للزوج، وخروجها للمسجد في تلك الحال مباح؛ فلا تترك الواجب لأجل مباح، فإذا أذن الزوج؛

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
فقد اسقط حقه، وقوله صلى الله عليه وسلم: "وبيوتهن خير لهن"؛ أي: خير لهن من الصلاة في المساجد، وذلك لأمن الفتنة بملازمتهن البيوت.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "وليخرجن تفلات"؛ أي: غير متطيبات، وإنما أمرن بذلك؛ لئلا يفتن الرجال بطيبهن، ويصرفوا أنظارهم إليهن، فيحصل بذلك الافتتان بهن، ويلحق بالطيب ما كان بمعناه كحسن الملبس وإظهار الحلي.
فإن تطيبت أو لبست ثياب زينة؛ حرم عليها ذلك، ووجب منعها من الخروج، وفي "صحيح مسلم " وغيره: "أيما امرأة أصابت بخورًا؛ فلا تشهدن معنا العشاء الأخير".1 أي: غير متزينات ولا متطيبات.









https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-13, 05:21 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(20)
وكذلك إذا خرجت المرأة إلى المسجد؛ فلتبتعد عن مزاحمة الرجال.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "يجب على ولي الأمر أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق ومجامع الرجال، وهو مسؤول عن ذلك، والفتنة به عظيمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ... " إلى أن قال: "يجب عليه منعهن متزينات متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات كالثياب والواسعة الرقاق، ومنعهن من حديث الرجال؛ أي: التحدث إليهم
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
في الطرقات، ومنع الرجال من ذلك " انتهى.
فإذا تمسكت المرأة بآداب الإسلام من لزوم الحياء، والتستر، وترك الزينة والطيب، والابتعاد عن مخالطة الرجال؛ أبيح لها الخروج إلى المسجد لحضور الصلاة والاستماع للتذكير، وبقاؤها في بيتها خير لها من الخروج في تلك الحال؛ لأن النبيى صلى الله عليه وسلم يقول: "وبيوتهن خير لهن".
وأجمع المسلمون على أن صلاة المرأة في بيتها خير لها من الصلاة في المسجد؛ ابتعادًا عن الفتنة، وتغليبا لجانب السلامة، وحسما لمادة الشر.
أما إذا لم

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
تلتزم بآداب الإسلام، ولم تجتنب ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من استعمالها الزينة والطيب للخروج؛ فخروجها للمسجد حينئذ حرام، ويجب على وليها وذوي السلطة منعها منهوفي "الصحيحين " من حديث عائشة رضي الله عنها: "لو رأى "تعني: الرسول صلى الله عليه وسلم " ما رأينا؛ لمنعهن من المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل"؛ فخروج المرأة إلى المساجد مراعى فيه المصلحة واندفاع المفسدة، فإذا كان جانب المفسدة أعظم؛ منعتوإذا كان هذا الشأن في خروجها
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
للمسجد؛ فخروجها لغير المسجد من باب أولى أن تراعى فيه الحيطة والابتعاد عن مواطن الفتنة.
وإذا كان هناك اليوم من ينادون بخروج المرأة لمزاولة الأعمال الوظيفية كما هو شأنها في الغرب ومن هم على شاكلة الغرب؛ فإن هؤلاء يدعون إلىالفتنة، ويقودون المرأة إلى شقائها وسلب كرامتها فالواجب إيقاف هؤلاء عن حدهم، وكف ألسنتهم وأقلامهم عن هذه الدعوى الجاهلية، وكفى ما وقعت فيه المرأة في بلاد الغرب ومن حذا حذوها من ويلات، وتورطت فيه من واقع مؤلم، تئن له

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
مجتمعاتهم، وليكن لنا فيهم عبرة؛ فالسعيد من وعظ بغيره.
وليس لهؤلاء من حجة يبررون بها دعوتهم؛ إلا قولهم: أن نصف المجتمع معطل عن العمل.
وبهذا يريدون أن تشارك المرأة الرجل في عمله وتزاحمه فيه جنبا إلى جنب، ونسوا أو تناسوا أو تجاهلوا ما تقوم به المرأة من عمل جليل داخل بيتها، وما تؤديه للمجتمع من خدمة عظيمة، لا يقوم بها غيرها، تناسب خلقتها، وتتمشى مع فطرتها؛ فهي الزوجة التي يسكن إليها زوجها، وهي الأم والحامل والمرضع، وهي المربية للأولاد،

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وهي القائمة بعمل البيت، فلو أنها أخرجت من البيت، وشاركت الرجال في أعمالهم؛ من ذا سيقوم بهذه الأعمال؟! إنها ستتعطل، ويومها سيفقد المجتمع نصفه الثاني؛ فماذا يغنيه النصف الباقي؟! سيختل بنيانه، وتتداعى أركانه.
إننا نقول لهؤلاء الدعاة: ثوبوا إلى رشدكم، ولا تكونوا ممن بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار، كونوا دعاة بناء ولا تكونوا دعاة هدم.
أيتها المرأة المسلمة! تمسكي بتعاليم دينك، ولا تغرنك دعايات المضللين الذين يريدون سلب كرامتك التي بوأك منزلتها دين الإسلام، وليس غير الإسلام، ومن يبغ غير الإسلام دينا؛ فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين.
وفقنا الله جميعا لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-14, 02:05 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(21)
[باب في بيان أحكام الإمامة]
هذه الوظيفة الدينية المهمة التي تولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، وتولاها خلفاؤه الراشدون.
وقد جاء في فضل الإمامة أحاديث كثيرة؛ منها: قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة"، وذكر: "أن منهم رجلاً أم قوما وهم به راضون "، وفي الحديث الآخر: "أن له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه ".
ولهذا؛ كان بعض الصحابة رضي الله عنهم يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعلني إمام قومي؛ لما يعلمون في ذلك من
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الفضيلة والأجر.
لكن مع الأسف الشديد؛ نرى في وقتنا هذا كثيرًا من طلبة العلم يرغبون عن الإمامة، ويزهدون فيها، ويتخلون عن القيام بها؛ إيثارًا للكسل وقلة رغبة في الخير، وما هذا إلا تخذيل من الشيطان.
فالذي ينبغي لهم بها بجد ونشاط واحتساب للأجر عند الله؛ فإن طلبة العلم أولى بالقيام بها وبغيرها من الأعمال الصالحة.و
كلما توافرت مؤهلات الإمامة في شخص؛ كان أولى بالقيام بها ممن هو دونه، بل يتعين عليه القيام بها إذا لم يوجد غيره:
فالأولى بالإمامة الأجود قراءة لكتاب
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

الله تعالى، وهو الذي يجيد قراءة القرآن؛ بأن يعرف مخارج الحروف، ولا يلحن فيها، ويطبق قواعد القراءة من غير تكلف ولا تنطع، ويكون مع ذلك يعرف فقه صلاته وما يلزم فيها؛ كشروطها وأركانها وواجباتها ومبطلاتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله"، وما ورد بمعناه من الأحاديث الصحيحة، مما يدل على أنه يقدم في الإمامة الأجود قراءة للقرآن الكريم، الذي يعلم فقه الصلاة؛ لأن الأقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يكون أفقه.
فإذا استووا في القراءة؛

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
قدم الأفقه "أي: الأكثر فقها "؛ لجمعه بين ميزتين: القراءة والفقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإن كانوا في القراءة سواء؛ فأعلمهم بالسنة"؛ أي: أفقههم في دين الله، ولأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر من احتياجه إلى القراءة؛ لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور، وما يقع فيها من الحوادث غير محصور.
فإذا استووا في الفقه والقراءة؛ قدم الأقدام هجرة، والهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام.
فإذا استووا في القراءة

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
والفقه والهجرة؛ قدم الأكبر سنا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وليؤمكم أكبركم"، متفق عليه؛ لأن كبر السن في الإسلام فضيلة، ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء.
والدليل على هذا الترتيب الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء؛ فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء؛ فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء؛ فأقدمهم سنا".
قال شيخ الإسلام ابن

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
تيمية رحمه الله: "فقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالفضيلة بالعلم بالكتاب والسنة، فإن استووا في العلم؛ قدم بالسبق إلى العمل الصالح، وقدم السابق باختياره إلى العمل الصالح "وهو المهاجر " على من سبق بخلق الله وهو كبر السن" انتهى.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-15, 10:11 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(22)
وهناك اعتبارات يقدم أصحابها في الإمامة على من حضر ولو كان افضل منه، وهي:
أولاً: إمام المسجد الراتب إذا كان أهلاً للإمامة؛ لم يجز أن يتقدم عليه غيره، ولو كان أفضل منه؛ إلا بإذنه.
ثانيا: صاحب البيت إذا كان يصلح للإمامة؛ لم يجز أن يتقدم عليه أحد في الإمامة؛ إلا بإذنه.
ثالثا: السلطان، وهو الإمام الأعظم أو نائبه؛ فلا يتقدم عليه أحد في الإمامة؛ إلا بإذنه، إذا كان يصلح للإمامة.
والدليل على تقديم أصحاب هذه الاعتبارات

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
على غيرهم ما رواه أبو داود من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن الرجل الرجل في بيته ولا في سلطانه إلا بإذنه"، وسلطانه محل ولايته أو ما يملكه.
قال الخطابي: "معناه: أن صاحب المنزل أولى فالإمامة في بيته إذا كان من القراءة أو العلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة، وإذا كان إمام المسجد قد ولاه السلطان أو نائبه أو اتفق على تقديمه أهل المسجد؛ فهو أحق؛ لأنها ولاية خاصة، ولأن التقدم عليه يسيء الظن به، وينفر عنه ".
مما تقدم يتبين لك شرف الإمامة في الصلاة وفضلها

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
ومكانتها في الإسلام؛ لأن الإمام في الصلاة قدوة، والإمامة مرتبة شريفة؛ فهي سبق إلى الخير، وعون على الطاعة وملازمة الجماعة، وبها تعمر المساجد بالطاعة، وهي داخلة في عموم قوله تعالى فيما حكاه من دعاء عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} .فالإمامة في الصلاة من الإمامة في الدين، ولا سيما إذا كان الإمام يبذل النصح والوعظ والتذكير لمن يحضره في المسجد، فإنه بذلك من الدعاة إلى الله، الذين يجمعون

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
بين صالح القول والعمل، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ؛ فلا يرغب عن القيام بالإمامة إلا محروم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[باب في من لا تصح إمامته في الصلاة]
إن الإمامة في الصلاة مسؤولية كبرى، وكما أنها تحتاج إلى مؤهلات يجب توافرها في الإمام أو يستحب تحلية بها؛ كذلك يجب أن يكون الإمام سليما من صفات تمتعه من تسنم هذا المنصب أو تنقص أهليته

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
له:فلا يجوز أن يولي الفاسق إمامة الصلاة، والفاسق هو من خرج عند حد الاستقامة بارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب التي هي دون الشرك.
والفسق نوعان: فسق عملي، وفسق اعتقادي.
فالفسق العملي: كارتكاب فاحشة الزنى، والسرقة، وشرب الخمر ... ونحو ذلك.والفسق الاعتقادي: كالرفض، والاعتزال، والتجهم.
فلا يجوز تولية إمامة الصلاة الفاسق؛ لأن الفاسق لا يقبل خبره، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} ؛ فلا يؤمن على شرائط الصلاة

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وأحكامها، ولأنه يكون قدوة سيئة لغيرة؛ ففي توليته مفاسد.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا أعرابيا مهاجرًا، ولا فاجر مؤمنا؛ إلا أن يقهره بسلطان يخاف سوطه"، رواه ابن ماجه، والشاهد منه قوله: "ولا فاجر مؤمنا"، والفجور هو العدول عن الحق.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-16, 09:56 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(23)
فالصلاة خلف الفاسق منهي عنها، ولا يجوز تقديمه مع القدرة على ذلك؛ فيحرم على المسؤولين تنصيب الفاسق إماما للصلوات؛ لأنهم مأمورون بمراعاة المصالح؛ فلا يجوز لهم أن يوقعوا الناس في صلاة مكروهة، بل قد اختلف العلماء في صحة الصلاة خلف الفاسق، وما كان كذلك؛ وجب تجنيب الناس من الوقوع فيه.
ولا تصح إمامة العاجز عن ركوع أو سجود أو قعود؛ إلا بمثله؛ أي: مساوية في العجز عن ركن أو شرط، وكذا لا تصح إمامة العاجز عن القيام لقادر عليه؛ إلا إذا كان العاجز عن القيام
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
إماما راتبا لمسجد، وعرض له عجز عن القيام يرجى زواله؛ فتجوز الصلاة خلفه، ويصلون خلفه في تلك الحال جلوسا؛ لقول عائشة رضي الله عنها: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك، فصلى جالسا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أن جلسوا، فلما انصرف؛ قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به ... " الحديث، وفيه: "وإذا صلى جالسا؛فصلوا جلوسا أجمعون"، وذلك لأن الإمام الراتب يحتاج إلى تقديمه.
ولو صلوا خلفه قياما أو صلى بعضهم قائما في تلك الحالة؛ صحت

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
صلاتهم على الصحيح، وإن استخلف الإمام في تلك الحال من يصلي بهم قائما؛ فهو أحسن؛ خروجا على الخلاف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف؛ فقد فعل الأمرين؛ بيانا للجواز، والله أعلم.
ولا تصح إمامة من حدثه دائم؛ كمن به سلس أو خروج ريح أو نحوه مستمر؛ إلا بمن هو مثله في هذه الآفة، أما الصحيح؛ فلا تصح صلاته خلفه؛ لأن في صلاته خللاً غير مجبور ببدل؛ لأنه يصلي مع خروج النجاسة المنافي للطهارة، وإنما صحت صلاته للضرورة، وبمثله لتساويهما في خروج

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الخارج المستمر.
وإن صلى خلف محدث أو متنجس ببدنه أو ثوبه أو بقعته، ولم يكونا يعلمان بتلك النجاسة أو الحدث حتى فرغ من الصلاة؛ صحت صلاة المأموم دون الإمام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى الجنب بالقوم؛ أعاد صلاته،وتمت للقوم صلاتهم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وبذلك مضت سنة الخلفاء الراشدين؛ فإنهم صلوا بالناس، ثم رأوا الجنابة بعد الصلاة، فأعادوا، ولم يأمروا الناس بالإعادة، وإن علم الإمام أو المأموم بالحدث أو النجاسة في أثناء الصلاة؛ بطلت

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
صلاتهم"(1)ولا تصح إمامة الأمي، والمراد به هنا من لا يحفظ سورة الفاتحة أو يحفظها ولكن لا يحسن قراءتها؛ كأن يلحن فيها لحنا يحيل المعنى؛ ككسر كاف {وَإِيَّاكَ} ، وضم تاء {أَنْعَمْتَ} ، وفتح همزة {اهْدِنَا} ، أو يبدل حرفا بغيره، وهو الألثغ، كمن يبدل الراء غينا أو لاما، أوالسين تاء ... ونحو ذلك؛ فلا تصح إمامة الأمي إلا بأمي بمثله؛ لتساويهما، إذا كانوا عاجزين عن إصلاحهن فإن قدر الأمي على الإصلاح لقراءته؛ لم تصح صلاته ولا صلاة من صلى خلفه؛ لأنه ترك مع القدرة عليه.
ويكره أن

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
يؤم الرجل قوما أكثرهم يكرهه بحق؛ بأن تكون كراهتهم لها مبرر من نقص في دينه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وأمرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون"، رواه الترمذي وحسنه.
(1) وبعض العلماء يرى أن صلاة المأمومين لا تبطل، وأن الإمام في هذه الحالة يستخلف من يكمل الصلاة بهم.



https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-17, 10:00 AM
https://i.imgur.com/7mmvGv2.gif

كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(24)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا كانوا يكرهونه لأمر في دينه؛ مثل كذبة أو ظلمه أو جهله أو بدعته ونحو ذلك، ويحبون آخر أصلح منه في دينه؛ مثل أن يكون أصدق أو أعلم أو أدين؛ فإنه يجب أن يولى عليهم هذا الذي يحبونه، وليس لذلك الرجل الذي يكرهونه أن يؤمهم؛ كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم كرجل أم قوما وهم له كارهون، ورجل لا يأتي الصلاة إلا دبارًا، ورجل اعتبد محررًا" "وقال أيضا: "إذا كان بينهم معاداة من جنس
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
معاداة أهل الأهواء والمذاهب؛ لم ينبغ أن يؤمهم؛ لأن المقصود بالصلاة جماعة أن يتم الائتلاف، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم" " اهـ.
أما إذا كان الإمام ذا دين وسنة، وكرهوه لذلك؛ لم تكره الإمامة في حقه، وإنما العتب على من كرهه.
وعلى كل؛ فينبغي الائتلاف بين الإمام والمأمومين، والتعاون على البر والتقوى، وترك التشاحن والتباغض تبعا للأهواء والأغراض الشيطانية؛ فيجب على الإمام أن يراعي حق المأمومين، ولا يشق عليهم، ويحترم شعورهم، ويجب

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
على المأمومين أن يراعوا حق الإمام، ويحترموه، وبالجملة؛ فينبغي لكل منهما أن يتحمل ما يواجهه من الآخر من بعض الانتقادات التي لا تخل بالدين والمروءة والإنسان معرض للنقص:ومن ذا الذي تُرضى سجاياهُ كلُها ... كفى المرءَ نُبلاً أن تُعدمَعايُبه هذا، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
[باب فيما يشرع للإمام في الصلاة]
الإمام عليه مسئولية عظيمة، وهو ضامن، وله الخير الكثير إن أحسن وفضل الإمامه

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
مشهور، تولاها النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه، ولم يختاروا لها إلا الأفضل وفي الحديث: "ثلاثة على كثبان المسك يومالقيامة: رجل أم قوما وهم به راضون...." الحديث، وفي الحديث الآخر أن له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه.
ومن علم من نفسه الكفاءة؛ فلا مانع من طلبه للإمامة؛ فقد قال أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: إجعلني إمام قومي، قال: "أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم"، ويشهد لذلك أيضا قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} .
وينبغي لمن تولى الإمامة أن يهتم

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
بشأنها، وأن يوفيها حقها ما ستطاع، وله في ذلك أجر عظيم، ويراعي حالة المأمومين، ويقدر ظروفهم، ويتجنب إحراجهم ويرغبهم ولا ينفرهم؛ عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم بالناس؛ فليخفف؛ فإن فيهم السقيم والضعيف وذو الحاجة، وإذا صلى لنفسه؛ فليطول ما شاء"، رواه الجماعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي "الصحيح " من حديث أبي مسعود: "أيها الناس! إن منكم منفرين؛ فأيكم أم الناس؛ فليوجز؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة".
ويقول أحد

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الصحابة: "ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة ولا أتم من النبي صلى الله عليه وسل "، وهو القدوة في ذلك وفي غيره.
قال الحافظ: "من سلك طريق النبي صلى الله عليه وسلم في الإيجاز والإتمام؛ لا يشتكى منه تطويل، والتخفيف المطلوب هوالتخفيف الذي يصحبه إتمام الصلاة بأداء أركانها وواجباتها وسننها على الوجه المطلوب، والتخفيف المأمور به أمر نسبي يرجع إلى ما فعله صلى الله عليه وسلم وواظب عليه وأمر به، لا إلى شهوة المأمومين.
https://i.imgur.com/GdGWueo.gif

ابو وليد البحيرى
2020-05-18, 09:31 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(25)
قال بعض العلماء: ومعنى التخفيف المطلوب: هو الاقتصار على أدنى الكمال من التسبيح وسائر أجزاء الصلاة،وأدنى الكمال في التسبيح في الركوع والسجود هو أن يأتي بثلاث تسبيحات، وإذا آثر المأمومون التطويل، وعددهم ينحصر، بحيث يكون رأيهم في طلب التطويل واحدًا؛ فلا بأس أن يطول الإمام الصلاة؛ لاندفاع الفسدة، وهي التنفير.قال الإمام ابن دقيق العيد: قول الفقهاء: "لا يزيد الإمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات"؛ لا يخالف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم؛
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
أنه كان يزيد على ذلك؛ لأن رغبة الصحابة في الخير تقتضي أن لا يكون ذلك تطويلاً " انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ليس له أن يزيد على قد المشروع، وينبغي أن يفعل غالبا ما كان النبي يفعله غالبا ويزيد وينقص للمصلحة؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد وينقص أحيانا للمصلحة ".
وقال النووي: "قال العلماء: واختلاف قدر القراءة في الأحاديث كان بحسب الأحوال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من حال المؤمنين في وقت أنهم يوثرون التطويل؛ فيطول بهم، وفي

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
وقت لا يؤثرونه لعذر ونحوه؛ فيحفف، وفي وقت يرد إطالتها، فيسمع بكاء الصبي، فيخفف كما ثبت ذلك في الصحيح" انتهى.
ويكره أن يخفف الإمام في الصلاة تخفيفا لا يتمكن معه المأموم من الإتيان المسنون؛ كقراءة السورة، والإتيان بثلاث تسبيحات في الركوع والسجود.
ويسن أن يرتل القراءة، ويتمهل في التسبيح والتشهد بقدر ما يتمكن من خلفه من الإتيان بالمسنون من التسبيح ونحوه، وأن يتمكن من ركوعه وسجوده.
ويسن للإمام أن يطيل الركعة الأولى؛ لقول أبي قتادة: "كان

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
النبي صلى الله عليه وسلم يطول في الركعة الأولى"، متفق عليه.
ويستحب للإمام إذا أحس بداخل وهو في الركوع أن يطيل الركوع حتى يلحقه الداخل فيه ويدرك الركعة؛ إعانة له على ذلك؛ لما رواه أحمد وأبوا داود من حديث ابن أبي أوفى في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر، حتى لا يسمع وقع قدم، ما لم يشق هذا الانتظار على مأموم، فإن شق عليه؛ تركه؛ لأن حرمة الذي معه أعظم من حرمة الذي لم يدخل معه.
وبالجملة؛

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg













فيجب على الإمام أن يراعي أحوال المأمومين، ويراعي إتمام الصلاة وإتقانها، ويكون مقتديا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، عاملاً بوصاياه وأوامره؛ ففيها الخير للجميع.
وبعض الأئمة قد يتساهل في شأن الإمامة ومسؤليتها، ويتغيب كثيرًا عن المسجد، أو يتأخر عن الحضور، مما يحرج المأمومين، ويسبب الشقاق، ويشوش على المصلين، ويكون هذا الإمام قدوة سيئة للكسالى والمتساهلين بالمسؤلية؛ فمثل هذا يجب الأخذ على يده، حتى يواظب على أداء مهمته بحزم، ولا ينفر المصلين، ويعطل إمامة المسجد، أو ينحى عن الإمامة إذا لم يراجع صوابه.
اللهم وفقنا لما تحبة وترضاه.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-19, 02:42 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg



كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(26)
[باب في صلاة أهل الأعذار]أهل الأعذار هم المرضى والمسافرون والخائفون الذين لا يتمكنون من أداء الصلاة على الصفة التي يؤديها غي المعذور؛ فقد خفف الشارع عنهم، وطلب منهم أن يصلوا حسب استطاعتهم، وهذا من يسر هذه الشريعة وسماحتها؛ فقد جاءت برفع الحرج:قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} .
وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} .
وقال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} .
وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} .
وقال النبي صلى
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر؛ فأتوا منه ما استطعتم....".
إلى غير ذلك من النصوص التي تبين فضل الله على عباده وتيسيره في تشريعه.
ومن ذلك ما نحن بصدد الحديث عنه، وهو؛ كيف يصلي من قام به عذر من مرض أو سفر أو خوف؟.
أولا: صلاة المريضإن الصلاة لا تترك أبدًا؛ فالمريض يلزمه أن يؤدي الصلاة قائما، وإن احتاج إلى الاعتماد على عصا ونحوه في قيامه؛فلا بأس بذلك؛ لأن ما

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg



لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
فإن لم يستطع المريض القيام في الصلاة؛ بأن عجز عنه أو شق عليه أو خيف من قيامه زيادة مرض أو تأخر برء؛ فإنه والحالة ماذكر يصلي قاعدًا.
ولا يشترط لإباحة القعود في الصلاة تعذر القيام، ولا يكفي لذلك أدنى مشقة، بل المعتبر المشقة الظاهرة.
وقد أجمع العلماء على أن من عجز عن القيام في الفريضة؛ صلاها قاعداً، ولا إعادة عليه، ولا ينقص ثوابه، وتكون هيئة قعوده حسب ما يسهل عليه؛ لأن الشارع لم يطلب منه قعده خاصة؛ فكيف قعد؛ جاز.
فإن
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
لم يستطع المريض الصلاة قاعدًا؛ بأن شق عليه الجلوس مشقة ظاهرة، أو عجز عنه؛ فإنه يصلي على جنبه، ويكون وجهه إلى القبلة، والأفضل أن يكون على جنبه الأيمن، وإن لم يكن عنده من يوجهه إلى القبلة، ولم يستطع التوجه إليها بنفسه؛ صلى على حسب حالة، إلى أي جهة تسهل عليه.
فإذا لم يقدر المريض أن يصلي على جنبه؛ تعين عليه أن يصلي على ظهره، وتكون رجلاه إلى القبلة مع الإمكان.

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg



وإذا صلى المريض قاعدًا، ولا يستطيع السجود على الأرض، أو صلى على جنبه أو على ظهره كما سبق؛ فإنه يؤميء برأسه للركوع والسجود، ويجعل الإيماء للسجود أخفض من الإيماء للركوع، وإذا صلى المريض جالسا وهو يستطيع السجود على الأرض؛ وجب عليه ذلك، ولا يكفيه الإيماء.
والدليل على جواز صلاة المريض على هذه الكيفية المفصلة ما أخرجه البخاري وأهل السنن من حديث عمرن بن حصين رضي الله عنه؛ قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
"صل قائما، فإن لم تستطع؛ فصل قاعدًا، فإن لم تستطع، فعلى جنبك"، زاد النسائي: "فإن لم تستطع؛ فمستلقيا، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} ".
وهنا يجب التنبيه على أن ما يفعله بعض المرضى ومن تجري لهم عمليات جراحية، فيتركون الصلاة بحجة أنهم لايقدرون على أداء الصلاة بصفة كاملة، أو لا يقدرون على الضوء، أو لأن ملابسهم نجسة، أو غير ذلك من الأعذار، وهذا خطأ كبير؛ لأن المسلم لا يجوز له ترك الصلاة إذا عجز عن بعض شروطها أو أركانها واجباتها، يل يصليها على حسب حاله، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} .
وبعض المرضى يقول: إذا شفيت قضت الصلوات التي تركتها.

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-20, 07:46 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(27)
وهذا جهل منهم أو تساهل؛ فالصلاة تصلي في وقتها حسب الإمكان، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها؛ فينبغي الانتباه لهذا، والتنبيه عليه، ويجب أن يكون في المستشفيات توعية دينية، وتفقد لأحوال المرضى من ناحية الصلاة وغيرها من الواجبات الشرعية التي هم بحاجة إلى بيانها.
وما سبق بيانه هو في حق من ابتدأ الصلاة معذورًا، واستمر به العذر إلى الفراغ منها، وأما من ابتدأها وهو يقدر على القيام، ثم طرأ عليه العجز عنه، أو ابتدأها وهو لا يستطيع القيام، ثم قدر عليه في أثنائها، أو ابتدأها قاعدًا، ثم عجز عن القعود أثنائها، أو ابتدأها على جنب، ثم قدر على القعود، فإنه في تلك الأحوال ينتقل إلى الحالة

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
المناسبة له شرعا، ويتمها عليها وجوبا؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} ، فينتقل إلى القيام من قدر عليه، وينتقل إلى الجلوس من عجز عن القيام في أثناء الصلاة ... وهكذا.
وإن قدر على القيام والقعود، ولم يقدر على الركوع والسجود؛ فإنه يوميء برأسه بالركوع قائما، ويومئ بالسجود قاعدًا؛ ليحصل الفرق بين الإيماءين حسب الإمكان.
وللمريض أن يصلي مستلقيا مع قدرته على القيام إذا قال له طبيب مسلم ثقة: لا يمكن مداواتك إلا إذا صليت مستلقيا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جالسا حين جحش شقه، وأم سلمة تركت السجود لرمد بها.
ومقام الصلاة في الإسلام عظيم؛ فيطلب
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

من المسلم، بل يتحتم عليه أن يقيمها في حال الصحة وحال المرض؛ فلا تسقط عن المريض، لكنه يصليها على حسب حاله؛ فيجب على المسلم أن يحافظ عليها كما أمره الله.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ثانيا: صلاة الراكب ومن أهل الأعذار الراكب إذا كان يتأذى بنزوله للصلاة على الأرض بوحل أو مطر، أو يعجز عن الركوب إذا نزل، أو يخشى فوات رفقته إذا نزل، أو يخاف على نفسه إذا نزل من عدو أو سبع؛ ففي هذه الأحوال يصلي على مركوبه؛ من دابة وغيرها، ولا ينزل إلى الأرض؛ لحديث يعلي بن مرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى مضيق هو على راحلته، فأذن وأقام، ثم تقدم رسول الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
صلى الله عليه وسلم على راحلته، فصلى بهم يومئ إيماء؛ السجود أخفض من الركوع" رواه أحمد والترمذي.
ويجب على من يصلي الفريضة على مركوبه لعذر مما سبق أن يستقبل القبلة إن استطاع؛ لقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ، ويجب عليه فعل ما يقدر عليه من ركوع وسجود وإيماء بهما وطمأنينة؛ لقول تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} ، وما لا يقدر عليه لا يكلف به.
وإن لم يقدر على استقبال القبلة؛ لم يجب عليه استقبال القبلة؛ لم يجب عليه استقبالها، وصلى على حسب حاله، وكذلك راكب الطائرة يصلي فيها بحسب استطاعته من قيام أو قعود وركوع وسجود أو إيماء بهما؛
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

بحسب استطاعته، مع استقبال القبلة؛ لأنه ممكن.
ثالثا: صلاة المسافرومن أهل الأعذار المسافر، فيشرع له قصر الصلاة الرباعية من أربع إلى ركعتين كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، قاله اله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في السفر إلا قصرًا، والقصر أفضل من الإتمام قي قول جمهور العلماء، وفي "الصحيحين ": "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين؛ فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر"، وقال ابن عمر: "صلاة السفر ركعتان، تمام غير قصر".
ويبدأ السفر بخروج المسافر من عامر بلده؛ لأن الله أباح القصر لمن

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
ضرب في الأرض، وقبل خروجه من بلده لا يكون ضاربا في الأرض ولا مسافرًا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يقصر إذا ارتحل، ولأن لفظ السفر معناه الإسفار؛ أي: الخروج إلى الصحراء، يقال: سفرت المرأة عن وجهها: إذا كشفته، فإذا لم يبرز إلى الصحراء التي ينكشف فيها من بين المساكن؛ لم يكن مسافراً.
ويقصر المسافر الصلاة، ولو كان يتكرر سفره؛ كصاحب البريد وسيارة الأجرة ممن يتردد أكثر وقته في الطريق بين البلدان.
ويجوز للمسافر الجمع بين الظهر والعصر، والجمع بين المغرب والعشاء؛ في وقت أحدهما؛ فكل مسافر يجوز له القصر؛ فإنه يجوز له الجمع، وهو رخصة عارضة، يفعله عند
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

الحاجة، كما إذا جد به السير؛ لما روى معاذ رضي الله عنه؛: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في عزوة تبوك: إذا ارتحل قبل زيغ الشمس؛ أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر ويصليهما جمعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس؛ صلى الظهر والعصر جمعا ثم سار، وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء"، رواه أبو داود والترمذي.
وإذا نزل المسافر في أثناء سفره للراحة؛ فالأفضل له أن يصلي كل صلاة في وقتها قصرًا بلا جمع.
ويباح الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء للمريض الذي يلحقه بترك الجمع مشقة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإنما كان الجمع لرفع الحرج عن الأمة، فإذا احتاجوا

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
الجمع؛ جمعوا، والأحاديث كلها تدل على أنه يجمع في الوقت الواحد لرفع الحرج عن أمته، فيباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن الأمة، وذلك يدل على الجمع للمرض الذي يحرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الأولى والأحرى" اهـ.
وقال أيضا "يجمع المرضى كما جاءت بذلك السنة في جمع المستحاضة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالجمع في حديثين، ويباح الجمع لمن يعجز عن الطهارة لك صلاة؛ كمن به سلس بول، أو جرح لا يرقأ دمه، أو رعاف دائم؛ قياسا على المستحاضة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم لحمنة حين استفتته في الاستحاضة: "وإن قويتي على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر، فتغتسلين، ثم تصلين الظهر والعصر جمعا ثم تؤخري المغرب وتعجلي العشاء، ثم تغتسلين، وتجمعين بين
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

الصلاتين؛ فافعلي" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ".
ويباح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة لحصول مطر يبل الثياب، وتوجد معه مشقة؛ لأنه عليه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة، وفعله أبو بكر وعمر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "يجوز الجمع للوحل الشديد والريح الشديدة الباردة في الليلة الظلماء ونحو ذلك، وإنلم يكن المطر نازلاً في أصح قولي العلماء، وذلك أولى من أن يصلوا في بيوتهم، بل ترك الجماعة مع الصلاة في البيوت بدعة مخالفة للسنة؛ إذ السنة أن تصلي الصلوات الخمس في المسجد جماعة، وذلك أولى من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين، والصلاة جمعا في المساجد أولى من الصلاة في البيوت مفرقة باتفاق الأئمة الذين يجوزون الجمع؛ كمالك والشافعي وأحمد" انتهى.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-21, 11:47 PM
https://i.imgur.com/7mmvGv2.gif
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

(28)
ومن يباح له الجمع؛ فالأفضل له أن يفعل الأرفق به من جمع تأخير أو جمع تقديم، والأفضل بعرفة جمع التقديم بين الظهر والعصر، وبمزدلفة الأفضل جمع التأخير بين المغرب والعشاء؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، وجمع التقديم بعرفة لأجل اتصال الوقوف، وجمع التأخير بمزدلفة من أجل مواصلة السير إليها.
وبالجملة؛ فالجمع بين الصلاتين في عرفة ومزدلفة سنة، وفي غيرها مباح يفعل عند الحاجة، وإذا لم تدع إليه حاجة؛ فالأفضل للمسافر أداء كل صلاة في وقتها؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع في أيام الحج إلا بعرفة ومزدلفة، ولم يجمع بمنى؛ لأنه نازل، وإنما كان يجمع إذا جد به السير.
هذا ونسأل الله للجميع التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح.
رابعا: صلاة الخوف
تشرع صلاة الخوف في كل وقت مباح؛ كقتال الكفار والبغاة

https://i.imgur.com/fjJvPtY.jpg
والمحاربين؛ لقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، وقيس عليه الباقي ممن يجوز قتاله، ولا تجوز صلاة الخوف في قتال محرم زوالدليل على مشروعية صلاة الخوف الكتاب والسنة والإجماع:قال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُم ْ} .
قال الإمام أحمد رحمه الله: "صحت صلاة الخوف عند النبي صلى الله عليه وسلم من خمسة أوجه أو ستة كلها جائزة " اه.
فهي مشروعة في زمنه صلى الله عليه وسلم، وتستمر مشروعيتها إلى آخر الدهر، وأجمع على ذلك الصحابة وسائر الأئمة ما عدا خلافا قليلاً لا يعتد به.
وتفعل صلاة الخوف عند الحاجة إليها سفرًا وحضرًا، إذا خيف

https://i.imgur.com/fjJvPtY.jpg
هجوم العدو على المسلمين؛ لأن المبيح لها هو الخوف لا السفر، لكن صلاة الخوف في الحضر لا يقصر فيها عدد الركعات، وإنما تقصر فيها صفة الصلاة،وصلاة الخوف في السفر يقصر فيها عدد الركعات إذا كانت رباعية، وتقصر فيها الصفة.
وتشرع صلاة الخوف بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون العدو يحل قتاله كما سبق.
الشرط الثاني: أن يخاف هجومه على المسلمين حال الصلاة؛ لقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، وقوله {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُم ْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}
.ومن صفات صلاة الخوف: الصفة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سهل ابن أبي هثمه الأنصاري رضي الله عنه.
وقد اختار الإمام أحمد العمل بها؛ لأنها أشبه بالصفة المذكورة في القرآن الكريم، وفيها احتياط للصلاة واحتياط للحرب، وفيها نكاية بالعدو، وقد فعل صلى الله عليه وسلم هذه الصلاة في غزوة ذات الرقاع.
وصفتها كما رواها سهل هي:"أن طائفة صفت مع النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

قائما وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم"، متفق عليه.
ومن صفات صلاة الخوف: ما روى جابر؛ قال:"شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصففنا صفين والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبرنا ثم ركع وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود، وقام الصف الذي يليه؛ انحدر الصف المؤخر بالسجود، وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، ثم ركع وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وكان مؤخرا في الركعة الأولى، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى صلى الله عليه وسلم السجود، وقام الصف الذي يليه؛ انحدر الصف المؤخر بالسجود، فسجدوا، ثم سلم صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعا"، رواه مسلم.
ومن صفات صلاة الخوف:
ما رواه ابن عمر؛ قال:"قام النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة وسجدتين والأخرى مواجهة العدوى، ثم انصرفوا وقاموا مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة، ثم سلم، ثم قضى هؤلاء ركعة، وهؤلاء ركعة"، متفق عليه.
ومن صفات صلاة الخوف:
أن يصلي بكل طائفة صلاة، ويسلم بها، رواه أحمد وأبوا داود والنسائي.

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
ومن صفات صلاة الخوف: ما رواه جابر؛ قال:"أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع"؛ قال: "فنودي للصلاة، فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا، فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين"، قال: "فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع وللقوم ركعتان"، متفق عليه.
وهذه الصفات تفعل إذا لم يشتد الخوف، فإذا اشتد الخوف؛ بأن تواصل الطعن والضرب والكر والفر، ولم يمكن تفريق القوم وصلاتهم على ما ذكر، وحان وقت الصلاة؛ صلوا على حسب حالهم، رجالاً وركبانا، للقبلة وغيرها يومئون بالركوع والسجود حسب طاقتهم، ولا يؤخرون الصلاة؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} ؛ أي فصلوا رجالاً أو ركبانا، والرجال جمع راجل، وهو الكائن على رجليه ماشيا أو واقفا، والركبان جمع راكب.ويستحب أن يحمل معه في صلاة الخوف من السلاح ما يدفع به عن نفسه ولا يثقله؛ لقوله تعالى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُم} .
ومثل شدة الخوف: حالة الهرب من عدو أو سيل أو سبع أو خوف فوات عدو يطلبه؛ فيصلي في هذه الحالة راكبا أو ماشيا، مستقبل القبلة وغير مستقبلها، يومئ بالركوع والسجود.
ونستفيد من صلاة الخوف على هذه الكيفيات العجيبة والتنظيم الدقيق:أهمية الصلاة في الإسلام، وأهمية صلاة الجماعة بالذات، فإنهما لم يسقطا في هذه الأحوال الحرجة؛ كما نستفيد كمال هذه الشريعة الإسلامية، وأنها شرعت لكل حالة ما يناسبها، كما نستفيد نفي الحرج عن هذه الأمة، وسماحة هذه الشريعة، وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
نسأل الله أن يرزقنا التمسك بها والوفاة عليها؛ إنه سميع مجيب.
https://i.imgur.com/GdGWueo.gif

ابو وليد البحيرى
2020-05-22, 04:04 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/9.jpg


كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(29)
[باب في زكاة الفطر]
زكاة الفطر من رمضان المبارك، تسمى بذلك لأن الفطر سببها، فإضافتها إليه من إضافة الشيء إلى سببه.
والدليل على وجوبها الكتاب والسنة والإجماع.
قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} ، قال بعض السلف: "المراد بالتزكي هنا إخراج زكاة الفطر".
وتدخل في عموم قوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} .
وفي "الصحيحين" وغيرهما: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من بر أو صاعا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين".
وقد حكى غير واحد من العلماء إجماع المسلمين على وجوبها.
والحكمة في مشروعيتها: أنها طهر للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، وشكر لله تعالى على إتمام فريضة الصيام.
وتجب زكاة الفطر على كل مسلم؛ ذكرًا كان أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، حرًا كان أو عبدًا؛ لحديث ابن عمر الذي ذكرنا قريبا؛ ففيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وفرض بمعنى ألزم وأوجب.
كما أن في الحديث أيضا بيان ما يخرج عن كل شخص وجنس ما يخرج؛ بمقدارها صاع، وهو أربعة أمداد،

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
وجنس ما يخرج هو من غالب قوت البلد؛ برّاً كان، أو شعيراً أو تمرًا، أو زبيبا، أو أقطا ... أو غير هذه الأصناف مما اعتاد الناس أكله في البلد، وغلب استعمالهم له؛ كالأرز والذرة، وما يقتاته الناس في كل بلد بحسبه.
كما بين صلى الله عليه وسلم وقت إخراجها، وهو أنه أمر بها أن تؤدى قبل صلاة العيد، فيبدأ وقت الإخراج الأفضل بغروب الشمس ليلة العيد، ويجوز تقديم إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين؛ فقد روى البخاري رحمه الله: أن الصحابة كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين، فكان إجماعا منهم.
وإخراجها يوم العيد قبل الصلاة أفضل، فإن فاته هذا الوقت، فأخر إخراجها عن صلاة العيد؛ وجب عليه إخراجها قضاء؛ لحديث ابن عباس: "من أداها قبل الصلاة؛ فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة؛فهي صدقة من الصدقات"، ويكون آثما بتأخير إخراجها عن الوقت المحدد؛ لمخالفته أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويخرج المسلم زكاة الفطر عن نفسه وعمن يمونهم أي: ينفق عليهم من الزوجات والأقارب؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أدوا الفطرة عمن

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/82.jpg
تمولون".
ويستحب إخراجها عن الحمل؛ لفعل عثمان رضي الله عنه.
ومن لزم غيره إخراج الفطرة عنه، فأخرج هو عن نفسه بدون إذن من نلزمه؛ أجزأت؛ لأنها وجبت عليه ابتداء، والغير محتمل لها غير أصيل، وإن أخرج شخص عن شخص لا تلزمه نفقته بإذنه؛ أجزأت، وبدون إذنه لا تجزئ.
ولمن وجب عليه إخراج الفطرة من غيره أن يخرج فطرة ذلك الغير مع فطرته في المكان الذي هو فيه، ولو كان المخرج عنه في مكان آخر.
ونحب أن ننقل لك كلاما لابن القيم في جنس المخرج في زكاة الفطر، قال رحمه الله لما ذكر الأنواع الخمسة الواردة في الحديث:"وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة، فأما أهل بلد أو محلةقوتهم غير ذلك؛ فإنما عليهم صاع من قوتهم، فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك؛ أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره، إذ المقصور سد خلة المساكين يوم العيد

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
ومواساتهم من جنس ما يقتات أهل بلدهم، وعلى هذا؛ فيجزىء الدقيق، وإن لم يصح فيه الحديث، وأما إخراج الخبز أو الطعام؛ فإنه وإن كان أنفع للمساكين، لقلة المؤونة والكلفة فيه؛ فقد يكون الحب أنفع لهم لطول بقائه" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "يخرج من قوت بلدة مثل الأرز وغيره، ولو قدر على الأصناف المذكورة في الحديث وهو رواية عن أحمد وقول أكثر العلماء، وهو أصح الأقوال؛ فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المواساة للفقراء" انتهى.
وأما إخراج القيمة عن زكاة الفطر؛ بأن يدفع بدلها دراهم؛ فهو خلاف السنة؛ فلا يجزئ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg

أحد من أصحابه إخراج القيمة في زكاة الفطر.
قال الإمام أحمد: "لا يعطى القيمة.
قيل له: قوم يقولون: إن عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة؟ قال: يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون: قال فلان، وقد قال ابن عمر: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا ... " الحديث؟! ".
ولا بد أن تصل صدقة الفطر إلى مستحقها في الموعد المحدد لإخراجها، أو تصل إلى وكيله الذي عمده في قبضها نيابة عنه، فإن لم يجد الدافع من أراد دفعها إليه، ولم يجد له وكيلاً في الموعد المحدد؛ وجب دفعها إلى آخر.
وهنا يغلط بعض الناس؛ بحيث يودع زكاة الفطر عند شخص لم يوكله المستحق، وهذا لا يعتبر إخراجا صحيحا لزكاة الفطر، فيجب التنبيه عليه.
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/05/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-05-24, 02:00 AM
https://i.imgur.com/7mmvGv2.gif
كتاب الملخص الفقهي
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
(30)
[باب في أحكام صلاة العيدين]
صلاة العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وقد كان المشركون يتخذون أعيادًا زمانية ومكانية، فأبطلها الإسلام، وعوض عنها عيد الفطر وعيد الأضحى، شكرًا لله تعالى على أداء هاتين العبادتين العظيمتين: صوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه لما قدم المدينة، وكان لأهلها يومان يلبون فيهما؛ قال صلى الله عليه وسلم: "قد أبدكم الله بهما خيرًا منهما؛ يوم النحر، ويوم الفطر".
فلا تجوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى كأعياد الموالد وغيرها؛ لأن ذلك زيادة على ما شرعة الله، واتباع في الدين، ومخالفة لسنة سيد المرسلين، وتشبه بالكافرين، سواء سميت أعيادًا أو ذكريات أو أياما أو أسابيع أو أعواما، كل ذلك ليس من الإسلام، بل هو من فعل الجاهلية، وتقليد للأمم الكفرية من الدول الغربية وغيرها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم؛ فهو منهم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة".
نسأل الله أن يرينا الحق حقّا ويرزقنا إتباعه، أن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا

https://i.imgur.com/fjJvPtY.jpg
اجتنابه.
وسمى العيد عيدًا لأنه يعود ويتكرر كل عام، ولأنه يعود بالفرح والسرور، ويعود الله فيه بالإحسان على عباده على إثر أدائهم لطاعته بالصيام والحج.
والدليل على مشروعية صلاة العيد: قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، وقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده يداومون عليها.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها حتى النساء، فيسن للمرأة حضورها غير متطيبة ولا لابسة لثياب زينة أو شهرة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"وليخرجن تفلات، ويعتزلن الرجال، ويعتزل الحيض المصلى"، قالت أم عطية رضي الله عنها: "كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى تخرج البكر من خدرها، وحتى تخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم؛ يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته".
والخروج لصلاة العيد وأداء صلاة العيد على هذا النمط المشهود من الجميع فيه إظهار لشعار الإسلام؛ فهي من أعلام الدين الظاهرة، وأول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم للعيد يوم الفطر من السنة الثانية من الهجرة.

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
ولم يزل صلى الله عليه وسلم يواظب عليها حتى فارق الدنيا صلوات الله وسلامه عليه، واستمر عليها المسلمون خلف من سلف، فلو تركها أهل بلد من استكمال شروطها فيهم؛ قاتلهم الإمام؛ لأنها من أعلام الدين الظاهر؛ كالأذان.
وينبغي أن يؤدى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين في المصلى الذي على باب المدينة؛ فعن أبي سعيد: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى"، متفق عليه،ولم ينقل أنه صلاها في المسجد لغير عذر، ولن الخروج إلى الصحراء أوقع لهيبة المسلمين والإسلام، وأظهر لشعائر الدين، ولا مشقة في ذلك؛ لعدم تكرره؛ بخلاف الجمعة؛ إلا في مكة المشرفة؛ فإنها تصلى في المسجد الحرام.
ويبدأ وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رمح؛ لأنه الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها فيه، ويمتد وقتها إلى زوال الشمس.
فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال؛ صلوا من الغد قضاء؛ لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار؛ قالوا:

https://i.imgur.com/fjJvPtY.jpg
"غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صياما، فجاء ركب في آخر النهار، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا غدًا لعيدهم" رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وحسنه، وصححه جماعة من الحفاظ، فلو كانت تؤدى بعد الزوال؛ لما أخرها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغد، ولأن صلاة العيد شرع لها الاجتماع العام؛ فلا بد أن يسبقها وقت يتمكن الناس من التهيؤ لها.
ويسن تقديم صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر؛ لما روى الشافعي مرسلاً؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم: أن عجل الأضحى، وأخر الفطر، وذكر الناس.
وليتسع وقت التضحية بتقديم الصلاة في الأضحى، وليتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر قبل صلاة الفطر.
ويسن أن يأكل قبل الخروج لصلاة الفطر تمرات، وأن لا يطعم يوم النحر حتى يصلى؛ لقول بريدة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي"، رواه أحمد وغيره.
قال الشيخ تقي الدين: "لما قدم الله الصلاة على النحر في قوله:

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، وقدم التزكي على الصلاة في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ؛ كانت السنة أن الصدقة قبل الصلاة في عيد الفطر، وأن الذبح بعد الصلاة في عيد النحر.
ويسن التبكير في الخروج لصلاة العيد؛ ليتمكن من الدنو من الإمام، وتحصل له فضيلة انتظار الصلاة، فيكثر ثوابه.
ويسن أن يتجمل المسلم لصلاة العيد بلبس أحسن الثياب؛ لحديث جابر: "كانت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة"، رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، وعن ابن عمر أنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه، رواه البيهقي بإسناد جيد.
ويشترط لصلاة العيد الاستيطان؛ بأن يكون الذين يقيمونها مستوطنين في مساكن مبنية بما جرت العادة بالبناء به؛ كما في صلاة الجمعة؛ فلا تقام صلاة العيد إلا حيث يسوغ إقامة صلاة الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وافق العيد في حجته، ولم يصلها، وكذلك خلفاؤه من بعده.
وصلاة العيد ركعتان قبل الخطبة؛ لقول ابن عمر: "كان رسول الله صلى الله عليه

https://i.imgur.com/fjJvPtY.jpg
وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة"، متفق عليه، وقد استفاضت السنة بذلك وعليه عامة أهل العلم، قال الترمذي: "والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن صلاة العيدين قبل الخطبة".
وحكمة تأخير الخطبة عن صلاة العيد وتقديمها على صلاة الجمعة: أن خطبة الجمعة شرط للصلاة، والشرط مقدم على المشروط؛ بخلاف خطبة العيد؛ فإنها سنة.
وصلاة العيدين ركعتان بإجماع المسلمين، وفي "الصحيحين" وغيرهما عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما، وقال عمر: "صلاة الفطر والأضحى ركعتان، تمام غير قصر، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وقد خاب من افترى"، رواه أحمد وغيره.
ولا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة؛ لما روى مسلم عن جابر: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد مرة ولا مرتين، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة؛ بغير أذان ولا إقامة".
ويكبر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح وقبل التعوذ والقراءة

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/04/158.jpg


ست تكبيرات؛ فتكبيرة الإحرام ركن، لابد منها، لا تنعقد الصلاة بدونها، وغيرها من التكبيرات سنة، ثم يستفتح بعدها؛ لأن الاستفتاح في أول الصلاة، ثم يأتي بالتكبيرات الزوائد الست، ثم يتعوذ عقب التكبيرة السادسة؛ لأن التعوذ للقراءة، فيكون عندها، ثم يقرأ.
ويكبر في الركعة الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات غير تكبيرة الانتقال؛ لما روى أحمد عن عمروا بن شعيب عن أبيه عن جده؛: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة؛ سبعا في الأولى، وخمسا في الآخرة"، وإسناده حسن.
وروى غير ذلك في عدد التكبيرات: قال الإمام أحمد رحمه الله: "اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير، وكله جائز".
ويرفع يديه مع كل تكبيرة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير.
ويسن أن يقول بين كل تكبيرتين: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرًا، لقول عقبة بن عامر: سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد؟ قال: "يحمد الله، ويثني

https://i.imgur.com/fjJvPtY.jpg
عليه، ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم".
ورواه البيهقي بإسناده عن ابن مسعود قولاً وفعلاً.
وقال حذيفة: "صدق أبو عبد الرحمن".
وإن أتى بذكر غير هذا فلا بأس؛ لأنه ليس فيه ذكر معين.
قال ابن القيم: "كان يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة، ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات" اهـ.
وإن شك في عدد التكبيرات؛ بنى على اليقين، وهو الأقل.
وإن نسى التكبير الزائد حتى شرع في القراءة؛ سقط؛ لأنه سنة فات محلها.
وكذا إذا أدرك المأموم الإمام بعدما شرع في القراءة؛ لم يأت بالتكبيرات الزوائد، أو أدركه راكعا، فإنه يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يركع، ولا يشتغل بقضاء التكبير.
وصلاة العيد ركعتان، يجهر الإمام فيهما بالقراءة؛ لقول ابن عمر: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء"، رواه الدارقطني، وقد أجمع العلماء على ذلكن ونقله الخلف عن السلف، واستمر عمل المسلمين عليه.
ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، ويقرأ في الركعة الثانية بالغاشية؛ لقول سمرة: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} "، رواه أحمد.
أو يقرأ في الركعة الأولى ب {ق} و {اقْتَرَبَتِ}
https://i.imgur.com/GdGWueo.gif