تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بماذا يجب صيام رمضان؟



ابو وليد البحيرى
2020-04-18, 09:40 PM
بماذا يجب صيام رمضان؟


عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري

أ- لا يجب صيام رمضان حتى يَثبُت دخول الشهر، ويُحكَم بدخول شهر رمضان بواحد من أمرَين:
الأول: رؤية هلال شهر رمضان عقب غروب الشمس من يوم التاسع والعِشرين من شهر شعبان، والدليل على هذا: حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له))؛ متَّفق عليه[1].


ولا يُشترَط أن يراه كل واحد بنفسه، بل إذا رآه من يَثبُت بشهادته دخول الشهر وجب الصوم على الجميع، وإذا أُعلِن ثبوت الشهر من قِبَل الحكومة بالراديو أو التلفاز أو المواقع الرسمية على الشبكة أو غيرها، وجَب العمل بذلك في دخول الشهر وخروجِه.


الثاني: إكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا إذا لم يُرَ هلال رمضان، أو حال دون رؤيته غَيمٌ أو غبار أو غيرهما؛ لأن الشهر القمري لا يزيد على ثلاثين يومًا؛ يدلُّ على ذلك: حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا رأيتُموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأَفطِروا، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له))؛ متفق عليه[2]، ومعنى ((فاقدروا له)): قدِّروا له تمام العدد ثلاثين يومًا، كما قاله مالك وأبو حنيفة والشافعي وجُمهور السلف والخلَف[3]، ويُبينه الروايات والأحاديث الأخرى؛ ففي رواية لهذا الحديث في البخاري: ((فإن غُمَّ عليكم فأَكمِلوا العدة ثلاثين))[4].


وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن غُبِّي عليكم فأَكمِلوا عدة شعبان ثلاثين))؛ متفق عليه، وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: ((فأكملوا العدد))، وفي لفظ له: ((فعدُّوا ثلاثين))[5].


وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحفَّظ من هلال شعبان ما لا يتحفَّظ من غيره، ثم يصوم برؤية رمضان، فإن غُمَّ عليه عَدَّ ثلاثين يومًا ثم صام))؛ رواه أحمد وأبو داود، وصحَّحه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني وابن حجر[6].



أحكام مُتعلِّقة برؤية الهلال:
أ- مَن انتقل من بلدٍ إلى بلد آخر أثناء شهر رمضان:
من انتقل من بلد إلى بلد آخَر أثناء شهر رمضان، وبين البلدين اختلاف في بدء الصيام ونهايته فحكمُه حكم البلد الذي يوجد فيه أثناء دخول الشهر أو خروجِه، على ألا يكون صيامه للشهر أقل من تسعة وعشرين يومًا؛ لأن الشهر الهجري لا يكون أقل من ذلك، فإن كان صيامه أقل كثمانٍ وعشرين يومًا وجب عليه قضاء يوم ليتمَّ له شهر تسعة وعشرون يومًا.


فلو انتقل أول الشهر من بلد ثبتَت فيه الرؤية ليلة الأول من رمضان إلى بلد آخَر لم تَثبُت فيه الرؤية فلا يلزمه الصوم اعتبارًا بالبلد الذي سافر إليه، وإذا انتقل شخصٌ آخِرَ الشهرِ إلى بلد وجَب عليه أن يصوم مع البلد الذي انتقل إليه، ولو زاد صيامه عن ثلاثين يومًا بيوم أو يومين؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: ((وإذا رأيتموه فأَفطِروا))؛ متفق عليه[7]، وهو في بلد لم يروا فيه هلال شوال، فحكمُه حكمُهم.


ب- إذا صام الناس ثمانيةً وعشرين يومًا من رمضان، ثم رأوا هلال شوال:
إذا صام الناس ثمانية وعشرين يومًا من رمضان، ثم رأوا هلال شوال، وثبَت ذلك بالشهادة المُعتبَرة شرعًا، فإنه يلزمهم الإفطار؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وإذا رأيتموه فأَفطِروا))؛ متَّفق عليه[8]، ولأن هذا يوم عيد، وقد ثبَت النهيُ عن صيام يوم العيد.


ويجب عليهم قضاء يوم واحد فقط؛ لأن الشهر الهجري لا يمكن أن يكون أقل مِن تسعة وعشرين يومًا، قال الوليد بن عتبة الليثي: صُمْنا مع علي - رضي الله عنه - ثمانية وعشرين يومًا، فأمرَنا يوم الفِطر أن نقضي يومًا[9].

[1] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب هل يقال: رمضان، أو شهر رمضان، ومن رأى كلَّه واسعًا 2: 672 (1801)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال، وأنه إذا غمَّ في أوله أو آخرِه أُكمِلت عدَّة الشهر ثلاثين يومًا 2: 759 (1080).

[2] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب هل يقال: رمضان، أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعًا 2: 672 (1801)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال، وأنه إذا غُمَّ في أوله أو آخرِه أُكمِلت عدَّة الشهر ثلاثين يومًا 2: 759 (1080).

[3] ينظر: المجموع للنووي 6: 271.

[4] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتُم الهلال فصوموا وإذا رأيتُموه فأَفطِروا)) 2: 674 (1808).

[5] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأيتم الهلال فصوموا 2: 674 (1810)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال 2: 762 (1081).

[6] رواه أحمد 6: 149، وأبو داود في كتاب الصوم، باب إذا أغمي الشهر 2: 298 (2325)، وصحَّحه ابن خزيمة 3: 203 (1910)، وابن حبان 8: 228 (3444)، وقال الحاكم في المُستدرَك على الصحيحين 1: 585: صحيح على شرط الشيخين، وقال الدارقطني 2: 156: إسناد حسن صحيح، وقال الحافظ في الدِّراية 1: 276: هو على شرط مسلم، وقال في التلخيص 2: 198: إسناده صحيح.

[7] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب هل يقال: رمضان، أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعًا 2: 672 (1801)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال، وأنه إذا غمَّ في أوله أو آخِره أكملَت عدة الشهر ثلاثين يومًا 2: 759 (1080).

[8] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب هل يقال: رمضان، أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعًا 2: 672 (1801)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفِطر لرؤية الهلال، وأنه إذا غمَّ في أوله أو آخِره أكملَت عدَّة الشهر ثلاثين يومًا 2: 759 (1080).

[9] رواه عبدالرزاق في مصنفه 4: 156 (7308)، والبيهقي في السنن الكبرى 4: 251، ويُنظر في المسألة: الإنصاف للمرداوي 3: 277، وفتاوى اللجنة الدائمة 10: 124، 127 - 130.