ابو وليد البحيرى
2020-03-22, 06:16 PM
الدعوة في حياة الشباب بين الإقدام والتراجع
الشباب طاقة متوقدة وعماد تقوم عليه أركان الدعوة بعد العلماء الربانيين, إلا أن الكثير من التساؤلات تدور حول الهموم الدعوية لدى الشباب.!، منها ما نجده من أن الشاب يكون في قمة نشاطه الدعوي، ثم نفاجئ بعد وقت قصير بتصدع هذه الهمة، فيتلبس الشاب الفتور وتتغير همته؟
وهذا ما يجعلنا نتساءل باهتمام عن أسباب ذلك، وعن العوامل التي يمكن أن تعينه على الثبات؟ ونتساءل أيضاً عن دور العلماء والمؤسسات الدعوية في الحد من هذا التراجع؟, وكيف يمكن أن يطور الشاب نفسه؟
بالإضافة إلى العديد من الأسئلة التي تدور حول هذه القضية.
الهم الدعوي في عيون الشباب:
في البداية كان لنا شرف مشاركة بعض الشباب – والذين اخترناهم كعينة عشوائية – لطرح هذه التساؤلات عليهم.
حيث رأى البعض منهم أن الهم الدعوي موجود لدى الشباب بشكل عام،
يقول الأخ ع.ع: " الهم الدعوي موجود وبقوة لدى الشباب".
فيما يرى الخ ن.د (والذي فصل الحالة أكثر) أن ذلك الهم: " يختلف باختلاف الحال والمكان والزمان ".
وحول حجم الوقت المخصص لهذه الدعوة قال الأخ م.س: " يتفاوت حجم الوقت من شخص لآخر لكنه بشكل عام، ليس بالحجم الملائم لما يختلج في الصدر من همه".
في حين قال الأخ ن.د: " الدعوة لا تفارق المسلم في أي وقت من الأوقات، لأنه إذا رأى المنكر فلابد له من تغييره، وهذا من باب الدعوة المجملة. أما الدعوة على وجه الخصوص فإنه – الوقت – يختلف باختلاف العمل، وعلى كل حال فإن ساعة واحدة على الأقل قد تكفي في اليوم الواحد".
تراجع غير مسبوق:
واستكمالاً للموضوع، فقد طرحنا هذه التساؤلات على بعض المختصين في مجال الدعوة.
وكان من أولهم الشيخ جماز الجماز الذي رأى أن بروز ظاهرة تراجع الهم الدعوي لدى فئات الشباب، ظاهرة لم يسبق لها مثيل، وتابع بالقول: " لم تبرز ظاهرة التراجع عن الدعوة على نحو من بروزها في العصر الحديث بمثل ما نرى أو نسمع، والذي حدث لبعض الشباب، هو انشغال في دروب الدنيا ومتاهاتها، حتى وصل بهم الأمر إلى نسيان الدعوة والتربية والتعليم".
ويتابع الشيخ بالقول: " وليت الأمر وقف عند هذا، بل أدى تكاسلهم إلى ترك بعض الفرائض، وارتكاب بعض المحرمات، فضلاً عن التخلي عن النوافل، مع أن الغريب في الأمر أن يبقى المظهر العام كما كان من قبل، بل قد يكون مسؤولاً عن عمل خيري في مؤسسة دعوية، أو إماماً أو خطيباً".
وحول وجود هذا الهم في حياة الشباب خلال هذه الفترة الحالية التي تشهد خلالها الأمة أزمة خانقة، قال الأستاذ عبدالله العجلان: " إن ما نراه اليوم من تجمعات ومشاريع اجتماعية وتربوية وصحوة علمية في صفوف الشباب ما هو إلا واقعا يدل على إفاقة عقبت زمنا من الركود".
وأضاف قائلا: " معلوم ما يصحب الشباب من حماس وتضحية وبذل وهذا له أثره الطيب حين يجد التوجيه السليم والرؤية الراشدة".
العوامل المساعدة لثبات الشباب:
بين الشيخ الجمّاز العوامل المعينة والمساعدة في ثبات الشباب خلال دعوتهم إلى الله تعالى بالنقاط التالية:
- معرفة أسباب التراجع عن الدعوة، ثم إزالتها والحرص على تخطيها.
- الصبر على مرارة العلاج، مع المواصلة دون الانقطاع.
- استشعار أن بينك وبين عامة المسلمين، فرق، فأنت قدوة لغيرك، شئت أم أبيت، بل واجب الدعوة متعيّن عليك.
- العزم الصادق في التغيير من حال نفسك.
- تربية نفسك تربية ذاتية، وتزكيتها بالطاعات، وتنقيتها من الذنوب، وترقيتها بطاعة الله، وتعليتها بالعلم النافع والعمل الصالح.
- ابتعادك عن المجالس واللقاءات التي كانت سببا في تراجعك.
- اهتمامك بجوانب النقص في شخصيتك العلمية أو التربوية أو الدعوية والتي كانت سببا في ضعف همتك وتفريطك، والسعي لعلاجها.
- أخذ نفسك بالجدية، وترك الترخص والتساهل والتمييع.
- مراجعة نفسك لبعض القضايا التي فتحت عليك باب التراجع مثل ( السفر للخارج للسياحة أو ارتياد الأماكن العائلية المختلطة أو عدم انكار المنكر في سلطانك أو أماكن تنزهاتك أو التوسع في المباحات أو التهرب من جميع أنواع المسؤولية أو البخل بالنفقة في أمور الخير أواهمال تربية وتعليم الزوجة والأولاد فيكونوا أعداء لك أو تبريرك لأخطائك أو إلقاء التبعات على الآخرين وما يشابهها كثير ).
- أن يكون عملك واضحا وهدفك محددا، وأولوياتك مرتبة، واعلم أن فقدت في سنين، لا يستعاد في أيام.
- أن لا تلتفت إلى تراجع غيرك من الشباب والدعاة والمربين، وتسوّل لنفسك التراجع، واستشعر مسؤوليتك أمام الله قال تعالى: ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) الآية.
- ابحث عن العمل المناسب، والمكان المناسب، والزمان المناسب، فهناك علم وهناك دعوة وهناك تربية وهناك إدارة وهناك جهاد وهناك مؤسسات دعوية وأخرى احتسابية وأخرى خيرية وأخرى إغاثية، مجالات لا تعد ولا تحصى، فضع نفسك في المكان المناسب، وما يدريك أن سبب تراجعك هو عملك السابق.
- ابتعد عن الذنوب، صغيرها وكبيرها، واستحضر آثارها القبيحة، فهي حبّالة الشيطان ليقعدك عن العمل وأنت لا تدري، فأحذر تسلم.
- اعرف الحق بالرجال، فالحق يؤخذ من كل أحد، فاجعله قائدك ودليلك، والرجل لا تؤمن عليه الفتنة، فإذا فقدته الدعوة لأي سبب كان، استمر أنت على عملك. فبعضهم يموت وبعضهم يرحل وبعضهم ينقطع خبره. وليس الحق دوماً عند رجل لا تعداه.
عوامل أخرى مساعدة:
فيما بين الأستاذ العجلان أن المشاركة في البرامج الدعوية بمعناها العام هي في حد ذاتها معين على الثبات وكذلك القرب من أهل العلم ودعاء الله بالثبات مع اقترانها بالنية الصادقة وعدم إغفال فهم طبيعة الدعوة وشموليتها لجوانب الحياة مما يؤدي لربط صحيح بين مسائل الدنيا والآخرة فيقول أن من بين العوامل:
- الانخراط في برامج تربوية وتوجيهية.
- اتخاذ صحبة صالحة شعارها التعاون على البر والتقوى واستثمار الأعمار.
- القرب من أهل العلم والفضل والرأي والتجربة.
- المشاركة في مشاريع فاعلة ومؤثرة في توجيه المجتمع.
- التضرع إلى الله بالثبات وصلاح النية والعمل.
- تأمل سير السابقين والمجددين عبر العصور من علماء ومصلحين.
- الفهم الشمولي للدعوة والعمل الخيري وكلما كنا أكثر أفقاً فإننا نخرج من الشتات الفكري وتضارب الرأي.
- الربط الصحيح في مسألة الدنيا والآخرة، فحين بتحقق التوافق بكون الدنيا بكافة ألوانها ما هي إلا طريق لباب الجنة فإننا نسلم من حالات التساقط الدعوي الذي نشاهدة ويصل أحياناًَ إلى نكسه عكسية سببها سوء الفهم.
- التوازن في قضية الدعوة كرسالة وبين الواجبات والحاجات الأخرى، فمثلاًَ كل ما كان الداعية والمربي مستقراً عائلياً فالمتوقع أن يستمر عطائه الدعوي، بينما حين يفرط في واجبه الأسري كأب أو زوج.... الخ، فإنه سيجد الضعف واليأس والشك يدب إليه فوقته مشغول وأسرته ضائعة وعلاقاته مهدده لاشك أن السبب انعدام التوازن والأخطر حين نورث جيلاً غالبيته بين إفراط وتفريط.
أسباب الفتور في العمل الدعوي:
آراء الشباب:
وحول الأسباب المؤدية لهذا الفتور في الدعوة والتراجع عن الهم الدعوي لدى الشاب المسلم يقول الشاب ن.د:" أرى أن عدم ارتباطنا بعمل مؤسسي وقصر الدعوة على العمل الفردي من أهم الأسباب المؤدية للفتور وخاصة أننا نستعجل ثمرة أعمالنا لما يعترينا من قلة الخبرة في هذا المجال".
ويؤيد الشاب م.س هذا الرأي فيقول: " من الأسباب المودية لهذا التراجع الاتكالية عند كثير من الشباب، وعدم العزم على البدء و إن بدأ لا يستمر، وذلك لعدم وضوح الهدف وكذلك لانتهاء الطاقة الموجودة لديه سواء كانت علمية أو غيرها، فيمل ويكل وكذلك الوقتية ونحو ذلك، ومنها تجاهل حاجة الأمة لهذه الدعوة، وتبني مشروعات ليست مناسبة فلا يحسنون توظيف الطاقات الارتجالية في العمل حتى يرى العجز ويرى سهام العشوائية فيتشتت ويترك".
في حين حمل الأخ ع.ع الشباب المسؤولية فقال: " أرى أن عدم حمل هم المسئولية وضعف الشباب هو السبب لهذا التراجع ".
العوامل المسببة للفتور:
يفصل الشيخ جمّاز الجمّاز العوامل المسبب لتراجع الشباب في الدعوة مقسماً إياها إلى قسمين:
القسم الأول: فيما يتعلق بالقيادة، والقسم الثاني فيما يتعلق بالشاب نفسه، فيقول: "هناك أسباب تتعلق بالقيادة (الحركة، التعليم، المجموعة، المؤسسة، المسؤول)، ومنها:
- ضعف الجانب التربوي عنها عندها لأفرادها إن لم يكن معدوماً.
- عدم وضع الفرد في المكان المناسب، وهذا يؤدي إلى فشل العمل وخسارة العاملين.
- عدم توظيف كافة الأفراد في العمل، فيُركم العمل على شخص أو فئة، ويبقى آخرون بلا عمل، ومع الأيام يشعر الشاب بعدم إنتاجه، بل بتهميشه، فيتراجع إن لم ينقلب.
- عدم متابعة الأفراد، لأن الشباب كغيرهم تمر بهم مصائب شتى ومشكلات، فإذا أُهملوا أصيبوا بخيبة أمل فأحبطوا.
- عدم حسم الأمور بسرعة، فالمشكلة تبدأ صغيرة، ويُهمل علاجها، مما يسبّب تراكم المشكلات والقضايا فيتعطل العمل، بل تتوالد المشكلة أحياناً، وخاصة إذا كانت تتعلق بشاب مسؤول عن عمل. وحينها قد تنجح الجهود فيثبت الشاب، وقد لا تنجح فيتراجع إن لم يضل.
- الصراعات الداخلية بين العاملين، فهي تسمّم الأجواء وتكهربها، وتفسد علائق الشباب العاملين وتورث الجدل والمراء والنقد الهادم للبناء، فيتفرق الشباب.
- عدم أهلية القيادة، فهي ضعيفة في قيادتها، وعدم قدرتها على الإمساك بالصف، وأحياناً ضعيفة في إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمالية والعلمية والثقافية والفكرية أو بعض منها، فتشبع جانباً وتهمل جانباًَ، فيتراجع الشباب لإشباع المفقود, والطامة أن القيادة تحسن السيطرة على الشاب إذا كان في سن معينة، وثقافة معينة وظرف معين, فإذا تقدم به السن ونمت الثقافة وتغير الظرف, أفلت منها, وصار مبدعاً وليس عندها قدرة على احتوائه ولا الاستفادة منه).
يتبع
الشباب طاقة متوقدة وعماد تقوم عليه أركان الدعوة بعد العلماء الربانيين, إلا أن الكثير من التساؤلات تدور حول الهموم الدعوية لدى الشباب.!، منها ما نجده من أن الشاب يكون في قمة نشاطه الدعوي، ثم نفاجئ بعد وقت قصير بتصدع هذه الهمة، فيتلبس الشاب الفتور وتتغير همته؟
وهذا ما يجعلنا نتساءل باهتمام عن أسباب ذلك، وعن العوامل التي يمكن أن تعينه على الثبات؟ ونتساءل أيضاً عن دور العلماء والمؤسسات الدعوية في الحد من هذا التراجع؟, وكيف يمكن أن يطور الشاب نفسه؟
بالإضافة إلى العديد من الأسئلة التي تدور حول هذه القضية.
الهم الدعوي في عيون الشباب:
في البداية كان لنا شرف مشاركة بعض الشباب – والذين اخترناهم كعينة عشوائية – لطرح هذه التساؤلات عليهم.
حيث رأى البعض منهم أن الهم الدعوي موجود لدى الشباب بشكل عام،
يقول الأخ ع.ع: " الهم الدعوي موجود وبقوة لدى الشباب".
فيما يرى الخ ن.د (والذي فصل الحالة أكثر) أن ذلك الهم: " يختلف باختلاف الحال والمكان والزمان ".
وحول حجم الوقت المخصص لهذه الدعوة قال الأخ م.س: " يتفاوت حجم الوقت من شخص لآخر لكنه بشكل عام، ليس بالحجم الملائم لما يختلج في الصدر من همه".
في حين قال الأخ ن.د: " الدعوة لا تفارق المسلم في أي وقت من الأوقات، لأنه إذا رأى المنكر فلابد له من تغييره، وهذا من باب الدعوة المجملة. أما الدعوة على وجه الخصوص فإنه – الوقت – يختلف باختلاف العمل، وعلى كل حال فإن ساعة واحدة على الأقل قد تكفي في اليوم الواحد".
تراجع غير مسبوق:
واستكمالاً للموضوع، فقد طرحنا هذه التساؤلات على بعض المختصين في مجال الدعوة.
وكان من أولهم الشيخ جماز الجماز الذي رأى أن بروز ظاهرة تراجع الهم الدعوي لدى فئات الشباب، ظاهرة لم يسبق لها مثيل، وتابع بالقول: " لم تبرز ظاهرة التراجع عن الدعوة على نحو من بروزها في العصر الحديث بمثل ما نرى أو نسمع، والذي حدث لبعض الشباب، هو انشغال في دروب الدنيا ومتاهاتها، حتى وصل بهم الأمر إلى نسيان الدعوة والتربية والتعليم".
ويتابع الشيخ بالقول: " وليت الأمر وقف عند هذا، بل أدى تكاسلهم إلى ترك بعض الفرائض، وارتكاب بعض المحرمات، فضلاً عن التخلي عن النوافل، مع أن الغريب في الأمر أن يبقى المظهر العام كما كان من قبل، بل قد يكون مسؤولاً عن عمل خيري في مؤسسة دعوية، أو إماماً أو خطيباً".
وحول وجود هذا الهم في حياة الشباب خلال هذه الفترة الحالية التي تشهد خلالها الأمة أزمة خانقة، قال الأستاذ عبدالله العجلان: " إن ما نراه اليوم من تجمعات ومشاريع اجتماعية وتربوية وصحوة علمية في صفوف الشباب ما هو إلا واقعا يدل على إفاقة عقبت زمنا من الركود".
وأضاف قائلا: " معلوم ما يصحب الشباب من حماس وتضحية وبذل وهذا له أثره الطيب حين يجد التوجيه السليم والرؤية الراشدة".
العوامل المساعدة لثبات الشباب:
بين الشيخ الجمّاز العوامل المعينة والمساعدة في ثبات الشباب خلال دعوتهم إلى الله تعالى بالنقاط التالية:
- معرفة أسباب التراجع عن الدعوة، ثم إزالتها والحرص على تخطيها.
- الصبر على مرارة العلاج، مع المواصلة دون الانقطاع.
- استشعار أن بينك وبين عامة المسلمين، فرق، فأنت قدوة لغيرك، شئت أم أبيت، بل واجب الدعوة متعيّن عليك.
- العزم الصادق في التغيير من حال نفسك.
- تربية نفسك تربية ذاتية، وتزكيتها بالطاعات، وتنقيتها من الذنوب، وترقيتها بطاعة الله، وتعليتها بالعلم النافع والعمل الصالح.
- ابتعادك عن المجالس واللقاءات التي كانت سببا في تراجعك.
- اهتمامك بجوانب النقص في شخصيتك العلمية أو التربوية أو الدعوية والتي كانت سببا في ضعف همتك وتفريطك، والسعي لعلاجها.
- أخذ نفسك بالجدية، وترك الترخص والتساهل والتمييع.
- مراجعة نفسك لبعض القضايا التي فتحت عليك باب التراجع مثل ( السفر للخارج للسياحة أو ارتياد الأماكن العائلية المختلطة أو عدم انكار المنكر في سلطانك أو أماكن تنزهاتك أو التوسع في المباحات أو التهرب من جميع أنواع المسؤولية أو البخل بالنفقة في أمور الخير أواهمال تربية وتعليم الزوجة والأولاد فيكونوا أعداء لك أو تبريرك لأخطائك أو إلقاء التبعات على الآخرين وما يشابهها كثير ).
- أن يكون عملك واضحا وهدفك محددا، وأولوياتك مرتبة، واعلم أن فقدت في سنين، لا يستعاد في أيام.
- أن لا تلتفت إلى تراجع غيرك من الشباب والدعاة والمربين، وتسوّل لنفسك التراجع، واستشعر مسؤوليتك أمام الله قال تعالى: ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) الآية.
- ابحث عن العمل المناسب، والمكان المناسب، والزمان المناسب، فهناك علم وهناك دعوة وهناك تربية وهناك إدارة وهناك جهاد وهناك مؤسسات دعوية وأخرى احتسابية وأخرى خيرية وأخرى إغاثية، مجالات لا تعد ولا تحصى، فضع نفسك في المكان المناسب، وما يدريك أن سبب تراجعك هو عملك السابق.
- ابتعد عن الذنوب، صغيرها وكبيرها، واستحضر آثارها القبيحة، فهي حبّالة الشيطان ليقعدك عن العمل وأنت لا تدري، فأحذر تسلم.
- اعرف الحق بالرجال، فالحق يؤخذ من كل أحد، فاجعله قائدك ودليلك، والرجل لا تؤمن عليه الفتنة، فإذا فقدته الدعوة لأي سبب كان، استمر أنت على عملك. فبعضهم يموت وبعضهم يرحل وبعضهم ينقطع خبره. وليس الحق دوماً عند رجل لا تعداه.
عوامل أخرى مساعدة:
فيما بين الأستاذ العجلان أن المشاركة في البرامج الدعوية بمعناها العام هي في حد ذاتها معين على الثبات وكذلك القرب من أهل العلم ودعاء الله بالثبات مع اقترانها بالنية الصادقة وعدم إغفال فهم طبيعة الدعوة وشموليتها لجوانب الحياة مما يؤدي لربط صحيح بين مسائل الدنيا والآخرة فيقول أن من بين العوامل:
- الانخراط في برامج تربوية وتوجيهية.
- اتخاذ صحبة صالحة شعارها التعاون على البر والتقوى واستثمار الأعمار.
- القرب من أهل العلم والفضل والرأي والتجربة.
- المشاركة في مشاريع فاعلة ومؤثرة في توجيه المجتمع.
- التضرع إلى الله بالثبات وصلاح النية والعمل.
- تأمل سير السابقين والمجددين عبر العصور من علماء ومصلحين.
- الفهم الشمولي للدعوة والعمل الخيري وكلما كنا أكثر أفقاً فإننا نخرج من الشتات الفكري وتضارب الرأي.
- الربط الصحيح في مسألة الدنيا والآخرة، فحين بتحقق التوافق بكون الدنيا بكافة ألوانها ما هي إلا طريق لباب الجنة فإننا نسلم من حالات التساقط الدعوي الذي نشاهدة ويصل أحياناًَ إلى نكسه عكسية سببها سوء الفهم.
- التوازن في قضية الدعوة كرسالة وبين الواجبات والحاجات الأخرى، فمثلاًَ كل ما كان الداعية والمربي مستقراً عائلياً فالمتوقع أن يستمر عطائه الدعوي، بينما حين يفرط في واجبه الأسري كأب أو زوج.... الخ، فإنه سيجد الضعف واليأس والشك يدب إليه فوقته مشغول وأسرته ضائعة وعلاقاته مهدده لاشك أن السبب انعدام التوازن والأخطر حين نورث جيلاً غالبيته بين إفراط وتفريط.
أسباب الفتور في العمل الدعوي:
آراء الشباب:
وحول الأسباب المؤدية لهذا الفتور في الدعوة والتراجع عن الهم الدعوي لدى الشاب المسلم يقول الشاب ن.د:" أرى أن عدم ارتباطنا بعمل مؤسسي وقصر الدعوة على العمل الفردي من أهم الأسباب المؤدية للفتور وخاصة أننا نستعجل ثمرة أعمالنا لما يعترينا من قلة الخبرة في هذا المجال".
ويؤيد الشاب م.س هذا الرأي فيقول: " من الأسباب المودية لهذا التراجع الاتكالية عند كثير من الشباب، وعدم العزم على البدء و إن بدأ لا يستمر، وذلك لعدم وضوح الهدف وكذلك لانتهاء الطاقة الموجودة لديه سواء كانت علمية أو غيرها، فيمل ويكل وكذلك الوقتية ونحو ذلك، ومنها تجاهل حاجة الأمة لهذه الدعوة، وتبني مشروعات ليست مناسبة فلا يحسنون توظيف الطاقات الارتجالية في العمل حتى يرى العجز ويرى سهام العشوائية فيتشتت ويترك".
في حين حمل الأخ ع.ع الشباب المسؤولية فقال: " أرى أن عدم حمل هم المسئولية وضعف الشباب هو السبب لهذا التراجع ".
العوامل المسببة للفتور:
يفصل الشيخ جمّاز الجمّاز العوامل المسبب لتراجع الشباب في الدعوة مقسماً إياها إلى قسمين:
القسم الأول: فيما يتعلق بالقيادة، والقسم الثاني فيما يتعلق بالشاب نفسه، فيقول: "هناك أسباب تتعلق بالقيادة (الحركة، التعليم، المجموعة، المؤسسة، المسؤول)، ومنها:
- ضعف الجانب التربوي عنها عندها لأفرادها إن لم يكن معدوماً.
- عدم وضع الفرد في المكان المناسب، وهذا يؤدي إلى فشل العمل وخسارة العاملين.
- عدم توظيف كافة الأفراد في العمل، فيُركم العمل على شخص أو فئة، ويبقى آخرون بلا عمل، ومع الأيام يشعر الشاب بعدم إنتاجه، بل بتهميشه، فيتراجع إن لم ينقلب.
- عدم متابعة الأفراد، لأن الشباب كغيرهم تمر بهم مصائب شتى ومشكلات، فإذا أُهملوا أصيبوا بخيبة أمل فأحبطوا.
- عدم حسم الأمور بسرعة، فالمشكلة تبدأ صغيرة، ويُهمل علاجها، مما يسبّب تراكم المشكلات والقضايا فيتعطل العمل، بل تتوالد المشكلة أحياناً، وخاصة إذا كانت تتعلق بشاب مسؤول عن عمل. وحينها قد تنجح الجهود فيثبت الشاب، وقد لا تنجح فيتراجع إن لم يضل.
- الصراعات الداخلية بين العاملين، فهي تسمّم الأجواء وتكهربها، وتفسد علائق الشباب العاملين وتورث الجدل والمراء والنقد الهادم للبناء، فيتفرق الشباب.
- عدم أهلية القيادة، فهي ضعيفة في قيادتها، وعدم قدرتها على الإمساك بالصف، وأحياناً ضعيفة في إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمالية والعلمية والثقافية والفكرية أو بعض منها، فتشبع جانباً وتهمل جانباًَ، فيتراجع الشباب لإشباع المفقود, والطامة أن القيادة تحسن السيطرة على الشاب إذا كان في سن معينة، وثقافة معينة وظرف معين, فإذا تقدم به السن ونمت الثقافة وتغير الظرف, أفلت منها, وصار مبدعاً وليس عندها قدرة على احتوائه ولا الاستفادة منه).
يتبع