ابو وليد البحيرى
2020-03-16, 10:45 AM
عبرة كورونا
حمزة بن فايع الفتحي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
"كورونا" لعله المصطلح الأكثر شيوعاً وتداولاً وانتشاراً بين الناس، ذلكم الفايروس الذي لا يُرى بالعين المجردة، أحدث تغييراً عجيباً في حياة الناس، وتسبب بالهلع والفزع والخوف والذعر؛ وترتب على ذلك إجراءات صارمة فتوقفت المدارس والجامعات والعديد من التجمعات وحركة المطارات، وأغلقت الحدود وبعض المدن بالكامل، ولا زالت الأزمة في بدايتها والتكهنات وتناقل الأخبار والأرقام والأعداد هو سيد الموقف.
"فايروس كورونا" أصبح حديث الناس والمجالس والقنوات ومواقع التواصل، بين مُقلٍ ومستكثر وناقل ومحلل، ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه في مثل هذا الحدث الخطير والطارىء الكبير، هل يعقل أن نكتفي بمتابعة الأخبار والرصد والتحليل؟! أم هنالك جوانب وزوايا أهم وأعظم ينبغي أن نجعل لها حيزاً لأخذ العبرة والعظة والحكمة من كل حدث!
إن في مخلوقات الله عز وجل وتقلبات الأحداث وتغير الأحوال؛ لعبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين وذكرى للمتذكرين وتبصرة للمستبصرين، { { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} }[النور:44].
على المؤمن أن ينظر للحدث بدقة وعمق وعبرة، فالاعتبار سنة مهجورة والاتعاظ عبادة عظيمة، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: تفكر ساعة خير من قيام ليلة. (الحلية 1/208).
فحقٌ على المسلم بدلاً من الاستغراق والانشغال بالأخبار والأسباب والأرقام والوقاية المادية الحسية لهذا المرض فحسب؛ أن يأخذ العبرة والفكرة من هذا الحدث وتلك المصيبة والبلاء.
(1) {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}
إن في انتشار هذا الوباء المخلوق الضعيف الذي لا يرى إلا بالمجهر، وإحداث الفزع والهلع والخوف في مناطق واسعة من العالم، لعبرةٌ ودلالة على عظيم قدرة الرب عز وجل وضعف المخلوقين الذين مهما بلغوا من التطور والتقنيات والتكنولوجيا والقوة والطب، فهم لا يخرجون عن دائرة الضعف والعجز البشري، وأن الله عز وجل ذو القوة المتين وأن القوة لله جميعاً، { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء:85]، وقال جل في علاه: { { مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} }[الحج:74].
(2) {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}
من المعيب والخذلان عند حلول المصائب والمدلهمات؛ انشغال الناس بتناقل الأخبار ومتابعة المستجدات دون نظر واعتبار ووقفة وادكار للحال والمآلات، فالمصائب والابتلاءات منها ما هو تكفير للسيئات فيحتاج العبد معه إلى إيمان ويقين وصبر وثبات، ومنها تذكير فنحتاج إلى يقظة من غفلة وسبات، ومنها عقوبة فلابد من التوبة والإنابة والتضرع والإكثار من الطاعات والصالحات.
يقول ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى (9/160): وإن من علامات قساوة القلوب وطمسها والعياذ بالله أن يسمع الناس قوارع الآيات وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال لو عقلت ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم مغترين بإمهال ربهم لهم عاكفين على اتباع أهوائهم وشهواتهم غير عابئين بوعيد ولا منصاعين لتهديد.
(3) {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}
بغض النظر عن التكهنات والتحليلات والأسباب وراء انتشار هذا الفايروس الخطير الذي لا يُرى إلا بمجاهر دقيقة، وبعيداً عن التداعيات والآثار الكارثية السلبية الاقتصادية وغيرها؛ فإنه مخلوق من مخلوقات الله عز وجل يبتلي به خلقه ليريهم ضعفهم وعجزهم وجهلهم وكمال قوته وعلمه وقدرته عز وجل، إنه الله سبحانه وتعالى الذي سلط هذا المخلوق الضعيف على مخلوقاتٍ أقوى منه.
فالله سبحانه قادر على تعطيل الأسباب وإيجاد خلق بلا سبب كولادة عيسى عليه السلام بلا أب، وربنا قادر عل تعطيل النتائج مع وجود الأسباب كمعجزة عدم تكلم زكريا عليه السلام مع أن لسانه سالم من أي آفة أو عجز!
فهل استشعرنا عظمة الله وأنه سبحانه خالق كل شيء وخالق للأسباب والمسببات والنتائج والمقدمات والأفعال جميعا، قال سبحانه: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}[الرعد:16].
(4) {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ}
هل أظهرنا ذلنا وافتقارنا وضعفنا واضطرارنا وخضوعنا لله جل وعلا في مثل هذه المقامات؟!
إنَّ من العبر العظيمة والحكم الجليلة في مثل هذه المصائب؛ تحقيق عبودية التضرع والاستكانة والخضوع للحق جل وعلا، قال سبحانه: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:43].
قال ابن كثير: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} أَيْ: فَهَلَّا إِذِ ابْتَلَيْنَاهُم ْ بِذَلِكَ تَضَرَّعُوا إِلَيْنَا وَتَمَسْكَنُوا إِلَيْنَا {وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} أَيْ: مَا رَقَّتْ وَلَا خَشَعَتْ {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أَيْ: مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي.
يقول ابن القيم في الوابل الصيب ص11: فإن الله سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته فإن لله تعالى على العبد عبودية الضراء وله عبودية عليه فيما يكره كما له عبودية فيما يحب وأكثر الخلق يعطون العبودية فيما يحبون والشأن في إعطاء العبودية في المكاره.
(5) {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}
من أعظم الغرور والأمن من مكر الله تعالى، أن نعتقد أننا بمنأى عن تلك المصائب والأمراض، وآخر ما نفكر به وجود عَلاقة متينة بين الابتلاء والذنوب، مع أنها من المسلمات القرآنية التي أكدها الله سبحانه في غير ما آية، كقوله تعالى يخاطب خير الناس بعد الأنبياء صحابة النبي رضوان الله عليهم: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:165].
يقول السعدي في تفسيره: حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، فعودوا على أنفسكم باللوم، واحذروا من الأسباب المردية.
يقول ابن الجوزي (صيد الخاطر ص470): المصيبة العظمى رضا الإنسان عن نفسه، واقتناعه بعلمه! وهذه محنة قد عمت أكثر الخلق.
وكان العباس رضي الله عنه يقول في دعائه: اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ولا يكشف إلا بتوبة.
(6){اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}
عند حلول النكبات وتوالي الأزمات وتزايد المدلهمات، يتجلى لطف الله بأهل الإيمان ورعايته لأهل الإحسان، بالتخفيف عنهم وحفظهم من السوء وتجنيبهم ما حل بغيرهم، والتحلي بالصبر والرضا بقدر الله عند الشدائد، ولولا لطف اللطيف الخبير لامتلأت القلوب وحشة وفزعاً وخوفا.
يقول السعدي في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها.
(7){أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}
لعل من العبادات المهجورة سيما في أوقات الشدائد والمحن؛ عبودية التذلل والخضوع والافتقار لله عز وجل، وإظهار المسكنة والفاقة والانكسار، فالعبد ذليل ومفتقر إلى الله من كل وجه، فهو مفتقر إلى الله تعالى في النعمة والنقمة، في السراء والضراء واليسر والعسر، إلا أن هذه المصائب تظهر تلك المعاني وتجليها في اختبار حقيقي لإيمان العبد ويقينه.
ولنتأمل افتقار وتذلل زكريا عليه السلام وإظهار ضعفه الداخلي والخارجي لربه عز وجل، لما نادى ربه ليهب له غلاما زكيا، قال سبحانه على لسان زكريا: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}[مريم:4].
يقول ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/481): وَاعْلَمْ أَنَّ سُؤَالَ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ خَلْقِهِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ، لِأَنَّ السُّؤَالَ فِيهِ إِظْهَارُ الذُّلِّ مِنَ السَّائِلِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْحَاجَةِ وَالِافْتِقَارِ ، وَفِيهِ الِاعْتِرَافُ بِقُدْرَةِ الْمَسْئُولِ عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ، وَنَيْلِ الْمَطْلُوبِ، وَجَلْبِ الْمَنَافِعِ، وَدَرْءِ الْمَضَارِّ، وَلَا يَصْلُحُ الذُّلُّ وَالِافْتِقَارُ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ الْعِبَادَةِ.
(8){إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}
من العبر والعظات المهمة في أوقات الأزمات الملمة؛ أن من علامات ضعف الإيمان كثرة الشكوى للمخلوقين والتذمر والتسخط مما حل، وكأن الأسباب المادية هي المحرك لما يجري، فمن شكا إلى الله وصل ومن شكا من الله انفصل، ولنستحضر في هذا المقام ما حل بنبي الله يعقوب عليه السلام، من فقدان يوسف وأخاه الصغير ثم الكبير وفقد بصره وانحنى ظهره وتوالت عليه الأمراض والمصائب، إلا أنه ثبت وصبر و{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[يوسف:86].
قال ابن القيم في عدة الصابرين ص63: فالشكوى إليه سبحانه لا تنافي الصبر الجميل بل إعراض عبده عن الشكوى إلى غيره جملة وجعل الشكوى إليه وحده هو الصبر، والله سبحانه يبتلي عبده ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه، وقد ذم سبحانه من لم يتضرع إليه ولم يستكن له وقت البلاء...
ثم قال: وهو تعالى يمقت من يشكوه إلى خلقه، ويحب من يشكو ما به إليه، وقيل لبعضهم: كيف تشكو إليه ما لا يخفى عليه؟ فقال: ربي يرضى ذل العبيد لديه.
(9){وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}
من سنن الله في مخلوقاته أن لكل شيء بداية ونهاية، فيقيناً سيؤول حال وأمر هذا الوباء إلى الانحسار والاندثار والزوال، وذلك يبعث الطمأنينة والراحة والفرح والسرور في نفس المؤمن، وفيه بشارة بحسن العاقبة للمؤمنين والتغلب على هذا المصاب – بإذن الله- ومن راقب العواقب سلم من النوائب.
يقول ربنا جل في علاه: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ}[الأنعام:67]، يقول السعدي في تفسيره: أي: وقت يستقر فيه، وزمان لا يتقدم عنه ولا يتأخر.
تلك حقيقة راسخة أكدها القرآن في غير ما موضع، من ذلك قوله سبحانه: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ}[الرعد:38]، جاء في تفسير فتح البيان(7/68): أي لكل أمر كتبه الله أجل مؤجل ووقت معلوم... والمراد بالأجل هنا أزمنة الموجودات فلكل موجود زمان يوجد فيه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص.
(10){فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}
إن أعظم ما يعين العبد على تجاوز المحن والابتلاءات؛ التحلي بالصبر وقوة الإرادة فهو من أخلاق الكبار وشيم الأفذاذ، إذ هنالك دواعي نفسانية تدفع الإنسان للجزع تقوى بقوة المصاب، وهنالك دواعي روحانية تدفع العبد للصبر والرضا، ثم تعتلجان فإذا استعان العبد بربه على صبره فإن الدواعي الروحانية تتفوق وتغلب فيتحلى بالصبر الجميل.
والصبر الجميل: هو الصبر الذي لا يصاحبه تسخط من قدر الله ولا اعتراض على حكم الله، ولا انقطاع عن طاعة الله ولا تشكي لغير الله ولا ضجر ولا جزع ولا ملل عند حلول المصائب والمكاره، يقول ربنا جل وعلا موصياً خير خلقه – صلى الله عليه وسلم : {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا}[المعارج:5]، وقال سبحانه على لسان يعقوب - عليه السلام – بعد توالي المصائب: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُون}[يوسف:18].
ولتعلم – رحمك الله – أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة والثواب، أضعاف ما يحصل دون ذلك فتأمل!، قال ابن حجر في فتح الباري(10/115): الصَّبْرَ عَلَى بَلَايَا الدُّنْيَا يُورِثُ الْجَنَّةَ.
(11) {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}
الواجب عند المصائب مع الصبر عدم فقدان الأمل، ومجاهدة النفس بتوطيد العزيمة على الثقة بالله، وأهمية التفاؤل وتجنب الجزع واليأس والتشاؤم، وبقاء الحال من المحال ولا يغلب عسرٌ يسرين، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5-6].
ولنتأمل كيف جمع يعقوب عليه السلام بين الصبر الجميل مع الأمل والتفاؤل في أحلك الظروف، ابتداءً تعامل بعقلية الحل لا المشكلة وأخذ بالأسباب الممكنة: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}[يوسف:67]، ومع ذلك ذكرهم وأرجعهم للأصل من الإيمان بالقدر وحسن التوكل والالتجاء لله عز وجل فقال: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُو نَ}[يوسف:67].
ومع استمرار النوائب وإظهار الصبر الجميل من يعقوب عليه السلام؛ بقي متفائلاً يعيش على الأمل فقال: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87].
وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه هذه المعاني العظيمة ويغرسها في نفوسهم، كما في البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ قالوا: وَما الفَأْلُ؟ قالَ: كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» .
يتبع
حمزة بن فايع الفتحي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
"كورونا" لعله المصطلح الأكثر شيوعاً وتداولاً وانتشاراً بين الناس، ذلكم الفايروس الذي لا يُرى بالعين المجردة، أحدث تغييراً عجيباً في حياة الناس، وتسبب بالهلع والفزع والخوف والذعر؛ وترتب على ذلك إجراءات صارمة فتوقفت المدارس والجامعات والعديد من التجمعات وحركة المطارات، وأغلقت الحدود وبعض المدن بالكامل، ولا زالت الأزمة في بدايتها والتكهنات وتناقل الأخبار والأرقام والأعداد هو سيد الموقف.
"فايروس كورونا" أصبح حديث الناس والمجالس والقنوات ومواقع التواصل، بين مُقلٍ ومستكثر وناقل ومحلل، ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه في مثل هذا الحدث الخطير والطارىء الكبير، هل يعقل أن نكتفي بمتابعة الأخبار والرصد والتحليل؟! أم هنالك جوانب وزوايا أهم وأعظم ينبغي أن نجعل لها حيزاً لأخذ العبرة والعظة والحكمة من كل حدث!
إن في مخلوقات الله عز وجل وتقلبات الأحداث وتغير الأحوال؛ لعبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين وذكرى للمتذكرين وتبصرة للمستبصرين، { { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} }[النور:44].
على المؤمن أن ينظر للحدث بدقة وعمق وعبرة، فالاعتبار سنة مهجورة والاتعاظ عبادة عظيمة، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: تفكر ساعة خير من قيام ليلة. (الحلية 1/208).
فحقٌ على المسلم بدلاً من الاستغراق والانشغال بالأخبار والأسباب والأرقام والوقاية المادية الحسية لهذا المرض فحسب؛ أن يأخذ العبرة والفكرة من هذا الحدث وتلك المصيبة والبلاء.
(1) {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}
إن في انتشار هذا الوباء المخلوق الضعيف الذي لا يرى إلا بالمجهر، وإحداث الفزع والهلع والخوف في مناطق واسعة من العالم، لعبرةٌ ودلالة على عظيم قدرة الرب عز وجل وضعف المخلوقين الذين مهما بلغوا من التطور والتقنيات والتكنولوجيا والقوة والطب، فهم لا يخرجون عن دائرة الضعف والعجز البشري، وأن الله عز وجل ذو القوة المتين وأن القوة لله جميعاً، { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء:85]، وقال جل في علاه: { { مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} }[الحج:74].
(2) {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}
من المعيب والخذلان عند حلول المصائب والمدلهمات؛ انشغال الناس بتناقل الأخبار ومتابعة المستجدات دون نظر واعتبار ووقفة وادكار للحال والمآلات، فالمصائب والابتلاءات منها ما هو تكفير للسيئات فيحتاج العبد معه إلى إيمان ويقين وصبر وثبات، ومنها تذكير فنحتاج إلى يقظة من غفلة وسبات، ومنها عقوبة فلابد من التوبة والإنابة والتضرع والإكثار من الطاعات والصالحات.
يقول ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى (9/160): وإن من علامات قساوة القلوب وطمسها والعياذ بالله أن يسمع الناس قوارع الآيات وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال لو عقلت ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم مغترين بإمهال ربهم لهم عاكفين على اتباع أهوائهم وشهواتهم غير عابئين بوعيد ولا منصاعين لتهديد.
(3) {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}
بغض النظر عن التكهنات والتحليلات والأسباب وراء انتشار هذا الفايروس الخطير الذي لا يُرى إلا بمجاهر دقيقة، وبعيداً عن التداعيات والآثار الكارثية السلبية الاقتصادية وغيرها؛ فإنه مخلوق من مخلوقات الله عز وجل يبتلي به خلقه ليريهم ضعفهم وعجزهم وجهلهم وكمال قوته وعلمه وقدرته عز وجل، إنه الله سبحانه وتعالى الذي سلط هذا المخلوق الضعيف على مخلوقاتٍ أقوى منه.
فالله سبحانه قادر على تعطيل الأسباب وإيجاد خلق بلا سبب كولادة عيسى عليه السلام بلا أب، وربنا قادر عل تعطيل النتائج مع وجود الأسباب كمعجزة عدم تكلم زكريا عليه السلام مع أن لسانه سالم من أي آفة أو عجز!
فهل استشعرنا عظمة الله وأنه سبحانه خالق كل شيء وخالق للأسباب والمسببات والنتائج والمقدمات والأفعال جميعا، قال سبحانه: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}[الرعد:16].
(4) {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ}
هل أظهرنا ذلنا وافتقارنا وضعفنا واضطرارنا وخضوعنا لله جل وعلا في مثل هذه المقامات؟!
إنَّ من العبر العظيمة والحكم الجليلة في مثل هذه المصائب؛ تحقيق عبودية التضرع والاستكانة والخضوع للحق جل وعلا، قال سبحانه: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:43].
قال ابن كثير: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} أَيْ: فَهَلَّا إِذِ ابْتَلَيْنَاهُم ْ بِذَلِكَ تَضَرَّعُوا إِلَيْنَا وَتَمَسْكَنُوا إِلَيْنَا {وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} أَيْ: مَا رَقَّتْ وَلَا خَشَعَتْ {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أَيْ: مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي.
يقول ابن القيم في الوابل الصيب ص11: فإن الله سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته فإن لله تعالى على العبد عبودية الضراء وله عبودية عليه فيما يكره كما له عبودية فيما يحب وأكثر الخلق يعطون العبودية فيما يحبون والشأن في إعطاء العبودية في المكاره.
(5) {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}
من أعظم الغرور والأمن من مكر الله تعالى، أن نعتقد أننا بمنأى عن تلك المصائب والأمراض، وآخر ما نفكر به وجود عَلاقة متينة بين الابتلاء والذنوب، مع أنها من المسلمات القرآنية التي أكدها الله سبحانه في غير ما آية، كقوله تعالى يخاطب خير الناس بعد الأنبياء صحابة النبي رضوان الله عليهم: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:165].
يقول السعدي في تفسيره: حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، فعودوا على أنفسكم باللوم، واحذروا من الأسباب المردية.
يقول ابن الجوزي (صيد الخاطر ص470): المصيبة العظمى رضا الإنسان عن نفسه، واقتناعه بعلمه! وهذه محنة قد عمت أكثر الخلق.
وكان العباس رضي الله عنه يقول في دعائه: اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ولا يكشف إلا بتوبة.
(6){اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}
عند حلول النكبات وتوالي الأزمات وتزايد المدلهمات، يتجلى لطف الله بأهل الإيمان ورعايته لأهل الإحسان، بالتخفيف عنهم وحفظهم من السوء وتجنيبهم ما حل بغيرهم، والتحلي بالصبر والرضا بقدر الله عند الشدائد، ولولا لطف اللطيف الخبير لامتلأت القلوب وحشة وفزعاً وخوفا.
يقول السعدي في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها.
(7){أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}
لعل من العبادات المهجورة سيما في أوقات الشدائد والمحن؛ عبودية التذلل والخضوع والافتقار لله عز وجل، وإظهار المسكنة والفاقة والانكسار، فالعبد ذليل ومفتقر إلى الله من كل وجه، فهو مفتقر إلى الله تعالى في النعمة والنقمة، في السراء والضراء واليسر والعسر، إلا أن هذه المصائب تظهر تلك المعاني وتجليها في اختبار حقيقي لإيمان العبد ويقينه.
ولنتأمل افتقار وتذلل زكريا عليه السلام وإظهار ضعفه الداخلي والخارجي لربه عز وجل، لما نادى ربه ليهب له غلاما زكيا، قال سبحانه على لسان زكريا: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}[مريم:4].
يقول ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/481): وَاعْلَمْ أَنَّ سُؤَالَ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ خَلْقِهِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ، لِأَنَّ السُّؤَالَ فِيهِ إِظْهَارُ الذُّلِّ مِنَ السَّائِلِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْحَاجَةِ وَالِافْتِقَارِ ، وَفِيهِ الِاعْتِرَافُ بِقُدْرَةِ الْمَسْئُولِ عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ، وَنَيْلِ الْمَطْلُوبِ، وَجَلْبِ الْمَنَافِعِ، وَدَرْءِ الْمَضَارِّ، وَلَا يَصْلُحُ الذُّلُّ وَالِافْتِقَارُ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ الْعِبَادَةِ.
(8){إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}
من العبر والعظات المهمة في أوقات الأزمات الملمة؛ أن من علامات ضعف الإيمان كثرة الشكوى للمخلوقين والتذمر والتسخط مما حل، وكأن الأسباب المادية هي المحرك لما يجري، فمن شكا إلى الله وصل ومن شكا من الله انفصل، ولنستحضر في هذا المقام ما حل بنبي الله يعقوب عليه السلام، من فقدان يوسف وأخاه الصغير ثم الكبير وفقد بصره وانحنى ظهره وتوالت عليه الأمراض والمصائب، إلا أنه ثبت وصبر و{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[يوسف:86].
قال ابن القيم في عدة الصابرين ص63: فالشكوى إليه سبحانه لا تنافي الصبر الجميل بل إعراض عبده عن الشكوى إلى غيره جملة وجعل الشكوى إليه وحده هو الصبر، والله سبحانه يبتلي عبده ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه، وقد ذم سبحانه من لم يتضرع إليه ولم يستكن له وقت البلاء...
ثم قال: وهو تعالى يمقت من يشكوه إلى خلقه، ويحب من يشكو ما به إليه، وقيل لبعضهم: كيف تشكو إليه ما لا يخفى عليه؟ فقال: ربي يرضى ذل العبيد لديه.
(9){وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}
من سنن الله في مخلوقاته أن لكل شيء بداية ونهاية، فيقيناً سيؤول حال وأمر هذا الوباء إلى الانحسار والاندثار والزوال، وذلك يبعث الطمأنينة والراحة والفرح والسرور في نفس المؤمن، وفيه بشارة بحسن العاقبة للمؤمنين والتغلب على هذا المصاب – بإذن الله- ومن راقب العواقب سلم من النوائب.
يقول ربنا جل في علاه: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ}[الأنعام:67]، يقول السعدي في تفسيره: أي: وقت يستقر فيه، وزمان لا يتقدم عنه ولا يتأخر.
تلك حقيقة راسخة أكدها القرآن في غير ما موضع، من ذلك قوله سبحانه: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ}[الرعد:38]، جاء في تفسير فتح البيان(7/68): أي لكل أمر كتبه الله أجل مؤجل ووقت معلوم... والمراد بالأجل هنا أزمنة الموجودات فلكل موجود زمان يوجد فيه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص.
(10){فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}
إن أعظم ما يعين العبد على تجاوز المحن والابتلاءات؛ التحلي بالصبر وقوة الإرادة فهو من أخلاق الكبار وشيم الأفذاذ، إذ هنالك دواعي نفسانية تدفع الإنسان للجزع تقوى بقوة المصاب، وهنالك دواعي روحانية تدفع العبد للصبر والرضا، ثم تعتلجان فإذا استعان العبد بربه على صبره فإن الدواعي الروحانية تتفوق وتغلب فيتحلى بالصبر الجميل.
والصبر الجميل: هو الصبر الذي لا يصاحبه تسخط من قدر الله ولا اعتراض على حكم الله، ولا انقطاع عن طاعة الله ولا تشكي لغير الله ولا ضجر ولا جزع ولا ملل عند حلول المصائب والمكاره، يقول ربنا جل وعلا موصياً خير خلقه – صلى الله عليه وسلم : {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا}[المعارج:5]، وقال سبحانه على لسان يعقوب - عليه السلام – بعد توالي المصائب: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُون}[يوسف:18].
ولتعلم – رحمك الله – أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة والثواب، أضعاف ما يحصل دون ذلك فتأمل!، قال ابن حجر في فتح الباري(10/115): الصَّبْرَ عَلَى بَلَايَا الدُّنْيَا يُورِثُ الْجَنَّةَ.
(11) {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}
الواجب عند المصائب مع الصبر عدم فقدان الأمل، ومجاهدة النفس بتوطيد العزيمة على الثقة بالله، وأهمية التفاؤل وتجنب الجزع واليأس والتشاؤم، وبقاء الحال من المحال ولا يغلب عسرٌ يسرين، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5-6].
ولنتأمل كيف جمع يعقوب عليه السلام بين الصبر الجميل مع الأمل والتفاؤل في أحلك الظروف، ابتداءً تعامل بعقلية الحل لا المشكلة وأخذ بالأسباب الممكنة: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}[يوسف:67]، ومع ذلك ذكرهم وأرجعهم للأصل من الإيمان بالقدر وحسن التوكل والالتجاء لله عز وجل فقال: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُو نَ}[يوسف:67].
ومع استمرار النوائب وإظهار الصبر الجميل من يعقوب عليه السلام؛ بقي متفائلاً يعيش على الأمل فقال: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87].
وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه هذه المعاني العظيمة ويغرسها في نفوسهم، كما في البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ قالوا: وَما الفَأْلُ؟ قالَ: كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» .
يتبع