محمدعبداللطيف
2020-01-24, 09:21 AM
فمعناه ان من سمع آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فجلس عند الكافرين المستهزئين ولو في المسجد من غير إكراه ولا إنكار ولا قيامٍ عنهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره فهو كافر مثلهم. ويكون هذا مكفر بذاته ولا يشترط الرضا القلبي. ولا يحتمل كلامهما ان صح اي تاؤيل.
واضف الى ذلك كلام الشيخ عبد الرحمن على قصة مجاعة حيث قال:(فتأمل كيف جعل خالد سكوت مجاعة، رضاء بما جاء به مسيلمة وإقرارا; فأين هذا ممن أظهر الرضى وظاهر وأعان....) جعل السكوت علامة على الرضي يعني السكوت دون اكراه ولا انكار ولا قيام عنهم ( اي بالهجرة ). ولكن هنا سؤال لما عفى خالد عن مجاعة؟ هل لانه اظهار التوبة ام ماذا؟
ويكون هذا مكفر بذاته ولا يشترط الرضا القلبيهذا الكلام فيه نظر ويحتاج الى تفصيل كيف يكون السكوت مكفر بذاته انظر قوله تعالى : وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين -- اذا كان مكفر بذاته ما حكم من قعد قبل الذكرى-
يعني السكوت دون اكراه ولا انكار ولا قيام عنهم ( اي بالهجرة ) ما حكم كتمان الدين بين الكفار الجواب - كتمان الدين شيء ، وإظهار الدين الباطل شيء آخر . فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره - يقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله-وأما قوله تعالى : ( إلا أن تتقوا منهم تقاة (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=108&ID=1&idfrom=1&idto=917&bookid=108&startno=721#docu) ) قال مجاهد : إلا مصانعة والتقاة ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي ، فإن هذا نفاق ، ولكن أفعل ما أقدر عليه .
كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=108&ID=1&idfrom=1&idto=917&bookid=108&startno=721#docu)
فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه ، ولكن إن أمكنه بلسانه وإلا فبقلبه ، مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه ، إما أن يظهر دينه وإما أن يكتمه ، وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله ، بل غايته [5] (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=108&ID=1&idfrom=1&idto=917&bookid=108&startno=721#docu) أن يكون كمؤمن [ آل ]فرعون - وامرأة فرعون - وهو لم يكن موافقا لهم على جميع دينهم ، ولا كان يكذب ، ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، بل كان يكتم إيمانه .
وكتمان الدين شيء ، وإظهار الدين الباطل شيء آخر . فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره ، بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر
:(فتأمل كيف جعل خالد سكوت مجاعة، رضاء بما جاء به مسيلمة وإقرارا; فأين هذا ممن أظهر الرضى وظاهر وأعان....) جعل السكوت علامة على الرضي يعني السكوت دون اكراه ولا انكار ولا قيام عنهم ( اي بالهجرة ).
الشيخ عبد الرحمن بن حسن فرق بين حكم السكوت وإظهار الرضى والمظاهرة والمعاونة-- لان الساكت حكمه حكم كاتم الدين وقد بينا حكم كاتم الدين فى مواضيع كثيرة - قال إبن القيم في إجتماع الجيوش الإسلامية ص 76:
نقلا عن شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله - هؤلاء أصناف بني آدم في العلم و الإيمان و لا يجاوز هذه السنة إلا من أظهر الكفر و أبطن الإيمان كحال المستضعف بين الكفار الذي تبين له الإسلام و لم يمكنه المجاهرة بخلاف قومه ,و لم يزل هذا الضرب في الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعده,و هؤلاء عكس المنافقين من كل وجه.
و على هذا فالناس إما مؤمن ظاهرا و باطنا,و إما كافرا ظاهرا و باطنا,و إما مؤمن ظاهرا كافرا باطنا,و إما كافر ظاهرا مؤمن باطنا.و الأقسام الأربعة قد إشتمل عليها الوجود,و قد بين القرآن أحكامهافالاقسام الثلاثة الأول ظاهرة و قد إشتمل عليها أول سورة البقرة.
و أما القسم الرابع,ففي قوله تعالى"...و لولا رجال مؤمنون و نساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم الآية" فهؤلاء كانوا يكتمون إيمانهم في قومهم و لا يتمكنون من إظهاره,و من هؤلاء مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه,و من هؤلاء النجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه كان ملك نصارى الحبشة و كان في الباطن مؤمنا. وتقدم فى كلام شيخ الاسلام -فقد أخبر سبحانه أنه حاق بآل فرعون سوء العذاب وأخبر أنه كان من آل فرعون رجل مؤمن يكتم إيمانه وأنه خاطبهم بالخطاب الذي ذكره فهو من آل فرعون باعتبار النسب والجنس والظاهر وليس هو من آل فرعون الذين يدخلون أشد العذاب وكذلك امرأة فرعون ليست من آل فرعون هؤلاء قال الله قوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. وامرأة الرجل من آله بدليل قوله: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ}. وهكذا أهل الكتاب فيهم من هو في الظاهر منهم وهو في الباطن يؤمن بالله ورسوله محمد يعمل بما يقدر عليه ويسقط عنه ما يعجز عنه علما وعملا و{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} وهو عاجز عن الهجرة إلى دارالإسلام كعجز النجاشي
جعل السكوت علامة على الرضي يعني السكوت دون اكراه ولا انكار ولا قيام عنهم ( اي بالهجرة ).حكم مجاعة نفس حكم النبى صلى الله عليه وسلم على العباس رضى الله عنه فى مكة - قال الشيخ سليمان بن سحمان فى كشف الاوهام- وأما حكم العاصي الظالم القادر على الهجرة الذي لا يقدر على إظهار دينه فهو على ما ظهر من حاله فإن كان ظاهره مع أهل بلده فحكمه حكمهم في الظاهروإن كان مسلما يخفي إسلامه لما روى البخاري في صحيحه من حديث موسى بن عقبة قال ابن شهاب حدثنا أنس بن مالك أن رجالا من الأنصار قالوا يا رسول الله ائذن لنا فنترك لابن أختنا عباس فداءه فقال لا والله لا تذرون منه درهما
وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة عن الزهري عن جماعة سماهم قالوا بعث قريش في فدى أسراهم ففدى في كل قوم أسيرهم بما رضوا وقال العباس يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله أعلم بإسلامك فإن يكون كما يقول فإن الله يجزيك به وأما ظاهرك فقد كان علينا
فافتد نفسك وابنى أخيك وأخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وخليفك عتبة بن عمر وأخي بني الحارث بن فهر قال ما ذاك عندي يا رسول الله فقال فأين المال الذين دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم قال والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله هذا لشيء ما علمه غيري وغير أم الفضل فأحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال رسول الله لا ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه
الحديث
فاستحل رسول الله فداءه والمال الذي كان معه لأن ظاهره كان مع الكفار بقعوده عندهم وخروجه معهم ومن كان مع الكفار فله حكمهم في الظاهر -
وأما ظاهرك فقد كان علينا من جهة الظاهر الامر واضح لا اشكال فيه المشكلة فى تحرير المسألة
ولكن هنا سؤال لما عفى خالد عن مجاعة؟ هل لانه اظهار التوبة ام ماذا؟- لأن خالد رضى الله عنه علم منه ما علمه النبى صلى الله عليه وسلم من العباس قال العباس يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله أعلم بإسلامك فإن يكون كما يقول فإن الله يجزيك به وأما ظاهرك فقد كان علينا --وهو نفس ما قاله مجاعة لخالد رضى الله عنه وكذلك رد خالد كان كرد النبى صلى الله عليه وسلم على العباس رضى الله عنه
فقال: يا ابن المغيرة، إن لي إسلاما، والله ما كفرت; فقال خالد: بين القتل والترك منْزلة، وهي الحبس حتى يقضي الله في أمرنا ما هو قاض، ودفعه إلى أم متمم زوجته، وأمرها أن تحسن إساره.
فظن مجاعة أن خالدا يريد حبسه ليخبره عن عدوه، وقال: يا خالد، لقد علمت أني قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام، وأنا اليوم على ما كنت عليه بالأمس-----
هل لانه اظهار التوبة ام ماذا؟ لمَّا بَنَيْتَ الحكم خاطئ حصل عندك الاشكال -قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن فى الدرر السنية- عن حكم المقيم في بلدان المشركين، من المنتسبين إلى الإسلام، فهذا الجنس من الناس مشتركون في فعل ما نهى الله عنه ورسوله، إلا من عذره القرآن، في قوله: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِ ينَ}؛ ثم هم مختلفون في المراتب، متفاوتون في الدرجات، بحسب أحوالهم، وما يحصل منهم من موالاة المشركين والركون إليهم، فإن ذلك قد يكون كفراً، وقد يكون دونه، قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}------وأما من ليس له عذر في ترك الهجرة وجلس بين أظهرهم وأظهر لهم أنه منهم وأن دينهم حق ودين الإسلام باطل فهذا كافر مرتد، ولو عرف الدين بقلبه لأنه يمنعه عن الهجرة محبة الدنيا على الآخرة، وتكلم بكلام الكفر من غير إكراه فدخل في قوله: {ولكن من شرح بالكفر صدرا}الدرر السنية ----------
سؤال لما عفى خالد عن مجاعة؟
عفى عنه لانه علم اسلامه وعلم انه لم يشارك بقول او فعل--المسلم الذي بين أظهرهم ولا يمكنه إظهار دينه تجب عليه الهجرة، إذا لم يكن ممن عذر الله فإن لم يهاجر فحكمه حكمهم في القتل وأخذ المال. اهـ.--- فيعفوا اذا علم اسلامه وعدم مشاركته - فلا يأخذ جميع الاحكام فتدبر ذلك
وكذلك لقائل ان يقول: ولا نظر في هذا إلى عقد القلب ـ وإن كان فعل الكفر مستلزماً لانخرامهالساكت لم يفعل الكفر -لذلك اختلف حكمه----من أتى بكلمة الكفر أوفعل الكفر كَفَر ، سواء أتى به جادا أو هازلا ، ومن أصغى إليه ولم ينكر عليه ، ورضي بما قال أو فَعَل : فهو كافر مثله .
اما من لم يرض بذلك المنكر ، وكرهه بقلبه ، ثم لم يقم من مكانه ، وهو قادر على ذلك : كان آثما بمجرد الجلوس ؛ فلو سلم من الكفر ، لم يسلم من الوقوع في إثم الجلوس في ذلك المكان............فال جالس يكفر كفرا" ظاهرا" تبعا" يزول هذا الحكم بمعرفتنا بمعتقده وعدم مشاركته
محمدعبداللطيف
2022-09-08, 02:01 PM
فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه ، ولكن إن أمكنه بلسانه وإلا فبقلبه ، مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه ، إما أن يظهر دينه وإما أن يكتمه ، وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله ، بل غايته [5] (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=108&ID=1&idfrom=1&idto=917&bookid=108&startno=721#docu) أن يكون كمؤمن [ آل ]فرعون - وامرأة فرعون - وهو لم يكن موافقا لهم على جميع دينهم ، ولا كان يكذب ، ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، بل كان يكتم إيمانه .
وكتمان الدين شيء ، وإظهار الدين الباطل شيء آخر . فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره ، بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر
.... - قال إبن القيم في إجتماع الجيوش الإسلامية ص 76:
نقلا عن شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله - هؤلاء أصناف بني آدم في العلم و الإيمان و لا يجاوز هذه السنة إلا من أظهر الكفر و أبطن الإيمان كحال المستضعف بين الكفار الذي تبين له الإسلام و لم يمكنه المجاهرة بخلاف قومه ,و لم يزل هذا الضرب في الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعده,و هؤلاء عكس المنافقين من كل وجه.
و على هذا فالناس إما مؤمن ظاهرا و باطنا,و إما كافرا ظاهرا و باطنا,و إما مؤمن ظاهرا كافرا باطنا,و إما كافر ظاهرا مؤمن باطنا.و الأقسام الأربعة قد إشتمل عليها الوجود,و قد بين القرآن أحكامهافالاقسام الثلاثة الأول ظاهرة و قد إشتمل عليها أول سورة البقرة.
و أما القسم الرابع,ففي قوله تعالى"...و لولا رجال مؤمنون و نساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم الآية" فهؤلاء كانوا يكتمون إيمانهم في قومهم و لا يتمكنون من إظهاره,و من هؤلاء مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه,و من هؤلاء النجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه كان ملك نصارى الحبشة و كان في الباطن مؤمنا. وتقدم فى كلام شيخ الاسلام -فقد أخبر سبحانه أنه حاق بآل فرعون سوء العذاب وأخبر أنه كان من آل فرعون رجل مؤمن يكتم إيمانه وأنه خاطبهم بالخطاب الذي ذكره فهو من آل فرعون باعتبار النسب والجنس والظاهر وليس هو من آل فرعون الذين يدخلون أشد العذاب وكذلك امرأة فرعون ليست من آل فرعون هؤلاء قال الله قوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. وامرأة الرجل من آله بدليل قوله: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ}. وهكذا أهل الكتاب فيهم من هو في الظاهر منهم وهو في الباطن يؤمن بالله ورسوله محمد يعمل بما يقدر عليه ويسقط عنه ما يعجز عنه علما وعملا و{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} وهو عاجز عن الهجرة إلى دارالإسلام كعجز النجاشي حكم مجاعة نفس حكم النبى صلى الله عليه وسلم على العباس رضى الله عنه فى مكة - قال الشيخ سليمان بن سحمان فى كشف الاوهام- وأما حكم العاصي الظالم القادر على الهجرة الذي لا يقدر على إظهار دينه فهو على ما ظهر من حاله فإن كان ظاهره مع أهل بلده فحكمه حكمهم في الظاهروإن كان مسلما يخفي إسلامه لما روى البخاري في صحيحه من حديث موسى بن عقبة قال ابن شهاب حدثنا أنس بن مالك أن رجالا من الأنصار قالوا يا رسول الله ائذن لنا فنترك لابن أختنا عباس فداءه فقال لا والله لا تذرون منه درهما
وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة عن الزهري عن جماعة سماهم قالوا بعث قريش في فدى أسراهم ففدى في كل قوم أسيرهم بما رضوا وقال العباس يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله أعلم بإسلامك فإن يكون كما يقول فإن الله يجزيك به وأما ظاهرك فقد كان علينا
فافتد نفسك وابنى أخيك وأخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وخليفك عتبة بن عمر وأخي بني الحارث بن فهر قال ما ذاك عندي يا رسول الله فقال فأين المال الذين دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم قال والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله هذا لشيء ما علمه غيري وغير أم الفضل فأحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال رسول الله لا ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه
الحديث
فاستحل رسول الله فداءه والمال الذي كان معه لأن ظاهره كان مع الكفار بقعوده عندهم وخروجه معهم ومن كان مع الكفار فله حكمهم في الظاهر -من جهة الظاهر الامر واضح لا اشكال فيه المشكلة فى تحرير المسألة - لأن خالد رضى الله عنه علم منه ما علمه النبى صلى الله عليه وسلم من العباس قال العباس يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله أعلم بإسلامك فإن يكون كما يقول فإن الله يجزيك به وأما ظاهرك فقد كان علينا --وهو نفس ما قاله مجاعة لخالد رضى الله عنه وكذلك رد خالد كان كرد النبى صلى الله عليه وسلم على العباس رضى الله عنه -----
لمَّا بَنَيْتَ الحكم خاطئ حصل عندك الاشكال -قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن فى الدرر السنية- عن حكم المقيم في بلدان المشركين، من المنتسبين إلى الإسلام، فهذا الجنس من الناس مشتركون في فعل ما نهى الله عنه ورسوله، إلا من عذره القرآن، في قوله: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِ ينَ}؛ ثم هم مختلفون في المراتب، متفاوتون في الدرجات، بحسب أحوالهم، وما يحصل منهم من موالاة المشركين والركون إليهم، فإن ذلك قد يكون كفراً، وقد يكون دونه، قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}------وأما من ليس له عذر في ترك الهجرة وجلس بين أظهرهم وأظهر لهم أنه منهم وأن دينهم حق ودين الإسلام باطل فهذا كافر مرتد، ولو عرف الدين بقلبه لأنه يمنعه عن الهجرة محبة الدنيا على الآخرة، وتكلم بكلام الكفر من غير إكراه فدخل في قوله: {ولكن من شرح بالكفر صدرا}الدرر السنية ----------
عفى عنه لانه علم اسلامه وعلم انه لم يشارك بقول او فعل--المسلم الذي بين أظهرهم ولا يمكنه إظهار دينه تجب عليه الهجرة، إذا لم يكن ممن عذر الله فإن لم يهاجر فحكمه حكمهم في القتل وأخذ المال. اهـ.--- فيعفوا اذا علم اسلامه وعدم مشاركته - فلا يأخذ جميع الاحكام فتدبر ذلك الساكت لم يفعل الكفر -لذلك اختلف حكمه----من أتى بكلمة الكفر أوفعل الكفر كَفَر ، سواء أتى به جادا أو هازلا ، ومن أصغى إليه ولم ينكر عليه ، ورضي بما قال أو فَعَل : فهو كافر مثله .
اما من لم يرض بذلك المنكر ، وكرهه بقلبه ، ثم لم يقم من مكانه ، وهو قادر على ذلك : كان آثما بمجرد الجلوس ؛ فلو سلم من الكفر ، لم يسلم من الوقوع في إثم الجلوس في ذلك المكان............فال جالس يكفر كفرا" ظاهرا" تبعا" يزول هذا الحكم بمعرفتنا بمعتقده وعدم مشاركته
هذه المسألة تخبطت فيها كثير من أفهام المعاصرين إما الى افراط واما الى تفريط
ونزيد بعض الفوائد
قال ابن القيم رحمه الله
قَاعِدَة الْإِيمَان لَهُ ظَاهر وباطن وَظَاهره قَول اللِّسَان وَعمل الْجَوَارِح وباطنه تَصْدِيق الْقلب وانقياده ومحبته
فَلَا ينفع ظَاهر لَا بَاطِن لَهُ وَإِن حقن بِهِ الدِّمَاء وعصم بِهِ المَال والذريّة
وَلَا يجزىء بَاطِن لَا ظَاهر لَهُ إِلَّا إِذا تعذّ ر بعجز أَوإِكْرَاه وَخَوف هَلَاك
فَتخلف الْعَمَل ظَاهرا مَعَ عدم الْمَانِع دَلِيل على فَسَاد الْبَاطِن وخلوّه من الْإِيمَان
ونقصه دَلِيل نَقصه
وقوته دَلِيل قوته
فالإيمان قلب الْإِسْلَام ولبه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وفي بلاد النصارى من هذا النوع خلق كثير يكتمون إيمانهم إما مطلقا وإما يكتمونه عن العامة ويظهرونه لخاصتهم وهؤلاء قد يتناولهم قوله تعالى: {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله...} الآية" (دقائق التفسير).
قال ابن القيم رحمه الله:
فالناس إما مؤمن ظاهرا وباطنا وإما كافر ظاهر وباطنا، أو مؤمن ظاهرا كافر باطنا، أو كافر ظاهرا مؤمن باطنا،
والأقسام الأربعة قد اشتمل عليها الوجود،
وقد بين القرآن أحكامها
فالأقسام الثلاثة الأول ظاهرة وقد اشتمل عليها أول سورة البقرة. وأما القسم الرابع ففي قوله تعالى:
وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ. {الفتح: 25}.
فهؤلاء كانوا يكتمون إيمانهم في قومهم ولا يتمكنون من إظهاره،
ومن هؤلاء مؤمن آل فرعون كان يكتم إيمانه، ومن هؤلاء النجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان ملك النصارى بالحبشة وكان في الباطن مؤمنا. اجتماع الجيوش الإسلامية.
ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
وعلى هذا فالناس فِي الْهَدْيِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعة أقسام: إِمَّا مُؤْمِنٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِمَّا كَافِرًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ مُؤْمِنٌ ظَاهِرًا كَافِرٌ بَاطِنًا أَوْ كَافِرٌ ظَاهِرًا مُؤْمِنٌ بَاطِنًا. وَالْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْوُجُودُ، وَقَدْ بَيَّنَ الْقُرْآنُ أَحْكَامَهَا سواء فى الدنيا أو فى الآخره.
ويقول ابن القيم
الْقِسْمُ الرَّابِعِ : مِنْ أَقْسَامِ النَّاسِ فِي الْهُدَى الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ. .} [الفتح: 25]
الْآيَةَ فَهَؤُلَاءِ كَانُوا يَكْتُمُونَ إِيمَانَهُمْ فِي قَوْمِهِمْ وَلَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ إِظْهَارِهِ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ الَّذِي كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ النَّجَّاشِيُّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى
ويقــــــول شيخ الاسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله:
(وقد يكون في بلاد الكفر من هو مؤمن في الباطن يكتم إيمانه من لا يعلم المسلمون حاله إذا قاتلوا الكفار فيقتلونه ولا يغسل ولا يصلى عليه ويدفن مع المشركين وهو في الآخرة من المؤمنين أهل الجنة كما أن المنافقين تجري عليهم في الدنيا أحكام المسلمين وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار فحكم الدار الآخرة غير حكم الدار الدنيا).
مؤمن آل فرعون
يقول شيخ الاسلام
رجل مؤمن يكتم إيمانه وأنه خاطبهم بالخطاب الذي ذكره
فهو من آل فرعون باعتبار النسب والجنس والظاهر
وليس هو من آل فرعون الذين يدخلون أشد العذاب
وكذلك امرأة فرعون ليست من آل فرعون هؤلاء
قال الله قوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. وامرأة الرجل من آله بدليل قوله: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ}.
وهكذا أهل الكتاب فيهم من هو في الظاهر منهم
وهو في الباطن يؤمن بالله ورسوله محمد يعمل بما يقدر عليه ويسقط عنه ما يعجز عنه علما وعملا
و{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} وهو عاجز عن الهجرة إلى دارالإسلام كعجز النجاشي
محمدعبداللطيف
2022-09-08, 02:16 PM
قال إبن القيم في إجتماع الجيوش الإسلامية ص 76:
هؤلاء أصناف بني آدم في العلم و الإيمان و لا يجاوز هذه السنة إلا من أظهر الكفر و أبطن الإيمان كحال المستضعف بين الكفار الذي تبين له الإسلام و لم يمكنه المجاهرة بخلاف قومه ,
و لم يزل هذا الضرب في الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعده,
و هؤلاء عكس المنافقين من كل وجه.
و على هذا فالناس
إما مؤمن ظاهرا و باطنا,و إما كافرا ظاهرا و باطنا,و إما مؤمن ظاهرا كافرا باطنا,و إما كافر ظاهرا مؤمن باطنا.
و الأقسام الأربعة قد إشتمل عليها الوجود
,و قد بين القرآن أقسامها و أحكامها, الثلاثة الأول ظاهرة و قد إشتمل عليها أول سورة البقرة.
و أما القسم الرابع,ففي قوله تعالى"...و لولا رجال مؤمنون و نساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم الآية" فهؤلاء كانوا يكتمون إيمانهم في قومهم و لا يتمكنون من إظهاره,و من هؤلاء مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه,و من هؤلاء النجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه كان ملك نصارى الحبشة و كان في الباطن مؤمنا.إنتهى
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية 56/5:
فالنجاشي و أمثاله سعداء في الجنة,و إن كانوا لم يلتزموا من شرائع الإسلام ما لا يقدرون على إلتزامه,
بل كانوا يحكمون بالأحكام التي يمكنهم الحكم بها,
و لهذا جعل الله هؤلاء من أهل الكتاب.
قال تعالى " و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم و ما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب",و هذه الآية قد قال طائفة من السلف,إنها نزلت في النجاشي.و يروى هذا عن جابر و ابن عباس و أنس.و منهم من قال:فيه و في أصحابه,كما قال الحسن و قتادة,و هذا مراد الصحابة,لكن هو المطاع,فإن لفظ الآية لفظ الجمع لم يرد بها واحد,و عن عطاء قال:نزلت في أربعين من أهل نجران و ثلاثين من أهل الحبشة,و ثمانية من الروم,كانوا على دين عيسى فآمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم.
و لم يذكر هؤلاء من آمن بالنبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة,مثل عبد الله بن سلام و غيره مما كان يهوديا,و سلمان الفارسي و غيره ممن كان نصرانيا,لأن هؤلاء صاروا من المؤمنين,فلا يقال فيهم: " و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم و ما أنزل إليهم" و لا يقول أحد إن اليهود و النصارى,بعد إسلامهم و هجرتهم,و دخولهم في جملة المسلمين المهاجرين المجاهدين,يقال:إ نهم من أهل الكتاب,كما لا يقال عن الصحابة الذين كانوا مشركين:و إن من المشركين لمن يؤمن بالله و رسوله,فإنهم بعد الإيمان ما بقوا يسمون مشركين,فدل على أن هؤلاء قوم من أهل الكتاب,أي من جملتهم,و قد آمنوا بالرسول.
كما قال تعالى في المقتول خطأ: " فإن كان من قوم عدو لكم و هو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة",فهو من العدو,و لكن هو كان قد آمن و ما أمكنه الهجرة و إظهار الإيمان و إلتزام شرائعه,فسماه مؤمنا لأنه فعل من الإيمان ما يقدر عليه.
و هذا كما أنه قد كان بمكة جماعة من المؤمنين يستخفون بإيمانهم,و هم عاجزون عن الهجرة,قال تعالى " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم و ساءت مصيرا,إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لا يستطيعون حيلة و لا يعتدون سبيلا,فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم و كان الله عفوا غفورا",فعذر المستضعف العاجز عن الهجرة.
و قال تعالى" و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها و اجعل لنا من لدنك وليا و اجعل لنا من لدنك نصيرا",فأولئك كانوا عاجزين عن إقامة دينهم,فقد سقط عنهم ما عجزوا عنه.
فإذا كان هذا فيمن كان مشركا و آمن,فما الظن بمن كان من أهل الكتاب و آمن؟
و قوله "فإن كان من قوم عدو لكم و هو مؤن" قيل:هو الذي يكون عليه لباس أهل الحرب,مثل أن يكون في صفهم فيعذر القاتل لأنه مأمور بقتاله,فتسقط عنه الدية و تجب الكفارة.و هو قول الشافعي و أحمد في أحد الروايتين.
و قيل:بل هو من أسلم و لم يهاجر,كما يقوله أبو حنيفة.لكن هذا قد أوجب فيه الكفارة.و قيل: إذا كان من أهل الحرب لم يكن له وارث,فلا يعطى أهل الحرب ديته,بل تجب الكفارة فقط.و سواء عرف أنه مؤمن و قتل خطأ,أو ظن أنه كافر.و هذا ظاهر الآية.و قد قال بعض المفسرين: إن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلام و أصحابه,كما نقل عن ابن جريج و مقاتل و ابن زيد,يعني قوله " و إن من أهل الكتاب" و بعضهم قال إنها في مؤمني أهل الكتاب من اليهود و النصارى.
فهذا إن أراد به من كان في الظاهر معدودا من أهل الكتاب,فهو كالقول الأول.
و إن أراد العموم,فهو كالثاني.و هذا قول مجاهد,و رواه أبو صالح عن ابن عباس,
و قول من أدخل فيها مثل ابن سلام و أمثاله ضعيف,
فإن هؤلاء من المؤمنين ظاهرا و باطنا من كل وجه,لا يجوز أن يقال فيهم " و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم و ما إنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا فأولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب".
أما أولا:
فلأن ابن سلام أسلم في أول ما قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة,و قال " فلما رأيت وجهه علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب" ,و سورة آل عمران إنما نزل ذكر أهل الكتاب فيها لما قدم وفد نجران سنة تسعة أو عشر.
و ثانيا:
أن ابن سلام -و أمثاله- هو واحد من جملة الصحابة و المؤمنين,و هو من أفضلهم.و كذلك سلمان الفارسي.
فلا يقال فيه إنه من أهل الكتاب.و هؤلاء لهم أجور مثل أجور سائر المؤمنين,
بل يؤتون أجرهم مرتين,و هم ملتزمون جميع شرائع الإسلام,فأجرهم أعظم من أن يقال فيه أولئك لهم أجرهم عند ربهم.
و أيضا فإن أمر هؤلاء كان ظاهرا معروفا,و لم يكن أحد يشك فيهم,فأي فائدة في الإخبار بهم؟
و ما هذا إلا كما يقال,الإسلام دخل فيه من كان مشركا و من كان كتابيا.
و هذا معلوم لكل أحد بأنه دين لم يكن يعرف قبل محمد صلى الله عليه و سلم,
فكل من دخل فيه كان قبل ذلك إما مشركا و إما من أهل الكتاب,إما كتابيا و إما أميا,فأي فائدة في الإخبار بهذا؟
بخلاف أمر النجاشي و أصحابه ممن كانوا متظاهرين بكثير مما عليه النصارى,فإن أمرهم قد اشتبه,
و لهذا ذكروا في سبب نزول هذه الآية أنه لما مات النجاشي صلى عليه النبي صلى الله عليه و سلم,فقال قائل " تصلي على هذا العلج النصراني و هو في أرضه؟" فنزلت هذه الآية.هذا منقول عن جابر و أنس بن مالك و ابن عباس,و هم الصحابة الذين باشروا الصلاة على النجاشي.
و هذا بخلاف ابن سلام و سلمان الفارسي,فإنه إذا صلى على واحد من هؤلاء لم ينكر ذلك أحد.
و هذا مما يبين أن المظهرين للإسلام فيهم منافق لا يصلى عليه,
كما نزل في حق ابن أبي و أمثاله,و أن من هو في أرض الكفر قد يكون مؤمنا يصلى عليه كالنجاشي.
و يشبه هذه الآية أنه لما ذكر تعالى أهل الكتاب فقال " و لو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم,منهم المؤمنون و أكثرهم الفاسقون,لن يضروكم إلا أذى و إن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون,ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله و حبل من الناس و ضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله و يقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون,ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل و هم يسجدون,يؤمنون بالله و اليوم الآخر و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يسارعون في الخيرات و أولئك من الصالحين"
و هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلام و أصحابه,و قيل إن قوله "منهم المؤمنون و أكثرهم الفاسقون" هو عبد الله بن سلام و أصحابه.و هذا و الله أعلم من نمط الذي قبله,فإن هؤلاء ما بقوا من أهل الكتاب.
و إنما المقصود من هو منهم في الظاهر,
و هو مؤمن لكن لا يقدر على ما يقدر عليه المؤمنون المهاجرون المجاهدون,كمؤمن آل فرعون, هو من آل فرعون و هو مؤمن.
و لهذا قال تعالى " و قال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله و قد جاءكم بالبينات من ربكم" فهو من آل فرعون و هو مؤمن.
و كذلك هؤلاء منهم المؤمنون,و لهذا قال تعالى" و أكثرهم الفاسقون" و قد قال قبل هذا " و لو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون" ثم قال " منهم المؤمنون و أكثرهم الفاسقون" ثم قال " لن يضروكم إلا أذى" و هذا عائد إليهم جميعا لا إلى أكثرهم.و لهذا قال " و إن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون" و قد يقاتلون و فيهم مؤمن يكتم إيمانه,يشهد القتال معهم و لا يمكنه الهجرة,و هو مكره على القتال,و يبعث يوم القيامة على نيته.
كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
" يغزو جيش هذا البيت فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم" فقيل يا رسول الله,و فيهم المكره؟ فقال " يبعثون على نياتهم".
و هذا في ظاهر الأمر و إن قتل و حكم عليه بما يحكم على الكفار,
فالله يبعثه على نيته.
كما أن المنافقين منا يحكم لهم في الظاهر بحكم الإسلام و يبعثون على نياتهم,
فالجزاء يوم القيامة على ما في القلوب لاعلى مجرد الظواهر.
و لهذا روي أن العباس قال يا رسول الله كنت مكرها.
قال " أما ظاهرك فكان علينا,و أما سريرتك فإلى الله".إنتهى
و قال العلامة سليمان بن سحمان في كشف الأوهام و الإلتباس ص 92:
و ظاهر كلام هذا الجاهل المركب أن مكة-شرفها الله وصانها,و جعل أهل الإسلام ولاتها و سكانها-قبل الفتح ليست دار كفر,لأن الله تعالى قسم أهلها ثلاثة أقسام:
محارب,و ظالم لنفسه,و مستضعف عاجز,((فلا تكون دار كفر و تعمم الدار بالكفر,بل تكون على حكم الساكن على ثلاثة أقسام,و هذا لم يقل به أحد من العلماء في مكة المشرفة قبل الفتح)),بل الذي اتفق عليه العلماء أنها بلاد كفر و حرب,و لو كان فيها أناس مسلمون مستخفون,أو ظالمون لأنفسهم بالإقامة في دار الكفر غير مظهرين لدينهم,كما هو معروف مشهور,و قد تقدم عن شيخ الإسلام ابن تيمية-قدس الله روحه-أن أحد الأقسام الأربعة التي قد اشتمل عليها الوجود هو القسم الرابع,و هم الذين عنى الله بقوله"و لولا رجال مؤمنون و نساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم" هم من كان كافرا ظاهرا مؤمنا باطنا,((فهؤلاء كانوا يكتمون إيمانهم في قومهم و لا يتمكنون من إظهاره فهم في الظاهر لهم حكم الكفار)).إنتهى
*****
فالمؤمن بين الكفار لا يخلو من إحتمالين,
إما أن يظهر دينه أو يكتمه,
فإن أظهر دينه حكم له بالإسلام ظاهرا ,
و إن كتم إيمانه فهو منهم فى الظاهر مؤمن في الباطن
قال شيخ الإسلام إبن تيمية في منهاج السنة 226/6:
فالمؤمن إذا كان بين الكفار و الفجار لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه,و لكن إن أمكنه بلسانه و إلا فبقلبه,مع أنه لا يكذب و يقول بلسانه ما ليس في قلبه,إما أن يظهر دينه و إما أن يكتمه,
و هو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله,بل غايته أن يكون كمؤمن آل فرعون و امرأة فرعون,و هو لم يكن موافقا لهم على جميع دينهم,و لا كان يكذب,و لا يقول بلسانه ما ليس في قلبه,بل كان يكتم إيمانه.
و كتمان الدين شيء,و إظهار الدين الباطل شيء آخر.فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره,بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر.و الله تعالى قد فرق بين المنافق و المكره.إنتهى
و صفة إظهار الدين قد غلط فيها الكثير من المعاصرين,و ظن أنها مجرد إقام الصلاة و الإنتساب للإسلام و لو كان في أماكن المشركين و المرتدين.
و في هذا يقول العلامة حمد بن عتيق في رسالة النجاة و الفكاك (مجموعة التوحيد ص 284):
و أما المسألة الرابعة:و هي مسألة إظهار الدين,فإن كثيرا من الناس قد ظن أنه إذا قدر على أن يتلفظ بالشهادتين,و أن يصلي الصلوات الخمس,و لا يرد عن المسجد,فقد أظهر دينه,و إن كان مع ذلك بين المشركين أو في أماكن المرتدين,و قد غلطوا في ذلك أقبح الغلط.
فاعلم أن الكفر له أنواع و أقسام متعددة بتعدد المكفرات,
و قد تقدم بعض ذلك,و كل طائفة من طوائف الكفران,اشتهر عندها نوع منه,
و لا يكون المسلم مظهرا لدينه حتى يخالف كل طائفة بما اشتهر عندها,و يصرح لها بعداوته و البراءة منه,
فمن كان كفره بالشرك,فإظهار الدين عنده التصريح عنده بالتوحيد,و النهي عن الشرك و التحذير منه,
و من كان كفره بجحد الرسالة,فإظهار الدين عنده التصريح بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم و الدعوة إلى إتباعه,
و من كان كفره بترك الصلاة,فإظهار الدين عنده فعل الصلاة و الأمر بها,
و من كان كفره بموالاة المشركين و الدخول في طاعتهم,فإظهار الدين عنده التصريح بعداوته و البراءة منه و من المشركين.
و بالجملة
فلا يكون مظهرا لدينه إلا من صرح لمن ساكنه من كل كافر ببراءته منه,
و أظهر له عداوته لهذا الشيء الذي صار به كافرا,و براءته منه,
و لهذا قال المشركون للنبي صلى الله عليه و سلم عاب ديننا و سفه أحلامنا و شتم آلهتنا.
و قال الله تعالى " قل يا أيها الناس إن كنت في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله و لكن أعبد الله الذي يتوفاكم,و أمرت أن أكون من المؤمنين,و أن أقم وجهك للدين حنيفا و لا تكونن من المشركين,و لا تدع من دون الله ما لا ينفعك و لا يضرك,فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين.." إلى آخره,
أي إذا شككتم في الدين الذي أنا عليه فدينكم الذي أنتم عليه أنا بريء منه,و قد أمرني ربي أن أكون من المؤمنين الذين هم أعداؤكم,و نهاني أن أكون من المشركين الذين هم أولياؤكم.
و قال تعالى" قل يا أيها الكافرون.لا أعبد ما تعبدون.و لا أنتم عابدون ما أعبد" إلى آخر السورة,فأمر الله رسوله صلى الله عليه و سلم أن يقول للكفار:دينكم الذي أنتم عليه أنا بريء منه,و ديني الذي أنا عليه أنتم براء منه,و زاد التصريح لهم بأنهم على الكفر,و أنه بريء منهم و من دينهم.
فمن كان متبعا للنبي صلى الله عليه و سلم فعليه أن يقول ذلك,
و لا يكون مظهرا لدينه إلا بذلك,
و لهذا لما عمل الصحابة بذلك و آذاهم المشركون,أمرهم النبي صلى الله عليه و سلم بالهجرة إلى الحبشة و لو وجد لهم رخصة في السكوت عن المشركين لما أمرهم بالهجرة إلى بلد الغربة.إنتهى
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.