تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أنواعُ المِلْكِ



أبو البراء محمد علاوة
2019-09-20, 03:01 PM
أنواعُ المِلْكِ
المِلْكُ قِسمانِ:
القسم الأوَّل: المِلْكُ التامُّ:
هو المملوكَ رقبةً ويدًا (1
وقيل: هو عبارةٌ عمَّا كان بيَدِه ولم يتعلَّقْ به غيرُه؛ يتصرَّفُ فيه على حَسَبِ اختيارِه، وفوائِدُه حاصلةٌ له (2
ومثاله: عامَّةُ الأملاكِ الواردةِ على الأعيانِ المملوكةِ بالأسبابِ المقتَضِيَة لها؛ مِنْ بَيعٍ وهِبةٍ وإرثٍ، وغيرِ ذلك (3
القسم الثاني: المِلْكُ النَّاقِصُ: وهو أنواع:
النوع الأوَّل: مِلْكُ الرَّقَبة دون مِلْك اليدِ، أي: مِلْكُ العينِ بدون منفعةٍ؛ مثل مَن أُوصِيَ له بشيءٍ، والمنفعةُ لشخصٍ آخَرَ.
النوع الثاني: مِلْكُ اليدِ دون مِلْكِ الرَّقبة، أي: مِلكُ المنفعةِ بدون مِلْك العينِ؛ مثل من أُوصِيَ له بالمنافِعِ، أو مَن وُقِفَ له منافِعُ الشَّيءِ وثَمَراتُه.
النوع الثالث: مِلْكُ الانتفاعِ المجرَّد، مِثل انتفاعِ المستأجِرِ بالعَينِ المستأجَرَةِ، ومنها مِلْكُ المُستعيرِ (
الفرع الثاني: اشتراطُ المِلْك التامِّ في وجوبِ الزَّكاة
يُشتَرَط المِلْكُ التامُّ لمال الزَّكاة عمومًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة (5 والمالكيَّة (6) ، والشافعيَّة (7، والحَنابِلَة (8 وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلم (9
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ [التوبة: 103]
وجه الدَّلالة:
قولُه: ((أموالهم)) فأضافها إلى أصحابِها، ولا يكون ذلك إلَّا إذا كانت مملوكةً لهم مِلكيَّةً تامَّةً.
ثانيًا: أنَّ بَذْلَ الزَّكاةِ فيه تمليكُ المالِ لمستحِقِّه مِنَ الفقراءِ وغيرِهم، فإذا لم يكُنْ صاحِبُ الزَّكاة مالكًا لهذا المالِ مِلكًا تامًّا، فإنَّه لن يستطيعَ تمليكَ غيرِه مِن مُستحقِّي الزَّكاةِ عند بذلها.
الفرع الثَّالث: زكاةُ المالِ غيرِ مقدورِ الانتفاعِ به مع قيامِ أصلِ المِلْك (المالُ الضِّمار)
المسألة الأولى: مِن صُوَرِ المالِ الضِّمارِ (10)
المال المفقود.
المال السَّاقط في البحر.
المال المغصوب.
المال الذي صادَره السُّلطان.
الدَّينُ المجحودُ إذا لم يكُنْ للمالك بيِّنةٌ وحال الحولُ، ثم صار له بيِّنةٌ بأن أقرَّ عند النَّاسِ.
المال المدفون في الصَّحَراء إذا خَفِيَ على المالِك مكانُه (11) .
المسألة الثانية: حُكمُ زكاةِ المالِ الضِّمارِ بعد استلامِه
إذا استُلِمَ المالُ الضِّمارُ، فقد اختلفَ أهلُ العِلم في زكاتِه على أقوالٍ، أقواها قولانِ:
القول الأوّل: لا زكاةَ في المالِ الضِّمارِ إذا عاد إلى صاحِبِه، ويستأنِفُ به حولًا جديدًا من اليومِ الذي قبَضَه فيه، وهذا مذهَبُ أبي حنيفةَ (12) ، وروايةٌ عن أحمد (13) ، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ (14) واختارَه ابنُ حزمٍ (15) ، وابنُ تيميَّة (16) .
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
عمومُ قَولِ اللهِ تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78].
وجه الدَّلالةِ:
أنَّ تكليفَ أداءِ زكاةِ ما مضى مِنَ السِّنينَ عن المالِ الضِّمارِ كالمسروق والمغصوب؛ مِنَ الحَرَجِ الذي قد أسقَطَه الله تعالى (17) .
ثانيًا: أنَّ الزَّكاةَ وجبت في مقابَلَة الانتفاعِ بالنَّماءِ حقيقةً أو مَظِنَّةً، بدليلِ أنَّها لا تجِبُ إلَّا في مالٍ نامٍ، فلا تجب في العَقارِ ونحوه، وحقيقةُ النَّماءِ ومَظِنَّتُه منتفِيَةٌ ها هنا؛ لعدم القدرةِ على التصرُّفِ (18) .
ثالثًا: أنَّ المالَ الضِّمارَ غيرُ منتفَعٍ به في حقِّ المالِك؛ لعدمِ وصولِ يَدِه إليه، والمالُ إذا لم يكُنْ مقدورَ الانتفاعِ به في حقِّ المالِك؛ لا يكونُ المالِك به غنيًّا، ولا زكاةَ على غيرِ الغَنيِّ (19) .
رابعًا: أنَّ مِن شروطِ وُجوبِ الزَّكاةِ في المال: المِلْكَ التَّامَّ، وهو غيرُ متحقِّقٍ فيه؛ إذ هو مملوكٌ رقبةً لا يدًا (20) ، فقد خرج عن يَدِه وتصرُّفِه، فلم تجِبْ عليه زكاتُه، كالمال الذي في يدِ مُكاتِبِه (21) .
القول الثاني: أنَّه لا يجِبُ على مالكِه تزكيتُه وقتَ قَبضِه إلَّا لعامٍ واحدٍ، وهو مذهب المالكيَّة (22) ، وبه قالتْ طائفةٌ مِنَ السَّلفِ (23) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (24) .
الأدلَّة:
أوَّلًا: أنَّ الزَّكاة تجبُ في العَينِ بأن يتمكَّنَ مِن تنمِيَتِه، ولا تكونَ في يدِ غَيرِه، وهذا مالٌ قد زال عن يَدِه ومُنِعَ عن تنمِيَتِه، فلم تجِبْ عليه لِمَا مضى من السَّنواتِ (25) .
ثانيًا: أنَّ المالَ قد نضَّ (26) في يَدِه في طرَفَيِ الحولِ، ولو كانت أحوالًا؛ فإنَّه حصل منها حولٌ واحدٌ نضَّ في طرَفَيه المالُ في يدِ صاحِبِه، ولا اعتبارَ بما بين ذلك؛ لأنَّ الغاصِبَ لو غصَبَه منه يومًا، ثم ردَّه إليه لم يُعتَبَر ذلك في إسقاطِ الزَّكاةِ عنه في ذلك الحولِ، فلو غصَبَه منه ثم حال الحَوْلُ لم تجِبْ عليه فيه زكاةٌ حتى يردَّه إليه، فثبت أنَّ الاعتبارَ بحُصولِ المالِ في يدِ صاحِبِه طَرَفَيِ الحولِ.

https://dorar.net/feqhia/2111/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84 %D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86 %D9%8A:-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D9%85