تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صَــدَى الحيــَـاةْ . .



الأمل الراحل
2008-07-08, 09:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صَـدَى الحـيَاة
مقال قديم جدا ، قرأتُه في الساحات ، وأعجبني فأحببتُ نقله إليكم .
يحكى أن أحد الحكماء ذهب مع ابنه خارج المدينة ليعرفه على تضاريس الحياة في جو نقي بعيد عن صخب المدينة وهمومها.
سلك الاثنان واديا عميقا تحيط به جبال شاهقة، وأثناء سيرهما تعثر الطفل في مشيته وسقط على ركبته، صرخ الطفل على إثرها بصوت مرتفع تعبيرا عن ألمه “آآآه"، فإذا به يسمع من أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوت مماثل "آآآه".
نسي الطفل الألم وسارع في دهشة سائلا مصدر الصوت " ومن أنت ؟ “.فإذا الجواب يرد عليه سؤاله "ومن أنت ؟" .
انزعج الطفل من هذا التحدي في السؤال. فرد عليه مؤكداً "بل أنا أسألك من أنت ؟" ومرة أخرى لا يكون الرد إلا بنفس الجفاء والحدة " بل أنا أسألك من أنت ؟ ".
فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهة في الخطاب. فصاح غاصبا " أنت جبان " فهل كان الجواب إلا من جنس العمل.. وبنفس القوة يجئ الرد " أنت جبان ".
أدرك الصغير عندها أنه بحاجة لأن يتعلم فصلا جديدا في الحياة من أبيه الحكيم الذي وقف بجانبه دون أن يتدخل في المشهد الذي كان من إخراج ابنه. قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملك الابن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدارة الموقف حتى يتفرغ هو لفهم هذا الدرس.
تعامل الأب -كعادته- بحكمة مع الحدث. وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة وصاح في الوادي " إني أحترمك !" . كان الجواب من جنس العمل أيضا، فجاء بنفس نغمة الوقار "إني أحترمك!" ..
عجب الشاب من تغير لهجة المجيب، ولكن الأب أكمل المساجلة قائلاً: " كم أنت رائع!" فلم يقل الرد عن تلك العبارة الراقية " كم أنت رائع".
ذهل الطفل مما سمع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب، ولذا صمت بعمق لينتظر تفسيرا من أبيه لهذه التجربة الفيزيائية.
علق الحكيم على الواقعة بهذه الحكمة: " أي بني: نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء ( صدى )، لكنها في الواقع هي الحياة بعينها. إن الحياة لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها، ولا تحرمك إلا بمقدار ما تحرم نفسك منها.
الحياة مرآة أعمالك وصدى أقوالك. إذا أردت أن يحبك أحد فأحب غيرك، وإذا أردت أن يوقرك أحد فوقر غيرك. إذا أردت أن يرحمك أحد فأرحم غيرك، وإذا أردت أن يسترك أحد فاستر غيرك. إذا أردت الناس أن يساعدوك فساعد غيرك، وإذا أردت الناس أن يستمعوا لك ليفهموك فاستمع إليهم لتفهمهم أولا. لا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك إلا إذا صبرت عليهم ابتداء.
أي بني.. هذه سنة الله التي تنطبق على شتى مجالات الحياة، وهذا ناموس الكون الذي تجده في كافة تضاريس الحياة.. إنه صدى الحياة.. ستجد ما قدمت وستحصد ما زرعت.!
( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) ومن أصدق من الله قيلا.
للأستاذ إبراهيم علوي..

علي أحمد عبد الباقي
2008-07-09, 01:26 AM
جزاكِ الله خيرًا ، نقل رائع ، وشرح ماتع للمثل السائر : ((كما تدين تدان)) وقد روي مرفوعًا لكنه مرسل.

وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن : أن موسى، عليه السلام، سأل ربَّه جماعًا من الخير فقال : ((اصحب الناس بما تحب أن يصحبوك به )).

إمام الأندلس
2008-07-09, 03:01 AM
أحسنتِ الاختيار... تمتعت بقرائته..شكراً لكِ

الأمل الراحل
2008-07-09, 07:32 PM
مرحبا بكما . .

وشكرا لك أستاذنا الكريم على إضافتك .

وشكرا للجميع ,, شكرا

أسماء
2008-07-09, 08:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير أختي الحبيبة الأمل على هذا النقل الطيب
مقال قيمة ... بارك الله فيك

أبو الفضل
2008-07-11, 08:32 PM
يالله ....سعدت بقراءته...على وجازته حوى حكما و دررا في قالب بديع جدا
جزاك الله عنا كل خير

الأمل الراحل
2008-07-18, 03:32 AM
أسماء ,, أبو الفضل
وفيكما بارك الله وجزاكما خيرا وحياكما ..

عبدالله العلي
2008-07-18, 10:59 AM
جزاك الله خيرا
نقل رائع .قصة هادفة ، مليئة بالدروس المفيدة .

الملتزم بإذن الله
2008-07-19, 10:10 PM
ما شاء الله ... هذه هي مدرسة الحياة ..
جزاكم الله خيرا .. وزادكم من نوره

الأمل الراحل
2008-07-20, 05:09 AM
مرحبا بكما . . وحياكما الله . .

آل عامر
2008-07-24, 04:07 PM
بارك الله فيك أختي الكريمة

الأمل الراحل
2008-08-05, 04:18 AM
أهلا بكم

وفيكم بارك المولى