تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صحة "يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللَّهَ عز وجل سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولا اسْمُهُ أَحْمَدُ"



عبد الرحمن هاشم بيومي
2018-12-18, 03:20 AM
مما روي عن سلمان الفارسي ططط حينما جاءه الراهب فِيمَا يَقُولُ:




" يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللَّهَ عز وجل سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولا اسْمُهُ أَحْمَدُ يَخْرُجُ بِتُهْمَةَ وَكَانَ رَجُلا أَعْجَمٍيًّا لا يُحْسِنُ الْقَوْلَ... "


أخرجه الحاكم في "المستدرك" [ ج 3 : ص 599-602 ] من طريق علي بن عاصم، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن زيد بن صوحان رضي الله عنه فذكره.


قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:


" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَالٍ فِي ذِكْرِ إِسْلامِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. "


رد الذهبي قائلًأ:


قلت: " بل مجمع على ضعفه. "
راجع مختصر التلخيص الذهبي 5/2351 ط-دار العاصمة.


قلت: هو كما قال الذهبي فإسناده منكر مخالف للثقات وغريب بهذا السياق تفرد به رواتها،


ففي إسناده علي بن عاصم وهو التميمي،


قد تركه البعض وضعفه كثير من أهل الحديث،


قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "التقريب" :


" صدوق يخطئ ويصر ورمي بالتشيع "، وقال " ربما وهم "، فلعل هذه إحداها.


وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :


" يغلط ويخطئ ، لم يكن متهما بالكذب ".


وما أنسب ما قاله فيه الإمام ابن معين رحمه الله :


" كأن أحاديثه الطوال أخذها من الصيادلة " بل وفي رواية قال " كذاب، لاشيء ".


انظر المزي في "تهذيب الكمال".


ثم إن هناك علة أخرى ألا وهي سوء حفظ سماك بن حرب وهو الذهلي وانفراده بهذه الرواية المنكرة.


قال الحافظ في "التقريب" :


" إن كان صدوقا ربما لقن فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة ، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة ، وقد تغير بأخرة فكان ربما تلقن "


ومعلومٌ عند أهل الحديث أنه " سيء الحفظ " كذا قال الدارقطني وغيره فلعل أيضًا هذا من سوء حفظه.


فالعلتان قادحتان إضافةً إلى تفرد رواتها بها.


فلذا عقب الإمام الحاكم رحمه الله كلامه قال :


" وَقَدْ رُوِيَ ... عَنْ سَلْمَانَ [مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ بِغَيْرِ هَذِهِ السِّيَاقَةِ] فَلَمْ أَجِدْ مِنْ إِخْرَاجِهِ بُدًّا لِمَا فِي الرِّوَايَتَيْن ِ مِنَ الْخِلافِ فِي الْمَتْنِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ " .


وكأنه يشير إلى ضعف في الإسناد لكنه له أصل صحيح مروي في صحيح البخاري وغيره ولكن ليس بهذا السياق.


وهذه الطريق ذكرها الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (2/ 314 - 316) ثم قال:


" وفي هذا السياق غرابة كثيرة، وفيه بعض المخالفة لسياق محمد بن إسحاق، وطريق محمد بن إسحاق أقوى إسناداً، وأحسن اقتصاصاً، وأقرب إلى ما رواه البخاري في صحيحه من حديث معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، أنه تداوله بضعة عشر، من رب إلى رب -أي من معلم إلى معلم، ومربّ إلى مثله -والله أعلم. " انتهى.


قال أحد المحققين في "مختصر التلخيص الذهبي" 5/2351 :


" قلت: طريق ابن إسحاق سيأتي ذكرها في الحديث الآتي رقم (798)، وأما رواية البخاري التي ذكرها الحافظ فقد أخرجها البخاري في صحيحه (7/ 277رقم3946) في مناقب الأنصار، باب إسلام سلمان الفارسي -رضي الله عنه- باللفظ الذي ذكره الحافظ، والله أعلم. "


للعلم قد يرى البعض رواية الفسوي من طريق أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي شاهدًا،


ويحتج بتجويد إسناده للإمام الذهبي في "تاريخ الإسلام" [ج:2 ص:288] وقال :


" إسناده جيد، وزكريا الأرسوفي صدوق إن شاء الله. "


قلتُ: رواية الفسوي ليس بها هذه العبارة ولا السياق المخالف،


ولقد أنكر الإمام الذهبي رحمه الله رواية علي بن عاصم عن سماك بن حرب عن زيد بن صوحان في "تاريخ الإسلام" ذاته (1/531) فقال :


" وهذا الحديث يشبه حديث مسلمة المازني، لأن الحديثين يرجعان إلى سماك، ولكن قال هنا عن زيد بن صوحان، فهو [منقطع]، فإنه لم يدرك زيد بن صوحان، وعلي بن عاصم [ضعيف كثير الوهم]، والله أعلم. " انتهى.


وقال في رواية مسلمة المازني:


" [هذا حديث منكر غريب]، والذي قبله أصح [أي رواية ابن إسحاق]، وقد تفرد مسلمة بهذا، وهو ممن احتج به مسلم، ووثقه ابن معين، وأما أحمد بن حنبل فضعفه، رواه قيس بن حفص الدارمي شيخ البخاري عنه. "


قلتُ: علمًا بأن سياق الروايتين رواية أبي عثمان النهادي ورواية مسلمة المازني التي مر بها الإمام الذهبي ليس بها وجود هذه العبارة


" يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللَّهَ عز وجل سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولا اسْمُهُ أَحْمَدُ يَخْرُجُ بِتُهْمَةَ وَكَانَ رَجُلا أَعْجَمٍيًّا لا يُحْسِنُ الْقَوْلَ... "


والله أعلم.