ابو وليد البحيرى
2018-11-14, 05:57 AM
الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة وحياة عيش المذبوح
للإمام شهاب الدين أحمد بن العماد الأقفهسي الشافعي( ت/808)
تحقيق
د. خالد بن زيد بن هذال الجبلي (
)
ملخص البحث:
هذه الرسالة من تصنيف الإمام أحمد بن العماد الأقفهسي (ت / 808 هـ)، أحد أئمة الشافعية في عصره .
وموضوعها: هو في الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة وحياة عيش المذبوح .
فالحياة المستمرة : هي الحياة التي تكون في الإنسان من بداية خلقه إلى انقضاء أجله.
والحياة المستقرة : هي أن تكون الروح في الجسد، وتكون معها الحركة الاختيارية والوعي ، مع الإصابة الفادحة.
وحياة عيش المذبوح : وهي التي لا يبقى معها إبصار ولا نطق ولا حركة اختيارية ولا وعي.
والمصنف - رحمه الله - لم يكن جامعا فقط، بل كان له اختيارات في كتابه وتفريعات واعتراضات ، وقد اهتم بذكر الأقيسة والتعليلات .
بالإضافة إلى مسائل معاصرة مهمة لها تعلق بموضوع الرسالة ، رأيت إضافتها لتكميل مباحثها.
وقد بذلت جهدي في إخراج نصها على صورة أرجو أن تكون كما أرادها المصنف ، وقمت بدراسة الرسالة وخدمتها.
ففي القسم الدراسي : عرفت بالمصنف ، ثم عرفت بالكتاب .
وفي القسم الثاني : حققت الكتاب ، وقابلته على ثلاث نسخ خطية ، وقمت بخدمته على الوجه الآتي : عزوت الآيات ، وخرجت الأحاديث والآثار، وترجمت للأعلام .
وثقت النصوص التي نقلها المصنف ، وبينت المذهب في المسائل ، مع إضافة مسائل لم يذكرها المصنف . شرحت الكلمات الغريبة ، وعرفت بالمصطلحات العلمية ، والكتب الواردة في الكتاب .
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى اله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة ، بديعة في بابها، دبجتها يراعة الإمام شهاب الدين احمد بن العماد الأقفهسي احد أئمة الفقهاء الشافعية في عصره ، الحبر الجليل ، كان كثير الاطلاع والتصانيف ، كما وصفه مترجموه .
موضوعها في الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة ، وحياة عيش المذبوح فيما يتعلق بالآدمي أو بالحيوان المأكول.
ومعها زيادات وتتمات تتعلق بأحكام الذكاة، قد اجتهد المصنف – رحمه الله - في بيان الغامض من مسائلها وحل معضلاتها.
لا اعرف - حسب اطلاعي - كتابا يختص بموضوعه غيره .
بذلت جهدي في إخراج نصها على صورة أرجو أن تكون كما أرادها المصنف - رحمه الله - وقمت بدراسة الرسالة وخدمتها، مع إضافات رأيت تكميل مباحث الرسالة بها، وفق خطة انتظمت في قسمين:
القسم الأول : القسم الدراسي ، وفيه فصلان ، الأول التعريف بالمصنف، والثاني التعريف بالكتاب .
القسم الثاني : النص المحقق ، وهو النص الكامل لهذه الرسالة مع خدمتها، كما سياتي.
الفصل الأول
التعريف بالمصنف
المبحث الأول
اسمه وشهرته ونسبته وكنيته ولقبه([1])
1 - اسمه : اتفقت المصادر التي ترجمت للمصنف - رحمه الله - على اسمه واسم أبيه ، واختلفت فيما عدا ذلك.
والذي يظهر لي بعد التأمل أن اسمه : احمد بن العماد بن محمد بن يوسف بن عبد النبي الأقفهسي ثم القاهري .
ففي هذا جمع لما تفرق من كلام المترجمين له.
وقد نبه السخاوي إلى أن بعضهم سماه : احمد بن عبد الباقي ، الشهاب ابن العماد الأقفهسي، وخطأه ([2]).
2 - شهرته : اشتهر - رحمه الله - بابن العماد، وهو المراد عند الإطلاق في كتب الشافعية.
3 - نسبته:
الأول : الأقفهسي.
نسبة إلى بلد بمصر بالصعيد من كورة البهنسا ([3]).
الثاني : المصري .
الثالث : القاهري ، وذلك لأنه انتقل إليها بعد أقفهس.
الرابع : الشافعي ، نسبة إلى مذهبه الفقهي.
4 - كنيته : أبو العباس .
5 - لقبه : شهاب الدين ، وبعضهم يطلق عليه : الشهاب .
المبحث الثاني
ولادته وصفاته ووفاته
1 - ولادته : لم أجد عن ولادته سوى ما ذكر من أن ولادته كانت قبل الخمسين وسبعمائة . فإن المصادر لم تسعفنا بتحديد تاريخ الولادة تماما.
2 - صفاته : كان - رحمه الله - دمث الأخلاق ، طاهر اللسان ، حسن الصحبة، متواضعا، قال عنه الحافظ ابن حجر: ((وفي لسانه بعض حبسة )) ([4]).
3 - وفاته : توفي - رحمه الله - سنة (808).
ولم تحدد المصادر الشهر الذي توفي فيه، سوى ما عينه المقريزي والشوكاني بأحد الجمادين ([5]).
المبحث الثالث
دراسته وشيوخه
أفادت المصادر أن المؤلف - رحمه الله - قد اشتغل بالعلم درسا وتدريسا، وتفنن في ذلك.
فقد اشتغل بالفقه ، والعربية ، وأصول الفقه ، والحديث ، والأدب ، والتاريخ.
وقد ولي التدريس ببعض المدارس .
أما شيوخه الذين اخذ عنهم فإنهم كثير، وسأذكر ابرزهم:
1 - خليل بن طرنطاي الدوادار الزيني كتبغا.
لم اعرف سنة وفاته ، إلا أن ابن حجر دكر سنة ولادته ، وانها كانت سنة (704) ([6]).
وقد ذكر السخاوي أن ابن العماد سمع عليه صحيح البخاري وصحيح مسلم ([7]).
2 - الإسنوي: عبد الرحيم بن الحسن ، جمال الدين ، أبو محمد القرشي المصري (ت / 772) ([8]) .
ذكر السخاوي أن ابن العماد اخذ عنه جملة من مؤلفاته في الفقه وفروعه ([9]).
فقد قرا عليه من كتاب المهمات ولم يكمله ، وقرا عليه أحكام الخناثى، والكوكب ، والتمهيد سماعا.
3 - العراقي : عبد الرحيم بن الحسين ، زين الدين ، أبو الفضل الكردي العراقي، حافظ العصر (ت / 806) ([10]).
4 - البلقيني : عمر بن رسلان ، سراج الدين الكناني ، شيخ الإسلام الحافظ، مجدد القرن التاسع ، (ت / 805) ([11]).
5 - ابن الصائغ الحنفي : محمد بن عبد الرحمن الزمردي ، شمس الدين النحوي ، (ت / 777) ([12]).
ذكر ابن قاضي شهبة ، والسخاوي انه قرا عليه شرح البزدوي ([13]).
المبحث الرابع
تلاميذه
اخذ عنه جماعة من أهل العلم ، من ابرزهم:
1 - سبط ابن العجمي : إبراهيم بن محمد الطرابلسي ثم الحلبي ، برهان الدين، يعرف بالقوف المحدث الرحال ، (ت / 841) ([14]).
قرا على ابن العماد كتابه ((أحكام المساجد))، وسمع منه ((التبيان))، ذكر ذلك السخاوي ، وابن قاضي شهبة.
2 - الحافظ ابن حجر: احمد بن علي الشهاب ، أبو الفضل الكناني العسقلاني القاهري ، الحافظ الكبير، (ت / 852) ([15]).
وقد ختم على ابن العماد ((دلائل النبوة )) للبيهقي ، ذكر ذلك السخاوي .
3 - ابن قريج: عبد الرحمن بن يوسف ، زين الدين ، أبو محمد بن الطمان الحنبلي ، الصالحي ، المسند، (ت / 845) ([16]).
4 - الرشيدي : عبد الله بن محمد بن لاجين ، (ت/ 807) ([17]).
اخذ عن ابن العماد كتابه ((أحكام المساجد))، ذكر ذلك السخاوي .
5 - ابنه محمد: الشمس ، أبو الفتح ، (ت / 867) ([18]).
اخذ عن أبيه الفقه ، وبحث عليه في الأصول والعربية.
المبحث الخامس
منزلته العلمية
كان - رحمه الله - له مكانة عالية بين أهل العلم ، بما تميز به من تقدم في العلم ، وفي سعة النظر، وفي كثرة التصانيف والإفادة ، وفي الأخلاق الحسنة.
فشهد له بذلك كثير من أهل العلم حتى عظموه.
مما قيل فيه:
1 - قال الحافظ ابن حجر عنه: ((هو من نبهاء الشافعية ، كثير الاطلاع والتصانيف ، نعم الشيخ كان - رحمه الله -)) ([19]).
2 - وقال ابن العجمي عنه: ((كان من العلماء الأخيار المستحضرين ، ولديه فوائد في فنون عديدة ، دمث الأخلاق ، طاهر اللسان ، حسن الصحبة )) ([20]).
المبحث السادس
مذهبه الفقهي
كان - رحمه الله - شافعي المذهب في الفروع ، فإن المصادر التي ترجمة له لم تختلف في ذلك.
وقد كان اكثر شيوخه وتلاميذه من علماء الشافعية ، بل يدل على ذلك مصنفاته في الفقه ، فقد كتبها على مذهب الشافعية ، وله فيها اختيارات مشهورة ، نقلها عنه علماء الشافعية ممن أتى بعده .
المبحث السابع
مؤلفاته
لابن العماد - رحمه الله - مؤلفات عديدة قاربت الخمسين ، وهي في فنون مختلفة ، في العقيدة ، والتفسير، والحديث ، والسيرة ، وفي الفقه – نظما ونثرا - وهو اغلبها.
وإليك شيئا من مؤلفاته:
1 - تسهيل المقاصد لزوار المساجد.
حققه الباحث هذال المطيري ، في رسالة علمية بجامعة أم درمان الإسلامية.
2 - القول التام في أحكام المأموم والإمام .
حققه الباحث مساعد الحسني ، في رسالة علمية بجامعة أم القرى .
3 - القول التمام في آداب دخول الحمام .
طبع بتحقيق محمد خير يوسف ، نشر بدار ابن حزم، بيروت سنة (1417).
4 - أحكام الأواني والظروف ، وما فيها من المظروف .
وعندي منه اربع نسخ خطية ، وسأقوم بإخراجه - أن شاء الله تعالى - .
5 - توقيف الحكام على غوامض الأحكام .
قمت بتحقيقه في رسالة علمية لنيل درجة الدكتوراه بجامعة أم القرى سنة 1425 ،
وحصلت فيها على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى - ولله الحمد - .
6- كشف الأسرار عما خفي عن الأفكار طبع بتحقيق محمد خير يوسف، نشر بدار ابن حزم، بيروت سنة 1426 .
7- شرح المنهاج للنووي ، بعدة شروح ، منها: التوضيح ، والبحر العجاج ([21]).
8- الاقتصاد في الاعتقاد ،وهو عبارة عن نظم يزيد على (500) بيت، وله عليه شرح مختصر ([22]) .
9- الأنوار الفاتحة في شرح الفاتحة ، منه نسخة في لاندبرج بريل ([23]).
10- نظم التذكرة لابن الملقن في علوم الحديث.
دكره السخاوي ، وذكر أن له شرحا عليها.
11- نظم الدرر من هجرة خير البشر.
كذا سماه السخاوي ، وفي كشف الظنون ((الدرر الضوئية في الهجرة النبوية )).
وهو عبارة عن نظم للسيرة النبوية ، وله شرح عليها.
له نسختان خطيتان في الفاتيكان والقاهرة ([24]).
وهناك مؤلفات في نسبتها اختلاف منها:
1- لفاظ القطرات شرح جامع المختصرات .
وجامع المختصرات هو لابن الناشئ (ت / 758).
في هدية العارفين نسبه إليه ([25])، ولما ترجم السخاوي لابنه محمد نسبه إلى الابن ، باسم ((الألفاظ العطرات)) ([26]).
2- تنوير الدياجير بمعرفة إحمام المحاجير.
في هدية العارفين نسبه إليه ([27])، وفي موضع أخر نسبة إلى ابنه محمد ([28])، كما عند السخاوي ([29]).
3 - الذريعة إلى معرفة الأعداد الواردة في الشريعة.
نسبه إليه في الأعلام ([30])، وفي موضع أخر نسبه إلى ابنه محمد ([31])، كما عند السخاوي ([32]).
وقد طبع محققا، وتوصل فيه المحقق إلى انه من تأليف ابنه محمد.
نشر بدار الكتب العلمية ، بيروت سنة 1412 .
المبحث الثامن
شعره
اشتهر ابن العماد - رحمه الله - بكثرة النظم ، فقد نظم مسائل كثيرة في الفقه وغيره من العلوم ، وله قصيدة مدح بها شيخه البلقيني ، وقصيدة مدح بها تلميذه الحافظ ابن حجر، كما ذكر ذلك الحافظ نفسه ([33]).
ومنها ما كتبه عنه تلميذه الحافظ البرهان الحلبي.
إمام محب ناشئ متصدق مصلي وباك خائف سطوة الباس
يظلهم الرحمن في ظل عرشه إذا كان يوم الحشر لا ظل للناس ([34]).
الفصل الثاني
التعريف بالكتاب
المبحث الأول
اسم الكتاب وتوثيق نسبته إلى مؤلفه
المصنف - رحمه الله - لم يجعل لكتابه هذا اسما، وإنما ذكر في مقدمته موضوعه فقط.
أما النسخ الخطية للكتاب فقد كتب على طرة كل نسخة اسم واضح انه من اجتهاد النساخ .
كما سيأتي بيان ذلك عند الكلام على وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق.
والكتاب هو من مصنفات الإمام ابن العماد الأقفهسي وذلك لأمور:
1 - انه كتب على طرة جميع النسخ الخطية التي وقفت عليها اسم المصنف.
2 - نسب في فهارس المخطوطات إليه دون خلاف بينها في ذلك.
كما في فهرس مجاميع المدرسة العمرية بدار الكتب الظاهرية بدمشق ([35]).
وفهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية ([36]).
وفهرس دار الكتب المصرية ([37]).
3 - وقد عده صاحب كتاب تاريخ الأدب العربي من أثاره ([38]).
المبحث الثاني
موضوع الكتاب
هذه الرسالة تعالج قضية معينة ، وهي الفرق بين عبارات كثرت في كلام الفقهاء وقد يشكل الفرق بينها.
وانبرى ابن العماد - رحمه الله - لبيان الفرق بينها، وما يترتب عليها من احكام ، ثم استطرد بعد ذلك في بيان مسائل تتعلق بالذكاة.
ولا اعرف مؤلفا جامعا محررا في هذا الباب غير ما كتبه ابن العماد هنا.
مما حدا بالإمام بدر الدين الزركشي (ت/ 794)، الاقتباس من هذه الرسالة جملة كبيرة من أولها إلى صفحة (36)، من هذه الطبعة مع تصرف ظاهر.
أي ما يقارب نصف الرسالة ، في كتابه الماتع: ((المنثور في القواعد)) (2/ 105 - 112)، قال في أخر المنقول : ((وإنما اطلت في هذا الفصل لأنه من الضروريات ، وقل من أتقنه)).
وموضوع هذه الرسالة : هو في الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة وحياة عيش المذبوح .
وقد نظم ذلك بعضهم فقال :
حياة لها استمرار أن بقيت إلى فراغ لآجال تموت لقد ظهر
وصفها بالاستقرار أن وجدت بها صفات اختيار مع قرائن تعتبر
وعيشة مذبوح فسم إذا خلت عن السمع أو نحو اختيار كذا البصر ([39]).
فالحياة المستمرة : هي الحياة التي تكون في الإنسان من بداية خلقه إلى انقضاء أجله.
والحياة المستقرة : هي أن تكون الروح في الجسد، وتكون معها الحركة الاختيارية والوعي ، كما لو أصيب إنسان في حادث إصابة فادحة ، ورجح الأطباء انه سيموت بعد ساعات أو أيام ، ولكن ظل قادرا على القيام ببعض الحركات الإرادية ، وظل فيه الوعي أو بعضه.
وحياة عيش المذبوح : وهي التي لا يبقى معها إبصار ولا نطق ولا حركة اختيارية ولا وعي، ومثلها بعض الحالات التي يتلف فيها جزء كبير من الدماغ ويبقى جذع الدماغ سليما، وهي التي تدعى طبيا بالحياة الإنباتية، فالمصاب في هذه الحال حي، قلبه ينبض تلقائيا، ويتنفس دون مساعدة الأجهزة ، ولكنه فاقد للوعي ، عاجز تماما عن القيام بأية حركات إرادية.
ففي هذه الحالات يحرم إنهاء الحياة بالقتل أو بغيره " لأن الله هو واهب الحياة ، وهو وحده الذي ينتزعها ([40]).
أما حالة موت الدماغ : وهو الإنسان الذي تلف دماغه تلفا نهائيا، فإنه في هذه الحال يفقد وعيه فقدا نهائيا، كما يفقد القدرة على الحركات الإرادية ، وقد اصبح بالإمكان اليوم المحافظة على حياة بقية الجسد بواسطة أجهزة الإنعاش ، فإذا ما رفعت عنه مات، فهل يعد هذا موتا حقيقيا؟ وهل يجوز رفع أجهزة الإنعاش عنه؟ سيأتي بحثه في موضعه - أن شاء الله -
ومما بحثه المصنف أيضا: أن الآدمي أو الحيوان المكول إذا صار إلى أخر رمق فإنه لا يخلو من حالين:
الأولى : أن يكون ذلك من سبب يحال عليه الهلاك ، كان حكمه كالميت.
فالآدمي يجوز أن تقسم تركته ، إلى أخره، والحيوان إذا ذبح لا يحل.
الثانية : ألا يكون ذلك من سبب يحال عليه الهلاك ، أو لم يتقدمه سبب أصلا كان حكمه كالحي.
ثم بعد ذلك تطرق إلى مسائل عدة، منها:
- أن الحياة المستقرة يعتبر وجودها عند أول القطع لا بعده ، وما يتفرع عن ذلك من ذبح الحيوان من القفا أو ذبحه من مقدم العنق ، أو أبان الراس فوق الحلقوم والمريء.
- لو رفع السكين عمدا بعد ما قطع البعض ثم أعادها، والتفصيل في ذلك مع الترجيح.
- مذاهب العلماء في ذبح ما ينحر ونحر ما يذبح.
- مذاهب العلماء فيما يجب قطعه.
- الحكمة في الذكاة بم شرعت ؟ وما ينبني على الخلاف في ذلك من مسائل.
- أحوال ذكاة المنخنقة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع.
- العضو الأشل هل هو حي أم ميت؟ وما ينبني على ذلك من مسائل.
- الشاة الملسوعة إذا ذبحت هل تؤكل أم لا؟.
- ذبح السمك الكبير وانه يستحب إراحة له، وهل يحل لو قلاه أو شواه وهو حي؟.
- الذي يؤكل بلا ذكاة ميتة السمك والجراد، وذكر الخلاف في ذلك.
إلى غير ذلك من المسائل والفوائد، مع ما حواه الكتاب من أقوال كثير من الأئمة.
والمصنف - رحمه الله - لم يكن جامعا فقط، بل كان له اختيارات ، وتفريعات واعتراضات ، وقد اهتم بذكر الأقيسة والتعليلات .
بالإضافة إلى مسائل معاصرة مهمة لها تعلق بموضوع الكتاب ، رأيت إضافتها" لتكميل مباحثه.
وبما أن الكتاب يبحث في الفرق بين مسائل فقهية ، رأيت أن لقي الضوء على فن الفروق الفقهية.
المبحث الثالث
فن الفروق الفقهية وهو: معرفة الأمور الفارقة بين مسألتين متشابهتين ، بحيث لا يسوى بينهما في الحكم ([41]).
قال أبو محمد عبدالله بن يوسف الجويني الشافعي والد إمام الحرمين (ت/438 هـ):
" فإن مسائل الشرع ربما تتشابه صورها، وتختلف أحكامها، لعلل أوجبت اختلاف الأحكام ، ولا يستغني أهل التحقيق عن الاطلاع على تلك العلل التي أوجبت افتراق ما افترق منها، واجتماع ما اجتمع منها " ([42]).
ووظيفة هذا الفن إظهار المسائل بوضوح ، وكشف النقاب عن الاختلاف في الحكم والمناط في المسائل المتشابهة من حيث الصورة ، أو المسائل المتقارب بعضها ببعض ، حيث يتضح بذلك للفقيه طرق الأحكام ، ويكون قياسه للفروع على الأصول متسق النظام ([43]).
ولعل أول من جنح إلى التأليف في هذا الفن هو الإمام أبو العباس احمد بن عمر بن سريج الشافعي (ت / 306 هـ). ثم توالت بعده التأليف على اختلاف المذاهب.
وممن لف في ذلك من الشافعية : أبو محمد الجويني في كتابه "الفروق"، وأبو محمد جمال الدين الإسنوي (ت / 772 هـ) في كتابه " مطالع الدقائق ".
المبحث الرابع
مصادر المؤلف المؤلف - رحمه الله - رجع في رسالته هذه إلى عدة مصادر، ومما صرح به منها: الآتي:
الوافي في شرح المهذب لابن عيسى ، المرشد في شرح المزني للجوري، الكفاية في شرح التنبيه لابن الرفعة ، الشامل لابن الصباغ ، البيان في شرح المهذب للعمراني، الفروع للرازي ، مختصر المزني ، التجريد للروياني، المجموع في شرح المهذب للنووي ، روضة الطالبين للنووي أيضا، الجامع لأحكام القران للقرطبي.
واستطيع أن أقول : أن ابن العماد - رحمه الله - كان غالب اعتماده في نقولاته للمذاهب والأقوال على المجموع للنووي ، كما بينته في مواضعه.
ومع ذلك لم يكن ناقلا فقط، بل كانت له اختيارات وتفريعات واعتراضات ، برزت فيها براعته الفقهية.
المبحث الخامس
نسخ الكتاب الخطية
حصلت - بفضل الله تعالى - على ثلاث نسخ خطية للكتاب ، قابلتها متخذا النسخة الأولى أصلا.
الأولى : نسخة مركز الملك فيصل.
رقمها: 3002
عنوانها: الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة .
عدد أوراقها: 14 ق . عدد الأسطر: 14 س .
اسم الناسخ : محمد بن احمد. تاريخ النسخ : غرة ربيع الأول سنة 1208 .
وهي التي اتخذتها أصلا، لأنها أول نسخة صورتها.
فيها اختلاف مع النسختين الآتيتين ، ففيها سقط كلمات واختلاف في بعض الألفاظ ، ورمزت لها بالأصل.
الثانية : نسخة المكتبة الظاهرية.
ضمن مجموع برقم (5255)، وهي الرسالة الرابعة في المجموع .
عنوانها: كتاب فيه القول في الفرق بين الحياة المستقرة والحياة المستمرة .
عدد أوراقها: 4 ق. عدد الأسطر: 31 س .
وهي غفل من اسم الناسخ.
ورمزت لها: ب (د).
الثالثة : نسخة المدرسة العمرية.
في دار الكتب الظاهرية بدمشق.
ضمن مجموع برقم (3877) (مجاميع 144 ).
عنوانها: حقيقة الفرق بين الحياة المستمرة والمستقرة وحياة عيش المذبوح .
عدد أوراقها: 5 ق (121 - 125)، عدد الأسطر: 25 س، وهي الرسالة التاسعة في المجموع .
وقد كتب هذا المجموع بخطوط مختلفة، وملكه محمد الكزبري الشافعي سنة 1235، وعبد الله الحلاق سنة 1264 .
وهي غفل من اسم الناسخ ، إلا أن الرسالة العاشرة - وهي التي بعدها- كتبت بخط مقارب ، كتبها محمد بن سعيد النووي الشافعي سنة 1200.
ورمزت له: ب- (هـ).
المبحث السادس
عملي في الكتاب 1 - نسخت المخطوط وقابلت النسخ ، متخذا نسخة مركز الملك فيصل أصلا. واثبت الفروق بينها في الهامش ، إلا اني أعرضت عن الفروق التي ليس لها شأن، وإنما هي من أخطاء النساخ .
وما اختلفت فيه النسخ اثبت النص الذي يستقيم معه المعنى ، مبينا ذلك في الهامش.
2 - عزوت الآيات القرآنية إلى سورها، وخرجت الأحاديث والآثار، وترجمت للأعلام عدا المشاهير: كالخلفاء الأربعة والأئمة الأربعة.
3 - علقت على مسائل الكتاب على النحو الآتي:
أ - وثقت النصوص التي نقلها المصنف عن غيره من كتب أصحابها إن كانت مطبوعة ، والا فمن أقرب المصادر إليها - قدر المستطاع - .
ب - بينت المذهب في مسائل الكتاب .
ج - حررت صحة نسبة القول إلى قائله من الكتب المعتمدة .
د - بينت أوهام المصنف - عفا الله عنه - في النقل أو في عزو الأقوال والمذاهب.
هـ- ذكرت مسائل لها تعلق بموضوع الكتاب لم يذكرها المصنف- رحمه الله - .
4 - شرحت الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى شرح في نظري .
5 - عرفت بالمصطلحات العلمية.
6 - عزفت بالكتب الواردة في الكتاب .
ولله الحمد والمنة
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/111.jpg
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/112.jpg
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/113.jpg
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/114.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين.
الحمد لله رب العالمين ، (وصلواته وتسليمه ) ([44]) على سيدنا محمد ([45]) خاتم النبيين ، وعلى اله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذا كتاب أتعرض فيه للفرق بين (حقيق) ([46]) الحياة المستمرة ، والحياة المستقرة ، وحياة عيش المذبوح .
أما الأولى : فهي استمرار الحياة إلى انقضاء الأجل ، (والأجل) ([47]): (هو انقضاء مدة الحياة ) ([48])، ومذهب أهل السنة : أن الإنسان إنما يموت بأجله ، قال الله تعالى : (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ) ([49]).
وقالت المعتزلة ([50]): ((يجوز أن يموت الإنسان قبل أجله ))، وقالوا: ((إن القاتل قطع على القتيل أجله )) ([51]).
وأثبت صاحب الوافي ([52]) في ذلك خلافا عندنا، (وبناء عليه ) ([53]) إذا قتلت الحرة (1/أ) نفسها هل يسقط مهرها أم لا ([54])؟ وأهل الدنيا لهم عمر وأجل ، وأهل الجنة لهم عمر ولا أجل (لهم) ([55])؟ لأنهم يعيشون ولا يموتون أبدا، ولو كان لهم أجل لماتوا.
(فهذه هي) ([56]) الحياة المستمرة ، والذي يموت حتف انفه : هو الذي يموت بانقطاع نفسه ، والذي يموت بسبب (صدمة) ([57]) وضربة لم يمت حتف انفه ([58]).
الثانية : الحياة المستقرة : وهي أن تكون الروح في الجسد، وتكون معها الحركة (الاختيارية موجودة دون الحركة ) ([59]) الاضطرارية ، (فالشاة إذا أخرج الذئب حشوتها وأبانها فحركتها حركة اضطرارية ) ([60])، فلا تحل إذا ذبحت ، ولو قتل إنسان في هذه الحالة لم يجب بقتله قصاص ، دمان عضها الذئب (فقد) ([61])([62]) بطنها (وتدلى) ([63]) كرشها ولم ينفصل فحياتها مستقرة ، لأن حركتها الاختيارية موجودة ، أو لهذا لو طعن إنسان وقطع بأنه يموت بعد ساعة أو يوم وقتله إنسان في هذه الحالة وجب القصاص ، لأن حياته مستقرة ، وحركته في هذه الحالة موجودة ) ([64]) بخلاف (1/ ب ) ما إذا أبينت حشوته ([65])، أي أزيلت " لأن مجاري النفس قد ذهبت، فصارت الحركة اضطرارية ([66]).
والحالة الأولى اتفقت لسيدنا عمر - رضي الله عنه - حين طعن وشرب اللبن فخرج من بطنه فأشار عليه الصحابة - رضي الله عنهم - بالوصية ([67])، فأوصى ، وقبلوا وصيته ارضي الله عنها ([68])([69]) مع القطع بأنه (سيموت)([70]) (من ذلك. وقد تكون الحواس سليمة )([71])، والحياة مستقرة ، والحركة اختيارية، ويعطى الإنسان فيها حكم الأموات ، كما إذا وقع في بحر لا ينجو منه وتاب في تلك (الحالة) ([72]) فإنه لا تقبل ([73]) توبته ، (ويقسم) ([74]) ماله ، وتنكح نساوه، ولا يصح شيء من تصرفاته ، وفي هذه الحالة لم يقبل إيمان فرعون الذي كان يزعم انه الرب الأعلى ، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ، (وفي مثل) ([75]) هذه الحالة لو اشرف على الغرق (2/أ) فقتله قاتل قبل أن يموت وجب عليه القود ([76])، ولو كانت (مثل) ([77]) شاة فذبحها في هذه الحالة حلت.
الثالثة حياة عيش المذبوح : وهي (التي) ([78]) لا يبقى معها إبصار ولا نطق ولا حركة اختيارية ([79])، فإذا انتهى إلى تلك الحالة فإن كانت بجناية جاني وقتله أخر، فلا قصاص عليه ، بل على الأول ، دمان انتهى إلى تلك الحالة بمرض وقتله قاتل فعليه القصاص ([80])، قال الإمام ([81]): ولو انتهت الشاة بالمرض إلى ادنى الرمق فذبحت حلت" لأنه لم يوجد سبب يحال عليه الهلاك ([82])، بخلاف (ما) ([83]) إذا افترسها سبع فوصلت إلى هذه الحالة ، قال: ولو كلت الشاة نباتا مضرا فصارت إلى ادنى الرمق فذبحت فقد دكر (شيخي)([84])([85]) فيه وجهين ، ثم قطع في (كرة) ([86]) بنفي الحل " لأنه وجد سبب يحال (2/أ) عليه الهلاك فصار (كجرح) ([87]) السبع ([88]).
وينبغي أن يقطع بمنع الأكل، فإن قلنا: (إن) ([89]) الذكاة (تفيدها) ([90]) الطهارة " لأن لحمها قد سري فيه السم ، (فالتحق) ([91]) بالأشياء الطاهرة ([92]) المضرة ([93])، و( الحاصل) ([94]) من كلامه : أن الشاة إذا (انتهت بالمرض إلى حالة عدم الحياة المستقرة وذبحت حلت) ([95]) ، وهو نظير إيحاب القصاص على قاتل المريض ، حتى قال الإمام ([96]): أن المريض لو انتهى إلى سكرات الموت وبدت مخايلة وتغيرت الأنفاس في الشراسيف ([97]) لا يحكم له بالموت حتى يجب القصاص على قاتله ([98])،
وظاهره انه لا (فرق) ([99]) بين أن يشخص بصر الميت أم لا ([100]).
وحالة شخوص البصر (هي) ([101]) الحالة التي يشاهد فيها الميت ملك الموت ، وفي هذه الحالة لا تقبل التوبة ، قال الله تعالى : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ)([102])(3/ أ)، وقال (: (إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم (يغرغر)([103])([104])).
ولو شخص بصر الشاة فذبحها في هذه الحالة فسيأتي بيان ذلك (إن شاء الله تعالى ( ([105])([106]).
فصل([107])
الحياة المستقرة لا يعتبر (تحقق) ([108]) حصولها في الشاة المريضة وتعتبر في أكيلة السبع ونحوها، واختلفوا في تفسير ما يدل على بقائها، فقال ابن الصباغ ([109]) في تمثيلها: أن يكون الحيوان بحيث لو ترك البقي يوما أو بعض يوم، وغير المستقرة لو تركا ([110]) لمات في الحال ([111])، وقال غيره : (الحياة المستقرة ) ([112]) أن لا ينتهي إلى حركة (مذبوح، وقد سبق ([113]) بيان حركة ) ([114]) المذبوح ، وقال في المرشد ([115]): تعرف الحياة المستقرة بشيئين : احدهما أن يكون حالة وصول السكين إلى الحلقوم تطرف عينه (و) ([116]) يتحرك ذنبه (3 / ب ) لأن الحياة إذا (زالت) ([117]) من أسفله لم يتحرك ذنبه أو شخص بصره ) ([118])، والثاني : أن (لا) ([119]) يتحرك منه شيء بعد إبانة (السكين) ([120])، ولا عبرة بالاختلاج ([121]) بعد الذبح وكذا إنهار الدم ، يعني من غير حركته ([122])، وجزم النووي ([123]) بأن انفجار الدم بعد الذبح وتدفقه مع وجود الحركة الشديدة من أمارات بقاء الحياة المستقرة ، (وان) ([124]) الحركة الشديدة (حدها ) ([125]) كذلك في الأصح ([126]). قال في الكفاية ([127]) (و) ([128]) عن بعض الأصحاب : أن مجرد خروج الدم دليل استقرار الحياة .
قال في شرح المهذب ([129]): و (قد) ([130]) وقعت المسألة في الفتاوى فكان الجواب فيها أن الحياة المستقرة تعرف بقرائن يدركها الناظر، ومن علاماتها: الحركة الشديدة بعد قطع الحلقوم والمريء ([131]) وجريان الدم فإذا (4/أ) حصلت قرينة مع (احدهما) ([132]) حل الحيوان ، والمختار الحل بالحركة الشديدة وحدها فهذا هو الصحيح الذي نعتمده ([133]). انتهى.
واستفدنا من كلامه أن الحركة الشديدة لا يحتاج معها إلى قرينة بخلاف انفجار الدم فإنه يحتاج معه إلى قرينة بقاء الحياة ، قال: وذكر الشيخ ابو حامد ([134]) و(صاحبا) ([135]) الشامل ([136]) والبيان ([137]) وغيرهم أن الحياة المستقرة ما يجوز أن يبقى معه الحيوان اليوم (و) ([138]) اليومين بأن شق جوفها وظهرت الأمعاء ولم تنفصل ، فإذا ذكيت حلت، وهذا الذي ذكره (ينزل) ([139]) على ما قدمناه ([140])، قال: واذا مرضت الشاة فوصلت إلى ادنى الرمق ([141]) فذبحت فإنها تحل بلا خلاف ، وحكى صاحب الفروع ([142]) عن أبي علي ابن هريرة ([143]) أنها (4 / ب ) ما دامت تضرب بيدها وتفتح (عينها) ([144]) حلت بالذكاة. قال صاحب (البيان) ([145]) هذا ليس بشيء، لأن الحياة فيها غير مستقرة ، فإن حركتها حركة مذبوح فلا تحل، والمذهب ما سبق ([146]).
قال الرافعي ([147]) في كتاب الوصية ([148]): وتعرف الحياة المستقرة (يعني) ([149]) في الآدمي بصراخه وهو الاستهلال ، وكذا البكاء والعطاس والتثاؤب وامتصاص الثدي ، لدلالتها على الحياة دلالة الاستهلال ([150]).
وقال مالك ([151]): الاعتبار بالاستهلال لا (غيره) ([152])، وحكى الإمام ([153]) اختلاف (قول) ([154]) في الحركة والاختلاج ([155]) ثم قال: وليس موضع القولين ما إذا قبض اليد وبسطها، فإن هذه الحركة تدل على الحياة (قطعا، ولا الاختلاج الذي ) ([156]) يقع مثله لانضغاط وتقلص (5/أ) عصب ([157]) فيما أظن، وإنما الأخلاف فيما بين هاتين الحركتين ، والظاهر كيف ما قدر الخلاف (أن) ([158]) ما لا يعلم به الحياة ويمكن أن يكون مثله لانتشار بسبب الخروج من المضيق او (لاستواء) ([159]) عن التواء (فلا عبرة ) ([160]) به (كما لا عبرة ) ([161]) بحركة المذبوح ، ولو ذبح (رجل) ([162]) وهو يتحرك فمات أبوه في تلك الحالة لم يرث المذبوح منه ([163]).
وفي (تجريد) ([164]) الروياني وجه أخر ضعيف :أنه يرث ([165]) وحكى الحناطي ([166]) قريبا منه عن المزني ([167])، انتهى ([168]).
فرع: إذا شك في المذبوح هل فيه حياة مستقرة بعد الذبح ([169])، فوجهان:
احدهما: الحل ، لأن الأصل بقاء الحياة ، وأصحهما التحريم، (للشك) ([170]) في حصول الذكاة المبيحة ، وان غلب على ظنه بقاء الحياة المستقرة حلت وهذا من المواضع التي (فرقوا) ([171]) فيها بين الشك والظن ([172])، فقول النووي : أن الفقهاء لا يفرقون (5/ ب ) بين الشك والظن ([173])([174])، تستثنى من هذا الموضع ، ولو غلب (على ظن) ([175]) رجل بقاء الحياة وشك أخر حلت للأول دون الثاني " لأنه ظن في مقام الاجتهاد فلا يقلد احدهما الآخر، كما لو اختلط طعام متنجس بغيره فاجتهدا فيه.
فرع: لو سلخ الجلد الذي على الحلقوم والمريء ثم ذبح الشاة وفيها حياة مستقرة حلت، وقطع الجلد واللحم المتراكم على الحلقوم (والمريء) ([176]) ليس بشرط ، فلو ادخل سكينا من أذن ثعلب ([177]) فقطع بها حلقومه ومريئه حل الثعلب ([178])، (ولكن) ([179]) يعصي بذلك.
فرع: ([180]) لو ذبح الحيوان من قفاه عصى، فإن اسرع فقطع الحلقوم والمريء وفيه حياة مستقرة (حل، كما لو قطع يده ثم ذكاه ).
قال إمام الحرمين : ولو كان فيه حياة مستقرة ) ([181]) عند ابتداء قطع المريء ([182]) لكن لما قطع بعض الحلقوم انتهى إلى حركة المذبوح لما ناله من قبل سبب قطع القفا فهو حلال ، لأن أقصى ما وقع التعبد (به) ([183]) (6/ أ) أن يكون فيه حياة مستقرة عند الابتداء بقطع (المذبح) ([184]) انتهى ([185]).
وفيه (صريح) ([186]) بأن الحياة المستقرة يعتبر وجودها عند أول القطع لا بعده .
ونقل في شرح المهذب (كلام الإمام ) ([187]) واقتصر عليه ([188])، وقال (في الكفاية : قال) ([189]) ابن الصباغ : ينبغي أن يعتبر بقاء الحياة المستقرة - أيضا- بعد قطع الحلقوم " لأنه لم (يحل) ([190]) بقطع الحلقوم خاصة ، وهذا منه يفهم امرين : احدهما: أن الذي يقع الابتداء بقطعه في هذه الصورة الحلقوم . وليس الأمر كذلك ، بل الذي يقع الإبداء بقطعه في هذه الصورة المري ء.
والثاني : (على تقدير) ([191]) أن الذي يقع الابتداء بقطعه في هذه ( الصورة) ([192]) لحلقوم أن (المذهب) ([193]) الاكتفاء بكون الحياة مستقرة عند الشروع في قطع الحلقوم وقياسه أن يكتفى (عنها وينبغي أن تكون ) ([194])
الحياة مستقرة فيما إذا (ابتدأ) ([195]) القطع (6/ ب ) من مقدم العنق عند قطع الحلقوم ، (وقياسه: أن يكتفى عنها) ([196]) أيضا، وعليه ينطبق قول الإمام في أن الحياة لو كانت مستقرة عند الشروع في قطع المريء والحلقوم تحل، وإن لم يوجد عند تمام قطعهما إذا وجد الإسراع على النسق المعتاد، ولكن الذي حكاه المزني ([197]) عن الشافعي في المختصر ([198]): أنها (إذا) ([199]) تحركت بعد قطع راسها كلت، والا لم تؤكل ، وفسر البندنيجي ([200]) وجمهور الأصحاب ذلك بأن
الشافعي قال: إنما تعلم الحياة المستقرة بشدة الحركة ، فإن كانت الحركة شديدة بعد قطع الرقبة فالحياة مستقرة ، وكلام الغزالي ([201]) يقتضي اعتبار استقرار الحياة إلى انتهاء (ما يجب) ([202]) قطعه بالذكاة ([203])، (وهذا) ([204])
يوافق ([205]) ما دل عليه ظاهر النص ، (قال: و) ([206]) بذلك يحصل في المسألة ثلاث احتمالات انتهى.
ويخرج (7/ أ) من ذلك انه لو ذبح الشاة من مقدم عنقها فانتهت بقطع الحلقوم إلى حركة المذبوح (لم تحل، وان انتهت إلى حركة المذبوح ) ([207]) (بعد قطع) ([208]) الحلقوم والمريء حلت على قول الإمام ([209])، ولم تحل على ظاهر النص الموافق لاختيار الغزالي وكذا لو قطع البعض فماتت ([210]) يكون موتها كانتهائها إلى حركة المذبوح (و) ([211]) هذا قياس ما سبق في الذبح من القفا، ويحتمل الفرق، والقول بالحل في الصورة الثانية بخلاف الأولى ، (وهي) ([212]) الذبح من القفا (لكن) ([213]) قال إمام الحرمين وغيره : يجب أن يسرع الذابح في القطع ، فلا يتأنى بحيث يظهر انتهاء الشاة قبل استتمام قطع المذبح إلى حركة المذبوح ([214]).
قال الرافعي : ((وهذا (قد يخالف ) ([215]) ما سبق أن (المتعبد به) ([216]) أن تكون الحياة مستقرة عند الابتداء)) ([217])، قال: ((فيشبه (7/ ب ) أن يكون المقصود هنا إذا تبين مصيره إلى حركة المذبوح ، وهناك إذا لم يتحقق الحال )) ([218])، قال النووي : ((وهذا الذي قاله خلاف ما سبق تصريح الإمام به، بل الجواب أن هذا مقصر في التأني ، فلبم تحل ذبيحته ، بخلاف الأول )) ([219])، وينبغي أن يفصل بين أن يذبح بسكين كال وبين غيره ، فإن ذبح بسكين غير كال حلت الذبيحة ، وان ماتت قبل (استتمام) ([220]) القطع ، لأنه غير مقصر، وإن ذبح بسكين كال فيحرم ، لتقصيره بالذبح (بها) ([221])، كما لو تباطأ في الذبح بسكين غير كال (حتى ماتت البهيمة ) ([222]).
قال النووي : ((ولو امر (السكين) ([223]) ملصقا باللحيين ([224]) فوق الحلقوم والمريء وأبان الراس (فليس هذا بذبح ، لأنه لم يقطع الحلقوم والمريء)).
قال: ((ولو أخذ الذابح في قطع الحلقوم والمريء وأخذ (8/أ) أخر في نزع حشوته أو نخس ([225]) خاصرته لم يحل، لأن التذفيف ([226]) لم يتمحض للحلقوم والمريء))) ([227])، ((ولو اقترن قطع الحلقوم بقطع رقبة الشاة من قفاها بأن يجري سكينا من القفا وسكينا من الحلقوم حتى التقيا فهي ميتة ، بخلاف ما إذا تقدم قطع القفا وبقيت الحياة مستقرة إلى وصول السكين المذبح )) ([228])، ولو ماتت قبل أن يقطع شيئا من الحلقوم والمريء حرمت كما سبق ([229])، لأنها ماتت بغير ذكاة.
فرع: تقدم ([230]) أن الذابح يجب عليه أن يسرع في الذبح ، فلو قطع البعض ثم رفع السكين عمدا وأعادها بعد (أن) ([231]) انتهت إلى حركة المذبوح حرمت ، وإن أعادها قبل أن تنتهي إلى حركة المذبوح فمقتضى القواعد السابقة الحل ([232]).
وعن مالك التحريم ، لانقطاع الموالاة ([233])، (وحكى القرطبي ([234]) (8 / ب ) في تفسيره ([235]) قولين وصحح الحل ) ([236])، وإن رفع يده نسيانا او إكراها او انكسرت السكين قبل تمام القطع (وأعادها) ([237]) بعد (أن) ([238]) انتهت إلى حركة المذبوح فالمتجه (تخريجه) ([239]) على الخلاف " لأنه من الأعذار النادرة .
( فصل)([240])
في مذاهب العلماء في ذبح ما ينحر ونحر ما يذبح السنة عندنا: ذبح البقر والغنم ، ونحر الإبل ([241])، فلو (خالف فذبح الإبل ونحر الغنم والبقر) ([242]) جاز ([243])، وبهذا قال ابو حنيفة ([244])، واحمد ([245])، وجمهور العلماء ([246])، والقياس : طرد ذلك في ذبح الطيور (ونحرها) ([247])، لأن المقصود إنهار الدم بقطع الحلقوم والمريء؟
وقال مالك : أن ذبح البعير من غير ضرورة ، او نحر الشاة من غير ضرورة كره كلها، وان نحر البقر فلا بأس ([248]).
قال ابن المنذر ([249]): واجمع الناس على أن من نحر الإبل وذبح البقر والغنم فهو مصيب ، قال: ولا اعلم أحدا (9/ أ ) حرم اكل جمل مذبوح او بقرة وشاة منحورين ([250]).
وذكر القاضي عياض ([251]) عن مالك رواية بالكراهة ورواية بالتحريم ([252]).
ونقل العبدري ([253]) عن داود ([254]) انه قال: إذا ذبح الإبل ونحر البقر لم يؤكل ([255]) وهو محجوج بإجماع من قبله.
يتبع
للإمام شهاب الدين أحمد بن العماد الأقفهسي الشافعي( ت/808)
تحقيق
د. خالد بن زيد بن هذال الجبلي (
)
ملخص البحث:
هذه الرسالة من تصنيف الإمام أحمد بن العماد الأقفهسي (ت / 808 هـ)، أحد أئمة الشافعية في عصره .
وموضوعها: هو في الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة وحياة عيش المذبوح .
فالحياة المستمرة : هي الحياة التي تكون في الإنسان من بداية خلقه إلى انقضاء أجله.
والحياة المستقرة : هي أن تكون الروح في الجسد، وتكون معها الحركة الاختيارية والوعي ، مع الإصابة الفادحة.
وحياة عيش المذبوح : وهي التي لا يبقى معها إبصار ولا نطق ولا حركة اختيارية ولا وعي.
والمصنف - رحمه الله - لم يكن جامعا فقط، بل كان له اختيارات في كتابه وتفريعات واعتراضات ، وقد اهتم بذكر الأقيسة والتعليلات .
بالإضافة إلى مسائل معاصرة مهمة لها تعلق بموضوع الرسالة ، رأيت إضافتها لتكميل مباحثها.
وقد بذلت جهدي في إخراج نصها على صورة أرجو أن تكون كما أرادها المصنف ، وقمت بدراسة الرسالة وخدمتها.
ففي القسم الدراسي : عرفت بالمصنف ، ثم عرفت بالكتاب .
وفي القسم الثاني : حققت الكتاب ، وقابلته على ثلاث نسخ خطية ، وقمت بخدمته على الوجه الآتي : عزوت الآيات ، وخرجت الأحاديث والآثار، وترجمت للأعلام .
وثقت النصوص التي نقلها المصنف ، وبينت المذهب في المسائل ، مع إضافة مسائل لم يذكرها المصنف . شرحت الكلمات الغريبة ، وعرفت بالمصطلحات العلمية ، والكتب الواردة في الكتاب .
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى اله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة ، بديعة في بابها، دبجتها يراعة الإمام شهاب الدين احمد بن العماد الأقفهسي احد أئمة الفقهاء الشافعية في عصره ، الحبر الجليل ، كان كثير الاطلاع والتصانيف ، كما وصفه مترجموه .
موضوعها في الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة ، وحياة عيش المذبوح فيما يتعلق بالآدمي أو بالحيوان المأكول.
ومعها زيادات وتتمات تتعلق بأحكام الذكاة، قد اجتهد المصنف – رحمه الله - في بيان الغامض من مسائلها وحل معضلاتها.
لا اعرف - حسب اطلاعي - كتابا يختص بموضوعه غيره .
بذلت جهدي في إخراج نصها على صورة أرجو أن تكون كما أرادها المصنف - رحمه الله - وقمت بدراسة الرسالة وخدمتها، مع إضافات رأيت تكميل مباحث الرسالة بها، وفق خطة انتظمت في قسمين:
القسم الأول : القسم الدراسي ، وفيه فصلان ، الأول التعريف بالمصنف، والثاني التعريف بالكتاب .
القسم الثاني : النص المحقق ، وهو النص الكامل لهذه الرسالة مع خدمتها، كما سياتي.
الفصل الأول
التعريف بالمصنف
المبحث الأول
اسمه وشهرته ونسبته وكنيته ولقبه([1])
1 - اسمه : اتفقت المصادر التي ترجمت للمصنف - رحمه الله - على اسمه واسم أبيه ، واختلفت فيما عدا ذلك.
والذي يظهر لي بعد التأمل أن اسمه : احمد بن العماد بن محمد بن يوسف بن عبد النبي الأقفهسي ثم القاهري .
ففي هذا جمع لما تفرق من كلام المترجمين له.
وقد نبه السخاوي إلى أن بعضهم سماه : احمد بن عبد الباقي ، الشهاب ابن العماد الأقفهسي، وخطأه ([2]).
2 - شهرته : اشتهر - رحمه الله - بابن العماد، وهو المراد عند الإطلاق في كتب الشافعية.
3 - نسبته:
الأول : الأقفهسي.
نسبة إلى بلد بمصر بالصعيد من كورة البهنسا ([3]).
الثاني : المصري .
الثالث : القاهري ، وذلك لأنه انتقل إليها بعد أقفهس.
الرابع : الشافعي ، نسبة إلى مذهبه الفقهي.
4 - كنيته : أبو العباس .
5 - لقبه : شهاب الدين ، وبعضهم يطلق عليه : الشهاب .
المبحث الثاني
ولادته وصفاته ووفاته
1 - ولادته : لم أجد عن ولادته سوى ما ذكر من أن ولادته كانت قبل الخمسين وسبعمائة . فإن المصادر لم تسعفنا بتحديد تاريخ الولادة تماما.
2 - صفاته : كان - رحمه الله - دمث الأخلاق ، طاهر اللسان ، حسن الصحبة، متواضعا، قال عنه الحافظ ابن حجر: ((وفي لسانه بعض حبسة )) ([4]).
3 - وفاته : توفي - رحمه الله - سنة (808).
ولم تحدد المصادر الشهر الذي توفي فيه، سوى ما عينه المقريزي والشوكاني بأحد الجمادين ([5]).
المبحث الثالث
دراسته وشيوخه
أفادت المصادر أن المؤلف - رحمه الله - قد اشتغل بالعلم درسا وتدريسا، وتفنن في ذلك.
فقد اشتغل بالفقه ، والعربية ، وأصول الفقه ، والحديث ، والأدب ، والتاريخ.
وقد ولي التدريس ببعض المدارس .
أما شيوخه الذين اخذ عنهم فإنهم كثير، وسأذكر ابرزهم:
1 - خليل بن طرنطاي الدوادار الزيني كتبغا.
لم اعرف سنة وفاته ، إلا أن ابن حجر دكر سنة ولادته ، وانها كانت سنة (704) ([6]).
وقد ذكر السخاوي أن ابن العماد سمع عليه صحيح البخاري وصحيح مسلم ([7]).
2 - الإسنوي: عبد الرحيم بن الحسن ، جمال الدين ، أبو محمد القرشي المصري (ت / 772) ([8]) .
ذكر السخاوي أن ابن العماد اخذ عنه جملة من مؤلفاته في الفقه وفروعه ([9]).
فقد قرا عليه من كتاب المهمات ولم يكمله ، وقرا عليه أحكام الخناثى، والكوكب ، والتمهيد سماعا.
3 - العراقي : عبد الرحيم بن الحسين ، زين الدين ، أبو الفضل الكردي العراقي، حافظ العصر (ت / 806) ([10]).
4 - البلقيني : عمر بن رسلان ، سراج الدين الكناني ، شيخ الإسلام الحافظ، مجدد القرن التاسع ، (ت / 805) ([11]).
5 - ابن الصائغ الحنفي : محمد بن عبد الرحمن الزمردي ، شمس الدين النحوي ، (ت / 777) ([12]).
ذكر ابن قاضي شهبة ، والسخاوي انه قرا عليه شرح البزدوي ([13]).
المبحث الرابع
تلاميذه
اخذ عنه جماعة من أهل العلم ، من ابرزهم:
1 - سبط ابن العجمي : إبراهيم بن محمد الطرابلسي ثم الحلبي ، برهان الدين، يعرف بالقوف المحدث الرحال ، (ت / 841) ([14]).
قرا على ابن العماد كتابه ((أحكام المساجد))، وسمع منه ((التبيان))، ذكر ذلك السخاوي ، وابن قاضي شهبة.
2 - الحافظ ابن حجر: احمد بن علي الشهاب ، أبو الفضل الكناني العسقلاني القاهري ، الحافظ الكبير، (ت / 852) ([15]).
وقد ختم على ابن العماد ((دلائل النبوة )) للبيهقي ، ذكر ذلك السخاوي .
3 - ابن قريج: عبد الرحمن بن يوسف ، زين الدين ، أبو محمد بن الطمان الحنبلي ، الصالحي ، المسند، (ت / 845) ([16]).
4 - الرشيدي : عبد الله بن محمد بن لاجين ، (ت/ 807) ([17]).
اخذ عن ابن العماد كتابه ((أحكام المساجد))، ذكر ذلك السخاوي .
5 - ابنه محمد: الشمس ، أبو الفتح ، (ت / 867) ([18]).
اخذ عن أبيه الفقه ، وبحث عليه في الأصول والعربية.
المبحث الخامس
منزلته العلمية
كان - رحمه الله - له مكانة عالية بين أهل العلم ، بما تميز به من تقدم في العلم ، وفي سعة النظر، وفي كثرة التصانيف والإفادة ، وفي الأخلاق الحسنة.
فشهد له بذلك كثير من أهل العلم حتى عظموه.
مما قيل فيه:
1 - قال الحافظ ابن حجر عنه: ((هو من نبهاء الشافعية ، كثير الاطلاع والتصانيف ، نعم الشيخ كان - رحمه الله -)) ([19]).
2 - وقال ابن العجمي عنه: ((كان من العلماء الأخيار المستحضرين ، ولديه فوائد في فنون عديدة ، دمث الأخلاق ، طاهر اللسان ، حسن الصحبة )) ([20]).
المبحث السادس
مذهبه الفقهي
كان - رحمه الله - شافعي المذهب في الفروع ، فإن المصادر التي ترجمة له لم تختلف في ذلك.
وقد كان اكثر شيوخه وتلاميذه من علماء الشافعية ، بل يدل على ذلك مصنفاته في الفقه ، فقد كتبها على مذهب الشافعية ، وله فيها اختيارات مشهورة ، نقلها عنه علماء الشافعية ممن أتى بعده .
المبحث السابع
مؤلفاته
لابن العماد - رحمه الله - مؤلفات عديدة قاربت الخمسين ، وهي في فنون مختلفة ، في العقيدة ، والتفسير، والحديث ، والسيرة ، وفي الفقه – نظما ونثرا - وهو اغلبها.
وإليك شيئا من مؤلفاته:
1 - تسهيل المقاصد لزوار المساجد.
حققه الباحث هذال المطيري ، في رسالة علمية بجامعة أم درمان الإسلامية.
2 - القول التام في أحكام المأموم والإمام .
حققه الباحث مساعد الحسني ، في رسالة علمية بجامعة أم القرى .
3 - القول التمام في آداب دخول الحمام .
طبع بتحقيق محمد خير يوسف ، نشر بدار ابن حزم، بيروت سنة (1417).
4 - أحكام الأواني والظروف ، وما فيها من المظروف .
وعندي منه اربع نسخ خطية ، وسأقوم بإخراجه - أن شاء الله تعالى - .
5 - توقيف الحكام على غوامض الأحكام .
قمت بتحقيقه في رسالة علمية لنيل درجة الدكتوراه بجامعة أم القرى سنة 1425 ،
وحصلت فيها على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى - ولله الحمد - .
6- كشف الأسرار عما خفي عن الأفكار طبع بتحقيق محمد خير يوسف، نشر بدار ابن حزم، بيروت سنة 1426 .
7- شرح المنهاج للنووي ، بعدة شروح ، منها: التوضيح ، والبحر العجاج ([21]).
8- الاقتصاد في الاعتقاد ،وهو عبارة عن نظم يزيد على (500) بيت، وله عليه شرح مختصر ([22]) .
9- الأنوار الفاتحة في شرح الفاتحة ، منه نسخة في لاندبرج بريل ([23]).
10- نظم التذكرة لابن الملقن في علوم الحديث.
دكره السخاوي ، وذكر أن له شرحا عليها.
11- نظم الدرر من هجرة خير البشر.
كذا سماه السخاوي ، وفي كشف الظنون ((الدرر الضوئية في الهجرة النبوية )).
وهو عبارة عن نظم للسيرة النبوية ، وله شرح عليها.
له نسختان خطيتان في الفاتيكان والقاهرة ([24]).
وهناك مؤلفات في نسبتها اختلاف منها:
1- لفاظ القطرات شرح جامع المختصرات .
وجامع المختصرات هو لابن الناشئ (ت / 758).
في هدية العارفين نسبه إليه ([25])، ولما ترجم السخاوي لابنه محمد نسبه إلى الابن ، باسم ((الألفاظ العطرات)) ([26]).
2- تنوير الدياجير بمعرفة إحمام المحاجير.
في هدية العارفين نسبه إليه ([27])، وفي موضع أخر نسبة إلى ابنه محمد ([28])، كما عند السخاوي ([29]).
3 - الذريعة إلى معرفة الأعداد الواردة في الشريعة.
نسبه إليه في الأعلام ([30])، وفي موضع أخر نسبه إلى ابنه محمد ([31])، كما عند السخاوي ([32]).
وقد طبع محققا، وتوصل فيه المحقق إلى انه من تأليف ابنه محمد.
نشر بدار الكتب العلمية ، بيروت سنة 1412 .
المبحث الثامن
شعره
اشتهر ابن العماد - رحمه الله - بكثرة النظم ، فقد نظم مسائل كثيرة في الفقه وغيره من العلوم ، وله قصيدة مدح بها شيخه البلقيني ، وقصيدة مدح بها تلميذه الحافظ ابن حجر، كما ذكر ذلك الحافظ نفسه ([33]).
ومنها ما كتبه عنه تلميذه الحافظ البرهان الحلبي.
إمام محب ناشئ متصدق مصلي وباك خائف سطوة الباس
يظلهم الرحمن في ظل عرشه إذا كان يوم الحشر لا ظل للناس ([34]).
الفصل الثاني
التعريف بالكتاب
المبحث الأول
اسم الكتاب وتوثيق نسبته إلى مؤلفه
المصنف - رحمه الله - لم يجعل لكتابه هذا اسما، وإنما ذكر في مقدمته موضوعه فقط.
أما النسخ الخطية للكتاب فقد كتب على طرة كل نسخة اسم واضح انه من اجتهاد النساخ .
كما سيأتي بيان ذلك عند الكلام على وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق.
والكتاب هو من مصنفات الإمام ابن العماد الأقفهسي وذلك لأمور:
1 - انه كتب على طرة جميع النسخ الخطية التي وقفت عليها اسم المصنف.
2 - نسب في فهارس المخطوطات إليه دون خلاف بينها في ذلك.
كما في فهرس مجاميع المدرسة العمرية بدار الكتب الظاهرية بدمشق ([35]).
وفهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية ([36]).
وفهرس دار الكتب المصرية ([37]).
3 - وقد عده صاحب كتاب تاريخ الأدب العربي من أثاره ([38]).
المبحث الثاني
موضوع الكتاب
هذه الرسالة تعالج قضية معينة ، وهي الفرق بين عبارات كثرت في كلام الفقهاء وقد يشكل الفرق بينها.
وانبرى ابن العماد - رحمه الله - لبيان الفرق بينها، وما يترتب عليها من احكام ، ثم استطرد بعد ذلك في بيان مسائل تتعلق بالذكاة.
ولا اعرف مؤلفا جامعا محررا في هذا الباب غير ما كتبه ابن العماد هنا.
مما حدا بالإمام بدر الدين الزركشي (ت/ 794)، الاقتباس من هذه الرسالة جملة كبيرة من أولها إلى صفحة (36)، من هذه الطبعة مع تصرف ظاهر.
أي ما يقارب نصف الرسالة ، في كتابه الماتع: ((المنثور في القواعد)) (2/ 105 - 112)، قال في أخر المنقول : ((وإنما اطلت في هذا الفصل لأنه من الضروريات ، وقل من أتقنه)).
وموضوع هذه الرسالة : هو في الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة وحياة عيش المذبوح .
وقد نظم ذلك بعضهم فقال :
حياة لها استمرار أن بقيت إلى فراغ لآجال تموت لقد ظهر
وصفها بالاستقرار أن وجدت بها صفات اختيار مع قرائن تعتبر
وعيشة مذبوح فسم إذا خلت عن السمع أو نحو اختيار كذا البصر ([39]).
فالحياة المستمرة : هي الحياة التي تكون في الإنسان من بداية خلقه إلى انقضاء أجله.
والحياة المستقرة : هي أن تكون الروح في الجسد، وتكون معها الحركة الاختيارية والوعي ، كما لو أصيب إنسان في حادث إصابة فادحة ، ورجح الأطباء انه سيموت بعد ساعات أو أيام ، ولكن ظل قادرا على القيام ببعض الحركات الإرادية ، وظل فيه الوعي أو بعضه.
وحياة عيش المذبوح : وهي التي لا يبقى معها إبصار ولا نطق ولا حركة اختيارية ولا وعي، ومثلها بعض الحالات التي يتلف فيها جزء كبير من الدماغ ويبقى جذع الدماغ سليما، وهي التي تدعى طبيا بالحياة الإنباتية، فالمصاب في هذه الحال حي، قلبه ينبض تلقائيا، ويتنفس دون مساعدة الأجهزة ، ولكنه فاقد للوعي ، عاجز تماما عن القيام بأية حركات إرادية.
ففي هذه الحالات يحرم إنهاء الحياة بالقتل أو بغيره " لأن الله هو واهب الحياة ، وهو وحده الذي ينتزعها ([40]).
أما حالة موت الدماغ : وهو الإنسان الذي تلف دماغه تلفا نهائيا، فإنه في هذه الحال يفقد وعيه فقدا نهائيا، كما يفقد القدرة على الحركات الإرادية ، وقد اصبح بالإمكان اليوم المحافظة على حياة بقية الجسد بواسطة أجهزة الإنعاش ، فإذا ما رفعت عنه مات، فهل يعد هذا موتا حقيقيا؟ وهل يجوز رفع أجهزة الإنعاش عنه؟ سيأتي بحثه في موضعه - أن شاء الله -
ومما بحثه المصنف أيضا: أن الآدمي أو الحيوان المكول إذا صار إلى أخر رمق فإنه لا يخلو من حالين:
الأولى : أن يكون ذلك من سبب يحال عليه الهلاك ، كان حكمه كالميت.
فالآدمي يجوز أن تقسم تركته ، إلى أخره، والحيوان إذا ذبح لا يحل.
الثانية : ألا يكون ذلك من سبب يحال عليه الهلاك ، أو لم يتقدمه سبب أصلا كان حكمه كالحي.
ثم بعد ذلك تطرق إلى مسائل عدة، منها:
- أن الحياة المستقرة يعتبر وجودها عند أول القطع لا بعده ، وما يتفرع عن ذلك من ذبح الحيوان من القفا أو ذبحه من مقدم العنق ، أو أبان الراس فوق الحلقوم والمريء.
- لو رفع السكين عمدا بعد ما قطع البعض ثم أعادها، والتفصيل في ذلك مع الترجيح.
- مذاهب العلماء في ذبح ما ينحر ونحر ما يذبح.
- مذاهب العلماء فيما يجب قطعه.
- الحكمة في الذكاة بم شرعت ؟ وما ينبني على الخلاف في ذلك من مسائل.
- أحوال ذكاة المنخنقة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع.
- العضو الأشل هل هو حي أم ميت؟ وما ينبني على ذلك من مسائل.
- الشاة الملسوعة إذا ذبحت هل تؤكل أم لا؟.
- ذبح السمك الكبير وانه يستحب إراحة له، وهل يحل لو قلاه أو شواه وهو حي؟.
- الذي يؤكل بلا ذكاة ميتة السمك والجراد، وذكر الخلاف في ذلك.
إلى غير ذلك من المسائل والفوائد، مع ما حواه الكتاب من أقوال كثير من الأئمة.
والمصنف - رحمه الله - لم يكن جامعا فقط، بل كان له اختيارات ، وتفريعات واعتراضات ، وقد اهتم بذكر الأقيسة والتعليلات .
بالإضافة إلى مسائل معاصرة مهمة لها تعلق بموضوع الكتاب ، رأيت إضافتها" لتكميل مباحثه.
وبما أن الكتاب يبحث في الفرق بين مسائل فقهية ، رأيت أن لقي الضوء على فن الفروق الفقهية.
المبحث الثالث
فن الفروق الفقهية وهو: معرفة الأمور الفارقة بين مسألتين متشابهتين ، بحيث لا يسوى بينهما في الحكم ([41]).
قال أبو محمد عبدالله بن يوسف الجويني الشافعي والد إمام الحرمين (ت/438 هـ):
" فإن مسائل الشرع ربما تتشابه صورها، وتختلف أحكامها، لعلل أوجبت اختلاف الأحكام ، ولا يستغني أهل التحقيق عن الاطلاع على تلك العلل التي أوجبت افتراق ما افترق منها، واجتماع ما اجتمع منها " ([42]).
ووظيفة هذا الفن إظهار المسائل بوضوح ، وكشف النقاب عن الاختلاف في الحكم والمناط في المسائل المتشابهة من حيث الصورة ، أو المسائل المتقارب بعضها ببعض ، حيث يتضح بذلك للفقيه طرق الأحكام ، ويكون قياسه للفروع على الأصول متسق النظام ([43]).
ولعل أول من جنح إلى التأليف في هذا الفن هو الإمام أبو العباس احمد بن عمر بن سريج الشافعي (ت / 306 هـ). ثم توالت بعده التأليف على اختلاف المذاهب.
وممن لف في ذلك من الشافعية : أبو محمد الجويني في كتابه "الفروق"، وأبو محمد جمال الدين الإسنوي (ت / 772 هـ) في كتابه " مطالع الدقائق ".
المبحث الرابع
مصادر المؤلف المؤلف - رحمه الله - رجع في رسالته هذه إلى عدة مصادر، ومما صرح به منها: الآتي:
الوافي في شرح المهذب لابن عيسى ، المرشد في شرح المزني للجوري، الكفاية في شرح التنبيه لابن الرفعة ، الشامل لابن الصباغ ، البيان في شرح المهذب للعمراني، الفروع للرازي ، مختصر المزني ، التجريد للروياني، المجموع في شرح المهذب للنووي ، روضة الطالبين للنووي أيضا، الجامع لأحكام القران للقرطبي.
واستطيع أن أقول : أن ابن العماد - رحمه الله - كان غالب اعتماده في نقولاته للمذاهب والأقوال على المجموع للنووي ، كما بينته في مواضعه.
ومع ذلك لم يكن ناقلا فقط، بل كانت له اختيارات وتفريعات واعتراضات ، برزت فيها براعته الفقهية.
المبحث الخامس
نسخ الكتاب الخطية
حصلت - بفضل الله تعالى - على ثلاث نسخ خطية للكتاب ، قابلتها متخذا النسخة الأولى أصلا.
الأولى : نسخة مركز الملك فيصل.
رقمها: 3002
عنوانها: الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة .
عدد أوراقها: 14 ق . عدد الأسطر: 14 س .
اسم الناسخ : محمد بن احمد. تاريخ النسخ : غرة ربيع الأول سنة 1208 .
وهي التي اتخذتها أصلا، لأنها أول نسخة صورتها.
فيها اختلاف مع النسختين الآتيتين ، ففيها سقط كلمات واختلاف في بعض الألفاظ ، ورمزت لها بالأصل.
الثانية : نسخة المكتبة الظاهرية.
ضمن مجموع برقم (5255)، وهي الرسالة الرابعة في المجموع .
عنوانها: كتاب فيه القول في الفرق بين الحياة المستقرة والحياة المستمرة .
عدد أوراقها: 4 ق. عدد الأسطر: 31 س .
وهي غفل من اسم الناسخ.
ورمزت لها: ب (د).
الثالثة : نسخة المدرسة العمرية.
في دار الكتب الظاهرية بدمشق.
ضمن مجموع برقم (3877) (مجاميع 144 ).
عنوانها: حقيقة الفرق بين الحياة المستمرة والمستقرة وحياة عيش المذبوح .
عدد أوراقها: 5 ق (121 - 125)، عدد الأسطر: 25 س، وهي الرسالة التاسعة في المجموع .
وقد كتب هذا المجموع بخطوط مختلفة، وملكه محمد الكزبري الشافعي سنة 1235، وعبد الله الحلاق سنة 1264 .
وهي غفل من اسم الناسخ ، إلا أن الرسالة العاشرة - وهي التي بعدها- كتبت بخط مقارب ، كتبها محمد بن سعيد النووي الشافعي سنة 1200.
ورمزت له: ب- (هـ).
المبحث السادس
عملي في الكتاب 1 - نسخت المخطوط وقابلت النسخ ، متخذا نسخة مركز الملك فيصل أصلا. واثبت الفروق بينها في الهامش ، إلا اني أعرضت عن الفروق التي ليس لها شأن، وإنما هي من أخطاء النساخ .
وما اختلفت فيه النسخ اثبت النص الذي يستقيم معه المعنى ، مبينا ذلك في الهامش.
2 - عزوت الآيات القرآنية إلى سورها، وخرجت الأحاديث والآثار، وترجمت للأعلام عدا المشاهير: كالخلفاء الأربعة والأئمة الأربعة.
3 - علقت على مسائل الكتاب على النحو الآتي:
أ - وثقت النصوص التي نقلها المصنف عن غيره من كتب أصحابها إن كانت مطبوعة ، والا فمن أقرب المصادر إليها - قدر المستطاع - .
ب - بينت المذهب في مسائل الكتاب .
ج - حررت صحة نسبة القول إلى قائله من الكتب المعتمدة .
د - بينت أوهام المصنف - عفا الله عنه - في النقل أو في عزو الأقوال والمذاهب.
هـ- ذكرت مسائل لها تعلق بموضوع الكتاب لم يذكرها المصنف- رحمه الله - .
4 - شرحت الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى شرح في نظري .
5 - عرفت بالمصطلحات العلمية.
6 - عزفت بالكتب الواردة في الكتاب .
ولله الحمد والمنة
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/111.jpg
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/112.jpg
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/113.jpg
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/114.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين.
الحمد لله رب العالمين ، (وصلواته وتسليمه ) ([44]) على سيدنا محمد ([45]) خاتم النبيين ، وعلى اله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذا كتاب أتعرض فيه للفرق بين (حقيق) ([46]) الحياة المستمرة ، والحياة المستقرة ، وحياة عيش المذبوح .
أما الأولى : فهي استمرار الحياة إلى انقضاء الأجل ، (والأجل) ([47]): (هو انقضاء مدة الحياة ) ([48])، ومذهب أهل السنة : أن الإنسان إنما يموت بأجله ، قال الله تعالى : (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ) ([49]).
وقالت المعتزلة ([50]): ((يجوز أن يموت الإنسان قبل أجله ))، وقالوا: ((إن القاتل قطع على القتيل أجله )) ([51]).
وأثبت صاحب الوافي ([52]) في ذلك خلافا عندنا، (وبناء عليه ) ([53]) إذا قتلت الحرة (1/أ) نفسها هل يسقط مهرها أم لا ([54])؟ وأهل الدنيا لهم عمر وأجل ، وأهل الجنة لهم عمر ولا أجل (لهم) ([55])؟ لأنهم يعيشون ولا يموتون أبدا، ولو كان لهم أجل لماتوا.
(فهذه هي) ([56]) الحياة المستمرة ، والذي يموت حتف انفه : هو الذي يموت بانقطاع نفسه ، والذي يموت بسبب (صدمة) ([57]) وضربة لم يمت حتف انفه ([58]).
الثانية : الحياة المستقرة : وهي أن تكون الروح في الجسد، وتكون معها الحركة (الاختيارية موجودة دون الحركة ) ([59]) الاضطرارية ، (فالشاة إذا أخرج الذئب حشوتها وأبانها فحركتها حركة اضطرارية ) ([60])، فلا تحل إذا ذبحت ، ولو قتل إنسان في هذه الحالة لم يجب بقتله قصاص ، دمان عضها الذئب (فقد) ([61])([62]) بطنها (وتدلى) ([63]) كرشها ولم ينفصل فحياتها مستقرة ، لأن حركتها الاختيارية موجودة ، أو لهذا لو طعن إنسان وقطع بأنه يموت بعد ساعة أو يوم وقتله إنسان في هذه الحالة وجب القصاص ، لأن حياته مستقرة ، وحركته في هذه الحالة موجودة ) ([64]) بخلاف (1/ ب ) ما إذا أبينت حشوته ([65])، أي أزيلت " لأن مجاري النفس قد ذهبت، فصارت الحركة اضطرارية ([66]).
والحالة الأولى اتفقت لسيدنا عمر - رضي الله عنه - حين طعن وشرب اللبن فخرج من بطنه فأشار عليه الصحابة - رضي الله عنهم - بالوصية ([67])، فأوصى ، وقبلوا وصيته ارضي الله عنها ([68])([69]) مع القطع بأنه (سيموت)([70]) (من ذلك. وقد تكون الحواس سليمة )([71])، والحياة مستقرة ، والحركة اختيارية، ويعطى الإنسان فيها حكم الأموات ، كما إذا وقع في بحر لا ينجو منه وتاب في تلك (الحالة) ([72]) فإنه لا تقبل ([73]) توبته ، (ويقسم) ([74]) ماله ، وتنكح نساوه، ولا يصح شيء من تصرفاته ، وفي هذه الحالة لم يقبل إيمان فرعون الذي كان يزعم انه الرب الأعلى ، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ، (وفي مثل) ([75]) هذه الحالة لو اشرف على الغرق (2/أ) فقتله قاتل قبل أن يموت وجب عليه القود ([76])، ولو كانت (مثل) ([77]) شاة فذبحها في هذه الحالة حلت.
الثالثة حياة عيش المذبوح : وهي (التي) ([78]) لا يبقى معها إبصار ولا نطق ولا حركة اختيارية ([79])، فإذا انتهى إلى تلك الحالة فإن كانت بجناية جاني وقتله أخر، فلا قصاص عليه ، بل على الأول ، دمان انتهى إلى تلك الحالة بمرض وقتله قاتل فعليه القصاص ([80])، قال الإمام ([81]): ولو انتهت الشاة بالمرض إلى ادنى الرمق فذبحت حلت" لأنه لم يوجد سبب يحال عليه الهلاك ([82])، بخلاف (ما) ([83]) إذا افترسها سبع فوصلت إلى هذه الحالة ، قال: ولو كلت الشاة نباتا مضرا فصارت إلى ادنى الرمق فذبحت فقد دكر (شيخي)([84])([85]) فيه وجهين ، ثم قطع في (كرة) ([86]) بنفي الحل " لأنه وجد سبب يحال (2/أ) عليه الهلاك فصار (كجرح) ([87]) السبع ([88]).
وينبغي أن يقطع بمنع الأكل، فإن قلنا: (إن) ([89]) الذكاة (تفيدها) ([90]) الطهارة " لأن لحمها قد سري فيه السم ، (فالتحق) ([91]) بالأشياء الطاهرة ([92]) المضرة ([93])، و( الحاصل) ([94]) من كلامه : أن الشاة إذا (انتهت بالمرض إلى حالة عدم الحياة المستقرة وذبحت حلت) ([95]) ، وهو نظير إيحاب القصاص على قاتل المريض ، حتى قال الإمام ([96]): أن المريض لو انتهى إلى سكرات الموت وبدت مخايلة وتغيرت الأنفاس في الشراسيف ([97]) لا يحكم له بالموت حتى يجب القصاص على قاتله ([98])،
وظاهره انه لا (فرق) ([99]) بين أن يشخص بصر الميت أم لا ([100]).
وحالة شخوص البصر (هي) ([101]) الحالة التي يشاهد فيها الميت ملك الموت ، وفي هذه الحالة لا تقبل التوبة ، قال الله تعالى : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ)([102])(3/ أ)، وقال (: (إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم (يغرغر)([103])([104])).
ولو شخص بصر الشاة فذبحها في هذه الحالة فسيأتي بيان ذلك (إن شاء الله تعالى ( ([105])([106]).
فصل([107])
الحياة المستقرة لا يعتبر (تحقق) ([108]) حصولها في الشاة المريضة وتعتبر في أكيلة السبع ونحوها، واختلفوا في تفسير ما يدل على بقائها، فقال ابن الصباغ ([109]) في تمثيلها: أن يكون الحيوان بحيث لو ترك البقي يوما أو بعض يوم، وغير المستقرة لو تركا ([110]) لمات في الحال ([111])، وقال غيره : (الحياة المستقرة ) ([112]) أن لا ينتهي إلى حركة (مذبوح، وقد سبق ([113]) بيان حركة ) ([114]) المذبوح ، وقال في المرشد ([115]): تعرف الحياة المستقرة بشيئين : احدهما أن يكون حالة وصول السكين إلى الحلقوم تطرف عينه (و) ([116]) يتحرك ذنبه (3 / ب ) لأن الحياة إذا (زالت) ([117]) من أسفله لم يتحرك ذنبه أو شخص بصره ) ([118])، والثاني : أن (لا) ([119]) يتحرك منه شيء بعد إبانة (السكين) ([120])، ولا عبرة بالاختلاج ([121]) بعد الذبح وكذا إنهار الدم ، يعني من غير حركته ([122])، وجزم النووي ([123]) بأن انفجار الدم بعد الذبح وتدفقه مع وجود الحركة الشديدة من أمارات بقاء الحياة المستقرة ، (وان) ([124]) الحركة الشديدة (حدها ) ([125]) كذلك في الأصح ([126]). قال في الكفاية ([127]) (و) ([128]) عن بعض الأصحاب : أن مجرد خروج الدم دليل استقرار الحياة .
قال في شرح المهذب ([129]): و (قد) ([130]) وقعت المسألة في الفتاوى فكان الجواب فيها أن الحياة المستقرة تعرف بقرائن يدركها الناظر، ومن علاماتها: الحركة الشديدة بعد قطع الحلقوم والمريء ([131]) وجريان الدم فإذا (4/أ) حصلت قرينة مع (احدهما) ([132]) حل الحيوان ، والمختار الحل بالحركة الشديدة وحدها فهذا هو الصحيح الذي نعتمده ([133]). انتهى.
واستفدنا من كلامه أن الحركة الشديدة لا يحتاج معها إلى قرينة بخلاف انفجار الدم فإنه يحتاج معه إلى قرينة بقاء الحياة ، قال: وذكر الشيخ ابو حامد ([134]) و(صاحبا) ([135]) الشامل ([136]) والبيان ([137]) وغيرهم أن الحياة المستقرة ما يجوز أن يبقى معه الحيوان اليوم (و) ([138]) اليومين بأن شق جوفها وظهرت الأمعاء ولم تنفصل ، فإذا ذكيت حلت، وهذا الذي ذكره (ينزل) ([139]) على ما قدمناه ([140])، قال: واذا مرضت الشاة فوصلت إلى ادنى الرمق ([141]) فذبحت فإنها تحل بلا خلاف ، وحكى صاحب الفروع ([142]) عن أبي علي ابن هريرة ([143]) أنها (4 / ب ) ما دامت تضرب بيدها وتفتح (عينها) ([144]) حلت بالذكاة. قال صاحب (البيان) ([145]) هذا ليس بشيء، لأن الحياة فيها غير مستقرة ، فإن حركتها حركة مذبوح فلا تحل، والمذهب ما سبق ([146]).
قال الرافعي ([147]) في كتاب الوصية ([148]): وتعرف الحياة المستقرة (يعني) ([149]) في الآدمي بصراخه وهو الاستهلال ، وكذا البكاء والعطاس والتثاؤب وامتصاص الثدي ، لدلالتها على الحياة دلالة الاستهلال ([150]).
وقال مالك ([151]): الاعتبار بالاستهلال لا (غيره) ([152])، وحكى الإمام ([153]) اختلاف (قول) ([154]) في الحركة والاختلاج ([155]) ثم قال: وليس موضع القولين ما إذا قبض اليد وبسطها، فإن هذه الحركة تدل على الحياة (قطعا، ولا الاختلاج الذي ) ([156]) يقع مثله لانضغاط وتقلص (5/أ) عصب ([157]) فيما أظن، وإنما الأخلاف فيما بين هاتين الحركتين ، والظاهر كيف ما قدر الخلاف (أن) ([158]) ما لا يعلم به الحياة ويمكن أن يكون مثله لانتشار بسبب الخروج من المضيق او (لاستواء) ([159]) عن التواء (فلا عبرة ) ([160]) به (كما لا عبرة ) ([161]) بحركة المذبوح ، ولو ذبح (رجل) ([162]) وهو يتحرك فمات أبوه في تلك الحالة لم يرث المذبوح منه ([163]).
وفي (تجريد) ([164]) الروياني وجه أخر ضعيف :أنه يرث ([165]) وحكى الحناطي ([166]) قريبا منه عن المزني ([167])، انتهى ([168]).
فرع: إذا شك في المذبوح هل فيه حياة مستقرة بعد الذبح ([169])، فوجهان:
احدهما: الحل ، لأن الأصل بقاء الحياة ، وأصحهما التحريم، (للشك) ([170]) في حصول الذكاة المبيحة ، وان غلب على ظنه بقاء الحياة المستقرة حلت وهذا من المواضع التي (فرقوا) ([171]) فيها بين الشك والظن ([172])، فقول النووي : أن الفقهاء لا يفرقون (5/ ب ) بين الشك والظن ([173])([174])، تستثنى من هذا الموضع ، ولو غلب (على ظن) ([175]) رجل بقاء الحياة وشك أخر حلت للأول دون الثاني " لأنه ظن في مقام الاجتهاد فلا يقلد احدهما الآخر، كما لو اختلط طعام متنجس بغيره فاجتهدا فيه.
فرع: لو سلخ الجلد الذي على الحلقوم والمريء ثم ذبح الشاة وفيها حياة مستقرة حلت، وقطع الجلد واللحم المتراكم على الحلقوم (والمريء) ([176]) ليس بشرط ، فلو ادخل سكينا من أذن ثعلب ([177]) فقطع بها حلقومه ومريئه حل الثعلب ([178])، (ولكن) ([179]) يعصي بذلك.
فرع: ([180]) لو ذبح الحيوان من قفاه عصى، فإن اسرع فقطع الحلقوم والمريء وفيه حياة مستقرة (حل، كما لو قطع يده ثم ذكاه ).
قال إمام الحرمين : ولو كان فيه حياة مستقرة ) ([181]) عند ابتداء قطع المريء ([182]) لكن لما قطع بعض الحلقوم انتهى إلى حركة المذبوح لما ناله من قبل سبب قطع القفا فهو حلال ، لأن أقصى ما وقع التعبد (به) ([183]) (6/ أ) أن يكون فيه حياة مستقرة عند الابتداء بقطع (المذبح) ([184]) انتهى ([185]).
وفيه (صريح) ([186]) بأن الحياة المستقرة يعتبر وجودها عند أول القطع لا بعده .
ونقل في شرح المهذب (كلام الإمام ) ([187]) واقتصر عليه ([188])، وقال (في الكفاية : قال) ([189]) ابن الصباغ : ينبغي أن يعتبر بقاء الحياة المستقرة - أيضا- بعد قطع الحلقوم " لأنه لم (يحل) ([190]) بقطع الحلقوم خاصة ، وهذا منه يفهم امرين : احدهما: أن الذي يقع الابتداء بقطعه في هذه الصورة الحلقوم . وليس الأمر كذلك ، بل الذي يقع الإبداء بقطعه في هذه الصورة المري ء.
والثاني : (على تقدير) ([191]) أن الذي يقع الابتداء بقطعه في هذه ( الصورة) ([192]) لحلقوم أن (المذهب) ([193]) الاكتفاء بكون الحياة مستقرة عند الشروع في قطع الحلقوم وقياسه أن يكتفى (عنها وينبغي أن تكون ) ([194])
الحياة مستقرة فيما إذا (ابتدأ) ([195]) القطع (6/ ب ) من مقدم العنق عند قطع الحلقوم ، (وقياسه: أن يكتفى عنها) ([196]) أيضا، وعليه ينطبق قول الإمام في أن الحياة لو كانت مستقرة عند الشروع في قطع المريء والحلقوم تحل، وإن لم يوجد عند تمام قطعهما إذا وجد الإسراع على النسق المعتاد، ولكن الذي حكاه المزني ([197]) عن الشافعي في المختصر ([198]): أنها (إذا) ([199]) تحركت بعد قطع راسها كلت، والا لم تؤكل ، وفسر البندنيجي ([200]) وجمهور الأصحاب ذلك بأن
الشافعي قال: إنما تعلم الحياة المستقرة بشدة الحركة ، فإن كانت الحركة شديدة بعد قطع الرقبة فالحياة مستقرة ، وكلام الغزالي ([201]) يقتضي اعتبار استقرار الحياة إلى انتهاء (ما يجب) ([202]) قطعه بالذكاة ([203])، (وهذا) ([204])
يوافق ([205]) ما دل عليه ظاهر النص ، (قال: و) ([206]) بذلك يحصل في المسألة ثلاث احتمالات انتهى.
ويخرج (7/ أ) من ذلك انه لو ذبح الشاة من مقدم عنقها فانتهت بقطع الحلقوم إلى حركة المذبوح (لم تحل، وان انتهت إلى حركة المذبوح ) ([207]) (بعد قطع) ([208]) الحلقوم والمريء حلت على قول الإمام ([209])، ولم تحل على ظاهر النص الموافق لاختيار الغزالي وكذا لو قطع البعض فماتت ([210]) يكون موتها كانتهائها إلى حركة المذبوح (و) ([211]) هذا قياس ما سبق في الذبح من القفا، ويحتمل الفرق، والقول بالحل في الصورة الثانية بخلاف الأولى ، (وهي) ([212]) الذبح من القفا (لكن) ([213]) قال إمام الحرمين وغيره : يجب أن يسرع الذابح في القطع ، فلا يتأنى بحيث يظهر انتهاء الشاة قبل استتمام قطع المذبح إلى حركة المذبوح ([214]).
قال الرافعي : ((وهذا (قد يخالف ) ([215]) ما سبق أن (المتعبد به) ([216]) أن تكون الحياة مستقرة عند الابتداء)) ([217])، قال: ((فيشبه (7/ ب ) أن يكون المقصود هنا إذا تبين مصيره إلى حركة المذبوح ، وهناك إذا لم يتحقق الحال )) ([218])، قال النووي : ((وهذا الذي قاله خلاف ما سبق تصريح الإمام به، بل الجواب أن هذا مقصر في التأني ، فلبم تحل ذبيحته ، بخلاف الأول )) ([219])، وينبغي أن يفصل بين أن يذبح بسكين كال وبين غيره ، فإن ذبح بسكين غير كال حلت الذبيحة ، وان ماتت قبل (استتمام) ([220]) القطع ، لأنه غير مقصر، وإن ذبح بسكين كال فيحرم ، لتقصيره بالذبح (بها) ([221])، كما لو تباطأ في الذبح بسكين غير كال (حتى ماتت البهيمة ) ([222]).
قال النووي : ((ولو امر (السكين) ([223]) ملصقا باللحيين ([224]) فوق الحلقوم والمريء وأبان الراس (فليس هذا بذبح ، لأنه لم يقطع الحلقوم والمريء)).
قال: ((ولو أخذ الذابح في قطع الحلقوم والمريء وأخذ (8/أ) أخر في نزع حشوته أو نخس ([225]) خاصرته لم يحل، لأن التذفيف ([226]) لم يتمحض للحلقوم والمريء))) ([227])، ((ولو اقترن قطع الحلقوم بقطع رقبة الشاة من قفاها بأن يجري سكينا من القفا وسكينا من الحلقوم حتى التقيا فهي ميتة ، بخلاف ما إذا تقدم قطع القفا وبقيت الحياة مستقرة إلى وصول السكين المذبح )) ([228])، ولو ماتت قبل أن يقطع شيئا من الحلقوم والمريء حرمت كما سبق ([229])، لأنها ماتت بغير ذكاة.
فرع: تقدم ([230]) أن الذابح يجب عليه أن يسرع في الذبح ، فلو قطع البعض ثم رفع السكين عمدا وأعادها بعد (أن) ([231]) انتهت إلى حركة المذبوح حرمت ، وإن أعادها قبل أن تنتهي إلى حركة المذبوح فمقتضى القواعد السابقة الحل ([232]).
وعن مالك التحريم ، لانقطاع الموالاة ([233])، (وحكى القرطبي ([234]) (8 / ب ) في تفسيره ([235]) قولين وصحح الحل ) ([236])، وإن رفع يده نسيانا او إكراها او انكسرت السكين قبل تمام القطع (وأعادها) ([237]) بعد (أن) ([238]) انتهت إلى حركة المذبوح فالمتجه (تخريجه) ([239]) على الخلاف " لأنه من الأعذار النادرة .
( فصل)([240])
في مذاهب العلماء في ذبح ما ينحر ونحر ما يذبح السنة عندنا: ذبح البقر والغنم ، ونحر الإبل ([241])، فلو (خالف فذبح الإبل ونحر الغنم والبقر) ([242]) جاز ([243])، وبهذا قال ابو حنيفة ([244])، واحمد ([245])، وجمهور العلماء ([246])، والقياس : طرد ذلك في ذبح الطيور (ونحرها) ([247])، لأن المقصود إنهار الدم بقطع الحلقوم والمريء؟
وقال مالك : أن ذبح البعير من غير ضرورة ، او نحر الشاة من غير ضرورة كره كلها، وان نحر البقر فلا بأس ([248]).
قال ابن المنذر ([249]): واجمع الناس على أن من نحر الإبل وذبح البقر والغنم فهو مصيب ، قال: ولا اعلم أحدا (9/ أ ) حرم اكل جمل مذبوح او بقرة وشاة منحورين ([250]).
وذكر القاضي عياض ([251]) عن مالك رواية بالكراهة ورواية بالتحريم ([252]).
ونقل العبدري ([253]) عن داود ([254]) انه قال: إذا ذبح الإبل ونحر البقر لم يؤكل ([255]) وهو محجوج بإجماع من قبله.
يتبع