ابو وليد البحيرى
2018-08-18, 12:48 AM
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بشأن رمي الجمرات أيام التشريق
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
ثانياً: فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
160 - جمرة العقبة هي التي ترمى بسبع يوم العيد
س: أي الجمرات ترمى بسبع في اليوم الأول؟
ج: الجمرة التي تلي مكة، الجمرة التي يقال لها جمرة العقبة، وهي آخر الجمار من جهة مكة ترمى بسبع يوم العيد، أما في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر في حق من لم يتعجل فإن عليه أن يرمي الثلاث بعد الزوال، ويبدأ بالتي تلي مسجد الخيف، وهي التي أقرب من جهة مسجد الخيف، يبدأ بها ثم الوسطى، ثم الأخيرة التي رماها يوم العيد وهي تسمى جمرة العقبة.
161 - بداية رمي الجمار ونهايته وما يتعلق به
س: متى يبدأ الحاج رمي الجمرات؟ وما كيفية الرمي؟
وما عدد الحصى؟ وبأي الجمرات يبدأ الرمي؟ ومتى ينتهي؟
ج: يرمي أول الجمار يوم العيد وهي الجمرة التي تلي مكة ويقال لها: جمرة العقبة يرميها يوم العيد، وإن رماها في النصف الأخير من ليلة النحر كفى ذلك، ولكن الأفضل أن يرميها ضحى ويستمر إلى غروب الشمس، فإن فاته الرمي رماها بعد غروب الشمس ليلا عن يوم العيد يرميها واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة، أما في أيام التشريق فيرميها بعد زوال الشمس، يرمي الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم الوسطى بسبع حصيات ثم الأخيرة بسبع حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل. والسنة أن يقف بعد الأولى وبعد الثانية، بعدما يرمي الأولى يقف مستقبلا القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلا، وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلا القبلة ويدعو ربه طويلا في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر لمن لم يتعجل، أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رماها ولم يقف عندها عليه الصلاة والسلام.
س: من أين يؤخذ حصى الجمار؟ وما صفته وما حكم غسله؟
ج: يؤخذ الحصى من منى، وإذا أخذ حصى يوم العيد من المزدلفة فلا بأس، وهي سبع يرمي بها يوم العيد جمرة العقبة، ولا يشرع غسلها بل يأخذها من منى أو المزدلفة ويرمي بها أو من بقية الحرم يجزئ ذلك ولا حرج فيه، وأيام التشريق يلقطها من منى كل يوم واحدة وعشرين حصاة، إن تعجل اثنين وأربعين لليوم الحادي عشر والثاني عشر، وإن لم يتعجل فثلاث وستون، وهي من حصى الخذف تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق، كما قال الفقهاء، وتسمى حصى الخذف كما تقدم أقل من بعر الغنم قليلا.
162 - حكم رجم جمرة العقبة بعد منتصف ليلة العيد
س: نحن جماعة من الحجاج بعضنا معه نساء والبعض الآخر مفرد، فهل يجوز للمفرد رمي جمرة العقبة مع جماعته بعد نصف الليل؟ علما أنكم تعرفون المشاق أثناء الحج .
ج: لا بأس في رمي الجمرة ليلة النحر بعد نصف الليل للمشقة التي ذكرتم؛ ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر ورخص لهم في رمي الجمار قبل الفجر. أما الأقوياء فالأفضل لهم أن يرموا بعد طلوع الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر ضحى، ولأنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» ولكن في سنده ضعف، والصواب أن رمي الجمرة بعد نصف الليل من ليلة النحر يجزئ عن الجميع من أجل المشقة العظيمة على الجميع، ولكن تأخير ذلك إلى بعد طلوع الشمس في حق الأقوياء أفضل وأحوط؛ جمعا بين الأدلة، ومن كان معه نساء أو ضعفة فهو مثلهم.
س: تيسر لي العام الماضي تأدية فريضة الحج ولله الحمد، ولكنه حدث أن كنت مع جماعة ورمينا الجمرة الأولى في الليل قبل الصباح، وذلك خوفا من الزحام بعد أن أمضينا نصف الليل في مزدلفة، فما حكم ذلك؟ وهل علي شيء الآن؟ أرجو الإفادة .
ج: لا حرج في رمي جمرة العقبة بعد نصف الليل ليلة النحر إذا كنتم مستضعفين أو معكم مستضعفون من النساء والصبيان والكبار والمرضى. أما إن كنتم أقوياء وليس معكم ضعفاء فالأفضل لكم أن تصلوا الفجر في المزدلفة وأن تبقوا بها مشتغلين بالذكر والدعاء حتى الإسفار، ثم تنفروا إلى منى قبل طلوع الشمس وترموا الجمرة بعد طلوعها؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كله؛ لقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» أخرجه مسلم في صحيحه. وفقنا الله وإياكم وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل به.
س: هل يجوز لمن دفع مع النساء والضعفة ليلة النحر بعد منتصف الليل من مزدلفة أن يرمي جمرة العقبة أم لا؟ .
ج: من دفع مع الضعفة والنساء فحكمه حكمهم، ومن دفع معهم من الأقوياء من محارم ومن سائقين ومن غيرهم من الأقوياء، فحكمه حكمهم يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء.
163 - حكم رمي جمرة العقبة
والطواف قبل منتصف ليلة العيد
س: أنا حاج رميت الجمرة الكبرى قبل منتصف الليل، ثم توجهت من فوري إلى الحرم لطواف الإفاضة، وأثناء ذلك انتقض وضوئي، فأكملت الطواف، ونظرا لزحمة ما حول المقام لم أتمكن من تأدية ركعتي الطواف، ثم غادرت حدود الحرم ومنى، ولم أعد إلا بعد صلاة المغرب، فهل أخللت بشيء من مناسك الحج علما بأن حجي كان مفردا؟ .
ج: أولا: رمي الجمرة قبل نصف الليل لا يجوز فإن أول وقت لرمي الجمرة بعد نصف ليلة النحر عند جمع من أهل العلم، فلا يجوز رميها قبل ذلك.
ثانيا: طوافه إن كان قبل نصف الليل فكذلك لا يصح، وإن كان بعد نصف الليل لم يصح أيضا؛ لكونه طاف على غير طهارة ولكونه انتقض وضوءه أثناء الطواف، فهو على كل حال لم يطف على الصحيح، فعليه أن يعيد الرمي، وعليه أن يعيد الطواف بعد ذلك بنية طواف الإفاضة، وبنية رمي الجمرة يوم العيد، ولا يجزئه طوافه الذي أحدث فيه، وإذا لم يتذكر ولم ينتبه إلا بعد مضي أوقات الرمي فعليه دم؛ لأنه ما رمى في الحقيقة، فعليه دم يذبحه في مكة لفقراء الحرم بنية ترك الرمي، وعليه الطواف في أي وقت، فيطوف ولو في آخر ذي الحجة أو في محرم متى ذكر حتى يكمل حجه. وعليه أيضا دم ثان عن تركه المبيت في مزدلفة إلى ما بعد نصف الليل، وبالله التوفيق.
164 - حكم رمي الجمار إذا كان المرمى مملوءا
س: ما حكم رمي الجمار إذا كان المرمى مملوءا بالحصى يرمي الحاج الحصى فيقع في المرمى ثم يسقط خارج المرمى؟
ج: المهم وقوعه في المرمى، إذا وقع في المرمى كفى والحمد لله ولو تدحرج وسقط لا يضر.
165 - الحكم فيمن رمى الشاخص دون التأكد من وقوع الجمرات في الحوض
س: حججت وأنا من أهل مكة قبل حوالي سبعة أعوام وأنا في الحج أقصر الصلاة مع الإمام ثم أعيدها تامة منفردا، وأرمي الجمرات في جميع الأيام من يوم النحر وما بعده أرميها في الشاخص الذي في وسط المرمى ظنا مني أنه هو المقصود بالرمي ولا أدري هل تسقط الحجارة في المرمى أو خارجه فما الحكم؟
ج: الواجب عليك إذا كان الأمر كما ذكرت فدية واحدة تجزئ في الأضحية، فإن لم تستطع فعليك أن تصوم عشرة أيام؛ لأنك والحال ما ذكر في حكم من لم يرم.
أما إعادة الصلاة تامة بعدما صليت مع الإمام فلا وجه لذلك والواجب الاكتفاء بالصلاة مع الإمام؛ لأن النبي صلى الله
166 - حكم الرمي بعد العصر
س: لدي بنات يحججن فرضهن هذا العام فهل يجوز أن يرمين جمرة العقبة بعد العصر مخافة الزحمة؟ .
ج: إذا رمين يوم العيد بعد العصر فلا بأس؛ لأن يوم العيد يجوز الرمي فيه كله، ويجوز أيضا الرمي في الليل بعد غروب الشمس من ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد لجمرة العقبة لمن لم يرمها في النهار في أصح قولي العلماء، وهكذا يجوز الرمي في اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر في الليل لمن لم يتيسر له الرمي في النهار بعد الزوال أما اليوم الثالث عشر فإن الرمي فيه ينتهي بغروب الشمس، ولا يجوز الرمي في الأيام الثلاثة قبل الزوال ليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر عند أكثر أهل العلم، وهو الحق الذي لا شك فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بعد الزوال في الأيام الثلاثة المذكورة، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» .
فالواجب على المسلمين اتباعه في ذلك كما يلزم اتباعه في كل ما شرع الله وفي ترك كل ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وقوله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} والآيات في هذا المعنى كثيرة. والله الموفق.
س: هل يجوز للمرأة أن توكل في الرمي في حج الفريضة؟ .
ج: إذا كانت مريضة أو ضعيفة لكبر سن أو ضعف قوة أو حاملا أو ذات أطفال ليس عندهم من يحفظهم فإنها توكل ثقة يرمي عنها، أما إذا كانت قوية تستطيع الرمي وليس بها علة فإنها ترمي بنفسها في الأوقات المناسبة كالليل وتجتنب أوقات الزحام، كما رمى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة رضي الله عنهم وفيهم أسوة.
س: ما حكم التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي؟
ج: لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار فلا بأس بالتوكيل عنهم، أما القوية النشيطة فإنها ترمي بنفسها، ومن عجز عنه نهارا بعد الزوال رمى في الليل، ومن عجز يوم العيد رمى ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، ومن عجز يوم الحادي عشر رمى ليلة اثنتي عشرة عن يوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمى في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر، وينتهي الرمي بطلوع الفجر.
أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق.
س: عندي بنت وحجها فرض ولكن بها ضيق في النفس هل أتوكل عنها في الرمي؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا .
ج: يجوز لها التوكيل لثقة يرمي عنها دفعا للخطر؛ لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا» .
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم من سمى نفسه السيد: م. ح. م. أ. وفقه الله لما فيه رضاه وزاده من العلم والإيمان آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
وصلني كتابكم الكريم وصلك الله بحبل الهدى والتوفيق وما تضمنه من الأسئلة الثلاثة كان معلوما.
س: ما حكم توكيلك لابنك في رمي الجمار بسبب عجزك؟ .
ج: لا حرج في ذلك إذا كان رمي الجمار يشق عليك بسبب كبر سنك؛ لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه، إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
س: امرأة أدت الحج وقامت بجميع مناسكه إلا رمي الجمار فقد وكلت من يرميها عنها؛ لأن معها طفلا صغيرا. علما أن هذا الحج هو حج الفريضة، فما حكم ذلك؟ .
ج: لا شيء عليها في ذلك، ورمي الوكيل يجزئ عنها؛ لما في الزحام وقت رمي الجمار من الخطر العظيم على النساء ولاسيما من معها طفل.
س: عند رمي الجمرات لم أستطع الرمي؛ لأنني حامل وكان معي والدي ورمى عني، فهل علي شيء؟ .
ج: رمي الجمرات كغيره من النسك يجب على القادر أن يفعله بنفسه؛ لقول الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فلا يحل لأحد التهاون في ذلك كما يفعل البعض حيث نجدهم يوكلون من يرمي عنهم لا عن عجز عن الرمي ولكن اتقاء للزحام، وهذا خطأ عظيم، ولكن إذا كان الإنسان عاجزا كمريض أو امرأة حامل أو ما أشبه ذلك فلا بأس، وهذه المرأة لا حرج عليها إن شاء الله.
167 - ليس لقادر أن يوكل في رمي الجمرات
س: هل يجوز لشخص أن يوكل عنه في رمي الجمرات وهو قادر على ذلك؟ .
ج: ليس لقادر أن يوكل، وكل واحد يرمي عن نفسه بنفسه إلا الصبي والعاجز والمريض وذات الحمل، فإن ولي الصبي يرمي عنه، وهكذا وكيل العاجز لكبر أو مرض، وهكذا وكيل الحامل وذات الأطفال التي ليس لدى أطفالها من يحفظهم.
168 - الوكالة في الرمي لا تجوز إلا من عذر شرعي
س: ما حكم من وكل في رمي الجمار وهو قادر وسافر بعد يوم العيد ولم يمكث في منى يومين؟ .
ج: الوكالة لا تجوز إلا من علة شرعية مثل كبير السن والمريض ومثل الحبلى التي يخشى عليها، وما أشبه ذلك، أما التوكيل من غير عذر شرعي فهذا لا يجوز والرمي باق عليه حتى ولو كان حجه نافلة على الصحيح؛ لأنه لما دخل في الحج والعمرة وجب عليه إكمالهما وإن كانا نافلة؛ لقوله سبحانه وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فهذا يعم حج النافلة وحج الفرض كما يعم عمرة الفرض وعمرة النافلة، لكن إذا كان معذورا لمرض أو كبر سن فلا بأس. والنائب يرمي عنه وعن موكله في موقف واحد الجمرات كلها هذا هو الصواب.
وكذلك إن سافر قبل طواف الوداع فهذا أيضا منكر ثان لا يجوز؛ لأن طواف الوداع بعد انتهاء الرمي وبعد فراغ وكيله من الرمي إذا كان عاجزا، وكونه يسافر قبل طواف الوداع وقبل مضي أيام منى هذا فيه شيء من التلاعب فلا يجوز هذا الأمر، بل عليه دمان: دم عن ترك الرمي يذبح في مكة، ودم عن ترك طواف الوداع يذبح في مكة أيضا، ولو طاف في نفس يوم العيد لا يجزئه ولا يسمى وداعا؛ لأن طواف الوداع يكون بعد رمي الجمار فلا يطاف للوداع قبل الرمي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» ، ولما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» متفق على صحته. وعلى المذكور دم ثالث عن ترك المبيت بمنى ليلة أحد عشر وليلة اثني عشر مع التوبة إلى الله من فعله المذكور.
س: هل يمكن توكيل شخص عني لرمي الجمرات ثاني أيام التشريق بسبب ظروف عائلية تستوجب عودتي إلى الرياض في هذا اليوم أم أن علي في ذلك دم؟ .
ج: لا يجوز لأحد أن يستنيب ويسافر قبل إتمام الرمي، بل يجب عليه أن ينتظر فإن كان قادرا رمى بنفسه وإن كان عاجزا انتظر ووكل من ينوب عنه، ولا يسافر الإنسان حتى ينتهي وكيله من رمي الجمار ثم يعود البيت هذا الموكل وبعد ذلك له السفر.
أما إذا كان صحيحا فليس له التوكيل بل يجب عليه أن يرمي بنفسه؛ لأنه لما أحرم بالحج وجب عليه إكماله وإن كان متطوعا؛ لأن الشروع في الحج يوجب إكماله، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وهكذا العمرة كما في الآية الكريمة إذا شرع فيها وجب عليه الإتمام والإكمال. وليس له أن يوكل في بعض أعمال الحج على الصحيح ما دام قادرا على فعلها. فإن سافر قبل الرمي فعليه دم يطعمه فقراء مكة.
يتبع
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
ثانياً: فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
160 - جمرة العقبة هي التي ترمى بسبع يوم العيد
س: أي الجمرات ترمى بسبع في اليوم الأول؟
ج: الجمرة التي تلي مكة، الجمرة التي يقال لها جمرة العقبة، وهي آخر الجمار من جهة مكة ترمى بسبع يوم العيد، أما في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر في حق من لم يتعجل فإن عليه أن يرمي الثلاث بعد الزوال، ويبدأ بالتي تلي مسجد الخيف، وهي التي أقرب من جهة مسجد الخيف، يبدأ بها ثم الوسطى، ثم الأخيرة التي رماها يوم العيد وهي تسمى جمرة العقبة.
161 - بداية رمي الجمار ونهايته وما يتعلق به
س: متى يبدأ الحاج رمي الجمرات؟ وما كيفية الرمي؟
وما عدد الحصى؟ وبأي الجمرات يبدأ الرمي؟ ومتى ينتهي؟
ج: يرمي أول الجمار يوم العيد وهي الجمرة التي تلي مكة ويقال لها: جمرة العقبة يرميها يوم العيد، وإن رماها في النصف الأخير من ليلة النحر كفى ذلك، ولكن الأفضل أن يرميها ضحى ويستمر إلى غروب الشمس، فإن فاته الرمي رماها بعد غروب الشمس ليلا عن يوم العيد يرميها واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة، أما في أيام التشريق فيرميها بعد زوال الشمس، يرمي الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم الوسطى بسبع حصيات ثم الأخيرة بسبع حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل. والسنة أن يقف بعد الأولى وبعد الثانية، بعدما يرمي الأولى يقف مستقبلا القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلا، وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلا القبلة ويدعو ربه طويلا في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر لمن لم يتعجل، أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رماها ولم يقف عندها عليه الصلاة والسلام.
س: من أين يؤخذ حصى الجمار؟ وما صفته وما حكم غسله؟
ج: يؤخذ الحصى من منى، وإذا أخذ حصى يوم العيد من المزدلفة فلا بأس، وهي سبع يرمي بها يوم العيد جمرة العقبة، ولا يشرع غسلها بل يأخذها من منى أو المزدلفة ويرمي بها أو من بقية الحرم يجزئ ذلك ولا حرج فيه، وأيام التشريق يلقطها من منى كل يوم واحدة وعشرين حصاة، إن تعجل اثنين وأربعين لليوم الحادي عشر والثاني عشر، وإن لم يتعجل فثلاث وستون، وهي من حصى الخذف تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق، كما قال الفقهاء، وتسمى حصى الخذف كما تقدم أقل من بعر الغنم قليلا.
162 - حكم رجم جمرة العقبة بعد منتصف ليلة العيد
س: نحن جماعة من الحجاج بعضنا معه نساء والبعض الآخر مفرد، فهل يجوز للمفرد رمي جمرة العقبة مع جماعته بعد نصف الليل؟ علما أنكم تعرفون المشاق أثناء الحج .
ج: لا بأس في رمي الجمرة ليلة النحر بعد نصف الليل للمشقة التي ذكرتم؛ ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر ورخص لهم في رمي الجمار قبل الفجر. أما الأقوياء فالأفضل لهم أن يرموا بعد طلوع الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر ضحى، ولأنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» ولكن في سنده ضعف، والصواب أن رمي الجمرة بعد نصف الليل من ليلة النحر يجزئ عن الجميع من أجل المشقة العظيمة على الجميع، ولكن تأخير ذلك إلى بعد طلوع الشمس في حق الأقوياء أفضل وأحوط؛ جمعا بين الأدلة، ومن كان معه نساء أو ضعفة فهو مثلهم.
س: تيسر لي العام الماضي تأدية فريضة الحج ولله الحمد، ولكنه حدث أن كنت مع جماعة ورمينا الجمرة الأولى في الليل قبل الصباح، وذلك خوفا من الزحام بعد أن أمضينا نصف الليل في مزدلفة، فما حكم ذلك؟ وهل علي شيء الآن؟ أرجو الإفادة .
ج: لا حرج في رمي جمرة العقبة بعد نصف الليل ليلة النحر إذا كنتم مستضعفين أو معكم مستضعفون من النساء والصبيان والكبار والمرضى. أما إن كنتم أقوياء وليس معكم ضعفاء فالأفضل لكم أن تصلوا الفجر في المزدلفة وأن تبقوا بها مشتغلين بالذكر والدعاء حتى الإسفار، ثم تنفروا إلى منى قبل طلوع الشمس وترموا الجمرة بعد طلوعها؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كله؛ لقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» أخرجه مسلم في صحيحه. وفقنا الله وإياكم وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل به.
س: هل يجوز لمن دفع مع النساء والضعفة ليلة النحر بعد منتصف الليل من مزدلفة أن يرمي جمرة العقبة أم لا؟ .
ج: من دفع مع الضعفة والنساء فحكمه حكمهم، ومن دفع معهم من الأقوياء من محارم ومن سائقين ومن غيرهم من الأقوياء، فحكمه حكمهم يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء.
163 - حكم رمي جمرة العقبة
والطواف قبل منتصف ليلة العيد
س: أنا حاج رميت الجمرة الكبرى قبل منتصف الليل، ثم توجهت من فوري إلى الحرم لطواف الإفاضة، وأثناء ذلك انتقض وضوئي، فأكملت الطواف، ونظرا لزحمة ما حول المقام لم أتمكن من تأدية ركعتي الطواف، ثم غادرت حدود الحرم ومنى، ولم أعد إلا بعد صلاة المغرب، فهل أخللت بشيء من مناسك الحج علما بأن حجي كان مفردا؟ .
ج: أولا: رمي الجمرة قبل نصف الليل لا يجوز فإن أول وقت لرمي الجمرة بعد نصف ليلة النحر عند جمع من أهل العلم، فلا يجوز رميها قبل ذلك.
ثانيا: طوافه إن كان قبل نصف الليل فكذلك لا يصح، وإن كان بعد نصف الليل لم يصح أيضا؛ لكونه طاف على غير طهارة ولكونه انتقض وضوءه أثناء الطواف، فهو على كل حال لم يطف على الصحيح، فعليه أن يعيد الرمي، وعليه أن يعيد الطواف بعد ذلك بنية طواف الإفاضة، وبنية رمي الجمرة يوم العيد، ولا يجزئه طوافه الذي أحدث فيه، وإذا لم يتذكر ولم ينتبه إلا بعد مضي أوقات الرمي فعليه دم؛ لأنه ما رمى في الحقيقة، فعليه دم يذبحه في مكة لفقراء الحرم بنية ترك الرمي، وعليه الطواف في أي وقت، فيطوف ولو في آخر ذي الحجة أو في محرم متى ذكر حتى يكمل حجه. وعليه أيضا دم ثان عن تركه المبيت في مزدلفة إلى ما بعد نصف الليل، وبالله التوفيق.
164 - حكم رمي الجمار إذا كان المرمى مملوءا
س: ما حكم رمي الجمار إذا كان المرمى مملوءا بالحصى يرمي الحاج الحصى فيقع في المرمى ثم يسقط خارج المرمى؟
ج: المهم وقوعه في المرمى، إذا وقع في المرمى كفى والحمد لله ولو تدحرج وسقط لا يضر.
165 - الحكم فيمن رمى الشاخص دون التأكد من وقوع الجمرات في الحوض
س: حججت وأنا من أهل مكة قبل حوالي سبعة أعوام وأنا في الحج أقصر الصلاة مع الإمام ثم أعيدها تامة منفردا، وأرمي الجمرات في جميع الأيام من يوم النحر وما بعده أرميها في الشاخص الذي في وسط المرمى ظنا مني أنه هو المقصود بالرمي ولا أدري هل تسقط الحجارة في المرمى أو خارجه فما الحكم؟
ج: الواجب عليك إذا كان الأمر كما ذكرت فدية واحدة تجزئ في الأضحية، فإن لم تستطع فعليك أن تصوم عشرة أيام؛ لأنك والحال ما ذكر في حكم من لم يرم.
أما إعادة الصلاة تامة بعدما صليت مع الإمام فلا وجه لذلك والواجب الاكتفاء بالصلاة مع الإمام؛ لأن النبي صلى الله
166 - حكم الرمي بعد العصر
س: لدي بنات يحججن فرضهن هذا العام فهل يجوز أن يرمين جمرة العقبة بعد العصر مخافة الزحمة؟ .
ج: إذا رمين يوم العيد بعد العصر فلا بأس؛ لأن يوم العيد يجوز الرمي فيه كله، ويجوز أيضا الرمي في الليل بعد غروب الشمس من ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد لجمرة العقبة لمن لم يرمها في النهار في أصح قولي العلماء، وهكذا يجوز الرمي في اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر في الليل لمن لم يتيسر له الرمي في النهار بعد الزوال أما اليوم الثالث عشر فإن الرمي فيه ينتهي بغروب الشمس، ولا يجوز الرمي في الأيام الثلاثة قبل الزوال ليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر عند أكثر أهل العلم، وهو الحق الذي لا شك فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بعد الزوال في الأيام الثلاثة المذكورة، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» .
فالواجب على المسلمين اتباعه في ذلك كما يلزم اتباعه في كل ما شرع الله وفي ترك كل ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وقوله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} والآيات في هذا المعنى كثيرة. والله الموفق.
س: هل يجوز للمرأة أن توكل في الرمي في حج الفريضة؟ .
ج: إذا كانت مريضة أو ضعيفة لكبر سن أو ضعف قوة أو حاملا أو ذات أطفال ليس عندهم من يحفظهم فإنها توكل ثقة يرمي عنها، أما إذا كانت قوية تستطيع الرمي وليس بها علة فإنها ترمي بنفسها في الأوقات المناسبة كالليل وتجتنب أوقات الزحام، كما رمى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة رضي الله عنهم وفيهم أسوة.
س: ما حكم التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي؟
ج: لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار فلا بأس بالتوكيل عنهم، أما القوية النشيطة فإنها ترمي بنفسها، ومن عجز عنه نهارا بعد الزوال رمى في الليل، ومن عجز يوم العيد رمى ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، ومن عجز يوم الحادي عشر رمى ليلة اثنتي عشرة عن يوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمى في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر، وينتهي الرمي بطلوع الفجر.
أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق.
س: عندي بنت وحجها فرض ولكن بها ضيق في النفس هل أتوكل عنها في الرمي؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا .
ج: يجوز لها التوكيل لثقة يرمي عنها دفعا للخطر؛ لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا» .
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم من سمى نفسه السيد: م. ح. م. أ. وفقه الله لما فيه رضاه وزاده من العلم والإيمان آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
وصلني كتابكم الكريم وصلك الله بحبل الهدى والتوفيق وما تضمنه من الأسئلة الثلاثة كان معلوما.
س: ما حكم توكيلك لابنك في رمي الجمار بسبب عجزك؟ .
ج: لا حرج في ذلك إذا كان رمي الجمار يشق عليك بسبب كبر سنك؛ لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه، إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
س: امرأة أدت الحج وقامت بجميع مناسكه إلا رمي الجمار فقد وكلت من يرميها عنها؛ لأن معها طفلا صغيرا. علما أن هذا الحج هو حج الفريضة، فما حكم ذلك؟ .
ج: لا شيء عليها في ذلك، ورمي الوكيل يجزئ عنها؛ لما في الزحام وقت رمي الجمار من الخطر العظيم على النساء ولاسيما من معها طفل.
س: عند رمي الجمرات لم أستطع الرمي؛ لأنني حامل وكان معي والدي ورمى عني، فهل علي شيء؟ .
ج: رمي الجمرات كغيره من النسك يجب على القادر أن يفعله بنفسه؛ لقول الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فلا يحل لأحد التهاون في ذلك كما يفعل البعض حيث نجدهم يوكلون من يرمي عنهم لا عن عجز عن الرمي ولكن اتقاء للزحام، وهذا خطأ عظيم، ولكن إذا كان الإنسان عاجزا كمريض أو امرأة حامل أو ما أشبه ذلك فلا بأس، وهذه المرأة لا حرج عليها إن شاء الله.
167 - ليس لقادر أن يوكل في رمي الجمرات
س: هل يجوز لشخص أن يوكل عنه في رمي الجمرات وهو قادر على ذلك؟ .
ج: ليس لقادر أن يوكل، وكل واحد يرمي عن نفسه بنفسه إلا الصبي والعاجز والمريض وذات الحمل، فإن ولي الصبي يرمي عنه، وهكذا وكيل العاجز لكبر أو مرض، وهكذا وكيل الحامل وذات الأطفال التي ليس لدى أطفالها من يحفظهم.
168 - الوكالة في الرمي لا تجوز إلا من عذر شرعي
س: ما حكم من وكل في رمي الجمار وهو قادر وسافر بعد يوم العيد ولم يمكث في منى يومين؟ .
ج: الوكالة لا تجوز إلا من علة شرعية مثل كبير السن والمريض ومثل الحبلى التي يخشى عليها، وما أشبه ذلك، أما التوكيل من غير عذر شرعي فهذا لا يجوز والرمي باق عليه حتى ولو كان حجه نافلة على الصحيح؛ لأنه لما دخل في الحج والعمرة وجب عليه إكمالهما وإن كانا نافلة؛ لقوله سبحانه وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فهذا يعم حج النافلة وحج الفرض كما يعم عمرة الفرض وعمرة النافلة، لكن إذا كان معذورا لمرض أو كبر سن فلا بأس. والنائب يرمي عنه وعن موكله في موقف واحد الجمرات كلها هذا هو الصواب.
وكذلك إن سافر قبل طواف الوداع فهذا أيضا منكر ثان لا يجوز؛ لأن طواف الوداع بعد انتهاء الرمي وبعد فراغ وكيله من الرمي إذا كان عاجزا، وكونه يسافر قبل طواف الوداع وقبل مضي أيام منى هذا فيه شيء من التلاعب فلا يجوز هذا الأمر، بل عليه دمان: دم عن ترك الرمي يذبح في مكة، ودم عن ترك طواف الوداع يذبح في مكة أيضا، ولو طاف في نفس يوم العيد لا يجزئه ولا يسمى وداعا؛ لأن طواف الوداع يكون بعد رمي الجمار فلا يطاف للوداع قبل الرمي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» ، ولما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» متفق على صحته. وعلى المذكور دم ثالث عن ترك المبيت بمنى ليلة أحد عشر وليلة اثني عشر مع التوبة إلى الله من فعله المذكور.
س: هل يمكن توكيل شخص عني لرمي الجمرات ثاني أيام التشريق بسبب ظروف عائلية تستوجب عودتي إلى الرياض في هذا اليوم أم أن علي في ذلك دم؟ .
ج: لا يجوز لأحد أن يستنيب ويسافر قبل إتمام الرمي، بل يجب عليه أن ينتظر فإن كان قادرا رمى بنفسه وإن كان عاجزا انتظر ووكل من ينوب عنه، ولا يسافر الإنسان حتى ينتهي وكيله من رمي الجمار ثم يعود البيت هذا الموكل وبعد ذلك له السفر.
أما إذا كان صحيحا فليس له التوكيل بل يجب عليه أن يرمي بنفسه؛ لأنه لما أحرم بالحج وجب عليه إكماله وإن كان متطوعا؛ لأن الشروع في الحج يوجب إكماله، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وهكذا العمرة كما في الآية الكريمة إذا شرع فيها وجب عليه الإتمام والإكمال. وليس له أن يوكل في بعض أعمال الحج على الصحيح ما دام قادرا على فعلها. فإن سافر قبل الرمي فعليه دم يطعمه فقراء مكة.
يتبع