المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة التربوية (هكذا علمنا السلف) متجددة



ابو وليد البحيرى
2018-07-12, 12:42 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقدم اليكم هذه السلسلة التربوية لفضل السلف ولا اجد قولا
افضل مما قال ابن رجب في كتابه «فضل علم السلف على الخلف»

ما فتئ العلماء في مصنفاتهم عبر القرون الإسلامية مثنين على ما كان عليه الرعيل الأول من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ وما كانوا عليه من الهدي في العلم والعمل.
ومن ذلك ما قاله الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في كتابه النافع فضل علم السلف على الخلف: وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله. ومنهم من يقول: هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين، وهذا يلزم منه ما قبله لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولا ممن كان قبلهم، فإذا كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله كان أعلم ممن كان أقل منهم قولا بطريق الأولى، كالثوري، والأوزاعي، والليث، وابن المبارك، وطبقتهم، وممن قبلهم من التابعين والصحابة أيضًا.
فإن هؤلاء كلهم أقل كلامًا ممن جاء بعدهم وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح وإساءة ظن بهم ونسبته لهم إلى الجهل وقصور العلم ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولقد صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة: «إنهم أبر الأمة قلوبًا، وأعمقها علومًا، وأقلها تكلفًا» وروي نحوه عن ابن عمر أيضًا، وفي هذا إشارة إلى أن من بعدهم أقل علومًا وأكثر تكلفًا.
وقال ابن مسعود أيضًا: «إنكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه فمن كثر علمه وقل قوله فهو الممدوح، ومن كان بالعكس فهو مذموم». وقد شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل اليمن بالإيمان والفقه، وأهل اليمن أقل الناس كلامًا وتوسعًا في العلوم، لكن علمهم علم نافع في قلوبهم ويعبرون بألسنتهم عن القدر المحتاج إليه من ذلك، وهذا هو الفقه والعلم النافع، فأفضل العلوم في تفسير القرآن ومعاني الحديث والكلام في الحلال والحرام ما كان مأثورًا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى أن ينتهي إلى أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم الذين سميناهم فيما سبق.
وهذه

الجزء رقم (1)
يحيى بن إبراهيم اليحيى
تمهيد :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فيسرني أن ألتقي بك أخي الكريم مع باقات عطرة من تربية السلف، ونسير جميعاً في حديقة غناء من أقوالهم وأحوالهم تحت عنوان (( هكذا علمنا السلف ) نطيف معك كأننا نعيش معهم، فهم أعرف الناس وأعلمهم بمراد الله ومراد رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأكثر الناس امتثالاً لنصوص الوحي، وأعمقهم علماً ، وأسرعهم استجابة للحق، وأقلهم تكلفاً.
وقبل أن ندخل في ذكر أقوالهم وتوجيهاتهم أحب أن أضع بين يديك هذه المقدمة المهمة لكي تكون على بصيرة في سيرك.

بيان حال المستقيمين من الزهاد:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( فأمر الشيخ عبد القادر ( الجيلاني )، وشيخه حماد الدباسي وغيرهما من المشايخ أهل الاستقامة ـ رضي الله عنهم ـ: بأنه لا يريد السالك مراداً قط، وأنه لا يريد مع إرادة الله ـ عز وجل ـ سواها ، بل يجري فعله فيه، فيكون هو مراد الحق )).
ثم قال : (( فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف: مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين ومثل الشيخ عبد القادر، والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين بل عليه أن يفعل المأمور، ويدع المحظور إلى أن يموت، وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف، وهذا كثير في كلامهم.
وقال شيخ الإسلام أيضاً: (( والثابت الصحيح عن أكابر المشايخ يوافق ما كان عليه السلف، وهذا هو الذي كان يجب أن يذكر.
فإن في الصحيح الصريح المحفوظ عن أكابر المشايخ مثل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، ويوسف بن أسباط، وحذيفة المرعشى، ومعروف الكرخي، إلى الجنيد بن محمد، وسهل بن عبد الله التستري، وأمثال هؤلاء ما يبين حقيقة مقالات المشايخ.
وقال ابن تيمية عن الجيلاني: (( والشيخ عبد القادر ونحوه من أعظم مشايخ زمانهم أمراً بالتزام الشرع، والأمر والنهي، وتقديمه على الذوق والقدر، ومن أعظم المشائخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية))
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-07-12, 12:47 AM
الجزء رقم (2)
يحيى بن إبراهيم اليحيى


الدعوة ( كن قدوة تكن داعية ):


قد يتصور أن الدعوة لا يقوم بها إلا متخصصون يحسنون الحديث ويجيدون الخطب، ويتقنون الكتابة ممن أعطاهم الله البيان والحكمة والأسلوب الحسن. ولو أدرنا النظر في تاريخنا لوجدنا إن انتشار الإسلام لم يقوم على خطب جهورية، ولا محاضرات بيانية ولا كتابات متقنة، وإنما انتشر على أيدي أناس حملوا الإسلام في ذواتهم فأصبحوا قدوات في جميع أعمالهم وعلاقاتهم وتحركاتهم ويقضتهم وسباتهم، ولو كانت الدعوة بالخطب والمحاضرات والكتابات والمقالات إذاً دعاة الإسلام قليل. ومن طبيعة البشر المتأصلة في نفوسهم أن عمل الداعية هو الباني والمؤثر في نفوسهم أكثر بكثير من خطبه ومحاضراته.
ويسعدني في هذه الحلقة أن أسوق إليك أخي الكريم بعض أقوال السلف التي تشير إلى همِّ الدعوة وأهمية القدوة.
قال تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ
(( من صحت تبعيته للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألبسه درعه وخوذته، وقلده سيفه، ونحله من أدبه وشمائله وأخلاقه، وخلع عليه من خلعه، واشتد فرحه به: كيف هو من أمته؟ ويشكر ربه ـ عز وجل ـ على ذلك، ثم يجعله نائباً له في أمته، ودليلاً وداعياً لهم إلى باب الحق ـ عز وجل ـ.
كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الداعي والدليل، ولما قبضه الحق ـ عز وجل ـ أقام له من أمته من يخلفه فيهم، وهم آحاد أفراد، من كل ألف ألف واحد، يدلون الخلق، ويصبرون على أذاهم، مع دوام النصح لهم، يتبسمون في وجوه المنافقين والفساق، ويحتالون عليهم بكل حيله حتى يخلصوهم مما هم فيه، ويحملوهم إلى باب ربهم ـ عز وجل ـ)).
بهذا ساد أولئك العلماء:
قال يزيد بن المنادي كان الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل: (( من أحي الناس وأكرمهم نفساً وأحسنهم عشرة وأدباً كثير الإطراق والغض، معرضاً عن القبيح واللغو، لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث والرجال بالطرق وذكر الصالحين والزهاد في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه إنسان سر به وأقبل عليه، وكان يتواضع تواضعاً شديداً، وكانوا يكرمونه ويعظمونه ويحبونه)).
معالم خراب القرى:
قال تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً .
وأوجزه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بجملة واحدة جامعة حين سئل: (( أتوشك القرى أن تخرب وهي عامرة؟ قال: إذا علا فجارها على أبرارها))
معالجة الناس وتربيتهم مهما كان انحرافهم وانفراج الزاوية بينهم وبين دينهم:
قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ: (( إني أعالج أمراً لا يعين عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه الأعجمي، وهاجر عليه الأعرابي، حتى حسبوه ديناً لا يرون الحق غيره)) وارجع إلى قصة موسى مع فرعون والبون الشاسع بين موسى كليم الرحمن وبين فرعون مؤله نفسه.
وصفة للحديث المؤثر والمربي للناس:
قال يحي بن معاذ الزاهد: (( أحسن شيء: كلام رقيق، يستخرج من بحر عميق، على لسان رجل رفيق)).
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-07-16, 05:39 PM
الدعوة قائمة على مصالح العباد :

يحيى بن إبراهيم اليحيى

الحلقة (3)


(( والرسول - صلى الله عليه وسلم- قام بهذه الدعوة ، فإنه أمر الخلق بكل ما أمر الله به ، ونهاهم عن كل ما نهى الله عنه ، أمر بكل معروف ونهى عن كل منكر ))

الشمول في الدعوة :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( وكلما أحبه الله ورسوله من واجب ومستحب ، من باطن وظاهر ، فمن الدعوة إلى الله : الأمر به ، وكلما أبغضه الله ورسوله ، من باطن وظاهر ، فمن الدعوة إلى الله : النهي عنه .

لا تتم الدعوة إلى الله إلا بالدعوة إلى أن يفعل ما أحبه الله ، ويترك ما أبغضه الله ، سواء كان من الأقوال أو الأعمال الباطنة أو الظاهرة ))

الانشغال بالدعوة والتعليم أولى من العمل الإغاثي في بعض الأحوال ولبعض الأشخاص :
قال الإمام أحمد : حين سأله تلميذه زهير بن أبي زهير ، فقال :(( إن فلان - يعني أبا يوسف- ربما سعى في الأمور مثل : المصانع ، والمساجد ، والآبار ؟ قال : فقال لي أحمد : لا ، نفسه أولى به ، وكره أن يبذل الرجل نفسه ووجهه )) .

الجزع والحزن والبكاء لا يقدم للدعوة شيئاً :
قال شيخ الإسلام بن تيمية : (( كثير من الناس إذا رأى المنكر ، أو تغير كثير من أحوال الإسلام ، جزع وكلّ وناح كما ينوح أهل المصائب وهو منهي عن هذا ، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام ، وأن يؤمن بالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، وأن العاقبة للتقوى ، وأن ما يصيبه فهو بذنوبه فليصبر ، إن وعد الله حق ، وليستغفر لذنبه ، وليسبح بحمد ربه بالعشي والإبكار ...

وقوله صلى الله عليه وسلم : (( ثم يعود غريباً كما بدأ )) : أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه ، وقد قال تعالى : مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلَ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ، فهؤلاء يقيمونه إذا ارتد عنه أولئك .

وكذلك بدأ غريباً ولم يزل يقوى حتى انتشر ، فهكذا يتغرب في كثير من الأمكنة والأزمنة ثم يظهر حتى يقيمه الله عز وجل ، كما كان عمر بن عبد العزيز لما ولي قد تغرب كثير من الإسلام على كثير من الناس حتى كان منهم من لا يعرف تحريم الخمر ، فأظهر الله به في الإسلام ما كان غريباً )).

المفهوم الشامل للتدين :
قال ابن القيم : (( ليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة ، بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله ، وأكثر الديّانين لا يعبأون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس ، وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والنصيحة لله ورسوله وعباده ، ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه ، فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلاً عن أن يريدوا فعلها ، وفضلاً عن أن يفعلوها ، وأقل الناس ديناً وأمقتهم إلى الله : من ترك هذه الواجبات ، وإن زهد في الدنيا جميعها ، وقل أن ترى منهم من يحمر وجهه ويمعره لله ويغضب لحرماته ، ويبذل عرضه في نصرة دينه ، وأصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله من هؤلاء )).

الخلل والعيب فينا :
(( كان بعض السلف الصالح يقول : يا له من دين لو أن له رجالاً )).

كن مقتدياً تكن قدوة :
سئل التابعي وهب بن منبه اليماني عن صفة المسلم قال : (( يقتدي بمن قبله ، وهو إمام لمن بعده)

والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-08-11, 01:09 PM
(الدعوة في السنة النبوية)

أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر



الحلقة (4)



(أهداف الدعوة)




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،وبعد،،،،،
ففي هذه الحلقة نذكر من تمهيد البحث: أهداف الدعوة.


ثالثًا: أهداف الدعوة :
يمكن الوصول إلى معرفة أهداف الدعوة من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، والتي تتجلى في الأمور الآتية:
1 – تحقيق رضا الله سبحانه وتعالى، لقوله تعالى:( يوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً*وَ ُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً )[الإنسان: 7 – 9].
2 – نشر الإسلام في الأرض، لقوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )[التوبة:33].
3 – تصحيح العقيدة عند الناس، لأنه الأصل الذي إذا صلح، صلح سائر الأعمال وإذا فسد، فسد سائر الأعمال، وقد كان من أول أهداف دعوة الرسل جميعًا عليهم السلام تصحيح العقيدة، لقوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)[الأنبياء: 25]، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا حين بعثه إلى اليمن أن يدعو الناس إلى توحيد الله تعالى قبل دعوتهم إلى أي شيء آخر فقال: «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله»(1) .


4 – القيام بالفروض والعبادات المتمثلة في أركان الإسلام، وتصحيح ما يشوبها أحيانًا من البدع والزيادات، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهدف تاليًا للعقيدة في وصيته لمعاذ حين بعثه إلى اليمن، حيث قال: «فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإيّاك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»(2) .
5 – تصحيح السلوك والأخلاق، لقوله تعالى:(لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)[آل عمران: 164].
وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع على المشركين، فقال: «إني لم أبعث لعّانًا وإنما بُعثْتُ رحمة»(3) .


6 – القيام بمهمة البلاغ: وهو إيصال دعوة الله إلى الناس بالحجة والبيان، لقوله تعالى: ( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)[الشورى: 48].
وخلاصة الكلام في أهداف الدعوة أنها: نقل العباد من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد(4
).
وسنذكر في الحلقة التالية بإذن الله تعالى: فضائل الدعوة إلى الله تعالى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(1) أخرجه البخاري: (5/206رقم4347)، كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، ومسلم: (1/50رقم19)، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله.
(2) أخرجه البخاري: (2/159رقم1496)، كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد إلى الفقراء، ومسلم: (1/50رقم19)، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين.
(3) أخرجه مسلم: (4/2006رقم2599)، كتاب البر والصلة، باب النهي عن لعن الدواب.
(4) سيأتي مزيد من التفصيل لأهداف الدعوة وتحريره في القاعدة الثانية.

ابو وليد البحيرى
2018-08-28, 12:38 AM
الجزء رقم (4)
يحيى بن إبراهيم اليحيى


قواعد في الدعوة :
(( الدعوة : إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان به ، وبما جاء ت به رسله ، بتصديقهم فيما أخبروا به ، وطاعتهم فيما أمروا ))

التناسب بين العلم والعبادة :
وقد سئل الإمام أحمد عن الرجل يكثر من كتابة الحديث وطلبه أيسوغ له ذلك ؟
قال : (( ينبغي أن يكثر العمل به على قدر زيادته في الطلب ))

وروى ابن جرير بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال : (( كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن ، قال : فتعلمن العلم والعمل معاً)) .

مجموع الأمة تقوم مقام الرسول - صلى الله عليه وسلم- في الدعوة :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( فمجموع أمته تقوم مقامه في الدعوة إلى الله ، ولهذا كان إجماعهم حجة قاطعة ، فأمته لا تجتمع على ضلالة ، وإذا تنازعوا في شيء ردوا ما تنازعوا فيه إلى الله وإلى رسوله .

وكل واحد من الأمة يجب عليه أن يقوم من الدعوة بما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره ، فما قام به غيره : سقط عنه ، وما عجز : لم يطالب به .

وأما ما لم يقم به غيره وهو قادر عليه فعليه أن يقوم به ، ولهذا يجب على هذا أن يقوم بما لا يجب على ذاك ، وقد تقسطت الدعوة على الأمة بحسب ذلك تارة وبحسب غيره أخرى ، فقد يدعو هذا إلى اعتقاد الواجب ، وهذا إلى عمل ظاهر واجب ، وهذا إلى عمل باطن واجب ، فتنوع الدعوة يكون في الوجوب تارة ، وفي الوقوع أخرى .

وقد تبين بهذا أن الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم ، لكنها فرض على الكفاية ، وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره ، وهذا شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتبليغ ما جاء به الرسول ، والجهاد في سبيل الله ، وتعليم الإيمان والقرآن .

وقد تبين بذلك أن الدعوة نفسها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، فإن الداعي طالب مستدع مقتض لما دعا إليه ، وذلك هو الأمر به ، إذ الأمر هو طلب الفعل المأمور به ، واستدعاء له ودعاء إليه ، فالدعاء إلى الله : الدعاء إلى سبيله ، فهو أمر بسبيله ، وسبيله تصديقه فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ))

على كل مسلم حمل ما يقدر عليه وتختلف الأفضلية باختلاف القدرات والطاقات :
قال ابن القيم : (( وهاهنا أمر ينبغي التفطن له ، وهو أنه قد يكون العمل المعين أفضل منه في حق غيره ، فالغني الذي بلغ له مال كثير ونفسه لا تسمح ببذل شيء منه : فصدقته وإيثاره أفضل له من قيام الليل وصيام النهار نافلة .

والشجاع الشديد الذي يهاب العدو سطوته : وقوفه في الصف ساعة وجهاده أعداء الله أفضل من الحج والصوم والصدقة والتطوع .

والعالم الذي قد عرف السنة ، والحلال والحرام ، وطرق الخير والشر : مخالطته للناس وتعليمهم ونصحهم في دينهم أفضل من اعتزاله وتفريغ وقته للصلاة وقراءة القرآن والتسبيح .

وولي الأمر الذي قد نصبه الله للحكم بين عباده : جلوسه ساعة للنظر في المظالم وإنصاف المظلوم من الظالم وإقامة الحدود ونصر المحق وقمع المبطل أفضل من عبادة سنين من غيره .

ومن غلبت عليه شهوة النساء فصومه له أنفع وأفضل من ذكر غيره وصدقته ))

كلهم على خير :
وهذا مثال من السلف الصالح يوضح تفاوت الطاقات والقدرات :
عن بكر بن عبد الله قال : (( من سره أن ينظر إلى أعلم رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى الحسن فما أدركنا أعلم منه ، ومن سره أن ينظر إلى أورع رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى ابن سيرين إنه ليدع بعض الحلال تأثماً ، ومن سره أن ينظر إلى أعبد رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى ثابت البناني فما أدركنا أعبد منه تراه في يوم ( إنه ليظل اليوم المعمعاني الطويل ما بين طرفيه صائماً يروح ما بين جبهته وقدمه ) ، ومن سره أن ينظر إلى أحفظ رجل أدركناه في زمانه وأجدر أن يؤدي الحديث كما سمع فلينظر إلى قتادة ))

أرض المسلم هي التي يتمكن فيها من عبادة ربه :
المسلم عامل وداعية ، أرضه وبلده التي يتمكن فيها من نشر دعوته بين الناس ، وإخراجهم فيها من الظلمات إلى النور ، فقد يكون بلد بنفسه فاضل على غيره ، لكن المفضول أحياناً يكون أفضل منه للمسلم لهذه الحيثية .

قال ابن تيمية - رحمه الله- : (( قال أبو هريرة : (( لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلى من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود )) .

ولهذا كان أفضل الأرض في حق كل إنسان أرض يكون فيها أطوع لله ورسوله ، وهذا يختلف باختلاف الأحوال ، ولا تتعين أرض يكون مقام الإنسان فيها أفضل ، وإنما يكون الأفضل في حق كل إنسان بحسب التقوى والطاعة والخشوع الخضوع والحضور ، وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان : هلم إلى الأرض المقدسة ! فكتب إليه سلمان :

إن الأرض لا تقدس أحداً ، وإنما يقدس العبد عمله ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء ، وكان سلمان أفقه من أبي الدرداء في أشياء من جملتها هذا))
والى لقاء قادم ان شاء الله

أبو البراء محمد علاوة
2018-08-28, 12:47 AM
نحن وهم ... (http://majles.alukah.net/t142761/)

ابو وليد البحيرى
2018-09-07, 02:10 PM
الجزء رقم5
يحيى بن إبراهيم اليحيى
توظيف جميع الطاقات والاستفادة من جميع القدرات :


إن أي دعوة تهمل شريحة من المجتمع تعتبر ناقصة ومآله إلى الانحسار ، وقد تميزت الدعوة الإسلامية باحتوائها جميع طبقات المجتمع ، وتوظيف جميع طاقات ، فليس في المجتمع المسلم عنصر مهمل أو مبعد أو مركون مهما كان.

(( لكن قد يصح أن يقال : أنه - أي فرض الكفاية - واجب على الجميع على وجه من التجوز، لأن القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة ، فهم مطلوبون بسدها على الجملة ، فبعضهم هو قادر عليها مباشرة وذلك من كان أهل لها ، والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين ، فمن كان قادراً على الولاية فهو مطلوب بإقامتها ، ومن لا يقدر عليها مطلوب بأمر آخر ، وهو إقامة ذلك القادر وإجباره على القيام بها ، فالقادر إذن مطلوب بإقامة الغرض ، وغير القادر مطلوب بتقديم ذلك القادر ، إذاً لا يتوصل إلى قيام إلا بإقامة ، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ))

كبوة الجواد وهفوة العالم لا تقدح فيه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود ))
وقصة حاطب بن أبي بلتعة من الشواهد الصريحة في ذلك .

فيحفظ لمثل هؤلاء منزلتهم ، ويقدر جهدهم في عمل الخير ، ويحتفظ لهم بأعماله التي قدموها في نصرة الإسلام ، ولا تنبذ أعمالهم وتنكر جهودهم لزلة حصلت منهم .

التناسب بين الأعداد والكوادر
يجب أن يتناسب العدد مع الطاقة العلمية والتربوية ، ولا ينظر في قضية الحماس ، أو يعتمد على الطاقة المادية فحسب ، فما يجتمع بخطبة ينفض بخطبة !!

لا يسعى بالتطوير إلا من ذاق التعب والمعاناة :
الجالسون والخاملون لا ننتظر منهم أفكار جديدة في تطوير الأساليب والوسائل الدعوية ، ومن ظن ذلك فقد اعتمد على الأوهام والأحلام ، إن الذي لا يعيش هم الدعوة وينام ويستيقظ عليها محال أن ترد عليه أفكار في تطويرها والرفع من شأنها . (( ليست الثكلى كالمستأجرة )) .

الاهتمام بالثقات والمحافظة عليهم فهم عماد الدعوة :
وفي الصحيح : (( الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا )) .

الثقات هم صمام الأمان للدعوة ، وهم السبب الرئيس في بقائها ودوامها ، وهم المرجع عندما تعصف الفتن ، ويتساقط الناس على جنبات الطريق صرعى الفتنة .

فلا ينبغي التوسع والانفتاح قبل التأكد من وجود عدد كاف للذود عنها وحمايتها والمحافظة عليها .

الأسلوب التربوي بطيء لكنه مضمون :
إن نجاح السلف في تربية الرجال يشهد له تلك النخب العديدة التي تخرجت من تلك المدرسة ، فمجرد مطالعة لكتب التراجم ترى قائمة عظيمة من رجال تلك العصور : العلماء الربانيون ، المجاهدون الصادقون ، الزهاد المتعبدون الواعون ، رجال الحسبة ...

فهل ترى أن ذلك تم في خطبة أو محاضرة أو موعظة عابرة كلا !

لقد تخرج أولئك الأجيال من مدارس طويلة يرعاها أولئك الأفذاذ من العلماء ، ولكن الكثير يرغب عن هذا المسلك ويستعجل الثمرة .

وطريق التربية صعب ... طويل .... بطيء ... لكنه طريق مأمون ، ثابت ، مضمون .

التحسب لجميع الخطوات :
شتان ما بين سلوك العالم المربي وسلوك الفائر ، المربي له موازين محددة ، يزن ويقيس ويمحص ويستنتج قبل أن يخطو ، والفائر يغضب ويندفع ، ويتسرع ويستعجل فيتورط .

صعود الثقات رأس الوقاية :
تبوء الثقات منابر التوجيه والتعليم هو الضمان في تحقيق استمرارية الدعوة ، والنجاة بها إلى بر الأمان ، وتحقق مجتمع يلتزم بالعقيدة علماً وعملاً ، ورسم الخطوات البعيدة المدى في إصلاح الناس وتوجيههم ، مع وضوح الرؤية فيما يتخذونه من وسائل وأساليب .

كن ربانياً :
الابتداء قبل الانتهاء ، يجب حمل النفس على الطريق المستقيم ومجاهدتها على ذلك ، حتى تتأهل لإصلاح الناس والبداية بصغار العلم قبل كبارها كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما- :

قال ابن المتكدر : (( كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت ))

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في شرح معنى : كُونُوا رَبَّانِيِّنَ : (( قال مجاهد : (( هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره ، فهم أهل الأمر والنهي ... )) قال : وذلك المنقول عن السلف في الرباني .

نقل عن علي قال : (( هم الذين يغذون الناس بالحكمة ويربونهم عليها )) .

وعن ابن عباس قال : (( هم الفقهاء المعلمون )) .

قلت : أهل الأمر والنهي هم الفقهاء المعلمون .

وقال قتادة وعطاء : (( هم الفقهاء العلماء الحكماء )) .

قال ابن قتيبة : (( وأحدهم رباني ، وهم العلماء المعلمون )) .

قيل : إن الرباني منسوب إلى الرب ، فزيادة الألف والنون كاللحياني ، وقيل : إلى تربيته الناس ، وقيل : إلى ربان السفينة ، وهذا أصح فإن الأصل عدم الزيادة في النسبة ، لأنهم ( منسوبون إلى التربية )
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-09-20, 08:49 PM
الجزء رقم6
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الرفق في الأمر كله


يخطئ الكثير في المبادرة إلى التعنيف والتهجم على الداعية بسبب تقصير حصل منه، أو خطأ وقع فيه ، بل بعضهم ليس في قاموسه باب للمسامحة والغض عن الزلات، لاشك أن المحاسبة مطلوبة ولكن بالحكمة فلا يتخذ وتيرة واحدة مع الجميع، إذ البعض قد يكتفي بالتلميح، وبعضهم لابد له من التصريح، وآخر يعرف بالإشارة ولا يحتاج إلى عبارة .

تكفي اللبيب إشارة مرموزة
وسواه يدعى بالنداء العالي .

والعنف والشدة في المحاسبة لا تنبغي وبخاصة في أوقات الفتن، ومن أمثل الطرق في ذلك اتخاذ أسلوب الوعظ والتذكير بالأمانة والسؤال عنها، وفي الصحيح : (( ما كان الرفق في شيء إلا زانه))

تربية العز لا تربية الذل والخنوع :
درج السلف الصالح على تنبيه التلاميذ بعد مشيهم خلف الشيخ، وأحيانا يلجؤون إلى تعنيفهم إنهم فعلوا ذلك، تدريبا وتربية لهم على العزة وبعدا عن الخنوع و الذلة والضعة ، فما على نجم ذليل في علم أو عمل.

والنصوص في هذا الباب متظافرة وأكثر من أن تحصى منها عن ابن مسعود وابن عباس ، وسفيان الثوري وغيرهم كثير : عن هشام قال : (( كان محمد بن سيرين إذا مشى لم يلتفت خلفه ، قال هشام : فغدوت في عيد ليخرج فأتبعه فأنظر ما يصنع في طريقه وفي مصلاه ، قال : فكأنه فطن فاحتبس عن الوقت الذي كان يخرج فيه ، قال : واحتسبت ليخرج ، فلما أبطأت عليه خرج قال : فلما مضى تبعته ، قال: فالتفت فرآني فقال : لو كنت لصاً لكنت رجل سوء ، إني لو علمت أن هذا يصلح لي ولك ما باليت))

والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-10-07, 12:31 PM
التريث والتثبت عند الاستفادة من الرجال وتزكيتهم:
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم7


الكثير من الأخيار يثق بالشخص بمجرد جلسة أو جلستين معه، وقد يزكيه ويرفع من شأنه، وهذا ليس من المنهج السليم شرعاً ولا عرفاً، فكم من إنسان تظن أنه محب للخير مدافع عنه، وسرعان ما ينكشف لك أنه مصلحي يسعى لنفسه، أو يتبين لك أنه لئيم الطبع خبيث المعدن لا يعترف بالجميل بل يقابله بالإساءة.

عن عبد الله بن حنيف قال: قال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن كعب القرظي: ((أي خصال الرجل أوضع له؟ قال: كثرة كلامه، وإفشاء سره، والثقة بكل أحد)).

وقد وضع السلف الصالح منهجاً في التثبت والتريث في معرفة الرجال:
شهد (رجل) عند عمر شهادة فقال له: لست أعرفك، ولا يضرك ألا أعرفك، ائت بمن يعرفك، فقال رجل من القوم: أنا أعرفه، قال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة، والعقل.

قال: هو جارك الأولى الذي تعرف ليله، ونهاره، ومدخله، ومخرجه؟ قال: لا.

قال: فعاملك بالدراهم، والدينار اللذين يستدل بهما على الورع؟ قال: لا.

قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا.

قال: لست تعرفه؟ ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك.

طلب عمر بن الخطاب الأحنف بن قيس، فأبقاه عنده سنة يراقبه ثم قال له: (( يا أحنف، قد بلوتك وخبرتك فلم أر إلا خيراً، ورأيت علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، فإنا كنا نتحدث: إنما أهلك هذه الأمة كل منافق عليم)).

وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري: (( أما بعد، فأدن الأحنف بن قيس وشاوره، واسمع منه)).

قال الحسن البصري: (( اعتبروا الناس بأعمالهم ودعوا قولهم، فإن الله لم يدع قولاً إلا جعل عليه دليلاً من عمل يصدقه أو يكذبه، فإذا سمعت قولاً حسناً فرويداً بصاحبه، فإن وافق قوله عمله فنعم، ونعمة عين، فآخه، أحببه، وأودده، وإن خالف قولاً وعملاً فماذا يشبه عليك منه، أو ماذا يخفى عليك منه؟ إياك وإياه، لا يخدعنك)).

وتجد بعض التطبيقات من طلب العلم والدعاة يسارعون بكتابة التزكيات لمن يطلب منهم، بل إني وجدت عن بعضهم نموذج تزكية مطبوع موقع فقط يكتب اسم من يريد تزكيته، وقد يحتج بأن هذا من نفع الناس ولا يخسر شيء.
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-10-18, 09:01 AM
ليس من السبيل التشهير بأهل المعاصي:
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم8

قال الوزير ابن هبيرة: (( اجتهد أن تستر العصاة، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام، وأولى الأمر: ستر العيوب)).

الجهاد والعمل يجمع الكلمة والبطالة والكسل تفرق الناس:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير قوله تعالى: إِنْ لا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ : (( قد يكون العذاب من عنده، وقد يكون بأيدي العباد، فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع بينهم الفتنة كما هو الواقع، فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قلوبهم وألف بينهم، وجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم، وإذا لم ينفروا في سبيل الله عذبهم الله بأن يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض)).

الحلم يورث العدل والبعد عن الانتصار للنفس، والأناة تورث التأمل وتطرد الطيش واليأس:
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأشج عبد القيس: (( إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة)).

ابذل الجهد والنتيجة على الله ولا تيأس:
عجبت لهم قالوا : تماديت في المنــى وفي المثل العليا وفي المرتقى الصـعـب
فاقصر ولا تجهد يراعك إنمــــــــــــ ــــــا ستبـــــذر حبـا في ثـرى ليس بالخــصـب
فقلت لهم: مهلاً،فما اليأس شيــمتي سأبـذر حبي والثمار مــن الـــــــــــــ ـــرب
إذا أنا بلغت الرســـالة جــــــــــــاه ـدا ولم أجـد السمع المجيب فما ذنبــــــي ؟

مد الجسور والتعاون على العبور:
الاجتماع على الحق:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (( وأما لفظ (( الزعيم )) فإنه مثل لفظ الكفيل والقبيل والضمين قال تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ، فمن تكفل بأمر طائفة فإنه يقال: هو زعيم، فإن كان قد تكفل بخير كان محموداً على ذلك، وإن كان شراً كان مذموماً على ذلك.

وأما (( رأس الحزب )) فإنه رأس الطائفة التي تتحزب، أي تصير حزباً، فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا، مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم، سواء كان على الحق والباطل، فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله، فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف، ونهيا عن التفرقة والاختلاف، وأمرا بالتعاون على البر والتقوى، ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان)).

والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-10-30, 09:33 PM
التعاون على الأمر بالمعروف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم9


قال تعالى: وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ، وقال سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ .

قال الزهري عن الصحابي هشام بن حكيم بن حزام القرشي - رضي الله عنه-: (( كان يأمر بالمعروف في رجال معه )).

قال ابن الجوزي: (( قال ابن عقيل: رأينا في زماننا أبا بكر الاقفالي، في أيام القائم إذا نهض لإنكار منكر استتبع معه مشايخ لا يأكلون إلا من صنعة أيديهم، كأبي بكر الخباز، شيخ صالح أضر - أي صار ضريراً - من اطلاعه في التنور، وتبعه جماعة ما فيهم من يأخذ صدقة ولا يدنس بقبول عطاء، صوام النهار، قوام الليل، أرباب بكاء، فإذا تبعه مخلط رده وقال: متى لقينا الجيش بمخلط انهزم الجيش)).

الحسبة لا تتوقف على تفويض:
(( استمرار عادات السلف على الحسبة على الولاة قاطع بإجماعهم على الاستغناء عن التفويض، بل كل من أمر بمعروف، فإن كان الوالي راضياً به فذاك، وإن كان ساخطاً له فسخطه له منكر يجب الإنكار عليه، فكيف يحتاج إلى إذنه في الإنكار عليه؟

ويدل على ذلك عادة السلف في الإنكار على الأئمة، كما روي أن مروان بن الحكم خطب قبل صلاة العيد، فقال له رجل: إنما الخطبة بعد الصلاة، فقال له مروان: اترك ذلك يا فلان، فقال أبو سعيد الخدري: أما هذا فقد قضى ما عليه، قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (( من رأى منكم منكراً فلينكره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )).

فلقد كانوا فهموا من هذه العموميات دخول السلاطين تحتها، فكيف يحتاج إذنهم.

المهم أن يكون لك سهم في الإسلام وإن قل:
عن أبي نضر يعني بشراً قال : سمعت أبا أسامة يقول: (( جزى الله عنا خيراً من أعان الإسلام بشطر كلمة)).

والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-11-15, 10:52 AM
الاهتمام بأمر الناس
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم10

اقتصر همه على هداية الخلق ونصحهم:
وقد كانت نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تتفطر هماً بالدعوة قال تعالى: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٌ ، وقال: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً.

كان عبد القادر الجيلاني يقول: (( سبحان من ألقى في قلبي نصح الخلق وجعله أكبر همي ))، ثم يقول: (( إذا رأيت وجه مريد صادق قد أفلح على يدي: شبعت وارتويت، واكتسيت، وفرحت، كيف خرج مثله من تحت يدي؟)).

من كان صلاح الناس همه امتلأ قلبه خشية وحباً للخير:
عن بكر بن ماعز قال: (( أعطي الربيع فرساً أو اشترى فرساً بثلاثين ألفاً، فغزا عليها قال: ثم أرسل غلامه يحتش وقام يصلي وربط فرسه، فجاء الغلام فقال: يا ربيع أين فرسك؟ قال: سرقت يا يسار، قال: وأنت تنظر إليها؟ قال: نعم يا يسار أني كنت أناجي ربي - عز وجل- فلم يشغلني عن مناجات ربي شيء، اللهم إنه سرقني ولم أكن لأسرقه، اللهم إن كان غنياً فاهده، وإن كان فقيراً فأغنه، ثلاث مرات)).

تطبيقات: البعض قد تؤخذ حذاؤه في المسجد فيدعوا على من أخذها، وقد يسب القبيلة أو البلد كله الذي ينتسب من أخذ نعليه.

لم يقعد بهم بُعْدُ الطريق عن مواصلة الخير:
قال الوزير بن هبيرة: (( تـأملت ذكر أقصى المدينة، فإذا الرجلان جاءا من بعد في الأمر بالمعروف، ولم يتقاعدا لبعد الطريق)).

باب الهجرة والجهاد باب واسع:
قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ

قالت طائفة من السلف: (( هذا يدخل فيه من آمن وهاجر وجاهد إلى يوم القيامة، وهكذا قوله تعالى:وَالَّذِي َ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ يدخل في معناها: كل من فتنه الشيطان عن دينه أو أوقعه في معصية، ثم هجر السيئات وجاهد نفسه وغيرها من العدو، وجاهد المنافقين بالأمر بالمعروف النهي عن المنكر، وغير ذلك،وصبر على ما أصابه من قول أو فعل،والله - سبحانه وتعالى- أعلم ))
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-12-05, 06:20 AM
مشعل هداية و الأقربون أولى بالمعروف

يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم11

مشعل هداية و الأقربون أولى بالمعروف:
كن مشعلاً في جنح ليـل حالك
يهدي الأنام إلى الهدى ويبيــن
وانشط لـدينك لا تكن متكاسلاً
واعمل على تحريك ما هو ساكن
وابدأ بأهلك إن دعـــــوت فانهم
أولى الورى بالنصح منك واقمـــــن
والله يأمر بالعشيـــــــــ رة أولاً
والأمر من بعد العشيرة هيــــــن

كانوا متفرغين للعامة:
وصفوا الأوزاعي بأنه: (( كان رجل عامة )). ومثله المحدث الثقة الفقيه أبو إسحاق الفزاري قالوا: (( كان رجل عامة ))، قال العجلي: (( كان ثقة رجلاً صالحاً ، صاحب سنة ، وهو الذي أدب أهل الثغر وعلمهم السنة، وكان يأمر وينهى ، وإذا دخل الثغر رجل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث وكان له فقه)).
وخالد بن عبد الله الواسطي ، أحد المحدثين الثقات وصفوه بأنه: (( كان رجل عامة )).

نشاط في الكبر:
عن أنس أن أبا طلحة الأنصاري قرأ سورة براءة ، فلما أتى على هذه الآية: انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً قال: (( أرى ربنا - عز وجل- يستنفرنا شيوخاً وشباباً ، جهزوني أي بني ، فقال بنوه: يرحمك الله قد غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى مات ، ومع أبي بكر - رضي الله عنه- حتى مات ، ومع عمر - رضي الله عنه- ، فنحن نغزو عنك ، فأبى فجهزوه فركب البحر فمات ، فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام فلم يتغير فدفنوه فيها)).

همم عالية هل يستويان؟ لا والله ، فقد ربح البيع:
قال ابن المبارك:
بغض الحياة وخوف الله أخرجنـي وبيع نفسي بما ليست له ثمناً
إني وزنت الـــذي يبقى ليعـــدله ما ليس يبقى فلا والله ما اتــزنا
لا تقصر عن هذه الهمة.

والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2019-01-07, 09:29 PM
الإنتاج عند الغليان
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم12


عن مالك بن دينار قال: (( إن صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر ، وإن صدور الفجار تغلي بأعمال الفجور ، والله تعالى يرى همومكم ، فانظروا ما همومكم رحمكم الله )).

حملة رسالة في كل لحظة وحتى في آخر لحظة من الحياة:
عن أبي حيوة قال: (( دخلنا على بكر بن عبد الله المزني نعوده في مرضه الذي مات فيه، فرفع رأسه فقال: رحم الله عبداً رزقه الله قوة فعمل لنفسه في طاعة الله، أو قصر به ضعف فلم يعمل في معاصي الله عز وجل )).

اهتمام بأمر العامة:
عن موسى بن المغيرة قال: (( رأيت محمد بن سيرين يدخل السوق نصف النهار يكبر ويسبح ويذكر الله عز وجل قال: فقال له رجل: يا أبا بكر الساعة؟ قال: إنها ساعة غفلة ).

دائماً في صعود وترقي ونجاحات:
قال إبراهيم الحربي عن الإمام أحمد: (( ولقد صحبته عشرين سنة صيفاً وشتاءً، وحراً وبرداً، وليلاً ونهاراً، فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس )).
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2019-01-24, 09:58 PM
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم13
دعم وتحفيز وتشجيع للعاملين:

قالوا: (( كان الإمام أحمد إذا بلغه عن شخص صلاح، أو زهد، أو قيام بحق أو اتباع للأمر: سأل عنه، وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله)).

تلك المتابعات من أهم عوامل تغيير التصورات:
وانظر من تطبيق الإمام أحمد لحرصه هذا مثالاً يذكرونه في معرض التعريف بشيخ البخاري والترمذي والنسائي وغيرهم موسى بن حزام.

قالوا:(( إنه كان ثقة صالحاً، لكنه كان في أول أمره ينتحل الإرجاء، ثم أعانه الله ـ تعالى ـ بأحمد بن حنبل، فانتحل السنة، وذب عنها، وقمع من خالفها، مع لزوم الدين، حتى مات )).

روض نفسك على التعب والمعاناة:
قال ابن القيم:(( يا مخنث العزم أين أنت والطريق، طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورمي في النار الخليل، واضطجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داوود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد - صلى الله عليه وسلّم- تحزها أنت باللهو واللعب )).
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2019-03-17, 09:50 AM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم14


المسلم مأجور في كل أحواله فلماذا الكسل ولم ضيق الصدر:

قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: (( إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتى في النكبة وانقطاع شسعة، والبضاعة تكون في كمه فيفتقد بها فيفزع لها فيجدها في ضبته)).

لا تنتظر السلامة من الخلق فإصلاحهم معانات وتعب:
(( هل كان شغل الأنبياء إلا معاناة الخلق، وحثهم على الخير ونهيهم عن الشر؟ )).

لا فراغ لأهل الهمم الكبيرة:
وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام

قال شعبة بن الحجاج البصري: (( لا تقعدوا فراغاً فإن الموت يطلبكم )).

سأل رجل ابن الجوزي: (( أيجوز أن أفسح لنفسي في مباح الملاهي؟ فقال: عند نفسك من الغفلة ما يكفيها )).

قال ابن القيم - رحمه الله -: (( لا بد من سنة الغفلة، ورقاد الغفلة، ولكن كن خفيف النوم )).

وانته من رقدة الغفلة فالعمر قليل واطرح سوف وحتى فهما داء دخيل.
قال الإمام الشافعي: (( طلب الراحة في الدنيا لا يصلح لأهل المروءات، فإن أحدهم لم يزل تعبان في كل زمان)).

سئل أحد الزهاد عن سبيل المسلم ليكون من صفوة الله، قال: (( إذا خلع الراحة، وأعطى المجهود في الطاعة )).

قيل للإمام أحمد: (( متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة ))
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2019-07-06, 04:18 PM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم15



أوقف نفسك على مصالح المسلمين:
قالت فاطمة بنت عبد الملك تصف زوجها عمر بن عبد العزيز: (( كان قد فرغ للمسلمين نفسه، ولأمورهم ذهنه، فكان إذا أمسى مساءً لم يفرغ فيه من حوائج يومه: وصل يومه بليلته))
قال بعض أصحاب عمر القدامى لعمر: (( لو تفرغت لنا، فقال: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله)).
قال الفقيه النحوي ابن عقيل في وصف تلامذة أحمد بن حنبل وأتباعه من بعده: (( هم قوم خشن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجد، وقل عندهم الهزل، وغربت نفوسهم عن ذل المراءاة، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات، وتمسكوا الظاهر تحرجاً عن التأويل، وغلبت عليه الأعمال الصالحة، فلم يدققوا في العلوم الغامضة، بل دققوا في الورع، وأخذوا ما ظهر من العلوم، وما وراء ذلك قالوا: الله أعلم بما فيها، من خشية باريها )).

رباهم على الصبر والتحمل والمثابرة:
من تلامذة الإمام أحمد إسحاق بن منصور المعروف بالكوسج، وكان قد دون مسائل عن الإمام أحمد: (( بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض تلك المسائل، فحملها في جراب على كتفه، وسافر راجلاً إلى أحمد، ثم عرض خطوط أحمد على كل مسألة استفتاه عنها فأقر له بها وأعجب به))
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2019-10-14, 04:47 AM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم16


استغرق أوقاته في الخير:
د قالوا عن محمد بن أحمد الدباهي: (( لازم العبادة، والعمل الدائم والجد، واستغرق أوقاته في الخير... صلب في الدين، وينصح الإخوان، وإذا رآه إنسان: عرف الجد في وجهه)).
ولما تعجب غافل من باذل وقال له: (( إلى كم تتعب نفسك؟ كان جواب الباذل سريعاً حاسماً: راحتها أريد)).

تشغيل جميع طاقاته واستنفاد جميع قدراته في الاستفادة من جميع أوقاته:
قال ابن عقيل: (( إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي، وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة )).

الاختصار من أوقات الأكل والشرب:
وقال: (( أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز، لأجل ما بينهم من تفاوت المضغ، توفراً على مطالعة، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه))
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-01-28, 06:29 PM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم17


المبادرة لا التسويف:
قال يحيى بن معاذ: (( لا يزال العبد مقروناً بالتواني، ما دام مقيماً على وعد الأماني )).

لا تنال الدعوة بالكسل والهمم الدنيئة:
قال أحد السلف لرويم الزاهد: أوصني، فقال: (( هو بذل الروح، و إلا فلا تشتغل بالترهات)).

وقال ابن الجوزي: (( أول قدم في الطريق بذل الروح... هذه الجادة فأين السالك؟)).

وقال لسان الدين ابن الخطيب: (( طريق القوم مبنية على الموت)).

إن نفسا ترتضي الإسلام دينـــا ثم ترضى بعـده أن تسـتكينــــا
أو ترى الإسلام في أرض مهينا ثم تهوى العيش نفس لن تكونا

نصر الدين ليس بالمجان:
يتصور أحدهم أنه بإمكانه أن ينصر دينه بدون أن يصاب حتى بشوكة، لا بل ولا بكلمة نابئة، يمكن أن يتحمل الصعاب في سبيل المادة والمنصب والجاه، أما دينه وعقيدته فيستكثر عليه كل بذل وعطاء، وقد يرى أن أي حدث يصير له أن هذا من أخطاء المنهج، و إلا فكيف من يعمل الصالحات ويأمر بالخيرات يؤذى، وغفل المحب أن أشد الناس بلاء الأنبياء، وأن المرء يبتلى على قدر صلاحه وصلابة دينه.( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2)

قال ابن القيم في كتابه الفوائد (ص:52): (( لما قضى في القدم بسابقة سلمان عرض به دليل التوفيق عن طريق آبائه في التمجس، فأقبل يناظر أباه في دين الشرك، فلما علاه بالحجة لم يكن له جواب إلا القيد.
وهذا جواب يتداوله أهل الباطل من يـوم حرفوه، وبه أجـاب فرعون موسـى: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي ، وبه أجاب الجهمية الإمام أحمد لما عرضوه على السياط، وبه أجاب أهل البدع شيخ الإسلام حين استودعوه السجن ( وها نحن على الأثر ) فنزل به ضيف وَلَنَبْلُوَنَّ كُمْ فنال بإكرامه مرتبة (( سلمان منا أهـل البيت ))

أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم والناس تزعم نصر الدين مجانا
عاشوا على الحب أفواها وأفئدة باتوا على البؤس والنعماء إخوانا
الله يعرفهم أنصار دعـــــــــــــ ـوته والناس تعرفهم للخير أعــــــوانا
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-01-28, 09:03 PM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم18


النفوس تتكدر أما المشرب فزلال:


أبعد الصفاء ومحض الإخاء يقيم الجفاء بنا يخطب
وقد كان مشربنا صافيــــا زماناً فهل كدر المشرب

أنت وقف في سبيل الله:
قد وقعت أخي الحبيب عقداً مع الله والثمن والمثمن جلي أمامك فهل يليق بك أن تتراجع وتطالب في فسخ العقد! لا أتصور ذلك ، ولكن الغفلة وغلبة الأعمال وكثرة الخلطة وقلة الناصح وندرة الموجه والمحاسب تجعلك تنسى بأنك قد بعت نفسك وأصبحت وقفاً على محبوبات الله أنى استقلت ركائبها واتجه بك ربانها.

قال تعالى: إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ.

(( والنبي - صلى الله عليه وسلم- كانت ساعاته موقوفة على الجهاد بقلبه ولسانه ويده، ولهذا كان أرفع العالمين ذكراَ، وأعظمهم عند الله قدراً)).

أنت أجير عند الله:
فان لم يستطع الدعاة اليوم النصر فحسبهم أنهم (( أجراء عند الله ؛ أينما وحيثما وكيفما أرادهم أن يعملوا : عملوا وقبضوا الأجر المعلوم ! وليس لهم ولا عليهم أن تتجه الدعوة إلى أي مصير ، فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير )).

خذ ما تعرف ودع متنكر:
خذ ما كنت تعرف ودع ما كنت تنكر تعبدا لله تعالى: ( ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وكن يقظاً حذراً من أن تسقط في فتنة أو تساهم في نشرها، فإن من تعرض للفتن نسفته فهن النسافات، واعلم أن بداية الفتن تأويل، والفتن تتزين لأصحابها إذا أقبلت ولا يعرف شرها إلا إذا أدبرت، ولهذا لا يعقلها إلا الربانيون الذين ينظرون بنور الله ويلتمون شرعه ويخافون على أنفسهم.
قال الفضيل بن عياض لقوم طرقوا بابه وطلبوا الموعظة، فاطلع عليهم من كوة وهو يبكي، والدموع تتقاطر من وجهه ولحيته، وهو يضطرب، فقال لهم: (( ما بالكم ؟ فقالوا له: عظنا يا أبا علي، فقال: عليكم بالقرآن، عليكم بالسنة، عليكم بالصلاة، ويحكم !!!
هذا الزمان ليس بزمان حديث، وإنما هو زمان: احفظ لسانك، وأخف مكانك وعالج بالليل، وخذ ما تعرف، ودع متنكر )).
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-08-16, 04:41 AM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم19

لا أقل من نصرة أهل الحق:

قيل لبشر الحافي يوم تعذيب أحمد: (( قد ضرب أحمد بن حنبل إلى الساعة سبعة عشر سوطاً، فمد بشر رجله، وجعل ينظر إلى ساقيه ويقول: ما أقبح هذا الساق إن لا يكو القيد فيه نصرة لهذا الرجل))

مشاطرة العلماء مصائبهم وهمومهم:
عن أبي جعفر محمد بن الفراج مولى بني هاشم قال: (( لما نزل بأحمد بن حنبل من الظلم والجور يعني الحبس والضرب دخل عليّ من ذلك مصيبة، فأتيت في منامي فقيل لي: أما ترضى أن يكون عند الله بمنزلة أبي سوار العدوي ولست ترويه؟ قلت: بلى، قال: فإنه عند الله بتلك المنزلة))

وإذا كانت النفـوس كبــــــــــــا راً تعبت في مـرادها الأجسام

على قدر فضل المرء تأتي خطوبه ويعرف عند الصبر فيما يصيبه
ومن قـل فيما يتقيه اصطبــــــــاره فقد قـل مما يـرتجيه نصيبــه

صفات عالي الهمة :
إن كنت تريد النجاح في دعوتك وعملك بل وفي كل أمور الحياة فدونك صفات الناجحين فالتزم بها ولا تقصر عنها: ((وطالب النفوذ إلى الله والدار الآخرة، بل وإلى كل علم وصناعة ورئاسة، بحيث يكون رأساً في ذلك مقتداً به فيه، يحتاج أن يكون شجاعاً مقداماً، حاكماً على وهمه، غير مقهور تحت سلطان تخيله، زاهداً في كل ما سوى مطلوبه، عاشقاً لما توجه إليه، عارفاً بطريق الوصول إليه، والطرق القواطع عنه، مقدام الهمة، ثابت الجأش، لا يثنيه عن مطلوبه لوم لائم ولا عذل عاذل، كثير السكون، دائم الفكر، غير مائل مع لذة المدح ولا ألم الذم، قائماً بما يحتاج إليه من أسباب معونته، لا تستفزه المعارضات، شعاره الصبر وراحته التعب)).
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-09-04, 04:18 AM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم20

قواطع الطريق: شبهة المتقاعدين والمتقاعسين:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- راداً على أولئك المتقاعسين الذين يبحثون فيما وراء الحروف عن تبريرات يعتذرون بها أمام الناس عن سبب تخلفهم عن الركب وإيثارهم السلبية وعدم المشاركة في الخيرات، والعجب لهؤلاء أنهم نسوا حتى أنفسهم (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (الحشر:19)

قال تعالى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ، وإنما يتم الاهتداء إذا أطيع الله وأدي الواجب من الأمر والنهي وغيرهما، ولكن في الآية فوائد عظيمة:

أحدها: أن لا يخاف المؤمن من الكفار والمنافقين، فإنهم لن يضروه إذا كان مهتدياً.

الثاني: أن لا يحزن عليهم ولا يجزع عليهم، فإن معاصيهم لا تضره إذا اهتدى، والحزن على ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران في قوله: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُون.

الثالث: أن لا يركن إليهم, ولا يمد عينه إلى ما أوتوه من السلطان والمال والشهوات, كقوله: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ, فنهاه عن الحزن عليهم والرغبة فيما عندهم في آية, ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم في آية, فإن الإنسان قد يتألم عليهم ومنهم, إما راغباً وإما راهباً.

الرابع: أن لا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في بغضهم أو ذمهم, أو نهيهم أو هجرهم, أو عقوبتهم, بل يقال لمن اعتدى عليهم: عليك نفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت, كما قال: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ الآية, وقال: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُم ْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ, وقال: فَإِنِ انْتَهُوا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ, فإن كثيراً من الآمرين الناهين قد يعتدون حدود الله إما بجهل وإما بظلم, وهذا باب يجب التثبت فيه, وسواء في ذلك الإنكار على الكفار والمنافقين, الفاسقين والعاصين.

الخامس: أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع, من العلم والرفق, والصبر, وحسن القصد, وسلوك السبيل القصد, فإن ذلك داخل في قوله: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، وفي قوله: إِذَا اهْتَدَيْتُمْ .

والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-09-15, 11:20 PM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم21


قواطع الطريق:
تابع شبهة المتقاعدين والمتقاعسين:
فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيها المعنى الآخر، وهو :

(السادس): إقبال المرء على مصلحة نفسه علماً وعملاً، وإعراضه عما لا يعنيه، كما قال صاحب الشريعة: « من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه، ولاسيما إن كان التكلم لحسد أو رئاسة.

وكذلك العمل فصاحبه إما معتد ظالم، وإما سفيه عابث، وما أكثر ما يصور الشيطان ذلك بصورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله ويكون من باب الظلم والعدوان.

فتأمل الآية في هذه الأمور من أنفع الأشياء للمرء، وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة علماؤها وعبادها وأمراؤها ورؤساؤها وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المستنة في محنة الصفات والقرآن، محنة أحمد وغيره، وكما بغت الرافضة على المستنة مرات متعددة، وكما بغت الناصبة على علي وأهل بيته، وكما قد تبغي المشبهة على المنزهة، وكما يبغي بعض المستنة إما على بعضهم وإما على نوع من المبتدعة بزيادة على ما أمر الله به، وهو الإسراف المذكور في قولهم: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا .

وإزاء هذا العدوان تقصير آخرين فيما أمروا به من الحق، أو فيما أمروا به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه الأمور كلها، فما أحسن ما قال بعض السلف: (( ما أمر الله بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين: لا يبالي بأيهما ظفر: غلو أو تقصير)).

فالمعين على الإثم والعدوان بإزائه تارك الإعانة على البر والتقوى، وفاعل المأمور به وزيادة منهي عنها بإزائه تارك المنهي عنه وبعض المأمور به، والله يهدينا الصراط المستقيم ولا حول ولا قوة إلا بالله))

والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-09-24, 02:54 AM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم22


أمران يتطاردان:

لقد رأينا من أنفسنا ومن غيرنا أن من اشتغل بأمر ترك ضده، سواء كان في الظاهر أو الباطن، وأظهر ما يكون ذلك في اللسان، فإنك ترى من نفسك ومن غيرك إذا انشغل اللسان بالخلق وبما لا يعني، تجده ناضباً عن ذكر الله واستغفاره، والعكس صحيح.

قال ابن القيم في الفوائد (ص:43): ((فائدة: لابد في قبول المحل لما يوضع فيه أن يفرغ من ضده. قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده، وهذا كما أنه في الذوات والأعيان فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات، فإذا كان القلب ممتلئاً بالباطل اعتقاداً ومحبة لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع، كما أن اللسان إذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه إلا إذا فرغ لسانه من النطق بالباطل، وكذلك الجوارح إذا اشتغلت بغير الطاعة لم يمكن شغلها بالطاعة إلا إذا فرغها من ضدها، فكذلك القلب المشغول بمحبة غير الله وإرادته والشوق إليه والأنس به، لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته وحبه والشوق إلى لقائه إلا بتفريغه من تعلقه بغيره .

[1869] حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سيار حدثنا جعفر قال: سمعت مالكاً يقول: ((بقدر ما تحزن للدنيا كذلك يخرج هم الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة كذلك يخرج هم الدنيا من قلبك)) كتاب الزهد للإمام أحمد / 446 - 447

الغريب من عاش بغير منهج الله ـ تعالى ـ:
قال لي صاحب : أراك غريباً بين الأنـــــــــــ ـــــام دون خليــل
قلت : كلا ، بل الأنام غريب أنا في عالمي ، وهذى سبيلي

هكذا الثقة بالله والأنس به، والاعتزاز به سبحانه.
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-10-03, 05:23 AM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم23


جلد الفاجر وعجز الثقة:


إنك لتعجب من نشاط أهل الضعة والفساد وحرصهم على عملهم وجلدهم فيه، مع ما يجدونه من وحشة القلب وقلق في النفس، ثم تجد ضعف أهل الخير وتكاسلهم مع ما أعد الله لهم من الثواب العظيم والإعانة والنصرة والفرح في الدنيا.
قال عمر - رضي الله عنه-: ((اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر، وعجز الثقة)) المنطلق لمحمد الراشد273.
تبلد في الناس حسن الكفاح ومالوا لكسب وعيشٍ رتيب
يكاد يُزعزعُ مـــن همتي سُدورُ الأمين ، وعزم المريب

منافذ ضعف النفس نقطة في مستنقع التردي:
قال عمر بن عبد العزيز: (( لا يكونن شيء أهم إليك من نفسك، فإنه لا قليل من الإثم))تاريخ الطبري6/569. ( العوائق لمحمد الراشد/47).

خل الذنوب صغيرها وكبيرها فهو التقى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

فإن الإنسان قد يشتكي من رجله من أجل شوكه، فإذا استخرجها وجدها كالذرة فضحك منها وعلم كما قال عمر: ((لا قليل من الإثم)).
والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-10-22, 12:29 PM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم24




أضرار المعاصي:

للمعاصي آثار في الدنيا لو وعاها أهلها لطاردوها، ذكر ابن القيم بعض أضرار المعاصي في كتابه الفوائد (ص : 47) فقال: (( قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه، ومنع إجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر، وحرمان العلم، ولباس الذل، وإهانة العدو، وضيق الصدر، والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت، وطول الهم والغم، وضنك المعيشة، وكسف البال تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله؛ كما يتولد الزرع عن الماء، والاحتراق عن النار، وأضداد هذه تتولد عن الطاعة)).
وقال في (ص : 54): (( الذنوب جراحات، ورب جرح وقع في مقتل)).
إذا عرضت نظرة لا تحل فاعلم أنها مسعر حرب فاستتر منها بحجاب قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ ... فقد سلمت من الأثر وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ.

الخروج للدعوة والإرشاد فالقاعد في بيته مرتكب لمنكر:
يقول الغزالي: (( اعلم أن كل قاعد في بيته أينما كان؛ فليس خالياً في هذا الزمان عن منكر، من حيث التقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم، وحملهم على المعروف، فأكثر الناس جاهلون بالشرع في شروط الصلاة في البلاد، فكيف في القرى والبوادي، ومنهم الأعراب والأكراد والتركمانية، وسائر أصناف الخلق.
وواجب أن يكون في مسجد ومحلة من البلد فقيه يعلم الناس دينهم، وكذا في كل قرية، وواجب على كل فقيه - فر غ من فرض عينه، وتفرغ لفرض الكفاية- أن يخرج إلى من يجاور بلده من أهل السواد، ومن العرب والأكراد وغيرهم، ويعلمهم دينهم وفرائض شرعهم)) إحياء علوم الدين 2 / 342

والى لقاء قادم ان شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-11-27, 04:29 PM
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم25



المحاسبة واستدراك الأمر قبل فواته:


[1434] حدثنا عبد الله حدثنا أبي حدثنا عبد الصمد حدثنا همام عن قتادة قال: كان العلاء بن زياد يقول: (( لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه فأقاله، فليعمل بطاعة الله - عز وجل-)).

مثال في المحاسبة:
[2114] حدثنا عبد الله حدثني أبو موسى قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: قال إبراهيم التيمي: (( مثلت نفسي في النار أعالج أغلالها وسعيرها، آكل من زقومها، وأشرب من زمهريرها فقلت: يا نفس أيش تشتهين؟ قالت: أرجع إلى الدنيا فأعمل عملاً أنجو به من هذا العقاب، ومثلت نفسي في الجنة مع حورها، وألبس من سندسها وإستبرقا وحريرها قلت: يا نفس أيش تشتهين؟ قال: فقالت: أرجع إلى الدنيا فأعمل عملاً أزداد فيه من هذا الثواب، قلت: فأنت في الدنيا وفي الأمنية)).

لكن اعلم يا محب أن المحاسبة يسبقها المشارطة، وهي أن تكتب عقداً بينكم وبين نفسك تلزمها به، ثم تبدأ تحاسب نفسك وفق ذلك العقد وذاك الشرط، أما أن تترك نفسك سبهللاً فستقول لك: على أي شيء تحاسبني؟ وهل بيني وبينك اتفاق حتى نتحاسب.

كلمات في المنهج:
قال ابن القيم في الفوائد (ص : 45): (( من لم ينتفع بعينه لم ينتفع بأذنه، للعبد ستر بينه وبين الله وستر بينه وبين الناس، فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله هتك الله الستر الذي بينه وبين الناس.

إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.

الدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة فكيف بغم العمر.

أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل الوقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها، كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة.

لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله ـ سبحانه ـ أحبار أهل الكتاب، ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين.

دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكـرة فدافع الفكرة، فإن لم تفعل صارت شهوة فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلاً)).
وإلى لقاء قادم إن شاء الله

ابو وليد البحيرى
2020-12-05, 11:12 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم26


السهام القاضية:


هناك سهام فتاكة قد لا يشعر بها السائر إلى الله إن لم يتفقد نفسه، ويعرضها على الطبيب المختص، ويكن صريحاً مع نفسه في معرفة عيوبها، فإن بداية كل علاج الوضوح والصراحة في إبداء العيوب ومعرفة أوجه النقص، حتى يتم التشخيص بصورة سليمة، كما أن بداية التوبة معرفة الذنب، ثم يتلو ذلك برنامج العلاج، وهو ما يسميه العلماء بالمشارطة والتي تعني وضع برنامج زمني للتخلص من العيوب. وسنشير هنا إلى أشد السهام فتكاً بقلب المسلم المتميز.

أولا: العجب:
علامة العجب بالنفس:
قال بشر بن الحارث الحافي: «أن تستكثر عملك، وتستقل عمل غيرك».

العجب من أهم مطالب الشيطان:
قال الفضيل بن عياض - رحمه الله -: «إذا ظفر إبليس من ابن آدم بإحدى ثلاث خصال قال: لا أطلب غيرها: إعجابه بنفسه، واستكثاره عمله، ونسيانه ذنوبه».

قال الفضيل بن عياض: «إن من علامة المنافق أن يحب المدح بما ليس فيه، ويكره الذم بما فيه، ويبغض من يبصره بعيوبه».

محاسبة النفس على العجب:
قال سفيان الثوري:«إعجابك بنفسك حتى يخيل إليك أنك أفضل من أخ لك، وعسى أن لا تصيب من العمل مثل الذي يصيب، ولعله أن يكون هو أورع منك عما حرم الله، وأزكى منك عملاً».

تتبع إرشادات السلامة تسلم:
أرسل أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد رسالة بعد انتصاره في العراق فقال: «ليهنك أبا سليمان النية والحظوة، فأتمم يتمم الله لك، ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل، وإياك أن تدل بعمل، فإن الله له المنَّ، وهو ولي الجزاء».

ليس أحد بمنأى عن العجب:
فقد كان عمر بن الخطاب يخشاه على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيشفق عليهم ويغلق عنهم منفذ الشيطان، تحدث عن أبي موسى الأشعري مع أنس بن مالك ثم قال لأنس يصف أبا موسى: «أما إنه كيس ولا تسمعها إياه».

هذا أنت يا ابن آدم فلماذا تفخر:
قال الحسن البصري: «مسكين ابن آدم... محتوم الأجل، مكتوم الأمل، أسير جوعه، صريع شبعه، تؤذيه البقة، وتقتله الشرقة».

عجب من معجب بصـــورته *** وكان بالأمــس نطفة مذرة
وفي غد بعد حسن صورته *** يصير في اللحد جيفة قذرة
وهو على تيهه ونخــــــوته *** ما بين ثوبيــه يحمل العذرة

وإلى لقاء قادم إن شاء الله

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-12-14, 07:30 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم27


قصر الحياة وطول الأمل:

الدهر عن طمع يغر ويخدع *** وزخارف الدنيا الدنية تطمع
وأعنة الآمال يلقها الـــــرجا *** طمعاً، وأسياف المنية تقطع
والموت آت، والحياة مريرة *** والناس بعضـــهم لبعض يتبع
واعلم بأنك عن قليل صائر *** خبراً فكن خبراً بخير يسمـع

السهم الثاني: محبة المحمدة:


* حب المحمدة طريق إلى العجب:


قال سفيان الثوري: «إن لم تكن معجباً بنفسك فإياك أن تحب محمدة الناس، ومحمدتهم أن تحب أن يكرموك بعملك، ويروا لك به شرفاً ومنزلة في صدورهم».

قال الفضيل بن عياض: «إن من علامة المنافق أن يحب المدح بما ليس فيه، ويكره الذم بما فيه، ويبغض من يبصره بعيوبه».

قال خالد بن صفوان: «إن أقواماً غرهم ستر الله، وفتنهم حسن الثناء، فلا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك».

قال أحد السلف: «لا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك».

يا جاهلاً غره إفراط مادحه *** لا يغلبن جهل من أطراك علمـك بك
أثنى وقال بلا علم أحاط به *** وأنت أعلم بالمحصــــــول مـن ريبك

البعد عن المحمدة:



عن مخلد بن الحسين ذكر أن العلاء بن زياد قال له رجل: «ويحك رأيتك كأنك في الجنة، قال: أما وجد الشيطان أحداً يسخر به غيري وغيرك»(1).

هذا من أحب أن يحمد بما فعله من خير رياء وسمعة، أما من حمد ولم يقصد الرياء والسمعة فلا يدخل في هذا، قال السعدي في تفسير قول الله تعالى لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (آل عمران:188):

«دلت الآية بمفهومها على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير واتباع الحق، إذا لم يكن قصده بذلك الرياء والسمعة، أنه غير مذموم، بل هذا من الأمور المطلوبة التي أحب الله أن يجزي بها المحسنين له الأعمال والأقوال، وأنه جازى بها خواص خلقه، وسألوها منه، كما قال إبراهيم - عليه السلام -: وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (الشعراء:84)

سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (الصافات: 79،80)

وقد قال عباد الرحمن: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (الفرقان: من الآية74) وهي من نعم الباري على عبده، ومنته التي تحتاج إلى الشكر» انتهى كلامه - يرحمه الله -.

------------------------------------------------
(1) كتاب الزهد للإمام أحمد / 363.

وإلى لقاء قادم إن شاء الله

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2020-12-27, 11:09 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم28


السهم الثالث مدح النفس والثناء عليها:

من مدح نفسه سقط من عيون الناس، هذه قاعدة مطردة لا تكاد تنخرم أبداً، والحقيقة أن مدح النفس والثناء عليها وإطراءها إذا لم يكن دافعه مصلحة راجحة أو نشر خير أو دفاع عن تهمة، فإنه يصب في قالب الغرور وضعف العقل...

أما إن كان من باب التحدث بنعم الله الدينية والدنيوية فهذا مما يندب إليه، قال تعالى: وأما بنعمة ربك فحدث، ونقل التجارب والخبرات قد تتطلب ذكر النفس، وهذا مدح لها بما يذكر من أعماله، لكن إن كان الإنسان مما يتطلع إلى الثناء ويخشى من العجب فليمسك؛ فمصلحة النفس أولى من إصلاح الآخرين.

قيل لرباح القيسي: «ما الذي يفسد على العمال أعمالهم؟ فقال: حمد النفس، ونسيان النعم»(1)

يعنى: أن الإنسان قد ينسى في خضم الحديث عن النفس وتجاربها وخبراتها، وما مر عليه من أحداث ومشاكل تغلب عليها، فنسى أن هذا من فضل الله وعونه وتوفيقه له، وأنه بمفرده لا يملك لنفسه شيئاً.

السهم الرابع: ذم الآخرين أو عملية الإسقاط من أجل الصعود:
قال الفضل بن عياض: «من علامة المنافق أن يفرح إذا سمع بعيب أحد من أقرانه»(2)
إذ أن مبعث عيب الناس وغيبته ومحبة ذكرهم بالنقائص ناتج من حب العلو والذكر والظهور والتفرد بالثناء، فإذا علم عن أحد فضيلة حاول كتمها وإن لم يستطع ذكره بعيب تسقط تلك الفضيلة، وكأنه يقول: أما أنا فلست كذلك.

لا يحبذون ذكر أخلاق السلف وسيرهم:
قال ذو النون المصري: «جعلوا قليل زلات السلف حجة أنفسهم، ودفنوا كثير مناقبهم»(3).

ولو لم يفعلوا ذلك لافتضحوا، كما يقول بعض السلف الصالح عن أنفسهم فكيف بغيرهم: قال عبد العزيز بن أبي رواد - رحمه الله -: «إذا ذكرت أحوال السلف بيننا: افتضحنا كلنا»(4).

وقد يقول عن السلف أولئك أناس عاشوا في غير زماننا، ولم يشاهدوا ما شاهدناه ولم يروا ما رأيناه، ومن نحن حتى نستطيع أن نكون مثلهم، أو إذا سمع بعبادتهم قال: هذا غلو أو تصوف، وما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابتهم كذلك.. ويحاول أن يترسم كل ضعف وتقصير وينقر عن ذلك في الكتب والروايات وإن لم يكن لها أصل، أو يغفل أسبابها إن كان لها سبب.


--------------------------------------------
(1) العوائق لمحمد الراشد/52.
(2) العوائق لمحمد الراشد/53.
(3) الغنية لعبد القادر الكيلاني2/184. (العوائق لمحمد الراشد/224).
(4) العوائق لمحمد الراشد/48.

وإلى لقاء قادم إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/10.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-01-12, 04:04 PM
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.com_27_18_d8e4_09c78be95 2081.gif
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم29



السهم الخامس: ذم النفس في الملأ:

قال الحسن البصري: «من ذم نفسه في الملأ فقد مدحها، وذلك من علامات الرياء».



المهم أن الله يعرفك:


لا تجلس تذم نفسك عند الناس فالله أعلم بك منهم، وأنت أعلم بنفسك من غيرك، ولا يغرنكم جهل غيرك بك علمك بنفسك.

قال مدرك بن عوف الأحمسي: «بينا أنا عند عمر - رضي الله تعالى عنه - إذ أتاه رسول النعمان بن مقرن، فجعل عمر يسأله عن الناس، فجعل الرجل يذكر من أصيب من الناس بنهاوند، فيقول: فلان بن فلان وفلان بن فلان، ثم قال الرسول: وآخرون لا نعرفهم، فقال عمر: لكن الله يعرفهم»، وفي لفظ آخر: قال عمر : «ولكن الذي أكرمهم بالشهادة يعرف وجوههم وأنسابهم»(1).

إن في الطاعة شغلاً عن المعصية . ولذتها منسية غيرها:
جرت مسألة في محبة الله في مكة فسئل الجنيد فقال: «عبدٌ ذهب عن نفسه، متصل بذكر ربه، قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه... فإن تكلم فبالله، وإن نطق فعن الله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكن فمع الله، فهو بالله، ولله، ومع الله»(2) فليس هدفه أن يذكر، أو يعرف.

------------------------------------------------------
(1) الخراج لآبي يوسف ص35 العوائق لمحمد الراشد/54.
(2) مدارج السالكين 3/16.



وإلى لقاء قادم إن شاء الله

https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSTdsKA1NE1Y y3t3xNY21IWU4p28memy1i_hQ&usqp=CAU

ابو وليد البحيرى
2021-02-11, 01:13 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم30




السهم السادس: التطلع للرياسة:


من خصائصها فرارها ممن طلبها وبقاء وزرها:
قال سفيان الثوري: «من طلب الرياسة قبل مجيئها: فرت منه»(1).

من إفرازاتها تنقص الناس وعيبهم:
قال الفضيل بن عياض: «ما أحب أحد الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب ليتميز هو بالكمال، ويكره أن يذكر الناس أحداً عنده بخير، ومن عشق الرياسة فقد تُودِّع من صلاحه»(2).

الانحراف وليد الرياسة:
قال شداد بن أوس - رضي الله عنه -: «يا بقايا العرب: إن أخوف ما أخاف عليكم: الرياء، والشهوة الخفية».
قيل لأبي داود السجستاني: «ما الشهوة الخفية؟ قال: حب الرياسة».
فقال ابن تيمية معقباً: «فهي خفية، تخفي عن الناس، وكثيراً ما تخفي على صاحبها»(3).
قال أبو العتاهية:
أُخيً من عشق الرئاسة خفت أن *** يطغى ويحدث بدعة وضلالاً

الرئاسة تورث خفة العقل والتذبذب:
قال ابن تيمية: «يجتذبه الشرف والرياسة، فترضيه الكلمة، وتغضبه الكلمة، ويستعبده من يثني عليه ولو بالباطل، ويعادي من يذمه ولو بالحق»(4).

البعد عن حلقات التعليم والاستفادة من الآخرين من أبرز معالمها:
قال عمر - رضي الله عنه -: «تفقهوا قبل أن تسوّدوا»(5).
وقال الإمام الشافعي: «إذا تصدر الحدث: فاته علم كثير»(6).

لا يدرك ضررها إلا الربانيون:
قال سفيان الثوري: «إياك وحب الرياسة، فإن الرجل تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة، فتفقد نفسك، واعمل بنية»(7).

أصعب أبواب الزهد يكمن في الرياسة:
قال سفيان الثوري: «ما رأيت الزهد في شيء أقل منه في الرياسة»(8).

التحذير من التطلع إليها أو طلبها:
روى البخاري عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه و سلم -: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لا تَسْأَلِ الإمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا».

كره السلف لها:
قال عبيد الله بن الحسن العنبري: «لأن أكون ذنباً في الحق أحب إلي من أن أكون رأساً في الباطل»(9)، قال ذلك حين رجع عن أقوال له خالفت السنة. بعد أن كان مصدراً في جماعته، أصبح تلميذاً. فقيل له في ذلك كنت رأساً وعلماً ووو. فقال تلك الكلمة.

كيف بمريدها للإصلاح:
قال أبو بكر الطرطوشي الأندلسي: «إن من حصل بين يدي ملك لا يعرف قدره، أو أمة لا يعرفون، فخاف على نفسه، أو أراد إبراز فضله: جاز له أن ينبههم عن مكانه وما يحسنه، دفعاً للشر عن نفسه، أو إظهاراً لفضله فيجعل في مكانه».

قال: «وفيه فائدة أخرى: وهو أنه إن رأى الأمور في يد الخونة واللصوص ومن لا يؤدي الأمانة، ويعلم من نفسه أداء الأمانة مع الكفاية: جاز له أن ينبه السلطان على أمانته وكفايته.
ولهذا قال بعض العلماء من أصحاب الشافعي: من كمل فيه الاجتهاد وشروط القضاء: جاز أن ينبه السلطان على مكانه، وخطبه خطبة القضاء.
وقال بعضهم: بل يجب ذلك عليه إذا كان الأمر في يدي من لا يقوم به(10).

قال ابن القيم: «والفرق بين حب الرياسة وحب الإمارة للدعوة إلى الله هو الفرق بين تعظيم أمر الله والنصح له، وتعظيم النفس والسعي في حظها، فإن الناصح لله المعظم له المحب له يحب أن يطاع ربه فلا يعصى، وأن تكون كلمته هي العليا، وأن يكون الدين كله لله، وأن يكون العباد ممتثلين أوامره مجتنبين نواهيه، فقد ناصح الله في عبوديته، وناصح خلقه في الدعوة إلى الله، فهو يحب الإمامة في الدين، بل يسأل ربه أن يجعله للمتقين إماماً، يقتدي به المتقون، كما اقتدى هو بالمتقين.

فإذا أحب هذا العبد الداعي إلى الله أن يكون في أعينهم جليلاً، وفي قلوبهم مهيباً، وإليهم حبيباً، وأن يكون فيهم مطاعاً لكي يأتموا به ويقتفوا أثر الرسول على يده: لم يضره ذلك، بل يحمد عليه لأنه داع إلى الله يحب أن يطاع ويعبد ويوحد، فهو يحب ما يكون عوناً على ذلك موصلاً إليه، ولهذا ذكر - سبحانه - عباده الذين اختصهم لنفسه وأثنى عليهم في تنزيله وأحسن جزاءهم يوم لقائه، فذكرهم بأحسن أعمالهم وأوصافهم ثم قال: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً، فسألوه أن يقر أعينهم بطاعة أزواجهم وذرياتهم له – سبحانه -، وأن يسر قلوبهم بإتباع المتقين لهم على طاعته وعبوديته، فإن الإمام والمؤتم متعاونان على الطاعة فإنما سألوه ما يعينون به المتقين على مرضاته وطاعته، وهو دعوتهم إلى الله بالإمامة في الدين...».

ثم قال: «وهذا بخلاف طلب الرياسة، فإن طلابها يسعون في تحصيلها لينالوا بها أغراضهم من العلو في الأرض، وتعب القلوب لهم، وميلها إليهم، ومساعدتهم لهم على جميع أغراضهم، مع كونهم عالين عليهم قاهرين لهم، فترتب على هذا المطلب من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله من البغي والحسد والطغيان والحقد والظلم والفتنة، والحمية للنفس دون حق الله وتعظيم من حقَره الله، واحتقار من أكرمه الله، ولا تتم الرياسة الدنيوية إلا بذلك ولا تنال إلا به وبأضعافه من المفاسد، والرؤساء في عمى عن هذا، فإذا كشف الغطاء تبين لهم فساد ما كانوا عليه، ولا سيما إذا حشروا في صور الذر يطؤهم أهل الموقف بأرجلهم، إهانة لهم وتحقيراً وتصغيراً، كما صغروا أمر الله وحقروا عباده»(11).

----------------------------------------------------------
(1) العوائق لمحمد الراشد/88.
(2) العوائق لمحمد الراشد/88.
(3) مجموع فتاوى ابن تيمية 16/346.
(4) المصدر السابق.
(5) صحيح البخاري 1/28.
(6) فتح الباري 1/175.
(7)العوائق لمحمد الراشد 87.
(8)العوائق لمحمد الراشد 87.
(9) تهذيب التهذيب 7/7.
(10) سراج الملوك 79.
(11) الروح، لابن القيم 340-241.

وإلى لقاء قادم إن شاء الله


https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-02-24, 10:00 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم31



جاهد نفسك في الصبر:


الصبر من أعظم النعم على العبد المؤمن فإنه «ما أعطي أحد عطاء خيراً ولا أوسع من الصبر» رواه البخاري. فالصبر يعطيك الرؤية الواضحة للحدث، والعلاج السليم للمشكلة. والثناء الذي وقع على الصبر ودلت عليه عموم الأدلة ليس الصبر السلبي والذي يتمثل في الركود والجمود على الحال الذي هو فيها وإغلاق منافذ التفكير، وعدم النظر في الحلول، وإنما المقصود الصبر الإيجابي الذي يعطيك الرؤية الشاملة للحال التي أنت فيها، والنظر إليها من جميع الجوانب، والتأني في اتخاذ القرارات حيالها. ألا ترى لو كان صاحبك يقود سيارة مسرعاً بها وأمامه حاجز صخري ألا تبادره بأن تقول: اصبر اصبر، ومعنى هذه الكلمة (أن الصبر يعطيك النظرة السليمة للذي أمامك) وهكذا لو قام صغير يقصد حمل إبريق الشاي الحار لقلت له مستعجلاً: اصبر اصبر، يعني أنك بتأنيك وصبرك تعرف أن الإبريق حار، ويحتاج عند حمله قطعة قماش تعزل الحرارة. فالصبر يعطيك الروية باتخاذ الأساليب الناجحة لقضيتك.

إلا أن الشائع عند الناس هو الصبر السلبي والذي يعني الرضا بالحال التي أنت عليها دون التفكير في التغيير والتصحيح. ألا ترى ما أكثر ما يقال للزوجات المظلومات من أزواجهن اصبري واحتسبي، فتفهم من ذلك أن الظلم سيبقى عليها ما بقيت في الحياة، ويقطع هذا المفهوم القاصر للصبر أيّ تفكير في وسيلة لتغيير للحال.

اصبر على الحق تستعذب مغبته *** والصبر للحق أحياناً له مضض
وما استربت فكن وقافة حــــــــذراً *** قد يبرم الأمر أحيــاناً فينتقض
والى لقاء قادم ان شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-03-12, 08:48 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg

هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم32


ما أصعب معرفة الإنسان بنفسه:
قال سهل بن عبد الله التستري: «معرفة النفس أخفى من معرفة العدو، ومعرفة العدو أجلى من معرفة الدنيا»(1).

طريق إصلاح النفس يمر بمعرفة فسادها:
قال وهيب بن الورد: «قال بعض الحكماء: لقد علمت أن من صلاح نفسي علمي بفسادها، وكفى للمؤمن من الشر أن يعرف فساداً لا يصلحه»(2).

قال الحسن البصري: «لا يزال العبد بخير ما علم الذي يفسد عليه عمله، فمنهم من يزَين له ما هو فيه، ومنهم من تغلبه الشهوة»(3).

وصفة تنبئك عن بعض عيوبك:
قال الثوري: «إياك وما يفسد عليك عملك، فإنما يفسد عليك عملك الرياء».

وقال سهل بن عبد الله التستري: «لا تفتش عن مساوي الناس ورداءة أخلاقهم، ولكن فتش وابحث في أخلاق الإسلام، ما حالك فيه؟ حتى تسلم ويعظم قدره في نفسك وعندك»(4).

يعرف الداء أهل الصفاء:
قال الفضيل بن عياض: «لا يعرف الرياء إلا مخلص».

كن فاعلاً وأقل الأحوال لا تكن عقبة:
بعض المنتسبين للدعوة وعمل الخير يشكلون عقبة في طريق الدعوة وهم لا يشعرون، فإنهم يكثرون الجدال والنقاش في أي مسألة أو مشروع خيري يطرح لهم ويصوبون إليه سهام النقد، ثم إذا طلبت البديل قد لا يتجاوب معك أو يطرح بديلاً مثالياً يستحيل تطبيقه، وقد يذكر بديلاً توافقه عليه لكن سرعان ما يتخلى عنه، ولا تتعب في مناقشته فعنده ألف مبرر لذلك، فلا هم شاركوا إخوانهم بعملهم الصالح، ولا هم ابتعدوا عنهم فأيسوا منهم واستراحوا من جدلهم.

تيقـــــــــــظ فإنك في غفلة يميد بك السكر فيمن يميد

تنافس في جمع مال حطام وكل يزول، وكــــــــــــل يبيد

كأنك لم تر كيـــــــــف الفنا وكيف يموت الغلام الجليـــد

وتنقص في كـــــل تنفيسة وأنك في ظنك قد تـستـزيد

-----------------------------------------------
(1) الحلية 10/201.
(2) الحلية 8/151.
(3) كتاب الزهد لابن المبارك / 528.
(4) الحلية 10/193.
والى لقاء قادم ان شاء
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-04-11, 01:00 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم33



إن هذا الدين بالأعمال لا بالأقوال:
قال الجنيد في وصف أبي الفضل بن مالك: «يسبق فعله قوله».

إذا قلت قولاً كنت للقول فاعلاً *** وكان حيائي كافلي وضميني

تبش عني بالوفاء بشاشتي *** وينطق نور الصدق فوق جبيني

اللسان أنموذج لما في الجنان:
«القلوب كالقدور في الصدور، تغلي بما فيها، ومغارفها: ألسنتها، فانتظر الرجل حتى يتكلم، فإن لسانه يغترف لك ما في قلبه، من بين حلو وحامض، وعذب وأجاج، يخبرك عن طعم قلبه: اغتراف لسانه».

«ثم يأتيك صحب من الدعاة بعد هذا، يملأون ليلهم رئاء ومراء، وتشقيق كلام وتدقيق ألفاظ، والفرص تمر من بين أيديهم ومن خلفهم... ويحلمون بقطاف لم يتقنوا سقي ثمره، ينسون أن الدهر لا يأتي بالعجائب، وإنما هي تضحيات الرجال وخالصات الفعال، لا اللغو، ولا تقليب الكفوف والمناحة على واقع المسلمين»(1).

وابل الدموع يحررك من الرق ويوقظك لمعرفة نفسك.

جفاف العين:
«يا أيها الرجل: لا تكن كالمنخل، يرسل أطيب ما فيه، ويمسك الحثالة»(2).

«لله ملك السموات والأرض، واستقرض منك حبة، فبخلت بها. وخلق سبعة أبحر، وأحب منك دمعة، فقحطت بها عينك»(3).

ولكن أين الخشوع؟ وأين البكاء من الذنوب؟ وأين الدموع من خشية الله وتعظيمه؟ هيهات استمطار السماء على بعدها أهون من استمطار العين مع قربها!!

--------------------------------------------------
(1) العوائق لمحمد الراشد / 109، 110.
(2) سراج الملوك / 14. ( العوائق لمحمد الراشد / 111 ).
(3) الفوائد لا بن القيم الجوزية / 67.

وإلى لقاء قادم إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-05-17, 11:52 AM
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.com_27_18_d8e4_09c78be95 2081.gif
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم34

أبواب الوقاية من الفتن:



الباب الأول: الاعتصام بالله والاستعاذة به منها، ولزوم الاستغفار مع محاسبة النفس:

هكذا المناجاة لله - تعالى - والخشية والخشوع:
عن ميمون بن حيان قال: «ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتاً في صلاته قط خفيفة ولا طويلة، ولقد انهدمت ناحية من المسجد، فزع أهل السوق لهدته وأنه لفي المسجد في صلاته فما التفت»(1).

عن زيد عن بعض البصريين: «أن مسلماً كان يصلي في المسجد قال: فوقع بعض المسجد ففزع بعض أهل المسجد قال: ومسلم في بعض المسجد ما تحرك»(2).

عن معتمر قال: بلغني أن مسلماً كان يقول لأهله: «إذا كانت لكم حاجة فتكلموا وأنا أصلي»(3).

عن مسلم بن يسار: «أن أهل الشام لما دخلوا هزموا أهل البصرة زمن ابن الأشعث، فصوت أهل دار مسلم بن يسار فقالت له أم ولده: أما سمعت الصوت؟ قال: ما سمعته»(4).

عن عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال: «كان مسلم إذا دخل المنـزل سكت أهل البيت، فلا يسمع لهم كلام، وإذا قام يصلي تكلموا وضحكوا»(5). ولهذا لم يسمع أن مسلم بن يسار دخل في فتنة، فقد اكتسب البصيرة من العبادة.

الباب الثاني: تنقية النية من الشوائب.
قال ابن الجوزي: «والصدق في الطلب منار أين وجد، يدل على الجادة، وإنما يتعثر من لم يخلص... ومن الصفوة أقوام مذ تيقظوا ما ناموا، ومذ سلكوا ما وقفوا، فهمهم صعود وترق، كلما عبروا مقاماً رأوا نقص ما كانوا فيه فاستغفروا»(6).

وقال الجيلاني: «يا غلام: فقه اللسان بلا عمل القلب لا يخطيك إلى الحق خطوة، السير سير القلب»(7).

قال الربيع بن خيثم: «كل ما لا يراد به وجه الله: يضمحل»(8).

الباب الثالث: الالتزام بالسنة والحرص عليها بعد فهمها وفقهها:
عن إبراهيم قال: قال عبد الله: «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم»(9).

عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه سمعه يقول: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته واشتد غضبه واحمرت وجنتاه كأنه منذر جيش يقول: «صبحكم أو مساكم»، ثم قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين» وأشار بإصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام، ثم قال: «إن أفضل الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة»(10).

تشبث أبي بكر بعمل الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن عائشة - رضي الله عنها - أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال: «لست تاركاً شيئاً كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به، وإني لأخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ»(11).

تفقد عمر لأهل العلم والفضل وتعظيمهم والشد من أزرهم:
خرج عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - مع رجل إلى أرض الروم، فنظر الناس وهم يتبايعون كسرة الذهب بالدنانير وكسرة الفضة بالدراهم، فقال: «يا أيها الناس إنكم تأكلون الربا، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تبايعوا الذهب إلا مثلاً بمثل لا زيادة بينهما ولا نظرة»، فقال رجل: لا أرى الربا يكون في هذا إلا ما كان من نظرة، فقال عبادة: أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحدثني عن رأيك، لئن أخرجني الله لا أساكنك بأرض لك عليّ إمرة، فلما قفل لحق بالمدينة فقال له عمر: ما أقدمك يا أبا الوليد فقص عليه القصة، فقال: ارجع إلى أرضك وبلدك ولا إمرة له عليك، فقبح الله أرضاً لست فيها وأمثالك»(12).

_________________________
(1) كتاب الزهد للإمام أحمد 357.
(2) كتاب الزهد للإمام أحمد / 359.
(3) كتاب الزهد للإمام أحمد / 355.
(4) كتاب الزهد للإمام أحمد / 358.
(5) كتاب الزهد للإمام أحمد / 359.
(6) صيد الخاطر ص355.
(7) الفتح الرباني ص29.
(8) طبقات ابن سعد 6 / 186..
(9) الإبانة 1 / 327.
(10) رواه مسلم من طريق خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال به، كتاب الجمعة رقم 43؛ ورواه ابن أبي عاصم من طريق سفيان، عن جعفر به، وصححه الألباني، رقم 24؛ ورواه ابن ماجه، رقم 45؛ والبيهقي في السنن الكبرى 3 /214؛ وأحمد 3 / 371؛ والخطيب في تاريخ بغداد 4 / 440. ( الإبانة 312 - 313 ).
(11) الإبانة 1 / 246.
(12) وهذا إسناد جيد. ( الإبانة 1 / 256 - 257 ).
وإلى لقاء قادم إن شاء الله


https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSTdsKA1NE1Y y3t3xNY21IWU4p28memy1i_hQ&usqp=CAU (http://www7.0zz0.com/2017/10/17/13/502148649.jpg)

ابو وليد البحيرى
2021-06-06, 04:05 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم35


الفتن آثارها والوقاية منها:
شراك الفتنة في مخالفة السنة:
سمي الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ردّ الشيء الواحد من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيغاً، فقال: «نظرت في المصحف، فوجدت طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ثلاث وثلاثين موضعاً»، ثم جعل يتلو: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ، وجعل يكررها ويقول: «وما الفتنة؟: الشرك، لعله إذا ردّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ، فيزيغ قلبه فيهلكه، وجعل يتلو هذه الآية: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ»(1).

معنى الفتنة:
قال ابن بطة - رحمه الله -: «فإذا سمع أحدكم حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه العلماء واحتج به الأئمة العقلاء، فلا يعارضه برأيه وهوى نفسه فيصيبه ما توعده الله - عز وجل - به، فإنه قال – تعالى -: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

وهل تدري ما الفتنة هاهنا؟ هي والله الشرك بالله العظيم، الكفر بعد الإيمان، فإن الله - عز وجل - قال: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ (البقرة: الآية 193). يقول: «حتى لا يكون شرك، فإنه قال – تعالى -: وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ (البقرة: الآية 190).
يقول: «الشرك بالله أشد من قتلكم لهم، ثم قال: قال - عز وجل -:وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَّنَمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (النساء: الآية 151)(2).

الحذر من التعرض للنسافات:
قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: «إياكم والفتن، لا يشخص إليها أحد، فوالله ما شخص فيها أحد إلا نسفته، كما ينسف السيل الدمن».

كم من موقد للفتنة وهو لا يشعر:
قيل للحسن البصري: «يا أبا سعيد: أخبرني عن رجل لم يشهد فتنة ابن المهلب، إلا أنه عاون بلسانه ورضي بقلبه؟ قال: يا ابن أخي: كم يداً عقرت الناقة؟ قلت: يد واحدة، قال: أليس قد هلك القوم جميعاً برضاهم وتماليهم»(3).

ما أحسن الحلم والأناة وترك العجلة:
قال قتادة بن دعامة السدوسي: «قد رأينا والله أقواماً يسرعون إلى الفتن وينـزعون فيها، وأمسك أقوام عن ذلك هيبة لله ومخافة منه، فلما انكشفت، إذا الذين أمسكوا أطيب نفساً، وأثلج صدوراً، وأخف ظهوراً من الذين أسرعوا إليها وينزعون فيها، وصارت أعمال أولئك حزازات على قلوبهم كلما ذكروها، وأيم الله! لو أن الناس كانوا يعرفون منها إذ أقبلت ما عرفوا منها إذ أدبرت لعقل فيها جيل من الناس كثير».

الفتن إذا أقبلت لا يعرفها إلا الخبراء، فكن حذراً من الوقوع في الفخ:
قال الحسن البصري: «الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل»(4).

صاحب القلب المريض ينكشف عند الغبرة:
في وقت الرخاء والأمن تختلط الصفوف، ويصعب التمييز، فإذا وقعت الشدائد ونزلت الفتن اتضح الناس على حقيقتهم، كمثل المصدور عند صفاء الجو يختلط مع الأصحاء ولا ينكشف أمره إلا عند الغبرة، قال تعالى: مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَا يَشَاءُ.

وفي الحديث الصحيح «تعرض الفتن على القلوب كالحصير، عوداً عوداً، فأي قلبٍ أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مرباداً، كالكوز مُجَخِّياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه»(5).

الفتن جرافة ينجو منها السيد:
قال حذيفة - رضي الله عنه -: «إن الفتنة وكلت بثلاثة: بإلحاد النحرير الذي لا يرتفع له شيء إلا قمعه بالسيف، وبالخطيب الذي يدعو إليها، وبالسيد، فأما هذان فتبطحهما وجوههما، وأما السيد فتبحثه، حتى تبلو ما عنده».

من أساليب الوقاية من الفتن الحجر على السفيه:
عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلاهَا، فَكَانَ الَّذِين فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلا بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ»(6).

وكان النعمان بن بشير يقول: «خذوا على أيدي سفهائكم قبل أن تهلكوا»(7).

-------------------------------------------------------------
(1) الصارم المسلول على شاتم الرسول /56.
(2) الإبانة 1 / 268 - 269.
(3) الزهد للإمام أحمد 289.
(4) تاريخ البخاري الكبير ج 2 / ق 2 / 322.
(5) صحيح مسلم 1 / 89، وقوله: أسود مراداً، أي شدة البياض في سواد. وقوله: مجخياً، أي منكوساً. وفي زهد ابن المبارك 504 قول لعلي رضي الله عنه يقرب من هذا الحديث.
(6) صحيح البخاري / كتاب الشهادات.
(7) الزهد لابن المبارك 475.

وإلى لقاء قادم إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-07-03, 02:07 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم36

الحزم والجد في الالتزام بالسنة:
عن الأعرج قال: سمعت أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - يقول لرجل: «أتسمعني أحدّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تبيعوا، الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم إلا مثلاً بمثل، ولا تبيعوا منها عاجلاً بآجل» ثم أنت تفتي بما تفتي، والله لا يؤويني وإياك ما عشت إلا المسجد»(1).

الغيرة على السنة والاستجابة التامة والتعظيم لأمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -:
عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف، وقال: «إنها لا تصطاد صيداً، ولا تنكأ عدواً، ولكنها تفقأ العين، وتكسر السن»، فقال رجل لعبد الله بن مغفل:وما بأس هذا؟ فقال: إني أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول هذا، والله لا أكلمك أبداً»(2).

إياك أن تسقط في مهلكة بردك السنة:
قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: «من رد حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو على شفا هلكة»(3).

دقة المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -:
عن حميد بن الأسود قال: قال رجل لمالك بن أنس: «أحرم من مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من ذي الحليفة؟ فقال له: بل من ذي الحليفة، فقال الرجل: فإني أحرمت أنا من مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فقال مالك:فَلْيَحْذَ ِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(4).

لا رأي لأحد مع السنة:
عن سودة بن زياد وعمر بن مهاجر عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى الناس: «لا رأي لأحد مع سُنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»(5).
عن مكحول قال: «السنة سنتان: سنة الأخذ بها فريضة وتركها كفر، وسنة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير حرج»(6).
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المتمسك بسنتي في الهرج له أجر مائة شهيد»(7).

لزوم الجماعة وخطر الوحدة:
عن عبد الرحمن بن عبد الله قال: قدم عمر الجابية، فقام فينا خطيباً فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كمقامي فيكم فقال: «أكرموا أصحابي، فإنهم خياركم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى يحلف الرجل وإن لم يستحلف، ويشهد وإن لم يستشهد، ألا من أراد بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، ألا لا يخلون رجل بامرأة، فإن معهما الشيطان، ومن ساءته خطيئته فهو مؤمن»(8).
الطريق ما كان على السنة:
عن ابن سيرين قال: «الرجل ما كان مع الأثر فهو على الطريق»(9).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) إسناده جيد. الإبانة 1/258.
(2) إسناده صحيح ورجاله ثقات. الإبانة 1/259.
(3) رجاله ثقات إلا عصمة فلم يتبين لي حاله. الإبانة 1/260.
(4) وأخرج ابن عبد البر في جامع بيان العلم بإسناده عن عبد الرحمن بن يزيد قصته في الحج قريبة من هذه في المعنى 1 / 189. (الإبانة 1/261-262).
(5) رواه الآجري في الشريعة من طريق عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي به 1/53. (الإبانة 262-263).
(6) رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة مرفوعاً، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: تفرد به عبد الله بن الرومي، لم أر له من ترجمة 1/172؛ والآجري بإسناد المؤلف 1/53. وإسناد المؤلف فيه أحمد بن عبد الجبار الصوفي لم أعرف حاله، وبقية رجال الإسناد ثقات. (الإبانة 1/263).
(7) أخرج مسلم من حديث معقل بن يسار (العبادة في الهرج كهجرة إليّ)، كتاب الفتن رقم 130؛ والترمذي رقم 2201؛ وعبد بن حميد في مسنده (ق61/1)؛ والآجري في الشريعة ص45. (الإبانة 1/310).
(8) الإبانة 1/285.
(9) رواه الدارمي من طريق أزهر عن ابن عون 1/54؛ والآجري في الشريعة من طريق معاذ بن معاذ، ثنا ابن عون به ص 18؛ ورواه اللالكائي رقم 109 من طريق أزهر عن ابن عون؛ والهروي في ذم الكلام (ق 42/2)؛ وعزاه السيوطي للبيهقي في مفتاح الجنة، ص 34. (الإبانة 356).

وإلى لقاء قادم إن الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

السليماني
2021-07-14, 04:43 PM
بارك الله فيك ...

ابو وليد البحيرى
2021-07-24, 03:18 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم37


بركة العمل على السنة:
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة»(1).

قال عبد الله: «الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة، وكل بدعة ضلالة»(2).

عن مطر الوراق قال: «عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة، من عمل في سنّة قبل الله منه، ومن عمل في بدعة رد الله عليه بدعته»(3).

الفضيل بن عياض يقول: «عمل قليل في سنّة خير من عمل كثير في بدعة»(4).

عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: «عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما على الأرض عبد على السبيل والسنة وذكر الله في نفسه فاقشعر جلده من خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها فهي كذلك حتى أصابتها ريح شديدة فتحاتّ ورقها إلا حطّ الله عنه خطاياه كما تحاتّ تلك الشجرة ورقها، وإن اقتصاداً في سبيل وسنّة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنّة، فانظروا أن يكون علمكم إن كان اجتهاداً واقتصاداً أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم»(5).

قال ابن بطة: «فقد ذكرت في هذا الباب ما قاله المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وما أمر به أصحابه والتابعون بعدهم بإحسان من لزوم السنّة واتباع الآثار ما فيه بلاغ وكفاية لمن شرح الله صدره ووفقه لقبوله، فإن الله - عز وجل - ضمن لمن أطاع الله ورسوله خير الدنيا والآخرة، فإنه قال: وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (سورة النساء: 69).

وتوعد من خالف ذلك وعدل عنه بما نستجير بالله منه ونعوذ به ممن كان موصوفاً به، فإنه قال: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (سورة النساء: 115).

رحم الله عبداً لزم الحذر واقتفى الأثر، ولزم الجادة الواضحة وعدل عن البدعة الفاضحة»(6).

عن عبد الرزاق قال: حدثنا إبراهيم بن ميمون الصنعاني، وكان يسمى قريش اليمن، وكان من العابدين المجتهدين قال: «خافه أبو جعفر فبعث إليه فأتي به فقدم به العراق، فلما دخل عليه قال: والله لقد أخبرنا ابن طاووس، عن أبيه قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يد الله على الجماعة»(7).

عن ابن عباس قال: «لا يأتي على الناس زمان إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن»(8).

النصر باتباع السنة:
قال عمر بن عبد العزيز: «سنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر من بعده سنناً الأخذ بها تصديق لكتاب الله - عز وجل - واستكمال لفرائض الله، وقوة على دين الله، من عمل بها مهتد، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى» وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (النساء: الآية 115)(9).

-----------------------------------------------------------
(1) الإبانة 1/ 357.
(2) الإبانة 1/ 329، 357 - 358.
(3) الإبانة 1/ 358 - 359.
(4) الإبانة 1/ 359.
(5) رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد رقم 11؛ ورواه ابن المبارك في الزهد 2/21؛ وأبو نعيم في الحلية 1/252، ( الإبانة 1/359 - 360 ).
(6) الإبانة 1/ 364 - 365.
(7) رواه الترمذي، حدثنا يحيى بن موسى، ثنا عبد الرزاق به، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه، رقم 2166. ( الإبانة 1/ 347 - 348 ).
(8) رواه بن وضاح من طريق أسد بن موسى، قال نا عبد المؤمن به؛ ورواه من طريق آخر أيضاً، ص 38؛ والطبراني في الكبير، قال الهيثمي: ورجاله موثوقون 1/ 188. ( الإبانة1/349 - 350 ).
(9) رواه الآجري في الشريعة من طريق مطرف بن عبد الله، عن مالك به، 48؛ ورواه اللالكائي من طريق ابن شهاب عن عمر بن عبد العزيز، رقم 134. ( الإبانة 1/ 352 ).

وإلى لقاء قادم إن شاء الله

https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-08-08, 02:16 PM
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.com_27_18_d8e4_09c78be95 2081.gif
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم38

الباب الرابع: مصاحبة الأخيار وقبول نصحهم:
قال الحسن البصري: «لم يبق من العيش إلا ثلاث: أخ لك تصيب من عشرته خيراً، فإن زغت عن الطريق قومك، وكفاف من عيش ليس لأحد عليك فيه تبعة، وصلاة في جمع تُكفى سهوها، وتستوجب أجرها»(1).

حب الأخيار أوثق وأحب عمل عنده:
عن مسلم بن يسار قال: «مرضت مرضاً، فلم أجد شيئاً أوثق في نفسي من قوم كنت أحبهم لا أحبهم إلا لله - عز وجل -»(2).

منـزلة الحب في الله:
عن مسلم بن يسار قال: «ما من شيء من عملي إلا وأنا أخاف أن يكون قد دخله شيء أفسده إلا الحب في الله - عز وجل -»(3).

قال الحسن البصري عن المؤمن: «هو مرآة، إن رأى منه ما لا يعجبه: سدده وقومه ووجهه، وحاطه في السر والعلانية»(4).

فالعين تنظر منها ما دنا ونأى *** ولا ترى نفسها إلا بمرآة

قال عمر بن عبد العزيز: «من وصل أخاه بنصيحة له في دينه، ونظر له في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته، وأدى واجب حقه»(5).

قال الشافعي - رحمه الله -: «ما نصحت أحداً فقبل مني إلا هبته واعتقدت مودته، ولا رد أحد علي النصح إلا سقط من عيني ورفضته».

وقد وصف الله أهل الزيغ بأنهم لا يرغبون في النصح ولا يحبون أهله قال – تعالى -: وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ.

أهمية مجالس الصالحين:
عن محمد بن واسع قال: «ما بقي في الدنيا شيء ألذ به إلا الصلاة جماعة ولُقى الإخوان»(6).

الإنفاق على الأخيار:
كان مورق العجلي يتجر فيصيب المال، فلا يأتي عليه جمعة وعنده منها شيء، كان يلقى الأخ فيعطيه أربعمائة، خمسمائة، ثلاثمائة، فيقول: ضعها لنا عندك حتى نحتاج إليها، ثم يلقاه بعد فيقول: شأنك بها، ويقول الآخر: لا حاجة فيها، فيقول: أما والله ما نحن بآخذيها أبداً فشأنك بها»(7).

دوام الألفة بزوال الكلفة:
كان للحسن بيت إذا فتح بابه فهو إذنه، فمن جاءه من أصحابه فرأى الباب مفتوحاً دخل، فجاء رجل فرأى الباب مفتوحاً فدخل فنظر فلم ير الحسن في البيت، قال: فنظر إلى سل تحت سريره فجره إليه فإذا فيه طعام فأقبل يأكل منه، قال: وأقبل الحسن من مخرج له، فلما رأى ما يصنع الرجل قام ينظر إليه، ثم جعلت عينه تدمع وجعل يبكي، فقال له الرجل: ما يبكيك يا أبا سعيد؟ قال: ذكرتني أخلاق قوم مضوا(8).

التأخر في زيارة الأصحاب لا تفسد الوداد:
عن جعفر قال: سمعت مالكاً يقول: «كم من رجل يحب أن يلقى أخاه وأن يزوره، فيمنعه من ذلك الشغل أو الأمر يعرض، عسى الله أن يجمع بينهما في دار لا فراق فيها، ثم يقول مالك: وأنا أسأل الله أن يجمع بيننا وبينكم في ظل طوبى ومستراح العابدين»(9).

من لا تستفيد منه خيراً فانبذ صحبته:
عن جعفر قال: سمعت مالكاً يقول للمغيرة بن حبيب: «يا مغيرة انظر كل جليس وصاحب لا تستفيد في دينك منه خيراً فانبذ عنك صحبته»(10).

الباب الخامس: اتخاذ مراقب ومحص من الناصحين:
قال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم: «إن الولاة جعلوا العيون على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي، فإن سمعت مني كلمة تربأ بي عنها، أو فعلاً لا تحبه، فعظني عنده، وانهني عنه»(11).

قال بلال بن سعد لصاحبه: «بلغني أن المؤمن مرآة أخيه، فهل تستريب من أمري شيئاً؟»(12).

قال ميمون بن مهران: «قولوا لي ما أكره في وجهي، لأن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره».

------------------------------------------------------------------
(1) تاريخ بغداد 6/99.
(2) كتاب الزهد للإمام أحمد 354.
(3) كتاب الزهد للإمام أحمد 356.
(4) زهد ابن المبارك 232.
(5) تاريخ الطبري 6/572.
(6) كتاب الزهد للإمام أحمد 440.
(7) كتاب الزهد للإمام أحمد 440.
(8) كتاب الزهد للإمام أحمد 339.
(9) كتاب الزهد للإمام أحمد 448.
(10) كتاب الزهد للإمام أحمد 449.
(11) عيون الأخبار لابن قتيبة 2/18.
(12) زهد ابن المبارك 485.
وإلى لقاء قادم إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-09-06, 12:03 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم39

الباب السادس: غض الطرف عن هنات وزلات الأخيار:

روي أن الواعظ ابن السماك قال له صديق: «الميعاد بيني وبينك غداً نتعاتب»، كأنها كانت هفوة من ابن السماك أو زلة تعكر لها قلب صديقه. فقال له ابن السماك - رحمه الله تعالى -: «بل بيني وبينك غداً نتغافر».




من اليوم تعارفنا ونطوي ما جرى منا


فلا كان ولا صار ولا قلتم ولا قلنا


وإن كان ولا بد من العتب فبالحسنى

تعالوا بنا نطوي الحديث الذي جرى ولا سمع الواشي بذاك ولا درى


تعالوا بنا حتى نعود إلى الرضا وحتى كأن العهد لم يتغيرا


لقد طال شرح القال والقيل بيننا وما طال ذاك الرح إلا ليقصرا


من اليوم تاريخ المحبة بيننا عفا الله عن ذاك العتاب الذي جرى

تعالوا نخل العتب عنا ونصطلح وعودوا بنا للوصل والعود أحمد

ولا تخدشوا بالعتب وجه محبة له بهجة أنوارها تتوقد

قد قضينا لبانة من عتب وجميل تعاتب الأكفاء

ومع العتب والعتاب فإني حاضر الصفح واسع الإعفاء


فعذرك مبسوط لدينا مقدم وودك مقبول بأهل ومرحباً

ولست بتقليب اللسان مصارما خليلي إذا ما القلب لم يتقلب




حث النبي – صلى الله عليه و سلم - على الصدقة، فأخرج عثمان – رضي الله عنه - تلك الصدقة العظيمة قال: «ما ضر عثمان ما عمل بعدها»(1).




قال سعيد بن المسيب: «ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله».




قال أبو معبد عبد الله بن عكيم الجهني: «إني لأرى ذكر مساوئ الرجل عوناً على دمه»(2).




أتاني مقال من أخ فاغتفرته وإن كان فيما دونه وجه معتب


وذكّرت نفسي عند امتعاضها محاسن تعفوا الذنب عن كل معتب


إن الكرام إذا صحبتهم ستروا القبيح واظهروا الحسنا



وتنافر القلوب لا تتعدى الأسباب التالية: فلتة لسان، أو هفوة لم تغتفر، أو ظن متوهم.



قال ابن القيم - رحمه الله -: من قواعد الشرع والحكمة أيضاً أن من كثرت حسناته وعظمت، وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل لغيره، وعفي عنه ما لا يعفى عن غيره، فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، بخلاف الماء القليل، فإنه لا يحتمل أدنى خبث.




ومن هذا قول النبي – صلى الله عليه و سلم - لعمر: «وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم»، وهذا هو المانع له – صلى الله عليه و سلم - من قبل من جَسَّ عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم، فأخبر e أنه شهد بدراً،فدل على أن مقتضى عقوبته قائم، لكن منع مِن ترتُّبِ أثره عليه ما له من المشهد العظيم، فوقعت تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات.




ولما حض النبي – صلى الله عليه و سلم - على الصدقة فأخرج عثمان – رضي الله عنه - تلك الصدقة العظيمة قال: «ما ضر عثمان ما عمل بعدها»، وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى صعد على ظهره إلى الصخرة: «أوجب طلحة»(3).




وما الناس إلا من مسيء ومحسن وكم من مسيء قد تلافى فأحسنا


من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط

من ذا الذي ترضا سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه





----------------------------------------------------------

(1) مفتاح دار السعادة لابن القيم 1/176.


(2) رواه البخاري في تاريخه الكبير جـ1/ق1/32.


(3) مفتاح دار السعادة 1/176.
وإلى لقاء قادم إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-10-08, 08:50 PM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم40

الباب السابع: التترس بالتقوى:


قال ابن القيم في الفوائد (ص46): «التقوى ثلاث مراتب:

إحداها:حمية القلب والجوارح عن الآثام المحرمات.


الثانية: حميتها عن المكروهات.


الثالثة: الحمية عن الفضول وما لا يعني.


فالأولى تعطي العبد حياته،والثانية تفيده صحته وقوته، والثالثة تكسبه سروره وفرحه وبهجته».


وهذا أمر جلي لأن الفضول كثيرة، والكماليات لا تحصى، فإذا أطلق الإنسان لنفسه العنان فيها تَعِبَ وكلَّ ولم يُدْرِكْ كلَّ مراده، فلا يزال في هم وتفكير حتى الوفاة.


يروى أن الفتنة لما وقعت قال طلق بن حبيب: اتقوها بالتقوى.


بماذا تبلغ درجة التقوى؟

قال بكر بن عبيد الله المزني: «لا يكون الرجل تقياً حتى يكون تقي المطعم، وتقي الغضب»(1).


التجرد في الانتصار للدين هو التقوى:


قيل عن الإمام أحمد: «يغضب لله ولا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها، فإذا كان في أمر من الدين اشتد غضبه حتى كأنه ليس هو»(2).


يقتدي أحمد برسول الله - صلى الله عليه و سلم -، فإنه ما انتقم لنفسه قط إلاَّ أن تنتهك محارم الله.


قال أبو قلابة يصف ابن سيرين: «اصرفوه حيث شئتم، فلتجدنه أشدكم ورعاً، وأملككم لنفسه»(3).


-----------------------------------------------------------
(1) الغنية للشيخ عبد القادر الكيلاني 1/143.

(2) مناقب أحمد ص218.

(3) تاريخ بغداد 5/334.

وإلى لقاء قادم إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2021-12-06, 02:59 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم41

صمام الأمان من الأحلام:

عن ابن عون عن ابن سيرين قال: «اتق الله في اليقظة، ولا تبال بما رأيت في المنام»(1).


من معالم التقوى بسط السلطة على اللسان:

اللسان ليس معياراً لتقويم الرجال

قال عمر بن الخطاب:«لا يعجبنكم من الرجل طنطنته، ولكنه من أدى الأمانة وكفَّ عن أعراض الناس فهو الرجل»(2).


يكشف ورعه من كلامه:

قال يونس بن عبيد: «يعرف ورع الرجل في كلامه إذا تكلم».


سئل إبراهيم الخواص الزاهد عن الورع ما هو؟ فقال: «أن لا يتكلم العبد إلا بالحق، غضب أو رضي، ويكون اهتمامه بما يرضي الله»(3).


محاسبة أبي بكر لنفسه:

عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: رأيت أبا بكر - رضي الله عنه - آخذاً بلسانه يقول: «هذا أوردني الموارد»(4).


عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر رأى أبا بكر وهو مدل لسانه آخذه بيده فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟ فقال: «وهل أوردني الموارد إلا هذا؟!»(5).


التحكم باللسان من مناقب الأبدال:
قال الإمام أحمد عن أبي بكر بدر بن المنذر المنازلي: «من مثل بدر؟ بدر قد ملك لسانه»(6).

الباب الثامن: قطع القيد:
كتب ابن السماك إلى صديق له فقال: «إن الرجاء حبل في قلبك، قيد في رجلك، فأخرج الرجاء من قلبك تحل القيد من رجلك»(7)، نعم كل رجاء من المخلوقين قيد في الرجل.

يوضح ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد:
روى أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَلا لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ».

--------------------------------------------------------------------
(1) كتاب الزهد للإمام أحمد ص432.
(2) زهد ابن المبارك ص243.
(3) تاريخ بغداد 6/8.
(4) كتاب الزهد للإمام أحمد ص163.
(5) كتاب الزهد للإمام أحمد ص167.
(6) تاريخ بغداد 7/104.
(7) تاريخ بغداد 5/370.

وإلى لقاء قادم إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg

ابو وليد البحيرى
2022-01-22, 10:44 AM
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/12/9.jpg
هكذا علمنا السلف
يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجزء رقم42


الباب التاسع: إن في النفس لشغلاً عن الآخرين:

قال السري السقطي البغدادي: «إن في النفس لشغلاً عن الناس»(1).


الإقبال على النفس:

عن فضيل بن زيد الرقاشي وكان غزا مع عمر - رضي الله عنه - سبع غزوات قال: «لا يلهينك الناس عن ذات نفسك، فإن الأمر يخلص إليك دونهم، ولا تقطع النهار بكيت وكيت، فإنه محفوظ عليك ما قلت، ولم تر شيئاً أحسن طلباً ولا أسرع إدراكاً من حسنة حديثة لذنب قديم»(2).


تتبع الناس سرطان القلوب:

قال السري السقطي البغدادي: «ما رأيت شيئاً أحبط للأعمال، ولا أفسد للقلوب، ولا أسرع في هلاك العبد، ولا أدوم للأحزان، ولا أقرب للمقت، ولا ألزم لمحبة الرياء والعجب والرياسة من قلة معرفة العبد لنفسه، ونظره في عيوب الناس»(3).


الغيبة قاضية على الأخوة:

قال الفضيل بن العياض - رحمه الله -: «إذا ظهرت الغيبة: ارتفعت الأخوة في الله، إنما مثلكم في ذلك الزمان مثل شيء مطلي بالذهب والفضة، وداخله خشب وخارجه حسن»(4).


ـــــــــــــــ ــــــ
(1)العوائق لمحمد الراشد 148.

(2) كتاب الزهد للامام أحمد 364

(3) العوائق لمحمد الراشد 148.

(4) العوائق لمحمد الراشد / 43.
وإلى لقاء قادم إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/02/21.jpg