المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعاهدوا القرآن الكريم [للمشاركة]



أم علي طويلبة علم
2018-07-06, 04:13 PM
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

سددكم الله ونفع بكم اخواني و أخواتي، بأن يكون موضوعنا دعوة لتعاهد القرآن حفظا ومراجعة وتدبرا، كما تعلمون فضل أهل القرآن وعظم ثوابهم...

حيث كل عضو في المجلس يذكر لنا تجربة أو فائدة أو خاطرة أو معلومة، تقوي عزيمة وهمة حافظ القرآن في زمن الغربة على الاستمرار واستشعار نعمة تلاوة وحفظ كلام الله تعالى.

ليستفيد كل من الأعضاء والمشاهدين، لنتعاون على البر والتقوى..


بارك الله فيكم

أم علي طويلبة علم
2018-07-06, 06:34 PM
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله:
‏"القرآن يدلنا ويجذبنا ويأخذنا من ‏زحمة الحياة والدنيا إلى الله،
{ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين}".

أم علي طويلبة علم
2018-07-07, 12:00 AM
د. نوال العيد:

من مفاتيح التدبر
‏سُئل الشيخ السعدي رحمه الله: كيف أصل لتدبر القرآن؟
قال: لا تزال تقرأ ثم تقرأ ثم تقرأ حتى يفتح الله في قلبك للتدبر.

أم علي طويلبة علم
2018-07-07, 02:26 PM
في الآداب الشرعية لابن مفلح المقدسي:

قال الإمام أحمد -رحمه الله-:
"عزيز عليّ أن تُذيب الدنيا أكباد رجال وعت صدورهم القرآن ".

ابو وليد البحيرى
2018-07-07, 03:11 PM
تدبر القرآن
لماذا لا يشفينا القرآن الكريم؟ أمراض صدورنا مازالت موجودة، نأخذه بشكل خاطئ، هذا يكفي، تعالوا ننظر كيف نتعامل نحن مع القرآن الكريم؟ القرآن طبعاً تعلموا أنه شفاء لما في الصدور، أي يشفي الصدور من أمراض القلوب، الغل، والحسد، والحقد، والكسل، والجبن، والخنوع، والتذلل لغير الله، والكبر، والغرور، و بعضنا مصاب بها طبعاً، لا يوجد أحد منا مصاب بكل هذه الأمراض و إلا سيكون في المرتبة الدنيا، لكن معظمنا مصابون ببعض هذه الأمراض، ومع ذلك نقرأ القرآن، وبعضنا يحفظ القرآن الكريم، يوجد في بلدنا أناس تحفظ القرآن الكريم كاملاً، ولحى طويلة، وقبلوا الخيانة، وقبلوا المذلة، وقبلوا قتل الناس، والقرآن لا يغيرهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( .. لا يجاوز تراقيهم ..))
[ ابن ماجه عن ابن مسعود ]
(بتصرف)

أم علي طويلبة علم
2018-07-07, 03:50 PM
في الفتح:
وقوله ( لا يجاوز ) ويحتمل أنه لكونه لا تفقهه قلوبهم ويحملونه على غير المراد به ،
ويحتمل أن يكون المراد أن تلاوتهم لا ترتفع إلى الله.

أم علي طويلبة علم
2018-07-08, 11:04 PM
ذخيرة الإخوان في اختصار الاستغناء بالقرآن لابن رجب الحنبلي اختصره محمد الحضرمي:

فإن كتاب الله تعالى هو الهدى والنور وشفاء ما في الصدور، أودعه من بديع الحكم ما يغتي عن حكمة كل حكيم، وعلمه من اصطفاه من عباده، وفوق كل ذي علم عليم، وشرح به الصدور، وبين أحوال البعث والنشور، وجعله المعجزة الكبرى التي أوضح بها الدلالة، وأقام به براهين التوحيد والرسالة...

حسن المطروشى الاثرى
2018-07-08, 11:33 PM
( 1 )
" أكمل الهدي هدي نبينا صلى الله عليه وسلم :"كان لا ينام عن حزبه "
( 2 )
في كم يقرأ القرآن :
" لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث "

( 3 )
لذا كره السلف أن يمضي عليه أربعين بلا قراءة للقرآن "

أم علي طويلبة علم
2018-07-09, 07:18 AM
{خُذ الكتَابَ بقوّة}

نريدُ القُرآنَ رَبِيعَ قُلُوبنَا!...

ونَحنُ نَسْقِي قُلوبَنَا بِآيَاتِه ليُزهِرَ رَبِيعُ القُرآنِ فِيهَا !

هو رَبِيعٌ لِمنْ زَرَعَ الآيَاتَ فِي فُؤادِه !

لتَكُن تُربَةُ قَلبِك خَصْبِة ؛ تَصْلُح للقُرآنِ رَبِيعًا

عجبًا للّتائِهِين والدّليلُ يُتْلَى عَليْهِم بُكِرةً وأَصِيلًا !

عجبًا للحَيَارَى و المُرشِدُ يَصِفُ حَيَاتَهُم تَفْصِيلًا تَفْصِيلًا !

عجبًا لمَنْ مَاتتْ حَيَاتُهم و { القُرآنْ } غَيْث !

هذِه النّفْسُ بِغَيرِ القُرآنْ تُعْدمُ النّفسْ
وَهَذَا القلْبُ بغيْرِ الآيْ يَفْقِد الحَيَاة ..

يهَذّبُ القُرآنْ شَعثْ الأرْواحِ ويَصْقلُ حِليةَ الخَيرِ فِي القُلُوبْ ..

كان خُلقُه القُرآن( صَلَّى اللـه عَليهِ وسَلّم )




منقول

أم علي طويلبة علم
2018-07-13, 11:43 PM
ذخيرة الإخوان في اختصار الاستغناء بالقرآن لابن رجب الحنبلي اختصره محمد الحضرمي:

فصل
في ذكر تحسين الصوت بالقرآن، وتأثير القرآن في قلب من أصغى إليه بقلب سليم

...

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ما أذن الله لشيء -أي استمع- كأذنه لرجل حسن الترنم بالقرآن) رواه أحمد والبخاري ومسلم.

ابو وليد البحيرى
2018-07-14, 03:06 AM
اختلاف طريقة الصحابة الكرام في التعامل مع القرآن عن طريقتنا :

نحن عندنا القرآن الكريم، نحن عندنا كلمات القرآن الكريم، هم كان لديهم في قلوبهم حقيقة القرآن الكريم، لماذا؟ لأن الطريقة التي كانوا يتعاملون بها مع القرآن الكريم تختلف عن طريقتنا في التعامل مع القرآن الكريم، آخر مرة قلت هذه الكلمة في مصر قبل الانقلاب، كان هذا الكلام في جامعة الأزهر، فسألت الشباب طلبة الأزهر من منكم يحفظ سورة البقرة؟ طبعاً الكل، أسألكم الآن من منكم يحفظ سورة البقرة؟ الحمد لله كثير منكم يحفظها، كم استغرق حفظها معكم؟ شهر ونصف؟ شهر؟ أربعة أسابيع؟ ثلاثة أسابيع؟ أسبوعان؟ أسبوع؟ هل هناك أحد حفظها في أقل من أسبوع؟ في ثلاثة أيام؟ أقول لكم شيئاً: ليت عبد الله بن عمر كان حياً، حتى يقابلكم، فيعرفكم كيف حفظ القرآن، لقد حفظ القرآن في ثماني سنوات، أنا لا أتكلم عن أي صحابي، أنا أتكلم عن أحد العبادلة الأربعة، من أعظم الصحابة في علوم القرآن، ثماني سنوات لماذا؟ تعالوا نفهم لماذا؟ عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: " كنا نتعلم مع رسول الله العشر آيات من القرآن لا نتجاوزها" ممنوع أن تكمل أكثر من ذلك، أنا أريد أن أكمل، لا حتى تتعلم ما فيها من علم وعمل، فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً.
أي التلاوة والفهم والتفسير والتطبيق، فالصحابة هم تلامذة النبي صلى الله عليه وسلم كان نظامهم هكذا، اقرأ، افهم، تدبر، طبق، احفظ، نحن نظامنا احفظ احفظ احفظ احفظ، نظامنا في تعاملنا مع القرآن الكريم أفضل من الصحابة في شيء واحد فقط نحفظ بسرعة، لكن لا نتغير، نظام الصحابة يغيرهم، الصحابة قبل أن يكونوا صحابة ما كانوا مسلمين، كانوا كفاراً وليس أي كفار، مثلاً عندما تشاهد أبا ذر الغفاري كان قاطع طريق، هذا الرجل صار فيما بعد إنساناً يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أظلت الغبراء التي هي السماء، وأقلت الخضراء التي هي الأرض، ما أقلت الخضراء ولا أظلت الغبراء من هو أصدق لهجة من أبي ذر".
هذا قاطع طريق ما الذي غيره هكذا؟ القرآن الكريم، سيدنا عمر بن الخطاب كان قبل الإسلام كافراً عادياً، هذا صاحب فكرة أن كل عائلة وأسرة من أسر قريش تعذب أولادها المسلمين بنفسها حتى لا تتقاتل العائلات، وهو الذي بادر بقتل النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ السيف ليقتله، ثم حدث ما حدث، وذهب إلى أخته وضربها وضرب زوجها، وسمع آيات القرآن:

﴿ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾
[ سورة طه :1-5]

خذوني إلى رسول الله، ما كان يقرأ مثلنا، نحن نقرأ من أجل أن نحفظ، وأهلينا عندما ولدنا، هذا الولد أنا أريده أن يكون حافظاً لكتاب الله، منتهى أملهم أن نحفظ القرآن، لم يقل أحد: أريد أن يكون ابني فاهماً للقرآن الكريم، مطبقاً له، وهذه هي الكارثة، هناك أسرة اسمها أسرة الطموح، الطموح الحقيقي أرجوك لا تطمح بالقليل، لا تطمح أن يكون ابنك حافظاً للقرآن، هذا قليل جداً، اطمح بأن يكون متدبراً للقرآن، مطبقاً للقرآن، يعيش بالقرآن.
المهندس فاضل سليمان
(بتصرف)

أم علي طويلبة علم
2018-07-18, 11:40 PM
ذخيرة الإخوان في اختصار الاستغناء بالقرآن لابن رجب الحنبلي اختصره محمد الحضرمي ص16:

فصل
في ذكر النهي عن التشاغل عن القرآن بغيره من القصص والأخبار وغيرهما إلا ما كان معينا على فهمه

أجمع العلماء على أن الاشتغال عن القرآن ولو بالحديث وغيره من العلوم الشرعية حتى ينسى أو يترك بسبب ذلك تدبره والتفقه فيه وفهم معانيه وأوامره ونواهيه = مذموم، وأن المحمود ما كان عليه السلف من الاهتمام بحفظ القرآن، والاشتغال بما يعين على فهم معانيه من التفسير، والحديث، والأثر، واستنباط العلوم منه؛ لما سبق أن العلم كله في القرآن، وقد قال الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص}، وقال: {الله نزل أحسن الحديث}، وقال: {ومن أصدق من الله حديثا}، {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولوا الألباب}،...

ابو وليد البحيرى
2018-07-20, 12:04 PM
ضرورة تدبر آيات القرآن الكريم :

أنا أريد أن أقول لكم الطريقة التي نتعامل بها مع القرآن و التي دفعت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشكو إلى الله، والقرآن يقول لنا قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُوراً ﴾
[ سورة الفرقان: 30]
ما قال: هجروا القرآن، أستغفر الله نحن هجرناه، نقرؤه ونحفظه ونعمل مسابقات بالحفظ، ونحن فخورون جداً أن فلاناً عندما تقول له الكلمة الفلانية يقول لك في الصفحة الثالثة و الثمانين من الناحية اليمنى، وفخورون جداً والمزمار الذهبي لأجمل صوت، حتى وصل الأمر أن القرآن الكريم عند بعضنا لا يسمى القرآن، ما اسمه إذاً؟ مشاري، تركب السيارة معه تسمع ماذا؟ أسمع مشاري، أسمع العجمي، أنا أتكلم كلاماً واقعياً وهذه هي الحقيقة، نحن في كارثة، أهم كتاب في العالم هو كتابنا، جعلناه يقرأ من دون فهم، وعندما اهتممنا به اهتممنا بالحفظ، الحفظ شيء مهم، الله عز وجل قال: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾
[ سورة الحجر : 9]
وطلب منا ماذا؟ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
[سورة ص : 29]
لام السببية ليدبروا آياته، الدكتور عبد الكريم بكار يقول: طلب الله منا التدبر وتعهد لنا بالحفظ، فأخذنا على عاتقنا أن نحفظ وتركنا التدبر.
أنا لا أقلل أبداً أبداً من الحفظ، بالعكس الحفظ مهم جداً، لكن الإنسان يحفظ أي شيء لماذا؟ ليطبقه، إنسان يسألني كيف أذهب من هنا إلى اسطنبول؟ أقول له: اذهب من هنا إلى الشمال، ثم إلى اليمين تصل إلى السفينة تركبها إلى اسطنبول، حفظت؟ يقول: نعم حفظت، سمعني، جيد، طبق الآن، الإنسان يحفظ من أجل أن يطبق، نحن إذا نوينا ألا نطبق لماذا نحفظ؟ من أجل أن يكون القرآن الكريم شاهداً علينا؟ أنا لا أقول لا تحفظ، أنا أقول: نحن نمشي مثل الصحابة، يبقى الحفظ نتيجة طبيعية للتدبر، هذا أفضل بكثير، الله عز وجل أنزل القرآن من أجل أن نتدبره، قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ ﴾
[سورة ص : 29]
كلمة التدبر، أنا طبعاً أشعر بالخجل أن أتكلم أصلاً بين يدي أستاذي، أنا طلبت منه أن يحضر مع أنه متعب وجاء من السفر الآن حتى يقويني ويصحح لي، وسأترك آخر المحاضرة له حتى يعلق ويصحح لكم أخطاءنا.
المهندس فاضل سليمان
(بتصرف)

أم علي طويلبة علم
2018-07-20, 09:33 PM
مـنــقول من حلقة ظلال:

يا صاحب الهمة..
القرآن يسير على من يسره الله عليه
والله لاحسرة على ساعة أمضيتها مع القرآن!!
القرآن مبارك..
تحرّ بركة القرآن في كل طريق تمضي إليه
أيام الشرود ربما يتبع بعضها بعضا،
ساعة مع القرآن كفيلة بإذن الله لقطع الغفلة
وطرد كل سبات!!

أم علي طويلبة علم
2018-07-27, 08:20 PM
قالابنالقيم في إغاثة اللهفان:
"ومِنْ علامات صِحَّة القلب: أنه إذا فاته ورده وجد لفواته ألما أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده.".

ابو وليد البحيرى
2018-07-28, 06:02 PM
على الإنسان أن يبحث عن الرسائل المحملة داخل كل آية :

التدبر تأتي من كلمة الدبر، دبر الشيء ما يأتي بعد الشيء، بعدما يذهب يأتي الدبر، فالتدبر ما يأتي بعد القراءة والفهم، قرأت؟ فهمت؟ تدبر الآن، من تجربتي وما تعلمت من مشايخي وعلى رأسهم مجدي الهلالي، وهو أفضل إنسان شاهدته في مجال التربية الإيمانية، قال لي: التدبر أن تضع نفسك داخل الآية، كل آية تبحث فيها عن الرسائل المحملة، كل آية محملة بكم هائل من الرسائل لقلبك ابحث عنها، قرأت؟ افهم، تدبر، مثلاً قال تعالى:

﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾
[ سورة الحشر: 21]
ربنا يقول لك: لو أنزلنا هذا القرآن على جبل سوف يهده، تدبر الآن، ضع نفسك في الآية أنت لا تتأثر لماذا؟ هذا يهد الجبل، أنت طريق تعاملك مع القرآن الكريم طريق خاطئ، لو أنزلنا هذا اسم إشارة للقريب، هذا القرآن الذي في حقيبتك، في سيارتك، في جيبك، على مكتبك، جانب السرير يهد جبالاً، وأنت لا تتأثر، ضع نفسك داخل كل آية وابحث عن الرسائل المختبئة، التدبر يختلف عن التفسير، التفسير مقيد بأصول التفسير، وهذا واجب ولازم، لأنه يترتب عليه أفعال وأحكام، وحلال وحرام، التدبر لا يخرج منه حلال ولا حرام ولا أحكام، أنت تقرأ وتدع القرآن يتعامل مع مشاعرك.
في يوم من الأيام كنت أصلي الفجر في لندن، الإمام غاب فالناس دفعوني أن أصلي بهم، أنا أقرأ آية تعودت أن أقرأها دائماً هي قوله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ﴾
[سورة آل عمران: 26]
قل اللهم مالك الملك، يومها القرآن تعامل مع مشاعري وجاءني تدبر لم يأتني من قبل، أحب أن أقول ذلك أمام الشيخ لأسمع رأيه، قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
[سورة آل عمران: 26]
أربعة من تشاء، القرآن الكريم من صفاته الإيجاز بأقل عدد من الكلمات يعطيك أكبر عدد من المعاني، فتعجبت لماذا لم يكن هناك صياغة أخرى تختصر اللغة بنفس المعنى؟ لماذا الآية أتت بهذه الطريقة و لم تأت بهذه الطريقة؟ قل اللهم مالك الملك، تؤتي الملك وتعز من تشاء، وتنزع الملك وتذل من تشاء، كنا اختصرنا اثنين من تشاء، لكن الله عز وجل لم ينزلها هكذا، الله عز وجل فصل عن قصد، إتيان الملك ونزعه عن العز والذل قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ ﴾


[سورة آل عمران: 26]

اقفل هذا الموضوع وافتح موضوعاً جديداً، قال تعالى: ﴿ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
[سورة آل عمران: 26]
ممكن إنسان يؤتى الملك ويذل، وممكن إنسان ينزع منه الملك ويعز، صح؟ التدبر يتعامل مع مشاعر الإنسان، كل آية تتفجر بالمعاني.
المهندس فاضل سليمان
(بتصرف)

أم علي طويلبة علم
2018-08-04, 07:25 AM

لما حفظت كتاب ربي كاملاً
‏ و تسارعت في حبهِ نبضاتي
‏ ما عدت أطمع في سواه و لم يعد
‏ همي سوى التثبيت للآياتِ.




‏منقول

ابو وليد البحيرى
2018-08-04, 12:13 PM
لماذا تحفظ القرآن ؟


1- التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم : فقد كان عليه الصلاة والسلام يحفظه، ويراجعه مع جبريل عليه السلام ومع بعض أصحابه.

2- التأسي بالسلف: قال ابن عبد البر: (طلب العلم درجات ورتب لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله، فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهمه... ا هـ )

3- حفظه ميسر للناس كلهم، ولا علاقة له بالذكاء أو العمر، فقد حفظه الكثيرون على كبر سنهم. بل حفظه الأعاجم الذين لا يتكلمون العربية، فضلاً عن الأطفال.

4- حفظ القرآن مشروع لا يعرف الفشل ... كيف؟!حين يبدأ المسلم بحفظ القرآن الكريم بعزيمة قوية ثم يدب إليه الكسل والخمول فينقطع عن مواصلة الحفظ، فإن القدر الذي حفظه منه لا يضيع سدى، بل إنه لو لم يحفظ شيئاً فإنه لن يحرم أجر التلاوة، فكل حرف بعشر حسنات.

5- حملة القرآن هم أهل الله وخاصته كما في الحديث، وكفى بهذا شرفاً.

6- حامل القرآن يستحق التكريم، ففي الحديث (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ... الحديث) فأين المشمرون؟

7- الغبطة الحقيقية تكون في القرآن وحفظه، ففي الحديث (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل ... الحديث).

8- حفظ القرآن وتعلمه خير من متاع الدنيا، ففي الحديث (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل) وتذكر أن الإبل في ذلك الزمان أنفس المال وأغلاه.

9- حافظ القرآن هو أولى الناس بالإمامة، ففي الحديث (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) وتذكر أن الصلاة عمود الدين وثاني أركان الإسلام.

10- حفظ القرآن الكريم رفعة في الدنيا والآخرة، ففي الحديث (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين).

11- حافظ القرآن يقدم في قبره، فبعد معركة أحد وعند دفن الشهداء كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الرجلين في قبر واحد ويقدم أكثرهم حفظاً.

12- وفي يوم القيامة يشفع القرآن لأهله وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه). فهنيئاً لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب.

13- حفظ القرآن سبب للنجاة من النار، ففي الحديث (لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق) رواه أحمد وغيره. ويقول أبو أمامة: إن الله لا يعذب بالنار قلباً وعى القرآن.

14- إن حفظه رفعة في درجات الجنة، ففي الحديث (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارقى ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها). قال ابن حجر الهيتمي: الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب، لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها.

15- حافظ القرآن مع السفرة الكرام البررة، ففي الحديث – واللفظ للبخاري - : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة) فيا له من شرف أن تكون مع من قال الله فيهم { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ } (عبس من الآية 13 :16) .

16- حافظ القرآن أكثر الناس تلاوة له، فحفظه يستلزم القراءة المكررة، وتثبيته يحتاج إلى مراجعة دائمة، وفي الحديث (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها).

17- حافظ القرآن يقرأ في كل أحواله، فبإمكانه أن يقرأ وهو يعمل أو يقود سيارته أو في الظلام، ويقرأ ما شياً ومستلقياً، فهل يستطيع غير الحافظ أن يفعل ذلك؟

18- حافظ القرآن لا يعوزه الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في حديثه وخطبه ومواعظه وتدريسه، أما غير الحافظ فكم يعاني عند الحاجة إلى الاستشهاد بآية، أو معرفة موضعها.

فهل بعد هذا نزهد في حفظ ما نستطيع من كتاب الله ؟! ..
منقول

أم علي طويلبة علم
2018-08-07, 05:36 AM
قال الشيخ محمد محمد المختار الشنقيطي:

فما قرأ العبد تلك الآيات وكان عند قراءته حاضر القلب متفكراً متأملاً إلا وجدت العين تدمع، والقلب يخشع، والنفس تتوهج إيماناً من أعماقها، تريد المسير إلى الله تبارك وتعالى، وإذا بأرض ذلك القلب تنقلب بعد آيات القرآن خصبة طريةً للخير، ومُحبة لله عز وجل ولطاعته، فما قرأ عبدٌ القرآن ولا استمع لآيات الرحمن إلا وجدته بعد قراءتها والتأمل فيها رقيقاً قد اقشعر قلبه، واقشعر جلده من خشية الله تبارك وتعالى: { كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }.

أم علي طويلبة علم
2018-08-07, 10:04 PM
في عشر قواعد في تزكية النفس ص18 قال الشيخ د. عبدالرزاق البدر:

فأعظم ما تزكو به النفس القرآن الكريم، الذي هو كتاب التزكية ومنبعها ومعينها ومصدرها، فمن أراد لنفسه التزكية فليطلبها في كتاب الله عز وجل.

قال ابن عباس رضي الله عنه: ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا: {من اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}.
وقال تعالى:{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}.

أم علي طويلبة علم
2018-08-08, 08:24 AM
قال أبوداود رحمه الله:
‏دخلت على كرز الحارثي فوجدته يبكي، فقلت: مايبكيك؟
‏قال: لم أقرأ البارحة حزبي من القرآن، ‏وما أظنّه إلا بذنب فعلته.

أم علي طويلبة علم
2018-08-10, 07:28 PM
كان الحسن البصري رحمه الله يقول:
إن الرجل إذا طلب القرآن والعلمَ لله عز وجل، لم يَلْبَث أن يُرَى ذلك في خشوعه، وزهده، وحلمه، وتواضعه.

ابو وليد البحيرى
2018-08-11, 04:30 PM
الابتعاد عن التقوى المصطنعة :

عملنا عشرة أسابيع في سورة النور في مسجد شرق لندن، والله كنا نتدبر باللغة الإنكليزية، الذي معه مصحف بالموبايل يفتح المصحف، سأقول لكم بعض الآيات لنتدبرها، كيف يتم التدبر؟ تعالوا الآية الكريمة بسورة النور تسمح بدخول الأماكن العامة بدون استئذان:
﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾
[سورة النور: 29]
من وسائل التدبر أن تنظر في كل آية عن آخر الآية، بعض الناس يسمونه: ذيل الآية، علاقة بجسم الآية، لماذا اختار الله عز وجل هذه الطريقة لإنهاء الآية؟ الآية في كل التفاسير تقول لك: مسموح لك أن تدخل الأماكن العامة بدون استئذان، داخل صيدلية، سوبر ماركت، مطعم، تستأذن كيف أدخل؟ لكن التدبر لماذا اختار الله عز وجل: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾
[سورة النور: 29]
لإنهاء هذه الآية بالذات؟ من أجل أن تفهم هذه عليك أن تكون قادراً على التخيل، الذي يسميه التصور، التصوير الفني في القرآن، من أجمل الكتب التي تساعد الإنسان على التدبر، تتخيل، تخيل معي أخي الحبيب رجلاً يقف على باب سوبر ماركت ويأبى أن يدخل إلا عندما يأتي مدير السوبر ماركت ويأذن له بالدخول، ثم يذهب إلى باب الصيدلية ويرفض أن يدخل إلا إذا أتى مدير الصيدلية وأذن له بالدخول، هذا الرجل ماذا يفعل؟ يتصنع التقوى، فتأتي الآية التي تبيح لك أن تدخل الأماكن العامة من دون استئذان، قال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ ﴾
[سورة النور: 29]
تحذرك من تصنع التقوى، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾
[سورة النور: 29]
هذا اسمه التدبر، وهو غير متقيد بأصول التفسير لكنه غير مبني عليه حلال وحرام، تتعامل مع القلب، فالآية تبيح لك من الناحية الفقهية كل الأماكن العامة من دون استئذان، ومن الناحية القلبية تحذرك من تصنع التقوى، نحن محاطون بكثير من تصنع التقوى، كثير من التقوى المصطنعة، أكبر أنواع العجب هو التقوى المصطنعة، هذا عجب، الآية التي قبلها يقول الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾
[سورة النور:27-28]
لماذا أنهاها الله بقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾
[سورة النور:28]
يجب أن تتصور، تصور نفسك ذهبت تزور إنساناً وسيماً موجوداً، لا، الحقيقة هو لا يستطيع أن يقابلك الآن، نحن آسفون ويقفلون الباب بوجهك، هل من الممكن أن ترجع؟ ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾
[سورة النور:28]
أنت لو كنت إنساناً تفهم بشكل جيد وتعرف هذه الآية تعرف أن هذا أفضل لك وتمشي، أما لو أنك لا تعرف هذه الآية فستحزن و قد لا تعود، أما إن عرفتها فستنزل وتجلس في السيارة وتأكل سندويشات وكوكاكولا، وتنتظر حتى الليل، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾
[سورة النور:28]
أو على الأقل ممكن أن تسبهم، ربنا يحذرك، قال تعالى: ﴿ هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾
[سورة النور:28]
هذا النوع من أنواع التدبر أن تنظر في الآية إلى آخر الآية، وأن تتدبر لماذا الله عز وجل جاء بهذه الآيات؟
المهندس فاضل سليمان
(بتصرف)

أبو عبد الرحمن العتيبي
2018-08-19, 08:15 AM
قال ابن جزي الغرناطي:
"و درجات علوم القرآن أربعة :حفظه ،ثم معرفة قراءته ،ثم معرفة تفسيره ،ثم ما يفتح الله تعالى فيه من الفهم و العلم لمن يشاء ؛و إنما يحصل هذا بعد تحصيل الأدوات و ملازمة الخلوات و تطهير القلوب من الآفات".
(القوانين الفقهية ص699).

أم علي طويلبة علم
2018-08-19, 10:35 PM
قال ابن جزي الغرناطي:
"و درجات علوم القرآن أربعة :حفظه ،ثم معرفة قراءته ،ثم معرفة تفسيره ،ثم ما يفتح الله تعالى فيه من الفهم و العلم لمن يشاء ؛و إنما يحصل هذا بعد تحصيل الأدوات و ملازمة الخلوات و تطهير القلوب من الآفات".
(القوانين الفقهية ص699).

أليس معرفة التفسير ومعرفة قراءته يعين على حفظ كتاب الله عز وجل؟ لماذا قدم الحفظ على معرفة قراءته وتفسيره؟

ابو وليد البحيرى
2018-08-20, 02:57 PM
تدبر القرآن دواء القلوب
ماهر السيد

إن القرآن كلام الله الذي أنزله ليعمل به ويكون منهاج حياة للناس، ولا شك أن قراءة القرآن قربة وطاعة من أحب الطاعات إلى الله، لكن مما لا شك فيه أيضا أن القراءة بغير فهم ولا تدبر ليست هي المقصودة، بل المقصود الأكبر أن يقوم القارئ بتحديق ناظر قلبه إلى معاني القرآن وجمع الفكر على تدبره وتعقله، وإجالة الخاطر في أسراره وحِكَمه.

القرآن يدعونا إلى التدبر:

إن الله دعانا لتدبر كتابه وتأمل معانيه وأسراره: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) [ص:29].

وقد نعى القرآن على أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ولا يستنبطون معانيه: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً * وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ هُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء:82، 83].

الناس عند سماع القرآن أنواع:
قال تعالى في آياته المشهودة: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق:36، 37].
قال ابن القيم – رحمه الله -: "الناسُ ثلاثةٌ: رجلٌ قلبُه ميتٌ، فذلك الذي لا قلبَ له، فهذا ليست الآية ذكرى في حقه.

الثاني: رجلٌ له قلب حيٌّ مستعدٌّ، لكنه غير مستمعٍ للآيات المتلُوةِ، التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة، إما لعدم وُرُودها، أو لوصولها إليه وقلبه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب ليس حاضرًا، فهذا أيضًا لا تحصُلُ له الذكرى، مع استعداده ووجود قلبه.

والثالث: رجلٌ حيُّ القلب مستعدٌّ، تُليت عليه الآيات، فأصغى بسمعه، وألقى السمع، وأحضر قلبه، ولم يشغلْه بغير فهم ما يسمعُهُ، فهو شاهدُ القلب، مُلقي السَّمع، فهذا القِسمُ هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة والمشهودة.

فالأول: بمنزلة الأعمى الذي لا يُبصر.

والثاني: بمنزلة البصير الطَّامح ببصره إلى غير جهة المنظور إليه، فكلاهما لا يراه.

والثالث: بمنزلة البصير الذي قد حدَّق إلى جهة المنظور، وأتبعه بصره، وقابله على توسُّطٍ من البُعد والقربِ، فهذا هو الذي يراه.

فسبحان من جعل كلامه شفاءً لما في الصدور.
للحديث بقية إن شاء الله

أم علي طويلبة علم
2018-08-23, 03:59 AM
‏كيف يومك؟
‏هل قرأت فيه حزبك من القرآن؟
‏فقد كان لنبيك صلى الله عليه وسلم حزبٌ من القرآن (لا يخلُ به).
‏لا يخل به!
‏مع زحمة شواغله
‏وكثرة مهاممه
‏يدير ويُعلّم ويتعبد، ويتفقد ، ومع ذلك لا يخل به.
‏اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا

[بارعة اليحيى]

أم علي طويلبة علم
2018-08-23, 10:16 PM
قال النووي رحمه الله في التبيان:

"وينبغي أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لأمتي في بكورها وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظه".

ابو وليد البحيرى
2018-08-25, 01:36 AM
تدبر القرآن دواء القلوب
ماهر السيد

فاعلم أن الرجل قد يكونُ له قلبٌ وقَّادٌ، مليءٌ باستخراج العبر واستنباط الحكم، فهذا قلبه يُوقعه على التذكُّر والاعتبار، فإذا سمع الآيات كانت له نُورًا على نور، وهؤلاء أكملُ خلق الله، وأعظمهم إيمانًا وبصيرةً، حتى كأنَّ الذي أخبرهم به الرسول مشاهدٌ لهم، لكن لم يشعُرُوا بتفاصيله وأنواعه، حتى قيل: إن مثل حالِ الصِّدِّيق مع النبي صلى الله عليه وسلم، كمثل رجلين دخلا دارًا، فرأى أحدهما تفاصيل ما فيها وجزئيَّاته، والآخر وقعت يدُهُ على ما في الدار ولم ير تفاصيلَهُ ولا جُزئياته، لكن علم أن فيها أمورًا عظيمة، لم يدرك بصره تفاصيلها، ثم خرجا فسأله عمَّا رأى في الدار، فجعل كُلما أخبره بشيء صدَّقهن لما عنده من شواهد، وهذه أعلى الدرجات الصديقية، ولا تستبعد أن يَمُنَّ الله المنان على عبدٍ بمثل هذا الإيمان، فإن فضل الله لا يدخل تحت حصرٍ ولا حُسبان.

فصاحبُ هذا القلب إذا سمع الآيات وفي قلبه نورٌ من البصيرة، ازداد بها نورًا إلى نوره. فإن لم يكن للعبد مثل هذا القلب فألقى السمع وشهد قلبُهُ ولم يغب حصل له التذكُّرُ أيضًا: (فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ) [البقرة:265]، والوابلُ والطَّلُّ في جميع الأعمال وآثارها وموجباتها. وأهل الجنة سابقون مقرَّبون وأصحابُ يمين وبينهما في درجات التفضيل ما بينهما.
للحديث بقية إن شاء الله

أم علي طويلبة علم
2018-08-25, 06:02 AM
قال صلى الله عليه وسلم:
(من نام عن حِزبِه ، أو عن شيٍء منه ، فقرأَه فيما بين صلاةِ الفجرِ وصلاةِ الظهرِ ، كُتِبَ له كأنما قرأَه من الليلِ). رواه مسلم

حسن المطروشى الاثرى
2018-08-25, 10:23 PM
وفقكم الله

ابو وليد البحيرى
2018-08-29, 02:37 AM
تدبر القرآن دواء القلوب
ماهر السيد

الرسول صلى الله عليه وسلم يتدبر القرآن:

عن حذيفة رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة. ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة؛ فمضى. ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها. يقرأ مترسلاً، إذا مرَّ بآيةفيها تسبيح سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ". [مسلم].

وبكى صلى الله عليه وسلم حين قرأ عليه ابن مسعودمن سورة النساء قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً)[النساء:41] فهل تتوقع أن يكون ذلك من غير تدبر؟

وكان يدعو الأمة إلى التدبر وفهم معاني القرآن، فحين نزل قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُون َ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران:190، 191]. قال صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها".
للحديث بقية إن شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-08-31, 01:51 AM
تدبر القرآن دواء القلوب
ماهر السيد

السلف الصالح يتدبرون القرآن:

كان ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: "ركعتان في تفكرٍ خيرٌ من قيام ليلة بلا قلب".

وكان الفضيل – رحمه الله – يقول: "إنما نزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس قراءته عملاً. قيل: كيف العمل به؟ قال: ليحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند عجائبه".

وعمليًا كان منهم من يقوم بآية واحدة يرددها طيلة الليل يتفكر في معانيها ويتدبرها. ولم يكن همهم مجرد ختم القرآن؛ بل القراءة بتدبر وتفهم.. عن محمد بن كعب القُرَظِي قال: "لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ(إذا زلزلت) و(القارعة) لا أزيد عليهما،وأترددفي هما،وأتفكر أحبُّ إليَّ من أن أَهُذَّ القرآن(أي أقرأه بسرعة)".
للحديث بقية إن شاء الله

أم علي طويلبة علم
2018-09-04, 04:36 AM
http://majles.alukah.net/t124554/

ابو وليد البحيرى
2018-09-05, 12:15 AM
تدبر القرآن دواء القلوب
ماهر السيد

من ثمار التدبر:

اعلم رعاك الله أن العبد إذا وفق لتدبر آيات الله تعالى فاز بالخير العميم، يقول ابن القيم – رحمه الله -:

"فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته: من تدبر القرآن، وإطالة التأمل، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما. وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما، وتَتُلُّ في يده(تضع) مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة. وتثبت قواعد الإيمان في قلبه. وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم. وتبصره مواقع العبر. وتشهده عدل الله وفضله. وتعرفه ذاته، وأسماءه وصفاته وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه، وقواطع الطريق وآفاتها. وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم، وأحوالهم وسيماهم. ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه. وافتراقهم فيما يفترقون فيه.

وبالجملة تعرِّفُهُ الرب المدعو إليه، وطريق الوصول إليه، وما له من الكرامة إذا قدم عليه.

وتعرفه في مقابل ذلك ثلاثة أخرى: ما يدعو إليه الشيطان، والطريق الموصلة إليه، وما للمستجيب لدعوته من الإهانة والعذاب بعد الوصول إليه.

فهذه ..أمور ضروري للعبد معرفتها. ومشاهدتها ومطالعتها. فتشهده الآخرة حتى كأنه فيها، وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فيها. وتميز له بين الحق والباطل في كل ما اختلف فيه العالم. فتريه الحق حقا، والباطل باطلا. وتعطيه فرقانا ونورا يفرق به بين الهدى والضلال. والغي والرشاد. وتعطيه قوة في قلبه، وحياة وسعة وانشراحا وبهجة وسرورا. فيصبر في شأن والناس في شأن آخر.
للحديث بقية إن شاء الله

رضا الحملاوي
2018-09-05, 06:35 PM
أسهل طريقة لحفظ القرآن الكريم - الشيخ د. عبد المحسن القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي (http://majles.alukah.net/t124554-3/)

ابو وليد البحيرى
2018-09-07, 12:49 AM
تدبر القرآن دواء القلوب
ماهر السيد

فإن معاني القرآن دائرة على التوحيد وبراهينه، والعلم بالله وما له من أوصاف الكمال، وما ينزه عنه من سمات النقص، وعلى الإيمان بالرسل، وذكر براهين صدقهم، وأدلة صحة نبوتهم. والتعريف بحقوقهم، وحقوق مرسلهم. وعلى الإيمان بملائكته، وهم رسله في خلقه وأمره، وتدبيرهم الأمور بإذنه ومشيئته، وما جعلوا عليه من أمر العالم العلوي والسفلي، وما يختص بالنوع الإنساني منهم، من حين يستقر في رحم أمه إلى يوم يوافي ربه ويقدم عليه. وعلى الإيمان باليوم الآخر وما أعد الله فيه لأوليائه من دارالنعيم المطلق، التي لا يشعرون فيها بألم ولا نكد وتنغيص. وما أعد لأعدائه من دارالعقاب الوبيل، التي لا يخالطها سرور ولا رخاء ولا راحة ولا فرح. وتفاصيل ذلك أتم تفصيل وأبينه. وعلى تفاصيل الأمر والنهي، والشرع والقدر، والحلال والحرام، والمواعظ والعبر، والقصص والأمثال، والأسباب والحكم، والمبادئ والغايات، في خلقه وأمره.

فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل، وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتحثه على التضمر والتخفف للقاء اليوم الثقيل. وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل. وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبعثه على الازدياد من النعم بشكر ربه الجليل. وتبصره بحدود الحلال والحرام، وتوقفه عليها لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل. وتثبت قلبه عن الزيغ والميل عن الحق والتحويل. وتسهل عليه الأمور الصعاب والعقبات الشاقة غاية التسهيل. وتناديه كلما فترت عزماته، وونى في سيره: تقدم الركب وفاتك الدليل. فاللحاق اللحاق، والرحيل الرحيل.وتحدو به وتسير أمامه سير الدليل. وكلما خرج عليه كمين من كمائن العدو، أو قاطع من قطاع الطريق نادته: الحذر الحذر! فاعتصم بالله، واستعن به، وقل: حسبي الله ونعم الوكيل.

وفي تأمل القرآن وتدبره، وتفهمه، أضعاف ما ذكرنا من الحكم والفوائد.

أم علي طويلبة علم
2018-09-17, 08:09 AM
منـقول من القرآن نبض حياتي:

‏حينما تبدأ يومك بالقران
‏تشعر بأنَّ سائر يومك ميُسّر ممهدةُ أمورك جُلَّها كأنها سلسبيلا
‏.. لاتنوي فقط الإبتداء بل ابدأ مباشرة بالتلاوة وجاهد حتى تختم وردك ثم انعم بنعيم القران سائرَ يومك وهو نعيم لايعادله أيّ نعيم .

ابو وليد البحيرى
2018-09-18, 05:35 PM
صفة تدبر القرآن

نور على الدرب

الإمام ابن باز رحمه الله
السؤال:له سؤال طويل عن تدبر القرآن الكريم، بدأ سؤاله كالتالي: يقول الله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]، ويقول سبحانه: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82]، ثم يسأل: ما هي صفة تدبر القرآن في الآيتين الكريمتين، وما معنى كلمة تدبر، هل هو تدبر الفهم الصحيح، وهل يترتب على التدبر مثوبة، وهل يحتفظ متدبر القرآن الكريم بحصيلة تدبره للقرآن للفائدة الشخصية دون نشرها، جزاكم الله خيرًا؟
الجواب: التدبر للقرآن مشروع كما بينه الله عز وجل وهو المقصود، هو المقصود من التلاوة التدبر والتعقل والفهم ثم العمل، قال عز وجل: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، فهو أنزل للتدبر، قال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].
فالمشروع للمؤمن عند التلاوة وهكذا المؤمنة التدبر والتعقل والتفهم، فمعناه: تفهم الآية، يتدبرها يعني: يتعقلها ما هو المراد، أن يتعقل ويتفهم ما هو المراد من قوله: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، من قوله: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، من قوله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، من قوله: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْْ تُرْحَمُونَ [النور:56] .... وغير ذلك.
يعني: يتدبر المعنى ما هو المعنى؟ يتفهم حتى يعمل به، وحتى يوصي الناس به، والمؤمن يتدبر يتحفظ ولو بالكتابة يتحفظ ما ظهر له حتى يعمل به، وحتى ينصح إخوانه بذلك إذا كان عنده علم وفهم، يعمل بذلك ويوصي إخوانه بذلك وأهل بيته، هكذا ينبغي للمؤمن أن تكون عنده عناية إذا قرأ القرآن يتعقل ويتدبر حتى يستفيد وحتى يعمل، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم إذاً من تدبر القرآن وخرج بمعاني لا يحتفظ بها لحياته الشخصية كما يقول هذا السائل بل ينشرها بين إخوانه؟

الجواب: إذا تيسر له حفظها وهو متبصر فلينشرها، أما إن كان عنده تردد أو جهل فليسأل عنها أهل العلم، ويعرضها على أهل العلم حتى يبصروه وحتى يفهم المراد وينفع غيره أيضًا، أما إذا كان طالب علم يفهم فإنه ينصح إخوانه وأهل بيته بما فهم من كتاب الله وبما علم من القرآن حتى يكون من دعاة الهدى، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم.

أم علي طويلبة علم
2018-09-19, 08:24 AM
أحسن الله إليكم

أم علي طويلبة علم
2018-09-19, 08:25 AM
"من تفرَّد بالعلم لم تُوحشه خلوة ، ومن تسلَّى بالكتب لم تفُتهُ سلوة ، ومن آنسه قراءة القرآن لم تُوحشه مُفارقة الإخوان .".

‏ [أدب الدنيا لـ الماوردي]

ابو وليد البحيرى
2018-09-22, 08:46 AM
جزاكم الله خيرا

ابو وليد البحيرى
2018-09-22, 08:53 AM
تدبر القرآن .. لماذا وكيف؟

ابراهيم التركى

القرآن هادي البشرية ومرشدها ونور الحياة ودستورها، ما من شيء يحتاجه البشر إلا وبيَّنه الله فيه نصاً أو إشارة أو إيماءاً، عَلِمه مَنْ عَلِمه، وجهله من جهله.

ولذا اعتنى به صَحْبُ الرسول صلى الله عليه وسلم وتابِعوهم تلاوة وحفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً، وعلى ذلك سار سائر السلف، ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط بلا تدبر ولا فهم لمعانيه ومراداته، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك، "وقد أنزل الله القرآن وأمرنا بتدبره، وتكفل لنا بحفظه، فانشغلنا بحفظه وتركنا تدبره". (حول التربية والتعليم، د. عبد الكريم بكار، ص 226)

وليس المقصود الدعوة لترك حفظه وتلاوته وتجويده، ففي ذلك أجر كبير، لكن المراد التوازن بين الحفظ والتلاوة والتجويد من جهة وبين الفهم والتدبر، ومن ثم العمل به من جهة أخرى كما كان عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى.

ولذا فهذه بعض الإشارات الدالة على أهمية التدبر في ضوء الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح.
للحديث بقية إن شاء الله

أم علي طويلبة علم
2018-09-24, 05:30 PM
‏في الحديث:" اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً (لأصحابه)".


‏أتأمل في لفظة (لأصحابه)؛ فأقول في نفسي هل وصلنا لدرجة المصاحبة والملازمة حتى نحظى بشفاعته؟!


‏اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا.
[بارعة اليحيى]

ابو وليد البحيرى
2018-09-26, 09:00 AM
تدبر القرآن .. لماذا وكيف؟

ابراهيم التركى

أما التدبر فهو كما قال ابن القيم: "تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله". (نضرة النعيم، ص 909)

وقيل في معناه: "هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة". (قواعد التدبر الأمثل للميداني، ص 10)

أولاً: منزلة التدبر في القرآن الكريم:

1- قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29]. في هذه الآية بين الله تعالى أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو التدبر والتذكرلا مجرد التلاوة على عظم أجرها.

قال الحسن البصري: "والله! ما تدبُّره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآنُ في خُلُق ولا عمل". (تفسير ابن كثير، 7/64، ط: طيبة)

2- قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ...} [النساء:82].
قال ابن كثير: "يقول الله تعالى آمراً عباده بتدبر القرآن وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ...} (تفسير ابن كثير، 3/364، ط: طيبة)، فهذا أمر صريح بالتدبر والأمر للوجوب.

3- قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة:121].
روى ابن كثير عن ابن مسعود قال: "والذي نفسي بيده! إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله". (تفسير ابن كثير، 1/403)
وقال الشوكاني: "يتلونه: يعملون بما فيه"(فتح القدير، 1/135) ولا يكون العمل به إلا بعد العلم والتدبر.

4- قال تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة:78].
قال الشوكاني: "وقيل: (الأماني: التلاوة) أي: لا علم لهم إلا مجرد التلاوة دون تفهم وتدبر"(فتح القدير، 1/104)، وقال ابن القيم: "ذم الله المحرفين لكتابه والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة وهي الأماني". (بدائع التفسير، 1/300)

5 - قال الله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30].
قال ابن كثير: "وترك تدبره وتفهمه من هجرانه". (تفسير ابن كثير 6/108)
وقال ابن القيم: "هجر القرآن أنواع... الرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه".(بدائع التفسير 2/292)
للحديث بقية إن شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-09-29, 01:06 AM
تدبر القرآن .. لماذا وكيف؟

ابراهيم التركى

ثانياً: ما ورد في السنة في مسألة التدبر:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده». (رواه مسلم، ح/2699).
فالسكينة والرحمة والذكر مقابل التلاوة المقرونة بالدراسة والتدبر. أما واقعنا فهو تطبيق جزء من الحديث وهو التلاوة أما الدراسة والتدبر فهي - في نظر بعضنا - تؤخر الحفظ وتقلل من عدد الحروف المقروءة فلا داعي لها.

2- روى حذيفة رضي الله عنه: "أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكان يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ". (رواه مسلم، ح /772)
فهذا تطبيق نبوي عملي للتدبر ظهر أثره بالتسبيح والسؤال والتعوذ.

3- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] . (رواه أحمد، ح /20365)
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم التدبر على كثرة التلاوة، فيقرأ آية واحدة فقط في ليلة كاملة.

4- عن ابن مسعود قال: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن". (رواه الطبري في تفسيره، 1/80)

فهكذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة القرآن: تلازم العلم والمعنى والعمل؛ فلا علم جديد إلا بعد فهم السابق والعمل به.

5- لما راجع عبد الله بن عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن لم يأذن له في أقل من ثلاث ليالٍ وقال: «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث». (رواه الدارمي والترمذي برقم 2870، وصححه ورواه أحمد وأبو داود بلفظ: لم يفقه)
فدل على أن فقه القرآن وفهمه هو المقصود بتلاوته لا مجرد التلاوة.

6- وفي الموطأ عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة يجهر فيها، فأسقط آية فقال: « يا فلان! هل أسقطت في هذه السورة من شيء؟ قال: لا أدري، ثم سأل آخر واثنين وثلاثة كلهم يقول: لا أدري، حتى قال: ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب الله فما يدرون ما تلي منه مما ترك؟ هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل فشهدت أبدانهم وغابت قلوبهم؛ ولا يقبل الله من عبد حتى يشهد بقلبه مع بدنه».
للحديث بقية إن شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-09-30, 11:08 PM
تدبر القرآن .. لماذا وكيف؟

ابراهيم التركى

ثالثاً: ما ورد عن السلف في مسألة التدبر:

1 - روى مالك عن نافع عن ابن عمر قال: "تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزوراً". (نزهة الفضلاء، تهذيب سير أعلام النبلاء، 1/35/أ)
وطول المدة ليس عجزاً من عمر ولا انشغالاً عن القرآن؛ فما بقي إلا أنه التدبر.

2- عن ابن عباس قال: "قدم على عمر رجل فجعل عمر يسأل عن الناس فقال: يا أمير المؤمنين! قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا، فقلت: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة، قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه! فانطلقت لمنزلي حزيناً فجاءني، فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفاً؟ قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا - يختصموا: كلٌ يقول الحق عندي - ومتى يحتقوا يختصموا، ومتى اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا، فقال عمر: لله أبوك! لقد كنت أكتمها الناس حتى جئت بها (نزهة الفضلاء، تهذيب سير أعلام النبلاء، 1/279)"، وقد وقع ما خشي منه عمر وابن عباس رضي الله عنهما فخرجت الخوارج الذين يقرؤون القرآن؛ لكنه لا يجاوز تراقيهم.

3- عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به. وفي هذا المعنى قال ابن مسعود: إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به". (الجامع لأحكام القرآن، 1/39-40 وانظر مجلة المجتمع عدد 1216)

4- قال الحسن البصري: "إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، وما تدبُّر آياته إلا باتباعه، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفاً وقد - والله! - أسقطه كله ما يُرى القرآن له في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَسٍ! والله! ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الوَرَعة متى كانت القراء مثل هذا؟ لا كثَّر الله في الناس أمثالهم". (الزهد 276 وانظر مفاتيح للتعامل مع القرآن للخالدي، ص 46)

5- وقال الحسن أيضاً: "نزل القرآن ليُتَدَبَّر ويعمل به؛ فاتخذوا تلاوته عملاً (مدارج السالكين، 1/485). أي أن عمل الناس أصبح تلاوة القرآن فقط بلا تدبر ولا عمل به".

6- كان شعبة بن الحجاج بن الورد يقول لأصحاب الحديث: "يا قوم! إنكم كلما تقدمتم في الحديث تأخرتم في القرآن". (نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء، 2/582)
وفي هذا تنبيه لمن شغلته دراسة أسانيد الحديث ومسائل الفقه عن القرآن وتدبره أنه قد فقد توازنه واختل ميزانه.

7- عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: "لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح ب (إذا زلزلت) و(القارعة) لا أزيد عليهما أحب إليَّ من أن أهذَّ القرآن ليلتي هذّاً. أو قال: أنثره نثراً". (الزهد لابن المبارك، 97، وانظر نضرة النعيم، 913)

8 - قال ابن القيم: "ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتهما وأسبابهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر، وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وقواطيع الطريق وآفاته، وتعرفه النفس وصفاتها ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة.

فتشهده الآخرة حتى كأنه فيها، وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فيها، وتميز له بين الحق والباطل في كل ما يختلف فيه العالم، وتعطيه فرقاناً ونوراً يفرق به بين الهدى والضلال، وتعطيه قوة في قلبه وحياة واسعة وانشراحاً وبهجة وسروراً فيصير في شأن والناس في شأن آخر؛ فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل، وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل، وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه عليها؛ لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل، وتناديه كلما فترت عزماته: تقدمَ الركبُ، وفاتك الدليل، فاللحاقَ اللحاقَ، والرحيلَ الرحيلَ.
فاعتصم بالله واستعن به وقل: حسبي الله ونعم الوكيل". (مدارج السالكين، ج1، ص 485، 486)
للحديث بقية إن شاء الله

ابو وليد البحيرى
2018-10-02, 07:44 PM
تدبر القرآن .. لماذا وكيف؟

ابراهيم التركى

وحتى نتدبر القرآن فعلينا:

1- مراعاة آداب التلاوة من طهارة ومكان وزمان مناسبين وحال مناسبة وإخلاص واستعاذة وبسملة وتفريغ للنفس من شواغلها وحصر الفكر مع القرآن والخشوع والتأثر والشعور بأن القرآن يخاطبه.

2- التلاوة بتأنٍ وتدبر وانفعال وخشوع، وألا يكون همه نهاية السورة.

3- الوقوف أمام الآية التي يقرؤها وقفة متأنية فاحصة مكررة.

4- النظرة التفصيلية في سياق الآية: تركيبها - معناها - نزولها - غريبها - دلالاتها.

5- ملاحظة البعد الواقعي للآية؛ بحيث يجعل من الآية منطلقاً لعلاج حياته وواقعه، وميزاناً لمن حوله وما يحيط به.

6- العودة إلى فهم السلف للآية وتدبرهم لها وتعاملهم معها.

7- الإطلاع على آراء بعض المفسرين في الآية.

8- النظرة الكلية الشاملة للقرآن.

9- الالتفات للأهداف الأساسية للقرآن.

10- الثقة المطلقة بالنص القرآني وإخضاع الواقع المخالف له.

للحديث بقية إن شاء الله

أم علي طويلبة علم
2018-10-04, 09:44 PM
6- وفي الموطأ عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة يجهر فيها، فأسقط آية فقال: « يا فلان! هل أسقطت في هذه السورة من شيء؟ قال: لا أدري، ثم سأل آخر واثنين وثلاثة كلهم يقول: لا أدري، حتى قال: ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب الله فما يدرون ما تلي منه مما ترك؟ هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل فشهدت أبدانهم وغابت قلوبهم؛ ولا يقبل الله من عبد حتى يشهد بقلبه مع بدنه».

ضعيف في السلسلة الضعيفة للألباني رحمه الله

ابو وليد البحيرى
2018-10-08, 12:17 AM
تدبر القرآن .. لماذا وكيف؟

ابراهيم التركى

11- معايشة إيحاءات النص وظلاله ولطائفه.

12- الاستعانة بالمعارف والثقافات الحديثة.

13- العودة المتجددة للآيات، وعدم الاقتصار على التدبر مرة واحدة؛ فالمعاني تتجدد.

14- ملاحظة الشخصية المستقلة للسورة.

15- التمكن من أساسيات علوم التفسير.

16- القراءة في الكتب المتخصصة في هذا الموضوع مثل كتاب: (القواعد الحسان لتفسير القرآن) للسعدي، وكتاب (مفاتيح للتعامل مع القرآن) للخالدي، وكتاب (قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل) لعبد الرحمن حبنكة الميداني، وكتاب (دراسات قرآنية). (انظر كتاب مفاتيح للتعامل مع القرآن للخالدي، ص 66)

وبعد:

فما درجة أهمية تدبر القرآن في عقولنا؟ وما نسبة التدبر في واقعنا العملي فيما نقرؤه في المسجد قبل الصلوات؟ وهل نحن نربي أبناءنا وطلابنا على التدبر في حِلَق القرآن؟ أم أن الأهم الحفظ وكفى بلا تدبر ولا فهم؛ لأن التدبر يؤخر الحفظ؟

ما مقدار التدبر في دروس العلوم الشرعية في المدارس، خاصة دروس التفسير؟ وهل يربي المعلم طلابه على التدبر، أم على حفظ معاني الكلمات فقط؟

تُرى.... ما مرتبة دروس التفسير في حِلَق العلم في المساجد: هل هي في رأس القائمة، أم في آخرها - هذا إن وجدت أصلاً؟

ما مدى اهتمامنا بالقراءة في كتب التفسير من بين ما نقرأ؟

لماذا يكون همُّ أحدنا آخر السورة، وقد نهانا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟

ومتى نقتنع أن فوائد التدبر وأجره أعظم من التلاوة كهذّ الشعر؟ أسئلة تبحث عن إجابة؛ فهل نجدها لديك؟

أم علي طويلبة علم
2018-10-13, 10:38 PM
مهما تزاحمت عليك أعمالك، وتراكمت عليك أشاغلك، فلا تنشغل عم وردك القرآني، فهو خير مما يجمعون!

[فايز السريح]

أم علي طويلبة علم
2018-10-13, 10:48 PM
ما أهنأ الحفظة من أكثر الناس ملازمة لمصاحفهم إما حفظا وتكرارا أو ضبطا وإتقانا.
يراجعونه بالنهار ويقومون به في الليل.
هل ثمة نعيم أعظم من هذا؟

[بارعة اليحيى]

ابو وليد البحيرى
2018-10-16, 09:44 AM
فضل القرآن وقراءته

د. أمين بن عبدالله الشقاوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد: فإن القرآن كلام الله تعالى، وهو حبله المتين، وصراطه المستقيم، من تمسك به اهتدى، ومن أعرض عنه ضَلَّ وهَوَى، أثنى الله عليه في مواضعَ كثيرة منه؛ ليبين فضله؛ ويوضح للناس مكانته ومنزلته، قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف:3 - 4].


وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت: 41 - 42].


فما من باطل إلا وفي القرآن ما يدمغه، ولا شبهة إلا وفيه بيان بطلانها، قال تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33].


وقال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18].


سمَّاه الله نورًا، وجعله للناس شفاءً. قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52].


وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ} [يونس: 57].


أعجب به الجن لما سمعوه، فآمنوا به واتبعوه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا } [الجن: 1: 2].



تكفل الله بحفظه وأعجز الخلق أن يأتوا بمثله: قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].


وقال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].


وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» [1].



ولهذه الفضائل العظيمة لكتاب الله، أمر الله بتلاوته والعمل به وتدبره، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } [فاطر: 29: 30].

وللحديث بقية

ابو وليد البحيرى
2018-10-21, 03:59 AM
الإيمان بالقرآن والعناية به
د. محمود بن أحمد الدوسري




الحمد لله.. الإيمان بالقرآن العظيم وبكل ما جاء فيه هو أوجب الحقوق التي تجب على المسلم تجاه كتاب ربه عزّ وجل، وإن الإيمان به هو المَعْلَمُ الأَوَّلُ والأَساسُ للقيام بسائر حقوق كتاب الله عزّ وجل، قال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا ï´¾ [النساء: 136].

إنَّ أول ما يُطلب من مريض يرجو البرء على يد طبيبٍ أن يثق بهذا الطبيب ويعتقد جازماً بحسن مهارته وتعاليمه وفائدتها، حتى يستطيع هذا المريض أن يعمل بهذه التعاليم. وإذا فُقد هذا الاقتناع والاعتقاد فإن العلاج لن يؤتي ثماره.

كذلك الأمر بالنسبة للمؤمن، فإن أول ما يُطلب من قارئ القرآن أن يؤمن به، كما قال تعالى: ï´؟ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ï´¾ [البقرة: 4]. ï´؟ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ ï´¾ [البقرة: 285].

وإن الإيمان هو ما وَقَرَ في القلب وصدَّقه العمل، لذلك نجد القرآن العظيم يأمرنا بقوله تعالى: ï´؟ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ï´¾ [البقرة: 136]. فهذا مما وقر في القلب، ونطق به اللسان.

ويأمرنا فيقول: ï´؟ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ ï´¾ [البقرة: 121] وهذا ما صَدَّقه العمل، فَمَنْ آمن بالقرآن حقاً تلاه حق تلاوته.

أمَّا مَنْ فقد الإيمان بالقرآن، فَحَظُّهُ ما أشار إليه قولُه تعالى: ï´؟ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ ï´¾ [النحل: 105]، فيتعين على المسلمين توقيرُ هذا الكتاب والقيام بإجلاله وتعظيمه تحقيقاً للإيمان بالقرآن العظيم، وتنفيذاً للنصحية لكتابه تعالى.

وبناءً على أنَّ الإيمان هو ما وقَرَ في القلب وصدَّقه العمل، فإنَّ الإيمان بالقرآن حقَّ الإيمان يعني: أن نؤمن به وبكلِّ ما جاء فيه إيماناً لا يتطرَّق إليه أدنى شك، ثم نُتْبع هذا الإيمان بالعمل بما جاء فيه، فيُرى أثر هذا القرآن بمبادئه وتعاليمه في الفرد المسلم وفي الجماعة المسلمة، وبهذا نكون قد حقَّقْنا الإيمان بالقرآن، وقمنا بواجب الإيمان به، وفي الوقت ذاته تأسَّينا بنبيِّنا صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان خُلُقُه القرآن؛ أي: عَمَلاً به، وتطبيقاً لما ورد فيه.

عباد الله.. وأساس حقوق هذا الكتاب العظيم هو صونه والعناية به، وتقديره والاهتمام به، ولذلك جاءت الوصية به من النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: فعن طلحةَ قال: سأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أبي أوفى: أَوْصَى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال: لا، فَقُلْتُ: كُتِبَ على النَّاس الوَصِيَّةُ، أُمِرُوا بِهَا ولَمْ يُوصِ؟ قال: أَوْصَى بِكِتَابِ الله. رواه البخاري.

قال ابن حجر - رحمه الله -: «قال الكرماني: المنفي: الوصية بالمال أو الإمامة. والمثبت: الوصية بكتاب الله؛ أي: بما في كتاب الله أن يُعمل به». وقد صحح ابنُ حجر كلامَ الكرماني هذا واعتمده.

ولعل النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم اقتصر على الوصية بكتاب الله؛ لكونه أعظم وأهم؛ ولأن فيه تبيانَ كُلِّ شيء، إما بطريق النص، وإما بطريق الاستنباط، فإذا اتبع الناس ما في الكتاب عملوا بكل ما أمرهم النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم به، لقوله تعالى: ï´؟ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ï´¾ [الحشر: 7] الآية.

والمراد بالوصية بكتاب الله، حفظه حسّاً ومعنًى، فيكرم ويصان، ولا يسافر به إلى أرض العدو، ويتبع ما فيه، فيعمل بأوامره، ويجتنب نواهيه، ويداوم على تلاوته، وتعلمه، وتعليمه ونحو ذلك.

وعلى هذا فليس صون الكتاب مجرد حفظ المصحف في الخزائن والرفوف أو جعله في قلادة من ذهب على الصدور، أو تعليق آيات منه على الجدران، بل إن المقصود من الصون أبعد من هذه المظاهر، وهو صونه في الصدور وفي السطور بشكل مطابق لما أُنزل عليه، وإدراك المعنى المقصود بعيداً عن الإفراط والتفريط، أو الابتداع أو الاستهزاء والسخرية.

وتقدير الكتاب واحترامه لا يقف عند مجرد تقبيله ووضعه في المكان اللائق به، بل إن احترامه يمتد إلى الخشوع عند تلاوته والاستماع إليها، وتنفيذ ما جاء فيه من أوامر، والاتعاظ بزواجره، والانتهاء عن نواهيه، قال تعالى: ï´؟ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ï´¾ [الحديد: 16].

الخطبة الثانية

الحمد لله ... أيها المسلمون.. جاء الأمر الإلهي بتلاوة القرآن الكريم في آيات متعددة، منها قوله تعالى: ï´؟ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ï´¾ [الكهف: 27]. ولئن كان ظاهر الخطاب في هذه الآية موجهاً إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فإنه في الوقت نفسه أمر لأتباعه، يدل عليه قوله تعالى: ï´؟ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ï´¾ [المزمل: 20].

وقد اقترن الأمر بتلاوة القرآن مع الأمر بعبادة الله تعالى، وعُدَّت تلاوة القرآن جزءاً من مناسك العبادة، وأهمها الصلاة، وتوضيح ذلك في قوله تعالى: ï´؟ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ ï´¾ [النمل: 91، 92].

وقد أوجب الله تعالى تلاوة ما تيسر من القرآن في حالة المرض وحالة الصحة والعافية، وفي حالة العمل والسعي إلى طلب الرزق فضلاً عن أوقات الفراغ، وكذلك في حالة الجهاد في سبيل الله فضلاً عن حالة السِّلم والاطمئنان، قال تعالى: ï´؟ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ï´¾ [المزمل: 20].

ومع ما تقدم فَإِنَّ مُجَرَّدَ تلاوة القرآن ليست مدعاةَ ثناء، بل ربما كان الأمر على العكس من ذلك؛ لأن معظم الآيات التي وُجِّهَتْ إلى بني إسرائيل وعاتبهم الله فيها وأدانهم بها كانت مرتبطةً بتلاوتهم الكتاب؛ لأنهم أقاموا حروفه وأضاعوا حدوده.

قال الله تعالى - منكراً عليهم: ï´؟ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ï´¾ [البقرة: 44]. ï´؟ وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ï´¾ [البقرة: 113] فالتلاوة وحدها لا تكفي.

وَوَصَفَ اللهُ عزّ وجل بعضَ بني إسرائيل بالأُميَّة؛ لأنهم كانوا لا يعرفون مِنَ الكتاب إلاَّ قراءته، دون أداء ما تقتضيه القراءة منهم، قال تعالى: ï´؟ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ ï´¾ [البقرة: 78]. فهم لا يعلمون الكتابَ إِلاَّ ما يقرؤون قراءةً عاريةً عن معرفة المعنى وتدبُّرِه.

على حين أنه عزّ وجل امتدح فريقاً آخر منهم؛ لأنهم يتلون الكتاب حقَّ التِّلاوة، فقال تعالى: ï´؟ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ï´¾ [البقرة: 121]. وحَقُّ التِّلاوَةِ: هو تفهُّم القرآن العظيم وتدبُّره والتأثُّر به واتِّباعه وإقامته والاعتصام به والثَّبات عليه، وأخذه بقوة وتبليغه للناس وتبيينه لهم والتَّأدب معه والعمل به.

أم علي طويلبة علم
2018-10-28, 10:25 PM
لو أبصر الناس جمال القرآن وعظمته لم تنشغل أبصارهم في النظر إلى غيره!

[فايز السريح]

ابو وليد البحيرى
2018-10-31, 04:55 PM
حقوق القرآن على المسلمين
د. محمود بن أحمد الدوسري




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمَّان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، إن حقوق القرآن على المسلمين كثيرة ومتنوعة، وسيكون الحديث عن أهم هذه الحقوق، ومن ذلك:
الحق الأول: حفظُه في الصُّدور:
امتدح الله تعالى حُفَّاظ كتابِه ووصفهم بأنهم من أهل العلم؛ لأنهم يحملون القرآن في صدورهم فقال عزّ وجل: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [العنكبوت: 49].

وإِنَّ مَنْ لم يحفظْ القرآن العظيم كاملاً، فَلْيحفظْ ما تيسر منه، فقد وَجَّهَنا النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إلى حفظ آياتٍ مُعَيَّنة، كقوله: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مَنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهفِ، عُصِمَ مِنَ الدَّجال» رواه مسلم.

ثم إن على مَنْ حَفِظَ القرآنَ كلَّه أو شيئاً منه أن يتعهدَّه بالقراءة والتِّلاوة حتى لا ينساه، فقد أرشدنا النبيُّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم إلى ذلك بقوله المبارك: «إنَّما مَثَلُ صَاحِب القُرآن كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ المُعَقَّلةِ: إِنْ عَاهَدَ عَلَيْه أَمْسَكَهَا، وإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ» رواه البخاري.

وزاد مسلم: «وَإِذَا قَامَ صَاحِبُ القُرآنِ فَقَرأَهُ بِاللَّيلِ والنَّهارِ ذَكَرَهُ، وإذا لَمْ يَقُمْ بِهِ نَسِيَهُ». وقال أيضاً: «تَعَاهَدُوا هذا القُرآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإِبِلِ في عُقُلِهَا» رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

وقد نهانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن نسيان القرآن، ونهى كذلك عن قول الرجل نَسِيتُه، فقال: «بِئْسَ مَا لأِحَدِهِمْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيةَ كَيتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ، اسْتذْكِرُوا القُرآنَ، فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّياً مِنْ صُدورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ بِعُقُلِهَا» رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

وسبب الذم ما فيه مِنَ الإِشعار بعدم الاعتناء بالقرآن، إذْ لا يقع النِّسيان إلاَّ بترك التعاهد وكثرة الغفلة، فلو تعاهده بتلاوته والقيام به في الصلاة لدام حِفظُه وتذكُّرُه، فإذا قال الإنسان: نَسيت الآية الفلانية، فكأنما شهد على نفسه بالتَّفريط.

الحق الثاني: تدبُّرُ آياته:
ليست العبرة في التلاوة أن يُقرأ القرآن مرات متعددة دون أن يصاحبها إدراك لما يُقرأ، والترتيل والتدبر مع قلة مقدار القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها، لأن المقصود من القراءة الفهم والتدبر والعمل.

والإسراع في القراءة يدل على عدم الوقوف على المعنى بصورة كاملة، وبالشكل المطلوب، ومن أجل ذلك كانت القراءة بتمهل خطوة نحو التدبر.

وقد ندَّدَ الله تعالى بصورة الاستفهام بمن لا يفتح عقلَه وقلبَه لتفهُّم القرآن من أجل إدراك ما فيه من حكم وأسرار ومواعظ وتشريعات، فقال تعالى: ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].

وإن الذي يقرأ القرآن بلا فهم كالمذياع يرتل قرآناً دون أن يفهم مِمَّا رتَّلَ شيئاً، وهو مخالف لهدف القرآن العظيم، فآيات كثيرة تشير إلى أن القرآن يُتلى لعلَّنا نتفكر، لعلَّنا نتدبر، لعلَّنا نعقل، لعلَّنا نُبصر. كما قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 242]، وقال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24].

أمَّا الذي تسمع أذنه ولا يسمع عقله، أو تنظر عينه ولا يبصر قلبه، أو يتلو لسانه ولا يعي فكره فهو أصم أبكم أعمى. قال تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لاَ يُبْصِرُونَ ﴾ [يونس: 43]. وفي الآية إشارة واضحة إلى أن سماع القرآن أو تلاوته ليس هدفاً بذاته بل هو وسيلة لهدف، فقد كان المشركون يستمعون إلى القرآن ثم ينصرفون لا يحرك فيهم ساكناً تماماً كما يفعل بعض المسلمين اليوم، يستمعون إلى القرآن الكريم كل يوم من المذياع ثم ينصرفون لا يحرك فيهم ساكناً إذ يبقى المُطَفِّفُ مطففاً، ويبقى الكاذب كاذباً، ويستمر المُرابي بمُراباته، ويواصل الفاسق فسوقه! فلقد أصبح سماع القرآن عادة. ولقد ذمَّ الله هؤلاء المشركين مع استماعهم للقرآن لأنهم لا يعقلون، ولأنهم لا يبصرون، ولأنهم لا يغيرون أهواءهم وأخطاءهم.

وفي قوله تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146]. قال سفيان بن عيينة: أَنْزِعُ عنهم فهم القرآن.

الحق الثالث: تعلُّمه وتعليمُه:
لقد حثَّ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أصحابه الكرام وأُمَّته من بعده على تعلم القرآن وتعليمه بقوله: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَهُ» رواه البخاري.

وقد بَعَثَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أصحابه إلى الأمصار المختلفة معلِّمين للقرآن الكريم: فبعث مصعبَ بن عمير وابنَ أم مكتوم في بيعة العقبة الثانية إلى المدينة؛ ليعلِّما الأنصار القرآن ويفقهانهم في الدِّين، فنزل مصعب على أسعد بن زرارة، وكان يُسمَّى المُقرئ والقَارئ: يقول البراء بن عازب - رضي الله عنهما: «أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ» رواه البخاري. وبعث صلّى الله عليه وسلّم معاذَ بنَ جبل رضي الله عنه قاضياً إلى اليمن يعلِّم الناس القرآن وشرائع الإسلام ويقضي بينهم.

واسْتَعْمَلَ صلّى الله عليه وسلّم عمرو بن حزم الخزرجي النَّجَاري - رضي الله عنه - على نجران ليفقههم في الدين ويعلمهم القرآن، ويأخذ الصَّدقات منهم.

وكان أبو الدرداء - رضي الله عنه - إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كل عشرة عريفاً، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك.

وكان هذا التَّعليم - من النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه الكرام - رضي الله عنهم - مجَّانياً من غير مقابل، ولعل مَدرسة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هي المدرسة الأولى التي رَفَعَتْ شِعارَ مجَّانية التعليم، وشعار إلزامية التعليم والتعلم. ولم يبقَ الأمرُ شِعاراً بل نزل إلى ساحة التطبيق والتنفيذ.

قال النووي - رحمه الله: «تعليم المتعلِّمين فرض كفاية، فإن لم يكن مَنْ يصلح له إلاَّ واحد تَعَيَّنَ عليه، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم: فإن امتنعوا كُلُّهم أَثِمُوا، وإن قام به بعضُهم سقط الحرج عن الباقين، وإن طُلِبَ من أحدهم وامتنع فأَظْهَرُ الوجهين، أنه لا يأثم لكن يُكْرَهُ له ذلك إِنْ لم يكن له عذر».

ومع ترغيبه صلّى الله عليه وسلّم أصحابَه على تعليم القرآن، كان يحثُّهم على الإخلاص في هذا التَّعليم: فعن سهل بن سعد السَّاعدي - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوماً، ونحن نقترئ، فقال: «الحمدُ لله، كتابُ الله واحدٌ، وفيكم الأحْمَرُ وفيكم الأَبْيَضُ وفيكم الأَسْوَدُ، اقْرَؤوهُ قَبْلَ أَنْ يَقْرأَهُ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كما يَقُومُ السَّهْمُ يَتَعَجَّلُ أَجْرَهُ ولا يَتَأَجَّلُهُ» حسن صحيح - رواه أبو داود.

فينبغي أن يحرص المسلمون على طلب الثواب الأخروي في تعلمهم وتعليمهم لكتاب الله تعالى ويجتهدوا في ذلك. ومن غير اللائق بمسلم نال أعلى الشهادات العلمية والخبرات العملية، ثم إذا سمعته يقرأ القرآن تعجبت من حاله وأمره، فلا يقيم حروفه وكلماته، وليس حاله كحال من يعذر لضعف تعليمه.

وإن من وسائل تعلمه وإتقانه: قراءته على أحد المقرئين، وكثرة الاستماع إليه، واستشعار عظمته وأنه كلام رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله ... من أعظم حقوق القرآن على المسلمين:
الحق الرابع: الدَّعوةُ إليه وتبليغُه للناس:
إن الواجب الشَّرعي يُوجِبُ على المسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها، العرب منهم والعجم، تبليغ القرآن لغيرهم، والدَّعوة إليه، وإبراز محاسنه، وأنه حُجَّة الله على الخلق، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44].

وأَمْرُ الله لنبيِّه محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم هو أمر لأمته، وعليهم إكمال تنفيذ هذا التبليغ، كُلٌّ بقدر استطاعته، ولا شك أن العلماء تقع عليهم أعظم مسؤولية، بحكم تخصُّصهم بعلوم الشريعة، وقدرتهم على شرح أحكام القرآن وبيان معانيه للناس.

وقد أوحى الله تعالى القرآن لنبيه صلّى الله عليه وسلّم لينذر قومه ابتداءً ويبلغه للناس جميعاً، كما ذَكَرَ اللهُ تعالى: ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾ [الأنعام: 19].

قال الربيع بن أنس: حَقٌّ على مَن اتبع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أن يدعو كالذي دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن ينذر كالذي أنذر.

والمسلمون كلُّهم أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ويجب عليهم تبليغ رسالته، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]، فلا يكفي أن يكون المسلم صالحاً في نفسه، بل عليه بذل الجهد لإصلاح الآخرين وهدايتهم.

مسؤوليَّة العرب أكبر:
إنَّ عَرَبَ المسلمين اليوم عليهم مسؤوليَّة خاصة تجاه القرآن المجيد؛ لأنه نزل بلغتهم - وكفى بذلك شرفاً وفخراً لهم - فهم أعرف الناس بأسراره وفحواه، فوجب عليهم عرضه على العالمين، وشرح مزاياه، ومراد الله فيه.

والعامل يسمو بسموِّ العمل المناط به، وإن شرف العرب، وعلو شأنهم، وأهمية مركزهم، وما خصَّهم الله به من المزايا، جعلهم مؤهلين لنشر القرآن العظيم وتبليغه للناس، ولقد كرَّمهم الله تعالى باختيار أفضل الرسل منهم، كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِين َ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

فمتى ينتبه العرب من غفوتهم؟ فإن الأمر جِدُّ خطير، والمسؤولية عظيمة، والأمانة ثقيلة، وإنَّ واجب الدَّعوة إلى القرآن في هذا العصر، يُوجِبُ على العرب خصوصاً والمسلمين عموماً، مضاعفة الجهد؛ لمواجهة طغيان المادة، والصِّراعات المذهبية، والغزو الفكري.

وإنَّ التَّصدي لهذا الزحف المخيف يتطلَّب أن يشعر كُلُّ فرد، أنه على ثَغْرٍ من ثغور الإسلام، ومن هذا الشُّعور فإنه يندفع لاستعمال كل الطرق والوسائل المتاحة لرفع راية القرآن العظيم، وتبليغه للناس أجمعين.

ابو وليد البحيرى
2018-11-05, 04:37 AM
تدبر القرآن الكريم

. د. محمد أكجيم

تمهيد في: «فضل القرآن وعظم المنة به على الإنسان»:
إن الكتاب الذي لا ريب فيه، ولا نقص يطرأ عليه ويعتريه، هو القرآن العظيم كتاب الله تعالى، روح الأمة وحياتها، وعزها وهدايتها، ونبراس حضارتها، أحسن الحديث وأطيبه، وأعظمه وأحكمه.
لم يترك صغيرة ولا كبيرة في صلاح الفرد والمجتمع إلا دل عليها، وأرشد الناس إليها، يقول تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]، لا يعلو على أفهام العامة، ولا يقصر عن مطالب الخاصة، يخاطب العقل ويناجي العاطفة، الأمة بدونه أمة هامدة، لا وزن لها ولا حياة ولا كرامة.
أعظم منن الرحمن، وأكبر عطاءاته لبني الإنسان، يقول تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّـمُهُم ُ الْكِتَابَ وَالْـحِكْمَةَ وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [آل عمران: 164]، وقال سبحانه: {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: ١٥].
لم يأذن الله بالفرح بشيء مثلما أذن بالفرح بكتابه حيث قال: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
إنّه كلامُ الله رب العالمين، أحسن الكتب نظامًا، وأبلغها بيانًا، وأفصحها كلامًا، وأبينها حلالًا وحرامًا، تحدى العظماء وأفحم البلغاء، وأسكت الشعراء، {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42]، أنزله الله رحمةً للعالمين، ومحجةً للسالكين، وحجةً على الخلق أجمعين، ومعجزةً باقية لسيد الأولين والآخرين.
أعز الله مكانه، ورفع سلطانه، من رفعه؛ رفعه الله، ومن وضعه؛ وضعه الله، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين»[1].
سماه الله روحًا ورحمة وشفاء وهدى ونورًا وفرقانًا وبرهانًا.
وَكَلَ الله إلى كل أمة حفظ كتابها، أما القرآن العظيم فتكفل الله بحفظه، حيث قال سبحانه: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَـحَافِظُونَ} [الحجر: ٩].
تحدى الجن والإنس أن يأتوا بمثله أو بسورة أو بآية من آياته فقال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ وَالْـجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨].
شد أسماع المشركين إليه، حتى لم يملك زعيمهم أن أعلن إعجابه به قائلًا: «والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة[2]، وإن أسفله لمغدق[3]، وإن أعلاه لمثمر، ما يقول هذا بشر»!![4].
عجب الجن لسماعه {فَقَالُوا إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا 1 يَهْدِي إلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: ١، ٢].
تدبر القرآن الكريم، الضرورة الملحة والمستعجلة لعودة الأمة إلى عزها ومجدها:
ضمن الله ورسوله الهداية والسعادة، والنجاة من الضلالة والشقاوة، لمن تمسك بالقرآن والسنة فقال تعالى: {فَإمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ ولا يَشْقَى} [طه: 123]، وقال نبينا صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي: كتاب الله وسنتي»[5].
ومن ثم فلا سبيل إلى الهداية والسعادة بالقرآن الكريم إلا بفهمه، ولا سبيل إلى فهمه إلا بتلاوته وتدبره، يقول الله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: 82].
تدبر القرآن الكريم غاية من غايات إنزاله التي قال الله عنها: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29].
مدح الله تعالى المتدبرين لكتابه، فقال: {وَالَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: 73]، وذم من لا يتدبرونه فقال سبحانه: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
المقصود بتدبر القرآن الكريم:
تدبر القرآن الكريم: هو التأمل لآياته، والتفاعل معها بقصد العظة والادكار، والطاعة والامتثال.
تدبر القرآن الكريم: أن يقرأ المسلم الآية من كتاب الله، فينظر إلى موقعها من نفسه، وآثارها على عمله وقلبه[6].
هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تلاوة القرآن الكريم وتدبره:
إن من يتدبر القرآن الكريم حق تدبره، لا تكاد آية منه تسلمه إلى أخرى، من عظيم ما يستشعر فيها من عظمة الله، وعظيم ما يبصر في نفسه من التقصير في حق الله.
فلا عجب أن قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بآيةٍ واحدة يرددها، يردد قول الله تعالى: {إن تُعَذِّبْهُمْ فَإنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْـحَكِيمُ} [المائدة: 118].
وعلى هذا النهج القويم في تلاوة القرآن الكريم وتدبره ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، إذ خاطبهم يومًا فقال: «ما لي أراكم سكوتًا؟ للجن كانوا أحسن منكم ردًا[7]. ما قرأت عليهم من مرة: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13]، إلا قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد.
سبب قلة انتفاعنا اليوم بالقرآن الكريم:
إنه ما قل انتفاعنا اليوم بالقرآن الكريم إلا لأننا نمر على الآيات تلو الآيات، والعظات تلو العظات، ولا نفهم معانيها، ولا ندرك حقائقها، وكأن أمرها لا يعنينا، وكأن خطابها لا يناجينا.
نمر على الآيات التي طالما بكى منها الباكون، وخشع لها الخاشعون، والتي لو أنزلت على جبل {لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21]. فلا ترق قلوبنا، ولا تخشع نفوسنا، ولا تدمع عيوننا.
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْـحَقِّ...} [الحديد: 16].
بعض ثمار تدبر القرآن الكريم وفوائده:
من تدبر القرآن الكريم حق تدبره: اقشعر جلده من خشية الله، خوفًا من سخطه وعقابه، ثم لان واستكان لذكر الله، طمعًا في مغفرته وثوابه {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْـحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: 23].
من تدبر القرآن الكريم حق تدبره: ازداد إيمانه، وقوي توكله على الله ويقينه {إنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: ٢].
من تدبر القرآن الكريم حق تدبره: حيي قلبه واستنار فؤاده، قال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} [الأنعام: 122].
من تدبر القرآن الكريم حق تدبره: طاب قلبه وقالبه، واستقامت سريرته وعلانيته، ففي الحديث: «مثل الذي يقرأ القرآن: كالأترجة طعمها طيب، وريحها طيب»[8].
من تدبر القرآن الكريم حق تدبره: بكى من خشية الله، وخر ساجدًا لعظمة الله.
{وَإذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْـحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83].
{قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا 107 وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَـمَفْعُولًا 108 وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 1٠7-1٠9].
ألا إنه لا سعادة لنا إلا بالقرآن، ولا فلاح لنا إلا بالقرآن، ولا عز لنا إلا بالقرآن، ولا فوز في الدنيا والآخرة إلا بالعودة إلى القرآن.
يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا صلى الله عليه وسلم174 فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُم ْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} [النساء: 1٧4-1٧5].
فلنجتهد في تلاوة القرآن الكريم وتدبره، ولنجاهد النفس على امتثال أمره واجتناب نهيه، فذلكم الفلاح والفوز والنجاح.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، وسائقنا وقائدنا ودليلنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم.
اللهم ذكرنا من القرآن ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يرضيك عنا.
اللهم اجعلنا ممن يحل حلاله ويحرم حرامه ويعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه.





[1] صحيح مسلم رقم 817.
[2] الطلاوة: الرونق والحسن الفائق.
[3] المغدق: كثير الماء.
[4] الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض (المتوفى: 544هـ) ج/506-507. دار الفيحاء - عمان، الطبعة الثانية 1407هـ . 
[5] موطأ الإمام مالك مرسلًا، رواية أبي مصعب الزهري، كتاب القدر، باب النهي عن القول بالقدر 2/899 رقم 03. والمستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري، كتاب العلم 1/172 رقم 319.
[6] مجالس القرآن، فريد الأنصاري. ص7، دار السلام، الطبعة الأولى 1430هـ/ 2009م.
[7] سنن الترمذي بنحوه، رقم 3291 وحسنه الألباني. 
[8] صحيح البخاري، رقم 5020.

أم علي طويلبة علم
2018-11-16, 10:55 PM
يقول جلست أحفظ سورة المطففين أكثر من ثلاث ساعات ولما اشتكيت ذلك.

قال لي أحدهم:
يا سعدك تجلس مع القرآن أكثر منا!!!

"ولربما أنت في اصطفاء ولكنك لم تلحظ".


منفول

حسن المطروشى الاثرى
2018-11-17, 10:52 AM
جزاكم الله خيرا

رضا الحملاوي
2018-11-17, 02:37 PM
حفظ أية واحدة فقط قبل أو بعد أداء الصلوات المفروضة
يؤدي إلى حفظ القرآن الكريم كاملاً
في ثلاث سنوات، وستة أشهر، وسبعة أيام.
منقول

أم علي طويلبة علم
2018-11-20, 08:53 PM
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:



ومن أكبر الأسباب لاستقامة القلب وسلامته كثرة قراءة القرآن فإنه يلين القلوب ويزيدها ثباتاً، خصوصاً إذا قرأه الإنسان بتدبر وقرأه وهو يشعر أنه يقرأ كلام الله عز وجل وقرأه وهو يصدق بأخباره وقرأه وهو يلتزم بفعل أوامره وترك نواهيه فإنه يرجى أن يحصل على خيرٍ كثير.





[فتاوى نور على الدرب]

أم علي طويلبة علم
2018-11-26, 10:53 PM
‏ما أهنأ حفظة القرآن يقضون نهارهم في مراجعة محفوظهم وليلهم بالقراءة منهم في قيامهم.
‏إن لم يكونوا هؤلاء صحب القرآن فمن إذن؟‏
"فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون".
‏يطيب يومهم بالقرآن وتسكن أرواحهم وتطمئن قلوبهم،
ثم في الآخرة" فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".
‏اللهم اجعلنا من أهل القرآن.

[بارعة اليحيى]

أم علي طويلبة علم
2018-11-27, 09:33 AM
‏القرآنُ منهاجُ سيرٍ لجميع ميادين الحياة :
السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ،
وهو المرجعُ للإنسان في جميع ما يعتريه .

د. ماهر الفحل

حسن المطروشى الاثرى
2018-11-27, 06:55 PM
كيف أنت مع القرآن الكريم؟
• « ليتني كنت اقتصرت على القرآن »
- سفيان الثوري .

• « وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن »
- ابن تيمية .

• « والله لا تبلغوا ذروة هذا الأمر حتى لا يكون شيء أحب إليكم من الله ، فمَن أحب القرآن؛ فقد أحب الله ، افقهوا ما يقال لكم »
- سفيان بن عيينة .

• « إني لأقرأ القرآن فأنظر فيه آية آية ؛ فيحار عقلي فيها ، وأعجب من حفاظ القرآن كيف يُهْنيهم النوم ويسيغهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتكلمون كلام الرحمن ؟
أما لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه وتلذذوا به ، واسْتَحْلُوا المناجاة به ؛ لذهب عنهم النوم فرحًا بما رزقوا ووفقوا »
- أحمد بن أبي الحواري .

• « اقرءوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة ؛ فإن الله لا يعذب قلبا هو وعاء للقرآن »
- أبو أمامة الباهلي .."

• « إذا أردتم العلم ؛ فانثروا القرآن ، فإن فيه علم الأولين والآخرين »
- ابن مسعود .."

• « إن البيت الذى يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين ، وإن البيت الذي لايتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين »
- أبو هريرة .."

• « ومما رفعني الله به القرآن »
- الأعمش .

• « والله ما دون القرآن من غنى ولا بعده من فاقة - فقر - »
- الحسن البصري .."

• « أنزل القرآن عليهم ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملا إن أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به »
- ابن مسعود .."

• « استفرغَ علمي القرآن »
- مجاهد بن جبر .

• قال أحد السلف : « كلما زاد حزبي من القرآن، زادت البركة في وقتي ، ولا زلت أزيد حتى بلغ حزبي عشرة أجزاء »

• قال إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي موصيا الضياء المقدسي لما أراد الرحلة للعلم : « أكثر من قراءة القرآن ولا تتركه ؛ فإنه يتيسر لك الذي تطلبه على قدر ما تقرأ »
قال الضياء : « فرأيت ذلك وجربته كثيراً ، فكنت إذا قرأت كثيراً تيسر لي من سماع الحديث وكتابته الكثير ، وإذا لم أقرأ لم يتيسر لي »

• « إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار »
- الحسن بن علي .."

• « طلبت إعراب القرآن خمسة وأربعين سنة أو أربعين سنة »
- الحر النحوي .

• « لو طهرت القلوب ؛ لم تشبع من قراءة القرآن »
- عثمان بن عفان .."

• « لا تهذوا القرآن هذَّ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل ؛ قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة »
- ابن مسعود .."

• « إن هذا القرآن مأدبة الله، فمن استطاع أن يتعلم منه شيئاً فليفعل، فإن أصفر البيوت من الخير : الذي ليس فيه من كتاب الله شيء؛ وأن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء : كخراب البيت الذي لا عامر له؛ وأن الشيطان يخرج من البيت الذي تسمع فيه سورة البقرة »
- ابن مسعود .."

• قال رجل لأبي بن كعب: « أوصني »؛ قال: « اتخذ كتاب الله إماماً، وارض به قاضياً وحكماً؛ فانه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيع، مطاع، وشاهد لا يتهم، فيه ذكركم، وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم، وخبر ما بعدكم »

• « كان يقال: مثل الذي يطلب علم الأحاديث، ويترك القرآن: مثل رجل أخذ باب زريبة فيها غنم، فمرت به ظباء، فاتبعها يطلبها، فلم يدركها؛ فرجع، فوجد غنمه قد خرجت؛ فلا هذه أدرك، ولا هذه أدرك »
- عون بن عبد الله بن عتبة .."

• « القرآن بستان العارفين، فأينما حلوا منه حلوا في نزهة »
- محمد بن واسع .."

• « عليكم بالقرآن، فإنه فهم العقل، ونور الحكمة، وينابيع العلم؛ وأحدث الكتب عهداً بالرحمن »
- كعب الأحبار .."

• « ما تلذذ المتلذذون، ولا استطارت قلوبهم بشيء: كحسن الصوت بالقرآن؛ وكل قلب لا يحب على حسن الصوت بالقرآن، فهو قلب ميت »
- فضل الرقاشي .."

• « {وَالسَّابِقُون السَّابِقُونَ} [الواقعة:10] هم أهل القرآن »
- كعب الأحبار .."

• « من تبع القرآن: قاده القرآن، حتى يحل به في الجنة؛ ومن ترك القرآن: لم يدعه القرآن، يتبعه، حتى يقذفه في النار »
- ميمون بن مهران .."

• « ابن آدم، إنك إن قرأت هذا القرآن، ثم آمنت به : ليطولن في الدنيا حزنك، وليشتدن في الدنيا خوفك، وليكثرن في الدنيا بكاؤك »
- الحسن البصري .."

• « ما الأنس بالله؟ » قال : « العلم والقرآن »
- ذو النون .."

• « تفقدوا الحلاوة في ثلاث: في الصلاة، وفي القرآن، وفي الذكر؛ فإن وجدتموها، فامضوا و ابشروا، فإن لم تجدوها، فاعلم أن بابك مغلق »
- الحسن البصري .."

• « اعمروا به قلوبكم واعمروا به بيوتكم - يعني القرآن - »
- قتادة .."

• « إن هذه القلوب أوعية ؛ فاشغلوها بالقرآن ، ولاتشغلوها بغيره »
- ابن مسعود .."

• « عليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تُسألون وبه تجزون وكفى به واعظاً لمن عقل »
- عبد الله بن عمر .."

• « إذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله فانظر محبة القرآن من قلبك »
- ابن القيم .."
منقول
اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.

أم علي طويلبة علم
2018-11-27, 10:12 PM
‏كل فقد يندمل إلا فقد القرآن!

[فايز السريح]

ابو وليد البحيرى
2018-12-02, 05:44 PM
النيّات في قراءة القرآن الكريم(1)



الشيخ.محمد الحمود النجدي

تعظيم النيات واستحضارها تجارة قلوب الصالحين من الصحابة والتابعين والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة

عدد أحرف القرآن الكريم (340740) حرفاً وكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها، فإذا ختمت ختمة واحدة سوف تحصل على أجر يساوي : 340740× 10= 3407400 ثلاث ملايين وأربع مائة وسبعة آلاف وأربع مائة حسنة



رمضان هو شهر القرآن، كما قال الله تعالى: {شهرُ رمضانَ الذي أُنزلَ فيه القرآنُ هدىً للناسِ وبيناتٍ من الهُدى والفُرقان} (البقرة: 185)، وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}(القدر: 1)، وفضائل القرآن الكريم عديدة ومتنوعة، ومزاياه كثيرة، وعطاياه واسعة مجيدة؛ فما نيتك أيها المسلم وأنت تقرأ القرآن العظيم؟! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمالُ بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى « رواه البخاري ومسلم.

واعلم أن تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين، فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية؛ فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل» .

وهذه بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:

رجاء الشفاعة


- بقراءة القرآن الكريم، وتلاوته وتدبره، نرجو الله -تعالى- أن يُشفّعه فينا وفي أهلينا ، يوم لا يشفع أحدٌ عنده إلا بإذنه ، كما قال سبحانه: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}(البقرة: 254)، والقرآن له شفاعة لأصحابه يوم القيامة، كما صحَّت الأحاديث الكثيرة في ذلك ، منها:

- حديث أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غَمامتان - أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان - من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإنَّ أخذها بركة وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة». رواه مسلم .

- وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : «القرآن شافعٌ مُشفَّع، وماحلٌ مصدَّق ، مَنْ جعله أمامه، قاده إلى الجنة، ومَن جعله خلف ظهره، ساقه إلى النار». رواه ابن حبان في الموارد (ص 443) والطبراني (10/244) وغيرهما .

- وإذا اجتمع القرآن والصيام، كانت الشفاعة للعبد أعظم، كما صح في الحديث: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفّعني فيه، ويقول القرآنُ-: منعتُه النومَ بالليل فشفّعني فيه، قال: فيشفعان، الحديث أخرجه أحمد -رحمه الله- (2 /174) ومحمد بن نصر المروزي في (قيام الليل) ( ص25) ، والحاكم (1 /554) .

زيادة الحسنات وتكثيرها


- ننوي بقراءة القرآن زيادة الحسنات وتكثيرها، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنةٌ ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقولُ الم حرف، ولكن ألفٌ حرف ، ولامٌ حرف ، وميمٌ حرف». رواه الترمذي .

فإذا كان عدد أحرف القرآن الكريم (340740) حرفاً تقريبا؛ فسوف تحصل على أجر عظيم إذا أنت ختمتَ القرآن مرة واحدة، فكل حرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذا يعنى أنك سوف تحصل على أجر يساوي: 340740× 10= 3407400 ثلاث ملايين وأربع مائة وسبعة آلاف وأربع مائة حسنة، وهذا لختمة واحدة فقط فكيف بك إذا ختمته في كل شهر مرة، وهذا يعنى أنك ستختم القرآن اثنتا عشرة مرة في العام، وأنك سوف تنال من الأجر بإذن الله 3407400×12= 40888800 أربعين مليونا وثماني مائة وثمانية وثمانين ألفاً وثماني مائة حسنة .

وبعد أن علمت هذا الأجر العظيم، فيا ترى كم سيكون نصيبك من القرآن وأجوره المباركة العظيمة؟ وكم ستعطيه من وقتك ؟!، وكما قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر :30 ).

احتساب النجاة من النار


- نحتسب في قراءته النَّجاة من النار، ومن زُحزح عن النار، وأُدخل الجنة فقد فاز، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو جُمع القرآن في إهَابٍ ، لم يَحرقه الله بالنار». رواه الدارمي في سننه (2/522) وصححه الألباني .

قال ابن الجوزي رحمه الله : فقوله: «لو جُعل القرآن في إهاب ما احترق» المعنى: أنَّ حافظ القرآن ممتنع من النار غريب الحديث (1/48)، وقال ابن الأثير -رحمه الله-: ومنه الحديث: «لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقى في النار ما احترق». قيل : كان هذا معجزة للقرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما تكون الآيات في عصور الأنبياء .

وقيل المعنى: مَن علّمه الله القرآن لم تَحرقه نار الآخرة ، فجعل جسم حافظ القرآن كالإهاب له . النهاية في غريب الأثر (1/83) .

احتساب ارتقاء الدرجات


- نحتسب بقراءة القرآن أيضًا ارتقاء الدرجات،؛ فننال به أرفعها في الجنات، وأكرم المنازل عند الرب الكريم

- لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يُقال لقارئ القرآن: اقرأ وارقَ ، ورتِّل كما كنتَ تُرتّل في الدنيا، فإنَّ منزلتك عند آخرِ آيةٍ تقرؤها». رواه أبو داود والترمذي، قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي -رحمه الله-: يُقَالُ أَيْ : عند دُخولِ الْجَنَّة لِصَاحِبِ الْقُرْآن أَي : مَنْ يُلَازمُه بِالتِّلَاوَةِ والْعمل، لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ ولَا يَعملُ بِهِ.


«اِقْرَأْ وَارْتَقِ» أَي: إِلَى درجات الجنَّة، أَو مَراتِب الْقُرَب، «وَرَتِّلْ» أَيْ: لَا تَسْتَعْجِلْ في قِرَاءَتِك فِي الجَنَّة.

«كَما كُنْت تُرَتِّلُ» أَيْ : في قِرَاءَتِك في الدُّنْيَا، وفيه إشارة إلى أنّ الجزاء على وفق الأعمال، كمًّا وكيفاً.

ويُؤْخَذ مِنْ الحدِيث: «أَنَّهُ لَا يُنَالُ هذَا الثَّواب الْأَعظَم، إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ، وأَتْقَنَ أَداءَهُ وقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ». عون المعبود شرح سنن أبي داود (4/338) بتصرف

- وفي الحديث أيضاً : رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللهَ يَرفع بهذا الكتابِ أقواماً ، ويضع به آخرين». رواه مسلم، ورفعة الدرجات ورفعها، تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة، وحسن الصيت، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة، وقد ورد الحديث كما في صحيح مسلم: عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي وكان عامل عمر رضي الله عنه على مكة، أنه لقيه بعسفان فقال له: من استخلفت؟ فقال: استحلفت ابن أبزى مولى لنا ، فقال عمر رضي الله عنه : استخلفت مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله، عالم بالفرائض، فقال عمر: أما إن نبيكم قد قال: «إن الله يَرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين». وقال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: عند تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : «ومن أبطأ به عمله»، من التبطئة وهما ضد التعجل، والبطء نقيض السرعة ، والمعنى: من أخره عمله عن بلوغ درجة السعادة «لم يسرع به نسبه» أي: لم يقدمه نسبه، يعني لم يجبر نقيصته لكونه نسيباً في قومه؛ إذْ لا يحصل التقرب إلى الله -تعالى- بالنسب، بل بالأعمال الصالحة، قال تعالى: {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم} الحجرات .

3- عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب، يقول لصاحبه: هل تعرفني؟ أنا الذي كنتُ أُسْهرُ ليلك، وأُظمئ هواجرك، وإنَّ كل تاجرٍ من وراء تجارته، وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر، فيُعطى المُلك بيمينه، والخلد بشماله، ويُوضع على رأسه تاجُ الوقار، ويُكسى والداه حُلَّتين لا تقوم لهما الدنيا وما فيها، فيقولان: يا رب، أنى لنا هذا؟ فيقال لهما: بتعليم ولدكما القرآن». رواه الطبراني في الأوسط ، وصححه الألباني في الصحيحة (2829) .

وأما معنى الحديث: فقوله: كالرجل الشاحب، قال السيوطي في شرح ابن ماجة : هو المتغير اللون والجسم، لعارض من العوارض ، كمرض ، أو سفر، ونحوهما، وكأنه يجيء على هذه الهيئة، ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا، أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل القيام بالقرآن، كذلك القرآن لأجله في السعي يوم القيامة، حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة. انتهى .

والمعنى: أنه كما أتعب نفسه بصوم النهار، والهواجر: وهي جمع هاجرة، وهو نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر، عند اشتداد الحر، وقيام الليل، فكَأَنَّ الصيام يتَمَثَّل بِصُورَة قارئه الَّذِي أتعب نَفسه َبالصَّوْم فِي النَّهَار، وبالسهر فِي اللَّيْل.

قال السندي : قوله: «وراء تجارته» أي: قدامه تجارته، كأنه متحفظ بها. انتهى.

فالمعنى أن القرآن يتقدم صاحبه، ويتقدم كل تاجر؛ فقد سبق صاحب القرآن كل من قدّم أي عمل، وقوله: «فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله»، قال البغوي في شرح السنة: وقَوله: «يُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِه»، لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّ شيئًا يُوضَعُ فِي يديه، وإِنَّما أَرَادَ بِهِ : يُجْعَلُ لَه الْمُلْكُ والخُلْدُ، ومَنْ جُعِلَ لَه شَيْءٌ مِلْكًا، فَقَدْ جُعِلَ في يده، ويُقَالُ: هو في يدكَ وكَفِّك، أَيِ: اسْتَوْلَيْتَ عَلَيْهِ. انتهى.

وقوله: «تاج الوقار» في النهاية : التاج ما يُصاغ للملوك من الذهب والجواهر. انتهى. والوقار، أي: الحلم والرزانة. والحلتان: مثنى حُلة، والْحُلَّةُ: إِزَارٌ ورِدَاءٌ، ولَا تُسَمَّى حُلَّةً حتَّى تَكُونَ ثَوْبَيْنِ. وهاتان الحلتان لا تُعدلان بالدنيا وما فيها.


وقوله: «بأخذ ولدكما»، أي: بتعلمه القرآن، أي: بتعليمكما ولدكما القرآن، فهو مصدر مضاف إلى مفعوله، ويحتمل أن تكون: أي بتعليم ولدكما الناسَ القرآن، وتكون مصدرًا مضافا إلى فاعله، ويحتمل أن يكون المعنى: أي: بتعلم ولدكما القرآن ، وهذا يدل على أن تعليم القرآن للناس من أجل العبادات، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «خيركم من تعلم القرآن، وعلّمه». أخرجه البخاري .

أم علي طويلبة علم
2018-12-02, 10:50 PM
جزاكم الله خيرا

ابو وليد البحيرى
2018-12-06, 03:44 PM
آمين وإياكم
بارك الله فيكم ونفع بكم

ابو وليد البحيرى
2018-12-06, 03:57 PM
النيّات في قراءة القرآن الكريم(2)



الشيخ.محمد الحمود النجدي


نحتسب بقراءة القرآن امتثال أمر الله -تعالى- لنا فقد أمرنا سبحانه بقراءة كتابه وتلاوة آياته، وكذلك أمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم وحثنا على ذلك

القرآن كان وسيلة النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والآية الربانية المصاحبة له دوماً والحق المؤيد له بالحجج والبراهين القرآنية في جميع الأحوال.



تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية، فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل» .



ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم :

احتساب الامتثال لأمر الله -تعالى-

نحتسب بقراءة القرآن امتثال أمر الله -تعالى- لنا، فقد أمرنا سبحانه بقراءة كتابه، وتلاوة آياته، وكذلك أمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم وحثنا على ذلك، وتوعد الله --عز وجل-- مَن أعرض عن تلاوته واتباعه، وغفل عنه

1- فقال --عز وجل-- آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم ، والأمر نافذ إلى أمته: {واتلُ ما أُوحي إليك من كتاب ربّك لا مُبدّل لكلماته ولنْ تجدَ من دونه مُلتحدا}(الكهف: 27).

فقوله --عز وجل--: {واتل}. أي : واقرأ يا محمد {ما أوحي إليك من كتاب ربك}. يعني القرآن، واتبع ما فيه {لا مبدل لكلماته}، قال الكلبي: لا مُغير للقرآن. وقيل: لا مغير لما أوعد بكلماته أهل معاصيه. {ولن تجد} أنت {من دونه}. إن لم تتبع القرآن (ملتحدا) قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: حرزا. وقال الحسن : مدخلا . وقال مجاهد: ملجأ. وقيل : معدلا . وقيل : مهرباً . وأصله من الميل . (انظر تفسير البغوي) .

وقال الحافظ ابن كثير في هذه الآية: {واتلُ ما أوحي إليك من كتابِ ربك..}، يقول -تعالى- آمراً رسوله -عليه الصلاة والسلام-، بتلاوة كتابه العزيز، وإبلاغه إلى الناس. (لا مبدل لكلماته) أي: لا مُغير لها ولا مُحرّف ولا مُؤوّل .

وقال ابن جرير: واتبع يا محمد ما أنـزل إليك من كتاب ربك هذا، ولا تتركن تلاوته واتباع ما فيه من أمر الله ونهيه، والعمل بحلاله وحرامه، فتكون من الهالكين، وذلك أن مصير مَن خالفه، وترك اتباعه، يوم القيامة إلى جهنم .

(لا مبدل لكلماته) يقول لا مُغير لما أوعد بكلماته التي أنـزلها عليك، أهل معاصيه، والعاملين بخلاف هذا الكتاب الذي أوحيناه إليك .

وقوله: {ولن تجد من دونه ملتحدا}. يقول: وإنْ أنت يا محمد، لم تتلُ ما أوحي إليك من كتاب ربك؛ فتتبعه وتأتم به، فنالكَ وعيدُ الله الذي أوعد فيه المخالفين حدوده، لن تجد من دون الله موئلاً تئل إليه، ومعدلاً تعدل عنه إليه؛ لأنَّ قدرةَ الله محيطةٌ بك وبجميع خلقه، لا يقدر أحدٌ منهم على الهرب من أمرٍ أراد به، إنْ أنت يا محمد، لم تتلُ ما أوحي إليك من كتاب ربك، فإنه لا ملجأ لك من الله، كما قال -تعالى-: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وانْ لم تفعل فما بلغتَ رسالته والله يعصمك من الناس}( المائدة : 67 ). انتهى

وقال القرطبي: قيل هو من تمام قصة أصحاب الكهف. أي: اتبع القرآن فلا مبدل لكلمات الله، ولا خُلف فيما أخبر به من قصة أصحاب الكهف . انتهى

الآية الربانية

2- وقال -تعالى-: {اتلُ ما أُوحي إليك من الكتابِ وأقم الصلاة}(العنكبوت : 29).

أي: اتل ما أوحى إليك ربُّك من آيات القرآن؛ فهو وسيلتك للدعوة, والآية الربانية المصاحبة لك دوماً، والحق المؤيد لك بالحجج والبراهين القرآنية، في جميع الأحوال.

قال القرطبي: قوله: {‏اتل‏} أمر من التلاوة والدؤوب عليها، وقد مضى في (طه ) الوعيد فيمن أعرض عنها، وفي مقدمة الكتاب الأمر بالحض عليها، والكتاب يراد به القرآن ‏.‏ انتهى

وما أشار القرطبي -رحمه الله- إليه في سورة طه، هو قوله -تعالى-: {كذلك نقصُّ عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنَّا ذكرا مَن أعرضَ عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا}(طه 99 - 101).

فيقول -تعالى- لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : كما قصصنا عليك خبر موسى -عليه السلام- وما جرى له مع فرعون وجنوده على الجلية والأمر الواقع، كذلك نقص عليك الأخبار الماضية، كما وقعت من غير زيادة ولا نقص، هذا {وقد آتيناك من لدنا}. أي: عندنا ذكرا، وهو القرآن العظيم، الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}(فصلت: 42)، الذي لم يعط نبيٌ من الأنبياء منذ أنْ بعثوا إلى أنْ ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، كتاباً مثله ولا أكمل منه، ولا أجمع لخبر ما سبق، وخبر ما هو كائن، وحكمه الفصل بين الناس; ولهذا قال -تعالى-: {من أعرض عنه} أي: كذَّب به، وأعرض عن اتباعه، أمراً وطلبا، وابتغى الهُدَى في غيره، فإنَّ الله يُضله ويهديه إلى سواء الجحيم; ولهذا قال : «من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا». أي: إثما، كما قال الله -تعالى-: {ومنْ يَكفر به من الأحزابِ فالنارُ موعده}(هود: 17).

وهذا عامٌ في كلِّ مَن بلغه القرآن من العرب والعجم، أهل الكتاب وغيرهم، كما قال -تعالى-: {لأُنْذركم به ومن بلغ}(الأنعام: 19). فكل مَنْ بلغه القرآن فهو نذيرٌ له وداع؛ فمن اتبعه هُدي، ومَن خالفه وأعرض عنه ضل وشقي في الدنيا، والنار موعده يوم القيامة; ولهذا قال -سبحانه-: {من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه}. أي: لا محيد لهم عنه، ولا انفكاك {وساءَ لهم يوم القيامة حملا}. أي: بئس الحمل حملهم .






أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة ربه

3- ومن أوامر الله -عز وجل- بتلاوة القرآن، قوله -تعالى- على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم : {إنما أُمرتُ أنْ أعبدَ ربَّ هذه البلدة الذي حرَّمها وله كلُّ شيء وأُمرت أنْ أكون من المسلمين وأنْ أتلو القرآنَ فمن اهْتَدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضلَّ فقلْ إنما أنا من المُنذرين وقل الحمدُ لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربُّك بغافلٍ عما تعملون}(النمل : 91-93).

فقد أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة ربّه -تعالى- وهو ربّ البلدة الذي حرّمها، وهي مكة، التي صارت حراماً قدرا وشرعاً، بتحريم الله لها، كما ثبت في الصحيحين: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعضد شوكه، ولا يُنفّر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا مَن عرّفها، ولا يختلى خلاها» الحديث.

وقوله : «وله كل شيء»: من باب عطف العام على الخاص، أي: هو ربُّ هذه البلدة، وربُّ كل شيء ومليكه، {وأمرت أن أكون من المسلمين} أي: الموحدين المخلصين، المنقادين لأمره المطيعين له.
وقوله: {وأن أتلو القرآن}. أي: على الناس وأبلغهم إياه، كقوله: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم}(آل عمران: 58)، وكقوله: {نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون}(القصص: 3). أي: أنا مُبلِّغ ومنذر، {فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين}. أي : لي سوية الرسل الذين أنذروا قومهم، وقاموا بما عليهم من أداء الرسالة إليهم، وخلصوا من عهدتهم، وحساب أممهم على الله -تعالى-، كقوله -تعالى-: {فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب}(الرعد: 40)، وقال: {إنما أنتَ نذيرٌ والله على كل شيء وكيل}(هود: 12)، وقوله: {وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها}. أي : لله الحمد الذي لا يُعذّب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، والإعذار إليه; ولهذا قال: {سيُريكم آياته فتعرفونها}، كما قال -تعالى-: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}(فصلت: 53). وقوله: {وما ربك بغافل عما تعملون}. أي: بل هو شهيد على كل شيء.

ابو وليد البحيرى
2018-12-08, 01:01 PM
النيّات في قراءة القرآن الكريم(3)



الشيخ.محمد الحمود النجدي



أوجب الله -تعالى- علينا العمل بالقرآن الكريم؛ لأنَّ العمل به هو الغاية الكبرى من إنزاله، وذلك بتصديق أخباره واتباعِ أحكامه بفعل جميع ما أمر الله به وتركِ جميعَ ما نهى الله عنه


مَنْ عَمِل بالقرآن فكأنما يقرؤه دائماً، وإنْ لم يقرأه ومَن لم يعمل بالقرآن؛ فكأنه لم يقرأه وإن قرأه دائماً


القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة؛ فما من مرضٍ إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه لمن رزقه الله فهما في كتابه

القرآن كان وسيلة النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والآية الربانية المصاحبة له دوماً والحق المؤيد له بالحجج والبراهين القرآنية في جميع الأحوال




تعظيم النيات واستحضارها هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية، فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة؛ فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل». ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:

قراءته بنيّة العمل به
فإنّ الله -تعالى- أوجبَ علينا العمل بالقرآن الكريم؛ لأنَّ العمل به هو الغاية الكبرى من إنزاله.
1- كما في قوله سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}(ص: 29).
- والعمل بالقرآن: هو تصديق أخباره، واتباعِ أحكامه، بفعل جميع ما أمر الله به، وتركِ جميعَ ما نهى الله عنه، وعلى هذا سار السلف الصالح -رضي الله عنهم-؛ فكانوا يتعلمون القرآن، ويصدِّقون به وبجميع ما جاء فيه، ويُطبقون أحكامه إيمانا بها، واتباعاً لها.
قال بعض العلماء: مَنْ عَمِل بالقرآن، فكأنما يقرؤه دائماً وإنْ لم يقرأه، ومَن لم يعمل بالقرآن؛ فكأنه لم يقرأه، وإن قرأه دائماً! (انظر عون المعبود 4/339) .
2- والتلاوة هي أحد معاني الاتباع والعمل بالقول، فتلا في اللغة تأتي بمعنى: اتبع .
كما في قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يَتْلونه حقَّ تلاوته أولئك يُؤمنونَ به ومَن يَكفر به فأولئك هم الخاسرون}(التوبة : 121).
فقوله: {الذين آتيناهم الكتاب}، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- وكانوا أربعين رجلا، وقال الضحاك: هم من آمن من اليهود عبد الله بن سلام، وقال قتادة وعكرمة: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل: هم المؤمنون عامة .
وقوله: {يتلونه حق تلاوته}، قال الكلبي: يَصفونه في كتبهم حقّ صفته لمن سألهم من الناس، والهاء راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخرون: هي عائدة إلى الكتاب، واختلفوا في معناه: فقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: يقرؤونه كما أنزل ولا يحرفونه، ويحلون حلاله ويحرمون حرامه.
وقال الحسن: يعملون بمُحْكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويَكلون علم ما أشكل عليهم إلى عالمه.
وقال مجاهد: يتبعونه حقّ اتباعه.
ومن معاني (حق تلاوته) في الآية, معنى التفاعل والحضور أثناء تلاوة كتاب الله, ولا يخفى ما لهذا المعنى من أهمية, ولاسيما في هذا الزمن الذي أضحى فيه الكثير ممن يتلون كتاب الله من المسلمين , يتلونه تلاوة صورية شكلية، لا روح فيها ولا حياة .
وهو معنى يتوافق مع حديث حذيفة -رضي الله عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فكان إذا مرَّ بآيةِ رحمة سأل, وإذا مرَّ بآية عذاب استجار, وإذا مرَّ بآية فيها تنزيه لله سبَّح. رواه ابن ماجة، وصححه الألباني (1111) .
3- وقال التابعي الجليل أبو عبدالرحمن السُّلمي -رحمه الله-: حدثنا الذين كانوا يُقرؤننا القرآن: عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما رضي الله عنهم: أنهم كانوا إذا تَعلَّموا من النبي[ عشر آيات لم يتجاوزوها، حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعًا؛ وهذا هو الذي عليه مدار السعادة والشقاوة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَي وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}(طه: 123- 126).
4- وقد ورد بيان عقوبة تارك العمل بالقرآن العظيم في البرزخ، نعوذ بالله من غضبه وعقابه؛ ففي صحيح البخاري: عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه-: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الرؤيا الطويل: «إنه آتاني الليلة آتيان، قال: وإنهما قالا لي: انطلق وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجلٍ مضطجع، وإذا آخر قائمٌ عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصَّخرة لرأسه فيَثْلغ رأسه، فيَتَدهْده الحَجر ها هنا؛ فيتبع الحَجر فيأخذه فلا يرجع إلى الرجل، حتى يصحّ رأسُه كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «فقلت سبحان الله! ما هذا ؟ فقالا لي انطلق».
فذكر الحديث، وفيه: «أما الرجل الذي أتيتَ عليه، يُثلغ رأسه بالحَجر؛ فهو الرجل يأخذُ القرآن فيَرفُضُه، وينامُ عن الصلاة المكتوبة..». البخاري برقم ( 7047) .
والحديث فيه: الوعيد لمن ينام عن الصلاة المكتوبة. ولمن يأخذ القرآن فيرفضه، أي: يقرأ القرآن ولا يعمل به.
وقال ابن بطال في شرح البخاري: «يأخذ القرآن فيرفضه» يعنى: يترك حفظ حروفه، والعمل بمعانيه .
5- وثبت في صحيح مسلم: عن أبي مالك الأشعري يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القرآنُ حُجةٌ لك، أو عليك».
فالقرآن حُجةٌ لمن اتَّبعه، وعَمِل بما فيه، وحُجة على مَن أعرض عنه، ولم يعمل به.
قال المناوي في فيض القدير: والقرآن حُجة لك يدلك على النَّجاة إنْ عملتَ به، أو عليك إنْ أعرضت عنه، فيدل على سوء عاقبتك. انتهى
6- وسبق حديث جابر -رضي الله عنه-: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «القرآن شافعٌ مُشفَّع، وماحلٌ مُصدَّق، مَنْ جَعَله أمامه، قاده إلى الجنة، ومَن جَعله خَلف ظهره، ساقه إلى النار». رواه ابن حبان والطبراني وغيرهما .
والمعنى: مَنْ عمل بما فيه ساقه إلى الجنة، ومَن تركه وأعرض عنه، ونسيه وغفل وتغافل عنه، ساقه إلى النار، والعياذ بالله -تعالى-.
7- وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع: «... تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعده، إنْ اعتصمتم به: كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ». رواه مسلم برقم ( 2408) وما بين المعكوفين للحاكم في المستدرك .
احتساب شفاء القلوب
نحتسب بقراءته شفاءً لأمراض قلوبنا، وعلل أجسادنا، وسبباً لنزول رحمات ربنا علينا.
1- كما قال ربنا تبارك وتعالى: {ونُنزّل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيدُ الظالمين إلا خَساراً}(الإسراء : 82).
فيقول -تعالى- مخبراً عن كتابه الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، إنه: {شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين}. أي: يذهب ما في القلوب من أمراض، من شكٍ ونفاق، وشرك وزيغ وميل، ومن أمراض الأبدان والأسقام الحسية؛ فالقرآن يشفي من ذلك كله، لعموم اللفظ .
وهو أيضا (رحمة) يحصل به الإيمان والحكمة، وطلب الخير والرغبة فيه، وليس هذا إلا لمن آمن به وصدَّقه واتبعه، فإنه يكون شفاءً في حقه ورحمة.
الكافر والقرآن
وأما الكافر الظالم نفسه بذلك؛ فلا يزيده سماعه القرآن إلا بُعداً وتكذيباً وكفراً، والآفة من الكافر لا من القرآن.
قال قتادة في قوله: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}: إذا سمعه المؤمن انتفع به، وحفظه ووعاه، {ولا يزيد الظالمين إلا خساراً}، أي: لا ينتفع به ولا يحفظه، ولا يعيه فإنَّ الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين. انظر «حسن التحرير في تهذيب تفسير ابن كثير» ( 3 / 44 ) .
2- وقال الله تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس: 57).
قال أبو جعفر الطبري: يقول -تعالى- ذكره لخلقه: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم}. يعني: ذكرى تذكركم عقاب الله، وتخوفكم وعيده من ربكم، يقول: من عند ربكم، لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يفتعلها أحد؛ فتقولوا: لا نأمن أن تكون لا صحة لها، وإنما يعني بذلك جل ثناؤه القرآن، وهو الموعظة من الله.
قال: وقوله: {وشفاء لما في الصدور}، يقول: ودواء لما في الصدور من الجهل، يشفي به الله جهل الجهال؛ فيبرئ به داءهم، ويهدي به من خلقه من أراد هدايته به (وهدى)، يقول: وهو بيان لحلال الله وحرامه، ودليل على طاعته ومعصيته (ورحمة) يرحم بها من شاء من خلقه، فينقذه به من الضلالة إلى الهدى، وينجيه به من الهلاك والردى. وجعله -تبارك وتعالى- رحمة للمؤمنين دون الكافرين، لأن من كفر به فهو عليه عمى، وفي الآخرة جزاؤه على الكفر به الخلود في لظى. انتهى
3- وقال الله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}(فصلت: 44). فقوله: {قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء}. أي: هداية لهم لطريق الرشد، والصراط المستقيم، وشفاء من الجهل، وشفاء من الأسقام البدنية .
فالقرآن العظيم لاشك أنه شفاء للقلوب والأبدان، وللظاهر والباطن، دلت على ذلك ظواهر نصوص الوحي من القرآن الكريم، والسنة النبوية، وتجارب الصالحين وواقع الناس، وهو قول جمهور أهل العلم.
قال السيوطي في الإتقان: النوع الخامس والسبعون في خواص القرآن، وقد أفرده بالتصنيف جماعة منهم: التَّمِيمِيُّ، وحُجَّةُ الْإِسلام الغَزاليُّ، ومن المُتَأَخِّرِين َ: اليَافِعِيُّ، وغَالِبُ مَا يُذْكَرُ فِي ذلك كَان مُستَنَدُه تَجاربَ الصَّالحينَ، وها أَنا ذا أَبْدَأُ بما وَرَدَ مِنْ ذلك في الحديثِ ثُمَّ أَلْتَقِطُ عُيُونًا ممَّا ذَكَرَ السَّلَفُ وَالصَّالِحُونَ .
أَخرجَ ابْنُ ماجة وغيرُه: مِنْ حدِيثِ ابْنِ مسْعُودٍ: «علَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْن : الْعَسَلِ والْقُرْآنِ». (أخرجه ابن ماجه (3452) والبيهقي في السنن الكبرى (9/579) وفي الشعب (2581)، والحاكم في المستدرك (7435) موقوفا). وأَخرجَ البَيْهَقِيُّ وغيرُه: مِنْ حدِيثِ عبْد اللَّه بنِ جَابِرٍ: فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ.
فضل الفاتحة
وأَخْرج سعِيدُ بنُ مَنْصُور والْبيهَقيُّ وغيرهما، مِنْ حديث أَبي سعِيدٍ الْخُدْرِيّ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ‏.
وأَخْرجَ الْبُخاريُّ: من حدِيثه أَيْضًا قَال: «كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا؛ فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ، فهلْ معكم رَاقٍ ؟ فَقَامَ معها رَجُلٌ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَبَرِئَ، فَذُكِر لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: ومَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ».
وأَخرجَ مُسلِمٌ: من حديث أَبي هُريْرةَ مرفوعا: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ الْبَقَرَةُ، لَا يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ».
قال: ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }(الإسراء: 82 ).
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }(يونس: 57).
وفي الصحيحين وغيرهما: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كنا في مسير فنزلنا منزلا فأتتنا امرأة فقالت: إنَّ سيد الحي سليم لدغ، فهل فيكم من راقٍ؟ فقام معها رجل منا، ما كنا نظنه يحسن رقية، فرقاه بفاتحة الكتاب فبرئ، فأعطوه غنما، وسقونا لبنا، فقلنا: أكنت تحسن رقية؟ فقال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب، قال: فقلت: لا تحركوها حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فذكرنا له ذلك، فقال: ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم معكم .

وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة؛ فما من مرضٍ من أمراض القلوب والأبدان، إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه فهما في كتابه.اهـ

وأما القول بأنه شفاء للقلوب فقط، ولا يشرع الاستشفاء به للأبدان؛ فهو قول ضعيف مرجوح، لا يلتفت إليه، يخالف ما في القرآن الكريم أنه دواء للأبدان والقلوب، ومن يقل بغير هذا يخالف الأدلة والواقع وجمهور أهل العلم .

ابو وليد البحيرى
2018-12-15, 03:57 AM
النيّات في قراءة القرآن الكريم(4)



الشيخ.محمد الحمود النجدي




المؤمن المهتدي بالقرآن يستبصر به في جميع مطالبه ومقاصده ويسير عليه ويهتدي به فيَأمن بذلك من الشقاء ويسعد بدنياه وأخراه


في القرآن العظيم تبيانٌ لكلِّ شيءٍ مما يحتاجه الناس في حياتهم كلها الدينية والدنيوية العقدية والتشريعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين، فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية؛ فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل». ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:


نَحتسبُ قراءته سَبباً لنُزول رحماتِ ربِّنا علينا وقد قرَّر الله -سبحانه- أنَّ كتابه وكلامه، رحمةٌ للمؤمنين والمؤمنات، في آيات كثيرة من كتابه الكريم، فمن ذلك:


1- قال سبحانه {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} الأنعام: ١٥٧.

يقول الطبري: فقد جاءكم كتابٌ بلسانكم عربي مبين، حُجة عليكم واضحة بينة من ربكم {وهدى}، يقول: وبيان للحق، وفرقان بين الصواب والخطأ، {ورحمة} لمن عمل به، واتبعه.

2- وقال -تعالى-: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف: ٥٢.

أي: بهذا الكتاب تحصل للمؤمنين الرحمة، وهي الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، وينتفي عنهم الضلال والشقاء، والعذاب والسخط.

3- وقال سبحانه: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف: ٢٠٣.

فالمؤمن المهتدي بالقرآن، يستبصر به في جميع مطالبه ومقاصده، فعنده الدليل على طريقه الذي يتبعه، ويسير عليه ويهتدي به، فيَأمن بذلك من الشقاء، ويسعد بدنياه وأخراه.

4- وقال -عز وجل-: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } يونس: ٥٧.

فالمؤمن وحده، تحصل له الرحمة بالقرآن دون غيره من الناس، وصلاح الحال والمآل.

5- وقال -عز وجل-: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} هود: ١٧.

فكل الكتب السماوية – وأعظمها القرآن الكريم – هي رحمةٌ للخَلق، وهداية لهم، من الجهالة والضلالة والشقاوة.

6- وقال سبحانه {وما أَنزلنا عليكَ الكتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل: ٦٤.فالمقصد الأعلى لإنزال الكتاب: الحُكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فهو هداية للعالمين في كل شؤونهم.

7- ومثلها: قوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } النحل: ٨٩.

ففي القرآن العظيم، تبيانٌ لكلِّ شيءٍ مما يحتاجه الناس في حياتهم كلها، الدينية والدنيوية، العقدية والتشريعية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.


8- وكذا قوله سبحانه {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } النمل: ٧٧. فيؤكد الله -تعالى- هذا الأمر فيقول {وإنه لهدى}. وغيرها من الآيات.

نحتسبُ قراءته لطمأنينةِ قلوبنا، وسَكينة أنفسنا، وراحة أرواحنا فتلاوة القرآن الكريم، فيها الراحة والطمأنينة والسكينة، كما أخبر ربنا بذلك في آيات:


1- يقول الله -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد: 28.

فقوله: {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} قال قتادة: سكنتْ إلى ذكر الله، واستأنست به. انتهى.

فالنفوس تطمئن بقراءة القرآن، والأرواح تسكن بذلك وتستريح، ومعلوم أنَّ سعادة الإنسان في هذه الحياة، هي في اطمئنان قلبه، وراحة باله، واستقرار نفسه، وقد أرشد الله -تعالى- عباده في كلمةٍ موجزة حكيمة، إلى الوسيلة التي تُحقّق لهم هذه السعادة، وتَقِيهم من عذابِ القلق والهمِّ، والحُزن والاضْطراب، وآلام الجزع والهلع، وشقاء الشك والارتياب، فقال جلَّ ثناؤه، وهو أصدق القائلين: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد: 28.

ولا بدَّ أنْ نعلم: أنّ ذكر الله -تعالى- الذي تطمئن به القلوب تماماً، ليس هو مجرد ترديد اللسان للآيات، أو لاسمٍ من أسماء الله -تعالى-، أو صفةٍ من صفاته، وإنما هو بتذكّر ألوهيته ووحدانيته وربوبيته، وعظمته وقوته وقدرته، وقهره وعزته، واستشعار رأفته ورحمته، واستحضار حكمته وعدالته في قضائه وقدره، وشرعه وأحكامه.

2- وعن أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، ويَتَدَارَسُونَ هُ بينهم، إِلَا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمَنْ عِنْدَهُ». رواه مسلم. فقوله «ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله» أي: المسجد، وأُلحق به نحو مدرسة ورباط. «يتلون كتاب الله ويتدارسونه» أي: يشتركون في قراءة بعضهم على بعض، ويتعهدّونه خوف النسيان.

«إلا نزلت عليهم السكينة» السكينة: فعيلة، صيغة مبالغة، من السُّكون، والمراد هنا: الوقار والرحمة أو الطمأنينة «وحفّتهم الملائكة» أي: أحاطت بهم ملائكة الرحمة. نقرؤه ليَذْكُرنا اللهُ -عز وجل-، كما وَعَدنا بذلك، وهي من أعظم المقاصد. فالله -تعالى- يذكر من يَذكره، كما أخبر بذلك سبحانه، وأخبر بذلك رسوله -صلى الله عليه وسلم -.

1- قال الله -تعالى- {فاذكروني أذكركم} البقرة: 152.

فيا لها من مكافأةٍ عظيمة، ويا له من تفضّلٍ وكرم، من الرب الكريم الوهاب، أنه -جلّ جلاله وعز سلطانه-، يَذكر عباده الذين يذكرونه، مكافأة لهم على ذكرهم إياه، إنه الفضل الذي لا يفيضه إلا الله سبحانه، الذي لا عادَّ لعطاياه، ولا حاسب لفضله.

قال الحسن البصري:‏ إنّ اللّه يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذب من كفره.‏

وقال الحسن البصري أيضا: اذكروني فيما افترضتُ عليكم، أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي.‏

2- ويقول الله -عز وجل-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} العنكبوت: 45.

وللمفسرين في قوله -تعالى- {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أقوال: قال ابن الجوزي -رحمه الله-: «قوله -تعالى-: {ولذِكر الله أكبر} فيه أربعة أقوال:

- أحدها: ولذكر الله إياكم، أكبر من ذكركم إياه، وبه قال ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد. والثاني: ولذكر الله -تعالى- أفضل من كل شيء سواه، وهذا مذهب أبي الدرداء، وسلمان، وقتادة. والثالث: ولذكر الله -تعالى- في الصلاة، أكبر مما نهاك عنه من الفحشاء والمنكر، قاله عبد الله بن عون. والرابع: ولذكر الله -تعالى- العبدَ - ما كان في صلاته - أكبر من ذكر العبدِ لله -تعالى-، قاله ابن قتيبة «انتهى من «زاد المسير» {3/ 409}.

واختار غير واحد من المحققين والمفسرين القول الثالث، وهو أنّ حصول ذكر الله بالصلاة، أكبر من كونها ناهية عن الفحشاء والمنكر. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «يَعنِي: أَنَّ الصَّلاةَ تَشتَملُ على شيئَينِ: على تَرْكِ الفَواحِشِ والمُنْكراتِ، أَي: إِنَّ مُواظبَتَها تَحْمِلُ على تَرْكِ ذلك.

وتَشتَملُ الصَّلاةُ أَيضا: على ذِكْرِ اللَّهِ -تعالى-، وهو المطلوبُ الأَكبرُ؛ ولهذا قال -تعالى-: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أَي: أَعْظَمُ منَ الْأَوَّلِ».

3- وعن أنَس - رضي الله عنه - قال:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:‏ ‏«قال اللّه -عزّ وجلّ-: يا ابن آدم، إنْ ذكرتَني في نفسِك، ذكرتُك في نفسي، وإنْ ذكرتني في ملأٍ، ذكرتُك في ملأ من الملائكة - أو قال: في ملأٍ خيرٍ منه - وإنْ دنوت مني شبراً، دنوتُ منك ذراعاً، وإنْ دَنوت مني ذراعاً، دَنوتُ منك باعاً، وإنْ أتيتني تمشي أتيتك هرولةً‏». أخرجه البخاري.

4- وفي حديث أَبي هُريرَةَ - رضي الله عنه - السابق: عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعالَى، يَتْلُونَ كتَابَ اللَّهِ، ويَتَدَارَسُونَ هُ بَيْنَهُم، إِلَّا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمَنْ عِنْدَهُ». رواه مسلم.

فقوله «وذكرهم الله «أي: أثنى عليهم أو أثابهم {فيمن عنده} من الأنبياء وكرام الملائكة.

ولا أعظم ولا أجلّ؛ من أنْ يذكرك الله فيمن عنده!

5- وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي: «إنَّ الله أمرني أنْ أَقرأ عليك {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} البينة:1. قال: وسمَّاني؟! قال: «نعم». فبكى.

وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأُبيّ: إن الله -عز وجل- أمرني أنْ أقرأ عليك. قال: آلله سمّاني لك؟ قال: «اللهُ سمّاك لي». فجعَلَ أُبيّ يبكي. متفق عليه.

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} فقال أبي: وسمّاني؟ أي: هل نصَّ علي باسمي؟ أو قال: اقرأ على واحدٍ من أصحابك، فاخترتني أنت؟ فقال له: «الله سماك لي» أي: ذكرك لي بالاسم، فبكى أبيٌ - رضي الله عنه -، إما فرحاً وسروراً بذلك، وإما خشوعاً وخوفا من التقصير في شكر تلك النعمة.

قال القرطبي: تعجّب أُبي من ذلك؛ لأنَّ تسمية الله له، ونصّه عليه، ليقرأ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - تشريفٌ عظيم، فلذلك بكى إما فرحاً وإما خشوعا.

وقال أبو عبيد: المراد بالعرض على أبي، ليتعلّم أبي منه القراءة ويتثبت فيها، وليكون عرض القرآن سُنة، وللتنبيه على فضيلة أبي بن كعب، وتقدمه في حفظ القرآن، وليس المراد أن يستذكر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا بذلك العرض.


وقال القرطبي: خصّ هذه السورة بالذكر؛ لما اشتملت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص، والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء، وذكر الصلاة والزكاة، والمعاد وبيان أهل الجنة والنار، مع وجازتها.

ابو وليد البحيرى
2018-12-20, 04:05 AM
النيّات في قراءة القرآن الكريم(5)



الشيخ.محمد الحمود النجدي


التاركين للذكر وإنْ كان فيهم حياة، فلا اعتبار لها بل هم أشبه بالأموات!؛ إذْ لا يشعرون بما يشعر به الأحياء الحقيقيون، المشغولون بطاعة الله سبحانه


أعظم الذِّكر: تلاوة كتاب الله تعالى، وكذلك الأذكار التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها





تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية، فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: «النيِّة أبلغ من العمل».

ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:

نحتسبُ قراءته سبباً لحياة قلوبنا وأرواحنا:

1- كما في قول الله جل وعلا: {أَوَمَن كَانَ مَيتًا فَأَحيَينَهُ وَجَعَلنَا لَهُ نُورًا يَمشَي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ منهَا} الأنعام:122.

حيث تشبّه الآية الكريمة الكافر بالميت، وتشبّه الهداية إلى الإسلام بالحياة، أي أنّ المؤمن المهتدي قبل هدايته كان بمنزلة الميت، وبعد ذلك ونتيجة لاهتدائه أعطي نورًا يهتدي به في مصالحه.

- قال ابن كثير: هذا مثلٌ ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتا، أي: في الضلالة، هالكاً حائراً، فأحياه الله، أي: أحيا قلبه بالإيمان، وهداه له ووفقه لاتباع رسله. {وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} أي: يهتدي به كيف يسلك؟ وكيف يتصرّف به؟ والنور هو: القرآن، كما رواه العوفي وابن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال السدي: الإسلام، والكل صحيح.

{كمن مثله في الظلمات} أي: الجهالات والأهواء، والضلالات المتفرقة، {ليس بخارج منها} أي: لا يهتدي إلى منفذ، ولا مُخلّص مما هو فيه، وفي مسند الإمام أحمد: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله خَلَقَ خَلقه في ظُلمةٍ، ثم رشَّ عليهم من نوره، فمَنْ أصابه ذلك النور اهتدى، ومَن أخْطأه ضلَّ».

كما قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة: 257.

وكما قال تعالى: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} الملك: 22، وقال تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا أَفَلا تَذَكَّرُونَ} هود: 24.

وقال تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ} فاطر: 19 - 23.

والآيات في هذا كثيرة، ووجه المناسبة في ضرب المثلين هاهنا بالنور والظلمات، ما تقدم في أول السورة: {وجعل الظلمات والنور} الأنعام: 1.

وزعم بعضهم: أن المراد بهذا المثل: رجلان مُعَينان، فقيل: عمر بن الخطاب هو الذي كان ميتا فأحياه الله، وجعل له نوراً يمشي به في الناس. وقيل: عمار بن ياسر. وأما الذي في الظلمات ليس بخارج منها: أبو جهل عمرو بن هشام، لعنه الله. والصحيح أن الآية عامة، يدخل فيها كل مؤمن وكافر.

وقوله تعالى: {كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} أي: حسنا لهم ما هم فيه من الجهالة والضلالة، قدرا من الله وحكمة بالغة، لا إله إلا هو ولا رب سواه. انتهى

2- وقال تعالى {وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} الشورى: 52- 53.

{وكذلك} أي: كما أوحينا إلى سائر رسلنا، {أوحينا إليك روحا من أمرنا} قال ابن عباس: نبوة. وقال الحسن: رحمة. وقال السدي ومقاتل: وحيا. وقال مالك بن دينار: يعني القرآن. {ما كنت تدري} قبل الوحي {ما الكتاب ولا الإيمان} يعني: شرائع الإيمان ومعالمه.

{ولكن جعلناه نورا} قال ابن عباس: يعني الإيمان. وقال السدي: يعني القرآن {نهدي به} نرشد به {من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي} أي لتدعو {إلى صراط مستقيم} يعني الإسلام.

{صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور} أي: أمور الخلائق كلها في الآخرة. (انظر البغوي).

وقال الطبري: واختلف أهل التأويل في معنى {الروح} في هذا الموضع، فقال بعضهم: عَنى به الرحمة.

ذكر من قال ذلك: عن قتادة عن الحسن في قوله: {روحا من أمرنا} قال: رحمة من أمرنا.

وقال آخرون: معناه: وحياً من أمرنا.

وقد بينا معنى الروح فيما مضى، بذكر اختلاف أهل التأويل فيها بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وقوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} يقول - جل ثناؤه - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: ما كنت تدري يا محمد، أي شيء الكتاب، ولا الإيمان، الذيْن أعطيناكهما.

{ولكن جعلناه نورا} يقول: ولكن جعلنا هذا القرآن، وهو الكتاب نوراً، يعني ضياء للناس، يستضيئون بضوئه الذي بيَّن الله فيه، وهو بيانه الذي بين فيه، مما لهم فيه في العمل به الرشاد، ومن النار النجاة {نهدي به من نشاء من عبادنا} يقول: نهدي بهذا القرآن، فالهاء في قوله «به» من ذكر الكتاب.

ويعني بقوله: {نهدي به من نشاء} نسدد إلى سبيل الصواب، وذلك الإيمان بالله {من نشاء من عبادنا} يقول: نهدي به من نشاء هدايته إلى الطريق المستقيم من عبادنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. انتهى.

2- وعن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ، والَذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ». متفقٌ عليه.

لا يقصد النبي -صلى الله عليه وسلم - بالحياة هنا الحياة المحسوسة، التي يشترك فيها المسلم الذاكر مع باقي الناس؛ وإنما يقصد بها حياة الروح، وروح الحياة، يقصد الحياة التي عبَّر عنها الله -تعالى- بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} الأنفال: 24.

فهذه الحياة متحققة بالاستجابة لأمر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وفي هذا الحديث الشريف: بيانٌ لفضل الذكر؛ إذْ به تَظهر الحياة على الذاكرين، ولما يُضفيه عليهم من نور العبادة، وما يصل إليهم من الأجر، كما أنّ التاركين للذكر وإنْ كان فيهم حياة، فلا اعتبار لها بل هم أشبه بالأموات!؛ إذْ لا يشعرون بما يشعر به الأحياء الحقيقيون، المشغولون بطاعة الله سبحانه.

ومن جميل ما قيل في موت قلوب الغافلين عن الذِّكر:

فنسيانُ ذِكـْــرِ اللهِ مـــوتُ قـــلوبِهم

وأجْســـامُهم قبلَ القُبورِ قبورُ

وأرواحُهم في وحشةٍ منْ جُسُومهم

وليس لهم حتى النُّشورِ نشورُ
وأعظم الذِّكر: تلاوة كتاب الله تعالى، وكذلك الأذكار التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها، مثل: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والحوقلة والحسبلة والاستغفار، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، كما أنّ الذكر يطلق على المواظبة على العمل بما أمر الله -تعالى- به، كالصلاة والزكاة والصيام وغيرها، وكذا قراءة ومدارسة الحديث النبوي، ومدارسة العلم والعقيدة والفقه والسيرة.

أم علي طويلبة علم
2019-01-11, 11:36 PM
الـحــرمـــان !
‏أن تقرأُ كُل شيءٍ إلا القُرآن ..
‏إجعلّ القُرآن جُزءاً من حياتك
‏وليس جُزءاً من فراغـك ..

ابو وليد البحيرى
2019-01-14, 06:16 PM
النيّات في قراءة القرآن الكريم(6)



الشيخ.محمد الحمود النجدي

القرآن ربيع المؤمن كما أنَّ الغيث والمطر ربيع الأرض وكما يرتاح الناس للربيع ويميلون إليه؛ فكذلك يرتاحُ المؤمن بقراءة كلام الله عز وجل وتلاوته

مما نحتسبُه في قرائتنا للقرآن أنْ يكونَ سبباً لهدايتنا من الشُّبهات والضلالات ونُوراً لأبصارنا من الجَهالات سالكاً بنا إلى الطرق النافعة المفيدة
تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة -رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية، فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: النيِّة أبلغ من العمل.
ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:
جلاء أحزاننا وذهاب همومنا
نقرؤه ونحتسبه لجَلاء أحزاننا، وذهابِ همومنا، وتفريج كروبنا؛ فالقرآن ربيع المؤمن، كما أنَّ الغيث والمطر ربيع الأرض، وكما يرتاح الناس للربيع ويميلون إليه؛ فكذلك يرتاحُ المؤمن بقراءة كلام الله عزوجل وتلاوته.
1- كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم في دعائه، في دعاء الهمِّ والْكُرَبِ والمحن: «اللهم إني عبدُك، ابنُ عبدك، ابن أمتك، ناصِيتي بيدِك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سمَّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحداً من خَلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أنْ تجعلَ القرآنَ ربيع قلبي، ونُور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب همّي». رواه أحمد وابن حبان والحاكم. والرَّبِيعُ: هو المَطَرُ المُنْبِتُ للرَّبِيعِ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ» رواه البخاري. ومنه ما ورد في دُعاءِ الِاسْتِسْقَاءِ : «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، رَبِيعًا مُرْبِعًا».
سبب لهدايتنا
نحتسبُ قراءته أنْ يكونَ سبباً لهدايتنا من الشُّبهات والضلالات, ونُوراً لأبصارنا من الجَهالات, سالكاً بنا إلى الطرق النافعة المفيدة : فقد كثُرت الآيات التي تنبِّهنا إلى ذلك, فمنها:
1- قال تعالى: {ذلك الكتابُ لا ريبَ فيه هدى للمتقين}( البقرة : 2).
وقال (هدىً) بالتعميم؛ لأنه كتاب هداية لجميع مصالح الدنيا والآخرة.
ففيه هداية الناس من الضلال إلى الحق.
2- وقال الله تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاء مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}(الشو رى : 52 - 53).
فقوله (وكذلك) أي: كما أوحينا إلى سائر رسلنا، {أوحينا إليك روحا من أمرنا} قال ابن عباس: نبوة. وقال الحسن: -رحمة- والسدي ومقاتل: وحيا. وقال مالك بن دينار: يعني القرآن. (ما كنت تدري) قبل الوحي، (ما الكتاب ولا الإيمان) يعني: شرائع الإيمان ومعالمه، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: (الإيمان) في هذا الموضع: الصلاة، ودليله : قوله -عز وجل-: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}(البقرة: 143).
وأهل الأصول: على أن الأنبياء -عليهم السلام- كانوا مؤمنين قبل الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم، ولم يتبين له شرائع دينه.
(ولكن جعلناه نوراً) قال ابن عباس: يعني الإيمان. وقال السدي: يعني القرآن. (نهدي به) نرشد به، (من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي) أي لتدعو، (إلى صراط مستقيم) يعني الإسلام. (البغوي ).
(ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء) فطبيعة هذا الوحي، وهذا الروح، هذا الكتاب أنه نور، نور تخالط بشاشته القلوب التي يشاء لها الله أن تهتدي به, بما يعلمه من حقيقتها, ومن مخالطة هذا النور لها.
(وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) وهناك توكيد على تخصيص هذه المسألة, مسألة الهدى, بمشيئة الله سبحانه, وتجريدها من كل ملابسة, وتعليقها بالله وحده يقدرها لمن يشاء بعلمه الخاص, الذي لا يعرفه سواه; والرسول واسطة لتحقيق مشيئة الله, فهو لا ينشى ء الهدى في القلوب، ولكن يبلغ الرسالة , فتقع مشيئة الله.
{وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم. صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض} فهي الهداية إلى طريق الله, الذي تلتقي عنده المسالك؛ لأنه الطريق إلى المالك, الذي له ما في السماوات وما في الأرض; فالذي يهتدي إلى طريقه يهتدي إلى مالك السماوات والأرض الذي إليه يتجه وإليه يصير.
3- وقال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}(فصلت : 44).
4- وقال تعالى: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}(الإسرا ء : 9).
يمدح -تعالى- كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن، بأنه يهدي لأقوم الطرق، وأوضح السبل (ويبشر المؤمنين) به (الذين يعملون الصالحات) على مقتضاه (أن لهم أجرا كبيرا) أي : يوم القيامة.
يقول -تعالى- ذكره : إنّ هذا القرآن الذي أنـزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرشد ويسدّد من اهتدى به (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) يقول : للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السُّبل، وذلك دين الله الذي بعث به أنبياءه, وهو الإسلام، يقول جلّ ثناؤه: فهذا القرآن يهدي عباد الله المهتدين به إلى قصد السبيل، التي ضلّ عنها سائرُ أهل الملل المكذّبين به.
قال ابن زيد في قوله: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) قال: التي هي أصوب : هو الصواب وهو الحقّ؛ قال: والمخالف هو الباطل. وقرأ قول الله تعالى: (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) قال: فيها الحقّ ليس فيها عوج. وقرأ (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا) يقول: قيما مستقيما.
وقوله (وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ) يقول: ويبشر أيضا مع هدايته من اهتدى به, للسبيل الأقصد، الذين يؤمنون بالله ورسوله، ويعملون في دنياهم بما أمرهم الله به، وينتهون عما نهاهم عنه، بأن (لَهُمْ أجْرًا) من الله على إيمانهم وعملهم الصالحات (كَبِيرًا) يعني : ثواباً عظيما، وجزاءً جزيلا، وذلك هو الجنة التي أعدّها الله -تعالى- لمن رضي عمله. (مختصرا من ابن كثير).
5- ونشير هاهنا، إلى الحديث القدسي المشهور، الذي يقول الله -تعالى- فيه: «يا عبادي كلكم ضالٌ إلا مَن هديتُه، فاسْتهْدوني أهدِكم» الحديث رواه مسلم.
فقوله هذا فيه فوائد عظيمة، منها :
ا- تكرار النداء في الحديث في قوله: «يا عبادي» فيه زيادة عناية بعباده، ورأفة ورحمة وشفقة عليهم؛ حيث تكرر النداء في الحديث تسع مرات، وهو أمر يُوحي بالمبالغة في ذلك.
ب - قدم في الحديث الضلالة والهدى، على الجوع والطعام، والعري واللباس، فقال: «كلكم ضال إلا من هديته» قبل قوله : «كلكم جائع» وقوله: «كلكم عار» وذلك من باب تقديم الأهم؛ فالضلال أشد خطرًا من الجوع والعري، والهداية أتم من الطعام واللباس.

وهذا يشعرنا بالاهتمام بالهداية أكثر من اهتمامنا بطعامنا ولباسنا، وأنْ ندرك خطر الضلال، أكثر من إدراكنا خطر الجوع والعري.
جـ - دل الحديث على أنّ كلَّ مَن لم يهده الله فهو ضال؛ ولهذا قال : «كلكم ضال» فلم يستثن من ذلك أحدًا.
د - دل الحديث بصريح لفظه: «إلا من هديته» أن الله هو الهادي المضل, وهذا من كماله -سبحانه وتعالى-؛ فالهداية بيده، فمنه تطلب، وبه يستعان للحصول عليها؛ فعلى من طلبها أن يلتجئ لمالكها، ويستجديه ويلح عليه؛ فإنها فضل منه سبحانه ومنّة.

أم علي طويلبة علم
2019-01-15, 09:59 PM
5- ونشير هاهنا، إلى الحديث القدسي المشهور، الذي يقول الله -تعالى- فيه: «يا عبادي كلكم ضالٌ إلا مَن هديتُه، فاسْتهْدوني أهدِكم» الحديث رواه مسلم.

فقوله هذا فيه فوائد عظيمة، منها :
ا- تكرار النداء في الحديث في قوله: «يا عبادي» فيه زيادة عناية بعباده، ورأفة ورحمة وشفقة عليهم؛ حيث تكرر النداء في الحديث تسع مرات، وهو أمر يُوحي بالمبالغة في ذلك.
ب - قدم في الحديث الضلالة والهدى، على الجوع والطعام، والعري واللباس، فقال: «كلكم ضال إلا من هديته» قبل قوله : «كلكم جائع» وقوله: «كلكم عار» وذلك من باب تقديم الأهم؛ فالضلال أشد خطرًا من الجوع والعري، والهداية أتم من الطعام واللباس.

وهذا يشعرنا بالاهتمام بالهداية أكثر من اهتمامنا بطعامنا ولباسنا، وأنْ ندرك خطر الضلال، أكثر من إدراكنا خطر الجوع والعري.
جـ - دل الحديث على أنّ كلَّ مَن لم يهده الله فهو ضال؛ ولهذا قال : «كلكم ضال» فلم يستثن من ذلك أحدًا.
د - دل الحديث بصريح لفظه: «إلا من هديته» أن الله هو الهادي المضل, وهذا من كماله -سبحانه وتعالى-؛ فالهداية بيده، فمنه تطلب، وبه يستعان للحصول عليها؛ فعلى من طلبها أن يلتجئ لمالكها، ويستجديه ويلح عليه؛ فإنها فضل منه سبحانه ومنّة.





بارك الله فيكم

أم علي طويلبة علم
2019-01-24, 08:37 AM
"أن تجد من يعينك ويجلس لك وتقرأ عليه ويصحح لك ويأخذ بيدك نحو طريق حفظ القرآن.

‏نعمة من الله قد حُرم منها أقوم باختلاف الاسباب.".


[عوض الجميلي]

أم علي طويلبة علم
2019-01-25, 11:53 PM
"الموفق من داوم على ورده من القرآن،
لم تحجزه سفراته عن صحبته،
ولم تشغله تنزهاته عن قراءته،
ولم تقف به ظروفه عن مراجعته،
يكابد الناس دنياهم، وهو يكابد وقته لتصفو له ساعة مع كتاب ربه الكريم".



منقول

عبدالعزيز النشمي
2019-01-26, 01:54 AM
جزاكم الله خيرا

كلمات قرآنية قد تفهم بشكل خاطئ
في القرآن الكريم كلمات لها معاني مختلفة قد تصعب على القارئ وقد تفهم بطريقة خاطئة ..
في هذه الصور نقدم لكم بعض الكلمات مع شرح لمعانيها ...
http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/66.jpg (http://eshraag.com/upload/download/9d96e5da72.html)


http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/67.jpg (http://eshraag.com/upload/download/2328360fc8.html)


http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/68.jpg (http://eshraag.com/upload/download/d8757b8726.html)




http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/69.jpg (http://eshraag.com/upload/download/555909ca27.html)




http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/70.jpg (http://eshraag.com/upload/download/0f61f2eb9b.html)




http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/71.jpg (http://eshraag.com/upload/download/ce84050661.html)




http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/72.jpg (http://eshraag.com/upload/download/0d473bf62b.html)




http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/73.jpg (http://eshraag.com/upload/download/d26f3a8736.html)




http://majles.alukah.net/imgcache/2019/01/74.jpg (http://eshraag.com/upload/download/b6d59624ac.html)

أم علي طويلبة علم
2019-01-26, 08:29 AM
قُلْ لِلَّذي هَجرَ الكِتابَ ومَا تَلاَ ***
‏في يَومهِ وردًا مِنَ القُرآنِ!


‏أتُراكَ تُبصِرُ للسَّعادةِ مَوطِنًا ***
‏أمْ تاهَ قلبُكَ في دُجى الأحزانِ !

أم علي طويلبة علم
2019-03-02, 06:32 AM
هذه الآية التي ترددها لتحفظها؛ قد تكون هي المنجية وهي الأنيسة وهي من يرفعك درجات.
‏جددوا نيتكم ياأهل القرآن وأبشروا، فما زاحم القرآن شيئاً إلا كانت عاقبته خير.
[عوض الجميلي]

أم علي طويلبة علم
2019-03-02, 06:36 AM
14497

أم علي طويلبة علم
2019-03-05, 04:20 AM
14501

أم علي طويلبة علم
2019-03-14, 10:16 PM
"لا يعرف قدر القرآن إلا من عاش في ظلاله؛
‏وارتوى من معينه؛
‏وفتش في كنوزه؛
‏واهتزت أوتار روحه بتلاوته ...
‏>
‏فالقرآن نعيمٌ معجل،
‏وفرحٌ مبهج،
‏ونورٌ متوهج،
‏وأنسٌ يُذهب كل بؤس،
‏وسرورٌ يزيل كل حزن،
‏وانشراحٌ يكشف كل ضيق ..


‏هذا هو القرآن ..
‏أكرِم به من صاحب ..".

[فايز السريح]

أم علي طويلبة علم
2019-03-17, 07:50 AM
"لكل إنجاز لذة مؤقتة، إلاحفظ القرآن، فإن لذته مثله؛ مباركة في الشعور وفي النفع.‏ تتجدد فرحته عند مراجعته،وتعاهده ، وتعظم معها بركات القرب منه.‏ اللهم اجعلنا من أهل هذا النعيم.".


[القرآن ربيع القلوب]

أم علي طويلبة علم
2019-03-21, 07:53 AM
في هذا العصر لا تقلّ معركة لزوم (الوِرد القرآني) عن أن تُسمّى بالملحمة؛ ففيها معركة مع الشيطان بما يُجهد النفس خصوصاً في من يختم في سبع أو ثلاث.
‏وفي الوقت ذاته فإنّ لهذه الملحمة ثمارٌ كثمار الجنّة وأنت على وجه الأرض.


‏الشيخ فخر الدين الهمامي

أم علي طويلبة علم
2019-03-21, 07:55 AM
‏ولا أريد سوى القرآن في عُمري
‏هو الربيع وأحلى ما يعي صدري

‏إني ليشغلني الترتيل عن سؤلي
‏فأشهد الخير والتيسير في أمري

ابو وليد البحيرى
2019-03-22, 04:16 AM
فضل القرآن وقراءته
أمين بن عبد الله الشقاوي



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن القرآن كلام الله - تعالى -، وهو حبله المتين، وصراطه المستقيم، من تمسك به اهتدى، ومن أعرض عنه ضَلَّ وهَوَى، أثنى الله عليه في مواضعَ كثيرة منه؛ ليبين فضله؛ ويوضح للناس مكانته ومنزلته، قال - تعالى -: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف: 3 - 4].
وقال - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 41 - 42].
فما من باطل إلا وفي القرآن ما يدمغه، ولا شبهة إلا وفيه بيان بطلانها، قال - تعالى -: (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) [الفرقان: 33].
وقال - تعالى -: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) [الأنبياء: 18].
سمَّاه الله نورًا، وجعله للناس شفاءً. قال - تعالى -: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الشورى: 52].
وقال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ) [يونس: 57].
أعجب به الجن لما سمعوه، فآمنوا به واتبعوه: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) [الجن: 1- 2].
تكفل الله بحفظه وأعجز الخلق أن يأتوا بمثله.
قال - تعالى -: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].
وقال - تعالى -: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)[الإسراء: 88].
وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ))[1].
ولهذه الفضائل العظيمة لكتاب الله، أمر الله بتلاوته والعمل به وتدبره، قال - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 29- 30].
وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما لقارئ القرآن من الحسنات.
فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ: أَلِفٌ حَرْفٌ؛ وَلامٌ حَرْفٌ؛ وَمِيمٌ حَرْفٌ))[2].
وعن عائشةَ - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المَاهِرُ بِالقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ)) [3].
ويوم القيامة تتجلى هذه الفضائل لقارئ القرآن، فيشفع لقارئه ويعلو به في مراتب الجنة على قدر قراءته.
عن أبي أُمَامَة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اقْرَؤوا القُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ)) [4].
وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((يُقَالُ لصَاحِبِ القُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ؛ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِر آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا)) [5].
وإن من عجيب حال الكثيرين منا، تقصيرهم في تلاوة كتاب ربهم، وتدبره والعمل به، مع علمهم بفضله وأجره.
قال أمير المؤمنين عُثْمَان - رضي الله عنه -: "لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله - عز وجل - ". ولهذا المعنى أشار - تعالى -بقوله: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) [التوبة: 124- 125].
فالآيات بينت حال المؤمنين، وحال المنافقين عند سماع القرآن وتلاوته، فليحذر المسلم أن يكون من ذلك الصنف الخاسر، الذي لا يزيده سماع القرآن إلا خسارًا.
وعلى هذا ينبغي للمسلم ملاحظة هذه الأمور:
أولاً: قراءة القرآن بتدبُّرٍ وتمعُّنٍ، قال - تعالى -: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ)[ص: 29].
قال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-: "لا تنثروه كنثر الرمل، ولا تهذُّوه كهذِّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة".
ثانيًا: مراجعة الحفظ، فعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تَعَاهَدُوا هَذَا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبِلِ فِي عُقُلِهَا))[6].
ثالثًا: الخشوع عند تلاوة القرآن: فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اقْرَأْ عَلَيّ، قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نعم، فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا)، قال: حسبك الآن، فالتفَتُّ إليه فإذا عيناه تذرفان)) [7].
رابعًا: عدم هجر القرآن، قال - تعالى -: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان: 30]، والهجر يشمل هَجْرَ التلاوة، والتدبُّرَ والعمل، والتحاكم إليه؛ كما قال ابن القيم - رحمه الله -.
فلابد من العناية بكلام الله - عز وجل - حفظًا، وتلاوةً، وعملاً، حتى يكون المسلم من أهل القرآن، الذين هم أهل الله، وخاصته.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ
[1] صحيح مسلم (1/559) برقم (817).
[2] سنن الترمذي (5/175) برقم (2910)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
[3] صحيح البخاري (3/321) برقم (4937)، وصحيح مسلم (1/550) برقم (798).
[4] صحيح مسلم (1/553) برقم (804).
[5] سنن الترمذي (5/177) برقم (2914)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[6] صحيح البخاري (3/348) برقم (5033)، وصحيح مسلم (1/545) برقم (791).
[7] صحيح البخاري (3/351) برقم (5050)، ومسلم (1/551) برقم (800)

أم علي طويلبة علم
2019-03-26, 05:28 AM
يوم لم تكتحل عينُك فيه بالقرآن ؛
‏اجعله في زمرة الأيّام الباهتة من تاريخ حياتك .

عبدالعزيز الشثري

أم علي طويلبة علم
2019-03-26, 05:42 AM
‏"من سار على الدَرْبِ وصل"


‏وأيُّ دَرْبٍ ألذُّ من دربِ حفظ القرآن وفهمه،
والله لو أفنيتَ عُمركَ كُلَّهُ لتحفظَ وتدَّبَرَ آياته ماكان كثيراً في حقه.

عوض الجميلي

محمد عبدالعظيم
2019-03-26, 09:08 AM
روي بن جرير باسناد صحيح

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
إذا والله يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله، لو تدبره القوم فعقلوه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عند ذلك

ابو وليد البحيرى
2019-04-11, 01:24 PM
القرآن الكريم من التدبر إلى التأثر


القرآن الكريم نور البصائر وهداية العقول وطمأنينة القلوب وشفاء النفوس ولكي يحقق القرآن في الأفراد أثاره ويؤتي في الأمة ثماره فإنه لابد من أمرين أساسيين : حسن الفهم له وقوة اليقين به .

· أولا : حسن الفهم

الفهم الصائب أساس العمل الصالح ، وإذا لم يتحقق حسن الفهم فإنه لا مناص من أمرين : الحيرة والاضطراب وعدم العمل ، أو العمل على أساس منحرف أو مختل لا يوصل إلى الغاية المنشودة والنهاية المحمودة ، قال ابن تيمية :" حاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن ." . وكي نصل إلى حسن الفهم علينا بهذه الخطوات :
1. حسن الصلة : كيف يفهم القرآن من يهجره ولا يقرؤه ؟ ، وأنّى لمن ترك تلاوته والاستماع إليه أن يفقهه ، ومن هنا لابد من :
· كثرة التلاوة : وهو أمر رباني قال تعالى ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت ان أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن ) ( النمل : 91-92)
· تجويد التلاوة : بمعرفة الأداء الصحيح بالتلقي والمشافهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة " .
· حسن التلاوة : وفي ذلك قوله تعالى ( ورتل القرآن ترتيلا ) (المزمل :4) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن ".
· الإنصات للتلاوة : وقد قال تعالى: ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) ( الأعراف : 204)
· التأني في التلاوة : وقد ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه :" لا تهذوا القرآن هذّا كهذّ الشعر ولا يكن هم أحدكم آخر السورة ".
2. حسن التدبر : والمراد بالتدبر تفهم المعاني وتدبر المقاصد ليحصل الاتعاظ ويقع العمل ، وهو أمر مهم جعله الله مقصدا أساسيا لنزول القرآن فقال :" كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ) ( ص: 29) ، ومدح الحق جل وعلا من تدبر وانتفع ، فذكر من صفات عباد الرحمن : ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما عميانا )( الفرقان :73) ، وذم الله عز وجل من ترك التدبر فقال :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) ( محمد : 24) ، والتدبر من النصح لكتاب الله الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي سياق معنى النصح لكتاب الله عدّ النووي التدبر من ضمنه فقال :" والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله".
وحسن الصلة معين على التدبر ، فهذا ابن كثير يقول في الترتيل : " المطلوب شرعا إنما هو تحسين الصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه " ، والنووي يقول :" الترتيل مستحب للتدبر وغيره " ، فمن أدام الصلة بالقرآن تلاوة وتجويدا وتحسينا ..)، قال ابن باز عن قارئ القرآن :" ينبغي له أن لا يتعجل ، وأن، يطمئن في قراءته ، وأن ، يرتل .. المشروع للمؤمن أن يعتني بالقرآن ويجتهد في إحسان قراءته ، وتدبر القرآن والعناية بالمعاني ولا يعجل " ، والعكس صحيح فالقراءة السريعة بعيدة كل البعد عن التدبر كما قال القرطبي :" لا يصح التدبر مع الهذّ ".

والاستماع الواعي له أعظم الأثر في التدبر والتأثر ، وقد كان الفاروق رضي الله عنه يقول لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه :" يا أبا موسى ذكرنا ربنا ، فيقرأ وهم يسمعون ويبكون ".
وهذا أعظم تأثيرا في القلب كما قال ابن القيم :" فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن والتدبر ".
وقد جمع الأمران ( حسن الصلة والتدبر ) في حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ".
· ثانيا : قوة اليقين :

لابد من الاعتقاد الجازم بكل ما في القرآن من الأخبار والحقائق ، وبسلامة وكمال ما فيه من الأحكام والشرائع ، وصدق ما فيه من الوعد والوعيد ، والتسليم بما فيه من الحكم والسنن وذلك كله بيقين راسخ يقتنع به العقل ، ويطمئن به القلب في سائر الأماكن والأزمان ، وفي كل الظروف والأحوال .
وأبرز ما ينبغي الإيمان واليقين به كبريات الحقائق المتصلة بالقرآن ومنها :
أ – الكمال المطلق : اليقين بأن ما في القرآن من العقائد والشرائع والأحكام والآداب هو الكمال الذي لا نقص فيه ، وهو الذي تتحقق به السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة ، وهو يلبي الاحتياجات ، ويحل المشكلات ، ويعالج المستجدات ، فالله جل وعلا قال :" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"(المائدة : 3) ، وفي كل ميدان ومجال نجد القرآن يقدم الأكمل والأمثل والأفضل "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " ( الإسراء :9)
ب- الشمول التام : فاليقين لابد أن يكون جازما بأن القرآن شامل شمولا عاما ، فهو بالنسبة للفرد يخاطب عقله وروحه وجوارحه ، وهو لا يقتصر على العناية بشأن الآخرة دون شأن الدنيا ، ولا ينحصر في شعائر العبادة دون تنظيم شؤون المعاملات ، وإحكام نظام القضاء والمرافعات ، وأسس السياسة وقواعد الاجتماع إلى جميع شؤون الحياة ، كما قال تعالى : " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء " ( النحل : 89) ، وقال جل وعلا :" ما فرطنا في الكتاب من شيء " ( الأنعام : 38) .
ج- السنن الماضية : واليقين بأن ما في القرآن من السنن الإلهية التي فيها ذكر أساب القوة والضعف ، والنهوض والسقوط ، والصلاح والفساد أنها كما أخبر الله بها لا تتغير ولا تتبدل :" فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا " ( فاطر : 43) ، وهذه السنن هي المنطلقات الأساسية في معرفة الأحداث وتحليل النتائج كما في قوله تعالى :" إن الله لا يصلح عمل المفسدين " ( يونس :81) وقوله :" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ( الرعد : 11) .
وإذا وجد حسن الفهم ، وقوة اليقين تحققت البداية الصحيحة للانطلاقة الإيجابية لتغيير واقع الأمة وتربية نشئها وصناعة أجيالها .

* أستاذ مساعد بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة

أم علي طويلبة علم
2019-05-16, 05:30 AM
بعضُنا يَحْزَنُ قلبُه لأنه لم يختِم القرآن إلى الآن.


‏ألا تحزن حين لاتدمع عينُك ولمْ يقْشَعِرُّ جسدك ولم يرجف قلبك وأنت تقرأ أو تستمع !


‏كلاهما خير ، لكنَّ الثاني؛ غاااااية، فحقق الغاية؛ لتنال مادونها بلاريب.

[عوض الجميلي]

أم علي طويلبة علم
2019-05-16, 01:29 PM
من يُضاهي نعيم الحافظ هذه الأيام ؟


‏حينما يمر بورد تلاوته، يدندنه غيبًا
‏حينما تمر على مسامعه قراءة الإمام يبتسم فخرًا وقلبه يردد مع الإمام .. ذاك القلب الذي وعى القرآن وحفظه،
الآن يستلذ به الآن ثمرته بانت، فيحمد الله ملء قلبه.

[علا الشهري]

ابو وليد البحيرى
2019-05-17, 11:33 AM
تدبر القرآن




إن من المبشرات التي تبعث على الفأل - وما أكثرها - في هذه الأمة؛ هذه العودة إلى النبع الصافي، والدعوة إلى التمسّك بكتاب ربها؛ تلك العودة التي تجاوزت مسألة الاهتمام بالحفظ فقط إلى العنايةِ بمقصدٍ من أعظم مقاصد التنـزيل، ألا وهو تدبر القرآن، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[ص: 29].
وفضلُ التدبر مما تواترت به النصوص، حثّاً عليه، ونعياً على المعرضين عنه، أو المقصّرين فيه، بل لو قال قائل: إن كل آية ختمت بالأمر بالتفكر والتذكر والعقل والاعتبار - وهي بالمئات - هي من هذا الباب؛ لكان مصيباً.
والمقصود أن هذه العودة المبشرة ما لم تُضبط بضوابط تحوطها من الزلل؛ فإنه يخشى أن يقع بسببها خلل كبير، وجرأةٌ على كتاب الله تعالى، كما تُلحظ بوادره من كتابات بعض الصحفيين الذين تكلّموا فأغربوا وأخطؤوا، أو مِن بعض الناشئة الذين دفعهم حب التدبر للجرأة بطرح ما لديهم، خاصة مع تيسر ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي في «الفيسبوك» و«تويتر» وغيرهما، وقد وقفتُ على أمثلة محزنة تدل على جرأة مع جهل في هذا المقام الخطير، الذي خافه كثيرٌ من الأئمة، حتى قال الشعبي - رحمه الله - كلمةً عميقة يبيّن فيها جلالة هذا المقام وخطورته: «والله ما من آية إلا قد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله»[1].
ويقول يزيد بن أبي يزيد: «كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، وإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن، سكت كأن لم يسمع»[2].
وأيّاً ما قيل في توجيه أمثال هذه الآثار، فهي دالةٌ على خطورة الولوج في هذا الباب، وضرورة التبيّن والتثبت، فإن المتكلم في القرآن من أحق الناس وعْظاً بقوله تعالى: { {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـئُـولً} ا} [الإسراء: 36]، وبقوله تعالى: { {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْـحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} }[الأعراف: ٣٣].
ولعلي أكتفي بالإشارة إلى رؤوس أقلام تنبه إلى بعض الضوابط التي ينبغي مراعاتها في هذا الموضوع الكبير والخطير، وذلك فيما يلي:

أولاً: العناية بفهوم السلف الصالح ومنهجهم في الاستدلال.

وحينما نقول: العناية بفهومهم ومنهجهم، فلا يعني الاقتصار على عباراتهم، أو الوقوف عند حرفية ألفاظهم، كلا! فالفهم في كتاب الله وفق منهجهم مفتوح إلى يوم القيامة، كما قال علي حين سأله أبو جحيفة: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟ قال: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة... الحديث[3].
ومن المهم مراعاته في هذا: ألا يكون الفهم الذي يتبناه المعاصر أو المتأخر مؤدياً إلى إلغاء فهم السلف للآية؛ لأنه يلزم من هذا لوازم باطلة، منها: تجهيل السلف، والادعاء بأن المعنى خفي عليهم.
إن تأكيد هذا الأصل مهم جداً، وتزداد أهميته في هذا العصر الذي كثرت فيه المناهج المنحرفة في فهم القرآن، والتي تنطلق من أصول مخالفة لطريقة السلف، بل مخالفة لنصوص أخرى في القرآن والسنة! ومن ذلك: أن بعض الناس يستدل على الحرية الدينية، وجواز التنقل بين الأديان، وأن للمسلم أن يتنصّر أو يتهوّد؛ يستدل بقوله تعالى: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، ناسفاً عشرات النصوص التي تتحدث عن عقوبة المرتد، ومتجاهلاً أو جاهلاً بدلالة السياق الذي وردت فيه هذه الآية - وهي آية مكية -، فلو أكمل الآية لتبين له الغلط: { {إنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِـمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْـمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} } [الكهف: 29]، فلو كان هذا جائزاً فكيف يُهدّد بهذه العقوبة العظيمة؟!
ثانياً: التدبر الصحيح فرعٌ عن فهم المعنى، إذ لا يمكن تصور تدبرٍ صحيح منطلقاً من فهم خاطئ، إذ المقدمة الخاطئة لا بد أن تعطي نتيجة خاطئة، وسأضرب بعض الأمثلة ليتضح بها المراد:

المثال الأول: لو أن متدبراً أراد أن يستبط معنىً من قوله تعالى: { {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} } [الأعراف: 176]، فلا بد أن يفهم معنى: {تَحْمِلْ عَلَيْهِ}، أي: حملتَ على الكلب وطردته يلهث، وإن تتركه يلهث[4]؛ حتى يكون استنباطه سليماً.

أما لو فَهم الحمل على أنه يَحمل على ظهره شيئاً فهذا خطأٌ في فهم المعنى، فمن الضروري أن يخطئ في التدبر المبني على هذا الفهم.
المثال الثاني: قال تعالى: { {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} } [الفجر: ٩]، فلو أن شخصاً فهم أن معنى: { {جَابُوا} } أنها: أحضروا الصخر وجلبوه إلى الوادي، ثم بنى عليها تدبراً؛ لكان تدبره غلطاً؛ لأن معنى الآية: دخلوا الوادي وقطعوا الصخر ونحتوه، وليس أحضروه[5]، كما هو مستعمل في لهجات عامية كثيرة.

المثال الثالث: يقرأ بعضهم قوله تعالى: { {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْـحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} } [الأعراف: 95]، فيفهم من قوله: {عَفَوْا} أنها من العفو عن الإساءة، وهذا ليس بصحيح، بل المعنى: حتى كثروا، وكذلك كل شيء كثر، فإنه يقال فيه: قد عفا[6]. فماذا يتوقع من شخص بنى تدبره على أن المعنى هو العفو عن الإساءة؟ ولهذا لما أورد الطبري قول قتادة في تفسيره لهذه الكلمة: {حَتَّى عَفَوْا} بأنه: «حتى سروا بذلك»، قال رحمه الله: «وهذا الذي قاله قتادة في معنى (عَفَوْا) تأويل لا وجه له في كلام العرب؛ لأنه لا يعرف العفو بمعنى السرور في شيء من كلامها، إلا أن يكون أراد حتى سروا بكثرتهم وكثرة أموالهم، فيكون ذلك وجهاً وإن بعد»[7].

وفي ظني أنه لولا مكانةُ قتادة في علم التفسير، لما احتاج الطبري أن يوجّه كلامه، بل لردّه.
والمقصود أن على المتدبر أن يعتني بضبط المعنى والتأكد منه، ولا يبني تدبره على أول معنى ينقدح في ذهنه، فيظنه صواباً، وإذا هو غلط محض، ومن ثمّ فسيكون تدبره غير صحيح.
ثالثاً: آيات القرآن - من جهة وضوح معناها وخفائه - ليست على درجة واحدة، فالقرآن من حيث وضوح معانيه وخفاؤها قسمان:

القسم الأول: واضح المعاني من حيث انتفاء الغرابة عن مفرداته؛ كالآيات التي تقرر معاني التوحيد، واليوم الآخر، أو التي تبيّن أصول الإيمان وأركان الإسلام، أو التي ترغّب في الأخلاق الفاضلة، وترهِّب من الأخلاق السيئة، ونحو ذلك. وقد يقع في أثناء ذلك مفردات غريبة تحتاج إلى بيان، والجُزْءَان الأخيران (عمّ وتبارك) نموذجان واضحان لذلك.

القسم الثاني: وهو الأقل، الآيات التي كثر فيها الغريب، وهي التي لا يمكن - لمن عرف خطورة القول على الله بغير علم - أن يتكلم بشيء مِن تدبرها دون فهم معناها؛ إذ التدبر فرع عن فهم المعنى.

رابعاً: أكثر الناس حظّاً من تدبر كلام الله تعالى هم أهل العلم[8] بالقرآن؛ فهماً لدلالاته بأنواعها الثلاثة، وعلماً بأحكام الشريعة، وعلماً بالسيرة النبوية التي هي الترجمة العملية للقرآن.. وهكذا، من كان بالله وأسمائه وصفاته، ومن كان بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته أعلم؛ كان أكثر نصيباً للإصابة والتوفيق للتدبر، وهم - على تفاوت مراتبهم - يَمْتَحون من معاني هذا الكتاب، ويغترفون من علومه على قدر ما آتاهم الله تعالى من العلم والفهم { {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا}}.

وأما العامة فلا يُنْكَرُ أن لبعضهم وقفات قد لا يتفطن لها العلماء، لكن لا يعني هذا فتح الباب! بل يتوقف كلامهم عند الواضح البيّن المحكم.
وهم أعني غير أهل العلم يشاركون أهل العلم بعلم ما في القلب، الذي عناه الحسن البصري بقوله: العلم علمان: علمٌ في القلب؛ فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان؛ فتلك حجة الله على خلقه.
ومراده بعلم ما في القلب: الفهم الإيماني القلبي الذي ينتج عن تأمل قارئ القرآن ما يمرُّ به من آيات كريمة، يعرف معانيها، ويفهم دلالاتها، بحيث لا يحتاج معها لأن يراجع التفاسير، فيتوقف عندها متأملاً؛ ليحرك بها قلبه، ويعرض نفسه وعمله عليها، فإن كان من أهلها حمد الله، وإن لم يكن من أهلها حاسب نفسه واستعتب. ولعلي أذكر قصةً واقعية توضح المقصود، وهي: أن رجلاً عامياً - في منطقتنا - حينما سمع الإمامَ يقرأ قول الله تعالى - في سورة الأحزاب-: { {وَإذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا 7لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} } [الأحزاب: ٧، ٨]، قام فزعاً بعد الصلاة يقول لجماعة المسجد: يا جماعة! خافوا الله! هؤلاء خيرة الرسل سيُسألون عن صدقهم، فماذا نقول نحن؟! فبكى وأبكى رحمه الله تعالى.
خامساً: من أحبّ أن يوفق للتدبر السليم عليه أن يُدمن النظر في كتاب الله، وأن يعتني بقراءة كلام أهل العلم المحققين في هذا الباب، وعلى رأسهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وتلاميذهم؛ ففي تفاسيرهم إشارات بليغة، هي ثمرة تأمل، وصورة من صور التدبر.

ولهذا؛ فإن مما يفرح به طالب العلمِ: تنوعُ عبارات السلف في تفسير الآية؛ لأنه يفتح باباً للتدبر، ويمنح الفكر مزيداً من النظر في معاني الآيات، ومن أمثلة ذلك: قول الحسن البصري في تفسير: { {وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ} } [آل عمران: 198]: «هم الذين لا يؤذون الذر»! فإذا كانوا لا يؤذون الذر- على صغرها وحقارتها - أتراهم يؤذون بني آدم؟! فضلاً عن إخوانهم المسلمين.
ختاماً: ليست هذه دعوة لإغلاق باب التدبر، بل هي دعوة لما دعا الله إليه من تدبر كتابه، والتفكر في معانيه، لكن في ضوء القواعد المرعية، واتباع منهج السلف في فهم المعاني واستنباطها؛ حتى لا يقع المحذور، وهو القول على الله بغير علم؛ لأن الأمر بالتدبر أمرٌ بتحصيل الوسائل التي تعين على تحقيقه، وهي كثيرة، وقد كتب فيها بعضُ إخواننا من طلاب العلم[9].. والله الموفق.


[1] تفسير الطبري (1/ 81).
[2] تفسير الطبري (1/80).
[3] البخاري ح (3047).
[4] تفسير السمعاني (2/ 233).
[5] تفسير ابن كثير ت: سلامة (8/ 396).
[6] ينظر: تفسير الطبري (10/ 329).
[7] تفسير الطبري (10/ 331).
[8] أعني بهم العلماء وطلبة العلم، وهم في ذلك على درجات متفاوتة.
[9] ككتابَيْ: «فن التدبر في القرآن الكريم» و«المراحل الثمان لطالب فهم القرآن»،
ومن الكتب التطبيقية في باب التدبر:
1 - كتاب «المواهب الربانية من الآيات القرآنية» للعلامة السعدي، وقد طبع بتحقيق كاتب هذه الأسطر، وصدر عن مركز تدبر بالرياض.

2 - «جماليات النظم القرآني في قصة المراودة من قصة يوسف»، وكتاب «وصايا لقمان لابنه» للأستاذ الدكتور عويض العطوي، وصدر عن مركز تدبر بالرياض.

أم علي طويلبة علم
2019-05-22, 01:38 PM
"‏إذا كنت ممن يختم القرآن مرة أو مرارًا في رمضان أو غيره فاحذر أن تشعر بأي إدلال على الله أنك صاحب ختمات وطول تلاوة، بل استشعر منة الله عليك وفضله أن أكرمك بهذه الدقائق أو السويعات مع كتاب الله ..


‏(بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ )".

[القرآن نبض حياتي]

أم علي طويلبة علم
2019-05-30, 01:34 PM
"‏الحماس الزائد في بداية الحفظ بحيث يحفظ الأوجه الكثيرة دون تكرار أو مراجعة هذا مآله عادة إلى الفتور والفشل، فلا تستعجل في أمرٍ لك فيه أناة، ولا تُحمِّل نفسك فوق ما تُطيق!".

[فايز السريح]

أم علي طويلبة علم
2019-06-06, 11:01 AM
"أعظم مُعين على الحفظ سؤال الله عز وجل العون على حفظ كتابه، فاجتهد في الدعاء أن ييسر الله لك حفظ كتابه العزيز، فإنك لن تحفظه إلا بعد توفيق الله لك!".

[فايز السريح]

أم علي طويلبة علم
2019-06-20, 09:24 AM
‏يا طالب القرآن اعلم أنك


‏في حرب مع الدنيا بظروفها


‏وحرب مع نفسك وكسلها وركونها للراحة


‏وحرب مع الابتلاءات التي ستعترضك في طريق حفظك وسيرك نحو الله.


‏فإن طوعت نفسك وقهرت حبها للراحة والنوم
‏فلن تأمن من أن تعترضك الدنيا
‏وإن تغلبت على الدنيا
‏ستعترضك الابتلاءات
‏فاصبر وجاهد.


[فخر الدين الهمامي]

أم علي طويلبة علم
2019-06-20, 09:26 AM
‏لا تفرط بالقرآن ؛ فإنه سبيل سعادتك في الدنيا والآخرة :
‏قال البيضاوي : (( رتب استحقاق الحمد على إنزاله : تنبيهاً على أنَّه أعظم نعمائه ، وذلك لأنَّه الهادي إلى ما فيه كمال العباد والداعي إلى ما به ينتظم صلاح المعاش والمعاد )) .


[د. ماهر الفحل]

أم علي طويلبة علم
2019-07-05, 08:10 AM
‏إلى.حافظ. القرآن :

‏اجعل همَّك معاهدة حفظك، والاهتمام به، لازم القرآن الكريم، لا تنشغل عنه، قدّم القرآن يقدّمك القرآن
‏ألا يكفيك أن تجارة القرآن الكريم مضاعفة من عند الله
‏【 قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ】

[ فخر الدين الهمامي]

أم علي طويلبة علم
2019-07-14, 03:15 AM
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد:

كان له صلى الله عليه وسلم حزب يقرؤه ، ولا يخل به ، وكانت قراءته ترتيلا لا هذا ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفا حرفا..

أم علي طويلبة علم
2019-07-29, 10:56 PM
كلَّما قوي ارتباطك بكتاب الله؛ قَوِيَ إيمانك، وانشرح صدرك.


‏فشتَّان بين من يقرأ سائرَ يومه،
‏ومن يقرأُ بعض يومه،
‏ومن يقرأ غِبَّاً.

[عوض الجميلي]

أم علي طويلبة علم
2019-09-22, 09:30 AM
" أقولها مرتين وعشرا وألفا:
‏ليكن حفظ القرآن من أولوياتك وعلى رأس مشاريعك..يا أخي ماذا تنتظر؟
‏لا تقل صعبا أو مستحيلا.
‏فقد حفظه الصغير والشيخ الكبير، والعربي والأعجمي، بل الله يقول:"ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر".
‏ففط اعزم؛ فإذا عزمت فتوكل على الله.
‏من يقول أنا لها ويبدأ؟ ".

[ بارعة اليحيى]

أم علي طويلبة علم
2019-09-28, 10:35 PM
" لكل إنجاز لذة مؤقتة،
‏إلا حفظ القرآن،
‏فإن لذته مثله؛
‏مباركة في الشعور وفي النفع..
‏تتجدد فرحته عند مراجعته،
‏وتعاهده،
‏وتعظم معها بركات القرب منه..
‏اللهم لا تحرمنا هذه اللذة المباركة.".

[مريم الجهني]

أم علي طويلبة علم
2019-09-30, 10:36 PM
" ‏إذا أكرمكَ الله بصُحبة القُرآن؛ استقرّ في قلبك يوماً بعد يومٍ؛ أن "أعظمَ الحِرْمان هجر القُرآن" .

‏وأي كرامةٍ يُكرم الله بها عبداً من عِباده: أعظم من حُب القرآن!؟".

[آحمد الحميد]

أم علي طويلبة علم
2019-10-05, 02:16 PM
أن تجلس لتتلو القرآن الكريم ، أو ترفع المصحف الكريم لتحفظ جديداً ، أو تقرأ ورداً ، أو تراجع محفوظاً ، ليس بالأمر الهين ..إنما هو توفيق من الله تعالى لا يستديم عليه إلا موفق ، إنه كلامه سبحانه يختار له من يشاء" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا "

[أمــل]

أم علي طويلبة علم
2019-10-13, 04:22 PM
‏لاتيأس من تكرار الآية لتحفظها، ولاتحزن حين تتأخر في خطة حفظك ...


‏مادام أنك بين الآيات فأنت في خير وإلى خير ...


‏أهمُ شيءٍ لاتتوقف أو تترك المعاهدة، ومن سار على الدرب وصل ولو بعد حين.

[عوض الجميلي]

أم علي طويلبة علم
2019-10-29, 08:21 AM
هنيئًا لمن بدأ بحفظ القرآن، له بكل حرف يقرؤه عشر حسنات، وجلوسه للحفظ عبادة، ونية طلب العلم عبادة، ويذكره الله كلما ذكره، ولئن سأله ربه غدًا عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه؟ فسيقول :
‏قضيته في حفظ كتابك وترديد كلامك.
‏ما اجمله من جواب

[أمـــل]

أم علي طويلبة علم
2019-10-29, 04:29 PM
ستجد صوارف وشواغل متوهمة عندالرغبة في التلاوة
‏جاهد..وأمسك المصحف واقرأ بعزيمة
‏ثم انظر ما يحدث بداخلك بعد تلاوة خمس دقائق فقط


‏ولا تستكثر أي وقت مع القرآن-مهما طال-
‏ذهاب الوقت مع القرآن زيادة في الإيمان والبيان ومرقاة للجنان
‏ذهاب الوقت مع القرآن أرباحه فلكية

[د.عبدالعزيز الشايع]

حسن المطروشى الاثرى
2019-11-02, 11:54 AM
جزاكم الله خيرا
ورفع الله قدركم في الدارين اختنا الفاضلة ....

كلمات جميلة لعلها تزيد الهمم وتعلي الشان في هذا المقام

أم علي طويلبة علم
2019-12-04, 08:06 AM
وإياكم بارك الله فيكم

أم علي طويلبة علم
2019-12-04, 08:17 AM
‏“ من سار على الدَرْبِ وصل “

‏وأيُّ دربٍ ألذُّ من درب حفظ القرآن وفهمه ؟

‏والله لو أفنيتَ عُمرك كله ..

‏لحفظ وتدبُّر آياته ، ما كان كثيراً في حقِّه


[فاطمة صالح]

رجوة رحمة الله
2019-12-16, 02:05 AM
جعلها بميزان حسناتك

أم علي طويلبة علم
2019-12-16, 05:41 AM
آمين، جزاك الله خيرا

أم علي طويلبة علم
2020-01-05, 09:25 AM
قال عبدالله بن مسعود-رضي الله عنه-:


‏"مَنْ أَحَبَّ الْقُرْآنَ فَلْيُبْشِرْ "

أم علي طويلبة علم
2020-01-31, 10:38 AM
لا تستطيلوا طريقكم لحفظ القرآن أبدًا ماضرّكم إن تَعثرتم اليوم أو تأخرتم
‏المهم أن تبقوا على الدَّرب،أن تشدّوا الهمة وتكملوا المسير،ولو بخطًى عرجى،ولو بِتردد وتعتعة،ولو بمشقة الذَّهاب وعناء السَّرد والتكرار،ولو بمحفوظ يتفلت فتُعيد تثبيتُه كلّ مرة
‏يُبلِغكم الله مطلوبكم ولو بَعد حِين

[فخر الدين الهمامي]

السعيد شويل
2020-01-31, 03:41 PM
الأخت الكريمة أم على
...
حفظ القرآن أمر عظيم ( للمتعلم وغير المتعلم )
ولكن :
من أفاض الله عليه بالعلم والتعليم .. فقد فُرض عليه التفكر فيه والتدبر ..
وهذا يستلزم أولاً معرفة لسانه لأن لسان القرآن لسان عربى مبين .. لايدانيه أى لسان فى الفصاحة والبلاغة والبيان ..
ومن أدرك العلم فى أحكامه نصاً واستدلالاً واجتهاداً وفقه الله إلى القول والعمل بما علم . وفاز بالفضيلة فى دينه ودنياه وانتفت عنه الريب ونُوّرت فى قلبه الحكمة ..
وعلى حسب ما أُوتى المرء من العلم والفضل وأعطى من الكمال والعقل يقع له الهداية والتبيين فإن حرم الوصول فبسبب تضييعه للأصول ..
.....
ولكم تحياتى

أم علي طويلبة علم
2020-02-04, 07:48 AM
ابدأ يومك بقراءة شيء من حزبك،

‏اقرأ في سيارتك وأنت في طريق عملك.

‏صدقني .. ستندهش بالمقدار الذي قرأته من بيتك لعملك فقط. فكيف بباقي الأوقات!



[عوض الجميلي]

عقيد حسام خليل
2020-03-09, 12:49 PM
السلام عليكم، بفضل الله لدي بحث صغير عن اسس التفسير أود المساهمة به لكنه اكثر نفعا لمن من الله عليه باتمان حفظ كتاب الله هذا بريدي الإلكتروني لمن يرغب فيه
Hossameldin.khalil@gmail.com

أم علي طويلبة علم
2021-01-07, 05:16 PM
وعليكم السلام
جزاكم الله خيرا

أم علي طويلبة علم
2021-01-07, 05:17 PM
عندما يشقُّ عليك ضبط نصابك في ⁧‫حفظ القرآن‬⁩ تذكر: أن لكِ في كل حرفٍ تتلوه حسنة ؛ والحسنة بعشر أمثالها، فـ عدَّاد الأجور مستمر ، ويكفيك أنك ظفرت بوقتٍ أطول في ⁧‫صحبة القرآن‬⁩.

[فخر الدين الهمامي]

أم علي طويلبة علم
2021-02-08, 02:17 AM
اصحب من شئت فإنه ولابد مفارقك، ولكن القرآن لا يفارق من صاحبه حيا وميتا ..

[فايز السريح]

حسن المطروشى الاثرى
2021-02-11, 09:43 AM
جزاك الله خيرا