المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التخريج ودراسة الأسانيد __متجدد إن شاء الله



ابو وليد البحيرى
2018-02-06, 03:00 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر




كتب فهارس الأطراف



وهي الكتب التي جمع فيها مصنفوها الأحاديث، ورتبوها على حسب أول لفظة من متن الحديث.
مثال:
أ*-الجامع الصغير وزيادته، لجلال الدين السيوطي (911هـ).
ب*-قسم الأحاديث القولية من "جمع الجوامع" للسيوطي أيضًا.
ج - موسوعة فهارس أطراف الحديث الشريف، لمحمد سعيد بن البسيوني زغلول (معاصر).
1.الكتب المصنفة في معنى معين:
أ*-كتب الأحاديث المشتهرة على الألسنة:
وهي الكتب التي صنفت لجمع الأحاديث التي اشتهرت على ألسنة الناس، سواء المقبول منها أو المردود، مثل:-
- التذكرة في الأحاديث المشتهرة، لبدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (794هـ).
- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، للحافظ أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي (902هـ).
ب*-كتب أحاديث الأحكام:
وهي الكتب التي تجمع الأحاديث المقبولة التي تبين شرع الله على المكلفين، مثال:-
_ عمدة الأحكام، للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (600هـ).
_ المنتقى من الأخبار في الأحكام، للحافظ مجد الدين بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية (625هـ).
_ تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد، للحافظ أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي (806هـ).
_ بلوغ المرام، للحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ).
فهذه المصادر الفرعية بكافة أنواعها لا يعتبر العزو إليها تخريجًا على الاصطلاح في فن التخريج، وإنما هو تعريف القارئ بأن هذا الحديث مذكور في كتاب كذا، وهذا النوع من العزو يلجأ إليه العاجز عن معرفة مصادر الحديث الأصلية، فينزل في عزوه نزولاً غير مستحسن، وهو غير لائق بأهل العلم، لا سيما أهل الحديث.
التخريج من المصادر الفرعية وفوائده:
يظن البعض أن التخريج من المصادر الفرعية ليست له فائدة مرجوة، طالما أن التخريج الصحيح لابد أن يكون من المصادر الأصلية، ولكن هذا الظن خاطئ، وغير صحيح، فالتخريج من المصادر الفرعية له فوائد كثيرة، منها:
أ*- أنه مفتاح، ودليل يوصل الباحث إلى موضع الحديث في المصادر الأصلية.
ب*- بيان درجة بعض الأحاديث التي لم يلتزم المؤلفون في مصادرهم الأصلية ببيان درجتها، وذلك ككتاب" نصب الراية"، و" التلخيص الحبير" وغيرهما.
ج- الحصول على أحاديث لا تتيسر مصادرها بين أيدينا؛ وذلك لكونها مخطوطة، أو لأنها مفقودة.
1.ذكر طرقه:
الطرق: جمع طريق، والطريق: هو السند الذي يوصل إلى متن الحديث، أو هو ما تفرع من أصل السند في حلقة أو أكثر.
والمخرج مطلوب منه جمع طرق الحديث المراد تخريجه- أي أسانيده- لمعرفة موضع التقائها، وإدراك الفوارق بينها، وأين يتحقق مدار الإسناد، واكتشاف المتابعة التامة من القاصرة، وهكذا.
2.بيان درجة الحديث:
يراد ببيان درجة الحديث: الحكم على الأسانيد ببيان مراتبها، من حيث الصحة والضعف، والثبوت وعدمه، وتعرف درجة الحديث بعدة سبل منها:
أ- أن يكون الحديث من الأحاديث المتواترة، حيث أفردت بمؤلفات مثل: كتاب: " قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة" للحافظ جلال الدين السيوطي، وكتاب: " نظم المتناثر في الحديث المتواتر" للكتاني.
قال الحافظ ابن حجر في النزهة، ص: 60: " المتواتر ليس من مباحث علم الإسناد، إذ علم الإسناد يبحث فيه عن صحة الحديث، أو ضعفه؛ ليعمل به، أو يترك من حيث صفات الرجال، وصيغ الأداء، والمتواتر لا يبحث عن رجاله، بل يجب العمل به من غير بحث".
ب- أن يكون الحديث معزوًا إلى الصحيحين، أو أحدهما، إذ الأصل فيما احتجا به الصحة، وأما ما سواهما من المصادر التي اشترط أصحابها الصحة، لكن لبعض العلماء انتقاد في بعضها، وذلك كصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم، والمنتقى لابن الجارود، فإنه ينبغي الإشارة إلى ذلك، خصوصًا إذا كان معروفًا بالتساهل كالحاكم، فالرجوع إلى تعقبات الذهبي عليه متعين؛ ليقف الباحث على درجة الحديث.
ج - النقل عن الأئمة السابقين لدرجة الحديث تصحيحًا، أو تحسينًا، أو تضعيفًا، أو بنقل كلامهم في الرجال، فيقال مثلاً: " السند فيه فلان"، وقد يكون هذا الرجل ضعيفًا، أو كذابًا، أو يقال: " فيه فلان قد عنعن"، ويكون ذلك الراوي قد عرف بالتدليس، أو يقال: " الحديث رجاله ثقات"، أو " رجاله رجال الصحيح"، وقد أكثر البيهقي في كتابه: " مجمع الزوائد " من ذلك.
فإن قيل: هل يجوز تخريج الحديث من مصدر، والإتيان بدرجته من مصدر آخر؟
والجواب: لا مانع من ذلك، فللمخرج أن يخرج الحديث من سنن أبي داود، وينقل درجة الحديث من مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري.
د - دراسة إسناد الحديث ومتنه دراسة وافية، إذا كان الباحث على دراية كافية بها.
يقول الحافظ ابن حجر في ذلك: " إن كان متأهلاً لمعرفة الصحيح من غيره، فليس له أن يحتج بحديث من السنن من غير أن ينظر في اتصال إسناده، وحال رواته" (1).
وسنبين- بإذن الله- عما قريب الخطوات المتبعة، والتي يلزم الباحث اتباعها في دراسة الإسناد.

أنواع التخريج:
التخريج عمومًا ثلاثة أنواع:
1.التخريج الموسّع.
2. التخريج الوسط.
3. التخريج المختصر الموجز.
ومن أمثل ما يمثل هذه الأنواع: هو عمل الحافظ العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين، لحجة الإسلام الغزالي.
1.الموسع: " إخبار الأحياء بأخبار الإحياء" في خمس مجلدات، مفقودة.
2.المتوسط: " الكشف المبين عن تخريج أحاديث إحياء علوم الدين" قال ابن فهد المكي: وهو بين المطوَّل والمختصر، مفقود.
3. المختصر: " المغني عن حمل الأسفار في الأسفار" وهو على هامش الإحياء المطبوع.
وممن ذكر ذلك ونبه عليه الحافظ ابن حجر، وذكر ذلك بالتفصيل محمد بن فهد المكي (787 - 871هـ) وأشار إلى تخاريج شيخه العراقي الثلاثة على الإحياء.
ومثاله أيضًا ما صنعه الحافظ ابن حجر في تخريجه للأحاديث المعلقة في صحيح البخاري، فكتابه " تغليق التعليق" هو تخريج كبير موسع، وكتابه " التشويق إلى تغليق التعليق" هو تخريج وسط، وكذلك ما يفعله في أثناء فتح الباري. وتخريجه للمعلقات في " هدي الساري" هو تخريج مختصر وجيز.
وهناك كتاب لابن الملقن (804هـ) هو " البدر المنير في تخريج الأحاديث، والآثار الواقعة في شرح الرافعي الكبير"، وهو تخريج موسع، وله "خلاصة البدر المنير" وهو تخريج وسط، وله تخريج صغير، هو: " منتقى خلاصة البدر المنير في تخريج الأحاديث الواقعة في الشرح الكبير".
والميزان لمعرفة أنواع التخريج هو: إما كلام المؤلف نفسه، وإما الضوابط التي يضعها ويعتبرها المؤلف.
وبقيت الإشارة إلى أنه قد يكون لعالم من العلماء تخريجًا موسعًا في حديث واحد فقط.
ولكل نوع من الأنواع الثلاثة المذكورة من أنواع التخريج تعريف خاص به، وله عناصر وضوابط ودواعٍ، ويجب التنبيه على أن الباحث قد يتحتم عليه سلوك أحد هذه الأنواع عند تخريجه مادة بحثه، فإن لم يأخذ به يكون مؤاخذًا بفعله حينئذٍ، وإليك تفصيل هذه الأنواع.

الهوامش:
(1) النكت على ابن الصلاح، لابن حجر العسقلاني، ص: 149.

ابو وليد البحيرى
2018-02-08, 01:22 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


المصنفات (2)





النوع الثالث: المصنفات130



لجمع الحديث حسب الراوي أو المروي، وهي الأجزاء الحديثية

والجزء الحديثي: هو الكتاب الذي تجمع فيه الأحاديث المروية عن رجل واحد من الصحابة، أو من بعدهم، أو المصنف الذي يجمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد.
ومن خلال التعريف نلحظ أنها قد تكون حسب أحد أجزاء السند (الراوي)، أو على موضوع الحديث (المروي).
فمن أمثلة ما كان منها على حسب الصحابة:-
أ*- مسند أبي بكر الصديق، لأبي بكر أحمد بن علي المروزي (292هـ).
ب*- مسند عائشة بنت أبي بكر، لأبي بكر عبد الله بن أبي داود (316هـ).
ومن أمثلة ما كان منها على حسب أحد الرواة دون الصحابي:-
أ*- جزء فيه حديث أيوب السختياني، لإسماعيل بن إسحاق القاضي (282هـ).
ب*- جزء فيه حديث سفيان بن عيينة، لأبي يحيى زكريا بن يحيى المروزي (270هـ).
ومن أمثلة ما كان منها على حسب المروي:-
أ*- جزء البطاقة، لحمزة بن محمد الكناني (357هـ).
ب*- فضل عشر ذي الحجة، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (360هـ).
القسم الثاني من المصادر الأصلية: كتب مصنفة في علوم شتى، ولكن مصنفوها يوردون الأحاديث والآثار بالأسانيد عن شيوخهم إلى نهاية السند.
فهم لم يقصدوا أصلاً جمع الحديث، ولكن عند حاجتهم للاستشهاد بحديث، أو أثر ما فإنهم يروونه بالأسانيد.

ومن أمثلة هذه الكتب:
1. جامع البيان في تأويل آي القرآن, لابن جرير الطبري (310هـ).
2. معالم التنزيل, للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي (516هـ). فهذه الكتب في التفسير لكنها تورد الأحاديث والآثار بأسانيد مستقلة لمؤلفيها، فلذلك تعد مصدرًا أصليًا يصح التخريج منه.
3. شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة, للإمام هبة الله بن الحسن اللالكائي (418هـ).
4. الاعتقاد, للإمام البيهقي.
5. الأسماء والصفات، للإمام البيهقي أيضًا.
وهذه الكتب في منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة، ونجد المصنف منهم يروي الأحاديث والآثار بأسانيد عن شيوخه، فلذلك تعد مصدرًا أصليًا يصح التخريج منه.
6. كتاب الأم، للإمام محمد بن إدريس الشافعي (204هـ).
7. المحلى لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري (456هـ).
فهذه كتب في الفقه، لكن تروى فيها الأحاديث والآثار بأسانيد مستقلة لمؤلفيها، فلذلك تعد مصدرًا أصليًا يصح التخريج منه.
8. كتاب الرسالة، للإمام الشافعي.
9. كتاب إحكام الأحكام لابن حزم.
فهذه الكتب في أصول الفقه، لكنها تروي الأحاديث والآثار التي تورد فيها بأسانيد مستقلة لمؤلفيها، فلذلك تعد مصدرًا أصليًا يصح التخريج منه.
10.كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، لأبي حاتم محمد بن حبان البستي (354هـ).
وهذا في تزكية النفس وتربيتها، فيجمع لذلك الحكم، والأمثال، والأشعار، ويروي الأحاديث والآثار بأسانيد عن شيوخه، فلذلك يعد مصدرًا أصليًا يصح التخريج منه.
11. المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، للقاضي الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي (360هـ).
12.كتاب معرفة علوم الحديث، لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري (405هـ).
13.الكفاية في علم الرواية، للخطيب البغدادي (463هـ).
فهذه الكتب تشتمل على ذكر أنواع علوم الحديث، وتروى الأحاديث والآثار فيها بأسانيد مستقلة لمؤلفيها، فلذلك تعد مصدرًا أصليًا يصح التخريج منه.
14.كتاب الكامل في ضعفاء الرجال، لأبي أحمد بن عبد الله بن عدي الجرجاني (365هـ).
وهو كتاب جمع فيه أسماء الرواة الضعفاء والثقات الذين تكلم فيهم، ويروي الأحاديث والآثار بأسانيد عن شيوخه، فلذلك يعد مصدرًا أصليًا يصح التخريج منه.
15.كتاب تاريخ الأمم والملوك للإمام ابن جرير الطبري (310هـ).
وهو كتاب يتحدث عن تاريخ البشرية منذ آدم - عليه السلام- إلى زمان المؤلف، وتروى فيه الأحاديث بأسانيد مستقلة للمؤلف، فلذلك يعد مصدرًا أصليًا يصح التخريج منه.
فعلى هذا فكل كتاب يورد فيه مؤلفه الأحاديث والآثار بالأسانيد يعد مصدرًا أصليًا، يصح التخريج منه، والعزو إليه، وإن لم يقصد مؤلفه من تأليفه جمع الأحاديث والآثار.
ثانيًا: المصادر الفرعية:
المصادر الفرعية هي كل كتاب يجمع فيه مصنفه الأحاديث من المصادر الأصلية، من غير رواية لها بأسانيده.
وهي إما حسب أحد أجزاء السند (الراوي)، أو على موضوع الحديث (المروي).
القسم الأول: المصادر الفرعية المصنفة على حسب السند، وهي على نوعين:
1.كتب الأطراف:
الأطراف لغةً: جمع طرف، وهو الطائفة من الشيء.
وعند المحدثين: ذكر جزء من الحديث يدل على باقيه، وبيان من أخرجه.
مثل:
أ*- تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، ليوسف بن عبد الرحمن المزي (742هـ).
ب*- إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ).
2.كتب الجوامع:
وهي الكتب التي جمعت الأحاديث من مصادر عدة، وذكرها بأسانيدها، أو بدون أسانيدها، مثل:
أ*- جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (774هـ).
ب*- قسم الأحاديث الفعلية من " جمع الجوامع" لجلال الدين السيوطي (911هـ).
القسم الثاني: المصادر الفرعية المصنفة على حسب المتن، وهي على أربعة أنواع:
1.كتب الزوائد:
وهي الكتب التي يجمع فيها مصنفوها الأحاديث الزائدة في كتاب، أو عدة كتب، على كتاب أو كتب أخرى، مثل:
أ*- مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه، لأحمد بن أبي بكر البوصيري (840هـ)، جمع فيه البوصيري الأحاديث الزائدة في سنن ابن ماجه على ما جاء في الكتب الستة.
ب*- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (807هـ)، جمع فيه الهيثمي الأحاديث الزائدة الواردة في مسند الإمام أحمد، ومسند أبي يعلى، ومسند البزار، ومعاجم الطبراني الثلاثة، على ما جاء في الكتب الستة.
ج- المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ)، جمع فيه ابن حجر الأحاديث الزائدة الواردة في مسند أبي يعلى، ومسند مسدد بن مسرهد، ومسند ابن أبي عمر العدني، ومسند أحمد بن منيع، ومسند الطيالسي، ومسند الحارث بن أبي أسامة، ومسند الحميدي، ومسند إسحاق بن راهويه، على ما في الكتب الستة.
2. كتب التخريج:
وهي الكتب المصنفة في تخريج أحاديث كتاب من الكتب، وأشهرها: الكتب المصنفة في تخريج أحاديث كتب الفقه.
مثال:-
أ*- نصب الراية لأحاديث الهداية، للحافظ جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي (762هـ).
ب*- الهداية في تخريج أحاديث البداية، للحافظ أحمد بن الصديق الغماري (1380هـ)، وهو في تخريج أحاديث كتاب: بداية المجتهد لابن رشد في المذهب المالكي.
ج- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، للحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ)، وهو في تخريج أحاديث كتاب: الشرح الكبير للرافعي في المذهب الشافعي.
د- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، للعلامة محمد ناصر الدين الألباني، وهو في تخريج أحاديث كتاب: منار السبيل لابن ضويان في المذهب الحنبلي.

ابو وليد البحيرى
2018-02-09, 09:09 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر




الجوامع(3)



جمع جامع وهو: كل كتاب يجمع فيه مؤلفه جميع الأبواب المحتاج إليها في الدين من العقائد، والعبادات، والمعاملات، والسير، والمناقب، والرقائق، والفتن، والتفسير، وهي مجموعة في قولنا: " عارف شامت" ومن أمثلة ذلك:
أ*- الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وسننه وأيامه، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (256هـ).
ب*-الجامع المختصر من السنن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ومعرفة الصحيح والمعلول، وما عليه العمل، لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (279هـ)، وقد يسمى بجامع الترمذي، والجامع الكبير، وسنن الترمذي، وسمي خطأ (صحيح الترمذي).
7. المستدركات:
جمع مستدرك، وهو: كل كتاب جمع فيه مصنفه الأحاديث التي استدركها على كتاب مصنف آخر مما فات صاحب الكتاب، وهو على شرطه، ومن أمثلة ذلك:-
أ - المستدرك على الصحيحين، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري (405هـ).
8. كتب مفردة في معان معينة:
وأبرز المعاني التي جمعت أحاديثها في مصنفات:-
أ - الشمائل المحمدية:
وهي الكتب التي تجمع ما جاء في أوصاف النبي - صلى الله عليه وسلم- الخَلقية والخُلقية.
ومن أمثلتها:
-الشمائل المحمدية لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (279هـ).
-الأنوار في شمائل المختار، للحسين بن مسعود البغوي (516هـ).
-أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم-، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن حيان، المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني (369هـ).
أ*-دلائل النبوة:
وهي كتب تجمع الأدلة على نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم-، ومن أمثلتها:
- دلائل النبوة، لأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي (301هـ).
- دلائل النبوة، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (430هـ).
- دلائل النبوة، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ).
- دلائل النبوة، لأبي القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني (535هـ).
ت - الآداب والأخلاق:
وهي الكتب التي تعني بتزكية النفس، وتحليها بمكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم.
ومن أمثلتها:
-الأدب المفرد، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (256هـ).
-الآداب، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ).
-محاسن الأخلاق ومعاليها، لأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي (327هـ).
-مساويء الأخلاق ومذمومها، لأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي (327هـ).
ث _ الزهد:
وهي الكتب التي تجمع ما جاء في الحث على التقلل من الدنيا، والزهد فيها، والترغيب فيما عند الله.
ومن أمثلتها:
-الزهد، لعبد الله بن المبارك الحنظلي (183هـ).
-الزهد، لوكيع بن الجراح الرؤاسي (197هـ).
-الزهد، للإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241هـ).
-الزهد، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ).
ج - الإيمان، التوحيد، السنة:
وهي الكتب التي تعني بأحاديث العقائد.
ومن أمثلتها:
-الإيمان، لمحمد بن إسحاق بن منده (395هـ).
-كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب - عز وجل-، لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (311هـ).
-السنة، لعبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني (290).
ح - فضائل القرآن:
وهي الكتب التي تعني بأحاديث فضل القرآن, وفضائل سوره وآياته، وفضل قارئه، ومن أمثلتها:
-فضائل القرآن، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (224هـ).
-فضائل القرآن، لأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي (301هـ).
النوع الثاني: المصنفات على حسب أحد أجزاء السند (الراوي).
وقد تكون على حسب الراوي الأعلى، أو الأدنى.
فما كان على حسب الراوي الأعلى فهو على نوعين:
1.المسانيد:
جمع مسند، وهي الكتب التي موضوعها جمع حديث كل صحابي على حدة، صحيحًا كان أو حسنًا أو ضعيفًا (1). ومن أمثلة هذا النوع:
أ*- مسند الطيالسي، لأبي داود سليمان بن داود الطيالسي (204هـ).
ب*- مسند الحميدي، لأبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي (219هـ).
ج- مسند الإمام أحمد، للإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241هـ).
د - مسند أبي يعلى، لأبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي (307هـ).
هـ - مسند الشاشي، لأبي سعيد الهيثم بن كليب الشاشي (335هـ).
2. المعاجم:
جمع معجم، وهو في اصطلاح المحدثين: الكتاب الذي ترتب فيه الأحاديث على مسانيد الصحابة أو الشيوخ، أو البلدان، أو غير ذلك، والغالب أن يكونوا مرتبين على حروف الهجاء. (2)
ومن أمثلة هذا النوع:-
أ*- معجم الصحابة، لأبي الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي (351هـ).
ب*- المعجم الكبير، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (360هـ).
ج*- معرفة الصحابة، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (430هـ)، وإن لم يسمه مؤلفه بالمعجم لكن ترتيب التراجم فيه على حروف المعجم.
وما كان على حسب الراوي الأدنى فهو على ثلاثة أنواع، هي:
1. معاجم الشيوخ:
وهي الكتب المصنفة في ذكر أسماء شيوخ أحد المصنفين، ويروي فيها أحاديثه، أو بعضها بأسانيده.
مثل:
أ*- المعجم - معجم شيوخ أبي يعلى الموصلي - لأبي يعلى، أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي (307هـ).
ب*- كتاب المعجم، لأبي سعيد، أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي (341هـ).

ج- المعجم الصغير، والمعجم الأوسط، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (360هـ).

2. المشيخات:
هي مثل معاجم الشيوخ، ولكن من غير ترتيب للأسماء، مثل:-
أ*- مشيخة ابن طهمان، لأبي سعيد إبراهيم بن طهمان (163هـ).
ب*- مشيخة ابن شاذان الصغرى، لأبي علي بن الحسن بن شاذان (426هـ).
3. الفوائد:
هي الكتب التي تجمع غرائب أحاديث الشيوخ، ومفاريد مروياتهم، مثل:-
أ*- الفوائد المنتخبة العوالي عن الشيوخ الثقات، لأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي (354هـ)، والمعروفة بالغيلانيات؛ لأنها من رواية أبي طالب محمد بن محمد بن غيلان (440هـ).
ب*- فوائد تمام الرازي، لتمام بن محمد بن عبد الله الرازي (414هـ).

الهوامش:
(1) الرسالة المستطرفة للكتاني: 60.
(2) الرسالة المستطرفة للكتاني: 35.

ابو وليد البحيرى
2018-07-07, 02:45 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


تعريف التخريج اصطلاحاً(4)



تعريف التخريج اصطلاحًا:




عرَّف الدكتور/ محمود الطحان التخريج بقوله: " هو الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصلية التي أخرجته بسنده، ثم بيان مرتبته عند الحاجة" (1).
ثم قال في تفسير قوله: " ثم بيان مرتبته عند الحاجة": " أي بيان رتبة الحديث من الصحة والضعف وغيرها إذا دعت الحاجة لذلك، فليس بيان المرتبة إذن شيئًا أساسيًا في التخريج، وإنما هو أمر متمم يؤتى به عند الحاجة إليه" (2)
إلا أن العلامة الدكتور/ محمد أبو شهبة عرَّفه بقوله: " عزو الأحاديث إلى من ذكرها في كتابه من الأئمة، وبيان درجتها من الصحة، أو الحسن، أو الضعف" (3).
وعرَّفه الأستاذ صبحي السامرائي فقال: " هو عزو الحديث إلى مصدره، أو مصادره من كتب السنة المشرفة، وتتبع طرقه وأسانيده، وحال رجاله، وبيان درجته قوةً وضعفًا" (4).
فالدكتور/ أبو شهبة والأستاذ السامرائي أدخلا في التعريف " بيان درجة الحديث من الصحة أو الحسن أو الضعف" دون تقييد (عند الحاجة) كما ذكر الدكتور/ الطحان.
قلت: ومما يرجح قولهما على قوله أقوال المحدثين، وواقع عملهم في كتب التخريج.
قال العراقي في المغني مبينًا منهجه في التخريج: " اقتصرت فيه على ذكر طرق الحديث، وصحابيه، ومخرجه، وبيان صحته، أو حسنه، أو ضعف مخرجه، فإن ذلك هو المقصود الأعظم عند أبناء الآخرة، بل وعند كثير من المحدثين عند المذاكرة والمناظرة، وأبين ما ليس له أصل في كتب الأصول" (5).
وقال السيوطي: " العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث، وسقيمه، وعلله، واختلاف طرقه ورجاله جرحًا وتعديلاً" (6)
وقال المناوي متعقبًا أحكام السيوطي على أحاديث كتابه الجامع الصغير، إذ اكتفى في الحكم بالإشارة والرمز، قال: " كان ينبغي له- أي السيوطي- أن يعقب كل حديث بالإشارة بحاله بلفظ: صحيح، أو حسن، أو ضعيف في كل حديث، فلو فعل ذلك كان أنفع وأصنع، ولم يزد الكتاب به إلا وريقات لا يطول بها، وأما ما يوجد في بعض النسخ من الرمز إلى الصحيح، والحسن، والضعيف بصورة رأس صاد، وحاء، وضاد، فلا ينبغي الوثوق به؛ لغلبة تحريف النساخ، على أنه وقع له ذلك في بعض دون بعض، فكان المتعين ذكر كتابة صحيح، أو حسن، أو ضعيف في كل حديث.
قال العلائي: من ذكر حديثًا اشتمل سنده على من فيه ضعف أن يوضح حاله خروجًا عن عهدته، وبراءةً من ضعفه" (7).
والمطلع على كتب التخريج يرى أن المخرجين يبينون درجة الحديث من حيث القوة والضعف، فمنهم من يبينه اختصارًا كما هو الحال في تخريج العراقي لأحاديث " إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي، وتخريجه لأحاديث " المنهاج" للبيضاوي.
ومنهم من يبينه تفصيلاً، بعد عرض لأقوال العلماء ومناقشتها، كما هو الحال في تخريج الحافظ الزيلعي لأحاديث" الهداية" للمرغيناني، وتخريج الحافظ ابن حجر لأحاديث " شرح الوجيز الكبير" للرافعي.
وأهمية كتب التخريج تأتي أولاً من بيان حال الأحاديث المخرجة من الصحة والضعف، ويظهر تمكن مؤلف " التخريج" في الحديث روايةً ودرايةً، من بحثه في بيان درجة الحديث، من خلال استيفاء الكلام على طرقه، والكشف عن علله، والتحقيق في رجاله جرحًا وتعديلاً.
ولذا فإن قول الدكتور/ الطحان: " ثم بيان مرتبته عند الحاجة" يرده قول المحدثين وواقع الحال في كتب التخريج التي ذكرت مرتبة الحديث بعد ذكر مخرجيه، إما نصًا، وإما إشارةً، كذكر أحد رواته بالضعف، أو ما يشير إلى قبول الحديث أو رده (8).
وعليه فيمكن القول في تعريف التخريج اصطلاحًا بأنه: " عزو الحديث إلى من رواه من أصحاب المصادر الأصلية، مع ذكر طرقه، ودراستها، وبيان درجة الحديث".
شرح التعريف:
1. عزو الحديث، معناه: نسبة الحديث إلى من أخرجه من الأئمة، وله صورتان:
الأولى: العزو الإجمالي، وذلك بأن يقتصر على مجرد الإحالة إلى من أخرج الحديث, أو ذكر اسم المصدر الذي يروى فيه الحديث، كأن يقال مثلاً: " أخرجه البخاري في صحيحه"، أو" أخرجه الترمذي في سننه"، أو" أخرجه الطبراني في معجمه"، ونحو ذلك من العبارات، وهذه طريقة المتقدمين في الغالب؛ لاكتفائهم بذلك في معرفة موضع الحديث.
الثانية: العزو التفصيلي، وللمتأخرين فيه عدة مسالك، منها: أن يزاد على ما سبق بذكر ترجمة الكتاب التفصيلي، وترجمة الباب، ورقم المجلد، والصفحة، والحديث، فيقال مثلاً: " أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب في طهور الأرض إذا يبست، رقم: (382)، ج: 1 ص: 198، وهكذا.
2. المصادر الأصلية: مصادر الحديث متعددة ومتنوعة، لكنها تنقسم إلى قسمين:
أ*- المصادر الأصلية.
ب*- المصادر الفرعية.
أولاً: المصادر الأصلية:
تعريفها:
المصدر الأصلي: هو كل كتاب يروي فيه مصنفه الأحاديث بأسانيده عن شيوخه عمن فوقهم، حتى يصل إلى المتن.
مثاله:
قال الإمام البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، رقم:(69): حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثني أبو التياح، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا".
ففي هذا المثال نجد الإمام البخاري يذكر سلسلة الرجال الذين نقلوا الحديث قبل أن يذكر متن الحديث.
أقسام المصادر الأصلية:
القسم الأول: كتب السنة الشريفة التي صنفت من أجل جمع الأحاديث بالأسانيد، وهي على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المصنفات على حسب موضوع المتن (المروي)، وهي على ثمانية أنحاء.
أ*-الصحاح:
الصحاح: كل كتاب اشترط مصنفه جمع الأحاديث الصحيحة، سواء وفى في كتابه بشروط الحديث الصحيح أولم يوف بها.
ومن الكتب التي اشترط صاحبها جمع الصحيح ووفى بشروطه:
أ*- صحيح البخاري، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله، وسننه، وأيامه، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة (256هـ).
ب*- صحيح مسلم، المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري المتوفى سنة (261هـ).
ومن الكتب التي اشترط صاحبها جمع الصحيح ولم يوف بشروطه:
أ*- صحيح ابن خزيمة، لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري المتوفى سنة (311هـ)، ولا يوجد من الكتاب إلا ربعه الأول.
ب*- صحيح ابن حبان، لأبي حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة (354هـ)، واسم الكتاب الذي وضعه مصنفه:" التقاسيم والأنواع"، ثم قام الأمير على بن بلبان الفارسي المتوفى سنة (739هـ)، بترتيبه على الأبواب وسماه: "الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان".
ب*-السنن:
السنن: الكتب التي جمعت الأحاديث مرتبة على الأبواب الفقهية (9).
ومن أمثلة هذا النوع:-
أ*- سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ).
ب*- سنن النسائي، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (303هـ)، وقد تسمى بالمجتبى، وهي مختصرة عن السنن الكبرى له.
ج*- سنن ابن ماجه، لأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني (273هـ).
د*-سنن الدارمي، لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (255هـ)، وقد يسمى بمسند الدارمي؛ لأنه يذكر الأحاديث بالأسانيد.
هـ - سنن الدارقطني، لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني (385هـ).
و- السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ).
3.المصنفات:
جمع مصنف وهو: الكتاب المصنف على الأبواب الفقهية، ويشتمل على الأحاديث المرفوعة، والموقوفة، والمقطوعة، ومن أمثلة هذا النوع:
أ - المصنف لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (211هـ).
ب- المصنف لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي (235هـ).
4. الموطآت:
جمع موطأ وهو: الكتاب المصنف على الأبواب الفقهية، ويشمل على الأحاديث المرفوعة، والموقوفة، والمقطوعة.
وهي مثل المصنفات، وإن اختلفت الأسماء، ومن أمثلة الموطآت:-
أ*- الموطأ، للإمام مالك بن أنس الأصبحي (179هـ).
5. المستخرجات:
جمع مستخرج وهو: كل كتاب خرج فيه مصنفه أحاديث كتاب لغيره من المؤلفين بأسانيد لنفسه من غير طريق المؤلف الأول، بحيث يلتقي مع شيخه، أو شيخ شيخه فمن فوقه، ومن أمثلة ذلك:
أ - المستخرج على صحيح البخاري، لأبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي (371هـ).
ب- المسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني(430هـ).
الهوامش:
(1) المصدر السابق (نفسه).
(2) أصول التخريج: 14.
(3) حاشية كتاب" الوسيط في علوم ومصطلح الحديث" ص: 353.
(4) مقدمة تحقيقه لتخريج أحاديث مختصر المنهاج للحافظ العراقي.
(5) المغني عن حمل الأسفار بهامش الإحياء: 1/ 1.
(6) طبقات الحفاظ: 534.
(7) فيض القدير: 1/40-41.
(8) أسباب اختلاف المحدثين لخلدون الأحدب: 2/706.
(9) الرسالة المستطرفة للكتاني: 32.

ابو وليد البحيرى
2018-07-13, 04:26 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


تعريف التخريج اصطلاحاً(4)



تعريف التخريج اصطلاحًا:




عرَّف الدكتور/ محمود الطحان التخريج بقوله: " هو الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصلية التي أخرجته بسنده، ثم بيان مرتبته عند الحاجة" (1).
ثم قال في تفسير قوله: " ثم بيان مرتبته عند الحاجة": " أي بيان رتبة الحديث من الصحة والضعف وغيرها إذا دعت الحاجة لذلك، فليس بيان المرتبة إذن شيئًا أساسيًا في التخريج، وإنما هو أمر متمم يؤتى به عند الحاجة إليه" (2)
إلا أن العلامة الدكتور/ محمد أبو شهبة عرَّفه بقوله: " عزو الأحاديث إلى من ذكرها في كتابه من الأئمة، وبيان درجتها من الصحة، أو الحسن، أو الضعف" (3).
وعرَّفه الأستاذ صبحي السامرائي فقال: " هو عزو الحديث إلى مصدره، أو مصادره من كتب السنة المشرفة، وتتبع طرقه وأسانيده، وحال رجاله، وبيان درجته قوةً وضعفًا" (4).
فالدكتور/ أبو شهبة والأستاذ السامرائي أدخلا في التعريف " بيان درجة الحديث من الصحة أو الحسن أو الضعف" دون تقييد (عند الحاجة) كما ذكر الدكتور/ الطحان.
قلت: ومما يرجح قولهما على قوله أقوال المحدثين، وواقع عملهم في كتب التخريج.
قال العراقي في المغني مبينًا منهجه في التخريج: " اقتصرت فيه على ذكر طرق الحديث، وصحابيه، ومخرجه، وبيان صحته، أو حسنه، أو ضعف مخرجه، فإن ذلك هو المقصود الأعظم عند أبناء الآخرة، بل وعند كثير من المحدثين عند المذاكرة والمناظرة، وأبين ما ليس له أصل في كتب الأصول" (5).
وقال السيوطي: " العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث، وسقيمه، وعلله، واختلاف طرقه ورجاله جرحًا وتعديلاً" (6)
وقال المناوي متعقبًا أحكام السيوطي على أحاديث كتابه الجامع الصغير، إذ اكتفى في الحكم بالإشارة والرمز، قال: " كان ينبغي له- أي السيوطي- أن يعقب كل حديث بالإشارة بحاله بلفظ: صحيح، أو حسن، أو ضعيف في كل حديث، فلو فعل ذلك كان أنفع وأصنع، ولم يزد الكتاب به إلا وريقات لا يطول بها، وأما ما يوجد في بعض النسخ من الرمز إلى الصحيح، والحسن، والضعيف بصورة رأس صاد، وحاء، وضاد، فلا ينبغي الوثوق به؛ لغلبة تحريف النساخ، على أنه وقع له ذلك في بعض دون بعض، فكان المتعين ذكر كتابة صحيح، أو حسن، أو ضعيف في كل حديث.
قال العلائي: من ذكر حديثًا اشتمل سنده على من فيه ضعف أن يوضح حاله خروجًا عن عهدته، وبراءةً من ضعفه" (7).
والمطلع على كتب التخريج يرى أن المخرجين يبينون درجة الحديث من حيث القوة والضعف، فمنهم من يبينه اختصارًا كما هو الحال في تخريج العراقي لأحاديث " إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي، وتخريجه لأحاديث " المنهاج" للبيضاوي.
ومنهم من يبينه تفصيلاً، بعد عرض لأقوال العلماء ومناقشتها، كما هو الحال في تخريج الحافظ الزيلعي لأحاديث" الهداية" للمرغيناني، وتخريج الحافظ ابن حجر لأحاديث " شرح الوجيز الكبير" للرافعي.
وأهمية كتب التخريج تأتي أولاً من بيان حال الأحاديث المخرجة من الصحة والضعف، ويظهر تمكن مؤلف " التخريج" في الحديث روايةً ودرايةً، من بحثه في بيان درجة الحديث، من خلال استيفاء الكلام على طرقه، والكشف عن علله، والتحقيق في رجاله جرحًا وتعديلاً.
ولذا فإن قول الدكتور/ الطحان: " ثم بيان مرتبته عند الحاجة" يرده قول المحدثين وواقع الحال في كتب التخريج التي ذكرت مرتبة الحديث بعد ذكر مخرجيه، إما نصًا، وإما إشارةً، كذكر أحد رواته بالضعف، أو ما يشير إلى قبول الحديث أو رده (8).
وعليه فيمكن القول في تعريف التخريج اصطلاحًا بأنه: " عزو الحديث إلى من رواه من أصحاب المصادر الأصلية، مع ذكر طرقه، ودراستها، وبيان درجة الحديث".
شرح التعريف:
1. عزو الحديث، معناه: نسبة الحديث إلى من أخرجه من الأئمة، وله صورتان:
الأولى: العزو الإجمالي، وذلك بأن يقتصر على مجرد الإحالة إلى من أخرج الحديث, أو ذكر اسم المصدر الذي يروى فيه الحديث، كأن يقال مثلاً: " أخرجه البخاري في صحيحه"، أو" أخرجه الترمذي في سننه"، أو" أخرجه الطبراني في معجمه"، ونحو ذلك من العبارات، وهذه طريقة المتقدمين في الغالب؛ لاكتفائهم بذلك في معرفة موضع الحديث.
الثانية: العزو التفصيلي، وللمتأخرين فيه عدة مسالك، منها: أن يزاد على ما سبق بذكر ترجمة الكتاب التفصيلي، وترجمة الباب، ورقم المجلد، والصفحة، والحديث، فيقال مثلاً: " أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب في طهور الأرض إذا يبست، رقم: (382)، ج: 1 ص: 198، وهكذا.
2. المصادر الأصلية: مصادر الحديث متعددة ومتنوعة، لكنها تنقسم إلى قسمين:
أ*- المصادر الأصلية.
ب*- المصادر الفرعية.
أولاً: المصادر الأصلية:
تعريفها:
المصدر الأصلي: هو كل كتاب يروي فيه مصنفه الأحاديث بأسانيده عن شيوخه عمن فوقهم، حتى يصل إلى المتن.
مثاله:
قال الإمام البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، رقم:(69): حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثني أبو التياح، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا".
ففي هذا المثال نجد الإمام البخاري يذكر سلسلة الرجال الذين نقلوا الحديث قبل أن يذكر متن الحديث.
أقسام المصادر الأصلية:
القسم الأول: كتب السنة الشريفة التي صنفت من أجل جمع الأحاديث بالأسانيد، وهي على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المصنفات على حسب موضوع المتن (المروي)، وهي على ثمانية أنحاء.
أ*-الصحاح:
الصحاح: كل كتاب اشترط مصنفه جمع الأحاديث الصحيحة، سواء وفى في كتابه بشروط الحديث الصحيح أولم يوف بها.
ومن الكتب التي اشترط صاحبها جمع الصحيح ووفى بشروطه:
أ*- صحيح البخاري، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله، وسننه، وأيامه، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة (256هـ).
ب*- صحيح مسلم، المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري المتوفى سنة (261هـ).
ومن الكتب التي اشترط صاحبها جمع الصحيح ولم يوف بشروطه:
أ*- صحيح ابن خزيمة، لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري المتوفى سنة (311هـ)، ولا يوجد من الكتاب إلا ربعه الأول.
ب*- صحيح ابن حبان، لأبي حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة (354هـ)، واسم الكتاب الذي وضعه مصنفه:" التقاسيم والأنواع"، ثم قام الأمير على بن بلبان الفارسي المتوفى سنة (739هـ)، بترتيبه على الأبواب وسماه: "الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان".
ب*-السنن:
السنن: الكتب التي جمعت الأحاديث مرتبة على الأبواب الفقهية (9).
ومن أمثلة هذا النوع:-
أ*- سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ).
ب*- سنن النسائي، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (303هـ)، وقد تسمى بالمجتبى، وهي مختصرة عن السنن الكبرى له.
ج*- سنن ابن ماجه، لأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني (273هـ).
د*-سنن الدارمي، لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (255هـ)، وقد يسمى بمسند الدارمي؛ لأنه يذكر الأحاديث بالأسانيد.
هـ - سنن الدارقطني، لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني (385هـ).
و- السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ).
3.المصنفات:
جمع مصنف وهو: الكتاب المصنف على الأبواب الفقهية، ويشتمل على الأحاديث المرفوعة، والموقوفة، والمقطوعة، ومن أمثلة هذا النوع:
أ - المصنف لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (211هـ).
ب- المصنف لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي (235هـ).
4. الموطآت:
جمع موطأ وهو: الكتاب المصنف على الأبواب الفقهية، ويشمل على الأحاديث المرفوعة، والموقوفة، والمقطوعة.
وهي مثل المصنفات، وإن اختلفت الأسماء، ومن أمثلة الموطآت:-
أ*- الموطأ، للإمام مالك بن أنس الأصبحي (179هـ).
5. المستخرجات:
جمع مستخرج وهو: كل كتاب خرج فيه مصنفه أحاديث كتاب لغيره من المؤلفين بأسانيد لنفسه من غير طريق المؤلف الأول، بحيث يلتقي مع شيخه، أو شيخ شيخه فمن فوقه، ومن أمثلة ذلك:
أ - المستخرج على صحيح البخاري، لأبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي (371هـ).
ب- المسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني(430هـ).
الهوامش:
(1) المصدر السابق (نفسه).
(2) أصول التخريج: 14.
(3) حاشية كتاب" الوسيط في علوم ومصطلح الحديث" ص: 353.
(4) مقدمة تحقيقه لتخريج أحاديث مختصر المنهاج للحافظ العراقي.
(5) المغني عن حمل الأسفار بهامش الإحياء: 1/ 1.
(6) طبقات الحفاظ: 534.
(7) فيض القدير: 1/40-41.
(8) أسباب اختلاف المحدثين لخلدون الأحدب: 2/706.
(9) الرسالة المستطرفة للكتاني: 32.

ابو وليد البحيرى
2018-07-24, 10:54 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر



مقدمة(5)



الحمد لله رب العالمين، حمدًا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، ويليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن تخريج الحديث ودراسة إسناده ومتنه أمر من الأهمية بمكان كبير، وذلك أن الحديث دين تعبدنا الله بما فيه من أمر ونهي، وحظر وإباحة، ومن ثَمَّ فلا يليق بمسلم- فضلاً عن طالب علم- أن يستشهد بأيّ حديث أو يرويه إلا بعد معرفة من رواه من الأئمة، وما درجته من الصحة أو الحسن أو الضعف، ويؤكد ذلك عدة أمور:
أولاً: قول الله تعالى: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)) [الإسراء: 36]، فمن نسب الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دون تخريج ومعرفة بمرتبته فقد قفا ما ليس له به علم، ومن ثَمَّ وقع في المحذور.
وثانيها: ما رواه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه من حديث سمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين).
وما رواه الإمام مسلم أيضًا في مقدمة صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع)).
والحديثان أخرجهما ابن حبان في صحيحه، وترجم لهما بقوله: ((فصل: ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشيء إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم- وهو غير عالم بصحته)). فمن نسب الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو لا يعرف مصدره، ولا يعلم مرتبته فإنه يستحق دخول النار، ومعلوم أن من يستحق دخول النار هو تارك الواجب، أو مرتكب الحرام.
وثالثها: القاعدة الشرعية المشهورة: " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، وعدم الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- واجب، ولا يتم ذلك إلا بتخريج الحديث ومعرفة مرتبته، وعليه فتخريج الحديث واجب.
ورابعها: أن تخريج الحديث يعد أمانةً علميةً أيضًا، إذ إنه - كما هو مقرر في المنهجية العلمية- يتعين على الباحث نسبة الأقوال إلى صاحبها، وذكر المصادر والمراجع المعتمدة في نقل تلك الأقوال.
فإذا كان هذا مطلوبًا في حق أقوال عامة الناس، فما بالنا بالنسبة لمن أقواله تشريع؟ فمن الأمانة العلمية أن نخرج الحديث، ونبين مرتبته، مع ذكر المصادر والمراجع المعتمدة في ذلك، وإذا كان في عصور الرواية لا ينسب الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا بذكر إسناده، واشتهرت في تلك العصور المقولة الآتية: " الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" ففي عصرنا يعتبر تخريج الحديث هو إسنادنا، ولذا فما أحوجنا في هذا العصر إلى المقولة الآتية: " تخريج الحديث من الدين، ولولا التخريج لقال من شاء ما شاء"(1).
وإذا كان تخريج الحديث بهذه المثابة وتلك المنزلة، فإننا- بعون الله ومدده وتوفيقه- سنعرض في هذه الزاوية للتخريج ودراسة الأسانيد، معرفين بهما، مفصحين عن أصولهما وقواعدهما، ولا أدعي أني أتيت في هذا بعلم جديد، بل عملي من علم علمائنا ومشايخنا وليد، غير أني تحريت التأصيل والتقعيد؛ ليحسن عند الممارسة التطبيق، والله المعين، وهو ولي التوفيق.
التخريج:
أولاً: تعريفه
التخريج لغةً: من الخروج، وهو في أصل اللغة ضد الدخول، ثم يستعمل في عدة معانٍ كلها يدور حول البيان والظهور، يقال: خرجت خوارج فلان: إذا ظهرت نجابته، وتوجه لإبرام الأمور وإحكامها، ومنه قول الخطابي في تعريف الحديث الحسن: " هو ما عرف مخرجه" أي موضع خروجه، وهم رواة إسناده الذين خرج الحديث من طريقهم، ومنه قول المحدثين عن الحديث: "أخرجه البخاري" أي: أبرزه للناس وأظهره لهم ببيان مخرجه، وذلك بذكر رجال إسناده الذين خرج الحديث من طريقهم.
ومما جاء بهذا المعنى قوله تعالى: ((ذلك يوم الخروج))(2)أي: يوم البعث، حيث يخرج ويبرز الناس فيه من الأرض، وقال تعالى: ((وأخرج ضحاها))(3)أي: أبرز وأظهر نهارها ونورها(4).
التخريج عند المحدثين: يطلق التخريج عند المحدثين على عدة معان:
1. فيطلق على أنه مرادف لـ"لإخراج"، أي إبراز الحديث للناس بذكر مخرجه، أي رجال إسناده الذين خرج الحديث من طريقهم، فيقولون مثلاً: "هذا حديث أخرجه البخاري"، أو"خرجه البخاري" أي: رواه وذكر مخرجه استقلالاً.
قال ابن الصلاح: " وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان:
إحداهما: التصنيف على الأبواب، وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيرها.
والثانية: تصنيفه على المسانيد..." (5)، فالمراد بقوله: "تخريجه" أي: إخراجه وروايته للناس في كتابه.
2. ويطلق على معنى رواية المصنف الحديث في المستخرجات: والمستخرجات هي: أن يعمد الحافظ إلى كتاب مسند لغيره، فيخرج أحاديثه - أي يرويها- بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، بحيث يجتمع معه في شيخه- شيخ صاحب الكتاب- أو شيخ شيخه وهكذا، على أن يكون من حديث الصحابي نفسه.
قال الزركشي في ذلك: " حقيقته- أي الاستخراج- أن يأتي المصنف إلى كتاب البخاري أو مسلم، فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق البخاري أو مسلم، فيجتمع إسناد المصنف مع إسناد البخاري أو مسلم في شيخه أو من فوقه" (6).
وقد جاء التعبير عن المستخرجات بلفظ" التخريج" في كلام المحدثين، ومنهم: ابن الصلاح، حيث يقول: " التخاريج المذكورة على الكتابين- يعني الصحيحين- يستفاد منها فائدتان: إحداهما: علو الإسناد، والثانية: الزيادة في قدر الصحيح لما يقع فيها من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث، يثبت صحتها بهذه التخاريج؛ لأنها واردة بالأسانيد الثابتة في الصحيحين أو أحدهما، وخارجة من ذلك المخرج الثابت" (7).
3.ويطلق بمعنى إخراج المحدث المتأخر أسانيد مروياته من بطون المصنفات، والأجزاء، والمشيخات الحديثية.
قال السخاوي: " والتخريج: إخراج المحدِّث الأحاديث من بطون الأجزاء، والمشيخات، والكتب ونحوها، وسياقها من مرويات نفسه، أو بعض شيوخه، أو أقرانه، أو نحو ذلك، والكلام عليها، وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب والدواوين...." (7).
ومن الكتب المؤلفة في ذلك:
أ*-حديث أبي العُشَرَاء الدارمي، تخريج الحافظ أبي القاسم: تمام بن محمد الرازي.
ب*-الفوائد لأبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن منده، تخريج أخيه أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد.
ومما يلحق بذلك: ما يعمد إليه عدد من المحدثين الحفاظ وطلاب العلم في العصور المتأخرة، من رواية كتب الحديث بالإسناد إلى أصحابها، إبقاءً لفضيلة الرواية بالإسناد التي تميزت بها هذه الأمة عن غيرها من الأمم (8).
ويطلق على معنى الدلالة: أي الدلالة على مصادر الحديث الأصلية وعزوه إليها، وذلك بذكر من رواه من المؤلفين.
قال العراقي في مقدمة كتابه: تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في منهاج البيضاوي: " ذكرت في هذه الأوراق الأحاديث التي ضمنها قاضي القضاة ناصر الدين عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي... ذاكرًا من خرجها من الأئمة، وصحابي كل حديث، أو من رواه مرسلاً، مع التنبيه على صحتها، وضعفها على سبيل الاختصار" (9).
وقال المناوي في " فيض القدير" عند قول السيوطي: " وبالغت في تحرير التخريج" بمعنى اجتهدت في تهذيب عزو الأحاديث إلى مخرجيها من أئمة الحديث، من الجوامع، والسنن، والمسانيد، فلا أعزو إلى شيء منها إلا بعد التفتيش عن حاله، وحال مخرِّجه، ولا أكتفي بعزوه إلى من ليس من أهله - وإن جلّ- كعظماء المفسرين" (10).
والمعنى الأخير هذا للتخريج:هو الذي شاع واشتهر بين المحدثين، وكثر استعمال اللفظ فيه، ولاسيما في القرون المتأخرة، بعد أن بدأ العلماء بتخريج الأحاديث المبثوثة في بطون بعض الكتب لحاجة الناس إلى ذلك (11).


الهوامش:
(1) انظر: مجلة البيان- عدد (154)، بحث: تخريج الأحاديث النبوية فريضة شرعية وأمانة علمية، ص: 7- 8.
(2) سورة ق: 42.
(3) سورة النازعات: 29.
(4) ينظر: لسان العرب، مادة: خرج، وتاج العروس، مادة: خرج، والمعجم الوسيط: 1/ 223-224، تفسير البغوي: 4/ 445.
(5) مقدمة ابن الصلاح: 128.
(6) النكت على مقدمة ابن الصلاح: 1/ 229.
(7) مقدمة ابن الصلاح: 12، ط: دار الكتب العلمية.
(8) فتح المغيث: 3/ 318.
(9) ينظر: بحث" التخريج عند المحدثين" للدكتور/ دخيل بن صالح اللحيدان: ص: 95، بمجلة جامعة الإمام، العدد (28) شوال 1420هـ.
(10) ص: 33.
(11) فيض القدير: 1/ 20.
(12) أصول التخريج للدكتور/ الطحان: 10.

ابو وليد البحيرى
2018-08-02, 11:32 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر



التخريج الموسّع(6)



هو غاية التخريج، ونهاية المطاف، وهو التخريج الذي يقوم فيه المخرِّج بإيراد الحديث بأسانيده مع الكلام على رواته، وبيان درجته، وتوضيح الغامض في متنه، ثم يذكر ما يكون له من شواهد، وما يقع فيه من علل، ونحو ذلك، ومن أمثلته:
1. البدر المنير لابن الملقن، وقد طبع في عشرة مجلدات.
2. نصب الراية للزيلعي، وهو مطبوع في أربعة مجلدات.
3.إخبار الأحياء بأخبار الإحياء للعراقي، وهو مفقود.
دواعي التخريج الموسّع:
1.إثبات تواتر حديث ما، أو إثبات شهرته، أو استفاضته، فإذا كان هذا غرضًا من التخريج فإنه لا يتأتى بغير تخريج موسع.
مثاله: حديث المسح على الخفين، فقد توسع الزيلعي في نصب الراية (1/ 164) في تخريجه، وغرضه من التوسع ليس لإثبات الصحة، ولا لدفع العلة، وإنما قصد إثبات التواتر وشهرة الحديث.
2.الكشف عن العلة الواقعة في الحديث، أو دفع العلة عن الحديث، فجمع طرق الحديث وتتبعها، واستقصائها له دخل كبير، وأثر بالغ في إثبات العلة أو نفيها، قال ابن المديني: " الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تكشف علته".
مثال ذلك: حديث القلتين، فقد خرجه الدارقطني في سننه (1/ 13- 23) من نحو خمسة وعشرين طريقًا، واستطاع دفع العلة عن الحديث؛ نظرًا لزعم بعض العلماء وقوع الاضطراب في الحديث، وهذا مثال العلة التي دفعها العلماء عن الحديث.
ومثال العلة التي لا تندفع: حديث: (من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينها كنت له شافعًا)، فقد اتفق العلماء على أنه حديث ضعيف، وإن تعددت طرقه وكثرت، وتخريجه عند الزبيدي في مقدمة شرحه لإحياء علوم الدين (1/ 74- 77).
وحديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، وقد ألف الشيخ أحمد بن صديق الغماري في تخريجه كتابًا سماه " فتح الملك العلي بتصحيح حديث مدينة العلم علي" ولكن لم يستطع دفع العلة عن الحديث.
3.إثبات الشهرة والاستفاضة للحديث لدفع الغرابة عنه ولو كان صحيحًا.
مثاله: في إتحاف السادة المتقين (4/ 394) حديث عموم المغفرة للحجاج، فقد ادعى ابن الجوزي تفرد عبد العزيز بن أبي رواد به، وأخرج الحديث في العلل المتناهية، ورد عليه الحافظ ابن حجر، وألف فيه جزءًا مستقلاً سماه" الحِجاج في عموم المغفرة للحجاج"، وحاصل كلام الحافظ فيه: أن الضياء المقدسي صحّح الحديث في المختارة، وأخرج أبو داود طرفًا منه، وسكت عليه، فهو عنده صالح، أي: على شرط الحديث الحسن، وأخرج له أيضًا طرقًا أخرى، يعضد بعضها بعضًا، وله شواهد في حديث ابن عمر، وأنس، وغيرهما، والله أعلم.
4.بيان كثرة مخارج الحديث، وهذا يختلف عن كثرة الطرق، ومعناه: كثرة العلماء الذين خرجوه, أو كثرة الصحابة الذين رووه، وفي نصب الراية (1/ 23): أن عثمان كان يخلل لحيته، أخرجه الزيلعي عن أربعة عشر صحابيًا، وتعرض له المناوي في " فيض القدير" (5/ 115)، وقال بعد ذكر طرقه التي ذكرها السيوطي: " قال الهيثمي: بعض هذه الطرق رجاله موثقون، وفي بعضه مقال.
وأشار المصنف باستيعاب مخرجيه إلى رد قول أحمد، وأبي زرعة لا يثبت في تخليل اللحية حديث.
5. جمع ألفاظ الحديث، وشرحها، وبيان أحكامها، وأكثر ما يشمل هذا العنوان الأحاديث المشكلة والمختلف فيها.
مثاله: حديث ليلة القدر، وباب التماسها في ليالي العشر، والتماسها في الوتر، ويبدأ أولاً بجمع الطرق ولفظ المتن عن ذلك الصحابي، ثم البحث عن الشواهد له.
وقد توسع الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 302)، والعيني في العمدة (11/ 134)، في جمع ألفاظ الحديث في ليلة القدر، وجمع الحافظ ابن حجر طرق الحديث التي يفسر بعضها بعضًا، واستدل لكل جزئية بأربعة طرق، فصار عدد أحاديث البحث كبيرًا موسعًا.


عناصر التخريج الموسّع

للتخريج الموسع عناصر لا بد من توفرها فيه، ولا يلزم ذلك في كل حديث في كتاب ما، وهذه العناصر هي:
1. سياق الحديث كاملاً مع إسناده، سواء كان للمؤلف نفسه أو كان منقولاً بكماله، ويقابل قولنا: سياق إسناد الحديث كاملاً، أن يكون الإسناد مختصرًا بذكر الصحابي فقط.
ومثال ذلك: نصب الراية، فإن الزيلعي يذكر سند المصدر الذي ينقل عنه، وكذلك ابن الملقن في البدر المنير، وطريقة الزيلعي أن يقول: قال أبو داود، ثم يسوق سند أبي داود.
2.سياق متن الحديث كاملاً، ولو كان الاستدلال يتعلق بجزء منه فقط، ويعزو الحديث إلى مصدر ينقل عنه، ومن أمثلته: حديث: (أعطيت ما لم يُعطَ أحد من الأنبياء قبلي) أورد الزيلعي الحديث بطوله في باب التيمم، ولم يقتصر على لفظه خاصة بالتيمم (1/ 159)، وحديث: (أعطيت خمسًا لم يُعْطَهُنَّ أحد من الأنبياء قبلي)وحديث: (فضلت على الأنبياء بستٍ) أورده أيضًا بطوله في أحاديث الصلاة في المقبرة والحمام (2/ 324).
وقد تكون علة الحديث اضطراب المتن، فيجمع المتون في صعيد واحد؛ لكشف العلة.
3.بيان حال الراوي المذكور في سند الحديث بالتفصيل، مثلما ورد في نصب الراية (3/ 8) في إبراهيم بن زيد، ويفعل ذلك العراقي في تخريج أحاديث الإحياء عن راوٍ فيه أقوال كثيرة، وقد يقول: فيه خلاف، من غير تفصيل، أو يذكر شيوخه، وتلاميذه، ومناقبه، والأقوال فيه.
وفي نصب الراية (3/ 57) في حديث: (الطواف بالبيت صلاة) ذكر هذا المتن ثم ذكر زياداته: (إلا أن الله أحلّ فيه النطق، فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير) وبعد ذكر الزيادات ذكر الخلاف في الرفع والوقف، ثم توسّع في ذكر حال عطاء.
4.جمع الأسانيد وطرق الحديث الواحد مع سياق ألفاظه، ويلجأ إلى هذا إذا كان مقصودُ المخرِّج.
أ*-كشف المتابعات بالنسبة للسند.
ب*-كشف الشواهد بالنسبة للمتن.
مثاله: حديث القلتين عند الدارقطني، وحديث مجيء جبريل في تعليم الناس أمور دينهم في كتاب الإيمان لابن منده.
5.بعد تخريج العالم لحديث الأصل، يأتي ذكر تخريج أحاديث الباب، وهي غير الحديث الأصلي، كما هو حال إشارة الترمذي بقوله: ( وفي الباب عن فلان وفلان).
ثم يأتي عالم ما يعالج هذا الاختصار فيتوسع فيها.
وللحافظ ابن حجر كتاب " فتح الباب في تخريج ما أشار إليه الترمذي بقوله: "وفي الباب" ولكن لا يعرف عنه شيء، ويعدّ الكتاب من ضمن التوسّع في التخريج.
ويهتم الزيلعي في نصب الراية بتخريج الأحاديث الواردة في الباب, وكذلك الحافظ العراقي في تخريج الإحياء الكبير.
وكذلك ابن الملقن في البدر المنير، فقد جمع في باب السواك أكثر من (30) ثلاثين ورقة، ويمكن أن يفرد هذا في كتاب مستقل، وطريقته فيه أنه يذكر الشواهد والمتابعات.
وما يذكر في الباب إما أن يكون من المتابعات أو من الشواهد، والشواهد أكثر من المتابعات؛ لأنها غالبًا أحاديث من طريق الصحابة الآخرين.
6. ذكر الحديث المعارض وتخريجه بالتوسع سواء استدل به أصحاب المذهب الآخر، أو كان الحديث منسوخًا، مع توسع مماثل للتوسع في الأصل.
ومثاله: صنيع الزيلعي في تخريج أحاديث الخصوم بالتوسع، واستفاد من ذلك الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي" التلخيص الحبير"، وتخريج أحاديث الهداية" الدراية".
7. قد يتعرض المخرِّج لشيء لا يدخل في التخريج، مثل تفسير بعض الألفاظ الغريبة، الواقعة في المتن المخرج، مثل ما جاء في "التلخيص الحبير" في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن التدبيج في الصلاة (1/ 241، 362)، وأنه رأى رجلاً نغاشيًا (2/ 11) والنغاش: هو القصير جدًا، ضعيف الحركة ناقص الخلق.
8. بيان بعض الاصطلاحات الحديثية، أو الفقهية أو الأصولية، مثل بيان الغلو، ودلالة المنطوق والمفهوم، وبيان الرخصة والعزيمة ( التلخيص الحبير، 1/18، 1/ 126).
9.تعقب المتأخر للمتقدم، مثل تعقب الزيلعي علي شيخه مُغْلَطَاي، أو تعقب ابن قطلوبغا على الزيلعي في " مُنيَة الألمعي" على الزيلعي.
وذلك بأن يقع الخطأ في عزو الحديث، فيتعقب المتأخر المتقدم، كما في حديث: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر)، وحديث: (لولا أن أشق على أمتي لأخرت العِشاء إلى ثلث الليل)، فقد تعقب الزيلعي (1/ 247) شيخه مغلطاي بعزوه هذا الحديث إلى أبي داود بكماله، وأبو داود لم يُخرِّج منه إلا فضل السواك، ولم يذكر فيه تأخير العشاء.

ابو وليد البحيرى
2018-09-16, 01:38 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (7)




موقف الباحث المعاصر من التخريج الموسّع(7)



الباحث مطالب ببعض هذه العناصر، وبعض العناصر قد ذكرت من باب إتمام الفائدة، مثل بيان التعارض، والناسخ والمنسوخ، وشرح الألفاظ الغريبة، كما أشار إلى ذلك ابن الملقن في مقدمة البدر المنير، ومن ثَمَّ فعلى الباحث الالتزام بالآتي:
1. سياق إسناد الحديث كاملا ً: وللباحث أن يسوق ما يراه مناسبًا لمقاصده، مثل تخريج الحديث من كتاب اشتُرِطَت فيه الصحة، أو من غيره إذا كان بالسند نفسه.
وفي هذه الحالة إذا أراد الباحث أن يحكم على حديث - عند أبي داود مثلاً- دون ذكر السند، وهو لم يشترط الصحة، سيذكر سند البخاري، ويقول: أخرجه أبو داود به؛ لأن هذا التخريج يُغني الباحث عن دراسة السند.
فإن كان الحديث عند الستة يُذكر الصحيحان، ثم يُربَط السند في السنن بسند الصحيحين، بقولنا: به، ولا داعي لذكره كاملاً.
وإذا كان في السند عِلةٌ، مثل وجود راوٍ مبهم، لا بد من ذكر السند كاملاً، حتى يظهر هذا المبهم، ففي الأول احتجنا إلى إبراز السند لإثبات الصحة عند من لم يشترطها، وفي الثاني احتجنا إلى إبراز السند لإظهار العلة.
2. ذكر متن الحديث كاملاً: ولذلك حالات:
الحالة الأولى: إذا وقع في المتن سَقْط، أو تصحيف، أو زيادة، أو نقصان، وكان مؤثرًا في الحكم، فلا بد من إظهار المتن بتمامه، وقد لا يفهم الحديث إلا بذكر المتن كاملاً.
مثاله: قال الكمال بن الهمام في شرح فتح القدير (2/ 460): " فرع: إذا فرغ من السعي يستحب له أن يدخل فيصلى ركعتين؛ ليكون ختم السعي كختم الطواف، كما ثبت أن مبدأه بالاستلام كمبدئه عنه - عليه الصلاة والسلام-، ولا حاجة إلى هذا القياس، إذ فيه نص، وهو ما روى المطلب بن أبي وداعة قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حين فرغ من سعيه جاء حتى إذا حاذى الركن فصلى ركعتين في حاشية المطاف، وليس بينه وبين الطائفين أحد". رواه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان.
هذا الحديث الذي استشهد به ابن الهمام على ما قرر من حكم فيه تصحيف، فقد تحول لفظ " سبعه" أو " أسبوعه" إلى "سعيه"، والأسبوع هو أشواط الطواف السبعة.
والحديث في سنن ابن ماجه لفظه: عن المطلب قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي بالركن، فصلى ركعتين في حاشية المطاف، وليس بينه وبين الطواف أحد"(1).
ولفظه في مسند أحمد (2/ 399): عن المطلب بن أبي وداعة قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- حين فرغ من أسبوعه أتى حاشية الطواف فصلى ركعتين، وليس بينه وبين الطواف أحد".
قال النووي في المجموع (8/ 76): " وقال الشيخ أبو محمد الجويني: "رأيت الناس إذا فرغوا من السعي صلوا ركعتين على المروة، قال: وذلك حسن، وزيادة طاعة، ولكن لم يثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-". وهذا كلام أبي محمد. وقال أبو عمرو بن الصلاح: "ينبغي أن يكره ذلك؛ لأنه ابتداع شعار"، وقد قال الشافعي - رحمه الله-: "ليس في السعي صلاة". وهذا الذي قاله أبو عمر أظهر. والله أعلم.
الحالة الثانية: وقد يكون في الكتاب إشارة إلى الحديث فقط، كما يقولون: ودليلهم كما ثبت من فعله - صلى الله عليه وسلم-, ثم يشيرون بالمعنى دون ذكر النص. فلذلك حتى نثبت الحكم الشرعي لا بد من ذكر المتن كله.
وإذا أردنا أن نسوق الحديث شاهدًا للحديث، فلابد من ذكر المتن كاملاً؛ حتى نثبت للقارئ أن المعنى في الحديث المستشهَد له موجود في الحديث المستشهَد به.
3. ذكر حال الراوي والتعريف به: ويكتفي فيه بذكر خلاصة الأقوال بعد الرجوع إلى المراجع الموسعة. وهذا الأمر مقيد بحال الراوي، فحال الراوي من أحد الصحيحين غير حال الراوي من الكتب الأخرى، فإذا نظرنا إلى تعقبات الذهبي على الحاكم نجد أنه يقول في الراوي: فلان متروك، ومعناه أن الحديث لا ينجبر، فإذا راجعنا أقوال الأئمة فيه نجد أن الذهبي نفسه يقول عنه في الكاشف: صدوق أو ضعيف، والراجح في حاله أنه كذا وكذا.
4. جمع أسانيد وطُرُق الحديث مع ألفاظ المتون: ولا يلجأ الباحث إليه إلا إذا كان يحتاج إلى جبر ضعف الحديث، أو كشف العلة في المتن أو الإسناد، أو توضيح ما يحتاج إلى توضيح، مثل: مبهم، أو مجمل، أو مفصّل، وكذلك الاختلاف على الراوي، مثل الرواية عن صحابيَين، كما لو كان في خمسة مصادر ذكر صحابي واحد، وفي مصدر صحابي آخر مع اتحاد المدار، أو أن يكون أبو داود يرجح الإرسال، ويرجح الحاكمُ الوصل.
وعند جمع الأسانيد يتبين الرفع، والوقف، والإرسال، والوصل، والانقطاع، والاتصال، وما إلى ذلك، وأما المتون، فمثل حديث جَمَل جابر، كما في البخاري، لكنها تُجمع للمقارنة بين سياق المتون، وحديث القُلتين، تُجمع لجمع ألفاظها.
وإذا كانت الأسانيد والمتون مختلفة، بعضها يحتج بها, وبعضها ضعيف، يتوسع في تخريجها لبيان ضعف بعضها أو اضطرابها وترجيح غيرها، لذلك نرى الدارقطني جمع طرق حديث القُلتين (25 طريقًا)، وتعرض للرواة حتى اتضح له عدم وجود الاضطراب في الأسانيد، ورجح أن راوي الحديث حدَّث به عِدة مرات؛ لتعدد تحديد كمية القُلتين.
وقد تكون المتون صحيحةً، وتجمع لبيان الراجح والمرجوح، أو الناسخ والمنسوخ، أو لإثبات حكم من الأحكام، ونجد ذلك في مشكل الآثار وشرح معاني الآثار للطحاوي, وتهذيب الآثار للطبراني، وهذه فائدة مهمة؛ لأن مثلَ هذه الكتب تذكر الأحاديث المعللة.
5. الأحاديث التي في الباب، وهي الشواهد والمتابعات، ويجمعها موضوع الحديث؛ لأنها تشهد للحديث المذكور فيه. وإطلاق العلماء قولهم: (وفي الباب) أعم من إطلاق الترمذي؛ لأن مقصود الترمذي ذكر الشواهد فقط، ويريد غيره ذكر المتابعات والشواهد معًا، فالباحث بحسب غرضه، هل يأخذ مما في الباب لتقوية المتن، أو تقوية الإسناد.
وإذا كان الحديث صحيحًا تجمع شواهده ومتابعاته لدفع الغرابة عنه، وأما إذا كان الحديث ضعيفًا ضعفًا يقبل الجبر فلا بد من جمع الشواهد والمتابعات، حتى يرتقي إلى الحسن لغيره، أو أن يرتقي الحسن إلى الصحيح لغيره، وهذه الفائدة لها تعلق بالصنعة الحديثية, ولها فائدة في الحديث الموضوعي لجمع الأحاديث في موضوع واحد.
6. ذكر الحديث المعارض، متنًا أو إسنادًا: ويحصل أن يكون الحديثان المتعارضان صحيحين، فإما أن يوفق بينهما، وإما أن يكون أحدهما أقوى فيعلل الثاني، أو يُتوقف فيهما.
ومثاله: أن يصحح الحاكم حديثًا، ويوافقه الذهبي، ثم يذكر له معارِضًا من الصحيحين، فيعلل الحديث.
ويقال في الحديث المعلول: هذا حديث رواته ثقات، ولا يقال: هذا حديث صحيح، ولكنه معارض بكذا وكذا، والحديث الثاني أوثق.
7. ذكر تفسير الألفاظ الغريبة: ولا يحتاج إليه الباحث إلا بقدر ما يتوقف على هذا التفسير من إدراك معنى الحديث, مثل حديث أم زرع، وهذا العنصر يعتبر تكملة للفائدة، ويُقتصر فيه على ما يتعلق به الموقف، وإن كان بصدد كتاب للغريب فيتناول كل لفظة غريبة.
8. بيان بعض الاصطلاحات الحديثية: مثل هل العبرة بما روى الراوي أم بما أفتى به ورآه؟ انفرد الحنفية باعتبار ما أفتى به راوي الحديث، ومن أمثلة ذلك ولوغ الكلب في الإناء، وهذا مهم إذا كان الباحث يعمل في تخريج كتاب للأصول، وأما في مجرد تخريج الأحاديث فلا حاجة إلى مثل هذا العنصر، وثمرته أنه يساعد على معرفة منهج المؤلف في كتابه.
9. تعقب المخرجين بعضهم على بعض: وذلك عند اشتغال أكثر من عالم في تخريج كتاب واحد، مثلما فعل ابن قطلوبغا في "مُنية الألمعي" فيما فات الزيلعي، وطُبع في نهاية نصب الراية.
وتعقب الحافظ ابن حجر شيخه في تخريج بعض أحاديث الإحياء، ونقل عنه الزبيدي في الإتحاف.



التخريج الوسط أو المتوسط:

وهو تخريج بين المطول والمختصر، يعني فيه المخرِّج بذكر روايات الحديث المشهورة، مثل: الكشف المبين عن تخريج أحاديث إحياء علوم الدين للعراقي، وهو مفقود، لكن ابن فهد المكي تلميذ العراقي وصفه بأنه تخريج متوسط بين المطول والمختصر، وذكر فيه أشهر أحاديث الباب، ومثل "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر، و"خلاصة البدر المنير" لابن الملقن.
ويقول ابن الملقن في بيان منهجه في الخُلاصة: ذاكرًا من الطرق أصحها وأحسنها، ومن المقالات أرجحها، مشيرًا بقولي: متفق عليه لما رواه الشيخان.
ومعنى هذا أنه إذا كان الحديث عند الخمسة صحيحًا، فإنه يختار أصحها، وإذا كان الراوي مختلفًا فيه فإنه يختار أرجح الأقوال، ويختار في شرح الغريب أرجح التفسير.

(1) سنن ابن ماجه، كتاب المناسك، باب الركعتين بعد الطواف، رقم: (2958).

ابو وليد البحيرى
2018-09-20, 02:42 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (8)



التخريج المختصر(8)



تعريف التخريج المختصر:



هو التخريج الذي يقتصر فيه المؤلف على رواية الحديث بأقوى أسانيد المؤلف، أو بأعلاها وأشهرها - من حيث السند-، وأدل ألفاظها، وأدقها في العبارة عند مؤلفه على المعاني والأحكام – من حيث المتن-.
وهذا النوع من التخريج قسمان:
1. قسم بالرواية.
2. قسم بالعزو.
القسم الأول: وفيه ينتقي العلماء بعض المرويات من مروياتهم، بحسب الغرض الذي يتجه إليه كل واحد منهم، كما فعله الإمام البخاري فاختصر كتابه الصحيح من مسنده الكبير، فانتقى منه ما صح سنده عنده.
وكذلك صحيح ابن خزيمة، فإنه اختصره من كتابه الكبير، وكان قد جمع فيه الروايات الكثيرة تحت الموضوعات، ثم انتقى منه ما اشترط فيه الصحة، وقد يشير إلى ما في الباب من غير التخريج.
ويُعدّ من هذا القبيل انتقاء النسائي للمجتبى من السنن الكبرى، ويتضح ذلك في أمرين:
1. ذكر أبوابًا كاملةً في الكبرى ولا ذكر لها في الصغرى.
2. ذكر أحاديث في أبواب من الكبرى، وليست في الصغرى، مثل ذكر بعض الأحاديث في كتاب عِشرة النساء من الصغرى، بينما هذا الكتاب في الكبرى أوسع بكثير. وكذلك فعل في فضائل الصحابة، وخصائص عَلِيٍّ والتفسير.
- ومن أمثلته أيضًا: السنن الصغرى للبيهقي، والغالب فيها اختصار الأحاديث من السنن الكبرى، فالأبواب على ما يظهر واحدة، وجرى الاختصار في الأحاديث, فهي في الصغرى أقل.
- وقد يكون سنن الترمذي كذلك؛ لأنه يذكر ما في الأبواب إشارة إلى رواتها من الصحابة؛ والأصل في مثل هذا أن يكون رواها بالأسانيد في مصنف كبير.
القسم الثاني: التخريج بالعزو: مثل كتاب " المنتقى من البدر المنير" لابن الملقن، وهو اختصار للخلاصة، وطريقته فيه أنه يكتفي بذكر أحد الستة وإن شاركهم في تخريج الحديث غيرهم، ومثل كتاب " الترغيب والترهيب" للمنذري، فإنه بيّن في المقدمة أنه تخريج مختصر، ومثل كتاب" تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب" لابن كثير، ومثل: تخريج العقائد النسفية للسيوطي.
دواعي التخريج المختصر:
1. التيسير على الباحث وطالب العلم، للحصول على المقصد في وقت وجيز.
2. مراعاة المقاصد الأساسية من التخريج دون تتمات وتوسع.
3. الحرص على تحديد أهم وأشهر مصادر التخريج مع بيان درجة الحديث.
4. تجنب الباحث المَلَل، وتشتت النص خلال سرد الطرق والأسانيد المطولة.
عناصر التخريج المختصر:
تختلف هذه العناصر باختلاف مقاصد المختصر نفسه، وأهم هذه العناصر:
1. حذف الأسانيد، وذكر الصحابي فقط، كما فعله المنذري.
2. حذف التكرار، وهذا يفعله المنذري، بخلاف الزيلعي في نصب الراية.
3. الاكتفاء بذكر حديث صحابي واحد، وإن كان واردًا عن أكثر من صحابي.
4. إذا كان عنده حديثان فإنه يختار أقواهما إسنادًا، ويُهمل الآخر.
5. الاكتفاء بأشهر المصادر، مثل الاكتفاء بالستة والموطأ، وترك المسانيد، ويكون الانتقال إلى غير الستة للفائدة فقط، ولا تحذف درجة الحديث مهما بلغ الاختصار.
6. حذف ما يتعلق بعلل الحديث، والاكتفاء عنها بذكر درجة الحديث(1).



فوائد التخريج

للتخريج فوائد عديدة: نذكر منها الفوائد الآتية:
1. بالتخريج نعرف مكان الحديث في المصادر الأصلية،وبالتال ي نعرف إسناده ومتنه بدقة، ونستطيع المقارنة بين المتن الأصلي والذي معنا، فنتحقق من مدى الدقة في نقل النص الذي معنا.
2. بالتخريج نعرف كلام الأئمة على الحديث صحةً وضعفًا، فمثلاً: إذا كان الحديث الذي معي قد وقفتُ عليه في صحيح البخاري أو مسلم فهو محكومٌ عليه بالصحة؛ لأن الأمة قد اتفقت على صحة ما أخرجاه، كذلك إذا وجد الحديث في سنن الترمذي فيمكنني أن أقف على حكم الحديث؛ لأن الترمذي يذكر عقب الحديث حكمه عليه، فيقول: حديثٌ صحيحٌ، أو: حسنٌ صحيح، أو: حسنٌ غريبٌ، أو غير ذلك من العبارات التي جاءت في سننه. وكذلك الصنيع فيما أخرجه الحاكم في مستدركه، فإنه يعقّب على الحديث بذكر حكمه؛ لكن على الباحث إذا نقل حكم الحاكم على الحديث فلا بد من ذكر تعقيب الذهبي عليه، وكذلك لا بد من ذكر تعقيب ابن الملقن على الذهبي.
3. بالتخريج يمكن تتبع طرق الحديث،وبالتالي معرفة ما إذا كان الحديث آحادًا أو متواترًا.
4. بالتخريج يمكن معرفة ما للحديث من شواهد، وما في بعض طرقه من متابعات، وبالتالي يمكن معرفة ما إذا كان الحديث يتقوّى بهذه الطرق أو يمكن تقويه بها.
5. بتخريج الحديث، وجمع طرقه، والمقارنة بينها يمكن التوصل إلى ما في الحديث من علل، أو ما في بعض طرقه من شذوذٍ أو زيادة ثقة،كما قال علي بن المديني: " الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه".
6. بتخريج الحديث يمكن معرفة أسباب وروده التي تذكر في بعض طرقه،وكذا يمكن معرفة معاني الغريب التي قد تذكر في روايات أخرى، مصداقًا لقول أبي حاتم الرازي: " لو لم نكتب الحديث من ستين وجهًا ما عقلناه".
7. بالتخريج يمكن جمع الأحاديث التي تتحدث في موضوع معين،وبالتالي يمكن للباحث أن يوفي هذا الموضوع حقه من الدراسة بالرجوع إلى شروح هذه الأحاديث، ومعرفة أحكام الأئمة عليه، وما استنبطوه منها.
8. تمييز المهمل من رواة الإسناد،فإذا كان في أحد الأسانيد راوٍ مهمل؛ مثل: " عن سفيان – ولا يدري أهو الثوري أو ابن عيينة؟ - أو: حدثنا حماد- ولا يدرى أهو ابن سلمة أو ابن زيد؟"، فبتخريج الحديث والوقوف على عدد من طرقه قد يتميز هذا المهمل، وذلك بأن يذكر في بعضها مميزًا.
9. تعيين المبهم في الحديث، فقد يكون معنا راوٍ مبهم، أو رجل في المتن مبهم، أو امرأة مبهمة، مثل: " عن رجل، أو عن امرأة، أو جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-"، فبتخريج الحديث نقف على عددٍ من طرقه، وقد يكون في بعضها تعيين هذا المبهم.
10. زوال عنعنة المدلس؛وذلك بأن يكون عندنا حديثٌ بإسنادٍ فيه مدلِّس يروي عن شيخه بالعنعنة، مما يجعل الإسناد منقطعًا، وبالتخريج يمكن أن نقف على طريق آخر يروي فيه هذا المدلِّس عن شيخه بما يفيد الاتصال؛ كـ (سمعتُ ، و: حدثنا، و: أخبرنا)، مما يزيل سمة الانقطاع عن الإسناد.
11. زوال ما نخشاه من الرواية عمن اختلط،فإذا كان معنا حديثٌ في إسناده من اختلط، ولا ندري هل الراوي عنه في إسنادنا هذا روى عنه قبل الاختلاط أو بعده؛ فبالتخريج قد يتضح ذلك؛ كأن يصرح في بعض الطرق بأن هذا الراوي روى عنه قبل الاختلاط، مما يؤيد الحديث الذي معنا، ويفيد أنه ليس مما اختلط فيه.
12. تحديد من لم يحدَّد من الرواة،فقد يذكر الراوي في إسناد بكنيته، أو لقبه، أو نسبته، ويشاركه في هذه الكنية، أو اللقب، أو النسبة كثيرون؛ مما يجعل تحديده متعذِّرًا، فبالتخريج قد نعرف اسمه، بأن يُذكَر في إسناد، أو أكثر باسمه صريحًا.
13. زوال الحكم بالشذوذ،فقد يحكم على حديثٍ أو لفظةٍ بالشذوذ، وبالتخريج الذي يوقفنا على كثير من الروايات يتضح ورود هذا الحديث أو اللفظة من غير هذا الطريق الذي يُظن تفرد الراوي به؛ مما يدفع القول بالشذوذ.
14. بيان المدرج؛فقد يدرج الراوي في الحديث ما ليس منه، وذلك يتعلق بالإسناد والمتن على حدٍّ سواء، وبالتخريج يمكن مقارنة الروايات بما يبين الإدراج.



(1) محاضرات في التخريج للدكتور/ أحمد معبد.

ابو وليد البحيرى
2018-09-24, 12:15 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (9)

حالات التخريج(9)

والمقصود بحالات التخريج هو مقارنة الباحث متن الحديث الذي يريد تخريجه بمتن هذا الحديث في المصدر أو المصادر الأصلية، باستخدام عباراتٍ خاصة حسب الجوانب المعتبرة عند المقارنة، ومن ذلك:


الجانب الأول:عدم وجود نصّ يطابق الحديث الذي يراد تخريجه، وهذه الحالة يعبر عنها العلماء بلفظ: " اللفظ انفرد به الترمذي مثلاً ".
الجانب الثاني:ويتعلق بالتعبير عن مدى تطابق الألفاظ وما يتبعها، وتُذكر ألفاظ خاصة بحسب أحوال المتون المقارنة؛ كما يلي:
أ*- أن تتطابق الألفاظ تمامًا، وعندئذٍ يُقترح أن تستعمل عبارة ( بمثله، أو: بلفظه، أو: بنفس السياق).
ب*- أن توجد بعض الفوارق اليسيرة بين متن الحديث الذي يراد تخريجه ومتن حديث المصدر، وعندئذٍ يُقترح أن تستعمل عبارة ( بنحوه، أو: شبهه، أو: قريبًا منه).
ج*- أن توجد ألفاظ الحديث المراد تخريجه بألفاظ أخرى مرادفة لها في المصدر في أكثر من موضع، وعندئذٍ يُقترَح أن تستعمل عبارة (بمعناه).
مثل: أن يراد تخريج حديث : (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لم يتوضأ مما مسته النار)، فيوجد في أحد المصادر بلفظ: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مرَّ على قدرٍ فأخذ ذراعًا فأكل منه، ثم صلى ولم يتوضأ)، فحينئذٍ يمكن أن يقال: ( أخرجه فلان – ويذكر صاحب المصدر – بمعناه مطولاً).
الجانب الثالث: ويتعلق بالزيادات الواردة في المتون.
إذا اشتمل متن الحديث على زيادة غير موجودة في متن الحديث المراد تخريجه، فيقترح أن يقال: (بنحوه وزيادة في أوله)، أو (بمثله وزيادةٍ في أوله)، أو (بمعناه وزيادة في أوله)، وكذا إذا كانت الزيادة في أثناء الحديث أو في آخره.
وهذه العبارة تستخدم مقيدة؛ كأن يراد تخريج ما رواه قيس بن أبي حازم عن المستورد الفهري - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم)، وهو عند الحميدي (2/ 378 رقم 855) هكذا: قال: حدثنا سفيان قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت قيس بن أبي حازم يقول: سمعت مستوردًا أخا بني فهر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم ثم ينظر بمَ يرجع إليه).
وعند المقارنة بين متن حديث الحميدي وبين متن الحديث المطلوب تخريجه يتبيّن أن في متن حديث الحميدي زيادة في آخره، وهي غير موجودة في المطلوب تخريجه، وعندئذٍ يمكن أن يقال: أخرجه الحميدي ( 2/ 378 رقم 855) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم, به، بمثله وزيادة في آخره.
الجانب الرابع:ويتعلق بالتعبير عن طول المتن وقصره، وهو على أحوال؛ منها:
أ*- أن تكون الزيادات في عدّة مواضع من متن حديث المصدر؛ كأن تكون في أوله وأثنائه وآخره، أو تطول تلك الزيادات، وعندئذٍ يقترح أن يقال: (مطولاً).
ومثاله: أن يراد تخريج ما روى مسلمة بن قيس -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق) ، وهو عند الإمام أحمد (4/ 339) بلفظ: (إنما هنّ أربع: لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تزنوا)، فنقول عندئذٍ: (أخرجه الإمام أحمد (4/ 339) بمثله مطولاً).
ب*- مقابل ما سبق، بمعنى أن تكون تلك الزيادات السابقة في متن الحديث الذي يراد تخريجه، وعندئذٍ يقترح أن يقال: ( مختصرًا، أو: أصله عند فلان).
مثاله: لو أردنا تخريج حديث: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)، وهو عند الإمام أحمد بلفظ: (الأعمال بالنيات)، فعندئذٍ يمكن أن يقال: ( أخرجه أحمد مختصرًا، أو: أصله عند الإمام أحمد).
الجانب الخامس: ويتعلق بالتعبير عن اختلاف الألفاظ، فعند تقدّم بعض الألفاظ على بعض في متن حديث المصدر يقترح أن يعبر بصيغة ( بتقديم وتأخير)، أو بصيغة: (قدّم وأخّر)، ونحو ذلك من العبارات الدالة على هذا المعنى.
ومثاله: حديث عثمان - رضي الله عنه-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا ينكح المحرم)، وهو عند الإمام الحميدي (1/ 20 رقم 33) من حديث أبان بن عثمان بن عفان يحدّث عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (المحرم لا يَنكِح ولا يخطب)، فيمكن أن يقال: ( أخرجه الحميدي 1/ 20 رقم 33) من طريق أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه بمثله بتقديمٍ وتأخيرٍ وزيادةٍ في آخره).
الجانب السادس:التعبير عن القصص، والمقصود بالقصص: تلك المناسبات، والأحداث، والزوائد التي يقولها الصحابي أو التابعي عند رواية الحديث أو بعده، وهي أنواع:
أ*- أن يكون القائل الصحابي، ويقترح أن تسمّى حينئذٍ (قصة المتن).
مثاله: حديث جرهد الأسلمي - رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (الفخذ عورة)، وهو عند الحميدي (2/ 378 رقم 857) بلفظ: أن جرهدًا - رضي الله عنه- قال: مرّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأنا في المسجد، وعليَّ بردة، وقد انكشفت فخذي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (غطِّ فخذك يا جرهد، فإن الفخذ عورة).
فقول الصحابي: (مرّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-... وقد انكشفت فخذي)، يسمى قصة المتن، وهذه العبارة تذكر مقيدةً مع ما سبق في الجوانب المتقدمة، ويمكن أن يقال في هذا الحديث: أخرجه الحميدي (ج / ص) بمثله وزيادةٍ في أوله وقصةٍ في متنه.
ب*- أن يكون القائل التابعي ومن دونه، ويقترح أن تسمّى (قصة الإسناد).
مثالها: عند تخريج ما رواه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن المستورد الفهريّ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليمّ)، وهو عند الحميدي (2/ 378 رقم 855) هكذا: حدثنا سفيان قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت قيس بن أبي حازم يقول: سمعت المستورد أخا بني فهر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم ثم ينظر بِمَا يرجع)، قال سفيان: (وكان ابن أبي خالد يقول فيه: سمعت المستورد أخي بني فهر – يلحن فيه- ، فقلت أنا: أخا بني فهر).
فقول سفيان: (وكان ابن أبي خالد...) يسمّى (قصة الإسناد)، وعلى ذلك يمكن أن يقال: أخرجه الحميدي (2/ 378 رقم 855) عن سفيان، به، بمثله، وبزيادة في آخره، وبقصة في إسناده.




أهم المؤلفات في التخريج


لقد عنى العلماء بهذا العلم وألفوا فيه العشرات من المصنفات التي تخدم العلوم المختلفة كالتفسير والحديث، والفقه والأصول، والعقائد والرقائق، والسيرة واللغة، ومن أهم هذه المؤلفات المطبوعة:
1. تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الكشاف, للحافظ جمال الدين الزيلعي 762هـ.
2. الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف, لابن حجر العسقلاني 852هـ.
3. الفتح السماوي في تخريج أحاديث البيضاوي, لعبد الرءوف المناوي 1031هـ.
4. تحفة الراوي في تخريج أحاديث البيضاوي, لأبي همّات 1175هـ.
5. كشف المناهيج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح, للحافظ محمد بن إبراهيم السلمي المناوي 803هـ.
6. هداية الرواة في تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة, للحافظ ابن حجر العسقلاني.
7. أنيس الساري في تخريج وتحقيق الأحاديث التي ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، لنبيل بن منصور البصارة.
8. نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية, للزيلعي.
9. الدراية في تخريج أحاديث الهداية, لابن حجر العسقلاني.
10. البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير للرافعي، لسراج الدين عمر بن الملقن 804هـ.
11. التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، لابن حجر العسقلاني.
12. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
13. تخريج الأحاديث النبوية الواردة في مدونة الإمام مالك بن أنس، للدكتور/ الطاهر محمد الدرديري.
14. هداية الرشد لتخريج أحاديث بداية ابن رشد، للشيخ أحمد بن محمد الصديق الغماري.
15. تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب، لابن كثير.
16. المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر، لبدر الدين الزركشي 794هـ.
17. مُوافقة الحُبر الخَبَر بتخريج أحاديث المنهاج والمختصر، لابن حجر العسقلاني.
18. تخريج أحاديث مختصر المنهاج، للحافظ العراقي 806هـ.
19. تخريج أحاديث شرح العقائد، للحافظ السيوطي 911هـ.
20. مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا للقاضي عياض، للسيوطي.
21. المغني عن حمل الأسفار في الأسفار لتخريج ما في الإحياء من الأخبار، للحافظ العراقي.
22. نتائج الأفكار بتخريج أحاديث الأذكار، للحافظ ابن حجر العسقلاني.
23. تخريج الأحاديث والآثار التي وردت في شرح الكافية في النحو، لعبد القادر البغدادي 1093هـ.
24. فلق الإصباح في تخريج أحاديث الصحاح للجوهري، للسيوطي.

ابو وليد البحيرى
2018-09-26, 08:45 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (10)



طرق تخريج الحديث إجمالاً(1-4)




- هناك عدة طرق اصطلح عليها العلماء لتخريج الحديث، هي إجمالاً.

1- تخريج الحديث عن طريق معرفة أول كلمة من متنه.

2- تخريج الحديث عن طريق معرفة الراوي الأعلى للحديث.

3- تخريج الحديث بحسب لفظة من ألفاظه.

4- تخريج الحديث بحسب موضوعه.

5- تخريج الحديث عن طريق النظر في حال الحديث متنا وإسناداً.

6- تخريج الحديث عن طريق الحاسوب.

وقبل الدخول في تفصيل تلك الطرق، ومعرفة ما يستعان به من الكتب في كل طريقة من الطرق، نقرر أن هناك طريقة أسماها العلماء (الاستقراء والتتبع) وتعني التفتيش الدقيق المتأني عن الحديث النبوي الذي يراد تخريجه وتتبعه في بطون المصادر الحديثة، وقراءتها سرداً.

وهذه لا تعتبر فنًا من فنون التخريج المعتبرة، فهي وإن كانت أدق الطرق في الوصول إلى الحديث، إلا أنها تحتاج إلى جهد كبير، وصبر طويل على البحث والتفتيش، في استقراء كتب السنة كتابًا كتابًا، وسردها صفحةً صفحةً.

وإليك الحديث عن هذه الطرق تفصيلا:

الطريقة الأولى

تخريج الحديث عن طريق أول لفظة من متن الحديث



وتعتمد هذه الطريقة على معرفة مطلع الحديث، أي أول لفظة منه، شريطة أن يتيقن الباحث من مطلع الحديث الصحيح، وهي أسهل الطرق في الوصول إلى الحديث المراد تخريجه، إذا كان ضمن نطاق الكتب التي نبحث فيها، وعدم وجود الحديث في الكتب التي رتبت أحاديثها على أوائل كلماته لا يعني أنه غير موجود، بل نبحث عنه بواسطة الطرق الأخرى.

وحيث إن الأحاديث قد يأتي بعضها بألفاظ مختلفة، فعلى الباحث أن يكون فطنا في تقليب متن الحديث بالاحتمالات المتوقعة من خلال مقاطع الحديث.

والكتب التي رتبت أحاديثها على أوائل الحروف هي من المصادر الفرعية، حيث إن المؤلفين جمعوا متون الأحاديث من الكتب الأصلية، وحذفوا الأسانيد، واقتصروا على المتون، ويعوضون حذف الأسانيد بعزوها إلى مصادرها الأصلية مع الحكم على الحديث في الغالب.

أهم المصادر المستخدمة في هذه الطريقة.

المصادر المستخدمة في هذه الطريقة ثلاثة أنواع.

أ- كتب المجاميع.

ب- كتب الأحاديث المشتهرة على الألسنة.

ج- المفاتيح والفهارس العلمية لكتب السنة.

أولاً. كتب المجاميع.

المجاميع أو الجوامع. هي الكتب تجمع الأحاديث من مصادر السنة المختلفة دون ذكر أسانيدها، وتكون الأحاديث فيها مرتبة على مطلع الحديث، ومن أهم هذه المجاميع.

1-الجامع الكبير، أو (جمع الجوامع) للسيوطي.

2- الجامع الصغير من حديث البشير النذير للسيوطي أيضا.

3- الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير للشيخ يوسف النبهاني (ت 1350هـ)، وهو في الحقيقة كتابان للسيوطي (الجامع الصغير)، و(الزيادة على الجامع الصغير)، فقام النبهاني بضم أحاديث الكتابين في كتاب واحد سماه (الفتح الكبير). وهو مطبوع في ثلاثة مجلدات.

4- الجامع الأزهر من حديث النبي الأنور- صلى الله عليه وسلم- للإمام المناوي (1031هـ).

5- كنز الحقائق في حديث خير الخلائق للمناوي أيضا.
وإليك الحديث بالتفصيل عن كتابين يعدان من أهم الكتب في هذه الطريقة.

ابو وليد البحيرى
2018-09-29, 11:55 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (11)



طرق تخريج الحديث إجمالاً(2-4)



1- الجامع الكبير أو جمع الجوامع:

مؤلفه:
الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الأسيوطي الشافعي، حافظ حجة حفظ من الأحاديث ما يزيد على مائتي ألف حديث. وقال عن نفسه لو وجدت أكثر من ذلك لحفظت، وهو صاحب المؤلفات النافعة التي زادت عن خمسمائة مؤلف، منها:كتاب تدريب الراوي شرح تقريب النواوي، طبقات الحفاظ، اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، تنوير الحوالك بشرح موطأ الإمام مالك، وغير ذلك كثير.
ولد بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمان مائة (849) هـ، وتوفى ليلة الجمعة تاسع عشر من شهر جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وتسعمائة هـ - رحمه الله رحمة واسعة-، وأجزل له المثوبة(1).
- منهج الإمام السيوطي في كتابه:
ألف السيوطي كتابه الجامع أو جمع الجوامع من مصادر السنة المشرفة التي تزيد على مائة مصدر، جمع فيه ما تيسر له من الأحاديث النبوية الشريفة التي قاربت مائة ألف حديث، وذلك باعتبار رواتها، أي باعتبار الرواة الذين اشتركوا في نقل الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لأن أحاديث الكتاب لا تتجاوز ستا وأربعين ألف حديث إلا قليلا(2).
وقد قسم السيوطي كتابه إلى قسمين:
أولها: الأحاديث القولية وهي التي تبدأ بلفظ النبي - صلى الله عليه وسلم- مباشرة كأن يقال مثلا: "بني الإسلام على خمس" وهكذا، فاللفظ هنا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم- مباشرة.
ثانيها: الأحاديث الفعلية وهي على عكس السابقة أي لم تتمحض للفظ النبوي، بأن تكون مثلاً:
1- أحاديث فعلية محضة كأن يروي الصحابي فعلا فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وذلك كحديث أوس بن أبي أوس قال: رأيت أبي يمسح على النعلين فقلت أتمسح عليها؟ فقال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يفعله(3).
2- أحاديث مشتملة على قول وفعل، وذلك كحديث:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أتى بشارب وهو بخيبر، فحثي في وجهه التراب، ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم وبما كان في أيدهم حتى قال لهم: (ارفعوه، فرفعوا... الخ) (4).
فنجد أن الحديث اشتمل على فعل وهو (فحثي في وجهه التراب)، وقول وهو قوله (ارفعوه).
3- أحاديث اشتملت على سبب، مثال ذلك ما روي عن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه- قال: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأنا أبول قائمًافقال: (يا عمر لا تبل قائما)(5).
4- أحاديث اشتملت على مراجعة، وذلك كحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي ؟ قال: أن تزاني حليلة جارك، قال: ونزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ)(6).
وهنا نجد أن السائل راجع النبي - صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة لفهم أكبر الذنوب وأعظمها خطراً، وأشدها إثما عند الله - سبحانه وتعالى-.


(1) راجع الأعلام لخير الدين الرزكلي 3/ 301، 302، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5 ص 128، حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1 / 188، شذرات 8/51، الضوء اللامع 4/65، الكواكب، السائر 15/226.
(2) كشف اللثام 2/210.
(3) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 1/22.
(4) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير 1/335 من حديث أزهر أبي عبد الرحمن الزهري.
(5) أخرجه عبد الرزاق ج 8 ص67، ابن ماجه، كتاب الطهارة باب في البول قاعدًا 1/12، والحاكم كتاب الطهارة 1/185.
(6) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قوله تعالى (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما). 8/350، 351.

أبو آدم البيضاوي
2018-09-30, 12:00 AM
جزاكم الله خيرا

ابو وليد البحيرى
2018-10-04, 05:41 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (12)



طرق تخريج الحديث إجمالاً(3-4)

أما القسم الأول:
وهو الأحاديث القولية فقد رتب أحاديثه حسب حروف المعجم فبدأ بحرف الهمزة ثم الباء ثم التاء ثم الثاء وهكذا، وفي كل حرف من هذه الحرف يمرره مع حروف الهجاء كلها أي الهمزة مع الهمزة ثم الهمزة مع الباء ثم الهمزة مع التاء ثم الهمزة مع الثاء وهكذا إلى أن تنتهي حروف الهجاء كلها ومثال ذلك:
1- (آتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح.... الخ).
2- (آتي يوم القيامة باب الجنة فيفتح لي.... الخ).
3- (آجال البهائهم كلها....).
4- (آجرت نفسي من خديجة.... الخ).
5- (آخر من يحشر من هذه الأمة.... الخ).
6- آخر ما أدرك الناس.
7- آخر رجل يدخل الجنة.
وهكذا فإننا نجد أن الترتيب جاء حسب حروف المعجم إلا أنه في بعض الأحيان لا يلتزم بالترتيب الألف بائي داخل الكلمة نفسها،فقد قدم حديث (آخر ما أدرك الناس)، على (آخر رجل يدخل الجنة) وقدم حديث(آخر من يحشر من هذه الأمة) على حديث (آخر ما أدرك الناس) والأولى العكس.
وقد حاول البعض أن يلتمس العذر للسيوطي فقال: إن المواضع التي أخل فيها بالترتيب له فيها وجه نظر حديثيه،وهي أنه ربما يريد أن يقرن بين الحديث وشاهده ليبين أن للحديث شواهد يتقوى بها، وقد ردوا على ذلك فقالوا بأن ذلك ليس مطرداً فليس كل ما أخل فيه كان سببه ذلك(1).
وبعد أن يذكر الحديث يذكر من أخرجه من الأئمة مشيراً إلى أسمائهم بالرمز وهذا لمن أكثر التخريج منه، أما من لم يكثر التخريج منه فإنه يذكره صراحة لا رمزاً. ثم يذكر لفظ الصحابي مختصراً.
بالمثال يتضح المقال:
حديث (آخر من يخرج من النار رجلان، فيقول الله عز وجل لأحدهما يا ابن آدم، ما أعددت لهذا اليوم ؟ هل عملت خيراً قط ؟ هل رجوتني ؟ فيقول: لا يا رب، فيؤمر به إلى النار فهو أشد أهل النار حسرة... الخ) حم، عبد بن حميد عن أبي سعيد وأبي هريرة معاً.
ونلاحظ ما يلي:
1- أنه ذكر من أخرجه مشيراً إلى أحدهما بالرمز وثانيهما صراحة،فالمشار إليه بالرمز (حم) والمشار إليه صراحة عبد بن حميد، وذلك لأنه أكثر التخريج من (حم)أي مسند أحمد بن حنبل، وأما مسند عبد بن حميد فإنه لم يكثر التخريج منه ولذلك ذكره مصرحاً باسمه.
2- أنه ذكر الصحابيين الجليلين أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما.
رموزه:
1- (خ) رمز للإمام البخاري في صحيحه.
2- (م) رمز للإمام مسلم في صحيحـه.
3- (حب) رمز لابن حبان في صحيحه.
4- (ك) رمز للحاكم في مستدركه.
5- (ض) رمز للضياء للقدسي في المختارة.
6- (د) رمز لأبي داود السجستاني في سننه.
7- (ت) رمز للإمام الترمذي في سننه.
8- (ن) رمز للإمام النسائي في سننه الصغري المسماة بالمجتي.
9- (ة) تاء مربوطة رمز لابن ماجه في سننه.
10- (ط) رمز لأبي داود الطيالسي في مسنده.
11- (حم) رمز للإمام أحمد بن حنبل في مسنده.
12- (عم) رمز لعبدالله بن الإمام أحمد في زيادته على المسند.
13- (عب) رمز لعبد الرزاق في مصنفه.
14- (ص) رمز لسعيد بن منصور في سننه.
15- (ش) رمز لابن أبي شيبة في مصنفه.
16- (ع) رمز لأبي يعلى.
17- (طب) رمز للطبراني في معجمه الكبير.
18- (طس) رمز للطبراني في معجمه الأوسط.
19- (طص) رمز للطبراني في معجمه الصغير.
20- (قط) رمز للدار قطني في سننه.
21- (حل) رمز لأبي نعيم في الحلية.
22- (ق) رمز للبيهقي في سننه الكبرى.
23- (هب) رمز للبيهقي في شعب الإيمان.
24- (عق) رمز للعقيلي في الضعفاء.
25- (عد) رمز لابن عدي في الكامل.
26- (خط) رمز للخطيب البغدادي في تاريخه.
27- (كر) رمز لابن عساكر في تاريخه.
وهذه المصادر ليست هي كل المصادر التي اعتمد عليها السيوطي في التخريج بل هناك الكثير والكثير، ولكنها هي المصادر التي أكثر التخريج منها ولذلك أشار إليها بالرمز، أما باقي الكتب الأخرى فإنه ذكرها صراحة لعدم الإكثار في التخريج منها ومن راجع الكتاب يجد صحة ما ذكرناه.
وقد حرص السيوطي – رحمه الله – أن يحكم على الأحاديث التي ذكرها من حيث الصحة أو الحسن أو الضعف، وقد نهج في ذلك نهجاً يختلف عن سابقيه جمع فيه بين الفائدة والاختصار.

(1) علم تخريج الحديث أصوله وطرائفه ومناهجه للأستاذ الدكتور / محمد بكار ص 23،34.

ابو وليد البحيرى
2018-10-08, 10:08 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (13)



طرق تخريج الحديث إجمالاً(4-4)

ومنهجه في ذلك أنه قسم الكتب التي يخرج منها أحاديثه إلى ثلاثة أقسام هي:-

القسم الأول: قسم صحيح، ويشتمل على الكتب التالية:-
1- صحيح الإمام البخاري.
2- صحيح الإمام مسلم.
3- صحيح ابن حبان.
4- مستدرك الحاكم سوى ما فيه من المتعقب عليه فينبه عليه.
5- المختارة للضياء المقدسي.
6- موطأ الإمام مالك.
7- صحيح ابن خزيمة.
8- صحيح أبي عوانه.
9- صحاح ابن السكن.
10- المنتقي لابن الجارود.
11- المستخرجات.
فإذا عزى السيوطي إلى أحد هذه الكتب الإحدى عشر، فالعزو إليها دليل على صحة الحديث.
قال السيوطي في مقدمة الكتاب: (وجميع ما في هذه الخمسة(1) صحيح، فالعزو إليها معلم بالصحة سوى ما في المستدرك من المتعقب فأنبه عليه، وكذا ما في موطأ مالك، وصحيح ابن خزيمة، وأبي عوانة، وابن السكن، والمنتقي لابن الجارود، والمستخرجات، فالعزو إليها معلم بالصحة أيضاً).
القسم الثاني: قسم يشتمل على الحديث الصحيح، والحسن، والضعيف، وهو موجود في الكتب التالية:-
1) سنن الترمذي.
2) سنن الإمام أبي داود.
3) سنن النسائي.
4) سنن ابن ماجه.
5) مسند أبي داود الطيالسي.
6) مسند الإمام أحمد بن حنبل.
7) زيادات عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل على أبيه في المسند.
8) مصنف عبد الرزاق.
9) مصنف ابن أبي شيبة.
10) سنن سعيد بن أبي منصور.
11) مسند أبي يعلى الموصلي.
12) المعجم الكبير للطبراني.
13) المعجم الأوسط للطبراني.
14) المعجم الصغير للطبراني.
15) الحلية لأبي نعيم.
16) السنن الكبرى للبيهقي.
17) شعب الإيمان للبيهقي.
قال السيوطي: (ورمزت لأبي داود (د)، فما سكت عليه فهو صالح، وما بين ضعفه نقلته عنه، وللترمذي (ت)، وأنقل كلامه على الحديث، وللنسائي (ن)، ولابن ماجه (ة) تاء مربوطة ، ولأبي داود الطيالسي (ط)، ولأحمد ابن حنبل (حم)، ولزيادات ابنه (عم)، ولعبد الرزاق (عب)، ولسعيد بن منصور (ص)، ولابن أبي شيبه (ش)، ولأبي يعلى (ع)، وللطبراني في الكبير (طب)، وفي الأوسط (طس)، وفي الصغير (طص)، وللدارقطني (قط)، فإن كان في السنن أطلقت وإلا بينته، ولأبي نعيم في الحلية (حل)، وللبيهقي (ق)، فإن كان في السنن أطلقت وإلا بينته، له في شعب الإيمان (هب)، وهذه فيها الصحيح، والحسن، والضعيف، فأبينه غالبًا، وكل ما كان في مسند الإمام أحمد فهو مقبول، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن)(2).

القسم الثالث: قسم يشتمل على الضعيف فقط، وقد احتوته الكتب التالية:
1- الكامل في الضعفاء لابن عدي.
2- الضعفاء للعقيلي.
3- تاريخ دمشق لابن عساكر.
4- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
5- نوادر الأصول في معرفة أخبار الرسول للحكيم الترمذي.
6- تاريخ نيسابور للحاكم.
7- تاريخ ابن الجارود.
8- مسند الفردوس للديلمي.
قال السيوطي: (وللعقيلي في الضعفاء (عق)، ولابن عدي في الكامل (عد)، وللخطيب البغدادي (خط)، فإن كان في تاريخه أطلقت وإلا بينته، ولابن عساكر في تاريخه (كر)، وكل ما عزى لهؤلاء الأربعة، أو للحكيم الترمذي في نوادر الأصول، أو الحاكم في تاريخه، أو الديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف، فليستغن بالعزو إليها، أو إلى بعضها عن بيان ضعفه)(3).
ونخلص من ذلك كله إلى أن السيوطي حكم على الأحاديث من حيث الصحة، وذلك بالعزو إلى الكتب الحديثية التي أشار إليها في القسم الأول، أو الضعف، وذلك بالعزو إلى الكتب الحديثية التي أشار إليها في القسم الثالث.
أما القسم الثاني الذي جمع بين الصحيح، والحسن، والضعيف فإنه يحتاج من الباحث إلى دراسة الإسناد مع ذكر أقوال علماء الجرح والتعديل؛ ليتسن له الحكم على الحديث من حيث الصحة، أو الحسن، أو الضعف.
ولقد نأى الإمام السيوطي بكتابه- فيما يرى - عن الأحاديث الموضوعة والمكذوبة؛ لأنه قسم كتابه إلى ثلاثة أقسام لم يكن منها الحديث الموضوع.
وقد رد الأستاذ الدكتور/ عبد المهدي على دعوى بعضهم من أن الكتاب اشتمل على تسعين ألف حديث موضوع فقال: "هذه دعوى منشؤها الجهل، وقال: من أين جاء التسعون ألف حديث موضوع. والكتاب كله ستة وأربعون ألف حديث وستمائة وأربعة وعشرون حديثاً " (4).
أما ذكر السيوطي للصحابي عقب تخريج الحديث فقد وقع فيه نوع من الاختصار ذكره في مقدمة الكتاب فقال: (وحيث أطلق في هذا القسم أبو بكر فهو الصديق، أو عمر فهو ابن الخطاب، أو عثمان فهو ابن عفان، أوعلي فهو ابن أبي طالب، أو سعد فهو ابن أبي وقاص،أو أنس فهو ابن مالك، أو البراء فهو ابن عازب، أو بلال فهو ابن رباح، أو جابر فهو ابن عبد الله، أو حذيفة فهو ابن اليمان، أو معاذ فهو ابن جبل، أو معاوية فهو ابن أبي سفيان، أو أبو أمامة فهو الباهلي، أو أبو سعيد فهو الخدري، أو العباس فهو ابن عبد المطلب، أو عبادة فهو ابن الصامت، أو عمار فهو ابن ياسر(5).







(1) المراد بالخمسة البخاري، مسلم، ابن حبان، الحاكم في المستدرك، الضياء المقدسي في المختارة.
(2) مقدمة الجامع الكبير.
(3) مقدمة الجامع الكبير.

(4) طرق تخريج الحديث للأستاذ الدكتور/ عبد المهدي ص 53 (8- القول البديع).
(5) مقدمة الجامع الكبير.

ابو وليد البحيرى
2018-10-11, 05:30 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (14)


طريقة التخريج من الكتاب

إذا أراد الباحث أن يخرج حديثاً من الجامع الكبير فعليه أن يحدد هوية الحديث هل هو من قسم الأقوال أم الأفعال؟.


1- فإن كان من الأفعال فلابد من معرفة الراوي الأعلى للحديث؛ ليقف على الأحاديث التي رواها الصحابي الجليل إن كان الحديث مرفوعاً، أما إذا كان الحديث مرسلاً فيبحث عنه في قسم المراسيل، وقد رتبت أسماؤهم على حروف المعجم.

2- إن كان من قسم الأقوال فلابد من معرفة أول لفظة من الحديث؛ ليستطيع الوصول إلى الحديث المراد تخريجه؛ لأن قسم الأقوال مرتب حسب حروف المعجم.

3- إذا تمكن الباحث من معرفة أول لفظة في الحديث فليطلب الحرف الأول من اللفظة في الكتاب، مع مراعاة الحرف الثاني من اللفظة، وكذا الحرف الثالث وهكذا.

4- إذا تمكن الباحث من الوصول إلى الحديث المراد تخريجه في الكتاب فعليه محاولة فك الرموز، وذلك من خلال مقدمة الكتاب.

5- على الباحث أن يضع في حسبانه رتبة الكتب التي أشار إليها السيوطي؛ ليستعين بها في الحكم على الحديث.

وإليك مثالاً يوضح ما ذكرت: حديث (آجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص)، وبالنظر إلى الحديث نجد أنه حديث قولي، أي يمكن تخريجه من قسم الأقوال، وعلى ذلك فيجب اتباع الخطوات التالية:-

1- أن يأتي بحرف الهمزة، ثم يمرر حرف الهمزة مع الباء، ثم التاء، ثم التاء، ثم الجيم وهكذا، فإنه يجد الحديث إن شاء الله.

2- حين الوقوف على مكان الحديث يجد رمزاً وصحابيا هكذا (آجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص) ق عن جابر.

3- يفك الباحث هذه الرموز من خلال مقدمة الكتاب.

4- يكتب التخريج إجمالياً فيقول: أخرجه البيهقي من حديث جابر بن عبد الله، انظر الجامع الكبير ج كذا، ص كذا.

وهذا التخريج الإجمالي يحتاج إلى تفصيل فيقول: أخرجه البيهقي في كتاب كذا، باب كذا، حـ كذا، ص كذا، طبعة كذا.



- مميزات الكتاب:

1) أن الكتاب اشتمل على عدد كثير من الأحاديث، أوصلها بعضهم إلى مائة ألف حديث باعتبار الرواة.

2) أن المؤلف رجع إلى كتب كثيرة أوصلها بعضهم إلى أكثر من ثمانين كتابا. بعض هذه الكتب يصعب الوصول إليها؛ لأنها ما زالت مخطوطة.

3) أنه رتب الكتاب ترتيبًا دقيقًا، بحيث يسهل على الباحث الانتفاع بالكتاب والاستفادة منه، فقد جعل قسم الأقوال على حدة، مرتبًا حسب حروف المعجم، وقسم الأفعال على حدة مرتبًا حسب الراوي الأعلى لها.

4) أنه حكم على الأحاديث من حيث الصحة، أو الحسن، أو الضعف، وذلك بإضافة الأحاديث إلى الكتب المعزو إليها.



عيوب الكتاب:

1- لا يمكن التخريج من هذا الكتاب إلا لمن حفظ متن الحديث، أو طرفه الأول على الأقل إن كان الحديث قوليًا، أو عرف راويه الأعلى إن كان الحديث فعليًا.

2- أن من قصد جمع أحاديث موضوع معين لا يمكنه الاستفادة منه إلا إذا تصفح الكتاب كله، وهذا عسر صعب.

3- من طلب الإسناد فعليه أن يرجع إلى الكتاب المخرج منه، وهذا مما يكلف الباحث عناءً ًومشقة، خاصة إذا كان الكتاب مخطوطاً أو مفقوداً. والله أعلم(1).












(1) انظر: القول البديع ص 113-115 – طرق تخريج حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صــ 53-54 .

ابو وليد البحيرى
2018-10-12, 12:47 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (15)

الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير (1-4 )

2- الجامع الصغير من أحاديث البشر النذير

مؤلفه:

هو الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفي سنة 911هـ.

عدد الأحاديث: نقل الكتاني أن عدد الأحاديث: عشر آلاف حديث وتسعمائة وأربعة وثلاثون حديثا(1), لكن عند العد والحصر لها كما جاء في النسخة المطبوعة المرقمة (10031) عشرة آلاف وواحد وثلاثون حديثاً.

سبب التسمية:

ترجع سبب التسمية إلى أن السيوطي حينما ألف كتابه المسمى بجمع الجوامع، أو الجامع الكبير، قسمه إلى أحاديث قولية، وأحاديث فعلية، ثم انتقى من الأحاديث القولية أحاديث صحيحة مختصرة، وقد زاد عليها بعض الزيادات، وجمع ذلك كله في كتاب سماه (الجامع الصغير من حديث البشير النذير)؛ لأنه مستل من الجامع الكبير.

قال السيوطي. في مقدمة كتابه (أودعت فيه من الكلم النبوية ألوفًا)،ومن الحكم المصطفوية صنوفاً، اقتصرت فيه على الأحاديث الوجيزة، ولخصت فيه من معان الأثر إبريزه(2).

ترتيب الكتاب:

رتب السيوطي أحاديثه حسب حروف المعجم، مراعياً أول الحديث فما بعده؛ تسهيلا على الطلاب.

وبيان ذلك: أنه بدأ بالأحاديث التي أولها همزة، ثم التي أولها باء، ثم التي أولها تاء، وثاء، وجيم، وهكذا، وفي داخل كل حرف من هذه الحروف يمرر الحرف مع حروف المعجم كلها، وإليك مثالاً يوضح ذلك في حرف التاء مثلاً.

تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر..... الخ.

تابعوا بين الحج والعمرة. فإن متابعة ما بينهما تزيد في العمر والرزق.

تأكل النار ابن آدم إلا الأثر في السجود.

تبًا للذهب والفضة.

تبسمك في وجه أخيك لك صدقة.

تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء.

تجافوا عن عقوبة ذي المروءة إلا في حَدٍّ من حدود الله.

وهكذا فإننا نجد أنه أخذ التاء مع الألف، ثم مرر حرف التاء مع حروف الهجاء كلها، وفي نهاية هذا الترتيب من كل حرف نجد أن السيوطي عقد عنواناً للمحلي بأل فقال فصل في المحلي بأل من هذا الحرف (أي الأحاديث التي تبدأ بأل من هذا الحرف).

"مثال ذلك":

التاجر الصدوق تحت ظل العرش.

التاجر الصدوق لا يحجب من أبواب الجنة.

التاجر الجبان محروم.

التثاؤب من الشيطان.

وهكذا في نهاية الحروف كلها، فإنه يذكر الأحاديث المبدوءة بأل من كل حرف، وأود أن أسجل هنا للباحث عدة ملحوظات ليكون على بصيرة من أمره، وبينة من عمله، وهي:

1- أن هذا الترتيب اتفق تماماً في الحرف الأول والثاني، ثم قد يختل بعد ذلك، وبالمثال يتضح المقال:

أ) إني نهيت عن قتل المصلين.

ب) إني نهيت عن زبد المشركين.

ج) إني لا أقبل هدية مشرك.

د) إني لا أصافح النساء.

هـ) إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس.

و) إني حرمت ما بين لابتي المدينة.

فنجد أنه كان من الأولى أن يقدم (إني نهيت عن زبد) على (إني نهيت عن قتل المصلين)، وأن يقدم (إني لا أصافح النساء) على (إني لا أقبل)، وكان من الأولى والأحرى أن يقدم (إني حرمت) على كل ما ذكره أولاً (3).

2- أن السيوطي قدم حديث (إنما الأعمال بالنيات)، وصدر به أول الكتاب، ولم يجعله ضمن الترتيب الذي نهجه؛ تبركًا به؛ وتصحيحاً لنيته، وهذا صنيع أكثر المحدثين كالإمام البخاري وغيره.

3- أنه في حرف الباء قدم حديث (بسم الله الرحمن الرحيم) مفتاح كل كتاب(4)، ولم يراع الترتيب الذي نهجه لشرف الآية، وتقديمها على غيرها، ثم راعي الترتيب بعد هذا الحديث.

4- لو أراد الباحث أن يخرج حديثاً خاصاً بشمائله - صلى الله عليه وسلم –، وهي الأحاديث المتعلقة بأوصافه - صلى الله عليه وسلم –، فعليه أن يطلب أحاديث حرف الكاف، وبعد الانتهاء من الأحاديث المبدوءة بحرف الكاف عقد المؤلف عنوانًا خاصًا بالشمائل سماه (باب كان، وهي الشمائل الشريفة).

6- لو أراد الباحث أن يخرج حديثاً أوله لفظ "نهى" ولم يجد الحديث في حرف النون مع الهاء فعليه أن لا يتسرع في الجزم بعدم وجود الحديث؛ بل عليه أن يطلب باب المناهي، ومحله بعد المحلي بأل من هذا الحرف.

7-في باب اللام لم يذكر "لا" النافية، و"لا" الناهية، والسر في ذلك أنه أفراد (اللام ألف) في باب مستقل بعد الواو، وقبل الياء التي هي خاتمة الحروف.

8- في نهاية الحديث يذكر من أخرجه من أئمة السنة.

9- يذكر الصحابي الذي روي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- إن كان الحديث مرفوعًا- أو التابعي إن كان الحديث مرسلاً.

10- يذكر درجة الحديث من حيث الصحة، أو الحسن، أو الضعف.
























(1) الرسالة المستطرفة ص 127.

(2) مقدمة الكتاب ص 5.

(3) راجع الجامع الصغير 1/157 من حديث رقم 2633-3638.

(4) الجامع الصغير 1/187.

ابو وليد البحيرى
2018-10-17, 12:05 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (16)

الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير (2-4 )


رموز الكتاب ومعناها:
(خ) للإمام البخاري.
(م) للإمام مسلم.
(ق) لما اتفق عليه البخاري ومسلم في صحيحهما.
(د) لأبي داود في سننه.
(ت) للترمذي في سننه.
(ن) النسائي في سننه.
(ة) تاء مربوطة لابن ماجه في سننه.
(4) رقم أربعة رمز لأصحاب السنن الأربع.
(3) الرقم ثلاثة رمز لأبي داود، والترمذي، والنسائي.
(حم) رمز لأحمد بن حنبل في مسنده.
(عم) رمز لعبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده على المسند.
(ك) رمز للحاكم، قال السيوطي : فإن كان في مستدركه أطلقت وإلا بينت.
(خد) رمز للبخاري في الأدب المفرد.
(تخ) رمز البخاري في التاريخ.
(حب) رمز لابن حبان في صحيحه.
(طب) رمز للطبراني في الكبير.
(طس) رمز للطبراني في الأوسط.
(طص) رمز للطبراني في الصغير.
(ص) رمز لسعيد بن منصور في سننه.
(ش) رمز لابن أبي شيبه في مصنفه.
(عب) رمز لعبد الرزاق في الجامع.
(ع) رمز لأبي يعلى في مسنده.
(قط) رمز للدار قطني: قال السيوطي: فإن كان في السنن أطلقت وإلا بينت.
(فر) رمز للديلمي في مسند الفردوس.
(حل) رمز لأبي نعيم في الحلية.
(هب) رمز للبيهقي في شعب الإيمان.
(هق) رمز للبيهقي في السنن الكبرى.
(عق) رمز للعقيلي في كتابه الضعفاء.
(خط) رمز للخطيب في كتابه التاريخ إذا أطلق وإلا بين.
(عد) رمز لابن عدي في الكامل(1).

وحين حكمه على الأحاديث فإنه أشار إلى ذلك بالرمز أيضاً.
فرمز (صحـ) معناه أن الحديث صحيح.
ورمز (ح) معناه أن الحديث حسن.
ورمز (ض) معناه أن الحديث ضعيف.
ولا يظن القارئ أن هذه هي الكتب التي اعتمد عليها السيوطي فقط في جمع الأحاديث منها؛ بل هناك كثير من الكتب ذكرها السيوطي في كتابه الجامع الصغير، وقد سجلها السيوطي على ظهر نسخة من جمع الجوامع، حيث قال - رحمه الله رحمة واسعة-: " هذه تذكرة مباركة بأسماء الكتب التي أنهيت مطالعتها على هذا التأليف؛ خشية أن تهجم المنية قبل تمامه على الوجه الذي قصدته، فيقيض الله تعالى من يذيل عليه، فإذا عرف ما أنهيت مطالعته استغنى عن مراجعته، ونظر ما سواه من كتب السنة".
قال محقق الكتاب : والناظر يجد أن هناك كتباً أخرى غير الكتب التي أشار إليها السيوطي في التذكرة وعددها (71) واحد وسبعون كتاباً(2)، زيادة على الكتب التي ذكرها في مقدمة الكتاب، وقد ذكر محقق الكتاب أمثلة على ذلك، منها:كتاب العلم للموهبي، كما جاء في حديث رقم 7957، وكتاب الذيل لأبي موسى، كما في حديث رقم (7809)، وكتاب العلل لابن الجوزي، وأشار إلى حديث رقم (7767)، وكتاب فضل الرمي للقراب، وأشار إلى حديث رقم (7753)، وكتاب الطب للمستغفري، وأشار إلى حديث رقم (7761)، وكتاب العلم للحافظ ابن عبد البر، وأشار إلى حديث رقم (10026)(3).
______________________________ _________________

(1) مقدمة الكتاب ص5-6.
(2) راجع مقدمة محقق الكتاب الشيخ محي الدين عبد الحميد محمد ص ي – يد.
(3) المرجع السابق مقدمة محقق الكتاب من ص (يد – يه).

ابو وليد البحيرى
2018-10-19, 05:47 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (17)

الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير (3-4 )

طريقة التخريج من الكتاب:
إذا أراد الباحث أن يخرج حديثاً من هذا الكتاب، فعليه أن يتبع الخطوات التالية:
1- أن يتأكد من لفظ الحديث، وخاصة بدايته؛ لأن عدم معرفة أول لفظ من الحديث لا يمكن الباحث من تخريج الحديث من هذا الكتاب.
2- إذا كان لفظ الحديث مبدوءاً بأل فعليه أن يأتي بالمحلي بأل من هذا الحرف، وذلك كحديث (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فعلى الباحث أن يأتي بالمحلي بأل من حرف التاء.
3- إذا كان الحديث يتعلق بشمائل النبي - صلى الله عليه وسلم- فعليه أن يأتي بحرف الكاف باب شمائله - صلى الله عليه وسلم-.
4- إذا كان الحديث يتعلق بالمناهي فعلى الباحث أن يطلب حرف النون، ثم يتتبع الأحاديث في حرف النون، ثم المحلي بأل من هذا الحرف، ثم يطلب عنوان المناهي، ويتتبع الحديث.
5- إذا وقف الباحث على مكان الحديث فعليه أن يذكر مَنْ أخرجه من أئمة السنة، وذلك كحديث (ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث. وكسب الحجام خبيث) (حم م د ت) عن رافع بن خديج.
أي أن هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي. وهذا تخريج إجمالي يحتاج من الباحث إلى التفصيل والبيان، وعليه أن يقوم به، فإذا ما انتهى منه، فيقول أخرجه الإمام أحمد، جزء كذا، صفحة كذا، رقم كذا، مسلم كتاب كذا، رقم كذا، باب كذا، جزء كذا، صفحة كذا، ط كذا. وهكذا في بقية الكتب.


مميزات الكتاب:
1- أن مؤلف الكتاب رتبه ترتيباً دقيقاً حسنًا، مما يسر للباحث كيفية إخراج الحديث منه بسهولة ويسر.
2- أن مؤلف الكتاب حكم على الأحاديث بالصحة، أو بالحسن، أو بالضعف، مما أراح الباحث وأغناه عن البحث والتفتيش، ولكن في حكمه على الأحاديث بعض التساهل، مما دفع المناوي في شرحه المسمى (فيض القدير شرح الجامع الصغير) أن يتتبع السيوطي في بعض الأحاديث، ويخالفه في الحكم عليها، مع بيان وجهة نظره في ذلك، وللعلامة أحمد بن صديق الغماري كتاب (المداوي) تعقب فيه أحكام السيوطي والمناوي.
3-أن مؤلف الكتاب ابتعد عن الأحاديث الموضوعة أو المكذوبة.
قال السيوطي (وصنته عما تفرد به وَضَّاعٌ أو كَذَّابٌ... الخ).
4-أنه خرج من كتب كثيرة ذكر من أكثر منه في مقدمة الكتاب، وترك من لم يكثر منها، ومن أطلع على الكتاب وخرج منه لمس ذلك بوضوح.
عيوبه:
1- أن السيوطي اقتصر في كتابه على الأحاديث الوجيزة فقال: " هذا كتاب أودعت فيه من الكلم النبوية ألوفاً، ومن الحكم المصطفوية صنوفاً، اقتصرت فيه على الأحاديث الوجيزة، ولخصت فيه من معادن الأثر إبريزه.
2- لم يكثر السيوطي في كتابه لأحاديث الأحكام.
3- أنه ذكر متن الحديث دون ذكر السند.
4- لا يمكن الاعتماد على هذا الكتاب إلا إذا عرف الباحث أول لفظ من الحديث.
5- إذا أراد الباحث جمع أحاديث موضوع فعليه أن يقلب صفحات الكتاب كله.
6- أن السيوطي خالف منهجه الذي نص عليه في مقدمة الكتاب، حيث قال وصنته عما تفرد به وَضَّاعٌ أو كَذَّابٌ...، ومع ذلك ورد في الكتاب أحاديث موضوعة، ذكرها في كتابه ( اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)، وقد نبه المناوي في كتابه فيض القدير على تلك الأحاديث.
وممن تتبع هذه الأحاديث وأفردها بالتأليف الشيخ أحمد بن محمد الصديق الغماري، جمعها في كتاب سماه (المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير) وقد رتب هذه الأحاديث حسب حروف المعجم(1).




(1) انظر: القول البديع ص 122-125، طرق تخريج حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ص 39-40.

ابو وليد البحيرى
2018-10-23, 09:17 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (18)

الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير (4-4 )



شروح هذا الكتاب:

1- " الكوكب المنير شرح الجامع الصغير" للشيخ شمس الدين محمد ابن العلقمي تلميذ المصنف، المتوفي سنة تسع وعشرين وتسعمائة (929)، لكن ترك أحاديث بلا شرح لكونها غير محتاجة إليه.
2- " الاستدراك النضير على الجامع الصغير" للشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد المتبولي الشافعي المتوفي سنة 1003، ذكر فيه أن العلقمي أطال فيما لا يحتاج إليه ، واختصر فيما يحتاج، بل ترك أحاديث فقام بشرحها مفصلاً.
3- شرح العزيزي على الجامع الصغير.
4- شرح العلامة نور الدين علي القارى.
5- شرح الأمير الصنعاني اليماني على الجامع الصغير.
6- " فيض القدير شرح الجامع الصغير" للمناوي الشافعي المتوفي سنة 1030 (1).
وقد امتاز هذا الشرح بكثرة الفوائد والفرائد، مع الإيجاز في غير خلل، بين فيه مؤلفه مقصود الحديث دون الدخول في الخلافات الفقهية، والمذاهب، والمسائل النحوية، وتناول الحديث من حيث تخريجه، وبيان حاله من حيث الصحة والضعف، فأحيانًا يكتفي بما ذكره السيوطي في تخريج الحديث، وأحيانا يستدرك عليه، فيزيد أشياء في تخريج الحديث، وأحيانا يقره على تصحيحه، أو تحسينه، أو تضعيفه، وأحيانا يعترض عليه.
والكتاب مهم في بابه ، وهو مطبوع مشهور متداول.








(1) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة 1/ 560، 561.

ابو وليد البحيرى
2018-10-29, 05:58 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (19)





ثانيا : كتب الأحاديث المشتهرة على ألسنة الناس



المراد بالأحاديث المشتهرة على ألسنة الناس، ما يدور على ألسنتهم ويتناقلون بينهم من الأقوال منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يكون بعض هذه الأحاديث صحيحاً أو حسناً، ولكن الكثير منها ضعيف أو موضوع أو لا أصل له، وبما أن انتشار مثل هذه الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة واشتهارها بين عامة المسلمين، يفسد على المسلمين دينهم، لاعتقادهم أنها مروية عن نبيهم، وبالتالي عملهم بمقتضاها وزعمهم أنه لا يصلح سواها، لذا قام كثير من العلماء المتخصصين بالحديث في أعصار متعاقبة بتصنيف كتب جمعوا فيها الأحاديث المشتهرة على الألسنة في تلك العصور، وبينوا صحيحها من سقيمها، وبينوا من رواها وخرجها من أصحاب المصنفات إن كان لها أصل. وذلك تحذيراً للناس من العمل بها والتأدب بأدبها إن كانت مكذوبة أو لا أصل لها.
و (الشهرة) في هذه الأحاديث ليست هي الشهرة الاصطلاحية التي معناها أن يروى الحديث من ثلاث طرق أو أكثر وإنما المراد بها الشهرة اللغوية، أي انتشار هذه الأحاديث على ألسنة الناس ومعرفتها لدى عامتهم.
وأكثر هذه المصنفات مرتب على نسق حروف المعجم، ومن هذه المصنفات(1):
1-التذكرة في الأحاديث المشتهرة، لبدر الدين محمد بن عبدالله الزركشي (-974هـ).
2-الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة، لجلال الدين عبدالرحمن السيوطي (-911م).
3-اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة، مما ألفه الطبع، وليس له أصل في الشرع لابن حجر (-852هـ).
4-المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، لمحمد بن عبدالرحمن السخاوي (-902هـ).
5-تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث، لعبدالرحمن ابن علي بن الديبع الشيباني (-944هـ).
6-البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير، لعبد الوهاب بن أحمد الشعراني (-973هـ).
7-تسهيل السبيل إلى كشف الالتباس عما دار من الأحاديث بين الناس، لمحمد ابن أحمد الخليلي (-1057 هـ).
8-إتقان ما يحسن من الأحاديث الدائرة على الألسن، لنجم الدين محمد بن محمد الغزي (-985هـ) جمع فيه بين كتاب الزركشي وكتاب السيوطي وكتاب السخاوي، وزيادات حسنة عليها.
9-كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، لإسماعيل بن محمد العجلوني (-1162هـ).
10-أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب، لمحمد بن درويش الشهير بالحوت البيروتي (-1276 هـ) جمعها له ولده أبو زيد عبدالرحمن(2).
وإليك تفصيل الكلام في كتابين من أهم هذه الكتب في بابهما :


(1) تراجع أسماء هذه المصنفات في الرسالة المستطرفة ص 191-192 للكتاني، وتحذير المسلمين لمحمد البشير ظافر.
(2) انظر : أصول التخريج ودراسة الأسانيد ص 60-61.

ابو وليد البحيرى
2018-11-03, 12:54 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (20)




كتاب المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة


مؤلفه:


هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر الملقب بشمس الدين، السخاوي الأصل، القاهري المولد والنشأة، ولد في شهر ربيع الأول سنة (831هـ) إحدى وثلاثين وثمان مائة، وتوفي بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام في يوم الأحد من السنة الثانية بعد التسع مائة (902)(1).

عدد الأحاديث:


اشتمل الكتاب على ست وخمسين وثلاثة مائة بعد الألف (1356هـ).

سبب تأليفه للكتاب:


يذكر لنا المؤلف أن سبب تأليفه لكتابه هو سؤال بعض الأئمة من إخوانه أن يؤلف كتابًا يجمع لهم فيه الأحاديث المشتهرة على الألسنة، وأن يبين المعتبر منها.

وقد قوى من عزمه، وشد من أزره ما ذكره من كثرة التنازع لنقل مالا يعلم في ديوان، مما لا يسلم عن كذب وبهتان، ونسبتهم إياه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم- مع عدم خبرتهم بالمنقول، جازمين بإيراده، عازمين على إعادته وترداده، غافلين عن تخريجه(2).

ترتيبه للكتاب:


رتب المؤلف أحاديث الكتاب حسب حروف المعجم، فجعل الهمزة مع الهمزة، ثم الهمزة مع الباء، ثم الهمزة مع التاء، وهكذا إلى آخر الحروف، ثم بدأ بحرف الباء، وَمَرَّرَ حرف الباء مع حروف المعجم كلها، وهكذا في بقية الحروف.

وإليك مثالاً على حرف الباء مثلا:

حديث الباذنجان لما أكل له باطل لا أصل له

حديث البقلاء ليس بثابت.

حديث باكروا بالصدقة.

حديث البتيرا.

حديث البحر هو جهنم.

حديث بخلاء أمتي الخياطون لم أقف عليه.

حديث البخيل من ذكرت عنده فلم يصل على.

ويلاحظ مما سبق أنه لم يجعل للمحلي بأل عنواناً خاصاً به، أو ملحقا به في نهاية الحرف.



وأحب أن أنبه الباحث إلى عدة نقاط منها:


1- أنه عقد عنواناً خاصا لحرف (لا) اللام ألف، ناهية كانت أو نافية.

2- لم يعقد عنواناً خاصاً لأحاديث النهي، ولم يذكرها ضمن حرف النون(3).

3- لم يعقد فصلا خاصاً للشمائل، ولم يذكرها في حرف الكاف(4).



طريقته في التخريج:

بعد أن يذكر المؤلف النص مسبوقاً بلفظ حديث يذكر:-

1- من أخرجه من الأئمة على وجه الإجمال دون التفصيل.

2- يذكر اسم الصحابي، أو الصحابة الذين اشتركوا في نقل الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم-.

3- يذكر غالباً الألفاظ التي جاء بها الحديث، وإذا كان للحديث سبب ذكره كذلك.

4- إذا كان في أحد الأسانيد رجل ضعيف ذكره وبينه.

5- يذكر الشواهد والمتابعات التي قد يتقوى بها الحديث.

6- يذكر حكم الأئمة على الحديث، فإن خالف حكمه حكمهم نص على ذلك.

وإليك مثالين فقط أوضح بهما ما ذكرت:

المثال الأول:

حديث (من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) أحمد، والدارمي، والترمذي وقال حسن غريب، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، والطبراني، وغيرهم من حديث أبي عبد الرحمن الحلبي عن أبي أيوب به مرفوعاً، وفي سنده ضعيف، وتصحيح الحاكم له على شرط مسلم منتقد، فيحي بن عبد الله راويه عن أبي عبد الرحمن لم يخرج له واحد من الشيخين، وأخرجه البيهقي في أواخر الشعب بسند آخر عنه فيه انقطاع، ولكن في الباب عن حريث بن سليم العذري عن أبيه في الدار قطني بسند فيه الواقدي، وعن عمر بن حصين عند الحاكم، وعن أبي موسى عند الدراقطني وعن على عند الحاكم وأبي داود في آخرين(5).

المثال الثاني:

حديث (موتو قبل أن تموتوا)(6) قال شيخنا – يعني الحافظ ابن حجر - أنه غير ثابت.

طريقة التخريج من هذا الكتاب:

إذا أردت أن تخرج حديثا اشتهر على ألسنة الناس مستعيناً بهذا الكتاب لتقف على موضعه في كتب السنة ورتبته – بضم الرء وسكون التاء وفتح الباء – عند علماء الحديث فيجب معرفة أول الحديث ثم تبحث عنه في موضعه، فإذا كان أوله همزة فابحث عنه في حرف الهمزة، فإن وقفت عليه وعرفت من أخرجه، فارجع إلى المراجع الأصلية في هذا،ثم تقول مثلا أخرجه البخاري في كتاب كذا، باب كذا، رقم كذا، جزء كذا، صفحة كذا، طبعة كذا، عن فلان.

مميزات الكتاب:

1- أنه خَرَّجَ من كتب كثيرة بعضها ما زال مخطوطاً إن لم يكن مفقوداً.

2- أنه يوقف الباحث على الألفاظ التي جاء بها الحديث حين ذِكْرِهِ لمصادر التخريج.

3- أنه حكم على الأحاديث فأراح الباحث، وأذهب عنه مشقة العناء.

4- أنه ذكر الشواهد والمتابعات، مما يجعل الحكم على الأحاديث ميسوراً.

عيوبه:

1- لا يمكن الاستفادة من هذا الكتاب إلا لمن حفظ أول الحديث.

2- إذا أراد الباحث أن يجمع أحاديث موضوع معين فلا يمكنه إلا بقراءة الأحاديث كلها، وهذا شاق عسر.

3- أن الكتاب اقتصر على نوع معين من الأحاديث، وهي المشتهرة دون الباقي.

وقد صحح الكتاب وعلق عليه الشيخ عبد الله محمد الصديق أحد علماء الأزهر الشريف، والقرويين، وقدم الكتاب وترجم لمؤلفه الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، وقام بنشر الكتاب مكتبة الخانجي بمصر، ومكتبة المثنى ببغداد(7).











(1) الأعلام 6/194، الضوء اللامع 8/2- 32، الكواكب السائرة 1/53، شذرات 8/15.
(2) مقدمة الكتاب ص 3، 4.
(3) راجع الكتاب ص 141 - 450.
(4) المرجع السابق ص 311 - 330.
(5) المقاصد الحسنة ص 422.
(6) المرجع السابق ص 439.
(7) انظر: القول البديع ص 147-150.

ابو وليد البحيرى
2018-11-11, 03:30 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (21)




كتاب المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة




مؤلفه:
إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي بن عبد الغني العجلوني المولد. الدمشقي المنشأ والوفاة، ولد بعجلون سنة (1087) سبع وثمانين بعد الألف، وتوفي بدمشق سنة اثنتين وستين ومائة بعد الألف.
عدد الأحاديث:
اشتمل الكتاب على: (3281) إحدى وثمانون ومائتان وثلاثة آلاف(1).
سبب تأليفه لكتابه:
ذكر المؤلف سبب تأليفه لكتابه في مقدمته فقال: "إن من أعظم ما صنف في هذا الغرض، وأجمع ما ميز فيه السالم من العلة والمرض، الكتاب المسمى بالمقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، لكنه مشتمل على طول يسوق الأسانيد التي ليس لها كبير فائدة إلا للعالم الحاوي، ومن ثَمَّ لخصته في هذا الكتاب"، ثم يقول في موضع آخر "كما أن الأحاديث المشتهرة على الألسنة قد كثرت فيها التصانيف، وقلما يخلو تصنيف منها عن فائدة لا توجد في غيره من التأليف، فأردت أن ألخص مما وقفت عليه منها مجموعا ًلتقر به أعين المنصفين، وليكون مرجعاً لي ولمن يرغب في تحصيل المهمات من المستفيدين"(2).
ترتيبه للكتاب:
رتب المؤلف كتابه حسب حروف المعجم كترتيب الأصل – المقاصد الحسنة -؛ ليكون أسهل في المراجعة، قال المؤلف: "ورتبته على حروف المعجم كاملة ليكون أسهل في المراجعة لنقله"(3).
وأود هنا أن أسجل للقارئ عدة ملحوظات هي:
1- أنه بدأ بحديث إنما الأعمال بالنيات تصحيحاً لنيته، وهذا صنيع كثير من المحدثين، ثم راعي الترتيب بعد ذلك.
2- أنه راعي في الترتيب الكلمة الأولى دون الثانية، مما جعل الترتيب غير دقيق، ومثال ذلك.
الحكمة عشرة.
الحكمة ضالة المؤمن.
فكان من الأولى تقديم حرف الضاد على العين، ولكنه قدم الحكمة عشرة أجزاء على الحكمة ضالة المؤمن(4).
3- لم يجعل للمحلي بأل عنواناً خاصاً به، أو ملحقاً به في نهاية الحرف، ولكنه اعتبر الكلمة مجردة منه.
4- أنه حينما مرر حرف الهمزة مع حروف الهجاء كلها ذكر ذلك صراحة فيقول بين قوسين (الهمزة مع الباء)، (الهمزة مع الجيم)، وهكذا إلا أنه أخل بذلك النسق في الهمزة مع التاء.
5- أدرج شمائله - صلى الله عليه وسلم- ضمن حرف الكاف.
6- أنه عقد عنواناً خاصاً لحرف (لا) لام ألف.
مصادر الكتاب ورموزه:
لقد اعتمد العجلوني على مصادر متعددة وكثيرة، أشار إلي بيان ما أكثر منها، وما لم يكثر منها، ذكرها باسمها، مصرحا بها في ثنايا الكتاب، وإليك بيان ما أكثر منها في التخريج مع ذكر رموزها:
1- المقاصد الحسنة، وهو الكتاب الأصل الذي اعتمد عليه العجلوني ولخصه.
2- اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة لابن حجر العسقلاني، وقد رمز إليه باللآلئ.
3- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث، وقد أشار إليه بقوله (التمييز).
4- الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للحافظ جلال الدين السيوطي.
5- حلية الأولياء لأبي نعيم، وأشار إليه بقوله (أبو نعيم).
6- صحيحي البخاري ومسلم، وأشار إليه بقوله (رواه الشيخان، أو اتفقا عليه، أو متفق عليه)، وإن كان في أحدهما قال رواه البخاري أو مسلم.
7- مسند أحمد بن حنبل، وأشار إليه بقوله (أحمد).
8- شعب الإيمان للبيهقي، وأشار إليه بقوله (رواه البيهقي).
9- سنن الإمام أبو داود.
10- سنن الإمام الترمذي.
11- سنن الإمام النسائي.
12- سنن ابن ماجه.
وقد أشار إلى رواية هؤلاء الأربعة مجتمعة بقوله: (رواه الأربعة)، (وإذا قال رواه الستة) فالمراد به الصحيحان والسنن الأربع.
13- إتقان ما يحسن من الأخبار الدائرة على الألسن للشيخ نجم الدين الغزي، وأشار إليه بقوله (النجم).
14- الأسرار المرفوعة في الأخبار المصنوعة لملا علي القاوي، وأشار إليه بقوله (قال القاوي).
15- المشارق لحسن محمد الصغاني، وأشار إليه بقوله (قال الصغاني).
هذه هي الكتب التي أكثر من ذكرها والعزو إليها، أما ما لم يكثر التخريج منها والعزو إليها فإنه يذكرها صراحة مصرحاً باسمها.
ولا يظن القارئ أن جميع ما ذكر في الكتاب مشهوراً على الألسنة؛ بل فيه غير ذلك، قال المؤلف: " وربما تعرضت لحديث ليس من المشهورات لمناسبة أو غيرها من المقاصد الصحيحات"(5).
طريقة التخريج من الكتاب:
إذا أراد الباحث أن يكشف عن حديث اشتهر على ألسنة الناس، وأن يعرف مصادره الأصلية التي أخرجت الحديث بسنده مستعينا بكتاب (كشف الخفا ومزيل الإلباس) أن يتأكد من معرفة لفظ الحديث، وبخاصة طرفه الأول على الأقل؛ ليصل إلى الحديث المراد تخريجه.
وبالمثال يتضح المقال:
إذا أردت أن تخرج حديث (تبسمك في وجه أخيك صدقة) مثلاً، فعليك أن تأتي بحرف التاء مع الباء والسين، في الكتاب ج 1 ص 351 تجد الحديث مخرجا من كتب السنة هكذا: رواه الترمذي عن أبي ذر. وهذا تخريج إجمالي يحتاج إلى تفصيل وبيان. فتقول أخرجه الترمذي في كتاب كذا، باب كذا، رقم كذا، جزء كذا، صفحة كذا، عن فلان، طبعة كذا.
والكتاب مطبوع في جزئين طبعة: مؤسسة الرسالة بتحقيق الأستاذ أحمد القلاش، وقد ألحق بالكتاب فهرسًا رتبه حسب الأبواب الفقهية؛ ليتم النفع به، وتكمل الاستفادة(6).
(1) الأعلام 1/325، هدية العارفين 1/220. سلك الدرر 1/259، معجم المؤلفين 2/292.
(2) كشف الخفا جـ 1 ص 8.
(3) كشف الخفا 1/9.
(4) كشف الخفا ص 435.
(5) كشف الخفا 1/8.
(6) انظر: القول البديع ص 152-153.

ابو وليد البحيرى
2018-11-15, 12:17 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (22)


ثالثاً: من طرق تخريج الحديث (عن طريق أول لفظة من متن الحديث)

ثالثاً/ المفاتيح والفهارس العلمية:

لقد انتشرت ظاهرة صنع الفهارس العلمية، التي تضمنت ترتيب الأحاديث على أوائل الكلمات، وقد شاع ذلك حتى أصبح صنع فهرس الأحاديث من تمام تحقيق الكتب الحديثية وغيرها من كتب العلوم الأخرى التي يستشهد أصحابها بالأحاديث، وحق لنا أن نصف هذا العصر بأنه (عصر الفهرسة)، وهذا فتح كبير قرب سبل الوصول إلى الحديث الذي نرغب تخريجه، ومن هذه الفهارس ما يلي:

1- مفتاح الصحيحين: اشترك في وضعه كل من: محمد صادق إسماعيل، ومحمد حسن العقبي، وزكريا على يوسف، وهو مرتب على الأبجدية، يشير إلى الأجزاء والصفحات لطبعة الشعب، وطبعة استانبول.

2- مفتاح الصحيحين: لمحمد الشريف بن مصطفى التوقادي، وقد رتب أحاديث البخاري ومسلم على حروف المعجم، ذاكراً الكتاب ورقم الباب، وقد أشار في مقدمته إلى الطبعات التي اعتمد عليها، فمن لم يكن لديه تلك الطبعات يمكنه الاستفادة بالإحالة على الكتاب.

3- هداية الباري إلى ترتيب أحاديث صحيح البخاري، للسيد عبد الرحيم عنبر الطهطاوي، وقد رتب فيه أحاديث تجريد صحيح البخاري للزبيدي على حروف المعجم.

4- دليل فهارس صحيح البخاري إعداد مصطفى بن علي البيومي.

5- كشاف صحيح أبي عبد الله البخاري، وضعه مصطفى كامل وصفي بالترتيب الأبجدي للألفاظ، والموضوعات، وأسماء الأشخاص، والأعلام.

6- دليل القاري إلى مواضع الحديث في صحيح البخاري، وضعه عبد الله بن محمد الغنيمان، فهرس فيه لأطراف الحديث أبجديًا، مع الإحالة للكتاب، والباب، والأرقام، والأجزاء، والصفحات لكتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر بتحقيق الأستاذ / محمد فؤاد عبد الباقي.

7- فهارس صحيح البخاري، إعداد المكتب السلفي لتحقيق التراث بالقاهرة.

8- فهارس صحيح مسلم لفؤاد عبد الباقي وقد وضعه في الجزء الخامس والأخير من الطبعة التي قام بتحقيقها، والجزء المشار إليه قد ضمنه ستة فهارس، منها فهرس الأحاديث القولية المشار إليه هنا.

9- فهارس اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقي إعداد وترتيب عبد الرحمن دمشقية.

10- الفهرس العام لأحاديث سنن أبي داود لعبد المهيمن الطحان، وهو مرتب على أحاديث الهجاء، وهو يعتمد على الطبعة التي قام بتحقيقها عادل السيد، وعزت الدعاس، وقد طبع ملحقًا بتلك النسخة في الجزء الخامس.

11- فهارس أحاديث وآثار سنن أبي داود، إعداد عبد الرحمن دمشقية.

12- مفتاح المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود، وضعه مصطفى البيومي، وهو ضمن عدة فهارس شملت الجزء الحادي عشر والأخير من الكتاب، وهي على غرار فهارس صحيح مسلم التي وضعها محمد فؤاد عبد الباقي.

13- مفتاح سنن الترمذي، وضعه عبد البر عباس، وراجعه عزت الدعاس، وهو ملحق بالطبعة التي حققها عزت عبيد الدعاس.

14- فهرس سنن الترمذي على الطبعة التي حقق قسمًا منها أحمد شاكر، دار الكتب العلمية – بيروت.

15- فهرس سنن النسائي الصغرى، وضعه عزت الدعاس، وهو يفهرس للطبعة التي حققها ورقم أحاديثها.

16- مفتاح سنن ابن ماجه لمحمد فؤاد عبد الباقي وضعه آخر الطبعة التي حققها.

17- معجم جامع الأصول من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- لابن الأثير، أعده ورتبه يوسف الشيخ محمد البقاعي في مجلدين كبيرين.

18- مفتاح موطأ الإمام مالك، وضعه محمد فؤاد عبد الباقي، وهو ملحق بالطبعة التي حققها.

19- فهرس أحاديث مسند أبي داود الطيالسي، وضعه يوسف عبد الرحمن المرعشلي، ووليد راشد الجبلاوي على حروف المعجم.

20- ترتيب مسند أحمد بن حنبل على الحروف لابن كثير، وضم إليه زوائد الطبراني وأبي يعلى، وذكره السيوطي في ذيل تذكرة الحفاظ ص: 361.

21- فهارس مسند الإمام أحمد إعداد مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بدمشق، إشراف إبراهيم الزيبق وآخرون، وقد طبع في خمسة مجلدات.

22- مرشد المحتار إلى ما في مسند الإمام أحمد بن حنبل من الأحاديث والآثار، وضعه الأستاذ حمدي عبد المجيد السلفي.

23- فهرس أحاديث مسند أبي يعلى الحنبلي، وضعه حسين سليم أسد محقق الكتاب.

24- فهرس أحاديث المعجم الكبير للطبراني، وضعه آخر كل جزء محقق الكتاب حمدي عبد المجيد السلفي.

25- فهارس المعجم الكبير للطبراني، إعداد عدنان عرعور، وقد طبع في ثلاثة مجلدات.

26- فهرس المعجم الأوسط للطبراني، وضعه محقق الكتاب محمود الطحان.

27- فهرس أحاديث معجم الطبراني الصغير، وضعه عبد العزيز بن محمد السدحان في جزء مستقل على حروف المعجم.

28- الأطراف السنية لمجمع الزوائد والمطالب العالية، إعداد عمر بن غرامة العمروي، وهو مجلد كبير.

29- فهارس كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي، إعداد أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول.

30- فهرس أحاديث مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، وضعه يوسف المرعشلي وجماعة، وهو مرتب على الأحاديث ومسانيد الصحابة.

31- فهرس أحاديث سنن الدار قطني، وضعه يوسف عبد الرحمن المرعشلي.

32- فهرس أحاديث مسند الشهاب القضاعي، وضعه محقق الكتاب حمدي عبد المجيد السلفي بآخر الكتاب، ورتبه على حروف المعجم.

33- فهرس أحاديث السنن الكبرى للبيهقي إعداد الدكتور/ يوسف عبد الرحمن المرعشلي.

34- فهرس أحاديث مسند الفردوس بمأثور الخطاب، وضعه محقق الكتاب السعيد بن بسيوني زغلول.

35- فهرس أحاديث الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، وضعه محقق الكتاب كمال يوسف الحوت.

36- فهرس أحاديث نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول للحكيم الترمذي أعده د/ يوسف عبد الرحمن المرعشلي.

37- فهرس أحاديث مسند الإمام الشافعي بترتيب المحدث البارع محمد عابد السندي، أعده الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي.

38- فهرس أحاديث صحيح ابن خزيمة، منشورات المكتب الإسلامي في بيروت.

39- فهرس أحاديث الشفا للقاضي عياض، وضعه محققو الكتاب أسامة الرفاعي وجماعة، ورتبوا الأحاديث القولية على حروف المعجم.

40- فهرس مصنف عبد الرزاق، إعداد المكتب الإسلامي للطباعة والنشر بيروت.

41- فهرس أحاديث سنن الدارمي تأليف عبد الرحمن دمشقية، وميرفت فاخوري.

42- فهرس أحاديث مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة، إعداد أبي عبد الله محمود الحداد.

43- فهارس مسند أبي عوانة، إعداد عبد الرحمن دمشقية.

44- فهرس معاني الآثار للطحاوي، إعداد عبد الرحمن دمشقية وسليمان الحرش.

45- فهرس أحاديث شرح السنة للبغوي، إشراف زهير الشاويش.

46- فهارس كتب غريب الحديث للخطابي، والحربي، وابن قتيبة، إعداد نبيل بن يعقوب بن سلطان البصاره.

47- فهرس غريب الحديث للهروي، إعداد الدكتور/ محمود ميرة.

48- المرشد إلى كنز العمال، وهو فهرس أحاديث كنز العمال على حروف المعجم، وضعه نديم مرعشلي وابنه أسامة.

49- المنهج الأسعد في ترتيب أحاديث مسند الإمام أحمد، معه الفتح الرباني للساعاتي، وشرح الحافظ أحمد شاكر، أعده عبد الله ناصر عبد الرشيد رحماني.

50- فهارس كتاب جامع البيان، وكتاب التاريخ، وكتاب المنتخب، وجميعها للإمام الطبري، إعداد حسن محمود أبو هنية.

وبهذا نستطيع أن نقول إنه قلما نجد كتابًا من كتب التراث امتدت إليه يد عالم أو باحث لتحقيقه ونشره إلا وقد حظي بهذا النوع من الفهرسة، حتى حق لنا أن نقول في أول البحث إن هذا العصر عصر الفهرسة لكتب السنة، أو كتب التراث عمومًا.

ويؤخذ على هذا النوع من التصنيف أنه يهتم بترتيب الأحاديث القولية دون غيرها؛ لصعوبة ترتيب الفعلية على حروف الهجاء.

حسن المطروشى الاثرى
2018-11-17, 09:52 AM
جزاكم الله خيرا

ابو وليد البحيرى
2018-11-17, 01:37 PM
واياكم شيخنا الحبيب
نفع الله بكم وغفر الله لكم

رضا الحملاوي
2018-11-17, 02:24 PM
جزاك الله خيرا

ابو وليد البحيرى
2018-11-22, 05:24 PM
وإياكم
بارك الله فيكم ونفع بكم

ابو وليد البحيرى
2018-11-22, 05:32 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (23)



الطريقة الثانية من طرق التخريج



تخريج الحديث عن طريق معرفة الراوي الأعلى للحديث
علام تعتمد هذه الطريقة:
تعتمد هذه الطريقة علي معرفة الراوي الأعلى للحديث، والراوي الأعلى للحديث قد يكون صحابيًا إذا كان الحديث متصلاً، وقد يكون تابعيًا إذا كان الحديث مرسلاً.
فإذا عرف الباحث الراوي الأعلى للحديث بطريقة ما فإنه يمكنه استخدام هذه الطريقة في تخريج الحديث، ذلك أن المؤلفين علي هذه الطريقة رتبوا الأحاديث علي الراوي الأعلى، فوضعوا تحت كل صحابي أحاديثه، وتحت كل تابعي أحاديثه.
أما إذا لم يكن الباحث علي معرفة بالراوي الأعلى للحديث فإنه لا يمكنه استخدام هذه الطريقة، وعليه أن يسلك طريقة أخري من طرق التخريج، نعم يمكنه إذا سـلك طريقة أخري وعرف منها الراوي الأعلى للحديث أن يعود إلي هذه الطريقة فينتفع بها، فإنها قريبة، وبها فوائد عديدة، ستتضح من خلال الحديث عن مصادرها.
المصادر المعتمدة في هذه الطريقة:
المصادر المستخدمة في هذه الطريقة علي نوعين:
1 ـ المصادر الأصلية، وتشمل:
أ ـ المسانيد.
ب ـ المعاجم.
2 ـ المصادر الفرعية، وتشمل:
أ ـ كتب الأطراف.
ب ـ كتب المجاميع (الجوامع).
وسنتحدث في الصفحات التالية ـ إن شاء الله تعالي ـ عن هذه الأنواع بشيء من التفصيل حتى يتسنى للباحـث كيفية التخريج من المؤلفات أو المصنفات في هذا الشأن.

أولا: المسانيد

تعريفها:
المسانيد: هي الكتب التي موضوعها جعل حديث كل صحابي علي حدة، صحيحًا كان أو حسنًا أو ضعيفًا من غير نظر للأبواب.
قال الخطيب في (الجامع 2 / 284): " ومنهم من يختار تخريجها علي المسند، وضم أحاديث كل واحد من الصحابة بعضها على بعض".
وقد يطلق المسند علي الكتاب الذي جمع عددًا من الأحاديث، غير أنها ليست مرتبة علي الأسماء أو الحروف، وإنما مرتبة علي الأبواب الفقهية؛ وذلك لأنها مسندة ومرفوعة إلي رسول الله - صلي الله عليه وسلم-، مثل مسند بقي (بفتح الباء وكسر القاف، آخره ياء مشددة مكسورة) بن مخلد الأندلسي (ت 276 هـ).

مرتبة المسانيد بين المصادر الحديثية:
تعتبر المؤلفات علي المسانيد من جهة الثبوت وعدمه في المرتبة التالية للمصنفات علي الأبواب، قال الخطيب في الجامع (2/185): " ومما يتلوا الصحيحين: سنن أبي داود السجستاني، وأبي عبد الرحمن النسوي، وأبي عيسي الترمذي، وكتاب محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري، الذي شرط فيه علي نفسه إخراج ما اتصل سنده بنقل العدل عن العدل إلي النبي - صلي الله عليه وسلم-، ثم كتب المسانيد الكبار". وذلك من أجل عناية أصحابها ـ في الغالب ـ بجمع مرويات كل صحابي دون النظر إلي الصحة وعدمها.
كيفية ترتيب المسانيد:
لقد اختلفت المناهج وتنوعت وجهات النظر في ترتيب المسانيد إلي ما يلي:
1 ـ منهم من رتب الصحابة علي حروف الهجاء، وهذا أسهل تناولا.
2 ـ ومنهم من رتبهم علي القبائل.
3 ـ ومنهم من رتبهم بحسب السبق إلي الإسلام.
4 ـ ومنهم من رتبهم بحسب الشرافة النسبية، وغير ذلك.
وقد يقتصر في بعضها علي أحاديث صحابي واحد كمسند أبي بكر، أو أحاديث جماعة منهم كمسند الأربعة، أو العشرة، أو طائفة مخصوصة جمعها وصف واحد كمسند المقلين، ومسند الصحابة الذين نزلوا مصر إلي غير ذلك.
شرط أهل المسانيد في التأليف علي هذا النوع:
1 ـ إفراد أحاديث كل صحابي علي حده.
2 ـ إستقصاء جميع أحاديث كل صحابي، سواء رواه من يحتج به أو لا، فقصدهم حصر جميع ما روي عنه، ومن هنا ضعفت رتبتها عن السنن.
3 ـ عدم النظر إلي الأبواب التي تلائم الحديث، حيث يجد الباحث حديثًا في الصلاة بجانب حديث في البيوع، وحديثًا في الزكاة بجانب حديث في الآداب، وهكذا.
مميزات التأليف علي هذه الطريقة:
1 ـ تجريد الأحاديث النبوية عن غيرها، وجمعهم كثيرا من متونها و أسانيدها المشتملة على تعدد الطرق.
2ـ أن التأليف على هذه الطريقة سَهَّلَ لأهل القرن الثالث حفظ الحديث، وضبطه، ومذاكرته، ودرسه، حتى كان الواحد منهم يحفظ المسند الكبير كما يحفظ السورة من القرآن.
3 ـ يمكن تخريج الحديث منه بسهولة ويسر، خاصة إذا كان الراوي مقلاً في الرواية، أما إذا كان من المكثرين فإن المخرج يحتاج إلي صبر وتأنٍ؛ ليصل إلي الحديث المراد تخريجه.
4 ـ حصر الأحاديث التي رواها كل صحابي علي حده.
5 ـ معرفة بلدان كثير من الصحابة، وأماكن نزولهم التي ارتحلوا إليها، وذلك كأن يقال مسند المكيين، أو الشاميين، أو البصريين إلي غير ذلك.
عيوب التأليف علي هذه الطريقة:
1 ـ أن المطلع علي المسانيد إذا لم يكن من أهل الفن المتضلعين فيه، الواقفين علي
أحوال المتون والأسانيد، فإنه يتعذر عليه الوقوف علي درجة الحديث من الصحة، والضعف، والاحتجاج به من عدمه، إذ كل حديث في نظر المطلع يحتمل الصحة والضعف.
2 ـ من طلب أحاديث موضوع معين فعليه أن يقلب صفحات الكتاب بأكمله، وهذا شاق على النفس وعسر عليها.
3 ـ أن المخرج إذا أراد أن يخرج حديثا للمكثرين من الصحابة كأبي هريرة، وابن عمر، وعائشة، فإنه يحتاج إلي وقت طويل للعثور علي الحديث، وقد يمر عليه الحديث ولا يتنبه الباحث إليه؛ لطول القراءة، وتعبه الكبير، وجهده المضني.

أهم المؤلفات في المسانيد:
المسانيد من حيث أعدادها كثيرة، وقد حصرها الأئمة في العدد، فقالوا: بلغت المائة
مسندًا، أو ربما زادت، وقد عدد الكتاني منها في الرسالة المستطرفة (46 ـ 59)
اثنين وثمانين مسندًا، ثم قال: والمسانيد كثيرة سوي ما ذكرناه
وأهم هذه المسانيد:
1 ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ)، وهو الذي يراد عند إطلاق كلمة مسند، أما في غيره فتقال مقيدة.
2 ـ مسند الحميدي: أبي بكر عبد الله بن الزبير (ت 219 هـ).
3 ـ مسند أبي داود الطيالسي (204 هـ).
4 ـ مسند أسد بن موسي الأموي (212 هـ).
5 ـ مسند مسدد بن مسرهد الأسدي البصري (228 هـ).
6 ـ مسند عبد بن حميد (249 هـ).
7 ـ مسند أبي يعلي: أحمد بن علي بن المثني الموصلي (307 هـ).
وسنتحدث في الصفحات التالية بشيء من التفصيل عن بعض هذه المسانيد.

ابو وليد البحيرى
2018-11-27, 05:27 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (24)




مسند الإمام أحمد (1-5)


التعريف بالمؤلف:
هو الإمام الجليل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي، واشتهر بنسبته إلي جده فقيل: أحمد بن حنبل.
ولد سنة أربع وستين ومائة (164 ه-) وطلب العلم في مقتبل عمره حيث قال:
" طلبت الحديث سنة تسع وسبعين ومائة".
روي عن:عفان بن مسلم، ووكيع بن الجراح، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، ويحي بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن مهدي، وسفيان بن عيينة، وغيرهم كثير من أجلة الشيوخ، وقد بلغ عدد شيوخ الإمام أحمد الذين روي عنهم في المسند: (292).
وروي عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابناه عبد الله وصالح، وعلي بن المديني، ويحي بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، كما روي عنه بعض شيوخه كالشافعي، وابن مهدي، وعبد الرزاق، وروي عنه كثيرون غيرهم.
ثناء العلماء عليه: أثني علي الإمام أحمد كثير من العلماء، فقال عنه الإمام الشافعي كما في تاريخ بغداد (4 / 419): " خرجت من بغداد، فما خلفت بها رجلا أفضل، ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقي من أحمد بن حنبل".
وقال أبو زرعة كما في الجرح والتعديل (1 / 296): "كان أحمد صاحب حفظ,
وصاحب فقه، وصاحب معرفة، ما رأت عيناي مثل أحمد في العلم, والزهد, والفقه, والمعرفة, وكل خير".
وقال ابن حبان في الثقات (8 / 18): " كان أحمد بن حنبل حافظًا متقنًا، ورعًا، فقيهًا، لازمًا للورع الخفي، مواظبًا علي العبادة الدائمة، به أغاث الله أمة محمد - صلي الله عليه وسلم- وذلك أنه ثبت في المحنة، وبذل نفسه لله - عز وجل- حتى ضرب بالسياط للقتل، فعصمه الله من الكفر، وجعله علمًا يقتدي به".
وفاته: توفي - رحمه الله تعالي- سنة إحدى وأربعين ومائتين للهجرة، عن سبع وسبعين سنة.
التعريف بالكتاب:
1 - اسم الكتاب: المسند؛ وذلك لأن أحاديثه مسندة، أي مروية بسند متصل إلي الرسول - صلي الله عليه وسلم-.
2 - موضوعه: مرويات الإمام أحمد مرتبة علي مسانيد الصحابة - رضي الله عنهم-
3 - مشتملاته:يشتمل المسند:
أ - من حيث عدد المسانيد: ذكر العلامة محمد بن جابر الوادي آشي (ت 749 هـ ) في برنامجه (ص198): أن عدد مسانيد الإمام أحمد ستة عشر مسندًا، وقال الحافظ ابن حجر في المعجم المؤسس (2 / 32): "مسند أحمد يشتمل علي ثمانية عشر مسندا، وربما أضيف بعضها إلي بعض"، وذكر في (إطراف المسند المعتلي 1 / 172) أنها سبعة عشر مسندا، وبتوجيه ابن حجر السابق يجمع بين هذه الأقوال.
وتلك الأرقام هي لأعداد المسانيد الرئيسة التي جعلها الإمام أحمد في مسنده كالكتب، وترجم بها كقوله - مثلاً -: (مسند بني هاشم)، والحقيقة أنه يدخل تحتها عدة مسانيد للصحابة، وربما اقتصر علي مرويات صحابي واحد فيها، إذا كان من المكثرين، ويترجم له بقوله: "حديث ابن عباس" - مثلا -(2)
وأما عدد مسانيده من حيث التفصيل علي حسب ما أورده الحافظ علي بن الحسين ابن عساكر (ت 571 ه-) فهي: 1056 مسندا(1)
ب - من حيث عدد أحاديثه: ذكر أهل العلم أن المسند يشتمل علي ثلاثين ألف حديث من غير المكرر، وبالمكرر علي أربعين ألف حديث، كما يشتمل علي ثلاث مئة حديث ثلاثية الإسناد.
قال الحافظ أبو موسي المديني: " فأما عدد أحاديثه فلم أزل أسمع من أفواه الناس أنها أربعون ألفا، إلي أن قرأت علي أبي منصور بن زريق القزاز - بزايين - ببغداد قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال حدثنا ابن المنادي قال: لم يكن أحد في الدنيا أروي عن أبيه منه - يعني عبد الله بن أحمد بن حنبل -؛ لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة وعشرون ألفا....الخ
فلا أدري هل الذي ذكره ابن المنادي أراد به مالا مكرر فيه، أو أراد غيره مع المكرر، فيصلح القولان جميعًا.. الخ)(3)
هذا ما ذكره أهل العلم، لكن عدد أحاديث المسند المطبوع أقل من ذلك، ويحتمل ذلك عدة أمور، منها:
1 - كون النسخة المخطوطة المعتمد عليها في الطباعة ناقصة.
2- ربما تم اعتبار مجموعة من الأحاديث حديثًا واحدًا، بينما هي أكثر من ذلك كمرويات النسخ.
3- ربما لم يتم اعتبار المرويات التي يسوقها الإمام أحمد من أقوال التابعين ونحوهم في شرح الغريب، ونحو ذلك.(4)
ج - من حيث نوع المرويات:يشتمل المسند علي المرفوع، وهو الغالب، وعلي قليل من المرسل، وقليل من الموقوف، وعلي المقطوع، وقد بوب الحافظ ابن حجر في كتابه إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي فقال: " فصل في الموقوفات غير ما تقدم"(5)، يعني غير ما تقدم من المرويات الموقوفة التي ذكرها في كتابه هذا، وبَوَّبَ أيضا في موضع آخر فقال: " ذكر ما وقع فيه من المراسيل والموقوفات بغير استيعاب"(6)، وأراد الحافظ ابن حجر بالموقوف عموم الأقوال التي رواها الإمام أحمد، ما عدا المرفوع والمرسل.

(1) انظر: طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى للدكتور/ عبد العزيز اللحيدان ص31
(2) انظر: ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند ص 171.
(3) المصعد الأحمد (ص 32 - 33).
(4) انظر: طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى ص 32.
(5) (8 / 369).
(6) (9 / 490).

ابو وليد البحيرى
2018-11-30, 01:15 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (25)




مسند الإمام أحمد (2-5)








4 - أقسام أحاديث المسند: قال العلامة الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي: (بتتبعي لأحاديث المسند وجدتها تنقسم إلى ستة أقسام:

1 - قسم رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد -رحمهما الله- عن أبيه سماعًا منه، وهو المسمى بمسند الإمام أحمد، وهو كبير جدًا يزيد على ثلاثة أرباع الكتاب.


2 - وقسم سمعه عبد الله من أبيه وغيره، وهو قليل جدًا.

3 - وقسم رواه عبد الله عن غير أبيه، وهو المسمى عند المحدثين بزوائد عبد الله، وهو كثير بالنسبة للأقسام كلها عدا القسم الأول.

4 - وقسم قرأه عبد الله على أبيه ولم يسمعه منه وهو قليل.

5 - وقسم لم يقرأه، ولم يسمعه، ولكنه وجده في كتاب أبيه بخط يده، وهو قليل أيضا.

6 - وقسم رواه الحافظ أبو بكر القطيعي عن غير عبد الله وأبيه - رحمهم الله - وهو أقل الجميع.(1)

قال: فهذه ستة أقسام، تركت الأول والثاني منها بدون رمز، ورمزت للأقسام الباقية في أول كل حديث منها، فرمزت للقسم الثالث بحرف (ز)؛ إشارة إلى أنه من زوائد عبد الله بن الإمام - رحمهما الله -، ورمزت للقسم الرابع هكذا (قر)؛ إشارة إلى أن عبد الله قرأه على أبيه، ورمزت للقسم الخامس برمز (خط)، إشارة إلى أنه وجده في كتاب أبيه بخط يده، ورمزت للقسم السادس برمز (قط)، إشارة إلى أنه من زوائد القطيعي.

قال: وكل هذه الأقسام من المسند إلا الثالث فإنه من زوائد عبد الله، والسادس فإنه من زوائد القطيعي)(2)



5 - درجة أحاديث المسند: للعلماء في درجة أحاديث المسند أقوال هي:

الأول: أن ما فيه من الأحاديث حجة.

الثاني: أن فيه الصحيح، والضعيف، والواهي، فقد ذكر ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات) تسعة وعشرين حديثًا منه، وحكم عليها بالوضع، وزاد الحافظ العراقي عليه تسعة أحاديث، حكم عليها بالوضع، وجمعها في جزء.

الثالث: أن فيه الصحيح، والضعيف الذي يقرب من الحسن.

وقد جمع الشيخ أبو زهو بين هذه الآراء، فقال: (يمكن إرجاع القولين الأولين إلى القول الثالث، وبذلك لا يكون هناك خلاف في درجة أحاديث المسند، فمن حكم على بعض أحاديثه بالوضع نظر إلى ما زاده فيه أبو بكر القطيعي، وعبد الله بن الإمام أحمد.

والقول بحجة ما فيه من الأحاديث لا ينافي القول بأن فيه الضعيف، فإن الضعيف فيه دائر بين الحسن لذاته والحسن لغيره، وكلاهما مما يحتج به عند العلماء)(3).

وهذا وقد ألف الحافظ ابن حجر جزءًا سماه: (القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد)، وذكر فيه الأحاديث الموضوعة والواهية التي انتقدت في مسند الإمام أحمد، وأجاب عنها، ولكن لا تخلو إجابته في بعض المواضع من نظر، إذ حسن أحاديث كان قد حكم عليها بالوضع بعض الأئمة، وليس أدل على هذا مما قاله الحافظ ابن حجر في كتابه: (تعجيل المنفعة): (ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة، منها: حديث عبد الرحمن بن عوف أنه يدخل الجنة حبوًا، والاعتذار عنه أنه مما أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهوًا)، ومع هذا فقد حاول الحافظ نفي الوضع عنه.











(1) وإنما يدرك التمييز بينها بالنظر في الأسانيد، فكل حديث يقال في أول سنده: حدثنا عبد الله حدثني أبي فهو من المسند، وكل حديث يقال في أول سنده: حدثنا عبد الله حدثنا فلان - بغير لفظ أبي - فهو من زوائد عبد الله، وكل حديث يقال في أوله: حدثنا فلان - غير عبد الله وأبيه - فهو من زوائد القطيعي.
(2) الفتح الرباني (1 / 21، 22).
(3) الحديث والمحدثون ص 375.

ابو وليد البحيرى
2018-12-09, 05:26 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (26)




مسند الإمام أحمد (3-5)








6 - طريقة ترتيب المسند: رتب الإمام أحمد أحاديث كتابه على مسانيد الصحابة،
وقسمها بضعة عشر مسندًا من المسانيد أو مجامع المسانيد الرئيسة، وقد عدَّها العلامة محمد بن جابر الوادي آشي، فقال:(مسند الإمام أبي عبد الله: أحمد بن حنبل المشتمل على ستة عشر مسندًا: الأول: مسند العباس وبنيه، الثاني: مسند أهل البيت، وهم العشرة، الثالث: مسند ابن عباس وحده، الرابع: مسند أبي هريرة، الخامس: مسند ابن مسعود، السادس: مسند ابن عمر، السابع: لجابر بن عبد الله، الثامن: لأنس بن مالك، التاسع: لعمرو بن العاص، وأبي سعيد الخدري معًا، العاشر: لعائشة، الحادي عشر: للمدنيين والمكيين، الثاني عشر: للشاميين، الثالث عشر: للبصريين، الرابع عشر: للكوفيين، الخامس عشر: للأنصار، السادس عشر: مسند النساء)(1).
وعدَّها الحافظ ابن حجر، فقال: (هذه أسماء المسانيد التي اشتمل عليها أصل المسند: مسند: العشرة وما معه، ومسند: أهل البيت، وفيه: العباس وبنيه، ومسند: عبد الله بن عباس، ومسند: ابن مسعود، ومسند: أبي هريرة، ومسند: عبد الله بن عمر، ومسند: جابر، ومسند: الأنصار، ومسند: المكيين والمدنيين، ومسند: الكوفيين، ومسند: البصريين، ومسند: الشاميين، ومسند: عائشة، ومسند: النساء)(2)، وعدَّدَ ما ذكر ابن حجر هنا (17) مسندًا، وذكر الحافظ في موضع آخر أنه اشتمل علي ثمانية عشر مسندًا، وقال: (ربما أضيف بعضها إلي بعض)(3)، وبهذا يوجه الاختلاف في عدد المسانيد الرئيسة في الكتاب، لكن يظهر فيه الاختلاف في ترتيب هذه المسانيد، فالوادي آشي بدأ بسند العباس وبنيه، وابن حجر بدأ بالعشرة، وهو يوافق المطبوع، بينما لم يزد ذكر العشرة المبشرين بالجنة في وصف الوادي آشي إلا قوله في الثاني: (مسند أهل البيت، وهم العشرة)، والعشرة غير أهل البيت، فلعله أضافهم هنا كما أشار ابن حجر، ومن المعلوم أن الإمام أحمد توفي قبل تهذيبه وترتيبه؛ وإنما قرأه لأهل بيته قبل ذلك خوفًا من العوائق العارضة، وقد أجاب الإمام ابن عساكر بهذا (4).
ومن خلال ما سبق يتبين:
1 - أن المسند مقسم إلى عدة مسانيد رئيسة، وهي التي ترجم لها غالبًا بقوله مثلا: (مسند العشرة وما معه، ومسند أهل البيت) وهي تشتمل علي مجموعة من مرويات عدد من الصحابة، وقد بَوَّبَ أيضا علي مرويات صحابي واحد بقوله: (مسند)، مثل: (مسند عبد الله بن عباس، ومسند ابن مسعود، ومسند أبي هريرة)، ويلحظ أن هؤلاء الذين أفردهم بهذا التبويب من المكثرين في الغالب، وفي المسانيد التي يترجم بها ويبوب وهي جامعة كقوله: (مسند العشرة)، يفصل مرويات كل صحابي علي حدة، ويبوب عليها بقوله (حديث أبي، وحديث عمر بن الخطاب).
2 - بدأ مسند الرجال بالعشرة المبشرين بالجنة، وقدم حديث الأربعة الخلفاء، ثم رتب البقية بعد ذلك بحسب البلدان، مثل قوله: مسند البصريين، ومسند المكيين، ومسند المدنيين، ومسند الكوفيين، أو بحسب القبائل، وأهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، والأنصار، وغير ذلك، وربما كررت مرويات الصحابي في أكثر من موضع، تارة باعتبار بلده، وتارة باعتبار قبيلته، أو أسبقيته في الإسلام، ومن ذلك أنه أخرج مرويات (حارث بن أقيش) في مسند الأنصار، ثم أخرجها في مسند الشاميين، وكذا (حارث بن زياد الأنصاري)، أخرج له في موضعين: مسند المكيين، ومسند الشاميين، وقد رتب ابنه عبد الله مسانيد المقلين، قال الحافظ ابن حجر: (لم يرتب - يعني الإمام أحمد - مسانيد المقلين، فرتبها ولده عبد الله، فوقع منه إغفال كبير من جعل المدني في الشامي، ونحو ذلك)(5).
وأما مرويات النساء فقد فرقت في المطبوع من المسند في عدة مواضع، وجمعت مرويات أكثرهن في أواخر المسند متتابعة، وقدم: حديث عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها-، ثم: حديث فاطمة - رضي الله عنها- بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، إلي بقية أحاديث أمهات المؤمنين، وبقية النساء - رضوان الله عليهن-، وترجم لأحاديث المبهمات من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- في مواضع أخرى، مثل قوله: (حديث بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم-).
3 - ترجم أيضا لمسانيد المبهمين والمبهمات من الصحابة - رضوان الله عليهم-، بحسب ما جاء في الرواية،: (حديث رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-).
4 - في آخر المسند بعد مرويات النساء، أخرج مرويات أربعة من الصحابة، حيث ترجم لأولهم، فقال: (حديث صفوان بن أمية - رضي الله عنه-)، ثم: (حديث أبي بكر بن زهير الثقفي - رضي الله عنه-)، ثم: (حديث والد بعجة بن عبد الله - رضي الله عنه-)، ثم: (حديث شداد بن الهاد - رضي الله عنه-)، وبه ختم المسند المطبوع، وأحاديث صفوان جاءت في موضع آخر، وكذا أبو بكر بن أبي زهير، وشداد بن الهاد.(6)

7 - كيفية تخريج الحديث من المسند: إذا أردت أن تخرج حديثًا من المسند فعليك باتباع الخطوات التالية:
1 - معرفة الراوي الأعلى للحديث المراد تخريجه، لأنه لا يمكن التخريج إلا بعرفة الراوي الأعلى.
2 - أن تحدد في أي الأجزاء، وفي أي الصفحات تبدأ أحاديث هذا الصحابي، ويساعدك في معرفة الجزء والصحيفة الفهارس الموجودة في أول الجزء الأول - والتي وضعها الشيخ الألباني - أو الموجودة في آخر كل جزء، فإنها تذكر لك الصحابي، ثم تحدد الجزء الذي توجد فيه مروياته، وبيان رقم الصحيفة الذي تبدأ منه أحاديثه.
3 - بعد أن تعرف رقم الجزء ورقم الصحيفة اطلب الجزء المراد، ثم علي رقم الصحيفة.
4 - إذا كان راوي الحديث من المقلين في الرواية فاقرأ أحاديثه كلها؛ لتصل إلى حديثك المراد تخريجه، أما إذا كان راوي الحديث من المكثرين فعلى الباحث أن تهدأ نفسه، وأن تثبت يداه وقدماه أمام صاحب هذا المسند الكبير؛ للوقوف علي الحديث، ويساعدك في الوقوف علي الجزء والصحيفة - خاصة في المكثرين للرواية- (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، وسيأتي الحديث عنه في الطرق اللاحقة)، فإنه يذكر الجزء والصحيفة.







(1) برنامجه ص 198.
(2) إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي (1 /173).
(3) المجمع المؤسس (2 / 32).
(4) ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند ص 33.
(5) المعجم المؤسس (1 / 199).
(6) انظر: تخريج الحديث بحسب الراوي الأعلى ص 37 - 40.

ابو وليد البحيرى
2018-12-16, 04:08 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (27)




مسند الإمام أحمد (4-5)





8 - أهم مميزات المسند:

1 - يعتبر مسند الإمام أحمد من المصادر الحديثية المسندة، ولذلك أثره في علوم الحديث إسنادًا ومتنًا.

2 - يعد من أنقى المسانيد، حيث إن الإمام أحمد انتخبه من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث، كما ذكر الإمام أحمد نفسه (1)، ويقول الحافظ ابن حجر: (لا يشك منصف أن مسنده أنقى أحاديث، وأتقن رجالاً من غيره، وهـذا يدل على أنه انتخبه)(2).

3 - يعتبر من الموسوعات الحديثية الجامعة المسندة؛ لأنه احتوي غالب المرويات، وأصولها الثابتة، فلا يكاد يوجد حديث صحيح إلا وهو فيه بنصه، أو أصله، أو نظيره، أو شاهده(3)، ويقول ابن الجوزي: (ما من حديث غالبًا إلا وله أصل في هذا المسند)(4)، ويقول الحافظ ابن كثير: (يوجد في مسند الإمام أحمد من الأسانيد والمتون شيء كثير مما يوازى كثيرًا من أحاديث مسلم؛ بل والبخاري أيضا، وليست عندهما، ولا عند أحدهما، بل لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الأربعة)(5).




9 - رواية المسند: المسند من رواية أبي بكر: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب البغدادي القطيعي (ت 368 هـ) عن عبد الله بن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (290 هـ) عن أبيه.



10 - جهود العلماء في العناية بالمسند: لقد عني العلماء بالمسند عناية كبيرة؛ لما له من أهمية كبيرة، ومنزلة عظيمة، وقد تمحورت هذه الأهمية في الآتي:

أ - ترتيبه كترتيب كتب الأطراف:

- رتبه علي معجم الصحابة والرواة عنهم، كترتيب كتب الأطراف، الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب الصامت.

- ثم أخذ الحافظ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير كتاب المسند بترتيب ابن المحب الصامت، وضم إليه الكتب الستة، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومعجم الطبراني الكبير، ورتبها جميعًا على نفس ترتيب ابن المحب للمسند، وسماه (جامع المسانيد والسنن).

قال ابن الجزري: (... وجهد نفسه كثيرًا وتعب فيه تعبًا عظيمًا، فجاء لا نظير له في العالم، وأكمله إلا بعض مسند أبي هريرة، فإنه مات قبل أن يكمله؛ لأنه عوجل بكف بصره، وقال لي: رحمه الله تعالى - لا زلت أكتب فيه في الليل والسراج ينونص - يعني يضعف - حتى ذهب بصري معه، ولعل الله أن يقيض له من يكمله مع أنه سهل، فإن معجم الطبراني الكبير لم يكن فيه شيء من مسند أبي هريرة - رضي الله عنه-)(6).

- ورتبه على الأطراف أيضا الحافظ ابن حجر، وسماه: (إطراف المسند - بكسر النون وضم الميم - المعتلي بأطراف المسند الحنبلي) ثم ضمه أيضا مع الكتب العشرة في كتابه (إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة).

ب - ترتيبه علي الكتب والأبواب الفقهية:

- رتبه على الكتب والأبواب الفقهية الشيخ العلامة أحمد بن عبد الرحمن البنا، الشهير بالساعاتي، وسماه: (الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني)، غير أنه اقتصر علي جزء من إسناد الحديث مع تمام متنه، ثم عاد وشرحه، وخرج أحاديثه في كتاب سماه (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني)، لكن المنية عاجلته قبل إتمامه، فأتمه الشيخ الدكتور/ محمد عبد الوهاب البحيري، وقد طبع الكتابان معا في أربعة وعشرين جزءًا.

- ورتبه علي نفس ترتيب الفتح الرباني الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن عثمان القرعاوي، غير أنه استوعب الأسانيد وطرق الحديث كلها في المسند، وسمى كتابه (المحصل لمسند الإمام أحمد بن حنبل)، قال في أوله: (وطريقتي في ذلك هي أني أذكر الترجمة (كباب في معرفة حق الله تبارك وتعالى.....) وبعدها أجعل لكل صحابي رقمًا، مبتدئا برقم واحد (1)، وبجانب الرقم أذكر اسم الصحابي، ثم اذكر حديثه، واجعل لهذا الحديث ولطرقه أرقامًا من الجانب الأيمن على التسلسل، تبين عدد طرقه، إلا أن تكرر ذكر الحديث فيما سبق فإني أشير إلي أنه قد تكرر في قولي: ((قال مقيده عفا الله عنه...)) وقد جعلت قبل هذا الرقم رقمًا يشير إلي تعداد أحاديث المحصل كاملاً، من أوله إلي آخره، مبتدئًا برقم (1)، ومنتهيًا برقم (29258).










(1) انظر: خصائص المسند لأبي موسي المديني ص 21.
(2) النكت علي كتاب ابن الصلاح ص149.
(3) انظر للفائدة في هذا الباب: كتاب الفروسية لابن القيم ص 69.
(4) المصعد الأحمد (1 / 31).
(5) اختصار علوم الحديث ص 27.
(6) الفتح الرباني (1 / 8).

ابو وليد البحيرى
2018-12-21, 12:57 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (28)




مسند الإمام أحمد (5-5)









ج - تحقيقه تحقيقًا علميًا:


- قام الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر بتحقيق المسند، فحقق النص، وقابله علي نسخ خطية، ورقم الأحاديث، وخرجها، وتكلم علي أحوال رواتها، وحكم عليها، ووضع فهارس علمية دقيقة في آخر كل مجلد، لكن المنية عاجلته قبل أن يتمه، والمطبوع منه إلي مسند أبي هريرة -رضي الله عنه- في سبعة عشر مجلدًا، وقد شرع الشيخ الدكتور/ الحسيني هاشم في إتمام ما بدأ به الشيخ أحمد شاكر، إلا أن المنية عاجلته أيضا قبل إتمامه، لكن أتمه من بعد الجزء الذي انتهي إليه الشيخ شاكر الأستاذ حمزة الزين، وطبع كاملاً في عشرين مجلدًا.


- قام جلة من الباحثين في الدراسات العليا بقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة بتحقيق المسند كاملاً - وذلك ضمن رسائل الماجستير والدكتوراه - فخرجوا أحاديثه، وترجموا لرواته، وشرحوا غريبه، وعلقوا علي بعض أحاديثه، وهذا العمل مع شموله واستيعابه لا زال قيد المخطوطات بمكتبة كلية أصول الدين بالقاهرة.

- قام الشيخ العلامة شعيب الأرنؤوط مع مجموعة من العلماء بتحقيق المسند، وتخريج أحاديثه، والتعليق عليه، وقد قامت بطباعة هذا العمل مؤسسة الرسالة ببيروت في خمسين مجلدا، وأشرف علي إصدارها معالي الدكتور/ عبد الله بن عبد المحسن التركي، وقد تميزت هذه الطبعة بالعناية الفائقة في تحقيق النص علي عدة نسخ خطية، وتجنبت كثيرًا من التصحيفات التي وقعت في الطبعات السابقة، كما تمم كثيرًا من المواضع الساقطة من المسانيد في الكتاب، مع تخريج الأحاديث تخريجًا شاملاً، وإعداد فهارس متنوعة.


د - ترتيب أطراف الأحاديث علي أوائل ألفاظ المتون بحسب حروف الهجاء :


مثل :

1 - فهرس أحاديث مسند الإمام أحمد بن حنبل، إعداد أبي هاجر : محمد السعيد بن بسيوني زغلول.

2 - مرشد المحتار إلي ما في مسند الإمام أحمد بن حنبل من الأحاديث والآثار، لحمدي عبد المجيد السلفي.

3 - المنهج الأسعد في ترتيب أحاديث مسند الإمام أحمد (ومعه الفتح الرباني، وشرح العلامة أحمد شاكر علي المسند) إعداد عبد الله ناصر رحماني.


هـ - ترتيب أسماء الصحابة المخرج حديثهم بحسب حروف الهجاء : كما في:


1 - ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند، للحافظ أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله المعروف بابن عساكر (ت 571 هـ).


2 - فهرس العلامة محمد ناصر الدين الألباني، لأسماء الصحابة الذين أخرج الإمام أحمد حديثهم.

ابو وليد البحيرى
2018-12-26, 04:06 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (29)



مسند الحميدي (1-2)



التعريف بالمؤلف:

هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسي، واشتهر بالحميدي.

روى عن: سفيان بن عيينة وأكثر عنه حتى قيل إنه يحفظ عنه عشرة آلاف حديث، كما روى عن شيخه وكيع بن الجراح وغيرهم.


وروى عنه: الإمام البخاري، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي، وغيرهم.

قال عنه الإمام أحمد: (الحميدي عندنا إمام)، وقال أبو حاتم الرازي: (أثبت الناس في ابن عيينة: الحميدي، وهو رئيس أصحاب ابن عيينة، وهو ثقة إمام)

توفي سنة (219 هـ)(1).



التعريف بمسنده:

أولا:اسم الكتاب: مسند الحميدي.

ثانيا: موضوعه:مرويات الإمام الحميدي عن شيخه سفيان بن عيينة - في الغالب - مرتبة على مسانيد الصحابة، ومعلة.

ثالثا: مشتملاته:

- روى الحميدي بإسناده عن (182)(2) صحابيًا، ولم يخرج أحاديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه-، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.

- عدد أحاديث الكتاب علي حسب ترقيم محققه (حبيب الرحمن الأعظمي) ((1300))، واستدرك أيضا: حديثًا وجده في بعض النسخ، ونبه إليه، وهذا العدد بالمكرر، والذي يظهر أن المحقق حدثت له بعض الأوهام في ترقيمه، وترك بعض الأسانيد بدون عد، مع أنه رقم أمثالها، وقد فاته (68) حديثًا وإسنادًا لم يرقمها، فاستدرك بعضها علي نفسه بعد نهاية الترقيم، مثل صنيعه عند حديث (195) حيث وضع بعده (195 / 1، 195 / 2) وربما أراد بذلك المكرر، لكنه ترك أشياء من هذا القبيل (3)، وعلى ذلك فعدد أحاديثه - بإطراح زيادة أبي علي بن الصواف - (1368) حديثًا.

- تضمن مسند الحميدي زيادة لأبي علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف (ت 359 هـ) وهو الراوي عن تلميذ الإمام الحميدي بشر بن موسي الأسدي، وهذه الزيادة في أحاديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-.

- اشتمل مسند الحميدي بخاصة علي مرويات شيخه سفيان بن عيينة وعللها، واختلاف الرواة فيها، وليس ببعيد القول بأن هذا الكتاب أفرده الحميدي لترتيب مرويات شيخه المذكور علي مسانيد الصحابة، حيث إن غالب مروياته في هذا المسند عن شيخه سفيان، وأما مروياته فيه عن غيره، فعددها (48) حديثًا، وهي قليلة بالنسبة لمجموع مرويات الكتاب، وهي (1368) حديثًا علي الصواب في عددها، كما سبق، فتصبح نسبتها أقل من (4 %).

ويتنبه إلي أنه قرن سفيان بغيره في أربعة أحاديث منها، كما أن مجموعة من هذه الأحاديث ساقها الحميدي أثناء بيانه لعلل أحاديث شيخه سفيان بن عيينة، فكأنه ذكرها تبعًا، ويحتمل أيضا أن اسم سفيان سقط من الإسناد في بعضها.

- اشتمل مسند الحميدي علي المرفوع وهو غالب الكتاب، وعلي قليل من المرسل، والموقوف، والمقطوع.

- اشتمل مسند الحميدي علي الأسانيد العالية، فعدد الأحاديث الثلاثية (139) حديثًا، وهذه نسبة عالية بالنسبة لعدد أحاديث الكتاب، وذلك إذا قورن هذا العدد مع عدد الأحاديث الثلاثية في كتب السنة الأخرى، كما أن عدد الأحاديث الرباعية قد تصل إلى (75 %) من أحاديث المسند(4).

- اشتمل المسند أيضا علي بعض أقوال الحميدي نفسه كبيانه لأحاديث لم يسمعها من سفيان بن عيينة، وتسميته لرجل في الإسناد، وشرحه لبعض الألفاظ الغريبة، وبعض اختياراته، وعلي سؤالاته لشيخه سفيان بن عيينة وذكر شيء من أحواله

وأقواله، وهي كثيرة، وفيها ما يتعلق بالسماع والعلل، وشرح الغريب، والفقه.(5)









(1) انظر: تهذيب الكمال (14 / 513)، الجرح والتعديل (5 / 57)، سير أعلام النبلاء (10 / 620).
(2) يوجد حديث واحد للصنابحي الأحمسي - رضي الله عنه - في آخر أحاديث جندب البجلي - رضي الله عنه - انظر المسند (2 / 343)، ويوجد حديث واحد لعبد الله بن أرقم - رضي الله عنه - بعد حديث مسلمة الفهري - رضي الله عنه. انظر المسند (2 / 385)، وهذان المسندان لم يوضع لهما عنوان مستقل كبقية مسانيد الصحابة، لذلك ظن بعض من كتب عن الكتاب أن عدد الصحابة في مسند الحميدي هو: ثمانون ومائة صحابيا.
(3) انظر: (عقب ح 1، 17، 87، 105، 143، 217، 219، 227، 233، 243، 251، 254، 259، 289 وغيرها).
(4) انظر: الإمام الحميدي وكتابه المسند ص 87، 88.
(5) انظر: طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى للدكتور/ عبد العزيز اللحيدان ص 20 - 24.

ابو وليد البحيرى
2018-12-29, 06:06 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (30)



مسند الحميدي (2-2)

رابعا: طريقة ترتيبه.

1- رتب الإمام الحميدي المرويات بحسب مسانيد الصحابة، وربما روى في مسند صحابي حديث صحابي آخر، لتعلق ذلك بالمتن ، أو بقصة في الإسناد ، ولم يذكر في مسانيد كثير من الصحابة الذين أخرج لهم ، إلا حديثا أو حديثين ، وكذا اقتصر في المكثرين منهم على مجموعة أحاديث ليست بكثيرة بالنسبة لعدد مروياتهم المعروفة ، والذي يظهر أنه إما خص كتابه هذا بمرويات سفيان بن عيينة لهم ، أو أنه انتقى ما أورده من مرويات ابن عيينة ، بدليل قول الإمام الشافعي : إن الحميدي يحفظ لسفيان عشرة آلاف حديث .

2 - رتب أحاديث المكثرين من الصحابة على أبواب الفقه في الغالب ، وهذا يظهر من سرده للأحاديث في مسند الصحابي ، ومن ذلك صنيعه في مسند عائشة - رضي الله عنها-، حيث بدأ بأحاديث الوضوء، ثم بوب بأحاديث الصلاة ، وأحاديث الصيام، والحج ، والجنائز ، والأقضية ، وكذلك صنع في مسند ابن عباس، وأبي هريرة - رضي الله عنهما-.

3 - بدأ مسانيد الرجال بالعشرة المبشرين بالجنة، إلا طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه- فلم يذكره، ولعله لم يظفر برواية من طريقه، أو لم يظفر بذلك من مرويات شيخه سفيان بن عيينة لأحاديث طلحة - رضي الله عنه-، ثم ساق بعد ذلك بقية مسانيد الصحابة من غير استيعاب، وجمع مسانيد الصحابيات - رضوان الله عليهن- في موضع في أثناء أوائل مسانيد الرجال، وابتدأها بأحاديث أمهات المؤمنين - رضوان الله عليهن-، وقدم عائشة - رضي الله عنها-، ثم بقية النساء من غير استيعاب .

خامسا : أهم مميزاته .

يختص مسند الحميدي بميزات مهمة ، أبرزها :

أ - يعتبر من مصادر السنة المسندة الأصيلة؛ لأن الحميدي يروى فيه بإسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ولذلك أثره في علوم الحديث إسنادًا ومتنًا .

ب - يعد من مظان الإسناد العالي؛ لتقدم وفاة الحميدي .

ج - جمعه مرويات شيخه سفيان بن عيينة ، مع بيان عللها، واختلاف الرواة فيها .

د - تضمنه سؤالاته لشيخه سفيان بن عيينة، وبيان أقواله، وأحواله في الرواية وما يتعلق بها .

هـ - ترتيب أحاديث المكثرين من الصحابة على الأبواب .

و - العناية البالغة ببيان زيادات الرواة - في مرويات سفيان بن عيينة - وفصل المدرج من المرفوع، وسياق المتون المطولة، وقصص الإسناد والمتن - وهي تتضمن الموقوف وغيره - والعناية بسماع المدلسين .

ز - ترتيبه الأحاديث بعدة اعتبارات مجتمعة، فهو:

* مفرد بمرويات سفيان بن عيينة شيخ الحميدي ، فيدخل ضمن المؤلفات المختصة بالترتيب على الراوي الأدنى .

* كما أنه رتب هذه المرويات على الصحابة، فيلحق بالمؤلفات المرتبة على الراوي الأعلى .

* ورتب مرويات مكثري الصحابة على الأبواب، فيشار إليه فيما رتب على الأبواب .(1)



سادسا : رواة المسند .

لمسند الإمام الحميدي روايتان ، هما :

الرواية الأولي :رواية أبي علي بن أحمد الصواف ، عن بشر بن موسى الأسدي ، عن الإمام الحميدي، وهذه الرواية هي التي وصلت إلينا ، وقد ترجم محقق المسند لرجال هذه الرواية ترجمة لا بأس بها (2).

الرواية الثانية :رواية قاسم بن أصبغ ، عن أبي إسماعيل السلمي الترمذي، عن الإمام الحميدي (3).

سابعا : جهود المحققين في العناية به .

1 - لقد طبع الكتاب ونشره المجلس العلمي بباكستان عام ( 1382 هـ ) بتحقيق العلامة حبيب الرحمن الأعظمي، وهو في مجلدين، ورقم أحاديثه، ووضع له ثلاثة فهارس: فهرس الموضوعات، وفهرس الأحاديث على الأبواب، وفهرس أعلام المتون.

2 - فهرس أحاديث المسند الأستاذ يوسف عبد الرحمن المرعشلي، وقد جعله ثلاثة فهارس .

الأول: رتب فيه أسماء الصحابة على حروف المعجم.

الثاني: رتب فيه أوائل ألفاظ الأحاديث والآثار على حروف المعجم.

الثالث : رتب فيه مسانيد الصحابة على الأبواب.

كيفية تخريج الحديث من الكتاب:

إذا أراد الباحث أن يخرج حديثًا من مسند الحميدي فعليه اتباع الخطوات التالية :

1 - معرفة الراوي الأعلى للحديث، فبدون معرفته لا يمكن التخريج منه.

2 - أن يرجع إلي الفهارس الموجودة في نهاية إحدى المجلدين ليحدد الصحيفة التي يوجد بها الراوي الأعلى.

3 - بعد معرفة الصحيفة من الفهارس يرجع إلى الصحيفة، ثم يقرأ الأحاديث التي تحت هذا الصحابي، فسيجد حديثه إن شاء الله تعالى.









(1) انظر : طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى 25 ـ27 .

(2) انظر مقدمة المسند ( 1 / 8 ــ 20 ) .

(3) ذكر الأعظمي أن ابن حجر العسقلاني أشار إلي هذه الرواية في فتح الباري . انظر: فهرسة ما رواه عن شيخه للإشبيلي ص 144 ، وبرنامج الوادي آشي ص 206 ـ 207 .

ابو وليد البحيرى
2019-01-04, 08:43 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (31)



مسند أبي داود الطيالسي

التعريف بالمؤلف :
هو الإمام الحافظ الثقة المكثر أبو داود سليمان بن داود بن الجارود الفارسي ثم الأسدي البصري، ولد سنة ( 133هــ )
رحل مبكرًا في طلب العلم إلي بغداد، والكوفة، والمدينة، وغيرهم من البلاد.
روى عن شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوريـ وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.
وروى عنه محمد بن سعد صاحب الطبقات، وأحمد بن حنبل، ويونس بن حبيب، وهو راوي المسند عن أبي داود وغيرهم.
أثنى عليه العلماء كثيرًا، فقال النسائي: ( ثقة من أصدق الناس لهجة )، وقال عمر بن شبة: ( كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث، وليس كان معه كتاب ).
توفي سنة ( 204 هــ ) (1).
التعريف بالمسند :
اسمه:المسند
نسبته للمؤلف :مسند الطيالسي ليس من تصنيفه؛ بل هو عدة مجالس سمعها يونس بن حبيب منه ، صنفها ليونس أبو مسعود الرازي كما قال أبو نعيم ، وقال الذهبي : سمع يونس بن حبيب عدة مجالس متفرقة، فهي المسند الذي وقع لنا (2).
مشتملاته :
1 - عدد الصحابة الذين روى الطيالسي لهم فيه ( 267 ) صحابيا، وعدد أحاديثه ( 2890 ) حديثا، واشتمل علي زيادات ليونس بن حبيب، وهي قليلة بالنسبة لمرويات الكتاب.
2 - اشتمل المسند علي الأحاديث المرفوعة وهي الغالبة فيه، وعلي قليل من المرسل، لاسيما عند ذكر اختلاف الرواة، والموقوف، والمقطوع، والمعلق بخاصة عند ذكر اختلاف الرواة.
وأكثر مرويات أبي داود الطيالسي فيه عن شعبة بن الحجاج، وفيه بيان اختلاف الرواة، وعلل الأحاديث، وبيان لبعض أقوال أبي داود الطيالسي.
طريقة ترتيبه:
رتبت المرويات فيه علي حسب مسانيد الصحابة، وقد بدأه بأحاديث العشرة المبشرين بالجنة، ثم حديث ابن مسعود، ثم حذيفة، وبقية الصحابة، وانتهي بأحاديث عبد الله بن عباس.
ومسند الصحابي الواحد مرتب علي أسماء التابعين الذين رووا عنه، حيث جمع أحاديث كل تابعي في مكان واحد، فذكر مثلاً أحاديث طاووس عن ابن عباس، ثم جابر بن زيد عن ابن عباس، ثم سعيد بن جبير عن ابن عباس وهكذا ...

وله فهارس في نهايته تساعد في معرفة موقع اسم الصحابي في المسند.






(1) انظر: تهذيب الكمال ( 3 / 274 )، تاريخ بغداد ( 9 / 24 ).
(2) السير ( 9 / 382 ).

ابو وليد البحيرى
2019-01-11, 10:48 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (32)



أهم مميزات مسند أبي داود الطيالسي

أهم مميزاته:

1 - يعتبر من المصادر الحديثية المسندة.
2 - يعتبر من مصادر معرفة مرويات شعبة بن الحجاج، وبيان اختلاف الروايات فيها.
3 - يعد من مصادر معرفة العلل واختلاف الرواة.
4 - الإفادة في معرفة الصحابة، إذا صح الإسناد إليهم.
5 - ضمه زوائد متعددة على الستة.(1)
جهود العلماء في خدمته:
1 - طبعته مطبعة دائرة المعارف النظامية بمدينة حيدر آباد في الهند سنة 1322هـ تحت إشراف محمد أنور الله خان، ومحمد عبد القيوم، وقد رقما الأحاديث، وصنعا فهرسًا بآخر الكتاب على أسماء مسانيد أبي داود الطيالسي من الصحابة، وكذا الرواة عنهم من التابعين الذين ترجم لهم، وميز بين الصحابي والتابعي داخل الفهرس، ورتبه ترتيبًا هجائيًا.
2 - قام عدد من الباحثين بتحقيق الكتاب في أطروحاتهم العلمية المقدمة إلى قسم السنة بجامعة الإمام بالسعودية، فخرجوا أحاديثه، ودرسوها، وحكموا عليها، وصنعوا له مجموعة من الفهارس العلمية المتنوعة، وقد قام مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر بطبع الكتاب في أربعة مجلدات بتحقيق الدكتور/ محمد بن عبد المحسن التركي.
3 - قام بترتيبه على الأبواب الفقهية الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي في كتاب سماه: (منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود)، وجعله في سبعة أقسام، مبتدئًا بقسم التوحيد وأصول الدين، ثم الترغيب، ثم الترهيب، ثم التاريخ، ثم علامات الساعة، والفتن والقيامة، وأحوال الآخرة. وكل قسم من هذه الأقسام يشتمل على جملة كتب، وكل كتاب يندرج تحته عدة أبواب، وفي تراجم الأبواب ما يدل على مغزى أحاديث الباب.
كيفية التخريج من الكتاب:
يعتمد التخريج من الكتاب على معرفة الراوي الأعلى للحديث، ويساعد الباحث في ذلك الفهارس الموجودة في نهاية الكتاب، فإذا ما وقف على الصحيفة التي يوجد فيها مرويات ذلك الراوي أمكنه من خلال قراءة أحاديث الراوي أن يقف على الحديث المراد تخريجه.








(1) انظر: التخريج بحسب الراوي الأعلى للدكتور/ عبد العزيز اللحيدان 54.

ابو وليد البحيرى
2019-01-16, 07:08 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (33)




مسند أبي يعلى الموصلي

التعريف بالمؤلف :
هو : أحمد بن علي بن المثنى بن يحيي التميمي الموصلي ، واشتهر بأبي يعلى الموصلي، ولد سنة 210 هــ.
روى عن الإمام يحيي بن معين، والإمام علي بن المديني، والإمام أحمد بن حنبل وغيرهم.
وروى عنه ابن حبان البستي ( صاحب الصحيح ) ، والطبراني ( صاحب المعاجم ) وابن عدي ( صاحب الكامل في الضعفاء ) وغيرهم .
أثنى عليه العلماء كثيرًا ، فقال الدارقطني : ( ثقة مأمون موثوق به )، وقال ابن حبان: (من المتقنين في الروايات المواظبين علي رعاية الدين وأسباب الطاعات ).
توفي سنة 307 هـ (1)
التعريف بمسنده :
أولاً: اسمه: المسند.
ثانيا : موضوعه : مرويات الإمام أبي يعلى مرتبة على مسانيد الصحابة .
ثالثا : مشتملاته : عدد الصحابة الذين أخرج لهم ( 210 ) صحابيًا، وعدد أحاديثــه ( 7555 ) حديثًا أغلبها من المرفوع.
رابعا : طريقة ترتيبه : رتب الإمام أبو يعلى المرويات علي مسانيد الصحابة ، ورتب مرويات المكثرين منهم علي حسب الرواة عنهم في الغالب، حيث:
1 - بدأ الرجال بمرويات العشرة، إلا عثمان - رضي الله عنه-، ثم بمرويات مجموعة من الصحابة المقلين ، ثم المكثرين من الصحابة ، وهم : جابر بن عبد الله ، ثم عبد الله بن عباس ، ثم أنس بن مالك ، ثم عائشة ، ثم عبد الله بن مسعود ، ثم ابن عمر ، ثم أبو هريرة - رضي الله عنهم-، ثم بمجموعة من قرابة النبي - صلى الله عليه وسلم- وآل بيته ، وهم: الفضل بن العباس ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهم-، ثم بمجموعة من الصحابة المقلين أيضا، والذي يظهر أنه اعتبر أهل القبائل منهم ، وذكر معهم بعض المبهمين ، ثم عاد إلي النساء، وبدأهن بأمهات المؤمنين - في الغالب - إلا عائشة؛ حيث تقدمت مع المكثرين - ثم ببقية النساء، والمبهمات، ثم عاد إلي الرجال .
2 - رتب مرويات المكثرين بحسب الرواة عنهم، وهذا يظهر في مسند جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك - مثلاً - وقد ترجم بالرواة عن أنس في مسنده بعنوان ظاهر .
3 - بدأ مسانيد العشرة المبشرين بالجنة ، بتقديم الخلفاء الأربعة، إلا أنه لم يذكر مرويات عثمان -رضي الله عنه -، ثم أورد مرويات بقية الرجال من الصحابة، والذي يظهر أنه اعتبر فيهم بعض الأوصاف في الغالب، مثل : كثرة المرويات، والقبائل، وأهل القرابة، وآل البيت.
4 - وضع مسند عائشة - رضي الله عنها- في مسانيد المكثرين، وأما بقية النساء، فذكرهن مجتمعات في أواخر الكتاب تقريبا، وبدأهن بأمهات المؤمنات في الغالب.
5 - ترجم لمسانيد المبهمين والمبهمات، ومن ذلك قوله: ( رجل غير مسمي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- 12 / 216 )، وختم الكتاب بمرويات مجموعة من رجال الصحابة - رضوان الله عليهم-، بعد نهاية مرويات النساء .
خامسا : أهم مميزاته :
أ - يعتبر من المصادر الحديثية الأصيلة المسندة التي لها أثر في علوم الحديث إسنادًا ومتنًا.
ب - إثبات صحبة عدد من الصحابة، إذا ثبت الإسناد إليه.
ج - احتواؤه على مجموعة من الأحاديث الصحيحة والزائدة على مرويات الكتب الستة.
سادسا : روايات المسند :
لمسند أبي يعلي روايتان علي المشهور:
الأولى : الرواية المختصرة ، وهي رواية أبي عمرو : محمد بن أحمد بن حمدان الحيري (ت 376 هـ ) عن أبي يعلي الموصلي ، وهي التي اعتمد عليها الحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي ( 807 هـ ) في كتابه ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد )،/ ذكر ذلك ابن حجر في مقدمة كتابه المطالب العالية .
الثانية : الرواية المطولة، وتسمى ( المسند الكبير )، وهي رواية أبي بكر: محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن المقرئ الأصبهاني ( ت 381 هـ ) عن أبي يعلى الموصلي ، واعتمد عليها الهيثمي في كتابه ( المقصد العلي في زوائد أبي يعلي الموصلي )، والعلامة أبو العباس: أحمد بن أبي بكر البوصيري ( ت 840 هـ ) في كتابه ( إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ) ومختصره ، وذكر ذلك في آخرهما ، واعتمد عليها أيضا الحافظ ابن حجر في تتبعه لما فات الهيثمي، وقد أودعها ابن حجر كتابه ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية )(2) .
سابعًا: جهود المحققين في العناية به .
قام العلامة حسين سليم أسد بتحقيقه علي حسب الرواية المختصرة، وطبع الكتاب في دار المأمون للتراث عام 1414 هـ الطبعة الأولي ، وقد اعتنى المحقق بتحقيق النص ، وتخريج الأحاديث ، وترقيمها ، وأعد فهارس متنوعة، منها: فهرس للأحاديث، وفهرس للصحابة الذين روى لهم أبو يعلى في مسنده .

كيفية التخريج من الكتاب :
يعتمد التخريج من الكتاب علي معرفة الراوي الأعلى للحديث، ويساعد الباحث في ذلك الفهارس الموجودة في نهاية الكتاب، فإذا ما وقف على الصحيفة التي يوجد فيها مرويات ذلك الراوي، أمكنه من خلال قراءة أحاديث ذلك الراوي أن يقف على الحديث المراد تخريجه .






(1) انظر : سير أعلام النبلاء ( 14 / 177 )، والثقات ( 8 / 55 ) .
(2) انظر : طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى ص 45 ــ 48 .

ابو وليد البحيرى
2019-01-22, 06:12 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (34)



ثانيا: المعاجم
تعريف المعجم:
المعجم: هو ما تذكر فيه الأحاديث على ترتيب الصحابة، أو الشيوخ، أو البلدان، أو غير ذلك، والغالب أن يكونوا مرتبين على حروف الهجاء، كمعجم الطبراني الكبير المُؤَلف في أسماء الصحابة على حروف المعجم عدا مسند أبي هريرة فإنه أفرده في مصنف(1)
الفرق بين المعجم والمسند :
عرفنا فيما سبق أن المسند هو أن يجمع المصنف في ترجمة كل صحابي ما عنده من حديثه، صحيحه وضعيفه، وعلي هذا له أن يرتبه علي الحروف، أو علي القبائل، فيبدأ ببني هاشم، ثم بالأقرب فالأقرب نسبًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أو على
السوابق، فالعشرة، ثم أهل بدر، ثم الحديبية، ثم المهاجرين بينها وبين الفتح، ثم أصاغر الصحابة سنًا، ثم النساء، بادئًا بأمهات المؤمنين .
ويمكننا بُناءً علي تعريف المعجم والمسند أن نستخلص الفرق بينهما على النحو الآتي:
1ــ أن اعتناء المعجم إنما يكون أولاً بالصحابة، أو الشيوخ، أو البلدان، أو غير ذلك، فقد يذكر صاحب المعجم اسم الصحابي، ونسبه، وصفاته، وسنة ميلاده، ووفاته، وسنه، ثم يتبع ذلك بمسنده إن كانت له رواية، وقد يترجم له بما سبق، وإن لم تكن له رواية،كما فعل الطبراني في المعجم الكبير ، وقد نص على ذلك في مقدمة كتابه فقال : هذا كتاب ألَّفناه جامعًا لعدد ما انتهى إلينا ممن روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الرجال والنساء على حروف ( أ ، ب ، ت ، ث )، بدأت فيه بالعشرة -رضي الله عنهم- لِئَلا يتقدمهم أحد غيرهم، خرَّجت عن كل واحد منهم حديثًا، وحديثين، وثلاثة، أو أكثر من ذلك، على حسب كثرة روايتهم وقلتها ، ومن كان من المقلين خرجت حديثه أجمع ، ومن لم يكن له رواية عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وكان له ذكر من أصحابه من استشهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو تقدم موته ذكرته من كتب المغازي وتاريخ العلماء؛ ليوقف علي عدد الرواة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذكر أصحابه -رضي الله عنهم-(2).
أما اعتناء المسند فإنما يكون أولاً بحصر أحاديث كل صحابي علي حدة، بغض النظر عن الترجمة له ، فكأنه يقتصر في ذكر الصحابة علي من كانت له رواية .
2ــ أن اهتمام المعجم لا يقتصر علي الصحابة وحدهم؛ بل يكون للصحابة كمعجم الطبراني الكبير في أسماء الصحابة، ومعجم الصحابة لأحمد بن علي الهمذاني ، وقد يكون أيضا للشيوخ كمعجم الطبراني الصغير ، ومعجم الشيوخ لأبي بكر الإسماعيلي ، ولأبي نعيم الأصبهاني وهو في شيوخه ، وكالمعجم لما استعجم المشتمل على تسمية تاريخ الكتب الستة لابن عساكر، كما يكون للبلدان كمعجم البلدان لأبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني ، ومعجم البلدان لياقوت الحموي، وغير ذلك (3).
أما اهتمام المسند فإنما يتمحض للصحابة وما لهم من مرويات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم . -
3ــ أن كلاً من المعجم والمسند فيه التزام بالترتيب، غير أن الغالب علي المعجم أن يلتزم بالترتيب على حروف التهجي، في حين أن المسند قد يلتزم بذلك, أو بالترتيب على القبائل, أو السوابق, كما تقدم في تعريف المسند.
4ــ أن المعجم أقرب ما يكون إلى كتب الرجال، علي حين أن المسند أقرب ما يكون إلى كتب المتون.
5ــ أن بين المعجم والمسند علاقة عموم وخصوص وجهي، فالمعجم أعم من المسند من جهة أنه لا يهتم بالصحابة وحدهم؛ بل وبغيرهم أيضا ، والمسند أعم من المعجم من جهة أن الترتيب فيه لا يختص بالترتيب الأبجدي وحده، بخلاف المعجم الذي يعتمد بالدرجة الأولى على الترتيب المعجمي.
ومما يؤكد تلك العلاقة التي يجتمعان عليها اعتبار بعض العلماء معجم الطبراني في أسماء الصحابة ضمن كتب المسانيد .
فقد عقب السيوطي على قول النووي على المسند: وعلى هذا له أن يرتبه علي الحروف .. بقوله : في أسماء الصحابة كما فعل الطبراني، وهو أسهل تناولاً. (4)
فنراه عَدَّ المعجم الكبير ضمن المسانيد .(5)

أهم المؤلفات في المعاجم :
لقد صنف كثير من العلماء في هذا النوع من التأليف، ومن أشهر المصنفات في ذلك ما يلي:
( المعاجم الثلاثة : الكبير، والأوسط ، والصغير) لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، ومعجم الصحابة لأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، ومعجم الصحابة لأبي الحسين عبد الباقي بن قانع ، ومعجم الصحابة لأحمد بن علي الهمداني، ومعجم الشيوخ لأبي بكر الإسماعيلي ، ومعجم الشيوخ لأبي سعيد عبد الكريم السمعاني ، ومعجم السفر لأبي طاهر أحمد بن محمد السلفي ، وقد اشتمل هذا المعجم على ثلاثة معاجم أحدهما لمشيخة أصبهان، ثانيهما لمشيخة بغداد، ثالثهما لباقي البلاد، وهكذا.(6)
وسأحدثك أخي القارئ بالتفصيل عن معجم الطبراني الكبير؛ نظراً لأنه مرتب على حسب الراوي الأعلى، وهو الصحابي، وهذا مناسب للطريقة التي نبحث فيها، ولاحتوائه على أحاديث كثيرة تميز بها على سائر المؤلفات في معرفة الصحابة.






(1) - الرسالة المستطرفة ص 101.
(2) - مقدمة المعجم الكبير 1 / 51 .
(3) - راجع الرسالة المستطرفة ص 102ــ 103 .
(4) - تدريب الراوي 2 / 154.
(5) -الحافظ الطبراني وجهوده في خدمة السنة النبوية ص 149 ــ 150 .
(6) - انظر : الرسالة المستطرفة ص 101 ــ 104 بتصرف .

ابو وليد البحيرى
2019-01-24, 07:11 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (35)



المعجم الكبير للطبراني

التعريف بالمؤلف :
هو : سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الَّلخْمِي الشامي ، أبو القاسم ، واشتهر بنسبته : الطبراني ، ولد سنة ( 260 هــ ) .
روى عن الإمام أبي زرعة : عبد الرحمن بن عمر الدمشقي (ت 281 هـ)، وعبد الله بن الإمام أحمد ( 290 هـ) ، والإمام النسائي ( 303 هــ ) وغيرهم.
وروى عنه : أبو خليفة الفضل بن الحباب الجُمَحِي ( 305 هــ ) ، والإمام ابن منده محمد بن إسحاق الأصبهاني ( 395 هـ )، والإمام أبي بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن ربذة ( 440 هــ )، وهو ممن روى معجم الطبراني الكبير والصغير .
أثنى عليه العلماء كثير، فقال السمعاني : ( حافظ عصره ، صاحب الرحلة ) ، وقال الذهبي : ( الإمام الحافظ الثقة الرحَّال الجَّوال ، محدث الإسلام ، علم المعمرين ).
توفي سنة ( 360 هـ ) فعاش قرناً كاملاً ـ رحمه الله تعالى- (1).

التعريف بالكتاب :
أولاً : موضوعه : معرفة الصحابة بذكر أحوالهم، وفضائلهم، ومروياتهم ـ أو بعضها ـ مرتبين حسب حروف المعجم ( أ ب ت ث ..... ) .
ثانيا : شرطه فيه : من خلال مقدمة الإمام الطبراني لمعجمه ـ وقد سبق ذكرها ـ يتضح أنه شرط فيه ما يلي :
1 ـ أن يخرج عدداً من مرويات كل صحابي مكثر أو متوسط، ولم يخرج
لأبي هريرة في معجمه هذا؛ لأنه أفرده بمسند مستقل؛ نظراً لكثرة مروياته .
يقول الإمام الذهبي : ( ليس فيه مسند أبي هريرة ، ولا استوعب حديث الصحابة المكثرين ) (2) .
2 ـ التزم باستيعاب مرويات المقلين من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أما المكثرين فلم يستوعب أحاديثهم .
3 ـ التزم بإيراد أسماء الصحابة الذين ليست لهم رواية ، وعرف بهم ، وذكر فضائلهم ـ من مرويات غيرهم ـ؛ لأن من أهداف تأليفه هذا المعجم : معرفة الصحابة .
4 ــ التزم بترتيب كل ما سبق على حروف المعجم.
ثالثا : مشتملاته :
1 ـ عدد الصحابة الذين خرج لهم الطبراني، أو أوردهم مترجماً لهم، مع التعريف بـ( 1600 ) صحابي تقريباً ، ولكنه قد يُوْرِدُ المختلف في صحبته، وينبه إلى ذلك ، مثل صنيعه عند مسند جندب بن كعب ، حيث يقول : (جندب بن كعب الأزدي ، قد اختلف في صحبته ).
وعدد مرويات الكتاب المطبوع ( 22021 ) حديثاً تقريباً .
2 ـ اشتمل المعجم على المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، وهو أكثر مرويات الكتاب ، وعلى كثير من الموقوف ، وأقوال التابعين ومن دونهم المتعلقة بالتعريف بالصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وذكر صفاتهم ونحوها ، وهو يروي كل ذلك بالإسناد .
3 ـ اشتمل المعجم على أقوال الطبراني نفسه بالتعريف بالصحابة ، وذكر أنسابهم ، وبلدانهم ، وسابقتهم ، وتواريخ وفياتهم ، وهذا من الأمور التي عُنِيَ بها الإمام الطبراني كثيراً .
4 ـ اشتمل المعجم على بيان اختلاف الرواة في مروياتهم ، حيثُ عُنِيَ الطبراني بجمع طرق الحديث الذي يرويه ، وقد يبوب على ذلك، كما صنع في مسند عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- ، حيث قال : ( الاختلاف عن الأعمش في حديث عبد الله في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم- بمنى ) .







(1) - انظر : سير أعلام النبلاء ( 16 / 119 ) ، الأنساب ( 9/ 35 ) ، طبقات المفسرين للداودي ( 1 / 198 ــ 201 ) .
(2) - السير ( 16 / 122 ).

ابو وليد البحيرى
2019-01-28, 05:16 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (36)


المعجم الكبير للطبراني (2-2)





رابعا: ترتيب الكتاب:


1 - رتب الطبراني الصحابة علي حروف المعجم ، وقسمهم إلى رجال ونساء، مبتدئا بأصحاب الأسماء من الرجال ثم بأصحاب الكنى ، وكذلك فعل في النساء ، غير أنه يلاحظ على هذا الترتيب أمران :

الأول : أنه بدأ مسانيد الرجال من الصحابة بمسانيد العشرة المبشرين بالجنة ، وقدم الأربعة الخلفاء علي ترتيب خلافتهم ، ثم أتبعهم بذكر بقية العشرة ؛ وذلك لفضلهم، ولئلا يتقدمهم أحد غيرهم .


الثاني : أنه في قسم النساء بدأ بمسانيد بنات النبي - صلى الله عليه وسلم- ،فبدأ بمسند فاطمة ، ثم زينب ، ثم رقية ، ثم أم كلثوم - رضي الله عنهن- ، ثم مسند أمامة بنت أبي العاص ، وهي بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أعقبهن بزوجات النبي - صلي الله عليه وسلم-، وقدم منهن : خديجة ، ثم عائشة ، ثم بقية أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهن- .

وقد قال في مقدمة مسانيد النساء : ( ما انتهى إلينا من مسند النساء اللاتي روين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، خرجت أسماؤهن علي حروف المعجم ، وبدأت ببنات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأزواجه لئلا يتقدمهن غيرهن ، وكانت فاطمة أصغر بنات رسول الله - صلي الله عليه وسلم- وأحبهن إليه ، فبدأت بها لحب رسول الله - صلي الله عليه وسلم- لها )(1) .

ثم ساق بقية النساء علي حروف المعجم ، وقسمهن كطريقته في تقسيم الرجال ، إلا أنه زاد في النساء قسم للمبهمات من الصحابيات - رضوان الله عليهن-.

2 - إذا اشترك مجموعة من الصحابة في اسم واحد أفرد لهم الطبراني بابا خاصا يذكر فيــه أفراد هذا الاسم ، ويعنون له بعبارة ( باب من اسمه كذا ), ومن ذلك قوله : من اسمه أسامة ، وباب من اسمه أسيد ، وباب من اسمه أوس ، وباب من اسمه الأشعث ، وباب من اسمه أنس ... الخ .

3 - رتب المرويات علي حسب مسانيد الصحابة - رضوان الله عليهم - في الغالب - ولكنه يروي في مسند الصحابي أحاديث ليست من روايته ، وذلك عند التعريف بهذا الصحابي ، وذكر فضائله ، وعند بيان صحبة من ليست له رواية ، وهو في أكثر الأحوال يسوق ما يتعلق بنسبة الصحابي ، ثم ما يتعلق بصفته ، ثم ما يتعلق بسنه ووفاته ، ثم يبوب بقوله : ( ومما أسند ) .

4 - إذا كثرت روايته عن صحابي رتب أحاديثه حسب الرواة عنه ، ورتب هؤلاء الرواة حسب الطبقة ، فيقدم الصحابة الذين رووا عن الصحابي ، ثم يورد التابعين ، ويراعي غالبا ترتيب القبائل ، ومثال ذلك: بلال بن رباح فقد أكثر الرواية من حديثه، ولذلك رتب أحاديثه حسب الرواة عنه ، فقال :

أ - أبو بكر الصديق - رضي الله عنه- عن بلال .

ب - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- عن بلال .

ج - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- عن بلال .

د - عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- عن بلال .

هـ - أبو سعيد الخدري عن بلال - رضي الله عنهما- ، وهكذا (2).

5 - يجمع في مرويات الصحابي بين التصنيف علي الأبواب الفقهية ، وبين تقسيم المرويات علي حسب التراجم ، ومنه صنيعه عند مسند جبير بن مطعم - رضي الله عنه- حيث قسم مروياته علي حسب من روي عنه ، ثم صنف أحاديث هؤلاء الرواة عن الصحابي علي الأبواب الفقهية (3).

6 - إذا دارت عدة أحاديث لصحابي حول موضوع واحد، ووجد أن من المصلحة، واستكمالاً للفائدة أن يدخل بينها أحاديث في نفس الموضوع، ومن رواية صحابة آخرين، ولم ير باسا في ذلك.

مثاله: مسند أسامة بن زيد - رضي الله عنه- حيث جاءت فيه أحاديث عن (الصرف )، ثم أعقبها بروايات عن ابن عباس - رضي الله عنه- في الموضوع نفسه، ثم عاد فقال: تمام حديث أسامة بن زيد (4).

7 - أحيانًا يُبَوِّبُ بما يدل علي اقتصاره علي غرائب ما رواه الصحابي، مثل صنيعه عند مسند أبي ذر - رضي الله عنه-، حيث قال: ( من غرائب مسند أبي ذر )(5).



خامسًا : أهم مميزاته:


1 - يعتبر المعجم الكبير للطبراني من مصادر السنة النبوية الأصيلة ذات الأهمية الجليلة .

2 - يعتبر من الموسوعات الكبيرة المسندة .

3 - اشتمل على كثير من الزوائد على الكتب الستة .

4 - يعد من المصادر الأصيلة في معرفة الصحابة، وذكر أنسابهم ووفياتهم وفضائلهم.



سادسًا : كيفية التخريج منه:


إذا أردت أن تخرج حديثًا من هذا الكتاب فعليك بمعرفة الصحابي الذي روى الحديث عن النبي - صلي الله عليه وسلم-، وأن تنظر إلي ترتيبه ضمن ثنايا الكتاب، فإن كان مُقِلاً في الرواية عنه نظرت إلي أحاديثه ، وإن كان مكثرًا في الرواية عنه بحثت عمن روى عن هذا الصحابي، سواء كان من الصحابة أو التابعين؛ لتقف على الحديث المراد تخريجه .

وإن كان في المتن تعلق بصحابي معين بحثت في ترجمة هذا الصحابي الوارد في متن الحديث؛ لسرعة الوصول إلي الحديث.

وقد بين الدكتور/ عزت عطية ذلك فقال: إن تخريج الحديث منه قد يكون بالنظر إلي الصحابي الذي ورد في حقه الحديث، وأحيانا بالنظر إلي الصحابي الذي روي الحديث.

وقد ذكر مثالاً تطبيقيًا فقال : حديث ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة )، فقد روى هذا الحديث عن عمر ، وعلي ، وجابر وغيرهم ، وأورده عن هؤلاء في ترجمة الحسين ، وفي معجم كل منهم كذلك (6).

وقد طبع المعجم الكبير بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، وقد ألحق بكل مجلد من الكتاب فهارس متنوعة يمكن الاستفادة بها في التخريج منه.





ـــــــــــــــ ـــــــــ

(1) - المعجم الكبير ( 22 / 33396 ) .

(2) - المعجم الكبير ( 1 / 336 ــ 372 ).

(3) - المعجم الكبير ( 2 / 112 ، 118 ) .

(4) - المعجم الكبير ( 1 / 160 ــ 178 ) .

(5) - المعجم الكبير ( 2 / 151 ).

(6) - التخريج ودراسة الأسانيد ص 59.

ابو وليد البحيرى
2019-02-01, 05:03 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (37)



ثالثا: كتب الأطراف


أولا / تعريف الأطراف:

الأطراف لغة : جمع طرف ، وهو الناحية ، وطائفة من الشئ
وفي اصطلاح المحدثين : طرف الحديث : هو جزء الحديث الدال على بقيته ، سواء كان ذلك الجزء من ألفاظ الحديث مثل : ( بني الإسلام على خمس ) ، و ( الإيمان بضع وسبعون شعبة ) و ( الدين النصيحة ) ، أو وضع له مؤلف كتاب الأطراف عنوانا مثل ( حديث جبريل ) و ( حديث النغير ) ونحوهما .

وكتب الأطراف: هي الكتب التي يقتصر فيها علي ذكر طرف الحديث الدال علي بقيته مع الجمع لأسانيده إما علي سبيل الاستيعاب أو علي جهة التقيد بكتب مخصوصة كأطراف الصحيحين لأبي مسعود الدمشقي .(1)

ثانيا/ شرط أهل كتب الأطراف:

شرط أهل كتب الأطراف أن يذكروا حديث الصحابي مفردا كأهل المسانيد إلا أنهم لا يذكرون من الحديث إلا طرفا منه ، بخلاف أهل المسانيد فإنهم يذكرون الحديث بتمامه ليعرف به ، ثم ــ أي أصحاب الأطراف ــ يذكرون جميع طرق الشيخين وأهل السنن الأربع وما اشتركوا فيه من الطرق وما اختص به كل واحد منهم(2)

ثالثا/ فوائد كتب الأطراف:

للأطراف فوائد كثيرة ومميزات عظيمة لخصها الشيخ محمد عبد الرزاق
حمزة هي :
1 ــ جمع طرق الحديث لنعرف بها إن كان الحديث غريبا أو عزيزا أو مشهورا
أقول هذا بالنسبة للكتب الستة لكن قد يظهر للمخرج عنج تخريج الحديث من غير الكتب الستة طريقا أو طرقا أخري تزيل الغرابة عن الحديث وتجعله عزيزا أو مشهورا .
2 ــ جمع رجال الإسناد لكل حديث فيظهر للباحث مبهماته ومهمله كسفيان هل هو الثوري أو ابن عيينة ، وحماد هل حماد بن زيد أو حماد بن سلمة
فمثلا : إذا أخرجنا حديثا من البخاري وجاء في بعض رجال الإسناد راو مهمل ، كأن يقال عن سفيان ، وتأتي الرواية في صحيح الإمام مسلم من نفس الطريق بتمييز هذا المهمل فيقال : عن سفيان الثوري .
وقد يكون الاسم مبهما في رواية الترمذي ، فيقال مثلا عن سفيان الثوري عن رجل عن أنس ، فتأتي الرواية في النسائي بتعيين هذا المبهم ، فيقال عن سفيان الثوري عن علي بن زيد عن أنس بن مالك
وقد يكون الاسم ورد بالكنية ، فيقال مثلا : عن أبي محمد ، فتأتي رواية أخري وتميز هذا الاسم ، فيقال مثلا : عن إسحاق بن علي أبي محمد .
وزيادة علي ما سبق فغننا نقول بجمع رجال الإسناد يتبين لنا إذا كان ورد في الإسناد تعليق ، أو انقطاع ، أو إعضال ، أو إرسال .
3 ــ تصحيح ما يقع من الأغلاط المطبعية أو العلمية في أسانيد كتب السنة وما أكثرها ، خصوصا عندما قام بنشر كتب السنة من لا علم له بها ، وليست لديه الخبرة الكافية بقواعد التصحيح .
4 ــ معرفة من أخرج الحديث من أصحاب الدواوين المشهورة ، وموضع تخريجه عند من أخرجه منهم .
5 ــ معرفة اختلاف نسخ الكتب الستة وغيرها ، فكثيرا ما تختلف نسخ البخاري وأبي داود بذكر بعض الأحاديث وحذفها والتعليق عليها ، فيستفيد المخرج من كتب الأطراف للمزي مثلا بأن هذا الحديث موجود في نسخة فلان وفلان من أصحاب نسخ البخاري أو أبي داود رحمهم الله تعالي
6 ــ ضبط أسانيد الكتب المخرج منها وحفظها من التحريف والتبديل ، ومثال ذلك عند الترمذي ( 4 / 145 ) من النسخة المطبوعة : سفيان بن عيينة عن وكيع عن زيد بن أسلم عن أبيه ، وهذا خطأ لأنه جاء في كتب الأطراف وخصوصا التحفة ( 3 / 408 ) صحة السند هكذا :
سفيان بن عيينة عن وكيع عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ، لذلك اتضح لنا صحة الاسم من خلال ما جاء في كتب السنة الأخرى
7 ــ معرفة مرويات كل صحابي على حدة في الكتب التي اعتمد عليها صاحب كتاب الأطراف .(3)








(1) - الرسالة المستطرفة ص 125 .

(2) - توضيح الأفكار ص 231، 232 .
(3) - انظر : تحفة الأشراف ( 1 / 21 ، 22 ) ، القول البديع 43 ــ 45 .

ابو وليد البحيرى
2019-02-09, 11:30 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (38)


المؤلفات في الأطراف


لقد نشأت فكرة كتابة الأطراف منذ وقت مبكر في عهد التابعين ، يقول محمد بن سيرين ( ت 110 هـ) كنت ألقي عبيدة ( هو ابن عمرو السلماني ت 72 هـ )بالأطراف فأسأله .(1)
ويقول عبد الله بن عون ( ت 151 هـ ) : " دخلت على إبراهيم النخعي (ت 95 هـ ، وهو يكره كتابة الحديث ) فدخل عليه حماد ــ ابن أبي سليمان ت 120 هـ ـ فجعل يسأله ومعه أطراف ، فقال : ما هذا ؟ قال : إنما هي أطراف . قال : ألم أنهك عن هذا ؟ (2)
ثم نجد إبراهيم النخعي هذا يجيزه ، يقول منصور بن المعتمر ( 123هـ) عن إبراهيم النخعي قال : " لا بأس بكتابة الأطراف "(3)
وقد بين ابن حجر المقصود بذلك فقال : ( عني بذلك، ما كان السلف يصنعونه من كتابة أطراف الأحاديث ليذاكروا بها الشيوخ فيحدثونهم بها )
وانتشرت هذه الطريقة لمذاكرة الحديث مع انتشار الرواية جنبا إلي جنب ، ثم تطور بعد أن تم جمع الحديث في الدواوين الكبيرة ، فتوجهت عنايتهم إلي جمع طرق الأحاديث من كتب عديدة ، وتصنيفها علي أطراف متونها ؛ تسهيلا للاطلاع على طرق عديدة للحديث في مكان واحد .
ومن أشهر كتب الأطراف :
1 ــ أطراف الصحيحين : لأبي مسعود الدمشقي إبراهيم بن محمد بن عبيد ( ت 401 هـ ) .
2 ــ أطراف الصحيحين : لأبي محمد الواسطي خلف بن محمد بن علي (ت 401 هـ) .
3 ــ أطراف الكتب الستة : لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي ( ت 507 هــ ) جمع فيه أطراف البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه .
4 ــ الإشراف علي معرفة الأطراف : لأبي القاسم علي بن الحسن ، المعروف بابن عساكر الدمشقي ( 571 هـ )، جمع فيه أطراف السنن الأربعة : أبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه .
5 ــ تحفة الأشراف بعرفة الأطراف : لأبي الحجاج المزي : جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن الدمشقي ( ت 742 هـ )، وسوف نتحدث عنه تفصيلاً فيما بعد إن شاء الله .
6 ــ أطراف صحيح ابن حبان : لأبي الفضل العراقي عبد الرحيم بن الحسين ( 806 هــ ) .
7 ــ إتحاف المهرة الخيرة بأطراف المسانيد العشرة : لأبي العباس البوصيري أحمد بن محمد بن إسماعيل ( ت 840 هـ )، جمع فيه أطراف مسانيد : أبي داود الطيالسي ، والحميدي ، ومسدد ، ومحمد بن يحي العدني، وإسحاق بن راهويه ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وأحمد بن منيع ، وعبد بن حميد ، والحارث بن محمد بن أبي أسامة ، وأبي يعلى الموصلي .
8 ــ إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة للحافظ ابن حجر العسقلاني ، أبو الفضل أحمد بن علي ( 852 هـ )، وسوف يأتي الحديث عنه تفصيلا فيما بعد إن شاء الله .
9 ــ إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي : لابن حجر ، جمع فيه أطراف مسند أحمد بن حنبل ، أفرده من كتابه السابق " إتحاف المهرة "
10 ــ ذخائر المواريث في الدلالة على موضع الحديث : للنابلسي عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني الدمشقي ( 1143 هـ )، جمع فيه أطراف سبعة كتب : الكتب الستة، وموطأ الإمام مالك .







(1) - العلم لابن أبي خيثمة ص 141 ، والعلل لأحمد ( 2 / 11 ) .
(2) - الطبقات الكبرى لابن سعد 7 / 272 ، والدارمي في سننه ، المقدمة 1 / 120 .
(3) - العلم لابن أبي خيثمة ص 141 ، وجامع بيان العلم ص 92 .

ابو وليد البحيرى
2019-02-09, 11:35 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (39)



كتاب تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف (1-3)
مؤلفه:
هو الإمام جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن علي، القضاعي الكلبي المزي الدمشقي الشافعي .

اشتهر بنسبته ( المزي ) بكسر الميم وتشديد الزاي المكسورة ، نسبة إلي قرية كبيرة من قرى دمشق .
ولد بظاهر حلب، ليلة العاشر من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة من الهجرة ، ونشأ بالمزة، وشرع في طلب الحديث بنفسه سنة أربع وسبعين وستمائة وله عشرون سنة ، وقد ارتحل في طلب العلم فسمع بالشام ، والحرمين ، ومصر ، والإسكندرية، وغير ذلك؛ فكثرت مشايخهـ حتى بلغت نحو ألف شيخ .
من شيوخه الإمام النووي ، والحافظ علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي الفخر ابن البخاري ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، والإمام أبي محمد القاسم بن محمد البرزالي ، والإمام الذهبي ، وهؤلاء الثلاثة الأواخر من شيوخه وتلاميذه في الوقت نفسه، حيث أخذ عنهم، وأخذوا عنه .
ومن تلاميذه : العلامة أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد الشافعي، ابن سيد الناس اليعمري ، والإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي ، والعلامة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي المصري، والحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي ، وصهره الإمام الحافظ ابن كثير المفسر .
قال عنه ابن عبد الهادي : ( شيخنا الإمام الحافظ الحجة الناقد الأوحد البارع، محدث الشام، وكان إماما في السنة ، ماشيا علي طريقة سلف الأمة ) .
وقال الإمام الذهبي : ( الإمام العلامة الحافظ الناقد المحقق المفيد، محدث الشام .... إليه المنتهى في معرفة الرجال وطبقاتهم).

توفي - رحمه الله- في يوم السبت ثاني عشر من صفر سنة اثنين وأربعين وسبعمائة عن تسع وثمانين سنة(1) .

موضوع الكتاب :
موضوع الكتاب هو أطراف أحاديث الكتب الستة : البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، إضافة لواحق هذه الكتب، وهي: تعليقات صحيح البخاري ، مقدمة صحيح مسلم ، والمراسيل لأبي داود ، والعلل الصغير للترمذي ، والشمائل للترمذي، وعمل اليوم والليلة للنسائي ، والسنن الكبرى للنسائي أيضا، وخصائص علي للنسائي أيضا.
والهدف من هذا الكتاب هو جمع أحاديث الكتب الستة ، والدلالة على أماكن وجودها في الكتب التي خرجتها بأسانيدها، مع بيان أسانيد كل حديث من الكتب المذكورة .
وقد أثني العلماء علي هذا الكتاب، فقال عنه الحافظ ابن حجر : ( إن من الكتب الجليلة المصنفة في علوم الحديث كتاب (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف)، تأليف شيخ شيوخنا الحافظ أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي ، وقد حصل الانتفاع به شرقًا وغربًا ، وتنافس العلماء في تحصيله بعدًا وقربًا ) .




(1) - انظر: تذكرة الحفاظ.

ابو وليد البحيرى
2019-02-13, 09:25 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (40)



كتاب تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف (2-3)




اعتمد الإمام المزي في تأليف كتابه هذا على ثلاثة كتب، وهي:
1 ـ أطراف الصحيحين لأبي مسعود الدمشقي .

2 ــ أطراف الصحيحين لأبي محمد الواسطي .
3 ــ الإشراف علي معرفة الأطراف لابن عساكر .
وقد جمع بين هذه الثلاثة، ومزج بعضها ببعض ، وأصلح ما عثر عليه فيها من وهم أو غلط ، وزاد عليها ما فاتها من الأحاديث، والكلام عليها ، وميز هذه الزيادات بحرف ( ز ) ، كما استدرك على ابن عساكر بعض الاستدراكات ، وميز استدراكاته بحرف ( ك ) .
مشتملات الكتاب :
اشتمل كتاب المزي على أمور حديثية كثيرة، يمكن الحديث عنها على النحو التالي :
1 ــ اشتمل علي الكتب الستة ولواحقها ، وزوائد ألحقها المزي نفسه بها ، واستخدم رموزًا في العزو إلى هذه المصادر على النحو التالي :
صحيح الإمام البخاري ( خ ) ، وما استشهد به تعليقا ( خت ) ، وصحيح مسلم ومقدمته ( م ) ، وسنن أبي داود ( د ) ، وما أخرجه في المراسيل ( مد )، وجامع الترمذي ( ت ) ، وما أخرجه في الشمائل ( تم ) ، والسنن الصغرى والكبرى للنسائي (س ) ، وما أخرجه في كتاب عمل اليوم والليلة
( سي ) ، وسنن ابن ماجه ( ق ) ، وما رواه هؤلاء الستة ( ع ) ، وزاد على أحاديث يذكرها ورمزها ( ز) ، وقد نبه إلي استدراكاته على الحافظ ابن عساكر بحرف ( ك ) وهو الكاف .
2 ــ عدد أحاديث الكتاب ( 19595 )حديثا مع المكررات ، وعدد مسانيده
( 1395 ) مسندًا للصحابة، رجالا ونساء - رضوان الله عليهم-، والباقي
( 400 ) من مراسيل التابعين ومن بعدهم.
3 ــ يعتبر مدخلاً ومقربًا للمادة الحديثية في الكتب الستة ولواحقها ، ولهذا فقد اشتمل على المرفوع، والموقوف، والمرسل، والمقطوع، تبعًا لما احتوته هذه المصادر، وقد أفرد المزي قسمًا خاصًا للمراسيل في آخر تحفة الأشراف .
4 ــ اعتنى المزي بالعلل، واختلاف الرواة عناية كبيرة ، ومثال ذلك قوله عن حديث مختلف فيه : ( هكذا روى غير واحد عن الأعمش ، وروى الثوري وغيره هذا الحديث عن منصور عن إبراهيم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- مرسلاً ) [ التحفة 11 /359 ]
5 ــ اشتمل على أقوال المزي في عدة فنون، ومن ذلك: ترجمة الراوي الأعلى في بداية كل مسند، كما يترجم أحيانًا لبعض الرواة أثناء إيراد طرقهم،
كقوله [ 11 / 347 ] ( سعيد بن عبد الرحمن هذا هو ابن عبد الملك أبو عثمان البغدادي ، نزيل أنطاكية )، وقوله [11/ 113 ] في أثناء حديث : (عن أبي وهب الجشمي، وكانت له صحبة )، وتسميته وتعريفه للرواة الذين يقسم عندهم مرويات المكثرين ، وحكمه أحيانًا على بعض الرواة ، كقوله [ 11 / 350 ] ( إسحاق بن عمر ــ أحد المجاهيل ــ عن عائشة )، وبيانه لأوهام من سبقه في التأليف على الأطراف، كقوله [ 11 / 354 ] ( هذا وهم من أبي القاسم ــ رحمه الله ــ فإن الكلام على حديث النضر بن شميل إنما هو في حديث : قيس بن سعد عن عطاء ) ،وبيانه لكلام الأئمة على الحديث، ولاسيما في هذه المصادر التي صنع أطرافها ، ومنه قوله [ 11 / 348 ] ( قال أبو داود : إبراهيم لم يسمع من عائشة ) .

ابو وليد البحيرى
2019-02-13, 09:29 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (41)



كتاب تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف (3-3)




طريقة ترتيبه:
1ـ رتب أسماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم على حروف المعجم ، ثم الكنى مثل أبي أسيد، وأبي ذر، وأبي هريرة، ثم المنسوبين إلي آبائهم أو أجدادهم، مثل: أبي أبزي، وابن الحضرمي ، ثم المبهمين على ترتيب أسماء الرواة عنهم، مثل: إسماعيل بن إبراهيم عن رجل من بني سليم ، ثم كناهم مثل أبي البختري الطائي عن رجل ، وابن سندر عن رجال منهم من أسلم ، ثم النساء عن المبهمين مثل أسماء بنت أبي بكر الصديق عن رجل، ثم المبهمين عن المبهمين مثل أيوب السختياني عن شيخ من بني قشير عن عمه.
ثم يبدأ بمسانيد النساء مرتبا أسماءهن علي المعجم ، ثم رتب أسماء التابعين في الأحاديث المرسلة على غرار ترتيب أسماء الصحابة، وبه ينتهي الكتاب.
2ـ يذكر تحت ترجمة كل صحابي أحاديثه، ولكنه لم يرتبها على أي طريقة من طرائق الترتيب ، لا على أول الحديث ، ولا على الأبواب ، وإنما رتبها بأن قدم الحديث الذي كثر عدد مخرجيه أولا، ثم ما يليه في الكثرة ، وهكذا ، فما رواه الستة يقدمه في الذكر على ما رواه الخمسة ، وما رواه الخمسة على ما رواه الأربعة ، وهكذا، ويرتب الكتب الستة علي حسب الأصحية، فالبخاري أولا ، ثم المسلم ، ثم أبو داود ، ثم الترمذي ، ثم النسائي ، ثم ابن ماجه.
فعل ذلك لأن غرض الكتاب لم يكن معرفة ألفاظ الأحاديث ، وإنما هو جمع طرق الحديث وأسانيده في تلك الكتب الستة وملحقاتها ، لذلك اهتم بترتيب أسماء الصحابة على حروف المعجم، وهذا هو الترتيب العام للكتاب.
3ـ إذا كان للصحابي ـ مثل أنس ، وجابر ابن عبد الله ، وعبد الله ابن عباس، وعبد الله ابن عمر ، أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، وغيرهم ـ روايات كثيرة في تلك الكتب الستة وملحقاتها فإنه رتب أحاديثه على حسب الذين رووها عن ذلك الصحابي ، ورتب هؤلاء الرواة عنهم على حروف المعجم مثلا لأبي هريرة تلاميذ كثيرون، فرتبهم في ترجمة هكذا :
إبراهيم بن إسماعيل ، ثم إبراهيم بن عبد الله المدني ، ثم إبراهيم ابن عبد الله الزهري ، ثم إسحاق ابن عبد الله ، وهكذا ذكر جميع تلاميذه مرتين على حروف المعجم.
وإذا كثرت مرويات أحد التابعين عن بعض الصحابة ، وكثر عدد الآخذين عن ذلك التابعي فإنه رتبها على أسماء الآخذين عنه ، ورتبهم على حروف المعجم ، مثل أبي هريرة - رضي الله عنه-، أحد تلاميذه " ذكوان أبو صالح السمان " له تلاميذ كثيرون في الكتب الستة وملحقاتها ، فذكره في ترجمة أبي هريرة ، ثم رتب تلاميذه هكذا :

إبراهيم بن أبي ميمونة ، ثم بكير بن عبد الله بن الأشج ، ثم حبيب بن أبي ثابت ، وهكذا إلى آخرهم.
وكذلك إذا كثرت مرويات أحد أتباع التابعين عن تابعي ، وتعدد الآخذون عن ذلك التابعي ،فقد رتبها على أسماء الآخذين عنه ، ورتبهم على حروف المعجم ، مثلا ذكوان أبا صالح السمان ذلك ، من تلاميذه " سليمان الأعمش" وله تلاميذ كثيرون في الكتب الستة وملحقاتها ، فرتبهم تحت اسمه هكذا :
إبراهيم بن طهمان ، ثم إسماعيل بن زكريا ، ثم جابر بن نوح ، وهكذا إلى آخرهم .
4ـ يحيل المزي في الكنى على ما ذكر في الأسماء ، والعكس، ومن ذلك قوله في الكنى : (( أبو بكر الصديق ، واسمه عبد الله بن عثمان ، تقدم في حرف العين )) ، وكقوله عند ترجمة خراش أبي سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: (( يأتي في الكنى )) ، وكذا يحيل في المعروف بلقبه على اسمه ، كقوله (( الأشجع المصري عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، اسمه المنذر، يأتي في حرف الميم إن شاء الله )) ويحيل عند من حدث وهم في اسمه كقوله: (( خالد العداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، هو وهم سيأتي في مسند العداء بن خالد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- )) ، ويحيل أيضا عند ذكر أطراف الحديث على المتقدم والمتأخر، ومن ذلك قوله عند ذكر أسانيد حديث : (( سيأتي إن شاء الله )) ، وفي موضع آخر قال : (( رواه خالد بن عبد الله الطحان ، عن حصين ، عن هلال ، عن زاذان ، عن عائشة ، وسيأتي)) .

ابو وليد البحيرى
2019-02-16, 05:10 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (42)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (1-5)

مؤلفه : هو الحافظ الكبير أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني المصري الشافعي ، أبو الفضل ، ويعرف بابن حجر ، وهو لقب أو اسم لبعض أجداده على خلاف ، ولد سنة 773 هـ .
نشأ نشأة علمية مباركة ، فبدأ بحفظ القرآن الكريم وأتمه في سن التاسعة ، ثم حفظ أحاديث الأحكام ، ورحل في طلب العلم إلى مكة والمدينة وبيت المقدس واليمن وغيرها ، وتتلمذ على كثير من شيوخ عصره ، منهم: شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني ، والإمام الشيخ سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن ، والحافظ العراقي ، ومحمد بن يعقوب الشيرازي الفيروز آبادي ، وغيرهم .
وقد تتلمذ على الحافظ بن حجر وانتفع بعلمه الكثيرون من طلابه ، منهم : الحافظ السخاوي ، وزكريا بن محمد الأنصاري ، ومحمد بن فهد المكي ، وغيرهم .
أثنى عليه العلماء كثيرا ، فقال تلميذه السخاوي : " اعتنى بهذا الفن أعظم عناية إلى أن بلغ الغاية القصوى في الدراية والرواية ، وفاق كثيرا من الرجال وحاز شرف الرتبة في الحال والمآل ، شيخ الإسلام ، وأوحد الأئمة الأعلام حافظ العصر ، وخاتمة المجتهدين حامل راية العلم والأثر " ، وقال السيوطي : ( انتهت إليه الرحلة والرئاسة في الحديث في الدنيا بأسرها ، فلم يكن في عصره حافظ سواه ) ، وقال : " إمام هذا الفن للمقتدين ، ومقدم عساكر المحدثين ، وعمدة الوجود في التوهية والتصحيح " وقال عبد الحي الكتاني : " كل تصانيفه تشهد بأنه إمام الحفاظ ، محقق المحدثين ، زبدة الناقدين ، لم يخلف بعده مثله "
توفي سنة : 852 هـ.(1)

التعريف بالكتاب :
اسمه : إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة ، وقد صرح بذلك مؤلفه الحافظ ابن حجر في مقدمته .
مضمون الكتاب : كتاب إتحاف المهرة هو كتاب موسوعي تضمن ترتيبا لأطراف أحاديث أحد عشر كتابا من كتب السنة المشرفة على أسماء الرواة ، وقد يضيف إلى هذه الكتب المذكورة ما هو أكثر منها عدداً كما سنبين ذلك بإذن الله .





(1)- انظر : الضوء اللامع 2 / 36 ، الجواهر والدرر للسخاوي 1 / 53 ، حسن المحاضرة 1 / 363 ، طبقات الحفاظ ص 547 ، مقدمة إتحاف المهرة 1 / 16 ـ 22 .

ابو وليد البحيرى
2019-02-16, 05:13 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (43)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (2-5)





والكتب العشرة الأصيلة التي جمعت أطرافها في هذا الكتاب هي :

( 1 ) موطأ الإمام مالك بن أنس ( ت 179 هـ ) ، وقد رمز له بـ " طا " .

( 2 ) مسند الإمام الشافعي ( 204 هـ ) ، وقد رمز له بـ " ش " .

( 3 ) مسند الإمام أحمد بن حنبل ( ت 241 هـ ) ، وقد رمز له بـ " حم " .

( 4 ) سنن الدارمي ( ت 255 هـ ) ، وقد رمز له بـ " مي " .

( 5 ) المنتقى لابن الجارود ( ت 307 هـ ) ، وقد رمز له بـ " جا " .

( 6 ) صحيح ابن خزيمة ( ت 311 هـ ) ، وقد رمز له بـ " خز " .

( 7 ) مستخرج أبي عوانة ( ت 316 هـ ) ، وقد رمز له بـ " عه " .

( 8 ) شرح معاني الآثار للطحاوي ( ت 321 هـ ) ، وقد رمز له بـ " طح " .

( 9 ) صحيح ابن حبان ( 345 هـ ) ، وقد رمز له بـ " حب " .

( 10 ) مستدرك الحاكم النيسابوري ( ت 405 هـ ) ، وقد رمز له بـ " كم " .

ولأن أطراف صحيح ابن خزيمة لم تكن كاملة نظرا لفقد بعض أصل الكتاب ، فقد زاد على هذه الكتب أطراف كتاب آخر وهو :

( 11 ) سنن الدار قطني ( ت 360 هـ ) ، وقد رمز له بـ " كم " .

أما الكتب التي ذكر أطرافها غير الكتب الأصلية فقد بلغت ثلاثة عشر كتابا ، وهي :

( 1 ) الأدب المفرد ، للبخاري ( 256 هـ ) .

( 2 ) روضة العقلاء ، وكتاب الصلاة ، وهما لابن حبان ( ت 354 هـ ) .

( 3 ) المعجم الصغير والأوسط والكبير للطبراني ( ت 360 هـ ) ، وكذا كتاب الدعاء له أيضا .

( 4 ) تهذيب الآثار للطبري ( ت 310 هـ ) .

( 5 ) كتاب فضل العلم ، لابن عبد البر ( ت 463 هـ ) .

( 6 ) كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد ( 224 هـ ) .

( 7 ) مسند الحارث بن أبي أبي أسامة ( ت 282 هـ ) .

( 8 ) مسند البراز ( ت 292 هـ ) .

( 9 ) كتاب " السياسة " و " التوكل " لابن خزيمة ( ت 311 هـ ) .

( 10 ) " شعب الإيمان " و " السنن الكبرى " ، وهما للبيهقي ( 458 هـ ) .

( 11 ) مسند إسحاق بن راهوية ( ت 238 هـ ) .

( 12 ) مصنف ابن أبي شيبة ( ت 235 هـ ) .

( 13 ) مسند أبي يعلي الموصلي ( ت 307 ) .

ابو وليد البحيرى
2019-02-16, 05:16 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (44)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (3-5)

وقد ذكر بعض العلماء سبب ذكره لأطراف أحاديث هذه الكتب الزائدة على الأطراف الأصلية التي ذكر الحافظ ابن حجر أنها أصل كتابه ما يلي :
أن الحافظ ابن حجر لا يذكر أطراف هذه الكتب إلا أن الحافظ ابن حجر لا يذكر أطراف هذه الكتب إلا إذا كانت لها فائدة حديثيه يحتاجها الحديث من :
ـ بيان تعدد طرقه .
ـ أو لرفع رتبته من الضعف إلى الصحة للغير ، أو من الحسن إلى الصحة .
ـ أو لبيان انقطاع الحديث من اتصاله ، أو إرساله من وصله وغير ذلك .
غير أن بعض العلماء ذكر أنه ينقل أطرافها حتى ولو لم يكن الحديث في حاجة إليها ، فتراه يضيف أطراف أحد هذه الكتب أو غيره حتى ولو لم يكن الحديث في حاجة إليه .(1)
ترتيب الكتاب :
الكتاب مرتب علي أسماء الرواة حسب موقع اسم الراوي من حروف المعجم مبتدئا بالألف الممدودة " آبى ، اللحم ... " منتهيا بحرف الياء ، وهو يذكر اسم الراوي في وسط السطر ، وفي المطبوع موضوعا وسط إطار عربي مبتدئا باسم كل راو بصفحة جديدة ، فإذا كان الراوي من المكترثين من الراوية فيرتب أسماء الرواة عنه علي حسب حروف المعجم أيضا ، ويضع ذلك في أعلى الصفحة .
ثم يذكر كلمة حديث ويذكر الحديث ويذكر الحديث ، ثم يذكر رموزا . كتبت في المطبوعة بخط صغير . لمن أخرجه من كتب السنة التي تضمنها الكتاب. ثم يفصل ذلك بذكر أسانيد من أخرجه من الأئمة كل كتاب علي حدة .
منهج ابن حجر فيه :
وقد ذكر ذلك الحافظ ابن حجر . رحمه الله . بعد أن ذكر من سبقه في تصنيف الأطراف كالحافظ المزي وغيره ، فقال :
" ثم إني نظرت فيما عندي من المرويات فوجدت فيها عدة تصانيف قد التزم مصنفوها الصحة ، فمنهم من تقيد بالشيخين كالحاكم ، ومنهم من لم يتقيد كابن حبان ، والحاجة ماسة إلى الاستفادة منها ، فجمعت أطرافها على طريقة الحافظ أبي الحجاج المزي وترتيبه ، إلا أني أسوق ألفاظ الصيغ في الإسناد غالبا لتظهر فائدة ما يصرح به المدلس ، ثم إن كان حديث التابعي كثيرا رتبته على أسماء الرواة عنه غالبا . (2)
وهكذا رتبه ترتيبا دقيقا سبق أن تكلمنا عنه بالتفصيل في ترتيب الحافظ المزي ـ رحمه الله ـ لكتابه تحفة الأشراف .



(1) بتصرف يسير من مقدمة إتحاف المهرة " 1 / 102 ـ 103 .
(2) مقدمة الحافظ ابن حجر للكتاب 1 / 158 ، 159 .

ابو وليد البحيرى
2019-02-20, 08:06 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (45)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (4-5)




كيف نخرج حديثا باستخدام هذا الكتاب ؟

إذا أردنا تخريج حديث بهذا الكتاب فلابد أن نكون على معرفة باسم الصحابي الذي رواه ، فإن كان من المكثرين للرواية كأبي هريرة وأنس بن مالك وابن عباس وعائشة ـ رضي الله عنهم ـ .

فالأيسر أن نتيقن بمن روى هذا الحديث عن الصحابي من التابعين ، وإلا إذا كان اسم التابعي الذي روى عن الصحابي غير معروف لطال وقت البحث عن الحديث ، فإذا كان حديثا معلوم راويه من الصحابة فيبحث عنه في مكانه من الكتاب ، وعلى مجلدة الكتاب كتب محقق الكتاب اسم الصحابي الذي يبدأ به المجلد ، واسم الصحابي الذي ينتهي به أيضا .

ففي الجزء الأول كتب " مسند آبي اللحم " ـ أنس بن مالك الأحاديث من 1 : 1075 .
والمعنى بداية أحاديث الصحابي آبي اللحم وما بعده ممن بدأ اسمه بحرف الألف إلى أحاديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنهما .
وفي الجزء الثاني كتب " بقية مسند أنس ـ التلب بن ثعلبة العنبري . الأحاديث 1076 : 2449 .
فإذا عرف مكان الصحابي من الكتاب فليتتبع أحاديثه حتى يقف على الحديث الذي يبحث عنه .
فإذا كان الصحابي من المكثرين فليعلم أن المؤلف رتب تلاميذه من التابعين على حسب حروف المعجم ، فإذا كان أول اسمه ألفا فأحاديثه في أول أحاديث الصحابي ، ثم يليه من أول اسمه حرف الباء ، وهكذا .
هذا إذا كان يعرف اسم التابعي الذي روى عن الصحابي .
أما إذا كان لا يعرف اسم التابعي الذي روى عن الصحابي فلينظر في أحاديث الصحابي كلها ، وسيصل بإذن الله إلى حديثه ، ويوضح ذلك ما يلي :
إذا أردنا تخريج حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغير عند صلاة الصبح فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار ...."
فلنبحث عن أحاديث أنس بن مالك رضي الله عنه فنجدها في الجزء الأول ن وتبدأ من ص 391 : 415 من الجزء الثاني .
ثم نعرف من روى هذا الحديث عن الصحابي من التابعين هو : حماد بن سلمة ، فنبحث عن رواية حماد بن سلمة عن أنس يبدأ ص 461 من الجزء الأول ، فنجد حديثنا في ص 468 من نفس الجزء ، وصورته هكذا :
467 ـ حديث ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغير عند صلاة الصبح فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار ..."
خز ، عه ، حب ، طح ، حم .
وهكذا ذكر رموز من أخرجه ثم يفصل ذلك :
خز : ومعناه صحيح ابن خزيمة في الصلاة : ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي ثنا بهز ـ يعني ابن أسد ـ ثنا حماد بن سلمة ....به .

أي أن الحديث في صحيح ابن خزيمة في كتاب الصلاة عن محمد بن أبي صفوان الثقفي ، عن بهز بن أسد به .
عه : في الجهاد ، ثم يذكر : ثنا أبو داود ، ثنا موسى بن إسماعيل ، وفي الصلاة ... عن يونس بن حبيب ثنا أبو داود وعن الصغاني عن عفان
وعن محمد بن عبيد الله بن المنادي عن يونس بن محمد أربعتهم عن حماد بن سلمة ، به .
حب : في الثالث من الخامس : أنا الحسن بن سفيان ثنا هدبة بن خالد ثنا حماد ... به .
طح : في السير ثنا ابن أبي أبي داود ، ثنا أبو الوليد .
وثنا ابن مرزوق ، ثنا بشر بن عمر .
وثنا محمد بن خزيمة ، ثنا حجاج وعبيد الله بن محمد التميمي ، قالوا ثنا حماد ... به .
رواه أحمد عن عفان وسهل وعبد الرحمن كلهم عن حماد ... به .
فلتراجع هذه الكتب في مصادرها المشار إليها لتقف على حديثك المذكور فتفصل مواطن تخريجه بالكتاب والباب أو الجزء والصفحة .
وقد أشار محقق الكتاب إلى مواطن هذه الأحاديث في الكتب المشار إليها بالجزء والصفحة في أسفل هامش النسخة المطبوعة .

ابو وليد البحيرى
2019-02-20, 08:10 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (46)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (5-9)



ميزات الكتاب وفوائده :
وقد تميز كتاب " إتحاف المهرة " بميزات وفوائد ، من أهمها :
( 1 ) تعليله للأسانيد المعلة ، ونقده لما يحتاج إلى نقد منها ، و يتضح ذلك في النقاط التالية :
أ ـ إشارة الحافظ إلى علل الأسانيد المعلة .
ب ـ ذكره متابعات وشواهد تقوي رتبة الحديث .
ج ـ تقوية سند الحديث الضعيف ببيان وصله من وجه آخر .
د ـ بيان خطأ بعض الرواة في سند الحديث .
هـ ـ بيان الوهم في رجال الإسناد بالتحريف .
و ـ بيان المبهم في الإسناد .
ز ـ تعقبه على أصحاب الكتب العشرة ، تعقب الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ على أصحاب الكتب بتعليقات علمية مفيدة من بيان وهم أو كلام على الرجال ، ينظر : حديث رقم (816 ).
فبعد أن ذكر الحافظ ابن حجر من خرجه ، وهما ابن خزيمة ، والطحاوي ، قال :
خز : في الصلاة : ثنا أحمد بن أبي سريج الرازي .
ثنا سويد بن عبد العزيز ، ثنا عمران القصير ، عنه ....به . عقب على إسناد ابن خزيمة بقوله :
قلت : سويد ليس من شرط ابن خزيمة ؛ لأنه ضعيف جدا .(1)
(2) جمع الكتاب الأحاديث المفقودة من مسند أبي عوانة .
(3) ترتيب صحيح ابن حبان على التقاسيم و الأنواع حسبما وضعه مؤلفه .
(4) تكفل الكتاب بذكر رواية الصحابة بعضهم عن بعض أو رواية التابعين كذلك مما يوصلنا بيسر وسهولة إلى الحديث المدبج .(2)

طبعة الكتاب :
والكتاب مطبوع ومحقق بطبعة أنيقة محققة تحقيقا علميا مفيدا ، طبعه مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة بإشراف وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف بالملكية العربية السعودية ، وقد حققه الدكتور : زهير بن ناصر الناصر .









(1) إتحاف المهرة 1 / 587 .
(2) المدبج : في مصطلح الحديث : أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر سندا ومتنا ، ومثاله في الصحابة : رواية عائشة عن أبي هريرة ، ورواية أبي هريرة عن عائشة .
وفي التابعين : رواية الزهري عن عمر بن عبد العزيز ، ورواية عمر بن عبد العزيز عن الزهري . تيسير مصطلح الحديث 194 ، والمعجم الوسيط مادة " دبج " .

ابو وليد البحيرى
2019-02-20, 08:14 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (47)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (6 - 9)


3 ـ ذخائر المواريث في الدلالة على موضع الحديث:
مؤلفه : هو العلامة الشيخ عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني بن إسماعيل ابن أحمد بن إسماعيل النابلسي الدمشقي الحنفي .
ولد بدمشق في الخامس من ذي الحجة سنة خمسين وألف ( 1050 ) وتوفي سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف ( 1143هـ )في الرابع والعشرين من شهر شعبان .
موضوع الكتاب :
جمع الشيخ النابلسي في كتابه أطراف الكتب الستة وموطأ الإمام مالك وهي :
1ــ صحيح البخاري 2ــ صحيح مسلم 3ــ سنن أبي داود 4ــ سنن الترمذي 5ــ سنن النسائي 6ــ سنن ابن ماجه 7ــ موطأ الإمام مالك
ولقد زاد مؤلف الكتاب موطأ الإمام مالك لما رأى أن المغاربة يعدون موطأ الإمام مالك سادس الكتب الستة ، بل جعلوه في مرتبة تلي الصحيحين ، أما المشارقة فإنهم يعدون سنن ابن ماجه سادس الكتب الستة ، فجاء كتابا جامعا لأطراف الكتب الستة عند الفريقين.
رموزه :
( خ ) رمز لما رواه البخاري في صحيحه .
( م ) رمز لما رواه مسلم في صحيحه .
( د ) رمز لما رواه أبو داود في سننه .
( ت ) رمز لما رواه الترمذي في سننه .
( ن ) رمز لما رواه النسائي في سننه الصغرى ( المجتبى ).
( ه ) رمز لما رواه الإمام ابن ماجه في سننه .
( ط ) رمز لما رواه الإمام مالك في موطئه .
طريقة عرضه في تخريج الحديث :
لقد سلك النابلسي في كتابه مسلكا لا يختلف نوعا ما عن مسلك الغمام المزي في كتابه تحفة الأشراف ، وطريقة عرضه في تخريج الحديث كالتالي :
أنه يذكر اسم الصحابي ثم يقول : حديث بخط كبير ، ثم يذكر طرف الحديث الذي يدل على بقية الحديث ، ثم يذكر اسم المصدر مشارا إليه بالرمز مع تحديد المكان الذي يوجد فيه الحديث في المصدر ، ثم يذكر شيخ المصنف الذي أخرج الحديث في كتابه.
وعلى المخرج الذي يتعامل مع الكتاب أن يلاحظ في تعامله ما يلي :
1 ــ أن المؤلف يذكر اسم الراوي الأعلى صحابيا كان أو تابعيا ، ثم يذكر تحته الأحاديث التي رويت عنه .
2 ــ لا يذكر اسم المصدر صراحة ، بل يشير إليه بالرمز مشفوعا بمكان
وجوده فيه ، فيقول مثلا ( م ) صلاة .
3 ــ يذكر شيخ كل مصنف فقط عقب رواية الحديث ، فيقول مثلا ( م ) صلاة عن يحيى بن أبي يحيى .
4 ــ أن المؤلف لا يذكر نص الحديث كاملا ، وإنما يذكر طرفا من الحديث يدل على بقيته .
5 ــ أن المؤلف قد يذكر جملة من الحديث ثم يسوق المعنى بلفظ من عنده .
وبالمثال يتضح ما ذكرناه : فإذا أراد المخرج أن يخرج حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( الحرب خدعة) فعلى المخرج أن يبحث عن ترجمة : جابر بن عبد الله ، وبالوقوف على الترجمة ( 1 / 126 ) يجد أول أحاديث جابر بن عبد الله ، ثم يقرأ الأحاديث إلى أن يصل إلى حديثه في (1/ 149) وسوف يجد التالي: حديث ( الحرب خدعة): (خ) في الجهاد عن صدقة بن الفضل ، (م) في المغازي عن علي بن حجر وعمرو الناقد وزهير بن حرب ، (د) فــــي الجهاد عن سعيـد بن منصور ،(ت) فيه ــ أي الجهاد ــ عن أحمد بن منيع ونصر بن علي .
أي إن هذا الحديث أخرجه البخاري في الجهاد ، ومسلم في المغازي ، وأبو داود والترمذي في الجهاد ، والرجل المذكور هو شيخ كل منهم ، وهذا تخريج إجمالي يحتاج إلى التفصيل ، وهو أن تقول : أخرجه البخاري في كتاب كذا ، باب كذا ، جزء كذا ، صفحة كذا ، طبعة كذا ، وهكذا بقية المصادر المذكورة .

ابو وليد البحيرى
2019-02-24, 01:14 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (48)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (7 - 9)





ترتيب الرواة في الكتاب :
رتب المؤلف أسماء الرواة فيه حسب حروف المعجم كترتيب المزي في كتابه ، وقد قسم كتابه إلى سبعة أبواب وهي :
1ــ مسانيد الرجال من الصحابة .
2 ــ مسانيد من اشتهر بالكنى مرتبة حسب حروف المعجم بالنسبة للحرف الأول من اسم المكنى به .
3 ــ المبهمين من أسماء الرجال من الصحابة مرتبة حسب ترتيب أسماء الرواة عنهم ، وقد ذكر تحت هذا الباب أربعة فصول هي :
أ ــ فصل في الكنى من مبهمي الرجال ــ أي المبهمين من الصحابة ــحسب ترتيب كنى من روى عنهم .
ب ــ فصل فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه أو جده مرتبين حسب حروف المعجم .
ج ــ فصل فيما روته النساء عمن انبهم من الرجال عن النبي صلى الله عليه وسلم .
د ــ فصل فيما رواه من لم يسم عمن لم يسم عن النبي صلى الله عليه وسلم .
4 ــ مسانيد النساء من الصحابيات مرتبة حسب ترتيب حروف المعجم .
5 ــ مسانيد من اشتهر بالكنى من النساء الصحابيات .
6 ــ المنبهم من أسماء الصحابيات مرتبة حسب ترتيب أسماء الرواة عنهن. وقد ذكر تحت هذا الباب فصلين :
أ ــ ذكر المنبهم من أسماء الصحابيات مرتبة على أسماء النساء الراويات عنهن .
ب ــ ما رواه مجهول عن مجهول من النساء .
7 ــ المراسيل من الأحاديث وأسماء رجالها مرتبة حسب حروف المعجم ، وقد ذكر تحته أنواع هي :
أ ــ المراسيل حسب كنى المرسلين ــ بكسر السين ــ مرتبة حسب حروف المعجم .
ب ــ من نسب إلى أبيه أو جده .
ج ــ المبهمين من المرسلين بحسب من روى عنهم .
د ــ النساء المرسلات للحديث .
أهم خصائص الكتاب :
لقد استخلص الدكتور عزت عطية أهم خصائص الكتاب فقال :
1 ــ أنه سلك مسلك من سبقه وبخاصة المزي في كتابه .
2ــ لم يذكر من الأسانيد غير مشايخ أصحاب الكتب رغبة للإيجاز .
3 ــ رتبه على أسماء الصحابة ولم يقسم أحاديث الصحابة المكثرين بحسب التابعين أو أتباع التابعين .
4 ــ لم يكرر الرواية الواردة عن أكثر من صحابي في مسانيد كل منهم ، بل يذكر الروايات كلها في مسند واحد منهم اكتفاء بحصول المقصود .
5 ــ جعل مكان سنن النسائي الكبرى عند من سبقه : السنن الصغرى .
6 ــ زاد أطراف الموطأ من رواية يحيى بن يحيى الليثي .
7 ــ راعى في الأطراف معنى المتن أو بعضه دون لفظه ، فعلى الطالب أن يعتبر معنى المتن الذي يبحث عنه لا خصوص لفظه(1).







(1) التخريج ودراسة الأسانيد ص 72 ، 73 .

ابو وليد البحيرى
2019-02-24, 01:17 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (49)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (8 - 9)




الفرق بينه وبين تحفة الأشراف :
من خلال ما سبق يمكن بيان الفروق في النقاط التالية :
1 ــ أن المزي يكرر الحديث الواحد الذي رواه عدد من الصحابة فـــــــــي مسانيدهم بخلاف النابلسي فإنه يذكره في مسند واحد منهم طلبا للاختصار.
2 ــ أن المزي راعى اللفظ غالبا بخلاف النابلسي فإنه راعى المعنى أو بعضه دون اللفظ .
3ــ أن المزي خرج من الكتب الستة ولواحقها بخلاف النابلسي فقد خرج من الستة وموطأ الإمام مالك .
4 ــ أن المزي اعتنى بالأسانيد فذكرها أما النابلسي فإنه لا يذكر إلا شيخ المصنف فقط .
5 ــ أن المزي راعى السنن الكبرى في النسائي بخلاف النابلسي فإنه راعي الصغرى .
6 ــ أن المزي رمز لابن ماجه ( ق ) أما النابلسي فقد رمز له ( ه ) .

مميزات الكتاب :
يمتاز هذا الكتاب بما يلي :
1 ــ الوقوف على جميع الألفاظ التي روي بها هذا الحديث لأن النابلسي لا يعتمد اللفظ ، بل يتعدى ذلك إلى المعنى .
2ــ حصر الأحاديث التي رواها كل صحابي في هذه الكتب السبعة ، وذلك بعدها حديثا حديثا .
3ــ الوقوف على الأحاديث المرسلة في الكتب السبعة ، وذلك بالرجوع إلى الباب السابع من الكتاب .
4 ــ معرفة الأحاديث التي في إسنادها رجل مبهم في الكتب السبعة ومحاولة وصلها من خلال تخريجها والوقوف على الأسانيد .
عيوب هذا الكتاب :
1 ــ إنه لا يمكن التخريج منه إلا بمعرفة الراوي الأعلى .
2 ــ أهمل المصنف سند الحديث أو بعضه بما يتطلب الرجوع إلى المصادر الأصلية .
3 ــ إنه لم ينقل حكم الأئمة على الحديث حين التخريج ، كحكم الترمذي أو أبو داود.
4 ــ إن الراوي الأعلى لو كان من المكثرين لتطلب الأمر قراءة الأحاديث برمتها مما يتعب القارئ ويربكه في بعض الأحيان .
5 ــ إذا ذكر المصنف الحديث بالمعنى وأراد الباحث لفظ الحديث تعسر في ذلك ، لأن المخرج يطلب اللفظ والمصنف راعى المعنى ، ولو وقف على الحديث بمعناه لاضطر إلى مراجعة ذلك في المصادر التـــــي أشار إليها المصنف ، وفي هذا عناء وجهد كبير لغير المشتغلين بعلم الحديث(1).







(1) انظر : القول البديع في تخريج أحاديث الشفيع صلى الله عليه وسلم ص 66 ــ 72 .

ابو وليد البحيرى
2019-02-24, 01:19 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (50)




كتاب إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة (9 - 9)




رابعا/ كتب المجاميع ( الجوامع ):
سبق وأن عرفنا بكتب المجاميع في مصدر الطريقة الأولى ، وقلنا : إنها الكتب التي تجمع الأحاديث من مصادر السنة المختلفة دون ذكر أسانيدها ،ومن المجاميع المتعلقة بطريقتنا تلك كتاب الإمام السيوطي :
الجامع الكبير أو جمع الجوامع
وقلنا إن الإمام السيوطي قد قسم كتابه إلى قسمين :
قسم الأقوال ، وقد تحدثنا عن منهجه فيه وطريقة التخريج منه باستفاضة في الطريقة السابقة.
قسم الأفعال : وهو الذي يعنينا في هذه الطريقة ، وقد رتبه على مسانيد الصحابة ، وجمع فيه ما رواه كل صحابي تحت مسنده ، وكذلك الأحاديث المرسلة رتبها على حسب من أرسلها من التابعين أو من دونهم على حروف المعجم أيضا ، وقد قال السيوطي عن هذا القسم ما نصه : " وهذا القســـــــم مرتب على مسانيد الصحابة باديا بالعشرة ثم بالباقي على حروف المعجم في الأسماء ثم الكنى كذلك ثم المبهمات ثم النساء كذلك ثم بالمراسيل"(1).
وواضح من كلامه ــ رحمه الله ــ أن ترتيبه كان على الوجه التالي :
أ ــ العشرة المبشرون بالجنة وهم .
1 ــ أبو بكر الصديق 2 ــ عمر بن الخطاب
3 ــ عثمان بن عفان 4 ــ علي بن أبي طالب
5 ــ سعيد بن زيد 6 ــ سعد بن أبي وقاص
7 ــ عبد الرحمن بن عوف 8 ــ الزبير بن العوام
9 ــ طلحة بن عبيد الله 10 ــ أبو عبيدة بن الجراح
رضي الله عنهم أجمعين .
ب ــ ترتيب بقية الصحابة حسب حروف المعجم ، وكان ترتيبه لهذا القسم كالتالي :
1 ــ من اشتهروا بأسمائهم من الرجال .
2 ــ من اشتهروا بكناهم من الرجال .
3 ــ المبهمون من الرجال .
4 ــ من اشتهرن بأسمائهن من النساء .
5 ــ من اشتهرن بكناهن من النساء .
6 ــ المبهمات من النساء .
7 ــ الأحاديث المرسلة مرتبة على حسب حروف المعجم .
كيفية التخريج بهذا الكتاب :
إذا أردنا أن نخرج حديثا فعليا من الكتاب فعلينا باتباع الخطوات التالية :
1 ــ إحضار المجلد الخاص بقسم الأفعال ، وهو المجلد الثاني من النسخة المصورة على مخطوطة دار الكتب المصرية .
2 ــ معرفة الراوي الأعلى للحديث صحابيا ــ إذا كان الحديث مرفوعا ــ أو تابعيا ــ إذا كان الحديث مرسلا .
3ــ بعد معرفة الصحابي أو التابعي تطلب الصفحة التي بها أول أحاديث ذلك الصحابي وتقرأها حتى تصل إلى حديثك إن شاء الله.
4ــ إذا وجدت الحديث فستجد رموزا لمن أخرج هذا الحديث ، فعليك أن تفك هذه الرموز ، ثم ترجع إلى المصادر الأصلية لتقف على الموضع الذي ذكر فيه الحديث من اسم الكتاب والباب والجزء والصحيفة .
هذا وتوجد للكتاب نسخة مصورة على مخطوطة دار الكتب المصرية وتقع في مجلدين ، وقد قام قسم الحديث بالتسجيل فيه لنيل درجة الماجستير والدكتوراه تحت إشراف مجموعة من الأساتذة الأجلاء المتخصصين في السنة وعلومها .








(1) جمع الجوامع ( 1 / 1021 ).

ابو وليد البحيرى
2019-03-02, 10:12 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (51)


الطريقة الثالثة : التخريج عن طريق الكلمات الغريبة أو المهمة في الحديث




إن تخريج حديث ما حسب هذه الطريقة يفرض على الباحث أن يكون عارفا بكلمات الحديث الغريبة ( أي الصعبة وقليلة الاستعمال ) أو المهمة ( أي المعبر بها عن مضمون الحديث مثل كلمتي " كذب ، ومتعمدا " في حديث " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ") ولو كلمة أو كلمتين ، ثم يراجع له الكتب التي فهرست فيها الأحاديث على ألفاظ الحديث الغريبة أو التي لها أهمية في هذا الحديث ، ورتبت فيها تلك الألفاظ على النظام الألفبائي للفهرسة مثل القواميس والمعاجم اللغوية ، وهذه الكتب على نوعين ، هما :

1 ـ كتب غريب الحديث .

2 ـ كتب المعاجم والفهارس .



النوع الأول/ كتب غريب الحديث:

كتب غريب الحديث هي الكتب التي جمع فيها مؤلفوها الأحاديث التي فيها كلمة أو كلمات غريبة تحتاج إلى شرح ، فرووا تلك الأحاديث بأسانيدهم أولا ، ثم شرحوا الكلمات الغريبة فيها ، ولكن ترتيب الكلمات فيها ليس على حروف المعجم ، وإنما هي كيف ما اتفق ، إلا أن محققي هذه الكتب وضعوا لها فهرسا ألفبائيا ، وألحقوه بآخر تلك الكتب ، مما سهل مراجعة الكلمات فيه ، ومن ثم الوصول إلى الحديث ، وطبع منها :

1 ــ غريب الحديث والآثار للإمام أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي ( 224 هـ ) .

2 ــ غريب الحديث للإمام أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ( 276 هـ ) .

3 ــ غريب الحديث للإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي البغدادي ( 285 هـ ).

4 ــ غريب الحديث للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي ( 388 هـ ) .

كيفية ومراحل التخريج من كتب غريب الحديث :

إذا عرض لك حديث تريد تخريجه ، أو طلب منك تخريج حديث ما ، وفيه كلمة أو كلمات غريبة يحتمل شرحها في هذه الكتب ، فعليك أن تراجع فهرس الكلمات الغريبة بآخر هذه الكتب ، فإذا وجدت كلمات حديثك فيه ، فراجع الصفحة التي فيها تلك الكلمات ، فستجد حديثك بالسند ، كما ستجد في هامشه المزيد من التخريجات قام بها محقق الكتاب .

فمثلا إذا أردت أن تخرج حديث : ( إن منبري هذا على ترعة من ترع الجنة ) فخذ كلمة ( ترعة ) إذ هي كلمة غريبة يحتمل شرحها في غريب الحديث ، ثم ارجع إلى كتب الغريب فستجد حديثك وبالرجوع إلى كتاب غريب الحديث لأبي عبيد ــ بالنسبة للكلمة السابقة ــ وجدنا أنه شرحها فذكرمتن الحديث أولا ، ثم ذكر سنده ، فقال : حدثناه إسماعيل بن جعفر المدني ،

عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة . ثم شرح الترعة بأنها الروضة . ثم وجدنا أن محقق الكتاب ــ وهو د / حسين محمد شرف ــ قد خرج الحديث في الهامش ، فقال : أخرجه أحمد ( 2 / 360 ، 412 ، 450 . و4 / 41 . و5 / 335 ، 339 ) فعرفت بذلك مصدرا آخر مع أماكنه فيه ، فما عليك بعد ذلك إلا أن تراجع الحديث في مسند أحمد .

وأخرج أبو عبيد الحديث الماضي أيضا بسنده عن سهل بن سعد الساعدي ، وعن صحابي آخر مجهول أيضا(1).













(1) انظر : غريب الحديث ( 1 / 119 رقم 2 ) بتحقيق د / حسين محمد شرف . ط : الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية 1404 هـ / 1984م .

ابو وليد البحيرى
2019-03-02, 10:15 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (52)



ثانيا : كتب المعاجم والفهارس(1)


وهي الكتب التي يأتي مؤلفوها إلى أحاديث كتاب معين ، أو عدة كتب ويعملون فهرستها عن طريق غريب الألفاظ والمهم منها ، حسي أصولها الاشتقاقية مرتبة على حروف المعجم ، مع ذكر قطعة من الحديث يوجد فيها ذلك اللفظ الغريب ، ولذلك فقد يتكرر الحديث الواحد في مثل هذه الفهارس أكثر من مرة لوجود عدة كلمات غريبة أو مهمة فيه(1).

ومن أهم هذه المعاجم والفهارس ما يلي :

1 ــ المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي لجماعة من المستشرقين ، وسوف نتحدث عنه قريبا بالتفصيل ، لأن فيه غنى عن الفهارس المعجمية الأخرى .
2 ــ كشاف صحيح أبي عبد الله البخاري ( ت256هـ ) بالترتيب الأبجدي للألفاظ والموضوعات وأسماء الأشخاص والأعلام : وضعه الأستاذ كمال وصفي ، طبع في القاهرة بطابع الشعب عام 1393 هـ .
3 ــ الفهرس التفصيلي لصحيح مسلم ( ت261 هـ ) : للأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي ، وضعه في الجزء الخامس من الطبعة التي قام بتحقيقها ، وقد ضمنه ستة فهارس ، والأخير منها معجم الألفاظ لا سيما الغريب منها ، طبع في مطبعة المنار بالقاهرة عام 1354 هـ .
4 ــ مفتاح المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود ( والشرح ، أي المنهل العذب للشيخ محمود خطاب السبكي ت 1352هـ من أول السنن إلى باب التلبيد من كتاب المناسك ، ويقع في عشرة أجزاء ، ثم قام نجله
الشيخ أمين بتكملة لهذا العمل ، فشرح من حيث انتهى والده إلى آخر كتاب الطب ، ويقع في اثني عشر جزءا وسماه " فتح الملك المعبود تكملة المنهل العذب المورود " ، والمفتاح هو على شرح الشيخ السبكي فقط : قام بعمله الشيخ مصطفى بن علي بن محمد بن مصطفى البيومي ، وضمنه عدة فهارس ، منها فهرس الألفاظ ( على طريقة المعجم المفهرس ) وهو مطبوع مع الشرح بطبعة الاستقامة بالقاهرة عام 1351هـ ــ 1353هـ
5 ــ فهرس أحاديث سنن الدارقطني ت 385 هـ : وضعه يوسف عبد الرحمن المرعشلي ورياض عبد الله ، وقد اشتمل على ستة فهارس ، منها المعجم المفهرس لألفاظ الحديث ، وقد طبع بدار المعرفة في بيروت ، الطبعة الأولى عام 1406 هـ









(1) تخريج الحديث . نشأته ومنهجيته ص 53 .

ابو وليد البحيرى
2019-03-02, 10:19 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (53)




ثانيا : كتب المعاجم والفهارس (2)

التعريف بكتاب : ( المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي )
أولا/ مؤلفه:
ألفه جماعة من المستشرقين ، يتقدمهم البروفسور آرنت يان ونسنك الهولندي ( 1882م ــ 1939م ) باللغة العربية ، وشاركهم الأستاذ محمد عبد الباقي ( 1299هـ ــ 1388هـ ) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .
ثانيا/ حقيقته:
حقيقته أنه فهرس ألفبائي لألفاظ أحاديث تسعة كتب في الحديث ، وهي مع رموزها فيه :
1 ــ صحيح البخاري ( خ ).
2 ــ صحيح الإمام مسلم ( م ) .
3 ــ سنن الإمام أبي داود السجستاني ( د ) .
4 ــ جامع الإمام الترمذي ( ت ) .
5 ــ السنن الصغرى للإمام النسائي ( ن ) .
6 ــ سنن الإمام ابن ماجه (جه) في طول الكتاب،إلا في الثلاث والعشرين صفحة الأولى من الجزء الأول فإنهم استعملوا له فيها رمز( ق ) أخذا من نسبته ( القزويني ).
7 ــ موطأ الإمام مالك ( ط ) .
8 ــ سنن الإمام الدارمي ( دي ) .
9 ــ مسند الإمام أحمد بن حنبل (حم) في طول الكتاب ، إلا في الثلاث والعشرين صفحة الأولى من الجزء الأول فإنهم استعملوا له فيها رمز ( حل ) أخذا من اسم جده ( حنبل ) فيما يظهر .

ابو وليد البحيرى
2019-03-06, 07:06 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (54)



ثانيا : كتب المعاجم والفهارس (3)



جـ/ أجزاء المعجم المفهرس :

طبع كتاب " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي " في ثمانية أجزاء ، والسبعة منها فهرس لألفا الحديث على الترتيب الذي سوف يأتي بيانه بالتفصيل ، وأما الجزء الثامن فهو عبارة عن عدة فهارس : للأعلام ، والأماكن ، وسور القرآن والآيات ، ولكن طريقة تأليفه تختلف عن طريقة تأليف الأجزاء السبعة الأولى ، حيـث إن مؤلفه " ويم رافن " اكتفى في فهرسي الأعلام والأماكن بذكرهما فقط دون ذكر الفقرة من الحديث التي وردت فيها تلك الأعلام والأماكن ، بينما مشى في فهرس السور والآيات حسب الطريقة المتبعة في الأجزاء السبعة الأولى للمعجم .

وقد ظهر الجزء الأول منه عام 1936 م ، والسابع في 1969 م ، والثامن في 1988 م ، بتمويل من المؤسسات ، والهيئات ، والأكاديميات العلمية في أوربا وأمريكا واليابان .



د / طبعات الكتب التسعة الموافقة لنظام المعجم :

1ـ صحيح البخاري : بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ، سواء أطبع بمفرده ( كطبعة المكتبة الإسلامية بإستانبول بتركيا عام 1979 ، في 8 أجزاء في 4 مجلدات ) ، أو طبع مع شرحه فتح الباري ( كطبعة السلفية التي تحمل اسم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ) .

2 ـ صحيح مسلم : بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ، سواء أطبع بمفرده ( كطبعة دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة عام 1374 هـ / 1955 م ، في خمسة أجزاء ) ، أو رقم وفقه على شرح النووي المتداول .

3 ـ سنن أبي داود : بترقيم عزت عبيد دعاس وعادل السيد ، دار الحديث بحمص في سورية 1394 هـ / 1974 م ن في خمسة أجزاء ، مضافا في آخر الجزء الخامس فهرس بأوائل أحاديثه ، وهو أقرب إلى نظام المعجم المفهرس .

4 ـ جامع الترمذي : الطبعة ذات الأجزاء الخمسة على النحو التالي :

ـ الجزء الأول والثاني بتحقيق وترقيم الشيخ أحمد شاكر .

ـ الجزء الثالث بتحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي .

ـ الجزء الرابع والخامس بتحقيق وترقيم إبراهيم عطوة .

إلا أن الترقيم في الجزأين الأولين يختـلف قليلا عن ترقيم المعجم المفهرس .

طبعة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة عام 1356 هـ م 1937 م .

5 ـ سنن النسائي : الطبعة التي في أسفلها حاشية السيوطي " زهر الربى " وحاشية السندي ، في ثمانية أجزاء في أربعة مجلدات ، طبعة المكتبة التجارية الكبرى بالقاهرة سنة 1348 هـ ، وظهرت الآن الطبعة نفسها بترقـيم الشيـخ عبد الفتاح أبو غـدة ، مع فهـرس لأحـاديثه على حروف المعجم .

6ـ سنن ابن ماجه : بترقيم وتعليق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة 1372 هـ / 1952 م ، في جزأين ، وفي آخر الجزء الثاني فهارس مفيدة .

7ـ سنن الدارمي : بترقيم محمد فواز أحمد زمرلي وخالد السبع العلمي ، طبع دار الريان بالقاهرة ، ط أولى 1407 هـ / 1987 م .

8ـ موطأ مالك : بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء الكتب العربية ، 1370 هـ / 1951 م .

9ـ مسند أحمد : طبعة الميمنية بمصر 1313 هـ في ستة مجلدات ، وعلى هامشها منتخب كنز العمال للمتقي الهندي .

ولتيسير الاستفادة من " المعجم المفهرس " و " مفتاح كنوز السنة " الآتي ذكره في الطريقة الرابعة ، ولاختلاف طبعات أصولها ن فقد وضع الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي فهرسا تفصيليا للكتب الثمانية الأول بعنوان " تيسير المنفعة بكتابي مفتـاح كنوز السنة والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي " ، ذكر فيه عناوين الكتب والأبواب فيها ، مع ذكر أرقامها ـ ما عدا مسلم والموطأ فزاد فيهما أرقام الأحاديث داخل الكتب أيضا

ـ مطابقة لأرقام كتب وأبواب وأحاديث النسخ الأصلية التي اعتمد عليها واضعو المعجمين المذكورين .

وهناك كتاب آخر بعنوان " تيسير الوصول إلى مواضع الحديث في كتب الأصول " وضعه المهندس عبد المجيد محمد حسين في صورة جداول ، لتيسير الاستفادة من المعجم المفهرس ، وهو شامل للكتب التسعة .

ابو وليد البحيرى
2019-03-06, 07:11 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (55)

ثانيا : كتب المعاجم والفهارس(4)





نظام اختيار الكلمات في المعجم :

لقد وضع مؤلفو المعجم نظاما دقيقا لاختيار الكلمات من الحديث التي يتم إدخالها في المعجم ، والتي تستبعد عنه ، قال ونسنك في مقدمة المجلد الأول التي هي باللغة الفرنسية ، ما ملخصه : " إنهم استبعدوا الكلمات ذوات المعنى العادي جدا ، والتي لا تتميز بأية أهمية ، وأدخلوا في المعجم نوعين من الكلمات :

1 ــ الكلمات المهمة ، وهي سجلت مصحوبة بفقرات من الحديث .

2 ــ والكلمات المتكررة كثيرا ، والتي ليست لها أهمية متميزة فهي سجلت ولكن دون فقرات من الحديث .

لذلك يجب على الباحث أن يراجع في المعجم أكثر من لفظ واحد متميز ، أو ذي أهمية ، ولا يكتفي بلفظ واحد من ألفاظ الحديث(1)

نظام ترتيب الكلمات في المعجم :

لقد اختار مؤلفو المعجم الكلمات الغريبة ، أو التي لها أهمية متميزة من كل حديث من أحاديث الكتب التسعة التي عملوا عليها المعجم ، فرتبوا تلك الكلمات على حروف الهجاء كالتالي :

أولا : هم قدموا الأفعال المجردة المبنية للمعلوم ، الماضي منها أولا بصيغه الأربع عشرة على ترتيبها في علم الصرف تقريبا ، ثم مضارعها كذلك ، ثم الأمر منها بصيغه الست ، ثم اسم الفاعل منها ، ثم اسم المفعول منها بصيغهما الست كذلك .

ثم الأفعال المزيد منها بالترتيب المتداول عند الصرفيين على غرار ترتيب الأفعال المجردة .

ثانيا : ثم يأتون إلى أسماء المعاني ( مثل الأمر ، والصلاة ، والصوم ) فيقدمون المفرد منها حسب الترتيب التالي : المرفوع المنون ، ثم المرفوع دون تنوين ، ثم المجرور بالإضافة المنون ، ثم المجرور بالإضافة دون تنوين ، ثم المجرور بحرف من حروف الجر كذلك ، ثم المنصوب المنون ، ثم المنصوب دون تنوين .

ثم يأتون إلى المثنى منها فيذكرونه حسب ترتيب الواحد ، ثم الجمع منها كذلك .

ثالثا : ثم يأتي دور المشتقات الأخرى ، مثل ( اسم الصفة ، واسم الظرف ، واسم الآلة ، وأفعل التفضيل ) فيذكرون أولا المشتقات دون إضافة الحروف الساكنة ، ثم المشتقات بإضافة الحروف الساكنة(2)

فمثلا : كلمة " أمر " يذكر تحتها كل صور الفعل من ماض ، فمضارع ، فأمر ، فاسم فاعل ، فاسم مفعول ، ثم المزيد منها : أمّر ، ثم آمر ، ثم تأمّر ، ثم استأمر ، ثم أمر ، ثم أمير ، ثم إمرة ، ثم أمارة ، ثم إمارة ، ثم آمَرُ ، ( أفعل التفضيل ) كلها في أحوالها المختلفة .











(1)النص من ترجمة الدكتور أحمد الطيب ، ضمن بحث منشور في مجلة بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر ــ العدد الأول ــ 1404 هــ 1984 م ص 251 .

(2)مقدمة المجلد السابع بتصرف .

ابو وليد البحيرى
2019-03-06, 07:13 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (56)



ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(5)



نظام ذكر المصادر التسعة تحت الكلمة:

يذكر أصحاب المعجم تحت كل كلمة مختارة من الأحاديث ــ فعلا كانت، أو اسما،أو غيرهماــ فقرة مختصرة من الأحاديث جاءت فيها تلك الكلمة ،ثم يذكرون بجوارها رموز من أخرجه من أصحاب الكتب التسعة ، بادئين بمن تطابق روايته الفقرة المذكورة من الحديث حرفيا ، ثم يذكرون أماكن ذلك الحديث في تلك الكتب بذكر عنوان الكتاب مثل ( الصلاة ) ورقم الباب هذا ( للبخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي ) أو عنوان الكتاب ورقم الحديث وهذا ( لمسلم ومالك ) أو رقما كبيرا للجزء ، ورقما صغيرا للصفحة ، وهذا ( لمسند أحمد ) معتمدين فيها على طبعات خاصة لتلك الكتب ، والتي تحدثنا عنها قبل قليل ، وأحيانا تجد على رقم الباب ، أو على رقم الصفحة نجمتين اثنتين ، فهذا معناه أن تلك الكلمة تكررت أكثر من مرة في ذلك الحديث ، أو في ذلك الباب ، أو في تلك الصفحة .

كيفية التخريج بواسطة المعجم المفهرس:

إذا أردنا تخريج حديث بواسطة المعجم المفهرس فلنتبع الخطوات الآتية:

1 ــ اختيار الكلمات الغريبة والمهمة من الحديث المراد تخريجه .

2 ــ مراجعة تلك الكلمات المختارة في المعجم ، ونقل المعلومات المذكورة تحتها .

3 ــ جمع تلك المعلومات في مكان واحد بأخذ الزوائد وترك المكررات .

4 ــ مراجعة تلك الكتب المحال إليها في المعجم .

5 ــ نقل الحديث مع أسانيده وألفاظه من تلك الكتب .

6 ــ عمل الشجرة لأسانيد ذلك الحديث وطرقه المختلفة.

7 ــ تدوين طرق الحديث المخرجة .

ابو وليد البحيرى
2019-03-15, 01:34 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (57)



ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(6)



محاسن المعجم المفهرس :

1 ــ سهولة معرفة من أخرج الحديث من أصحاب الكتب التسعة التي عمل عليها المعجم .

2 ــ سرعة الوصول إلى الحديث المطلوب في تلك الكتب ، وذلك بتحديده أماكنه فيها .

3 ــ توفير الوقت والجهد وهما عدة الباحث .

عيوب المعجم المفهرس :

1 ــ ضياع كثير من الوقت والجهد لمعرفة الحديث المطلوب تخريجه ، وذلك بسبب خلطه بين الأحاديث المتحدة في كلمة أو جملة ما .

2 ــ سقوط بعض أحاديث الكتب التسعة ــ خاصة الترمذي ــ من المعجم مما قد يحدث ظنا عند من لا يعرف ذلك أن الحديث المراد لا يوجد في المصادر التسعة .

3 ــ توزيع الأحاديث متحدة المعنى ومختلفة الألفاظ في مواضع ألفاظها ، ومن ثم اكتفاء المعجم بذكر مصادر الألفاظ فقط ، لا مصادر الحديث حسب المعنى ، مما يجعل تخريج الحديث على جهة الاستيعاب من هذه المصادر عسيرا .

4 ــ كثرة الإحالة عند ذكر كلمة من الكلمات إلى مراجعة كلمات أخرى ، مما يتعب المراجع ويربكه ويأخذ من وقته كثيرا في بعض الأحيان ، وربما يمل ويترك المراجعة ، ولا يصل إلى مطلوبه ، لأنه يحيل في بعض الكلمات إلى ما يزيد على ( 50 ) كلمة .

5 ــ عدم إمكان استخدام المعجم لتخريج الحديث من غير الكتب التسعة التي عمل عليها المعجم ، فإذا اعتمد الباحث عليه فقط فقد يفوته تخريج الحديث من كتب الحديث الأخرى ، وهي كثيرة جدا ، لذا ننصح الباحث بأن لا يعول على هذه الطريقة فحسب،بل عليه أن يتبع الطرق الأخرى(1)
















(1) انظر تخريج الحديث ــ نشأته ومنهجه ص 77 ، 78 .

ابو وليد البحيرى
2019-03-15, 01:38 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (58)

ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(7)




الطريقة الرابعة


التخريج عن طريق موضوع الحديث:

تعتمد هذه الطريقة اعتمادا كليًّا على معرفة موضوع الحديث، لذا فإن الباحث عن تخريج الحديث بهذه الطريقة، مطالب بأن يتأمّل حديثه الذي معه وينظر فيه ليستشف منه موضوعه الأساسي أو موضوعاته المتعددة إذا كان الحديث يشتمل على أكثر من موضوع.

وموضوع الحديث:هو ما يحتوي عليه الحديث من معنى وحكم،كأن يكون الحديث في عقيدة من العقائد ، أو في حكم فقهي يتعلق بالعبادات كالصلاة ، والزكاة، والصوم ونحوها،أو بالمعاملات كالنكاح،والبيع، وما يشبههما،أو بالآداب والأخلاق ، أو يتعلق بالمغازي والسير ، أو بالزهد والرقائق ، أو بالفضائل والمناقب ، أو بالتاريخ أو بالتفسير،أو غيرها من الموضوعات والأبواب العلمية الأخرى .

ويلجأ الباحث لهذه الطريقة في تخريج الحديث إذا حدّد موضوع الحديث أي فقهه الذي يبحث فيه، وقد يكون الحديث له أكثر من موضوع كما ذكرنا فليبحث عنه في كل موضوعاته، فمثلا حديث "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا".

هذا الحديث يُوضع في كتاب الإيمان، وفي كتاب التوحيد، وفي كتاب الصلاة، وفي كتاب الزكاة، وفي كتاب الصوم، وفي كتاب الحج لتناوله كل هذه الموضوعات ، فعلى الباحث أن يبحث عنه في كلّ هذه الموضوعات فربما اقتصر على بعضها ووضعه المؤلّف في غيره.

فإذا أردنا تخريج حديث بهذه الطريقة فيجب علينا أولا معرفة موضوع الحديث المطلوب تخريجه ، ثم نأتي إلى الكتب المؤلفة على الموضوعات العلمية والأبواب الفقهية .

ويرجع إلى هذه الطريقة ــ خاصة ــ عندما لا يعرف الباحث عن حديثه إلا المعنى ، أو عند كتابة موضوع أو بحث تتعلق به أحاديث كثيرة ، وليس عند الباحث معرفة مسبقة بها كلها ، وإن عرف البعض منها ، ليجمع أكبر قدر ممكن من الأحاديث في موضوع بحثه .

أنواع كتب هذه الطريقة :

عرفنا أن كتب هذه الطريقة هي: التي رتبت على الموضوعات العلمية والأبواب الفقهية،

وهي تنقسم إلى عدة أقسام، يمكن تصنيفها كالآتي:

القسم الأول: كتب مشتملة على جميع أبواب الدين.

القسم الثاني: كتب مشتملة على أكثر أبواب الدين.

القسم الثالث: كتب خاصة بباب من أبواب الدين.

ابو وليد البحيرى
2019-03-15, 01:40 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (59)


ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(8)



أولا: الكتب المشتملة على جميع أبواب الدين:
تعرف هذه الكتببعدة أسماء، وهي:
1 ــ الجوامع: جمع جامع. وهي الكتب التي تجمع كل أبواب الدينمن العقائد، والعبادات، والمعاملات، والآداب، والأخلاق، والزهد، والرقائق،والفضا ئل، والمناقب، والشمائل، والسير، والمغازي، والتاريخ، والتفسير، وأمور الآخرةوما بعد الموت، وتشتمل هذه الكتب على الأحاديث المرفوعة، وكتب هذا النوع كلهاأصلية، ومثالها:
أ ــ الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليهوسلم وسننه وأيامه: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ). اتفق العلماءعلى أنه أصح الكتب بعد كتاب الله، وتلقته الأمة بالقبول، وجمعه في ست عشرة سنة، وماكان يضع فيه حديثاً إلا بعد أن يغتسل، ويصلى ركعتين، ويستخير الله في وضعه، وعددأحاديثه (7397) بالمكرر سوى المتابعات والمعلقات، وعددها من غير المكرر (2602)وعددها بالمكرر والمعلقات والمتابعات واختلاف الروايات (9082)، انتقاها من ستمائةألف حديث.
ب ــ الجامع المسند للصحيح: لأبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيريالنيسابو ري (ت261هـ): اتفق العلماء على أنه يلي صحيح البخاري في الصحة وتلقي الأمةإياه بالقبول، ألفه في خمس عشرة سنة، وعدد أحاديثه حسبما قال رفيقه أحمد بن سلمة(12000)حديث، وحسب قول المِيَانْجي (8000) حديث بالمكرر، وقيل: (4000) حديث بدونالمكرر. وبلغ عددها حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي (3033) حديثاً، بينما عَدَّهاالدكتور خليل ملا خاطر حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، فبلغ عدده (4616) حديثاً،وعلى أي كان فإنه انتقاها من ثلاثمائة ألف حديث، ووافق البخاري على تخريج ما فيهسوى (820) حديثاً.
ج ــ الجامع: لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي )ت279هـ): يضم (3956) حديثاً حسب ترقيم إبراهيم عطوة عوض، و(4051) حسب ترقيم صاحبتحفة الأحوذي، فيها صحيح، وحسن، وضعيف نبه عليه.
2 ــ المستخرجات على الجوامع : وهي الكتب التي يأتي مؤلفوها إلى كتاب في الحديث، فيخرجون أحاديثه – حديثاً حديثاً – بأسانيدهم، من غير طريق صاحب الكتاب، فيجتمعون مع صاحب الأصل في طبقة من طبقاتالسند، في شيخه أو فيمن فوقه ولو في الصحابي". ومثال ذلك:
أ ــ المستخرج علىالبخاري للإسماعيلي (ت295هـ(
ب ــ المستخرج على مسلم لأبي عوانة ( ت316هـ) .
ج ــ المستخرج عليهما لأبي نعيم (ت430هـ).
د ــ المستخرج علىجامع الترمذي لأبي علي الحسن بن علي بن نصر الطوسي الخراساني(ت312هـ)3 ــ المستدركات على الجوامع: المستدرك هو أن يأتي صاحبه – الحاكم مثلاً – إلى كتاب فأكثر من كتب الحديث – الصحيحين مثلاً – فيستدرك عليه ما فاته على شرطه، والمستدركات كلها أصلية، وهيقليلة مثل:
أ* ــ المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بنمحمد بن حمدويه، المعروف بالحاكم، وبابن البيِّع النيسابوري (ت405هـ) .
4 ــ كتب الترتيب: أقصد بها الكتب التي يأتي مؤلفوها إلى كتاب مؤلَّفٍعلى طريقة المسانيد، أو على أوائل الحديث، ويرتبون أحاديثه على الموضوعات، فيجمعونبذلك ما تناثر في الكتاب من الأحاديث ضمن الموضوعات، ومثالها:
أ ــ الإحسان فيتقريب صحيح ابن حبان: للأمير علاء الدين أبي الحسن علي بن بُلْبان الفارسي( ت739هـ)، رتب فيه الأمير الصحيح للإمام ابن حبان، أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمدالبُسْتي (ت354هـ) على الأبواب والموضوعات.
ب ــ بدائع المنن في جمع وترتيبمسند الشافعي والسنن" للشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي (ت1378هـ)، جمع فيهمسند وسنن الإمام الشافعي (ت204هـ)، ورتبه على الأبواب والموضوعات، ويضم (1864)حديثاً وأثراً، وهو مطبوع.
ج ــ الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بنحنبل الشيباني: للشيخ الساعاتي (ت1378هـ)، رتب فيه مسند أحمد على الكتبوالأبواب.... وهو مطبوع.
5 ــ كتب المجاميع: نقصد بها الكتب التي جمع فيهامؤلفوها أحاديث عدة كتب كلها، أو مختارة منها، ومثالها:
أ ــ جامع الأصول من أحاديث الرسول: لأبي السعادات المبارك بن أبيالكرم محمد، المعروف بابن الأثير الجزري (ت606هـ)، جمع فيه بين الكتب الستة،والسادس هو موطأ مالك، وعدد أحاديثه (9523) حديثاً، رتبه على الأبواب ، ورتب عناوين الأبواب على حروفالمعجم.
ب ــ كنْز العُمَّال في سنن الأقوال والأفعال: لعلاء الدين علي بنحسام الدين الشهير بالمتقي الهندي (ت بمكة 975هـ)، جمع فيه بين الجامع الكبير،والجامع الصغير، وزياداته، كلها للسيوطي (ت911هـ)، ورتبه على الأبواب، ورتب الأبوابعلى حروف للمعجم، طبع الكتاب في (16) مجلداً، بلغت أحاديثه (46624) حديثاً، ولهفهرس وضعه نديم مرعشلي وابنه أسامة باسم (المرشد إلى كنز العمال) .
6 ــ الزوائد : وهي المصنفات التي يجمع فيها مؤلفها الأحاديث الزائدة في بعض الكتب عن الأحاديث الموجودة في كتب أخرى. مثل مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه لأبي العباس أحمد بن محمد البوصيري (840 هـ)،ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي .

ابو وليد البحيرى
2019-03-15, 01:43 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (60)


ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(9)


ثانياً: الكتب المشتملة على أكثر أبواب الدين:
تعرف هذه الكتب أيضاً مثل كتب القسم الأول بأسماء مختلفة، ومثالها:
1 ـ السنن: هي الكتب الأصلية المشتملة على الأحاديث المرفوعة من أحاديث الفقه والأحكام في
الغالب، وليس فيها شيء من الموقوف على الصحابي، أو المقطوع على التابعي ، منها:
أ ــ السنن للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت275هـ)، يضم (5274) حديثاً، وهو مطبوع..
ب ــ السنن المجتبى للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المتوفي بالرملة (303هـ) مطبوع، وهو المعدود في الكتب الستة، ويضم (5761) حديثاً حسب ترقيم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
ج*- سنن ابن ماجه، لأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني (273هـ).
د*- سنن الدارمي، لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (255هـ)، وقد يسمى بمسند الدارمي؛ لأنه يذكر الأحاديث بالأسانيد.
هـ - سنن الدارقطني، لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني (385هـ).
و- السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ).
2 ــ المصنفات:هي الكتب الأصلية المشتملة على الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة من أحاديث وآثار الفقه والأحكام في الغالب ، فتحتوي على الأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة، وفتاوى التابعين، وفتاوى أتباع التابعين أحياناً ، ومنها:
أ ــ المصنف: لأبي بكر عبد الرازق بن همام الصنعاني (ت211هـ) وهو مطبوع بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ويضم (21033) حديثاً وأثراً.
ب ــ المصنف: لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي (ت235هـ)، طبع بتحقيق الشيخ محمد عوامة في ( 25 ) مجلدا.
3ــ الموطآت: جمع موطأ وهو: الكتاب المصنف على الأبواب الفقهية، ويشمل على الأحاديث المرفوعة، والموقوفة، والمقطوعة.
وهي مثل المصنفات، وإن اختلفت الأسماء، ومن أمثلة الموطآت:-
* الموطأ، للإمام مالك بن أنس الأصبحي (179هـ).

ابو وليد البحيرى
2019-03-15, 01:46 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (61)


ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(10)


ثالثاً – الكتب الخاصة بباب من أبواب الدين :

نعني بهذا الكتب الحديثية التي انفردت بموضوع علمي، وتحدثت عنه بالإسهاب، ، وهي كثيرة جداً في جميع أبواب الدين ، ومنها:

أ - الشمائل المحمدية:

وهي الكتب التي تجمع ما جاء في أوصاف النبي - صلى الله عليه وسلم- الخَلقية والخُلقية.

ومن أمثلتها:

-الشمائل المحمدية لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (279هـ).

-الأنوار في شمائل المختار، للحسين بن مسعود البغوي (516هـ).

-أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم-، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن حيان، المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني (369هـ).

ب- دلائل النبوة:

وهي كتب تجمع الأدلة على نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم-، ومن أمثلتها:

- دلائل النبوة، لأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي (301هـ).

- دلائل النبوة، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (430هـ).

- دلائل النبوة، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ).

- دلائل النبوة، لأبي القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني (535هـ).

ج - الآداب والأخلاق:

وهي الكتب التي تعني بتزكية النفس، وتحليها بمكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم.

ومن أمثلتها:

-الأدب المفرد، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (256هـ).

-الآداب، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ).

-محاسن الأخلاق ومعاليها، لأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي (327هـ).

-مساوئ الأخلاق ومذمومها، لأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي (327هـ).

د _ كتب الزهد:

وهي الكتب التي تجمع ما جاء في الحث على التقلل من الدنيا، والزهد فيها، والترغيب فيما عند الله.

ومن أمثلتها:

-الزهد، لعبد الله بن المبارك الحنظلي (183هـ).

-الزهد، لوكيع بن الجراح الرؤاسي (197هـ).

-الزهد، للإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241هـ).

-الزهد، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ).

هـ - الإيمان، التوحيد، السنة:

وهي الكتب التي تعني بأحاديث العقائد.

ومن أمثلتها:

-الإيمان، لمحمد بن إسحاق بن منده (395هـ).

-كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب - عز وجل-، لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (311هـ).

-السنة، لعبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني (290).

و- فضائل القرآن:

وهي الكتب التي تعني بأحاديث فضل القرآن, وفضائل سوره وآياته، وفضل قارئه، ومن أمثلتها:

-فضائل القرآن، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (224هـ).

-فضائل القرآن، لأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي (301هـ).

وقد سبق الحديث عن هذه الكتب في تعريف التخريج ، لكننا كررنا الحديث عنها هنا حتى تكون على بال الباحث وهو يبحث في هذه الطريقة ، لكونها مصادر أساسية في التخريج بحسب موضوع الحديث .

رابعا : الفهارس الحديثية المرتبة على الموضوعات ورتبت الموضوعات على حسب حروف المعجم ( ككتاب مفتاح كنوز السنة )




وإليك الحديث تفصيلا عن كتابين من الكتب المهمة في التخريج بحسب هذه الطريقة،وهما كتاب ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال )و كتاب ( مفتاح كنوز السنة ).

ابو وليد البحيرى
2019-03-21, 10:27 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (62)




ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(11)



أولا : كتاب ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ):

مؤلفه : هو الشيخ علاء الدين المتقي الهندي علي بن عبد الملك حسام الدين ابن قاضي خان القادري الشاذلي الهندي ثم المدني فالمكي، علاء الدين الشهير بالمتقي، فقيه، محدث، واعظ، مشارك في بعض العلوم، ولد في برهانفور (من بلاد الدكن بالهند) سنة (885هـ)، وأصله من جونفور، وقد علت مكانته عند السلطان محمود صاحب كجرات، وسكن المدينة، ثم أقام بمكة مدة طويلة، وتوفي بها سنة (975هـ)، له مؤلفات في الحديث وغيره، وقد بلغت مؤلفاته نحو مائة ما بين كبير صغير.

الكتاب :

جمع الإمام المتقي في كتابه هذا كل أحاديث ( الجامع الكبير ) للسيوطي ، مع زيادات ( الجامع الصغير ) و ( زيادة الجامع ) فاحتوى الكتاب على أحاديث أكثر من ثمانين كتابا من كتب السنة ، وعلى أكثر من ستة وأربعين ألف حديث ، مع بيان من أخرجها من الأئمة ، ومن رواها من الصحابة فمن دونهم .

وهذا تفصيل ذلك الإجمال :

ألف الحافظ السيوطي ثلاثة كتب الغرض منها تيسير الوقوف على الحديث لمن نشد ذلك ، فألف ( الجامع الكبير ) وقسمّه إلى قسمين ، قسم الأحاديث القولية ، وقسم الأحاديث الفعلية ، ثم لخص من قسم الأحاديث القولية كتابه ( الجامع الصغير ) انتقى فيه الأصح والأخصر ، وابتعد عن التكرار ، وزاد فيه ما ليس في الجامع الكبير ، ثم ألف كتابا ثالثا على منوال الجامع الصغير سماه ( زيادة الجامع ).

فجاء صاحب كنز العمال فوجد ــ كغيره ـــ أن هذه الكتب الثلاثة قد جمعت من الأحاديث ألوفا ، ومن الآثار صنوفا ، لكنه شعر ـــ كغيره ـت بعيوب الترتيب على حروف المعجم ، والتي عددها فقال :

منها : ( أي الفوائد الجليلة التي عرى عنها الجامع الكبير للسيوطي ) أن من أراد أن يكشف منه حديثا وهو عالم بمفهومه لا يمكنه إلا إذا حفظ رأس الحديث إن كان قوليا ، أو اسم راويه إن كان فعليا ، ومن لا يكون كذلك تعسر عليه ذلك .

ومنها : أن من أراد أن يحيط ويطلع على جميع أحاديث البيع مثلا ، أو أحاديث الصلاة ، أو الزكاة ، أو غيرها ، لم يمكنه ذلك أيضا إلا إذا قلب جميع الكتاب ورقة ورقة ، وهذا أيضا عسر جدا .

ومنها : أن الأبواب والفصول والتراجم بمنزلة الشرح للأحاديث ، وذلك أن بعض الأحاديث مجمل وبعضها مفصل ، وبعضها ذكر فيه سببه وقصته ، وبعضها ليس كذلك .

فلما وجد ذلك قام بعمل على خمس مراحل كانت نتيجته هذا الكتاب ــ كنز العمال ــ الذي نتحدث عنه ، وهذه المراحل هي :

ابو وليد البحيرى
2019-03-21, 10:31 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (63)




ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(12)



مراحل تأليف كنز العمال :
المرحلة الأولى :
جمع أحاديث الجامع الصغير وزوائده وبوبها على حسب الأبواب الفقهية ، وسمى هذا المؤلف الجديد " منهج العمال في سنن الأقوال ".
المرحلة الثانية :
بوّب ما بقي من أحاديث قسم الأقوال من الجامع الكبير على حسب الأبواب الفقهية أيضا ، وسمى هذا المؤلف الجديد " الإكمال لمنج العمال "
المرحلة الثالثة :
جمع الكتابين " منج العمال " و " الإكمال لمنج العمال " معا ، مميزا أحاديثهما ، بأن يضع الترجمة ــ أي العنوان ــ ثم يذكر تحتها ما يناسبها من أحاديث " منهج العمال " ثم يذكر كلمة " الإكمال " ثم يذكر ما يناسبها من أحاديث " الإكمال لمنهج العمال " وسمى هذا التأليف الجديد ( غاية العمال في سنن الأقوال ) .

المرحلة الرابعة:
بوب أحاديث قسم الأفعال من الجامع الكبير على الأبواب الفقهية ، وسماه ( مستدرك الأقوال بسنن الأفعال ).
المرحلة الخامسة:
جمع بين كتابي ( غاية العمال في سنن الأقوال ) و( مستدرك الأقوال بسنن الأفعال ) في مؤلف واحد ، يذكر الكتاب من غاية العمال ثم يذكره من مستدرك الأقوال ، فمثلا يذكر كتاب الإيمان من غاية العمال ــ أي الأحاديث القولية ــ وبعد أن تنتهي أحاديثه يذكر كتاب الإيمان من المستدرك ــ أي من الأحاديث الفعلية ــ وسمى هذا المؤلف ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ).
تساؤل يطرح نفسه :
قد يسأل سائل : لم فصل أحاديث " الإكمال " عن أحاديث " منهج العمال " مع أنهما جزءا كتاب واحد ، هو " الجامع الكبير " ؟
والجواب : أن الرجل كان أمينا ، فإنه لما وجد السيوطي قد أعلى الجامع الصغير في المنزلة على الجامع الكبير أراد أن يجعل أحاديث الجامع الصغير على حدتها ، فهي التي قال صاحبها في الكتاب الذي جمعها : وبالغت في تحرير التخريج فتركت القشر وأخذت اللباب .
ولقد بلغ من أمانة الرجل أنه ذكر مقدمة السيوطي للجامع الصغير ولزوائده ، وللجامع الكبير قسم الأقوال ، ولقسم الأفعال ، كل ذلك حتى يكون استوفى كل ما قاله السيوطي في هذه الكتب الثلاثة .
وهو إذ يذكر الأحاديث إنما يعقبها بما ذكره السيوطي من :
· عزوها لمن أخرجها من الأئمة .
· ذكر الراوي الأعلى .
· الكلام عليها من حيث الصحة والضعف .
متبعا نفس رموزه التي وضعها للجامع الصغير وللجامع الكبير ، وعلى هذا نستطيع أن نقول : إن كتاب ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال) إنما هو كتاب الجامع الكبير للسيوطي ، مضافا إليه زيادات " الجامع الصغير " و" زيادة الجامع " مرتبا على الموضوعات ، مقدمة أحاديثه القولية على الفعلية.

ابو وليد البحيرى
2019-03-21, 10:34 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (64)



ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(13)





ترتيب الكتاب :

وبعد أن رتب الأحاديث على الموضوعات بأن وضع كل مجموعة أحاديث تحت الباب الذي يناسبها ، وكل مجموعة أبواب تحت الكتاب الذي يناسبها ، بعد ذلك رتب الكتب على حروف الهجاء فابتدأ بالكتب التي أولها همزة وهي : الإيمان ، ثم الأذكار ، ثم الأخلاق ، ثم الإجارة ، ثم الإيلاء ، وأتبعها بالكتب التي أولها باء ، ثم بالتي أولها تاء ، حتى انتهى إلى آخر حروف المعجم فربت كتبه على السبعين ، ذك لها فهرسا في أول الكتاب ، وذكر لها مصحح الكتاب فهرسا في نهاية الكتاب ، وهو يبدأ في كل كتاب من الكتب داخل ( كنز العمال) بالسنن القولية تحت أبواب متعددة ، فإذا انتهى من السنن القولية ، أعقبها بالسنن الفعلية مرتبا إياها على نفس الأبواب التي ذكرها في السنن القولية .

قال في المقدمة :" فمن ظفر بهذا التأليف فقد ظفر بجمع الجوامع مبوبا مع أحاديث كثيرة ليست في جمع الجوامع ، لأن المؤلف السيوطي- رحمه الله - زاد في الجامع الصغير وذيله أحاديث لم تكن في جمع الجوامع "



طريقة التخريج من الكتاب :

لعل القارئ الكريم بعد أن عرف الكتاب وأصل مادته العلمية وطريقته يكون قد سهل عليه التخريج منه ، إذ ما على الباحث إذا أراد تخريج حديث من كنز العمال إلا أن يتأمل حديثه أولا ، لمعرفة من أي كتاب هو ، يعني هل هو من كتاب الإيمان ؟ أو الصلاة ؟ أو الزكاة .. إلخ ، فإذا ما حدد الكتاب فعليه أن يتصفح أبوا هذا الكتاب في الفهرس ليرى أي باب يكون فيه الحديث ، ثم يفتح هذا الباب من الكتاب ويتتبع أحاديثه فسوف يجد - بإذن الله تعالى - حديثه ، فإذا ما وقف على حديثه فعليه أن يفك رموزه ، ويعزوه لمن ذكر المؤلف أنه أخرجه من الأئمة ، علما بأن رموز الكتاب هي رموز الجامع الصغير والجامع الكبير للسيوطي ، وقد تقدم ذكرها .

مميزات الكتاب :

1 - ترتيبه على الأبواب الفقهية ، وفي ذلك من اليسر ما فيه .

2 - أنه كنز لمن أراد الاستفادة الموضوعية به ، فمن رام أحاديث موضوع معين وجدها فيه مجموعة مرتبة ، معزوة لمن أخرجها من الأئمة ، مدروسة في الغالب من حيث الصحة والضعف .

المآخذ على الكتاب :

يؤخذ على الكتاب أنه قسم الأحاديث فأبعدها عن بعضها ، فجعل أحاديث المنهج ( منهج العمال ) منفصلة عن أحاديث الإكمال ، وهي إذ تمثل أحاديث الأقوال منفصلة عن أحاديث الأفعال ، وليته أدخل كل ذلك في بعضه مميزا بكلمة تسبق الحديث ، وقد اعترف المؤلف بهذا المأخذ ، واستدركه في كتابه ( منتخب كنز العمال ).

ابو وليد البحيرى
2019-03-26, 03:00 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (65)


ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(14)


ثانيا : مفتاح كنوز السنة
التعريف بالكتاب : هذا الكتاب يعتبر فهرس حديثي مرتب على الموضوعات،رتبه المستشرق الهولندي د /أرند جان فِنْسنْك ت1939م ، وقد صنفه باللغة الإنجليزية ، ثم نقله إلى اللغة العربية وصحح أخطاؤه وقابل نصوصه محمد فوائد عبد الباقي ــ رحمه الله تعالى ،وهو فهرس لأربعة عشر كتاباً من مشاهير كتب السنة وأمهاتها ، ودليل على ما في تلك الكتب من الأحاديث والتي جمعت بين السنة والسيرة بما فيها المغازي والرجال وهذه الكتب هي :
1ــ صحيح البخاري
2ــ صحيح مسلم
3ــ سنن أبي داود
4 ــ جامع الترمذي
5 ــ سنن النسائي
6ــ سنن ابن ماجه
7 ــ سنن الدارمي
8 ــ مسند أحمد
9 ــ مسند زيد بن علي
10ــ مسند أبي داود لطيالسي
11ــ موطأ مالك
12ــ مغازي الواقدي
13ــ سيرة ابن هشام
14 ــ طبقات ابن سعد
وقد مكث هذا المستشرق في تأليف الكتاب مدة عشر سنوات ، وترجمه وصححه محمد فؤاد عبد الباقي بالقاهرة عام 1352هـ في ما يقارب أربع سنوات .
الهدف من تأليف الكتاب : إن الهدف الذي تغياه المصنف من تأليف هذا الكتاب هو سرعة وصول الباحث للحديث إذا كان يبحث في موضوع معين ،فمثلا يكتب كلمة ( السحر) ويكتب تحتها أماكن وجودها في هذه المجموعة من الكتب ، فإذا تجمعت عنده معلومات كثيرة تحت كل ترجمة (أي العنوان) جعل هذه المعلومات تحت عناوين فرعية ، يذكر تحت كل عنوان أماكن وجودها في هذه المجموعة من الكتب .
مثال على ذلك : وضع ترجمة ــ أي عنوان ــ (الزهد) ووضع تحتها العناوين الفرعية التالية :
1 ــ لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء
2 ــ نهى النبي رجلاً عن غلوه في الزهد
3 ــ يكفيك من جمع المال جمع خادم ومركب في سبيل الله
4 ــ فضل الزهادة
5 ــ حد الزهد
6 ــ الجنة للزاهدين
ثم ذكر تحت كل عنوان من هذه العناوين الفرعية أماكن وجوده في الأربعة عشر كتابا.
وهذه التراجم أو العناوين الرئيسية عنده تشمل :
الموضوعات : كالتوبة ، الدعاء ، الشهداء ، الصلاة ، الطعام .
الأشخاص : كأبي بكر ، وأبي الدرداء ، وداود ، ويحيى ، ويونس .
الأحداث : كأحد ، وبدر ، الساعة ، وصفين .
الأماكن : كالحجر الأسود ، ودمشق ، الصراط ، والصُفَّة .

ابو وليد البحيرى
2019-03-26, 03:03 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (66)


ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(15)
طريقة ترتيب الكتاب :
1ــ رتب المؤلف هذه العناوين الرئيسية على حروف المعجم ، يبدأ بالترجمة التي أولها ألف ، فيبدأ بالألف مع الألف ثم الألف مع الباء ....الخ ثم التي أولها باء على نفس الترتيب السابق ..الخ
2 ــ لم يجرد كلمات الترجمة قبل ترتيبها ، بمعنى أنه في ترتيبها لم يعتمد على أصل الكلمة المجردة ، وعليه لم يضع ترجمة (الأعمال) في حرف العين لأن أصلها (عمل) ، إنما رتب التراجم على ما هي عليه مع إهمال ال التعريف فقط .
مثال توضحي : كلمة التوحيد نجدها في حرف التاء ، ولا نجدها في حرف الواو اعتباراً لأصل الكلمة ( وحد ).
كما أنه لم يراعي أل التعريف ،فكلمة (التسبيح) في التاء ، لأن أوله بعد أل التعريف التاء بغض النظر عن أصله سبح .
3 ــ قد يلتبس على الباحث عند بحثه عن كلمة : هل يبحث عنها في المفرد أو الجمع ، ككلمة (قضاء) هل أجدها في الألف تبعاً للجمع (الأقضية)، أم أجدها في القاف تبعاً للمفرد (قضاء) ، فنجده قد يضع مسائل تتعلق بالأقضية تحت كلمة القضاء أو العكس .
رموزه :
(بخ) البخاري في الصحيح ، يذكر فيه رقم الكتاب ورقم الباب .
(مس) مسلم في الصحيح ، يذكر رقم الكتاب ورقم الحديث ، ويلاحظ أنه لم يذكر الأسانيد المكررة التي يذكرها مسلم في صحيحه لتقوية الحديث الأول في الباب الذي يورده كاملاً ، وهو بذلك تجاهل طرق الحديث عند مسلم، وتجاهل الآراء الفقهية عند مالك، وفعله أيضاً في المعجم المفهرس لألفاظ الحديث ، لكنه نبه عليه هنا صراحة، ولم يذكره هناك .
(بد) سنن أبي داود ، يذكر فيه رقم الكتاب ورقم الباب .
(تر) سنن الترمذي، يذكر فيه رقم الكتاب ورقم الباب .
(نس) سنن النسائي ، يذكر فيه رقم الكتاب ورقم الباب .
(مج) سنن ابن ماجه ، يذكر فيه رقم الكتاب ورقم الباب .
(مي) سنن الدارمي ، يذكر فيه رقم الكتاب ورقم الباب .
(ما) موطأ مالك ، يذكر فيه رقم الكتاب ورقم الحديث ، ويلاحظ أنه شمل الأحاديث فقط ولم يشمل الآراء الفقهية .
(حم) مسند أحمد ، يذكر فيه رقم الجزء ورقم الصفحة .
(ط) مسند الطيالسي ، يذكر فيه رقم الحديث .
(ز) مسند زيد بن علي ، يذكر فيه رقم الحديث .
(عد)طبقات ابن سعد ، يذكر فيه رقم القسم إن وجد ورقم الجزء ورقم الصفحة .
(هش) سيرة ابن هشام ، يذكر فيه رقم الصفحة .

(قد) مغازي الواقدي ، يذكر فيه رقم الصفحة .
(ك) أي كتاب (ب) أي باب (ح) أي حديث (ص) أي صفحة (ج) أي جزء (ق) أي قسم
(قا) أي قابل ما بعدها بما قبلها (م م م ) أي الحديث مكرر مرات ، وقد يضع رقما صغيرا فوق رقم الباب أو الصفحة ، وهذا معناه أن الحديث مكرر بقدر الرقم الصغير في الباب أو الصفحة صاحبة الرقم الأصلي

ابو وليد البحيرى
2019-03-26, 03:05 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (67)



ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(16)

طريقة التخريج من الكتاب :
هذا الكتاب مصنف للتخريج حسب موضوع الحديث ، فإن كان الموضوع الذي أبحث عنه عن (الدعاء) مثلاً فهو يبين أماكن وجود أحاديث الدعاء في الكتب الأربعة عشر ، وإن كان الموضوع عن (انشقاق القمر) فيبحث عنه في ترجمة : محمد بن عبد الله رسول الله ، تحت عنوان وضعه تحت هذه الترجمة ، يذكر أماكن وجود أحاديث انشقاق القمر في البخاري ومسلم ومن ذكرها من الكتب الأربعة عشر .
مثال توضيحي : حديث أبي هريرة "من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه " موضوع الحديث ( الأرحام أو الرحم) فإذا بحثنا في الأرحام نلاحظ أنه يحيلني إلى الرحم ، وفي الرحم نجده تحت عناوين كثيرة تصل إلى ثلاثة وعشرين ، فنبحث عن أقرب هذه العناوين للحديث الذي معنا ، فنجده تحت عنوان (أجر صلة الرحم) وقد ذكر التالي بخ ـ ك 78 ب 12 قا 13 ، مس ـ ك 45 ح 16 و17 و20 ـ 22 ، تر ـ ك 25 ب 9 و49 ، حم ـ ثان ص 189 و 484 ، ثالث ص 156و 229 و 247 و 266 وخامس ص 279 .
بيان ذلك : راجع البخاري كتاب 78 باب رقم 12 قابل باب 13 ، مسلم كتاب رقم 45 حديث 16 و17 و20 ـ 22 ، ترمذي كتاب رقم 25 باب رقم 9 و49 ، أحمد ـ الجزء الثاني صفحة 189 و 484 ، الجزء الثالث صفحة 156و 229 و 247 و 266 والجزء الخامس ص 279.
مميزاته:
1 ــ يعين الباحث في موضوع معين بإرشاده إلى أماكن وجود أحاديث هذا الموضوع من أربعة عشر كتاباً جمعت بين السنة والسيرة وكتب الرجال ، بمعنى أنها تفيد في البحث الموضوعي .
2 ــ أنه يتعرض لبيان أماكن ورود تراجم الأشخاص والأماكن والأحداث ، فليس حكراً على الموضوعات فقط ، وإنما هو أعم من ذلك ، يذكر الترجمة وبعض الأمور المتعلقة بها في أربعة عشر كتاباً ، كترجمة أبي بكر ، وعمر، وداود النبي عليه السلام ، ويونس ويوسف عليهما السلام ، والأماكن: كالعقبة ومكة ، و الأحداث كبدر وأحد .
3 ــ أحتوى على مادة علمية في أربعة عشر كتاباً .
4 ــ لا يحتاج الباحث لمعرفة راوي الحديث أو اللفظ الأول من المتن أو كلمة منه ، إنما يحتاج لمعرفة موضوع الحديث فقط .
5 ــ أنه يحدد موضع الحديث ، فيذكر رقم الباب أو رقم الحديث أو الجزء أو الصفحة .
6 ــ يمتاز بصغر الحجم فيقع في مجلد واحد .
ويؤخذ عليه :
1 ــ عدم الدقة في الترتيب ، فأحيانا يرتب على اعتبار الكلمة وهي جمع وأحياناً وهي مصدر، ولو أنه رتب على أصل الكلمة لكان أسهل .
2 ــ وقوع بعض الأخطاء اللغوية فيه .
3 ــ اعتماده على طبعات معينة قد لا تتوفر للباحث ، فلو اعتمد على موضوعات كل كتاب ويرجع الباحث للفهرس ومن خلال الموضوع ليعرف صفحته لكان أسهل ، ولكن بتقديم أو تأخير باب قد يصل لحديثه المطلوب .
ومع كل هذا فالكتاب نافع ومفيد،يمكن الاستفادة منه،رغم أخطاء البشر .

ابو وليد البحيرى
2019-03-30, 04:16 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (68)



ثانياً: كتب المعاجم والفهارس(17)


مميزات هذه الطريقة :
لقد عرفنا فيما سبق بطريقة تخريج الحديث حسب موضوع الحديث ، وعرضنا لكتبها إجمالا ، وعرفنا بكتابين من كتبها تفصيلا ، ويبقى أن نذكر الباحث بمميزاتها وعيوبها حتى يكون على بينة وبصيرة ، أما مميزاتها فهي :
1 ــ أنها لا تحتاج إلى معرفة الراوي الأعلى ، ولا اللفظ الأول من المتن ولا كلمة غريبة من المتن ، بل تحتاج معرفة معنى الحديث ليستشف الباحث منه موضوعه .
2 ــ توفر الوقت والجهد على الباحث ، لأنها تعتبر كتب أصيلة يرجع لها الباحث مباشرة .
3 ــ تربي في الباحث ملكة فقه الحديث ، فمن كثرة التخريج بهذه الطريقة تربي في الباحث القدرة على معرفة فقه الحديث .
4 ــ هذه الطريقة توقف الباحث على الحديث المطلوب والأحاديث التي في موضوعه مما يساعد الباحث على تدقيق المسألة .
عيوب هذه الطريقة :
1 ــ قد لا يكون لدي الباحث الذوق الفقهي فلا يستطيع استشفاف معنى الحديث ، بمعنى أن قدرة الاستنباط لا تكون عند الكل واحدة فمنهم من يستطيع أن يستخلص المعنى الفقهي ومنهم من لا يستطيع .
2 ــ إن رأي الباحث قد لا يتفق مع رأي المصنف في معنى الحديث ، فقد يضعه في باب لا يعتقد الباحث وجوده فيه ، لأن وضع الحديث تحت باب أو كتاب بعينه يعود لاجتهاد المصنف ، وقد يحتاج إلى وقت طويل لتخريجه ، وقد يستعين بطرق أخرى للتخريج بعد الاستعانة بالله .
ومع هذين المأخذين فبكثرة الإطلاع على كتب السنة تصبح عند الباحث دربة ومعرفة بمناهج الأئمة وكيفية ترتيبهم لموضوعات كتبهم .

ابو وليد البحيرى
2019-03-30, 04:18 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (69)



الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(1)



متى نلجأ إلى هذه الطريقة:
نلجأ لهذه الطريقة بعد إمعان النظر في أحوال الحديث وصفاته التي تكون في متن الحديث أو سنده ، ثم البحث عن مخرج ذلك الحديث عن طريق معرفة تلك الحالة أو الصفة في المصنفات التي أفردت لجمع الأحاديث التي فيها تلك الصفة في المتن أو السند.
والأمثلة علي ذلك كثيرة سنقتصر في الصفحات التالية على بعضها ليقاس عليها غيرها ، ونبدأ بالصفات أو الأحوال التي في المتن ثم التي في السند ثم التي فيهما جميعا .
أولا : صفات المتن:
ومن أنواع الحديث التي تندرج تحت هذا القسم:
1 ــ الحديث القدسي:
إذا كان الحديث من الأحاديث القدسية ، وهي التي يضيفها ويسندها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه من غير القرآن الكريم، فأقرب الطرق للبحث عنه هي الكتب التي أفردت لجمع الأحاديث القدسية، فإنها تذكر الحديث وتذكر من أخرجه فمنها:
1 ــ " مشكاة الانوار في ما روي عن الله سبحانه وتعالي من الأخبار" لمحي الدين محمد بن علي بن عربي الحاتمي الاندلسي(ت 638هـ ) جمع فيه مائة حديث وحديثا واحدا بأسانيدها .
2 ــ المقاصد السنية في الأحاديث الإلهية : لأبي القاسم علي بن بلبان المقدسي المتوفي سنة 739هـ .
روى في هذا الكتاب بإسناده مائة حديث قدسي ، منها الصحيح ، ومنها الحسن ، ويوجد فيها الضعيف ، والموضوع ولكنه قليل ، ويعزو كل حديث إلى مصدره ، وقد ضمن كتابه حكايات وعظية واشعارا زهدية ، وليس للكتاب ترتيب معين ، والكتاب مطبوع بتحقيق محيي الدين مستو ، والدكتور حمد عيد الخاطر .
3 ــ الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية : للمناوي ( ت 1031 هـ )جمع فيه ( 273 ) حديثا بدون السند ، وعزاها إلى مصادرها ، ورتبها على حروف المعجم ، وهو مطبوع .
4 ــ الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية : للشيخ محمد بن محمود المدني ( ت1200 هـ) جمع فيه ( 863) حديثا بدون السند ، وعزاها إلى مصادرها ، وقسمها في ثلاثة أبواب، وخاتمة :
الأول : في الأحاديث المبدوءة بـ( قال ) .
والثاني : في المبدوءة بـ ( يقول ).
والثالث : فيما لم يصدر بهما ، بل يذكر في أثناء الحديث كلام الله ممزوجا بالحديث.
والخاتمة : فيما يتعلق بتعريف الحديث القدسي وما يتعلق به .وهو مطبوع .
5 ــ الأحاديث القدسية : تأليف مجموعة من العلماء ، جمعوا فيه ( 400 ) حديث بأسانيدها من الكتب الستة وموطأ مالك ، ورتبوها على الأبواب ، وشرحوها ، وهو مطبوع،طبعه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر .
6 ــ جامع الأحاديث القدسية : تأليف أبي عبد الرحمن عصام الدين الضبابطي ، والكتاب من أوسع المصنفات في الأحاديث القدسية ، جمع فيه مؤلفه ألفا وخمسين حديثا قدسيا ، وهو يعزو كل حديث إلى مصدره الأصلي ، ويحقق الأسانيد ، ويحكم على الأحاديث ، ويشرح الغريب ، وللكتاب جملة فهارس تيسر على الباحث المراجعة فيه ، وهو مطبوع .

ابو وليد البحيرى
2019-03-30, 04:22 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (70)



الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(2)



2 ــ مختلف الحديث ومشكله :
إذا كان الحديث المراد تخريجه من هذا النوع ، فإن الكتب المصنفة في هذا الفن تساعد في تخريجه ، فضلا عن الفائدة الأهم لهذه المصنفات ، وهي التوفيق بين الأحاديث التي في ظاهرها التعارض ، ومن الكتب المؤلفة في هذا الفن :
1 ــ اختلاف الحديث : للإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، والكتاب مطبوع في ذيل الأم ، ومطبوع وحده .
وقد روى الشافعي فيه أحاديث كثيرة في ظاهرها التعارض ، ولكن الشافعي يوفق بينها ، وقد يرجح حديثا على آخر لسبب ما ، أو يبين أن حديثا ناسخ لآخر ، والأحاديث مقسمة على أبواب الفقه ، لكن على غير الترتيب المعروف ، فهو يذكر نكاح البكر ، ثم بابا في النجش ، وينتقل إلى غسل القدمين وهكذا .
2 ــ شرح مشكل الآثار : للإمام المحدث الفقيه المفسر أبي جعفر احمد بن محمد ابن سلامة الطحاوي المتوفى سنة 321هـ .
وهو من أفضل ما صنف في هذا الفن ، وقد قسمه المصنف على الأبواب ، لكنه لم يراع ضم كل باب إلى شكله ، فنجد أحاديث الوضوء مثلا متفرقة من أول الكتاب إلى آخره ، وكذلك بالنسبة لسائر الموضوعات .لكن قد قيض الله لهذا الكتاب من رتبه ترتيبا متميزا تجاوز فيه المشكلة السابقة وضم كل حديث إلى نظيره في بابه ، وهو الشيخ أبو الحسن خالد محمود الرباط ، وسمى الكتاب : ( تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار ) وهو مطبوع في عشرة مجلدات بدار بلنسية .
ويتميز كتاب الطحاوي عن سائر ما ألف في هذا العلم بالاستيعاب والشمول وغزارة المادة ، وطول النفس في جلاء المعنى وإزالة التعارض ، والبراعة في نقد الحديث سندا ومتنا ، وعدة ما في الكتاب من الأحاديث بحسب النسخة المحققة ستة آلاف ومائة وسبعون حديثا .
3 ــ كتاب تهذيب الآثار : للإمام أبي جعفر ابن جرير الطبري ، وهو كتاب يتضمن كثيرا من الأحاديث التي يبدو في ظاهرها التعارض ، أو فيها إشكال ما ، وقد عالج الإمام الطبري هذا التعارض ، وأزال الإشكالات، وهو كتاب كبير ، مرتب على المسانيد ، وقد فقد معظمه ، وبقيت منه قطعة من مسند ابن عباس وعلى وعمر ، وقد طبع في أربعة مجلدات ، بتحقيق : محمد أحمد رشيد ومحمود شاكر ، ثم طبع بعد ذلك مجلد خامس .

ابو وليد البحيرى
2019-03-31, 06:03 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (71)



الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(3)





3 ــ ناسخ الحديث ومنسوخه :

إذا كان الحديث الذي نود تخريجه من هذا النوع ، فيستعان بمصنفات ناسخ الحديث ومنسوخه ، ومنها :

1 ــ ناسخ الحديث ومنسوخه : للحافظ الإمام أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين المتوفى سنة 385 هـ .

وقد أورد ابن شاهين في كتابه هذا ستمائة وستة وسبعين حديثا يرويها بإسناده ، وقد يعلق عليها ويقارن بينها من حيث القوة أو الضعف .

وقد يذكر مذاهب الصحابة والأئمة فيما يورده من مسائل فقهية ، لكنه روى الكثير من الأحاديث واهية الأسانيد زعم بأنها ناسخة ، ومثلها لا يصلح للنسخ .

2 ــ الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار : للإمام الحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي المتوفى سنة 584 هـ .

جمع الإمام الحازمي في كتابه هذا أحاديث ناسخة وأخرى منسوخة ، وهو يحقق الأسانيد ، ويذكر المذاهب الفقهية فيما يورده من مسائل مع ذكر الأدلة والراجح منها ، والكتاب مرتب على أبواب الفقه ، وهو من الكتب المهمة والمتميزة في هذا الباب .

3 ــ رسوخ الأحبار في منسوخ الآثار : لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري المتوفى سنة 732 هــ .

والكتاب مرتب بحسب موضوعات الفقه ، وقد سار على نهج الحازمي في كتاب الاعتبار واستفاد منه كثيرا ، وهو متأثر بمذهب الشافعية حيث إنه ينتصر لهم ، ويرجح مذهبهم ، مع أن الصواب قد يكون مع غيرهم ، وهو يذكر الأحاديث في الموضوع المعين ، ويذكر من رواها ، ثم من عمل بها من الصحابة والفقهاء ، وهكذا بالنسبة لما يعارضها من أحاديث ، ويحاول الجمع بين الأدلة دون اللجوء إلى النسخ ، والكتاب مطبوع ومحقق .

ابو وليد البحيرى
2019-03-31, 06:06 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (72)



الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(4)




النوع الرابع من المصنفات في تخريج الحديث بحسب صفة في المتن:
4 ــ أسباب ورود الحديث .
إذا كان الحديث المراد تخريجه له سبب ورود ــ وهو الأمر الذي صدر الحديث من الرسول صلى الله عليه وسلم بشأنه ، وقد يذكر في الحديث ، وقد يغفل ــ فعلينا أن نلجأ إلى أحد الكتب الآتية .

1 ــ أسباب ورود الحديث الشريف ، أو اللمع في أسبا الحديث .
للحافظ جلال الدين السيوطي ، المتوفى ( 911هـ )، وقد رتبه على الأبواب ، يذكر الحديث مكتفيا بالراوي الأعلى ، ويصدره بمن خرجه ، ويذكر بعده سبب وروده ، مات قبل إتمامه ، وعدد الأحاديث المذكورة (233) ، طبع بتحقيق : الدكتور يحيى إسماعيل أحمد ، طبعته دار الكتب العلمية ببيروت عام 1404هـ
2 ــ البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف .
لابن حمزة الحسيني إبراهيم بن محمد بن كمال الدين المشهور بابن حمزة الدمشقي المتوفى سنة ( 1120هـ ).
ــ رتب الأحاديث التي جمعها على حروف المعجم .
ــ يذكر متن الحديث أو طرفه ، ويذكر بعده سبب وروده .
ــ يذكر من أخرج الحديث من أئمة الحديث .
ــ اكتفى بالراوي الأعلى الذي روى الحديث .
ــ يذكر كل روايات الحديث خصوصا إذا ورد بألفاظ متعددة .
ــ تكلم على أسانيد بعض الأحاديث ، ناقلا كلام العلماء فيها .
طبع عدة طبعات ، منها بتحقيق الدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم في ُلاثة مجلدات ، طبعة دار الكتب العلمية ، ببيروت .

ابو وليد البحيرى
2019-03-31, 06:08 PM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (73)


الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(5)


ثانيا : التخريج بمعرفة صفة السند
ومن أنواع الحديث التي تندرج تحت هذا القسم .
النوع الأول : المتواتر .
فإذا علم الباحث أو غلب على ظنه أن الحديث الذي بين يديه متواتر فإنه يمكنه الاستفادة في تخريجه من الكتب التي جمعت الأحاديث المتواترة ، ومن الكتب التي صنقت في الأحاديث المتواترة .
أ ــ الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة .
للحافظ جلال الدين السيوطي ، المتوفى ( 911 هـ ) ، رتبه على الأبواب الفقهية ، وجمع فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعدا ، مستوعبا فيه كل حديث بأسانيده وطرقه وألفاظه ، فجاء كتابا حافلا لم يسبق ــ كما قال ــ إلى مثله،وعددها( 111 ) حديثا .
ب ــ الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة .
للحافظ السيوطي أيضا ، اختصر فيه كتابه " الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة " فذكر كل الأحاديث التي في " الفوائد " وعددها أحد عشر ومائة حديث ، ورتبها على الأبواب الفقهية ، ويذكر عقب الحديث عدة من رواه من الصحابة مقرونا بمن رواه من الأئمة المشهورين صراحة على سبيل الاستيعاب ، مستخدما الإجمال في العزو إلى المصادر .
ج ــ لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة .
لأبي الفيض محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي ، المتوفى سنة خمس ومائتين وألف ( 1205 هـ )
جمع فيه جملة من الأحاديث المتواترة ، والتي رواها عشرة من الصحابة فصاعدا وأعرض عن ذكر الأحاديث التي رواها دون ذلك لكثرتها ، وعدد الأحاديث التي جمعها ( 71 ) حديثا بأسانيدها ، ورتبها على الأبواب ، وقد طبع الكتاب بتحقيق : محمد عبد القادر عطا ، بدار الكتب العلمية ، ببيروت عام 1405 هـ
د ــ نظم المتناثر من الحديث المتواتر .
لأبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني ، المتوفى سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وألف ( 1345 هـ )
جمع فيه جملة من الأحاديث المتواترة ، وأضاف إليها الأحاديث التي جمعها السيوطي في كتابه " الأزهار المتناثرة " وميزها بقوله : " أورده في الأزهار من حديث فلان " فجاء الكتاب جامعا لكثير من الأحاديث المتواترة ، وعددها ( 310) حديثا ، ورتبها على الأبواب الفقهية ، ويذكر عقب الحديث عدة من رواه من الصحابة مقرونا بمن رواه من الأئمة المشهورين صراحة على سبيل الاستيعاب ، مستخدما الإجمال في العزو إلى المصادر تارة ، وتارة يستخدم التفصيل ، وينقل كلام العلماء حول الحديث ورواته ، وقد طبع الكتاب بدار الكتب العلمية ، ببيروت عام 1403 هـ .

ابو وليد البحيرى
2019-04-07, 04:25 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (74)




الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(6)




النوع الثاني : المرسل .
إذا كان الحديث المراد تخريجه من هذا النوع فيمكن الاستعانة في تخريجه بكتب المراسيل ومنها .
1 ــ المراسيل : لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، صاحب السنن،المتوفى سن ( 275 هـ) جمع الإمام أبو داود في كتابه هذا ( 544 ) حديثا مرسلا ، ورتبه على الأبواب الفقهية ، فإذا كان الحديث المراد تخريجه مرسلا وأردت أن تعرف إسناده من أجل دراسته والحكم عليه ، فإنك قد تجده في هذا الكتاب ، علما بأن غالب هذه المراسيل عن أهل العدالة والضبط ، وقد طبع الكتاب بتحقيق : الشيخ شعيب الأرناؤوط ، طبعته مؤسسة الرسالة ، ببيروت عام 1408 هـ .
2 ــ المراسيل : للحافظ أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي ، المتوفى سنة ( 327 هـ ).
ذكر ابن أبي حاتم في كتابه هذا قريبا من خمسمائة رجل ممن يوجد في مروياتهم إرسال ، ورتبهم على حروف المعجم ، مع الأخذ في الاعتبار أنه لم يستعمل المرسل بمعناه المشهور المتداول ، وهو قول التابعي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه استعمله بمعناه الأعم ، وهو ما كان في إسناده انقطاع في أي جزء من السند .
والكتاب يرويه ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة الرازيين ، ولا غنى للمشتغل في التخريج عنه إذ إنه يرشد إلى الكثير من الأسانيد المنقطعة التي يظن بأنها متصلة في حين أن فيها انقطاعا .
ووجه الاستفادة بهذا الكتاب من حيث إن مؤلفه قد يذكر بعض الأحاديث المرسلة في تضاعيف التراجم التي تضمنها هذا المرجع .
وقد طبع هذا الكتاب ، قامت بطباعته ونشره دار الكتب العلمية ، ببيروت .
3 ــ جامع التحصيل في أحكام المراسيل .
للحافظ أبي سعيد بن خليل بن كيكلدي العلائي ، المتوفى سنة ( 761 هـ ) ، رتبه على ستة أبواب :
الباب الأول : في حد المرسل والفصل بينه وبين غيره .
الباب الثاني : في ذكر مذاهب العلماء في قبول الحديث المرسل والاحتجاج به أو رده .
الباب الثالث : في ذكر الأدلة الدالة للأقوال المتقدمة .
الباب الرابع : في فروع وفوائد وتنبيهات وأمثلة يذنب ــ أي يتبع بها ــ ما تقدم وتتم الفائدة إن شاء الله تعالى .
الباب الخامس : في بيان المرسل الخفي وطرق معرفته مع ذكر بعض الأمثلة .
الباب السادس : في معجم الرواة المحكوم علي روايتهم بالإرسال ، ورتبهم على حروف المعجم ، ثم بعد الانتهاء من الرواة المعروفين بأسمائهم عقد فصلا في الكنى وفصلا آخر فيما كان من ذلك عن النساء أو المبهمات .
شرط الحافظ العلائي ألا يذكر فيه إلا الرواة الثقات المحتج بهم ، الذين رووا أحاديث مرسلة أو دلسوها .
طبع الكتاب بتحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي ، طبعته عالم الكتب ، ببيروت عام 1407 هـ .
4 ــ تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل .
لولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين أبي زرعة العراقي ، المتوفى سنة ( 826هــ ) ، زاد ولي الدين في كتبه هذا على العلائي جملة من الرواة مميزا ما زاده العلائي على أبي حاتم في أثناء الترجمة بقوله في أوله : " قال العلائي " وفي آخره " انتهى" وما زاده عليه من ترجمة كاملة برقم صورة ( ع ) مقابله أو فوقه ، وما زاده هو في أثناء ترجمة بقوله في أوله :( قلت ) ، وفي آخره : (انتهى ) وما زاده من ترجمة كاملة برقم ( ز ) مقابله أو فوقه .
وقد طبع الكتاب بتحقيق : عبد الله نوارة ، وطبعته مكتبة الرشد بالرياض عام (1999م).

ابو وليد البحيرى
2019-04-07, 04:27 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (75)


الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(7)






النوع الثالث : من روى عن أبيه عن جده .

النوع الثالث من الكتب المستعملة في هذا الباب هي كتب ( من روى عن أبيه عن جده ) ، فإذا كان في إسناد الحديث الذي يراد تخريجه من يروي عن أبيه عن جده ، فيمكن الاستعانة في تخريجه بكتاب ( من روى عن أبيه عن جده ) للقاسم بن قطلوبغا ، المتوفي سنة ( 879 هــ ) . وقد جعله في بابين :

الباب الأول : ويشتمل على أنواع من روايات الأبناء الأباء ، ورواية الأباء عن الأبناء ، وذلك على النحو التالي :

1 ــ ما يعود الضمير في قوله ( عن أبيه عن جده ) على الراوي الأول ، أي أن الجد هو جد الراوي الأول وليس جد أبيه ، وهذا النوع هو معظم الكتاب .

2 ــ ما يعود الضمير في ( جده ) على الأب إذا ورد السند بقوله ( عن أبيه عن جده ) أي أن الجد هو جد أب الراوي المذكور في السند ، وليس جده هو .

3 ــ ما رواه جد الراوي المذكور في السند عن أبيه .

4 ــ ما رواه الراوي المذكور في السند عن جده ، ورواه جده عن جده .

الباب الثاني : ويشتمل على ما رواه الراوي عن آبائه ، وكان عددهم يزيد على الثلاثة .

والمؤلف يعزو كل حديث إلى من أخرجه ، ويتكلم عليه من حيث الصحة أو الضعف ، وفي الكتاب جملة من الفوائد .

وطبع التاب بتحقيق الدكتور : باسم الجوابرة ، ونشرته مكتبة المعلا ، بالكويت .

النوع الرابع : المنفردات والوحدان .

إذا كان الحديث المراد تخريجه تفرد راو بروايته عن آخر أو عن جماعة ، وذلك كتفرد الشعبي عن عروة بن مضرس ، وتفرد قيس بن حزم عن مرداس الأسلمي ، وتفرد حماد بن سلمة عن هشام بن عروة الفزاري ، وتفرد محمد بن مسلم الزهري عن نيف وعشرين من التابعين لم يرو عنهم سواه ، وتفرد مالك بن أنس عن عشرة من شيوخ المدينة وغير ذلك ، فعلينا أن نلجأ إلى أحد الكتب الآتية :

1 ــ المنفردات والوحدان للإمام مسلم بن الحجاج ، وهو مطبوع .

2 ــ الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم ، وهو مطبوع .

ابو وليد البحيرى
2019-04-07, 04:29 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (76)



الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(8)


النوع الخامس : كتب تواريخ البلدان .
إذا كان الحديث المراد تخريجه مداره على راو عرف ببلد معين ، فعلينا أن نستعين بكتب تواريخ المدن والبلدان ، ومنها :
1 ــ كتب تواريخ مكة المكرمة ، كتاريخ مكة للأزرقي ، وهو مطبوع .
2 ــ كتب تواريخ المدينة المنورة ، كتاريخ المدينة لابن شبة ، وهو مطبوع.
3 ــ كتب تواريخ الشام ، ككتاب تاريخ دمشق لابن عساكر ، وهو مطبوع .
4 ــ كتب تواريخ العراق ، كتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، وهو مطبوع .
5 ــ كتب تواريخ واسط ، وأصبهان ، ونيسابور ، وجرجان ، وبخارى وغير ذلك .
النوع السادس : كتب رواية الأقارب والأقران والأكابر عن الأصاغر .
إذا كان الحديث المراد تخريجه من رواية الأباء عن الأبناء ، كرواية العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل بن عباس ــ رضي الله عنهما ، ورواية أبي بكر الصديق عن ابنته عائشة ــ رضي الله عنهما ، ورواية أنس بن مالك عن ابنته أمينة ، فعلينا الرجوع إلى :
1 ــ كتاب " رواية الأباء عن الأبناء " للخطيب البغدادي .
وإذا كان الحديث المراد تخريجه من رواية الأخوة والأخوات بعضهم عن بعض ، فعلينا الرجوع إلى :
2 ــ كتاب " الأخوة والأخوات " لمسلم .
3 ــ كتاب " الأخوة والأخوات " للدارقطني .
وإذا كان الحديث المراد تخريجه من رواية الأقران ، وهو أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر ويسمى بالمدبج ، أو أن يروي القرين عن القرين ، ولا يروي الآخر عنه ، ويسمى بغير المدبج ، فعلينا الرجوع إلى :
4 ــ كتاب " المدبج " للدارقطني .
5 ــ كتاب " الامتنان في رواية الأقران " لابن حجر .
وإذا كان الحديث المراد تخريجه من رواية الأكابر عن الأصاغر ، كأن يروي الراوي عمن دونه في السن ، أو في اللقي ، أو في القدر ، فعلينا الرجوع إلى :

6 ــ كتاب " الأكابر عن الأصاغر " لإسحاق بن إبراهيم المنجنيقي ( ت 304 هـ ) 7 ــ كتاب " الأكابر عن الأصاغر" لمحمد بن حميد بن سهل المخزومي( 360 هـ)

ابو وليد البحيرى
2019-04-13, 05:11 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (77)



الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(8)






ثالثا : التخريج بمعرفة صفة في السند أو المتن

ومن أنواع الحديث التي تندرج تحت هذا القسم :

1 ــ الحديث الضعيف : فإذا كان الحديث المراد تخريجه ضعيفا أو غلب على ظن الباحث أنه ضعيف فيمكنه الاستعانة بالكتب التي جمعت الأحاديث الضعيفة ، وبالكتب التي صنفت في الضعفاء من الرواة ، فإن هذه الكتب تورد في كثير من الأحيان أحاديث ضعيفة عند الترجمة للضعفاء .

ومن الكتب المصنفة في الأحاديث الضعيفة :

أ ــ العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لعبد الرحمن بن علي بن الجوزي المتوفى ( 597 هـ ) .

وقد جمع فيه الإمام ابن الجوزي أكثر من ألف وخمسمائة حديث من الأحاديث الواهية ، ورتبه على كتب الفقه ليسهل الانتفاع به ، قال في مقدمته "وقد جمعت في هذا الكتاب الأحاديث الشديدة التزلزل ، الكثيرة العلل ، ورتبته على كتب الفقه ليسهل الأخذ به "وهو يفصل القول عند كل حديث مبينا سبب ضعفه مسترشدا بأقوال جهابذة هذا الفن فأتى كتابه جامعا لأقوال من تقدمه .

وقد انتقده بعض العلماء في كثير من الأحاديث ، قال السخاوي : " ثم العجب إيراد ابن الجوزي في كتابه العلل المتناهية كثيرا مما أورده في الموضوعات ، كما أورد في الموضوعات كثيرا من الأحاديث الواهية "(1).

وقد حقق الكتاب إرشاد الحق الأثري ، وقامت بنشره دار نشر الكتب الإسلامية ، لاهور ، باكستان ، كما طبع بدار الكتب العلمية في بيروت بتحقيق خليل الميس في مجلدين .

ب ــ حسن الأثر فيما فيه ضعف واختلاف من حديث وخبر وأثر للشيخ محمد بن درويش الشهير بالحوت البيروتي ، المتوفى ( 1276 هـ ) والمؤلف في هذا الكتاب يبين ما في الأحاديث والأخبار والآثار التي جمعها في كتابه من ضعف واختلاف ، وهو يذكر مواضعها في مصادرها مع بيان درجتها ، والكتاب مرتب على أبواب الفقه ، وقد قامت بنشره دار المعرفة ببيروت .

ج ــ سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني .

وهو كتاب جمع فيه مصنفه الأحاديث الضعيفة والموضوعة وجعلها موضوع كتابه ، وهو يحقق الأسانيد ويعزو الأحاديث إلى مصادرها ويحكم عليها .

وقد طبع الكتاب في ثلاثة عشر مجلدا ، في كل مجلد فهارس تسهل البحث فيه والاستفادة منه .















(1) فتح المغيث ( 1 / 107 ) .

ابو وليد البحيرى
2019-04-13, 05:13 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (78)




الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(9)



ومن الكتب المصنفة في الرواة الضعفاء :
أ ــ الضعفاء الكبير للحافظ أبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي ، المتوفى ( 322 هـ )
ولم يكثر الإمام العقيلي في كتابه هذا من ذكر الأحاديث في تراجم الرواة كما فعل ابن عدي في كتابه ( الكامل ) ، وأحيانا لا يذكر إلا حديثا واحدا ، والأحاديث التي يذكرها من نوع الواهي والضعيف والمنكر ، وينبه إذا صح الحديث بإسناد أخر. وفيه فائدة هامة وهي : أنه إذا لم يصح في الباب شيء نص على ذلك ونبه إليه ، وهي فائدة قلما توجد في كتب الحديث ، والكتاب مطبوع عدة طبعات ، منها طبعة بتحقيق الدكتور مازن السرساوي ، ولعلها أجود طبعاته .كما طبع بتحقيق عبد المعطي قلعجي بدار الكتب العلمية في بيروت .
ب ــ الكامل في ضعفاء الرجال للإمام الحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ، المتوفى ( 365 هـ )
وقد حاول الإمام ابن عدي في هذا المصنف أن يستوعب الرواة الضعفاء واتلمتكلم فيهم من الثقات ، ولهذا سماه ( الكامل ) ، ولكن فاته شيء كثير .
ومنهج المؤلف في هذا الكتاب أن يروي بإسناده جملة من أحاديث الراوي الذي يترجم له ، ويطيل أحيانا حتى إنه يذكر في بعض التراجم أكثر من ثلاثين حديثا ، وهذه الأحاديث إذا كانت في تراجم المتكلم فيهم ، فإنه يذكرها لبيان الأوهام والمناكير الموجودة في رواياتهم ، أو ليبين أنه سبر حديث الراوي فلم يجد ما أخطا فيه ، فيرد عنه كلام من تكلم فيه ، وعدة ما فيه كما ذكر مصنفه اثنا عشر ألف حديث مسند ، ومثلها مقطوع .
وقد حقق الكتاب سهيل ذكار ، وقامت بنشره دار الفكر ، بيروت . كما طبعته دار الكتب العلمية ببيروت ، بتحقيق : عادل أحمد عبد الموجود ، وعلى محمد عوض ، وعبد الفتاح أبو سنة .
ج ــ المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لابن حبان أبي حاتم محمد بن حبان البستي التميمي ، المتوفى ( 354 هـ ) .
فابن حبان هو الآخر يُعنى بذكر بعض الأحاديث الواهية والضعيفة والموضوعة في تراحم الرواة ، والكتاب طبع بتحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي ، وقد طبعته دار الصميعي بالرياض .

ابو وليد البحيرى
2019-04-13, 05:14 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (79)




الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا (10)





النوع الثاني:

ذكرنا في الحلقات السابقة المصنفات التي تندرج تحت النوع الأول من هذا القسم ، وفي هذه الحلقات نواصل الحديث عن النوع الثاني ، وهو :

2 ــ الحديث الموضوع .

إذا ظهرت على الحديث أمارات الوضع كأن يكون ركيكا في لفظه ، أو فاسدا في معناه ، أو مخالفا لصريح القرآن أو السنة المتواترة ، أو أن يكون راويه مرميا بالوضع ، فيبحث عنه في كتب الموضوعات ،والكتب المصنفة في هذا النوع كثيرة من أهمها :

أ ــ الأباطيل والمنكرات والصحاح والمشاهير للجوزقاني أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم بن حسين الهمداني المتوفى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ( 543 هـ ).

_ جمع فيه الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة ، وبين عللها في ضوء أقوال النقاد ، ثم يسرد ما يقابلها من أحاديث وآثار من الصحاح والمشاهير ، مؤكدا بها بطلان هذه الأحاديث تحت عنوان " وفي خلاف ذلك "

_ رتبه على الكتب ، وتحت كل كتاب عدة أبواب تختلف قلة وكثرة من كتاب إلى آخر ، وعدد كتبه ( 17 ) كتابا ، وعدد أبوابه ( 140 ) بابا.

_ يسرد الأحاديث بأسانيده ، وقد بلغت أحاديثه ( 717 ) حديثا ، وهي موزعة على النحو التالي :

( 245 ) حديثا صرح المؤلف أنها مخرجة في الصحيحين أو أحدهما .

( 100 ) حديث من الصحاح والحسان أو مما سكت عنه .

( 270 ) حديثا من الموضوعات والمناكير والضعاف .

(156) حديثا من الآثار وفيها الصحيح والضعيف والمنكر والموضوع .

_ يحكم على كل حديث يخالف السنة النبوية فعلا وتركا بالرد ، وهذا يعد ــ كما قرر العلماء ــ تساهلا منه .

قال الإمام الذهبي :" وهو محتو على أحاديث موضوعة وواهية ، طالعته واستفدت منه مع أوهام ، وقد بين بطلان أحاديث واهية بمعارضة أحاديث صحاح "(1) .

وقال الحافظ ابن حجر :" وقد أكثر الجوزقاني في كتابه المذكور من الحكم ببطلان أحاديث لمعارضة أحاديث صحيحة لها ، مع إمكان الجمع ، وهو عمل مردود "(2) .


والكتاب مطبوع بتحقيق الكتور عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي ، وقد طبعته : إدارة البحوث الإسلامية والدعوة والإفتاء بالجامعة السلفية في بنارس بالهند عام 1403 هـ .








(1) تذكرة الحفاظ 4 / 1380 .
(2) الإصابة 1 / 50 .

ابو وليد البحيرى
2019-04-18, 05:28 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (80)




الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(11)







ب ــ الموضوعات الكبرى لابن الجوزي أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي البغدادي ، المتوفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة ( 597 هـ ).

_ جمع فيه جملة من الأحاديث الموضوعة بعد أن ألح عليه طلاب الحديث بأن يجمع لهم الأحاديث الموضوعة في مصنف مستقل ، ويبين لهم من أي طريق تعلم أنها موضوعة .

_ رتبه على الكتب ، وتحت كل كتاب عدة أبواب تختلف قلة وكثرة من كتاب إلى آخر .

_ يذكر كل حديث بإسناده ، ويبين علته والمتهم به .

_ اشتمل الكتاب على أربعة أبواب أساسية ، سبقتها مقدمة ذكر فيها أقسام الحديث صحة وضعفا ، وأصناف الوضاعين ، وبعض أخبارهم ، والرد على من قال بأن هذا من الغيبة ، والأبواب الأربعة هي :

الباب الأول : في ذم الكذب .

الباب الثاني : في حديث " من كذب على .." وذكر طرقه ، وعدد من رواه من الصحابة ، والكلام في معناه وتأويله .

الباب الثالث : في الوصية بالعناية بانتقاد الرجال والتحذير من الرواية عن الكذابين .

الباب الرابع : فيما اشتمل عليه كتاب " الموضوعات " من الأحاديث الموضوعة ، وهذا الباب يحتوي على نحو خمسين كتابا ، مرتبة على نسق ترتيب كتب الفقه .

_ وقع الإمام ابن الجوزي في كثير من الأخطاء التي وقع فيها الجوزقاني فحكم بالوضع على بعض الأحاديث الحسان والصحاح .

وسبب ذلك كما قال الحافظ ابن حجر :" أنه يعتمد على غيره من الأئمة في الحكم على بعض الأحاديث بتفرد بعض الرواة الساقطين بها ، ويكون كلامهم محمولا على قيد أن تفرده إنما هو من ذلك الوجه ، ويكون المتن قد روي من وجه آخر لم يطلع هو عليه أو لم يستحضره حالة التصنيف ، فدخل عليه الدخيل من هذه الجهة وغيرها ، فذكر في كتابه الحديث المنكر والضعيف الذي يحتمل في الترغيب والترهيب وقليل من الأحاديث الحسان ... وأما من مطلق الضعف ففيه كثير من الأحاديث ، نعم أكثر الكتاب موضوع "(1).


_ طبع كتاب " الموضوعات " بتحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان بالمكتبة السلفية في المدينة المنورة عام 1386 هـ ، كما حقق الكتاب : الدكتور نور الدين شكري ، وهو تحقيق قيم اعتمد فيه المحقق على ثمان نسخ خطية ، ونشرته أضواء السلف والمكتبة التدمرية .







(1) النكت لابن حجر 1 / 848 .

ابو وليد البحيرى
2019-04-18, 05:31 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (81)




الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا (12)



انتقاد العلماء لكتاب ابن الجوزي :
للأخطاء السابقة التي ألمحنا إليها في كتاب ابن الجوزي فقد تعقبه العلماء بالنقد العلمي الصحيح الخالي من التعصب ، ومن أقوالهم في ذلك :
قال ابن الصلاح :" ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات في نحو مجلدين ، فأودع فيهما كثيرا مما لا دليل على وضعه ، وإنما حقه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضعيفة "(1) .
وقال السخاوي :" ربما أدرج ابن الجوزي في " الموضوعات " الحسن والصحيح مما هو في أحد الصحيحين فضلا عن غيرهما ، وهو توسع ينشأ عنه غاية الضرر من ظن ما ليس بموضوع موضوعا ، مما قد يقلده فيه العارف تحسنا للظن به حيث لم يبحث ، فضلا عن غيره ، ولذا انتقد العلماء صنيعه إجمالا والموقع له : استناده غالبا لضعف راويه الذي رمي بالكذب ــ مثلا ــ غافلا عن مجيئه من وجه آخر.."(2) . وممن صرح بكون ابن الجوزي مفرطا متساهلا أيضا : الإمام النووي في " التقريب " والإمام العراقي في " الألفية " والأنصاري في " فتح الباقي شرح ألفية العراقي " وغيرهم .
وممن تعقبه وأثبت إفراطه وتساهله في مواضع كثيرة :
_ الحافظ ابن حجر في كتابه " القول المسدد في الذب عن مسند أحمد " فقد ذكر فيه ( 24 ) حديثا لم تكن من الموضوعات مما ذكر في المسند .
_ وذيل السيوطي على "القول المسدد" واستدرك (14 ) حديثا ذكرها ابن الجوزي أيضا وهي في المسند .
_ وجمع السيوطي ما في " القول المسدد " وما ذيله عليه ، وزاد عليهما أحاديث وجمعها في " القول الحسن في الذب عن السنن " وبلغ ما فيه من الأحاديث نيفا وعشرين ومائة حديث ليست موضوعة ، منها : أربعة في " سنن أبي داود " وثلاثة وعشرون في " جامع الترمذي " وحديث في " سنن النسائي " وستة عشر في " سنن ابن ماجه " وحديث في " صحيح مسلم " وحديث في " صحيح البخاري " من رواية حماد بن شاكر ، وباقيها في " خلق أفعال العباد " للبخاري ، وتعاليق الصحيح ، ومسند الدارمي ، وصحيح ابن حبان ، ومستدرك الحاكم ، وتصانيف البيهقي(3) .
واختصر السيوطي " الموضوعات " وزاد على موارده في كتابه " اللآلئ المصنوعة " وأفرد ما تعقب به ابن الجوزي في كتاب أسماه " النكت البديعات على الموضوعات " ، واختصر النكت في آخر أسماه " التعقبات على الموضوعات " ويبلغ ما تعقبه ثلاثمائة حديث ونيفا كما ذكره في آخره ، وكلاهما مطبوع ، أما " التكت " فقد طبع بتحقيق عامر أحمد حيدر ، بدار الجنان في بيروت عام 1411هـ ، وأما " التعقبات " فقد طبع في لاهور بالهند عام 1304هـ .





(1) المقدمة ص 279 .
(2) فتح المغيث 1 / 107 .
(3) تدريب الراوي 1 / 278 .

ابو وليد البحيرى
2019-04-18, 05:34 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (82)

الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(13)





ج ــ اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للحافظ أبي بكر جلال الدين السيوطي ، المتوفى سنة ( 911هـ ) .

- اختصر فيه السيوطي كتاب الموضوعات لابن الجوزي ، ورتبه بترتيبه حسب المواضيع وزاد عليه .

- وطريقته أنه يورد الحديث من الكتاب الذي أورده ابن الجوزي ككتاب الخطيب والحاكم والكامل وغيرهم بأسانيدهم حاذفا إسناد ابن الجوزي إليهم ، ثم يذكر كلام ابن الجوزي، ثم إن كان متعقبا نبه السيوطي عليه بقوله " قلت " وفي آخره " والله أعلم "

- ثم إنه زاد على موارد ابن الجوزي في موضوعاته موارد أخرى عليه (1) .

- طبع الكتاب بمطبعة دائرة المعارف العثمانية في حيدر آباد الدكن عام 1303 هـ ، وطبع بدار المعرفة ببيروت عام 1403 هـ ، وله عليه ذيل وهو المسمى " بذيل اللآلئ "

د ــ تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة لأبي الحسن على بن عرَّاق الكناني ، المتوفى سنة ثلاث وستين وتسعمائة ( 963 هـ ) ،وهو من أجمع الكتب التي اختصت في جمع الأحاديث والآثار الموضوعة .

- لخص فيه ابن عرّاق ما في كتاب " الموضوعات " لابن الجوزي ، وكتاب " اللآلئ المصنوعة " و" ذيله " للسيوطي ، وكتاب " النكت البديعات " للسيوطي أيضا ، وأضاف فيه بعض الأحاديث الموضوعة والتي خلت من المؤلفات السابقة عليه .

- رتب الأحاديث على الكتب والأبواب الفقهية ، محذوفة الأسانيد ، مكتفيا بنسبتها .

- جعل تحت كل كتاب ثلاثة فصول :

الفصل الأول : فيما حكم ابن الجوزي بوضعه ، ولم يخالف فيه .

الفصل الثاني : فيما حكم ابن الجوزي بوضعه ، وتعقب فيه .

الفصل الثالث : فيما زاده السيوطي على ابن الجوزي .

وذكر في الفصلين الآخرين ــ الثاني والثالث ــ علة الحديث التي لم يذكرها السيوطي في اللألئ أو الذيل .

- يذكر عقب الحديث المصادر التي خرجته على جهة الاستيعاب ، والراوي الأعلى للحديث .

- يبين علة الحديث وسبب وضعه في ضوء أقوال النقاد .

- ذكر في مقدمة الكتاب فصولا نافعة في معرفة مقدار هذا الفن لطالبيه ، وهي ثلاثة فصول مهمة :

فصل : في حقيقة الموضوع وأمارته ، وحكمه .

وفصل : في أصناف الوضاعين .

وفصل : في سرد أسماء الوضاعين والكذابين وغيرهم ، مرتبا لهم على حروف المعجم .

- طبع الكتاب بتحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف ، وعبد الله محمد الصديق الغماري بمكتبة القاهرة عام 1383 هـ ، وطبع مرة أخرى بدار الكتب العلمية ببيروت عام 1401 هـ .

هـ ــ كتاب المصنوع في معرفة الحديث الموضوع للإمام علي القاري الهروي ، وهو كتاب مطبوع في مجلد واحد بتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، وقد قامت بنشره مكتبة المطبوعات الإسلامية ، ببيروت .

و ــ كتاب اللؤلؤ المرصوع فيما لا أصل له أو بأصله موضوع للشيخ أبي المحاسن محمد بن خليل القاوقجي الطرابلسي ، والكتاب مطبوع في مجلد واحد بتحقيق أحمد زمرلي ، نشرته دار البشائر الإسلامية ببيروت .

ز ــ كتاب " تذكرة الموضوعات " للعلامة محمد طاهر بن علي الهندي الفتني ، وقد ذيله بكتاب " قانون الموضوعات والضعفاء " ذكر فيه عددا كبيرا من الكذابين والوضاعين ، ورتبهم على حروف المعجم ، والكتابان مطبوعان في مجلد واحد ، وقامت بنشره دار إحياء التراث العربي ببيروت .

ح ــ الفوائد المجموعة في بيان الأجاديث الموضوعة للعلامة محمد بن علي الشوكاني ، المتوفى سنة 1250 هـ .


وهو كتاب جمع فيه مؤلفه الأحاديث التي وصفت بالوضع ، وهو مطبوع في مجلد واحد بتحقيق العلامة المعلمي اليماني.













(1) موسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة 1 / 111

ابو وليد البحيرى
2019-04-26, 04:42 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (83)




الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(14)







ذكرنا فيما سبق نوعان من المصنفات التي تندرج تحت تخريج الحديث بحسب صفة في سنده أو متنه ، وفي هذه الحلقات نعرض لبقية الأنواع ، ونبدأ بالنوع الثالث.

النوع الثالث : الحديث المعل .

إذا كان في الحديث علة في إسناده كوصل مرسل ، أو رفع موقوف ، أو علة في متنه ،كإدخال جملة ليست منه ، أو تغيير لفظ إلى لفظ آخر فيمكن الاستعانة في تخريجه بكتب العلل ، ومنها :

1 ــ العلل الواردة في الأحاديث النبوية ، للشيخ الإمام الحافظ أبي الحسن على بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني ، المتوفى سنة ( 385هـ ).


والكتاب مكون من أسئلة وجهت للدارقطني حول أحاديث في كل منها علة أو أكثر ، فيجيب عنها بما يفتح الله به عليه ، وكثيرا ما يطيل النفس ، وقد يقصر أحيانا .

ومنهجه أن يذكر ما في الأسانيد من علل كانقطاع أو اضطراب أو وصل مرسل أو رفع موقوف أو إبدال راو بآخر ، وهو غالبا يذكر الراوي الذي يقع اختلاف الإسناد عليه ، ثم يذكر أوجه الخلاف فيه .

وإن روي الحديث بأكثر من طريق فإنه يورده بها ويقارن بينها ، وقد يحكم على الراوي فيقول مثلا : ثقة ، ثقة مأمون ، سيء الحفظ ، متروك الحديث ، مجهول ، والكتاب مرتب على مسانيد الصحابة ، فبدأ بالعشرة ، ثم سائر الصحابة ، ثم مسانيد النسوة .

وقد حقق الكتاب دكتور محفوظ عبد الرحمن زين الله السلفي ، ونشرته دار طيبة بالرياض ، السعودية .

2 ــ علل الترمذي الكبير للإمام محمد بن عيسى أبي عيسى الترمذي ، المتوفى سنة ( 279هـ ).

وقد رتبه على كتاب جامع الترمذي القاضي أبو طالب ، إذ أن الإمام الترمذي لم يرتبه ، ومعظم ما في هذا الكتاب من العلل ذكره في كتابه الجامع ، ويعتمد في تعليلاته على شيخ العلل في عصره الإمام البخاري ، وقد لازمه الترمذي واستفاد منه كثيرا ، فلو قلت إن الكتاب للبخاري ما أبعدت ، وقد ذكر المرتب فصلا خاصا في الأحاديث التي لم يروها الترمذي في جامعه ولا تندرج تحت باب من أبواب الجامع ، وقد حقق الكتاب حمزة ديب المصطفى ونشرته مكتبة الأقصى بعمان الأردن .

3 ــ علل الحديث للإمام أبي محمد عبد الرحمن الرازي الحافظ ابن الإمام أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران المتوفى سنة ( 327هـ ).

جمع فيه ابن أبي حاتم أكثر من ألفين وثمانمائة حديث معل ، والكتاب مرتب على موضوعات الفقه ، يذكر عند كل حديث ما فيه من علة مثل أن يكون في إسناده من لا يحتج به ، أو فيه وهم من أحد الرواة ، أو قلب ، أو إدراج إلى غير ذلك من العلل ، والكتاب يرويه ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة الرازي ، وقد قامت دار المعارف ببيروت بنشر الكتاب .

ابو وليد البحيرى
2019-04-26, 04:46 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (84)




الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(15)




النوع الرابع : المبهمات .
أي معرفة من أبهم اسمه في المتن أو الإسناد .
ومن صنف في هذا الفن قد يروي الأحاديث بأسانيدها وقد يشير إلى من أخرج هذه الأحاديث في مصنفاتهم ، ولا يخفى ما في ذلك من فائدة للمشتغل بالتخريج ، فضلا عن الفائدة الأهم لهذه الكتب ، وهي تعيين الاسم المبهم في المتن أو الإسناد .
وفائدة هذا التعيين في المتن أن نعرف زمن إسلام الراوي المبهم أو سماعه للحديث ، ومدى قربه أو بعده من وقوع حادثة ما ، وهذا يساعد في معرفة ما إذا كان الحديث ناسخا أو منسوخا .
أما تعيين المبهم في الإسناد فهذا يساعد في الحكم على الحديث ، إذ أننا بتعيين المبهم نستطيع أن نعرف هل هو ثقة أم ضعيف ، ونستطيع بعد معرفة صحة الحديث أو ضعفه.
ومن المصنفات في هذا الفن :
1 ــ الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة لأبي بكر أحمد بن على بن ثابت الخطيب البغدادي ، المتوفى سنة ( 463هـ ).
وهو خاص بمبهمات المتن . ومنهجه أن يروي الحديث الذي في متنه مبهم ، وقد يسوق أكثر من رواية ، ثم يروي الحديث الذي فيه تعيين المبهم ، والكتاب مرتب بحسب أسماء المبهمين مما يقلل من فائدته ، لأن الباحث إذا كان يعرف اسم هذا المبهم فإنه لا يرجع إلى الكتاب ، وإذا كان لا يعرف اسمه فإنه لا يستطيع أن يهتدي إليه إلا بصعوبة ، لكن وجود فهارس في النسخة المحققة يزيل هذا الإشكال .
وقد طبع بذيله كتاب ( الإشارات إلى بيان الأسماء المبهمات ) للإمام النووي المتوفى سنة ( 676هـ )، وهو اختصار لكتاب الخطيب ، وقد رتبه النووي على أسماء الصحابة ، والكتابان مطبوعان في مجلد واحد ، طبعته مكتبة الخانجي بالقاهرة .
2 ــ الغوامض والمبهمات لأبي القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال المتوفى سنة ( 578هـ ).
ونسجه على منوال كتاب الخطيب البغدادي ، لكن كتاب ابن بشكوال أكبر منه وأكثر فائدة ، وهو كالخطيب يروي الحديث الذي في متنه مبهم ، وقد يسوق أكثر من رواية ، ثم يعينه ويقيم الحجة على ذلك برواية أو أكثر ، وهو على غير ترتيب معين ، إلا أن وجود فهارس له يسهل البحث فيه كثيرا ، وقد نشرت الكتاب دار الأندلس للنشر والتوزيع بجدة بتحقيق محمود مغراوى .
3 ــ المستفاد من مبهمات المتن والإسناد للإمام أبي زرعة العراقي المتوفى سنة ( 826هـ ).
جمع في كتابه هذا كتب الخطيب والنووي وابن بشكوال مع زيادات كثيرة ورتبه على الأبواب ، وهو من أفضل ما صنف في هذا العلم ، ويتميز عن غيره بأنه جمع بين مبهمات السند والمتن .

والعراقي يختصر الأسانيد والمتون ويكتفي بإيراد الجزء الذي وقع فيه الإبهام ، ثم بعين المبهم ويعزوه إلى قائله ، وقد يعقب عليه ، فإذا عقب ميز كلامه بقوله :(قلت) وقد حقق الكتاب الدكتور عبد الرحمن البر ، ونشرته دار الوفاء ودار الأندلس .

ابو وليد البحيرى
2019-04-26, 04:47 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (85)



الطريقة الخامسة التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا(16)



النوع الخامس : الحديث المسلسل .
وهو ما تتابع رجال إسناده واحدا واحدا على صفة واحدة ، أو حالة واحدة للرواة تارة وللرواية تارة أخرى .
فإذا كان الحديث المراد تخريجه بهذه الصفة فإن الكتب المصنفة في المسلسلات تساعد في تخريجه ، ومنها :
1 ــ نزهة الحافظ للإمام أبي موسى محمد بن عمر المديني الأصبهاني المتوفى سنه ( 581هـ ).
جمع فيه ثمانية وخمسين حديثا مسلسلا يرويها بإسناده ، ومعظمها يكون تسلسله في بعض حلقات السند .
وقد حقق الكتاب مجدي السيد إبراهيم ، وقامت بنشره مكتبة القرآن بالقاهرة .
2 ــ الجواهر المكللة في الأخبار المسلسلة للإمام محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي المتوفى ( 902هـ ) .
وهي مائة حديث استفتحها بمن سبقه في جمع المسلسلات ، وقد ذكر أن الذين صنفوا في المسلسلات نحو خمسين(1).
3 ــ المسلسلات الكبرى للإمام جلال الدين أبي الفضل السيوطي المتوفى ( 911هـ ).
قال السيوطي :" جمعت كتابا فيما وقع في سماعاتي من المسلسلات بأسانيدها " ثم انتقى منها " جياد المسلسلات " وقال عنها " هذا جزء انتقيته من المسلسلات الكبرى تخريجي ، اقتصرت فيه على أجودها متنا وأعلاها سندا "(2)
4 ــ المناهل السلسة في الأحاديث المسلسلة لمحمد عبد الباقي الأيوبي المتوفى سنة ( 1357هـ ).
وهو كتاب ذكر فيه مؤلفه مسموعاته من الأحاديث المسلسلة بأسانيده على طولها ، وذكر أحاديث مسلسلة انقطع تسلسلها ، وبعد روايته للحديث يذكر من أخرجه ويتكلم عليه صحة وضعفا ، وعدد أحاديثه مائتان واثنا عشر حديثا .وقد قامت بنشر الكتاب دار الكتب العلمية ببيروت .
وأخيرا ، فهذه أهم ملامح التخريج بالطريقة الخامسة التي تعتمد على معرفة صفة افي المتن أو الإسناد أو فيهما معا ، ويمكن القول بأن كل نوع من أنواع الحديث تقريبا يدخل في هذه الطريقة لأنه ما من نوع من أنواع الحديث إلا وفيه مصنف أو أكثر .

فإذا رجعت إلى هذه المصنفات فإنها تساعدك في تحديد المصادر الأصلية للحديث وفي الحكم عليه(3)





(1) الضوء اللامع ( 8 / 16 ) .
(2) حسن المحاضرة ( 1 / 339 ) .
(3) انظر : الواضح في فن التخريج 165 ــ 169.

ابو وليد البحيرى
2019-04-26, 04:51 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (86)




التخريج بواسطة الحاسب الآلي وبرامج الحديث(1)
من الوسائل الحديثة التي سخرها الله عز وجل لخدمة السنة النبوية الحاسوب (الكمبيوتر) وشبكة المعلومات العالمية(الانتر ت)
فعن طريق الحاسوب بذلت جهود مشكورة في مجال السنة بصفة خاصة وذلك عن طريق عمل موسوعة شاملة ومستوعبة لجميع كتب الحديث وعلومه التي وضعت لخدمة الحديث علي امتداد العصور وتنظيمها تنظيما علميا يتوافق مع مقتضيات العصر ويضمن للباحث الدقة والسرعة والشمول والسعة ، وتوفر للباحث مشقة التنقل بين مئات المجلدات لجمع المادة العلمية التي يريدها في بحثه.
من مميزات هذه الطريقة تقديم الخدمات التالية للباحثين:
1- البحث عن حديث ما عن طريق كلمة واحدة ، أو عدة كلمات ، أو راو أو رواة ، أو البحث عن طريق الكلمات والرواة معا.
2- تخريج حديث ما وذلك إما عن طريق البحث عن الكلمات المماثلة تماما ، أو بتحويله إلي الأصل الثلاثي وذلك في كتاب واحد أو في كتب متعددة.
3- البحث عن الأحاديث حسب الموضوعات في كتاب واحد أو في كتب متعددة.
4- الوقوف على طرق أخرى للحديث أو روايات أخرى له ، مما يترتب عليه معرفة المتابع من الشاهد .
5 ـ الوقوف على علل الروايات ، فقد ساهمت هذه البرامج - كثيرا - في تيسير الجمع والموازنة والمقابلة للتحقق من العلل والاختلاف في الرواية بين راو وآخر ، وبين رواية وأخرى ، والجمع بين الأحاديث التي ظاهرها الاختلاف ، وغير ذلك من دقائق هذا العلم ونوادره
6- الترجمة لرواة الأسانيد لاسيما في حالتين
أ - جمع شيوخ وتلاميذ الراوي المجهول لإخراجه عن حد الجهالة برواية اثنين عنه ، أو الوقوف على لفظة جرح أو تعديل فيه ، ولو في بطون كتب الشروح الحديثية ، أو في غير المظنة من كتب تواريخ المحدثين .
ب - الوقوف على تراجم رواة لم تجد تراجمهم في حدود اطلاعك وطاقتك أو أن يدلك الحاسب على تحسين أحد الأئمة المعتمدين لحديث ، ورد في إسناده الراوي الذي لم تجد فيه جرحا أو تعديلا ، وحينئذ تستأنس بتحسين الحديث على أن الراوي حسن الحديث في الجملة
7 - شرح وجمع مصطلحات علم الحديث ، فإذا أردت جمع مواضع مصطلح ما ، جمعه لك الحاسب الآلي من أي كتاب سواء من كتب المصطلح ، أو من كتب الرواية ، أو من كتب الشروح الحديثية.

8- معرفة جميع مرويات راو واحد في كتاب واحد أو عدة كتب مع معرفة مروياته عن شيخ معين في كتاب واحد أو عدة كتب.
9- معرفة معاني الكلمات الواردة في حديث ما والوصول إليها مباشرة وذلك عن طريق كتب الغريب واللغة والشروح.
10- التشجير لطرق الخبر ورواياته ، ورسم ذلك بصورة تسهل على الباحث جهد أيام من البحث والتحري والرسم والموازنة .

ابو وليد البحيرى
2019-04-26, 04:52 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (87)


التخريج بواسطة الحاسب الآلي وبرامج الحديث(2)
موقف الباحثين من تخريج الحديث عن طريق الحاسوب:
انقسم الباحثون في مجال البحث العلمي حيال هذه التقنية الحديثة إلي ثلاثة أقسام:

القسم الأول: اعتمد اعتمادا كليا علي هذه البرامج الحاسوبية وهجر الكتب المطبوعة إلا فيما كان غير متوفر في هذه البرامج الحاسوبية.
القسم الثاني: ترك الاستعانة بهذه البرامج واعتمد علي مراجعة الكتب والمصادر المطبوعة والمخطوطة واعتبر أن الاشتغال بهذه البرامج نوع من العبث وتضييع للعلم والوقت والجهد.
القسم الثالث: اعتبر أن الأصل هو البحث في الكتب والمراجع المطبوعة والمخطوطة أما هذه البرامج فيمكن الاستعانة بها كفهارس موصلة للمطلوب.
وهذا القسم من أربح الأقسام حيث يستفيد بهذه التقنية الحديثة مواكبة للعصر مع عدم هجر الكتب المطبوعة.
ونصيحتي لطلاب العلم والعاملين في مجال البحث العلمي بالاستفادة من هذه التقنية الحديثة التي من الله بها علينا وعدم الاستغناء عن الرجوع إلي الكتب في التوثيق والتحقيق والتواصل مع هذه الشركات المنتجة بالنصح والإرشاد.
من المآخذ علي هذه الطريقة:
هجر الكتب والمراجع المتخصصة والتعود علي الكسل واختيار الأسهل في اختيار التخريج بهذه الوسيلة دائما والجهل بأسباب الحكم علي الروايات والرواة وذلك عن طريق الاعتماد علي الأحكام الجاهزة، إلى غير ذلك من المآخذ التي قد يتعرف عليها الباحث أثناء بحثه في هذه البرامج.

ابو وليد البحيرى
2019-05-03, 04:37 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (88)


الموسوعات العلمية للحديث الشريف(1)
ذكرنا فيما سبق التعريف بطريقة التخريج بحسب الحاسب الآلي ، وبينا فوائدها ، وفي هذه الصفحات نعرض لأهم الموسوعات العلمية التي يستعين بها الباحث في التخريج بحسب الكمبيوتر، فأقول وبالله تعالى التوفيق :
اجتهد المخلصون في خدمة السنة المشرفة في عمل موسوعات حديثية كثيرة لتيسير الوصول إلى الحديث في مصادره الأصلية ، مثل : موسوعة صخر ، والموسوعة الذهبية ن والمكتبة الألفية ، وموسوعة أفق ، والموسوعة الماسية ، والموسوعة الشاملة .
وكتبت كتب مفردة في شرح تلك الموسوعات ،منها : كتاب الكتور محمد ناصر الجوهري منصور واسم كتابه ( الأعمال الموسوعية في السنة النبوية ) ، وهذا تعريف ببعض هذه الموسوعات :
موسوعة صخر ( حرف )
( موسوعة الحديث الشريف ــ الإصدار الثاني )
هذه الموسوعة من إعداد شركة صخر ، وجمعت أحاديث تسعة كتب من أمهات كتب الحديث الأصلية ، وهي الكتب الستة:( صحيح البخاري ــ صحيح مسلم ــ سنن أبي داود ــ سنن الترمذي ــ سنن النسائي ــ سنن ابن ماجه )، والمسند( السنن) للإمام الدارمي والموطأ للإمام مالك ، والمسند للإمام أحمد بن حنبل ، ومجموع أحاديث الكتب التسعة المذكورة هو :
( 62000) اثنان وستون ألف حديث.
وعند فتح البرنامج يظهر على الشاشة ثمان قوائم ، هي : ( عرض ــ بحث ــ معاجم ــ تعريفات ــ تدريبات ــ المصادر ــ خيارات ــ مساعدة )، وتفصيل هذه القوائم نعرض له في الحلقة التالية .

ابو وليد البحيرى
2019-05-03, 04:40 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (89)




الموسوعات العلمية للحديث الشريف(2)





تفصيل قائمة العرض من موسوعة (صخر ):

أولا : قائمة عرض.

إذا فتحت قائمة عرض ، أعطتك الخيارات الآتية :

1 - العرض بدلالة رقم الحديث .

2 - العرض بدلالة تبويب المصادر .

3 - العرض بدلالة أطراف الحديث .

4 - العرض بدلالة فهارس المصادر .

وتتفرع المصادر إلى فهارس فرعية ، وهي :

أ - عرض الحديث بدلالة فهارس القرآن الكريم ، ويتفرع إلى :

1 - فهارس الآيات القرآنية الواردة في سياق النصوص النبوية .

2 - فهارس القراءات الواردة في سياق النصوص النبوية .

ب - عرض الحديث بدلالة فهارس أطراف الحديث ، ويتفرع إلى :

1 - فهرس أطراف الأحاديث القدسية الواردة في الكتب التسعة .

2 - فهرس أطراف الأحاديث المتواترة الواردة في الكتب التسعة .

3 - فهرس أطراف الأحاديث الموقوفة الواردة في الكتب التسعة .

4 - فهرس أطراف الأحاديث المقطوعة الواردة في الكتب التسعة .

ج - عرض الحديث بدلالة الأعلام ، ويتفرع إلى :

1 - فهرس بأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم .

2 - فهرس بأسماء الأنبياء .

3 - فهرس بأسماء الملائكة .

4 - فهرس بأسماء الأماكن .

5 - فهرس بأسماء الجماعات .

6 - فهرس بأسماء الرجال .

7 - فهرس بأسماء النساء .

8 - فهرس بأسماء الغزوات .

د - عرض الحديث بدلالة الرواة ، ويتفرع إلى الفهارس الفرعية الآتية :

1 - فهرس بالأسانيد المتصلة .

2 - فهرس بالأسانيد غير المتصلة .

3 - فهرس للأحاديث المعلقة

4 - فهرس للأحاديث المرسلة .

5 - فهرس للأحاديث المنقطعة .

هـ - عرض الحديث بدلالة فهارس الترمذي ، وفيه فهرسان هما :

1 - فهرس أحكام الترمذي على الحديث .

2 - فهرس ألفاظ الجرح والتعديل للترمذي التي قالها الترمذي في رواة جامعه، مسبوقة بذكر اسم الراوي الذي قال فيه الترمذي تلك الألفاظ .

و - عرض الحديث بدلالة الأقوال ، وفيه يعرض الفهارس الفرعية الثلاثة الآتية :

1 - فهرس الأبيات الشعرية .

2 - فهرس أقوال المصنفين .

3 - فهرس أقوال التلاميذ .

ابو وليد البحيرى
2019-05-03, 04:42 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (90)



الموسوعات العلمية للحديث الشريف(3)





بقية قوائم موسوعة ( صخر ):

ثانيا : قائمة بحث :

تتكون قائمة بحث من البنود الآتية :

1 - مجال البحث .

2 - البحث بدلالة رواة الحديث .

3 - البحث الصرفي .

4 - البحث بدلالة التخريج .

5 - البحث بدلالة موضوع فقهي .

6 - البحث المتنوع .

ثالثا : قائمة معاجم :

يستطيع الباحث الوصول إلى الحديث الذي يريده عن طريق لفظة أو كلمة غريبة أو اسم مبهم ذكر في الحديث بالضغط على قائمة ( معاجم ) التي تشتمل على الأنواع الآتية :

1 - معجم ألفاظ الحديث .

2 - معجم غريب ألفاظ الحديث .

3 - معجم مبهمات الحديث .

رابعا : قائمة تعريفات :

وهي للتعريف بمؤلفي الكتب التسعة ، وبالكتب التسعة ، وبالمراجع ، أي تشتمل على :

1 - سيرة المصنفين .

2 - الكتب التسعة .

3 - مراجع البرنامج ، أي تعريف كامل بالمراجع المستخدمة في الموسوعة .

خامسا : قائمة تدريبات :

وفيها التدريبات على الموضوعات المتعددة التي من شأنها تنشيط الذاكرة واختبار المعلومة .

سادسا : قائمة المصادر :

إذا أردت أن يكون البحث في الكتب التسعة ، أشرت إلى الكتب التسعة ، وإذا أردت أن يكون البحث في كتاب معين منها ، أشرت إليه وحده ، ليكون مجال البحث .

سابعا : قائمة الخيارات :

أي اختيار نوع الترقيم الذي يريده الباحث ، وذلك بالضغط على عبارة :

( ترقيمات الأحاديث ) نحو : فتح الباري ، ترقيم الدكتور البغا .

ثامنا : قائمة المساعدة :

يتمكن الباحث من خلال قائمة المساعدة التعرف على كيفية استخدام البرنامج ، كما يتعرف على التعريف بمصطلح الحديث .

وتميزت موسوعة ( صخر ) بالآتي :

1 - الربط بين الأحاديث وكتب الشروح ، فالبخاري بشرح ابن حجر ، ومسلم بشرح النووي ، وأبو داود بشرح العظيم يبادي ( عون المعبود ) ، والترمذي بشرح ( تحفة الأحوذي ) ، وابن ماجه بحاشية السندي ، والموطأ بشرح المنتقى للباجي .

2 - ترتيب الأحاديث على الموضوعات الفقهية ، وجملتها أربعة عشر موضوعا رئيسا ، ثم تفريعها إلى ما يزيد على ثمانية آلاف موضوع جزئي .

3 - البحث بالجذر أي المحلل الصرفي ، فإذا أعطيت الحاسب الآلي أصل كلمة ، جمع لك كل الأحاديث التي فيها هذه الكلمة بجميع مشتقاتها(1).




(1)انظر : مفتاح المبتدئين في تخريج حديث خاتم النبيين ص 886 - 872 .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 02:55 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (91)




الموسوعات العلمية للحديث الشريف(4)





ثانياً: الموسوعة الذهبية للحديث النبوي الشريف وعلومه:

تعد الموسوعة الذهبية موسوعة ضخمة في الحديث وعلومه باستخدام الحاسب الآلي مع إمكان الطبع ، والنسخ ، والتعليق لأي بيانات في الموسوعة ، وبرنامجها هو البرنامج الوحيد الذي تميز بالعزو إلى رقم الجزء ، ورقم الصفحة ، ورقم الحديث أو رقم الترجمة .

وقام بهذا العمل الجليل : مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي بالأردن ، وقصد جمع السنة المشرفة من جميع مصادرها الأصلية ، وقام في المرحلة الأولى للمشروع بإصدار :( سي دي ) يباع في الأسواق ، الإصدار الأول سنة 1418 هـ - 1997م .

وتميزت الموسوعة الذهبية بالميزات الآتية :

الأولى : جمعت أحاديث مائة وثمانية وعشرين( 128 ) كتابا من كتب الحديث .

الثانية : التخريج الآلي لـ ( 200 ) ألف رواية في كتب المتون .

الثالثة : الترجمة لمائة وخمسين ألف ( 150000 ) راو من رواة الحديث

الرابعة : بيان حال الحديث من حيث الصحة والضعف ، فأبانت حال (80000 ) ثمانين ألف حديث .

الخامسة : ربط الأحاديث بالشروح الحديثية .

السادسة : عزو الحديث إلى رقم الجزء ، ورقم الصفحة ، ورقم الحديث ، أو رقم الترجمة دون الحاجة إلى الرجوع إلى النسخ المطبوعة ورقيا .

السابعة : كثرة أساليب البحث والوصول إلى المعلومة التي زادت عن خمسين أسلوبا .

الثامنة : إمكان الطباعة والنسخ والتعليق لأي بيانات في الموسوعة .

التاسعة : كشاف التراث الموضوعي الذي يحوي آلاف الموضوعات ، بالإضافة إلى تبويب المصنفين .

العاشرة : موسوعة أطراف الحديث والتي تعد أضخم موسوعة حاسوبية .

وقد تميز الإصدار الثاني من هذه الموسوعة بإضافة كتب جديدة ، وإعادة التدقيق الإملائي لقرابة ( 300 ) مجلد وكتاب ، وتطوير الخدمات السابقة وتحسينها ، ومن ذلك :

1 - مراجعة شاملة للتخريج الآلي ، وإضافة تخريج مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة .

2 - تطوير وإضافة ربط الأحاديث بشروحها ، وربط طرق الحديث الأخرى بهذه الشروح .

3 - تطوير موسوعة التراجم ، وتبسيط التعامل معها .

4 - إضافة خدمة الربط بين الأحاديث المحكوم عليها صحة وضعفا بطرقها المختلفة .

5 - تحسين الخدمات البرمجية ، وإضافة أنواع جديدة من البحث المتقدم .

6 - تطوير برنامج التحليل الصرفي وربط الجذور بالمشتقات .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 02:58 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (92)



الموسوعات العلمية للحديث الشريف(5)



كيفية التخريج والبحث بهذه الموسوعة الذهبية :
إذا فتحت هذا البرنامج ظهرت لك النافذة الرئيسية للبرنامج لكيفية التخريج والبحث والترجمة بكتابة ثلاث كلمات هي : ( عرض - وظائف - بحث ) وتحت كل كلمة من هذه الكلمات تظهر لك قائمة هكذا :
(قائمة عرض) :
- بدلالة الترقيم
- بدلالة الموضوع
- بدلالة الكتاب الشامل
- موسوعة الأطراف
- موسوعة التراجم
- تصفح الكتاب
- كشاف التراث
( قائمة وظائف):
يتم بأهم ما في قائمة ( وظائف ) : " المفكرة الشخصية " حفظ النتائج التي توصل إليها الباحث تمهيدا للاستفادة منها في بحثه الذي يقوم بإعداده .
فإذا أردت جمع المواد التي قمت باختيارها ، افتح قائمة ( وظائف) ومنها إلى ( المفكرة الشخصية ) فستجد ما قمت بجمعه من مواد علمية .
( قائمة بحث ):
تشتمل قائمة بحث على الاختيارات العديدة الآتية :
- البحث عن الآيات القرآنية .
- البحث عن الأبيات الشعرية .
- البحث عن الكتب الموضوعية .
- البحث عن الأبواب الموضوعية .
- البحث عن الأسانيد .
- البحث في المتون .
- البحث عن الرواة .
- البحث عن معنى الكلمة .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 03:00 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (93)


الموسوعات العلمية للحديث الشريف(6)






ثالثا : المكتبة الألفية للسنة النبوية ( الإصدار 5,1 ):

هذه المكتبة صادرة عن مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي .


يحتوي هذا البرنامج على أكثر من ( 1300 ) مجلد وكتاب ، في علوم التفسير والحديث النبوي والتراجم والسيرة والمعاجم وغيرها ، وتتضمن هذه المجلدات ( 450 ) ألف رواية مسنــدة ، و ( 30 ) ألف ترجــمة للرواة .

ويعد هذا البرنامج ، بالمشاركة مع برنامج (( الموسوعة الذهبية )) مرحلة ضمن مراحل مشروع حضاري تاريخي يهدف إلى جمع السنة النبوية من جميع مصادرها .

ومن مميزات هذا البرنامج :

ـ البحث السريع عن أي كلمة ، أو مفردة ، أو عدة كلمات .

ـ إمكان الطباعة والنسخ ، وطباعة جدول النتائج .

ـ خدمة البحث الموضوعي ، وكذلك خدمة المعاجم .

ـ العزو إلى الجزء والصفحة ورقم الحديث والترجمة حسب الطبعة المستخدمة .

ـ توفير بطاقة تعريف لكل كتاب مستخدم في هذه المكتبة .

وقد صدر الإصدار الحديث للألفية ، ويحتوي على ( 3000) مجلد ، ويمتاز عن سابقه بقلة الأخطاء ، وعمل الفهارس فيها .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 03:03 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (94)




الموسوعات العلمية للحديث الشريف(7)





رابعاً: موسوعة الأحاديث الصحيحة ( الإصدار الأول ):

من إصدار مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي وهي تتضمن ما اختاره كبار أئمة المحدثين في كتبهم التي وصفت بالصحة ، وهي : صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وصحيح ابن خزيمة ، وصحيح ابن حبان ، والمنتقى لابن الجارود ، والمختارة للضياء المقدسي .

مميزات البرنامج :

ـ أول برنامج يضم الأحاديث الصحيحة كما اختارها مصنفو أشهر كتب الأحاديث .

ـ تبويب موضوعي لجميع الأحاديث.

ـ خدمات البحث بالكلمة ، أو جزء من الكلمة ، أو عدة كلمات .

ـ خدمات العزو إلى الجزء والصفحة .

ـ خدمات النسخ والطباعة .

خامسا : موسوعة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ( الإصدار الأول ) :

من إصدار مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي يحتوي هذا البرنامج على أكثر من ( 70 ) ألفا من الأحاديث التي حكم عليها العلماء ، قديما وحديثا ، بالضعف أو الوضع .

وقد جمعت هذه المتون من الكتب المتخصصة بهذا النوع من الأحاديث ، وعددها ( 78 ) كتابا ، وأشرف على إعدادها العلمي : المكتبة الإسلامية في الأردن ، وقام مركز التراث بالإعداد البرمجي .

ويتضمن هذا البرنامج مجموعة من الخدمات الأساسية ، مثل خدمة البحث بالكلمة ، أو بعدة كلمات ، وبالعزو والتعليق ، والطباعة والنسخ .

كما زود هذا البرنامج بمجموعة من كتب المعاجم والغريب للتسهيل على الباحثين وتوفير الوقت لهم .

ثم أصدر مركز التراث النصوص الكاملة لبرنامج (( مكتبة الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمعللة والغرائب )) .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 03:05 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (95)




الموسوعات العلمية للحديث الشريف(8)



سادساً: مكتبة الأجزاء الحديثية ( الإصدار الأول ) :

من إصدار مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي

وهي مكتبة متخصصة بالأجزاء الحديثية في علوم الحديث ، وتعد أول برنامج في هذا الفن ، وتشمل ما يقرب من ( 200 ) جزء ، تحتوي الأجزاء الموضوعية ، والمجالس والفوائد ونحوها ، وأجزاء ابن أبي الدنيا ، وتوفر للباحث خدمات عديدة منها :

ـ خدمة البحث عن كلمة واحدة أو عدة كلمات بشروط مختلفة .

ـ العزو إلى الجزء والصفحة في النشرات المطبوعة .

ـ خدمة النسخ والطباعة .

ـ خدمة التعليق على الفقرات المختلفة .

ـ إمكان طباعة أو حفظ جدول لجميع نتائج البحث أو التي يحددها المستخدم .

سابعا : موسوعة التخريج الكبرى والأطراف الشاملة ( الإصدار الأول ):

من إصدار مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي

وهي أشمل موسوعة علمية في تخريج الأحاديث النبوية باستخدام الحاسب الآلي ، حيث يعد التخريج الخطوة الأولى للحكم على الحديث من حيث الصحة أو الضعف .

يحتوي هذا البرنامج على خدمات عديدة ومتنوعة ، نذكر منها ما يلي :

ـ تخريج موسوعي شامل لنحو ( 300 ) ألف نص مسند ، مع العزو إلى مصادر التخريج .

ـ إمكان نسخ تخريج أي حديث بطرق مختلفة وطباعته .

ـ الاستفادة من موسوعة الأطراف الحديثية، وتشتمل على أربع موسوعات : موسوعة الأطراف الشاملة ، وموسوعة أطراف الأحاديث القولية ، وموسوعة أطراف الأحاديث الفعلية ، وموسوعة الآثار .

ـ تبويب موضوعي شامل للأحاديث النبوية الشريفة من غير تكرار .

ـ دراسات إحصائية تتعلق بالحديث النبوي الشريف ، منها إحصائية لتحديد عدد المتون النبوية من غير تكرار ، وإحصائية معجمية لكل الألفاظ التي وردت في النصوص المسندة ، وإحصائية مفهرسة تحدد طرق كل متن مسند في كتب البرنامج .

ـ حصر الأحاديث الأفراد التي تفرد بروايتها أحد الرواة فقط .

ـ حصر الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 03:06 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (96)


الموسوعات العلمية للحديث الشريف(9)

ثامنا : البرامج الحديثية لشركة العريس:

تحت شعار " نحو مكتبة شاملة للعلوم الإسلامية " بنت الشركة منهجها في البرامج المعدة.

وللشركة إصدارات متنوعة في مجالات متعددة؛ مكتبية وتعليمية وأسرية وغيرها، بالإضافة لعنايتها بالبرامج العلمية، وقد عملت الشركة على تحديث برامجها وتحسينها، وذلك بإصدارات متلاحقة.

ومن ضمن إصدارات الشركة العلمية ما يخدم المعارف والعلوم الإسلامية، فقد ضمت العديد من البرامج التي تعتني بذلك، ومن أهمها: مكتبة الحديث الشريف، ومكتبة القرآن الكريم والتفاسير ومكتبة الفقه.

وسأعرض بإيجاز لأهم برامج الشركة الحديثية:

1 - مكتبة الحديث الشريف:

وهو برنامج يتضمن في إصدارته الخامسة أكثر من 2100 مجلد وكتاب من كتب الحديث الشريف وشروحه وعلومه الأخرى ، إضافة إلى بعض كتب الرجال والتراجم، واللغة والمعاجم، وأما عدد عناوين الكتب الواردة في الموسوعة فتبلغ " 359" عنواناً.

ويتميز هذا الإصدار بالنقاط التالية :

1 - ربط كتب الحديث بشروحها ليتم شرح الحديث بشكل تلقائي .

2 - ربط بعض كتب الحديث بكتب الرجال ليتم الاستفادة من التراجم مع سند الحديث بشكل سريع .

3 -إمكان التخريج بإظهار رقم الجزء والصفحة ومصدر الكتاب .

4 - إمكان القص واللصق والطباعة لأي مقطع من المؤلفات الموجودة .

5 - الاستفادة من فهارس متنوعة تشمل : الآيات ، ومتن الحديث ، وطرف الحديث ، وسند الحديث ، وأسماء الصحابة ، وأسماء العلماء ، والأبواب والفصول ، والتراجم والرجال .

6 - الاستعانة في البحث بالطرق التقليدية للكلمة أو للجملة ، والاستفادة بالبحث عن عدة كلمات سواء كانت متلاحقة أو متباعدة ، وكذلك البحث بواسطة المحلل الصرفي ، ليصل الباحث إلى مبتغاه بأسهل الطرق .

2 - مكتبة التراجم والرجال:

وهو برنامج يعرف بالأعلام والشخصيات الذين اجتازوا مرحلة الحياة أو مازالوا فيها، وخلفوا وراءهم أثراً يذكر لهم أو خبراً يروى عنهم، ويشتمل على عدد كبير من كتب تراجم الرواة للحديث النبوي، وكما يظهر من تعريف الشركة به، بل ومن خلال النظر في البرنامج والتعامل معه، فإنه اشتمل على تراجم لأعلام معاصرين ليس لهم بعلم الحديث والرواية دراية ولا أثر، فهو برنامج شامل في بابه؛ وهو مفيد جداً لمن يريد النظر في كتب التراجم الحديثية وغيرها .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 03:08 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (97)




الموسوعات العلمية للحديث الشريف(10)

تاسعا: البرامج الحديثية لمؤسسة عبداللطيف للمعلومات:
مؤسسة عبد اللطيف للمعلومات هي مؤسسة تأسست سنة 1990 م، وذلك للنشاط التجاري، ثم أدخل مجال الحاسب الآلي في عام 1996م بإنشاء البرامج الإدارية، وفي عام 1997 م تم العمل في إعداد البرامج الإسلامية، وفي عام 1998م تم إنتاج برنامج "موسوعة طالب العلم" لأول مرة على مستوى العالم الإسلامي، ولاقى البرنامج انتشاراً واسعاً، ثم توالت البرامج الإسلامية الأخرى بعد ذلك؛ مثل السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي ، والقرآن الكريم ، والحديث الشريف ، والفقه ، وموسوعة ابن القيم وغيرها كثير.
وفي عام 2000م، تمَّ بتوفيق من الله إنتاج برمجة التخريج الآلي للحديث، وهي التي غيرت مسار البرامج الخاصة بالشركة نحو هذه التقنية الجديدة، ورغم وجود بعض الأخطاء بها، إلا أنها من الناحية العملية ملائمة بنسبة 95%.
وفي عام 2001م ظهر برنامج "تحفة الباحث لعمل الحواشي والتحقيقات" وهو برنامج فريد من نوعه.
ومن أظهر برامج هذه الشركة:
1 - برنامج الموسوعة الماسية للحديث النبوي وعلومه:
ويشتمل على أحاديث قرابة ( 300 ) مجلد وكتاب، ويمكن عن طريق هذا البرنامج إجراء التخريج الآلي لكل الآيات والأحاديث والآثار الواردة في برامج الشركة الأخرى، من كتب التفسير والحديث والعقيدة والفقه والرقائق والسير والتراجم وغيرها.
ويوفر البرنامج خدمة تخريج أي حديث يريده الباحث ، سواء كان من مراجع البرنامج أم من غيرها، ويحدد الباحث مستوى التخريج والتطابق في الألفاظ، كما يوفر البرنامج خدمة رسم شجرة الإسناد لأي حديث وارد في كتب الموسوعة .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 03:09 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (98)


الموسوعات العلمية للحديث الشريف(11)


2- برنامج السيرة النبوية من منابعها الأصلية:
جُمِع فيه عدد من المصنفات في السيرة النبوية، منها :
1 - السيرة النبوية لابن إسحاق .
2 - السيرة النبوية لابن هشام.
3 - السيرة النبوية لابن حبان.
4 - السيرة النبوية لابن كثير.
5 - كتاب زاد المعاد لابن القيم .
6 - الشمائل المحمدية للترمذي.
7 - الشفا للقاضي عياض.
8 - عيون الأثر لابن سيد الناس.
9 - جلاء الأفهام لابن القيم ، وغيرها، مع إمكانات برامج المؤسسة الأخرى، والاستفادة من برنامج الموسوعة الماسية في التخريج وغيره من أنواع الصنعة الحديثية.
3 - "تحفة الباحث لعمل الحواشي والتحقيقات":
وهذا البرنامج يمكن القول بأنه من أخطر وأهم برامج الشركة، فهو مع صغر حجمه، وغلاء ثمنه مقارنة بأسعار الشركة، واعتماده على برنامج الموسوعة الماسية، فإنه يسهل للباحث كتابة البحث وتخريج نصوصه من الآيات والأحاديث، وإثباتها في حاشية البحث وفق خيارات كثيرة يضعها الباحث.
وتتلخص الصورة عنه في :
1 - أن الباحث يضع البحث المعد لديه على برنامج الوورد ، ويضع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بين أقواس معينة.
2 - ثم يعطي للبرنامج أمراً وفق خيارات كثيرة يختارها الباحث في صياغة متكاملة للحواشي والتعليقات.
3 - ثم بطريقة آلية، يعيد البرنامج صياغة البحث مع صنع الحواشي والتخريجات للبحث بالصورة التي اختارها الباحث .

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 03:11 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (99)



الموسوعات العلمية للحديث الشريف(12)

عاشرا : مشروع برنامج المحدث.
قام على تصميم البرنامج وإدارته طلبة دار الحديث النبوي الشريف - سابقاً -. مؤسسة، مدرسة " Madrasa Inc"، واشنطن، أمريكا Washington، DC، USA " ".
وينتسب أولئك القائمون على المشروع لدار الحديث الأشرفية، الكائنة في مدينة دمشق، غربي العصرونية، جوار الباب الشرقي لقلعة صلاح الدين.
وقد سمي البرنامج بهذه التسمية :
1 - إشعارا بشرف علم الحديث ، ونسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2 - إشعارا بدور كبار محدثي الأمة في تحقيق الحديث الشريف وحفظه ونشره عبر القرون والبلدان .
3ـ تيمنا بذكرى المحدث الشيخ محمد بدر الدين الحسني ودوره في نشر علم الحديث في الديار الشامية .
ويقوم المشروع بإصدار برنامج المحدث وتطويره، وهو برنامج مجاني في الأصل، حيث إن برنامج البحث ( يمكن تنزيله من الإنترنت ) وجميع ملفات الكتب التابعة له ( يمكن تنزيلها كذلك مجاناً )، وهذا شعار البرنامج في الموقع ("وقف" على جميع المسلمين ).

ابو وليد البحيرى
2019-06-10, 03:13 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (100)


الموسوعات العلمية للحديث الشريف(13)




الهدف من المشروع:

والهدف الرئيس للمشروع كما جاء في الموقع الخاص بالبرنامج: "تحويل ما أمكن من التراث الإسلامي إلى المجال الإلكتروني، لتسهيل تصفحه والبحث ضمنه، كصدقة جارية، وبناء على الحديث الشريف:( من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)

ويشمل البرنامج عدداً من كتب السنة بالإضافة إلى مجموعة من كتب التفسير والفقه والمعاجم وغيرها، إلا أنه يفتقد الدِّقة العلمية في تصنيف الكتب تحت العناوين الكلية للبرنامج.

وقد قسم البرنامج إلى أقسام تسعة هي:

1 - القرآن والتفسير.

2 - كتب الحديث

3 - كتب الآثار.

4 - كتب الفقه.

5 - كتب العقيدة

6 - كتب المصطلح.

7 - كتب التزكية ( الرقائق ).

8 - كتب المعاجم.

9 - كتب الأصول، وآخرها مراجعي.

والبرنامج على قيمته وسهولة التعامل معه وإمكاناته؛ بحاجة إلى مراجعة وتدقيق، وأيضاً بحاجة إلى النظر في تصنيف الكتب وتوزيعها على فنون العلم كما أشرت قبل قليل، لأن هنالك خلطاً ظاهراً في ذلك .

ابو وليد البحيرى
2019-06-25, 01:44 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (101)



الحلقة (101 ) :قواعد في التخريج(1-1)
انتهينا فيما سبق من ذكر طرق التخريج ، وفي هذه الحلقات نقف مع أهم القواعد التي ينبغي على الباحث أن على علم ووعي بها وهو يمارس تخريج الحديث الشريف .
قاعدة (1)
إذا طلب من الباحث تخريج متن حديث دون تحديد الصحابي الذي رواه ؛ فالباحث مطالب بتخريجه عن كل الصحابة الذين رووه ، فيقول : هذا الحديث رواه الأئمة عن فلان وفلان من الصحابة .
أما حديث الصحابي أنس ــ مثلا ــ فأخرجه فلان ، ويذكر الباحث عنوان الكتاب وعنوان الباب، ورقم الجزء والصفحة والحديث ، ويذكر كل من أخرجه .
ثم يقول : وأما حديث الصحابي فلان ــ جابر مثلا ــ فأخرجه فلان وفلان ، ويذكر عنوان الكتاب والباب كما سبق .
أما إذا طلب من الباحث تخريج متن حديث مع ذكر الصحابي ، فالباحث مطالب بتخريج هذا المتن عن هذا الصحابي بالذات، فإذا وجده عن غير هذا الصحابي فليس حديثه ، وإنما هو شاهد له ، فعلى الباحث أن يجتهد في تخريجه عن الصحابي الذي رواه ، ويقول : أخرجه فلان وفلان ، مع ذكر عنوان الكتاب والباب كما سبق ، وبعد أن يفرغ من ذلك يقول ، وله شاهد عن فلان وفلان من الصحابة ، ويذكر تخريج هذه الشواهد .
قاعدة (2)
العمدة في التخريج عند المحدثين أصل الحديث ، ولا يهم عندهم اختلاف الألفاظ ، فما دام الصحابي متحدا ومعنى المتن متحدا كله أو بعضه فهو حديثك ، فإذا وجدت المتن فيه بعض اختلاف في الألفاظ فلا يضر ، وإذا وجدت المتن متحدا في جزء وهناك زيادة عندي أو في الكتاب الذي أخرج منه فلا يضر أيضا .
قال الزيلعي في (( نصب الراية )) : وظيفة المحدث أن يبحث عن أصل الحديث فينظر من خرّجه ، ولا يضره تغير بعض ألفاظه ولا الزيادة فيه أو النقص.(1)
وقال السخاوي : ثم إن أصحاب المستخرجات غير متفردين بصنيعهم بل أكثر المخرجين بالمشيخات والمعاجم وكذا الأبواب يوردون الحديث بأسانيدهم ، ثم يصرحون بعد انتهاء سياقه غالبا بعزوه إلى البخاري أو مسلم أو إليهما معا مع اختلاف الألفاظ وغيرها ؛ يريدون أصله .(2)
وقال العراقي في مقدمة كتابه (( المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار )) : وحيث عزوت الحديث لمن خرجه من الأئمة فلا أريد بذلك اللفظ بعينه ؛ بل قد يكون بلفظه ، وقد يكون بمعناه ، أو باختلاف على قاعدة المستخرجات .(3)
وقال أيضا في مقدمة (( تقريب الأسانيد )) : (( وحيث عزوت الحديث لمن خرجه فإنما أريد أصل الحديث لا ذلك اللفظ ، على قاعدة المستخرجات )) .(4)
________________
(1) نصب الراية : 1/200،3/54 .
(2) فتح المغيث : 1/ 41 .
(3) المغني عن حمل الأسفار بهامش الإحياء :1 1. ط : المعرفة .
(4) طرح التثريب : 1/19 .

ابو وليد البحيرى
2019-06-25, 01:47 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (102)




قواعد في التخريج(1-2)

قاعدة (3)

معرفة مناهج علماء الحديث واختلاف أغراضهم في مصنفاتهم في الحديث من الأمور المهمة التي تساعد عند البحث عن الحديث ، كما تساعد في فهم مقاصدهم من إيراده في كتبهم ، وبالتالي بيان مرتبة الحديث .

ومن أهم الكتب المساعدة في ذلك :

1 ــ كتاب (( الحطة في ذكر الصحاح الستة )) لصديق خان .

2 ــ وكتاب (( الرسالة المستطرفة في بيان مشهور كتب السنة المشرفة )) لمحمد بن جعفر الكتاني .

3 ــ مقدمة كتابه (( جامع الأصول )) لابن الأثير ــ رحمه الله ــ ففيه فصل نافع في بيان اختلاف أغراض الناس ومقاصدهم في تصنيف الحديث.

4 ــ (( حجة الله البالغة )) لولي الله الدهلوي ففيه فصل يتعلق بطبقات كتب الحديث .

ويمكن القول بأن مصادر السنة متعددة ومتنوعة لكنها بالنسبة إلى ما نحن بصدد معالجته في هذا البحث تنقسم إلى قسمين :

1ـ المصادر الأصلية . 2ـ المصادر الفرعية .

أولا المصادر الأصلية :

تعريفها : كل كتاب يروي فيه مصنفه الأحاديث بأسانيده عن شيوخه عمن فوقهم حتى يصل إلى المتن .

مثل : قال الإمام البخاري في صحيحه : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثني أبو التياح عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا )

في هذا المثال نجد الإمام البخاري يذكر سلسلة الرجال الذين نقلوا الحديث قبل أن يذكر متن الحديث .

وقد سبق ذكر المصادر الأصلية وبيان أقسامها ، وعرفنا بكل قسم منها ، وذكرنا أهم المؤلفات فيه ، وذلك حين عرضنا لشرح تعريف التخريج .

ثانيا ك المصادر الفرعية :

تعريفها : هي كل كتاب يجمع فيه مصنفه الأحاديث من المصادر الأصلية من غير رواية لها بأسانيده .

ككتب أحاديث الأحكام ، وكتب الأحاديث المشتهرة على الألسنة ، وكتب الزوائد وغيرها مما سبق ذكره والتعريف به في شرح تعريف التخريج .

وهذه المصادر الفرعية بكافة أنواعها لا يعتبر العزو إليها تخريجا على الاصطلاح في فن التخريج ، وإنما هو تعريف القارئ بأن هذا الحديث مذكور في كتاب كذا .

وهذا النوع من العزو يلجأ إليه العاجز عن معرفة مصادر الحديث الأصلية ، فينزل في عزوه نزولا غير مستحسن ، وهو غير لائق بأهل العلم لا سيما أهل الحديث .

ابو وليد البحيرى
2019-06-25, 01:49 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (103)




قواعد في التخريج (3)

قاعدة ( 4 )
بيان من أخرج الحديث من أصحاب المصادر الأصلية ؛ بالرجوع إليها مباشرة ، أو بالاستفادة من المصادر الأخرى التي تعزو إليها ، ويـذكر ما يـلي :
أ ـ العبارة المناسبة للمصدر الذي رجع إليه ؛ بحيث :
ــ إذا كان من المصادر الأصلية فيقترح أن يقال : ذكره ، أو أورده أو خرجه وعزاه إلى ...، ويذكر المصدر الأصلي الذي عزي الحديث إليه في المصدر الفرعي ؛ مثل : أن يكون الحديث في كتاب ( نصب الراية ) للزيلعي ، وهذا الكتاب من المصادر الفرعية ؛ لأن الأحاديث لا تروى فيه بإسناد الزيلعي إلى منتهاه ؛ حيث إنه تخريج لأحاديث كتاب ( الهداية ) في الفقه الحنفي ، ومن العبارات المناسبة حينئذ أن يقال : ذكره الزيلعي في ( نصب الراية ) ، ويذكر الموضع ، وعزاه إلى إسحاق بن راهوية من طريق فلان .
ويفضل دائما العزو إلى المصادر الأصلية ، ولا يعزى إلى ما دونها إلا عند تعذر الوصول إلى المصدر الأصلي .
ــ إذا كان المصدر من المصادر التي يروي أصحابها أمهات الحديث ، فيقترح أن يقال : خرجه فلان وعزاه ؛ مثل : صنيع الهيثمي في كتابه (( مجمع الزوائد )) حيث ساق في مقدمته إسناده إلى هذه المصادر التي استخرج زوائدها ، فعند الحاجة إلى العزو إليه فيقترح أن يقال : الحديث خرجه الهيثمي في (( مجمع الزوائد )) وعزاه إلى الطبراني في الكبير ، ويمكن أن يقال أيضا : أخرجه الطبراني في (( المعجم الكبير )) كما في (( مجمع الزوائد )) للهيثمي ، وهذا أسلم .
ب ـ ذكر صاحب المصدر الذي أخرج هذا الحديث :
ويمكن أن يقتصر على ما اشتهر به صاحب المصدر من اسم أو نسبة دون ذكر اسم كتابه إذا كان هذا الكتاب أشهر مؤلفاته ؛ كأن يقال مثلا ؛ أخرجه الإمام أحمد ، أو أخرجه الإمام الحميدي ، أو أخرجه الإمام البخاري ... وهكذا يمكن أن يكتفى بالعزو إلى هؤلاء دون ذكر لأسماء كتبهم ؛ لأن العزو إلى الإمام أحمد والإمام الحميدي ينصرف إلى مسنديهما ، وكذا العزو إلى الإمام البخاري ينصرف إلى كتابه (( الجامع الصحيح )) .
ولو كان الحديث المخرج في مصادر أخرى لهؤلاء الأئمة لزم تقييد العزو إليها ؛ بأن يقال ـ مثلا ـ : أخرجه الإمام أحمد في (( الزهد )) ، أو في (( فضائل الصحابة )) ، أو أخرجه الإمام البخاري في (( الأدب المفرد )) ، أو في (( التاريخ الكبير )) .
ت ـ ذكر موضع الحديث في هذا المصدر كما يلي :
ـ ففي المسانيد والمعاجم ونحوها يقترح أن يذكر رقم المجلد إن كان الكتاب في أكثر من مجلد ، ثم رقم الصفحة ، ثم رقم الحديث إذا كانت الأحاديث مرقمة ، ويمكن أن تكتب على هذا النحو : ( المجلد ، الصفحة ، رقم الحديث ) ؛ بأن يقال : أخرجه فلان ـ الطبراني مثلا ـ في معجمه الكبير (1/7/99 ) .
ــ وفي المصنفات المرتبة على الأبواب الفقهية يقترح أن يذكر اسم الكتاب التفصيلي ورقمه ؛ لأن هذه المصنفات مقسمة إلى كتب ؛ مثل : كتاب الصلاة والصوم ... وهكذا ، ثم اسم الباب التفصيلي ورقمه التابع لكل كتاب مما سبق ؛ لأن تلك الكتب مقسمة إلى أبواب داخلية ، ثم رقم المجلد والصفحة والحديث ، ويمكن أن تكتب على هذا النحو : أخرجه البخاري ـ مثلا ـ ( 2كتاب الإيمان ، 15 باب حب الأنصار من الإيمان ، ج1، صـ 160 ، رقم 130 )
ث ــ يبين في قائمة المراجع جميع المعلومات التعريفية بطبعة المصدر الذي خرج الحديث منه :
بحيث يذكر رقم الطبعة وتاريخها،ودار النشر،ومكانها،و محقق الكتاب . (1)




(1) انظر : بحث (( التخريج عند المحدثين . معانيه ، ومصادره ، ووظائفه )) للدكتور : دخيل اللحيدان ، بمجلة جامعة الإمام ، العدد ( 28) شوال 1420 هـ . صـ 111ـ 115 .

ابو وليد البحيرى
2019-06-25, 01:51 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (104)



قواعد في التخريج (4)
قاعدة (5 )
مراعاة منهج المحدثين في ترتيب مصادر التخريج ؛ ذلك أن للمحدثين قانونا عاما في ترتيب المصادر ، فينبغي ملاحظة ذلك في التخريج ؛ لأن الإخلال به يجعل صاحبه في محل المؤاخذة ، كما صنع المناوي في استدراكاته على السيوطي في (( فيض القدير )) .
وترتيب المصادر إما أن يكون بحسب الشهرة ، أو بحسب الوفيات ، أو بحسب المتابعات :
أ ـ من حيث الشهرة :
فالكتب الستة متقدمة على غيرها ، ثم المسانيد ، ثم المعاجم ، ثم المصنفات ، ثم الأجزاء الحديثية ، وقد قرر ذلك العلماء .
قال الدهلوي في كتابه (( حجة الله البالغة )) : ( وكتب الحديث على طبقات مختلفة ومنازل متباينة ، فوجب الاعتناء بمعرفة طبقات كتب الحديث ، فنقول : هي باعتبار الصحة والشهرة على أربع طبقات :
فالطبقة الأولى : محصورة بالاستقراء في ثلاثة كتب : الموطأ ، وصحيح البخاري ، وصحيح مسلم .
والطبقة الثانية : كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ، ولكنها تتلوها ؛ كسنن أبي داود ، وجامع الترمذي ، ومجتبى النسائي .
والطبقة الثالثة : مسانيد وجوامع ومصنفات صنفت قبل البخاري ومسلم ، وفي زمانهما ، وبعدهما ؛ جمعت بين الصحيح والحسن والضعيف والمعروف والغريب والشاذ والمنكر والخطأ والصواب ، والثابت والمقلوب ، ولم تشتهر في العلماء ذلك الاشتهار ؛ كمسند أبي يعلى ، ومصنف عبد الرازق ، ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة ، ومسند عبد بن حميد ، ومسند الطيالسي ، وكتب البيهقي ، والطحاوي ، والطبراني .
والطبقة الرابعة : كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأوليين ، وكانت في المجامع والمسانيد المختفية ، فنوهوا بأمرها ، وكانت على ألسنة من لم يكتب حديثه المحدثون ، ككثير من الوعاظ المتشدقين وأهل الأهواء والضعفاء .. ومظنة هذه الأحاديث كتاب (( الضعفاء )) لابن حبان ، وكامل ابن عدي ، وكتب الخطيب ، وأبي نعيم ، والجوزقاني ، وابن عساكر ، وابن النجار ، والديلمي ) أ.هـ .(1)
ويلاحظ من خلال الكلام السابق أن الكتب الستة متقدمة على غيرها إجمالا ، وكذا الترتيب داخل الكتب الستة نفسها ، فقد أجمع العلماء على أن الصحيحين متقدمان على الأربعة ، وهذا باتفاق العلماء ، وأما تقديم أحد الأربعة على الآخر فهذا محل خلاف بين أهل العلم ، فبعضهم قدم سنن الترمذي على أبي داود والنسائي ، وبعضهم قدم النسائي عليهما لكونه اشترط شرطا في الرجال أشد من غيره ، وغالب أهل العلم جرى على تقديم سنن أبي داود على جميع السنن .
قال د. أحمد معبد : (( وعلى كل فالترتيب في الكتب الأربعة فيما بينها يكون ـ في التخريج ـ مقيدا بقيود يمكن توضيحها على النحو التالي :
● إن كان من ناحية حصر أحاديث الأحكام واستيعاب ألفاظها ؛ فأبو داود مقدم على غيره ، حتى قال بعضهم : إن سنن الإمام أبي داود يعتبر مصدرا من مصادر زيادة الثقات في الأحكام لعنايته بذلك .
● وإن كان المقصود تعقيب كل حديث بحكمه ودرجته مع بيان الصناعة الحديثية ؛ فالترمذي مقدم على غيره.
● وإن كان المراد فقه التبويب أو إيراد الحديث المعل ثم رفع العلة بإيراد حديث ثابت وموضح العلة ؛ فالنسائي مقدم .
● وإن كان المراد البحث في سند الحديث وبيان أسماء رجاله أو كناهم أو ألقابهم هو المقصود ؛ فابن ماجه مقدم لعنايته بذلك .
● وأما من ناحية درجة القوة فالثلاثة مقدمون على ابن ماجه،وكثير من أهل العلم لم يلتفت للقيود المذكورة،وإنما قدم الأشهر فالأشهر).أ.هـ (2)
والذي عليه العمل الآن : تقديم سنن أبي داود ، ثم الترمذي ، ثم النسائي ، ثم ابن ماجه .
والذي لا يلتزم بذلك فإنه يؤاخذ ؛ والدليل على مراعاة العلماء لهذا الترتيب : ما انتقد به المناوي على السيوطي ؛ حيث تعقبه ( 2/ 378 ) في عزو حديث (( إن الفخذ عورة )) وقد عزاه السيوطي إلى الحاكم ، وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ، وقال المناوي :( يقتضي تصرف المؤلف ـ يعني السيوطي ـ أنه لا يوجد مخرجا في أحد الستة ، وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف ، فقد رواه أبو داود في الحمام عن جرهد المذكور ـ وكان من أصحاب الصفة ـ وخرجه البخاري في (( تاريخه الكبير )) ، والترمذي في (( الاستئذان ))، فإضراب المصنف عن ذلك كله صفحا،واقتصاره على الحاكم قصور وتقصير مستبين ) أ.هـ .
وتعقبه أيضا (2/12 ـ 13 ) في حديث (( اعملوا فكل ميسر لما خلق له )) حيث عزاه إلى الطبراني عن ابن عباس وعن عمران بن حصين ، وحكم عليه بالصحة ، قال المناوي : ( وظاهر عدوله إلى الطبراني واقتصاره عليه أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة ، والأمر بخلافه ، فقد أخرجه الشيخان من حديث علي ) أ.هـ .
فهذه القاعدة بالنسبة لتقديم الستة على غيرها عند التخريج ،يحتكم إليها المناوي في تعقباته على السيوطي من أول (( فيض القدير )) إلى آخره ، فصنيعه يدل على أن القاعدة عامة ومقررة عند العلماء ، وأما ما لم يكن في أحد الستة فالمعروف عندهم تقديم المسانيد على المعاجم لشهرتها .
مثاله : حديث (( أفضل الأعمال : الإيمان بالله وحده ، ثم الجهاد ، ثم ححجة برة )) عزاه السيوطي إلى الطبراني عن ماعز ورمز له بالحسن ، قال المناوي : ( 2/ 27 ) ( ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد إلا عند الطبراني ، وهو عجيب ، فقد أخرجه أحمد في المسند ، وقال الهيثمي بعدما عزاه له وللطبراني : رجال أحمد رجال الصحيح ) أ.هـ .
ومن هنا يعرف أنه كان ينبغي الابتداء بالأشهر ، وهذا موجود في (( نصب الراية )) للزيلعي ، و (( منية الألمعي )) لابن قطلوبغا ، وفي (( البدر المنير )) لابن الملقن ، و(( التلخيص الحبير )) و (( نتائج الأفكار )) لابن حجر .
هذا وسنأتي في الحلقات القادمة ــ إن شاء الله ــ على ذكر ما يتعلق بباقي هذه القاعدة وبقية القواعد الأخرى .




(1) انظر : حجة الله البالغة : 132 ـ 135 .
(2) محاضرات في التخريج للدكتور أحمد معبد .

ابو وليد البحيرى
2019-06-25, 01:54 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (105)




قواعد في التخريج (5)

الطريقة الثالثة في ترتيب مصادر التخريج:

التخريج بحسب المتابعات :

والمتابعة هي : أن يتابع راو يصلح حديثه للاعتبار راويا آخر لحديث ما ؛ بأن يروي معه ذلك الحديث بلفظه أو معناه ، ويشترك معه في الرواية عن شيخه أو عن من هو فوقه بحسب تمام المتابعة أو قصورها حتى الوصول إلى نفس الصحابي راوي ذلك الحديث ، فإن اشترك المتابع مع الراوي في شيخه كانت المتابعة تامة ، وإن شاركه في من فوقه كشيخ شيخه أو من بعده كانت ناقصة .

فالمتابعة التامة :هي التي تحصل للراوي نفسه بأن يروي حديثه راو آخر عن شيخه .

والمتابعة القاصرة ( الناقصة ) هي : التي تحصل لشيخ الراوي بأن يروي راو آخر الحديث عن شيخ شيخه ، وكذا التي تحصل لمن فوق شيخ الراوي .

مثال المتابعة التامة : ما رواه الشافعي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( الشهر تسع وعشرون ، لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ). (1)

هذا الحديث بهذا اللفظ ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك فعدوه في غرائبه ، لأن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسناد بلفظ : ( فإن غم عليكم فاقدروا له ) ، لكن وجدنا للشافعي متابعا عند البخاري في صحيحه ، فقد قال فيه : حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( الشهر تسع وعشرون ليلة ، فلا تصوموا حتى تروه،فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)(2)

فهذه متابعة تامة للإمام الشافعي ، فقد روى الحديث عبد الله بن مسلمة عن مالك شيخ الشافعي بالسند والمتن.





(1) الأم 2/ 94

(2) صحيح البخاري ، كتاب الصيام ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا رأيتم الهلال فصوموا .. )رقم (1907 )

ابو وليد البحيرى
2019-06-25, 01:56 AM
التخريج ودراسة الأسانيد
أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


الحلقة (106)



قواعد في التخريج (6)
مثال للمتابعة القاصرة :
والمتابعة القاصرة : ما رواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث عاصم بن محمد عن أبيه محمد بن زيد عن جده عبد الله بن عمر : (فأكملوا ثلاثين)(1) .
ورواه مسلم في صحيحه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، الحديث بلفظ (فاقدروا ثلاثين)(2) .
فهذه متابعة قاصرة ، لأن الموافقة للشافعي وقعت في رواية الحديث عن من فوق شيخه ، وهو هنا الصحابي .
وينبغي في ترتيب المصادر بحسب المتابعات تقديم المتابعة التامة على المتابعة القاصرة،وعند اتحاد المتابعة تراعى الصحة ولو اختلف اللفظ قليلا، طالما أنه لم يترتب عليه حكم يغير ، فإن ترتب عليه حكم روعي المتن ، فإن لم توجد روعيت الشهرة .
القاعدة السادسة
إذا دخل مصنف من طريق مصنف آخر ، ولو كان بينهم فرق تاريخي ، فإنه يراعي في المتابعة الأتم ، فيقدم من دخل من طريق الراوي على الأصح ،كأن يدخل البيهقي على سنن أبي داود من طريق أبي داود ، ويروي الحديث البخاري ، ونحن نريد تخريج حديث أبي داود ، فنحن هنا نقدم طريق البيهقي ثم البخاري ، لأنه يؤكد رواية أبي داود للحديث ، أي باعتبار ذلك نسخه .
فنقول مثلا : أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب كذا ، باب كذا ، رقم كذا .
وأخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى ، كتاب كذا ، باب كذا ( ج/ ص ) .

وأخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب كذا ، باب كذا ، رقم كذا ....

وهكذا .


(1) صحيح ابن خزيمة ، كتاب الصيام ، باب ذكر الدليل على أن الأمر بالتقدير للشهر إذا غم أن يعد شعبان ثلاثين يوما ثم يصام ( 1909 )
(2) صحيح مسلم ، كتاب الصيام ، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال (2499 )