ابو وليد البحيرى
2018-01-30, 04:44 PM
دليلك إلى مسائل الصيام 1(*)
مجموعة من المشايخ الفضلاء
مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا تلخيص لمسائل كتاب الصيام من "الشرح الكبير لمتن المقنع في الفقه الحنبلي" لأبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي-رحمه الله-(ت682)، اقتصرنا فيه على ذكر المسألة والأقوال وقائليها دون استدلال إلا ما جاء عرضاً كبعض الإجماعات، وزدنا عليها ترجيحات شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-(ت728) من "مجموع الفتاوى"بجمع ابن قاسم-رحمه الله-(ت1392) (ط.مجمع الملك فهد-رحمه الله-) ومن الإنصاف للمرداوي-رحمه الله-(ت885)(ط.عالم الكتب)، وترجيحات العلامة ابن قيم الجوزية-رحمه الله-(ت751)من "زاد المعاد"(ط.الرسالة)، واختيارات اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية(أنشأت عام1391)، وترجيحات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-(ت1420) من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة"(ط.الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء)، وترجيحات فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين-رحمه الله-(ت1421) من "الشرح الممتع"(ط.ابن الجوزي) ومن "الفتاوى"(ط.دار الثريا) والأصل هو الشرح، ومتى كان النقل من الفتاوى أشرنا إلى ذلك.
فإن كان ترجيح من ذكرنا لقولٍ من الأقوال التي ذكرها الشارح أشرنا إليه بعده بين قوسين تمييزاً له عن كلام الشارح، وإلم يكن أضفنا قوله، وعلامة الأقوال المضافة مما ليس في الشرح الكبير أن يكون القائل بهذا القول مذكوراً بين قوسين، وليس ثَم غيره، وهناك نزر يسير من المسائل ليست في الأصل (الشرح الكبير)، مشاراً إلى مصدرها، مع العلم أن بعض الأقوال المذكورة في الأصل تكون رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله-(ت241) ولا يذكر الشارح ذلك تبعاًَ للموفق أبي عبد الله ابن قدامة-رحمه الله- (620) في المغني، في حين يذكران مَن قال به مِن علماء الحنابلة (الأصحاب) كالقاضي أبي يعلى-رحمه الله- (ت458)و أبي بكر الخلال-رحمه الله- (ت311)أحياناً، ويُعرف كونها رواية من "الإنصاف"لأبي الحسن المرداوي-رحمه الله-، وهذه سِمة لكتابيهما.
و قد قام إخوانكم في {الخميسية الفقهية} بهذا العمل قبل عام من تاريخه، وهم كلٌّ من الأخوة الأكارم: أحمد بن علي بن صالح، وعبد الله بن خالد القاسم، وعماد بن عبد الله الأيداء، وعبد الله بن عمر طاهر. فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن أنفسنا والشيطان، وبارك الله في أخٍ أرشدنا إلى تصويبه، سائلين العلي القدير أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به، آمين.
و الله ولي التوفيق
مسألة 1: تعريف الصيام:
لغة: الإمساك. قال النابغة الذبياني:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحتَ العَجاج وأخرى تعلُك اللُّجما
اصطلاحًا: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس تقربًا إلى الله تعالى.
مسألة 2: ما يثبت به دخول شهر رمضان أحد ثلاثة أشياء:
أ*) رؤية هلال رمضان: يجب به الصوم إجماعاً.
ب*) كَمَالُ شعبان ثلاثين يوماً: يجب به الصوم, ولا نعلم فيه خلافاً.
ج) أن يحول دون منظره ليلة الثلاثين من شعبان غيمٌ أو قترٌ:
القول الأول: يجب صيامه، ويجزئه إن كان من رمضان.
وهو مذهب عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر رضي الله عنهم، وهو ظاهر المذهب واختيار الخرقي وأكثر شيوخ أصحابنا.
القول الثاني: لا يجب صومه، ولا يجزئه عن رمضان إن صامه.
وهي رواية عن أحمد وقول أبي حنيفة ومالك والشافعي وكثير من أهل العلم (واختار ابن تيمية الإباحة وعدم الوجوب.الإنصاف7/327-328، وكذلك ابن القيم2/44)
القول الثالث: الناس تبعٌ للإمام, فإن صام صاموا وإن أفطر أفطروا.
وهو قول الحسن وابن سيرين ورواية عن أحمد.
القول الرابع: لا يجوز صومه.
(عزاه شيخ الإسلام لأبي حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن أحمد 25/122) فيكون هو القول الثاني (اللجنة10/117) (وابن باز 15/408) (وابن عثيمين 6/307)
مسألة 3: إذا رؤي الهلال نهاراً في أول رمضان، فهل يُعتبر لليلة الماضية فيُمسكوا(1)، أو يُعتبر لليلة المقبلة فلا يعتد به حتى يُرى بعد الغروب؟
القول الأول: يُعتبر لليلة المقبلة فلا يعتد به حتى يُرى بعد الغروب.
وهو الصحيح من المذهب وقول مالك وأبي حنيفة والشافعي (وابن عثيمين 6/307)
القول الثاني: يُعتبر لليلة الماضية فيُمسكوا.
وهي رواية عن أحمد.
مسألة 4: إذا رؤى الهلال نهاراً في آخر رمضان، فهل يعتبر لليلة الماضية فيفطروا، أو يعتبر لليلة الماضية فلا أثر لرؤيته حتى يُرى بعد الغروب؟
القول الأول: يعتبر لليلة الماضية فلا أثر لرؤيته حتى يُرى بعد الغروب, سواءً رؤي قبل الزوال أو بعده.
وهو قول عمر وابنه وابن مسعود وأنس رضي الله عنهم والمشهور عن أحمد, وقول الأوزاعي ومالك والليث وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق (وابن عثيمين 6/307).
القول الثاني: يعتبر لليلة الماضية فيفطروا.
روي عن عمر رضي الله عنه، وحكي عن أحمد، وبه قال الثوري وأبو يوسف.
مسألة 5: إذا رأى الهلال أهلُ بلدٍ هل يلزم الناس كلهم الصوم؟
القول الأول: نعم.
وهو المذهب وقول الليث وبعض أصحاب الشافعي(وابن باز15/83).
القول الثاني: التفصيل: إن كان بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد والبصرة لزم أهلها الصوم برؤية الهلال في أحدهما، وإن كان بينهما بُعْدٌ كالحجاز والعراق والشام فلكل أهل بلدٍ رؤيتهم.
وهو قول بعض أصحاب الشافعي (وابن تيمية.الإنصاف7/336) (وابن عثيمين 6/310).
القول الثالث: لكل أهل بلدٍ رؤيتهم.
وهو قول عكرمة ومذهب القاسم وسالم وإسحاق.
القول الرابع: الناس تبعٌ لولي الأمر إذا اختلفوا. (اللجنة10/99,97).
مسألة 6: من يُقبل قوله في رؤية هلال رمضان.
القول الأول: قول عدل واحد.
وهو قول عمر وابنه وعلي رضي الله عنهم ، والمشهور عن أحمد وقول ابن المبارك والشافعي في الصحيح عنه(وابن القيم2/36) (واللجنة10/90) (وابن باز15/61) (وابن عثيمين 6/315و يشترط مع العدالة قوة البصر)
القول الثاني: لا يُقبل إلا شهادة عدلين.
روي عن عثمان رضي الله عنه، وهي رواية عن أحمد، وقول مالك والليث والأوزاعي وإسحاق.
القول الثالث: التفصيل: إن رآه وحدَه ثم قدِم المِصْرَ صام الناس بقوله، وإن كان الواحد في جماعة الناس فذكر أنه رآه دونهم لم يقبل إلا قول اثنين.
وهو قول أبي بكر عبد العزيز.
القول الرابع: في الغيم تقبل شهادة واحد، وفي الصحو لا يقبل إلا الاستفاضة.
وهو قول أبي حنيفة.
مسألة 7: إن أخبره برؤية الهلال مَن يثق بقوله لزمه الصوم، وإن لم يثبت ذلك عند الحاكم.
ذكره ابن عقيل.
مسألة 8: إن كان المخبـِرُ امرأةً:
القول الأول: قُبل قولها.
وهو قياسُ المذهب، وقولُ أبي حنيفة وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي.
القول الثاني: لا يقبل.
احتمال (واختاره ابن باز 15 /62).
مسألة 9: مَن يُقبل قوله في رؤية هلال سائر الشهور كشوال.
القول الأول: عدلان.
قول الجميع إلا أبا ثور (وابن باز15/61) (وابن عثيمين 6/320)
القول الثاني: يقبل في هلال شوال قول واحد.
وهو قول أبي ثور.
مسألة 10: ولا يقبل في هلال شوال شهادة رجلٍ وامرأتين، ولا شهادة النساء المنفردات وإن كثرن، وكذلك سائر الشهور.
مسألة 11: إذا دخل شهر رمضان بشهادة اثنين فإنه يخرج الشهر بإكمال ثلاثين يوماً إذا لم يُر هلال شوال.
مسألة 12: وأما إذا دخل بشهادة واحد فعلى وجهين:
أحدهما: لا يفطرون.
الثاني: يفطرون.
وهو منصوص الشافعي، وحُكي عن أبي حنيفة (وابن عثيمين6/317) .
مسألة 13: فإن صاموا لأجل الغيم في أول رمضان لم يفطروا بإكمال ثلاثين يوماً.
مسألة 14: من رأى هلال رمضان وحده ورُدَّتْ شهادته:
القول الأول: لزمه الصوم، سواء كان عدلاً أو فاسقاً، شَهِد عند الحاكم أو لم يشهد، قُبلت شهادته أو رُدَّت.
وهو المشهور في المذهب، وقول مالك والليث والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر (وابن عثيمين 6/320 ويكون سراً).
القول الثاني: لا يصوم.
وهي رواية عن أحمد:(لا يصوم إلا في جماعة الناس) ورُوي نحوه عن الحسن وابن سيرين، وهو قول إسحاق وعطاء (وابن تيمية.الإنصاف 7 /7 34، الفتاوى25 /114) (وابن باز 15 /73)
مسألة 15: مَن رأى هلال شوال وحده.
القول الأول: لا يفطر.
مروي عن عمر وعائشة رضي الله عنهم ، وعن مالك والليث، وهو المذهب (واختاره ابن تيمية.الإنصاف 7/348،الفتاوى25/114) (وابن باز15/73) (وابن عثيمين6/320).
القول الثاني: يحل له أن يأكل بحيث لا يراه أحد.
وهو قول الشافعي.
مسألة 16: إن رأى الهلال اثنان فلم يشهدا عند الحاكم جاز لمن سمِع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتهما, ولكل واحدٍ منهما أن يفطر بقولهما إذا عرف عدالة الآخر، وإن شهدا عند الحاكم فردّ شهادتهما؛ لجهله بحالهما فلمن علم عدالتهما الفطر (2).
مساْلة 17: إن اشتبهت الأشهر على الأسير ونحوه، فلا يمكنه تَعرُّف الأشهر بالخبر، تحرّى واجتهد، فإذا غلب على ظنّه عن أمارةٍ تقوم في نفسه دخول شهر رمضان صامه، ولا يخلو من أربعة أحوال:
أ) أن لا ينكشف له الحال: فيصح صومه ويجزؤه.
ب) أن ينكشف أنه وافق الشهر أو ما بعده:
القول الأول: يجزؤه.
وهو قول عامة العلماء.
القول الثاني: لا يجزؤه حتى في الحالة الأولى.
حُكي عن الحسن بن صالح.
جـ) أن ينكشف أنه وافق ما قبل الشهر:
القول الأول: لا يجزؤه.
وهو قول عامة الفقهاء.
القول الثاني: يجزؤه.
اْحد القولين عند الشافعية.
د) أن يوافق بعضُه رمضان دون بعض: فما وافق رمضان أو بعده أجزأه، وما وافق قبله لم يجزئه.
مسألة 18: في الحالة الثانية من المسألة السابقة: لو وافق صومه بعد الشهر اشتُرِط أن يكون ما صامه موافق لعدد أيام شهر رمضان في تلك السنة(29 أو 30)، ولا يجزؤه أقل من ذلك.
مسألة 19: فإن لم يغلب على ظن الأسير ونحوه دخول رمضان فصام لم يجزئه وإن وافق الشهر؛ لأنه صامه على الشك.
مسألة 20: وإذا صام تطوعاً فوافق شهر رمضان:
القول الأول: لم يجزئه.
نص عليه أحمد، وبه قال الشافعي.
القول الثاني: يجزؤه.
وهو قول أصحاب الرأي (وابن تيمية 25/101ـ102)
مسألة 21: شروط وجوب الصوم بغير خلاف:
1.الإسلام، 2.البلوغ، 3.العقل، 4.القدرة، (5.الإقامة زادته اللجنة10/237 وابن عثيمين 6/326 ونقل المؤلف الإجماع عليه، مسألة45)
مسألة 22: قضاء رمضان على المرتد إذا أسلم:
القول الأول: لا يجب عليه.
وهو المذهب (وابن باز15/360)
القول الثاني: يجب عليه القضاء.
وهي رواية في المذهب، وهو مذهب الشافعي.
مسألة 23: شروط صحة الصوم:
الإسلام والعقل والتمييز(3).
مسألة 24: الصبي العاقل والجارية إذا أطاقا الصوم صح منهما.
مسألة 25: وقت وجوب الصيام على الصبي والجارية:
القول الأول: حده البلوغ.
نص عليهما أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم (واللجنة10/145ـ148) (وابن عثيمين 6/323).
القول الثاني: إذا بلغ عشراً.
ذهب إليه بعض أصحاب أحمد.
مسألة 26: يجب على الوليِّ أمرُ الصبي بالصيام ويضربه عليه؛ ليعتاده، وحَدُّ ذلك:
القول الأول: إذا أطاقه.
وهو المذهب، وقول عطاء والحسن وابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي.
القول الثاني: إذا أطاق صيام ثلاثة أْيام تِباعاً لا يخور فيهن ولا يضعف.
وهو قول الأوزاعي.
القول الثالث: إذا كان له عشر سنين وأطاق الصيام.
وهو قول الخرقي وابن قدامة.
القول الرابع: إذا بلغ ثنتي عشرة سنة.
وهو قول إسحاق.
يتبع
مجموعة من المشايخ الفضلاء
مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا تلخيص لمسائل كتاب الصيام من "الشرح الكبير لمتن المقنع في الفقه الحنبلي" لأبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي-رحمه الله-(ت682)، اقتصرنا فيه على ذكر المسألة والأقوال وقائليها دون استدلال إلا ما جاء عرضاً كبعض الإجماعات، وزدنا عليها ترجيحات شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-(ت728) من "مجموع الفتاوى"بجمع ابن قاسم-رحمه الله-(ت1392) (ط.مجمع الملك فهد-رحمه الله-) ومن الإنصاف للمرداوي-رحمه الله-(ت885)(ط.عالم الكتب)، وترجيحات العلامة ابن قيم الجوزية-رحمه الله-(ت751)من "زاد المعاد"(ط.الرسالة)، واختيارات اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية(أنشأت عام1391)، وترجيحات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-(ت1420) من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة"(ط.الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء)، وترجيحات فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين-رحمه الله-(ت1421) من "الشرح الممتع"(ط.ابن الجوزي) ومن "الفتاوى"(ط.دار الثريا) والأصل هو الشرح، ومتى كان النقل من الفتاوى أشرنا إلى ذلك.
فإن كان ترجيح من ذكرنا لقولٍ من الأقوال التي ذكرها الشارح أشرنا إليه بعده بين قوسين تمييزاً له عن كلام الشارح، وإلم يكن أضفنا قوله، وعلامة الأقوال المضافة مما ليس في الشرح الكبير أن يكون القائل بهذا القول مذكوراً بين قوسين، وليس ثَم غيره، وهناك نزر يسير من المسائل ليست في الأصل (الشرح الكبير)، مشاراً إلى مصدرها، مع العلم أن بعض الأقوال المذكورة في الأصل تكون رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله-(ت241) ولا يذكر الشارح ذلك تبعاًَ للموفق أبي عبد الله ابن قدامة-رحمه الله- (620) في المغني، في حين يذكران مَن قال به مِن علماء الحنابلة (الأصحاب) كالقاضي أبي يعلى-رحمه الله- (ت458)و أبي بكر الخلال-رحمه الله- (ت311)أحياناً، ويُعرف كونها رواية من "الإنصاف"لأبي الحسن المرداوي-رحمه الله-، وهذه سِمة لكتابيهما.
و قد قام إخوانكم في {الخميسية الفقهية} بهذا العمل قبل عام من تاريخه، وهم كلٌّ من الأخوة الأكارم: أحمد بن علي بن صالح، وعبد الله بن خالد القاسم، وعماد بن عبد الله الأيداء، وعبد الله بن عمر طاهر. فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن أنفسنا والشيطان، وبارك الله في أخٍ أرشدنا إلى تصويبه، سائلين العلي القدير أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به، آمين.
و الله ولي التوفيق
مسألة 1: تعريف الصيام:
لغة: الإمساك. قال النابغة الذبياني:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحتَ العَجاج وأخرى تعلُك اللُّجما
اصطلاحًا: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس تقربًا إلى الله تعالى.
مسألة 2: ما يثبت به دخول شهر رمضان أحد ثلاثة أشياء:
أ*) رؤية هلال رمضان: يجب به الصوم إجماعاً.
ب*) كَمَالُ شعبان ثلاثين يوماً: يجب به الصوم, ولا نعلم فيه خلافاً.
ج) أن يحول دون منظره ليلة الثلاثين من شعبان غيمٌ أو قترٌ:
القول الأول: يجب صيامه، ويجزئه إن كان من رمضان.
وهو مذهب عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر رضي الله عنهم، وهو ظاهر المذهب واختيار الخرقي وأكثر شيوخ أصحابنا.
القول الثاني: لا يجب صومه، ولا يجزئه عن رمضان إن صامه.
وهي رواية عن أحمد وقول أبي حنيفة ومالك والشافعي وكثير من أهل العلم (واختار ابن تيمية الإباحة وعدم الوجوب.الإنصاف7/327-328، وكذلك ابن القيم2/44)
القول الثالث: الناس تبعٌ للإمام, فإن صام صاموا وإن أفطر أفطروا.
وهو قول الحسن وابن سيرين ورواية عن أحمد.
القول الرابع: لا يجوز صومه.
(عزاه شيخ الإسلام لأبي حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن أحمد 25/122) فيكون هو القول الثاني (اللجنة10/117) (وابن باز 15/408) (وابن عثيمين 6/307)
مسألة 3: إذا رؤي الهلال نهاراً في أول رمضان، فهل يُعتبر لليلة الماضية فيُمسكوا(1)، أو يُعتبر لليلة المقبلة فلا يعتد به حتى يُرى بعد الغروب؟
القول الأول: يُعتبر لليلة المقبلة فلا يعتد به حتى يُرى بعد الغروب.
وهو الصحيح من المذهب وقول مالك وأبي حنيفة والشافعي (وابن عثيمين 6/307)
القول الثاني: يُعتبر لليلة الماضية فيُمسكوا.
وهي رواية عن أحمد.
مسألة 4: إذا رؤى الهلال نهاراً في آخر رمضان، فهل يعتبر لليلة الماضية فيفطروا، أو يعتبر لليلة الماضية فلا أثر لرؤيته حتى يُرى بعد الغروب؟
القول الأول: يعتبر لليلة الماضية فلا أثر لرؤيته حتى يُرى بعد الغروب, سواءً رؤي قبل الزوال أو بعده.
وهو قول عمر وابنه وابن مسعود وأنس رضي الله عنهم والمشهور عن أحمد, وقول الأوزاعي ومالك والليث وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق (وابن عثيمين 6/307).
القول الثاني: يعتبر لليلة الماضية فيفطروا.
روي عن عمر رضي الله عنه، وحكي عن أحمد، وبه قال الثوري وأبو يوسف.
مسألة 5: إذا رأى الهلال أهلُ بلدٍ هل يلزم الناس كلهم الصوم؟
القول الأول: نعم.
وهو المذهب وقول الليث وبعض أصحاب الشافعي(وابن باز15/83).
القول الثاني: التفصيل: إن كان بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد والبصرة لزم أهلها الصوم برؤية الهلال في أحدهما، وإن كان بينهما بُعْدٌ كالحجاز والعراق والشام فلكل أهل بلدٍ رؤيتهم.
وهو قول بعض أصحاب الشافعي (وابن تيمية.الإنصاف7/336) (وابن عثيمين 6/310).
القول الثالث: لكل أهل بلدٍ رؤيتهم.
وهو قول عكرمة ومذهب القاسم وسالم وإسحاق.
القول الرابع: الناس تبعٌ لولي الأمر إذا اختلفوا. (اللجنة10/99,97).
مسألة 6: من يُقبل قوله في رؤية هلال رمضان.
القول الأول: قول عدل واحد.
وهو قول عمر وابنه وعلي رضي الله عنهم ، والمشهور عن أحمد وقول ابن المبارك والشافعي في الصحيح عنه(وابن القيم2/36) (واللجنة10/90) (وابن باز15/61) (وابن عثيمين 6/315و يشترط مع العدالة قوة البصر)
القول الثاني: لا يُقبل إلا شهادة عدلين.
روي عن عثمان رضي الله عنه، وهي رواية عن أحمد، وقول مالك والليث والأوزاعي وإسحاق.
القول الثالث: التفصيل: إن رآه وحدَه ثم قدِم المِصْرَ صام الناس بقوله، وإن كان الواحد في جماعة الناس فذكر أنه رآه دونهم لم يقبل إلا قول اثنين.
وهو قول أبي بكر عبد العزيز.
القول الرابع: في الغيم تقبل شهادة واحد، وفي الصحو لا يقبل إلا الاستفاضة.
وهو قول أبي حنيفة.
مسألة 7: إن أخبره برؤية الهلال مَن يثق بقوله لزمه الصوم، وإن لم يثبت ذلك عند الحاكم.
ذكره ابن عقيل.
مسألة 8: إن كان المخبـِرُ امرأةً:
القول الأول: قُبل قولها.
وهو قياسُ المذهب، وقولُ أبي حنيفة وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي.
القول الثاني: لا يقبل.
احتمال (واختاره ابن باز 15 /62).
مسألة 9: مَن يُقبل قوله في رؤية هلال سائر الشهور كشوال.
القول الأول: عدلان.
قول الجميع إلا أبا ثور (وابن باز15/61) (وابن عثيمين 6/320)
القول الثاني: يقبل في هلال شوال قول واحد.
وهو قول أبي ثور.
مسألة 10: ولا يقبل في هلال شوال شهادة رجلٍ وامرأتين، ولا شهادة النساء المنفردات وإن كثرن، وكذلك سائر الشهور.
مسألة 11: إذا دخل شهر رمضان بشهادة اثنين فإنه يخرج الشهر بإكمال ثلاثين يوماً إذا لم يُر هلال شوال.
مسألة 12: وأما إذا دخل بشهادة واحد فعلى وجهين:
أحدهما: لا يفطرون.
الثاني: يفطرون.
وهو منصوص الشافعي، وحُكي عن أبي حنيفة (وابن عثيمين6/317) .
مسألة 13: فإن صاموا لأجل الغيم في أول رمضان لم يفطروا بإكمال ثلاثين يوماً.
مسألة 14: من رأى هلال رمضان وحده ورُدَّتْ شهادته:
القول الأول: لزمه الصوم، سواء كان عدلاً أو فاسقاً، شَهِد عند الحاكم أو لم يشهد، قُبلت شهادته أو رُدَّت.
وهو المشهور في المذهب، وقول مالك والليث والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر (وابن عثيمين 6/320 ويكون سراً).
القول الثاني: لا يصوم.
وهي رواية عن أحمد:(لا يصوم إلا في جماعة الناس) ورُوي نحوه عن الحسن وابن سيرين، وهو قول إسحاق وعطاء (وابن تيمية.الإنصاف 7 /7 34، الفتاوى25 /114) (وابن باز 15 /73)
مسألة 15: مَن رأى هلال شوال وحده.
القول الأول: لا يفطر.
مروي عن عمر وعائشة رضي الله عنهم ، وعن مالك والليث، وهو المذهب (واختاره ابن تيمية.الإنصاف 7/348،الفتاوى25/114) (وابن باز15/73) (وابن عثيمين6/320).
القول الثاني: يحل له أن يأكل بحيث لا يراه أحد.
وهو قول الشافعي.
مسألة 16: إن رأى الهلال اثنان فلم يشهدا عند الحاكم جاز لمن سمِع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتهما, ولكل واحدٍ منهما أن يفطر بقولهما إذا عرف عدالة الآخر، وإن شهدا عند الحاكم فردّ شهادتهما؛ لجهله بحالهما فلمن علم عدالتهما الفطر (2).
مساْلة 17: إن اشتبهت الأشهر على الأسير ونحوه، فلا يمكنه تَعرُّف الأشهر بالخبر، تحرّى واجتهد، فإذا غلب على ظنّه عن أمارةٍ تقوم في نفسه دخول شهر رمضان صامه، ولا يخلو من أربعة أحوال:
أ) أن لا ينكشف له الحال: فيصح صومه ويجزؤه.
ب) أن ينكشف أنه وافق الشهر أو ما بعده:
القول الأول: يجزؤه.
وهو قول عامة العلماء.
القول الثاني: لا يجزؤه حتى في الحالة الأولى.
حُكي عن الحسن بن صالح.
جـ) أن ينكشف أنه وافق ما قبل الشهر:
القول الأول: لا يجزؤه.
وهو قول عامة الفقهاء.
القول الثاني: يجزؤه.
اْحد القولين عند الشافعية.
د) أن يوافق بعضُه رمضان دون بعض: فما وافق رمضان أو بعده أجزأه، وما وافق قبله لم يجزئه.
مسألة 18: في الحالة الثانية من المسألة السابقة: لو وافق صومه بعد الشهر اشتُرِط أن يكون ما صامه موافق لعدد أيام شهر رمضان في تلك السنة(29 أو 30)، ولا يجزؤه أقل من ذلك.
مسألة 19: فإن لم يغلب على ظن الأسير ونحوه دخول رمضان فصام لم يجزئه وإن وافق الشهر؛ لأنه صامه على الشك.
مسألة 20: وإذا صام تطوعاً فوافق شهر رمضان:
القول الأول: لم يجزئه.
نص عليه أحمد، وبه قال الشافعي.
القول الثاني: يجزؤه.
وهو قول أصحاب الرأي (وابن تيمية 25/101ـ102)
مسألة 21: شروط وجوب الصوم بغير خلاف:
1.الإسلام، 2.البلوغ، 3.العقل، 4.القدرة، (5.الإقامة زادته اللجنة10/237 وابن عثيمين 6/326 ونقل المؤلف الإجماع عليه، مسألة45)
مسألة 22: قضاء رمضان على المرتد إذا أسلم:
القول الأول: لا يجب عليه.
وهو المذهب (وابن باز15/360)
القول الثاني: يجب عليه القضاء.
وهي رواية في المذهب، وهو مذهب الشافعي.
مسألة 23: شروط صحة الصوم:
الإسلام والعقل والتمييز(3).
مسألة 24: الصبي العاقل والجارية إذا أطاقا الصوم صح منهما.
مسألة 25: وقت وجوب الصيام على الصبي والجارية:
القول الأول: حده البلوغ.
نص عليهما أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم (واللجنة10/145ـ148) (وابن عثيمين 6/323).
القول الثاني: إذا بلغ عشراً.
ذهب إليه بعض أصحاب أحمد.
مسألة 26: يجب على الوليِّ أمرُ الصبي بالصيام ويضربه عليه؛ ليعتاده، وحَدُّ ذلك:
القول الأول: إذا أطاقه.
وهو المذهب، وقول عطاء والحسن وابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي.
القول الثاني: إذا أطاق صيام ثلاثة أْيام تِباعاً لا يخور فيهن ولا يضعف.
وهو قول الأوزاعي.
القول الثالث: إذا كان له عشر سنين وأطاق الصيام.
وهو قول الخرقي وابن قدامة.
القول الرابع: إذا بلغ ثنتي عشرة سنة.
وهو قول إسحاق.
يتبع