مشاهدة النسخة كاملة : { وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ } الاية
الطيبوني
2018-01-27, 02:29 AM
يقول ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
موسى "صلوات الله عليه" لم يكن ليلقي الواحا كتبها الله تعالى فيها كلامه من على راسه الى الارض فيكسرها اختيارا منه لذلك ولا كان فيه مصلحة لبني اسرائيل ولذلك جره بلحيته وراسه وهو اخوه .
وانما حمله على ذلك الغضب فعذره الله سبحانه به ولم يعتب عليه بما فعل اذ كان مصدره الغضب الخارج عن قدرة العبد واختياره فالمتولد عنه غير منسوب الى اختياره ورضاه به
يوضحه قوله تعالى {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ}
فعدل سبحانه عن قوله سكن الى قوله "سكت" تنزيلا للغضب منزلة السلطان الآمر الناهي الذي يقول لصاحبه: افعل لا تفعل فهو مستجيب لداعي الغضب الناطق فيه المتكلم على لسانه فهو أولى بان يعذر من المكره الذي لم يتسلط عليه غضب يأمره وينهاه كما سياتي تقريره بعد هذا ان شاء الله
وإذا كان الغضب هو الناطق على لسانه الآمر الناهي له لم يكن ما جرى على لسانه في هذا الحال منسوبا الى اختياره ورضاه فلا يتم عليه أثره )
اغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان
محمدعبداللطيف
2018-01-27, 01:41 PM
يقول ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
وإذا كان الغضب هو الناطق على لسانه الآمر الناهي له لم يكن ما جرى على لسانه في هذا الحال منسوبا الى اختياره ورضاه فلا يتم عليه أثره )
بارك الله فيك اخى الكريم الطيبونى وجزاك خيرا -
الغضب المحمود ما كان في الحقِّ؛ غيرةً على دين الله أن تُنْتَهك محارِمُه، فهذا النَّوع من الغضب صفة كمال؛ فلِذا اتَّصف بها ربُّنا - عزَّ وجلَّ - فهو يغضب على الكافرين به الطَّاعنين في رسُلِه ودينه، من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين وسائر طوائف الكفر؛ ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَا تِ وَالْمُشْرِكِين َ وَالْمُشْرِكَات ِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ﴾
وهكذا كان غضبُ الأنبِياء - عليْهِم الصَّلاة والسَّلام - غضبًا محمودًا، فيحصل لهم الأذى من قومهم وهم صابرون محتسِبون، لكن لمَّا يتعلَّق الأمر بمعصية الله يتغيَّر الأمر ويظهر الغضَب، فجهاد الأنبياء سواء جهادهم الكفَّار أو الضالّين من أتْباعهم إنَّما هو غضب لله؛ ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ * وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ﴾ وعن عائشة قالت: "ما ضرب رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - شيئًا قطّ بيدِه، ولا امرأة ولا خادمًا، إلاَّ أن يُجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيءٌ قطّ فينتقم من صاحبه إلاَّ أن ينتهك شيءٌ من مَحارِم الله، فينتقم لله - عزَّ وجلَّ"؛ رواه مسلم (2328).----------------------------- قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى-وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا أي: ممتلئا غضبا وغيظا عليهم، لتمام غيرته عليه الصلاة السلام، وكمال نصحه وشفقته، قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أي: بئس الحالة التي خلفتموني بها من بعد ذهابي عنكم، فإنها حالة تفضي إلى الهلاك الأبدي، والشقاء السرمدي. أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ حيث وعدكم بإنـزال الكتاب. فبادرتم - برأيكم الفاسد - إلى هذه الخصلة القبيحة وَأَلْقَى الألْوَاحَ أي: رماها من الغضب وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ هارون ولحيته يَجُرُّهُ إِلَيْهِ وقال له: مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أن لا تَتَّبِعَن أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي لك بقولي: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ فـ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي و قَالَ هنا ابْنَ أُمَّ هذا ترقيق لأخيه، بذكر الأم وحدها، وإلا فهو شقيقه لأمه وأبيه: إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي أي: احتقروني حين قلت لهم: يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي أي: فلا تظن بي تقصيرا فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ بنهرك لي، ومسك إياي بسوء، فإن الأعداء حريصون على أن يجدوا عليَّ عثرة، أو يطلعوا لي على زلة وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فتعاملني معاملتهم.[تفسير السعدى] ---------وفى تفسيرالوسيط : وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
وقوله تعالى: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً بيان للحالة التي كان عليها موسى- عليه السلام- عند رجوعه من الطور، ومشاهدته للعجل الذي عبده قومه، فهو كان غاضبا عليهم لعبادتهم غير الله- تعالى- وحزينا لفتنتهم بعبادتهم عجلا جسدا له خوار.
قال الإمام الرازي: في الأسف قولان:
الأول: أن الأسف الشديد: الغضب، وهو قول أبى الدرداء وعطاء عن ابن عباس، واحتجوا له بقوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ أى: أغضبونا:
والثاني: أن الأسف هو الحزن، وهو قول الحسن والسدى وغيرهما، واحتجوا له بحديث عائشة أنها قالت: «إن أبا بكر رجل أسيف أى حزين» .
قال الواحدي: والقولان متقاربان لأن الغضب من الحزن، والحزن من الغضب، فإذا جاءك ما تكره ممن هو دونك غضبت. وإذا جاءك ممن هو فوقك حزنت، فتسمى إحدى هاتين الحالتين حزنا والأخرى غضبا»
وقوله غَضْبانَ أَسِفاً منصوبان على الحال من موسى عند من يجيز تعدد الحال. وعند من لا يجيزه يجعل أسفا حالا من الضمير المستكن في غضبان فتكون حالا متداخلة.
وقول موسى لقومه: بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي ذم منه لهم، والمعنى: بئس خلافة خلفتمونيها من بعد ذهابي عنكم إلى مناجاة ربي، وبئس الفعل فعلكم بعد فراقي إياكم. حيث عبدتم العجل، وأشربت قلوبكم محبته، ولم تعيروا التفاتا لما عهدت به إليكم، من توحيد الله، وإخلاص العبادة، والسير على سنتي وشريعتي.
قال الجمل: و «بئس» فعل ماض لإنشاء الذم، وفعله مستتر تقديره هو، و «ما» تمييز بمعنى خلافة، وجملة خلفتموني صفة لما. والرابط محذوف، والمخصوص بالذم محذوف، والتقدير بئس خلافة خلفتمونيها من بعدي خلافتكم .
وقوله مِنْ بَعْدِي معناه: من بعد ما رأيتم منى توحيد الله، ونفى الشركاء عنه، وإخلاص العبادة له، أو من بعد ما كنت احمل بنى إسرائيل على التوحيد واكفهم عما طمحت نحوه أبصارهم من عبادة البقر حين قالوا اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ. ومن حق الخلفاء أن يسيروا بسيرة المستخلف من بعده ولا يخالفوه.
وقوله تعالى أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ معناه أسبقتم بعبادة العجل ما أمركم به ربكم وهو انتظاري حافظين لعهدي، وما أوصيتكم به من التوحيد وإخلاص العبادة لله حتى آتيكم بكتاب الله، فغيرتم وعبدتم العجل قيل: كانوا قد استبطئوا نزوله من الجبل، فخدعهم السامري وصنع لهم العجل فعبدوه، وجعلوا يغنون ويرقصون حوله ويقولون: هذا هو الإله الحق الذي أنقذنا من الظلم، قال صاحب الكشاف: يقال عجل عن الأمر إذا تركه غير تام. ويضمن معنى سبق فعدى تعديته فقال: عجلت الأمر. والمعنى: أعجلتم عن أمر ربكم وهو انتظار موسى حافظين لعهده وما وصاكم به، فبينتم الأمر على أن الميعاد قد بلغ آخره ولم أرجع إليكم، فحدثتم أنفسكم بموتى فغيرتم كما غيرت الأمم بعد أنبيائهم.[تفسير الوسيط]
---وقال بن القيم رحمه الله: وقسم شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه الغضب إلى ثلاثة أقسام: قسم يزيل العقل كالسكر، فهذا لا يقع معه طلاق بلا ريب.
وقسم يكون في مبادئه بحيث لا يمنعه من تصور ما يقول وقصده، فهذا يقع معه الطلاق.
وقسم يشتد بصاحبه، ولا يبلغ به زوال عقله، بل يمنعه من التثبت والتروي ويخرجه عن حال اعتداله، فهذا محل اجتهاد. ( اعلام الموقعين 4/40).-----
وقال ابن القيّم رحمه الله """الغضب ثلاثة أقْسام: أحدها: أن يحصل للإنسان مبادئه وأوائلُه، بحيث لا يتغيَّر عليه عقله ولا ذهْنه، ويعلمُ ما يقول وما يقصده، فهذا لا إشْكال في وقوع طلاقه وعتْقِه وصحَّة عقوده، ولاسيَّما إذا وقع منه ذلك بعد تردّد فكره. القسم الثاني: أن يبلغ به الغضب نِهايته، بحيث ينغلق عليْه باب العلم والإرادة، فلا يعلم ما يقول ولا يريدُه، فهذا لا يتوجَّه خلاف في عدم وقوع طلاقه، والغضب غول العقل، فإذا اغتال الغضَب عقْلَه حتَّى لم يعلم ما يقول، فلا ريْب أنَّه لا ينفذ شيء من أقوالِه في هذه الحالة، فإنَّ أقوال المكلَّف إنَّما تنفذ مع علم القائل بصدورِها منه ومعناها وإرادته للتكلُّم بها... القسم الثالث: مَن توسَّط في الغضب بين المرتبتين، فتعدَّى مبادئه ولم ينته إلى آخِره بحيث صار كالمجْنون، فهذا موضع الخلاف ومحلّ النَّظر، والأدلَّة الشَّرعية تدل على عدم نفوذ طلاقِه وعتْقِه وعقودِه التي يعتبر فيها الاختيار والرضا، وهو فرع من الإغْلاق كما فسَّره به الأئمَّة". اهـ.[إغاثة اللهفان]
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.