تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قاعدة ذكرها الشنقيطي في تفسيره: (من أنواع البيان الاستدلال على أحد المعاني بكونه هو الغالب في القرآن).



محمد طه شعبان
2018-01-19, 09:29 AM
جاء في أضواء البيان (8/ 15):
((اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْحَشْرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْأَوَّلِ.
فَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْحَشْرِ أَرْضُ الْمَحْشَرِ، وَهِيَ الشَّامُ.
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَشْرِ: الْجَمْعُ.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْأَوَّلِ بِآثَارٍ مِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: مَنْ شَكَّ فِي أَنَّ أَرْضَ الْمَحْشَرِ هَاهُنَا يَعْنِي الشَّامَ فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَيْضًا، وَالزُّهْرِيِّ، وَسَاقَ قَوْلَهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيِ النَّضِيرِ: «اخْرُجُوا» ، قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: «إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ» ، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْأَوَّلِيَّةُ هُنَا مَكَانِيَّةً، أَيْ: لِأَوَّلِ مَكَانٍ مِنْ أَرْضِ الْمَحْشَرِ، وَهِيَ أَرْضُ الشَّامِ، وَأَوَائِلُهُ خَيْبَرُ وَأَذْرِعَاتٌ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْحَشْرَ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْجَمْعُ، قَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ الْمُحِيطِ: الْحَشْرُ الْجَمْعُ لِلتَّوَجُّهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مَا، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قِيلَ: الْحَشْرُ هُوَ حَشْدُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَتَائِبَ؛ لِقِتَالِهِمْ، وَهُوَ أَوَّلُ حَشْرٍ مِنْهُ لَهُمْ وَأَوَّلُ قِتَالٍ قَاتَلَهُمْ، وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الْأَوَّلِيَّةُ زَمَانِيَّةً وَتَقْتَضِي حَشْرًا بَعْدَهُ، فَقِيلَ: هُوَ حَشْرُ عُمَرَ إِيَّاهُمْ بِخَيْبَرَ، وَقِيلَ: نَارٌ تَسُوقُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَهُوَ حَدِيثٌ فِي الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: الْبَعْثُ.
إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ أَعَمُّ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ النَّارَ الْمَذْكُورَةَ، وَالْبَعْثَ لَيْسَتَا خَاصَّتَيْنِ بِالْيَهُودِ، وَلَا بِبَنِي النَّضِيرِ خَاصَّةً، وَمِمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى أَحَدِ الْمَعَانِي بِكَوْنِهِ هُوَ الْغَالِبَ فِي الْقُرْآنِ، وَمَثَّلَ لَهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْغَلَبَةِ: الْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ، وَالْغَالِبُ فِي الْقُرْآنِ اسْتِعْمَالُ الْغَلَبَةِ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى دُخُولِ تِلْكَ الْغَلَبَةِ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ خَيْرَ مَا يُبَيَّنُ بِهِ الْقُرْآنُ الْقُرْآنُ))اهـ.

الطيبوني
2018-01-19, 07:26 PM
من جلاء الافهام لابن القيم رحمه الله

( أوَامِر الله وَرَسُوله على التّكْرَار حَيْثُ وَردت إِلَّا فِي النَّادِر علم أَن هَذَا عرف خطاب الله وَرَسُوله للْأمة وَالْأَمر وَإِن لم يكن فِي لَفظه الْمُجَرّد مَا يُؤذن بتكرار وَلَا فَور فَلَا ريب أَنه فِي عرف خطاب الشَّارِع للتكرار فَلَا يحمل كَلَامه إِلَّا على عرفه والمألوف من خطابه وَإِن لم يكن ذَلِك مفهوماً من أصل الْوَضع فِي اللُّغَة وَهَذَا كَمَا قُلْنَا إِن الْأَمر يَقْتَضِي الْوُجُوب وَالنَّهْي يَقْتَضِي الْفساد فَإِن هَذَا مَعْلُوم من خطاب الشَّارِع وَإِن كَانَ لَا تعرض لصِحَّة الْمنْهِي وَلَا فَسَاده فِي أصل مَوْضُوع اللُّغَة

وَكَذَا خطاب الشَّارِع لوَاحِد من الْأمة يَقْتَضِي معرفَة الْخَاص أَن يكون اللَّفْظ متناولاً لَهُ ولأمثاله وَإِن كَانَ مَوْضُوع اللَّفْظ لُغَة لَا يَقْتَضِي ذَلِك فَإِن هَذَا لُغَة صَاحب الشَّرْع وعرفه فِي مصَادر كَلَامه وموارده وَهَذَا مَعْلُوم بالاضطرار من دينه قبل أَن يعلم صِحَة الْقيَاس واعتباره وشروطه وَهَكَذَا فَالْفرق بَين اقْتِضَاء اللَّفْظ وَعدم اقتضائه لُغَة وَبَين اقتضائه فِي عرف الشَّارِع وَعَادَة خطابه )