تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما صحة هذا الأثر؟



مريم ياسين
2017-12-25, 02:10 AM
وفقكم الله .. قد نقل الإمام ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم هذا الأثر فقال : وقد روى أبو الشيخ الأصبهاني، في شروط أهل الذمة بإسناده أن عمر بن الخطاب كتب: أن لا تكاتبوا أهل الذمة، فتجري بينكم وبينهم المودة، ولا تكنوهم، وأذلوهم ولا تظلموهم، ومروا نساء أهل الذمة، أن يعقدن زناراتهن، ويرخين نواصيهن، ويرفعن عن سوقهن حتى يعرف زيهن من المسلمات، فإن رغبن عن ذلك، فليدخلن في الإسلام طوعاً أو كرهاً.

فما صحة هذا الأثر عن الفاروق رضي الله عنه؟؟
وهل يثبت عنه أم لا؟؟
وشكراً مقدماً.

أبو البراء محمد علاوة
2017-12-25, 02:40 AM
يسأل عن صحة أثر عن عمر بن الخطاب في معاملة أهل الكتاب

السؤال:
قرأت قولاً منسوبًا إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فيه : " أذلوهم ولا تظلموهم ، ولا تتخذوا كاتبًا ، مملوكًا، ولا محدودًا في قذف ، ولا أحدا ممن لا تجوز شهادته ". أريد شرحًا وافيًا للقول ، ولم نُذل أهل الذمة ولا نكرمهم ؟! وكيف يكون ذلك ؟ وإذا سألونا عن القول بماذا نرد عليهم ؟ ألم يكن رسولنا _ صلى الله عليه وسلم _ يذهب لزيارة اليهودي إذا مرض ؟! .. ألم يدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كنيسة القيامة بنفسه ، ولم يصل فيها ، فكيف الإذلال !؟ ألا يتعارض ذلك مع الآية الكريمة : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) ؟ وهل النهي عن اتخاذ كاتب ( ولماذا كاتب ؟ ) يدل على النهي عن العمل معهم تمامًا ؟

تم النشر بتاريخ: 2012-08-05



الجواب :
الحمد لله
أولًا :
الكلام المذكور : رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان" (2/ 31) موقوفا ، مختصرا ، من طريق أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ : " قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الذِّمَّةِ : سَمُّوهُمْ وَلَا تُكَنُّوهُمْ، وَأَذِلُّوهُمْ وَلَا تَظْلِمُوهُمْ، وَإِذَا جَمَعَكُمْ وَإِيَّاهُمْ طَرِيقٌ، فَأَلْجِئُوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهَا " .
وهذا إسناد ضعيف : ضمرة بن حبيب لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فبين وفاتيهما 97 سنة . انظر "التهذيب" (4/403) .
وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف ، كما في "التقريب" (2/365) .

ثانيا :
قوله " أذلوهم ولا تظلموهم ولا تتخذوا كاتبًا مملوكًا ولا محدودًا في قذف ولا أحدا ممن لا تجوز شهادته " على فرض ثبوته عن أحد من الصحابة : فمعنى قوله " أذلوهم ولا تظلموهم " أي : طبقوا فيهم قول الله تعالى : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) التوبة /29 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : ذليلون حقيرون مهانون ، فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين ، بل هم أذلاء صَغَرة أشقياء " انتهى من "تفسير ابن كثير" (4 /133) .
وقال الإمام الشافعي رحمه الله :
" فَلَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَنْ تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِمَّنْ أَمَرَ بِأَخْذِهَا مِنْهُ حَتَّى يُعْطِيَهَا عَنْ يَدٍ صَاغِرًا .. وَسَمِعْت عَدَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : الصَّغَارُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْإِسْلاَمِ .. ، وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالُوا بِمَا قَالُوا ، لِامْتِنَاعِهِم ْ مِنْ الْإِسْلاَمِ , فَإِذَا جَرَى عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ , فَقَدْ أُصْغِرُوا بِمَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ مِنْهُ " انتهى من "الأم" (5/415) .
ويراجع جواب السؤال رقم : (132458 (https://islamqa.info/ar/132458)) .

والحاصل:
أن الذلة المذكورة في هذا الأثر ، إن صح عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : هي أن يلتزم بأحكام الإسلام ، ما دام يعيش في دار الإسلام ، ويجري عليهم حكم الله فيهم ، مع أنهم غير مؤمنين بهذا الدين .
وأما الظلم فهو محرم من كل أحد ، على كل أحد ؛ فلا يحل لمسلم ، ولا كافر ، أن يظلم مسلمًا ولا كافرًا .
وفي خصوص ظلم أهل العهد ، ورد التحذير الشديد ، فقد روى أبو داود (3052) عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

ثالثًا:
قوله : " ولا تتخذوا كاتبًا مملوكًا ولا محدودًا في قذف ولا أحدا ممن لا تجوز شهادته "
فهذا لا يخص أهل الكتاب ، وإنما يخص المسلمين .
والكاتب يقوم بكتابة وضبط جلسات القضاء ، تحت إشراف القاضي ، وإعدادها وتنسيقها لعرضها على القاضي للنظر فيها والحكم ، فهو يعرف الخصومات والإقرارات ، ويطلع على الشهود ، فلا بد أن يكون أهلا لهذه الأمانة .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (33/309) :
" يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا لأِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْتَبَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَغَيْرَهُ ؛ وَلأِنَّ الْقَاضِيَ تَكْثُرُ أَشْغَالُهُ ، وَيَكُونُ اهْتِمَامُهُ وَنَظَرُهُ مُتَوَجِّهًا لِمُتَابَعَةِ أَقْوَال الْخُصُومِ ، وَمَا يُدْلُونَ بِهِ مِنْ حُجَجٍ وَمَا يَسْتَشْهِدُونَ بِهِ مِنَ الشُّهُودِ ، فَيَحْتَاجُ إِلَى كَاتِبٍ يَكْتُبُ وَقَائِعَ الْخُصُومِ ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْكَاتِبِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا ، عَدْلاً ، عَارِفًا بِكِتَابَةِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلاَّتِ ، وَيُسْتَحَبُّ فِقْهُهُ ، وَوُفُورُ عَقْلِهِ وَجَوْدَةُ خَطِّهِ " انتهى .
وقال السرخسي رحمه الله :
" الْكَاتِب يَنُوبُ عَنْ الْقَاضِي فِيمَا هُوَ مِنْ أَهَمِّ أَعْمَالِهِ ، فَلَا يَخْتَارُ لِذَلِكَ إلَّا مِنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ . وَرُبَّمَا يَحْتَاجُ الْقَاضِي إلَى الِاعْتِمَادِ عَلَى شَهَادَتِهِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ ، أَوْ يَحْتَاجُ بَعْضُ الْخُصُومِ إلَى شَهَادَتِهِ ، فَلَا يَخْتَارُ إلَّا مَنْ يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ " انتهى من "المبسوط" (16/ 94) .
رابعًا :
أما خبر عمر رضي الله عنه ، فروى عبد الرزاق (1611) عن أسلم : " أن عمر حين قدم الشام صنع له رجل من النصارى طعاما وقال لعمر : إني أحب أن تجيئني وتكرمني أنت وأصحابك - وهو رجل من عظماء النصارى - فقال عمر : " إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها يعني التماثيل " . صححه الألباني في "آداب الزفاف" (ص92) .

فعمر رضي الله عنه ، لم يدخل الكنيسة أصلا ، من أجل هذه الصور التي يصورونها فيها ، ولكن ذلك لم يمنعه من إجابة دعوة هذا الرجل ، الذي هو من عظماء النصارى ؛ فقد يكون من وراء إجابة دعوته خير كثير ، فقد يدخل في دين الله ، ويدخل بسببه في الدين خلق كثير منهم .

إن مراعاة الأحكام الشرعية شيء ، والبر والإقساط وحسن المعاملة ، شيء آخر ، ولا تعارض بينهما ، وقد كانا واقعين في حياة المسلمين ، وهما أدبان من أدب الله لعباده .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" من سالم المسلمين من الكفار وكف عنهم أذاه عاملناه بالتي هي أحسن ، وقمنا بواجب الإسلام نحوه من بر ونصح وإرشاد ، ودعوة إلى الإسلام وإقامة الحجة عليه ؛ رجاء أن يدخل في دين الإسلام ، فإن استجاب فالحمد لله ، وإن أبى طالبناه بما يجب عليه من الحقوق التي دل عليها الكتاب والسنة ، فإن أبى قاتلناه ؛ حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الكفر هي السفلى " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2 /36) .
وراجع لمعرفة ضوابط العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين جواب السؤال رقم : (26721 (https://islamqa.info/ar/26721)) .

وللاستزادة راجع جواب السؤال (59879 (https://islamqa.info/ar/59879))
والله تعالى أعلم .



موقع الإسلام سؤال وجواب

https://islamqa.info/ar/177910

مريم ياسين
2017-12-25, 03:22 AM
شكراً لردك أخى الكريم .. ولكن هذا المتن المذكور بالفتوى غير المتن الذى أسأل عنه.

مريم ياسين
2017-12-25, 01:18 PM
أين الردود أيها الإخوة؟؟ لازال السؤال دون جواب.

مريم ياسين
2017-12-26, 05:47 AM
لا يخفى عليكم أن نكارة المتن واضحة .. فلا يتصور أن يأمر الفاروق رضي الله عنه النساء بكشف سوقهن وارخاء شعورهن!! ولكنى أريد تخريجاً علمياً .. فهل لديكم ما يروى الغليل؟؟

البحر الزخار
2017-12-26, 10:40 PM
نعم, لم نجده مسنداً هكذا, وكتاب ( شروط أهل الذمة لأبي الشيخ) - والذي ينقل منه شيخ الإسلام - لعله في عِداد المفقود, حتى يُنظر في إسناده, ونحوه أخرجه أبونعيم في أخبار أصفهان, وإبن عساكر في تاريخ دمشق(2|183) وفيه ضعف إبن أبي مريم, ثم هو منقطعٌ.
ونحوه مختصراً عن معاذ بن جبل رضى الله عنه, كما عند الحربي في غريب الحديث (ص1074) وبقية عنعن, وتابعه الوليد بن مسلم عند الطبراني في مسند الشاميين (رقم 1041) وقد عنعن كذلك, وتُوبعا عند الخطابي في غريب الحديث (3|311), ولكن مدار الأثر برمتّه على عبدالرحمن بن مالك بن يخامر وهو مجهولٌ.
- وأمّا قولكِ: بأن المتن منكرٌ, فلاوجه له ( إن صح السند), لأنّ هذا من باب إذلالهم بما معهم من الكفر, وحى يتسنى تمييزهن عن الحرائر المسلمات, يعني هذا مثل الشعار للتفرقة بين أهل الإسلام وغيرهم من أهل الذمة, مثل التفرقة بين حرائر المسلمين وغيرهن من الإماء, وقد صح عن عمر رضى الله عنه بأنه (رأى أمةً تصلي بخمارٍ متقنعةٍ, فضربها وقال: لاتشبهي بالحرائر) كما أخرجه إبن أبي شيبة (رقم 6379 و6383 - الشثري) عنه بسندٍ صحيحٍ, ونحوه ماأخرجه البيهقي في الكبرى (2|320 - عطا): (كن إماء عمر رضي الله عنه يخدمننا كاشفات عن شعورهن...الآثر), وسنده جيدٌ - كما في الإرواء (6|204).
- ويؤكد هذا المعنى قول عمر في الرواية الثانية (...بأنّ الجلباب على الحرائر من نساء المؤمنين) يعني هنالك قيدين: كون المرأة حرة, وكونها مسلمة, أمّا الأمة, أو غير أهل الذمة ونحوهم, فلايلزمهم التغطية, وعليه فلانكارة في مثل هذا الكلام ( إن صح)...... والله أعلم.

مريم ياسين
2017-12-27, 08:38 AM
جزاكم الله خيراً على التخريج المفصل .. ولكن اعلم رحمك الله أنه قد نص غير واحد من أهل العلم على أن على الإمام منع نساء الذمة من التبرج في ديار الإسلام لأن الفتنة بها وبالمسلمة واحدة ولم ينتهض دليل على التفريق بينهما .. بخلاف الأمة فقياسكم لا يستقيم لوجود الفارق ..
أما ضرورة التفرقة بينها وبين المسلمة فتندفع بغير ذلك من الوسائل التى ذكرها العلماء في كتبهم .. على أية حال لا يسعنى سوى شكركم شكراً جزيلاً .. وفقكم الله لما يحب ويرضى.

مريم ياسين
2017-12-27, 09:18 AM
..

البحر الزخار
2017-12-27, 10:36 PM
بارك الله فيكم,
- بل لعلنا نحنُ من يُلزمك بالدليل على عدم التفريق, ومن لم يفرّق بين نساء أهل الذمة وحرائر المسلمات (كما في الموسوعة الكويتية 10|63) لانعلم دليله, بل الدليل على ربما كان على ضده, لأنّ المخاطب في آية الحجاب إنما هن المسلمات, (والكافرات غير مخاطبات بالفروع في الدنيا, إنما محاسباتٍ عليها - مع كفرهن - في الآخرة), ونحن المسلمون إنما أُمرنا بغض البصر, ولم نأمر غيرنا من أهل الكتاب بالتحجّب, وقد علّق البخاري في صحيحه بصيغة الجزم قول سعيد بن أبي الحسن ( أخو الحسن البصري) أنه قال: (للحسن: إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورءوسهن، قال: إصرف بصرك عنهن (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم....الآية), فهذا هو المأمور به المسلم من غضّ بصره, ولكن يُلزم غير المسلمة بالحجاب فهذا قد لايتأتى إلا (ربما ) لولي الأمر للمصلحة, ونحن لم نقل بالتبّرج ولاالسفور, ولكن مناقشتنا لكي في نكارة متن كلام عمر رضى الله عنه المذكور آنفاً ( هذا إن صح), ونقول بأنّ هذا كله مردّه إلى التفريق بينهم وبين المسلمين, وإذلالهم, حتى لايُلتبس على المسلمين أمرهم, فلايبدأوهم بالسلام ( وهم اليهود فقط وباقي الألفاظ لاتثبت), أو يشمّت عاطسهم, ونحو ذلك, ولذا روى إبن عبيد في الأموال (رقم 112- سيد) بسندٍ فيه العمري: وهو ضعيفٌ (بأنّ تجز نواصيهم، وأن يركبوا على الأكف، وأن يركبوا عرضا، وأن لا يركبوا كما يركب المسلمون، وأن يوثقوا المناطق، قال أبو عبيد: يعني الزنانير), وصح نحوه عن عمر بن عبدالعزيز كما عند عبدالرزاق (رقم1004) قوله: (...وينهوا أن يفرقوا رءوسهم، ويجزوا نواصيهم، ويشدوا مناطقهم، ولا يركبوا على سرج، ولا يلبسوا عصبا، ولا يرفعوا صلبهم فوق كنائسهم، فإن قدروا على أحد منهم فعل من ذلك شيئا بعد التقدم إليه فإن سلبه لمن وجده» قال: «وكتب أن يمنع نساؤهم أن يركبن الرحائل». قال عمرو بن ميمون: واستشارني عمر في هدم كنائسهم، فقلت: «لا تهدم، هذا ما صولحوا عليه» فتركها عمر ).
- قال الجويني في نهاية المطلب(18|54): (.. إتفق الأصحاب أنا نأمر الكفار بالتميز عن المسلمين بالغيار، وتفصيل ذلك إلى رأي الإمام، وقال الأصحاب يمنعون من ركوب الخيل، ويكلّفون ركوبَ الحُمر، والبغالُ النفيسة التي يتزين بركوبها في معنى الخيل، وينبغي أن تتميز مراكبهم عن المراكب التي يتزين بها الأماثل والأعيان من أهل الإيمان. وقيل: ينبغي أن تكون ركابهم الغَرْز وهو ركاب الخشب، ثم يضطرون إلى أضيق الطُرق، فلا يمكنون من ركوب سَرارة الجادّة إذا كان يطرقها المسلمون، وإن خلت عن زحمة الطارقين من المسلمين، فلا حرج.ثم تكليفهم التميز بالغيار واجب؛ حتى لا يختلطوا في زيّهم وملابسهم بالمسلمين فيكرموا إكرامهم، ويفاتحوا بالسلام. وما ذكرناه من تمييزهم في الدّواب والمراكب مختلف فيه: فقال قائل: تكليفهم التميّز بها حتم كما ذكرناه في الغيار، ومنهم من جعل ما عدا الغيار أدباً؛ ثم إذا رأى الإمام ومن إليه الأمرُ ذلك، فلا معترض لهم، وليس يسوغ إلا الاتباع. وهل يجب على المرأة منهم أن تتميز بالغيار إذا برزت؟ فعلى وجهين: أحدهما - أن ذلك لا يجب، لأن بروز النساء محمول على النادر، وذلك لا يقتضي تميزاً في الغيار. وإذا دخل الكافر حمّاماً فيه مسلمون، وكان لا يتميز عمن فيه بغيار وعلامة، فالذي رأيته للأصحاب منعُ ذلك، وإيجاب التميز في هذا المقام أولى؛ لأن الكافر ربما يلوث الماء ويفسده على حكم دينه، بحيث لا يُشعَر به. ودخول الكافرة الحمام الذي فيه المسلمات من غير غيار يُخرَّج على الخلاف الذي ذكرناه. وكان شيخي يقول: لا يمنع أهل الذمة من ركوب خسيس الخيل، ولو ركبوا البراذين التي لا زينة فيها لخسّتها، والبغال على هذه الصفة، فلا منع، والحمار النفيس الذي يبلغ ثمنه مبلغاً إذا ركبه واحد منهم، لم أر للأصحاب فيه منعاً، ولعلهم نظروا إلى الجنس ,ومن الكلام الشائع: ركوب الحمار ذُل وركوب الخيل عِزّ، والعلم عند الله تعالى). إنتهى

- وهذا كله للتمييز, وماالمانع من التمييز ( في كلام عمر إن صح) بين الحرة المسلمة, والحرة الكتابية, وخصوصاَ بأنه لم يقم الدليل على عدم التفرقة, وأختم كلامي بكلام الدكتور الشريف العوني ( كما على صفحته في الفيس بوك), قوله: ( سألني أحد المتابعين عن حكم النظر إلى ما يبدو في العادة من المرأة غير المسلمة، من شعر وساق ويد ونحو ذلك، هل هناك ما يدل على حكمه في الشرع ، وهل للفقهاء فيه كلام؟
فأجبته بالتالي: لم يأت نصٌ صريحٌ قاطعٌ في الكتاب والسنة يدل على أن الحرة من أهل اكتاب أو سواهن من غير المسلمات عورتها كعورة الحرة المسلمة ، بل لقد استنبط بعض العلماء من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ }: أن وجوب غض البصر على الرجل خاصٌ بالمسلمات، أخذاً من القيد في قوله تعالى {وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} فخص نساء المؤمنين بالجلباب دون غيرهن.
- ونحن نعلم أن الفتوح الإسلامية انتشرت في بلادٍ كثيرةٍ زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم، وفيها أمم كثيرة من أهل الكتاب والمجوس وغيرهم من غير أهل الإسلام ، ولا يلتزم نساؤهم الحجاب بحسب أديانهن وأعرافهن. فهل كان المسلمون يلزمون النساء غير المسلمات بالحجاب ؟
والذي يبين حال النساء غير المسلمات في الجيل الأول النقول التالية:
1- ثبت أنّ الحسن البصري سُئل : إنا نبيع القطن ، فيأتين انساء أهل الذمة ، فنرى شعورهن ؟ فقال الحسن: ليس به بأس. (أخرجه الدولابي في الكنى).
فهذا نصٌ يبين حال نساء أهل الذمة، وأنهن كن يكشفن شعورهن في الأسواق، ويبين أن النظر إليهن بغير شهوة جائز عند الحسن البصري أحد أفقه التابعين وأعلمهم وأزهدهم.
والتقييد بغير شهوةٍ مأخوذٌ من السياق ، حيث إن السؤال كان عن نظر بائعٍ ومشترٍ. كما أن النظر بشهوةٍ تفتن نظرٌ محرمٌ بالإجماع.
ومثل هذا الأثر عن الحسن البصري يحكي واقعا كان مُعاشا في زمنهم.
2- وصح عن مستغفر البجلي (وقال عنه يعقوب الفسوي: لا بأس به)، قال: «سألت إبراهيم [يعني النخعي]، قال: فقلت: إنا نُبايع العلوج بهذه الكرابيس، فنرى بطونهن وأشعارهن، فقال: ليست لهن حرمةٌ». أخرجه الدوري عن إبن معين في تاريخه (رقم4649)، قال:«حدثنا يحيى قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدى قال حدثنا سفيان عن مستغفر البجلي»، وهذا إسنادٌ يثبت به النقل عن النخعي. والكرابيس: هي ثياب القطن.
وفي هذا الأثر من الدلالةكما في أثر الحسن البصري
3- وقال ابن كثير:(( وروي عن سفيان الثوري أنه قال: لا بأس بالنظر إلى زينة نساء أهل الذمة ، إنما يُنهى عنذلك لخوف الفتنة، لا لحرمتهن، واستدل بقوله تعالى {ونساء المؤمنين} في قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ }.
ولم أقف على هذا الأثر مسندًا عن الثوري، ولا أدري! هل يصح عنه ؟ أو لا؟
4- وقال الإمام أحمد: (( الزينة الظاهرة الثياب، وكل شيء منه عورة ( يعني : المرأة)، حتى الظفر، ولانقول في نساء أهل الذمة شيئا)) .
وهنا يتوقف الإمام أحمد عن إطلاق القول بتحديد عورة نساء أهل الذمة، ولا يرى في الآيات والنصوص مايشملهن.
وهو قول يلقي بضوء عن حال نساء أهل الذمة في عصره وفي عصر السلف الذين كان الإمام أحمد بفقههم حفياً عليماً.
5- حتى الإمام مالك عندما سُئل عن جواز النظر إلى شعور نساء أهل الذمة، فأفتى بعدم جواز النظر، كمافي البيان والتحصيل لابن رشد (٤/ ١٨٧) (١٨/ ٣١٠). فهو يدل على أنّ إبداء نساء أهل الذمة لشعورهن كان متفشياً، ولذلك حُرّم على الرجال النظر إليهن، خلافاً لما ذهب إليه الحسن البصري والنخعي والثوري (كنا سبق عنهم).
وهكذا يتبيّن أنّ نفي وجود خلافٍِ في التفريق بين عورة الحرة المسلمة والحرة الذمية (كما قيل) قولٌ لايثبت، ففي المسألة خلافٌ معتبرٌ.
والظاهر من كلام الفقهاء ومماسبق : أنّ مناط تحريم النظر إلى غير المسلمة هو التشهي وعدمه، فإذا كان النظر مع الرغبة حُرّم ، لما قد يؤدي به ذلك إلى إرتكاب أمرِ مُحرّمٍ. وأمّا النظر بغير شهوةِ فلا حُرمة فيه؛ لأنّ الناظر إلى غير المسلمة ما دام نظره بغير رغبةِ: لم يعتد على حق ، وهو حق عدم جواز النظر إلى عورة المسلمة, ولم يعتد على حق المرأة بتمني ما لا يحق له تمنيه, ولم يسمح لنفسه أن تفتح عليها باب الفتنة والشر بإستدامة النظر المتشهي. لذلك جاز له النظر إلى غير المسلمة، ما دام بغير رغبةٍ) إنتهى.
والله أعلم

أبو مالك المديني
2017-12-28, 07:35 PM
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الذمية الحرة عورتها كعورة المسلمة الحرة، حيث لم يفرق الفقهاء في إطلاقهم للحرة بين المسلمة وغيرها، كما أنهم لم يفرقوا بين عورة الرجل المسلم والكافر، وهذا يقتضي تحريم النظر إلى عورة الذمي رجلاً كان أو أنثى، وعلى ذلك يجب على الذمية ستر عورتها والامتناع عن التبرج المثير للفتنة، درءاً للفساد ومحافظة على الآداب العامة. انتهى.

أبو مالك المديني
2017-12-28, 07:35 PM
https://www.youtube.com/watch?v=Zn8tS1GC3Rc

البحر الزخار
2017-12-28, 09:44 PM
بارك الله فيكم, نحن أشرنا لهذا بالأعلى, وإشكالنا إنما هو في الدليل على كل هذا, ونحن لم ندع للتبّرج ولا للسفور, ولكن للإلزام لغير المسلمة بأن تتحّجب كما المسلمة, ثم ألا ترى بأنّ هذه الفتوى مناقضةٌ تماماً لما في الموسوعة (40|360 أو 31|47) في كون من حرّم نظر الكافرة إلى المسلمة (في غير الوجه والكفين) جعل العلّة بأنً الذمية ( ومن في حكمها) تتنزل من المسلمة منزلة الرجل الأجنبي, فإذا عاملتها معاملة الرجل الأجنبي, فكيف تطلب منها أن تتحجّب مثل المسلمات؟ ثم هذا التعليل , مخالفٌ لما فيه صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها: (دخل علىّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندى إمرأةٌ من اليهود....الحديث), ولما في صحيح البخاري عن أسماء رضى الله عنها: (أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت أتتني أمي راغبة في عهد النبي....), فماذا تفعل المرأة اليهودية عند إحدى أمهات المؤمنين بعد نزول (...وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجابٍ...الآية), وماذا تفعل أم أسماء ( وهى على الكفر وقتها) ( إن كانت غير المسلمة تّعامل معاملة الرجل الأجبني عند من يُعلل الحرمة) ؟؟؟ وهذا غريبٌ.
نعم لولي الأمر الإلزام بذلك إن رأى مصلحةً في ذلك, ولكن على إطلاقه, قد لايصفو لك هذا.
- وإشكالنا كله في ثبوت هذا الأثر عن عمر رضى الله, فإن تبث عنه فلاوجه لنكارة متنه, لما قدّمنا في الأعلى من آثار تدّل على أن كشف (الحرائر من غير المسلمات) لشعورهن ولنحورهن ونحو, بأنه كان شائعٌ عندهم, ولم يكونوا يلزموهن بالتغطية كالمسلمة, ولكن كان يأمرون بغض البصر, وإن لم يتبث, فقد كُفينا ........والله أعلم.

الشاشي
2017-12-30, 12:40 AM
السؤال

اطلعت على أحد البرامج التعليمية وكان عن (حدود العورة ). وقال بأن عورة الكافرة هي السوأتان والثديان فقط فهل هذا الكلام صحيح .؟ وما هود دليل حدود عورة المرأة غير المسلمة في المذاهب الأربعة ؟


الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:


فالكفارُ مخاطبون بفروع الشريعة عند جماهير العلماء أي خطاب عقاب في الآخرة بمعنى أنهم يحاسبون عليها في الآخرة، وإن كانوا لا يطالبون بها في الدنيا حال كفرهم، ودلائل ذلك كثيرة ومنها قوله تعالى في حق الكفار الذين يجيبون أصحاب اليمين عن سؤالهم: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ {المدثر 42 – 47}، وعلى هذا فالمرأةُ الكافرة التي تكشفُ من بدنها شيئاً مما لا يحلُ للمسلمةِ كشفه يزدادُ إثمها بذلك، وتُعاقبُ عليه في الآخرة كما تُعاقب على ترك الصلاة والحض على طعام المسكين بنص الآية.


هذا فيما يخصُ الكافرات في أنفسهن، أما ما يتعلقُ بهذه المسألة في حق المسلمين فالواجبُ الجزمُ بحرمةِ النظرِ إلى عورات الكافرات فإن الآيات والأحاديث الآمرة بغض البصر لم تفرق بين مسلمةٍ وكافرة، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور 30} وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ من سأله عن نظر الفجأة أن يصرف بصره، ثم إن المعنى الذي لأجله مُنعَ من النظر إلى عورة المسلمة موجودٌ في الكافرة وهو سد ذريعة الفتنة وغلقُ باب الشر، وقد استفتى سعيدُ بن أبي الحسن أخاه الحسن في أمر نساء الأعاجم اللاتي يكشفن صدورهن ورؤوسهن فقال له الحسن (غُض بصرك)، ولا خلافَ بين العلماء في أن النظرَ إلى النساء بشهوةٍ ممنوع سواءً كن مسلمات أو كافرات جاء في الموسوعة الفقهية ( 26 / 269 ): إذا كانت المرأة أجنبيّةً حرّةً فلا يجوز النّظر إليها بشهوة مطلقاً، أو مع خوف الفتنة، بلا خلاف بين الفقهاء. انتهى.


وفي ( 26 / 270 ): هذا، وقد اتّفق الفقهاء على أنّ النّظر إلى المرأة بشهوة حرام، سواء أكانت محرماً أم أجنبيّةً عدا زوجته ومن تحلّ له. وكذا يحرم نظر الأجنبيّة إلى الأجنبيّ إذا كان بشهوة. انتهى.


والنظر إلى هذه العورات الغليظة لا ينفكُ عادة عن الشهوة، فالواجبُ الحذر من أمثال هذه الفتاوى الضالة التي تفتحُ على الناس أبواب الشر، وتجرئهم على تعدي حدود الله.


والله أعلم.

http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=115776