مَن وائل بن بكر؟

[مسترشدي]

في سنن النسائي:
" أَخْبَرَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا أُبَالِي شَرِبْتُ الْخَمْرَ أَوْ عَبَدْتُ هَذِهِ السَّارِيَةَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"
سؤالي لأهل العلم والفضل:
من هو "وائل بن بكر" الـمذكور في سند الخبر؟
جزاكم الله خير الجزاء.

[أبو مالك المديني]

في سنن النسائي:
" أَخْبَرَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ بَكْرٍ،
نفع الله بكم أستاذنا.
هذا خطأ في المطبوع، وصوابه: وائل أبي بكر.
وهو: وائل بن داود، أبو بكر التيميُّ.
وقد أورد المزي في "تحفة الأشراف" (6/ 466) الحديث على الصواب، فقال:
وائل بن داود أبو بكر التيميُّ، عن أبي بردة، عن أبي موسى:
9132 - [س] حديث : أنه كان يقول : ما أبالي شربت الخمر أو عبدت هذه السارية من دون الله - موقوف. (ك)
س في الأشربة (5 : 42) عن واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عنه بِهِ. (ك) لم يذكره أبو القاسم وهو في الرواية.

[مسترشدي]

بارك الله فيك.
وقد استوقفني قول محمَّد عوّامة في تحقيقه لمصنّف ابن أبي شيبة، تعليقا على قوله: "عن وائل بن أبي بكر": "كذا في النسخ، وفي النسائي: "ابن فضيل، عن وائل بن بكر، عن أبي بردة". وهو الصواب" (ج12، ص263، رقم: 24539).
وقد صوَّبه سعد بن ناصر الشثري في تحقيقه للكتاب نفسه، (ج13، ص313، رقم: 25633)، لكن إحالته على النسخ المخطوطة ليست واضحة.
أقول هذا، لأنّني وجدت العبارة نفسها في كتاب "الخراج" للقاضي أبي يوسف (طبعة بولاق) في سند خبر آخر: "وَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا الْوُلاةَ؛ فَإِنَّهُمْ إِنْ أَحْسَنُوا كَانَ لَهُمْ الأَجْرُ وَعَلَيْكُمُ الشُّكْرُ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَعَلَيْهِمُ الْوِزْرُ وَعَلَيْكُمُ الصَّبْرُ؛ وَإِنَّمَا هُمْ نِقْمَةٌ يَنْتَقِمُ اللَّهُ بِهِمْ مِمَّنْ يَشَاءُ؛ فَلا تَسْتَقْبِلُوا نِقْمَةَ اللَّهِ بِالْحَمِيَّةِ وَالْغَضَبِ، وَاسْتَقْبِلُوه َا بِالاسْتِكَانَة ِ وَالتَّضَرُّعِ".
فلعلّه وهْمٌ قديم...
وفي "الكنى والألقاب" للدولابي ما يقطع الشك. فقد جاء فيه: "أخبرني أحمد بن شعيب قال: أنبأ واصل بن عبد الأعلى عن ابن فضيل عن وائل أبي بكر عن أبي بردة "
والله أعلم.
جزاك الله خيرا، أخي أبا مالك.

[أبو مالك المديني]

بارك الله فيكم.
وفي تهذيب الكمال:
6675 - بخ 4 : وائل بن داود التَّيْمِيّ (4) ، أبو بكر الكوفي، والد بكر بن وائل.
رَوَى عَن : إبراهيم النخعي ، وإبراهيم التَّيْمِيّ ، وابنه بكر بن وائل (4) ، وجميع بن عُمَير التَّيْمِيّ ، والحسن البَصْرِيّ ، وسَعِيد بن عُمَير بن عقبة بن نيار ، وعباية بن رفاعة بن رافع بن خديج ، وعبد الله البهي (مد س) ، وعبد الرحمن بن حبيب (بخ) مولى بني تميم ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وعَمْرو بن دينار ، ومحمد بن سعد ابن أَبي وقاص ، ومسلم بن يسار ، ونصر بن عاصم الليثي ، وأبي بردة بن أَبي موسى الاشعري (س).
رَوَى عَنه : ابنه بكر بن وايل ومات قبله ، وخالد بن يزيد القسري ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عُيَيْنَة (4) ، وسيف بن عُمَر التميمي ، وشَرِيك بن عَبد الله النخعي ، وشعبة بن الحجاج ، وشيبان ابن عبد الرحمن النحوي ، وعبد الرحمن بن عَبد الله المسعودي ، وعبد الرحمن بن مالك بن مغول ، وعبد الواحد بن زياد (بخ) ، وعبدة بن سُلَيْمان ، وعُبَيد الله الاشجعي ، وعيسى بن يونس ، ومحمد بن عُبَيد الطنافسي (مد س) ، ومحمد بن فضيل بن غزوان (س) ، ومروان بن معاوية الفزاري ، ويحيى بن سَعِيد القطان.

[أبو مالك المديني]

وفي "الكنى والألقاب" للدولابي ما يقطع الشك. فقد جاء فيه: "أخبرني أحمد بن شعيب قال: أنبأ واصل بن عبد الأعلى عن ابن فضيل عن وائل أبي بكر عن أبي بردة "

الدولابي هنا رواه عن شيخه النسائي (أحمد بن شعيب)، على الصواب، وهذا يقطع الأمر كما تفضلتم.
وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" من طريق واصل بن عبد الأعلى، ثنا ابن فضيل ، عن وائل أبي بكر به.
وكذا أورده ابن كثير في "جامع المسانيد"، عن وائل بن داود أبي بكر، ثم ذكر الرواية ورمز لها بالنسائي.

[محمد بن عبدالله بن محمد]

يتأمل تقديمه الاسم على الكنية!!!
فعادة المحدثين أن يقولوا: (أبو بكر وائل)، لا (وائل أبو بكر)!!

[مسترشدي]

يتأمل تقديمه الاسم على الكنية!!!
فعادة المحدثين أن يقولوا: (أبو بكر وائل)، لا (وائل أبو بكر)!!
بارك الله فيك!
بل يفعلون هذا وذاك. ولعلهم أخّروا الكنية أحيانا لاشتهار بكر أكثر من والده، فعرف وائل بابنه.
والغالب عند سردهم الأسانيد، إذا أخروا الكنية أن تُسبَق بعبارة "يعني"، وهي رافعة للبس.
وبعض المحققين يصحف عبارة "عن ابنه" إذا صادف رواية وائل عن بكر عن الزهري، فيثبت بدلها "عن أبيه"، وكأنما يستبعد رواية الأكابر عن الأصاغر، أو الوالد عن ولده. وهو خطأ محض.
والله أعلم.
جزاك الله خيرا.

[محمد بن عبدالله بن محمد]

جزاك الله خيرا


ولعلهم أخّروا الكنية أحيانا لاشتهار بكر أكثر من والده، فعرف وائل بابنه
هذا مدعاة للتقديم، لا للتأخير.


والغالب عند سردهم الأسانيد، إذا أخروا الكنية أن تُسبَق بعبارة "يعني"، وهي رافعة للبس.
إذا وُضِعَت كلمة (يعني) في السند فلأنه لم يسمعه من شيخه.
أي: أن كلمة (يعني ...) وتتمة الاسم: زيادةٌ للتوضيح، وربما قالوا: (وهو)، أو (هو) أو نحوها
وليس هذا مما نحن فيه، لأن الكنية في أصل السند

[مسترشدي]

وليس هذا مما نحن فيه، لأن الكنية في أصل السند
وما الذي نحن فيه؟ بارك الله فيك.

[محمد بن عبدالله بن محمد]

وما الذي نحن فيه؟ بارك الله فيك.
جرت عادة المحدث أن يذكر أسماء مشايخه في السند كما سمعها من شيخه، وشيخه من شيخه وهكذا، فإذا كان في السند رجل قد لا يعلم من هو لتشابه الأسماء يُبَيِّنُه المحدث، لكن لا بد وأن يعلم أنه هو الذي زاد هذا البيان، وليس شيخه أو شيخ شيخه
فيقول: يعني فلانا، أو هو فلان، فنعلم أن هذه الزيادة من المحدث، لا من تلميذ الراوي.
مثاله هنا أن يقال: (وائل يعني أبا بكر)، أو: (وائل هو أبو بكر)، فنعلم أن ابن فضيل لم يقل إلا: (وائل) ثم بين النسائي أو واصل أنه (أبو بكر)
لكن السند هنا ذُكِرَ في أصله: (وائل أبي بكر) فالذي نص على كونه (أبي بكر) إنما هو تلميذه ابن فضيل، وهذه التسمية على غير العادة؛ إذ لم يقل: (أبو بكر وائل).
ولا شك أن لهم في ذلك غرضًا، وهذا الذي أستفسر عنه.
علما بأن هذه جائزة في اللغة، لكنها جاءت على غير العادة.

[مسترشدي]

أخي محمد،
ما نحن فيه متعلِّق حصرًا بصيغة "عن وائل أبي بكر"، وما استتبعه هذا التقديم للاسم على الكنية من تصحيف في بعض نسخ المصادر الحديثية. ولو قالوا، مثلا: "عن وائل بن داود" أو "وائل بن داود التيمي" أو "الكوفي"، لارتفع اللبس ولزال الإشكال. وما قدمناه من تفسير لتلك الصيغة، هو محض اجتهاد.
أمّا مسألة تقديم الكنية على الاسم، أو العكس، في لسان الرواة، فجزمك أن تقديم الاسم هو على غير عادتهم فيه نظر. بل قد يكون عكس ذلك هو الصحيح.
فالإمام البخاري (رحمه الله) في صحيحه روى عن شيخه "سليمان بن داود" في سبعة مواضع، قال في ستة منها: "حدّثنا (أو "حدّثني") سليمان بن داود أبو الربيع"، ولم يقل "حدّثنا أبو الربيع سليمان بن داود" سوى في موضع واحد.
والظاهر أنهم يفعلون هذا وذاك، دون أن يكون لهم ضابط أو أصل مطّرد في هذا الباب.
والله أعلم.

[أبو مالك المديني]

فالإمام البخاري (رحمه الله) في صحيحه روى عن شيخه "سليمان بن داود" في سبعة مواضع، قال في ستة منها: "حدّثنا (أو "حدّثني") سليمان بن داود أبو الربيع"، ولم يقل "حدّثنا أبو الربيع سليمان بن داود" سوى في موضع واحد.
والظاهر أنهم يفعلون هذا وذاك،
نفع الله بك.
وكذا صنع غيره.

[مسترشدي]

فالإمام البخاري (رحمه الله) في صحيحه روى عن شيخه "سليمان بن داود" في سبعة مواضع،
يل هي ثمانية مواضع، اكتفى في الثامن منها بذكر الكنية دون الاسم.

[محمد بن عبدالله بن محمد]

العادة معروفة في ذلك لمن يقرأ كتب الأحاديث
ولو سألت سؤالا وهو: قبل أن تقف على هذا المثال (سليمان بن داود أبو الربيع) كم رجلا وقفت عليه ذكره البخاري في صحيحه مقدِّمًا فيه الكنيةَ على اسمه؟!.

لكنك فتح بابا جيدا، فجزاك الله خيرا
فالبخاري حينما قال: (سليمان بن داود) وربما كان هذا أولَ تحديثه، ثم لما قرئ عليه خَشِيَ أن يلبس مع غيره كالحافظ سليمان بن داود الطيالسي المشهور، ونحوه، فزاد أيضاحا، وقال: (أبو الربيع).

ولا يبعد أن يكون ما ههنا مثله، بأن يقول ابن فضيل (وائل) فقط، ثم يزيد هو (أبو بكر) بيانا.
أو يزيدها مَن روى عنه، وتكون مخالفةُ العادة مغنيةً عن أن يأتي: (يعني، هو) المشعرتين بأنها من زيادتهم.


ولم أستقرئ الباب، وإنما أقترح جوابا لمخالفة العادة
ولعل الله يفتح على أحدٍ، فيفيدنا

والله أعلم

[مسترشدي]

ولم أستقرئ الباب، وإنما أقترح جوابا لمخالفة العادة

هذه العادة التي تتحدث عنها، هي شيء استقرّ في نفسك؟ أم علم أخذته عن كتب الأقدمين؟ أم قاعدة استخلصتها استنادًا إلى أمارات وقرائن توجب التغليب؟

[محمد بن عبدالله بن محمد]

قبل أن تقف على هذا المثال (سليمان بن داود أبو الربيع) كم رجلا وقفت عليه ذكره البخاري في صحيحه مقدِّمًا فيه الكنيةَ على اسمه؟!.

هلاّ أجبت على هذا السؤال؟

[مسترشدي]

أخي الكريم.
المسألة هينة.
أنت ذكرت أن من عادة المحدثين تقديم الكنية على الاسم.
وكلامك هذا لا يعدو أحد أمور ثلاثة:
1- إمّا أنك وجدت هذه الدعوى مصرَّحًا بها في كتاب لأهل الصنعة، معضودة بالدليل. والواجب في هذه الحال: ذكر المصدر.
2- وإمّا أنّك استقرأت دواوين الحديث كلها، فتوصّلت إلى أن عادتهم الغالبة تقديم الكنية على الاسم. فإن صح أنك بذلت هذا الجهد، فأنت المطالب بالدليل.
3- وإمّا أنه استقر في نفسك أنّ من عادتهم تقديم الكنية على الاسم، فظننت ذلك حقيقة علمية. وهذا قد يقع لي، ولك، ولغيرنا... ولكن يظل هذا اليقين الذاتي عبارة عن وهم، والتصريح به مجرد زعم، ما لم تسعفك الأدلة. والأدلة هنا نوعان:
- أصل قديم، تعرَّض للمسألة وحسم فيها استنادًا إلى اجتهاد مبني على الحجج والبراهين.
- أو استنتاج قائم على الاستقراء والاستقصاء.
فالسؤال موجَّه إليك، والحجّة تلزمك أنت؛ لأن الجزم بأنّ عادة المحدثين تقديم الكنية على الاسم صدر عنك.
فتأمّل...

[مسترشدي]

وقد وجدت البخاري في صحيحه يقدّم الكنية على الاسم ثم يقدّم الاسم على الكنية في السند نفسه. وهذا في الحديث رقم: 5737 (ترقيم المكنز) من كتاب الطب، باب الشرط في الرقية، ونصُّه:
" حدَّثنا أبو مَعْشَر (البصريّ، هو صدوقٌ،) يوسفُ بن يزيد البَرَّاءُ قال: حدّثني عُبَيد الله بن الأخنس أبو مالك عن ابن أبي مُلَيْكة عن ابن عبّاس أنّ نفرًا..."
وهذا يؤيّد أنّهم كانوا يفعلون هذا وذاك؛ لأنّ زيادة البيان ورفع الإبهام وإزالة الالتباس تقع في الحالتين.

[أم علي طويلبة علم]

أين المشكل في تقديم الكنية على الاسم أو تأخيرها؟!

[محمد بن عبدالله بن محمد]

أين المشكل في تقديم الكنية على الاسم أو تأخيرها؟!
لا إشكالية فيها أبدا

ولا أنكر أن البخاري أو غيره يفعل ذلك

لكن لِمَا أَعرِفُ من شدة دِقتهم في اختيار العبارة والترتيب، والإشارة والتلميح
فأَفْتَرِضُ أن البخاري ومن شابهه لا يعدل عن أسلوبٍ إلى غيره إلا عن قصدٍ وفقهٍ، رحمه الله تعالى.

وقد نظرتُ في سند أول 1000 حديث من صحيح مسلم، فخرج لي 40 علما جمع الإمام مسلم بين اسمهم وكنيتهم.
في 4 مواضع منها قَدَّم الاسمَ على الكنية، وهم: (عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ أَبُو حَفْصٍ) في موضعين، و(هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ)، (سِمَاكٌ الْحَنَفِىُّ أَبُو زُمَيْلٍ).
وفي 36 موضعًا قدّم الكنية على الاسم.
فتكون النسبة 1 إلى 9.

[مسترشدي]

أخي الكريم،
أنت تزعم أنّ العادة الغالبة لدى المحدّثين ورواة الأخبار هي تقديم الكنية على الاسم في أسانيدهم. وهذا زعمٌ باطلٌ ناشئ عن وَهْم استقر في نفسك.
ولو كانت ألفاظ الرواية تُضبَط بالعقل، لكان ذِكر الاسم أوْلى بالتقديم من الكنية؛ لأنّه أسبق منها إلى الوجود، وأوّلُ ما يعرف به المولود.
ولو رجعتَ إلى كتب الطبقات والتراجم، لأدركت أنّ ما اعتبرتَه عادةً ليس كذلك. ويكفي أن تنظر إلى "سير أعلام النبلاء"، لتدرك أنّ الذهبي، في الأغلب الأعمّ من كتابه، يقدِّم الاسم على الكنية. وإذا رجعتَ إلى "معجم شيوخ السمعاني"، لألفيتَه انتهج عكس ذلك، مقدِّمًا الكنية على الاسم. هذا ما يحضرني من الأمثلة الدالة على أنّ تقديم الكنية على الاسم ليس "عادةً" غالبة عندهم.
والترتيب الذي ذكرتَ أنه عادة وأصل في لسان المحدّثين لم أجد مَن نصَّ عليه. وكنتُ أظنُّك تستند في كلامك إلى قاعدة جليّة في هذا الباب. وإذا بك تلجأ إلى استقراء ناقص تحاول أن تعضد به كلامك. وهذا لا يستقيم في تقرير الحقائق.
وكأنّي بك تحاول أن تثبت أصلا لا وجود له، ولم ينص عليه أهل الفن، بل لم يلتفتوا إليه، باللجوء إلى استقراء كافّة كتب الحديث المسندة! وهذا النهج، فضلا عن وعورته وطوله، لا ثمرة ترجى من ورائه. ولْنفرض أنّك أنجزتَ ما ترمي إليه أو توحي به، وتوصّلت إلى نتائج صريحة لا يعتريها الشك، فما هو ضابط الكثرة في هذا الباب؟ بل هل الكثرة في ذاتها ضابطٌ لاعتبارها أصلًا؟ أم يكفي وجود شاهد –أو جملةُ شواهد– لنقض الأصل المبني على الكثرة وتسويته بما سواه؟
ثم، بعد هذا وذاك، لو توصّلتَ إلى أنّ أكثر المحدِّثين كانوا يقدّمون الكنية على الاسم، ووضعتَ قاعدةً لحدّ الأصل في هذا الباب تكون الكثرة فيه ضابطًا، ستجد نفسك في حيرة إزاء المواضع التي قدَّموا فيها الاسم على الكنية. وعندئذ لن يكون لك مناصٌ من أحد أمرين:
- إمّا أن تخطِّئهم، لأنهم خالفوا الأصل.
- وإمّا أن تعلّل صنيعهم، أو تبحث له عن تعليل في كتب السلف.
يتبع ...

[مسترشدي]

... تابع
ولو تأمّلتَ المثال الأخير الذي ذكرتُه في المشاركة (18)، لأدركتَ أنّ النهج الذي تحاول سلوكه لتقوية ظنٍّ وقَر في نفسك فظننتَه حقيقةً يقينية لن يجدي نفعًا. فقد قدّم الإمام البخاري الكنية على الاسم ثم أخّرها عليه في السند نفسه. وهذا ينمّ عن أنّ الأمرين سيّان. ولو كان في صنيعه عِلّة خفيّة أو حكمة لطيفة، لأشار إليها شرّاح الجامع الصحيح في هذا الموضع.

وقد ذكرتَ في مشاركتك أنّك نظرتَ في الألف الأولى من أحاديث صحيح مسلم، وتوصّلتَ إلى أنّه لم يقدِّم الاسم على الكنية إلا في أربعة (4) مواضع، وقد ذُكِر فيها:
1- عمرو بن علي أبو حفص (في موضعين)،
3- وهاشم بن القاسم أبو النضر،
4- وسِماك الحنفيّ أبو زُمَيْل.
وهذا الاستقراء الناقص، يبدو أن السهو انتابه. وقد اهتديت في قراءة سريعة لأسانيد الجزء الذي اكتفيتَ به لتعزيز رأيك إلى عشرة (10) مواضع أخرى لم تذكرها، وجاءت كنية الراوي فيها متأخرة عن اسمه، وهي:
5- أحمد بن جوّاس الحنفي أبو عاصم (700)
6- جامع بن شدّاد أبو صخرة (568)
7- الجعد أبو عثمان (355، 356)
9- حاجب بن عمر أبو خُشَيْنة الثقفي (547)
10- سالم أبو الغيث (324)
11- سعد بن إياس أبو عمرو الشيباني (262)
12- هشام أبو المقدام (47)
13- الوليد أبو بشر (146)
14- يحيى بن محمّد بن قيس أبو زُكَيْر (222)
أنت تلحظ إذن أنّ نسبة المواضع التي قدِّم فيها الاسم على الكنية تفوق الثلث. والثلث كثير...
ولعلّك أدركت أيضًا أنّ الاشتغال باستقراء هذه الصيغة مظنّة الخطأ. وهامش الخطأ في العمل الذي أنجزتَه واسع، فقد فاتك ثلثَا ما لاحظته من المواضع المنشودة. ومن المحتمل أن يكون قد غاب عني بعض ما غاب عنك.
هذا فضلا عن أن الاستقراء برمّته لا فائدة منه، لوجود ما يخرق "العادة" المتوهَّمة. وهذا الخرق، أيّا كان حجمه، يكفي للتسوية بين الصيغتين؛ ممّا يُلحِق صِيَغ المحدّثين بما قرّره اللغويون في المسألة، أي جواز الأمرين.
يتبع...

[مسترشدي]

... تابع
وكنت، ولا أزال، أعتقد أنّ محاولة استقراء الأسانيد لتمحيص هذه المسألة عبث لا فائدة منه، للأسباب التي ذكرتها آنفا. بيد أنّ حمّى الفضول دفعتني منذ يومين إلى النظر، وإن على عجل، في أسانيد صحيح البخاري، إمام الصنعة وشيخ مسلم، فتوصّلت إلى الآتي:
- عدد المواضع التي جاء ذكر اسم الراوي فيها مقدَّما على كنيته: 88.
- عدد المواضع التي جاء ذكر كنية الراوي فيها مقدَّما على اسمه: 75.
وهذا بيانها:
المواضع التي قُدِّم فيها الاسم على الكنية
1- إبراهيم أبو إسماعيل السَّكْسَكِي (2675، 2996)
2- أحمد بن أبي بكر أبو مصعب (119)
3- أحمد بن أبي داود أبو جعفر المنادي (4961)
4- أحمد بن بشير أبو بكر (5779)
5- أحمد بن سعيد أبو عبد الله (3362، 3549، 3676، 3970)
9- أحمد بن يزيد بن إبراهيم أبو الحسن الحرَّاني (3615)
11- أسباط أبو اليسع البصري (2069)
12- إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن أبو يعقوب (4562)
13- أُمَيّة بن خلف أبو صفوان (3632)
14- بِشر بن خالد أبو محمد (4668)
15- الجَعْد أبو عثمان (6491، 5450، 7054)
18- الحسن بن محمّد بن أعْيَن أبو علي الحرّاني (4151)
19- الحسن بن منصور أبو علي (3553)
20- حسين بن محمد أبو أحمد (2809)
21- حفص بن عمر أبو عمر الـحَوْضي (4193)
22- الربيع بن نافع أبو توبة (2341)
23- سالم أبو النضر (731، 2818، 2833، 2965، 5636، 7237، 1161، 3024، 3025، 3654، 5604، 6113)
35- سُرَيج بن يونس أبو الحارث (5681)
36- سعيد أبو مسلمة (5850).
37- سلمان أبو رجاء (4610)
38- سليمان بن داود أبو الربيع (1072، 1554، 2749، 2890، 4363، 4746)
44- سَيّار أبو الحكم: (1521)
45- سِيدان بن مضارب أبو محمد الباهلي (5737)
46- شَبابة بن سَوّار أبو عمرو الفَزاري (4162)
47- شيبان أبو معاوية (1043، 2781).
49- صالح أبو الخليل (2079، 2110)
50- الصلت بن محمّد أبو همّام (3782)
51- طَريف أبو تَمِيمة (7152)
52- عاصم أبو عبد الرحمن الأحول (1867)
53- عائذ الله أبو إدريس (3661)
54- عبد الكريم أبو أُمَيّة (1120)
55- عُبَيد الله بن الأخنس أبو مالك (5737)
56- عَبِيدة بن حُمَيد (6055)
57- عثمان بن الهيثم أبو عمرو (2311)
58- عطاء أبو الحسن السُّوائي (6948)
59- عقبة بن عمرو أبو مسعود (3302)
60- قُراد أبو نوح (5276)
61- قَطَن أبو الهيثم (3845)
62- محمّد بن إبراهيم بن دينار أبو عبد الله الجهني (3708)
63- محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني (4624)
64- محمد بن الصلت أبو جعفر الكوفي (3681)
65- محمد بن الصلت أبو يعلى (6803)
66- محمّد بن جعفر أبو جعفر (2613)
67- محمّد بن خلف أبو بكر (5048)
68- محمّد بن عبد الرحمن أبو الأسْوَد (4596)
69- محمّد بن عبد الرحمن أبو المنذر الطُّفاوي (6416)
70- محمّد بن عبد الرحيم أبو يحيى (2464)
71- محمّد بن عبد الله أبو أحمد الزبيْري (5592).
72- محمّد بن عُبَيد الله أبو ثابت (7191)
73- محمّد بن مسكين أبو الحسن (3378، 3674)
75- محمّد بن هشام أبو عبد الله (4191)
76- مُطَرِّف أبو مصعب (353، 6382/وفيه: مطرّف بن عبد الله أبو مصعب/)
78- منذر أبو يعلى الثوري (178)
79- مهاجر أبو الحسن (539، 535، 3258)
82- مؤمّل بن هشام أبو هشام (7047)
83- نافع بن مالك بن أبي عامر أبو سهيل (33، 2749).
85- هُدْبة بن خالد أبو خالد (5020)
86- يحيى بن حسّان بن حيّان أبو زكريّاء (3378)
87- يحيى بن كَثِير أبو غسّان (3583)
88- يوسف أبو مَعْشَر البرّاء (5584).
يتبع...

[مسترشدي]

... تابع
المواضع التي قُدِّمت فيها الكنية على الاسم
1- أبو أحمد محمّد بن عبد الله الزُّبَيْري (820)
2- أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل(3503، 1562، 4408)
5- أبو بدر شجاع بن الوليد (1812)
1- أبو بُرْدة بُرَيد بن أبي بُرْدة (6026)
2- أبو بِشر إسماعيل بن إبراهيم (6899)
3- أبو بِشر جعفر بن إياس (4940)
9- أبو بِشر وَرْقاء (4159)
10- أبو تُـمَيْلة يحيى بن واضح (986)
11- أبو التَّيّاح يزيد بن حُمَيد (234)
12- أبو جعفر محمّد بن عبد الله (4072)
13- أبو جمرة نصر بن عِمران (1567)
14- أبو حفص عمرو (7478)
15- أبو الربيع سليمان بن داود (2661)
16- أبو الرِّجال محمّد بن عبد الرحمن (1562)
17- أبو زيد سعيد بن الربيع (7536)
18- أبو شهاب عبْد رَبِّه بن نافع (5580)
19- أبو صالح سَلْمَوَيْه (4953)
20- أبو صخرة جامِع بن شدّاد (4386)
21- أبو صَفْوان عبد الله بن سعيد (5452، 6420)
23- أبو الضُّحى مُسلِم (2918)
24- أبو ضَمْرة أَنَس (1013، 1616، 6777)
27- أبو عاصم الضحّاك بن مَخْلَد (1395، 4468)
29- أبو عامر عبد الملك (4371، 5293)
31- أبو عَبّاد يحيى بن عَبّاد (3734)
32- أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد (1202)
33- أبو عَقِيل زُهْرة بن مَعبَد (3694، 6264)
35- أبو عمر حفص بن مَيْسَرة (2465، 4581)
37- أبو غسّان محمّد بن مطرِّف(1917، 2076، 4511، 6715)
41- أبو غلّاب يونس بن جُبَيْر (5258)
42- أبو قُرّة مسلِم بن سالم الهمْداني (3370)
43- أبو القاسم خالد بن خَلِـيّ (78)
44- أبو محمّد نافع، مَولى أبي قتادة (1823)
45- أبو مروان يحيى بن أبي زكريّاء (1389، 1626، 6883)
48- أبو مريم عبد الله بن زياد (7100)
49- أبو مسعود عُقْبة (3483)
50- أبو معاوية شيبان (6734)
51- أبو مَعْمَر إسماعيل بن إبراهيم (3604)
52- أبو مَعْمَر عبد الله بن عمرو (642)
53- أبو المغيرة عبد القُدُّوس بن الحجّاج (1837)
54- أبو النّجاشيّ صهيب (559)
55- أبو النّعمان الحَكَم (1415)
56- أبو النعمان عارم بن الفضل (60)
57- أبو النعمان محمّد بن الفضل (6622)
58- أبو نُعَيم الفضل بن دُكَين (112، 297، 6200)
61- أبو الوليد هشام بن عبد الملك (150، 385، 527، 717، 1779، 2209، 5151، 5704، 6250، 6594)
71- أبو اليمان الحكم بن نافع (7، 453، 1399، 5640)
75- أبو يونس حاتم بن أبي صغيرة (4939)
يتبع...

[مسترشدي]

... تابع
ولا أزعم أنني استقرأت استقراء موعبا لكافة أسانيد الصحيح، غير أنّ ما توصلت إليه يشي بتأييد ما ذكرتُه أوّل هذا الحديث، وهو أنّ الرواة كانوا يقدّمون الاسم تارة والكنية تارة أخرى عند اقتران ذكرهما، وأنّ هذه هي "عادتهم". ولعلّ بعض الإخوة ينشط لفعل ذلك بتأنٍّ، فيصوِّب بعض الأوهام، أو يستدرك ما فاتنا...
وقد كان استقرائي السريع تمرينًا ذهنيا خالصا، رغم استنزافه لبعض وقتي وجهدي. وعزائي أنه قد يستفيد بعض الدارسين لصحيح البخاري ممّا قد يحتويه المسردان المذكوران من فوائد، أو تنقدح في أذهانهم مادة جديدة للبحث...
والله وَلِيُّ التوفيق.

[حسن المطروشى الاثرى]

وفقكم الله

[محمد بن عبدالله بن محمد]

أحسنت، بوركت، وبورك فعلك

[محمد بن عبدالله بن محمد]

المواضع التي قُدِّم فيها الاسم على الكنية

89 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ (65، 88، ولم يذكر المروزي)
91 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى أَبُو السُّكَيْنِ (966)



المواضع التي قُدِّمت فيها الكنية على الاسم
76 - أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (18)
77 - أَبُو رَوْحٍ الحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ (25)
78 - أبو صَالِحٍ ذَكْوَان (101)
79 - أَبُو سَلَمَةَ الخُزَاعِيُّ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ (140)
80 - أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الأَزْدِىُّ (386)
81 - أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ (1510)
82 - أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ البَصْرِيُّ(1572)
83 - أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ (1685)


هذا بحسب قراءتي السريعة لأول 2000 حديث