مشاهدة النسخة كاملة : مصطلحات حديثية
عبدالله السني
2008-05-31, 06:08 PM
الحديث الصحيح
الحديث الصحيح هو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غيرشذوذ وعلة.
وتتفاوت رتب الصحيح بسبب تفاوت الأوصاف المقتضية للتصحيح في القوة ، فمن المرتبة العليا في ذلك ما أطلق علية بعض الأئمة أنه أصح الأسانيد ، وقد ذكر الحاكم في معرفة علوم الحديث أصح الأسانيد إلى عدد من الصحابة .
والمعتمد عدم إطلاق أصح الأسانيد لترجمة معينة منها نعم يستفاد من مجموعة ما أطلق الأئمة عليه ذلك أرجحيته على ما لم يطلقوه ويلتحق بهذا التفاضل ما اتفق الشيخان على تخريجه بالنسبة إلى ما انفرد به أحدهما وما انفرد به البخاري بالنسبة إلى ما انفرد به مسلم لاتفاق العلماء بعدهما على تلقي كتابهما بالقبول كما في شرح النخبة للحافظ ابن حجر.
وقد جمع الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم العراقي فيما عد من أصح الأسانيد كتاباً في الأحكام رتبه على أبواب الفقه سماه ((تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد)) وهو كتاب جمعه من تراجم ستة عشر قيل فيها إنها أصح الأسانيد إما مطلقاً أو مقيداً .
وقال النووي رحمه الله تعالى ((الصحيح أقسام أعلاها ما اتفق عليه البخاري ومسلم ثم ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم ثم ما كان على شرطهما وإن لم يخرجاه ثم على شرط البخاري ثم على شرط مسلم ثم ما صححه غيرهما من الأئمة فهذه سبعة أقسام))
وقال العلامة قاسم قطلوبغا في حواشيه على شرح النخبة لشيخه ابن حجر ((الذي يقتضيه النظر أن ما كان على شرطهما وليس له علة يقدم على ما أخرجه مسلم وحده لأن قوة الحديث إنما هي بالنظر إلى رجاله لا بالنظر إلى كونه في كتاب كذا)) انتهى
كما أن قول العلماء أصح شيء في الباب لا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث فإنهم يقولون ((هذا أصح ما جاء في الباب)) وإن كان ضعيفاً ومرادهم أرجحة أو أقله ضعفاً كما قال النووي رحمه الله تعالى.
عبدالله السني
2008-05-31, 06:11 PM
الحديث الحسن
قال الإمام ابن الصلاح ((الحسن لذاته أن تشهر رواته بالصدق ولم يصلوا في الحفظ رتبة رجال الصحيح والحسن لغيره أن يكون في الإسناد مستور لم تتحقق أهليته غير مغفل ولا كثير الخطأ في روايته ولا متهم بتعمد الكذب فيها ولا ينسب إلى مفسق آخر واعتضد بمتابع أو شاهد فأصله ضعيف وإنما طرأ عليه الحسن بالعاضد الذي عضده فاحتمل لوجود العاضد ولولاه لاستمرت صفة الضعف فيه ولاستمر على عدم الاحتجاج به)) كذا في فتح المغيث للسخاوي .
وكتاب جامع الترمذي (السنن ) أصل في معرفة الحسن وهو الذي شهره وأكثر من ذكره وإن وجد في متفرقات من كلام بعض مشايخه والطبقة التي قبله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ((أول من عرف أنه قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف أبو عيسى الترمذي ولم تعرف هذه القسمة عن أحد قبله وقد بين أبو عيسى مراده بذلك فذكر أن الحسن ما تعددت طرقة ولم يكن فيهم متهم بالكذب ولم يكن شاذا وهو دون الصحيح الذي عرف عدالة ناقليه وضبطهم)) وقال ((الضعيف الذي عرف أن ناقله متهم بالكذب ردئ الحفظ فإنه إذا رواه المجهول خيف أن يكون كاذباً أو سيء الحفظ فإذا وافقه آخر لم يأخذ عنه عرف أنه لم يتعمد كذبه واتفاق الأتنين على لفظ واحد طويل قد يكون ممتنعاً وقد يكون بعيداً ولما كان تجويز اتفاقهما في ذلك ممكناً نزل من درجة الصحيح)) ثم قال : ((وأما من قلل الترمذي من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي لكن كانوا يقسمونه إلى صحيح وضعيف والضيف كان عندهم نوعان ضعيف ضعفاً لا يمتنع العمل به وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي وضعيف ضعفاً يوجب تركه وهو الواهي)).
والحديث الحسن كالصحيح في الاحتجاح به وإن كان دونه في القوة ولهذا أدرجه طائفة من نوع الصحيح كالحاكم وابن حبان وابن خزيمة مع قولهم بأنه دون الصحيح المبين أولاً.
وقال الخطابي ((على الحسن مدار أكثر الحديث لأن غالب لا تبلغ رتبة الصحيح وعمل به عامة الفقهاء وقبله أكثر العلماء وشدد بعض أهل الحديث فرد بكل علة قادحة كانت أم لا كما روى عن ابن أبي حاتم أنه قال سألت أبي عن حديث فقال ((إسناده حسن)) فقلت ((يحتج به)) فقال ((لا)) انتهى
عبدالله السني
2008-05-31, 06:13 PM
المتن
المتن :هو ما صلب ظهره وما ارتفع من الأرض واستوى ، والجمع متون ومتان ، ومتنت الكبش شققت صفنه واستخرجت بيضته بعروقها , والمماتنة : المباعدة في الغاية والتمتين : خيوط تشد بها أوصال الخيام والمتن المتن اصطلاحا : "ما ينتهي إليه غاية السند من الكلام " سواء أكان حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن غيره .
والعلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي أن المتن ربما أخذ من المماتنة وهي المباعدة في الغاية ، لأنه غاية السند ، أو من متنت الكبش إذا شققت جلد بيضته واستخرجتها ، فكأن المسند استخرج المتن بسنده أو من المتن وهو ما صلب وارتفع من الأرض ، لأن المسند يقويه بالسند ويرفعه إلى قائله , أومن تمتين القوس أي شدها بالعصب ، لأن المسند يقوي الحديث بسنده .
انظر الإسناد من الدين للدكتور عاصم القريوتي
عبدالله السني
2008-05-31, 06:15 PM
كتب الأثبات:
الأثبات جمع ثبت جمع ثَبَتَ. محركة والمراد بها الكتاب الذي يذكر فيه المؤلف أسانيده للكتب التي قرأها على شيوخه إلى مؤلفيها، وقد قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح :"الأسانيد أنساب الكتب "
وأما ثبت بسكون الباء فهو من مراتب التعديل.
والأثبات في الأصل مجموعة من الإجازات التي حصل عليها الطالب من شيوخه لرواية كتب الحديث. فإذا جمعت هذه الإجازات في مؤلف سُميتْ الأثبات أو البرامج أو المعاجم أو المشيخات .
ومن فوائد كتب الأثبات والمعاجم والمشيخات:
1 ـ الوقوف على تراجم العلماء المعاصرين للمؤلف.
2 ـ الحصول على تراجم لرواة قد لا نجدهم في كتب التراجم العامة.
3 ـ وجود أسانيد المصنفات مما يعين على تحقيقها.
4- تعين على دراسة جوانب متعلقة برواة كتب الحديث وغيرها .
والمؤلفات فيها كثيرة منها : فهرست ابن الخير الإشبيلي والفهرست لابن النديم و المعجم المفهرس للحافظ ابن حجر العسقلاني ، والمجمع المؤسس له أيضا , وقطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر للشيخ صالح بن محمد الفلاني المدني، وسلسلة العسجد في ذكر شيوخ السند لصديق حسن خان القنوجي ، والإرشاد إلى مهمات الإسناد للمحدث شاه ولي الله الدهلـوي ، وصلة الخلف بموصول السلف للروداني ، وإتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر للشوكاني و وإتحاف النبلاء بالرواية عن الأعلام الفضلاء للشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجري.
انظر: تاج العروس مادة ثبت ومقدمة فهرس الفهارس للكتاني وعناية المحدثين بتوثيق المرويات، للدكتور أحمد محمد نور سيف وكتب الأثبات للدكتور موفق عبدالقادر
عبدالله السني
2008-05-31, 06:16 PM
المتروك
المتروك : هو من ثبت كذبه في حديث الناس، واشتهر أمره بين العام والخاص.
وهو الذي يقال له المتهم بالكذب ، فمن كانت هذه سيرته لا يؤمن عليه أن يكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن هنا جاء الحذر من الرواية عنه؛ لأنه بذلك صار مسلوب العدالة، ومن شرط صحة الحديث أن يكون راويه عدلاً والكذب يقدح في العدالة.
فمن سقطت عدالته، وثبت كذبه في حديث الناس، فهو متروك، وحديثه مطروح.
وفي تدريب الراوي (1/498) أن المتروك من اتهم بالكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف الحديث إلا من جهته ،ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة ويدخل في ذلك من عرف بالكذب في حديثه مع الناس .
وحكم الرواية عن المتهم بالكذب أو المتروك ، ولقد نص الأئمة -مثل مالك وغيره- على عدم الأخذ عن الذي يكذب في حديث الناس، إلا أنه لا يوجد في كتب الرجال من هذا الصنف إلا القليل النادر؛ لأن مؤلفي كتب الرجال اهتموا بذكر تراجم من له رواية عن رسول صلى الله عليه وسلم.
وأما الذي يكذب في حديث الناس وليس له رواية، فلم يذكروه في كتب الرجال.
انظر : تدريب الراوي النوع الثالث والسبعون.
عبدالله السني
2008-05-31, 06:28 PM
المذاكرة
من آداب طالب الحديث أن يكثر من المذاكرة، فإنها تقوي الذاكرة ، فعن ابن شهاب الزهري أنه قال : « إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة.
ولقد كان أصحاب النبي يتذاكرون بينهم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كنا نكون عند النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الحديث، فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «إذا سمعتم مني حديثاً فتذاكروه بينكم».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: « تحدثوا وتذاكروا، فإن الحديث يذكر بعضه بعضاً».
قال عطاء بن أبي رباح : «كنا نكون عند جابر فيحدثنا، فإذا خرجنا تذاكرنا، فكان أبو الزبير أحفظنا للحديث».
وقال علقمة: «تذاكرووا الحديث، فإن حياتَه مذاكرتُه».
قال الخطيب: «أفضل المذاكرة مذاكرة الليل، وكان جماعة من السلف يبدؤون المذاكرة من العِشاء، فربما لم يقوموا حتى يسمعوا أذان الصبح».
«فإن لم يجد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه، وكرَّر معنى ما سمعه، ولفظه على قلبه، ليعلق ذلك على خاطره، فإن تكرار المعنى على القلب كتكرار اللفظ على اللسان سواء بسواء، وقَلّ أن يفلح من يقتصر على الفكر والتعقل بمحضرة الشيخ خاصة، ثم يتركه ويقوم ولا يعاوده».
وكان وكيع وأحمد بن حنبل قد تذاكرا ليلةً، حتى جاءت الجارية وقالت: «قد طلع الكوكب، أو قالت: الزهرة».
وقال عبد الله بن المعتز : « من أكثر مذاكرة العلماء لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم »
انظر للمزيد : كتاب المدخل للحافظ البيهقي -باب: (مذاكرة العلم والجلوس مع أهله) ، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/236-238)، الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي ، وتذكرة السامع والمتكلم (ص145) ، ومعجم الدكتور الأعظمي للمصطلحات الحديثية.
سئلً عليٌّ رضي الله عنه : كيف كان حبُّكُم لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كان والله أحبَّ إلينا من أموالنا وأولادنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظَّمأ .
وقال عمروُ بنُ العاصِ رضي الله عنه : ما كان أحدٌّ أحبُّ إليَّ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولا أجلَّ في عينَيَّ منه ، وما كنت أطيقُ أن أملأَ عينَيَّ منه إجلالاً ،ولو سئلتُ أن أصفَه ما أطَقْتُ لأني ما كنت أملأً عيني منه .
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم عندما يسمعون حديث الرسولِ صلى الله عليه وسلم كأن على رؤوسهم الطيرَ من الخشوعِ والعظمةِ لأمرِ النبي صلى الله عليه وسلم .
ولما وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم تلكَ الموعِظَةِ العظيمةَ المشهورةَ كيفَ ذرفَتْ عيونُهُم وكيف وَجَلَتْ .
وفي البخاري عن السائبِ بنِ يزيدَ قال : كنتُ قائماً في المسجِدِ، فحَصَبَني رجلٌ، فنظرتُ فإذا عمرُ بنُ الخَطّابِ، فقال : اذهبْ فأْتِني بهذين ، فجئْتُه بهما، قال: من أنتما، أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعْتُكُما، ترفعانِ أصواتَكما في مسجدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أُثِرَ عن الإمامِ مالكٍ رحمه الله _ وكان من أشدِّ الناسِ تعظيماً لحديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم _ أنه إذا جلس للفقهِ جلسَ كيفَ كان ، وإذا أراد الجلوسَ للحديثِ اغتسلَ وتطَيَّبَ ولبس ثياباً جُدُداً وتعّمَّمَ وجلس على مِنَصَّتِهِ بخشوعٍ وخضوعٍ ووقارٍ ، ويجلسُ في ذلك المجلسِ ، وكان يبخرُ ذلك المجلسَ من أوَّلَهِ إلى آخرِه تعظيماً لحديثِ المصطفى عليه الصلاة والسلام .
وكان الإمامُ الشهير ابنُ مهدي إذا قرأ حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أمرَ الحاضرينَ بالسُّكوتِ فلا يتحدَّثُ أحدٌّ ولا يُبْرى قلمٌ ولا يتبسَّمُ أحدٌ ولا يقوم أحد قائماً كأن على رؤوسهم الطيرَ أو كأنهم في صلاةٍ ، فإذا رأى أحداً منهم تبسَّمَ أو تحدَّثَ لبس نعلَه وخرجِ .
وقال الإمام محمد بن إدريس الشَّافِعِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ كما في "إعلام الموقعين عن رب العالمين ":
أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ
وقال الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن ( 1273 ـ 1367 هـ ) :
(( فإنا نأمر بما أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وننهى عما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله ، ولانحرم إلا ما حرم الله ، ولانحلل إلا ما حلل الله ، فهذا الذي ندعوا إليه ...... ونجاهد من لم يقبل ذلك ونستعين الله على جهاده ونقاتله حتى يلتزم ما أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإنا ـ ولله الحمد والمنة ـ لم نخرج عما في كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن نسب عنا خلاف ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )) الدرر السنية ( 1/ 578 ـ 579 ) .
وقال الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ( 1267 ـ 1349 هـ ) : (( فإن كل قول يخالف قول سيد المرسلين مردود على قائله ، مضروب به في وجهه، لايلتفت إليه ولايعول عليه ، وما أحد من أفراد الأمة وإن بلغ في العلم ما عسى أن يبلغ فهو أنقص من أن يرد لقوله قول محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وسلم)) المجموع المفيد من رسائل وفتاوى الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ص40.
وقال ـ أيضا ـ :
فخذ بنص من التنزيل أو سنن جاءت - - - عـن المصطفى الهادي بـلا لبس .
فـإن خير الأمـور السالفات على - - - نـهج الهدى والهدى يبدو لمقتبس
والشر في بـدع في الـدين منكرة - - - تحلو لدى كل أعمى القلب منتكس
وقال الشيخ سليمان بن سحمان ( 1266 ـ 1349 هـ ) في قصيدة له بين فيها جملة من اعتقاد أئمة الدعوة :
ونشهد أن المصطفى سيـد الورى - - - محمد المعصوم أكمل مـرشد
وأفضل من يدعو إلى الدين والهدى - - - رسول من الله العظيم الممجد
إلـى كـل خلق الله طرا وأنـه - - - يطاع فـلا يعصى بغير تردد
الدرر السنية ( 1/ 579 ) .
وقال الشيخ عبدالرزاق عفيفي ( 1323 ـ 1415 هـ ) :
(( فالخير كل الخير في العودة إلى كتاب الله تعالى تلاوة له وتفقها فيه ، وإلى أحاديث المصطفى صاحب جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم دراية ورواية والفتيا بهذين الأصلين ، وعرض أعمال الناس عليهما ، فذلك هو الفلاح والرشاد الذي ليس بعده رشاد))
كتاب الشيخ العلامة عبدالرزاق عفيفي ( 2 / 458 ) .
وقال الشيخ حمود بن عبدالله التويجري ( 1334ـ 1413 هـ ) :
(( وكل حديث صح إسناده إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالإيمان به واجب على كل مسلم ، وذلك من تحقيق الشهادة بأن محمدا رسول الله ، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ومن كذب بشيء مما ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو ممن يشك في إسلامه ؛ لأنه لم يحقق الشهادة بأن محمدا.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز ( 1330 ـ 1420 هـ ) : (( فلا شك أن المسلمين في كل مكان في أشد الحاجة إلى الإفتاء بما يدل عليه كتاب الله الكريم وسنة نبيه الأمين عليه أفضل الصلوات والتسليم ، وهم في أشد الحاجة إلى الفتاوى الشرعية المستنبطة من كتاب الله وسنة نبيه ، وإن من الواجب على أهل العلم في كل مكان الاهتمام بهذا الواجب ، والحرص على توضيح أحكام الله وسنة رسوله التي جاء بها للعباد في مسائل التوحيد والإخلاص لله ، وبيان ما وقع فيه أكثر الناس من الشرك ، وما وقع فيه كثير منهم من الإلحاد والبدع المضلة حتى يكون المسلمون على بصيرة ، وحتى يعلم غيرهم حقيقة ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق ... وأنصح لجميع العلماء بأن يعنوا بمراجعة الكتب الإسلامية المعروفة حتى يستفيدوا منها ، وكتب السنة مثل الصحيحين وبقية الكتب الستة ومسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك وغيرها من كتب الحديث المعتمدة ))
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة ( 5/ 269 ) ..
وقال الإمام الألباني في "الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام ":
"إن من المتفق عليه بين المسلمين الأولين كافة أن السنة النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - هي المرجع الثاني والأخير في الشرع الإسلامي في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية - أو أحكام عملية أو سياسية أو تربوية وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأي أو اجتهاد أو قياس".
وقال أيضاً في المصدر السابق:
"إن السنة العملية التي جرى عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حياته وبعد وفاته تدل أيضا دلالة قاطعة على عدم التفريق بين حديث الآحاد في العقيدة والأحكام وأنه حجة قائمة في ذلك.
عبدالله السني
2008-05-31, 06:31 PM
الحديث الضعيف
قال الإمام النووي ((الضعيف ما لم يوجد فيه شروط الصحة ولا شروط الحسن وأنواعه كثيرة منها الموضوع والمقلوب والشاذ والمنكر والمعلل والمضطرب وغير ذلك))
وهو ضعفه يتفاوت بحسب شدة ضعف رواته وخفته كصحة الصحيح فمنه أوهي كما أن من الصحيح أصح قال السخاوي في فتح المغيث ((وأعلم أنهم كما تكلموا في أصح الأسانيد مشوا في أوهى الأسانيد وفائدته ترجيح بعض الأسانيد على بعض وتمييز ما يصلح للاعتبار مما لا يصلح)) انتهى
والحديث الضعيف عند تعدد الطرق يرتقى من الضعف إلى الحسن ويصير مقبولاً معمولاً به ما لم يكن الضعف لكذب راويه أو لفسقه فلا ينجبر بتعدد طرقة المثاثلة له .
والحديث الضعيف لا يحتج به في العقائد والأحكام وأما في الفضائل ففيه مذاهب : الأول لا يعمل به مطلقاً لا في الأحكام ولا في الفضائل حكاه ابن سيد الناس في عيون الأثر عن يحيى بن معين ونسبه في فتح المغيث لأبي بكر بن العربي والظاهر أنه مذهب البخاري ومسلم وهومذهب ابن حزم أيضاً حيث قال في الملل والنحل ((ما نقله أهل المشرق والمغرب أو كافة عن كافة أو ثقة حتى يبلغ إلى النبي إلا أن في الطريق رجلاً مجروحاً بكذب أو غفلة أو مجهول الحال فهذا يقول به بعض المسلمين ولا يحل عندنا القول به ولا تصديقه ولا الأخذ بشيء)) ورجحه العلامة الألباني .
الثاني أنه يعمل به مطلقاً قال السيوطي ((وعزا ذلك إلى أبي داود وأحمد لأنهما يريان ذلك أقوى من رأي الرجال))
الثالث يعمل به في الفضائل بشروط ذكرها الحافظ ابن حجروهي :
الأول : أن يكون الضعف غير شديد فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه ونقل العلائي الاتفاق عليه.
الثاني : أن يندرج تحت أصل معمول به .
الثالث : أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط.
عبدالله السني
2008-05-31, 06:33 PM
الحديث الموضوع
الحديث الموضوع
هو الحديث الكذب المختلق المصنوع بأن يروى عنه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله متعمداً لذلك
وأجمعت الأمة على تحريمه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " متفق عليه وهو حديث متواتر ، وأما ما جاء عن بعض أهل البدع من الكرامية وبعض المتصوفة من إباحة الوضع في الترغيب والترهيب فهو باطل مردود .
كما تحرم رواية الحديث الموضوع سواء كان في الأحكام أو القصص والترغيب ونحوها إلا مبينا وضعه لحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين)) - ورويت لفظة الكذابين في هذا الحديث على صيغة التثنية والكاذبين بالجمع
وقد ذكر المحدثون أموراً كليه يعرف بها كون الحديث موضوعا منها اشتماله على مجازفات في الوعد والوعيد، ومنها سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه ،ومنها مناقضته لما جاءت به السنة الصريحة ، ومنها أن يكون باطلا في نفسه فيدل بطلانه على وضعه ومنها أن لا يشبه كلام الأنبياء بل لا يشبه كلام الصحابة .
وأسباب الوضع عدة منها عدم الدين كالزنادقة قصدوا إفساد الشريعة والتلاعب بالدين أو غلبة الجهل كبعض المتعبدين أو فرط العصبية كبعض المقلدين أو اتباع هوى بعض الرؤساء أو ا لقصد الاشتهار وكل ذلك حرام بإجماع العلماء .
ومن الأحاديث الموضوعة ((حب الوطن من الإيمان)) و ((لولاك ما خلقت الأفلاك))و(( تعلموا السحر ولا تعملوا به)).
ولقد سخر الله علماء أهل الحديث لبيان الأحاديث المكذوبة وكل ذلك من حفظ الله لدينه وقد قيل للإمام ابن المبارك رحمه الله هذه الأحاديث المصنوعة فقال تعيش لها الجهابذة " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ".
ولقد ألف العلماء كثيرا من الكتب في التحذير من الوضع والحديث الموضوع والسؤالات ومن ذلك : كتاب ( الأباطيل ) للجوزقاني وكتاب ( الموضوعات الكبرى ) لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي و( العلل المتناهية )له ( تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة ) لابن عراق الكناني و0المنار المنيف لابن القيم و( الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ) و( المغني عن الحفظ والكتاب بقولهم لم يصح شيء في هذا الباب ) للحافظ الموصلي الحنفي ) ومن الكتب المعاصرة سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للعلامة محمد ناصر الدين الألباني.
عبدالله السني
2008-05-31, 06:35 PM
الأجزاء الحديثية
الأجزاء الحديثية :
جمع جزء، وهو نوع من أنواع التصنيف عند المحدثين، وهو على ضروب شتى :
1 ـ تأليف الأحاديث المروية عن رجل واحد من الصحابة ومن دونهم، كجزء أبي بكر وجزء عمر رضي الله عنهما.
2 ـ جمع أحاديث في موضوع واحد، كجزء قيام الليل للمروزي والقراءة خلف الإمام للبخاري .
3 ـ جمع الفوائد الحديثية والوحدانيات ، والثنائيات إلى العشاريات ، وما اشبه ذلك وهي كثيرة جدا .
ومن الاجزاء الحديثية جزء الحسن بن سفيان الشيباني النسائي صاحب المسند ، وكتاب الواحدان - بضم الواو وغيرهما والمراد بالوحدان من لم يرو عنه الا راو واحد من الصحابة أو التابعين فمن بعدهم - ، وجزء أبي علي الحسن بن عرفة البغدادي والمائة لأبي إسماعيل الهروي والمائة المنتقاة من صحيح مسلم للعلائي ، والف حديث عن مائة شيخ ويسمى بالامالي لأبي المظفر منصور السمعاني .
وانظر للمزيد حول الأجزاء : (الرسالة المستطرفة)
عبدالله السني
2008-05-31, 06:40 PM
أصح الأسانيد
بسم الله الرحمن الرحيم
أصح الأسانيد و أوهاها
قال الحاكم في كتابه "معرفة علوم الحديث " [ جزء 1 - صفحة 99 فما بعدها]
" وقد اختلف أئمة الحديث في أصح الأسانيد : فحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال ثنا محمد بن سليمان قال سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وأصح أسانيد أبي هريرة أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وسمعت أبا بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة يحكي عن بعض شيوخه عن أبي بكر بن أبي شيبة قال :
أصح الأسانيد كلها الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي رضي الله عنه.
وأخبرني خلف بن محمد البخاري ثنا محمد بن حريث البخاري قال سمعت عمرو بن علي يقول : أصح الأسانيد محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الأصبهاني عن بعض شيوخه قال سمعت سليمان بن داود يقول : أصح الأسانيد كلها يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه .
وسمعت أبا الوليد الفقيه غير مرة يقول سمعت محمد بن سليمان بن خالد الميداني يقول سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه.
حدثني الحسين بن عبد الله الصيرفي قال حدثني محمد بن حماد الدوري بحلب قال أخبرني أحمد بن القاسم بن نصر بن دوست قال حدثنا حجاج بن الشاعر قال : اجتمع أحمد بن حنبل و يحيى بن معين و علي بن المديني في جماعة معهم اجتمعوا فذكروا أجود الأسانيد الجياد فقال رجل منهم : أجود الأسانيد شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عامر أخي أم سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها .
وقال علي بن المديني : أجود الأسانيد بن عون عن محمد عن عبيدة عن علي وقال أبو عبد الله أحمد بن حنبل أجود الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه.
وقال يحيى : الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فقال له إنسان : الأعمش مثل الزهري ؟ فقال برئت من الأعمش أن يكون مثل الزهري الزهري يرى العرض والإجازة وكان يعمل لبني أمية وذكر الأعمش فمدحه فقال : فقير صبور مجانب السلطان وذكر علمه بالقرآن وورعه.
قال الحاكم : فأقول وبالله التوفيق إن هؤلاء الأئمة الحفاظ قد ذكر كل ما أدى إليه اجتهاده في أصح الأسانيد ولكل صحابي رواة من التابعين ولهم أتباع وأكثرهم ثقات فلا يمكن أن يقطع الحكم في أصح الأسانيد لصحابي واحد فنقول وبالله التوفيق :
•1.إن أصح أسانيد أهل البيت : جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه إذا كان الراوي عن جعفر ثقة.
•2.وأصح أسانيد الصديق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر رضي الله عنه.
•3.وأصح أسانيد عمر رضي الله عنه الزهري عن سالم عن أبيه عن جده .
وأصح أسانيد المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم:
•4.لأبي هريرة : الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه.
•5.ولعبد الله بن عمر : مالك عن نافع عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
ولعائشة : عبيدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة رضي الله عنها.
سمعت أبا بكر بن سلمان الفقيه يقول سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي سمعت يحيى بن معين يقول :
عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها ترجمة مشبكة بالذهب.
ومن أصح الأسانيد أيضا :
•8.: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن زهرة القرشي عن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي عن عائشة رضي الله عنها.
•9.وأصح أسانيد عبد الله بن مسعود : سفيان بن سعيد الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس النخعي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
•10.وأصح أسانيد أنس : مالك بن أنس عن الزهري عن أنس رضي الله عنه.
•11.وأصح أسانيد المكيين : سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر رضي الله عنه.
•12.وأصح أسانيد اليمانيين: معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
سمعت أبا أحمد الحافظ يقول سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول سألت محمد بن يحيى فقلت : أي الإسنادين أصح : محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أو معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة ؟ فقال : إسناد محمد بن عمرو أشهر وإسناد معمر أمتن
قال الحاكم : فقلت لأبي أحمد الحافظ : محمد بن يحيى إمام غير مدافع إمامته ولكني أقول معمر بن راشد أثبت من محمد بن عمرو وأبو سلمة أجل وأشرف وأثبت من همام بن منبه ، فأعجبه هذا القول وقال فيه ما قال .
•13.قلنا : وأثبت إسناد المصريين : الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه.
•14.وأثبت إسناد الشاميين : عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة رضي الله عنهم.
•15.وأثبت أسانيد الخراسانيين : الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه .
ولعل قائلا يقول إن هذا الإسناد لم يخرج منه في الصحيحين إلا حديثان فيقال له وجدنا للخراسانيين أصح من هذا الإسناد فكلهم ثقات وخراسانيون و بريدة بن حصيب مدفون بمرو.
عبدالله السني
2008-05-31, 06:44 PM
أوهى الأسانيد
قال الإمام الحاكم النيسابوري رحمه الله في كتابه معرفة علوم الحديث بعد ذكره أصح الأسانيد :
"ثم نقول بعون الله بعد هذا :
إن أوهى أسانيد أهل البيت : عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه.
سمعت علي بن عمر الحافظ يحكي عن بعض شيوخهم قال حضر نضلة مجلس أبي همام السكوني فقال أبو همام حدثنا أبي قال ثنا عمرو بن جابر فقام نضلة فقال : أنت وأبوك و عمرو و جابر ! الله الله إن صبرنا ! وخرج من المجلس .
وأوهى أسانيد الصديق رضي الله عنه : صدقة بن موسى الدقيقي عن فرقد السبحي عن مرة الطيب عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وأوهى أسانيد العمريين : محمد بن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جده .
فإن محمد و القاسم وعبد الله لم يحتج بهم .
وأوهى أسانيد أبي هريرة : السري بن إسماعيل عن داؤد بن يزيد الأودي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وأوهى أسانيد عائشة : نسخة عند البصريين عن الحارث بن شبل عن أم النعمان الكندية عن عائشة رضي الله عنها.
وأوهى أسانيد عبد الله بن مسعود : شريك عن أبي فزارة عن أبي زيد عن عبد الله إلا أن أبا فزارة راشد بن كيسان كوفي ثقة .
وأوهى أسانيد أنس : داؤد بن المحبر بن قحذم عن أبيه عن أبان بن أبي عياش عن أنس رضي الله عنه.
وأوهى أسانيد المكيين : عبد الله بن ميمون القداح عن شهاب بن خراش عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأهى أسانيد اليمانيين : حفص بن عمر العدني عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأوهى أسانيد المصريين : أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد عن أبيه عن جده عن قرة بن عبد الرحمن بن حيويل عن كل من روى عنه فإنها نسخة كبيرة .
وأوهى أسانيد الشاميين : محمد بن قيس المصلوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه.
وأوهى أسانيد الخراسانيين : عبد الله بن عبد الرحمن بن مليحة عن نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما .
و ابن مليحة و نهشل نيسابوريان وإنما ذكرتهما في الجرح من بين سائر كور خراسان ليعلم أني لم أحاب في أكثر ما ذكرته .
عبدالله السني
2008-05-31, 07:12 PM
طبقات كتب الحديث
طبقات كتب الحديث
قال الإمام المحدث الشيخ الشاه ولي الله أحمد الدهلوي رحمه الله في كتابه ((حجة الله البالغة)) :
((أعلم أنه لا سبيل لنا إلى معرفة الشرائع والأحكام إلا خبر النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف المصالح فإنها قد تدرك بالتجربة والنظر الصادق والحدس ونحو ذلك ، ولا سبيل لنا إلى معرفة أخباره إلا بتلقي الروايات المنتهية إلية بالاتصال والعنعنة ، سواء كانت من لفظه أو كانت أحاديث موقوفة قد صحت الرواية بها عن جماعة الصحابة والتابعين ، بحيث يبعد إقدامهم على الجزم بمثله لولا النص أو الإشارة من الشارع فمثل ذلك رواية عنه دلالة وتلقي تلك الروايات لا سبيل إليه في يومنا هذا إلا تتبع الكتب المدونة في علم الحديث فإنه لا يوجد اليوم رواية يعتمد عليها غير مدونة.
وكتب الحديث على طبقات مختلفة ومنازل متباينة فوجب الاعتناء بمعرفة طبقات كتب الحديث ، فنقول هي باعتبار الصحة والشهرة على أربع طبقات وذلك لأن أعلى أقسام الحديث ما ثبت بالتواتر وأجمعت الأمة على قبوله والعمل به ثم ما استفاض من طرق متعددة لا يبقي معها شبهة يعتد بها واتفق على العمل به جمهور فقهاء الأمصار أو لم يختلف فيه علماء الحرمين خاصة فإن الحرمين محل الفقهاء الراشدين في القرون الأولى ومحط رجال العلماء طبقة بعد طبقة يبعد أن يسلموا منهم الخطأ الظاهر أو كان قولاً مشهوراً معمولاً به في قطر عظيم مروياً عن جماعة عظيمة من الصحابة والتابعين ، ثم ما صح أو حسن سنده وشهد به علماء الحديث ولم يكن قولاً متروكاً لم يذهب إليه أحد من الأمة،
أما ما كان ضعيفاً موضوعاً أو منقطعاً أو مقلوباً في سنده أو متنه أو من رواية المجاهيل أو مخالفاً لما أجمع عليه السلف طبقة بعد طبقة فلا سبيل إلى القول به .
فالصحة أن يشترط مؤلف الكتاب على نفسه إيراد ما صح أو حسن غير مقلوب ولا شاذ ولا ضعيف إلا من بيان حاله ، فإن إيراد الضعيف مع بيان حاله لا يقدح في الكتاب ،
والشهرة أن تكون الأحاديث المذكورة فيها دائرة على ألسنة المحدثين قبل تدوينها وبعد تدوينها فيكون أئمة الحديث قبل المؤلف رووها بطرق شتي وأوردوها في مسانيدهم ومجاميعهم ، وبعد المؤلف اشتغلوا برواية الكتاب وحفظه وكشف مشكله وشرح غريبة وبيان إعرابه وتخريج طرق أحاديثه واستنباط فقهها والفحص عن أحوال رواتها طبقة بعد طبقة إلى يوما هذا حتى لا يبقى شيء مما يتعلق به غير مبحوث عنه إلا ما شاء الله ، ويكون نقاد الحديث قبل المصنف وبعده وافقوه في القول بها وحكموا بصحتها وارتضوا رأي المصنف فيها وتلقوا كتابه بالمدح والثناء ، ويكون أئمة الفقه لا يزالون يستنبطون منها ويعتمدون عليها ويعتنون بها ، ويكون العامة لا يخلون عن اعتقادها وتعظيمها ، وبالجملة فإذا اجتمعت هاتان الخصلتان في كتاب كان من الطبقة الأولى ثم وثم وإن فقدتا رأسا لم يكن له اعتبار ، وما كان أعلى حد في الطبقة الأولى فإنه يصل إلى حد التواتر ، وما دون ذلك يصل إلى الاستفاضة ثم إلى الصحة القطعية أعنى القطع المأخوذ في علم الحديث المفسد للعمل والطبقة الثانية إلى الاستفاضة أو الصحة القطعية أو الظنية وهكذا ينزل الأمر.
فالطبقة الأولى محصرة بالاستقراء في ثلاثة كتب الموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم قال الشافعي رحمه الله : أصح الكتب بعد كتاب الله موطأ مالك ، واتفق أهل الحديث على أن جميع ما فيه صحيح على رأي مالك ومن وافقه ، وأما على رأي غيره فليس فيه مرسل ولا منقطع إلا قد اتصل السند به من طرق أخرى فلا جرم أنها صحيحة من هذا الوجه،
ولم يزل العلماء يخرجون أحاديثه ،ويذكرون متابعاته وشواهدة ،ويشرحون غريبة ويضبطون مشكله ، ويبحثون عن فقهه ، ويفتشون عن رجاله إلى غاية ليس بعدها غاية ، وإن شئت الحق الصراح فقس كتاب الموطأ بكتاب الآثار لمحمد و الأمالي لأبي يوسف تجد بينه وبينهما بعد المشرفين فهل سمعت أحداً من المحدثين والفقهاء تعرض لهما وأعتنى بهما.
أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع وأنهما متواتران إلى مصنفيهما وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين ، وإن شئت الحق الصراح فقسهما بكتاب ابن أبي شيبة وكتاب الطحاوي ومسند الخوارزمي وغيرهما تجد بينها وبينهما بعد المشرقين.
وهذه الكتب الثلاثة التي اعتنى القاضي عياض في المشارق بضبط مشكلها ورد تصحيفها.
الطبقة الثانية كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها كان مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث ،ةولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم وتلقاها من بعدهم بالقبول ، واعتنى بها المحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة ، واشتهرت فيما بين الناس ، وتعلق بها القوم شرحا لغريبها ، وفحصاً عن رجالها واستنباطاً لفقهها ،وعلى تلك الأحاديث بناء عامة العلوم كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبي النسائي ، وهذه الكتب مع الطبقة الأولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصحاح وابن الأثير في جامع الأصول وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة ، فإن الإمام أحمد جعله أصلا يعرف به الصحيح والسقيم قال ((ما ليس فيه فلا تقبلوه)).
والطبقة الثالثة - مسانيد وجوامع ومصنفات صنفت قبل البخاري ومسلم وفي زمانهم وبعدهما جمعت بين الصحيح والحسن والضعيف والمعروف والغريب والشاذ والمنكر والخطأ والصواب والثابت والمقلوب ، ولم تشتهر في العلماء ذلك الاشتهار وإن زال عنها اسم النكارة المطلقة ، ولم يتداول ما تفردت به الفقهاء كثير تداول ولم يفحص عن صحتها وسقمها المحدثون كثير فحص ، ومنه ما لم يخدمه لغوي لشرح غريب ولا فقيه لتطبيقه بمذاهب السلف ، ولا محدث ببيان مشكله ، ولا مؤرخ بذكر أسماء رجاله ، ولا أريد المتأخرين المتعمقين وإنما كلامي في الأئمة المتقدمين من أهل الحديث ، فهي باقية على استتارها واختفائها وخمولها كمسند أبي يعلي ومصنف عبد الرزاق ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة ومسند عبد بن حميد والطيالسي وكتب البيهقي والطحاوي والطبراني ، وكان قصدهم جمع ما وجووه لا تلخيصه وتهذيبه وتقريبه من العمل.
والطبقة الرابعة - كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأوليين وكانت في المجاميع والمسانيد المختفية فنوهوا بأمرها وكانت على ألسنة من لم لم يكتب حديثه المحدثون ككثير من الوعاظ المتشدقين وأهل الأهواء والضعفاء ، أو كانت من آثار الصحابة والتابعين ، أو من أخبار بني إسرائيل ، أو من كلام الحكماء والوعاظ ، خلطها الرواة بحديث النبي سهوا أو عمداً ،أو كانت من محتملات القرآن والحديث الصحيح فرواها بالمعنى قوم صالحون لا يعرفون غوامض الرواية فجعلوا المعاني أحاديث مرفوعة ، أو كانت معاني مفهومة من إشارات الكتاب والسنة جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمداً ، أوكانت جملاً شتى في أحاديث مختلفة جعلوها حديثاً واحدا بنسق واحد.
ومظنة هذه الأحاديث كتاب ((الضعفاء)) لابن حبان وكامل بن عدي وكتب الخطيب وأبي نعيم والجوزقاني وابن عساكر وابن النجار والديلمي وكاد مسند الخوارزمي يكون من هذه الطبقة.
وأصلح هذه الطبقة ما كان ضعيفاً محتملاً ، وأسوؤها ما كان موضوعاً أو مقلوبا شديد النكارة، وهذه الطبقة مادة كتاب الموضوعات لابن الجوزي
وههنا طبقة خامسة - منها ما اشتهر على ألسنة الفقهاء والصوفية والمؤرخين ونحوهم وليس له أصل في هذه الطبقات الأربع ، ومنها ما دسه الماجن في دينه العالم بلسانه فأتى بإسناد قوى لا يمكن الجرح فيه وكلام بليغ لا يبعد صدوره عنه فأثار في الإسلام مصيبة عظيمة لكن الجهابذة من أهل الحديث يوردون مثل ذلك على المتابعات والشواهد فتهتك الأستار ويظهر العوار.
((أما الطبقة الأولى والثانية فعليهما اعتماد المحدثين وحوم حماهما مرتعهم ومسرحهم ، وأما الثالثة فلا يباشرها للعمل عليها والقول بها إلا النحارير الجهابذة الذين يحفظون أسماء الرجال وعلل الأحاديث ، نعم ربما يؤخذ منها المتابعات والشواهد وقد جعل الله لكل شيء قدراً ، وأما الرابعة فالاشتغال بجمعها والاستنباط منها نوع تعمق من المتأخرين ،وإن شئت الحق فطوائف المبتدعين من الرافضة والمعتزلة وغيرهم يتمكنون بأن يلخصوا منها شواهد مذاهبهم فالاقتصار بها غير صحيح في معارك العلماء بالحديث والله أعلم)).
عبدالله السني
2008-05-31, 07:17 PM
الحديث المتواتر
الحديث المتواتر
المتواتر ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة بأن يكونوا جمعاً لا يمكن تواطؤهم على الكذب على مثلهم من أوله إلى آخره
وجاء في التعريف التقييد بالعلم الضروري وهو الذي يضطر إليه الإنسان بحيث لا يمكنه دفعه ولا يعتبر فيه عدد معين على الصحيح .
والمتواتر قسمان لفظي ومعنوي:
واللفظي ما تواتر لفظه والمعنوي ما تواتر القدر المشترك فيه وللأول أمثله كثيرة منها حديث ((من كذب على متعمداً)) رواه نحو المئتين وحديث الحوض رواه خمسون ونيف وحديث المسح على الخفين رواه سبعون وحديث رفع اليدين في الصلاة رواه نحو الخمسين وسوى ذلك مما ساقه السيوطي في تدريب الراوي.
ومن أمثلة التواتر المعنوي أحاديث رفع اليدين في الدعاء فقد روى عنه نحو مئة حديث فيه رفع يديه في الدعاء لكنها في قضايا مختلفة فكل قضية منها لم تتواتر والقدر المشترك فيها وهو الرفع عند الدعاء تواتر باعتبار المجموع.
ومن الأحاديث المتواترة التي ذكرها السيوطي في كتابه «الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة» مرتبا على الأبواب :
حديث: الحوض, من رواية نيف وخمسين صحابيا.
وحديث: المسح على الخفين, من رواية سبعين صحابيا.
وحديث: رفع اليدين في الصلاة, من رواية نحو خمسين.
وحديث: «نضر الله امرأ سمع مقالتي ...» من رواية نحو ثلاثين.
وحديث: «نزل القرآن على سبعة أحرف ...» من رواية سبع وعشرين.
وحديث: «من بنى لله مسجدا, بنى الله له بيتا في الجنة» من رواية عشرين.
وكذا حديث: «كل مسكر حرام» ، وحديث: «بدأ الإسلام غريبا» ، وحديث: سؤال منكر ونكير ، وحديث: «كل ميسر لما خلق له ، وحديث: «المرء مع من أحب»، وحديث: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة»، وحديث: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»، وكلها متواترة, في أحاديث جمة كما قال السيوطي.
فائدة قال السيوطي : "من أحسن ما يقرر به, كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث, أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا, المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مؤلفيها, إذا اجتمعت على إخراج حديث, وتعددت طرقه تعدادا تحيل العادة تواطأهم على الكذب, أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله".
عبدالله السني
2008-05-31, 07:20 PM
الحديث الآحاد
الحديث الآحاد:
هو الحديث الذي لم يبلغ درجة التواتر.
حكمه : الذي عليه الصحابة والتابعون ومن سار على نهجهم أن خبر الواحد الثقة من حجج الشرع يلزم العمل به في العقيدة والأحكام.
ولم تزل كتب النبي صلى الله عليه وسلم وآحاد رسله يعمل بها ويلزمهم النبي صلى الله عليه وسلم العمل بذلك واستمر على ذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدهم ولم تزل الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد إذا أخبرهم بسنة وقضائهم به ورجوعهم إليه في القضاء والفتيا ونقضهم به ما حكموا على خلافة ، وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب المصير إليه .
وإن المتأمِّلَ لآياتِ الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن الأمرَ عامٌّ في وجوب اتباعِ سنةِ النبي دون تفريق بين أخبار الآحادِ والأحاديثِ المتواترةِ سواء أكانت في أمورِ العقيدة أم في الأحكام ،وأما التفريق بينهما في الاحتجاج بالسنة فهو أمرٌ محدَثٌ باطلٌ ، ولقد دلَّتْ السنة وعمل الصحابةِ رضي الله عنهم على بطلانه ، ولقد أفاض الإمامُ الشافعيُّ في كتابه العظيم ( الرسالة ) الدلالة على لزومِ ووجوبِ الاحتجاجِ والعمل بخبر الواحد دون التفريق بين الآحاد والمتواترِ كذا للإمام ابن القيم في الصواعق المرسلة والعلامة الألباني في كتابيه الحديث "حجة بنفسه في العقائد والأحكام"و"خبر الآحاد حجة في العقيدة".
عبدالله السني
2008-06-01, 10:17 AM
الأصول الستة أو الكنب الستة
الكتب الستة هي :
1- صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة بن بردزبه البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين وهو أصح الكتب بعد كتاب الله .
2- صحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري المتوفى بها سنة إحدى وستين ومائتين.
3- سنن الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني المتوفى بالبصرة سنة خمس وسبعين ومائتين
4- جامع الإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي بضم السين المتوفى سنة تسع وسبعين ومائتين ويسمى بالسنن .
5- سنن الإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسائي المتوفى بالرملة بفلسطين سنة ثلاث وثلاثمائة ، وهي المعروفة بالسنن الصغرى وتسمى ( المجتبى ) .
6- سنن الإمام أبي عبد الله محمد بن يزيد المعروف بابن ماجة المتوفى بقزوين سنة ثلاث وسبعين ومائتين .
وأول من اضاف سنن ابن ماجه الى الخمسة مكملاً به الستة أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي في أطراف الكتب الستة له وكذا في شروط الأئمة الستة له ثم الحافظ عبدالغني بن عبد الواحد المقدسي في الكمال في أسماء الرجال الذي هذبه الحافظ جمال الدين أبو الحجاج المزي بكسر الميم وتشديد الزاي فتبعهما على ذلك أصحاب الأطراف والرجال والناس.
ومنهم من جعل السادس الموطأ كرزين بن معاوية العبدري في كتابه التجريد وابن الأثير الجزري في كتابه جامع الأصول
وقال قوم من الحفاظ لو جعل مسند الدارمي سادسا كان أولى منهم من جعل الأصول سبعة فعد منها زيادة على الخمسة الموطأ وابن ماجة.
والأصول الخمسة: يقصد بها صحيحي البخاري ومسلم، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي.
ثم قال ابن الصلاح: «وكتب المسانيد غير ملتحقة بالكتب الخمسة التي هي: الصحيحان، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وجامع الترمذي، وما جرى مجراها في الاحتجاج بها، والركون إلى ما يورد فيها مطلقاً، كمسند أبي داود الطيالسي، ومسند عبيد الله بن موسى، ومسند عبد بن حميد، ومسند أحمد، ومسند إسحاق بن راهويه، ومسند الدارمي، ومسند أبي يعلى..» إلى أن قال: «فهذه عادتهم فيها أن يخرجوا في مسند كل صحابي ما رووه من حديثه غير متقيدين بأن يكون حديثاً محتجاً به».
ومن الأخطاء الشائعة تسمية الكتب الستة بالصحاح الستة لأن ما عدا الصحيحين فيهما من الضعيف مما نبه عليه أصحابها .
وينظر للكتب الستة والكتب المتعلقة بها (الحطة في ذكر الصحاح الستة) للعلامة صديق حسن خان .
عبدالله السني
2008-06-01, 10:21 AM
الحديث المشهور أو الحديث المستفيض
الحديث المشهور أو الحديث المستفيض
سمي الحديث المشهور بذلك عند المحدثين لوضوحه ، وعلى رأي جماعة من أئمة الفقهاء المستفيض ؛ سمي بذلك لانتشاره ، من فاض الماء يفيض فيضا .ومنهم من غاير بين المستفيض والمشهور ؛ بأن المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه سواء ، والمشهور أعم من ذلك .
وهو أول أقسام الآحاد وله طرق محصورة بأكثر من اثنين ، ومنهم من غاير على كيفية أخرى ، وليس من مباحث هذا الفن .
ثم المشهور يطلق على ما اشتهر على الألسنة ، فيشمل ما له إسناد واحد فصاعدا ، بل ما لا يوجد له إسناد أصلا .
وقد تكون الشهرة بين أهل الحديث خاصة, وبينهم وبين غيرهم ، وقد يراد به ما اشتهر على الألسنة.
مثال المشهور وهو صحيح, حديث: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه ...» وحديث: «من أتى الجمعة فليغتسل ...»
ومثاله من الحديث الحسن, حديث: «طلب العلم فريضة على كل مسلم». فقد قال المزي: إن له طرقا يرتقي بها إلى رتبة الحسن.
ومثاله وهو ضعيف: «الأذنان من الرأس». مثل به الحاكم.
ومثال المشهور عند أهل الحديث خاصة: حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان. أخرجه الشيخان من رواية سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس.
وقد رواه عن أنس غير أبي مجلز, وعن أبي مجلز غير سليمان, وعن سليمان جماعة, وهو مشهور بين أهل الحديث, وقد يستغربه غيرهم, لأن الغالب على رواية التيمي عن أنس, كونها بلا واسطة.
ومثال المشهور عند أهل الحديث والعلماء والعوام: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».
ومثال المشهور عند الفقهاء:
«من سئل عن علم فتكتمه ...» الحديث, حسنه الترمذي.
ومثال المشهور الضعيف
«لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد»ضعفه الحفاظ.
ومثال المشهور عند الأصوليين: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان, وما استكرهوا عليه». صححه ابن حبان والحاكم بلفظ: «إن الله وضع ...».
ومثال المشهور عند النحاة: «نعم العبد صهيب, لو لم يخف الله لم يعصه». قال العراقي وغيره: لا أصل له, ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث.
ومثال المشهور بين العامة:
«من دل على خير فله مثل أجر فاعله». أخرجه مسلم.
وقد صنفت في الأحاديث المشتهرة كتب عدة منها «التذكرة في الأحاديث المشتهرة» للزركشي ، و"المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة" للسخاوي ، و"كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهرة على الألسنة من حديث الناس" للعجلوني.
عبدالله السني
2008-06-01, 10:23 AM
أثبت البلاد في الحديث الصحيح:
قال الخطيب البغدادي : «أصح طرق السنن ما يرويه أهل الحرمين: مكة والمدينة؛ فإن التدليس فيهم قليل، والكذب ووضع الحديث عندهم عزيز، ولأهل اليمن روايات جيدة، وطرق صحيحة، إلا أنها قليلة، ومرجعها إلى أهل الحجاز أيضاً، ولأهل البصرة من السنن الثابتة بالأسانيدة الواضحة ما ليس لغيرهم مع إكثارهم، والكوفيون مثلهم في الكثرة، غير أن رواياتهم كثيرةُ الدّغَل، قليلةُ السلامة من العلل، وحديث الشاميين أكثره مراسيل ومقاطيع، وما اتصل منه مما أسنده الثقات فإنه صالح، والغالب عليه ما يتعلق بالمواعظ».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: « اتفق أهل العلم بالحديث على أن أصح الأحاديث ما رواه أهل المدينة، ثم أهل البصرة، ثم أهل الشام».
عبدالله السني
2008-06-01, 10:26 AM
كتب الأطراف
كتب الأطراف:
هي نوع من المصنفات في الحديث والمقصود منها الدلالة على الحديث من خلال ذكر بعضه أو ما يدل عليه ، وطريقتهم فيها إما لكتاب معين أو لكتب مخصوصة وترتب على مسانيد الصحابة باعتبار من روى عنهم.
ومن أشهر كتب الأطراف:
1 ـ (أطراف الصحيحين)، لأبي مسعود الدمشقي المتوفى (401هـ).
2 ـ و (أطراف الكتب الخمسة)، الصحيحين وكتب السنن ما عدا ابن ماجه، لأبي العباس الأزدي الحافظ .
3 ـ و (أطراف الكتب الستة)، الخمسة المتقدمة مع ابن ماجه، لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي المتوفى سنة (ت507هـ).
4 ـ و (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف)، للحافظ أبي الحجاج المزي المتوفى سنة 742هـ.
جمع فيه أطراف الكتب الستة، ومراسيل أبي داود، وشمائل الترمذي، والعلل الصغير له، وعمل اليوم والليلة للنسائي.
5 ـ و (إتحافُ المهَرة بأطراف العشرة)، للحافظ ابن حجر العسقلاني.
جمع فيه الموطأ، ومسند الشافعي، ومسند أحمد، ومسند الدارمي، وصحيح ابن خزيمة، ومنتقى ابن الجارود، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم، ومستخرج أبي عوانة، وشرح معاني الآثار للطحاوي، وسنن الدارقطني. وزاد واحداً؛ لأن صحيح ابن خزيمة لم يوجد منه سوى قدر ربعه، وقد حقق الكتاب وطبع من قبل مركز خدمة السنة والسيرة النبوية بالجامعة الإسلامية .
6- الإيماء لأطراف الموطأ.
ولكتب الأطراف فوائد انظرها في مقدمة تحفة الأشراف للشيخ عبدالصمد شرف الدين رحمه الله ، ومقدمة تحقيق إتحاف المهرة .
عبدالله السني
2008-06-01, 10:32 AM
الإسناد أو السند
الإسناد أو السند
السند اصطلاحا : الطريق الموصلة إلى متن الحديث ويقال له : الطريق لأنه يوصل إلى المقصود هنا وهو الحديث كما يوصل الطريق المحسوس إلى ما يقصده السالك . وقد يقال للطريق الوجه فتقول : هذا حديث لا يعرف إلا من هذا الوجه .
والعلاقة بين التعريفين اللغوي والإصطلاحي أن السند إما أخذ مما على وارتفع من سفح الجبل لأن المسند يرفع الحديث إلى قائله أو من قوله فلان سند أي معتمد فسمي الأخبار عن طريق المتن سندا لاعتماد الحفاظ عليه في صحة الحديث وضعفه .
ولقد امتازت الأمة الإسلامية باستعمال الإسناد وهو ما يذكر في أول الحديث وبه يعرف الصحيح والضعيف مع مراعاة قرائن أخرى.
ولم تعن الأمم السابقة في النقل والرواية بالإسناد، ولذا وقع في رواياتهم وأخبارهم التحريف والتبديل.
قال ابن حزم: «نقل الثقة عن الثقة مع الاتصال حتى يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم خَصَّ الله به المسلمين دون سائر أهل الملل كلها».
وكما أن العناية يالإسناد مما خص بها الله سبحانه وتعالى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرفها به دون غيرها من الأمم. فكذلك امتاز أهل السنة والجماعة أيضا بالدقة في الإسناد عن أهل البدع والأهواء والضلالات إذ أصرح ما يستدل به أهل البدع على بدعهم ما ليس له إسناد، وإن أسند فهو مما لم يصح. وأما ما صح فليس لهم فيه حجة في الدلالة على معتقداتهم وباطلهم.
وعظمة هذا العلم - علم الإسناد - تتجلى في كون علم الرجال نصف علم الحديث ولولا الإسناد لقال في الدين من شاء ما شاء. ولقد سطر علماؤنا أمثلة نفيسة في الذب عن السنة النبوية، وكانوا لا يعرفون المحاباة فيمن يتكلمون فيه لأن الأمر دين، وهم يضعون نصب أعينهم قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } (الحجرات:6)، ويتذكرون قول الله تبارك وتعالى:{ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } (التوبة:24).
ولهذا وصل الأمر بعلمائنا من شدة الحيطة والسؤال والتثبت أن يظن بأنهم يريدون تزويج من يسألون عنه كما قال الحسن بن صالح: كنا إذا أردنا أن نكتب عن رجل سألنا عنه حتى يقال لنا: أتريدون أن تزوجوه؟ ولهذا أيضا قال زيد بن أبي أنيسة في أخيه يحيى: (إنه يكذب). و لما سئل جرير بن عبد الحميد عن أخيه أنس قال: (قد سمع من حديث هشام بن عروة ولكنه يكذب في حديث الناس فلا يكتب عنه).
وكتب الحديث تشتمل على إسناد ومتن. فمن حدَّث بدون إسناد فكأنما صَعِد البيت بدون سلّم.
وأول من أثر عنه الاهتمام باستعمال الإسناد بالمعنى المصطلح هو محمد بن سيرين المتوفى سنة 110هـ.
قال مالك: «الإسناد من الدين» ، وقال ابن المبارك: «لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء» ، وقال شعبة: «كل حديث ليس فيه «أنا» و«ثنا» فهو خل وبقل».
روى الإمام مسلم في مقدمة صحيحه، بإسناده عن عاصم الأحول، عن ابن سيرين، قال: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالواك سمُّوا لنا رجالكم؛ فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يوخذ حديثهم».
انظر: الكفاية (283)، الفصل في الملل والأهواء والنحل (2/82)، مقدمة مسلم (1/84) مع شرح النووي، وانظر أيضاً المحدث الفاصل (ص 209) والإسناد من الدين للدكتور عاصم بن عبدالله القريوتي.
عبدالله السني
2008-06-01, 10:35 AM
الأثر
الأثر لغة : البقية من الشيء، يقال: أثر الدار لما بقي منها.
واصطلاحاً ـ هو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي أو عن تابعي أو بعدهم ، وهو يقابل الخبر،
ويقال: الأثر خاص بما جاء عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، والحديث لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخبر لما جاء من تاريخ الملوك والأمراء وأفراد الأمة.
ويقال لمن يشتغل بآثار السلف الأثري، ولمن يشتغل بالتاريخ الأخباري.
انظر معجم مصطلحات المحدثين للدكتور ضياء الرحمن الأعظمي
عبدالله السني
2008-06-01, 10:38 AM
الاختلاط و التغير
الاختلاط و التغير
إن من أسباب الجرح في الرواة رواية من اختلط أو تغير حفظه في وقت من الأوقات أو ضاعت كتبه وكان يحدث قبل ذلك منها، وقد يصاحب الاختلاط أو التغير الراوي آخر عمره؛ لأجل الضعف في القوة البدنية التي تؤدي إلى الضعف في العقل والحفظ ، والقيد بآخر العمر هو للغالبية؛ وإلاّ فإن الاختلاط والتغير قد يقع في حالة الشباب، لأسباب عديدة منها: مصيبة تنزل على الراوي: كموت الابن، وسرقة المال، وذهاب الكتب واحتراقها التي قد تؤدي أيضاً إلى ضعف الذاكرة إذا كانت الصدمة شديدة، وأحياناً قد تؤدي إلى فقدان الذاكرة تماماً.
والحكم في رواية المختلطين و من تغير من الثقات أنه ينظر في رواية هؤلاء المختلطين فيقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط، ولا يقبل حديث من أخذ عنهم بعد الاختلاط ويتوقف فيمن لا يعرف ذلك منهم .
وقد نجد روايات عن بعض المختلطين بعد الاختلاط لكنها مقيدة بما وافق رواية القات فيها ولذلك قال الإمام ابن حبان في مقدمة كتابه التقاسيم والأنواع(صحيح ابن حبان ): «وأما المختلطون في أواخر أعمارهم مثل الجُريري، وسيعد بن أبي عروبة، وأشباههما، فإنا نروي عنهم في كتابنا هذا، ونحتج بما روَوا، إلا أنا لا نعتمد من حديثهم إلا ما روى عنه الثقات من القدماء الذين نعلم أنهم سمعوا منهم قبل اخلاطهم، وما وافقوا الثقات في الروايات التي لا نشك في صحتها وثبوتها من جهة أخرى؛ لأن حكمهم ـ وإن اختلطوا في أوخر أعمارهم، وحُمل عنهم في اختلاطهم بعد تقدم عدالتهم ـ حُكْمُ الثقة إذا أخطأ: أن الواجب ترك خطئة إذا علم، والاحتجاج بما نعلم أنه لم يخطئ فيه، وكذلك حكم هؤلاء الاحتجاج بهم فيما وافقوا الثقات، وما أفردوا مما روى عنهم القدماء من الثقات الذي كان سماعهم منهم قبل الاختلاط سواء».
وهذا أيضا مما يجاب به في الرواية عن بعض المختلطين في الصحيحين أو أحدهما.
وقد أفرد العلماء المختلطين بتصانيف منها :
(الاغتباط بمن رُمي بالاختلاط)لسبط ابن العجمي (ت 841هـ ) و(الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات) لابن الكيال (ت 939هـ) ، و(الارتباط لمن رمي بالاختلاط ) للشيخ إرشاد الحق الأثري ول محمد طلعت (معجم المختلطين ) طبع منذ فترة قريبة.
انظر مقدمة معجم المختلطين ومقدمة الكواكب النيرات للمزيد حول الاختلاط والتأليف فيه.
عبدالله السني
2008-06-01, 10:44 AM
الحديث
الحديث:
الحديث هو اسم من التحديث وهو الإخبار ، ويجمع على ((أحاديث)) على خلاف القياس قال الفراء واحد الأحاديث أحدوثة ثم جعلوه جمعاً للحديث وفيه أنهم لم يقولوا أحدوثة النبي)) ،وفي البحر ((ليس الأحاديث باسم جمع بل هو جمع تكسير لحديث على غير القياس كأباطيل واسم الجمع يأت على هذا الوزن وإنما سميت هذه الكلمات والعبارات أحاديث كما قال الله تعالى (فليأتوا بحديث مثله) لأن الكلمات إنما تتركب من الحروف المتعاقبة المتوالية وكل واحد من تلك الحروف يحدث عقيب صاحبه أو لأن سماعها يحدث في القلوب من العلوم والمعاني والحديث نقيض القديم كأنه لوحظ فيه مقابلة القرآن والحديث ما جاء عن النبي والخبر ما جاء عن غيره وقيل بينهما عموم وخصوص مطلق فكل حديث خبر من غير عكس ، والأثر ما روى عن الصحابة ويجوز إطلاقه على كلام النبي أيضاً ،وقد استعملت الحديث والخبر والأثر بمعنى واحد ،إلا أن فقهاء خراسان يسمعون الموقوف أثراً والمرفوع خبراً وعلى هذه التفرقة جرى كثير من المصنفين .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ((الحديث النبوي هو عند الإطلاق ينصرف إلى ما حدث به عنه بعد النبوة من قوله وفعله وإقراءه فإن سنته ثبتت من هذه الوجوه الثلاثة فما قاله إن كان خبراً وجب تصديقه به ، وإن كان تشريعاً دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل فلا يكون خبرهم إلا حقاً ، وهذا معنى النبوة وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبي الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه)) .
قال السخاوي: في تعريف الحديث : «هو قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره وصفته حتى في الحركات والسكنات في اليقظة والمنام».
وعلى هذا فيكون الحديث مرادفاً للسنة فيقال ـ فيمن اتبع منهج النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين في العقائد الأحكام ـ إنه من أهل الحديث ومن أهل السنة.
وقال الطيبي: «الحديث أعم من أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم والصحابي والتابعي وفعلهم وتقريرهم».
والخلاصة أن المراد بالحديث ما يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقيةً كانت أو خُلُقيَّة.
وعلوم الحديث يدخل فيها العلوم المتعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصحابة والتابعين وغيرهم مما له تعلق بالرواية .
وانظر: قواعد التحديث للقاسمي ، وراجع : الحديث ،وعلوم الحديث في هذه المصطلحات .
أسماء
2008-06-01, 11:34 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك و في جهد القيم
واصل جزاك الله كل خير
عبدالله السني
2008-06-02, 09:54 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك و في جهد القيم
واصل جزاك الله كل خير
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وفيكم بارك ..
وجزاكم الله خيراً على المشاركة ..
عبدالله السني
2008-06-02, 09:57 AM
السنة
السنة:
لغةً: السيرة، والطريقة.
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سَنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سَنَّ في الإسلام سنةً سيئةً فعليه وِزْرها، ووزرُ من عمل بها) رواه مسلم.
والسنة عنة المحدثين تطلق على ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله وتقريره وصفته فهي مرادفة للحديث.
وتطلق السنة عند السلف على ما يقابل البدعة، فمن اتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ونهج منهجهم يقال له: إنه من أهل السنة، ومن ترك منهجهم، واتبع أصحاب الأهواء يقال له: إنه من المبتدعة.
وتطلق عند الفقهاء والأصوليين بمعنى المستحب وهو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه.
راجع : الحديث
عبدالله السني
2008-06-02, 10:07 AM
الصحابة رضي الله عنهم وأهمية معرفتهم
الصحابة جمع صحابي، والصحابِي اصطلاحًا: من لقي النَّبِي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه: من طالت مُجالسته أو قصرت، ومن روى عنه أو لَمْ يرو، ومن غزا معه أو لَمْ يغز، ومن رآه رؤيةً ولَمْ يُجالسه، ومن لَمْ يره لعارض كالعمى .
وهذا التعريف هو الصحيح كما ذهب إليه جُمهور الْمُحدثين والأصوليين سلفًا وخلفًا؛ فإنَّهم قالوا باكتفاء الرؤية، ولو لَحظة، وإن لم يقع معها مُجالسة، ولا مُماشاة ولا مُكالمة؛ لشرف منْزلة النبِي صلى الله عليه وسلم، ومِمَّن نصَّ على ذلك الإمام أحْمَد، وابن الْمَدينِي وتبعهما تلميذهما البخاري وغيرهم كثير .
ورجح الْحَافظ ابن حجر هذا التعريف، ثُمَّ بين أنه يدخل فِي قوله: "مؤمنًا به " كل مُكلف من الإنس والْجِنِّ، وأنه يَخرج من التعريف من لقي النَّبِي كافرًا وإن أسلم بعد ذلك، وكذلك من لقيه مؤمنًا بغيره، كمن لقيه من مؤمنِي أهل الكتاب قبل البعثة وكذلك من لقيه مؤمنًا به ثُمَّ ارتد ومات على الردة والعياذ بالله.
وأمَّا الْمَلائكة فإنَّهم لا يدخلون فِي هذا التعريف؛ لأنَّهم غير مكلفين، وكذلك من رآه صلى الله عليه وسلم ميتًا قبل دفنه فالراجح عدم دخوله .
وقد نص على أن مجرد الرؤية كاف في إطلاق الصحبة عدد من الائمة منهم : البخاري وأبو زرعة، وغير واحد ممن صنف في أسماء الصحابة، كابن عبد البر، وابن مندة وأبي موسى المديني، وابن الأثير في كتابه " أسد الغابة في معرفة الصحابة " . وهو أجمعها وأكثرها فوائد وأو سعها. أثابهم الله أجمعين.
وإن مجرد الرؤية كاف في إطلاق الصحبة، لشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلالة قدره وقدر من رآه من المسلمين. ولهذا جاء في بعض ألفاظ الحديث:" تغزون فيقال: هل فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: " نعم، فيفتح لكم " حتى ذكر " من رأى من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث بتمامه.
ويشمل الصحابِيُّ: الأحرار والْمَوالِي، والذكور والإناث؛ لأن الْمُراد به الْجِنس . ، ثُم إن التعبير فِي التعريف بالرؤية هو الغالب، وإلا فالضرير الذي حضر النَّبِي صلى الله عليه وسلم كابن أم مكتوم وغيره معدودٌ فِي الصحابة بلا تردد .
أهمية معرفة الصحابة :
لمعرفة الصحابة أهمية كبيرة من عدة جوانب :
1-ليعرف ما هم عليه من الفضل والسبق وعظيم القدر.
2- لأن محبتهم واجبة و لضرورة التأسي بهم والاقتداء.
3- لأن نهج الصحابة واجب الاتباع رضي الله عنهم وأرضاهم.
وقد قال الْعِرْبَاض بْن سَارِيَةَ : وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ "
رواه الترمذي وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
4- لمعرفتهم أهمية في دراسة الأسانيد، لأن الإسناد إذا عرض على من لم يدرك ثقات الرجال وضعفائهم، وقد يغتر بظاهره، ويرى رجاله ثقات، فيحكم بصحته، ولا يهتدى لما فيه من الانقطاع، أو الإعضال، أو الإرسال، لأنه قد لا يميز الصحابي من التابعي.
وأما كيف تُعرف الصحبة للنبي صلى الله عليه وسلم ؟فيكون بعد أمور:
1- تارة تُعرف الصحبة بالقرآن الكريْم، كقوله تعالَى: ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ﴾ [التوبة:40]. فالْمُراد به: الصديق رضي الله عنه ؛ ولذا قالوا: من أنكر صحبة أبِي بكر فهو كافر.
وكصحبة زيد بن حارثة رضي الله عنه لقوله تعالَى: ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ﴾ [الأحزاب:37].
2- بالتواتر، كصحبة عمر، وعثمان، وعلي، وحذيفة، وأبِي هريرة، وعائشة وغيرهم من كبار الصحابة -رضي الله عنهم أجْمَعين-.
3- بالأخبار الْمُستفيضة، وهو الاشتهار القاصر عن التواتر، يعنِي: يعرفهم كثير من الناس، وإن كان خفي على بعضهم، مثل: ثابت بن قيس، وذو اليدين، ومعاوية ابن الْحَكم السُّلمي، وبريرة مولاة عائشة، وغيرهم - رضي الله عنهم -.
4- بشهادة غيره من الصحابة، كحديث ابن عباس - رضي الله عنه - فِي السبعين ألفًا الذين يدخلون الْجَنة بغير حساب؛ فقام عُكَّاشة بن مِحصن فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يَجعلنِي منهم. فقال: "أنت منهم " أخرجه البخاري ومسلم .
5- برواية الصحابِي، عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَماعًا، أو مشاهدة مع الْمُعاصرة.
6- بشهادة التابعي بأن يقول: حدثنِي فلان، من أصحاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، ويُشترط فيه:
أ- أن يصح السند إلَى ذلك التابعي.
ب- أن يكون التابعي من الكبار، إذ غالب روايتهم عن الصحابة.
ج- أن يكون معروفًا فِي الْحِفظ والإتقان، ولَمْ يُجرب عليه الْخَطأ؛ إذ قد يُخطئ وهو لا يدري.
7- أن يُخبر عن نفسه أنه صحابِي، وهو عدل، ويَجب أن يكون قبل مائة سنة من وفاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، فإنه ثبت بالتواتر أن آخر الصحابة موتًا هو أبو الطفيل بن عامر بن واثلة الليثي، مات سنة عشر ومائة على الصحيح، فمن ادعى الصحبة بعد هذا فلا يُقبل منه.
وهناك ضابط يُستفاد من معرفته صحبة جَمع كثير يكتفى فيهم بوصف يتضمن أنَّهم صحابة، وهو مأخوذ من ثلاثة آثار:
الأول: "أنَّهم كانوا لا يُؤمِّرون فِي الْمَغازي إلا الصحابة، فمن تتبع الأخبار الواردة فِي الردة والفتوح؛ وجد من ذلك كثيرًا " .
الثانِي: "أن ابن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النَّبِي صلى الله عليه وسلم فدعا له " .
الثالث: "لَمْ يبق بالْمَدينة ولا بِمكة ولا الطائف أحد فِي سنة عشر إلا أسلم، وشهد حجة الوداع " .
فمن كان فِي ذلك الوقت موجودًا، اندرج فيهم لِحصول رؤيتهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وإن لَمْ يرهم هو.
وقد ألَّف فِي معرفة الصحابة عدد من كبار الأئمة والْمُحدثين:
منهم أبو عبيدة معمر بن الْمُثنَّى (ت 208 هـ).
علي بن الْمَدينِي (ت 234 هـ).
عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدحيم (ت 245 هـ).
محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ).
أبو زرعة الرازي (ت 268 هـ).
ابن الْجَارود النيسابوري (ت 307 هـ).
عبد الباقي بن قانع (ت 351 هـ).
ابن منده أبو عبد الله بن إسحاق (ت 395 هـ).
أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهانِي (ت 430 هـ).
ابن عبد البر يوسف بن عبد الله القرطبي (ت 463 هـ) في كتابه "الاستيعاب بمعرفة الأصحاب".
الحسين بن مسعود البغوي (ت 516 هـ).
أبو الحسن علي بن الأثير (ت 630 هـ) في كتابه أسد الغابة .
محمد بن أحمد بن عثمان الذهبِي (ت 748 هـ) .
ابن حجر أحمد بن علي العسقلانِي (ت 852 هـ) في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة".
وغيرهم كثير -رحِمهم الله جَميعًا-.
وأجْمَعها وأوسعها من الْمَطبوع كتاب الْحَافظ ابن حجر العسقلانِي "الإصابة فِي تَمييز الصحابة "
طريقة تقسيم ابن حجر لكتابه الإصابة :
رتب الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله كتابه الإصابة في تمييز الصحابة - على الْحُروف، وقسم التراجم فِي كل حرف إلَى أربعة أقسام، ليميز الصحابة عن غيرهم: وهي كما يلي:
القسم الأول: ذكر فيه أسْمَاء من وردت صحبته بطريق الرواية عنه أو عن غيره.
القسم الثانِي: ذكر أسْمَاء الأطفال من الصحابة، الذين ولدوا فِي عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
القسم الثالث: فِي الْمُخضرمين الذين أدركوا الْجَاهلية والإسلام، ولَمْ يرد فِي خبر قط أنَّهم اجتمعوا بالنَّبِي صلى الله عليه وسلم ولا رأوه، سواء أسلموا فِي حياته، أم لا فلا يعتبرون صحابة.
القسم الرابع: فيمن ذكر فِي الكتب أنَّهم صحابة على سبيل الوهم والغلط، فكشف اللثام عن عدم صحبتهم، وهو مِمَّا انفرد فيه عن غيره.
وخصص الْجُزء الأخير لتراجم النساء على التقسيم السابق .
====
ينظر للمزيد: "الرسالة الْمُستطرفة لبيان مشهور كتب السنة الْمُشرفة"، للكتانِي (ص 126-128)، طبعة دار الفكر دمشق، و مقدمة الإصابة ،والباعث الْحَثيث، لأحْمَد شاكر (2/500-501) ،و" معرفة الصحابة عند الْمُحدِّثين" للدكتور أحْمَد الباتلي (ص 87-95).ورسالة مسيكة القريوتية عن الصحابة.
عبدالله السني
2008-06-02, 10:16 AM
عدالة الصحابة وفضلهم
عدالة الصحابة وفضلهم:
الصحابة رضي الله عتهم كلهم عدول بتعديل الله تعالَى ورسوله صلى الله عليه وسلم لَهم، وهو أمرٌ حكم فيه القرآن إجْمَالاً، وفصَّله الرسول صلى الله عليه وسلم تفصيلاً، فصارت القضية مسلَّمة فِي نفسها لا تَحتاج إلَى جدل ومناقشة؛ لأننا لا نفتقر إلَى تعديل أحد وتوثيقه بعد تعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
والعدالة الْمُرادة هنا لا تعنِي عصمتهم من الْخَطأ والسهو والنسيان، وإن وقع فلا يؤثر فِي قبول مروياتِهم؛ لأن العصمة لا تكون إلا للرسل والأنبياء؛ بل الْمُراد تَجنب تعمد الكذب فِي الرواية والانْحِراف فيها بارتكاب ما يوجب عدم قبولِها.
وإن وقعت الْمَعصية من الصحابة - رضي الله عنهم - فهم أقرب الناس إلَى الْمَغفرة للأسباب الآتية:
1- تَحقيق الإيْمَان والعمل الصالِح.
2- السبق إلَى الإسلام والفضيلة، وقد ثبت عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أنَّهم خير القرون.
3- الأعمال الْجَليلة الَّتِي لَمْ تَحصل لغيرهم كغزوة بدر، وبيعة الرضوان.
4- التوبة من الذنب، فإن التوبة تَجُبُّ ما قبلها.
5- الْحَسنات الَّتِي تَمحو السيئات.
6- البلاء، وهو الْمَكاره الَّتِي تصيب الإنسان، فإن البلاء يكفر الذنوب.
7- دعاء الْمُؤمنين لَهم.
8- شفاعة النَّبِي صلى الله عليه وسلم والَّتِي هم أحق الناس بِها.
قال ابن الأنباري -رحِمه الله تعالَى-: "وليس الْمُراد بعدالتِهم ثبوت العصمة لَهم واستحالة الْمَعصية منهم، وإنَّما قبول روايتهم من غير تكلف وبَحث عن أسباب العدالة، وطلب التزكية إلا أن يثبت ارتكاب قادح ، ولَمْ يثبت ذلك ولله الْحَمد " .
لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يَحترزون غاية الاحتراز عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صرَّح به غير واحد من الأئمة.
وهذه مقتطفات من كتاب الله تعالَى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فِي عدالة الصحابة -رضوان الله عليهم-، وحَتَّى لو لَمْ يرد تعديل الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام لكفاهم فضلاً وتعديلاً حالُهم الَّتِي كانوا عليها من بذل الغالِي والرخيص لإعلاء كلمة الله، مِمَّا يقطع بعدالتِهم ونزاهتهم -رضي الله عنهم وأرضاهم فكيف وقد جاءت؟!
فمن الآيات الدالة على فضائل الصحابة والَّتِي تستلزم تعديلهم - رضي الله عنهم - :
قول الله تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران:110]. وأصل الْخِطاب لأصحاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وهو يعم سائر أمته.
قال ابن كثير: الآية عامة فِي جَميع الأمة، وخير قرونِهم الذين بُعث فيهم الرسول، ثُمَّ الذين يلونَهم، ثُمَّ الذين يلونَهم.
وقال تعالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة:143].
وروى البخاري بسنده عن أبِي سعيد الْخُدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يُدعى نوحٌ يوم القيامة فيقولُ: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم. فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقُولُ: من يشهدُ لك؟ فيقول: مُحمَّد وأمته، فتشهدون أنه قد بلغ، ويكون الرسولُ عليكم شهيدًا، فذلك قوله -جل ذكره-: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ ".والوسط: العدلُ. رواه البخاري
فهذا بيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمعنَى "وسطًا " أي: عدلاً.
وقال البغوي: وسطًا، أي: خيارًا عدولاً
فالآية ناطقة بعدالَتهم ي قبل غيرهم مِمَّن جاء بعدهم.
وقال تعالَى: ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران:172-173].
والْمَقصود فِي هذه الآيات: الْمُهاجرون والأنصار
وإن عدالة الصحابة من معتقدات أهل السنة والجماعة إذ كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة، لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، رغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل.
وقال الإمام أبو زرعة الرازي -رحِمه الله تعالَى-:
"إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنَّما أدى إلينا هذا القرآن والسنة الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يُجرِّحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والْجَرح بِهم أولَى، وهم زنادقة ".
القول فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم :
وأما ما شجر بين الصحابة بعده عليه الصلاة والسلام، فمنه ما وقع عن غير قصد، كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد، كيوم صفين. والاجتهار يخطئ ويصيب، ولكن صاحبه معذور وإن أخطأ، ومأجور أيضاً، وأما المصيب فله أجران اثنان، وكان علي وأصحابه أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين.
وقول المعتزلة: الصحابة عدول إلا من قاتل علياً - : قول باطل مرذول ومردود.
وقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول لله صلى لله عليه وسلم أنه قال - عن ابن بنته الحسن بن علي، وكان معه على المنبر: " إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " .
وظهر مصداق ذلك في نزول الحسن لمعاوية عن الأمر، بعد موت أبيه علي، واجتمعت الكلمة على معاوية، وسمي " عام الجماعة " . وذلك سنة أربعين من الهجرة: فسمي الجميع " مسلمين " وقال تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) فسماهم " مؤمنين " مع الاقتتال.
وأما طوائف الروافض وجهلهم وقلة عقلهم، ودعاويهم أن الصحابة كفروا إلا سبعة عشر صحابياً، وسموهم: فهو من الهذيان بلا دليل، إلا مجرد الرأي الفاسد، عن ذهن برد، وهوى متبع، والبرهان على خلافه أظهر وأشهر، مما علم من امتثالهم أوامره بعده عليه الصلاة والسلام، وفتحهم الأقاليم والآفاق، وتبليغهم عنه الكتاب والسنة، وهدايتهم الناس إلى طريق الجنة، ومواظبتهم على الصلوات والزكوات وأنوع القربات، في سائر الأحيان والأوقات، مع الشجاعة والبراعة، والكرم والإيثار، والأخلاق الجميلة التي لم تكن في أمة من الأمم المتقدمة، ولا يكون أحد بعدهم مثلهم في ذلك، فرضي الله عنهم أجمعين.
وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي -رحِمه الله- فِي وجوب مَحبتهم: "ونُحب أصحاب رسول الله ولا نفرط فِي حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الْحَق يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بِخير، وحبُّهم دين وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان " .
ومن الْمُؤلفات فِي مناقب الصحابة وفضائلهم :
نجد إضافة لما كتب في بطون كتب السنة النبوية في مناقبهم وفضائلهم مؤلفات عديدة ، ومن ذلك:
- " فضائل الصحابة " للإمام أحْمَد بن حنبل (ت 241 هـ).
- " فضائل عثمان رضي الله عنه " ، لعبد الله بن الإمام أحْمَد بن حنبل (ت290 هـ) .
- " فضائل الصحابة " للإمام الدارقطنِي (ت 385 هـ).
- " فضائل أبِي بكر الصديق رضي الله عنه " " لأبِي طالب مُحمَّد بن علي بن الفتح بن مُحمَّد بن علي الْحَربِي العشاري (ت 451 هـ).
- " فضائل أبِي إسحاق سعد بن أبِي وقَّاص رضي الله عنه " " لابن عساكر (ت 571 هـ).
- " النهي عن سبِّ الأصحاب " لِمحمد بن عبد الواحد الْمَقدسي (ت 643 هـ).
- " الرياض النضرة فِي مناقب العشرة " للمحب الطبري (ت 694 هـ).
- " تُحفة الصديق فِي فضائل أبِي بكر الصديق رضي الله عنه " "لعلي بن بلبان (ت 739 هـ).
- " الروض الأنيق فِي فضل الصديق رضي الله عنه " " لِجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ).
- " الغرر فِي فضائل عمر " لِجلال الدين السيوطي.
- " إتْحاف السائل بِما لفاطمة رضي الله عنها من الْمَناقب " للإمام الْمُناوي (ت 1031 هـ).
====
وينظر لِهذا الموضوع مقدمة ابن الصلاح مع شرحه التقييد (ص 258)، وفتح الْمُغيث، للسخاوي (3/104-108). والإصابة، لابن حجر (1/8-9)، والباعث الْحَثيث، لأحمد شاكر (2/517)، وكتاب صحابة النبي فضلهم ومكانتهم لمسيكة القريوتية.
عبدالله السني
2008-06-02, 10:20 AM
مراسيل الصحابة
صورة مرسل الصحابي روايته حديثاً لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لكونه ممن تأخَّر إسلامه، أو كان غائباً عن المشهد، أو كان صغيراً صحابي آنذاك .
مثاله ": حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (من أصبح جُنُباً فلا صومَ له) حدَّث به عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رُد على أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخبرنيه الفضل بن عباس، رواه البخاري، وفي رواية النسائي: أنه أسامة ابن زيد، وفي رواية مالك في الموطأ أن المُخبر لم يُسم.
وحكم مراسيل الصحابة القبول ولاحتجاج عند جمهور أهل العلم لأنه لو كان المحذوف صحابياً فجهالة الصحابي وعدم معرفته لا تضر، لأن الصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول، وبقي أنه هناك احتمال بأنه قد يروي الصحابي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويكون أخذه عن التابعي وهو قليل ، ولذا توقف بعض أهل العلم في القبول لهذا السبب ، والحق أن الصحابي إذا روى عن التابعي فإنه يسميه، وإذا لم يُسم فالأصل إما أنه سمعه من صحابي آخر، أو سمع النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد، وهي كلها حجة، ككثير من الروايات التي يرويها ابن عباس وابن الزبير وغيرهما، ومن المعروف أن ابن عباس صحب النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، وابن الزبير ولد بعد الهجرة سنة اثنتين، وقيل: سنة إحدى. فهو أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين، أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أعوام وأربعة أشهر، مع أن علماء أهل الحديث يجعلونه في حكم الموصول المسند.
تنبيه : قد سمّى البيهقي في بعض كتبه الروايات من هذا النوع بالحديث المرسل إلا أن البيهقي لا يقصد بهذه التسمية أنه ليس بحجة، وإنما يقصد أن في الإسناد رجلاً لم يُسم.
وقد ذكر فضيلة الدكتور ضياء الرحمن الأعظمي أن الذي أخذ على البيهقي هو تسميته هذا النوع من الحديث مرسلاً فقط، وإلا فقد وجدنا في كتابه (السنن الكبرى)، و (المعرفة) أنه احتج بكثير من مراسيل الصحابة مع تسميتها بالمرسل ، وذكر أنه لم يجد مرسلاً من مراسيل الصحابة صحَّ الإسناد إليه وأعرض عنه البيهقي إلا إذا خالفه ما هو أصح منه.
ومن مظان الحديث المرسل: كتاب المراسيل لأبي داود السجستاني و المراسيل لابن أبي حاتم ، وكتب السنن ، ومصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق.
====
وانظر للمزيد :
(جامع التحصيل في أحكام المراسيل)، للعلائي و التمهيد (1/5-19)، و(شرح علل الترمذي لابن رجب),ومعجم مصطلحات الحديث للدكتور الأعظمي ، وينظر ما حررناه في الحديث المرسل .
عبدالله السني
2008-06-02, 10:24 AM
عدد الصحابة والمكثرون من الرواية منهم
قال الإمام الشافعي رحمه الله : روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه من المسلمين نحو من ستين ألفاً.
وقال الإمام أبو زرعة الرازي: شهد معه حجة الوداع أربعون ألفاً، وكان معه بتبوك سبعون ألفاً، وقبض عليه الصلاة والسلام عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة.
وأول من أسلم من الرجال الأحرار: أبو بكر الصديق، وقيل: إنه أول من أسلم مطلقاً. ومن الولدان: علي، وقيل: إنه أول من أسلم مطلقاً، ولا دليل عليه من وجه يصح.
ومن الموالي: زيد بن حارثة. ومن الأرقاء: بلال.
ومن النساء: خديجة، وقيل: إنها أول من أسلم مطلقاً، وهو ظاهر السياقات في أول البعثة، وهو محكي عن ابن عباس والزهري وقتادة ومحمد بن إسحق بن يسار صاحب المغازي وجماعة، وادعى الثعلبي المفسر على ذلك الإجماع قال: وإنما الخلاف فيمن أسلم بعدها.
وأما أكثرهم رواية : فأنس، وجابر، وابن عباس، وابن عمر، وأبوهريرة ، وعائشة ، وعبد الله بن عمرو، وأبو سعيد، وابن مسعود، ولكنه توفي قديماً، ولهذا لم يعده أحمد بن حنبل في العبادلة،بل قال: العبادلة أربعة: عبد الله بن الزبير، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعا.
عبدالله السني
2008-06-02, 10:28 AM
أسباب ورود الحديث الشريف
إن من أنواع علوم الحديث معرفة أسبابه كأسباب نزول القرآن ، وقد صنف فيه الأئمة كتباً مثل أسباب نزول القرآن .
وذكر هذا النوع البَلْقِيني في «محاسن الاصطلاح» وابن حجر في «النخبة»
وصنَّف فيه أبو حَفْص العكبري, وأبو حامد بن كوتاه الجُوباري.
قال الذَّهَبي: ولم يُسبق إلى ذلك.
وقال ابن دقيق العيد في «شرح العمدة» : شرع بعض المتأخِّرين في تصنيف أسباب الحديث, كما صُنِّف في أسباب النزول.
وقال البَلْقِيني: والسَّبب قد يُنقل في الحديث, كحديث سُؤال جبريل عليه الصَّلاة والسَّلام عن الإيمان, والإسلام, والإحْسَان.
وحديث: القُلَّتين, سئل عن الماء يَكُون بالفَلاة وما يَنُوبه من السِّبَاع والدَّوَّاب.
وحديث: «صَلِّ فإنَّكَ لم تُصلِّ».
وحديث: «خُذِي فِرْصة من مِسْك».
وحديث: سُؤال: أي الذَّنب أكبر؟ وغير ذلك.
وقد لا يُنقل فيه, أو يُنقل في بعض طُرقه, وهو الَّذي يَنْبغي الاعْتناء به, فبِذْكر السَّبب يتبيَّن الفِقْه في المَسْألة من ذلك حديث: «الخَرَاج بالضَّمان» في بعض طُرقه عند أبي داود وابن ماجه: أنَّ رَجُلا ابْتَاع عبدًا, فأقامَ عندهُ ما شَاء الله أن يُقيم, ثمَّ وجَدَ به عيبًا, فخَاصمهُ إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فردَّهُ عليه, فقال الرَّجُل: يا رَسُول الله قد استعمل غُلامي, فقال - صلى الله عليه وسلم - : «الخَرَاجُ بالضَّمان».
وحديث : " إنما الأعمال بالنيات " يدخل في هذا القبيل ، وينضم إلى ذلك نظائر كثيرة لمن قصد تتبعه.
ثم ذكر البلقيني عدة أمثلة وقال : وما ذكر في هذا النوع من الأسباب قد يكون ما ذكر عقب ذلك السبب من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم .
انظر "تَدْريبُ الرَّاوِي في شَرْح تَقْريب النَّواوي (ج 2 / ص 272)
والبيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف لإبراهيم بن حمزة الحسيني ،وأسباب ورود الحديث أو اللمع في أسباب الحديث للسيوطي .
عبدالله السني
2008-06-02, 10:30 AM
الاعْتبار
ليس الاعتبار نوعاً من أنواع علوم الحديث وإنما هو هيئة التوصل إلى المتابعات والشواهد.
وكيفية ذلك أن يأتي المحدث فينظر في الحديث ليُعرف هل شارك رواته أحد غير من في هذا السند في رواية هذا الحديث.
ومثالُه : أن يروي حمَّاد بن سلمة حديثًا , عن أيُّوب عن ابن سيرين عن أبي هُرَيْرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم .
فيُنظر هل رواهُ ثقة غير أيُّوب عن ابن سيرين, فإن لم يُوجد ثقة غيره فغير ابن سيرين عن أبي هُرَيْرة, وإن لم يوجد ثقة عن أبي هُرَيْرة غيره فصحابي غير أبي هُرَيْرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - , فأي ذلك وجد عُلم به أنَّ له أصلاً يرجع إليه.
وانظر للمزيد: المتابعات والشواهد.
عبدالله السني
2008-06-02, 10:34 AM
المتابعات والشواهد
المُتَابعة: هي مشاركة راو لغيره في رواية حديث ما سواء أكان عن شيخ ذلك الراوي أم في أثناء السند.
مثالها رواية حمَّاد بن سلمة مثلاً حديثاً ،عن أيُّوب عن ابن سيرين عن أبي هُرَيْرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم ، فينظر هل يَرْويهُ عن أيُّوب غير حمَّاد, وهي المُتَابعة التَّامة, أو عن ابن سيرين غير أيُّوب, أو عن أبي هُرَيْرة غير ابن سيرين, أو عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - صحابي آخر, فكلُّ هذا يُسمَّى مُتَابعة, وتَقْصُر عن الأولى بِحَسب بُعْدها منها.
والمتابعة إنما تكون تامة وإما أن تكون قاصرة.
فالمتابعة التامة :
هي مشاركة الراوي غيره في رواية حديث ما من أول السند إلى منتهاه.
وأما المتابعة القاصرة :
فهي مشاركة الراوي لغيره في رواية حديث ما خلال أي طبقة من طبقات الإسناد (من غير بدايته ) إلى منتهاه.
تعريف الشَّاهد:
هو مشاركة الصحابي لصحابي آخر في رواية حديث ما بلفظه أو بمعناه ، فإن كان بمعناه فيكون شاهداً لمعناه.
ولا يُسمَّى هذا مُتَابعة، فقد حصل اختصاص المُتابعة بما كان باللفظ, سواء كان من رواية ذلك الصَّحابي أم لا, والشَّاهد أعم, وقيلَ هو مخصوصٌ بما كان بالمعنى كذلك.
وهذا مثال يوضح المُتَابعة التَّامة والقاصرة, والشَّاهد :
روى الإمام الشَّافعي - في الأم - عن مالك, عن عبد الله بن دينار, عن ابن عُمر, أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشَّهر تِسْعٌ وعشرون, فلا تَصُومُوا حتَّى تَرُوا الهِلاَل, ولا تُفطرُوا حتَّى تروهُ, فإن غُم عليكُم فأكملُوا العِدَّة ثلاثين».
فهذا الحديث بهذا اللَّفظ, ظنَّ قومٌ أنَّ الشَّافعي تفرَّد به عن مالك, فعدُّوه في غرائبه, لأنَّ أصحاب مالك رَووهُ عنه بهذا الإسناد بلفظ: «فإن غُمَّ عليكُم فاقدرُوا لهُ».
لكن وجدنا للشَّافعي مُتابعًا, وهو عبد الله بن مَسْلمة القَعْنَبي, كذلك أخرجه البُخَاري عنه عن مالك .
قال البخاري :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ
فهذه مُتابعة تامة.
ووجدنا له مُتَابعة قاصرة
كما في صحيح ابن خزيمة من رواية عاصم بن محمَّد, عن أبيه محمَّد بن زيد, عن جدِّه عبد الله بن عُمر: «فأكملُوا ثلاثين».
وفي صحيح مسلم من رِوَاية عُبيد الله بن عُمر, عن نافع, عن ابن عُمر بلفظ: «فاقدُروا ثلاثين».
ووجدنا له شاهدًا رواه النَّسائي من حديث ابن عبَّاس, عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -
قال النسائي:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ عَجِبْتُ مِمَّنْ يَتَقَدَّمُ الشَّهْرَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ.
فنلاحظ أنه ذكر هنا مثل حديث عبد الله بن دينار, عن ابن عُمر بلفظه سَوَاء.
ورواه البُخَاري من حديث أبي هُرَيْرة بلفظ: «فإن غُبِّيَ عليكُم, فأكملُوا عِدَّة شَعْبان ثلاثين».
قال البخاري : حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ.
وهذا شاهد بالمَعْنى.
تنبيه :
يلاحظ في كلام الأئمة إذا قالوا في حديث ما تفرَّد به أبو هُرَيْرة, أو ابن سِيرين, أو أيُّوب, أو حمَّاد,مثلا كان مُشْعرًا بانتفاء المُتَابعات.
ويدخل في المُتَابعة والاسْتِشْهَاد رواية من لا يُحتجُّ به, ولا يصلح لذلك كلُّ ضعيفٍ كما هو مبسوط في مباحث الجرح والتعديل .
وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني أنه قد يُسمَّى الشَّاهد متابعة أيضًا, والأمر سهل.
====
انظر :
تدريب الراوي ، والباعث الحثيث في شرح اختصار علوم الحديث ، النوع الخامس عشر.
عبدالله السني
2008-06-02, 10:38 AM
الحديث المسلسل
قال الإمام ابن جماعة : وهو ما تتابع رجال إسناده عند روايته على صفة أو حالة إما في الراوي أو في الراوية.
ولقد اعتنى المحدثون بالتأليف في الحديث المسلسل عناية خاصة ، فمنهم من ألف في جزء خاص منه مثل : المسلسل بالأولية .
ومنهم من ألف في شرح أحاديثه وتخريجها مثل:الآيات البينات في شرح وتخريج الأحاديث المسلسلات لعبد الحفيظ الفاسي، ومنهم من ألف فيه بصورة عامة في جميع أقسامه وأنواعه.
أما من حيث نشأة الحديث المسلسل فأغلب الظن أن القرن الرابع الهجري هو بداية التأليف في هذا النوع من الحديث الشريف كما يقول الباحث الشيخ أحمد أيوب .
صفته:
قد يكون التسلسل في الحديث في صفة الرواية:
كما إذا قال كل منهم " سمعت " ، أو " حدثنا " ، أو " أخبرنا " ، ونحو ذلك.
وقد يكون في صفة الراوي: بأن يقول حالة الرواية قولاً قد قاله شيخه له، أو يفعل فعلاً فعل شيخه مثله.
وقد يتسلسل الحديث من أوله إلى آخره، وقد ينقطع بعضه من أوله أو آخره.
وللأحاديث المسلسلة فوائد عدة:
1- بقاء سلسلة الإسناد المتصلة بالرسول صلى الله عليه وسلم،لأن الإسناد من خصائص الأمة المحمدية المباركة.
2- فائدة التسلسل بعده من التدليس والانقطاع.
3- التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم.
4- لقاء العلماء والاستفادة من ذلك دروس وفوائد عدة.
وأكثر الأحاديث المسلسلة مما لا تصح .
وأصح المسلسلات حديث المسلسل بقراءة سورة الصف، والمسلسل بالحفاظ ،والمسلسل بأولية السماع إلى ابن عيينة .
قال الحافظ السخاوي : (( وأصحها مطلقا المسلسل بسورة الصف ثم بالأولية )).
وقال السيوطي: (( قال شيخ الإسلام ـ ويقصد بذلك إبن حجر العسقلاني ـ اصح مسلسل يرد في الدنيا مسلسل بقراءة سورة الصف .
يرجع للمزيد إلى فتح المغيث للسخاوي وتدريب الراوي للسيوطي ،وكذا الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث مبحث الحديث المسلسل ، ومباحث في الحديث المسلسل لأحمد أيوب الفياض.
عبدالله السني
2008-06-02, 10:41 AM
العبادلة من الصحابة
العبادلةمن الصحابة:
جمع عبد، أو جمع عبْدَل، لأن من العرب من يقول في عبد: عَبْدَل، والعبادلة عند المحدثين أربعة من الصحابة الذين اشتهرت فتاواتهم، وكثرت آثارهم وهم: عبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعبدالله بن الزبير كما قال الإمام أحمد. فقيل له: فابن مسعود؟ قال: «لا، ليس من العبادلة».
قال ابن الصلاح: «قال الحافظ البيهقي: وهذا لأن ابن مسعود تقدم موته، وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة».
وأما الحنفية فإذا أطلقوا كلمة العبادلة فالمقصود منهم أربعة وهم عبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وعبدالله ابن مسعود، وعبدالله بن الزبير، كما نص عليه العيني في (شرح الهداية، المسمى بالبناية).
====
انظر: شرح ألفية العراقي (3/16)، ومقدمة ابن الصلاح (ص 296) و تهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/267) ،و البناية (2/345).
عبدالله السني
2008-06-03, 09:46 AM
أهل الحديث
أهل الحديث:
هذا لقب عظيم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا بالنضارة لمن يشتغل بعلم الحديث حفظاً وتبليغاً وفقهاً، فقال: (نَضَّر الله امْرَءاً سمع مِنَّا حديثاً فحفظه حتى يبلغه، فَرُبَّ حاملِ فِقْهٍ إلى من هو أفْقَه منه، ورب حاملِ فِقْهٍ ليس بفقيه).
وعلمُ الحديث علم شريفٌ ليس يدركه - - - إلا الذي فارق الأوطان مغتربا
وجاهَدَ النفس في تحصيله فغدا - - - يجتاب بحراً وفي الأوعار مضطربا
يَلقَى الشيوخ ويروي عنهم سندا - - - وحافَظَ ما روى عنهم وما كتبا
ذاك الذي فاز بالحسنى وتمَّ له - - - حظُّ السعادة موهوباً ومكتسَبا
طوبى لمن كان هذا العلم صاحبَه - - - لقد نفى الله عنهم الهمَّ والوصبا
وأهل الحديث هم خير أهل الدنيا كما قال حفص بن غياث.
وقال الشافعي: «إذا رأيتُ صاحب حديث فكأني رأيت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هو بمنزلته»، وقال: «جزاهم الله عنا خيراً؛ أنهم حفظوا لنا الأصل، فلهم علينا فضل».
وقال علي بن المديني: «ليس قوم خيراً من أصحاب الحديث، الناس في طلب الدنيا، وهم في إقامة الدين»، أي السنة.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية مبينا المقصود من أهل الحديث : «نحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه، أو كتابته، أو روايته، بل نعني بهم: كل من كان أحق بحفظه، ومعرفته، وفهمه ظاهراً وباطناً، واتباعه باطناً وظاهراً، وكذلك أهل القرآن». وقال: «أهل الحديث هم الذي قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنا عليه وأصحابي»، وفي رواية: «هي الجماعة، يد الله على الجماعة».
وقال: «وأدنى خصلة هؤلاء: محبة القرآن والحديث، والبحث عنهما، وعن معانيهما، والعمل بما علموا من موجبهما، وفقهاء الحديث أخبر بالرسول صلى الله عليه وسلم من فقهاء غيرهم».
وقال الحافظ ابن رجب: «أهل الحديث هم المرجع في معرفة الحديث، ومعرفة صحيحه، من سقيمه».
====
انظر: شرف لصحاب الحديث للخطيب البغدادي ، والإلماع (ص 27)، وجامع العلوم والحكم (2/105)، ومقدمة تحفة الأحوذي (1/17-18) ، والحطة في ذكر الصحاح الستة (ص 43-54) و،مجموعة الفتاوى (4/95)، (3/ 345-347)،ومعجم المصطلحات الحديثية للدكتور الأعظمي
عبدالله السني
2008-06-03, 09:50 AM
الحديث المرسل
هو حديث التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو تقريراً.
وقد قيده الحافظ ابن عبد البر في مقدمة كتابه (التمهيد بما في الموطأ من المعاني و الأسانيد ) بالتابعي الكبير مثل عبيد الله بن عدي بن الخيار، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، وعبد الله بن عامر بن ربيعة.
ولكن هذا القيد ليس بمعنى الشرط في تعريف المرسل، فإنه ذكر بعده من دون هؤلاء مثل سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد، ومن كان مثلهم، ثم قال: «وكذلك علقمة بن قيس، ومسروق بن الأجدع، والحسن، وابن سيرين، وغيرهم من سائر التابعين الذين صح لهم لقاء جماعة من الصحابة، ومجالستهم، فهذا هو المرسل عند أهل العلم» انتهى.
ولقد سوَّى بعض أهل العلم بين المرسل والمنقطع، ويوجد هذا في كتب الإمام البيهقي - رحمه الله تعالى -ويبدو أنه مشى على اصطلاح الشافعي رحمه الله تعالى فإنه قال: «فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من التابعي، فحدَّث حديثاً منقطعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم» أي مرسلاً.
وفي كلام الخطيب إشارة إلى هذه التسوية فإنه قال: «المرسل هو ما انقطع إسناده إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال: ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما رواه تابع التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيسمونه (المعضل) وهو أخفض مرتبة من المرسل» انتهى.
حكم المرسل:
1-ذهب مالك وأبوحنيفة وعامة أصحابهما إلى قبول المرسل مطلقاً ، بل من أصحاب هذا المسلك من قال: إن المُرسَل أقوى من المسند بناء على أن من أسند وذكر أسامي جميع الرواة فقد أحال عِلْمَ إسناده إلى غيره، ومن أرسل مع علمه ودينه فقد قطع بصحته.
وعن سليمان الأعمش قال : (( قلت لإبراهيم النخعي أسند لي عن عبدالله بن مسعود . فقال إبراهيم : إذا حدثتك عن رجل عن عبد الله فهو الذي سميت ، وإذا قلت : قال عبد الله فهو عن غير واحد عن عبد الله )) ) .
وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند ، لكن يحمل هذا عن النخعي خاصة فيما أرسله عن ابن مسعود خاصة.
ولذا قال أحمد في مراسيل النخعي : (( لا بأس بها )) .
2-ذهب الشافعي في الرسالة إلى قبوله بشروط قال فيها ابن رجب :
"مضمونه أن الحديث المرسل يكون صحيحاً ، ويقبل بشروط : منها في نفس المرسل وهي ثلاثة :
أحدها : أن لا يعرف له رواية عن غير مقبول الرواية ؛ من مجهول أو مجروح .
وثانيها : أن لا يكون ممن يخالف الحفاظ إذا أسند الحديث فيما أسنده ، فإن كان ممن يخالف الحفاظ عند الإسناد لم يقبل مرسله .
وثالثها : أن يكون من كبار التابعين ، فإنهم لا يروون غالباً إلا عن صحابي أو تابعي كبير ، وأما غيرهم من صغار التابعين ومن بعدهم فيتوسعون في الرواية عمن لا تقبل روايته .
وأيضاً فكبار التابعين كانت الأحاديث في وقتهم الغالب عليها الصحة ، وأنا من بعدهم فانتشرت في أيامهم الأحاديث المستحيلة ، وهي الباطلة الموضوعة ، وكثر الكذب حينئذ .
فهذه شرائط من يقبل إرساله .
وأما الخبر الذي يرسله ، فيشترط لصحة مخرجه وقبوله أن يعضده ما يدل على صحته وأن له أصلاً ، والعاضد له أشياء :
أحدها ؛ وهو أقواها : أن يسنده الحفاظ المأمونون من وجه أخر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمعنى ذلك المرسل ، فيكون دليلاً على صحة المرسل ، وأن الذي أرسل عنه كان ثقة ، وهذا هو ظاهر كلام الشافعي .
وحينئذ فلا يرد على ذلك ، ما ذكره المتأخرون أن العمل حينئذ إنما يكون بالمسند دون المرسل .
وأجاب بعضهم بأنه قد يسنده من لا يقبل بانفراده فينضم إلى المرسل فيصح فيحتج بها حينئذ .
وهذا ليس بشئ ، فإن الشافعي اعتبر أن يسنده الحفاظ المأمونون . وكلامه إنما هو في صحة المرسل وقبوله ، لا في الاحتجاج للحكم الذي دل عليه المرسل ، وبينهما بون .
ثم فال :"وبعد أن كتبت هذا وجدت أبا عمرو بن الصلاح ، قد سبق إليه وفي كلام أحمد إيماء إليه ، فإنه ذكر حديثاً رواه خالد عن أبي قلابة عن ابن عباس ، فقيل له : سمع أبو قلابة من ابن عباس أو رآه ؟ قال ؟ لا ، ولكن الحديث صحيح عنه ، يعني عن ابن عباس . وأشار إلى أنه روي عن ابن عباس من وجوه آخر .
والثاني : أن يوجد مرسل آخر موافق له ، عن عالم يروي عن غير من يروي عنه المرسل الأول فيكون ذلك دليلاً على تعدد مخرجه ، وأن له أصلاً ، بخلاف ما إذا كان المرسل الثاني لا يروي إلا عمن يروي عنه الأول ، فإن الظاهر أن مخرجهما واحد لا تعدد فيه . وهذا الثانيأضعف من الأول .
والثالث : أن لا يجد شئ مرفوع يوافق ، لا مسند ولا مرسل ، لكن يوجد ما يوافق من كلام بعض الصحابة ، فيستدل به على أن للمرسل أصلاً صحيحاً أيضاً . لأن الظاهر أن الصحابي إنما أخذ قوله عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
والرابع : أن لا يجد للمرسل ما يوافقه لا مسند ولا مرسل ولا قول صحابي ، لكنه يوجد عامة أهل العلم على القول به ، فإنه يدل على أن له أصلاً ، وأنهم مسندون في قولهم إلى ذلك الأصل .
فإذا وجدت هذه الشرائط دلت على صحة المرسل وأنه له أصلاً ، وقبل واحتج به .
ومع هذا فهو دون المتصل في الحجة ، فإن المرسل وإن اجتمعت فيه هذه الشرائط فإنه يحتمل أن يكون في الأصل مأخوذاً عن غير من يحتج به .
ولو عضده حديث متصل صحيح ، لأنه يحتمل أن لا يكون أصل المرسل صحيحاً .
وإن عضده مرسل فيحتمل أن يكون أصلهما واحداً وأن يكون كتلقى عن غير مقبول الرواية .
وإن عضده قول صحابي فيحتمل أن الصحابي قال برأيه من غير سماع من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فلا يكون في ذلك ما يقوي المرسل ، ويحتمل أن المرسل لما سمع قول الصحابي ظنه مرفوعاً فغلط ورفعه ، ثم أرسله ولم يسم الصحابي . فما أكثر ما يغلط في رفع الموقوفات .
وإن عضده موافقة قول عامة الفقهاء فهو كما لو عضده قول الصحابي وأضعف ، فإنه يحتمل أن يكون مستند الفقهاء اجتهاداً منهم ، وأن يكون المرسل غلط ورفع كلام الفقهاء ، لكن هذا في حق كبار التابعين بعيد جداً .
3- ذهب جماهير المحدثين إلى عدم الاحتجاج بالمرسل.
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله :
( والحديث إذا كان مرسلاً فإنه لا يصح - أي لا يكون حجة كما قال ابن رجب - عند أكثر أهل الحديث ، وقد ضعفه غير واحد)
قال ابن أبي حاتم: «سمعت أبي وأبا زرعة يقولان لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلى بالأسانيد الصحاح المتصلة».
وقال الإمام مسلم في مقدمة جامعه الصحيح: «والمرسل من الروايات في أصل قولنا، وقول أهل العلم بالأخبار ليس من علم ؟؟؟؟ذلك».
قال أبو عيسى : (ومن ضعّف المرسل فإنه ضعفه من قبل أن هؤلاء الأئمة قد حدثوا عن الثقات وغير الثقات ، فإذا روى أحدهم حديثاً وأرسله لعله أخذه من غير ثقة ).
وقال ابن عبد البر: «وحجتهم في رد المرسل ما أجمع عليه العلماء من الحاجة إلى عدالة المخبر عنه، وأنه لا بد من علم ذلك».
4-مذهب الإمام أحمد حيث لم يصحح المرسل مطلقاً ، ولم يضعفه مطلقاً ، وإنما ضعف مرسل من يأخذ عن غير ثقة ، كما قال في مراسيل الحسن وعطاء : (( هي أضعف المراسيل ، لأنهما كانا يأخذان عن كل )) .
وقال أيضاً : (( لا يعجبني مراسيل يحيى بن أبي كثير ، لأنه يروي عن رجال ضعاف صغار )) .
وكذا قوله في مراسيل ابن جريج وقال : (( بعضها موضوعة )) .
وقال مهنا قلت لأحمد:((لم كرهت مرسلات الأعمش .قال:كان الأعمش لا يبالي عمن حديث )) .
وهذا يدل على أنه إنما يضعف مراسيل من عرف بالرواية عن الضعفاء خاصة .
وكان أحمد يقوي مراسيل من أدرك الصحابة وأرسل عنهم ، ، قال أبو طالب قلت لأحمد : (( سعيد بن المسيب عن عمر حجة ؟ . قال : هو عندنا حجة ، قد رأى عمر وسمع منه ، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل ؟ ! )) . ومراده أنه مسع منه شيئاً يسيراً ، لم يرد أنه سمع منه كل ما روى عنه ، فإنه كثير الرواية عنه ، ولم يسمع ذلك كله منه قطعاً .
ونقل مهنا عن أحمد أنه ذكر حديث إبراهيم بن محمد بن طلحة قال قال عمر : (( لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء )) قال فقلت له : (( هذا مرسل عن عمر ؟ قال : نعم ، ولكن إبراهيم بن محمد بن طلحة كبير )) .
وقال في حديث عكرمة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( من لم يسجد على أنفه مع جبهته فلا صلاة له )) : (( هو مرسل أخشى أن يكون ثبتاً )) .
وقال في حديث عراك عن عائشة حديث : (( حولوا مقعدتي إلى القبلة )) : (( هو أحسن ما روي في الرخصة وإن كان مرسلاً ، فإن مخرجه حسن )) .
ويعني بإرساله أن عراكاً لم يسمع من عائشة .
وقال : (( إنما يروى عن عروة عن عائشة )) ، فلعله حسنه لأن عراكاً قد عرف أنه يروي حديث عائشة عن عروة عنها .
قال الأثرم : (( كان أبو عبد الله ربما كان الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي إسناده شئ فيأخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت منه ، مثل : حديث عمرو بن شعيب ، وإبراهيم الهجري ، وربما أخذ الحديث المرسل إذا لم يجئ خلافه .
وقال أحمد - في رواية مهنا في حديث معمر عن سالم عن ابن عمر (( أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة )) - قال أحمد : (( ليس بصحيح ،والعمل عليه ، كان عبد الرزاق يقول : عن معمر عن الزهري ، مرسلاً )) .
وظاهر هذا أنه يعمل به مع أنه مرسل وليس بصحيح ، ويحتمل أنه أراد ليس بصحيح وصله .
وقد نص أحمد على تقديم قول الصحابي على الحديث المرسل . وهكذا كلام ابن المبارك ، فإنه قد تقدم عنه أنه ضعف مرسل حجاج بن دينار ، وقد احتمل مرسل غيره ، فروى الحاكم عن الأصم ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : وجدت في كتاب أبي نا الحسن بن عيسى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقال : (( حسن )) . فقلت لابن المبارك : (( إنه ليس فيه إسناد ؟ )) فقال : (( إن عاصماً يحتمل له أن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم )) . قال فغدوت إلى أبي بكر فإذا ابن المبارك قد سبقني إليه وهو إلى جنبه فظننته قد سأله عنه )) . فإذا احتمل مرسل عاصم بن بهدلة فمرسل من هو أعلى منه من التابعين أولى .
وقد ذكر أصحاب مالك : أن المرسل يقبل إذا كان مرسله ممن لا يروي إلا عن الثقات .
وقد ذكر ابن عبد البر ما يقتضي أن ذلك إجماع ، فإنه قال : (( كل من عرف بالأخذ عن الضعفاء والمسامحة في ذلك لم يحتج بما أرسله كان أو من دونه ، وكل من عرف أنه لا يأخذ إى عن ثقة فتدليسه ومرسله مقبول ، فمراسيل سعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين ، وإبراهيم النخعي عندهم صحاح .
وقالوا : مراسيل الحسن وعطاء لا يحتج بها ، لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد ، وكذلك مراسيل أبي قلابة وأبي العالية .
أما لو علم أنه لا يرسل إلا عن صحابي كان حديثه حجة ، لأن الصحابة كلهم عدول ، فلا يضر عدم المعرفة بعين من روي عنه منهم ، وكذلك لو قال تابعي : أخبرني بعض الصحابة ، لكان حديثه متصلاً يحتج به ، كما نص عليه أحمد ، وكذا ذكره ابن عمار الموصلي ، ومن الأصوليين أبو بكر الصيرفي وغيره . وقال البيهقي : (( هو مرسل .
فائدة :
قال ابن رجب : واعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ وكلام الفقهاء في هذا الباب ، فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعين إذا كان مرسلاً ، وهو ليس بصحيح على طريقهم ، لانقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دل عليه الحديث .
فإذا اعضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصلاً قوي الظن بصحة ما دل عليه ، فاحتج به مع ما اختلف به من القرائن .
وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة
كالشافعي وأحمد ، وغيرهما ، مع أن في كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل حينئذ .
وقد سبق قول أحمد : (( مرسلات ابن المسيب صحاح )) .
ووقع مثله في كلام ابن المديني ، وغيره .
قال ابن المديني - في حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه - : (( هو منقطع ، وهو حديث ثبت )) .
قال يعقوب بن شيبة : (( إنما استجاز أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند - يعني في الحديث المتصل ـ لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها ، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر )) .
وقد ذكر ابن جرير وغيره : (( أن إطلاق القول بأن المرسل ليس بحجة ، من غير تفصيل بدعة حدثت بعد المائتين )) .
تفاوت درجات المراسيل:
إن درجات المراسيل تفاوت ، ولقد عقد ابن رجب في شرح علل الترمذي فصلاً نفيساً في ذلك أبان فيه تضعيف مرسلات عطاء ، وأبي إسحاق ، والأعمش ، والتيمي ، ويحيى بن أبي كثير ، والثوري ، وابن عيينة .
وأن مرسلات مجاهد ، وطاووس ، وسعيد بن المسيب ، ومالك ، أحب منها .
وقد أشار إلى علة ذلك بأن عطاء كان يأخذ عن كل ضرب ، يعني أنه كان يأخذ عن الضعفاء ، ولا ينتقي الرجال ، وهذه العلة مطردة في أبي إسحاق ، والأعمش ، والتيمي ، ويجيى بن أبي كثير ، والثوري ، وابن عيينة ، فإنه عرف منهم الرواية عن الضعفاء أيضاً .
وأما مجاهد ، وطاووس ، وسعيد بن المسيب ، ومالك ، فأكثر تحرياً في رواياتهم ، وانتقاداً لمن يروون عنه ، مع أن يحيى بن سعيد صرّح بأن الكل ضعيف .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل ثنا علي ابن المديني قال : قلت ليحيى : (( سعيد بن المسيب عن أبي بكر ؟ )) ، قال : (( ذلك شبه الريح )) .
قال وسمعت يحيى يقول : (( مالك عن سعيد بن المسيب أحب إلىّ من سفيان عن إبراهيم . قال يحيى : وكل ضعيف )) .
قال وسمعت يحيى يقول : (( سفيان عن إبراهيم شبه لا شئ ، لأنه لو كان فيه إسناد صاح به )) .
قال : وقال يحيى : (( أما مجاهد عن علي فليس بها بأس ، قد أسند عن ابن أبي ليلى عن علي )) .,
وأما عطاء يعني علي فأخاف أن يكون من كتاب )) .
قال وسمعت يحيى يقول :(( مرسلات بن أبي خالد ليس بشئ ،ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلىّ))
قال وسمعت يحيى يقول : (( مرسلات معاوية بن قرة أحب إلىّ من مرسلات زيد بن أسلم )) .
وذكر يحيى عن شعبة أنه كان يقول : (( عطاء عن علي إنما هي من كتاب ، ومرسلات معاوية بن قرة نرى أنه عن شهر بن حوشب .
قال ابن أبي حاتم ونا أحمد بن سنان الواسطي قال : (( كان يحيى بن سعيد لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئاً ، ويقول : هو بمنزلة الريح ويقول : هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشئ علقوه )) .
وكلام يحيى بن سعيد في تفاوت مراتب المرسلات بعضها على بعض يدور على أربعة أسباب :
أحدها : ما سبق من أن من عرف روايته عن الضعفاء ضعف مرسله بخلاف غيره .
والثاني : أن من عرف له إسناد صحيح إلى من أرسل عنه فإرساله خير ممن لم يعرف له ذلك . وهذا معنى قوله : (( مجاهد عن علي ليس به بأس ، قد أسند عن ابن أبي ليلى عن علي )) .
والثالث : أن من قوي حفظه يحفظ كل ما يسمعه ، ويثبت في قلبه ، ويكون فيه ما لا يجوز الاعتماد عليه ، بخلاف من لم يكن له قوة الحفظ ، ولهذا كان سفيان إذا مر بأحد يتغنى بسد أذنيه ، حتى لا يدخل إلى قلبه ما يسمعه منه فيقر فيه .
وقد أنكر مرة يحيى بن معين على علي بن عاصم حديثاً وقال : (( ليس هو من حديثك إنما ذوكرت به ، فوقع في قلبك ، فظننت أنك سمعته ولم تسمعه وليس هو من حديثك )) .
وقال الحسين بن حريث سمعت وكيعاً يقول : (( لا ينظر رجل في كتاب لم يسمعه ، لا يأمن أن يعلق قلبه منه )) .
وقال الحسين بن الحسن المروزي سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : (( كنت عند أبي عوانة فحدث بحديث عن الأعمش ، فقلت : ليس هذا من حديثك . قال : بلى . قلت : لا . قال : بلى . قلت : لا . قال : يا سلامة هات الدرج ، فأخرجت فنظر فيه فإذا ليس الحديث فيه . فقال : صدقت يا أبا سعيد ، فمن أين أتيت ؟ قلت : ذوكرت به وأنت شاب ، فظننت أنك سمعته )) .
الرابع : أن الحافظ إذا روى عن ثقة لا يكاد يترك اسمه ، بل يسميه ، فإذا ترك اسم الراوي دل إبهامه على أنه غير مرضي ، وقد كان يفعل ذلك الثوري وغيره كثيراً ، يكنون عن الضعيف ولا يسمونه ، بل يقولون : عن رجل )) . وهذا معن قول القطان : (( لو كان فيه إسناد لصاح به )) . يعني لو كان أخذه عن ثقة لسماه وأعلن باسمه .
وقال أحمد في رواية الفضل بن زياد : (( مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات ، ومرسلات إبراهيم لا بأس بها ، وليس في المرسلات أضعف من مراسيل الحسن وعطاء بن أبي رباح ، فإنهما يخذان عن كل )) .
وقال أحمد في رواية الميموني وحنبل عنه : (( مرسلات سعيد ابن المسيب صحاح لا نرى أصح من مرسلاته . زاد الميموني : وأما الحسن وعطاء فليس هي بذاك . هي أضعف المراسيل كلها . فإنهما كانا يأخذان عن كل )) .
إلى غير ذلك من كلام ابن رجب في أقوال العلماء في قبول ورد بعض المراسيل والمفاضلة بينها.
وقد ذكر أبو داود في رسالته إلى أهل مكة: (( فإن لم يكن مسند ضد المراسيل ، ولم يوجد مسند فالمراسيل يحتج بها ، وليس هو مثل المتصل في القوة ))
وقال الحافظ ابن القيم: «كان الإمام أحمد يأخذ بالمرسل إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، ويرجحه على القياس».
====
انظر للمزيد : ما حررناه في مبحث مراسيل الصحابة ،ومقدمة صحيح مسلم ، و(الرسالة للشافعي)(ص461) ،و(شرح علل الترمذي) لابن رجب ،وجامع التحصيل في أحكام المراسيل)، للعلائي ،و مقدمة ابن عبدالبر للتمهيد .
عبدالله السني
2008-06-03, 09:52 AM
تواريخ المتون
لمعرفة تواريخ المتون فوائد كثيرة إذ له نفع في معرفة النَّاسخ والمَنْسُوخ من الأحكام الشرعية.
ويستفاد منه في مباحث الصحبة ، ويعرف به من أدرك مع النبي صلى الله عليه وسلم .
ويستعان به على تدوين السيرة النبوية باعتبار تسلسل أحداثها.
ومن العبارات المستعملة في معرفة التاريخ :
بأن يذكر أن وَّل ما كان كذا, وبذكر الشيء قبل كذا أو بعد كذا, وبآخر الأمرين, ويَكُون بذكر السَّنة, والشَّهر, وغير ذلك.
فمن الأوَّل: «أوَّل ما بُدىء به رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوَحْي الرُّؤيا الصَّالحة».
و«أوَّل ما نَهَاني عنهُ ربِّي بعد عِبَادة الأوثَان, شُرب الخَمْر, ومُلاحاة الرِّجَال». رواه ابن ماجه.
وقد صنَّف العُلماء في الأوائل, وأفرد ابن أبي شيبة في «مصنفه» بابًا للأوائل.
ومن القَبْلية ونحوها: حديث جابر: كانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَانا أن نَسْتدبر القِبْلة أو نَسْتقبلها بفروجنا إذا أهْرَقنا المَاء, ثمَّ رأيتهُ قبل موتهِ بعام يستقبلها. رواه أحمد, وأبو داودوغيرهما.
وحديثه: كان آخر الأمْرَين من رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - تَرْك الوضُوء مِمَّا مسَّت النَّار. رواه أبو داود وغيره.
وحديث جرير أنَّه رأى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخُفِّ, فقيل له: أقبلَ نُزول سُورة المَائدة أم بعدها؟ فقال: ما أسلمتُ إلاَّ بعد نزول سُورة المَائدة.
ومن المُؤرَّخ بذكر السَّنة ونحوها: حديث بُرَيدة: كانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ لكلِّ صَلاة, فلمَّا كانَ يوم الفَتْح صلَّى الصَّلوات بوضُوء واحد. أخرجه مسلم.
وحديث عبد الله بن عُكَيم: أتَانَا كِتَاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَبْل مَوْتهِ بِشَهْر: «أنْ لا تَنْتفعُوا من المَيْتة بإهَاب ولا عَصَب». رواه الأربعة.
عبدالله السني
2008-06-03, 09:55 AM
ح / الموجودة خلال الأسانيد
ح
جرت عادة بعض المحدثين باستعمال " ح " في أسانيد مروياتهم و لتوضيح ذلك يقول الإمام النووي رحمه الله :
" وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر كتبوا عند الانتقال من الإسناد إلى إسناد " ح " وهى حاء مهملة مفردة ، والمختار أنها مأخوذة من التحول ، لتحوله من الإسناد إلى إسناد ، وأنه يقول القارئ إذا انتهى إليها " ح " ، ويستمر في قراءة ما بعدها ، وقيل إنها من حال بين الشيئين إذا حجز لكونها حالت بين الإسناد ، وأنه لا يلفظ عند الانتهاء إليها بشيء ، وليست من الرواية ، وقيل إنها رمز إلى قوله : " الحديث " وإن أهل المغرب كلهم يقولون إذا وصلوا إليها الحديث ، وقد كتب جماعة من الحفاظ موضعها صح ، فيشعر بأنها رمز صح " ثم قال : " هذه الحاء توجد في كتب المتأخرين كثيرا ،وهى كثيرة في صحيح مسلم قليلة في صحيح البخاري "
====
انظر :شرح النووي على صحيح مسلم ج1/ص38 و انظر تدريب الراوي ج2/ص37-40.
عبدالله السني
2008-06-03, 09:58 AM
طبقات الرواة
ينظر إلى طبقات الرواة - عدا الصحابة - باعتبار الضبط والإتقان وطول الصحبة وانظر أمثلة ذلك في شرح علل الترمذي لابن رجب .
ولقد قسم الحافظ ابن حجر في (تقريب التهذيب)، الطبقات إلى اثنتي عشرة طبقة على النحو التالي :
الأولى: الصحابة على اختلاف مراتبهم.
الثانية: طبقة كبار التابعين، كسعيد بن المسيب.
الثالثة: الطبقة الوسطى من التابعين، كالحسن البصري، وابن سيرين.
الرابعة: طبقة تلي الوسطى، جلّ روايتهم عن كبار التابعين، كالزهري، وقتادة.
الخامسة: الطبقة الصغرى من التابعين الذي رأوا الواحد أو الاثنين ولم يثبت لهم السماع من الصحابة، كالأعمش.
السادسة: طبقة عاصروا الخامسة، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة، كابن جريج.
السابعة: طبقة كبار أتباع التابعين، كمالك بن أنس وسفيان الثوري.
الثامنة: الطبقة الوسطى من أتباع التابعين، كابن عيينة، وابن علية.
التاسعة: الطبقة الصغرى من أتباع التابعين، كيزيد بن هارون، والشافعي، وأبي داود الطيالسي، وعبد الرزاق.
العاشرة: كبار الآخذين عن أتباع التابعين ممن لم يلق التابعين، كأحمد بن حنبل.
الحادية عشرة: الطبقة الوسطى منهم، كالذهلي، والبخاري.
الثانية عشرة: صغار الآخذين عن أتباع التابعين، كالترمذي.
وألحق بهذه الطبقة باقي شيوخ الأئمة الستة الذي تأخرت وفاتهم قليلاً، كبعض شيوخ النسائي.
ثم قال الحافظ: «من كان في الطبقة الأولى والثانية فوفاته قبل المائة، وإن كان من الثالثة إلى آخر الثامنة فوفاته بعد المائة، وإن كان من التاسعة إلى آخر الطبقات فوفاته بعد المائتين».
ويقول الدكتور ضياء الرحمن الأعظمي إن هذا التقسيم الذي ذكره الحافظ ابن حجر من أنسب التقاسيم للرواة؛ حيث ينتهي عصر الرواية بآخر المئة الثالثة على رأي بعض العلم ، وهو عصر الأئمة الستة ومن معهم، كبقي ابن مخلد (ت 276هـ)، والإسماعلي القاضي (ت 282هـ)، والإسماعيلي أبو بكر محمد بن إسماعيل (ت 289هـ)، والبزار (ت292هـ)، ومحمد بن نصر المروزي (ت294هـ)، وغيرهم ، لذا يرى الذهبي عام ثلاثمائة حدّاً فاصلاً بين المتقدم والمتأخر.
إلا أن عصر الرواية استمر إلى نهاية القرن الخامس؛ لأنه توجد روايات مخرجة في مصنفات البيهقي، والخطيب، وابن عبد البر، وابن حزم، وغيرهم من الحفاظ؛ ولذلك يمكن تأويل كلام الذهبي بأنه لعله يقصد بالحد الفاصل ـ العصر الذهبي.
====
انظر مقدمة كتاب تقريب التهذيب، ومعجم المصطلحات للدكتور ضياء الرحمن الأعظمي وشرح علل الترمذي لابن رجب ، وانظر طبقات الصحابة في هذا المعجم.
عبدالله السني
2008-06-03, 10:01 AM
طبقات الصحابة
الطبقة لغةً: قوم متشابهون .
واصطلاحاً: قوم تقاربوا في السن والأخذ عن الشيوخ.
ومعرفة الطبقات تحتاج إلى معرفة المواليد، والوفيات، ومعرفة شيوخ الراوي وتلاميذه .
وفائدته: الأمن من تداخل المتشابهين ، كالمتفقين في الاسم، أو الكنية أو نحو ذلك.
ولقد قسم الإمام الحاكم في كتابه "معرفة علوم الحديث " طبقات الصحابة إلى اثنتي عشرة طبقة كما يلي :
الطبقة الأولى : قوم أسلموا بمكة مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم رضي الله عنهم
الطبقة الثانية :أصحاب دار الندوة وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم وأظهر إسلامه حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دار الندوة فبايعه جماعة من أهل مكة.
الطبقة الثالثة :الصحابة المهاجرة إلى الحبشة.
الطبقة الرابعة : الصحابة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة يقال فلان عقبي وفلان عقبي.
الطبقة الخامسة : أصحاب العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار.
الطبقة السادسة : أول المهاجرين الذين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء قبل أن يدخلوا المدينة ويبنى المسجد.
الطبقة السابعة : أهل بدر الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم :"لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"
الطبقة الثامنة : المهاجرة الذين هاجروا بين بدر والحديبية.
الطبقة التاسعة : أهل بيعة الرضوان الذين أنزل الله تعالى فيهم { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة }
الطبقة العاشرة من الصحابة : المهاجرة بين الحديبية والفتح منهم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبو هريرة وغيرهم وفيهم كثرة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غنم خيبر قصدوه من كل ناحية مهاجرين فكان يعطيهم.
الطبقة الحادية عشرة : الذين أسلموا يوم الفتح وهم جماعة من قريش منهم من أسلم طائعاً ، ومنهم من اتقى السيف ثم تغير ، والله أعلم بما أضمروا واعتقدوا.
الطبقة الثانية عشرة : صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وفي حجة الوداع وغيرها وعدادهم في الصحابة منهم السائب بين يزيد وعبد الله بن ثعلبة بن أبي و الطفيل عامر بن واثلة وأبو جحيفة وهب بن عبد الله . انتهى ملخصاً.
ومن أشهر كتب الطبقات:
الطبقات الكبرى لابن سعد (ت 230هـ) وهو كتاب حافل لا نظير له إلا أنه كثير الرواية عن الضعفاء، منهم شيخه محمد بن عمر وهو الواقدي ، وقد اتفق نقاد الحديث على تضعيف الواقدي.
وقد اعتمد ابن سعد على مصدرين هامين في تأليف طبقاته:
أحدهما: النقل المباشر من أفواه الشيوخ، على طريقة المحدثين والمؤرخين في عصره.
والمصدر الثاني: المواد المكتوبة في الكراريس والقراطيس؛ لأنه في نهاية القرن الثاني تمّ تأليف مئات من الكتب الحديثية في شتى المجالات، وقد استفاد ابن سعد من هذه المصادر المتوفرة، وكان أكبر اعتماده على كتب شيخه الواقدي ، إلا أن ابن سعد لم يكتف بنقل الرواية عن شيخه الواقدي في المغازي والفتوح والأنساب، بل حاول أن يعضدها بروايات أخرى، واستعان في ذلك بهشام الكلبي غالباً، كما استعان أيضاً في مواضع أخرى بمجموعة من العلماء من طبقة شيوخ أستاذه الواقدي، من أمثال موسى بن عقبة (ت 141هـ)، ومعمر بن راشد (ت 154هـ)، ومحمد بن إسحاق (ت151هـ) وغيرهم؛ حتى صار يعدّ من أهل العدالة والصدق من كثرة تحريه في رواياته.
وصار كتابه (الطبقات الكبرى) من أجلّ الكتب الحديثية من حيث الترتيب والمنهج، وفتح باباً جديداً لتأليف الطبقات في العلوم الأخرى مثل الأدب والشعر والطب، والحكمة مثل طبقات الشعراء لمحمد بن سلام ، وطبقات الأطباء والحكماء لأبي داود سليمان بن حسان الأندلسي ، وطبقات النحويين لأبي بكر الزبيدي ، وطبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي، وطبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي ، ونزهة الألباء في طبقات الأدباء لابن الأنباري .
====
انظر: الباعث الحثيث (2/504) ، وفتح المغيث (3/351)،وبحوث في تاريخ السنة المشرفة (ص 174 ـ 184) ،و معجم الدكتور الأعظمي ، وانظر طبقات الرواة في هذا المعجم .
عبدالله السني
2008-06-03, 10:03 AM
متفق عليه
أي اتفقَ الإمامان البخاري ومسلم على إخراج الحديث من طريق صحابي معين في صحيحيهما .
وانظر لمكانة الصحيحين ((الصحيحان))
عبدالله السني
2008-06-03, 10:05 AM
الصحيحان
وهما صحيح الإمام أبي عبدالله البخاري وصحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج رحمهما الله .
وقد نقل النووي في شرحه لصحيح مسلم عن ابن الصلاح قوله: «ما اتفقا عليه مقطوع بصدقه، لتلقي الأمة له بالقبول، وذلك يفيد العلم النظري، وهو في إفادة العلم كالمتواتر، إلا أن المتواتر يفيد العلم الضروري، وتلقي الأمة بالقبول يفيد العلم النظري».
فإذا كان مقطوعاً بصحته، مع تلقي الأمة بالقبول فهو يفيد العِلْمَ الضروري، لا النظري، على أن أكثر متون الصحيحين بلغ حد التواتر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن ذكر المتواتر: «وعلى هذا فكثير من متون الصحيحين متواتر اللفظ عند أهل العلم بالحديث، وإن لم يعرف غيرهم أنه متواتر، ولهذا كان أكثر متون الصحيحين ما يعلم علماء الحديث علماً قطعياً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، تارة لتواتره عندهم، وتارة لتلقي الأمة له بالقبول».
وقال النووي رحمه الله تعالى: «هما أصح الكتب بعد القرآن، والبخاري أصحهما وأكثرهما فوائد، وقيل مسلم أصح والصواب الأول».
====
انظر: مقدمة ابن الصلاح (ص14)،وشرح النووي لصحيح مسلم (1/20)، وعلوم الحديث لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص103) .
عبدالله السني
2008-06-03, 10:11 AM
المدخل
هو نوع من أنواع التصنيف، والقصد منه التقدمة والتوطئة لما يختص بعلم الحديث ، وهو أشبه لما يسمى اليوم بدراسة منهج إمام معين مع بيان مكانته ، وتكاد تتشابه مادتها مع مقدمات بعض الشروح كما في مقدمة فتح الباري ومقدمة شرح لنووي لصيح مسلم.
ومن أشهر كتب الحديث المسماة بالمدخل ما يلي :
المدخل للإمام أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني (ت371هـ)، والمدخل إلى الصحيح، للحاكم أبي عبد الله النيسابوري (ت405هـ) ، والمدخل إلى السنن الكبرى -للحافظ البيهقي (ت458هـ) والأخيران مطبوعان .
عبدالله السني
2008-06-03, 10:14 AM
الحديث القدسي
هو ما يرويه الرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى،من غير القرآن .
وسمي قدسياً لتكريم هذه الأحاديث من حيث إضافتها إلى الله سبحانه وتعالى.
الفرق بين القرآن والحديث القدسي والأحاديث الأخرى:
1 ـ القرآن وحي من الله سبحانه وتعالى لفظاً ومعنى نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معجز، وقد أمرنا بالتعبد به، وله أحكام خاصة متعلقة به عند أهل العلم وصل إلينا بالتواتر.
2 ـ والحديث القدسي الصحيح لفظه ومعناه من الله سبحانه وتعالى، ولا ينحصر في كيفية من كيفيات الوحي، بل يجوز أن ينزل بأي كيفية من كيفياته كرُؤيا النوم، والإلقاء في الروع، وليس هو بمعجز، ولم نؤمر بالتعبد بتلاوته.
والحديث القدسي لم يبلغ إلينا كله بالتواتر، بل يوجد في الأحاديث القدسية ما لم يثبت.
ولروايته صيغتان:
إحداهما أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه.
والثانية: قال الله تعالى فيما روى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 ـ وأما سائر الأحاديث الأخرى فإنها لا تضاف إلى الله تبارك وتعالى، وإن كانت هي وحياً لقوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت الكتاب، ومثلَه معه)
ومن أمثلة الحديث القدسي:
حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى أنه قال: (يا عبادي: إني حرَّمْتُ الظُلْمَ على نَفْسِي، وجعلُته بينكم مُحرَّماً فلا تظَالموا... في حديث طويل).
ومن أشهر المؤلفات في الحديث القدسي:
1 ـ المقاصد السنية في الأحاديث الإلهية وما أضيف إليها من الحكايات الوعظية والأشعار الزهدية. للشيخ أبي القاسم على بن بلبان المقدسي (ت 684هـ) وفيه مائة حديث.
2 ـ الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية.
للعلامة عبد الرؤوف المُناوي (ت 1031) جمع في 272 حديثاً قدسياً من الصحيح والضعيف.
3 ـ الأحاديث القدسية للجنة من العلماء غير معروفين جمعوا فيه ما وجدوا في الكتب الستة، وموطأ الإمام مالك من الأحاديث القدسية، وبلغ عددها 399 حديثاً، وفي بعضها خلاف.
4 ـ صحيح الأحاديث القدسية: للشيخ أبي عبد الرحمن عصام الدين الصبابطي، وفيه 544 حديثاً، وهو مستخلص من (جامع الأحاديث القدسية) له كما ذكر ذلك في المقدمة، وهو مطبوع في مجلدين أيضاً.
5 ـ الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية: للشيخ محمد مدني، وفيه 814 حديثاً، اختارها من (جمع الجوامع للسيوطي) .
====
انظر: فتح المغيث (1/8)، تدريب الراوي (1/42)، والرسالة المستطرفة (ص 184 ـ 185) ومعجم مصطلحات الحديث للدكتور الأعظمي ، وبحث الدكتور عبدالغفور البلوشي في الحديث القدسي.
عبدالله السني
2008-06-03, 10:56 AM
الطباق
ذكر العلماء من مسائل كتابة الحديث وضبطه وتقييده أن طالب الحديث يكتب على الورقة الأولى اسم الشيخ الذي قرأ أو سمع عليه أو منه كتاباً أو جزءاً أو نحوه، وما يلتحق بالاسم من نسب ونسبة وكنية ولقب ومذهب ونحو ذلك مما يعرف به ، مع سياق سنده بالمسموع لمصنفه في ثبته الذي يخصه بذلك أو في النسخة التي يروم تحصيلها من المسموع بعد البسملة ، فيقول مثلا :
أنا أبو فلان فلان بن فلان الفلاني حدثنا فلان ويسوق السند إلى آخره على الوجه الذي وقع.
وإن سمع معه غيره فليكتب أسماء السامعين من غير اختصار لما لا يتم تعريف كل من السامعين بدونه فضلا عن حذف لأحد منهم بل مكمله والحذر كما قال ابن الصلاح من إسقاط اسم أحد منهم لغرض فاسد.
ويقال للورقة التي عليها مجالس السماع وأسماءالحاضرين الطباق.
ومن مسائلها : لو وجد طبقة سماعه في كتاب، وكان بخط كاتبه أو خط من يثق به، ولم يتذكر كاتبه سماعه لذلك -فهل له الحق في روايته ، وفي ذلك أقوال:
1- حكي عن أبي حنيفة وبعض الشافعية: أنه لا يجوز له الإقدام على الرواية.
2- ذهب الشافعي - وبه يقول محمد بن الحسن وأبو يوسف - إلى الجواز، اعتماداً على ما غلب على ظنه، ولأنه كما أنه لا يشترط أن يتذكر سماعه لكل حديث حديث أو ضبطه، كذلك لا يشترط تذكره لأصل سماعه.
====
انظر : تدريب الراوي للسيوطي مبحث كتابة الحديث وضبطه وتقييده
عبدالله السني
2008-06-05, 09:27 AM
صح التي توجد في المخطوطات
التصحيح من مسائل ضبط الحديث وتقييده ، وصورته أن يوضه كلمة :"صح", على كلام صحَّ روايةً ومعنى, وهو عُرْضة للشَّك فيه أو الخِلاف فيكتب ذلك الوجه, ليعرف أنَّه لم يغفل عنه, وأنَّه قد ضبط وصحَّ على ذلك الوجه ، ونراها كثيراً في المخطوطات.
====
انظر للمزيد :كتابة الحديث وضبطه وتقييده
عبدالله السني
2008-06-05, 09:29 AM
الضبة
التَّضبيب
و هو من مسائل ضبط الحديث وتقييده ، ويسمَّى أيضًا التَّمريض وصورته أن يمدَّ على الكلمة خطاً, أوله كالصَّاد هكذا صـ , وفرق بين الصَّحيح والسَّقيم, حيث كتب على الأوَّل حرف كامل لتمامه, وعلى الثَّاني حرف ناقص ليدل نقص الحرف على اختلاف الكلمة.
ويُسمَّى ذلك ضبة, لكون الحرف مُقفلاً بها لا يتجه لقراءة, كضبة الباب يُقفل بها, ولا يُلزق بالممدُودِ عليه, يُمدُّ على ثابتٍ نقلاً فاسدٍ, لفظًا, أو مَعْنَى, أو مصحَّف, أو نَاقص, ومن النَّاقص موضع الإرْسَال, أو الانْقطاع, وربَّما اختصرَ بعضهم عَلامة التَّصحيح, فأشْبَهت الضبَّة, ويُوجد في بعضِ الأصُول القديمة, في الإسْنَاد الجامع جماعةً مَعْطوفًا بعضهُم على بَعْض, علامةٌ تُشْبه الضبة بين أسْمَائهم, وليست ضبَّة, وكأنَّها علامةُ اتِّصال.
====
انظر للمزيد :كتابة الحديث وضبطه وتقييده
عبدالله السني
2008-06-05, 09:31 AM
اللحق
وهو من مسائل ضبط الحديث وتقييده ،ونجده كثيراً في المخطوطات ، حيث يراد به تَخْريج السَّاقط من الحديث أو غيره من الأصل فيوضع في الحَوَاشي ويسمى يُسمَّى عند أهل الحديث:""اللحق "- بفتح اللام والحاء المهملة -أخذًا من الإلحاق, أو من الزِّيادة .
وكيفيته بأن يَخُطَّ من موضع سُقُوطهِ في السَّطر خطًّا صَاعدًا, معطُوفًا بين السَّطرين عطفةً يسيرةً, إلى جهة اللَّحق, وقيل: يمدُّ العَطْفة إلى أوَّل اللَّحق, ويكتب اللَّحق قُبَالة العَطْفة في الحَاشية اليُمْنى إن اتَّسعت, إلاَّ أن يَسْقُط في آخر السَّطر, فيُخرجه إلى الشِّمالِ.ثَّم يكتُب في انْتهَاء اللحق بعده صح فقط. وبعضهم يكتب: انتهى اللحق.
والصَّواب صح.
وهذا كله في التخريج السَّاقط.
وأمَّا الحَوَاشي المَكْتُوبة من غير الأصل, كشرح, وبيان غلط, أو اختلاف في رِوَاية, أو نُسخة ونَحْوهُ. فقال القَاضي عياض الأولى أنَّه لا يخرج له خط لأنَّه يدخل اللَّبس, ويُحسب من الأصل, بل يجعل على الحرف ضبَّة أو نحوها تدل عليه.قال ابن الصَّلاح: والمُختار استحباب التخريج لذلك أيضًا, ولكن [من] على [وسط الكلمة المُخرج لأجلها] لا بين الكلمتين وبذلك يفارق التخريج للساقط.
وشأن المُتقنين من الحُذَّاق التَّصحيح, والتَّضبيب, والتَّمريض مُبَالغة في العِنَاية بضبط الكِتَاب.
فالتَّصحيح كِتَابة: صح, على كلام صحَّ روايةً ومعنى, وهو عُرْضة للشَّك فيه أو الخِلاف فيكتب ذلك الوجه, ليعرف أنَّه لم يغفل عنه, وأنَّه قد ضبط وصحَّ على ذلك الوجه.
عبدالله السني
2008-06-05, 09:31 AM
الدارة أو الدائرة الموجودة في المخطوطات الحديثية
ذكر العلماء أنه ينبغي أن يجعل ضمن ضبط الحديث وتقييده بين كل حديثين دائرة. وممن جاء عنه ذلك: أبو الزناد، وأحمد بن حنبل، وإبراهيم الحربي، وابن جرير الطبري.
وهذا نجده في كثير من المخطوطات وخاصة الحديثية منها .
وقال الخطيب البغدادي: وينبغي أن يترك الدائرة غفلاً أي خالية ، فإذا قابلها نقط فيها نقطة ،أو خط في وسطها خطًّا.
====
وانظر للمزيد :
كتابة الحديث وضبطه وتقييده
عبدالله السني
2008-06-05, 09:38 AM
كتابة الحديث في العهد النبوي
روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد مرفوعاً: " من كتب عني شيئاً سوى القرآن فليمحه " .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اكتبوا لأبي شاه " .
وقد كره الكتابة من الصحابة عمر، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو موسى، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم و جماعة آخرين من الصحابة والتابعين.
وأباحها أو فعلها: علي، وابنه الحسن، وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم وجمع من الصحابة والتابعين.
وذهب بعضهم إلى الكِتَابة, ثم المحو بعد الحفظ.
وأما الأقوال في التوفيق بين هذه النصوص وأمثالها في كتابة الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد جمع العلماء بينها على الأوجه التالية :
1- الإذْنُ بالكتابة لمن خِيفَ نِسْيانهُ, والنَّهي لمن أمِنَ وخيف اتِّكالهُ.
2- النَهَي عنها حين خيفَ اختلاطها بالقُرآن, وأذنَ حين أمِنَ.فيكُون النَّهي منسوخًا.
3- وقيل المُرَاد النَّهي عن كِتَابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة, لأنَّهم كانوا يسمعُون تأويل الآية, فربَّما كتبُوه معها, فنُهوا عن ذلك لخوف الاشْتَباه.
4- وقيل: النَّهي خاصٌّ بوقت نُزُول القُرآن, خشية الْتباسهِ, والأذن في غيره.
والراجح الذي تدل عليه النصوص دلالة واضحة بينة أن النهي عن الكتابة منسوخ وهو الذي ذهب إليه جمع من العلماء.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه تهذيب السنن:
" قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الكتابة والإذن فيها , والإذن متأخر , فيكون ناسخا لحديث النهي , فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزاة الفتح " اكتبوا لأبي شاة " يعني خطبته التي سأل أبو شاة كتابتها , وأذن لعبد الله بن عمرو في الكتابة , وحديثه متأخر عن النهي لأنه لم يزل يكتب , ومات وعنده كتابته وهي الصحيفة التي كان يسميها " الصادقة " ولو كان النهي عن الكتابة متأخرا لمحاها عبد الله لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمحو ما كتب عنه غير القرآن , فلما لم يمحها وأثبتها دل على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها , وهذا واضح . والحمد لله . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم في مرض موته " ائتوني باللوح والدواة والكتف لأكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا " . هذا إنما كان يكون كتابة كلامه بأمره وإذنه " ثم ذكر أدلة أخرى لوجود كتابة الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقات لأبي بكر الصديق وهو في صحيح البخاري .
وكتب صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر وملك مصر وعمان وغيرهم .
وكتب لعمرو بن حزم الديات والزكوات .
وكتب علي رضي الله عنه صحيفة كانت معلقة في سيفه فيها أسنان الإبل ومقادير الديات والحديث في صحيح البخاري رحمه الله وأوله فيه :
"ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن وما في هذه الصحيفة "
وبالجملة فلو تركت الكتابة في الأعصار الأخيرة لكان ذلك سبيلا إلى الجهل بالشريعة وموت كثير من السنن.
بل قد كتب عمر بن عبدالعزيز في عصره إلى أهل المدينة انظروا ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل المدينة انظروا ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبوه فانى خشيت دروس العلم وذهاب العلماء
وعن الشافعي إن هذا العلم يند كما تند الإبل ولكن الكتب له حماة والأعلام عليه رعاة
وبالجملة فقد استقر الأمر جواز الكتابة ، قال الحافظ ابن حجر :
"لايبعد وجوبها على من خشى النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم "ونحوه قول الذهبى .
وقال ابن القيم : "وقد وقع الاتفاق على جواز الكتابة وإبقائها , ولولا الكتابة ما كان بأيدينا اليوم من السنة إلا أقل القليل".
====
انظر تدريب الراوي : النوع الخامس والعشرون و (تهذيب سنن أبي داود )لابن القيم وعون المعبود شرح سنن أبي داود لشمس الحق العظيم آبادي كتاب العلم باب كتابة العلم شرح حديث 3646.
عبدالله السني
2008-06-05, 09:40 AM
كتابة الحديث وضبطه وتقييده
ذكر العلماء رحمهم الله عدة أمور ينبغي أن تراعى في كتابة الحديث منها :
ينبغي لكاتب الحديث أن يضبط ما يشكل منه، أو قد يشكل على بعض الطلبة، في أصل الكتاب، نقطاً وشكلاً وإعراباً، على ما هو المصطلح عليه بين الناس، ولو قيد في الحاشية لكان حسناً.
ينبغي أن يكُون اعتناؤه بضبط المُلتبس من الأسماء أكثر فإنَّها لا تُسْتدرك بالمعنى, ولا يُستدل عليها بما قبل ولا بعد.
ينبغي توضيح الخط ويكره التدقيق والتعليل في الكتاب لغير عذر. قال الإمام أحمد لابن عمه حنبل - وقد رآه يكتب دقيقاً - : لا تفعل، فإنه يخونك أحوج ما تكون إليه.
ويكره أن يكتب " عبد الله بن فلان " فيجعل " عبد " آخر سطر والجلالة في أول سطر، بل يكتبهما في سطر واحد.
وليحافظ على الثناء على الله، والصلاة والسلام على رسوله، وإن تكرر فلا يسأم، فإن فيه خيراً كثيراً. قال: وما وجد من خط الإمام أحمد من غير صلاة فمحمول على أنه أراد الرواية. قال الخطيب: وبلغني أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نطقاً لا خطاً.
وليكتب الصلاة والتسليم كاملةً لا رمزاً. ولا يقتصر على حرف أو حرفين, كمن يكتب صلعم بل يكتبهما بكمالهما ويقال: إنَّ أوَّل من رمزهما بصلعم قُطعت يده.
ولا يقتصر على قوله " عليه السلام " وليكتب " صلى الله عليه وسلم " واضحة كاملة.
وليقابل أصله بأصل معتمد، ومع نفسه أو غيره من موثوق به ضابط. ومن الناس من شدد وقال: لا يقابل إلا مع نفسه. قال:وهذا مرفوض مردود.
ومما يستخدمه العلماء في الأسانيد " ح " التي توجد بين الإسنادين، وهي مهملة و هي من التحويل أو الحائل بين الإسنادين، أو عبارة عن قولهم " الحديث " وقد سبق إيضاحها.
ولا يَنْبغي أن يَصْطلح مع نفسهِ في كتابه برمز لا يعرفه النَّاس فيُوقع غيره في حيرة في فهم مُرَاده وإن فعل ذلك فليُبين في أوَّل الكتاب, أو آخره مراده.
====
انظر :
تدريب الراوي النوع الخامس والعشرون للسيوطي ، وتوضيح الأفكار للصنعاني .
عبدالله السني
2008-06-05, 09:46 AM
معرفة التابعين
التابعي: من صحب الصحابي.
وفي كلام الحاكم ما يقتضي إطلاق التابعي على من لقي الصحابي وروى عنه وإن لم يصحبه.
ولم يكتف العلماء بمجرد رؤية الراوي للصحابي ليعد تابعيا، كما اكتفوا في إطلاق اسم الصحابي على من رآه عليه السلام. وذلك لأجل عظمة وشرف رؤيته عليه الصلاة والسلام.
أهمية معرفة التابعين :لمعرفة التابعين أهمية كبيرة من عدة وجوه :
لشرف مكانتهم وللقائهم للصحابة حيث يقول الله عزوجل ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) . ولذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم في قوله :« خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ».
ولأنه من غفل عن هذا العلم لم يفرق حينئذ بين الصحابة والتابعين ، ثم لم يفرق أيضا بين التابعين وأتباع التابعين.
وللتفريق بين الصحابة والتابعين أحكام كثيرة تتعلق بفضل الصحبة وكذا معرفة نوع الحديث هل هو مرفوع متصل من رواية الصحابي أم هو مرسل من رواية التابعي عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
كما أن لمعرفة الآثار عن السلف من الصحابة والتابعين في فقه العقيدة وفقه الأحكام والسلوك أهمية كبيرة لسلامة منهج السلف .
وما جاء عن التابعين أو من دونهم من أقوالهم وأفعالهم موقوفاً عليهم فيسمى المقطوع .
طبقات التابعين :
اخْتُلف في طبقات التَّابعين, فجعلهم مسلم ثلاث طبقات, وابن سعد أربع طبقات ، وأما الحاكم فقد قسم طبقات التابعين إلى خمسة عشر طبقة فذكر:
الطبقة الأولى من التابعين : وهم قوم لحقوا العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ويعدهم جماعة من الصحابة فمنهم : سعيد بن المسيب ، وقيس بن أبي حازم ، وأبو عثمان النهدي ، وقيس بن عباد ، وأبو ساسان حضين بن المنذر ، وأبو وائل شقيق بن سلمة ، وأبو رجاء العطاردي ، وغيرهم
ملاحظة :
قال ابن الصلاح : وعليه في بعض هؤلاء إنكار، كأن سعيد بن المسيب ليس بهذه المثابة، لأنه ولد في خلافة عمر، ولم يسمع من أكثر العشرة. وقد قال بعضهم: لا تصح له رواية عن أحد من العشرة إلا سعد بن أبي وقاص.
وذكر الحاكم أن سعيداً أدرك عمر فمن بعده إلى آخر العشرة وقال: ليس في جماعة التابعين من أدركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم. وليس ذلك على ما قال كما ذكرنا. نعم، قيس بن حازم سمع العشرة وروى عنهم، ليس في التابعين أحد روى عن العشرة سواه، ذكر ذلك عبد الرحمن ابن يوسف بن خراش الحافظ، فيما روينا أو بلغنا عنه. وعن أبي دارد السجستاني أنه قال: روى عن التسعة، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف.
الطبقة الثانية من التابعين : الأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس ، ومسروق بن الأجدع ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وخارجة بن زيد وغيرهم من هذه الطبقة .
الطبقة الثالثة من التابعين : عامر بن شراحيل الشعبي ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وشريح بن الحارث ، وأقرانهم من هذه الطبقة ، وهم طبقات خمس عشرة طبقة :
آخرهم من لقي أنس بن مالك من أهل البصرة .
ومن لقي عبد الله بن أبي أوفى من أهل الكوفة .
ومن لقي السائب بن يزيد من أهل المدينة .
ومن لقي عبد الله بن الحارث بن جزء من أهل مصر .
ومن لقي أبا أمامة الباهلي من أهل الشام.
أفضل التابعين :
المشهور في ذلك أنه سعيد بن المسيب، قاله أحمد بن حنبل وغيره.
وقال أهل البصرة: الحسن.
وقال أهل الكوفة: علقمة، والأسود.
وقال بعضهم: أو يس القرني..
وقال أهل مكة: عطاء بن أبي رباح.
وسيدات النساء من التابعين :
حفصة بنت سيرين. وعمرة بنت عبد الرحمن، وأم الدرداء الصغرى. رضي الله عنهم أجمعين.
ومن سادات التابعين : الفقهاء السبعة بالحجاز، وهم:
سعيد بن المسيب
القاسم بن محمد.
خارجة بن زيد.
عروة بن الزبير.
سليمان بن يسار
عبيد الله بن عتبة بن مسعود.
سالم بن عبد الله بن عمر، وقيل أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام.
ومن التَّابعين المُخَضْرمون كما سيأتي التعريف بهم استقلالاً إن شاء الله.
====
ينظر للمبحث : معرفة علوم الحديث للحاكم ، و علوم الحديث لابن الصلاح ، والباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث النوع الأربعون،قواعد التحيث للقاسمي ، وما حررناه في المخضرمين.
عبدالله السني
2008-06-05, 09:52 AM
اللحن في الحديث
اللحن: الميل في الكلام عن الإعراب إلى الخطأ .
وذكر ابن الصلاح أنه حق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من شين اللحن والتحريف ومعرتهما.
وعن شعبة أنه قال: من طلب الحديث ولم يبصر العربية فمثله مثل رجل عليه رجل برنس ليس له رأس،أو كما قال.
وعن حماد بن سلمة قال: مثل الذي يطلب الحديث و لايعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة لا شعير فيها.
وأما إذا وقع لحن أو تحريف في أصل مسموعات الشيخ فهل على الرواة أن يردوا الحديث إلى الصواب أم لا؟
فيه ثلاثة أقوال للعلماء:
القول الأول: أن يروي الحديث ملحوناً كما سمعه، ولا يغيره ويحكى ذلك عن بعض التابعين كابن سيرين، ونافع مولى ابن عمر، وأبي معمر عبدالله بن سَخْبرة الأزدي، وغيرهم.
عن ابن عون قال: «كان ابن سيرين يلحن في الحديث، ولذا كان يزيد بن إبراهيم التُستَري إذا حدَّث عن الحسن لم يلحن، وإذا حدَّث عن محمد بن سيرين يلحن», يعني تبعاً للحنه.
وأما نافع، فيقول إسماعيل بن أمية: كُنا نَرد نافعاً عن اللحن فيأبى، ويقول: «إلا الذي سمعته».
وروى عبد الرزاق، عن ابن جريح، عن نافع مثل هذا.
وأما أبو معمر فكان يلحن في الحديث اقتداء بما سمع كما قال عمارة ابن عمير.
قال سهل بن موسى: سمعت بندارا يقول: «من أعرب لم ينبل».
وعلى هذا الرأي إذا وجد الراوي في أصل الكتاب خطأ فلا يصلحه، ولكن يبين الصواب في الحاشية، وإليه مال ابن الصلاح، وحكاه القاضي عياض عن عمل أكر الأشياخ.
قال أبو الحسين بن فارس: وهذا أحسن ما سمعت في هذا الباب، ثم إذا قرأ الراوي، أو القارئ عليه شيئاً من ذلك فإن شاء قدم ما وقع في الأصل والرواية، ثم بين الصواب، وإن شاء قدم ما هو الصواب، ثم قال: وقع في الرواية كذا وكذا. وهذا أولى من الأول، لئلا يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل.
وفيه جمع للمصلحة، فقد يعتقده خطأ، ويكون له وجه يعرفه غيره، ولو فتح باب تغيير الكتاب لتجاسر عليه غير أهله.
القول الثاني: أن يصلح الخطأ ويقرأ على الصواب، وإليه ذهب الأوزاعي وابن المبارك، والمحصِّلُون، والعلماء من المحدثين، لا سيما في اللحن الذي لا يختلف المعنى به.
ذكر ابن أبي خيثمة في كتاب الإعراب له: «أنه سئل الشعبي، والقاسم بن محمد، وعطاء، ومحمد بن علي بن السحين - الرجل يحدث بالحديث، فليحن، أأحدث كما سمعت؟ أو أعربه، فقالوا: لا بل أعربه».
قال أبو داود: «كان أحمد بن صالح يُقَوِّم كل لحن في الحديث«.
قال عبد الملك بن عبد الحميد الميموني -من ولد ميمون بن مهران: «رأيت أحمد بن حنبل يُغير اللحن في كتابه».
قال ابن دقيق العيد: «سمعت أبا محمد بن عبد السلام أحد سلاطين العلماء، كان يرى في هذه المسألة ما لم أره لأحد، أن هذا اللفظ الـمُخْتَلَّ لا يروى على الصواب، ولا على الخطأ، أما على الصواب فلأنه لم يُسْمع من الشيخ كذلك، وأما على الخطأ فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقله».
وإذا كان الساقط من الأصل شيئاً يسيراً يعلم أنه سقط في الكتابة، وهو معروف كلفظ ابن في النسب، وكحرف لا يختلف المعنى به فلا بأس بإلحاقه في الأصل من غير تنبيه على سقوطه، وقد سأل أبو داود أحمد بن حنبل فقال: وجدتُ في كتابي حجاج، عن جريج، عن أبي الزبير، يجوز لي أن أصلحه ابن جريج؛ فقال: أرجو أن يكون هذا لا بأس به.
وقيل لمالك: «أرأيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم يزاد فيه الواو والألف، والمعنى واحد؛ فقال: أرجو أن يكون خفيفاً».
هكذا نقله العراقي في شرح ألفيته المسمى: بالتبصرة والتذكرة عن أئمة هذا الفن، كالإمامين أحمد ومالك، ولكن لو أصلح في الأصل، ونبَّه في الحاشية فلا بأس به.
وإذا كان الساقط يعلم أنه سقط من بعض من تأخر من رواة الحديث، وأن من فوقه من الرواة أتى به، فإنه يزاد في الأصل، ويؤتى قبله بلفظ، (يعني) كما فعل الخطيب، إذ روى عن أبي عمر بن مهدي، عن المحاملي بسنده إلى عروة، عن عمرة، يعني عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلى رأسه فأرجله).
قال الخطيب: «كان في أصل ابن مهدي، عن عمرة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنى رأسه، فألحقنا فيه ذكر عائشة إذ لم يكن منه، وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه، وإنما سقط من كتاب شيخنا، وقلنا فيه: (يعني): عن عائشة، لأن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك. قال: وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا، ثم روى عن وكيع قال: أنا أستعين في الحديث بـ (يعني)».
وقال ابن الصلاح :"الأولى سد باب التغيير والإصلاح، لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن، وهو أسلم مع التبيين، فيذكر ذلك عند السماع كما وقع، ثم يذكر وجه صوابه، أما من جهة العربية، و أما من جهة الرواية. أن شاء قرأه أولا على الصواب، ثم قال " وقع عند شيخنا،أوفي روايتنا، أو: من طريق فلان: كذا و كذا " . هذا أولى من الأول، كيلا يتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل".
====
انظر: مقدمة ابن الصلاح ،والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ، والمحدث الفاصل (ص528)، والتبصرة والتذكرة (2/178 ) ،وشرح علل الترمذي .
عبدالله السني
2008-06-05, 09:54 AM
المُخَضْرمون
يُعدّ المُخَضْرمون من التَّابعين, واحدهم مُخَضْرَم - بفتح الرَّاء - .
وهم في مُصطلح أهل الحديث : الذين أدركوا الجاهلية - قبل البعثة، أو بعدها ، سواء أكانوا صغارا أم كباراً -و نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم -ولم يشرفوا بلقائه ، أو رآه أحدهم لكن على غير الإسلام ، ثم أسلم بعد ذلك في حياته ولم تحصل له رؤية للرسول صلى الله عليه وسلم أو أسلم بعد وفات النبي صلى الله عليه وسلم .
والتسمية مأخوذة من قولهم: لحم مُخضرم لا يُدرى من ذكر هو أو أُنثى, كما في «المُحكم» و«الصِّحَاح» .
وطعامٌ مُخضرم, ليس بحلو ولا مُر, حكاه ابن الأعرابي.
وقيلَ: من الخضرمة, بمعنى القطع, من خَضْرموا آذان الإبل, قطعوها, لأنَّه اقتطع عن الصَّحابة, وإن عاصر لعدم الرؤية.
ووجه التسمية بهذا فكأنهم قطعوا عن نظرائهم من الصحابة.
و قيل مأخوذة من قولهم: رجلٌ مُخضرم ناقص الحسب, وقيلَ: ليس بكريم النَّسب, وقيلَ: دعيٌّ, وقيلَ: لا يُعرف أبَوَاه, وقيلَ: ولدتهُ السَّراري, لكونه ناقص الرُّتبة عن الصَّحَابة, لعدم الرؤية مع إمكانه.
أمَّا المُخضرم في اصطلاح أهل اللغة, فهو الَّذي عاش نصف عُمره في الجاهلية, ونصفه في الإسْلام, سواء أدرك الصَّحَابة أم لا.
فبين الاصْطلاحين عمومٌ وخُصُوص من وجه, فحكيم بن حِزَام مُخضرم باصطلاح أهل اللغة, لا الحديث.
وبشر بن عَمرو مُخَضرم باصْطلاح أهل الحديث لا اللُّغة.
وحكى بعض أهل اللغة: مُخضرِم, بالكسر.
وحكى ابن خلكان: مُحَضرِم, بالحاء المُهملة والكسر أيضًا.
وحكى العَسْكري في «الأوائل» أنَّ المُخضرم من المَعَاني الَّتي حدثت في الإسلام, وسُميت بأسماء كانت في الجاهلية لمعان آخر, ثمَّ ذكر أنَّ أصله من خضرمت الغُلام, إذا ختنته, والأذن إذا قُطعت طرفها, فكأنَّ زمان الجَاهلية قطع عليه, أو من الإبل المُخضرمة, وهي الَّتي نتجت من العِرَاب واليَمَانية.
قال: وهذا أعجب القولين إليَّ.
وقد ذكر مسلم عشرين من المخضرمين منهم سُويد بن غَفَلة, وشُريح بن هانىء, ويُسَير بن عَمرو بن جابر, وأبو رجاء العُطَاردي, وغُنيم بن قيس. وزاد عليه العراقي طائفة مِمَّن لم يذكرهم مُسلم ومنهم :
أبو مُسلم عبد الله بن ثُوَب, بوزن عُمر الخولاني, والأحنف واسمه الضحَّاك بن قيس, وعبد الله بن عُكيم ، وأُويس القُرَني, وكعب الأحْبَار, ومسروق بن الأجدع, .
كما زاد عليهما السيوطي عدداًً آخر وهم ممن ذكرهم شيخ الإسلام ابن حجر في كتاب «الإصابة» كما قال السيوطي نفسه .
ومن المؤلفات في المخضرمين :" تذكرة الطالب المعلم بمن يقال: إنه مخضرم "للبرهان الحلبي .
====
ينظر : تدريب الراوي النوع الأربعون معرفة التابعين ،و معرفة علوم الحديث للحاكم النوع الرابع عشر معرفة التابعين ، وفتح المغيث للسخاوي.
عبدالله السني
2008-06-05, 10:00 AM
مختلف الحديث وطرق الترجيح بينها
تعريفه : هو أن يأتي حديثان متضادان في المعنى ظاهراً فينظر فيهما بالتوفيق بينهما أو بترجيح أحدهما على الآخر أو غير ذلك.
وفي الحقيقة لا تعارض آيةٌ آيةً ، ولا آيةٌ حديثاً صحيحاً ، ولا يعارض حديثٌ صحيحاٌ آخر مثله ،ولكن التعارض الذي قد يبدو بين النصوص إنما هو تعارض في الظاهر لا في الحقيقة لأن الجميع من الآيات والأحاديث من عند الله وما دام الأمر كذلك فإن الشرع لا يتناقض ولا يعارض بعضه بعضاً ، وقد قال الله عز وجل:
(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا).
ولهذا قال الإمام أبو بكر ابن خزيمة رحمه الله:
" ليس ثم حديثان متعارضان من كل وجه؛ ومن وجد شيئاً من ذلك فليأتي لأؤلف له بينهما".
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتاب عظيم في بابه واسمه :" درء تعارض العقل والنقل" .
ومختلف الحديث من أهم أنواع علوم الحديث ، ويضطر إلى معرفته جميع العلماء.
والذي يعنى بالقيام به الأئمة الجامعون بين صناعتي الحديث والفقه، وهم الغواصون على المعاني الدقيقة .
وينقسم مختلف الحديث إلى قسمين:
القسم الأول :ما يمكن الجمع فيه بين الحديثين،حيث يمكن القول بهما معأ.
ومثاله: حديث: " لا عدوى ولا طيرة " .
مع حديث: " لا يورد ممرض على مصح " .
وحديث، " فر من المجذوم فرارك من الأسد " .
ووجه الجمع بينهما: أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، ولكن الله تبارك وتعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لأعدائه مرضه.
ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في سائر الأسباب: ففي الحديث الأول: نفى صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقده الجاهل من أن ذلك يعدي بطبعه، ولهذا قال: " فمن أعدى الأول " . وفي الثاني: أعلم بأن الله سبحانه جعل ذلك سببأ لذلك، وحذر من الضرر الذي يغلب وجوده عند وجوده، بفعل الله سبحانه وتعالى.
القسم الثاني: أن يتضادا بحيث لا يمكن الجمع بينهما ،وذلك على ضربين :
أحدهما: أن يظهر كون أحدهما ناسخأ والآخر منسوخأ، فيعمل بالناسخ ويترك المنسوخ.
والثاني: أن لا تقوم دلالة على أن الناسخ أيهما والمنسوخ أيهما ، فيلجأ حينئذ إلى الترجيح، و يعمل بالأرجح منهما والأثبت من خلال طرق الترجيح المتعددة .
طرق الترجيح بين النصوص المتعارضة:
يكون الترجيح في الأخبار التي ظاهرها التعارض من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول يتعلق بالسند .
والوجه الثاني يتعلق بالمتن.
والوجه الثالث يتعلق بالترجيح بأمر خارجي .
وأما الأول : الترجيح بالسند فمن عدة اعتبارات :
أولا : الترجيح بكثرة الرواية .
ثانيا : الترجيح بثقة الراوي ، وضبطه وقلة غلطه .
ثالثا : الترجيح بورع الراوي وتقاه لشدة تحرزه فتقدم روايتة على رواية من هو دونه في ذلك .
رابعا : الترجيح بأن يكون الراوي صاحب القصة كحديث ميمونة أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال .
خامسا : الترجيح أن يكون الراوي مباشراً للقصة كحديث أبي رافع - رضي الله عنه - بذلك ، لأنه هو السفير بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ميمونة رضي الله عنه . فكلاهما أي صاحب القصة ميمونة والمباشر لها وهو أبو رافع يرجحان على حديث ابن عباس أنه تزوجها وهو محرم .
وللأصوليين في الترجيح باعتبار السند أمور كثيرة منها: علو السند ، فالسند الذي هو أعلى يقدم على غيره لأن قلة الوسائط بين المجتهد وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أرجح من كثرتها لأن قلة الوسائط يقل معها احتمال النسيان والاشتباه والزيادة والنقص .
ومنها : السلامة من البدع فالراوي غير البدعي أرجح من الراوي البدعي .
ومنها : فقهه في الباب المتعلق به المروي ، فالفقيه في البيوع مثلا يقدم خبره على غير الفقيه فيها .
وكذا يقدم زائد الفقه على غيره ، ولذا قالت المالكية يقدم خبر رواه ابن وهب في الحج على ما رواه ابن القاسم فيه لأنه أفقه منه فيه ، وإن كان ابن القاسم أفقه منه في غيره .
ويقدم عندهم العالم باللغة على غير العالم بها ، والعالم بالنحو على غير العالم به ، لأن الخطأ منهما في فهم مقاصد الكلام أقل ، ويقدم الفطن على من دونه .
ويقدم المشهورة بالعدالة على المعدل بالتزكية .
ويقدم الراوي الذي زكاه المجتهد باختباره اياه على المزكى عنده بالاخبار إذ ليس الخبر كالعيان .
ويقدم من زكى تزكية صريحة على من زكى تزكية ضمنية كالحكم بشهادته والعمل براويته.
ويقدم من زكاه جماعة كثيرون على من زكاه واحد مثلاً .
ويقدم غير المدلس على المدلس .
ويقدم حافظ الخبر الذي يسرده متتابعاً على من ليس كذلك ، وهو من يتخيل اللفظ ثم يتذكره ويؤديه بعد تفكر وتكلف ، ومن لا يقدر على التأدية أصلاً لكن إذا سمع اللفظ علم أنه مويه عن فلان .
ويقدم عندهم الذكر عن الأنثى إلا إذا علم أنها أضبط من الذكر, فتقدم عليه ، وكذلك إن كانت صاحبة القصة قدمت على الذكر ، قال بضعهم : الأنثى والذكر على السواء ، ولا يرجح عليها إلا بما يرجح به الرجل على الرجل، وفصل بعض العلماء فقال: يرجح الذكر في غير أحكام النساء بخلاف أحكامهن كالحيض والعدة فيرجحن فيها على الذكور لأنهن أضبط فيها.
ويقدم الذي كانت روايته أوضح في إفادة المروي على الذي في روايته خفاء كالأجمال، ولأجمل ذلك يقدم الروي بالسماع على الروي بالإجازة لأن السماع طريق واضح في إفادة المروي بيان تفصيله بخلاف الإجازة لما فيها من الأحمال.
وتقدم رواية المكلف وقت التحمل على رواية من هو صبي وقت التحمل . والحال أنه أدى بعد البلوغ للاختلاف في المحتمل قبل البلوغ، وقدم الاختلاف في التحمل بعد البلوغ لأن ما لا خلاف فيه يقدم على ما فيه خلاف وان كان المشهور المعروف قبول رواية من تحمل قبل البلوغ إذا كانت التأدية بعد البلوغ.
ويقدم راوي الحديث بلفظه على الراوي بالمعنى لسلامة المروي باللفظ عن احتمال وقوع الخلل في المروي بالمعنى ويقدم خبر الراوي الذي لم ينكر شيخه أنه حدثه على خبر من أنكر شيخه الذي روى عنه روايته له عنه، وان قلنا بأن إنكاره لا يضر.
ويقدم ما في الصحيحين أو أحدهما على ما ليس فيهما إلى غير ذلك.
وكثير مما ذكر من المرجحات باعتبار السند لا تخلو من خلاف، ولكن له كله وجه من النظر.
الوجه الثاني من الترجيح الترجيح بأمر يعود إلى المتن وقد ذكر العلامة الشيخ الشنقيطي في كتابه "مذكرة أصول الفقه"عدة مرجحات من هذا النوع منها :
اعتضاد أحد الدليلين المتعارضين بكتاب أو سنة وغير ذلك من الأدلة ، كأحاديث صلاة الصبح فإن في بعضها التغليس بها أي فعلها في بقية الظلام، وفي بعضها الأسفار بها، فتعضد أحاديث التغليس بعموم قوله تعالى: " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " ،
وكأن يختلف في وقف أحد الخبرين على الراوي والآخر يتفق على رفعه.
وكأن يكون راوي أحدهما قد نقل عنه خلافه فتتعارض روايتاه، ويبقى الآخر متصلاً ، فالمتصل أولى لأنه متفق على الاحتجاج به وذلك مختلف فيه.
ومنها كثرة الأدلة فالخبر الذي اعتضد بأدلة كثيرة مقدم على ما اعتضد بأقل من ذلك من الأدلة.
ومنها أن يكون المتن قولاً فهو مقدم على الفعل كما أن الفعل مقدم على التقرير.
وإنما كان القول أقوى من الفعل لاحتمال الفعل الاختصاص به صلى الله عليه وسلم. ويفهم منه أن ليس كل قول أقوى بل إذا احتمل القول الاختصاص فلا يكون أقوى من الفعل .
ومنها الفصاحة ، فالخبر يقدم على غير الفصيح يقدم على غير الفصيح للقطع بأن غير الفصيح مروي بالمعنى لفصاحته صلى الله عليه وسلم ولا عبرة بزيادة الفصاحة ، فلا يقدم الخبر الأفصح على الفصيح . وقيل يقم عليه لأنه صلى الله عليه وسلم أفصح العرب فيعد نطقه بغير الأفصح فيكون مرياً بالمعنى فيتطرق إليه الخلل وأجيب بأنه يعد في نطقه بغير الأفصح لأنه كان يخاطب العرب بلغاتهم.
ومنها الزيادة ، فالخبر المشتمل على الزيادة يقدم على غيره لما فيه من زيادة العلم كخبر التكبير في العيد سبعاً مع خبر التكبير فيه أربعاًًً، خلافاً لمن قدم الأقل كالحنفية.
ومنها ورود أحد الخبرين على علو شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقوته، ودلالة الآخر على الضعف وعدم القوة، فما اشعر بعلو شأنه مقدم على غيره لأن الشعر بعلو شأنه معلوم أنه هو المتأخر .
ومنها أن يتضمن الخبر قصة مشهورة بأنه يقدم على المتضمنة قصة خفية لأن القصة المشهورة يبعد الكذب فيها ، قال القرافي .
ومنها ذكر السبب فالخبر المذكور فيه السبب مقدم على ما ليس كذلك لاهتمام راوي الأول به ، واهتمامه دليل على كمال ضبطه للمروي لأنه يترتب عليه عادة .
وأيضاً فإن علم السبب يعين على فهم المراد ، ولأجل ذلك اعتنى المفسرون بذكر أسباب نزول الآيات .
ومنها أن يكون أحد الخبرين رواه رواية عن شيخة بدون حجاب مع أن الثاني رواه من وراء حجاب كرواية القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة عتقت في حال كون زوجها عبداً على رواية الأسود بن يزيد عنها أنه حراً ، لأن القاسم كان محرما لها لكونها عمته ، وكان يسمع منها بدون حجاب بخلاف الأسود .
ومنها الخبر المدني فانه مقدم على الخبر المكي لتأخره عنه . ومعلوم أن المدني ما روى بعد الشروع في الهجرة ، والمكي ما روى قبل الشروع فيها ، فيشمل المدني ما ورد بعد الخروج من مكة وقبل الوصول إلى المدينة في سفر الهجرة . هذا هو الاصطلاح المشهور في المدني والمكي ولذا كان المشهور عندهم في آية : " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " إنها مدنية مع أنها نزلت بالجحفة في سفر الهجرة كما قاله غير واحد .
ومنها التهديد ، فالخبر الذي فيه تهديد وتخويف مقدم على ما ليس كذلك ، ومثل له بعضهم بحديث عمار رضي الله عنه ، من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم . ففي الحديث تخويف من صوم يوم الشك بأنه معصية للرسول صلى الله عليه وسلم فيقدم هذا الحديث على الأحاديث المرغبة في صوم النفل .
فان قيل : التخويف المذكور من كلام الراوي فليس ترجيحاً باعتبار حال المتن ، فالجواب أن حكمه الرفع ، إذ لا يقال من جهة الرأي ، نعم للناظر أن يقول : في التمثيل المذكور نظر ، لأنه تقديم خاص على عام فلا تعارض أصلاً ، ويمكن أن يجاب بان الخاص إنما رجح على العام في خصوص ما تعارضا فيه فقط والله تعالى أعلم .
ومنها عدم التخصيص ، فالعام الذي لم يدخله تخصيص ، مقدم على العام الذي دخله تخصيص ، وهذا رأي جمهور أهل الأصول ، ويقول الشيخ الشنقيطي : لم أعلم أحداً خالف فيه إلا صفي الدين الهندي ، والسبكي .
ويقدم مفهوم الموافقة على مفهوم المخالفة على الصحيح لضعف مفهوم المخالفة بالخلاف في حجتيه كما تقدم . وشذ من قال بتقديم مفهوم المخالفة ، ولا يخفى ضعف قوله وبعده عن الصواب.
الوجه الثالث : الترجيح بأمر خارجي
وقد ذكر له الشيخ الشنقيطي رحمه الله عدة أمور منها :
يقدم الحاظر على المبيح - والحظر المنع - ومثال تقديم الحاظر على المبيح تقديم عموم قوله : (وأن تجمعوا بين الأختين )، المقتضي بعمومه منع الأختين بملك اليمين على عموم .. (أو ما ملكت أيمانهم ) الشامل بعمومه للأختين بملك اليمين ، وهذا مبيح وذلك حاظر فقد الحاظر على المبيح .
ووجه تقديم الحاظر على المبيح ، أن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام ، وزاد بعض الأصوليين تقديم الخبر الدال على الأمر على الدال على الإباحة .
ووجه ذلك هو الاحتياط في الخروج من عهدة الطلب ، وأن الخبر الدال على النهي مقدم على الدال على الأمر ، ووجهه عندهم أن درئ المفاسد مقدم على جلب المصالح ، ومن أمثلته عند القائل به : ترك تحية المسجد في وقت النهي .
ومنها كون أحد الخبرين ناقلاً عن حكم الأصل ، ومثاله حديث "من مس ذكره فليتوضأ" . مع حديث " وهل هو إلا بضعة منك بأن هذا الأخير نافياً لوجوب الوضوء موافق للبراءة الأصلية ، والخبر الموجب له ناقل عن حكم الأصل ، وعكس بعضهم فرجح المبقي على الأصل بالبراءة الأصلية ، والمشهور عند الأصوليين الأول .
وكذلك رواية الإثبات ، فإنها مقدمة على رواية النفي ومثاله : حديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة مع حديث أنه لم يصل فيها ، وحديث أن المتمتعين مع النبي صلى الله عليه وسلم سعوا لحجهم وسعوا لعمرتهم مع حديث أنهم لم يسعوا إلا سعي العمرة الأول ، ولم يسعوا للحج .
والظاهر أن المثبت والنافي إذا كانت رواية كل منهما في شيء معين في وقت معين واحد أنهما يتعارضان . فلو قال أحدهما : دخلت الكعبة مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقت كذا ولم أفارقه ولم يغب عن عيني حتى خرج منها ولم يصل فيها ، وقال الآخر رأيته في ذلك الوقت بعينه صلى فيها فانهما يتعارضان فيطلب الترجيح من جهة أخرى والله أعلم . وهذا أصوب من قول من قدم المثبت مطلقاً ومن قدم النافي مطلقاً . ووجه تقديم رواية المثبت أن معه زيادة علم خفيت على صاحبه ، وقد عرفت أن ذلك لا يلزم في جميع الصور مما ذكرناه آنفاً .
المصنفات في مختلف الحديث :
قد صنف فيه الإمام الشافعي كتاباً مستقلاً وهو أوَّل من تكلَّم فيه، وعقد في كتابه " الأم " فصلاً طويلاً ، ولم يقصد رحمة الله استيفاءه، بل ذكر جملة ينبه بها على طريقة هذا العلم .
كما صنف فيه ابن جرير, والطَّحَاوي في كتابه «مُشْكل الآثار»، وابن قتيبة إلا أن العلماء قالوا في كتاب ابن قتيبة أتى بأشياء حسنة وأشياء غير حسنة لكون بعض الترجيحات غيرها أقوى وأولى منها، وقد ترك أيضا معظم المختلف.
====
ينظر للمبحث:
تَدْريبُ الرَّاوِي في شَرْح تَقْريب النَّواوي النوع السادس والثلاثون ،ومقدمة ابن الصلاح ، والتقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث ،ومذكرة أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ،وشرح الورقات للشيخ صالح الفوزان.
عبدالله السني
2008-07-23, 10:09 AM
اختصار الحديث
المقصود به هل يجوز اختصار الحديث، فيحذف بعضه، إذا لم يكن المحذوف متعلقاً بالمذكور؟
والعلماء في ذلك على قولين:
فالذي عليه صنيع أبي عبد الله البخاري: اختصار الأحاديث في كثير من الأماكن.
الموقظة للذهبي - (ج 1 / ص 14)
وأما مسلم فإنه يسوق الحديث بتمامه، ولا يقطعه. ولهذا رجحه كثير من حفاظ المغاربة، واستروح إلى شرحه آخرون، لسهولة ذلك بالنسبة إلى صحيح البخاري وتفريقه الحديث في أماكن متعددة بحسب حاجته إليه. وعلى هذا المذهب جمهور الناس قديماً وحديثاً.
وقد قال الذهبي :" اختصار الحديث وتقطيعه جائز إذا لم يخل معنى . ومن الترخيص تقديم متن سمعه على الإسناد ، وبالعكس ، كأن يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الندم توبة ، أخبرنا به فلان عن فلان .
وقال ابن حجر : "الأكثرون على جوازه بشرط أن يكون الذي يختصره عالما ؛ لأن العالم لا ينقص من الحديث إلا ما لا تعلق له بما يبقيه منه بحيث لا تختلف الدلالة ، ولا يختل البيان ، حتى يكون المذكور والمحذوف بمنزلة خبرين ، أو يدل ما ذكره على ما حذفه ؛ بخلاف الجاهل ، فإنه قد ينقص ما له تعلق ؛ كترك الاستثناء ".
الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث - (ج 1 / ص 18)
ولذا قال ابن الحاجب :"حذف بعض الخبر جائز عند الأكثر، إلا في الغاية والاستثناء ونحوه. أما إذا حذف الزيادة لكونه شك فيها، فهذا سائغ، كان مالك يفعل ذلك كثيرا، بل كان يقطع إسناد الحديث إذا شك في وصله. وقال مجاهد: انقص الحديث ولا تزد فيه.
====
ينظر للمبحث :الموقظة للذهبي ،و نزْهة النَّظَر في تَوْضِيحِ نُخْبَةِ الفِكَر ،وما حررناه في مسألة رواية الحديث بالمعنى.
عبدالله السني
2008-10-26, 11:39 AM
الفسق
الفسق لغةً : خروج الرطبة عن قشرها ، وتسمى الفأرة: الفويسقة؛ لخروجها من جحرها على الناس.
وشرعاً: العصيان والترك لأمر الله عز وجل، والخروج عن طريق الحق.
وقد يكون الفسوق شركاً كما في قوله تعالى: (أو فسقاً أهل لغير الله به) أي: الذبح.
وقد يكون إثماً كما في قوله تعالى: (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) أي: بئس الاسم أن تقول له: (يايهوي) و(يانصراني) بعد أن آمن، أي لا تعيروهم بعد أن آمنوا. أو بئس الاسم أن يسمى الإنسان فاسقاً بعد أن سمي مؤمناً بفعله شيئاً من هذه الأشياء التي نهي عنها، وهي: السخرية واللمز والتنابز بالألقاب؛ فهو فاسق وإن كان مؤمناً.
وقال ابن الأثير: «أصل الفسوق: الخروج عن الاستقامة، والجور؛ وبه سمي العاصي فاسقاً.
والفاسق هو: مرتكب الكبيرة، أو الـمُصِرُّ على الصغيرة، والفاسق المصرّح بفسقه لا يختلف أحد في رد روايته.
ولا بد أن يكون الحديث من رواية العدول ، قال ابن الصلاح :"أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايتة أن يكون عدلاً، ضابطً لما يرويه".
وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } [الحجرات: 6] .
وقال: { وأشهدوا ذوي عدل منكم } [الطلاق: 2]. والموصوف بالفسق مسلوب العدالة.
وقال جل ثناؤه : { ممن ترضون من الشهداء }
وقال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عقب سياق الآيات السابقة : « فدل بما ذكرنا من هذه الآي أن خبر الفاسق أن خبر الفاسق غير مقبول، وإن شهادة غير العدل مردودة، والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه، فقد يجتمعان في أعظم معانيهما؛ إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم، كما أن شهادته مردودة عند جميعهم».
وقال ابن حبان في النوع السابع عشر من أنواع جرح الضعفاء : «ومنهم المعلن بالفسق والسّفه، وإن كان صدوقاً في روايته؛ لأن لا الفاسق لا يكون عدلاً، والعدل لا يكون مجروحاً، ومن خرج عن حدّ العدالة لا يعتمد على صدقه، وإن صدق في شيء بعينه في حالة من الأحوال، إلا أن يظهر عليه ضد الجرح، حتى يكون أكثر أحواله طاعة لله عز وجل، فحينئذ يحتج بخبره، فأما قبل ظهور ذلك عنه فلا».
وأما مسألة قبول رواية الفاسق المتأول غير المبيح للفسق، فلا خلاف في قبول روايته؛ لأن الناس يختلفون في بعض أمور الفسق، فيرى بعضهم أنها فسق، ولا يرى غيرهم أنها فسق: مثل شرب النبيذ؛ فقد رأى الحنفية أن شربه جائز، ومنعه الشافعية.
فالفاسق الذي يرد حديثه هو: المجاهر بارتكاب المعاصي الكبيرة، وعدم مواظبته على الواجبات والفرائض؛ فمثل هذا لا يؤمن عليه أن يكذب في حديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يفتري على أحد من الصحابة والتابعين.
قال الذهبي في ترجمة زاهر بن طاهر: «مسند نيسابور، صحيح السماع، لكنه يخل بالصلاة، فَتَرك الرواية عنه غير واحد من الحفاظ تورعاً».
كما أن التائب من الكذب في حديث الناس وغيره من أسباب الفسق تقبل روايتة، إلا التائب من الكذب متعمداً في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا تقبل روايته ،وإن حسنت توبته، على ما ذكر غير واحد من أهل العلم، منهم: أحمد بن حنبل، وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري
====
انظر: مقدمة صحيح مسلم (1/9)، وكتاب المجروحين (1/79)، (1/80) ومقدمة ابن الصلاح ، وتَدْريبُ الرَّاوِي في شَرْح تَقْريب النَّواوي - مبحث : صفة من تقبل روايته ، والنهاية في غريب الحديث(3/446
عبدالله السني
2008-10-26, 11:41 AM
أصح شيء في الباب كذا
في تَدْريب الرَّاوِي في شَرْح تَقْريب النَّواوي : "قال المُصنِّف - أي النووي - في «الأذكار»: لا يَلْزم من هذه العِبَارة صِحَّة الحديث, فإنَّهم يَقُولون: هذا أصح ما جَاء في البَاب, وإن كانَ ضعيفًا, ومُرادهم أرجحهُ, أو أقلَّه ضعفًا, ذكر ذلكَ عقب قول الدَّارقُطني: أصح شيء في فضائل السور, فضل: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وأصح شيء في فَضَائل الصَّلوات فضل صَلاة التسبيح......إلى أن قال : فإنهم يقولون ((هذا أصح ما جاء في الباب)) وإن كان ضعيفاً ومرادهم أرجحة أو أقله ضعفاً))
عبدالله السني
2008-10-26, 11:45 AM
الإجازة
الإجازة: هي إحدى أنواع التحمل عند المحدثين، وهي عبارة عن إذن في الرواية لفظاً أو كتابةً.
ومن منافع الإجازة أنه ليس كل طالب، وباغ للعلم فيه راغب يقدر على سفر ورحلة؛ كأن يكون الشيخ الذي يرحل إليه بعيدا وفي الوصول إليه يلقى تعبا شديدا.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى كسرى وقيصر وغيرهما مع رسله فمن أقبل عليهم وقبل منهم فهو حجة له، ومن لم يقبل ولم يعمل فحجة عليه.
ومما يحتج به أيضا في هذا الباب وأن الأخذ به عين الصواب، إيفاده صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش إلى ناحية نخلة في سرية ودفع إليه كتابا مختوما وأمره ألا يفكه حتى يسير يومين ثم يفكه وينفذ ما فيه من الأمر، فامتثل عبد الله ذلك.
قال بان وهب: «كنت عند مالك بن أنس، فجاءه رجل يحمل الموطأ في كسائه فقال له: يا أبا عبد الله: هذا موطؤك قد كتبتُه وقابلتُه، فأجازه لي، قال: قد فعلتُ، قال: كيف أقول: حدثنا مالك، أو أخبرنا مالك؟ قالك قل أيهما شئت».
قال أبو عيسى الترمذي : (( وكنا عند أبي مصعب المديني ، فقرئ عليه بعض حديثه ، فلما فرغ منه ، كيف نقول ؟ قال قل : ثنا أبو مصعب )) .
قال أبو عيسى : وقد أجاز بعض أهل العلم الإجازة . وإذا أجاز العلم لأحد أن يروي عنه شيئاً من حديثه فله أن يروي عنه .
حدثنا محمود بن غيلان أنا وكيع عن عمران بن حدير عن أبي مجلز عن بشير بن نهيك قال : (( كتبت كتاباً عن أبي هريرة ، فقلت : أرويه عنك ؟ قال نعم )) .
أخبرنا محمد بن إسماعيل الواسطي ثنا محمد بن الحسن الواسطي عن عوف الأعرابي قال قال رجل للحسن : (( عندي بعض حديثك ، أرويه عنك ؟ قال : نعم )) .
وفي شرح العلل : "قد ذكر الترمذي عن بعض أهل العلم إجازتها ، وقد حكاه غيره عن جمهور أهل العلم ، وحكاه بعضهم إجماعاً ، وليس كذلك . بل قد أنكر الإجازة جماعة من العلماء ، وحكي ذلك عن أبي زرعة ، وصالح بن محمد ، وإبراهيم الحربي .
وروى الربيع عن الشافعي أنه كره الإجازة . قال الحاكم : (( لقد كره المكروه عند أكثر أئمة هذا الشأن )) .
والذين أنكروا الإجازة المطلقة منهم من رخص في المناولة ، وهو قول أحمد المصري ، وروي أيضاً عن إبراهيم الحربي ، وأبي بكر البرقاني . وظاهر كلام أحمد في رواية الأثرم في قصة رواية أبي اليمان عن شعيب يدل على مثل ذلك ، إلا أن يحمل إنكاره على أبي اليمان على إطلاقه لفظ الإخبار في الرواية بالإجازة ، لا على أصل الرواية بالإجازة .
وقد ذكرنا عنه رواية أخرى أنا أجاز لأبي اليمان إطلاق قول أنا فيما يرويه عن شعيب بالمناولة والإجازة .
وفي شرح ألفيه العراقي أن أقدم إجازة عثر عليها نقلا عن الإمام أبي الحسن محمد بن أبي الحسين بن الوزان قال ألفيت بخط أبي بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب الحافظ الشهير صاحب يحيى ابن معين وصاحب التاريخ ما مثاله ((قد أجزت لأبي زكريا يحيى بن مسلمة أن يروي عني ما أحب من كتاب التاريخ الذي سمعه مني أبو محمد القاسم بن الأصبغ ومحمد بن عبد الأعلى كما سمعاه مني وأذنت له في ذلك ولمن أحب من أصحابه فإن أحب أن تكون الإجازة لأحد بعد هذا فأنا أجزت له ذلك بكتابي هذا وكتبه أحمد بن أبي خيثمة بيده في شوال من سنة ست وسبعين ومئتين))
وكذلك أجاز حفيد يعقوب بن شيبة وهذه نسختها فيما حكاه الخطيب ((يقول محمد بن أحمد ابن يعقوب بن شيبة قد أجزت لعمر بن أحمد الخلال وابنه عبد الرحمن بن عمرو لختنه على ابن الحسن جميع ما فاته من حديثي مما لم يدرك سماعه من المسند وغيره وقد أجزت ذلك عن أحب عمر فليرووه عني إن شاءوا وكتبت لهم ذلك بخطى في صفر سنه اثنتين وثلاثين وثلاثمائة)) 1هـ
====
انظر: الجامع للخطيب (2/286 ـ 287)، قواعد التحديث (ص 81)، الإجماع، ص 90، شرح علل الترمذي (2/753) مع السنن. الوجيز في ذكر المجاز والمجيز . الوجيز في ذكر المجاز والمجيز - ( ص 2).
عبدالله السني
2008-10-26, 11:51 AM
المستخرج
المستخرج:هو نوع من المصنفات الحديثية .
وطريقة تأليفه أن ياتي مصنف إلى كتاب ممن الكتب الحديثية كصحيح البخاري مثلاً فيُخرِّج أحاديث هذا الكتاب بأسانيد لنفسه من غير طريق البخاري ، حيث يلتقي إسنادُ المصنف مع شيخ البخاري ، أو مع شيخ شيخه أو من فوقه، ولو حصل الالتقاء في صحابي الحديث .
ويلاحظ في المصطلحات ما يلي :
ربما أسقط المستخرج أحاديث لم يجد لها سنداً يرتضيه.
كما يحرص في المستخرجات على أن لا يصل المستخرج إلى شيخ أبعد ويفقد بذلك سنداً يوصله إلى الأقرب إلا لعذر من زيادة مهمة أو غيرها.
ولا يشترط في المستخرج تطابق الألفاظ المتون بين المستخرج والمستخرج عليه ، لكونه يروي من غير جهة صاحب الكتاب طلباً للعلو، فيحصل فيه بعض تفاوت في الألفاظ،
ولذلك إذا وجد حديث في مستخرج من المستخرجات فلا يصح نسبة ألفاظ المتن للكتاب المستخرج عليه إلا إذا اتحدت عبارات المتن.
وبهذا يعلم أيضاً أن ما يرويه البيهقي والبغوي وغيرهما مما قالوا فيه: «أخرجه البخاري ومسلم»،ووقع في بعضها تفاوت في المعنى، فمرادهم أنهما رويا أصله،لا نصه بتمامه فلا يجوز والحال هذا أن يُنْقَلَ منهما حديث ويقال: هو هكذا فيهما، إلا بعد المقابلة.
وهذا بخلاف المختصرات من «الصَّحيحين» فإنَّهم نقلُوا فيها ألفاظهُمَا من غير زيادة ولا تغيير, فلك أن تنقل منها وتعزو ذلك للصحيح ولو باللفظ.
وكذا الجمع بين «الصَّحيحين» لعبد الحقِّ, أمَّا الجمع لأبي عبد الله الحُميدي الأندلسي, ففيه زيادة ألفاظ وتتمات على «الصَّحيحين» بلا تمييز كما ذكر ذلك السيوطي.
فوائد المستخرجات:
1 ـ فهم الحديث وفقهه، فإن ألفاظ الكتاب المستخرج قد توضح الإجمال الواقع في لفظ الحديث في أصل الكتاب المستخرج عليه .
2 ـ تصحيح القدر الزائد على الأصل من الحديث الذي لا يتم الوصول إليه إلا بطريق المستخرج.
3 ـ تصريح المدلس بالسماع إن لم يصرح به في أصل الكتاب.
4 ـ تعيين المبهم في أصل الكتاب.
5 ـ ترجيح الإسناد في أصل الكتاب بالمتابعة من طريق المستخرج.
6 ـ علو الإسناد.
7- قد تكون فيه إزالة علة موجود في أصل الكتاب وهذا ما يشير إليه الحافظ ابن حجر بقوله : «وكل علة أُعِلَّ بها حديث في أحد الصحيحين جاءت رواية المستخرج سالمة عنه».
صحة المستخرجات على الصحيحين :
ذهب ابن الصلاح إلى أن الزيادات الواقعة في المستخرجات يحكم لها بالصحة لأنها مروية بالأسانيد الثابتة في الصحيحين أو أحدهما وخارجة من ذلك المخرج
واعترض عليه الحافظ ابن حجر في ذلك فقال هذا مسلم في الرجل الذي التقى فيه إسناد المستخرج وإسناد مصنف الأصل وفيمن بعده ، وأما من بين المستخرج وبين ذلك الرجل فيحتاج إلى نقد ،لأن المستخرج لم يلتزم الصحة في ذلك ،وإنما جل قصده العلو فإن حصل وقع على غرضه ،فإن كان مع ذلك صحيحا أو فيه زيادة فزيادة حسن حصلت اتفاقا، وإلا فليس ذلك همته.
المؤلفات في المستخرجات :
1 ـ المستخرج على الصحيحين للحفاظ الإسماعيلي أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني الإمام (ت 371هـ).
2 ـ المستخرج على الصحيحين للبرقاني أحمد بن محمد بن أحمد الخوارزمي الحافظ أبي بكر (ت 024هـ).
3 ـ المستخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة، يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الإسفرائيني (ت 316هـ).
4 ـ مستخرجات على سنن أبي داود لقاسم بن أصبغ (ت 340هـ)، وأبي بكر بن منجويه (ت 410هـ) وأبي عبد الله محمد بن عبد الملك بن فرج القرطبي (ت330هـ).
وهناك كتب قيل فيها إنها كالمستخرجات مثل كتاب (( الأموال)) لابن زَنْجُويه (ت251هـ) قال الكَتَّانيًّ عن كتابه : وكتابه كالمُسْتَخْرَجِ على كتاب أبي عُبيدٍ ، وقد شاركهُ في بعض شيوخهِ وزاد عليهِ زيادات.
كذلك عد منتقى ابن الجارود كالمستخرج على صحيح ابن خزيمة .
ولكني أقول إذا نظرنا بهذا الاعتبار في موافقة مصنف لمصنف آخر لشيوخه في الأحاديث لخرجت عندنا مستخرجات عدة بهذا الاعتبار ولكن العبرة بأصل العمل وعلى طريقة المستخرجات كما سبق لا بمجرد الموافقة في عدد منها والله أعلم.
====
ينظر للمزيد : تَدْريب الرَّاوِي مبحث الحديث الصحيح ، و توجيه النظر إلى أصول الأثر ( ص 349) ، و المُسْتَخْرَجات نشأتها وتطورها للدكتور موفق بن عبدالله بن عبدِ القادر نشر في مجلة جامعة أمِّ القرى ،ومعجم الدكتور الأعظمي للمصطلحات الحديثية .
عبدالله السني
2008-10-26, 11:54 AM
العرض
العرض: هو القراءة على الشيخ حفظاً، أو من كتاب وهم من طرق تحمل الرواية.
والرواية بها سائغة عند العلماء، إلا أن بعضهم قد شدد فيه فلم ير جواز الرواية بالعرض.
وحجة جواز العرض حديث ضمام بن ثعلبة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: آلله أمرك أن تصلي الصلوات؟ قال: "نعم".
يقول وكيع: «ما أخذتُ حديثاً قط عرضاً».
والصواب: أنه تصح الرواية بالعرض
وأما أيهما أعلى العرض أم السماع من لفظ الشيخ فعن مالك وأبي حنيفة وابن أبي ذئب أنها أقوى. وقيل: هما سواء، ويعزى ذلك إلى أهل الحجاز والكوفة، وإلى مالك أيضاً وأشياخه من أهل المدينة.
وذهب جمهور أهل المشرق وخراسان إلى أن القراءة درجة ثانية وأبوا من تسميتها سماعا وسموها عرضا وأبوا من إطلاق حدثنا فيها
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة في أحد قوليه والشافعى وهو مذهب مسلم بن الحجاج ويحيى بن يحيى التميمي .
فإذا حدث بها يقول " قرأت " أو " قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به " أو " أخبرنا " أو " حدثنا قراءة عليه " . وهذا واضح، فإن أطلق ذلك جاز عند مالك، والبخاري، ويحيى بن سعيد القطان، والزهري، وسفيان بن عيينة، ومعظم الحجازيين والكوفيين، حتى إن منهم من سوغ " سمعت " أيضاً، ومنع من ذلك أحمد، والنسائي، وابن المبارك، ويحيى بن يحيى التميمي.
ومنهم من جوز أن يقول " أخبرنا " ولم يجوز " حدثنا " وبه قال الشافعي، ومسلم، والنسائي أيضاً، وجمهور المشارقة، بل نقل ذلك عن أكثر المحدثين. وقد قيل: إن أول من فرق بينهما ابن وهب. قال الشيخ أبو عمرو وقد سبقه إلى ذلك ابن جريج؛ والأوزاعي، قال: وهو الشائع الغالب على أهل الحديث.
واشترطوا في العرض على الشيخ أن يكون المحدث حافظاً بما يقرأ عليه من مروياته، أو يقابل بما يقرأ عليه على أصله، ويجوز أن يكون الأصل بيد أحد التلاميذ. فهذه الصور كلها جائزة عند علماء الحديث، إلا أنه دون السماع من لفظ الشيخ.
ومن مسائل العرض السماع على الضرير أو البصير الأمي إذا كان مثبتاً بخط غيره أو قوله - : فيه خلاف بين الناس: فمن العلماء من منع الرواية عنهم، ومنهم من أجازها كما نقل ابن كثير عن الخطيب في اختصارعلوم الحديث.
====
انظر للمزيد : تدريب الراوي النوع الرابع والعشرون كيفية سماع الحديث وتحمله ، والإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع للقاضي عياض .
عبدالله السني
2008-10-26, 11:56 AM
الأقران
الأقران جمع قرين وهم المتقاربون في سنهم وإسنادهم كما قال الحاكم.
أي أنهم أخذوا عن شيوخ من طبقة واحدة.
وذكر الإمام الحاكم هذا النوع وسماه معرفة رواية الأقران من التابعين وأتباعهم ومن بعدهم من علماء المسلمين ورواية بعضهم عن بعض وهذا النوع منه غير رواية الأكابر عن الأصاغر ، وبين أنهم على ثلاثة أجناس :
فالجنس الأول منه الذي سماه بعض مشايخنا المدبج وهو : أن يروي قرين عن قرينه ثم يروي ذلك القرين عنه فهو المدبج.
والجنس الثاني منه غير المدبج حيث يكون قرينا ويروي أحدهما عن الآخر ولا يعرف للخر رواية عنه .
ومثاله فيما رواه الحاكم : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا شعيب بن الليث بن سعد قال حدثنا أبي قال حدثني ابن الهاد عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ قد كان يكون في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد منهم فعمر بن الخطاب ]
قال أبو عبد الله يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد وإن كان أسند وأقدم من إبراهيم بن سعد بن إبراهيم فإنهما في أكثر الأسانيد قرينان ولا أحفظ ل إبراهيم بن سعد عنه رواية.
وأما كلام الأقران بعضهم في بعض فقد قال فيه الذهبي :
"كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد ، ما ينجو منه إلا من عصم الله ، وما علمت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين ، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس . اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم" الميزان ترجمة أبي نعيم أحمد بن عبدالله الحافظ .
وقال ابن عبد البر : " لا يقبل فيمن صحت عدالته وعُلمت بالعلم عنايته وسلم من الكبائر ولزم المروءة والتعاون وكان خيره غالباً وشره أقلَّ عمله ، فهذا لا يقبل فيه قول قائل لا برهان له به ، فهذا هو الحق الذي لا يصح غيره إن شاء الله" .
وقال ابن حجر : (وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد .... ويلتحق بذلك ما يكون سببه المنافسة في المراتب ، فكثيراً ما يقع بين العصريين الاختلاف والتباين لهذا وغيره ، فكل هذا ينبغي أن يتأنى فيه ويتأمل" .
ويقول الدكتور محمد لطفي الصباغ في مقدمته لكتاب السيوطي (تحذير الخواص من أكاذيب القصاص) (ص42-47) : (وأود أن أنبه إلى خطأ نشأ من اطلاق كلمة تشيع على ألسنة كثير من طلبة العلم ، وهي أن حكم المتعاصرين بعضهم في بعض غير مقبول ؛ إن هذا الاطلاق خطأ كبير في رأيي ، ذلك أن أقدر الناس على الحكم على إنسان معين معاصروه الذين خالطوه وعاشروه وعرفوه المعرفة التامة ؛ والصواب أن نطلب التأني في قبول الحكم ، والتأمل فيه ، واشتراط التقوى في الذي يُصدر هذا الحكم وبراءته من اللدد في الخصومة والمنافسة في الدنيا والمبالغة المتطرفة في الحكم ".
====
وانظر: مقدمة ابن الصلاح (ص 14)، ومعرفة علوم الحديث (ص 215) النوع السادس والأربعون ،و جامع بيان العلم وفضله (2 /150-162 ), و(التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل ) 1/52-59 . وراجع المدبج.
عبدالله السني
2008-10-26, 11:59 AM
المدبج
المدبج بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة وآخره جيم:
هو رواية القرين عن قرينه - والأقران هم المتقاربون في سنهم وإسنادهم.
وقد قال السخاوي في ألفيته :
( والقرنا من استووا في السند ... والسن غالبا وقسمين اعدد )
( مدبجا وهو إذا كل أخذ ... عن آخر وغيره انفراد فذ )
وسمي المدبج بهذا لحسنه لأنه لغة المزين ، والرواية كذلك إنما تقع لنكتة يعدل فيها عن العلو إلى المساواة أو النزول فيحصل للإسناد بذلك تزيينٌ .
ويحتمل أن يقال : إن القرينين الواقعين في المدبج في طبقة واحدة بمنزلة واحدة شُبِّها بالخدين إذ يقال لهما : الديباجتان، كما قاله الجوهريُّ وغيرُه .
وأول من سماه بذلك هو الإمام الدارقطني ، ولم يقيده بكونهما قرينين ، بل ظاهر كلامه أن كل اثنين روى كل واحد منهما عن الآخر يقال لهما : تدبج فلان مع فلان ؛ وإن كان أحدهما أكبر من صاحبه .
وفي (شرح النخبة) : لو روى الشيخ عن تلميذه فهل يسمى مدبجاً فيه بحث والظاهر لا ، لأنه من رواية الأكابر عن الأصاغر ، والتدبيج مأخوذ من ديباجتي الوجه فيقتضي أن يكون مستوياً من الجانبين .
وأهمية المدبج وفائدته ضبطه الأمن من ظن الزيادة في الإسناد أو إبدال الواو بعن إن كان بالعنعنة كما قال السخاوي .
وصورة المدبج رواية كل قرين عن صاحبه كعائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما في الصحابة ، والزهري وأبي الزبير في التابعين ، ومالك والأوزاعي في أتباع التابعين .
أما رواية القرين عن قرينه من غير أن يعلم رواية الآخر عنه فلا يسمى مدبجاً كرواية زائدة بن قدامة عن زهير بن معاوية ولا يعلم لزهير رواية عنه.
ومثاله من الصحابة كما ساق الحاكم في المعرفة بإسناده :
حدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب قال : حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال : ثنا أبو أسامة قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من الفراش ، فجعلت أطلبه بيدي ، فوقعت يدي على باطن قدميه ، وهما منصوبتان فسمعته يقول : « اللهم إني أعوذ برحمتك من سخطك ، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء (1) عليك أنت كما أثنيت على نفسك ».
قال أبو عبد الله : وقد روت عائشة ، عن أبي هريرة وسألته عن حديثه أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الداربردي بمرو ، قال : حدثنا عبد الله بن روح المدايني قال : حدثنا عثمان بن عمر قال : حدثنا أبو عامر الخزاز ، عن سيار أبي الحكم ، عن الشعبي ، عن علقمة أن عائشة قالت لأبي هريرة : أنت حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأة عذبت في هرة ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
====
انظر : معرفة علوم الحديث ،وفتح المغيث - (ج 3 / ص 174)
عبدالله السني
2008-10-26, 12:37 PM
المستملي
المستملي هو طالب الإملاء من الشيخ ؛ يقال : استملاه الكتاب أي سأله أن يمليه عليه فالمستملي هو مستملٍ بالنسبة للشيخ ، وهو بالنسبة للطلاب ممْلٍ أو سمي بذلك لأنه يستملي الشيخَ لهم.
والحاجة إليه قائمة إذ كان بعض الشيوخ الكبار من المحدثين يقصدهم الطالبون ويحرصون على الرواية عنهم فيعظم الجمع في مجالسهم جداً ، حتى يصعب على الشيخ إسماع كل الحاضرين ، فكان لكل واحد من هؤلاء شخص - أو أكثر - يُسمِع باقي المجلس .
وقد كانت المجالس تعقد ببغداد. وبغيرها من البلاد، فيجتمع الفئام من الناس، بل الألوف المؤلفة، ويصعد المُستملي. على الأماكن المرتفعة، ويبلغون عن المشايخ ما يملون، فيحدث الناس عنهم بذلك.
فإذا كان الراوي لم يسمع لفظ الشيخ وسمعه من المستملي وكان الشيخ يسمع ما يمليه مستمليه - : فلا خلاف في جواز الرواية عن الشيخ ، لأنه يكون من باب الرواية بالقراءة على الشيخ .
وأما إن كان الشيخ لا يسمع ما يقوله المستملي ، فقد اختلف في ذلك : فذهب جماعة من المتقدمين وغيرهم إلى أنه يجوز للراوي أن يرويه عن الشيخ . وقال غيرهم : لا يجوز ذلك ، بل على الراوي أن يبين أنه سمعه من المستملي ؛ وهذا القول رجَّحه ابنُ الصلاح ؛ وقال النووي : إنه الصواب الذي عليه المحققون .
والقول الأول - بالجواز - هو الراجح وهو الذي عليه العمل ، لأن المستملي يُسمع الحاضرين لفظ الشيخ الذي يقوله ، فيبعد جداً أن يحكي عن شيخه - وهو حاضر في جمع كبير - غيرَ ما حدث به الشيخ ، ولئن فعل ليَرُدَّنَّ عليه كثيرون ممن قَرُبَ مجلسهم من شيخهم وسمعوه وسمعوا المستملي يحكي غير ما قاله ؛ وهذا واضح جداً.
ملخصاً من شرح الشيخ أحمد شاكر لألفية السيوطي (ص127-128) .
وذكر العلماء أنه على المستملي أن يكون متيقظاً مُحصِّلاً، ولا يكون بَليداً مغفلاً ، ولهذا احتاط المحدثون في اختيار المستملي.
====
انظر : أدب الإملاء والاستملاء للسمعاني ،ومقدمة ابن الصلاح : معرفة آداب المحدث .
عبدالله السني
2008-10-26, 12:45 PM
الأمالي
الأمالي : وهي إما أن تكون جمع الإملاء أو جمع أملية كالأحاجي جمع أحجية.
ويسمي بعض الشافعية الأمالي التعليق.
وكتب الأمالي : نوع من المصنفات الحديثية حيث تعرف بهذا.
وعقد الخطيب في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) باباً بعنوان ( باب إملاء الحديث وعقد المجلس له) قال فيه : (يستحب عقد المجالس لإملاء الحديث، لأن ذلك أعلى مراتب الراوين ، ومن أحسن مذاهب المحدثين مع ما فيه من جمال الدين والاقتداء بسنن السلف الصالحين ...).
وطريقة الأمالي بأن يقعد عالم وحوله تلامذته فيتحدث العالم بما فتح الله سبحانه وتعالى عليه من العلم ويكتبه التلامذة في يوم من أيام الأسبوع أو يوم الجمعة فيصير كتاباُ ، ويسمونه الإملاء والأمالي ؛ وكذلك كان السلف من الفقهاء والمحدثين وأهل العربية وغيرها في علومهم
واستحب بعض العلماء أن يكون الإملاء في المسجد ويوم الجمعة لشرفهما.
وطريقة العلماء فيها أن يكتب المستملي في أول القائمة : هذا مجلس أملاه شيخنا فلان بجامع كذا في يوم كذا ، ويذكر التاريخ ، ثم يورد المملي بأسانيده أحاديث واثاراً، ثم يفسر غريبها ويورد من الفوائد المتعلقة بها بإسناد أو بدونه ما يختاره ويتيسر له .
ولكتب الأمالي فوائد منها :
اعتناء الراوي بطرق الحديث وشواهده ومتابعه وعاضده ، بحيث بها يتقوى ، ويثبت لأجلها حكمه بالصحة أو غيرها، ولا يتروّى ،ويُرتّب عليها إظهار الخفي من العلل ، ويهذب اللفظ من الخطأ والزلل ، ويتضح ما لعله يكون غامضاً في بعض الروايات ، ويفصح بتعيين ما أُبهم أو أُهمل أو أدرج ، فيصير من الجليات ، وحرصه على ضبط غريب المتن والسند ، وفحصه عن المعاني التي فيها نشاط النفس بأتم مستنَد ، وبعد السماع فيها عن الخطأ والتصحيف ، الذي قلَّ أن يعرى عنه لبيب أو حصيف، وزيادة التفهم والتفهيم لكل من حضر، من أجل تكرر المراجعة في تضاعيف الإملاء والكتابة والمقابلة على الوجه المعتبر، وحوز فضيلتي التبليغ والكتابة ، والفوز بغير ذلك من الفوائد المستطابة ، كما قرَّره الرافعي وبيّنه، ونشَره وعيّنه .
وربما كان الشيخ المملي غير متمكن من تخريج أحاديثه التي يمليها ، إما لضعفه في التخريج ، وإما لاشتغاله بأعمال تُهمه ، كالافتاء أو التأليف ، فيستعين حينئذ في ذلك بمن يثق به من العلماء الحفاظ ، فيكمل له من أصوله - أي أصول الشيخ - أو مصنفاته تخريجَ الأحاديث التي يريد إملاءها قبل يوم مجلسه .
ولمجالس الإملاء آداب أهمها :
1- أن يختار الشيخ المملي الأحاديث المناسبة لمجالس الإملاء ، لأنَّ فيها من لا يفقه كثيراً من العلم .
2- أن يحدثهم بأحاديث الزهد والرقاق ومكارم الأخلاق ونحوها .
3- أن يجتنب من الأحاديث ما لا تحتمله عقولهم وما لا يفهمونه وأحاديث الرخص والإسرائيليات وما شجر بين الصحابة من الخلاف ، لئلا يكون ذلك فتنة للناس ؛ وأن يجتنب الرواية عن كذاب أو فاسق أو مبتدع .
4- أن يختار من الأحاديث ما علا سنده وقصر متنه، ويتحرى المستفاد منه .
5- أن ينبه على صحة الحديث أو حسنه أو ضعفه أو علته إن كان معلولاً ، وعلى ما فيه من علو وجلالة في الإسناد وفائدة في المتن أو السند كتقديم تاريخ سماعه وانفراده عن شيخه وكونه لا يوجد إلا عنده .
6- أن يبين ضبط ما يُشكِل من الأسماء الواردة في السند أو المتن ، وكذلك الألفاظ الغربية ، يضبطها ويبين معناها ، وأيضاً المعاني الغريبة والمستشكَلة الواردة في المتن يشرحها ويحل إشكالها .
قالوا : ويستحب له أن يجمع في إملائه الرواية عن جماعة من شيوخه - ولا يقتصر على شيخ واحد - مقدِّماً أرجحهم بعلو سنده أو غيره ، ولا يروي إلا عن المقبولين من شيوخه .
7- وكان من عادة كثير منهم أن يختم مجلس الإملاء بشيء من طُرَف الأشعار وحكايات ونوادر وإنشادات بأسانيدها ، وأولاها عند أكثرهم ما كان في أبواب الزهد والآداب ومكارم الأخلاق
وكتب الأمالي كثيرة منها:
الأمالي لأبي القاسم بن عساكر ، ولأبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده ، ولأبي طاهر المخلص ، ولأبي محمد الحسن بن محمد الخلال وهي عشرة مجالس ، ولأبي عبد الله الحاكم ) ،ولأبي عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي بفتح الميم ،وابن الصلاح ،وعبد الرحيم بن الحسين العراقي .، وابن حجر العسقلاني حيث أملى أكثر من ألف مجلس
و قال السخاوي : أمليت بمكة وبعدة أماكن من القاهرة وبلغ عدة ما أمليته من المجالس إلى الآن نحو الستمائة والأعمال بالنيات,و أملى السيوطي ثمانين مجلسا ثم خمسين أخرى ، وللحافظ ابن حجر أمالى الأذكار يذكر فيها طرق الحديث كلها بأسانيده .
====
(الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) (2/111) ،(فتح المغيث) (3/249-250) ،ومقدمة تحقيق الأمالي لأبي عبدالله محمد بن العباس اليزيدي ، و(كشف الطنون) (1/161) ،و(الرسالة المستطرفة) (ص119).
عبدالله السني
2008-10-26, 01:55 PM
المستدركات
هي نوع من التصنيف عن المحدثين، وعرف العلماء المستدرك بأنه الكتاب الذي يخرج فيه صاحبه أحاديث على شرط صاحب كتاب معين مما فاته تخريجه.
ومن شرطه: أن يكون رجال الإسناد ممن أخرج لهم صاحب الكتاب الأصلي، يقول أبو عبد الله الحاكم في مقدمة كتابه (المستدرك):
«وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع كتاباً يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيدها يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بان الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له، فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسها».
ومن أشهر الكتب في هذا (المستدرك) للحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه النيسابوري (ت 405 هـ).
والحاكم من المتساهلين في التصحيح فإنه قد صَحَّح في كتابه كثيراً من الأحاديث الضعيفة، بل والمنكرة والموضوعة كما بين ذلك الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك المطبوع على هامش كتاب المستدرك .
قال الذهبي عند رواية الحاكم لحديث الطير (3/130-131) : (ولقد كنت زماناً طويلاً أظن أن حديث الطير لم يجسر الحاكم أن يودعه في "مستدركه" ، فلما علقت هذا الكتاب رأيت الهوْل من الموضوعات التي فيه !! فإذا حديث الطير بالنسبة إليها سماء !!) .
وقد صرح الذهبي بأن المستدرك لا يزال به حاجة إلى العمل والتحرير إذ قال في السير (17 / 175 -176) : (في المستدرك شيء كثير على شرطهما وشيء كثير على شرط أحدهما ، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب ، بل أقل ، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما ، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة ؛ وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد ، وذلك نحو ربعه ، وباقي الكتاب مناكير وعجائب ، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها كنت أفردت منها جزءاً ، وحديث الطير بالنسبة إليها سماء . وبكل حال فهو كتاب مفيد ، قد اختصرته ، ويُعْوِز عملاً وتحريراً) .
كما انتُقِد الحاكم بأنه كان يروي أحياناً بإسناد ملفق من رجال الصحيحين مثل : سماك ابن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فسماك على شرط مسلم، وعكرمة انفرد به البخاري، فالحق أن هذا الإسناد ليس على شرط واحد منهما إلا أن الحاكم يحكم عليه بأنه على شرط الشيخين.
قال الحافظ ابن حجر: «كما أنه وقع في تناقض فذكر رجلاً في كتاب الضعفاء له، وقطع بترك الرواية عنهم، ومنع الاحتجاج بهم، ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها» .
ولعل السبب في ذلك أنه بدأ تصنيف هذا الكتاب في آخر عمره كما هو الظاهر من المجلد الثالث (ص 156).
يقول الراوي: حدثنا الحاكم الفاضل أبو عبد الله محمد بن عبد الله إملاءً غُرة ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة، ثم توفي رحمه الله تعالى بعد سنتين فلم يتمكن من مراجعة الكتاب، وقد أكَّد الحافظ أنه ألفه في آخر عمره.
ومن المستدركات : ما ألفه الحافظ الدارقطني (ت 385هـ) باسم (الإلزامات ) فجمع فيه ما وجده على شرط الصحيحين من الأحاديث من غير المذكور في كتابيهما، وألزمهما ذكره ، وقد اعتنى به الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله.
ومنها : كتاب ( المستدرك ) على الصحيحين للحافظ أبي ذر عبد -بغير إضافة-ابن أحمد بن محمد بن عبد الله عفير الأنصاري الهروي (ت 434هـ ) ، وذكر الكتاني أنه كالمستخرج على كتاب الدارقطني في مجلد لطيف .
وكتاب ( الأحاديث الجياد المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما ) ، لضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت 643هـ ) ، وهو مرتب على المسانيد على حروف المعجم وليس على الأبواب ،ولم يكمل ، وقد التزم فيه الصحة وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها ،وقد سلم له فيه إلا أحاديث يسيره جدا كما قال الكتاني ، وذكر ابن تيمية و الزركشي وغيرهما : أن تصحيحه أعلا مزية من تصحيح الحاكم في المستدرك.
====
انظر : النكت على مقدمة ابن الصلاح (ج 1 / ص 197) ،وتدْريب الرَّاوِي في شرْح تَقْريب النَّواوي (ج 1 / ص 56) ،والباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث :النوع الاول ،والرسالة المستطرفة (ص 31فما بعدها)، ومؤلف الدكتور عبد الله مراد السلفي حول المستدرك.
عبدالله السني
2008-10-26, 02:15 PM
سلك الجادة
سلك الجادة: يستعمل المحدثون هذه الكلمة في الحديث الذي يروى بمتن أو سند معروف ويكون في الحقيقة هذا المتن أو السند ليس صواباً وإنما جاء من أحد الرواة جريا على العادة في مثله .
ويستخدم أئمتنا رحمهم الله في ذلك عبارات منها :
سلك الجادة ـ لزم الطريق ، لزم المجرة ونحو ذلك ،والمقصود أن الراوي سار على ما هو أغلب وأشهر خلافاً للصواب في الحديث المقصود على سبيل الوهم .
ولما ذكر الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 278)عشرة من أجناس العلة مثالا لأحاديث كثيرة معلولة كما قال ليهتدي إليها المتبحر في هذا العلم ، ذكر أمثلتها من غير تحرير لبيانها، أوضح السيوطي في تدريب الراوي هذه الأجناس ملخصة فقال في النوع التاسع :
أن تكون طريقه معروفة ، يروي أحد رجالها حديثاً من غير تلك الطريق فيقع من رواه من تلك الطريق بناء على الجادة في الوهم ؛ كحديث المنذر بن عبد الله الحزامي عن عبد العزيز بن الماجشون عن عبد الله دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال : سبحانك اللهم ...الحديث .
قال : أخذ فيه المنذر طريق الجادة ، وإنما هو من حديث عبد العزيز ثنا عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي .
قال يونس بن عبد الأعلى : قال لي الشافعي رحمه الله في هذا الحديث : اتبع سفيان بن عيينة في قوله "الزهري عن عروة عن عبد الرحمن" المجرة ، يريد لزوم الطريق .
وسلوك الجادة تعبير يستخدمه أئمة العلل في بيان وهم الرواة إذا وقع
الاختلاف في الروايات فيجعلون في الغالب قول الذي يسلك غيره الجادة - إذا كان ضابطاً- صواباً لأن عدوله دال على مزيد حفظ وضبط .
قال العلامة المعلمي -رحمه الله -في كتابه البديع "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" (2/67) . : (وهكذا الخطأ في الأسانيد ، أغلب ما يقع بسلوك الجادة ، فهشام بن عروة غالب روايته عن أبيه عن عائشة ، وقد يروي عن وهب بن كيسان عن عبيد بن عمير ، فقد يسمع رجل من هشام خبراً بالسند الثاني ثم يمضي زمان على السامع فيشتبه عليه فيتوهم أنه سمع ذاك الخبر من هشام بالسند الأول على ما هو الغالب المألوف ، ولذلك تجد أئمة الحديث إذا وجدوا راويين اختلفا بأن رويا عن هشام خبراً واحداً ، جعله أحدهما عن هشام عن وهب عن عبيد ، وجعله الآخر عن هشام عن أبيه عن عائشة ، فالغالب أن يقدموا الأول ويخطئوا الثاني ، هذا مثال ومن راجع كتب علل الحديث وجد من هذا ما لا يحصى).
عبدالله السني
2008-10-26, 02:23 PM
سرقة الحديث
صورتها : أن يَكُون الحديث مشْهورا براو, فيجعل مكانه آخر في طبقته كأن يأتي حديث مشهور عن سالم, فيجعلَه السارق عن نافع ليرغب فيه لغرابته, أو عن مالك, فيجعلَ عن عُبيد الله بن عمر.
ومن صورها سرقه السماع بأن يدعي سماع حديث من رجل مما لم يسمعه ،وكذا ادعاء ما لم يسمع من الكتب والأجزاء .
ومن صورها : من يجد كتاباً يباع في السوق، فقبل أن يسمع من الشيخ المصنف يبدأ يحدث بهذا الكتاب؛ فيقال: إنه سرق هذا الحديث من هذا الكتاب.
وتعد هذه السرقة من الكذب المجرد ، وليست من الكذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ،بل هي من الكذب على الشيوخ ، كما حرره الذهبي في الموقظة.
لذا فإن سارق الحديث يوصف بأنه كذاب ، ولكن لا يطلق عليه اسم الوضع ؛ وإنما يوصف به مقيَّداً فيقال : يضع المتابعات أو يضع الطرق أو يضع الأسانيد ؛ لأن إطلاق الوضع إنما ينصرف إلى وضع المتون وتركيب الأسانيد لها ، قال الذهبي في (السير) (11/405) في ترجمة محمد بن حميد الرازي : (قال أبو أحمد العسال : سمعت فضلك يقول : دخلت على ابن حميد وهو يركّب الأسانيد على المتون ، قلت : آفته هذا الفعل وإلا فما أعتقد فيه أنه يضع متناً .
وأما من سرق فأتى بإسناد ضعيف المتن لم يثبت سنده ، فهذا أخف جرماً ممن سرق حديثاً لم يصح متنه ، وركب له إسناداً صحيحاً ، فإن هذا نوع من الوضع والافتراء . فإن كان ذلك في متون الحلال والحرام ،فهو أعظم إثماً وقد تبوأ بيتاً في جهنم والعياذ بالله.
ومما ينبغي أن يلاحظ في سرقة الحديث ما ذكره شيخنا العلامة الألباني أن سرقة الحديث من عمل بعض الكذابين وبطريق السرقة هذه ييدو للناظر تعدد الطرق ، ولكنها في الحقيقة ترجع كلها إلى طريق واحد ، آفته ذلك الكذاب الأول ؛ فتنبه لهذا ؛ فإنه أمر دقيق .
وسرقة الحديث من أشد درجات الضعف إذ تجتنب الروايه عنه و يلحق بالساقط والهالك وذاهب الحديث.
كما أن وضع إسناد بالكامل لبعض المرويات ، أي اختلاق شواهد لها ، يسمَّى وضع الاسناد، أو تركيب الاسناد ، أو سرقة المتون ، كما يطلق عليه اسم السرقة بلا تقييد.
====
انظر: فتح المغيث (ج 1 / ص 370) ، وتَدْريب الرَّاوِي (ج 1 / ص 226) ، والموقظة في علم مصطلح الحديث ص 12 ضمن مبحث المقلوب ، وما نقله الحلبي في نكته على نزهة النظر عن العلامة الألباني (ص 53-54) .
عبدالله السني
2008-10-29, 08:05 AM
مصطلح الحديث
مصطلح الحديث: علم يطلق عليه أيضاً(علم أصول التحديث) أو (علم الرواية)أو (علوم الحديث).
وبيان قواعد ومصطلحات هذا العلم نجدها في كتب ألفت في مسميات مختلفة ك مصطلح الحديث أو علوم الحديث وكذا في الكتب المفردة في بعض أنواعه كالعلل وغيرها و الكتب التي تعنى بدراساتُ مناهج المحدثين ، وكتب الجرح والتعديل ، ومقدمات بعض المؤلفين وكتب مجالس الختم.
وتاريخ التصنيف في هذا العلم كما حرره الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله -في مقدمة نخبة الفكر بقوله:
أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه (( المحدث الفاصل ، لكنه لم يستوعب .
والحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، لكنه لم يهذب ولم يرتب .
وتلاه أبو نعيم الأصبهاني ، فعمل على كتابه (( مستخرجا )) ، وأبقى أشياء للمتعقب .
ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي ، فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه (( الكفاية )) ، وفي آدابها كتابا سماه (( الجامع لآداب الشيخ والسامع )) .
وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا ، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة : كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه .
ثم جاء بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب فأخذ من هذا العلم بنصيب :
فجمع القاضي عياض كتابا لطيفا سماه ((الإلماع في كتاب الإسماع )) .
وأبو حفص الميانجي جزءاً سماه (( ما لا يسع المحدث جهله )) .
وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت وبسطت ليتوفر علمها ، واختصرت ليتيسر فهمها .
إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح عبد الرحمن الشهرزوري - نزيل دمشق - ، فجمع - لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية - كتابه المشهور ، فهذب فنونه ، وأملاه شيئا بعد شيء ، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب ، واعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة ، فجمع شتات مقاصدها ، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها ، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره ، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره ، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ، ومستدرك عليه ومقتصر ، ومعارض له ومنتصر.
ثم قال ابن حجر : فسألني بعض الإخوان أن ألخص له المهم من ذلك فلخصته في أوراق لطيفة سميتها (( نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر )) على ترتيب ابتكرته ، وسبيل انتهجته ، مع ما ضممته إليه من شوارد الفرائد وزوائد الفوائد .
ثم شرحها ابن حجر باسم : "نزهة النظر شرح نخبة الفكر"
أقول :
وهناك مؤلفات أخرى في مصطلح الحديث وعلومها من أبرزها فيما يبدو لي :
فتح المغيث للسخاوي ،والبحر الذي زخر شرح ألفية أهل الأثر للسيوطي ،وتدريب الراوي له ، والنكت على ابن الصلاح ،وتزهة النظر لابن حجر العسقلاني ،وتوضيح الأفكار للصنعاني ،وتوجيه النظر لطاهر الجزائري ،وقواعد التحديث للقاسمي ،ومباجث في علوم الحديث للدكتور صبحي الصالح ،وتعليقات شيخنا الألباني على الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للشيخ أحمد شاكر،والحديث والمحدثون لمحمد أبي زهو، وغيرها كثير،والله أعلم.
وأما أنواع علوم الحديث ومصطلحه فقد ذكر الحافظ أبو عمرو الشهير بابن الصلاح أنه قد اعتنى بالكلام فيه جماعة من الحفاظ قديماً وحديثاً، كالحاكم والخطيب، ومن قبلهما من الأئمة، ومن بعدهما من حفاظ الأمة.، وأن ابن الصلاح ذكر من أنواع الحديث خمسة وستين تبعاً في ذلك للحاكم أبي عبد الله النيسابوري ، وهي على النحو التالي كما هي عند ابن الصلاح وبترتيبه :
صحيح، حسن، ضعيف، مسند، متصل، مرفوع، موقوف، مقطوع، مرسل، منقطع، معضل، مدلَّس، شاذ، منكر، ماله شاهد، زيادة الثقة، الأفراد، المعلَّل، المضطرب، المدْرَج، الموضوع، المقلوب، معرفة من تقبل روايته، معرفة كيفية سماع الحديث وإسماعه، وأنواع التحمل من إجازة وغيرها، معرفة كتابة الحديث وضبطه، كيفية رواية الحديث وشرط أدائه، آداب المحدث، آداب الطالب، معرفة العالي والنازل، المشهور، الغريب، العزيز، غريب الحديث ولغته، المسلسل، ناسخ الحديث ومنسوخه، المصحَّف إسناداً ومتناً، مختلف الحديث، المزيد في الأسانيد، المرسل، معرفة الصحابة، معرفة التابعين، معرفة أكابر الرواة عن الأصاغر، المدبج ، ورواية الأقران، معرفة الإخوة والأخوات، رواية الآباء عن الأبناء، عكسه، من روي عنه اثنان متقدم ومتأخر،من لم يرو عنه إلا واحد، من له أسماء ونعوت متعددة، المفردات من الأسماء، معرفة الأسماء والكنى، من عرف باسمه دون كنيته، معرفة الألقاب، المؤتلف والمختلف، المتفق والمفترق، نوع مركب من اللذين قبله. نوع آخر من ذلك، من نسب إلى غير أبيه، الأنساب التي يختلف ظاهرها وباطنها، معرفة المبهمات، تواريخ الوفيات، معرفة الثقات والضعفاء، من خلط في آخر عمره، الطبقات، معرفة الموالي من العلماء والرواة، معرفة بلدانهم وأوطانهم.
ثم قال ابن الصلاح :
" وليس بآخر الممكن في ذلك، فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى، إذ لا تنحصر أحوال الرواة وصفاتهم، وأحوال متون الحديث وصفاتها".
وتعقب الحافظ ابن كثير - رحمه الله -في اختصار علوم الحديث ابن الصلاح رحمه الله بقوله:
"وفي هذا كله نظر، بل في بسطه هذه الأنواع إلى هذا العدد نظر. إذ يمكن إدماج بعضها في بعض، وكان أليق مما ذكره.
ثم إنه فرق بين متماثلات منها بعضها عن بعض، وكان اللائق ذكر كل نوع إلى جانب ما يناسبه.ونحن نرتب ما نذكره على ما هو الأنسب، وربما أدمجنا بعضها في بعض، طلباً للاختصار والمناسبة. وننبه على مناقشات لا بد منها، إن شاء الله تعالى"انتهى.
ويقول أبو صهيب القريوتي : وستجد إن شاء الله في ثنايا تحريراتنا هذه الكلام على أبرز أفراد هذا العلم وأنواعه ،سائلاً الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى التوفيق والسداد.
عبدالله السني
2008-10-29, 08:11 AM
العُلُو
قلة الوسائط بين الراوي وبين النبي صلى الله عليه وسلم ،أو القرب إلى إمام معين ، وهو ضد النزول.
والعلو أنواع :
1- القرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- العُلُو النِّسبي وهو القرب إلى إمام حافظ، أو مصنف، أو بتقدم السماع.
وأشرف أنواعه ما كان قريباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأما العلو بقربه إلى إمام حافظ، أو مصنف، أو بتقدم لسماع ،فتلك أمور نسبية.
وقيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: بيت خالي، وإسناد عالي.
ومن مزايا العلو في الإسناد شرف القرب من الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما أن علو الإسناد أبعد من الخطأ والعلة من نزوله طالما كان الإسناد صحيحاً ، ومع ذلك فقد قال بعض المتكلمين: كلما طال الإسناد كان النظر في التراجم والجرح والتعديل أكثر فيكون الأجر على قدر المشقة.
وللحرص على علو الإسناد تداعت رغبات كثير من الأئمة النقاد، والجهابذة الحفاظ،إلى الرحلة إلى أقطاب البلاد، طلباً لذلك ،والسماع من الشيوخ والتلقي عنهم من الصغر.
كما أن العلو ليس مقدماً على الإسناد النازل دائماً ولذا قيل إن العالي من الإسناد ما صح سنده، وإن كثرت رجاله ، كما قال ابن المبارك :((ليس جودة الحديث قرب الإسناد بل جودته صحة الرجال)).
ولذا كان الأئمة يحرصون على علو الصفة أكثر من حرصهم على علو القرب ، ويحرصون على سماع الرواية التي هي أعلى في صحتها وفي نظافة إسنادها أكثر من حرص بعض المتأخرين على سماع الرواية التي هي أعلى بأقلية عدد رواتها .
والإسناد النازل مفضول ،إلا إن تميز بفائدة كزيادة الثقة في رجاله على العالي أو كونهم أحفظ أو أفقه ونحو ذلك ،كما قال وكيع لأصحابه: أيما أحب إليكم: الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود.
أو سفيان عن منصور إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود؟
فقالوا: الأول. فقال: الأعمش عن أبي وائل: شيخ عن شيخ.
وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود: فقيه عن فقيه.
وحديث يتداوله الفقهاء أحب إلينا مما يتداوله الشيوخ.
وهناك مباحث متعلقة بالعلو في الإسانيد كالموافقة والمصافحة والبدل تجدها في مواطنها إن شاء الله.
ينظر : الباعث الحثيث ، وتَدْريب الرَّاوِي النوع التاسع والعشرون معرفة العالي والنازل، وقواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث (ص93) .
عبدالله السني
2008-11-03, 10:33 AM
المصافحة
المصافحة وهي من مباحث العلو .
وتعريفها: استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد تلميذ أحد المصنفين .
ومثالها : كأن يروي مصنف حديثاً بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفساً ، فيقع لنا ذلك الحديث بعينه بإسناد آخر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقع بيننا فيه وبين النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر نفساً .
ففي هذه الصورة بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم كما بين تلميذ المصنف والنبي في هذا السند.
وسميت مصافحة لأن العادة جرت في الغالب بالمصافحة بين من تلاقيا ، وكأن الروي في هذه الصورة لقي المصنف فكأنه صافحه .
انظر تدْريب الرَّاوِي (ج 2 / ص 66) ،و قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث - (ج 1 / ص 93) ،ومبحثي العلو والمساواة.
عبدالرحمن
2008-11-04, 02:06 PM
جزاك الله خير ونفع بك.
عبدالله السني
2008-11-13, 10:44 AM
جزاك الله خير ونفع بك.
وجزاك الله خيراً أخي الكريم عبدالرحمن , وشكر الله مشاركتك وأعاننا وإياكم على طاعته.
عبدالله السني
2008-11-13, 11:00 AM
البدل
وهو: من المباحث المتعلقة بالعلو ، ويكون في العلو النسبي ، وهو الوصول
ومثاله في رواية البخاري عن قُتَيْبَة بْن سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ النَّجْشِ .
فإذا روى أحد الرواة هذا الحديث بإسناد التقى فيه مع شيخ شيخ البخاري سمي هذا بدلاً.
وانظر مبحثي :العلو والموافقة.
عبدالله السني
2008-11-13, 11:01 AM
الموافقة :
وهي: من المباحث المتعلقة بالعلو ، وتكون في العلو النسبي ، وهي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقة مع قلة الوسائط .
ومثالها :أن يروي البخاري عن قُتَيْبَة بْن سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ النَّجْشِ .
فإذا روى أحد الرواة هذا الحديث بإسناد التقى فيه مع البخاري كان العدد إلى قتيبة ثمانية ،وإذا روى من غير طريقة كان العدد إليه سبعة.
فالراوي في الحالة الثانية قد وافق البخاري في شيخه مع علو الإسناد على الإسناد إليه .
وانظر مباحث : العلو والبدل والمساواة والمصافحة ، وقد سماها ابن دقيق العيد في (الاقتراح) (علوَّ التنزيل) .
عبدالله السني
2008-11-13, 11:04 AM
المقابلة:
وهي: تصحيح الكتاب على أصله أو على فرع مقابل على ذلك الأصل ، وهي متعلقة بكتابة الحديث وضبطه.
والغرض من المقابلة خشية سقوط شيء منه أو وقوع خطأ في النقل.
وهي واجبة كما قال القاضي عياض رحمه الله ، ويقول ابن الصلاح :(على الطالب مقابلة كتابه بأصل سماعه، وكتاب شيخه الذي يرويه عنه ، وإن كان إجازة .
روينا عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أنه قال لابنه هشام: كتبت؟ قال: نعم، قال: عرضت كتابك؟ قال: لا، قال: لم تكتب.
وروينا عن الشافعي الإمام وعن يحيى بن أبي كثير قالا: من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج.
وعن الأخفش قال: إذا نُسخ الكتاب ولم يعارَض، ثم نُسخ ولم يعارَض، خرج أعجمياً.
وقال القاضي عياض: «مقابلة النسخة بأصل السماع ومعارضتها به مُتَعَيِّنة لا بد منها، ولا يحل للمسلم التقي الرواية ما لم يقابل بأصل شيخه، أو نسخةٍ تحقِّق ووُثِق بمقابلتها بالأصل».
وأفضل المعارضة أن يعارض الطالب كتابه بنفسه مع شيخه بكتابه في حال تحديثه به فإنه يحصل في ذلك غالبا من وجوه الاحتياط من الجانبين ما لا يحصل في غيره
هذا إذا كان كل منهما أهلا لهذا الأمر وذا عناية به فإن لم تجتمع هذه الأوصاف نقص من مرتبته بقدر ما فاته منها .
وقيد ابن دقيق العيد الأفضلية بتمكن الطالب مع ذلك من التثبت في القراءة والسماع وإلا فتقديم المقابلة حينئذ أولى بل قال إنه يقول إنه أولى مطلقا لأنه إذا قوبل أولا كان في حال السماع أيسر وأيضا فإنه إذا وقع إشكال كشف عنه وضبط فقرئ على الصحة فكم من جزء قرئ بغتة فوقع فيه أغاليط وتصحيفات لم يتبين صوابها إلا بعد الفراغ فأصلحت
وربما كان ذلك على خلاف ما وقعت القراءة عليه فكان كذبا إن قال قرأت لأنه لم يقرأ على ذلك الوجه
وقال الحافظ أبو الفضل الجارودي أصدق المعارضة مع نفسك.
وقال بعضهم لا تصح مقابلته مع أحد غير نفسه ،ولا يقلد غيره ولا يكون بينه وبين كتاب الشيخ واسطة ،بل يقابل نسخته بالأصل حرفاً حرفاً حتى يكون على ثقة ويقين من مطابقتها له.
لكن قال ابن الصلاح وهذا مذهب متروك وهو من مذاهب أهل التشديد المرفوضة في أعصارنا ولا يخفى أن الفكر يتشعب بالنظر في النسختين بخلاف الأول.
وقال ابن دقيق العيد هذا يختلف باختلاف الناس فمن عادته عدم السهو عند النظر فيهما فهذا مقابلته بنفسه أولى ومن عادته السهو فهذا مقابلته مع غيره أولى .
ويقول الشيخ أحمد شاكر : أرى أن هذا يختلف باختلاف الظروف والأشخاص ، وكثير من الناس يتقنون المقابلة وحدهم ، ويطمئنون إليها أكثر من المقابلة مع غيرهم .
كما ذكر العلماء أنه يستحب أن ينظر معه في نسخته من حضر من السامعين ممن ليس معه نسخة لا سيما إن أراد النقل منها ، وقد روي عن يحيى بن معين أنه سئل عمن لم ينظر في الكتاب والمحدث يقرأ هل يجوز أن يحدث بذلك عنه فقال أما عندي فلا يجوز ولكن عامة الشيوخ هكذا سماعهم .
وهذا من مذاهب أهل التشديد في الرواية ،والصحيح أن ذلك لا يشترط ،وأنه يصح السماع وإن لم ينظر أصلا في الكتاب حالة القراءة ،وأنه لا يشترط أن يقابله بنفسه بل يكفيه مقابلة نسخته بأصل الراوي ،وإن لم يكن ذلك حالة القراءة وإن كانت المقابلة على يدي غيره إذا كان ثقة موثوقا بضبطه.
وأما من لم يعارض كتابه بالأصل ونحوه أصلاً فقد اختلف في جواز روايته منه ، فمنع من ذلك بعضهم ،ونحا قريا من منحاه من قال لا يجوز للراوي أن يروي عن شيخه شيئاً سمعه عليه من كتاب لا يعلم هل هو كل الذي سمعه أو بعضه، وهل هو على وجهه أم لا ، وأجاز ذلك جماعة منهم أبو بكر الخطيب البغدادي ، غير أن الخطيب ذكر أنه يشترط أن تكون نسخته نقلت من الأصل ،وأن يبين عند الرواية أنه لم يعارض ،وحكى عن شيخه أبي بكر البرقاني أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي هل للرجل أن يحدث بما كتب عن الشيخ ولم يعارض بأصله ؟ فقال نعم ولكن لا بد أن يبن أنه لم يعارض ، قال وهذا هو مذهب أبي بكر البرقاني فإنه روى لنا أحاديث كثيرة قال فيها أخبرنا فلان ولم أعارض بالأصل.
قال ابن الصلاح :ولا بد من شرط ثالث وهو أن يكون ناقل النسخة من الأصل غير سقيم النقل بل صحيح النقل قليل السقط.
ومن مسائلها حكم الرواية من نسخة لم تقابل فتساهل آخرون في الرواية من نسخ لم تقابل، بمجرد قول الطالب: " هذا من روايتك " ، من غير تثبت ولا نظر في النسخة، ولا تفقد طبقة سماعه ، وقد عدهم الحاكم في طبقات المجروحين.
====
انظر: الإلماع (ص 158- 159)، علوم الحديث لابن الصلاح(ص105)، تدريب الراوي ضمن مبحث كتابة الحديث النوع الخامس والعشرون، الباعث الحثيث (ص136-137) ،توجيه النظر(ج2 ص773) ، شرح نخبة الفكر للقاري (ص 805)، الاقتراح (ص44).
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.