تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رحماء بينهم



أبو البراء محمد علاوة
2017-09-24, 09:42 PM
رحماء بينهم








د.ناصر بن يحيى الحنيني




الحمدلله الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله أقام على الأمة الحجة وأوضح لها الدليل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وليس له من خلقه نظير ولا مثيل ،والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله خير خلق الله والهادي إلى أفضل سبيل، وعلى آله وأصحابه الذين مدحهم الرب جل وعلا في محكم التنزيل { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الحساب على كل صغير وجليل أما بعد :
أيها المسلمون : إن من دعائم هذا الدين العظيم ، وأسُسِه المتينه ، ومبانيه القويمه ، ما شرعه الله عزوجل من وجوبِ التراحم والتلاحم ، ونبذِ الفرقة والتشاحن ، فالمؤمنون أخبر الله عنهم بقوله { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } ، والله عزوجل لما مدح خير الخلق بعد الأنبياء وهم الصحابة الكرام ، البررة الأطهار ،كان أخصَّ صفة اتصفوا بها ، والوسام الذي شَرُفوا به ، والعنوان الذي عُرفوا به هو التراحم بينهم فقال عز من قائل حكيم { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً } وتأمل كيف قدم تراحمَهم على عبادتهم وتهجدِهم وابتغاءِهم الفضل من الله ، بل إن الله جل وعلا في غير ما آية بين أن أساس علاقة المسلم بأخية المسلم لها من القدسية والمكانة ماليس في أي علاقة مع أحد من البشر فقد قال جل وعلا في محكم التنزيل :{ فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه } ماهي أعلا وأسمى صفاتهم { أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم } ،يقول ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية : "هذه صفات المؤمنين الكُمَّل ، أن يكون أحدهم متواضعاً لأخيه ووليه ، متعزِّزاً على خصمه وعدوه ، كما قال تعالى { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } ، وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه (الضَّحُوك القَتَّال ) فهو ضحوك لأوليائه قتَّال لأعدائه "أ.هـ ، والله سبحانه أكد وبين أن أساس العلاقة بين المسلم والمسلم والمؤمن والمؤمن هي الأخوة الإيمانية فقال جل وعلا :{ إنما المؤمنون إخوة } ، وأعظم نعمة امتن الله بها على أفضل مجتمع وهو مجتمع الصحابة رضي الله عنهم نعمة الأخوة الإيمانية { فأصبحتم بنعمته إخوان} ، ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه ).

أيها المسلمون: لهذا كله فإن شريعة الإسلام حرمت وجرمت كل عمل يضاد هذه الأخوة وهذه الرحمة بين المؤمنين ،كل عمل يفت في عضد هذه الأمة المباركة المنصورة ، وقد أعلن هذا المنهج المصطفى صلى الله عليه وسلم في يوم الحج الأكبر في آخر حياته فقال (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) فهو حرام بنص كتاب الله وسنة المصطفى نصاً صريحاً لا يقبل التحريف ولا التأويل ولا التلبيس وبإجماع الأمة بل وأصحاب الملل والأديان كلها ، ومن اعتقد حل دماء المسلمين فقد استحل أمراً معلوماً من الدين بالضرورة وهذا يعتبر مكذباً بالكتاب وبما تواتر في السنة بلا ارتياب.

أيها المسلمون : إن شعار أهل السنة الذي تميزوا به عن أهل البدع بل شعار أهل الإسلام الذي تميزوا به عن أهل الأديان الأخرى أنهم يحرصون على الألفة والاجتماع ويكرهون ويحرمون الفرقة والتنازع ، لما فيها من أضرار وعواقب وخيمة على الأفراد والمجتمعات؛ بل إن الاجتماع والألفة عند أهل السنة من أصول الإسلام الكبرى التي لا تقل أهمية إن أصول الدين الأخرى وهي مرتبطة بالاعتقاد وليست من فروع الدين كما يظن من قل نصيبه في العلم ،ولعلي أسوق لك كلاماً نفيساً يكتب بماء الذهب لشيخ الإسلام ابن تيمية وأرجوا منك أخي أن ترعني سمعك وتفتح قلبك لكلام هذا الإمام الذي أجمعت الأمة على إمامته وجلالته يقول رحمه الله [مجموع الفتاوى22/356-376، مجموعة الرسائل المنيرية 3/115-127]،:"وهذا الأصل العظيم وهو الاعتصام بحبل الله جميعاً، وأن لا يُتَفرق هو من أعظم أصول الإسلام ، ومما عظُمت وصية الله تعالى به في كتابه ، ومما عظُم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم ، ومما عظُمت به وصية النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن عامة وخاصة مثل قوله : (عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ) ، وقوله : (فإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد ) ، وقوله : (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه ، فإن من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ) وقوله : (ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال : إصلاحُ ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين ) ....(إلى أن قال): .. وباب الفساد الذي وقع في هذه الأمة ، بل وفي غيرها ، هو : التفرق والاختلاف ، فإنه وقع بين أمرائها وعلمائها من ملوكها ومشايخها وغيرهم من ذلك ما الله به عليم ، وإن كان بعض ذلك مغفوراً لصاحبه لاجتهاده الذي يُغفر فيه خطؤه ، أو لحسناته الماحية أو لتوبته أو لغير ذلك ، لكن يُعلم أن رعايته من أعظم أصول الإسلام "أ.هـ ، فيا شباب الأمة إذا أردنا اقتفاء الكتاب والسنة فلنراع هذا الأصل في كل ما يجد علينا وما ينزل بنا من نوازل وحوادث في المستقبل نسأل الله أن يلطف بهذه الأمة .<span style="font-family:traditional arabic;"><span style="color: rgb(0, 0, 255);">
https://saaid.net/ahdath/13.htm

أبو البراء محمد علاوة
2017-09-24, 09:49 PM
واعلم أن الخدمة والتواضع وسيلتان من وسائل تزكية النفس وهما علامتان على أن النفس مزكاة، لذلك نَدَبنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إليهما: «ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (متفق عليه).
وهناك نوعان: خدمة خاصة وخدمة عامة، وكلاهما له أثره في تزكية النفس: فالخدمة العامة تقتضي صبراً وسعة صدرٍ واستعداداً للتلبية في كل حين، والخدمة الخاصة تقتضي تواضعاً وذلة للمؤمنين وعلى المؤمنين، ولذلك كانت الخدمة من أعظم وسائل التزكية لمن أداها بإخلاص وصبر عليها، وإذا كانت الخدمة مبناها على التواضع، والتواضع نفسه من وسائل تزكية النفس لما فيه من إبعادها عن الكبر والعُجْب فقد اخترنا أن ننقل بعض كلام الغزالي فيه، قال رحمه الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (رواه مسلم).
وقال الفضيل: وقد سئل عن التواضع ما هو؟ فقال: "أن تخضع للحق وتنقاد له ولو سمعته من صبي قبلته، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته".
وقيل لعبد الملك بن مروان: أي الرجال أفضل؟ قال: "من تواضع عن قدرة، وزهد عن رغبة وترك النصرة عن قوة".
وقال زياد النمري: "الزاهد بغير تواضع كالشجرة التي لا تثمر".
وقال مالك بن دينار: "لو أن منادياً ينادي بباب المسجد ليخرج شركم رجلاً والله ما كان أحدٌ يسبقني إلى الباب إلا رجلاً بفضل قوة أو سعي قال، فلما بلغ ابن المبارك قوله قال: "بهذا صار مالك مالكاً". وقال الفضيل:" من أحب الرياسة لم يفلح .
وقال أبو يزيد: "ما دام العبد يظن أن في الخلق من هو شر منه فهو متكبر"، فقيل له: فمتى يكون متواضعاً؟ قال: "إذا لم ير لنفسه مقاماً ولا حالاً". عن قتادة في قوله تعالى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: 18] قال: "هو الإعراض، أن يكلّمك الرّجل وأنت معرض عنه".
وختاماً: أوصيكم ونفسي بتقوى الله و أن لا نغفل عن قلوبنا إن قست وتيبست فلنستدرك ونسعى لردها عن الظلم والكبر بين إخواننا من المسلمين وخاصة الضعفاء منهم، فلننظر لأنفسنا ماذا كنّا و من أين أتينا والى أين تحت التراب تُبلى، فعن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير رضي اللّه عنه أنّه رأى المهلّب وهو يتبختر في جبّة خزّ فقال: "يا عبد اللّه، هذه مشية يبغضها اللّه ورسوله فقال له المهلّب: أما تعرفني؟ فقال: بلي...أعرفك، أوّلك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة، فمضى المهلّب وترك مشيته تلك" (إحياء علوم الدين).
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: " وجدنا الكرم في التقوى، والغنى في اليقين، والشرف في التواضع".
نسأل الله الكريم حسن التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
محمد خيري الحلواني

رابط المادة: http://iswy.co/ev97v (http://iswy.co/ev97v)

أبو البراء محمد علاوة
2017-10-02, 12:11 AM
لأهل الإيمان مودة ورحمة قلبية، وإن لم تلتقي الأبدان

أبو البراء محمد علاوة
2017-10-03, 01:25 AM
رِفْقًا أهلَ السُّنَّة؛ بأهلِ السُّنَّة

طويلب علم مبتدىء
2017-10-27, 02:22 PM
جزاكم الله خيرا
زادكم الله علما ونفعا

أبو البراء محمد علاوة
2017-10-27, 02:30 PM
جزاكم الله خيرا
زادكم الله علما ونفعا

آمين وجزاك

أم علي طويلبة علم
2017-10-27, 03:04 PM
لأهل الإيمان مودة ورحمة قلبية، وإن لم تلتقي الأبدان


ارجو التوضيح؟!
فإن لم يلتقِ به، فهو لايعرفه.
فكيف تكون المودة والرحمة لمن لم تلتقِ به ولاتعرفه؟!

أبو البراء محمد علاوة
2017-10-27, 11:29 PM
ارجو التوضيح؟!
فإن لم يلتقِ به، فهو لايعرفه.
فكيف تكون المودة والرحمة لمن لم تلتقِ به ولاتعرفه؟!



عن طريق السماع عن فضله وتقواه، وهذا ليس بعيد سيما بعد هذا الانفتاح والتواصل عبر الشبكات العنكبوتية

أم علي طويلبة علم
2017-10-27, 11:43 PM
المراد بالمودة والرحمة أنه يدعو له ويثني عليه؟

أبو البراء محمد علاوة
2017-10-27, 11:46 PM
المراد بالمودة والرحمة أنه يدعو له ويثني عليه؟

نعم هذا من مقتضيات المودة، التي هي ثمرة الأخوة الإيمانية

أم علي طويلبة علم
2017-10-27, 11:57 PM
جزاكم الله خيرا

أبو البراء محمد علاوة
2017-10-28, 12:00 AM
جزاكم الله خيرا

وجزاكم