تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما الحكمة من الجهر بالتلاوة في بعض الصلوات دون بعض؟



أبو مالك المديني
2017-09-12, 07:47 PM
سئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز - كما في "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (11/122):
لماذا شرع الجهر بالتلاوة في صلاة المغرب والعشاء والفجر دون بقية الفرائض ، وما الدليل على ذلك ؟

فأجاب :
" الله سبحانه أعلم بحكمة شرعية الجهر في هذه المواضع ، والأقرب - والله أعلم - : أن الحكمة في ذلك : أن الناس في الليل وفي صلاة الفجر أقرب إلى الاستفادة من الجهر، وأقل شواغل من حالهم في صلاة الظهر والعصر " اهـ.

وسئل الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/112):
ما الحكمة من الجهر بالقراءة في صلاة الجمعة ؟

فأجاب :
" الحكمة في الجهر بقراءتها : أولاً : من الحِكَم - والله أعلم - : تحقيق الوحدة والاجتماع على إمام واحد ، فإن اجتماع الناس على إمام واحد منصتين له أبلغ في الاتحاد من كون كل واحد منهم يقرأ سرًّا بينه وبين نفسه ، ولتتميم هذه الحكمة وجب اجتماع الناس كلهم في مكان واحد إلا لضرورة .
والحكمة الثانية : أن تكون قراءة الإمام في الصلاة جهراً بمنزلة تكميل للخطبتين ، ومن ثَمَّ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة بما يناسب إما بـ " الجمعة والمنافقين " ؛ لما في الأولى من ذكر الجمعة والحث عليها ، وفي الثانية ذكر النفاق وذم أهله ، وإما بـ " سبِّح " و " الغاشية " ؛ لما في الأولى من ذكر ابتداء الخلق وصفة المخلوقات وذكر ابتداء الشرائع ، وأما في الثانية ذكر القيامة والجزاء .
والحكمة الثالثة : الفرق بين الظهر والجمعة .
والحكمة الرابعة : لتشبه صلاة العيد ؛ لأن الجمعة عيد الأسبوع " اهـ.

أبو مالك المديني
2017-09-12, 07:58 PM
الحكمة من الجهر في الصلوات الليلية والإسرار في الصلوات النهاريةما هـي الحكمة من الجهر في صلاة المغرب والعشاء ؟
وما الحكمـة من الجهر في ركعتين فقط من صلاة العشاء من أربع ركعات ؟.

الحمد لله
أولاً :
المسلم مطالب باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ، سواء علم الحكمة أم لم يعلمها ، قال الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/21 .
مع الجزم بأن الشريعة مبنية على الحكم العظيمة الباهرة ، لكن هذه الحكمة قد نعلمها ، وقد نجهلها ، وقد نعلم بعضها ونجهل بعضها الآخر .
ولا حرج على الإنسان في السؤال عن الحكمة والبحث عنها ؛ لما في معرفتها من زيادة العلم ، وطمأنينة القلب ، وانشراح الصدر .
ثانياً :
تلمس بعض العلماء الحكمة من الجهر بالقراءة في الصلاة الليلية ، والإسرار في الصلوات النهارية ، وحاصل ما ذكروه في ذلك :
أن الليل وقت الهدوء والخلوة وفراغ القلب ، فشرع فيه الجهر إظهاراً للذة مناجاة العبد لربه ، وحتى يتوافق على القراءة القلب واللسان والأذن .
وإلى هذا المعنى أشارت الآية الكريمة :
( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ) المزمل/6، 7 .
قال ابن كثير (4/435) :
" والغرض أن ناشئة الليل هي ساعاته وأوقاته ، وكل ساعة منه تسمى ناشئة ، والمقصود أن قيام الليل هو أشد مواطأة بين القلب واللسان وأجمع على التلاوة ولهذا قال تعالى : ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا ) أي أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار ، لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش " انتهى .
وقال القرطبي (19/40) :
" فالمعنى : أشد موافقة بين القلب والبصر والسمع واللسان ، لانقطاع الأصوات والحركات " انتهى .
وقال السعدي رحمه الله (ص 1058) :
" ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا ) أي أقرب إلى حصول مقصود القرآن ، يتواطأ عليه القلب واللسان ، وتقل الشواغل ، ويفهم ما يقول ، ويستقيم له أمره .
وهذا بخلاف النهار ، فإنه لا يحصل به هذه المقاصد ، ولهذا قال : ( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ) أي : تردداً في حوائجك ومعاشك يوجب اشتغال القلب وعدم تفرغه التفرغ التام " انتهى .
قال في "تحفة المحتاج" :
" بقي حكمة الجهر ما هي ؟ ولعلها : أنها لما كان الليل محل الخلوة ، ويطيب فيه السمر ، شرع الجهر فيه إظهارا للذة مناجاة العبد لربه ، وخص بالأوليين لنشاط المصلي فيهما ، والنهار لما كان محل الشواغل والاختلاط بالناس ، طلب فيه الإسرار ، لعدم صلاحيته للتفرغ للمناجاة ، وألحق الصبح بالصلاة الليلية لأن وقته ليس محلا للشواغل عادة كيوم الجمعة " انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (2/91) :
" وأما التفريق بين صلاة الليل وصلاة النهار في الجهر والإسرار ففي غاية المناسبة والحكمة ; فإن الليل مظنة هدوء الأصوات وسكون الحركات وفراغ القلوب واجتماع الهمم المشتتة بالنهار , فالنهار محل السبح الطويل بالقلب والبدن , والليل محل مواطأة القلب للسان ، ومواطأة اللسان للأذن ; ولهذا كانت السنة تطويل قراءة الفجر على سائر الصلوات , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بالستين إلى المائة , وكان الصَّدَّيق يقرأ فيها بالبقرة , وعمر بالنحل وهود وبني إسرائيل ويونس ونحوها من السور ; لأن القلب أفرغ ما يكون من الشواغل حين انتباهه من النوم , فإذا كان أول ما يقرع سمعه كلام الله الذي فيه الخير كله بحذافيره صادفه خاليا من الشواغل فتمكن فيه من غير مزاحم ; وأما النهار فلما كان بضد ذلك كانت قراءة صلاته سرية إلا إذا عارض في ذلك معارض أرجح منه , كالمجامع العظام في العيدين والجمعة والاستسقاء والكسوف ; فإن الجهر حينئذ أحسن وأبلغ في تحصيل المقصود , وأنفع للجمع , وفيه من قراءة كلام الله عليهم وتبليغه في المجامع العظام ما هو من أعظم مقاصد الرسالة " انتهى .
زادنا الله وإياك علما نافعا وعملا صالحا .
والله أعلم .

https://islamqa.info/ar/65877