مشاهدة النسخة كاملة : في التعامل مع العلماء
حسين يحياوي
2017-05-25, 06:17 PM
ما هو السلوك الصحيح وفق المنهج السلفي السليم من الإنحراف في الموازنة بين مطرقة تبيين أخطاء العلماء وتصحيح ما ألتبس علينا في علمهم ونهجهم وفتاويهم ونقدها وبين سندان حرمة غيبتهم ونشر خطئهم ؟
غفر الله لنا ولكم وحفظ الله علمائنا الأبرار ورحم الله المتوفين منهم الأخيار
أبو مالك المديني
2017-05-25, 06:41 PM
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الاستقامة" (2 / 216 - 219) :
" وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد ، والحسنات والسيئات ، أو تزاحمت ؛ فإنه يجب ترجيح الراجح منها ، فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد ، وتعارضت المصالح والمفاسد ؛ فإن الأمر والنهى وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة ، فينظر في المعارض له ؛ فإن كان الذي يفوت من المصالح ، أو يحصل من المفاسد أكثر ، لم يكن مأمورا به ؛ بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته .
لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة ؛ فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها ، وإلا اجتهد رأيه لمعرفة الأشباه والنظائر ، وقل أن تُعْوِز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على الأحكام .
وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما ؛ بل إما أن يفعلوهما جميعا أو يتركوهما جميعا ، لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا عن منكر ؛ بل ينظر : فإن كان المعروف أكثر أُمر به ، وإن استلزم ما هو دونه من المنكر ، ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه ، بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله ، والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وزوال فعل الحسنات .
وإن كان المنكر أغلب نهي عنه ، وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف ، ويكون الامر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه ، أمرا بمنكر ، وسعيا في معصية الله ورسوله !
وان تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما ؛ فتارة يصلح الأمر ، وتارة يصلح النهي ، وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي ؛ حيث كان المنكر والمعروف متلازمين ، وذلك في الأمور المعينة الواقعة .
وأما من جهة النوع : فيؤمر بالمعروف مطلقا ، وينهى عن المنكر مطلقا .
وفي الفاعل الواحد ، والطائفة الواحدة : يؤمر بمعروفها ، وينهى عن منكرها ، ويحمد محمودها ، ويُذم مذمومها ؛ بحيث لا يتضمن الأمر بمعروف فوات معروف أكبر منه ، أو حصول منكر فوقه ، ولا يتضمن النهي عن المنكر حصول ما هو أنكر منه أو فوات معروف أرجح منه .
وإذا اشتبه الأمر : استثبت المؤمن حتى يتبين له الحق ؛ فلا يقدم على الطاعة إلا بعلم ونية ، وإذا تركها كان عاصيا ؛ فترك الأمر الواجب معصية ، وفعل ما نهى عنه من الأمر معصية ؛ وهذا باب واسع ولا حول ولا قوة إلا بالله ! " اهـ
وقال شيخ الإسلام أيضا ، في معرض كلامه عن أبي ذر الهروي ، والباقلاني والباجي ، وغيرهم من علماء الأشاعرة في "درء تعارض العقل والنقل" (2 / 102 - 103) :
" ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة ، وحسنات مبرورة ، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع ، والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ، ما لا يخفى على من عرف أحوالهم ، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف .
لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة [ يعني : نفي الأفعال الاختيارية ، والأمور المتعلقة بمشيئة الله تعالى ] وهم فضلاء عقلاء ، احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه ، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين ؛ وصار الناس بسبب ذلك : منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل ، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل ، وخيار الأمور أوساطها !!
وهذا ليس مخصوصا بهؤلاء ؛ بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين ، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات ، ويتجاوز لهم عن السيئات : { ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم } ( الحشر : 10 ) .
ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخطأ في بعض ذلك ، فالله يغفر له خطأه ؛ تحقيقا للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ( البقرة : 286 )
ومن اتبع ظنه وهواه ، فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأ ، ظنه صوابا بعد اجتهاده ، وهو من البدع المخالفة للسنة ؛ فإنه يلزمه نظير ذلك ، أو وأعظم أو أصغر ، فيمن يُعَظِّمُه هو من أصحابه ؛ فقلَّ من يسلم من مثل ذلك في المتأخرين ، لكثرة الاشتباه والاضطراب ، وبعد الناس عن نور النبوة وشمس الرسالة الذي به يحصل الهدى والصواب ، ويزول به عن القلوب الشك والارتياب .. ".
أبو مالك المديني
2017-05-25, 06:45 PM
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في "مجموع فتاويه" (7 / 311 - 315) :
"وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يسوغ فيه الاجتهاد فإن صاحبه لا يؤاخذ به ولا يثرب عليه إذا كان أهلا للاجتهاد , فإذا خالفه غيره في ذلك كان الأجدر أن يجادله بالتي هي أحسن , حرصا على الوصول إلى الحق من أقرب طريق ، ودفعا لوساوس الشيطان وتحريشه بين المؤمنين .
فإن لم يتيسر ذلك , ورأى أحد أنه لا بد من بيان المخالفة فيكون ذلك بأحسن عبارة وألطف إشارة , ودون تهجم أو تجريح أو شطط في القول قد يدعو إلى رد الحق أو الإعراض عنه ، ودون تعرض للأشخاص أو اتهام للنيات أو زيادة في الكلام لا مسوغ لها ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذه الأمور : ( ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ) " اهـ
حسين يحياوي
2017-06-06, 04:48 PM
جزاك الله خيرا
الطيبوني
2018-01-17, 06:24 PM
فإن لم يتيسر ذلك , ورأى أحد أنه لا بد من بيان المخالفة فيكون ذلك بأحسن عبارة وألطف إشارة , ودون تهجم أو تجريح أو شطط في القول قد يدعو إلى رد الحق أو الإعراض عنه ، ودون تعرض للأشخاص أو اتهام للنيات أو زيادة في الكلام لا مسوغ لها ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذه الأمور : ( ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ) " اهـ
قال النووي رحمه الله في كتاب الاذكار
(بابٌ في ألفاظٍ حُكي عن جماعةٍ من العلماء كراهتُها وليستْ مكروهةً)
عقدتُ هذا الباب لأُبيِّن الخطأَ فيه من الصواب لئلا يُغترّ بجلالة مَن يُضاف إليه هذا القول الباطل.
إعلم أني لا أُسمّي القائلين بكراهة هذه الألفاظ لئلا تسقطَ جلالتُهم ويُساء الظنّ بهم، وليس الغرض القدح فيهم، وإنما المطلوب التحذير من أقوال باطلة نُقلت عنهم،سواء أصحّتْ عنهم أم لم تصحّ، فإن صحَّتْ لم تقدحْ في جلالتهم كما عرف..... وبالله التوفيق.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.