مشاهدة النسخة كاملة : اللؤلؤ النفيس في ذكر الأحكام الفقهية من صحيح الأحاديث
حاتم أحمد الشحري
2017-04-19, 06:39 AM
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ لِلَّهِ الأَوَّلُ الآخِرُ، الظَّاهِرُ البَاطِنُ، القَادِرُ القَاهِرُ، شُكْرًا عَلَى تَفَضُّلِهِ وهِدَايَتِهِ، وفَزَعًا إِلَى تَوْفِيقِهِ وكِفَايَتِهِ، ووَسِيلَةً إِلَى حِفْظِهِ ورِعَايَتِهِ، ورَغْبَةً فِي المَزِيدِ مِنْ كَرِيمِ آلَائِهِ وجَمِيلِ بَلَائِهِ، وحَمْدًا عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي عَظُمَ خَطَرُهَا عَنِ الجَزَاءِ وجَلَّ عَدَدُهَا عَنِ الإِحْصَاءِ، وصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ والمُرسَلِينَ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين ،،، وبَـــعْــــــد ُ
فَإِنَّ عِلْمَ الحَدِيثِ مِن أَهَمِّ العُلُومِ الإِسْلاَمِيَّة ِ بَعدَ القُرآنِ الكَرِيمِ، فَهُوَ المَصْدَرُ الثَانِيُّ مِن مَصَادِرِ التَّشْرِيعِ الَّتِي تَلْزَمُ الإِنْسَانُ فِي هِذِهِ الحَيَاةِ، حَتَّى يَسِيرَ عَلَى هَدْيهَا ويَنعَمَ بِنَعِيمِهَا يَومَ القِيَامَةِ، وسَعَادَتِهَا عِنْدَ لِقَاءِ الحَقِّ جَلَّ وعَلاَ، ومِنْ هُنَا كَانَ لاَ بُدَّ لِلإِنْسَانِ العَاقِلِ أَنْ يَبحَثَ عَنْ ذَاكَ الهَديَ ويَتَمَسَّك بِهِ أَشَدّ التَّمَسُّك.
ومِنْ ثَمَّ رَأَيتُ أَنْ أَجْمَعَ مُخْتَصَراً مِنَ الأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ مَعَ شَرحِهَا بِإِيجَازٍ مِنْ أَقْوَالِ أَئِمَّتِنَا السَّابِقِينَ بِأَلخَصِ عِبَارَةٍ، مُسْتَخْلِصًا مِنْهَا الأَحكَامَ الفِقْهِيَّةِ، مشْتَمِلاً عَلَى مَا يكُونُ طَرِيقاً لِصَاحِبِهِ إِلَى الآخِرَةِ، ومُحَصِّلاً لِآدَابِهِ الظَاهِرَةِ والبَاطِنَةِ ... وسَمَّــيْــتُـ ـــهُ: ((اللُّؤْلُؤ النَّفِيس فِي ذِكْرِ الأَحْكَامِ الفِقْهِيَّةِ مِنْ صَحِيْحِ الأَحَادِيْث)).
واللهَ أَسْأَلُ أَنْ يَجعَلَ هَذَا العَمَلَ خَالِصاً لِوَجهِهِ الكَرِيمِ وأَنْ يَتَقبَّلَهُ بِمَنِّهِ وكَرَمِهِ، وأَنْ يَنفَعَنا بِهِ وإِيَّاكُم وسَائِر المُسْلِمِين، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمِّدٍ وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ أَجمَعِينَ، وآخِرُ دَعوَانَا أَن الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.
حَاتِمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الشّحرِيُّ
حاتم أحمد الشحري
2017-04-19, 06:45 AM
(1) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا،فَه ِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 1) واللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (3/ 1907)، وأَبُو دَاوُدَ (2/ 2201)، والتِّرمِذِيُّ (4/ 1647)، والنَّسَائِيُّ (1/ 75)، وابْنُ مَاجَةَ (2/ 4227)؛ وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (1/ 168)، والطَّيَالِسِيّ ُ فِي "المُسْنَد" (1/ 37)، والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (1/ 28)، وابْنُ الجَارُوْدِ فِي "المُنْتَقَى" (1/ 64)، وابْنُ خُزَيمَةَ (1/ 142)، وابْنُ حِبَّانَ (2/ 389)، والقُضَاعِيُّ فِي "مُسْنَد الشِّهَاب" (1/ 2)، والبَيْهَقيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (4/ 7370).
ثانيـاً: رَاوِي الحَدِيثِ: هُـــــوَ: أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ رِيَاحٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحٍ بْنِ عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ المَكِّيُّ ثُمَّ المَدَنِيُّ، أَمِيرُ المُؤْمِنِيْنَ؛ يَجْتَمِعُ نَسَبُهُ مَعَ نَسَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. أَسْلَمَ بِمَكَّةَ قَدِيمًا، وشَهِدَ بَدراً والمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَلِيَ الخِلَافَةَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِيْنَ مِنْ جمادى الآخرة سَنَةَ ثَلاَثِ عَشرة، فَكَانَ مُدَّتُهَا عَشْرُ سِنِيْنَ وخَمْسَةُ أَشْهُرٍ وبِضْعَةُ أَيَّامٍ، سَارَ فِيْهَا أَحْسَنَ سِيرَةٍ، وفَتَحَ اللهُ لَهُ الفُتُوحَ بِالشَّامِ والعِراقِ ومِصْرَ، ودَوَّنَ الدَّوَاوِيْنَ، وأَرَّخَ التَّارِيْخَ، وهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ القُرآنَ الكَرِيم فِي الصُّحُفِ، وأَوَّلُ مَنْ سَنَّ قِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ وجَمَعَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وكَتَبَ بِهِ إِلَى البُلْدَانِ. واسْتُشْهِدَ فِي يَوْمِ الأَربِعَاءِ لِأَربَعٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وعِشْرِينَ مِنْ الهِجْرَةِ (26/ ذو الحجة/ 23 ه)، وَلَهُ ثَلاَثٌ وسِتِّينَ سَنَةً (63)، فِي سِنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وسِنِّ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
ثالثـاً: شَرْحُ الحَدِيْثِ:
- (إِنَّمَا): كَلِمَةٌ يُرَادُ بِهَا الحَصْر، تُثبِتُ المُشَارَ إِلَيْهِ وتَنْفِي مَا عَدَاهُ.
- (الأَعْمَالُ): تَتَنَاوَلُ جَمِيْعَ الأَقْوَالِ والأَفْعَالِ.
- (بِالنِّيَّاتِ): (البَاءُ): لِلمُصَاحَبَةِ، أَيْ: الأَعْمَالُ مُعْتَبَرَةٌ بِمُصَاحَبَةِ النِّيَّاتِ.
- و (النِّيَّاتِ): جَمْعُ نِيَّةٍ، وهِيَ: القَصْدُ وعَزْمُ القَلْبِ عَلَى أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ، ومَحَلُّهَا القَلْبُ، ولاَ تَعَلُّقٌ لَهَا بِالِّلسَانِ أَصْلاً، ولِذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ولاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، التَّلَفُّظُ بِهَا فِي حَالٍ مِنَ الأَحْوَالٍ.
-(إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ): أَيْ صِحَّةُ مَا يَقَعُ مِنَ المُكَلَّفِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ كَمَالِهِ وتَرتِيْبُ الثَّوَابِ عَلَيْهِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ حَسَب مَا يَنْوِيه.
-(وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى): أَيْ مَا قَصَدَهُ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ والإَخْلاَصِ والرِّيَاءِ والسُّمْعَةِ ونَحْوِهَا مِنْ مَقَاصِدِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ.
-(هِجْرَتُهُ): الهِجْرَةُ فِي اللُّغَةِ: الخُرُوجُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ ومُفَارَقَةُ الوَطَنِ والأَهْلِ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ الهَجَرِ وهُوَ ضِدُّ الوَصْلِ ... والهِجْرَةُ شَرَعـاً: مُفَارَقَةُ دَارِ الكُفْرِ إِلَى دَارِ الإِسْلاَمِ خَوْفَ الفِتْنَةِ وقَصْدًا لِإِقَامَةِ شَعَائِرِ الدِّيْنِ ... والمُرَادُ بِهَا هُنَا: الخُرُوجُ مِنْ مَكَّةَ وغَيْرِهَا إِلَى مَدِيْنَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
-(يُصِيبُهَا): يُحَصِّلُهَا.
-(يَنْكِحُهَا): يَتَزَوَّجُهَا.
-(فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ): يُرِيْدُ أَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ هِجْرَتِهِ مَا قَصَدَهُ مِنْ دُنْيَاهُ دُوْنَ مَا لَمْ يَقْصِدهُ مِن آخِرَتِهِ.
فَـائِــدَةٌ: سَبَبُ وُرُودِ هَذَا الحَدِيْث: أَنَّ رَجُلاً هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ المُعَظَّمَةَ إِلَى المَدِيْنَةِ المُنَوَّرَةِ لِيَتَزَوَّج اِمْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قَيْسٍ، لاَ يُرِيْدُ بِذَلِكَ فَضِيْلَةَ الهِجْرَةِ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ؛ واللهُ أَعْلَمُ.
أَقْوَالُ الأَئِمَّةِ العُلَمَاءِ عَنْ مَكَانَةِ هَذَا الحَدِيْثِ:
- قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: "يَدْخُل هَذَا الحَدِيثُ فِي سَبعِينَ بَاباً مِن الفِقْهِ".
- وقَالَ الإِمَامُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: "يَنْبَغِي لِمَنْ صَنَّفَ كِتًاباً أَنْ يَبْتَدِئ بِهَذَا الحَدِيثِ".
- وقَالَ الإِمَامُ أَبُو عُبَيْدٍ بْنُ سَلاَّمٍ: جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعَ أَمْرِ الآخِرَةِ فِي كَلِمَةٍ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، وَجَمَعَ أَمْرَ الدُّنْيَا كُلَّهُ فِي كَلِمَةٍ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، يَدْخُلَانِ فِي كُلِّ بَابٍ.
-وقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: "أُصُولُ الإِسْلَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثٍ: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ"، و "الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحرَامُ بَيِّنٌ"، و "مَنْ أَحَدَثَ فِي أَمِرنَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ".
- وقَالَ الإِمَامُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه: أَرْبَعَةُ أَحَادِيثٍ هِي مِن أُصُولِ الدِّينِ: حَدِيثُ عُمَرَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، وحَدِيثُ: «الحَلَالُ بَيِّنٌ والحَرَامُ بَيِّنٌ»، وحَدِيْثُ: «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ»، وحَدِيْثُ: «مَنْ صَنَعَ فِي أَمْرِنَا شَيْئًا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ».
- وقَالَ الإِمَامُ أَبُو دَاودَ السِّجِستَانِيّ ُ: "كَتَبْتُ المُسْنَدَ، فَكَتَبْتُ أَربَعَةَ آلاَف حَدِيثٍ، ثُمَّ نَظَرتُ فَإِذَا مَدَارُ الأَرْبَعَةِ آلاَفٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيْثٍ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى، فَأَوَّلُهَا: حَدِيْثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيْرٍ "الحَلاَلُ بَيِّنٌ والحَرَامُ بَيِّنٌ"، وثَانِيهَا: حَدِيْثُ عُمَرَ "الأَعْمَالُ بِالنِّيِّاتِ"، وثَالِثُهَا: حَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ الطَّيِّبَ"، ورَابِعُهَا: حَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً "مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ".
- وقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَـاءِ: "هَذَا الحَدِيثُ ثُلُثُ الإِسْلاَمِ".
-- والغَرْضُ مِنْ اِبْتَدِائِي بِهَذَا الحَدِيْثِ العَظِيمِ هِيَ، كَمَا قَالَ العُلَمَاءُ: لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الإِخْلَاصِ وتَصْحِيْحِ النِّيَّةِ مِنْ كُلِّ طَالِبِ عِلْمٍ ومُعَلِّمٍ أَوْ مُتَعَلَّمٍ، وأَنَّ طَالِبَ العِلْمِ عَامَّةً والحَدِيْثِ خَاصَّةً بِمَنْزِلَةِ المُهَاجِرِ إِلَى اللهِ تَعَالَى ورَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-19, 06:50 AM
(2) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟»، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ؟»، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7/ 5967)، ومُسْلِمٌ (1/ 30)، والتِّرْمِذِيُّ (5/ 2643)، وابْنُ مَاجَةَ (2/ 4296)، والنَّسَائِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (9/ 9943)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (12/ 13742)، وأَبُو دَاودَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "المُسْنَد" (1/ 566)، وأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ فِي "المُسْنَد" (7/ 4239)، والبَزَّارُ فِي "المُسْنَد" (7/ 2627)؛ والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الكَبِير" (20/ 81) وفِي "المُعجَم الأَوْسَط" (8/ 8165)؛ وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيْح" (2/ 362)، وأَبُو سَعِيْدٍ الشَّاشِيُّ فِي "المُسْنَد" (3/ 1328).
ثانياً: التَّعرِيفُ بِرَاوِي الحَدِيثِ: هُـــــوَ: مُعَاذُ بنُ جَبَلِ بنِ عَمْرِو بنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ بْنِ عَائِذِ بنِ عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ عَمْرِو بنِ أُدَيِّ بنِ سَعْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَسَدِ بنِ سَارِدَةَ بنِ يَزِيْدَ بنِ جُشَمَ بنِ الخَزْرَجِ؛ السَّيِّدُ الإِمَامُ، المُقَدَّمُ فِي عِلْمِ الحَلاَلِ والحَرَامِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ ... أَسْلَمَ وهُوَ ابْنُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً، وآخَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَهُ وبَيْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وشَهِدَ مُعَاذٌ بَدرًا والعَقَبَةَ شَابًّا، وشَهِدَ المَشَاهِدَ كُلّهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وأَمَّرَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى اليَمَنِ، وكَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي العِلْمِ بِالأَحْكَامِ والقُرآنِ، مَاتَ بِالشَّامِ سَنَةً ثَمَانِ عَشْرَةَ (18 هـ)، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثـاً: شَرْحُ الحَدِيْثِ:
- (بَيْنَا): أَصْلُهُ بَيْنَ، فَزِيْدَت فِيهِ الألِفُ، وَرُبَّمَا تُزَادُ المِيْم أَيْضًا، وهُوَ مُضَاف إِلَى جُملَة وَيحْتَاج إِلَى جَوَاب.
- (رَدِيفُ): الرَّدِيْفُ هُوَ الرَّاكِبُ خَلْفَ الرَّاكِبِ (الَّذِي يَقُودُ الدَّابَّة)، والمُرَادُ بِهِ: المُبَالَغَةُ فِي شِدَّةِ قُرْبِ مُعَاذٍ مِن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، لِيَكُونُ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ، فَيَضْبِطُ.
- (أَخِرَةُ): هِيَ العُودَةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إِلَيْهَا الرَّاكِبُ مِنْ خَلْفِهِ.
- (الرَّحْل) لِلبَعِيرِ: كَالسَّرْجِ لِلفَرَسِ.
- (لَبَّيْكَ): الأَظْهَرُ أَنَّ مَعنَى "لَبَّيْكَ"، إِجَابَةً لَكَ بَعْدَ إِجَابَةٍ، لِلتَّأْكِيْدِ، وقِيْلَ: مَعْنَاهُ قُرْباً مِنْكَ وطَاعَةً لَكَ.
- (وَسَعْدَيْكَ): سَاعَدتُ طَاعَتَكَ مُسَاعَدَةً بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ.
- (يَا مُعَاذُ): كَرَّرَ النِّدَاءَ لِتَأكِيْدِ الاِهْتِمَامِ بِمَا يُخْبِر بِهِ.
- (هَلْ تَدْرِي): الدِّرَايَةُ هِيَ المَعْرِفَةُ، وأَخْرَجَ السُّؤَالَ بِصِيغَةِ الاِسْتِفْهَامِ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النَّفْسِ وأَبْلَغَ فِي فَهْمِ المُتَعَلِّمِ.
- (حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا): الحَقُّ هُوَ الشَّيْءُ الثَّابِتُ الَّذِي لاَ يُشَكُّ فِي وُجُودِهِ، ويَأْتِي بِمَعْنَى: خِلاَفُ البَاطِلِ ... والمُرَادُ بِهِ هُنَا: مَا يَسْتَحِقَّهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ مِمَّا جَعَلَهُ مُحَتَّمًا عَلَيْهِم.
- والمُرَادُ بِالعِبَادَةِ: عَمَلُ الطَّاعَةِ واجْتِنَابُ المَعَاصِيّ، وعَطَفَ عَلَيْهَا عَدَمَ الشِّركِ لِأَنَّهُ تَمَامُ التَّوْحِيْدِ، والحِكْمَةُ فِي عَطْفِهِ عَلَى العِبَادَةِ أَنَّ بَعْضَ الكَفَرَةْ كَانُوا يَدَّعُونَ أَنَّهُم يَعْبُدُونَ اللهَ ولَكِنَّهُم كَانُوا يَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى، فَاشْتَرَطَ نَفْي ذَلِكَ ... والجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، والتَّقْدِيْرُ: يَعْبُدُونَهُ فِي حَالِ عَدَمِ الإِشْرَاكِ بِهِ.
-- فَهَذِهِ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ مِنْ رَسُولِنَا العَظِيْمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، لَمْ تَتْرُك مِن الدِّيْنِ صَغِيرَةً ولاَ كَبِيرَةً؛ فَعِبَادَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ هِيَ الخُضُوعُ لَهُ والتَّذَلُّلُ، وذَلِكَ بِطَاعَتِهِ فِيْمَا أَمَرَ ونَهَى، فَنُؤْمِنُ بِرَسُولِهِ ونُصَدِّقُ بِكِتَابِهِ، ونُقِيْمُ الصَّلاَةَ ونُؤْتِي الزَّكَاةَ، ونُهَذِّبُ نُفُوسَنَا ونُصِحُّ أجَسْامِنَا بِالصِّيَامِ، ونَحُجُ البَيْتَ الحَرَامَ مَا اسْتَطَعْنَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، ونُحِسْنُ عِشْرَةَ النَّاسِ، ونَصْدُقُ فِي مُعَامَلَتِهِم، ونُخَالِقُهُم بِخُلُقٍ حَسَنٍ، ونَقِفُ عِنْدَ مَا شَرَّع اللهُ سُبْحَانَهُ، لاَ نَتَعَدَّى حُدُودَهُ، ونُجَانِبُ كُلَّ مَا نَهَى عَنْهُ مِنَ الخَبَائِثِ مِمَّا هُوَ اِعْتِدَاءٌ عَلَى النَّفْسِ أَوْ المَالِ أَوْ العِرْضِ أَوْ إِضْرَارٍ بِالخَلْقِ؛ وأَسَاسُ ذَلِكَ عِلْمٌ بِكِتَابِ اللهِ جَلَّ وعَلاَ، وبِمَا احْتَوَاهُ، وهَذَا بِتِلاَوَتِهِ وتَدَبُّرِهِ ودِرِاسَتِهِ وتَفَهُّمِهِ ... وأَمَّا تَوْحِيدُهُ وعَدَمُ الإِشْرَاكِ بِهِ: فَأَنْ نَعتَقِد أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى وَحْدَهُ صَاحِبَ الخَلْقِ والأَمْرِ، وأَنَّ مَنْ دُونَهُ لاَ يَمْلِكُ ضَرًّا ولاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ، سَوَاء أَكَانَ مَلَكاً مُقَرَّباً؛ أَوْ نَبِيًّا مُرْسَلاً، أَوْ وَلِيًّا عَابِدًا؛ ومِنْ تَوْحِيدِهِ أَنْ تَكُونُ الأَعْمَالُ خَالِصَةً لِوَجِهِهِ الكَرِيمِ؛ لاَ يَشُوبُهَا خِدَاعٌ ولاَ رِيَاءٌ ولاَ تَدْلِيْسٌ ونِفَاقٌ، وأَلاَّ نَدعُوا مَعَهُ غَيْرَهُ، أَوْ نُقَدِّمُ إِلَيْهِ القَرَابِينَ أَوْ نَسُوقُ النُّذُورَ، أَوْ نَتَّخِذَهُ وَسِيْلَةً إِلَيْهِ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ شِرْكٌ يُنَافِي مَقَامَ التَّوْحِيدِ.
- (حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ): لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللهِ حَقٌّ، لَكِنْ مَا وَعَدَهُم بِهِ، وكَتَبَهُ لَهُم عَلَى نَفْسِهِ بِفَضْلِهِ ومَنِّهِ وجُودِهِ وكَرَمِهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى؛ إِذَا هُم عَبَدُوهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ وأَخْلَصُوا لَهُ الدِّينَ، وأَسْلَمُوا الوُجُوهَ، وعَمَّرُوا القُلُوبَ بِتَوْحِيْدِهِ، وطَهَّرُوهَا مِنْ دَنَسِ الإِشْرَاكِ.
- (أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ): وكَيْفَ يُعَذِّبُ مَنْ عَكَفَ عَلى طَاعَتِهِ، وكَاَن عَبْدَهُ السَّمِيْعَ، تَقْرَعُ أُذُنُهُ آي الوَحْي فَإِذَا بِهِ قَدْ مَثَّلَهَا فِي عَمَلِهِ، وأَظْهَرَهَا فِي خَلْقِهِ، ويَسْمَعُ هَدْيَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَإِذَا بِهِ قَدْ اِتَّخَذَهُ إِمَاماً وقُدْوَةً وهَادِياً وأُسْوَةً؛ كَيْفَ يُعَذِّبُ ذَا النَّفْسِ العَالِيَّةِ الطَّاهِرَةِ النَّقِيَّةِ، الَّتِي لاَ يُرَى فِيْهَا إِلاَّ بَيَاضَ التَّوْحِيدِ ونُورِهِ، لَيْسَ بِهَا نُكْتَةٌ مِنْ دَنَسٍ أَوْ شِرْكٍ، بَلْ كَيْفَ لاَ يُسْبِغُ نِعْمَتَهُ، ويُدْخِلُ جَنَّتَهُ عِبَادَهُ المُقَرَّبِينَ، وجُنْدَهُ المُخْلَصْينَ، وهُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ؛ وأَكْرَمُ الأَكْرَمِينَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}. (سورة النازعات – الآيتان: 40، 41)
حاتم أحمد الشحري
2017-04-19, 06:51 AM
(3) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4/ 3435)، ومُسْلِمٌ (1/ 28)، والنَّسَائِيُّ فِي "الكُبْرَى" (9/ 10903)، وأَحْمَدُ (37/ 22675)، وابْنُ حِبَّانَ (1/ 207)، والبَزَّارُ فِي "المُسْنَد" (7/ 2682)، وأَبُو سَعِيْدٍ الشَّاشِيُّ فِي "المُسْنَد" (3/ 1218)، والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "مُسْنَد الشَّامِيين" (1/ 555).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيثِ، هُـــوَ: عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ بنِ قَيْسِ بنِ أَصْرَمَ ابْنِ قَيْسِ بنِ أَصْرَمَ بنِ فِهْرِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ عَوْفِ بنِ عَمْرِو بنِ عَوْفِ بنِ الخَزْرَجِ. الإِمَامُ القُدْوَةُ، أَبُو الوَلِيْدِ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصَارِيُّ، أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ الأُولَى والثَّانِيَة، وَمِنْ أَعْيَانِ البَدْرِيِّيْنَ ، شَهِدَ المَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسَوَلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وشَهِدَ فَتْح مِصر، وهُو أَوَّل مَنْ وَلِيَ القَضَاء بِفَلَسْطِينَ، بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ القُرْآنَ والأَحكَامَ، فَسَكَنَهَا إِلَى أَنْ تُوفِيَّ بِبَيْتِ المَقْدِسِ بِفَلَسْطِينَ سَنَةَ خَمْسٍ وأَرْبَعِينَ (45 هـ)، ولَهُ اِثْنَتَانِ وسَبْعُونَ سَنَةً؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرْحُ الحَدِيْثِ:
- (مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ): حَـالٌ، أَيْ يَنْفَرِدُ مُنْفَرِدًا.
- (لَا شَرِيكَ لَهُ): تَأْكِيدٌ بَعْدَ تَأْكِيدٍ.
- (وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ): الأَجَـلُّ.
- (وَرَسُولُهُ): الأَكْمَـلُ.
- (وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ): لَمْ يُضْمِرْ، لِيَكُونَ أَصْرَحَ فِي المَقْصُودِ، وهُوَ تَعْرِيضٌ بِالنَّصَارَى وتَقْرِيرٌ لِعَبْدِيَّتِهِ وإِشْعَارٌ إِلَى إِبْطَالِ مَا يَقُولُونَ بِهِ مِنِ اتِّخَاذِهِ وَلَداً ومِن اتِّخَاذِ أُمِّهِ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) صَاحِبَةً.
- (وَرَسُولُهُ): تَعْرِيضٌ بِاليَهُودِ.
- (وَابْنُ أَمَتِهِ): الإِضَافَةُ فِي أَمَتِهِ لِلتَّشْرِيفِ، رَدًّا عَلَى اليَهُودِ فِي القَذْفِ.
- (وَكَلِمَتُهُ): سُمِّيَ عِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّم، بِالكَلِمَةِ لِأَنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، أَبْدَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍّ، وأَنْطَقَهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، فَالْإِضَافَةُ لِلتَّشْرِيف.
- (أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ): اِسْتِئْنَافُ بَيَانٍ، أَيْ أَوْصَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا، وحَصَّلَهَا فِيهَا.
- (وَرُوحٌ مِنْهُ): مُبْتَدَأٌ مِنْ مَحْضِ إِرَادَتِهِ.
- وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: (مِنْهُ): إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ مُقَرَّبُهُ وحَبِيبُهُ، تَعْرِيضًا بِاليَهُودِ.
- (وَالْجَنَّة وَالنَّار حَقٌّ): وَشَهِدَ أَنَّهُمَا (حَق) أَيْ ثَابِتَان مَوْجُودَان، وأَفَرَدَ الخَبَرَ مَعَ تَثْنِيَةِ المُخْبَرِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ.
- (أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ): ابْتِدَاءً وانْتِهَاءً، والجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ أَوْ خَبَرُ المُبْتَدَأِ.
- (عَلَى مَا كَانَ): حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ المَفْعُولِ مِنْ قَوْلِهِ: أَدْخَلَهُ اللَّهُ، أَيْ كَائِنًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَوْصُوفًا بِهِ، أَيْ يَكُون دُخُوله الجَنَّة عَلَى حَسَب مَا قَدَّم مِن أَعمَال فِي الدُّنيا، فَإِنْ لَم تَكن لَهُ ذُنُوبٌ يُعَاقَب عَلَيها بِالنَّار، كَانَ مِن السَّابِقين، وإِنْ كَانَت لَهُ ذُنُوبٌ فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْه وإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، ثُمَّ كَانَت نِهَايْتُهُ إَلَى الجَنَّةِ بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.
- (مِنَ العَمَلِ): حَسَنًا أَوْ شَيْئًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا.
-- فَــائِــــدَةٌ : سِرُّ الجَمْعِ بَيْنَ (مُحَمَّدٍ وعِيْسَى) عَلَيْهِمَا الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ووَصْفِهِمَا بِكَوْنِهِمَا عَبْدَيْ اللهِ ورَسُولَيْهِ بَيَانٌ أَنَّ عَقِيْدَةَ الإِسْلاَمِ فِي حَقِّ عِيْسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّه (عَبْد اللهِ ورَسُولِه) فَلاَ يُغْلَى فِيْهِ مِن جَانِبٍ، ولاَ يُقَصَّرُ فِي حَقِّهِ مِن جَانِبٍ آخَرَ، وبَيَانٌ أَنَّ الوَاجِبَ فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ (عَبْدُ اللهِ) عَدَمُ الإِفرَاطِ والتَّفْرِيْطِ، وَوَصْفُهُ بِأَنَّهُ (رَسُولُ اللهِ) يَقْتَضِي تَصْدِيقهُ فِي جَمِيعِ مَا يُخْبَرُ بِهِ مِنْ أَخْبَارٍ فِي المَاضِي وفِي المُسْتَقْبَلِ وفِي مَا هُو مَوْجُودٌ غَيْرُ مُشَاهَدٍ لَنَا، ويَقْتَضِي طَاعَتَهُ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ واِجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وتَقْدِيمُ مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى النَّفْسِ والوَالِدِ والوَلَدِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ، وأَنْ لاَ يُعبَدُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ إِلاَّ عَلَى وَفْقِ مَا جَاءَ عَنْهُ صَلَواتُ اللهِ وسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، هَذِهِ هِي عَقِيْدَةُ المُسْلِمِينَ فِي (مُحَمَّدٍ وعِيْسَى) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِما وسَلَّمَ، وَسَطٌ بَيْنَ طَرَفِي الإِفْرَاطِ والتَّفْرِيطِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-19, 05:14 PM
(4) وعَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7/ 5401) واللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (1/ 33)، والنَّسَائِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (10/ 11430)، وأَحْمَدُ (27/ 16481)، وابْنُ المُبَارَكِ فِي "المُسْنَد" (1/ 43)، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "المُصَنَّف" (1/ 1929)، وأَبُو دَاودَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1337)، وأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُسْنَد" (2/ 567)، وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (3/ 1505)، وابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "الصَّحِيح" (3/ 1653)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 223)؛ والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الكَبِير" (18/ 43) وفِي "المُعجَم الأَوْسَط" (2/ 1495)؛ والرُّوْيَانِيّ ُ فِي "المُسْنَد" (2/ 1375).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيثِ: هُـــوَ: عِتْبَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَجْلَانِ بْنِ زَيْدِ بْنِ غَنْمِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ بْن الخزرج الأَنْصَارِيّ السَّالِمِيّ الخَزْرَجِيّ. شَهِدَ بَدْرًا، وكَانَ ضَعِيفَ البَصَر ثُمَّ عُمِيَ بَعدُ، وكَانَ إِمَامَ قَوْمِهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومَاتَ بِالمَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (إِنَّ): حَرفُ تَوْكِيدٍ ونَصْبٍ.
- (لَا): حَرفُ نَفْيٍّ.
- (إِلَّا): حَرفُ اِسْتِثْنَاءٍ.
- (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): لاَ مَعبُود حَقّ إِلاَّ الله تَعَالَى ... واعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الكَلِمَةُ العَظِيمَةُ هِيَ الفَارِقَةُ بَيْنَ الكُفْرِ والإِسْلاَمِ، وهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى، وهِيَ العُروَةُ الوُثْقَى، ولَهَـا رُكْـنَــــان:
فالرُّكْن الأول: النَّفْي، يَعنِي: نَفْيُ الإِلَهِيَّةِ عَمَّا سِوَى اللهِ تَعَالَى مِنْ سَائِرِ المَخْلُوقَاتِ.
والرُّكْن الثَّانِي: الإِثْبَاتُ، والمُرَادُ بِـهِ: إِثْبَاتُ الإِلَهِيَّةِ للهِ سُبْحَانَهُ، فَهُوَ الإِلَهُ الحَقُّ، ومَا سِوَاهُ مِنَ الآلهَةِ الَّتِي اِتَّخَذَهَا المُشْركُونَ فَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ.
- (يَبْتَغِي): يُرِيدُ، مُخْلِصاً بِهَا قَلْبُهُ ... فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي يَقُولُ هَذَا طَالِباً وَجْهَ اللهِ، فَسَيَفْعَلُ كُلَّ شَيْءٍ يُقَرِّبُهُ إِلَى اللهِ، مِن فُرُوضٍ ونَوَافِلٍ، فَلاَ يَكُونُ فِي هَذَا دَلِيْلٌ لِلكَسَالَى والمُهْمِلِينَ؛ يَقُولُونَ: نَحْنُ نَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ نَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ... نَقُولُ لَهُم: لَوْ كُنْتُم صَادِقِينَ مَا أَهْمَلْتُم العِبَادَاتَ الوَاجِبَةَ عَلَيْكُم، لِأَنَّ العَبْدَ إِذَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، مُخْلِصًا بِهَا قَلْبُهُ، فَإِنَّهُ سَيَقُومُ بِمُقْتَضَاهَا، ويَعْمَلُ بِمَا تَقْتَضِيْهِ هَذَهِ الكَلِمَةُ العَظِيْمَةُ، مِنْ أَدَاءِ الوَاجِبِ، وتَرْكِ المُحَرَّمِ.
فَالإِنْسَانُ إِذَا أَدَّى الوَاجِبَ وتَرَكَ المُحَرَّمَ؛ أَحَلَّ الحَلاَلَ، وحَرَّمَ الحَرَامَ، وقَامَ بِالفَرَائِضِ، واجْتَنَبَ النَّوَاهِي، فَيَكُونُ جَزَاؤُهُ الجَنَّةَ، ويُحَرِّمُ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ.
واعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ ومَا عَلَيْهِ أَهْلُ الحَقِّ مِنَ السَّلَفِ والخَلَفِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مُوَحِّدًا دَخَلَ الجَنَّةَ قَطْعًا عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ كَانَ سَالِمًا مِنَ المَعَاصِي كَالصَّغِير والمَجْنُونِ والَّذِي اتَّصَلَ جُنُونُهُ بِالبُلُوغِ والتَّائِبِ تَوْبَةً صَحِيحَةً مِنَ الشِّرْكِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ المَعَاصِي إِذَا لَمْ يُحْدِثْ مَعْصِيَةً بَعْدَ تَوْبَتِهِ والمُوَفَّقُ الَّذِي لَمْ يُبْتَلَى بِمَعْصِيَةٍ أَصْلًا فَكُلُّ هَذَا الصِّنْف يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ ولَا يَدْخُلُون النَّارَ أَصْلًا.
وَأَمَّا مَنْ كَانَت لَهُ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ ومَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، فَهُوَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ، وإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ القَدْرَ الَّذِي يُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى ثُمَّ يُدْخِلُهُ الجَنَّةَ، فَلَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ ولَوْ عَمِلَ مِنَ المَعَاصِي مَا عَمِلَ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَحَدٌ مَاتَ عَلَى الكُفْرِ ولَوْ عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ البِرِّ مَا عَمِل، هَذَا مُخْتَصَرٌ جَامِعٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الحَقِّ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ، وقَدْ تَظَاهَرَتْ أَدِلَّةُ الكِتَابِ والسُّنَّةِ وإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الأُمَّةِ عَلَى هَذِهِ القَاعِدَةِ.
-- فَفِي الحَدِيثُ الشَّرِيفُ ... بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ ومَنْقَبَةٌ جَلِيلَةٌ لَهُم، فَللهِ الحَمْدُ والمِنَّةُ عَلَى مَا تَفَضَّل بِهِ عَلَيْنَا، والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي هَدَى اللهُ عَلَى يَدَيْهِ العِبَادَ، وجَعَلَ لَنَا سُبْحَانَهُ هَذِهِ النِّعمَةَ السَّرّاءَ كُرمَى لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، حَيثُ قَالَ عَزَّ وجَلَّ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. (سورة الضُّحَى، الآية رقم: 5)، فَصِرنَا بِهَا مِن أَفْضَلِ الأُمَمِ عَلَى الإِطلاَقِ حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}. (آل عِمران: 110)، فَللَّهِ الحَمْدُ أَوَّلاً وآخِراً.
أبو عمر غازي
2017-04-19, 11:09 PM
فَـائِــدَةٌ: سَبَبُ وُرُودِ هَذَا الحَدِيْث: أَنَّ رَجُلاً هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ المُعَظَّمَةَ إِلَى المَدِيْنَةِ المُنَوَّرَةِ لِيَتَزَوَّج اِمْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قَيْسٍ، لاَ يُرِيْدُ بِذَلِكَ فَضِيْلَةَ الهِجْرَةِ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ؛ واللهُ أَعْلَمُ.
من تمام الفائدة أن تبين لنا هل هذا السبب ثابت أم لا؟ وكلام الحفاظ معروف في ذلك، ولعل الأفضل أن تستخرجه بنفسك، حتى تكتمل لك الفائدة. والله الموفق.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-20, 02:14 AM
(5) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
أَولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 8)، ومُسْلِمٌ (1/ 16)، والتِّرْمِذِيُّ (5/ 2609)، والنَّسَائِيُّ (8/ 5001)، وأَحْمَدُ (8/ 4798)، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "المُصَنَّف" (3/ 5012)، وابْنُ أَبِي شَيْبَة فِي "المُصَنَّف" (4/ 19563)، والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (1/ 720)، وابْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (1/ 823)، وأَبُو يَعْلَى فِي "المُسْنَد" (10/ 5788)، وابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "الصَّحِيْح" (1/ 309)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيْح" (1/ 158)؛ والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الكَبِير" (12/ 13203) وفِي "المُعجَم الأَوْسَط" (6/ 6264)، والبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (1/ 1675).
ثَانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــــوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ بنِ نُفَيْلٍ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ رِيَاحِ بنِ قُرْطِ بنِ رَزَاحِ بنِ عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ، المَكِّيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ فِي العِلْمِ والعَمَلِ ... أَسْلَمَ ابنُ عُمَرَ وهُوَ صَغِيْرٌ، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ وأُمِّهِ، واسْتُصْغِرَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَوَّلُ غَزَوَاتِهِ الخَنْدَق، وشَهِدَ المَشَاهِدَ بَعدَهَا، وهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وشَهِدَ اليَرْمُوكَ والقَادِسِيَّةَ وجَلُولاَءَ ومَا بَيْنَهُمَا مِنْ وَقَائِع الفُرْسِ، وشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وقَدِمَ العِرَاقَ والشَّامَ؛ أَثْنَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّم ووَصَفَهُ بِالصَّلاَحِ إِذْ قَالَ: «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». مَاتَ ابْنُ عُمَرَ سَنَةَ أَربَعٍ وسَبْعِيْنَ (74 هــ) بِمَكَّةَ المُكَرَّمَةَ.
ثَالِثاً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (عَلَى خَمْسٍ): أَيْ خَمْسِ دَعَائِمَ، أَوْ أَرْكَان، أَوْ أُصُول.
- (شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): بِالجَرِّ عَلَى البَدَلِ مِنْ خَمْسٍ؛ ويَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى حَذْفِ الخَبَرِ والتَّقْدِيرُ: مِنْهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ أَوْ عَلَى حَذْفِ المُبْتَدَأِ والتَّقْدِيرُ: أَحَدُهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ ويَجُوزُ النَّصْبُ بِتَقْدِيرِ: أَعْنِي.
- وَ (إِقَامِ الصَّلَاةِ): أَيْ المُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا والإِتْيَان بِهَا بِشُرُوطِهَا وأَرْكَانِهَا.
- وَ (إِيتَاءِ الزَّكَاةِ): أَيْ إِعْطَائِهَا مُسْتَحَقِّيهَا ، بِإِخْرَاجِ جُزْءٍ مِنَ المَالِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوص.
- وَ (الحَجِّ): قَصْدُ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ بِمَكَّةَ لِلعِبَادَةِ.
- وَ (صَوْمِ رَمَضَانَ): أَيْ صَوْم شَهْر رَمَضَان.
-- اِعلَم أَنَّ هَذَا الحَدِيْثَ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَعْرِفَةِ الدِّينِ، وعَلَيْهِ اعْتِمَادُهُ، وقَد جَمَعَ أَرْكَانَهُ، وذَلِكَ لِأَنَّ كَمَالَ الإِسْلَامِ وتَمَامَهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِهَذِهِ الخَمْس.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-20, 02:19 AM
(6) وعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 25)، ومُسْلِمٌ (1/ 22)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 175)، والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الأَوْسَط" (8/ 8510)، والبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (3/ 5141).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (أُمِرْتُ): أَيْ أَمَرَنِي اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، ولَمْ يَذْكُرهُ لِلْعِلمِ بِهِ.
- (أُقَاتِلَ النَّاسَ): بِأَنْ أُجَاهِدَهُم وأُحَارِبَهُم، وذَلِك بَعدَ عَرضِ الإِسْلاَمِ عَلَيْهِم.
- (يَشْهَدُوا): يَعْتَرِفُوا بِكَلِمَة التَّوْحِيد، ويَخْضَعُوا لِحُكْمِ الإِسْلاَمِ سَوَاء كَانُوا مُشْرِكِين أَو أَهْلَ كِتَابٍ.
- وَ (يُقِيمُوا الصَّلَاةَ): المَفْرُوضَةَ، بِأَنْ يَأْتُوا بِشَرَائِطِهَا وأَركَانِهَا المُجْمَعِ عَلَيْهَا.
- وَ (يُؤْتُوا الزَّكَاةَ): المَفْرُوضَةَ؛ فِيهِ دَلِيلٌ لِقِتَالِ مَانِعِيهَا، ولَا نِزَاعَ فِيهِ، ومِنْ ثَمَّ قَاتَلَهُمُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم.
- وإِنَّمَا خُصَّتَا (الصَّلَاة والزَّكَاة) بِالذِّكْرِ: لِأَنَّهُمَا أُمُّ العِبَادَاتِ البَدَنِيَّةِ والمَالِيَّةِ وأَسَاسُهُمَا، ولِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ عِمَادَ الدِّينِ، والزَّكَاةُ قَنْطَرَةُ الإِسْلَامِ، وقُرِنَ بَيْنَهُمَا فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ كَثِيرًا.
- (عَصَمُوا): حَفَظُوا ومَنَعُوا.
- (إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَم): إِلاَّ إِذَا فَعَلُوا مَا يَسْتَوْجِبُ عُقُوبَةً مَالِيَّةٍ أَو بَدَنِيّةٍ فِي الإِسْلاَمِ، فِإِنَّهُم يُؤَاخَذُونَ بِذَلِك قِصَاصاً.
- (وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ): أَيْ فِيمَا يَسْتُرُونَ مِنَ الكُفْرِ والمَعَاصِي بَعْدَ ذَلِكَ.
-- والمَعْنَى: أَنَّا نَحْكُمُ بِظَاهِرِ الحَالِ والإِيمَانِ القَوْلِي، ونَرْفَعُ عَنْهُمْ مَا عَلَى الكُفَّارِ، ونُؤَاخِذُهُمْ بِحُقُوقِ الإِسْلَامِ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ حَالِهِمْ، لَا أَنَّهُمْ مُخْلِصُونَ، واللَّهُ يَتَوَلَّى حِسَابَهُمْ، فَيُثِيبُ المُخْلِصَ، ويُعَاقِبُ المُنَافِقَ، ويُجَازِي المُصِرَّ بِفِسْقِهِ، أَوْ يَعْفُو عَنْهُ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-20, 09:55 PM
( 7 ) عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا ، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 41)، والنَّسَائِيُّ (8/ 4998).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــــوَ : سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عُبَيْدِ بنِ الأَبْجَرِ بنِ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولِأَبِيِهِ صُحْبَةٌ أَيْضاً ... وُلِدَ أَبُو سَعِيدٍ قَبْل الهِجرَة بِعَشْر سِنِين، وغَزَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم اثْنَتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَة، وتُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ سَنَةَ أَربَعٍ وسَبْعِينَ (74 ه)، ودُفِنَ بِالبَقِيعِ، وهُوَ ابْنُ أَربَعٍ وتِسْعِينَ سَنَةً (94)؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (إِذَا أَسْلَمَ العَبْد): هَذَا الحُكْمُ يَشْتَرِكُ فِيْهِ الرِّجَالُ والنِّسَاءُ، وذَكَرَهُ بِلَفْظِ الذُّكُورِ تَغْلِيبًا.
- (فَحَسُنَ إِسْلاَمُه): دَخَلَ فِيِه ظَاهِراً وبَاطِناً، فَاعتَقَدَ اِعتِقَاداً خَالِصاً وعَمَلَ عَمَلاً صَالِحاً.
- (زَلَفَهَا): أَسْلَفَهَا وقَدَّمَهَا.
- (القِصَاص): المُحَاسَبَةُ والمُجَازَاةُ بِالمِثْلِ.
- (يَتَجَاوَز): يَعفُو.
-- فَالحَدِيْثُ الشَّرِيْفُ دَلِيلٌ عَلَى الخَوَارِجِ وغَيْرِهِمْ مِنَ المُكَفِّرِينَ بِالذُّنُوبِ والمُوجِبِينَ لِخُلُودِ المُذْنِبِينَ فِي النَّارِ، فَأَوَّلُ الحَدِيثِ يَرُدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الزِّيَادَةَ والنَّقْصَ فِي الإِيمَانِ لِأَنَّ الحُسْنَ تَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُهُ، وآخِرُهُ يَرُدُّ عَلَى الخَوَارِجِ والمُعْتَزِلَةِ .
حاتم أحمد الشحري
2017-04-20, 11:32 PM
(8) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولُ اللهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ ، وَكِتَابِهِ، وَلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 50)، ومُسْلِمٌ (1/ 10)، والنَّسَائِيُّ (8/ 4991)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 64)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (15/ 9128)، وابْنُ رَاهويه فِي "المُسْنَد" (1/ 166)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (6/ 30309)، وابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "الصَّحِيح" (4/ 2244)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 159).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيث: هُـــــوَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ الدَّوْسِيُّ اليَمَانِيُّ؛ كَانَ مِنْ حُفَّاظِ الصَّحَابَةِ المُوَاظِبِينَ عَلَى صُحبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الهِجرَةِ، وتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وخَمْسِينَ (58 هـ)، وهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وسَبْعِينَ سَنَة (78)؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (بَارِزًا): ظَاهِراً لَهُم وجَالِساً مَعَهُم.
- (فَأَتَاهُ رَجُلٌ): هُوَ جِبرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
- (مَا الإِيْمَان): مَا حَقِيقَةُ الإِيْمَانِ.
- (أَنْ تُؤْمِنَ): تُصَدِّق.
- (بِاللهِ): بِوَحْدَانِيَّت ِهِ تَعَالَى.
- (وَمَلَائِكَتِه ): وبُوجُودِ عِبَادٌ لَهُ مُكرمين لاَ يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
- (وَكِتَابِهِ): الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى بَعْضِ رُسُلِهِ، والمُرَادُ بِكِتَابِهِ الجِنْسُ الصَّادِقُ بِجَمِيْعِ كُتُبِهِ المُنَزَّلَة عَلَى رُسُلِهِ.
- (وَلِقَائِهِ): سُبْحَانَهُ وتَعَالَى بِالمَوْتِ.
- (وَرُسُلِهِ): الَّذِينَ أَرْسَلَهُم اللهُ بِشَرِيعَتِهِ إِلَى جَمِيْعِ المُكَلِّفِينَ لِيَأْمُرُوهُم بِهَا.
- (وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ): القِيَامُ لِلْحِسَابِ، وقَد وُصِفَ البَعْثُ بِالآخِرِ تَأْكِيدًا أَوْ لِأَنَّ الخُرُوجَ مِنَ الأَرْحَامِ بَعْثٌ أَوَّلٌ.
-- وقَد اخْتُلِفَ فِي المُرَادِ بِالجَمْعِ بَيْنَ الإِيْمَانِ بِلِقَاءِ اللهِ تَعَالَى والإِيْمَانِ بِالبَعْثِ، فَقِيْلَ: اللِّقَاءُ يَحْصُلُ بِالاِنْتِقَالِ إِلَى دَارِ الجَزَاءِ والبَعْثِ بَعْدَهُ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ؛ وقِيْلَ: اللِّقَاءُ مَا يَكُونُ بَعْدَ البَعْثِ عِنْدَ الحِسَابِ، ثُمَّ لَيْسَ المُرَادُ بِاللِّقَاءِ رُؤْيَةُ اللهِ تَعَالَى فَإِنَّ أَحَدًا لاَ يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ بِرُؤْيَةِ اللهِ تَعَالَى، لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالمُؤْمِنِيْن َ ولاَ يَدرِي الإِنْسَانُ بِمَاذَا يُخْتَمُ لَهُ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-21, 05:04 PM
( 9 ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ».
أَولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 16)، ومُسْلِمٌ (1/ 43)، والتِّرْمِذِيُّ (5/ 2624)، والنَّسَائِيُّ (8/ 4988)، وابْنُ مَاجَةَ (2/ 4033)، وأَحْمَدُ (21/ 13592)، وابْنُ أَبِي شَيْبَة فِي "المُصَنَّف" (6/ 30360)، وأَبُو دَاودَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "المُسْنَد" (3/ 2071)، وابْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (2/ 1326)، وأَبُو يَعْلَى فِي "المُسْنَد" (5/ 3142)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيْح" (1/ 238)؛ والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الكَبِير" (1/ 724) وفِي "المُعجَم الأَوْسَط" (2/ 1149) وفِي "المُعجَم الصَّغِير" (2/ 728) وفِي "مُسْنَد الشَّاميين" (3/ 2349).
ثَانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــــوَ : أَنَسُ بنُ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ ضَمْضَمٍ بْنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ، أَبُو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، خَادِمُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتِلْمِيذُهُ، وآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً بِالبَصرَة ... وُلِدَ أَنَسٌ قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِعَشْرِ سِنِين، وخَدَمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، ودَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ المَالِ والوَلَدِ إِذْ قَال: (اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ)، وتُوفِّيَّ بِالبَصرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وتِسْعِيْنَ (93 هـ)، وكَانَ عُمُرُهُ مِائَةً وثَلاَث سِنِيْنَ (103)؛ رَضيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً : شَرحُ الحَدِيثِ:
- (ثَلَاثٌ): مُبْتَدَأ، والتَّقْدِيرُ: خِصَالٌ ثَلَاثٌ.
- (مَنْ كُنَّ فِيهِ): خَبَرٌ.
- (حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ): لَذَّتَهُ ورَغْبَتَهُ. وَأُوثِرَت الحَلَاوَةُ: لِأَنَّهَا أَظْهَرُ اللَّذَّاتِ الحِسِّيَّةِ. والمَعْنَى: اسْتِلْذَاذُ الطَّاعَاتِ وإِيثَارِهَا عَلَى جَمِيعِ الشَّهَوَاتِ والمُسْتَلَذَّا تِ، وتَحَمُّلُ المَشَاقِّ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ، والرِّضَا بِالقَضَاءِ فِي جَمِيعِ الحَالَات.
- (مِمَّا سِوَاهُمَا): يَعُمُّ ذَوِي العُقُولِ وغَيْرِهِمْ مِنَ المَالِ، والجَاهِ، وسَائِرِ الشَّهَوَاتِ والمُرَادَاتِ.
- (لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ): لاَ يَقْصِدُ مِنْ حُبِّهِ غَرَضًا دُنْيَوِياً.
- (يُقْذَفَ): يُرْمَى.
-- فَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ مَحَبَّةً صَادِقَةً مِنْ قَلْبِهِ، أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ أَنْ يُحِبَّ بِقَلْبِهِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسُولُهُ، ويَكْرَهُ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، ويَرْضَى مَا يَرْضَى اللَّهُ ورَسُولُهُ، ويَسْخَطُ مَا يَسْخَطُ اللَّهُ ورَسُولُهُ، وأَنْ يَعْمَلَ بِجَوَارِحِهِ بِمُقْتَضَى هَذَا الحُبِّ والبُغْضِ، فَإِنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ ورَسُولُهُ، أَوْ تَرَكَ بَعْضَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسُولُهُ، مَعَ وُجُوبِهِ والقُدْرَةِ عَلَيْهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى نَقْصِ مَحَبَّتِهِ الوَاجِبَةِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ مِنْ ذَلِكَ، وَيَرْجِعَ إِلَى تَكْمِيلِ المَحَبَّةِ الوَاجِبَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ولَمْ يُوَافِقِ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ، فَدَعَوَاهُ بَاطِلَةٌ، وكُلُّ مُحِبٍّ لَيْسَ يَخَافُ اللَّهَ، فَهُوَ مَغْرُورٌ ... فَجَمِيعُ المَعَاصِي إِنَّمَا تَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيمِ هَوَى النُّفُوسِ عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وهِيَ تَقَعُ مِنْ تَقْدِيمِ الْهَوَى عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ. وكَذَلِكَ البِدَعُ، إِنَّمَا تَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيمِ الهَوَى عَلَى الشَّرْعِ، ولِهَذَا يُسَمَّى أَهْلُهَا أَهْلَ الأَهْوَاءِ؛ وكَذَلِكَ حُبُّ الأَشْخَاصِ، الوَاجِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَيَجِبُ عَلَى المُؤْمِنِ مَحَبَّةُ اللَّهِ ومَحَبَّةُ مَنْ يُحِبُّهُ اللَّهُ مِنَ المَلَائِكَةِ والرُّسُلِ والأَنْبِيَاءِ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ عُمُومًا، ولِهَذَا كَانَ مِنْ عَلَامَاتِ وُجُودِ حَلَاوَةِ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-21, 06:12 PM
( 10 ) وعَنْ أَنَسٍ أَيْضًا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».
أَولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 15)، ومُسْلِمٌ (1/ 44)، والنَّسَائِيُّ (8/ 5013)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 67)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (20/ 12814)، والدَّارِميُّ فِي "السُّنَن" (3/ 2783)، وأَبُو يَعْلَى فِي "المُسْنَد" (5/ 3049)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيْح" (1/ 179)، وابْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (1/ 1175)، والرُّويَانِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1348).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (أَحَبَّ إِلَيْه): مُقَدَّماً لَدَيْهِ، وعُنْوَانُ ذَلِك الطَّاعَةُ والاِقْتِدَاءُ وتَركُ المُخَالَفَةَ ... وَمِنْ مَحَبَّتِهِ نَصْرُ سُنَّتِهِ، والذَّبُّ عَنْ شَرِيعَتِهِ، وتَمَنِّي إِدْرَاكِهِ فِي حَيَّاتِهِ لِيَبْذُلَ نَفْسَهُ ومَالَهُ دُونَهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
ابو عبد الاله المسعودي
2017-04-22, 12:01 AM
بارك الله فيك واصل بالتوفيق
حاتم أحمد الشحري
2017-04-22, 06:31 AM
بارك الله فيك واصل بالتوفيق
جزاك الله خيرًا وبارك فيك وأحسن إليك
حاتم أحمد الشحري
2017-04-22, 06:34 AM
( 11 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ».
أَولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 9) واللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (1/ 35)، وأَبُو دَاودَ (4/ 4676)، والنَّسَائِيُّ (8/ 5004)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 57)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (15/ 9361)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (5/ 25339)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيْح" (1/ 167).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (بِضْع): البِضْعُ مْنَ الشَّيْء: القِطعَةُ مِنْهُ، وفِي العَدَدِ: هُوَ مِنَ الوَاحِدِ إِلَى العَشَرَةِ؛ وقِيْلَ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ.
- (شُعْبَة): قِطْعَة مِنَ الشَّيْء، والمُرَادُ بِهَذِهِ الخِصَال أُصُولُ الخَيْرِ مِنْ الأَقْوَالِ والأَفْعَالِ؛ فَالإِيمَانُ إِنَّمَا هُوَ تَصْدِيقُ القَلْبِ، وهَذِهِ الخِصَالُ تَنْبَعِثُ عَنْهُ، فَسُمِّيَت إِيمَانًا.
- (الحَيَاء): صِفَةٌ فِي النَّفْسِ وهِيَ: تَغَيُّرٌ وانْكِسَارٌ يَعْتَرِيَ الإِنْسَانَ مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ ويُذَمُّ.
-- والمَعنَى: أَنَّ الحَيَاءَ يَقْطَعُ صَاحِبَهُ عَنِ المَعَاصِي ويَحْجِزُهُ عَنْهَا، فَصَارَ بِذَلِكَ مِنَ الإِيْمَانِ، إِذِ الإِيْمَانُ بِمَجْمُوعِهِ يَنْقَسِمُ إِلَى اِئْتِمَارِ لِمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ واِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-22, 06:38 AM
(12) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْـهُ، فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 24) ولَهُ اللَّفْظُ؛ ومُسْلِمٌ (1/ 36)، وأَبُو دَاوُدَ (4/ 4795)، والتِّرمِذِيُّ (5/ 2615)، والنَّسَائِيُّ (8/ 5033)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 58)؛ وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (10/ 6341)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (5/ 25340)، وابْنُ الجَعْدِ فِي "المُسْنَد" (1/ 2872)، والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (1/ 638)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (1/ 725)، وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (9/ 5424)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (2/ 610)؛ والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الأَوْسَط" (5/ 4932) وفِي "المُعجَم الصَّغِير" (2/ 744).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (يَعِظُ أَخَاه فِي الْحَيَاء): يَنْصَحُهُ ويَنْهَاهُ عَنْهُ ويُقَبِّحُ لَهُ فِعْلَهُ ويَزْجُرُهُ عَنْ كَثْرَتِهِ.
- (دَعْه): اتْرُكْهُ عَلَى حَالِهِ مِنْ كَثْرَةِ الحَيَاءِ.
- (فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَان): أَيْ مِنْ شُعَبِهِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-22, 06:40 AM
(13) وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 13)، ومُسْلِمٌ (1/ 45)، والتِّرمِذِيُّ (4/ 2515)، والنَّسَائِيُّ (8/ 5016)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 66)؛ وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (20/ 12801)، والدَّارِمِيُّ فِي "السُّنَن" (3/ 2782)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (1/ 1174)، وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (5/ 2950)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 234)، والروياني في "المُسند" (2/ 1348).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُم): الإِيْمَان الكَامِل.
- (مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ): مِن فِعَال الخَيْرِ.
-- والمَقْصُودُ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ خِصَالِ الإِيمَانِ الوَاجِبَةِ أَنْ يُحِبَّ المَرْءُ لِأَخِيهِ المُؤْمِنِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، ويَكْرَهَ لَهُ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَقَدْ نَقَصَ إِيمَانُهُ بِذَلِكَ ... فَإِنْ قِيْلَ: كَيْفَ يَتَصَوَّرُ هَذَا وكُلُّ أَحَدٍ يُقَدِّمُ نَفْسَهُ فِيمَا يَخْتَارهُ لَهَا، ويُحِبُّ أَنْ يَسْبِقَ غَيْرَهُ فِي الفَضَائِلِ، وقَد سَابَقَ عُمَرُ أَبَا بَكْرٍ؟! فَالجَوَابُ: أَنَّ المُرَادَ حُصُولُ الخَيْرِ فِي الجُمْلَةِ، واِنْدِفَاعُ الشَّرِّ فِي الجُمْلَةِ؛ فَيَنْبَغِي لِلْإنْسَانِ أَنْ يُحِبَّ ذَلِكَ لِأَخِيْهِ كَمَا يُحِبّهُ لِنَفْسِهِ، فَأَمَّا مَا هُوَ مِنْ زَوَائِدِ الفَضَائِلِ وعُلُوِ المَنَاقِبِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْثِر سَبْقَ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ فِي ذَلِك.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-22, 08:40 AM
(14) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 10)، ومُسْلِمٌ (1/ 41)، وأَبُو دَاودَ (3/ 2481)، والنَّسَائِيُّ (3/ 2481)، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (11/ 6515)، والدَّارِمِيُّ فِي "السُّنَن" (3/ 2758)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (1/ 336)، والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (5/ 606)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 230)، والبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَن الكَبْرَى" (10/ 20755).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــــوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ بنِ وَائِلٍ بْنِ هَاشِمِ بنِ سُعَيْدِ بنِ سَعْدِ بنِ سَهْمِ أَبُو مُحَمَّدٍ السَّهْمِيُّ القُرَشِيُّ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابْنُ صَاحِبِهِ .... وُلِدَ عَبْدُ اللهِ قَبْل الهِجْرَةِ بِتِسْعِ سَنَوَاتٍ، ولَيْسَ أَبُوْهُ أَكْبَرَ مِنْهُ إِلاَّ بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً! وقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيْهِ، وتُوفِّيَّ سَنَةَ ثَلاَثٍ وسِتِّيْنَ (63 هــ)؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (المُسْلِم): المُسْلِمُ الحَقِيقِيُّ.
- (مِنْ لِسَانِهِ): بِالشَّتْمِ، واللَّعْنِ، والغِيبَةِ، والبُهْتَانِ، والنَّمِيمَةِ، والسَّعْيِ إِلَى السُّلْطَانِ، وغَيْرِ ذَلِكَ ... وقَدَّمَ اللِّسَانَ: لِأَنَّ الإِيذَاءَ بِهِ أَكْثَرُ وأَسْهَلُ، ولِأَنَّهُ يَعُمُّ الأَحْيَاءَ والأَمْوَاتَ، وابْتُلِيَ بِهِ الأَكْثَرون خُصُوصًا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ.
- (وَيَدِهِ): بِالضَّرْبِ، والقَتْلِ، والهَدْمِ، والدَّفْعِ، والكِتَابَةِ بِالْبَاطِلِ، ونَحْوِهَا.
- (المُهَاجِر): الحَقِيقِيُّ. والهِجْرَةُ هِيَ: مُفَارَقَةُ الأَهْلِ والوَطَنِ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى؛ والمُرَادُ بِهَا هُنَا: تَركُ المَعَاصِي.
- (هَجَرَ): تَرَكَ.
- (مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ): أَي: مَا حَرَّمَ اللَّهُ ورَسُوُلهُ عَلَيْهِ فِي الكِتَابِ والسُّنَّة.
-- ويُسْتَنْبَطُ مِنَ الحَدِيْثِ الشَّرِيْفِ فَوَائِد، مِنْهَا: الأُوْلَى: الحَثُّ عَلَى تَرْكِ أَذَى المُسْلِمِيْنَ بِكُلِّ مَا يُؤْذِي ... والثَّانِيَةُ: فِيْهِ الرَّدُّ عَلَى المُرْجِئَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُم إِسْلَامٌ نَاقِصٌ ... والثَّالِثَةُ: فِيْهِ الحَثُّ عَلَى تَرْكِ المَعَاصِي واجْتِنَابِ المَنَاهِي.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-23, 03:02 AM
(15) عَن الأَغَرِّ بْنِ يَسَارٍ المُزنِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ (4/ 2702)، والبُخَارِيُّ فِي "الأَدَبِ المُفْرَد" (1/ 621)، والنَّسَائِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (9/ 10206) وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (29/ 17850) وأَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (6/ 29444)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (1/ 363)، والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الكَبْيِر" (1/ 883)، والرُّويَانِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1489).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــوَ : الأغرّ بن يسار المزني، صَحَابِيٌّ؛ مِن المُهَاجِرِينَ، لَهُ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثٍ، ولاَ يُعْرَفُ لَهُ تَارِيخُ مَوْلِدٍ ولاَ وَفَاةٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (يَا أَيُّهَا النَّاس): المُرَادَ هُمُ المُؤْمِنُونَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. (سورة النُّور، الآية رقم: 31)
- (فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْه): أَرْجِعُ رُجُوعًا يَلِيقُ بِهِ، وإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ بَيْنَ يَدَيْهِ (سُبْحَانَهُ وتَعَالَى).
- (فِي اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّة): يُرَادُ بِهَا التَّكْثِيرُ مِنَ الاِسْتِغفَارِ ... فَإِذَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ فِي اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وهُوَ المَعصُومُ!! فَنَحنُ أَوْلَى بِأَنْ نَسْتَغْفِر اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ونَتُوبُ إِلَيْهِ فِي السَاعَةِ أَلفَ مَرَّةٍ.
واعلَم أَنَّ لِلتَّوْبَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: ( 1 ) أَنْ يُقْلِعَ عَنِ المَعْصِيَةِ. ( 2 ) وأَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا. (3) وأَنْ يَعزِم عَزْماً جَازِماً عَلَى أَنْ لاَ يَعوُد إِلَى مِثْلِهَا أَبَدًا. فَإِنْ كَانَتِ المَعْصِيَةُ تَتَعَلَّقُ بِآدَمِيٍّ فَلَهَا شَرْطٌ رَابِعٌ وهُوَ: ( 4 ) رَدُّ الظُّلَامَةِ إِلَى صَاحِبِهَا أَوْ تَحْصِيلُ البَرَاءَةِ مِنْهُ ... فَإِذَا تَابَ الإِنْسَانُ إِلَى رَبِّه سَبْحَانَه وتَعَالَى، حَصَلَ بِذَلِك فَائِدَتَيْن: فَالأُولَى : اِمْتِثَالُ أَمْرِ اللهِ ورَسُولِه؛ وفِي اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ ورَسُولِهِ كُلُّ الخَيْرِ، فَعَلَى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ ورَسُولِهِ تَدُورُ السَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ ... والثَّانِيَة : الاِقْتِدَاءُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم.
-- فَفِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: وُجُوبُ التَّوْبَةِ والاِسْتِغْفَار ِ، واسْتِمْرَارِ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وعَلَى كُلِّ حَالٍ، لِأنَّ التَّوْبَةَ أَهَمُّ قَوَاعِدِ الإِسْلَامِ وهِيَ أَوَّلُ مَقَامَاتِ سَالِكِي طَرِيقِ الآخِرَةِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-25, 04:48 AM
(16) عَن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «واللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِليْهِ في اليَوْمِ أَكثْرَ مِنْ سَبْعِينَ مرَّةً».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (8/ 6307) واللَّفْظُ لَهُ، والتِّرْمِذِيُّ (5/ 3259)، وابْنُ مَاجَةَ (2/ 3815)، والنَّسَائِيُّ فِي "الكُبْرَى" (9/ 10196)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (13/ 7793)، وأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (6/ 29442)، والحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي "المُسْنَد" (2/ 1079)، وابْنُ حِبَّانَ (3/ 925)؛ والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الأَوْسَط" (3/ 2954) وفِي "المُعجَم الصَّغِير" (1/ 232).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (وَاللَّهِ): قَسَمٌ لِتَأْكِيدِ الخَبَر.
- (إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ): أَيْ: مِنْ تَقْصِيرِي فِي الطَّاعَةِ، أَوْ مِنْ رُؤْيَةِ نَفْسِي فِي العِبَادَةِ، ولِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَقِّبُ صَلَاتَهُ بِالِاسْتِغْفَا رِ عَلَى طَرِيقِ التَّرْجِيعِ والتَّكْرَارِ.
- (فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً): يُرَادَ بِهَا التَّكْثِيرُ مِنَ الاِسْتِغفَارِ.
-- واعلَم أَنَّ تَوْبَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واسْتِغْفَارَهُ كُلَّ يَوْمٍ، لَيْسَ لِذَنْبٍ، لِأَنَّهُ مَعصُومٌ، بَلْ لِاعْتِقَادِ قُصُورِهِ فِي العُبُودِيَّةِ عَمَّا يَلِيقُ بِحَضْرَةِ ذِي الجَلَالِ والإِكْرَامِ، وحَثٌّ لِلأُمَّةِ عَلَى التَّوْبَةِ والِاسْتِغْفَار ِ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ كَوْنِهِ مَعْصُومًا، وكَوْنِهِ خَيْرَ المَخْلُوقَاتِ إِذَا اسْتَغْفَرَ وتَابَ إِلَى رَبِّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَكَيْفَ بِالمُذْنِبِين.. .؟!
حاتم أحمد الشحري
2017-04-25, 04:57 AM
(17) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «للَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبةِ عَبْدِهِ حِينَ يتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى راحِلَتِهِ بِأَرْضٍ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وعَلَيْهَا طَعَامُهُ وشَرَابُهُ فأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، وقَد أَيِسَ مِنْ رَاحِلتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِها قَائِمَة عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخطامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا (8/ 6309)، ومُسْلِمٌ واللَّفْظُ لَهُ (4/ 2747)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (20/ 13229)، وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (5/ 2860)، وابْنُ حِبَّانَ (2/ 617)، والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الأَوْسَط" (8/ 8500).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (بِأَرْضِ فَلَاة): صَحَرَاء.
- (فَانْفَلَتَتْ): نَفَرَتْ وهَرَبَت.
- (وَعَلَيْهَا): عَلَى ظَهْرِهَا.
- (طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ): خُصَّا بِالذِّكْر لِأَنَّهُمَا سَبَبَا حَيَاتِهِ.
- (فَأَيِسَ مِنْهَا): مِنْ وِجْدَانِ الرَّاحِلَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا.
- (فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا): حَالَ كَوْنِهِ.
- (وَقَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ): مِنْ حُصُولِهَا وَوُصُولِهَا.
- (فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ): فِي هَذَا الحَالِ مُنْكَسِرُ البَالِ.
- (إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ) أَيْ: إِذَا الرَّجُلُ حَاضِرٌ بِتِلْكَ الرَّاحِلَةِ حَالَ كَوْنِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ ولَا تَعَبٍ.
- (فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا): زِمَامِهَا فَرِحًا بِهَا فَرَحًا لَا نِهَايَةَ لَهُ.
- (ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ): أَي: بِسَبْقِ اللِّسَانِ عَنْ نَهْجِ الصَّوَابِ.
- (مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ): كَرَّرَهُ لِبَيَانِ عُذْرِهِ وسَبَبِ صُدُورِهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الفَرَحِ رُبَّمَا يَقْتُلُ صَاحِبَهُ وَيُدْهِشُ عَقْلَهُ، حَتَّى مَنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ إِدْرَاكِ البَدِيهِيَّاتِ .
حاتم أحمد الشحري
2017-04-25, 11:42 AM
(18) عَنْ أَبِي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا، تَابَ اللهُ علَيْهِ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ : رَوَاهُ مُسْلِمٌ (4/ 2703)، والنَّسَائِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (10/ 11115)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (13/ 7711)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (2/ 629)، والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الأَوْسَط" (7/ 7344)، والحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي "المُسْنَد" (2/ 1077).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا، تَابَ اللهُ علَيْه): هَذَا حَدٌّ لِقَبُولِ التَّوْبَةِ، حَيْثُ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا}، (سُورَة الأَنْعَام: 158)، فَهَذَا دَلِيلٌ مِن الآَيَةِ الكَرِيمَةِ والحَدِيْثِ الشَّرِيفِ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت مِن مَغْرِبَهَا، اِنْتَهَى قَبُول التَّوْبَة.
-- فَقَد يَسْأَل سَائِلٌ، فَيَقُول: هَل الشَّمْسُ تَطلُع مِن مَغْرِبَهَا؟! المَعرُوف أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِن المَشْرِق؟! ... فَالإِجَابَـةُ: نَعَم! هَذَا هُوَ المَعرُوفُ بِيْنَ النَّاسِ، أَنْ تَطلُعَ الشَّمْسُ مِن المَشْرِقِ، فَهَذَا هُوَ المُطَّرِدُ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ الشَّمْسَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا؛ لَكِن فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَأْمُرُ اللهُ الشَّمْسَ أَنْ تَرجِعَ مِن حَيْث جَاءَت، فَتَنْعَكِس الدَّورَةُ، وتَطلُع مِن مَغْرِبهَا، فَإِذَا مَا رَآهَا النَّاسُ آمَنُوا كُلُّهُم، حَتَّى الكُفَّار! ولَكِن الَّذِي لَم يُؤْمِن قَبْلَ أَنْ تَطلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبَهَا، فَلاَ يَنْفَعُهُ إِيْمَانُهُ؛ وكَذَلِكَ الَّذِي لَم يَتُب قَبْلَ أَنْ تَطلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبَهَا، فَلاَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ آيَةٌ يَشْهَدُهَا كُلُّ مَخْلُوقٍ، فَإِذَا جَاءَت الآيَاتُ المُنْذِرَةُ، لَمْ تَنْفَع التَّوْبَةُ ولَمْ يَنْفَع الإِيمَانُ ... فَعَلَى المُسْلِمِ أَنْ يُبَادِرَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الذُّنُوبِ، وأَنْ يُقْلِعَ عَمَّا كَانَ مُتَلَبِّساً بِهِ مِنَ المَعَاصِي، وأَنْ يَقُومَ بِمَا فَرَّطَ بِهِ مِنَ الوَاجِبَاتِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-25, 09:28 PM
(19) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ واللَّفْظُ لَهُ (1/ 71)، ومُسْلِمٌ (3/ 1037) وابْنُ مَاجَةَ (1/ 221) وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (28/ 16878) والدَّارمِي فِي "السُّنَن" (1/ 232) وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (6/ 31045) وابن حِبَّانَ (2/ 310) وأَبُو دَاودَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1059) وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (1/ 412)، والطَبَرَانِيُّ فِي "المُعجَم الكَبِير" (19/ 911) وفِي "المُعجَم الأَوْسَط" (8/ 8766).
ثانياً: رَاوِي الحِدِيْثِ: هُــــوَ : أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ/ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بنِ حَرْبٍ بْنِ أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ القُرَشِيُّ. أَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيْهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّة، وَهُوَ أَحَدُ الَّذِينَ كَتَبُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْي، تَوَلَّى الخِلاَفَةَ عِشْرِينَ سَنَةً، وكَانَ طَوِيْلاً، أَبْيَضَ، جَمِيْلاً، مَاتَ فِي رَجَبٍ بِدِمَشْقَ سَنَةَ سِتِّينّ (60 هـــ)، وَلَهُ ثَمَانٌ وسَبْعُونَ سَنَةً (78)، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (خَيْرًا): عَظِيما كَثِيرًا.
- (يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ): يَجْعَلْهُ عَالِمًا فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ ذَا بَصِيرَةٍ فِيهَا.
- (إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي): أَي: أَنَا أُقَسِّمُ الْعِلْمَ بَيْنَكُمْ، فَأُلْقِي إِلَيْكُمْ جَمِيعًا مَا يَلِيقُ بِكُلِّ أَحَدٍ، وَاللَّهُ يُوَفِّقُ مَنْ يَشَاءُ مِنْكُمْ لِفَهْمِهِ. وَمِنْ ثَمَّ تَفَاوَتَتْ أَفْهَامُ الصَّحَابَةِ مَعَ اسْتِوَاءِ تَبْلِيغِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
- (وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ): لاَ يَخْلُو زَمَانٌ إِلاَّ وتُوْجَد فِيهِ تِلْكَ الطَّائِفَة القَائِمَة عَلَى الحَقِّ إِلَى أَن يَشَاء اللهُ تَعَالَى.
- (قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ): حَافِظَةً لِدِينِ اللهِ الحَقّ ،وَهُوَ الإِسْلاَم، وعَامِلَةً بِهِ.
- (حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ): يَوْم القِيَامَة.
حاتم أحمد الشحري
2017-04-29, 11:25 PM
(20) عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 66)، ومُسْلِمٌ (4/ 2167) والتِّرمِذِيُّ (5/ 2724)، ومَالِكٌ فِي "المُوَطأ" (1/ 4)، وأَحْمَدُ فِي "المُسنَد" (36/ 21907) وأَبُو يَعْلَى فِي "المُسنَد" (3/ 1445).
ثانياً: رَاوِي الحِدِيْثِ: هُـــوَ: الْحَارِثُ بْنُ عَوْفِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عُتْوَارَةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ شُجَعِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ؛ لَهُ صُحْبَةٌ، أَسْلَمَ عَامَ فَتْحِ مَكَّة، ومَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ (68 هــ) وَسِنُّهُ خَمْسٌ وسَبْعُونَ سَنَةً (70)، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرْحُ الحَدِيْثِ:
- (فِي الْمَسْجِد): النَّبَوِيِّ بالمَدِينَة المُنَوَّرَة.
- (وَالنَّاسُ مَعَه): جُمْلَةٌ حَالِيَّة.
- (نَفَر): عِدَّة رِجَال مِنْ ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة.
- (فَلَمَّا وَقَفَا عَلَى مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ): أَيْ عَلَى مَجْلِسِهِ.
- (فُرْجَة): هِيَ الخَلَلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْن.
- (الْحَلْقَة): هِيَ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَدِيرٍ خَالِي الوَسَطِ، والجَمْعُ حَلَقٌ.
- (فَجَلَسَ فِيهَا): فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّحْلِيقِ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ والعِلْمِ، وأَنَّ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِن غَيْرِهِ.
- (فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ): انِتَهَى مِمَّا كَانَ مُشْتَغِلًا بِهِ مِنْ تَعْلِيمِ العِلْمِ أَوِ الذِّكْرِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
- (أَلَا): حَرْفُ تَنْبِيهٍ، يُسْتَفْتَحُ بِهِ الكَلَامُ لِتَنْبِيهِ المُخَاطَبِ عَلَى ذَلِكَ لِتَأَكُّدِ مَضْمُونِهِ عِنْدَ التَّكَلُّم.
- (فَأَوَى): لَجَأَ.
- (فَاسْتَحْيَا): أَيْ تَرَكَ المُزَاحَمَةَ كَمَا فَعَلَ رَفِيقُهُ حَيَاءًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ أَصْحَابِهِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-05-06, 07:21 PM
(21) عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» .
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 77)، ومُسْلِمٌ (1/ 816)، وابْنُ مَاجَةَ (2/ 4208)، والنَّسَائِيُّ فِي "الكُبْرَى" (5/ 5809)، وأحمد في "المُسْنَد" (6/ 3651)، وأَبُو دَاودَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "المُسْنَد" (1/ 367)، والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (1/ 99)، وأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُسْنَد" (1/ 194)، وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (9/ 5078)، والبَزَّارُ فِي "المُسْنَد" (5/ 1890)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 90)، وأَبُو سَعِيدٍ الشَّاشِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 749)؛ والبَيْهقِيُّ في "الكُبْرَى" (10/ 20164) وفِي "الصُّغْرَى" (4/ 3226).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيثِ: هُـــــوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ غَافِلِ بنِ حَبِيْبٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهُذَلِيُّ، المَكِّيُّ، المُهَاجِرِيُّ، البَدْرِيُّ. الإِمَامُ الحَبْرُ، فَقِيْهُ الأُمَّةِ، كَانَ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، ومِنَ النُّجَبَاءِ العَالِمِيْنَ، شَهِدَ بَدْراً، وهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ، وكَانَ يُعْرَفُ بِأُمِّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أُمِّ عَبْد ... قَالَ لَه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّكَ غُلَيِّم مُعَلَّم)؛ مَاتَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بِالمَدِيْنَةِ، ودُفِنَ بِالبَقِيْعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وثَلاَثِيْنَ (32 ه)، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (لَا حَسَدَ): الحَسَدَ هُوَ: تَمَنِّي زَوَالِ نِعْمَةِ أَحَدٍ وانْتِقَالُهَا إِلَيْهِ، وهُوَ فِعلٌ قَبِيحٌ مَذْمُومٌ إِذَا عَمِلَ الشَّخْصُ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ تَصْمِيمٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ... والمُرَادُ هُنَا الغِبْطَةُ وهِيَ: تَمَنِّي حُصُولِ مِثْلِهَا لَهُ، وأُطْلِقَ الحَسَدُ عَلَيْهَا مَجَازًا.
- (اثْنَتَيْن): خَصْلَتَيْن.
- (آتَاهُ اللَّهُ): أَعْطَاهُ.
- (مَالًا): مَالًا كَثِيرًا، ولَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا.
- (فَسُلِّطَ): وكَّلَهُ اللَّهُ ووَفَّقَهُ.
- (عَلَى هَلَكَتِهِ): إِنْفَاقِهِ، وعَبَّرَ بِذَلِكَ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبْقِي مِنْهُ شَيْئًا.
- (فِي الْحَقِّ): فِي وُجُوهِ الخَيْرِ.
- (الْحِكْمَة): هِيَ عِلْمُ أَحْكَامِ الدِّين.
- (يَقْضِي بِهَا): يَعْمَلُ ويَحْكُمُ بِالعِلْمِ الَّذِي أُوتِيهِ.
- (وَيُعَلِّمُهَا) : غَيْرَه.
حاتم أحمد الشحري
2017-05-07, 10:36 PM
(22) عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ المَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الكَلَأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى،إِنَّمَ ا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 79)، ومُسْلِمٌ (4/ 2282)، والنَّسَائِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (5/ 5812)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (32/ 19573)، وأَبُو يَعْلَى فِي "المُسْنَد" (13/ 7311)، والبَزَّارُ فِي "المُسْنَد" (8/ 3169).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبٍ الأَشْعَرِيُّ، التَّمِيْمِيُّ. الإِمَامُ الأَمِيرُ الكَبِيْرُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أَسْلَمَ بِمَكَّةَ قَدِيماً، ووَلِيَ إِمْرَةَ الكُوْفَةِ والبَصْرَةِ، وغَزَا وجَاهَدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحَمَلَ عَنْهُ عِلْماً كَثِيْراً، ولَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ أَحْسَنَ صَوْتاً مِنْهُ ... قَالَ عَنْهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيْماً)؛ تُوُفِّيَ أَبُو مُوْسَى بِمَكَّةَ فِي شَهْرِ ذِيْ الحَجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وأَرْبَعِيْنَ (44 هــ)، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (الْهُدَى): الدَّلَالَةُ عَلَى الخَيْرِ مُطْلَقًا أَو المُوَصِّلَةُ إِلَى الحَقِّ.
- (الْغَيْث): المَطَر؛ واخْتَارَ اسْمَ الغَيْثِ: لِيُؤْذِنَ بِاضْطِرَارِ الخَلْقِ إِلَيْهِ؛ فَالغَيْثُ يُحْيِي البَلَدَ المَيِّتَ، والعِلْمُ يُحْيِي القَلْبَ المَيِّتَ.
- (الكَلَأ) و (العُشْب): أَسْمَاءٌ لِلنَّبَاتِ.
- (أَجَادِب): جَمْعُ: أَجْدَبَ؛ وهِيَ الأَرْضُ الصُّلْبَةُ الَّتِي لَا تَنْبُت.
- (قِيعَان): جَمْعُ قَاعٍ؛ وهِيَ: الأَرْضُ المُسْتَوِيَةُ المَلْسَاءُ.
- (فَقُهَ): فَهِمَ وأَدْرَكَ الكَلَامَ.
- (وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ)، أَي: بِمَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ.
- (رَأْسًا)، أَيْ: لِلتَّكَبُّرِ؛ كَمَا يُقَال: لَمْ يَرْفَعْ فُلَانٌ رَأْسَهُ بِهَذَا؛ أَيْ: لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ مِنْ غَايَةِ تَكَبُّرِهِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-05-09, 02:22 PM
( 23 ) عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اقْرَءُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (6/ 5060) واللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (4/ 2667)، والنَّسَائِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (7/ 8043)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (31/ 18816)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (6/ 30167)، وأَبُو يَعْلَى فِي "المُسْنَد" (3/ 1519)، والدَّارِمِي في "السُّنَن" (4/ 3402) وابن حِبَّان في "الصَّحِيح" (3/ 723)، والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الكَبِير" (2/ 1674)، والرُّويَانِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 972).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــوَ: جُنْدُبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُفْيَانَ البَجَلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ العَلَقِيُّ، صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثٍ. نَزَلَ الكُوْفَةَ والبَصْرَةَ، وحَضَرَ مَعَ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قِتَال الخَوَارِج، ورَوَى خَبَرَهُم؛ وتُوُفِّيَ بَعدَ سَنَةَ سِتِّينَ (60 هــ).
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (ائْتَلَفَت): اجْتَمَعَت.
- (اخْتَلَفْتُم): فِي فَهْمِ مَعَانِيهِ.
- (فَقُومُوا عَنْهُ): تَفَرَّقُوا؛ لِئَلَّا يَتَمَادَى بِكُمْ الِاخْتِلَافُ إِلَى الشَّرِّ.
حاتم أحمد الشحري
2017-05-09, 02:27 PM
( 24 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟! قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (9/ 7280)، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (14/ 8728).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّة): إِنْ أُرِيدَ مِنَ الْأُمَّةِ أُمَّةُ الإِجَابَةِ: فَالِاسْتِثْنَا ءُ مُنْقَطِعٌ؛ وعَلَيْهِ فَالآبِي هُوَ الكَافِرُ؛ وإِنْ أُرِيدَ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ: فَالِاسْتِثْنَا ءُ مُتَّصِلٌ؛ والآبِي هُوَ العَاصِي، اسْتَثْنَاهُ زَجْرًا وتَغْلِيظًا.
- (يَأْبَى): يَرْفُض.
- (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى): مَنْ أَطَاعَنِي وَتَمَسَّكَ بِالكِتَابِ والسُّنَّةِ دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وزَالَ عَنِ الصَّوَابِ وضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ فَقَد دَخَلَ النَّارَ.
حاتم أحمد الشحري
2017-05-10, 11:16 PM
(25) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاه البُخَارِيُّ (3/ 2697)، ومُسْلِمٌ (3/ 1718)، وأَبُو دَاودَ (4/ 4606)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 14)، وأَحمَدُ في "المُسْنَد" (43/ 26329)، وأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ في "المُسْنَد" (3/ 1525)، وأَبُو يَعْلَى فِي "المُسْنَد" (8/ 4594)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 27)، وابْنُ الجَارُودِ فِي "المُنْتَقَى" (1/ 1002)، والبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (10/ 20536).
ثانياً: رَاوِيَةُ الحَدِيْثِ: هِـــيَ: الصِّدِّيْقَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ/ عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، زَوجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ. وُلِدَت قَبْلَ الهِجَرَةِ بِتِسْعِ سِنِينَ، وتَزَوَّجَهَا نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بِبِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، ودَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِن الهِجْرَةِ، بُعَيْد غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَهِيَ ابْنَةُ تِسْع سَنَوَات ... قَالَ عَنْهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ)؛ تُوُفِّيَتْ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةُ فِي لَيْلَةِ السَّابِعَة عَشْرَة مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ (57 هـ)، وصَلَّى عَلَيْها أَبُو هُرَيْرَةَ، ودُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ، ولَهَا سِتَّةُ وسِتُّوْنَ سَنَةً (66)، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (مَنْ أَحْدَثَ): ابْتَدَعَ أَوْ أَظْهَرَ واخْتَرَعَ.
- (فِي أَمْرِنَا هَذَا): فِي دِيْنِ الإِسْلَام.
- (رَدٌّ): مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، أَطْلَقَ المَصْدَرَ عَلَى اسْمِ المَفْعُولِ؛ ومَعْنَاهُ: فَهُوَ بَاطِلٌ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ.
-- فَهَذَا الحَدِيْثُ الشَّرِيْفُ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الإِسْلَامِ، وهُوَ مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي رَدِّ كُلِّ البِدَعِ والمُخْتَرَعَات ِ؛ فَمَنْ أَحْدَثَ فِي الإِسْلَامِ رَأْيًا أَوْ قَوْلاً أَوْ فِعلاً لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ سَنَدٌ ظَاهِرٌ أَوْ خَفِيٌّ مَلْفُوظٌ أَوْ مُسْتَنْبَطٌ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-09-01, 03:43 PM
(26) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِم ْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (9/ 7288)، ومُسْلِمٌ (2/ 1337)، والنَّسَائِيُّ (5/ 2619)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 2)، وأَحْمَدُ فِي "المُسْنَد" (16/ 60707)، وابْنُ رَاهْوَيْه فِي "المُسْنَد" (1/ 60)، والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1158، 1159)، وابْنُ الجَعْدِ فِي "المُسْنَد" (1/ 1136)، وأَبُو يَعْلَى فِي "المُسْنَد" (11/ 6305)، وابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "الصَّحِيح" (4/ 2508)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 19)، والبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (1/ 1029).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- سَبَبُ وُرُودِ هَذَا الحَدِيثِ: كَمَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ». ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ...... .».
-- فَفِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ:
1. تَركُ الغُلُوِّ والتَّنَطُّع فِي الأُمُورِ الشَّرعِيَّة، إِذْ هُمَا سَبَبُ الهَلاَكِ.
2. تَركُ السُّؤَالِ إِلاَّ مْن ضَرُورَة عِلْمِيَّة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، فَمَنْ لَم يَعرِف عِبَادَةً أَو حُكْمًا فِي بَيَانِ حَلاَلٍ أَو حَرَامٍ حُقَّ لَهُ السُّؤَالُ، ومَا عَدَا ذَلِك فَلاَ.
3. حُرمَةُ الاِخْتِلاِفِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أَي: فِيمَا دَلَّت عَلَيْهِ مِن أَمْرٍ أَو نَهْيٍ.
4. وُجُوبُ تَركِ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
5. وُجُوبُ فِعلِ مَا أَمَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِفِعلِهِ بِحَسَبِ القُدرَةِ عَلَى ذَلِكَ والاِسْتِطَاعَة ِ.
6. حُرمَةُ الخِلاَفِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ سَبَبُ هَلاَكِ الأُمَمِ قَبْلَهُم ... وفِعْلاً هَلَكَتْ أُمُّةُ الإِسْلاَمِ، فَذَلَّت وهَانَت وعَجَزَت بِسَبَبِ اِخْتِلاَفِهَا؛ فَقَد كَانَت قَبْلَ ذَلِك عَلَى مَنْهَجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأَصحَابِهِ والتَّابِعِينَ لَهُم لِمُدَّةِ ثَلاَثَةِ قُروُنٍ، فَفَتَحَ اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى لَهُم البِلاَدَ وهَدَى عَلَى أَيْدِيهِم العِبَادَ، فَسَادُوا الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا عِلْمًا وجَاهاً؛ ثُمَّ مَكَرَ بِهَا العَدُّو، وفَرَّقَهَا مَذَاهِبَ وطَوَائِفَ ودُوَيْلاَتٍ، فَضَعُفَت واسْتَكَانَت، حَتَّى صَارَت فِي ذَيلِ الأُمَمِ؛ ولاَ حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
7. وَاجِبُ المُسْلِمِينَ اليَوْمَ هُوَ: العَوْدَةُ إِلَى كِتَابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَتَنْتَهِي الفُرقَة والخِلاَف، فَلاَ مَذْهَبِيَّة ولاَ طَائِفِيَّة، ولَكِن أُمَّة الإِسْلاَم مُتَّحِدَة عَقِيدِةً وعِبَادَةً وأَدَباً وخُلُقاً وحُكْماً؛ فَتَعُودُ كَمَا كَانَت عَلَى عَهْدِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأَصحَابِهِ، فَتَسْعَد وتَسُود فِي الدُّنْيَا والآخِرَة.
حاتم أحمد الشحري
2017-09-05, 06:00 AM
(27) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ ». قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ؟!».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (9/ 7320)، ومُسْلِمٌ (4/ 2669)، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (18/ 11800)، وأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "المُسْنَد" (3/ 2292)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (15/ 6703).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (لَتَتَّبِعُنَّ) : لَتُوَافِقُنَّ بِالتَّبَعِيَّة ِ.
- (سُنَنَ مَنْ قَبْلَكُم): جَمْعُ سُنَّةٍ، وهِيَ: الطَّرِيقَةُ، حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ سَيِّئَةً. والمُرَادُ هُنَا: طَرِيقَةُ أَهْلِ الأَهْوَاءِ والبِدَعِ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِم بَعْدَ أَنْبِيَائِهِم، مِنْ تَغَيُّرِ دِينِهِم وتَحْرِيفِ كِتَابِهِم.
- (شِبْرًا شِبْرًا وذِرَاعًا بِذِرَاعٍ): سَتَفْعَلُونَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
- (جُحْرَ): وَهُوَ مِنْ أَضَيْقِ أَنْوَاعِ الجُحْرِ وأَخْبَثِهَا.
- (الضَّب): حَيَوَانٌ مِنَ الزَّوَاحِفِ، غَلِيظُ الجِسْمِ، خَشِنَهُ، ولَهُ ذَيْلٌ عَرِيْضٌ، يَكْثُرُ فِي صَحَارِي الأَقْطَارِ العَرَبيَّةِ، وفِيهِ شَبَهٌ مِنْ أَبِي بُرَيْصٍ.
- (فَمَنْ): أَيْ إِنْ لَمْ أُرِدْهُمْ فَمَنْ؟!
حاتم أحمد الشحري
2017-09-05, 06:05 AM
(28) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ (4/ 2674)، وأَبُو دَاوُدَ (4/ 4609)، والتِّرمِذِيُّ (5/ 2674)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 206)، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (15/ 9160)، والدَّارِمِيُّ فِي "السُّنَن" (1/ 530)، وأَبُو يَعلَى في "المُسْنَد" (11/ 6489)، وابن حِبَّان في "الصَّحِيح" (1/ 112)، والطَّبَرَانِيّ ُ فِي "المُعجَم الأَوْسَط" (3/ 2656).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (مَنْ دَعَا): مَنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا.
- (هُدًى): مَا يُهْدَى بِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.
- (ضَلَالَةٍ): مَا يُهْدَى بِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الطَّالِحَةِ.
- (كَانَ لَهُ): كَانَ لِلدَّاعِي.
- (مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ): فَعَمِلَ بِدَلَالَتِهِ أَو امْتَثَلَ أَمْرَهُ.
- (وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ): مَنْ أَرْشَدَ غَيْرَهُ إِلَى فِعْلِ إِثْمٍ وإِنْ قَلَّ أَوْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَعَانَهُ عَلَيْهِ.
-- فَقَد بَيَّنَ لَنَا الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى الهُدَى لَهُ مِن الأَجْرِ والثَّوَابِ مِثْلَ مَنْ اتَّبَعَهُ مَعَ اِسْتِيفَاءِ التَّابِعِينَ أُجُورَهُم كَامِلَةً، وأَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى الضَّلاَلَةِ كَعَقِيدَةٍ فَاسِدَةٍ أَو جَرِيمَةٍ مُنْكَرَةٍ أَو خُلُقٍ مَرذُولٍ فَعَلَيْهِ مَن الإِثْمِ مِثْلَ آثَامِ مَنْ اتَّبَعَهُ مَعَ اِسْتِيفَائِهِم آثَامِهِم كَامِلَةً، والسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ المُرشِدَ إِلَى الخَيْرِ كَانَت كَلِمَتُهُ سَبَباً فِي وُجُودِ هَذَا الخَيْرِ فِي المُجْتَمَعِ الإِنْسَانِيّ مِن هَؤُلاَءِ التَّابِعِينَ، فَمَا فَعَلُوهُ مِن الطَّيِبَاتِ كَأَنَّه هُوَ الَّذِي فَعَلَهُ، فَلَهُ جَزَاؤُهُ كَامِلاً مَوْفُوراً؛ وكَذَلِكَ دَاعِي الضَّلاَلَةِ كَأَنَّهُ الَّذِي اِرتَكَبَ جَرَائِمَ تَابِعِيهِ، فَعَلَيْهِ عِقَابُ مَا اجْتَرَمُواْ جَمِيعاً ... والحَدِيثُ فِيهِ تَرغِيبٌ عَظِيمٌ فِي الأَمْرِ بِالمَعرُوفِ والنَّهْيِ عَن المُنْكَرِ، الَّذِي هُوَ وَظِيفَةُ الرُّسُلِ والمُصْلِحِينَ، كَمَا فِيهِ إِنْكَارٌ شَدِيدٌ ووَيْلٌ عَظِيمٌ لِلَّذِينَ يُضِلُّونَ النَّاسَ عَن طَرِيقِ الحَقِّ، ويُزَيِّنُونَ لَهُم اِجْتَرَاحِ السَّيئَاتِ، أُولَائِكَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَلَى إِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ، ويَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالبَاطِلِ لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ، ويُفَرِّقُوا الكَلِمَةَ ويُشَتِّتُوا الجَمْعَ، زَاعِمِينَ أَنَّهُم مُجَدِّدُونَ بَاحِثُونَ، واللهُ يَعلَمُ أَنَّهُم مَا الخَيْرَ قَصَدُوا ولاَ الفَهْمَ والحَقَّ طَلَبُوا، فَكُنْ لِلخَيْرِ دَاعِياً، وعَنْ الشَّرِ مُنَفِّراً، وفِي كَنَفِ الجَمَاعَةِ مُسْتَظِلاًّ.
حاتم أحمد الشحري
2017-10-14, 05:01 AM
((-((إِلَى هَا هُنَا انْتَهَت أَحَادِيْثُ المُقَدِّمَةِ، والَّتِي اشْتَمَلَت عَلَى أَحَادِيْثِ: الإِخْــــــلاَ ص، التَّوحِيــــــ د، الإِيمَـــــــا ن ، التَّــــــوْبَ ـــــــــة، العِـــلْــــــ ـم، الاِعْــتِـــصَ ــــام بالكِتَـــــاب والسُّـنَّــــة ))-))
وللَّهِ الحَمْدُ والمِنَّةُ
حاتم أحمد الشحري
2017-10-14, 05:08 AM
1/ كِتَابُ الطَّهَارَةِ
1/ 1. فَضْلُ الوُضُوءِ
(29) عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1/ 223)، واللَّفْظُ لَهُ، والتِّرمِذِيُّ (5/ 3517)، والنَّسَائِيُّ (5/ 2437)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 280)، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (37/ 22908)، والدَّارِمِيُّ (1/ 679)، والطَبَرَانِيُّ فِي "المُعجَم الكَبِير" (3/ 3423)، والبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (1/ 185).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــوَ: الحَارِثُ بْنُ الحَارِثِ الأَشْعَرِيُّ الشَّامِيُّ، لَهُ صُحبَةٌ ورِوَايَـةٌ، وتُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (الطُّهُور): الوُضُوء.
- (شَطْر): نِصْف.
- (سُبْحَانَ اللهِ): تَنْزِيهاً للهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ كُلِّ مَا لاَ يَلِيقُ بِهِ.
- (وَالحَمْدُ للهِ): الحَمْدُ هُوَ: وَصْفُ المَحمُودِ بِالكَمَالِ مَعَ المَحَبَّةِ والتَّعظِيمِ.
- (تَملآنِ مَا بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ): والَّذِي بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرضِ مَسَافَةٌ لاَ يَعلَمُهَا إِلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.
- (والصَّلاةُ نورٌ): أَي: صَلاَةُ الفَرِيضَةِ والنَّافِلَةِ نُورٌ؛ فَهِيَ نُورٌ فِي القَلْبِ، نُورٌ فِي الوَجْهِ، نُورٌ فِي القَبْرِ، نُورٌ فِي الحَشْرِ.
- (والصَّدَقَةُ): الصَّدَقَةُ هِيَ: بَذْلُ المَالِ لِلْمُحتَاجِ تَقَرُّباً إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
- (بُرْهَانٌ): أَيْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِ المُتَصَدِّقِ.
- (وَالصَّبرُ): الصَّبْرُ هُوَ: حَبْسُ النَّفْسِ عَمَّا يَجِبُ الصَّبْر عَنْهُ وعَلَيْهِ، وهُوَ عَلَى أَنْوَاعٍ ثَلاَثَـةٍ: فالأول: صَبْرٌ عَنْ مَعصِيَةِ اللهِ: بِمَعنَى أَنْ يَحبِسَ الإِنْسَانُ نَفْسَه عَن فِعلِ المُحَرَّمِ، حَتَى مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ ... والثاني: صَبْرٌ عَلَى طَاعَةِ اللهِ: بِأَنْ يَحبِس الإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَلَى الطَّاعَةِ ... والثالث: صَبْرٌ عَلَى قَضَاءِ اللهِ وقَدَرِهِ: بِأَنْ يَحبِسَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَنْ التَّسَخُّطِ القَلْبِي أَو القَوْلِي أَو الفِعلِيّ عِنْدَ نِزُولِ المَصَائِبِ.
- (ضِيَاءٌ): لاَ يَزَالُ صَاحِبُهُ مُسْتَضِيئاً مُهْتَدِياً مُسْتَمِراً عَلَى الصَّوَابِ.
- (والقُرآن): القُرآنُ هُوَ: كَلاَمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ الأَمِينُ القَوِيُّ عَلَى قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، لاَ تَبْدِيلَ فِيهِ ولاَ تَغْيير.
- (حُجَّةٌ لَكَ أوْ عَليْكَ): أَي: أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ إِنْ تَلاَهُ وعَمِل بِهِ، وإِلاَّ فَهُوَ وَبَالٌ عَلَيْهِ.
- (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسهُ فَمُعْتقُهَا، أَوْ موبِقُهَا): أَي: كُلُّ إِنْسَانٍ يَسْعَى بِنَفْسِهِ فَمِنْهُم مَنْ يَبِيعَهَا مِن اللهِ بِطَاعَتِهِ فَيُعتِقُهَا مِن العَذَابِ؛ ومُنْهُم مَنْ يَبْيعَهَا مِن الشَّيْطَانِ والهَوَى فَيُهِلِكُهَا.
حاتم أحمد الشحري
2017-10-27, 11:14 PM
1/ 2. خِصَالُ الفِطْرَةِ
(30) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَا دُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7/ 5891)، ومُسْلِمٌ (1/ 257)، وأَبُو دَاوُد (4/ 4198)، والتِّرمِذِيُّ (5/ 2756)، والنَّسَائِيُّ (1/ 9)، وابْنُ مَاجَة (1/ 292)، ومَالِك في "المُوَطَّأ" (1/ 3)، وأَحمَد (12/ 7139)، وابْنُ أَبِي شَيْبَة (1/ 2047)، والطَّيَالِسِيّ ُ (4/ 2414)، والحُمَيْدِيُّ (2/ 965)، وأَبُو يَعْلَى (10/ 5872)، وابْنُ حِبَّانَ (12/ 5479)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 686).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (الفِطْرَة): قِيلَ هِيَ: سُّنَّةُ مِنْ سُنَنِ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِم؛ وقِيلَ: هِيَ الدِّين.
- (الْخِتَان): هُوَ لِلْوَلَدِ: قَطْعُ قُلْفَةِ الذَّكَر، وهِيَ الجِلْدَةُ الَّتِي تَكُون عَلَى أَعلَى الذَّكَر عِنْدَ الوِلاَدَةِ؛ ولِلأُنْثَى: قَطْعُ أَدَنَى جُزْءٍ مِن الجِلْدَةِ الَّتِي فِي أَعَلَى الفَرْجِ.
- (الِاسْتِحْدَاد ): حَلْقُ شَعْرِ العَانَةِ وهِيَ: الشَّعْرُ الَّذِي يَكُونُ حَوْلَ الفَرْجِ والذَّكَر؛ وسُمِّيَ اِسْتِحدَاداً لِاسْتِعمَالِ الحَدِيدَةِ، وهُوَ: المُوس.
- (تَقْلِيم): مِن القَلْمِ، وهُوَ: القَطْعُ والقَصُّ.
- (الْإِبِطِ): مَا تَحتَ مِفْصَلِ العَضُد مَعَ الكَتِف.
حاتم أحمد الشحري
2017-10-27, 11:19 PM
1/ 3. التَّوْقِيتُ فِي ذَلِكَ
(31) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الْإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً".
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1/ 258)، وأَبُو دَاوُد (4/ 4200)، والتِّرمِذِيُّ (5/ 2758، 2759)، والنَّسَائِيُّ (1/ 14)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 295)، وأَحمَد (19/ 12232)، والطَّيَالِسِيّ ُ (3/ 2255)، وابْنُ الجَعدِ (1/ 3291)، وأَبُو يَعْلَى (7/ 4185)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 691).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (وُقِّتَ): أَيْ وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- (أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَة): لَا يُتْرَكُ تَرْكًا يَتَجَاوَزُ بِهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، لَا أَنَّهُمْ وَقَّتَ لَهُمُ التَّرْكَ أَرْبَعِين.
حاتم أحمد الشحري
2017-10-28, 11:41 PM
1/ 4. كَرَاهَةُ غَمْسِ المُتَوَضِّئِ وغَيْرِهِ يَدَهُ المَشْكُوكَ فِي نَجَاسَتِهَا فِي الإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا
(32) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 162)، ومُسْلِمٌ (1/ 278) واللَّفْظُ لَهُ؛ وأَبُو دَاوُد (1/ 103)، والنَّسَائِيُّ (1/ 1)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 393)، وأَحمَدُ (12/ 7282)، والدَّارِمِيُّ (1/ 793)، وابْنُ خُزَيْمَة في "الصَّحِيح" (1/ 99)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (3/ 1061)، وأَبُو يَعْلَى (10/ 5973)، وابْنُ الجَارُود في "المُنْتَقَى" (1/ 9)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 202).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (مِنْ نَوْمِهِ): هَذَا يَدُّلَ عَلَى عُمُومِ الحُكْمِ عَقِبَ كُلِّ نَوْمٍ، سَوَاء كَانَ لَيْلاً أَو نَهَاراً.
- (فَلَا يَغْمِس): فَلَا يُدْخِل.
- (يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ): أَيْ فِي إِنَاءِ المَاءِ.
- (فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ): أَي: فَلَعَلَّهُ فِي مَنَامِهِ مَسَّ بِهَا فَرْجَهُ، أَوْ دُبُرَهُ، ولَيْسَ يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَ يَدَهُ قَطْرَةُ بَوْلٍ، أَوْ بَقِيَّةُ مَنِيٍّ، إِنْ كَانَ جَامَعَ قَبْلَ المَنَامِ؛ فَإِذَا أَدْخَلَهَا فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا، أَنْجَسَ المَاءَ وأَفْسَدَهُ ... وخُصَّ النَّائِمُ بِهَذَا، لِأَنَّ النَّائِمَ قَدْ تَقَعُ يَدُهُ عَلَى هَذِهِ المَوَاضِعِ وغَيْرِهَا، وهُوَ لَا يَشْعُرُ.
-- وقَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ العُلَمَاءِ: أَنَّ أَهْلَ الحِجَازِ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالحِجَارَةِ وبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ فَإِذَا نَامُوا عَرَقُوا فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ تَطُوفَ يَدُهُ عَلَى مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، فَاسْتَحَّبَ لَهُ غَسْلُ اليَدِ تَنَظُّفاً وتَنَزُّهاً.
-- والنَّهْيُ عَنْ الغَمْسِ قَبْلَ غَسْلِ اليَدِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ؛ لَكِنَّ الجَمَاهِيرَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ، فَلَوْ غَمَسَ يَدَهُ لَمْ يْفْسَد المَاءُ ولَم يَأْثَم الغَامِسُ، وهَذَا فِي حَقِّ مَنْ بَاتَ مُسْتَنْجِيًا بِالأَحْجَارِ، وأَمَّا مَنْ بَاتَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَفِي أَمْرِهِ سَعَةٌ؛ ويُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا غَسْلُهَا، لِأَنَّ السُّنَّةَ إِذَا وَرَدَتْ لِمَعْنًى لَمْ تَكُنْ لِتَزُولَ بِزَوَالِ ذَلِكَ المَعْنَى.
حاتم أحمد الشحري
2017-10-29, 03:23 PM
1/ 5. الإِيتَارُ فِي الَاسْتِنْثَارِ
(33) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِر ْ ثَلاَثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4/ 3295)، ومُسْلِمٌ (1/ 238)، والنَّسَائِيُّ (1/ 90)، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (14/ 8622).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (فَلْيَسْتَنْثِ ): مِن الاِسْتِنْثَارِ وهُـوَ: إِخْرَاجُ مَا فِي الأَنْفِ بِنَفَسٍ.
- (خَيْشُومِهِ): الخَيْشُومُ هُوَ: الأَنْف.
حاتم أحمد الشحري
2017-10-30, 01:36 AM
1/ 6. وُجُوبُ الوُضُوءِ مِنَ الحَدَثِ
(34) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (9/ 6954)، ومُسْلِمٌ (1/ 225)، وأَبُو دَاوُدَ (1/ 60)، والتِّرمِذِيُّ (1/ 76)، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (13/ 8222)، وابْنُ خُزَيْمَةَ في "الصَّحِيح" (1/ 11)، وابْنُ الجَارُودِ فِي "المُنْتَقَى" (1/ 66)، والبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَن الكُبْرَى" (1/ 1089).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (لاَ يَقْبَلُ): المُرَادُ بِعَدَمِ القَبُولِ هُنَا: عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلاَةِ وعَدَمُ إِجْزَائِهَا.
- (إذَا أَحْدَثَ): أَصَابَهُ الحَدَثُ، وهُوَ عَلَى نَوْعَيْن: أَكْبَر؛ وهُوَ: الجَنَابَة والحَيْض والإِسْتِحَاضَة والنِّفَاس؛ فَيَجِبُ فِيهَا الغُسْل ... وأَصْغَر؛ وهُوَ: البَوْلُ والبِرَازُ والرِّيحُ؛ فَيَجِبُ فِيهِمُ الطَّهَارَةُ والوُضُوءُ.
-- فَقَد اِتَّفَقَت أُمَّةُ الإِسْلاَمِ سَلَفاً وخَلَفاً عَلَى هَذِهِ السَّبَعَةِ بِاعتِبَارِهَا نَوَاقِض لِلْوُضُوءِ والطَّهَارَةِ؛ ولَكِن اِخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، كُلٌّ حَسَبَ اِجْتِهَادِهِ.
- (حَتَّى يَتَوَضَّأَ): حَتَّى يَتَطَهَّرَ بِمَاءٍ؛ أَوْ تُرَابٍ عِنْدَ عَدَم وُجُودِ المَاء؛ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الوُضُوءِ، لِكَوْنِهِ الأَصْلَ والغَالِب.
حاتم أحمد الشحري
2017-11-04, 01:57 AM
1/ 7. مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شَكَّ فِي الحَدَثِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِطَهَارَتِهِ تِلْكَ
(35) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ المَازِنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يَجِدُ فِي الصَّلاَةِ شَيْئًا أَيَقْطَعُ الصَّلاَةَ؟ قَالَ: «لاَ يَنْفَتِلْ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 137)، ومُسْلِمٌ (1/ 368)، وأَبُو دَاوُد (1/ 176)، والنَّسَائِيُّ (1/ 160)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 513)، وأَحمَد (26/ 16450)، وابْنُ خُزَيْمَة في "الصَّحِيح" (1/ 25)، وابْنُ الجَارُود في "المُنْتَقَى" (1/ 3)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 555).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيثِ: هُـــوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ بنِ عَاصِمِ بنِ كَعْبٍ المَازِنِيُّ، مِنْ فُضَلاَءِ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ؛ وهُوَ الَّذِي قَتَلَ مُسَيْلِمَةَ بِالسَّيْفِ مَعَ رَمْيَةِ وَحْشِيٍّ لَهُ بِحَرْبَتِهِ؛ وتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وسِتِّيْنَ (63 هــ)، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (يَجِدُ فِي الصَّلاَةِ شَيْئًا): يَشُّكُّ أَنَّهُ أَحدَثَ.
- (لاَ يَنْفَتِلْ): لاَ يَتْرُكْ الصَّلاَة.
- (حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا): أَيْ: صَوْتَ رِيحٍ يَخْرُجُ مِنْهُ.
- (أَوْ يَجِدَ رِيحًا): أَيْ: يُحِسُّ بِخُرُوجِهِ، وإِنْ لَمْ يَشُمَّهُ.
حاتم أحمد الشحري
2017-11-06, 02:05 AM
1/ 8. وُجُوبُ الَاِسْتِبْرَاء ِ مِنْ البَوْلِ
(36) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ». ثُمَّ قَالَ: «بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» . ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 216)، ومُسْلِمٌ (1/ 292) وأَبُو دَاوُدَ (1/ 20)، والتِّرمِذِيُّ (1/ 70)، والنَّسَائِيُّ (1/ 31)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 347)، وأَحمَدُ (3/ 1980)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (1/ 1304)، والطَّيَالِسِيّ ُ (4/ 2764)، وابْنُ حُمَيْدٍ (1/ 620)، والدَّارِمِيُّ (1/ 766)، وابْنُ خُزَيْمَةَ (1/ 55، 56)، وابْنُ حِبَّانَ (7/ 3128) وابْنُ الجَارُود (1/ 130)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 508).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيثِ: هُـــــوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَكِّيُّ؛ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، وحَبْرُ الأُمَّةِ، وفَقِيْهُ العَصْرِ، وإِمَامُ التَّفْسِيْرِ، كَانَ يُسَمَّى البَحْرُ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وُلِدَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَمَكَّة المُكَرَّمَة قَبْل الهِجرَة بِثَلاثِ سَنَوَات؛ ومَسَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَه ودَعَا لَه بِالحِكْمَةِ وأَنْ يَزِيدَهُ اللهُ فَهْماً وعِلْماً، إِذْ قَالَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ تَأْوِيْلَ القُرْآنِ). ومَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِف سَنَةَ ثَمَانٍ وسِتِّيْنَ (68 هـ)، وقَد عَاشَ إِحْدَى وسَبْعِيْنَ سَنَةً (71)، وكَانَ قَد كُفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (بِحَائِط): بُسْتَان مِن النَّخْل.
- (وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِير): لَا يُعَذَّبَانِ فِي أَمْرٍ يَشُقُّ وَيَكْبُرُ الإِبْتِعَادِ عَنْهُ.
- (بَلَى): أَيْ: إِنَّهُ لَكَبِيرٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
- (لاَ يَسْتَتِر): لاَ يَتَحَفَّظُ عَنْ الإِصَابَةِ بِهِ.
- (يَمْشِي بِالنَّمِيمَة): يَنْقِلُ كَلَامَ الْغَيْرِ لِقَصْدِ الْإِضْرَارِ؛ وهِيَ مِن الكَبَائِرِ ومِن أَقْبَحِ الْقَبَائِح.
- (جَرِيدَةً): غُصْنًا مِنَ النَّخْل.
- (لَعَلَّهُ): أَي العَذَاب.
حاتم أحمد الشحري
2017-11-17, 08:04 AM
1/ 9. وُجُوبُ الوُضُوءِ مِنَ المَذْي
(37) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَسَأَلَ فَقَالَ: «تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 269) واللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (1/ 303)، وأَبُو دَاوُدَ (1/ 206)، والنَّسَائِيُّ (1/ 438)، وأَحمَدُ (2/ 606)، وابْنُ خُزَيْمَة (1/ 22)، وابْنُ حِبَّان (3/ 1104)، وابْنُ الجَارُود (1/ 6).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــــوَ: أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ/ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ القُرَشِيُّ الهَاشِمِيُّ، أَبُو الحَسَن. رَابِعُ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وأَحَدُ العَشَرَةِ المُبَشَّرِينَ، وابْنُ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وزَوْجُ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، وأَبُو الحَسَنِ والحُسَيْنِ، وأَحَدُ الشُّجَعَانِ الأَبْطَالِ، ومِنْ أَكَابِرِ الخُطَبَاءِ والعُلَمَاءِ بِالقَضَاءِ، وأَوَّلُ النَّاسِ إِسْلاَماً بَعدَ خَدِيجَةَ وأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَ ... وُلِدَ بِمَكَّةَ المُعَظَّمَة، ورُبِّيَ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ولَم يُفَارِقُهُ أَبَداً، وشَهَدَ بَدراً والمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَهُ؛ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «أَمَا تَرضَى أَنْ تَكُوْنَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعدِي»، وَلِيَ الخِلاَفَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وثَلاَثِينَ (35 هـ) واسْتُشْهِدَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَربَعِينَ (40 هــ)، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (مَذَّاءً): كَثِيرَ المَذْيِ؛ وهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ أَصْفَرُ يَخْرُجُ عِنْدَ الشَّهْوَةِ الضَّعِيفَةِ كَالمُلَاعَبَةِ أَوِ النَّظَرِ.
- (فَأَمَرْتُ رَجُلًا): طَلَبْتُ مِنْهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؛ وهُوَ: المِقْدَادُ بنُ الأَسْوَدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
- (لِمَكَانِ ابْنَتِهِ): أَيْ: فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، لِكَوْنِهَا زَوْجَتَهُ.
- (فَسَأَلَ): أَيْ: مُبْهِمًا بِأَنْ قَالَ مَثَلًا: رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ ذَكَرِهِ مَذْيٌ مَا الْحُكْمُ فِيهِ...؟!
حاتم أحمد الشحري
2017-11-25, 07:03 AM
1/ 10. وُجُوبُ الوُضُوءِ مِنَ مَسٍّ الفَرْجِ
(38) عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ ».
أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (1/ 181)، والتِّرمِذِيُّ (1/ 82)، والنَّسَائِيُّ (1/ 444، 445، 446، 447)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 479)، ومَالِكٌ (1/ 58)، والشَّافِعِيُّ (1/ 58)، وأَحمَدُ (45/ 27294)، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ (1/ 411)، وابْنُ رَاهَوْيهِ (5/ 2174)، وابْنُ أَبِي شَيْبَة (1/ 1724)، والطَّيَالِسِيّ ُ (3/ 1762)، والحُمَيْدِيُّ (1/ 355)، وابْنُ حُمَيْدٍ (1/ 620)، والدَّارِمِيُّ (1/ 752)، وابْنُ خُزَيْمَة (1/ 33)، وابْنُ حِبَّان (3/ 1114)، وابْنُ الجَارُود (1/ 16، 17، 18)، والطَبَرَانِيُّ فِي "المُعجَم الكَبِير" (24/ 508) وفِي "المُعجَم الأَوْسَط" (8/ 8571) وفِي "المُعجَم الصَّغِير" (2/ 1113)، والحَاكِمُ (1/ 473، 476)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 622)؛، وهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، صَحَّحَهُ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ سَلَفاً وخَلَفاً؛ مِنْهُم: مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ وأَحمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وإِسْحَاقُ والبُخَارِيُّ والتِّرمِذِيُّ والدَّارَقُطْنِ يُّ وابْنُ خُزَيْمَةَ وابْنُ حِبَّانَ والحَاكِمُ والبَيْهَقِيُّ.
ثانياً: رَاوِيَةُ الحَدِيْثِ: هِـــيَ: بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ القُرَشِيَّةُ الأَسَدِيَّةُ. بِنْتُ أَخِي وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وأُخْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لِأُمِّهِ، وخَالَةُ مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، وجَدَّةُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ... قَالَ عَنْهَا الشَّافِعِيُّ: لَهَا سَابِقَةٌ قَدِيْمَةٌ وهِجْرَةٌ. وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَت مِنَ المُهَاجِرَاتِ. وقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وابْنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَتْ مِنَ المُبَايِعَاتِ. وقَالَ الخَطِيْبُ والذَّهَبِيُّ وابْنُ كَثِيْرٍ وابْنُ حَجَرٍ: صَحَابِيَّةٌ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (مَسَّ): لَمَسَ.
- (فَرْجَهُ): يُطلَقُ عَلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ وفَرجِ المَرأَةِ.
-- فالحَدِيثُ الشَّرِيفُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَمْسَ الفَرجِ سَوَاء أَكَانَ لِلرَّجُل أَو المَرأَةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ وقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وأَبُو هُرَيْرَةَ وابْنُ عَبَّاسٍ وعَائِشَةُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، وسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ والزُّهْرِيُّ وابْنُ الْمُسَيِّبِ ومُجَاهِدٌ وأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ والأَوْزَاعِيُّ ومَالِكٌ والشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وابْنُ مَعِينٍ وإِسْحَاقُ؛ وجُمْهُورُ العُلَمَاءِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-11-27, 02:23 AM
1 / 11. نَجَاسَةُ الدَّمِ وكيْفيَّةُ غُسْلِهِ
[center] (39) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: «تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، وَتَنْضَحُهُ، وَتُصَلِّي فِيهِ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 227)، ومُسْلِم (1/ 291)، وأَبُو دَاوُدَ (1/ 361)، والتِّرمِذِيُّ (1/ 138)، والنَّسَائِيُّ (1/ 394)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 629)، وأَحمَدُ (44/ 26981)، وابْنُ أَبِي شَيْبَة (1/ 1304)، والطَّيَالِسِيّ ُ (3/ 1743)، والحُمَيْدِيُّ (1/ 322)، وابْنُ حُمَيْدٍ (1/ 620)، والدَّارِمِيُّ (1/ 1058)، وابْنُ خُزَيْمَةَ (1/ 275)، وابْنُ حِبَّانَ (4/ 1396)، وابْنُ الجَارُودَ (1/ 120)، والبَيْهَقِيُّ (2/ 4083).
ثانياً: رَاوِيَـةُ الحَدِيثِ: هُـــــيَ: ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ/ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ التَّيْمِيَّةُ القُرَشِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، ثُمَّ المَدَنِيَّةُ، السَّيِّدَةُ، الفَاضِلَةُ، التَّقِيَّةُ، السَّخِيَّةُ، الحَسِيبَةُ، المُعَمَّرَةُ؛ وَالِدَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، وَآخِرُ المُهَاجِرَاتِ وَفَاةً، مَاتَتْ سَنَةَ ثَلاَثٍ وسَبْعِيْنَ (73 هــ) وقَد بَلَغَت مِائَـةَ سَنَة ظَنًّا؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (تَحُتُّهُ): تَفْرُكُهُ وتُزِيلُهُ.
- (تَقْرُصُهُ): تُدَلِّكُهُ بِيَدَيْهَا مَعَ صَبِّ المَاءِ عَلَيْهِ.
- (تَنْضَحُهُ): تَغْسِلُهُ بِالمَاءِ حَتَّى يَزُولَ الأَثَرُ.
حاتم أحمد الشحري
2017-11-28, 03:01 AM
1/ 12. الِاغْتِسَالُ مِنَ الحَيْضِ والِاسْتِحَاضَة ِ
(40) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، ثُمَّ صَلِّي».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 228)، ومُسْلِمٌ (1/ 333)، وأَبُو دَاوُد (1/ 282)، والتِّرمِذِيُّ (1/ 125)، والنَّسَائِيُّ (1/ 204)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 621)، ومَالِكٌ (1/ 104)، وأَحمَدُ (41/ 24523)، وابْنُ رَاهَوْيهِ (2/ 567)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (1/ 1344)، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ (1/ 1165، 1166)، والطَّيَالِسِيّ ُ (3/ 1743)، والحُمَيْدِيُّ (1/ 160)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (1/ 2676)، والدَّارِمِيُّ (1/ 801)، وأَبُو يَعلَى (7/ 4486)، وابْنُ حِبَّانَ (4/ 1350)، والدَّارَقُطْنِ يُّ (1/ 788)، وابْنُ الجَارُودِ (1/ 112)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 1546).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (أُسْتَحَاضُ): الاِسْتِحَاضَةُ هِيِ: سَيَلاَنُ الدَّمِ مِنْ فَرجِ المَرْأَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ؛ وهُوَ يَخْرُجُ مِنْ عِرْقٍ يُقَالُ لَهُ العَاذِلُ؛ والمَعنَى: يَسْتَمِّرُ بِي الدَّمُ بَعدَ أَيَّامِ الحَيْضِ المَعرُوفَةِ.
- (أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ): بَدَأَ دَمُ الحَيْضِ المُتَمَيِّز عَمَّا سِوَاه.
- (فَدَعِي الصَّلاَةَ): فَاتْرُكِ الصَّلاَةَ؛ يَعنِي لاَ تُصَلِّي حَتَّى يَنْقَطِعَ دَمُ الحَيْضِ.
- (أَدْبَرَتْ): انْقَطَعَ دَمُ الحَيْضِ المُتَمَيِّز عَنْ غَيْرِهِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-12-04, 03:43 AM
1 / 13. نسْخُ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ
(41) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَكَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ".
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 207)، ومُسْلِمٍ (1/ 354)، وأَبُو دَاوُدَ (1/ 187)، والنَّسَائِيُّ (1/ 184)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 488)، ومَالِكٌ (1/ 19)، وأَحمَدُ (3/ 1988)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (1/ 522)، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ (1/ 642)، والطَّيَالِسِيّ ُ (4/ 2784)، وابْنُ الجَعدِ (1/ 3409)، وأَبُو يَعلَى (5/ 2733)، وابْنُ خُزَيْمَةَ (1/ 41)، وابْنُ حِبَّانَ (3/ 1140)، وابْنُ الجَارُودِ (1/ 112)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 711).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ): أَكَلَ لَحمَهُ.
- (ثُمَّ صَلَّى ولَمْ يَتَوَضَّأ): فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الوُضُوءِ مِن أَكْلِ لُحُومِ الغَنَمِ؛ وهُوَ مَذْهَبُ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ والأَئِمَّةِ الأَربَعَةِ وجُمْهُورِ العُلَمَاءِ سَلَفاً وخَلَفاً ... ولَكِن اخْتَلَفُوا فِي الوُضُوءِ مِن لُحُومِ الإِبِلِ، فَمِنْهُم مَنْ أَوْجَبَ الوُضُوءَ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ». قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ».
ومَذْهَبُ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَت النَّارُ مِن اللُّحُومِ بِأَنْوَاعِهَا وغَيْرِهَا مِن سَائِرِ المَأْكُولاَتِ، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ بِجَوَابَيْنِ:
فَالأَوَّل: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَركُ الوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ".
قُلتُ: وهُوَ حَدِيْثٌ مَعلُولٌ.
والثَّانِي: أَنَّ المُرَادَ بِالوُضُوءِ غَسْلُ الفَمِ والكَفَّيْنِ؛ واللهُ أَعلَمُ.
حاتم أحمد الشحري
2017-12-04, 03:29 PM
1 / 14. المَضْمَضَةِ مِنَ اللَّبَنِ
(42) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ، وَقَالَ: «إِنَّ لَهُ دَسَمًا».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 211)، ومُسْلِمٌ (1/ 358)، وأَبُو دَاوُدَ (1/ 196)، والتِّرمِذِيُّ (1/ 89)، والنَّسَائِيُّ (1/ 187)، وابْنُ مَاجَة (1/ 498)، وأَحمَد (3/ 1951)، وابْنُ أَبِي شَيْبَة (1/ 628)، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ (1/ 642)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (1/ 649)، وأَبُو يَعلَى (4/ 2418)، وابْنُ خُزَيْمَة (1/ 46)، وابْنُ حِبَّانَ (3/ 1158)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 743).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (فَمَضْمَضَ): غَسَلَ فَمَهُ.
- (إِنَّ لَهُ دَسَمًا): الدَّسَمُ هُوَ: مَا يَظْهَرُ عَلَى اللَّبَن مِن الدُّهْنِ ... وفِيهِ اسْتِحْبَابُ المَضْمَضَةِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ؛ وكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ المَأْكُولِ والمَشْرُوبِ تُسْتَحَبُّ لَهُ المَضْمَضَةُ، لِئَلَّا تَبْقَى مِنْهُ بَقَايَا يَبْتَلِعُهَا الإِنْسَانُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-12-12, 06:14 AM
1/ 15. تَحْرِيمُ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ
(43) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَ ا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 394)، ومُسْلِمٌ (1/ 264)، وأَبُو دَاوُد (1/ 9)، والتِّرمِذِيُّ (1/ 8)، والنَّسَائِيُّ (1/ 20)، وابْنُ مَاجَة (1/ 318)، ومَالِكٌ (1/ 1)، وأَحمَد (1/ 692)، وابْنُ أَبِي شَيْبَة في "المُسنَد" (1/ 9)، والحُمَيْدِيُّ (1/ 382)، وابْنُ خُزَيْمَة (1/ 57)، وابْنُ حِبَّان (4/ 1416)، والطَبَرَانِيُّ فِي "المُعجَم الكَبِير" (4/ 3935) وفِي "المُعجَم الأَوْسَط" (5/ 4874) وفِي "المُعجَم الصَّغِير" (1/ 552)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 1601).
ثانياً: رَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــــوَ: خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصَارِيُّ، النَّجَّارِيُّ، الإِمَامُ السَّيِّدُ، المُجَاهِدُ الكَبِيْرُ، الَّذِي خَصَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنُّزُوْلِ عَلَيْهِ لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ. شَهِدَ أَبُو أَيُّوْبَ بَدْراً والمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ ومَاتَ بِالْقُسْطَنْطِ ينِيَّةِ غَازِياً سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وخَمْسِيْنَ (52 هــ)؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرحُ الحَدِيْثِ:
- (إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ): جِئْتُمْ وحَضَرْتُم مَوْضِعَ قَضَاءِ الحَاجَةِ.
- (فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ): جِهَةَ الكَعْبَةِ؛ تَعْظِيمًا لَهَا.
- (وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَ ا): تَكْرِيمًا لَهَا.
- (وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا): تَوَجَّهُوا إِلَى جِهَةِ الشَّرْقِ أَوِ الغَرْبِ.
حاتم أحمد الشحري
2017-12-19, 05:10 AM
1/ 16. اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ الخَلاَءِ
(44) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الخَلاَءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ».
أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 142)، ومُسْلِمٌ (1/ 375)، وأَبُو دَاوُدَ (1/ 4)، والتِّرمِذِيُّ (1/ 5)، والنَّسَائِيُّ (1/ 19)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 298)، ومَالِكٌ (1/ 1)، وأَحمَدُ (19/ 11947)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ في "المُسنَد" (1/ 1)، وأبُو يَعلَى (7/ 3902)، وابْنُ حِبَّانَ (4/ 1407)، والطَبَرَانِيُّ فِي "المُعجَم الصَّغِير" (2/ 888)، والبَيْهَقِيُّ (1/ 452).
ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ:
- (الخَلاَء): هُوَ المَكَان الخَالِي؛ والمُرَادُ بِهِ هُنَا: مَوْضِع قَضَاء الحَاجَة، كَالمِرحَاضِ والحَمَّامِ وغَيْرِهِمَا؛ وسُمِّيَ بِذَلِك: لِخُلُوِّه فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ قَضَاءِ الحَاجَةِ.
- (الخُبُث): ذُكُور الشَّيَاطِين.
- (الخَبَائِث): إِنَاث الشَّيَاطِين.
عمرو السنِّي
2017-12-19, 07:20 AM
اريد اسم كتاب يعتني باستنباط الاحكام والفواءد من الحديث جزاك الله خيرا
حاتم أحمد الشحري
2018-01-01, 03:51 AM
اريد اسم كتاب يعتني باستنباط الاحكام والفواءد من الحديث جزاك الله خيرا
بارك الله فيك
يوجد الكثير أخي الكريم ... منها على سبيل المثال:
- الإعلام بفوائد عمدة الأحكام/ ابن الملقن.
- مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح/ الملا القاري.
- فيض القدير شرح الجامع الصغير/ زين الدين المناوي.
- سبل السلام شرح بلوغ المرام/ الأمير الصنعاني.
- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار/ الشوكاني.
- بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار/ عبد الرحمن السعدي.
- الإفهام في شرح عمدة الأحكام/ ابن باز.
- مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح/ المباركفوري.
- شرح رياض الصالحين/ العثيمين.
وإذا أردت الاطلاع على أحد شروح دواوين السُّنَّة ففيها الخير الكثير ... وإليك أشهرها:
أولاً: صحيح البخاري:
- تفسير أحاديث الجامع الصحيح/ أبو سليمان الخطابي.
- شرح صحيح البخاري/ ابن بطال.
- المتواري على تراجم أبواب البخاري/ ابن المنير.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري/ ابن رجب الحنبلي؛ ولم يكمله.
- التوضيح لشرح الجامع الصحيح/ ابن الملقن.
- الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري/ شمس الدين الكرماني.
- اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح/ شمس الدين البرماوي.
- مصابيح الجامع/ بدر الدين الدماميني.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري/ ابن حجر.
- عمدة القاري شرح صحيح البخاري/ بدر الدين العيني.
- الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري/ شمس الدين الكوراني.
- إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري/ أبو العباس القسطلاني.
- التوشيح شرح الجامع الصحيح/ جلال الدين السيوطي.
- منحة الباري بشرح صحيح البخاري/ زكريا الأنصاري.
- المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية/ شمس الدين السفيري.
- فيض الباري على صحيح البخاري/ الكشميري.
- كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري/ الشنقيطي؛ ولم يتمه.
ثانيًا: صحيح مسلم:
- إكمال المعلم بفوائد مسلم/ القاضي عياض.
- المعلم بفوائد مسلم/ المازري.
- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج/ النووي.
- الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج/ جلال الدين السيوطي.
- الكوكب الوهَّاج والرَّوض البهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج/ محمد الأمين الهرري.
ثالثًا: سنن أبي داود:
- معالم السنن "شرح سنن أبي داود"/ أبو سليمان الخطابي.
- شرح سنن أبي داود/ بدر الدين العيني.
- عون المعبود شرح سنن أبي داود/ العظيم آبادي.
- المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود/ محمود خطاب السبكي؛ ولم يتمه، ثم شرع ابنه في إتمامه في كتاب سماه: فتح الملك المعبود تكملة المنهل العذب المورود؛ ولم يتمه أيضًا!
رابعًا: جامع الترمذي:
- النفح الشذي في شرح جامع الترمذي/ ابن سيد الناس؛ ولم يتمه.
- قوت المغتذي على جامع الترمذي/ جلال الدين السيوطي.
- العرف الشذي شرح سنن الترمذي/ الكشميري.
- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي/ المباركفوري.
خامسًا: سنن النسائي:
- ذخيرة العقبى في شرح المجتبى "شرح سنن النسائي"/ الإثيوبي الولوي.
سادسًا: موطأ مالك:
- تفسير الموطأ/ أبو المطرف القنازعي.
- القبس في شرح موطأ مالك بن أنس/ القاضي أبو بكر ابن العربي.
- المسالِك في شرح مُوَطَّأ مالك/ القاضي أبو بكر ابن العربي.
- الإعلام بسنته عليه السلام "شرح سنن ابن ماجة"/ مغلطاي بن قليج.
- تنوير الحوالك شرح موطأ مالك/ جلال الدين السيوطي.
- الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار "شرح موطأ مالك"؛ وهو اختصار "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والاسانيد" / ابن عبد البر.
- المنتقى شرح الموطأ/ أبو الوليد الباجي.
- شرح موطأ الإمام مالك/ الزرقاني.
سابعًا: مسند أحمد:
- الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني/ البنا.
**************
وفقك اللهُ لكل خير
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.