تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خطر شبكات التواصل على التحصيل العلمي



محمد بن عدة
2017-03-14, 08:51 PM
" تناول كتابَه الّذي عزم على قراءته ضِمن برنامجه العلميّ، وتهيّأَ للمطالعة، وقبل أن ينهمك في القراءة، خطر له أن يفتحَ هاتفَه الذكيَّليأخذ جولةً خاطفةً على آخر المستجدّات، وفي خُلدِه أنّه لن يتجاوز عدّة دقائق فقط.وبدأ ينقُرُ الصّفحات يسحبُها تِباعاً في شبكات التّواصُل، فرأى النّاس يتحدّثون عن واقعةٍ حدثت قريبا، فتاقَت نفسُه لمعرفة تفصيلٍ موجَزٍ عنها.. أخذ يبحث قليلا .. يُراوح بين المواقع والمعرّفات .. فلمّا استوعب الحدث، شدّه التهاب التّعليقات على الحدث، واشتعلت عدّةُ وُسُومٍ على أثرها.ثمّ تفاجأ أنّ الأمرَ قد تطوّر من التّعليق والتّعقيب، إلى الرّدود ونقض كلّ تيار لموقف الآخر، ووقع - وهو في أَتُونِ الجدل - على تعليقات طريفة لبعض الظّرفاء، أو ردود قاصمةٍ لبعض الأذكياء، فأخذ يصوّر بعضها بهاتفه، ويرسلها لبعض الأصدقاء والمجموعات التّواصليّة ..
ثمّ بقِي مترقِّبا ردّة فعل الأصدقاء، فجاءته بعضُ الرّدودِ ونشأ نقاش تواصليّ داخليٌّ آخر ..ثمّ لم يستفِق إلاّ على صوتِ المؤذِّن يفجُؤه، وقد حضر وقتُ الصّلاة الأخرى وهو لم يغادر الصّفحة الأولى من كتابه الّذي كان قد عزم على قطع شوطٍ في مطالعته ..هذه لقطةٌ مكثّفة وحزينة .. مقتطَعة من شريط طالب علمٍ قدّر الله عليه أن يعيش لحظة التّكوين العلميّ في عصر ثورة نُظُم الاتّصالات وشبكات التّواصُل ..كاتبُ هذه الأسطُر كان لديه مَهامُّ علميّةٌ وعمليّة اصطدم بوقت تسليمها قد أزِف ! فاضطُرّ للتّأجيل ..فلمّا تفكّر في نفسه رأى جزءاً من الأسباب يقع خلف الاختلاس الشّبكيّ لوقته دون أن يشعُر .. فقرّر أن يدرُس هذه الإشكاليّة، من خلال النّصوص وتحليلات العلماء، وما كشفته الدّراسات المعاصرة لهذه المُعضِلة ...والحقيقة أنّ الأمر أكبر ممّا كنت أتصوّر .. فلم يعُد مقصُوراً على شكوى الشّاب حديث العهد بطلب العلم والقراءة .. بل باتتالشّكوى من الخاصّة من المشتغلين بالعلم والدّعوة .. وقد بثّ لي بعضُ الأصفياء تباريح عن مثلِ هذه الشّكوى تتفطّر لها أكباد المعرفة:فبعضُ طلاّب العلم يقول إنّه تأخّر عن إنجاز رسالته الأكاديميّة بسبب انهماكِه في شبكات التّواصُل ...وآخرُ يذكرُ أنّه بم يستطِع التّوازن فاضطُرّ إلى حذف حسابه مراراً ...وآخرُ ذكر لي أنّه بات يتصفّح صامتاً ويتحاشى التّعليق في شبكات التّواصُل حياءً من النّاس أن يستشعرُوا غرقَه في دوّامة هذه الشّبكات، وهم يظنّونه قامةً علميّةً جادّةً ...بل من أعجب ما وقفتُ عليه: حادثةٌ باح بها الفقيه الواعظ د. محمّد المختار الشّنقيطي ... وهي قصّةٌ لها دلالاتٌ تهزّ الوعيَ ... فالشّيخُ الشّنقيطي معروف بابتعاده عن الدّخول في قضايا الشّأنِ العامّ السّاخنة، وانكبابِه على تدريس الفقه ومحاضرات المواعظ الإيمانيّة .. وقد تواتر النّقل عن تنسّكه وانجماعه، وانقباضه عن مسائل الجدل العامّة .. نحسبُه والله حسيبه ..وفي أثناء محاضرةٍ له سأله شابٌّ سؤالاً يفور بالحرقةِ من معاناته من شبكات التّواصُل .. حيث يقول السّائل:( فضيلة الشّيخ، ابتُليتُ مثلَ غيري في هذه الأيّام بكثرة تتبّع الأخبار والأحداث، وإدمان برامج التّواصل الاجتماعيّ، ممّا يؤثّر على علاقتي بالقرآن ... لدرجة أنّني أدعو الله في سجودي أن يصرِف الله قلبي عن هذه الملهِيات، وأتركُها أحيانا ثمّ أعود، دُلّوني على الحلّ جزاكم اللهخيرا ).ولن تُخطِئ عينُك - أخي القارئ -حرارةَ الألم في شكوى هذا السّائل بسبب انفلات مِقْوَد التّوازن منه ...فأجاب الشّيخ الشّنقيطي جوابا مطوّلاً مؤصّلاً علميّاً، ففصّل ولم يُجِب بجوابٍ عامٍّ، بل ميّز في أحوال وأقسام النّاس في التّعامل مع هذه الشّبكات، وبيّن الحال المحمود والمذمومَ ..وليس هذا كلّه هو الّذي شدّني، بل الّذي باغتني وأنا أستمعُ، وهجمت عليّ من واردات الذّهول ما يعلم الله مداها، أنّ الشّيخ صارح مستمعيه بواقعةٍ يتيمةٍ حدثت له شخصيّاً، وهو المنصرف المنقبض عن هذه الأمور أصلاً ! يقول الشّيخ:( واللهِ، هذه الوسائل أمرُها عجيب، جلست مرّةً من المرّاتِ على ما يُسمّى بـ" تويتر " -واسمه في النّفس منه شيء -، وفِعلاً جلست بعد صلاة العشاء لأوّل مرّة حتّى فوجِئت بالسّحر ! ذهب عليّ وِردِي من اللّيل، مصيبةٌ عظيمةٌ ! ما تشعر بشيء ! ما تشعر ! ومن يعرف هذه الأشياء يعرف هذا ... ).أوقفت الاستماع، وأعدْتُ المقطعَ مراراً .. وبقِيتُ مندهِشاً ..يالله ! هذا الشّنقيطيّ المعرِض عمّا يخوض النّاس فيه، والمنشغل بشرح المتون الفقهيّة والإيمانيّات يقول هذا عن نفسِه في ليلةٍ يتيمةٍ واحدةٍ !؟فكيف بأممٍ من الشّباب صرعى على جَنَبتَي شبكات التّواصل في السّنوات الذّهبيّة للتّحصيل العلميّ !؟ ".
[عن كتاب " الماجريات "].
ابراهيم السكران

ياسر زيد
2017-03-15, 12:05 AM
هذا الموضوع يعانى منه عدد كبير جدا من الناس حتى أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى هذه ادمااااان بمعنى الكلمة و حتى معظم طلبة العلم يشتكون من هذا الادمان الانترنتى ..

مخيلد الجاسر
2017-05-16, 02:44 PM
عرفت فالزم

مختار بن يحي
2017-05-16, 03:43 PM
ما من أحد اقترب من هذه المواقع إلا اكتوى بنارها لكن المشكلة الأن ليست في هذه الشبكة و لكنها في كيفية العلاج من دائها

أبو مالك المديني
2017-05-16, 05:20 PM
بل كثير من الناس ينشر أخباره الشخصية ، ولو أن كل واحد جعل صفحته على التواصل صفحةً دعويةً علميةً ، فلا ينشر فيها أخباره الشخصية ولا شيئا مما لا يفيد - فضلا عن نشر ما يضر صراحة - كان أسلم له ولغيره .
والسلامة لا يعدلها شيء.

أم يعقوب
2017-05-16, 05:46 PM
بل كثير من الناس ينشر أخباره الشخصية ، ولو أن كل واحد جعل صفحته على التواصل صفحةً دعويةً علميةً ، فلا ينشر فيها أخباره الشخصية ولا شيئا مما لا يفيد - فضلا عن نشر ما يضر صراحة - كان أسلم له ولغيره .
والسلامة لا يعدلها شيء.
اللهُ المستعانُ،أبسطُ شؤونِ البيتِ وخصوصياتِهِ باتتْ متاحةً للجميعِ،وبدلاً منَ استعمالِ هذهِ التقنيةِ الحديثةِ فيما يعودُ علينا بالفائدةِ.أصبحَ وسيلةً لعرضِ أنشطةِ المطبخِ،والتسوق ِ،وباتتِ الوجباتُ في المطاعمِ ضرورةً ملحّةً كي توثّقَ في ما يسمى(google earth).
لأصحابِ العقولِ أقولُ:لدى كلِّ إنسانٍ نصيبُهُ منْ كدرِ الحياةِ وهمومِها ومصائبِها؛فلا يضيفنَّ إلى رصيدِهِ منَ الهمومِ منْ هذا العالمِ الافتراضيِّ ويتعبْ نفسَهُ ويجلبْ لها الكآبةَ والتراجعَ الفكريِّ،وقطعَ العلاقاتِ الاجتماعيةِ بينَهُ وبينَ أهلِهِ في البيتِ الواحدِ عدا عنِ انقطاعِها على نطاقِ الأقاربِ والجيرانِ والأصدقاءِ،والل هِ إنَّ سيطرةَ هذهِ الشبكةِ أدّتْ بالناسِ إلى أنْ يسألوا أهلَ الميتِ في بيوتِ الأجرِ وفي أيامِ العزاءِ "هلْ لديكمْ إنترنتْ؟أريدُ رقمَهُ"..ونجدُ في جلسةِ العزاءِ مقهىً للانترنت..دونما اعتبارٍ لمشاعرِ أهلِ المتوفى،ولا أخذِ موعظةٍ منَ الموتِ نفسِهِ.ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العليِّ العظيمِ.

الوهدانى
2017-05-20, 03:42 PM
الله المستعان و الى الله المشتكى من انفسنا