المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل نقول فيمن قامت عليه الحجة وثبت كفره : كافر ظاهراً وباطناً ؟



أبو شعيب
2008-05-20, 09:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ،

لو حُكم على أحدهم بالكفر ، فهل نقول : هو كافر ظاهراً وباطناً ؟ أم نقول : كافر ظاهراً ، وأمر باطنه إلى الله ؟

وفي شيء من ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في ("الصَّارم المسلول" (ص43) . المكتب الإسلامي ط1414هـ.) :


((ولا فرقٌ بين من يعتقد أَنَّ الله ربَّه ، وأَنَّ الله أمره بهذا الأمر ثم يقول : إِنَّه لا يطيعه ، لأَنَّ أمره ليس بصوابٍ ولا سدادٍ ، وبين من يعتقد أَنَّ محمَّداً رسول الله وأَنَّه صادقٌ واجبُ الاتباع في خبره وأمره ، ثم يسبّه أو يَعيب أمرَه أو شيئا من أحواله ، أو تنقَّصه انتقاصاً لا يجوز أَنْ يستحقَّه الرَّسول ، وذلك أَنَّ الإيمان قولٌ وعمل ، فمن اعتقد الوحدانيَّة في الألوهيَّة لله سبحانه وتعالى، والرِّسالة لعبده ورسوله ، ثم لم يُتْبِع هذا الاعتقاد موجَبَه من الإجلال والإكرام - الذي هو حالٌ في القلب يظهر أثره على الجوارح ، بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو بالفعل - كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه ، وكان ذلك موجباً لفساد ذلك الاعتقاد ، ومزيلاً لما فيه من المنفعة والصَّلاح ، إذْ الاعتقادات الإيمانية تزكِّي النفوس وتصلِحها ، فمتى لم توجب زكاة النفس ولا صلاحها فما ذاك إلاَّ لأَنَّها لم ترسخْ في القلب ، ولم تصِرْ صفةً ونعتاً للنَّفس ولا صَلاحاً ، وإذا لم يكُنْ علم الإيمان المفروض صفةٌ لقلب الإنسان لازمةٌ له لم ينفعه ، فإِنَّه يكون بمنـزلةِ حديث النَّفس وخواطر القلب ، والنجاة لا تحصل إلا بيقينٍ في القلب ، ولو أَنَّه مثقال ذرَّة . هذا فيما بينَه وبين الله ، وأمَّا في الظَّاهر فيُجري الأحكامَ على ما يظهِره من القول والفعل)).
فهل يعني كلامه هذا أننا نحكم على الناس بما ظهر منهم ونترك بواطنهم إلى الله تعالى ؟ .. بمعنى ، قد نحكم على فلان بالكفر ، وهو في الباطن مسلم ، لعذر شرعي لم يظهر لنا ؟

أرجو من الإخوة إيراد أقوال العلماء في هذا الصدد .

وجزاكم الله خيراً

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-20, 12:28 PM
أخى الكريم
معنى كلام شيخ الإسلام أنه يسوى بين رجلين فى الكفر أحدهما يؤمن بالله لكنه يقول : إِنَّه لا يطيعه ، لأَنَّ أمره ليس بصوابٍ ولا سدادٍ ، وبين الثانى الذى يعتقد أَنَّ محمَّداً رسول الله وأَنَّه صادقٌ واجبُ الاتباع في خبره وأمره ، ثم يسبّه أو يَعيب أمرَه أو شيئا من أحواله ، أو تنقَّصه انتقاصاً لا يجوز أَنْ يستحقَّه الرَّسول
أى أن الإثنين كفار فى الباطن لإعتقادهما هذا الإعتقاد الكفرى
أى أن كلام شيخ الإسلام من بدايته منصب على كفر الباطن (الإعتقاد)
ثم بين أن من ظهر عليه الكفر فى الظاهر يحكم عليه بموجبه لهذا ختم كلامه بقوله : هذا فيما بينَه وبين الله ، وأمَّا في الظَّاهر فيُجري الأحكامَ على ما يظهِره من القول والفعل)). وليس فى كلامه رحمه الله ما فهمته أنت أنه قد نحكم على فلان بالكفر ، وهو في الباطن مسلم ، لعذر شرعي لم يظهر لنا
بل العكس هو الصحيح المفهوم من كلام شيخ الإسلام أنه قد نحكم لفلان بالإسلام وهو فى الباطن كافر ولا نحكم عليه بالكفر إلا بما يظهر منه لا بالباطن إذ البواطن لا يعلمها إلا الله

أبو شعيب
2008-05-20, 01:12 PM
السلام عليكم ،

جزاك الله خيراً أخي .. لقد أعدت التأمل في كلام الشيخ - رحمه الله - ، ووجدت أن الصواب هو ما قلته ، فهو يتكلم عمّن كفر في باطنه وأظهر الإسلام .

ما زلت أريد أقوال العلماء في هذه المسألة ..

وجدت كلاماً للشيخ ابن القيم - رحمه الله - في "اجتماع الجيوش الإسلامية".. قال :
(فالناس إما مؤمن ظاهراً وباطناً ، وإما كافر ظاهراً وباطناً ، أو مؤمن ظاهراً كافر باطناً ، أو كافر ظاهراً مؤمن باطناً ، والأقسام الأربعة قد اشتمل عليها الوجود ، وقد بين القرآن أحكامها .)
وذكر بعدها أن هؤلاء متخف بدينه تقية ، يظهر أنه من قومه وهو على غير ملتهم ، كمؤمن آل فرعون والنجاشي .

فقضيتنا هنا هي أننا قد نحكم على فلان بالكفر لما ظهر لنا من أمره ، وهو في الباطن قد يكون مسلماً ، لأي عذر كان .. سواء أكان متخفياً بدينه ولم يظهر لنا الإسلام ، أم مكرهاً ولم يظهر لنا بينة على إكراهه ، أو غير ذلك .. ولكن هل نقول : إنه كافر باطناً كذلك ونقطع له بالنار والخلود فيها ؟؟ أم أننا نكل أمر البواطن إلى الله ؟

أرجو الإفادة ، وجزاكم الله خيراً

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-20, 03:09 PM
قال شيخ الإسلام (19/223) :
خلاف أمر النجاشى وأصحابه ممن كانوا متظاهرين بكثير مما عليه النصارى فان أمرهم قد يشتبه
ولهذا ذكروا فى سبب نزول هذه الآية انه لما مات النجاشى صلى عليه النبى صلى الله عليه وسلم فقال قائل تصلى على هذا العلج النصرانى وهو فى أرضه فنزلت هذه الآية هذا منقول عن جابر وأنس بن مالك وابن عباس وهم من الصحابة الذين باشروا الصلاة على النجاشى وهذا بخلاف ابن سلام وسلمان الفارسى فانه اذا صلى على واحد من هؤلاء لم ينكر ذلك أحد
وهذا مما يبين أن المظهرين للإسلام فيهم منافق لا يصلى عليه كما نزل فى حق ابن أبى وأمثاله وان من هو فى أرض الكفر يكون مؤمنا يصلى عليه كالنجاشى
ويشبه هذه الآية انه لما ذكر تعالى اهل الكتاب فقال ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون لن يضروكم الا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا الا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات وأولئك من الصالحين وهذه الآية قيل انها نزلت فى عبد الله بن سلام وأصحابه وقيل أن قوله منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون هو عبد الله بن سلام واصحابه
وهذا والله اعلم من نمط الذى قبله فان هؤلاء ما بقوا من أهل الكتاب وإنما المقصود من هو منهم فى الظاهر وهو مؤمن لكن لا يقدر على ما يقدر عليه المؤمنون المهاجرون المجاهدون كمؤمن آل فرعون هو من آل فرعون وهو مؤمن ولهذا قال تعالى وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه اتقتلون رجلا أن يقول ريى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم فهو من آل فرعون وهو مؤمن
وكذلك هؤلاء منهم المؤمنون ولهذا قال واكثرهم الفاسقون وقد قال قبل هذا ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون ثم قال لن يضروكم الا أذى وهذا عائد اليهم جميعهم لا الى أكثرهم ولهذا قال وان يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون وقد يقاتلون وفيهم مؤمن يكتم إيمانه يشهد القتال معهم ولايمكنه الهجرة وهو مكره على القتال ويبعث يوم القيامة على نيته كما فى الصحيح عن النبى صلىالله عليه وسلم انه قال يغزو جيش هذا البيت فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم فقيل يارسول الله وفيهم المكره قال يبعثون على نياتهم وهذا فى ظاهر الأمر وان قتل وحكم عليه بما يحكم على الكفار فالله يبعثه على نيته كما ان المنافقين منا يحكم لهم فى الظاهر بحكم الاسلام ويبعثون على نياتهم
والجزاء يوم القيامة على ما فى القلوب لا على مجرد الظواهر ولهذا روى ان العباس قال يارسول الله كنت مكرها قال اما ظاهرك فكان علينا واما سريرتك فالى الله
وبالجملة لا خلاف بين المسلمين ان من كان فى دار الكفر وقد آمن وهو عاجز عن الهجرة لا يجب عليه من الشرائع ما يعجز عنها بل الوجوب بحسب الامكان وكذلك ما لم يعلم حكمه أهـ

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-20, 03:15 PM
وقال أيضا فى منهاج السنة (5/121):
وقد يقاتلون وفيهم مؤمن يكتم إيمانه يشهد القتال معهم ولا يمكنه الهجرة وهو مكره على القتال ويبعث يوم القيامة على نيته
كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يغزو جيش هذا البيت فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم فقيل يا رسول الله وفيهم المكره فقال يبعثون على نياتهم وهذا في ظاهر الأمر وإن قتل وحكم عليه بما يحكم على الكفار فالله يبعثه على نيته كما أن المنافقين منا يحكم لهم في الظاهر بحكم الإسلام ويبعثون على نياتهم فالجزاء يوم القيامة على ما في القلوب لا على مجرد الظواهر
ولهذا روي أن العباس قال يا رسول الله كنت مكرها قال أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فإلى الله
وبالجملة لا خلاف بين المسلمين أن من كان في دار الكفر وقد آمن وهو عاجز عن الهجرة لا يجب عليه من الشرائع ما يعجز عنها بل الوجوب بحسب الإمكان وكذلك ما لم يعلم حكمه أهـ

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-20, 03:39 PM
وقال أيضا (7/422):
وكذلك الإيمان له مبدأ وكمال وظاهر وباطن فإذا علقت به الأحكام الدنيوية من الحقوق والحدود كحقن الدم والمال والمواريث والعقوبات الدنيوية علقت بظاهره لا يمكن غير ذلك إذ تعليق ذلك بالباطن متعذر وإن قدر أحيانا فهو متعسر علما وقدرة فلا يعلم ذلك علما يثبت به فى الظاهر ولا يمكن عقوبة من يعلم ذلك منه فى الباطن
وبهذين المثلين كان النبى صلى الله عليه وسلم يمتنع من عقوبة المنافقين فإن فيهم من لم يكن يعرفهم كما يعرفهم كما أخبر الله بذلك والذين كان يعرفهم لو عاقب بعضهم لغضب له قومه ولقال الناس إن محمد يقتل أصحابه فكان يحصل بسبب ذلك

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-20, 03:47 PM
هذه النقول نقلتها على عجل من كلام شيخ الإسلام
ويتبين منها أن الحكم على الناس إنما يكون حسب الظاهر أما الباطن فإلى الله
على أنه قد يوجد من ظاهره الكفر وهومؤمن فى الباطن ويكون هذا تقية أوإكراها وينفعه إيمانه الباطن فى الأخرة أما فى الدنيا فتجرى عليه أحكام الكفار
لكن أن نحكم عليه بالكفر ظاهرا وباطنا فى الدنيا والأخرة فلا
والله أعلم

أبو شعيب
2008-05-20, 05:20 PM
السلام عليكم ،

جزاك الله خيراً أخي وبارك الله فيك .

لدينا مسألة أخرى ، وهي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار" .. ألا يدل هذا على الجزم بكفر باطنه كذلك ؟

وجزاك الله خيراً .

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-20, 05:31 PM
هذا الحديث لا يصح وهومعلول أعله الدارقطنى وقد غفل عن هذه العله الشيخ الألبانى فجرى على ظاهر الإسناد وصححه
وعلى فرض صحته فهو محمول على من ثبت كفره بيقين
على أننى قد نبهت أن ما نتكلم فيه هو الإيمان الباطن عند من أظهر الكفر لعذر أى استثناء من الأصل وهذا الإستثناء فى حكم النادر والنادر لا حكم له

أبو شعيب
2008-05-22, 10:11 PM
جزاك الله خيراً أخي الكريم على التوضيح ..

لكن هناك مسألة أخرى .

الذين تكلم العلماء عن كفرهم الظاهر مع جواز إيمانهم الباطن هم الذين أخذوا حكم جماعتهم .. وليس بسبب كفر وقع فيه معيّنهم .

فمثلاً .. العباس - رضي الله عنه - أخذ حكم راية الجيش الذي كان ينتمي إليه ، لذلك حكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ظاهره بالكفر ، وأوكل ما في باطنه إلى الله .

ومؤمني مكة المتخفين ، ومؤمن آل فرعون ، وأمثالهم .. ظاهرهم الكفر (يلحقون بجماعتهم في الحكم) ليس لكفر اقترفوه ، ولكن لانتسابهم إلى جماعة كافرة ولم يتمايزوا عنها ، فأخذوا حكمها الظاهر .. وبواطنهم إلى الله .

نحن الآن نتكلم عن مسألة رجل وقع في ناقض من نواقض الإسلام ، قل مثلاً سب الله - عز وجل - .. فهل نقول في مثل هذا كافر ظاهراً ، وباطنه إلى الله ؟

وجدت كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في هذه المسألة :


قال في "مجموع الفتاوى" : ((فهؤلاء القائلون بقول جهم والصَّالحي قد صرَّحوا بأَنَّ سبَّ الله ورسوله : والتكلُّم بالتَّثليث وكلّ كلمة من كلام الكفر ليس هو كفراً في الباطن ولكنَّه دليل في الظَّاهر على الكفر ويجوز مع هذا أَنْ يكون هذا السابُّ الشاتِم في الباطن عارفاً بالله موحداً له مؤمناً به فإذا أُقيمَتْ عليهم حجَّةٌ بنصٍّ أو إجماعٍ أَنَّ هذا كافرٌ باطناً وظاهراً . قالوا : هذا يقتضي أَنَّ ذلك مستلزِمٌ للتَّكذيب الباطن وأَنَّ الإيمان يستلزم عدم ذلك : فيقال لهم : معنا أمران معلومان :
(أحدهما) : معلومٌ بالاضطرار من الدِّين . و(الثاني): معلوم بالاضطرار من أنفسِنا عند التأمُّل . أمَّا "الأول" : فإنَّا نعلم أَنَّ من سبَّ الله ورسولَه طوعاً بغير كَرْه ، بل من تكلَّم بكلمات الكفر طائعاً غير مُكْرَهٍ ، ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافرٌ باطناً وظاهراً ، وإِنَّ من قال : إِنَّ مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمناً بالله وإِنَّما هو كافرٌ في الظَّاهر ، فإنَّه قال قولاً معلوم الفساد بالضَّرورة من الدِّين وقد ذكر الله كلماتِ الكفَّار في القرآن وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد بها ولو كانت أقوالهم الكفريَّة بمنزلة شهادةِ الشُّهود عليهم ، أو بمنزلة الإقرار الذي يغلط فيه المقِرُّ لم يجعلهم الله من أهل الوعيد بالشهادة التي قد تكون صِدْقاً وقد تكون كَذِباً ، بل كان ينبغي أَنْ لا يعذِّبهم إلاَّ بشرط صِدْق الشَّهادة وهذا كقوله تعالى : {لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ } ، {لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } وأمثال ذلك .
وقد قال أحد الإخوة لي أن الظاهر ملازم للباطن .. فمن أظهر لنا كفراً ، حكمنا عليه ظاهراً وباطناً بالكفر ، ولا يصح أن نقول : كافر ظاهراً ، وقد يكون مؤمن باطناً .. لأن عقيدة أهل السنة والجماعة تربط الظاهر بالباطن ، إلا في حال الإكراه .

فما قولك ؟

وجزاك الله خيراً .

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-23, 02:55 AM
جزاك الله خيراً أخي الكريم على التوضيح ..
لكن هناك مسألة أخرى .
الذين تكلم العلماء عن كفرهم الظاهر مع جواز إيمانهم الباطن هم الذين أخذوا حكم جماعتهم .. وليس بسبب كفر وقع فيه معيّنهم .
فمثلاً .. العباس - رضي الله عنه - أخذ حكم راية الجيش الذي كان ينتمي إليه ، لذلك حكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ظاهره بالكفر ، وأوكل ما في باطنه إلى الله .
ومؤمني مكة المتخفين ، ومؤمن آل فرعون ، وأمثالهم .. ظاهرهم الكفر (يلحقون بجماعتهم في الحكم) ليس لكفر اقترفوه ، ولكن لانتسابهم إلى جماعة كافرة ولم يتمايزوا عنها ، فأخذوا حكمها الظاهر .. وبواطنهم إلى الله .
.
أخى الفاضل هذا الكلام خطأ أوله ينقض آخره واليك التفصيل بإختصار
هؤلاء الذين ذكرت (العباس ووغيره) قد وقعوا فى ناقض من نواقض الإيمان ألا وهى مظاهرة الكفار على المسلمين ورغم ذلك قال له النبى صلى الله عليه وسلم : أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فإلى الله ولم يقبل منه ذلك ولم يكذبه لأنه كان كافرا ولم يعلم صدق قوله ولوعلم النبى صلى الله عليه وسلم صدق قوله لأطلق سراحه لأجل هذا أيضا قال النبى صلى الله عليه وسلم :يغزو جيش هذا البيت فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم فقيل يارسول الله وفيهم المكره قال يبعثون على نياتهم ،وهذا فى ظاهر الأمر وان قتل وحكم عليه بما يحكم على الكفار فالله يبعثه على نيته
أما من علمنا اسلامه بيقين وقال كلمة الكفر أو وقع فى ناقض من نواقض الإيمان مكرها فهذا لاشىء عليه وإيمانه صحيح وإن كان ظاهره الكفر كما حدث مع عمار لما أكرهه المشركون على ذلك وقال له النبى إن عادوا فعد
إذاً تصحيح عبارك يكون كا لأتى :من وقع الكفر بدون مانع فهو كافر ظاهرا وباطنا كمن سب الله أو الدين أوووو أما من وقع فى الكفر مع مانع كالمكره النطق بكلمة الكفر فهو مؤمن ولا يضره وقوعه فى الكفر لوجود المانع ألا وهو الإكراه

أبو شعيب
2008-05-23, 05:17 AM
أخي الكريم ،

أنا أولاً أتكلم عن مسألة إجراء الأحكام على الناس ، بمعنى : هل نقول فلان كافر ظاهراً وباطناً ، أم فقط ظاهراً ؟ .. هذا هو محور حوارنا .

أنا معتقد جازماً أن من وقع في الكفر دون عذر شرعي فهو كافر ظاهراً وباطناً ، ولا ينفعه ما أضمره من نية .. لكن ما يعضل في الأمر هو أننا قد نحكم عليه بالكفر وهو لديه عذر شرعي مقبول ، ولكنه غير ظاهر ، ولم يأت عليه ببينة ، فهل نكفّر باطنه كذلك ؟

أما قولك عن العباس ، فهو كان من مكثّري سواد المشركين ، ولا دليل على أنه ظاهرهم على المسلمين ، بمعنى : قاتل المسلمين ونصر دينهم .. وكما تعلم ، فإن الإكراه لا يصح في قتال المسلم وإيذائه ، فهذا لا يعذر الله به .. ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذكر ما قد يعذر به لتكثيره سواد المشركين ، حيث يأخذ حكمهم الظاهر في ذلك .

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في مختصر السيرة :
( إن ناساً من المسلمين لم يهاجروا كراهة مفارقة الأهل والوطن والأقارب … فلما خرجت قريش إلى بدر خرجوا معهم كرهاً ، فقتل بعضهم بالرمي ، فلما علم الصحابة أن فلاناً قتل وفلاناً قتل تأسفوا على ذلك ، وقالوا : قتلنا إخواننا . فأنزل الله تعالى فيهم : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ … إلى قوله : وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا } [ النساء / 97 - 100 ].

فليتأمل الناصح لنفسه هذه القصة ، وما أنزل الله فيها من الآيات ، فإن أولئك لو تكلموا الكفر ، وفعلوا كفراً ظاهراً يرضون به قومهم لم يتأسف الصحابة على قتلهم ، لأن الله بيّن لهم وهم بمكة لما عذبوا قوله تعالى : { مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } [النحل / 106 ]

فلو كانوا سمعوا عنهم كلاماً أو فعلاًُ يرضون به المشركين من غير إكراه ما كانوا يقولون : قتلنا إخواننا )
فالمسألة إذن هي في تكثير سواد المشركين ، والذي يأخذ الفرد فيها حكم الراية وحكم الجماعة .

وقد يصحّ لنا أن نقول كذلك : إن من وقع في الكفر وادعى العذر الشرعي ، ولم يأت ببينة على عذره ، فإننا نحكم عليه بالكفر ظاهراً ونكل باطنه (تحقيق عذره) إلى الله ..

هل يستقيم لنا هذا ؟

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-23, 07:44 AM
وقد يصحّ لنا أن نقول كذلك : إن من وقع في الكفر وادعى العذر الشرعي ، ولم يأت ببينة على عذره ، فإننا نحكم عليه بالكفر ظاهراً ونكل باطنه (تحقيق عذره) إلى الله ..
هل يستقيم لنا هذا ؟
نعم وهذا ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم مع العباس

أبويحيى بن يحيى
2008-05-23, 09:33 AM
وقد يصحّ لنا أن نقول كذلك : إن من وقع في الكفر وادعى العذر الشرعي ، ولم يأت ببينة على عذره ، فإننا نحكم عليه بالكفر ظاهراً ونكل باطنه (تحقيق عذره) إلى الله ..
هل يستقيم لنا هذا ؟

نعم وهذا ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم مع العباس
أعتذر إليكما

لعلي لم افهم مقصدكما


لما أخطأ صاحب الدابة فقال "اللهم أنت عبدي "
هل يطلب منه بينة على أن قلبه لم ينعقد لهذا القول ؟؟؟؟


لما استحل قدامة بن مظعون رضي الله عنه الخمر متأولا
هل طلب منه عمر رضي الله عنه البينة حتى لا يحكم بكفره ؟؟؟؟


لما نطق عمار بن ياسر بكلمة الكفر مكرها
هل طلب منه النبي صلى الله عليه و سلم البينة ؟؟؟؟


أم أن النبي صلى الله عليه و سلم طلب البينة من حبه أسامة رضي الله عنه لما قتل الناطق بالشهادة حال القتل ؟؟؟؟


مرة أخرى

أعتذر إليكما

أبو شعيب
2008-05-23, 11:16 AM
أخي (أبويحيى بن يحيى) ،

صاحب الدابة كانت قرائن حاله تدل على أنه أخطأ من شدة الفرح .. فهذه هي البينة ، وهو إن نبّه إلى كلامه ، نزع واستغفر .. بعكس من كانت قرائن حاله تدل على أنه قاصد عامد مختار .

وعندما استحل قدامة الخمر ، لم يطلب منه عمر (رضي الله عنه) البينة ، بل ولم يستتبه في الخمر وإلا كفر (أثبت ذلك) .. إنما استتاب الذين شربوا الخمر في الشام .. ففرق بين القصتين .

على أي حال ، لم يحكم بكفرهم لأنهم تأولوا في جزئية من مسألة تحريم الخمر ، وبالدليل من القرآن .. - أن التأول في جزئيات الأمور الظاهرة لا يصح فيها التكفير إلا بعد إقامة الحجة ، وليس كمن تأول في إباحة الأمر برمته ، فيجعل الأصل فيه الإباحة .. فهذا يكفر دون التبيّن من حاله ، كما كفر ناكح امرأة أبيه .

ولما نطق عمار بن ياسر بالكفر ، كانت البيّنة هي علامات الإكراه نفسها ..

عندما نقول (بيّنة) فإننا نعني : بينة على العذر الشرعي .. وليس بيّنة على النية أو المعتقد .

العباس - رضي الله عنه - لم يأت ببيّنة على صحة إكراهه ، فلم ينفعه ادعاؤه إياه .

هذا والله أعلم

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-23, 12:30 PM
أخى أبو يحيى بارك الله فيك
نحن نتكلم فى الصورالتالية
الأولى : رجل مسلم وقع فى الكفر عمدا وبلا مانع من موانع التكفير المعروفه فهذا يكفر اتفاقا ظاهرا وباطنا
الثانية : رجل مسلم وقع فى الكفر ولكن مع وجود مانع من موانع التكفير فهذا لا يكفر اتفاقا كالرجل الذى أخطأ من شد الفرح فقال اللهم أنت عبدى وأنا ربك وكعمار لما تكلم بكلمة الكفر وكالذى أوصى أولاده أن يحرقوه ويزروا ترابه فى البر والبحر
فالأول مخطىء والثانى مكره والثالث جاهل وكلهم قال الكفر
لكنهم لم يكفروا لو جود المانع
الصورة الثالثة : من كان كافرا ثم أسلم لكنه كتم إيمانه لعذر وأكره مثلا على فعل الكفر فهذا ظاهره الكفر وباطنه الإيمان فإن كان صادقا فى إيمانه نفعه ذلك عند الله لكنه يعامل فى الدنيا معاملة الكفار من قتل وسبى كما فعل النبى صلى الله علي وسلم مع العباس وعن هذه الصورة الأخيرة كان الكلام السابق أعلاه

أبو فاطمة الحسني
2008-05-23, 01:39 PM
من ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه إلا بيقين, ومن ثبت إسلامه ثم ارتكب كفرا وادعى أن له عذرٌ يمنع من تكفيره, وكان ذلك العذر يصلح مثله لمنع التكفير, وأمكن تصديق تلك الدعوى منه, فإنه يمتنع من تكفيره, ويحكم بإسلامه استصحابا ليقين الإسلام

أما قصة العباس فإنه لم يكن قد علم إسلامه في الحكم الظاهر بيقين, ولذا قال ابن الأثير في أسد الغابة في قصة أسره يوم بدر:

" وأسلم عقيب ذلك وقيل: إنه أسلم قبل الهجرة، وكان يكتم إسلامه، وكان بمكة يكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار المشركين "

ففرق بين هذه الحالة وبين الحالة التي ثبت فيها الإسلام بيقين, فهذا يجب استصحابه ولا يعدل عنه إلا بيقين مثله, والله أعلم

أبوزكرياالمهاجر
2008-05-23, 01:59 PM
أحسنت أخى أبو فاطمة بارك الله فيك
هذا ما أعنيه وأقصده

أبو فاطمة الحسني
2008-05-23, 03:18 PM
لكن تقرير الأخ أبو شعيب - إن لم يكن الخطأ من جهة فهمي - يفهم منه الإطلاق, فلا فرق بين من ثبت إسلامه في الظاهر بيقين كياسر رضي الله عنه ومن لم يثبت إسلامه ظاهرا بيقين كالعباس رضي الله عنه, وكأنه جعل المناط في قبول العذر وجود البينة على تحقق العذر, وهذا يصح فيمن لم يثبت له الإسلام الصريح المحكم كالعباس, أما من ثبت له الإسلام الصريح المحكم فلا يعارضه كفر يحتمل أنه معذور في إظهاره لمانع يدعيه

أبو شعيب
2008-05-23, 04:21 PM
أخي أبا فاطمة ،

بارك الله فيك .. نعم ، كلامي يفهم منه الإطلاق .. وهذه المسألة من متعلقات قضية الطوائف الممتنعة .. فمن التحق بطائفة ممتنعة ، يلحقه حكمها ، وعومل في الظاهر كفرد منها .

فسواء أكان قد ثبت إسلامه بيقين ، ثم رُؤي في صفوفهم ، وتحت رايتهم ، يناصرهم ويظاهرهم على المسلمين ، ثم بعدها إن قُدر عليه ادعى الإكراه ، بلا بيًنة ولا برهان .. أم لم يثبت إسلامه من قبل وادعى الإسلام بعدها .. فالمعاملة واحدة .

والله أعلم

أبو فاطمة الحسني
2008-05-23, 04:34 PM
أبا شعيب, هل تطلق نفس الحكم على مسلم لم يدخل في طائفة ممتنعة, فلا تقبل عذرا ادعاه يمنع تكفيره لو ثبت لأنه لم يقدم بينة ؟

أبو شعيب
2008-05-23, 05:19 PM
نعم أخي الكريم .. الأمر كذلك ، إن كان في الأمور الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة .. كمظاهرة المشركين على المؤمنين ، أو سب الله تعالى أو دين الإسلام ، أو السجود للصنم أو إهانة المصحف ، أو غير ذلك .

فمن ادعى الإكراه على ذلك ، وقرائن حاله لا تدل على ذلك ، فهذا مقطوع له بالكفر ، مهما ادعى ، حتى يثبت صحة دعواه .

والله أعلم .

أبو فاطمة الحسني
2008-05-23, 05:30 PM
كيف يقطع بكفره مع احتمال صدقه في دعواه أن له عذرا سواء كان إكراها أو غيره, وأمكن تصديق دعواه بحيث لم يدع شيئا يقطع باستحالة وقوعه, أو علم ببينة أخرى كذبه في دعواه

فكيف نقطع مع وجد الاحتمال, فالقطع ينافي الاحتمال عقلا وشرعا

أبو شعيب
2008-05-23, 05:55 PM
لقد ذكرت أخي الكريم في المشاركة رقم 12 أنه من ادعى العذر ولم يأت ببينة على دعواه ، ولم يمكن تحقق صدقه ، يحكم عليه بالكفر ظاهراً ، أما باطنه فنكله إلى الله .

فقولي "مقطوع بكفره" أي "ظاهراً" .. ولا نقول باطناً ، بل نكل أمره إلى الله .

كحال الزنديق الذي قُدر عليه وأظهر التوبة ، يحكم عليه بالقتل والكفر ، ولا تقبل توبته ، ولكن لا يقال إنه كافر باطناً ، فقد يكون صادقاً في توبته .

قال الشيخ صالح آل الشيخ في شريطه "الإيمان" :


إذا تبين ذلك من حيث الكفر ؛ يعني يحصل سلب الإيمان بهذه الأشياء ، ونعني بها سلب أصل الإيمان ، فإنّ الحكم بعدم الإيمان ، الحكم بالتكفير بعد معرفة الكفر ، بعد قيام الكفر بالمعين ، أو قيام الكفر بالطائفة ، الحكم بالتكفير إنما هو لأهل العلم ، ليس لكل أحد ؛ لأن تحقيق اتصاف هذا المسلم لمكفر من المكفرات حتى يُخرج من دين إلى دينه هذه مسألة إلى نظر عالم مجتهد فقيه ، يعرف الشروط ويعرف المونع ، ويعرف ما يعذر به المرء وما لا يعذر به ، ونحو ذلك حتى يتم هذا الأمر .

وإذا تقرر هذا ، فالأحكام هذه دائرة على الظاهر ، بمعنى أنّ من قام به الكفر فهو كافر ظاهراً ، ولا يقال له كافر ظاهراً وباطناً ؛ يعني يكون كافراً ، يكون مرتداً كالمشركين في أحكام الدنيا ، والآخرة إذا قامت عليه الحجة .

فهناك أحكام دنيوية وهناك أحكام أخروية ، فأحكام الدنيا بحسب الظاهر ، وأحكام الآخرة بحسب الظاهر والباطن ، والعباد ليس عليهم إلا الظاهر ، وربنا - جل وعلا - يتولى السرائر .

فإذا أظهر طائفة كفراً أو معين كفراً ، فإنه يكفره العالم إذا قامت الشروط وانتفت الموانع يكفره بعينه ، ومن قام به الكفر أو قام به الشرك سواء كان معذوراً أو غير معذور ؛ يعني لم تقم به الحجة ، فهو كافر ومشرك ظاهراً .
والله أعلم

أبو فاطمة الحسني
2008-05-23, 06:03 PM
لا مناسبة بين ما نحن فيه وبين الزنديق

لأن الزنديق لا يعتد بتوبته في الظاهر, أما الذي أتى بمكفر وادعى أنه أتاه وهو على عذر فإنه تقبل توبته

وأرجو أن تجيب عن هذا السؤال:

من أتى بمكفر وزعم أنه كان ذا عذر في ذلك, وأمكن تصديقه واحتمل, ولكن لم تكن له بينة على صدقه, فهل تقطع بكفره مع ذلك ؟ وكيف تقطع بكفره واحتمال صدقه ينافي هذا القطع مع عدم وجود ما يجعلنا نقطع بكذب دعواه العذر

أبو شعيب
2008-05-23, 06:55 PM
أخي الكريم ،

أوردت مسألة الزنديق في قضية الحكم الظاهر ، مع جواز كون الباطن مؤمناً .. وليس في مسألة قبول التوبة من عدمها .

فالزنديق يحكم عليه في الظاهر بالكفر ، وإن أظهر الإسلام والتوبة ، ولكننا لا نحكم على باطنه بالكفر ، فهذا موكول إلى الله .

ومن أتى بكفر صريح وادعى العذر ، ولا بيّنة على دعواه ، فحكمه عندئذ هو كحكم الزنديق ، يحكم عليه بالكفر ظاهراً ، وباطناً نكل أمره إلى الله .. هل هو صادق في عذره أم لا ؟ هذا لا يعلمه إلا الله .

أما سؤالك ، فهو بحسب نوع المكفر الذي وقع فيه .

فإن كان مما يتعلق بأصل الدين ، كسب الله تعالى أو دين الإسلام ، أو مظاهرة المشركين على المسلمين ، أو غير ذلك ، مما لا يعذر المرء فيه المرء بشيء سوى الإكراه (مع استثناء مسألة المظاهرة ، حيث إن الإكراه فيها غير معتبر) ، ولم يأت ببينة على إكراهه ، فهذا لا يقبل منه ، مهما أتى من دعاوى .

وتقول : "وأمكن تصديقه واحتمل" .. التصديق لا يكون إلا بالبرهان ، وليس بالمشاعر والأحاسيس .

قال عمر - رضي الله عنه - : "إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه ، وليس إلينا من سريرته شيء ، الله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه ، وإن قال : إن سريرته حسنة " .

أما في المسائل التي يصح فيها التأويل عذراً ، فهذه لا يصح التكفير فيها بمجرد الفعل ، حتى تقام الحجة وتنجلي الشبهة .

والله أعلم

أبو فاطمة الحسني
2008-05-23, 07:42 PM
يحكم على الزنديق في الظاهر بالكفر لأنه يظهر الكفر فإذا أخذ به أظهر التوبة, فإذا ترك عاد للكفر, فإن أخذ أظهر التوبة وهكذا

وأما غير الزنديق فمتى أظهر التوبة قبلت توبته ظاهرا, ولذلك شرعت الاستتابة

هذا أمر,

والأمر الآخر أنك رديت مسألتنا لمسألة العذر بالجهل والتفريق بين ما كان متعلقا بأصل الدين وغيره مما يصح التأويل فيه عذرا, وهذا خروج عن مسألتنا, وذلك أني قيدت العذر الذي نمتنع لأجله عن تكفير المدعي له إن أمكن تصديقه بقولي: ( وكان ذلك العذر يصلح مثله لمنع التكفير )

ولا نريد أن ينجر الكلام لما يعذر به وما لا يعذر, فتلك مسألة أخرى, ولكن لنتفق على التأصيل, أن من ادعى عذرا يصلح مثله لمنع التكفير, واحتمل صدقه, فإن يقين إسلامه لا يزول, لأن احتمال صدقه ينافي القطع الذي يلزم لرفع حكم الإسلام عنه في الظاهر

وأما أثر عمر, فأنا أقول به, ولكن الظاهر هنا لم يثبت, لاحتمال ثبوت المانع الذي ادعاه

فهذا الرجل الأصل فيه الإسلام, وقد ادعى عذرا يؤيد بقاءه على الأصل, وهو أدرى بنفسه فالقول قوله

وحتى لو كان الناقض يتعلق بأصل الدين, فإنه قد يدعي أنه سبق لسانه لكلمة لم يقصدها, أو يدعي من وطأ مصحفا أنه لم يره, وغير ذلك من الاحتمالات التي يجب أن ينظر إليها في حق من ادعى وجود العذر لمن أراد أن يحقق المناط ويجتهد في تكفيره

أبو شعيب
2008-05-23, 09:30 PM
السلام عليكم ،

بارك الله فيك أخي ..

تقول :

أن من ادعى عذرا يصلح مثله لمنع التكفير, واحتمل صدقه, فإن يقين إسلامه لا يزول, لأن احتمال صدقه ينافي القطع الذي يلزم لرفع حكم الإسلام عنه في الظاهر
احتمال الصدق هذا ، ما داعيه ؟ هل هي القرائن والأدلة الظاهرة ؟ أم فقط المشاعر والظنون ؟

فمثلاً رجل رؤي يستهزئ بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ، أو يسب الله تعالى .. ثم هو بعدها ادعى الإكراه ، قال مثلاً : كان بجانبي رجل قال لي إن لم تفعل ذلك قتلتك .. ولم يمكن التثبت من ذلك ، فهل هذا نحكم عليه بالكفر أم لا ؟ وقرائن حاله لا تنم عن إكراه .

أما إن كان احتمال صدق عذره قائماً بالقرائن الظاهرة والبراهين البينة ، حتى وإن لم تصل إلى درجة القطع ، فلا يزول عنه الإسلام .

هل نتفق حتى الآن ؟

أبو فاطمة الحسني
2008-05-23, 09:46 PM
احتمال الصدق داعيه النظر في الواقعة وهل يتطرق لها الاحتمال أو لا, ولا دخل لها بالمشاعر, وكذلك لا دخل لها بالقرائن, فباب التكفير ليس بابا للقرائن وإنما يعمل فيه القطع فحسب

ويا أخي الفاضل, القرائن إن دلت دلالة قطعية على امتناع صدقه, كأن يكون استهزئ وهو يضحك أو على هيئة يمتنع عقلا أن يكون عليها المكره, فهذا دعواه الإكراه لا يمكن تصديقها, فيكفر ولا كرامة

أما إن كان صدقه فيما ادعاه محتملا, كمثال المصحف الذي ذكرت لك, فكيف نحكم بكفره مع وجود الاحتمال, والتكفير لا بد فيه من يقين ولا يكفي غلبة الظن

مع العلم أنه إن قامت قرائن على كذبه ولكنها لم تكن قطعية بحيث يقطع بكفره, فإنه من الممكن أن يعزر ويوجع ضربا, لئلا يتقحم أهل النفاق الكفر ويدعوا وجود الإكراه أو غيره بلا بينة, لا سيما إن تعلق الأمر بالذات الإلهية أو جناب النبوة

أبو شعيب
2008-05-24, 05:01 AM
جزاك الله خيراً أخي الكريم ، واضح وأتفق معك .

أبو شعيب
2008-05-24, 01:40 PM
السلام عليكم ،

أخي الكريم ، لديّ سؤال لو تفضلت ..

يقول ابن حزم - رحمه الله - في الفصل (3/253) في رده على أهل الإرجاء :
" لو أن إنساناً قال : إن محمداً - عليه الصلاة والسلام - كافر وكل من تبعه كافر وسكت ، وهو يريد كافرون بالطاغوت ، كما قال تعالى : {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا} [البقرة : 256] ، لما اختلف أحد من أهل الإسلام في أن قائل هذا محكوم له بالكفر .

وكذلك لو قال إن إبليس وفرعون وأبا جهل مؤمنون ، لما اختلف أحد من أهل الإسلام في أن قائل هذا محكوم له بالكفر ، وهو يريد أنهم مؤمنون بدين الكفر .. " اهـ.
فكلامه هذا محتمل ، فهو قد يقول : أنا عنيت أنه كافر بالطاغوت .. فكيف قطع ابن حزم هنا بكفره ؟

وقد يأتي آخر ويقول : نبي الله فلان كافر ، ثم يقول : عنيت به أنه مزارع ، وليس كافراً بالله .

فكيف يقطع ابن حزم بكفر هؤلاء ؟

وجزاك الله خيراً

أبو فاطمة الحسني
2008-05-24, 05:27 PM
السلام عليكم ،
أخي الكريم ، لديّ سؤال لو تفضلت ..
يقول ابن حزم - رحمه الله - في الفصل (3/253) في رده على أهل الإرجاء :
فكلامه هذا محتمل ، فهو قد يقول : أنا عنيت أنه كافر بالطاغوت .. فكيف قطع ابن حزم هنا بكفره ؟
وقد يأتي آخر ويقول : نبي الله فلان كافر ، ثم يقول : عنيت به أنه مزارع ، وليس كافراً بالله .
فكيف يقطع ابن حزم بكفر هؤلاء ؟
وجزاك الله خيراً

قال بعدها:

فصح عند كل ذي مسكة من يتحيز أن اسم الإيمان والكفر منقولان في الشريعة عن موضوعهما في اللغة بيقين لا شك فيه وأنه لا يجوز إيقاع اسم الإيمان المطلق على معنى التصديق بأي شيء صدق به المرء ولا يجوز إيقاع اسم الكفر على معنى التغطية لأي شيء غطاه المرء لكن على ما أوقع الله تعالى عليه اسم الإيمان واسم الكفر ولا مزيد وثبت يقيناً أن ما عدا هذا ضلال مخالف للقرآن وللسنن ولإجماع أهل الإسلام أولهم عن آخرهم وبالله تعالى التوفيق

انتهى

فهو يقول بانتفاء احتمال اللفظ لأمر آخر كالذي زعم المعتذر أرادته

أبو رقية الذهبي
2008-05-24, 05:34 PM
للمتابعة

أبو فاطمة الحسني
2008-05-24, 06:02 PM
وهناك نص له قبل هذا الذي ذكره لعل من المناسب إيراده, حيث يقول:

" وليس قول الله عز وجل ولكن من شرح بالكفر صدراً على ما ظنوه من اعتقاد الكفر فقط بل كان من نطق بالكلام الذي يحكم لقائل عند أهل الإسلام بحكم الكفر لا قارياً ولا شاهداً ولا حاكياً ولا مكرهاً فقد شرح بالكفر صدراً بمعنى أنه أن يقولوه وسواء اعتقده أو لم يعتقده لأن هذا العمل من إعلان الكفر على غير الوجوه المباحة في إيراده وهو شرح الصدر به "

وركز على قوله: لأن هذا العمل من إعلان الكفر على غير الوجوه المباحة في إيراده وهو شرح الصدر به . انتهى

فإعلان الكفر بغير وجه مباح كالحكاية والشهادة والقراءة أو الإكراه شرح للصدر بالكفر

ففي مسألأة من قال: محمد كافر, ابن حزم يقول بتكفيره لأنه بقوله محمد كافر قد شرح صدره بهذا الكلام, سواء اعتقده أم لم يعتقده, ما لم يكن حاكيا أو شاهدا أو مكرها

لا أنه يكفره لأنه لم يأت ببينة على إرادته بهذا الكلام أنه كافر بالطاغوت, فتنبه..

وتأمل ما ذكره ابن حزم: لا قارياً ولا شاهداً ولا حاكياً ولا مكرهاً . انتهى

فهذه الأعذار لو ادعاها أحد, وقال مثلا: أنا كنت حاكيا, فإنه إن أمكن تصديقه لم يُكَفّر

ولو كان عندك نص لابن حزم أو غيره في أن مدعي هذه الأعذار لا بد له من البينة عليها فأسعفنا به

أبو فاطمة الحسني
2008-05-24, 06:21 PM
وبعبارة أخرى لعلها تكون أوضح:

ابن حزم يكفر من قال: ( محمد كافر ) وسكت, ولو كان يريد بذلك أنه كافر بالطاغوت, لأن ذلك من إعلان الكفر على وجه غير مباح وهو شرح للصدر به.

لا أنه يكفره بهذه المقولة لعدم البينة على صحة دعواه أنه أراد بها أنه كافر بالطاغوت, ولو كان له بينة لامتنع عن تكفيره, بل يكفر بها مطلقا

فابن حزم حكم بكفره بقطع النظر عن اعتقاده, وهو أورد هذا المثال ليرد على المرجئة في احتجاجهم بالمعنى اللغوي للإيمان والكفر على أنه يكون بالقلب والإقرار باللسان دون العمل بالجوارح, فأرد أن يلزمهم بالإجماع على كفر هذا القائل دون نظر لاعتقاده

ولو كان مقصوده أنه يكفر لعدم البينة على اعتقاده, لكان معنى ذلك أن الامتناع عن تكفيره متوقف على معرفة اعتقاده, وهذا عين ما يريد ابن حزم أن ينقضه, ويؤسس لكون الإيمان والكفر اسمان شرعيان يحصلان بالعمل, وأن الكفر يكون بما حكم الله بكفر فاعله من العمل

فهو يقول: في هذا المثال لم ننظر لاعتقاده, فكيف تجعلون المناط في الاعتقاد وتهملون العمل

ولا يجوز أن يفهم كلامه على وجه يجعله معتبرا للاعتقاد لو ثبت, فهذا يجعل احتجاجه على الخصم غير متأتي

هذا فهمي لكلامه رحمه الله, والله أعلم

وصلى الله على نبينا محمد الصادق الأمين

أبو شعيب
2008-05-25, 05:01 AM
السلام عليكم ،

أخي الكريم ، جزاك الله خيراً على ما جهدك .. ولكنني لم أعن الذي ذهبت إليه .

لقد قلت في المشاركة رقم 30 أنني أتفق معك فيما ذهبت إليه ، ولم تكن مشاركتي اللاحقة اعتراضاً على ما اتفقنا عليه ، بل كانت سؤالاً في أصل الموضوع ، وهو : هل نحكم عليه بالكفر ظاهراً وباطناً أم فقط ظاهراً ؟

فابن حزم قطع بكفر من يقول بمثل هذه الأقاويل ، ولكن هل عنى بذلك الكفر الظاهر ؟ أم أنه أيضاً يعني به الكفر الباطن ؟

ما أفهمه من كلامه الذي وضحته أنت أنه يعني الكفر الباطن كذلك .. لأنه استعمل المصطلحات الشرعية الظاهرة الواضحة (كافر) و (مؤمن) في معنى لم يرده الشرع ، فكفر بذلك ، مهما أضمر من نية .

هذا مفهوم .. ولكن ما حكم من استعمل هذه الألفاظ بالمعنى اللغوي وليس الشرعي ؟

لقد أثيرت أمامي مسألة لم أحر لها جواباً ، وهي في رجل قال : نبي الله آدم كان كافراً .. وهو يعني بذلك مزارعاً .

فهو استعمل هذا اللفظ بالمعنى اللغوي ، كما استعمله الله تعالى من قبل .. وما أفهمه من كلام ابن حزم أن مثل هذا يكفر كذلك ؟

وهناك ألفاظ أخرى ، مثل رجل يقول : أنا كافر باللاهي .. والجميع يسمعها : بالله .. ولا ريب أن الناس تكفره .. ولكن سؤالي هو : هو في باطنه وعلى لسانه كذلك عنى معنى لغوياً لا يكفر به ، فقد يرفع هذا عنه حكم الكفر الباطن ؟ .. وهل نحكم على هؤلاء أصلاً بالكفر قبل التحقق من مرادهم ؟ .. أم نأخذهم بالمعاني الشرعية وبما سُمع من كلامهم ؟

وهناك أفعال وألفاظ كثيرة على هذا المنوال ..

كرجل سجد أمام الصنم مضطراً غير مكره ، وهو يعني بذلك السجود لله .. هل نقطع بكفر باطنه ؟ .. كما ذكر ابن تيمية - رحمه الله - في الفتاوى :


وما كان كفراً من الأعمال الظاهرة : كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك فإنما ذلك لكونه مستلزماً لكفر الباطن ، وإلا فلو قدر أنه سجد قدام وثن ولم يقصد بقلبه السجود له بل قصد السجود لله بقلبه لم يكن ذلك كفراً ، وقد يباح ذلك إذا كان بين مشركين يخافهم على نفسه فيوافقهم في الفعل الظاهر ويقصد بقلبه السجود لله ، كما ذكر أن بعض علماء المسلمين وعلماء أهل الكتاب فعل نحو ذلك مع قوم من المشركين حتى دعاهم إلى الإسلام فاسلموا على يديه ، ولم يظهر منافرتهم في أول الأمر
هنا الفعل كفر ظاهر ، ولكن في حقيقته الباطنة ليس بكفر ، حيث إن السجود هو لله ، وليس للصنم .

ولكننا عندما نحكم على أمثال هؤلاء ، نحكم عليهم بالكفر لما ظهر لنا من فعلهم ، ولكن هل نحكم على بواطنهم كذلك ؟

وجزاك الله خيراً

أبو فاطمة الحسني
2008-05-25, 06:13 PM
أخي أنا داخلت في نقطة معينة رأيت أن تصحيحها أمر ملح, وأما سائر الموضوع فأعفني منه ما دمت قد وافقتني في ما داخلت فيه, والحمد لله