تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حكم صلاة الجماعة



محمد طه شعبان
2017-02-15, 12:54 PM
الصحيح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة واجبة؛ ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ﴾ [النساء: 102]؛ فأمَرَ اللهُ تعالى بالجماعة في حال الخوف؛ ففي غيره أولى.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقَالَ: "هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَأَجِبْ"[1].
فهذا أَمْرٌ مِنَ النبي صلى الله عليه وسلم بحضور الجماعة؛ والأمر للوجوب؛ وَلَمْ يُرخص النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الصحابي في الصلاة في بيته، مع حاجته الشديدة لذلك.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ"[2].

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ"[3].

وفي لفظ لمسلم أيضًا: "لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ، أَوْ مَرِيضٌ، إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةِ"، وَقَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ".
والجماعة واجبة على الرجال، لا على النساء؛ ودليل عدم وجوبها على النساء حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ"[4].
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــ
[1] أخرجه مسلم (653).
[2] متفق عليه: أخرجه البخاري (644)، ومسلم (651).
[3] أخرجه مسلم (654).
[4] أخرجه أحمد (5468)، وأبو داود (567)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7458).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/112499/#ixzz4YkJQM7OF

أبو البراء محمد علاوة
2017-02-15, 01:47 PM
بارك الله فيك، ونفعنا بك، هذا بحث قد أعددته ضمن كتابي: (سؤالات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم)، جزء الصلاة، يسر الله إتمامه وطبعه، علَّه أن تكون فيه فائدة:

باب يَجِبُ إِتْيَانُ الْمَسْجِدِ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ:
ـ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّىَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: (هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ)، فَقَالَ نَعَمْ، قَالَ: (فَأَجِبْ).([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))

ـ عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ شَاسِعُ الدَّارِ وَلِى قَائِدٌ لاَ يُلاَئِمُنِي فَهَلْ لي رُخْصَةٌ أَنْ أُصَلِّىَ في بَيْتِي؟ قَالَ: (هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ)، قَالَ نَعَمْ، قَالَ: (لاَ أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً).([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))

المسألة الأولى: معاني الكلمات:

قوله: (رَجُلٌ أَعْمَى) هو عبد الله بن أم مكتوم جاء مفسرًا في رواية أبي داود وغيره.

قوله: (إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ) أي: عبد أو: خادم يمسكني ويأتي معي لصلاة الجماعة.

قوله: (أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ) أي: في ترك الجماعة في المسجد، والرخصة: (هي تغير الحكم من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام سبب الحكم الأصلي).
كتغير الحكم هنا من الصعوبة، وهي إلزامه الحضور إلى سهولة، وهي التخفيف عنه بسقوط ذلك لعذر وهو العمى مع قيام سبب الحكم الأصلي وهو طلب اجتماع المسلمين.

قوله: (فَيُصَلِّىَ فِي بَيْتِهِ) إما جماعة أو منفردًا.

قوله: (فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ) أي: رخص أولًا فلما رجع وأدبر دعاه.

قوله: (فَأَجِبْ) أي: فأت الجماعة.([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))

قوله: (وَلِى قَائِدٌ لاَ يُلاَئِمُنِي) قال الخطابي: يروى في هذا الحديث يلاومني بالواو، والصواب يلائمني: أي يوافقني.

المسألة الثانية: حكم صلاة الجماعة:

اختلف العلماء في حكم صلاة الجماعة على أربعة أقوال:

القول الأول: أنها سنة مؤكدة: وهو مذهب المالكية والحنفية .
القول الثاني: أنها فرض كفاية: وهو مذهب الشافعية.
القوال الثالث: أنها فرض عين: وهو مذهب الحنابلة.
القوال الرابع: أنها شرط لصحة الصلاة: وهو مذهب الظاهرية.

وأدلة الشافعية بأنها فرض على الكفاية: أن أحاديث الباب التي مرّت معنا فيها أنه رخَّص له أولًا وأراد أنه لا يجب عليك الحضور إما لعذر وإما لأنها فرض الكفاية حاصل بحضور غيره.

فنقول: أما من احتج بأحاديث الباب التي مرّت معنا على أن الجماعة فرض على الكفاية فلا حجَّ لهم؛ لأننا لو سلَّمنا أن ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم له إذن في ترك الجماعة فإنما رحَّص له لعذره وهو العمى مع عدم وجود القائد الجيد الذي يصحبه للمسجد مع بُعد داره عن المسجد والجماعة تسقط بالعذر إجماعًا، وهذا دليل على أن شهود الجماعة فريضة لا فضيلة، إذ غير جائز أن يقال: لا رخصة في ترك الفضيلة.

ومما يجاب به على القائلين بأنها سنة مؤكدة والقائلين بأنها فرض كفاية أيضًا: أن الله فرض صلاة الجماعة في حال الحرب ولو كانت سنة ما أوجبها ولو كانت فرض على الكفاية ما أوجبها على الطائفة الثانية.

وما ذهب إليه الظاهرية إنها شرط في صحة الصلاة بناء على ما يختاره من أن كل واجب في الصلاة فهو شرط فيها فلم يسلم له هذا؛ لأن الشرطية لا بد لها من دليل، وبحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إِلَّا مِنْ عُذْرٍ).([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))
والحديث اختلف في وقفه ورفعه وقد رجحَّ وقفه الدارقطني وابن رجب والبيهقي وغيرهم، وعلى فرض صحته فمعناه لا صلاة كاملة إلا في المسجد.

أما أدلة الحنابلة فكثيرة وظاهرة الدلالة على أنها فرض عين منها أحاديث الباب التي مرّت معنا وفيها: أنه رخَّص للأعمى ثم أمره بالحضور وإنما رخَّص له النبي صلى الله عليه وسلم ثم ردَّه بقوله (فأجب) فيحتمل أنه بوحي نزل في الحال، ويحتمل أنه تغير اجتهاده صلى الله عليه وسلم.
وحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ).([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يَهُم على تحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة إلا لإمر واجب، ولو كانت فرض كفاية: لكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بمن معه من الصحابة، ولو كانت سنة: فتارك السنة لا يُحرَّق عليه بيته.
فلو قيل: همَّ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعل، وهذا يدل على عدم الوجوب.
فيجاب عليهم: بأن عدم الفعل قد يكون لأسباب منها: وجود أصحاب الأعذار الذين لم يجب عليهم الجماعة، من النساء والأطفال والمرضى، فالواجب قد يترك لما هو أوجب منه.

ولو قيل: قد يكون المراد بالتهديد لقوم تركوا الصلاة رأسًا لا مجرد ترك الجماعة.
فيجاب عليهم: بما ورد في الحديث: (إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ)، أي: لا يحضرونها فدلَّ ذلك على المراد من ترك الجماعة.([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))

([1]) مسلم (653)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة .

([2]) أبو داود (552)، كتاب الصلاة، وابن ماجه (792)، كتاب المساجد والجماعات، دون السؤال، وكذا أحمد ()، وصححه الألباني في صحيح أبو داود .

([3]) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/834) .

([4]) ابن ماجه (793)، وابن حبان (2064)، واختلف في وقفه ورفعه، وصححه الألباني في الإرواء (551) .

([5]) البخاري (644)، ومسلم (651)، واللفظ له .

([6]) انظر شرح مسلم للنووي (5/155)، وفتح الباري لابن رجب (3/181 – 183)، عمدة القاري (5/159 – 165)، وسبل السلام (1/359 – 361) .

محمد طه شعبان
2017-02-15, 06:38 PM
نفع الله بك أبا البراء، ويسر إخراج كتابك.

أبو البراء محمد علاوة
2017-02-15, 06:40 PM
نفع الله بك أبا البراء، ويسر إخراج كتابك.

آمين، وبك نفعنا الله يا أبا يوسف

محمد طه شعبان
2017-02-23, 10:54 AM
http://majles.alukah.net/t141248/