مشاهدة النسخة كاملة : مدارسة متن البيقونية
محمد طه شعبان
2017-01-26, 09:55 AM
1- أَبْدَأُ بِالْحَمْدِ مُصَلِّيًا عَلَى *** مُحَمَّدٍ خَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلَا
قوله: (أَبْدَأُ بِالْحَمْدِ مُصَلِّيًا): قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: «وقوله بالحمد مصليًّا: نصَبَ مصليًّا على أنه حالٌ من الضمير في أبدأ؛ والتقدير: حال كوني مصليًّا.
ومعنى «الحمد» كما قال العلماء: هو وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيمًا، فإنْ وصفَهُ بالكمال لا محبة ولا تعظيمًا، ولكن خوفًا ورهبة سُمي ذلك مدحًا لا حمدًا؛ فالحمد لابد أن يكون مقرونًا بمحبة المحمود وتعظيمه.
وقول المؤلف بالحمد: لم يذكر المحمود، ولكنه معلومٌ بقرينة الحال، لأن المؤلف مسلمٌ؛ فالحمد يُقْصَدُ به: حمدُ الله سبحانه وتعالى.
ومعنى الصلاة على النبي ﷺ هو: طلب الثناء عليه من الله تعالى، وهذا ما إذا وقعت الصلاة من البشر، أما إذا وقعت من الله تعالى فمعناها ثناء الله تعالى عليه في الملأ الأعلى، وهذا هو قول أبي العالية، وأما من قال إن الصلاة من الله تعالى تعني الرحمة، فإن هذا القول ضعيفٌ، يضعِّفُه قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتدون ﴾ [ البقرة: 157 ]، ولو كانت الصلاة بمعنى الرحمة، لكان معنى الآية: أولئك عليهم رحماتٌ من ربهم ورحمة، وهذا لا يستقيم! والأصل في الكلام التأسيس؛ فإذا قلنا: إن المعنى: رحمات من ربهم ورحمة، صار عطف مماثل على مماثل.
فالصحيح هو: القول الأول وهو أن صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
قوله: (مُحَمَّدٍ خَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلَا): فنبينا محمد ﷺ هو خير الأنبياء والمرسلين؛ دليل ذلك حديث أَبي هُرَيْرَةَ ﭬ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ»([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
2- وَذِي مِنَ اقْسَامِ الْحَدِيثِ عِدَّهْ *** وَكُلُّ وَاحِدٍ أتَى وَحَدَّهْ
قوله: (وَذِي مِنَ اقْسَامِ الْحَدِيثِ عِدَّهْ): وذي اسم إشارة لِمَا هو آتٍ من أقسام الحديث.
وقوله: (عدَّة): أي: عدد ليس بكثير.
قوله: (وَكُلُّ وَاحِدٍ أتَى وَحَدَّهْ): أي: سيأتي كُلُّ واحد من هذه الأقسام، وسيأتي حدُّه؛ أي: تعريفه.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «شرح البيقونية» (22، 23).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) متفق عليه: أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (2278)، واللفظ له.
محمد طه شعبان
2017-01-26, 05:04 PM
3- أَوَّلُهَا: الصَّحِيحُ وَهْوَ مَا اتَّصَلْ إِسْنَادُهُ وَلَمْ يَشِذَّ أوْ يُعَلّْ
4- يَرْوِيهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِهِ مُعْتَمَدٌ فِي ضَبْطِهِ وَنَقْلِهِ
فهذه شروط خمسة اشترط العلماء توافرها في الحديث لكي يحكموا عليه بالصحة.
فأما الشرط الأول: فهو اتصال الإسناد: ومعناه أن يكون كل راوٍ من رواة الحديث قد أخذ الحديث عن شيخه، وتحمله بطريقة من طرق التحمل المعتبرة؛ كالسماع من الشيخ، أو القراءة عليه، وسيأتي توضيح أكثر لطرق تحمل الحديث.
وإنما اشترط العلماء شرط الاتصال احترازًا من الحديث الذي سقط من إسناده راوٍ أو أكثر؛ مما يؤدي إلى عدم العلم بعين الراوي الساقط من الإسناد، وبالتالي عدم العلم بحاله؛ هل هو ثقة أم غير ثقة؛ فقد يكون غير ثقة فينسب إلى رسول الله ﷺ ما لم يقله؛ سواء عن قصد لقلة دين أو عن غير قصد لسوء حفظ.
وأما الشرط الثاني: ألا يكون الحديثُ شاذًّا: وسيأتي معنا تعريف الشذوذ.
والشرط الثالث: ألا يكون الحديث معلولًا: وسيأتي معنا تعريف العلة.
الشرط الرابع: عدالة الراوي: فلا بد أن يكون راوي الحديث الصحيح عدلًا؛ وقد اشترط العلماء هذا الشرط احترازًا من تعمد الكذب على سول الله ﷺ؛ لأنَّ غير العدل قد لا يتورع عن الكذب على رسول الله ﷺ.
وقد عرف العلماء العدل بأنه: (من كانت له مَلَكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة).
والمقصود: أنْ يكون أغلب أحواله الطاعة، وليس المقصود ألا يقع في الخطأ أبدًا؛ لأنه بشر، والبشر ليسوا معصومين إلا الأنبياء عليهم السلام.
قال الشافعي رحمه الله: «فإذا كان الأغلب الطاعة فهو العدل، وإن كان الأغلب المعصية فهو المجرَّح»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
بِمَ تثبت عدالة الراوي:
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «تَارَةً تَثْبُتُ بِتَنْصِيصِ مُعَدِّلَيْنِ عَلَى عَدَالَتِهِ، وَتَارَةً تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَ ةِ، فَمَنِ اشْتَهَرَتْ عَدَالَتُهُ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَشَاعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، اسْتُغْنِيَ فِيهِ بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ بِعَدَالَتِهِ تَنْصِيصًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ﭬ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ فِي فَنِّ أُصُولِ الْفِقْهِ.
وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ، وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِمَالِكٍ، وَشُعْبَةَ، وَالسُّفْيَانَي ْنِ، وَالْأَوْزَاعِي ِّ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَاسْتِقَامَةِ الْأَمْرِ، فَلَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالِهِمْ ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ مَنْ خَفِيَ أَمْرُهُ عَلَى الطَّالِبِينَ»ا هـ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
الشرط الخامس: ضبط الراوي: فلا بد أنْ يكون راوي الحديث الصحيح ضابطًا؛ وقد اشترط العلماء هذا الشرط احترازًا من أن ينسب الراوي إلى رسول الله ﷺ ما لم يقله؛ فإنه وإن كان عدلًا في نفسه إلا أنه قد ينسب إلى رسول الله ﷺ ما لم يقله لغفلته وعدم ضبطه.
والضبط عند المحدِّثين ضبطان؛ ضبط صدر وضبط كتاب:
فضبط الصدر: أنْ يُثْبِت الراوي ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء.
وضبط الكتاب: هو صون الراوي لكتابه عن تطرق الخلل إليه من حين سمع فيه إلى أنْ يُؤَدِّي.
قال الإمام يحي بن معين رحمه الله: «الضبط ضبطان: ضبط صدر وضبط كتاب؛ وإنَّ أبا صالح كاتبَ الليث ضبطُه ضبطُ كتاب».
فبيَّن الإمام ابن معين رحمه الله أنَّ من الرواة من رُزِق قوة الحفظ، فهؤلاء يُعتمد على ما يروونه من حفظهم، وهناك مَنْ لم يُرزقوا نعمة حفظ الصدر؛ وإنما كتبوا أحاديثهم في كتب، وحفظوا هذه الكتب من التلاعب، وصانوها من إدخال شيء فيها، فهؤلاء إن اعتمدوا على كتبهم المصححة المنقحة ورووا منها، فحينئذ تكون روايتهم مقبولة.
وكان الإمام عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله صاحب «المصنف» ممن ضبطهم ضبط كتاب، لا ضبط صدر؛ وكان العلماء كثير من العلماء لا يأخذون منه إلا إذا روى من كتبه، فإذا روى من حفظه تركوا حديثه.
قال الإمام ابن معين رحمه الله: «مَا كتبت عَن عبد الرَّزَّاق حَدِيثًا وَاحِدًا إِلَّا من كِتَابه كُله»([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
بِمَ يُعرف ضبط الراوي:
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «يُعْرَفُ كَوْنُ الرَّاوِي ضَابِطًا بِأَنْ نَعْتَبِرَ رِوَايَاتِهِ بِرِوَايَاتِ الثِّقَاةِ الْمَعْرُوفِينَ بِالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ، فَإِنْ وَجَدْنَا رِوَايَاتِهِ مُوَافِقَةً - وَلَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى - لِرِوَايَاتِهِم ْ، أَوْ مُوَافِقَةً لَهَا فِي الْأَغْلَبِ وَالْمُخَالَفَة ُ نَادِرَةُ، عَرَفْنَا حِينَئِذٍ كَوْنَهُ ضَابِطًا ثَبْتًا، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ كَثِيرَ الْمُخَالَفَةِ لَهُمْ، عَرَفْنَا اخْتِلَالَ ضَبْطِهِ، وَلَمْ نَحْتَجَّ بِحَدِيثِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «الكفاية» (79).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «علوم الحديث» (105، 106)، تحقيق نور الدين عتر.
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) «العلل ومعرفة الرجال» لأحمد، رواية عبد الله (2/ 606).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) «علوم الحديث» (105، 106)، تحقيق نور الدين عتر.
محمد طه شعبان
2017-01-31, 03:42 PM
5- وَالْحَسَنُ الْمَعْرُوفُ طُرْقًا وَغَدَتْ رِجَالُهُ لَا كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ
انتقل المؤلف رحمه الله إلى تعريف الحسن، والحسن هو القسم الثاني من أقسام الحديث.
وشروط الحديث الحسن هي نفس شروط الحديث الصحيح؛ من اتصال الإسناد والخلو من الشذوذ والعلة؛ وعدالة الرواة وضبطهم؛ فرواته معروفون؛ كما قال الناظم: (المعروف طرقًا)، إلا أنهم لم يصلوا في الشهرة والضبط لمرتبة رواة الحديث الصحيح؛ ولذلك قال الناظم: (رجاله لا كالصحيح اشتهرت).
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله معرِّفًا الحديث الحسن: «أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ رِجَالِ الصَّحِيحِ، لِكَوْنِهِ يَقْصُرُ عَنْهُمْ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ؛ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرْتَفِعُ عَنْ حَالِ مَنْ يُعَدُّ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ حَدِيثِهِ مُنْكَرًا، وَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ هَذَا - مَعَ سَلَامَةِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَاذًّا وَمُنْكَرًا - سَلَامَتُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّلًا»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
6- وكُلُّ مَا عَنْ رُتْبَةِ الحُسْنِ قَصُرْ فَهْوَ الضَّعِيفُ وَهْوَ أَقْسَامًا كَثُرْ
الحديث الضعيف هو القسم الثالث من أقسام الحديث، وهو ما فقد شرطًا من شروط الحديث الحسن.
قال ابن الصلاح رحمه الله: «كُلُّ حَدِيثٍ لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ صِفَاتُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَلَا صِفَاتُ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ الْمَذْكُورَاتُ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ»([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
والضعيف أقسام كثيرة؛ منه الشاذ والمعلول والمدرج والمضطرب والمقلوب، وسيأتي بيان كل نوع من هذه الأنواع على حدة.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «علوم الحديث» (33).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «علوم الحديث» (41).
محمد طه شعبان
2017-01-31, 03:43 PM
7- وَمَا أُضِيفَ لِلنَّبي الْمَرْفُوعُ وَمَا لِتَابِعٍ هُوَ الْمَقْطُوعُ
فالحديث المضاف إلى النبي ﷺ يُسمى حديثًا مرفوعًا؛ فالمرفوع هو ما أخبر فيه الراوي عن قول الرسول ﷺ أو فعله، أو تقريره.
فمثال القول: حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»( ).
ومثال الفعل: حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﭭ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ( ).
ومثال التقرير: حديث ابْنِ عُمَرَ ﭭ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ( ).
فالسُّنَّة التقريرية هي أن يحدث عند النبي ﷺ شيء، أو يُخبر عن شيء، فيقره النبي ﷺ بالقول أو بالسكوت.
وأما ما أُضيف للتابعي فيسمى مقطوعًا؛ فالمقطوع هو ما جاء عن التابعين موقوفًا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم.
8- والمُسْنَدُ الْمُتَّصِلُ الإِسْنَادِ مِنْ رَاوِيهِ حَتَّى المُصْطَفَى وَلَمْ يَبِنْ
فالحديث المسند هو الحديث الذي اتصل إسناده إلى رسول الله ﷺ.
قال الإمام الحاكم رحمه الله: «وَالْمُسْنَدُ مِنَ الْحَدِيثِ: أَنْ يَرْوِيَهُ الْمُحَدِّثُ عَنْ شَيْخٍ يَظْهَرُ سَمَاعُهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ سَمَاعُ شَيْخِهِ مِنْ شَيْخِهِ إِلَى أَنْ يَصِلَ الْإِسْنَادُ إِلَى صَحَابِيٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ»اهـ( ).
9- وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى فَالْمُتَّصِلْ
فالحديث المتصل هو الحديث الذي اتصل إسناده؛ فكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه، حتى ينتهي إلى منتهاه.
محمد طه شعبان
2017-02-11, 08:59 AM
10- مُسَلْسَلٌ قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ أَتَى مِثْلُ: أَمَا وَاللَّهِ أَنْبَانِي الْفَتَى
11- كَذَاكَ قَدْ حَدَّثَنِيهِ قَائِمَا أَوْ بَعْدَ أنْ حَدَّثَنِي تَبَسَّمَا
عرَّف الناظم $ الحديثَ المسلسل بقوله: (ما على وصف أتى)؛ فالحديث المسلسل هو: (ما توارد فيه رواته على صفة واحدة بالقول أو بالفعل).
وذكر الناظم مثالًا للتسلسل بالصفة القولية؛ وهو أن يقول راوي الحديث: (أنبأني فلان) ويقول الآخر: (أنبأني فلان)، إلى آخر السند.
أو يقول: (أخبرني)، أو: (حدَّثني)، أو: (سمعت)، إلى آخر السند.
وذكر أيضًا مثالًا للمسلسل بالفعل؛ وهو أن يقول كل راوٍ من رواة الحديث: (حدثني فلان وهو قائم)، إلى آخر الإسناد.
ومثال آخر للمسلسل بالفعل؛ وهو أن يقول: (حدثني فلان ثم تبسم)، ويقول الراوي الآخر: (حدثني فلان ثم تبسم) إلى آخر السند.
فهذا هو الحديث المسلسل؛ وهو يدل على مزيد ضبط من الرواة؛ لأنهم لو ضبطوا مثل هذا؛ فهم قد ضبطوا المتن من باب أولى.
محمد طه شعبان
2017-02-11, 08:59 AM
12- عَزِيزُ مَرْوِي اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَهْ مَشْهُورُ مَرْوِي فَوْقَ مَا ثَلَاثَهْ
فالحديث العزيز هو الحديث الذي يرويه اثنان عن اثنين عن اثنين إلى أن يصل إلى منتهى السند.
وكذا ما يرويه ثلاثة عن ثلاثة.
وسُمِّيَ بذلك إِمَّا لقلةِ وجودِهِ، وإِمَّا لكونِهِ عَزَّ؛ أَيْ قَوِيَ بمَجيئِهِ مِن طريقٍ أُخْرى.
وأما الحديث المشهور فهو الذي يرويه أكثرُ من ثلاثة في كل طبقة من طبقاته.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «والثاني - وهُو أَوَّلُ أقسام الآحادِ-: ما لَهُ طرقٌ محصورةٌ بأكثرَ مِن اثْنَيْنِ، وهُو المَشْهورُ عندَ المُحَدِّثينَ؛ سُمِّيَ بذلك لوُضوحِهِ، وهُوَ المُستفيضُ عَلى رأيِ جماعةٍ مِن أئمةِ الفقهاء، سُمِّيَ بذلك لانتشاره؛ مِن فاضَ الماءُ يَفِيض فيضًا»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «نزهة النظر» (46)، تحقيق نور الدين عتر.
محمد طه شعبان
2017-02-12, 02:03 PM
13- مَعَنْعَنٌ كَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ كَرَمْ .........................
معنى «العنعنة» أن يقول الراوي: «عن فلان»؛ و«عن» ليست صريحة في السماع، فقد يقولها الراوي في حالة سماعه من الشيخ، وقد يقولها في حالة عدم سماعه؛ فهي ليست كالألفاظ الصريحة في السماع مثل: «سمعت» و«حدثني» و«أخبرني».
وبالطبع فإنَّ قول الراوي: «عن فلان» في حالة عدم سماعه منه، لا يُعَدُّ كذبًا؛ فنحن الآن نقول: «عن رسول الله، أو عن أبي هريرة»، وليس هذا كذبًا.
وأما حكم العنعنة عند المحدِّثين فلها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أنْ يقولها راوٍ ثقة غير مدلس ثبت سماعه من شيخه؛ فهي محمولة على السماع بالإجماع.
الحالة الثانية: أنْ يقولها راوٍ ثقة غير مدلس لم يثبت سماعه من شيخه مع إمكان اللقي بينهما؛ فهي محمولة على السماع عند الإمام مسلم ومن وافقه، وغير محمولة على السماع عند جمهور المحدثين.
الحالة الثالثة: أنْ يقولها راوٍ مدلس؛ فهي محمولة على عدم السماع بالإجماع.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وعَنْعَنَةُ المعاصِرِ محمولةٌ عَلى السَّماعِ، بخلافِ غيرِ المُعاصِرِ فإِنَّها تكونُ مرسَلةً أَو مُنقطِعَةً، فشرْطُ حملها على السماع ثبوت المعاصَرَةِ؛ إلا مِن المَدلِّس فإنها ليست محمولةً على السماع.
وقيلَ: يُشْترط في حملِ عنعنةِ المعاصِرِ على السماع ثبوتُ لقائهما؛ أَي: الشيخ والراوي عنه، ولو مرةً واحدةً؛ لِيَحْصل الأمنُ مِن باقي مَعُنْعَنِهِ عن كونِهِ من المرسَل الخفيِّ، وهُو المُخْتارُ، تبعًا لعليِّ بنِ المَدينيِّ، والبُخَارِيِّ، وغيرهما من النُّقَّاد»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
............................ وَمُبْهَمٌ مَا فِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمّْ
فالإبهام هو عدم ذِكْرِ اسم الراوي؛ كأن يقول: «حدثي رجل»، أو: «حدثني شيخ»، أو: «حدثني الثقة».
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: « أَوْ لَا يُسمَّى الرَّاوِي اختِصَارًا مِن الرَّاوي عنهُ؛ كقولِه: أَخْبَرَني فلانٌ، أَو شيخٌ، أَو رجلٌ، أَو بعضُهم، أَو ابنُ فلانٍ.
ويُستَدَلُّ على معرفَةِ اسمِ المُبْهَمِ بوُرودِه مِن طريقٍ أُخرى مسمًّى فيها.
ولا يُقْبَلُ حديثُ المُبْهَمِ مَا لَمْ يُسَمَّ؛ لأنَّ شرطَ قَبولِ الخَبَرِ عدالَةُ راويهِ، ومَن أُبْهِمَ اسمُه لا تُعْرَفُ عَيْنُهُ، فكيفَ تُعْرَفُ عدالَتُهُ؟!
وكذا لَا يُقْبَلُ خَبَرُه، ولو أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْديلِ؛ كأَنْ يقولَ الرَّاوي عنهُ: «أَخْبَرَني الثِّقُة»؛ لأنَّهُ قد يكونُ ثقةً عندَه مجروحًا عندَ غيرِه، وهذا عَلى الأصَحِّ في المسأَلةِ»اهـ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «نزهة النظر» (126).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «نزهة النظر» (101).
أبو البراء محمد علاوة
2017-02-12, 03:55 PM
فالحديث المضاف إلى النبي ﷺ يُسمى حديثًا مرفوعًا؛ فالمرفوع هو ما أخبر فيه الراوي عن قول الرسول ﷺ أو فعله، أو تقريره.
بارك الله فيك أبا يوسف، كذا من المرفوع: المرفوع الوصفي: وهو ما أضيف من وصف النبي صلى الله عليه وسلم خِلْقة أو خُلُقًا
محمد طه شعبان
2017-02-12, 07:16 PM
نعم، بارك الله فيك أبا البراء.
أبو البراء محمد علاوة
2017-02-12, 07:25 PM
نعم، بارك الله فيك أبا البراء.
وفيك بارك الله يالحبيب
أبو البراء محمد علاوة
2017-02-13, 01:11 PM
9- وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى فَالْمُتَّصِلْ
فالحديث المتصل هو الحديث الذي اتصل إسناده؛ فكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه، حتى ينتهي إلى منتهاه.
وقد استدرك على الناظم هذا البيت، إذ ليس هناك فارق بين المسند والمتصل على قوله هذا، فالمسند: المتصل المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الناظم، وكذا المتصل على تعريفه، لذا قال بعض المستدركين عليه:
وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ ... إِسْنَادُهُ لِلْمُنتهى فَالْمُتَّصِلْ
أي أن المتصل يكون منتهى الإسناد سواء أكان مرفوعًا أو موقوفًا أو مقطوعًا أو ...
وقد عرَّفه السيوطي في ألفيته تعريفًا سالمًا من الانتقاد:
مَرْفُوعًا أوْ مَوْقُوفًا إذْ يَتَّصِلْ ... إسْنَادُهُ المْوصولُ والمتَّصِلُ
محمد طه شعبان
2017-02-13, 01:53 PM
نفع الله بك أبا البراء
أبو البراء محمد علاوة
2017-02-13, 02:02 PM
نفع الله بك أبا البراء
آمين وإياك
محمد طه شعبان
2017-02-15, 11:19 AM
14- وَكُلُّ مَا قَلَّتْ رِجَالُهُ عَلَا وَضِدُّهُ ذَاكَ الَّذِي قَدْ نَزَلَا
كل حديث قلَّت فيه الوسائط بين الراوي وبين رسول الله ﷺ فهو الحديث العالي، وضده هو الحديث النازل؛ وهو الذي كثرت فيه الوسائط بين الراوي وبين رسول الله ﷺ.
مثاله: حديث يرويه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ.
فيكون بينه وبين النبي ﷺ أربعُ وسائط فقط.
ونفس الحديث يرويه مسلم عن أحمد بن حنبل عن عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري عن الزهري عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ.
فيكون بينه وبين النبي ﷺ ستُّ وسائط.
فيكون إسناد البخاري أعلى من إسناد مسلم.
وينقسم العلو عند المحدثين إلى قسمين:
1- علوٌّ مطلق.
2- علوٌّ نسبي.
فأما العلو المطلق: فهو الذي أشرنا أليه آنفًا؛ وهو علوٌ بالمسافة؛ أي: أن المسافة بين الراوي وبين رسول الله ﷺ مختصرة.
وأما العلو النسبي: فأربعة أقسام:
قسمان بالمسافة؛ وهما:
1- القرب من إمام من الأئمة:
كالأعمش، والثوري، ومالك، وشعبة، وأحمد، وغيرهم من الأئمة المشهورين؛ وإنْ كثر بعده العدد إلى رسول الله ﷺ.
مثاله: حديث يرويه الإمام أبو داود، عن القعنبي، عن مالك، عن الزهري، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ.
فيكون بين أبي داود وبين مالك واسطة واحدة فقط.
ونفس الحديث يرويه الإمام الترمذي، عن البخاري، عن القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ.
فيكون إسناد أبي داود أعلى من إسناد الترمذي علوًّا نسبيًّا؛ لأن أبا داود بينه وبين الإمام مالك واسطة واحدة فقط، والترمذي بينه وبين الإمام مالك واسطتان؛ وإن استويا في عدد رجال الإسناد إلى رسول الله ﷺ.
2- القرب من كتاب من الكتب المشهورة:
كالصحيحين، ومسند أحمد، والسنن الأربعة.
وصورته: أن يروي الراوي حديثًا، ويكون رجال إسناده في الحديث أقل عددًا مما لو رواه من طريق كتاب من الكتب المشهورة.
مثاله: قال السخاوي $: «وَذَلِكَ كَأَنْ يَقَعَ لَنَا حَدِيثٌ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الزَّعْفَرَانِي ِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَهَذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِيهِ تِسْعَةٌ؛ فَهُوَ أَعْلَى مِمَّا لَوْ رُوِّينَاهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ؛ لِأَنَّ مِنَّا إِلَى كُلٍّ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَوْ مَنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ ثَمَانِيَةً، وَهُوَ وَشَيْخُهُ الَّذِي هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ اثْنَانِ، فَصَارَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَشْرَةٌ»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وقسمان بالصفة؛ وهما:
1- العلو بتقدم وفاة الراوي:
بأنْ يتقدم وفاة الراوي الذي في أحد الإسنادين على الراوي الذي في الإسناد الآخر.
فيكون الأول أعلى، وإن تساويا في العدد.
قال الإمام أبو يعلى الخليلي $:
«مِثَالُهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنَا, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَسَدِيِّ, عَنْ سَهْلِ بْنِ زَنْجَلَةَ, عَنْ وَكِيعٍ, وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ, عَنْ وَكِيعٍ؛ فَسَهْلٌ أَعْلَى مِنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ بِعِشْرِينَ سَنَةً.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلَيْنِ يَرْوِيَانِ عَنْ أحد الْأَئِمَّةِ , ثُمَّ يَكُونُ أَحَدَهُمَا أَعْلَى؛ فَإِنَّ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ يَرْوِي عَنْ مَالِكٍ, وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ, وَيَرْوِي عَنْ مَالِكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ, وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ, فَهُمَا سَوَاءٌ فِي مَالِكٍ, لَكِنَّ ابْنَ وَهْبٍ لِقِدَمِ مَوْتِهِ وَجَلَالَتِهِ لَا يُوازِيهِ قُتَيْبَةُ, مَعَ تَوْثِيقِهِ وَصَلَاحِهِ»اهـ ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وقال الإمام الحاكم $:
«وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النُّزُولَ عَنْ شَيْخٍ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ وَاشْتَهَرَ فَضْلُهُ، أَجَلُّ وَأَعْلَى مِنْهُ، عَنْ شَيْخٍ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ، وَعُرِفَ بِالصِّدْقِ»اهـ ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
2- العلو بتقدم السماع من الشيخ:
فمن سمع من الشيخ قديمًا أعلى ممن سمع منه أخيرًا.
وفائدة ذلك في حق من اختلط شيخه أو خَرِف؛ فمن سمع من هذا الشيخ قديمًا أرجح وأصح ممن سمع منه أخيرًا.
ونادرًا ما يكون العكس أرجح؛ وذلك في حق من كان يحدث قديمًا من حفظه فيخطئ، ثم صار بعدُ لا يحدث إلا من كتب؛ كهمام بن يحيى.
والنزول عكس العلو؛ فكل قسم من أقسام العلو، يقابله قسم من أقسام النزول.
قال ابن الصلاح $:
«وَأَمَّا النُّزُولُ فَهُوَ ضِدُّ الْعُلُوِّ، وَمَا مِنْ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْعُلُوِّ الْخَمْسَةِ إِلَّا وَضِدُّهُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ النُّزُولِ، فَهُوَ إِذًا خَمْسَةُ أَقْسَامٍ، وَتَفْصِيلُهَا يُدْرَكُ مِنْ تَفْصِيلِ أَقْسَامِ الْعُلُوِّ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ»اهـ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «فتح المغيث» (3/ 12)، طـ دار الكتب العلمية.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «الإرشاد في معرفة علماء الحديث» (1/181)، طـ مكتبة الرشد، الرياض.
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) «معرفة علوم الحديث» (12)، طـ دار الكتب العلمية، بيروت.
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) «علوم الحديث» (263).
أبو البراء محمد علاوة
2017-02-15, 12:18 PM
13- مَعَنْعَنٌ كَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ كَرَمْ .........................
بارك الله فيك أبا يوسف.
وقد استدرك على الناظم هذا الشطر من البيت بإن فيه قصور حيث اكتفى بالتمثيل لصورة العنعنة في الإسناد؛ فليس البحث قول الراوي: (عن)، وإلا لكان أكثر الأحاديث داخلة في هذا النوع؛ إذ لا يخلو إسناد من عنعنة.
فقال المستدرك:
مَعَنْعَنُ المُدَلِّسِن عَنْ كَرَمْ .............
محمد طه شعبان
2017-02-15, 12:57 PM
صحيح، بارك الله فيك أبا البراء.
أبو البراء محمد علاوة
2017-02-15, 01:43 PM
صحيح، بارك الله فيك أبا البراء.
وفيك بارك الله
محمد طه شعبان
2017-03-17, 05:54 PM
15- وَمَا أَضَفْتَهُ إِلَى الْأَصْحَابِ مِنْ قَولٍ وَفِعْلٍ فَهْوَ مَوْقُوفٌ زُكِنْ
فالحديث المضاف إلى الصحابي يُسمى حديثًا موقوفًا.
قال الإمام النووي رحمه الله: «الموقوف وهو المروي عن الصحابة قولًا لهم أو فعلًا أو نحوه؛ متصلًا كان أو منقطعًا، ويستعمل في غيرهم مقيدًا، فيقال: وقفه فلان على الزهري ونحوه»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «التقريب» (33)، طـ دار الكتاب العربي، بيروت.
محمد طه شعبان
2017-03-17, 05:55 PM
16- وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ ..........................
عرف الناظم رحمه الله الحديث المرسل بأنه الحديث الذي سقط منه صحابي؛ وفي الحقيقة أنَّ في هذا العريف نظرًا؛ لأننا لو تحققنا أن الساقط من الإسناد صحابي لَمَا كانت هناك أدنى مشكلة؛ لأنَّ الصحابة كلهم عدول؛ وحينئذ لكان المرسل مما يُحتج به.
والعلماء إنما توقفوا في الاحتجاج بالمرسل لاحتمال أن يكون الساقط من الإسناد تابعيًّا أو أكثر، والتابعون منهم الثقات وغير الثقات.
ولذلك عرَّف العلماء المرسل بأنه هو «ما يقول فيه التابعي: قال رسول اللهﷺ».
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «ما سَقَطَ مِن آخِرِهِ مَنْ بَعد التابعي، هو المرسل؛ وصورتُهُ: أَنْ يقولَ التابعيُّ - سواءٌ كانَ كبيرًا أم صغيرًا -: قالَ رسولُ الله ﷺ كذا، أو فعَلَ كذا، أو فُعِلَ بحضرته كذا، ونحو ذلك.
وإنما ذُكِرَ في قِسْم المردود للجهل بحالِ المحذوفِ؛ لأَنَّه يُحتمل أَنْ يكونَ صحابيًّا، ويُحتمل أَنْ يكونَ تابعيًّا.
وعلى الثَّاني [أي: على احتمال أن يكون تابعيًّا] يُحتمل أَنْ يكونَ ضَعيفًا، ويُحتمل أَنْ يكونَ ثقةً، وعلى الثَّاني [أَي: على احتمال أن يكون ثقةً] يُحتمل أَنْ يكونَ حَمَل عن صحابيٍّ، ويُحتمل أَنْ يكونَ حَمَل عن تابعيٍّ آخَرَ، وعلى الثَّاني فيعودُ الاحتمالُ السابقُ، ويَتعدد»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «نزهة النظر» (82).
محمد طه شعبان
2017-03-19, 10:46 AM
.............................. ......
وَقُلْ: غَرِيبٌ مَا رَوَى رَاوٍ فَقَطْ
الغريب لغة: هو الفرد، أو البعيد عن أقاربه([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))؛ وأغرب الرجل إذا جاء بأمر غريب.
والحديث الغريب اصطلاحًا: هو الذي تفرد به شخص واحد في أي موضع من السند.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «الغريب: وهُو ما يتفرَّد بِروايَتِهِ شخصٌ واحِدٌ في أيِّ موضعٍ وَقَعَ التفردُ بِهِ مِنَ السَّنَدِ»اهـ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وينقسم الغريب عند المحدثين إلى قسمين:
1- غريب مطلق: وهو أن يتفرد بالحديث راوٍ واحدٌ لا يُروَى الحديث إلا من طريقه.
كحديث إنما الأعمال بالنيات؛ فهو حديث غريب غرابة مطلقة؛ وذلك لأنه لم يُروَ إلا من طريق عمر بن الخطاب ﭬ فقط، عن رسول الله ﷺـ ولم يروه عن عمر لإلا علقمة بن وقاص الليثي، ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عن التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري.
ولا بد أنْ تعلم أخي الكريم أنه لا تلازم بين الغرابة والضعف أو الصحة؛ فقد يكون الحديث غريبًا، وهو صحيح، وقد يكون غريبًا، وهو ضعيف.
2- غريب نسبي: وهو أن يكون التفرد في أثنائه؛ فيروي الحديثَ عن النبي ﷺ أكثر من صحابي، ثم ينفرد بروايته عن واحد منهم شخص واحد.
مثاله: أنْ يروي الحديث عن رسول الله ﷺ، أبو هريرة وأنس وابن عمر ﭫ، ثم لا يرويه عن أنس إلا واحد فقط؛ كالزهري مثلًا؛ ثم قد يشتهر الحديث عن الزهري فيرويه عنه أكثر من راوٍ، وقد لا يشتهر؛ المهم أنَّ الزهري تفرد به عن أنس ﭬ، فلم يروه عن أنس إلا الزهري.
فهذا هو الحديث الغريب غرابة نسبية؛ سُمِّيَ بذلك لكون التفرد فيه حصل بالنسبة إلى شخص معين، وإن كان الحديث في نفسه مشهورًا.
والغريب هو الفرد عند المحدِّثين؛ ولكن أكثر ما يطلقون «الغريب» على الفرد النسبي، وأكثر ما يطلقون «الفرد» على الفرد المطلق.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «الغَريبُ والفَرْدُ مترادفان لغةً واصطلاحًا؛ إلا أن أهلَ الاصطِلاحِ غايَروا بينَهُما من حيثُ كثرةُ الاستِعمالِ وقِلَّتُه؛ فالفردُ أَكْثَرُ ما يُطْلقونه على الفَرْدِ المُطْلَقِ، والغَريبُ أَكثرُ ما يُطْلقونه عَلى الفَرْدِ النِّسْبيِّ.
وهذا مِن حيثُ إِطلاقُ الاسمِ عليهِما، وأما مِن حيثُ استعمالُهم الفعل المشتق فلا يُفَرِّقون، فَيقولونَ في المُطْلَقِ والنِّسْبيِّ: تفرَّد بِهِ فُلانٌ، أو أغرب به فلان»اهـ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
وسيتعرض الناظم رحمه الله فيما سيأتي إلى الفرد النسبي إن شاء الله تعالى.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) انظر: «لسان العرب» فصل الغين المعجمة.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «نزهة النظر» (50).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) «نزهة النظر» (57).
محمد طه شعبان
2017-03-22, 01:03 PM
17- وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِحَالِ
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعُ الأَوْصَالِ
18- وَالْمُعْضَلُ السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ
.............................. ...
اعلم أخي الكريم أن أنواع الانقطاع في الإسناد أربعة:
1- المرسل: وهو ما كان السقط فيه في آخر الإسناد؛ وقد تقدم الكلام عنه.
2- المنقطع: وهو ما كان السقط فيه في أثناء الإسناد؛ بشرط عدم التوالي؛ فهذا يُسمى عند المحدِّثين منقطعًا.
3- المعضل: وهو ما سقط منه اثان أو أكثر بشرط التوالي؛ فهذا يُسمى عند المحدِّثين معضلًا.
4- المعلق: وهو ما سقط منه راوٍ أو أكثر من مبادئ الإسناد، ويكون من تصرف مصنف.
كأنْ يقول البخاري: (عن أبي هريرة عن النبي ﷺ)، أو: (عن الزهري، عن أنس عن النبي ﷺ).
فهذا هو الحديث المعلق؛ وهو مختص بالكتب، فأما إن كان السقط من الراوي في غير كتاب؛ فهو منقطع أو معضل.
عبد الله سلامة
2017-03-25, 03:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فوائد
لابد عند تدريس المختصرات في علم المصطلح من مراعاة استعمال أئمة النقد للمصطلح لأن المتأخرين خاصة ابن حجر يميلون إلى تحرير المصطلحات فلذلك أرى توضيح استعمال المتقدمين للمصطلح لتكتمل الصورة عند الدارس ولكي يستوعب الدارس تطبيق المصطلحات في كتب النقد فترتبط الجهة النظرية بالعملية عند الدارس فيكون بناؤه بناء سليما متكاملا لا خلل فيه
محمد طه شعبان
2017-03-25, 04:10 PM
جزاكم الله خيرًا.
محمد طه شعبان
2017-04-03, 10:52 AM
.............................. ........
وَمَا أَتَى مُدَلَّسًا نَوْعَانِ
19- الأوَّلُ: الإِسْقَاطُ لِلشَّيْخِ وَأَنْ
يَنْقُلَ مِمَّنْ فَوْقَهُ بِعَنْ وَأنْ
20- وَالثَّانِ: لَا يُسْقِطُهُ لَكِنْ يَصِفْ
أوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لَا يَنْعَرِفْ
تكلم الناظم في هذه الأبيات عن التدليس.
والتدليس في اللغة: قال ابن فارس: «الدَّالُ وَاللَّامُ وَالسِّينُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى سَتْرٍ وَظُلْمَةٍ؛ فَالدَّلَسُ: دَلَسُ الظَّلَامِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا يُدَالِسُ؛ أَيْ: لَا يُخَادِعُ؛ وَمِنْهُ التَّدْلِيسُ فِي الْبَيْعِ؛ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِ إِبَانَةٍ عَنْ عَيْبِهِ، فَكَأَنَّهُ خَادَعَهُ وَأَتَاهُ بِهِ فِي ظَلَامٍ»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
والتدليس في الاصطلاح ينقسم إلى قسمين رئيسيين؛ ذكرهما الناظم رحمه الله.
فأما القسم الأول: فهو تدليس الإسناد:
وقد عرَّفه الناظم رحمه الله بأنْ يُسقط الراوي شيخَه الذي سمع منه الحديث، ثم يروي عمن فوقه بصيغة محتملة للسماع وعدمه؛ كـ(عن)، و(أنَّ)، وكـ(قال) أيضًا.
لأنه لو قال: (عن فلان) فهذا يَحتمل أنه سمع منه، ويحتمل أنه سمعه من غيره، وكذا لو قال: (قال فلان) يَحتمل أنه قال له أو لغيره.
كما نحن الآن نقول: (قال رسول الله)، و(عن رسول الله)، ولم نسمع من النبي ﷺ، والصحابة الكرام يقولونها وقد سمعوا منه ﷺ.
فهي صيغ محتملة، لا تدل على السماع ولا على عدمه.
وأما لو رواه بصيغة تدل على السماع؛ كـ(حدثني)، و(أخبرني)، و(سمعت)؛ فهذا حينها لا يكون مدلِّسًا، وإنما هو كذاب؛ إن تعمد ذلك، أو يكون مخطئًا إن أخطأ وظن أنه سمع هذا الحديث من هذا الشيخ، وهو لم يسمعه منه.
وكذلك لو رواه بصيغة صريحة في عدم السماع؛ كـ(بلغني عن فلان)، أو (حُدِّثْتُ عن فلان)، ونحو هذا، فإنه ليس تدليسًا.
إذًا يُشترط في التدليس أنْ يكون بصيغة محتملة.
القسم الثاني: تدليس الشيوخ:
وقد عرَّفه الناظم بأنْ يصف الراوي شيخَه باسم لا يُعرف به، أو ليس مشهورًا به.
وأسباب تعاطي هذا النوع من التدليس مختلفة.
قال الإمام الحاكم النيسابوري رحمه الله: «وَالْجِنْسُ الرَّابِعُ مِنَ الْمُدَلِّسِينَ قَوْمٌ دَلَّسُوا أَحَادِيثَ رَوَوْهَا عَنِ الْمَجْرُوحِينَ فَغَيَّرُوا أَسَامِيَهُمْ وَكُنَاهُمْ، كَيْ لَا يُعْرَفُوا»اهـ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وقال الحافظ ابن الصلاح رحمه الله: «فَقَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُ شَيْخِهِ الَّذِي غَيَّرَ سَمْتَهُ غَيْرَ ثِقَةٍ، أَوْ كَوْنُهُ مُتَأَخِّرَ الْوَفَاةِ قَدْ شَارَكَهُ فِي السَّمَاعِ مِنْهُ جَمَاعَةٌ دُونَهُ، أَوْ كَوْنُهُ أَصْغَرَ سِنًّا مِنَ الرَّاوِي عَنْهُ، أَوْ كَوْنُهُ كَثِيرَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ فَلَا يُحِبُّ الْإِكْثَارَ مِنْ ذِكْرِ شَخْصٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَتَسَمَّحَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ الْمُصَنِّفِينَ ، مِنْهُمُ الْخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَدْ كَانَ لَهِجًا بِهِ فِي تَصَانِيفِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
وقد ذكر الحافظ ابن الصلاح رحمه الله أمثلة لتدليس الشيوخ؛ فقال رحمه الله: «مَعْرِفَةُ مَنْ ذُكِرَ بِأَسْمَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ نُعُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَظَنَّ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِهَا أَنَّ تِلْكَ الْأَسْمَاءَ أَوِ النُّعُوتَ لِجَمَاعَةٍ مُتَفَرِّقِينَ، هَذَا فَنٌّ عَوِيصٌ، وَالْحَاجَةُ إِلَيْهِ حَاقَّةٌ، وَفِيهِ إِظْهَارُ تَدْلِيسِ الْمُدَلِّسِينَ ، فَإِنَّ أَكْثَرَ ذَلِكَ إِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَدْلِيسِهِمْ.
مِثَالُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ، هُوَ أَبُو النَّضْرِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدِيثَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَهُوَ حَمَّادُ بْنُ السَّائِبِ، الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو أُسَامَةَ حَدِيثَ: «ذَكَاةُ كُلِّ مَسْكٍ دِبَاغُهُ»، وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ التَّفْسِيرَ، يُدَلِّسُ بِهِ مُوهِمًا أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ.
وَمِثَالُهُ أَيْضًا: سَالِمٌ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَائِشَةَ ﭫ هُوَ سَالِمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ النَّصْرِيِّ، وَهُوَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مُسَمًّى بِسَالِمٍ مَوْلَى النَّصْرِيِّينَ ، وَفِي بَعْضِهَا بِسَالِمٍ مَوْلَى الْمَهْرِي، وَهُوَ فِي بَعْضِهَا سَالِمٌ سَبَلَانُ، وَفِي بَعْضِهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، وَفِي بَعْضِهَا سَالِمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيُّ، وَفِي بَعْضِهَا سَالِمٌ مَوْلَى دَوْسٍ.
قُلْتُ: وَالْخَطِيبُ الْحَافِظُ يَرْوِي فِي كُتُبِهِ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيِّ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ الْفَارِسِيِّ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيِّ، وَالْجَمِيعُ شَخْصٌ وَاحِدٌ مِنْ مَشَايِخِهِ.
وَكَذَلِكَ يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالِ، وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْخَلَّالِ، وَالْجَمِيعُ عِبَارَةٌ عَنْ وَاحِدٍ.
وَيَرْوِي أَيْضًا عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ التَّنُّوخِيِّ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُحَسِّنِ، وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحَسِّنِ التَّنُوخِيِّ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْمُعَدَّلِ، وَالْجَمِيعُ شَخْصٌ وَاحِدٌ، وَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الْكَثِيرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
حكم تدليس الإسناد وتدليس الشيوخ:
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَبُولِ رِوَايَةِ مَنْ عُرِفَ بِهَذَا التَّدْلِيسِ فَجَعَلَهُ فَرِيقٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ مَجْرُوحًا بِذَلِكَ، وَقَالُوا: لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ بِحَالٍ؛ بَيَّنَ السَّمَاعَ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ.
وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ؛ وَأَنَّ مَا رَوَاهُ الْمُدَلِّسُ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ السَّمَاعَ وَالِاتِّصَالَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْسَلِ وَأَنْوَاعِهِ، وَمَا رَوَاهُ بِلَفْظٍ مُبَيِّنٍ لِلِاتِّصَالِ نَحْوَ (سَمِعْتُ، وَحَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا) وَأَشْبَاهِهَا فَهُوَ مَقْبُولٌ مُحْتَجٌّ بِهِ.
وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ » وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ حَدِيثِ هَذَا الضَّرْبِ كَثِيرٌ جَدًّا: كَقَتَادَةَ، وَالْأَعْمَشِ، وَالسُّفْيَانَي ْنِ، وَهُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ، وَغَيْرِهِمْ.
وَهَذَا لِأَنَّ التَّدْلِيسَ لَيْسَ كَذِبًا، وَإِنَّمَا هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْإِيهَامِ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: فَأَمْرُهُ أَخَفُّ، وَفِيهِ تَضْيِيعٌ لِلْمَرْوِيِّ عَنْهُ، وَتَوْعِيرٌ لِطَرِيقِ مَعْرِفَتِهِ عَلَى مَنْ يَطْلُبُ الْوُقُوفَ عَلَى حَالِهِ وَأَهْلِيَّتِهِ .
وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْغَرَضِ الْحَامِلِ عَلَيْهِ، فَقَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُ شَيْخِهِ الَّذِي غَيَّرَ سَمْتَهُ غَيْرَ ثِقَةٍ، أَوْ كَوْنُهُ مُتَأَخِّرَ الْوَفَاةِ قَدْ شَارَكَهُ فِي السَّمَاعِ مِنْهُ جَمَاعَةٌ دُونَهُ، أَوْ كَوْنُهُ أَصْغَرَ سِنًّا مِنَ الرَّاوِي عَنْهُ، أَوْ كَوْنُهُ كَثِيرَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ فَلَا يُحِبُّ الْإِكْثَارَ مِنْ ذِكْرِ شَخْصٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ»اهـ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «مقاييس اللغة» (2/ 296).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «معرفة علوم الحديث» (106)، طـ دار الكتب العلمية.
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) «علوم الحديث» (76).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) «علوم الحديث» (325)، طـ دار الفكر، بيروت.
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) «علوم الحديث» (75، 76).
محمد طه شعبان
2017-04-03, 07:03 PM
21- وَمَا يُخَالِفْ ثِقَةٌ فِيهِ الْمَلَا
فَالشَّاذُ ....................
الشاذ لغة: قال ابن فارس رحمه الله: «الشِّينُ وَالذَّالُ يَدُلُّ عَلَى الِانْفِرَادِ وَالْمُفَارَقَة ِ؛ شَذَّ الشَّيْءُ يَشِذُّ شُذُوذًا، وَشُذَّاذُ النَّاسِ: الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْقَوْمِ وَلَيْسُوا مِنْ قَبَائِلِهِمْ وَلَا مَنَازِلِهِمْ»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وقال الجوهري رحمه الله: «شَذَّ عنه يَشُذُّ ويَشِذُّ [بضم الشين وكسرها] شُذوذًا: انفرد عن الجمهور»([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
والشاذ اصطلاحًا: قال ابن حجر رحمه الله: هو: «ما رواهُ المقْبولُ مُخالِفًا لِمَنْ هُو أَولى مِنهُ»([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
فقوله: (المقبول): يشمل الثقة والصدوق، ويخرج به الضعيف؛ لأن الضعيف لو خالف فحديثه يُسمى: «منكرًا»؛ كما سيأتي.
وقوله: (مخالفًا لمن هو أولى منه): أي: أرجح منه؛ وقد يكون هذا الرجحان بالكيف؛ أي: أن هذا الراوي خالف راويًا واحدًا ولكن هذا الراوي الواحد أوثق منه؛ فتُرجح رواية هذا الأوثق على الأقل ثقة.
وقد يكون الرجحان بالكم؛ أي: أن هذا الراوي الثقة خالف من هم أكثر عددًا منه؛ فتُرجح رواية الأكثر على الأقل؛ وإن كان جميعهم ثقات.
قلت: فاشترط في الحديث شرطين؛ كي يُسمى شاذًّا.
الشرط الأول: المخالفة؛ بمعنى أن الحديث الشاذ لا بد أن يكون مشتركًا في روايته أكثر من راوٍ، وهؤلاء الرواة قد اختلفوا فيما بينهم.
وأما لو انفرد برواية هذا الحديث راو واحد، فأخطأ فيه، فخطؤه – حينها – لا يُسمى شذوذًا.
الشرط الثاني: أن تكون هذه المخالفة من ثقة، وليست من ضعيف.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «مقاييس اللغة» (3/ 180).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «الصحاح» (2/ 565).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) «نزهة النظر» (72).
محمد طه شعبان
2017-04-11, 09:47 AM
.............................. ......
........ وَالْمَقْلُوبُ قِسْمَانِ تَلَا
22- إِبْدَالُ رَاوٍ مَا بِرَاوٍ قِسْمُ
وقَلْبُ إِسْنَادٍ لِمَتْنٍ قِسْمُ
تكلم الناظم رحمه الله هنا عن الحديث المقلوب؛ وهو قسم من أقسام الضعيف؛ وبيَّن أنه قسمان:
القسم الأول: إبدال راوٍ ما براوٍ آخر.
مثاله: حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ، عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
هذا الحديث تفرد به عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، لم يروه عن ابن عمر أحد غيره؛ فأخطأ يحيى بن سُلَيم فرواه عن نافع، عن ابن عمر([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
فأبدل (عبد الله بن دينار) بـ(نافع).
قال الإمام الترمذي رحمه الله - بعدما روى الحديث من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر - قال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ؛ وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ؛ وَيُرْوَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ حِينَ حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيثِ أَذِنَ لِي حَتَّى كُنْتُ أَقُومُ إِلَيْهِ فَأُقَبِّلُ رَأْسَهُ.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَهِمَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، وَالصَّحِيحُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، هَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَتَفَرَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ بِهَذَا الحَدِيثِ»اهـ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
القسم الثاني: قلب إسناد لمتن.
ومعناه: أنْ يعمِد أحد الرواة إلى متن ما، فيرويه بسند آخر، ليس هو سنده الذي يُروى به.
مثاله: حديث يرويه يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن قتادة، عن أبيه، عن النبي ﷺ أنه قال: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي»([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
فهذا هو الإسناد المحفوظ لهذا الحديث؛ وقد أخرجه البخاري ومسلم من هذا الوجه، فأخطأ جرير بن حازم فروى هذا المتن بإسناد آخر؛ فقال: عن ثابت البُناني، عن أنس ﭬ، عن النبي ﷺ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
فأبدل جرير إسناد الحديث بأكمله.
قال: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كُنَّا عِنْدَ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، فَحَدَّثَ حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي»؛ فَوَهِمَ جَرِيرٌ، فَظَنَّ أَنَّ ثَابِتًا حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)).
هذان القسمان فقط هما اللذان ذكرهما الناظم رحمه الله من أقسام الحديث المقلوب؛ وفي الحقيقة أنَّ هناك أقسامًا أخرى لم يذكرها الناظم رحمه الله.
فمن المقلوب أيضًا: تقديم ما حقه التأخير.
مثاله: قال ابن أبي حاتم رحمه الله: «سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ حدَّثنا بِهِ أحمدُ بْن عِصَام الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْر الحَنَفي، عَنْ سُفْيان، عَن حُكَيم بْن سَعْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيان، عَنْ سَلْمان؛ أَنَّهُ قَالَ: من وَجَدَ فِي بَطنِه رِزًّا مِنْ بَوْلٍ، أو غائِط، فليَنصَرِفْ غيرَ متكلِّمٍ، ولا داعٍ؟
فسمعتُ أَبِي يقول: هذا إسنادٌ مقلوبٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: سُفْيان، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيان، عَن حُكَيم بن سعد، عن سَلْمان»اهـ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)).
وهذا كله من الإقلاب في الإسناد.
وقد يقع الإقلاب في المتن أيضًا؛ كقلب كلمة بكلمة، أو جملة بجملة.
مثاله: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ﭬ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)).
فأخطأ بعض الرواة فقال: «حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ».
مثال آخر: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَقَيْتُ السَّطْحَ مَرَّةً فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ جَالِسًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَهُ طُرُقٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ: «مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُسْتَدْبِرَ الشَّامِ»؛ وَهِيَ خَطَأٌ؛ تُعَدُّ مِنْ قِسْمِ الْمَقْلُوبِ فِي الْمَتْنِ»اهـ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)).
مثال آخر: حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10)).
فقد رُوِيَ هذا الحديث عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، هكذا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بِلَالٌ»([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11)).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «رَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ خَبِيبٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ: «إنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بِلَالٌ».
وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ؛ وَقَالَ: إنْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ كَانَ بَيْنَ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ نُوَبًا؛ فَكَانَ بِلَالٌ إذَا كَانَتْ نَوْبَتُهُ يَعْنِي السَّابِقَةَ أَذَّنَ بِلَيْلٍ، وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ كَذَلِكَ؛ وَتَجَاسَرَ ابْنُ حِبَّانَ فَجَزَمَ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ جَعَلَ الْأَذَانَ بَيْنَهُمَا نُوَبًا.
وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ؛ وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَتَبِعَهُمَا الْمِزِّيُّ فَحَكَمُوا عَلَى حَدِيثِ أُنَيْسَةَ بِالْوَهْمِ وَأَنَّهُ مَقْلُوبٌ»اهـ([12] (http://majles.alukah.net/#_ftn12)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (2535)، ومسلم (1506).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) أخرجه ابن ماجه (2748).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) ذكره الترمذي في «الجامع» (2/ 395).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) أخرجه مسلم (604).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) أخرجه الترمذي (517)، وأحمد في «معرفة العلل والرجال» (1/ 243).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) «الجامع» (4/ 437).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) «علل الحديث» (2/ 21)، حُقق بإشراف الحميد والجريسي.
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) متفق عليه: أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031).
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) «التلخيص الحبير» (1/ 305)، طـ دار الكتب العلمية.
[10] (http://majles.alukah.net/#_ftnref10))) متفق عليه: أخرجه البخاري (622)، ومسلم (381).
[11] (http://majles.alukah.net/#_ftnref11))) أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (406)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (857)، وابن حبان في «صحيحه» (3473).
[12] (http://majles.alukah.net/#_ftnref12))) «التلخيص الحبير» (1/ 457)، مختصرًا.
محمد طه شعبان
2017-04-11, 06:58 PM
23- وَالْفَرْدُ مَا قَيَّدْتَّهُ بِثِقَةِ
أَوْ جَمْعٍ اَوْ قَصْرٍ عَلَى رِوَايَةِ
تقدم ذِكْرُ الناظم رحمه الله للحديث الغريب؛ وسبق أنْ بيَّنَّا أنَّ الغريب هو الفرد لغة واصطلاحًا، وأنهما ينقسمان إلى:
فرد مطلق: وهو الحديث الذي يُروى من طريق راوٍ واحد فقط.
فرد نسبيٌّ: وهو الحديث الذي حَصَلَ التفرُّدُ فيهِ بالنسبةِ إِلى جهة مُعَيَّنة، وإنْ كَان الحديث في نفسه مشهورًا.
كأنْ يُقيَّد التفرد بثقة؛ فيقال: «لم يروه عن فلان ثقة إلا فلان».
أو يُقيَّد بـ«جمع»؛ أي: أهل بلد؛ فيقال: «تفرد به أهل المدينة، أو أهل البصرة، أو أهل مصرَ».
أو يُقصر التفرد على رواية معينة؛ فيقال: «هذا الحديث غريب من رواية الزهري - مثلًا – وإن كان الحديث مشهورًا من رواية غيره».
قال السيوطي رحمه الله: «فَرْدٌ نِسْبِيٌّ؛ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَةٍ خَاصَّةٍ؛ كَقَوْلِهِمْ: تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَالشَّامِ، أَوِ الْبَصْرَةِ، أَوِ الْكُوفَةِ، أَوْ خُرَاسَانَ، أَوْ تَفَرَّدَ بِهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ مَرْوِيًّا مِنْ وُجُوهٍ عَنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، أَوِ الْخُرَاسَانِيّ ُونَ، عَنِ الْمَكِّيِّينَ، وَشِبْهِهِ.
مِثَالُ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَهْلُ بَلَدٍ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «أُمِرْنَا أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ»، قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الْأَمْرِ فِيهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، مِنْ أَوَّلِ الْإِسْنَادِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي هَذَا اللَّفْظِ سِوَاهُمْ.
وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ».
قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا سُنَّةٌ غَرِيبَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا أَهْلُ مِصْرَ وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ.
وَمَا رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَأَخِيهِ فِي الْمَسْجِدِ».
قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ.
وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ: مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: تَفَرَّدَ بِهِ وَائِلٌ، عَنِ ابْنِهِ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ سُفْيَانَ، وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ التُّوزِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَا وَاسِطَةٍ.
وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ بَلَدٍ، عَنْ أَهْلِ بَلَدٍ: حَدِيثُ النَّسَائِيِّ: «كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ».
قَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْبَصْرِيِّينَ ، عَنِ الْمَدَنِيِّينَ ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو زَكِيرٍ، عَنْ هِشَامٍ.
وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ ثِقَةٌ: حَدِيثُ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ بِـ(ق) وَ (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)، تَفَرَّدَ بِهِ ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنَ الثِّقَاتِ غَيْرُ ضَمْرَةَ، وَرَوَاهُ مِنْ غَيْرِهِمُ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «تدريب الراوي» (1/ 291- 294)، طـ دار طيبة، باختصار.
محمد طه شعبان
2017-09-07, 11:46 AM
24- وَمَا بِعِلَّةٍ غُمُوضٌ اَوْ خَفَا
مُعَلَّلٌ عِنْدَهُمُ قَدْ عُرِفَ
العلة لغة: قال في «القاموس المحيط»: «العِلَّةُ، بالكسر: المرَضُ؛ عَلَّ يَعِلُّ، واعْتَلَّ، وأعَلَّهُ اللهُ تعالى، فهو مُعَلٌّ وعَليلٌ، وَلَا تَقُلْ: مَعْلُولٌ»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
فالعلة: المرض؛ ويستنكر اللغويون تسميته: «معلول»؛ وإنما «مُعَلٌّ».
وإن كان جمهور المحدِّثين قديمًا وحديثًا يُسمونه «معلول».
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: ويُسَمِّيهِ أهلُ الحديثِ: «المعلولَ»، وذلكَ منهم ومِنَ الفقهاءِ مرذولٌ عندَ أهلِ العربيةِ واللُّغَةِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وقال العراقي رحمه الله في «ألفيته»:
وَسَمِّ مَا بِعِلَّةٍ مَشْمُولُ
مُعَلَّلًا، وَلَا تَقُلْ: مَعْلُولُ
والعلة اصطلاحًا: معروفة عند علماء الحديث بأنها: «سَبَبٌ غَامِضٌ خَفِيٌّ قَادِحٌ فِي الْحَدِيثِ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ مِنْهُ»([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
وقال العراقي رحمه الله في «ألفيته»:
وَهْيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَسْبَابٍ طَرَتْ
فِيهَا غُمُوضٌ وَخَفَاءٌ أَثَّرَتْ
فيُشترط في الحديث كي يُطلق عليه: «مُعَلٌّ» شرطان:
الشرط الأول: الغموض والخفاء.
الشرط الثاني: أن تكون العلة قادحة.
قال الإمام الحاكم النيسابوري رحمه الله: «وَإِنَّمَا يُعَلَّلُ الْحَدِيثُ مِنْ أَوْجُهٍ لَيْسَ لِلْجَرْحِ فِيهَا مَدْخَلٌ؛ فَإِنَّ حَدِيثَ الْمَجْرُوحِ سَاقِطٌ وَاهٍ، وَعِلَّةُ الْحَدِيثِ، يَكْثُرُ فِي أَحَادِيثِ الثِّقَاتِ أَنْ يُحَدِّثُوا بِحَدِيثٍ لَهُ عِلَّةٌ، فَيَخْفَى عَلَيْهِمْ عِلْمُهُ، فَيَصِيرُ الْحَدِيثُ مَعْلُولًا»اهـ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
وقال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «فَالْحَدِيثُ الْمُعَلَّلُ هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي اطُّلِعَ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ السَّلَامَةُ مِنْهَا؛ وَيَتَطَرَّقُ ذَلِكَ إِلَى الْإِسْنَادِ الَّذِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، الْجَامِعِ شُرُوطَ الصِّحَّةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ»اهـ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
تنبيه:
اشتراط المحدِّثين غموضَ العلة وخفاءها في الحديث المعلول شرط أغلبي؛ بمعنى أن من الأحاديث ما تكون العلة فيه ظاهرةً؛ كانقطاع ظاهر أو ضعف راوٍ أو جهالته أو كذبه، ومع ذلك يطلقون عليه: «معلول»، إذًا فشرط الخفاء شرط أغلبي، وليس كليًّا. فتنبَّه.
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْعِلَّةِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ بَاقِي الْأَسْبَابِ الْقَادِحَةِ فِي الْحَدِيثِ الْمُخْرِجَةِ لَهُ مِنْ حَالِ الصِّحَّةِ إِلَى حَالِ الضَّعْفِ، الْمَانِعَةِ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ؛ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى لَفْظِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ؛ وَلِذَلِكَ تَجِدُ فِي كُتُبِ عِلَلِ الْحَدِيثِ الْكَثِيرَ مِنَ الْجَرْحِ بِالْكَذِبِ، وَالْغَفْلَةِ، وَسُوءِ الْحِفْظِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَرْحِ»اهـ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)).
وقال العراقي رحمه الله في «ألفيته»:
وَقَدْ يُعِلُّونَ بِكُلِّ قَدْحِ
فِسْقٍ وَغَفْلَةٍ وَنَوْعِ جَرْحِ
قال السخاوي رحمه الله شارحًا لهذا البيت:
«(وَقَدْ يُعِلُّونَ): أَيْ: أَهْلُ الْحَدِيثِ - كَمَا فِي كُتُبِهِمْ - أَيْضًا الْحَدِيثَ (بِكُلِّ قَدْح) ظَاهِرٍ (فِسْقٍ) فِي رَاوِيهِ بِكَذِبٍ أَوْ غَيْرِهِ، (وَغَفْلَةٍ) مِنْهُ (وَنَوْعِ جَرْح) فِيهِ؛ كَسُوءِ حِفْظٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ الَّتِي يَأْبَاهَا أَيْضًا كَوْنُ الْعِلَّةِ خَفِيَّةً؛ وَلِذَا صَرَّحَ الْحَاكِمُ بِامْتِنَاعِ الْإِعْلَالِ بِالْجَرْحِ وَنَحْوِهِ؛ فَإِنَّ حَدِيثَ الْمَجْرُوحِ سَاقِطٌ وَاهٍ، وَلَا يُعَلُّ الْحَدِيثُ إِلَّا بِمَا لَيْسَ لِلْجَرْحِ فِيهِ مَدْخَلٌ.
وَلَكِنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِلَّذِي قَبْلَهُ قَلِيلٌ»اهـ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)).
أي: إطلاق العلة على ما هو ظاهر قليل مقارنة بإطلاقها على ما هو خفي غامض.
وقال الصنعاني رحمه الله: «(وقد يعلون): أي: أئمة الحديثِ الحديثَ بأشياء ليست غامضة؛ كالإرسال وفسق الراوي وضعفه؛ وذلك موجود في كتب العلل؛ وقد قدَّمنا لك أن التعريف للعلة أغلبي»اهـ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)).
وأما الحافظ ابن حجر رحمه الله فسلك مسلكًا آخر في الجمع بين اشتراط الغموض، وبين إطلاق المحدثين على السبب الظاهر: «علة»؛ حيث فرَّق رحمه الله بين إطلاق لفظة «علة» على الانقطاع مثلًا، أو على ضعف الراوي، أو كذبه، ونحو ذلك؛ مما هو ظاهر، وبين إطلاق: «حديث معلول» على الحديث الذي تبيَّن فيه ذلك الأمر الظاهر؛ وذهب إلى أنَّ المحدثين يُطلقون على هذا السبب الظاهر: «علة»، ولا يُسمون الحديث: «معلولًا».
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله مُعقِّبًا على كلام ابن الصلاح السابق:
«مراده بذلك أن ما حققه من تعريف المعلول [وهو ما فيه سبب غامض]، قد يقع في كلامهم ما يخالفه [أي: إطلاق العلة على ما فيه سبب ظاهر].
وطريق التوفيق بين ما حققه المصنف وبين ما يقع في كلامهم: أن اسم العلة إذا أُطلق على حديث لا يلزم منه أن يسمى الحديث معلولًا اصطلاحًا؛ إذ المعلول ما علته قادحة خفية؛ والعلة أعم من أن تكون قادحة أو غير قادحة خفية أو واضحة»اهـ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)).
قلت: وهذا كثير في استعمال المحدِّثين؛ فتجدهم يقولون – مثلًا -: هذا حديث ضعيف؛ وعلَّته ابن لهيعة.
أو يقولون: هذا حديث متروك، أو موضوع؛ وفيه علتان: العلة الأولى: الإرسال، والعلة الثانية: فيه فلان وهو كذاب.
فيُطلقون على السبب الظاهر علة؛ مع أنهم سموا الحديث «ضعيف» أو «موضوع»، أو «متروك»، وغير ذلك.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «القاموس المحيط» (1035)، طـ مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «علوم الحديث» (89).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) انظر: «علوم الحديث» لابن الصلاح (90)، «التقريب والتيسير» للنووي (43)، طـ دار الكتاب العربي، «نزهة النظر» (59)، «تدريب الراوي» (1/ 294)، وغير ذلك من كتب المصطلح، مبحث العلة.
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) «معرفة علوم الحديث» (112).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) «علوم الحديث» (89).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) «علوم الحديث» (92، 93).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) «فتح المغيث» (1/ 287).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) «توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار» (2/ 22).
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) «النكت على ابن الصلاح» (2/ 771).
محمد طه شعبان
2017-09-13, 11:36 AM
وتعرف العلة بأمرين:
الأمر الأول: التفرد. الأمر الثاني: الاختلاف.
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «وَيُسْتَعَانُ عَلَى إِدْرَاكِهَا بِتَفَرُّدِ الرَّاوِي وَبِمُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لَهُ، مَعَ قَرَائِنَ تَنْضَمُّ إِلَى ذَلِكَ تُنَبِّهُ الْعَارِفَ بِهَذَا الشَّأْنِ عَلَى إِرْسَالٍ فِي الْمَوْصُولِ، أَوْ وَقْفٍ فِي الْمَرْفُوعِ، أَوْ دُخُولِ حَدِيثٍ فِي حَدِيثٍ، أَوْ وَهْمِ وَاهِمٍ بِغَيْرِ ذَلِكَ، بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ، فَيَحْكُمُ بِهِ، أَوْ يَتَرَدَّدُ فَيَتَوَقَّفُ فِيهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ مَا وُجِدَ ذَلِكَ فِيهِ.
وَكَثِيرًا مَا يُعَلِّلُونَ الْمَوْصُولَ بِالْمُرْسَلِ؛ مِثْلَ: أَنْ يَجِيءَ الْحَدِيثُ بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ، وَيَجِيءَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ أَقْوَى مِنْ إِسْنَادِ الْمَوْصُولِ، وَلِهَذَا اشْتَمَلَتْ كُتُبُ عِلَلِ الْحَدِيثِ عَلَى جَمْعِ طُرُقِهِ»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
ومعنى قوله: «وَيَجِيءَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ أَقْوَى مِنْ إِسْنَادِ الْمَوْصُولِ»؛ أي: يختلف الرواة في الحديث فبعضهم يرويه منقطعًا، وبعضهم يرويه موصولًا، فيتبيَّن للمحدِّث بعد جمع طرقه أنَّ مَن رووه منقطعًا أقوى ممن رووه موصولًا؛ فيقول: «الصحيح المنقطع»؛ أي: أنَّ الصحيح في هذا الحديث وجود انقطاع بين فلان وفلان، ومَن وصله فقد أخطأ.
وقال الحافظ العراقي رحمه الله:
تُدْرَكُ بِالخِلَافِ وَالتَّفَرُّدِ
مَعَ قَرَائِنَ تُضَمُّ، يَهْتَدِيْ
جِهْبِذُهَا إلى اطِّلاَعِهِ عَلَى
تَصْويْبِ إرْسَالٍ لِمَا قَدْ وُصِلَا
أوْ وَقْفِ مَا يُرْفَعُ، أوْ مَتْنٌ دَخَلْ
في غَيْرِهِ، أوْ وَهْمِ وَاهِمٍ حَصَلْ
ظَنَّ فَأمْضَى، أوْ وَقَفْ فأحْجَمَا
مَعْ كَوْنِهِ ظَاهِرَهُ أنْ سَلِمَا
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «علوم الحديث» (90).
محمد طه شعبان
2017-09-17, 11:39 AM
طريقة معرفة التفرد والاختلاف؟
تقدم أن العلة تُعرف إما بالتفرد، وإما بالاختلاف؛ والتفرد والاختلاف يُعرَفان من خلال سبر طرق الحديث، وجمع رواياته، ومقارنة بعضها ببعض؛ فيتبيَّن للمحدِّث حينها أنَّ هذا الراوي تفرَّد بهذا الحديث، ولم يروه غيره، أو يتبيَّن له أنَّ هذا الراوي قد خالف في هذا الحديث غيرَه من الرواة؛ فزاد في السند أو نقص، أو زاد في المتن أو نقص.
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ يَصِحَّ لَكَ الْحَدِيثُ فَاضْرِبْ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
أي: قارن بعضه ببعض.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ رحمه الله، قَالَ: «الْبَابُ إِذَا لَمْ تُجْمَعْ طُرُقُهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ»([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
قال الخطيب البغدادي رحمه الله: «وَالسَّبِيلُ إِلَى مَعْرِفَةِ عِلَّةِ الْحَدِيثِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ طُرُقِهِ، وَيَنْظُرَ فِي اخْتِلَافِ رُوَاتِهِ، وَيُعْتَبَرَ بِمَكَانِهِمْ مِنَ الْحِفْظِ وَمَنْزِلَتِهِم ْ فِي الْإِتْقَانِ وَالضَّبْطِ»اهـ ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
فإن وجد المحدِّثُ - بعد جمعه لطرق الحديث – تفردًا من راوٍ ما؛ فإنه ينظر في حال هذا المتفرِّد؛ هل هذا التفرد يُحتمل منه أم لا يُحتمل.
فقد يكون التفردُ لا يُحتمل؛ كأنْ يكون هذا الراوي مع كونه ثقة، يروي حديثًا عن الزهري مثلًا، وليس هو من أصحاب الزهري المعروفين به الملاصقين له، ولم يروه عن الزهري أحدٌ من أصحابه المعروفين به؛ بل تفرد به هذا الراوي؛ فقد يحكم المحدِّث حينها بأن هذا الحديث معلول؛ لما فيه من تفرد غير محتمل من صاحبه.
وقد يكون هذا التفرد مما يُحتمل؛ كأنْ يكون المتفردُ بهذا الحديث من أصحاب الزهري الملاصقين له، فروى عنه حديثًا لم يروه غيره؛ فيُقبل منه هذا التفرد.
وإن وجد اختلافًا بين الرواة؛ فإنه ينظر في حال المخالفين، ثم يُرجح بينهم بحسب القرائن التي تظهر له.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (2/ 295)، طـ مكتبة المعارف، الرياض.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) السابق (2/ 212).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) السابق (2/ 295).
محمد طه شعبان
2017-09-18, 09:24 AM
وتنقسم العلة من حيث محلها إلى: علة في الإسناد، وعلة في المتن.
وتنقسم من حيث تأثيرها إلى: علة قادحة، وعلة غير قادحة.
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «ثُمَّ قَدْ تَقَعُ الْعِلَّةُ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ -وَهُوَ الْأَكْثَرُ - وَقَدْ تَقَعُ فِي مَتْنِهِ.
ثُمَّ مَا يَقَعُ فِي الْإِسْنَادِ قَدْ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ جَمِيعًا، كَمَا فِي التَّعْلِيلِ بِالْإِرْسَالِ وَالْوَقْفِ، وَقَدْ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْإِسْنَادِ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ قَدْحٍ فِي صِحَّةِ الْمَتْنِ»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «علوم الحديث» (91).
محمد طه شعبان
2017-09-21, 06:05 PM
فمثال العلة القادحة في السند خاصة دون المتن:
قال ابن الصلاح رحمه الله: «فَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا وَقَعَتِ الْعِلَّةُ فِي إِسْنَادِهِ مِنْ غَيْرِ قَدَحٍ فِي الْمَتْنِ: مَا رَوَاهُ الثِّقَةُ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ..» الْحَدِيثَ؛ فَهَذَا إِسْنَادٌ مُتَّصِلٌ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ، وَهُوَ مُعَلَّلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْمَتْنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ صَحِيحٌ، وَالْعِلَّةُ فِي قَوْلِهِ: «عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ»؛ إِنَّمَا هُوَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، هَكَذَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ عَنْهُ، فَوَهِمَ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَعَدَلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَكِلَاهُمَا ثِقَةٌ»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
مثال آخر:
روى الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﭬ، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ قَالَ: «وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالجَسَدِ».
هذا الحديث أخرجه من هذا الطريق الإمام الترمذي في «جامعه» (3609)، وفي «العلل الكبير» (684).
فهذا الحديث ظاهر إسناده الصحة؛ غير أن به علةً خفيةً؛ وهي أن الأوزاعي أخطأ فرواه من هذا الطريق، والصواب أن للحديث طرقًا آخرى، ولا يصح من هذا الطريق.
قال الْمَرُّوذِيُّ: قلت لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَتَعْرِفَ: عَنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ الْنَّبِيِّ ﷺ: «مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟».
قَالَ: هَذَا مُنْكَرٌ، هَذَا مِنْ خَطَإِ الأَوْزَاعِيِّ، يُخْطِئُ، كَثِيرًا عَلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
فالعلة في هذا الحديث خفية؛ لأنها من خطأ الأوزاعي وهو إمام ثقة، وهي علة إسنادية، لم تتعدَّ إلى المتن؛ لأن المتن مروي من طرق أخرى صحيحة.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «علوم الحديث» (91).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «المنتخب من العلل» للخلال (141)، طـ دار الفاروق الحديثة - القاهرة.
محمد طه شعبان
2017-09-23, 09:35 AM
ومثال العلة القادحة في المتن خاصة، دون السند:
ما رواه سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟»، قَالَ: «فَقَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ».
هذا الحديث رواه أحمد (3681)، وأبو داود (748)، والترمذي (257)، والنسائي في «المجتبى» (1026) (1058)، وفي «الكبرى» (1100)، وغيرهم؛ بهذا اللفظ وبنحوه.
وهذا اللفظ قد أخطأ فيه الثوري رحمه الله، وهو إمام ثقة؛ وإنما عُرِف خطؤه بعرض روايته على روايات الآخرين.
قال الإمام أبو داود عقب الحديث: «هَذَا حَدِيثٌ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَلَيْسَ هُوَ بِصَحِيحٍ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ».
وقال الإمام ابن أبي حاتم رحمه الله: «وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أنَّ النبيَّ ﷺ قَامَ، فكبَّر فَرَفَعَ يدَيهِ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ يُقَالُ: وَهِمَ فِيهِ الثَّوْرِيُّ، وَرَوَى هَذَا الحديثَ عَنْ عاصمٍ جماعةٌ، فَقَالُوا كلُّهم: إنَّ النبيَّ ﷺ افتتَحَ، فَرَفَعَ يدَيه، ثُمَّ رَكَعَ، فطبَّق، وجَعَلَها بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ. وَلَمْ يقُلْ أحدٌ مَا رَوَاهُ الثَّورِيُّ»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «علل الحديث» (4/ 311).
محمد طه شعبان
2017-09-23, 09:36 AM
ومثال العلة غير القادحة في السند:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «فمثال ما وقعت العلة في الإسناد ولم تقدح مطلقًا: ما يوجد مثلًا من حديث مدلس بالعنعنة، فإن ذلك علة تُوجب التوقف عن قبوله فإذا وجد من طريق أخرى قد صرح بالسماع تبين أن العلة غير قادحة.
وكذا إذا اختُلف في الإسناد على بعض رواته، فإنَّ ظاهر ذلك يوجب التوقف عنه، فإنْ أمكن الجمعُ بينهما على طريق أهل الحديث بالقرائن التي تحف الإسناد تبين أن تلك العلة غير قادحة»اهـ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «النكت على ابن الصلاح» (2/ 747).
محمد طه شعبان
2017-09-23, 09:37 AM
ومثال العلة غير القادحة في المتن:
ما وقع من اختلاف ألفاظ كثيرة من أحاديث «الصحيحين» وغيرهما، ولا تغير المعنى.
كحديث ذي اليدين رضي الله عنه، وهو مخرج في «الصحيحين»؛ ففي بعض رواياته: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِحْدَى صَلَاتَيِ العَشِيِّ»، وفي بعضها: «صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ ﷺ الظُّهْرَ أَوِ العَصْرَ»، وفي بعضها: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ صَلَاةَ الْعَصْرِ».
فكل هذه اختلافات في الرواية، وجميعها في «الصحيحين»؛ وهي غير مؤثرة في الحديث، لا سندًا ولا متنًا.
وكحديث جابر رضي الله عنه أن النبي اشترى منه جمله، ففي بعض رواياته: «فَبِعْتُهُ بِوُقِيَّةٍ»، وفي بعضها: «فَبِعْتُهُ مِنْهُ بِخَمْسِ أَوَاقٍ»، وفي بعضها: «بِوُقِيَّتَيْن ِ، وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ».
فكل هذه اختلافات في الرواية، وجميعها في «الصحيحين»؛ وهي غير مؤثرة في الحديث، لا سندًا ولا متنًا.
محمد طه شعبان
2017-09-25, 08:16 AM
25- وَذُو اخْتِلافِ سَنَدٍ أوْ مَتْنِ
مُضْطَرِبٌ عِنْدَ أُهَيْلِ الفَنِّ
ذكر الماتن رحمه الله في هذا البيت الحديث المضطرب.
والحديث المضطرب هو: الحديث الذي يُروى من قِبَلِ راوٍ واحد أو أكثر على أوجه مختلفة متساوية، ولا مرجح بينها، ولا يمكن الجمع([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وقد يكون الاضطراب في السند – وهو أكثر - وقد يكون في المتن.
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «الْمُضْطَرِبُ مِنَ الْحَدِيثِ: هُوَ الَّذِي تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِيهِ؛ فَيَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ عَلَى وَجْهٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لَهُ؛ وَإِنَّمَا نُسَمِّيهِ مُضْطَرِبًا إِذَا تَسَاوَتِ الرِّوَايَتَانِ ؛ أَمَّا إِذَا تَرَجَّحَتْ إِحْدَاهُمَا بِحَيْثُ لَا تُقَاوِمُهَا الْأُخْرَى بِأَنْ يَكُونَ رَاوِيهَا أَحْفَظَ، أَوْ أَكْثَرَ صُحْبَةً لِلْمَرْوِيِّ عَنْهُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ الْمُعْتَمَدَةِ ، فَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحَةِ، وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَصْفُ الْمُضْطَرِبِ وَلَا لَهُ حُكْمُهُ.
ثُمَّ قَدْ يَقَعُ الِاضْطِرَابُ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ يَقَعُ فِي الْإِسْنَادِ، وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ مِنْ رَاوٍ وَاحِدٍ وَقَدْ يَقَعُ بَيْنَ رُوَاةٍ لَهُ جَمَاعَةٍ.
وَالِاضْطِرَابُ مُوجِبٌ ضَعْفَ الْحَدِيثِ؛ لِإِشْعَارِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يُضْبَطْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وقال السيوطي رحمه الله:
مَا اخْتَلَفَتْ وُجُوهُهُ حَيْثُ وَرَدْ
مِنْ وَاحِدٍ أَوْ فَوْقُ مَتْنًا أَوْ سَنَدْ
وَلا مُرَجِّحٌ هُوَ الْمُضْطَرِبُ
وَهْوَ لِتَضْعِّيفِ الْحَدِيثِ مُوجِبُ
فيُشترط في الحديث كي يوصف بكونه مضطربًا ثلاثةُ شروط:
الشرط الأول: الاختلاف في رواية الحديث؛ سواء كان هذا الاختلاف من راوٍ واحد اختلف على نفسه، أو من عدَّة رواة.
الشرط الثاني: أن تكون جميع وجوه الاختلاف متساوية في القوة؛ بحيث لا يمكن الترجيح بينها.
الشرط الثالث: أن لا يمكن الجمع والتوفيق بين هذه الروايات؛ فلو أمكن الجمع بينها بطريق من طرق الجمع المعتبرة، زال الاضطراب.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) انظر: «علوم الحديث» (94)، «نزهة النظر» (95)، «تدريب الراوي» (1/ 308).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «علوم الحديث» (93، 94).
محمد طه شعبان
2017-09-25, 08:20 AM
مثال الاضطراب في السند:
حديث زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
قال الإمام الترمذي رحمه الله: «وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ؛ رَوَى هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِي ُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَقَالَ هِشَامٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَمَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، فَقَالَ شُعْبَةُ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَقَالَ مَعْمَرٌ: عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ»اهـ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
مثال آخر:
سُئِلَ الإمام الدارقطني رحمه الله عَنْ حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَا مَدِينَةُ الْحِكْمَةِ، وَعَلَيٌّ بَابُهَا، فَمَنْ أَرَادَ الْمَدِينَةَ فَلْيَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا».
فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَرَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ.
وَاخْتُلِفَ عَنْ شَرِيكٍ، فَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ ، وَلَمْ يُسْنِدْهُ.
وَالْحَدِيثُ مُضْطَرِبٌ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَسَلَمَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الصُّنَابِحِيِّ ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
مثال آخر:
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: مَا رُوِّينَاهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمُصَلِّي إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا يَنْصِبُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَخُطَّ خَطًّا؛ فَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ هَكَذَا، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ وُهَيْبٌ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعَ إِسْمَاعِيلُ عَنْ حُرَيْثِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ مِنَ الِاضْطِرَابِ أَكْثَرُ ممَا ذَكَرْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) أخرجه أبو داود (6)، وابن ماجه (296).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «جامع الترمذي» (1/ 10).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) «علل الدارقطني» (3/ 247)، طـ دار طيبة.
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) «علوم الحديث» (94).
محمد طه شعبان
2017-09-25, 08:21 AM
ومثال الاضطراب في المتن:
حديث يرويه مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ لَهُ، وَمِنْ شَقَاوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللَّهِ، وَمِنْ شَقَاوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ لَهُ».
فقد اضطرب محمد بن أبي حميد في متن هذا الحديث؛ فقد رواه مرة هكذا، ومرة بلفظ: «مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاثَةٌ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاثَةٌ؛ مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ».
فهذا اضطراب منه في متن هذا الحديث.
محمد طه شعبان
2017-11-04, 03:08 PM
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
وَالْمُدْرَجَات ُ فِي الحَديثِ مَا أتَتْ *** مِنْ بَعْضِ ألْفَاظِ الرُّوَاةِ اتَّصَلَتْ
يتكلم الناظم رحمه الله في هذا البيت عن الإدراج في الحديث.
ومعنى الإدراج في اللغة: الإدخال[1].
وفي الاصطلاح: أن يُدخل الراوي في الرواية ما ليس منها؛ سواء سندًا أو متنًا، دون فصل بينهما.
وينقسم الإدراج إلى قسمين:
1- إدراج في السند.
2- إدراج في المتن.
فأما إدراج الإسناد فله صور:
الأولى: أن يكون المتن عند راويه عن شيخ له إلا بعضَه، فإنما هو عنده بواسطة بينه وبين ذاك الشيخ، فيدرجه بعضُ الرواة عنه بلا تفصيل.
مثاله:
حديث إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس في قصة العرنيين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى إِبِلِنَا فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا» ، فإن لفظة: «وأبوالها» إنما سمعها حميد من قتادة عن أنس، كما بينه محمد بن أبي عدي، ومروان بن معاوية، ويزيد بن هارون وآخرون؛ إذ رووه عن حميد عن أنس بلفظ «فشربتم من ألبانها» فعندهم: قال حميد: قال قتادة عن أنس: «وأبوالها»؛ فرواية إسماعيل على هذا فيها إدراج يتضمن تدليسًا[2].
الثانية: أن يكون عند الراوي متنان مختلفان بإسنادين مختلفين، فيرويهما راو عنه مقتصرًا على أحد الإسنادين، أو يروي أحدَ الحديثين بإسناده الخاص به، لكن، يزيد فيه من المتن الآخر ما ليس في الأول.
مثاله:
حديث: «ولا تنافسوا»، حيث أُدخل في متن «لا تباغضوا» المرفوع الثابت عن مالك عن الزهري عن أنس بلفظ: «لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا» فقط.
فلفظ: «ولا تنافسوا» مدرج فيه؛ قد نُقِلَ من راويه من متن «لا تجسسوا» بالجيم أو الحاء، المرفوع الثابت عن مالك أيضًا، لكن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا»، أدرج «ولا تنافسوا» في السند الأول من الثاني[3].
الثالثة: أن يروي جماعة الحديث بأسانيد مختلفة، فيرويه عنهم راوٍ فيجمع الكل على إسناد واحد من تلك الأسانيد ولا يبين الاختلاف.
مثاله:
حديث: «أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا» المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه، فقد روى واصل بن حَيَّان هذا الحديث عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود، مباشرة، ورواه الأعمش ومنصور بن المعتمر عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أبي ميسرة عمرو بن شُرَحْبيل، عن عبد الله بن مسعود.
ثم رواه عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن الأعمش، ومنصور، وواصل ثَلَاثتهم، عن أبي وائل، عن أبي ميسرة عمرو بن شُرَحْبيل، عن ابن مسعود.
فصارت رواية واصل مدرجة على رواية الأعمش ومنصور؛ لأن روايته تختلف عن روايتهما؛ فهو يرويه عن شقيق بن سلمة عن ابن مسعود مباشرة، وهما يرويانه عن شقيق عن ابن شرحبيل عن ابن مسعود، فجاء عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري، فأدمج الثلاثة، فقال: عن الأعمش، ومنصور، وواصل، عن أبي وائل، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل.
الرابعة: أن يسوق الإسناد فيعرض له عارض، فيقول كلامًا من قِبَل نفسه، فيظن بعضُ من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد؛ فيرويه عنه كذلك.
مثاله: حَدِيثٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُوسَى الزَّاهِدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا: «مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ».
قَالَ الْحَاكِمُ: دَخَلَ ثَابِتٌ عَلَى شَرِيكٍ وَهُوَ يُمْلِي، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَكَتَ؛ لِيَكْتُبَ الْمُسْتَمْلِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى ثَابِتٍ، قَالَ: مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ ثَابِتًا؛ لِزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، فَظَنَّ ثَابِتٌ أَنَّهُ مَتْنُ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ؛ فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ[4].
وأما مدرج المتن، فقد يقع في أول المتن أو في أوسطه أو في آخره.
فمثال ما وقع الإدراج في أوله:
ما رواه أحمد وابن ماجه، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَقَالَ: «بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ الْغَيْمِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ»[5].
والصواب أن قوله: «بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ الْغَيْمِ» من كلام بُريدة، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخطأ فيه الأوزاعي فجعله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وليس كذلك.
فقد رواه هِشَامٌ الدَّسْتُوائِيّ ُ هكذا: عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ أَبَا المَلِيحِ حَدَّثَهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ»[6].
ففصل هشام الكلام، وميَّز القدر المرفوع من القدر الموقوف[7].
مثال آخر:
ما رواه أَبُو قَطَنٍ وَشَبَابَةَ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»[8].
والصواب أن قوله: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ» من كلام أبي هريرة رضي الله عنه، وقد أخطأ أبو قطن وشبابة فجعلاه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وليس كذلك.
فقد خالفهما آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ[9]، وَوَكِيعٌ[10]، وَهُشَيْمٌ[11]، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ[12]، وغيرهم، فرووه هكذا: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّئُونَ مِنَ المِطْهَرَةِ، قَالَ: أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، فَإِنَّ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ».
قال الخطيب البغدادي رحمه الله: «وَهِمَ أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ القُطَعِيُّ وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِمَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ عَلَى مَا سُقْنَاهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ» كَلامُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَوْلُهُ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» كَلامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، وَجَعَلُوا الْكَلَامَ الأَوَّلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْكَلَامَ الثَّانِي مَرْفُوعًا»اهـ[13].
ومثال ما وقع الإدراج في أوسطه:
قال الإمام الدارقطني رحمه الله: «حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَكِيلُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ رَفْغَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ »؛ كَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، وَوَهِمَ فِي ذِكْرِ الْأُنْثَيَيْنِ وَالرَّفْغِ، وَإِدْرَاجِهِ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بُسْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ، غَيْرِمَرْفُوعٍ ، كَذَلِكَ رَوَاهُ الثِّقَاتُ عَنْ هِشَامٍ ، مِنْهُمْ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِي ُّ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُهُمَا.
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ السَّرَّاجُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ »، قَالَ: وَكَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ: إِذَا مَسَّ رَفْغَيْهِ أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ »اهـ[14].
ومثال ما وقع الإدراج في آخره، وهو الأكثر:
قال الإمام الدارقطني رحمه الله: «حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِ يُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ رَاشِدٍ، وَعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِي ُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ، ح وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَرِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي وَقَالَ: أَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بِيَدِي، وَقَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي فَعَلَّمَنِي التَّشَهُّدَ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، تَابَعَهُ ابْنُ عَجْلَانَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَرِّ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِ يُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ رِشْدِينَ، عَنْ حَيْوَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَرِّ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَرِّ، فَزَادَ فِي آخِرِهِ كَلَامًا؛ وَهُوَ قَوْلُهُ: «إِذَا قُلْتَ هَذَا أَوْ فَعَلْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ»، فَأَدْرَجَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ زُهَيْرٍ فِي الْحَدِيثِ وَوَصَلَهُ بِكَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَفَصَلَهُ شَبَابَةُ، عَنْ زُهَيْرٍ، وَجَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودِ رضي الله عنه ، وَقَوْلُهُ: أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ مِنْ قَوْلِ مَنْ أَدْرَجَهُ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ ابْنَ ثَوْبَانَ، رَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، كَذَلِكَ؛ وَجَعَلَ آخِرَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلِاتِّفَاقِ حُسَيْنٍ الْجُعْفِيِّ، وَابْنِ عَجْلَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ فِي رِوَايَتِهِمْ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَرِّ عَلَى تَرْكِ ذِكْرِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مَعَ اتِّفَاقِ كُلِّ مَنْ رَوَى التَّشَهُّدَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَعَنْ غَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ شَبَابَةَ عَنْ زُهَيْرٍ؛ فَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَرِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي، قَالَ: وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِيَدِي، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي فَعَلَّمَنِي التَّشَهُّدَ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «فَإِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ مِنَ الصَّلَاة؛ فَإِذَا شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ»؛ شَبَابَةُ ثِقَةٌ، وَقَدْ فَصَلَ آخِرَ الْحَدِيثِ جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَدْرَجَ آخِرَهُ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ تَابَعَهُ غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ وَغَيْرُهُ، فَرَوَوْهُ عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَرِّ كَذَلِكَ، وَجَعَلَ آخِرَ الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم »اهـ[15].
تنبيه:
قد يقع الإدراج في رواية ما، ويكون هذا اللفظ المدرج ثابتًا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن من رواية أخرى.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وربما وقع الحكم بالإدراج في حديث ويكون ذلك اللفظ المدرج ثابتًا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لكن من رواية أخرى.
كما في حديث أبي موسى: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَأَيَّامًا، يَنْزِلُ فِيهَا الجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا العِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الهَرْجُ؛ وَالهَرْجُ: القَتْلُ».
فَصَلَهُ بعضُ الحفاظ من الرواة وبيَّن أن قوله: «وَالهَرْجُ: القَتْلُ» من كلام أبي موسى؛ ومع ذلك، فقد ثبت تفسيره بذلك من وجه آخر مرفوعًا في حديث سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ومثل ذلك: حديث: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ»اهـ[16].
قلت: فحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي تقدم ذكره: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»؛ فإن قوله: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ» ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما في «صحيح مسلم».
كيف يُعرف الإدراج؟
قال السيوطي رحمه الله: «وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِوُرُودِهِ مُنْفَصِلًا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، أَوْ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الرَّاوِي، أَوْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الْمُطَّلِعِينَ ، أَوْ بِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ»اهـ[17].
قلت: وقد تقدمت أمثلة ما جاء منفصلًا في رواية أخرى.
وأما مثال ما نص الراوي أنه من كلامه هو:
ما رواه الخطيب في «الفصل للوصل» من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ»[18].
فقد جاء في روايات أخرى التصريح من ابن مسعود أنه من كلامه هو.
ففي «الصحيحين» عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ» وَقُلْتُ أَنَا: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ»[19].
فصرح ابن مسعود رضي الله عنه أن الشطر الثاني من كلامه هو.
ومثال ما يستحيل أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم:
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِلْعَبْدِ المَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي، لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ»[20].
قال السيوطي رحمه الله: «فَقَوْلُهُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» إِلَخْ، مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَمَنَّى الرِّقَّ، وَلِأَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَكُنْ إِذْ ذَاكَ مَوْجُودَةً حَتَّى يَبِرَّهَا»اهـ[21].
قلت: وقد جاء الفصل بين الكلامين في «صحيح مسلم»: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ»، وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالْحَجُّ، وَبِرُّ أُمِّي، لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ[22].
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ
[1] «مختار الصحاح» (103).
[2] «فتح المغيث» (1/ 305)، طـ مكتبة السنة - مصر.
[3] «فتح المغيث» (1/ 306).
[4] «تدريب الراوي» (1/ 339).
[5] أخرجه أحمد (23055)، وابن ماجه (694).
[6] أخرجه البخاري (594).
[7] انظر «فتح الباري» لابن رجب (3/ 127)، تحقيق الشيخ طارق عوض الله.
[8] أخرجه الخطيب في «الفصل للوصل المدرج في النقل» (1/ 158)، طـ دار الهجرة.
[9] البخاري (165).
[10] «مصنف ابن أبي شيبة» (270).
[11] «مسند أحمد» (7122).
[12] «مسند أحمد» (9304).
[13] «الفصل للوصل المدرج في النقل» (1/ 159، 160).
[14]«سنن الدارقطني» (1/ 269، 270)، طـ مؤسسة الرسالة.
[15] «سنن الدارقطني» (2/ 164، 165).
[16] «النكت على ابن الصلاح» (2/ 819، 820).
[17] «تدريب الراوي» (1/ 315).
[18] «الفصل للوصل المدرج في النقل» (1/ 218).
[19] البخاري (1238)، ومسلم (92).
[20] البخاري (2548).
[21] «تدريب الراوي» (1/ 317).
[22] مسلم (1665).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122312/#ixzz4xSpFmsZ9
محمد طه شعبان
2017-11-06, 06:51 AM
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
وَمَا رَوَى كُلُّ قَرِينٍ عَنْ أَخِهْ ♦♦♦ مُدَبَّجٌ فَاعْرِفْهُ حَقًّا وَانْتَخِهْ
الْمُدَبَّجُ:
هو أن يروي قرين عن قرينه، ثم يروي ذلك القرين عنه[1].
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله:
"وَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ الْقَرِينَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ.
مِثَالُهُ فِي الصَّحَابَةِ:
عَائِشَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، رَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ.
وَفِي التَّابِعِينَ:
رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَرِوَايَةُ عُمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَفِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ:
رِوَايَةُ مَالِكٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَرِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ مَالِكٍ.
وَفِي أَتْبَاعِ الْأَتْبَاعِ:
رِوَايَةُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَرِوَايَةُ عَلِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ.
وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي هَذَا رِوَايَةَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَرِوَايَةَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَرْضِيٍّ.
وَمِنْهَا غَيْرُ الْمُدَبَّجِ:
وَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ أَحَدُ الْقَرِينَيْنِ عَنِ الْآخَرِ، وَلَا يَرْوِيَ الْآخَرُ عَنْهُ؛ فِيمَا نَعْلَمُ.
مِثَالُهُ:
رِوَايَةُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ مِسْعَرٍ، وَهُمَا قَرِينَانِ، وَلَا نَعْلَمُ لِمِسْعَرٍ رِوَايَةً عَنِ التَّيْمِيِّ، وَلِذَلِكَ أَمْثَالٌ كَثِيرَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ" اهـ[2].
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــ
[1] "معرفة علوم الحديث" (215).
[2] "علوم الحديث" (309، 310).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122279/#ixzz4xcUp5mRF
رضا الحملاوي
2017-11-06, 06:07 PM
جزاك الله خيرا شيخنا محمد
محمد طه شعبان
2017-11-13, 07:05 AM
جزاك الله خيرا شيخنا محمد
بارك الله فيك يا دكتور رضا، وجزاكم الله خيرًا.
محمد طه شعبان
2017-11-13, 07:06 AM
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
مُتَّفِقٌ لَفْظًا وَخَطًّا مُتَّفِقْ ♦♦♦ وَضِدُّهُ فِيمَا ذَكَرْنَا الْمُفْتَرِقْ
اعلم أخي – علمني الله وإياك – أن مِنْ رواة الحديث مَن تتفق أسماؤهم مع اختلاف أشخاصهم؛ وهذا النوع يُسميه المحدِّثُون: المتفق والمفترق.
وفائدة معرفته: خشية أن يُظَنَّ الشخصان شخصًا واحدًا.
مثاله:
الخليل بن أحمد: ستة، فأولهم: النحوي البصري، والثاني: أبو بشر المزني بصري أيضًا، والثالث: أصبهاني، والرابع: أبو سعيد السِّجزي، والخامس: أبو سعيد البُستي القاضي، روى عن الخليل السجزي المذكور وحدث عن أحمد بن المظفر البكري عن ابن أبي خيثمة، وحدث عنه البيهقي الحافظ، والسادس: أبو سعيد البُستي أيضًا الشافعي، دخل الأندلس، وحدث، وُلِد سنة ستين وثلاث مئة؛ روى عن أبي حامد الإسفراييني وغيره، وحدث عنه أبو العباس العذري وغيره، والله أعلم.
ومن أمثلته أيضًا:
أحمد بن جعفر بن حمدان: أربعة، كلهم في عصر واحد.
أحدهم: القطيعي البغدادي أبو بكر الراوي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، والثاني: السِّقطي البصري أبو بكر يروي أيضًا عن عبد الله بن أحمد؛ ولكنه عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، والثالث: دَيْنُورِيٌّ روى عن عبد الله بن محمد بن سِنان، عن محمد بن كثير صاحب سفيان الثوري، والرابع: طرسوسي، روى عن عبد الله بن جابر الطرسوسي.
ومن أمثلته أيضًا:
محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري: اثنان، كلاهما في عصر واحد، وكلاهما يروي عنه الحاكم أبي عبد الله وغيره.
فأحدهما: هو المعروف بأبي العباس الأصم، والثاني: هو أبو عبد الله بن الأخرم الشيباني؛ ويُعرف بالحافظ دون الأول.
ومن أمثلته أيضًا:
أبو عمران الجَوْنِي: اثنان.
أحدهما: التابعي عبد الملك بن حبيب، والثاني: اسمه موسى بن سهل، بصري سكن بغداد، روى عن هشام بن عمار وغيره، وروى عنه دعلج بن أحمد وغيره.
ومن أمثلته أيضًا:
أبو بكر بن عياش: ثلاثة.
أولهم: القارئ المحدث، والثاني: أبو بكر بن عياش الحمصي الذي حدث عنه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي وهو مجهول، وجعفر غير ثقة، والثالث: أبو بكر بن عياش السُّلَمي، صاحب كتاب «غريب الحديث»، واسمه حسين بن عياش، مات سنة أربع ومئتين.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122539/#ixzz4yHTTFMtM
محمد طه شعبان
2017-11-15, 12:45 PM
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
مُؤْتَلِفٌ مُتَّفِقُ الْخَطِّ فَقَطْ ♦♦♦ وَضِدُّهُ مُخْتَلِفٌ فَاخْشَ الغَلَطْ
فإن اتفقت الأسماء خطًّا، واختلفت نُطقًا - سواء كان مرجع الاختلاف النَّقط أم الشكل - فهو المؤتلف والمختلف.
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: "هَذَا فَنٌّ جَلِيلٌ، مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ كَثُرَ عِثَارُهُ، وَلَمْ يَعْدَمْ مُخْجِلًا، وَهُوَ مُنْتَشِرٌ لَا ضَابِطَ فِي أَكْثَرِهِ يُفْزَعُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُضْبَطُ بِالْحِفْظِ تَفْصِيلًا"اهـ[1].
ومن أمثلته:
قال ابن الصلاح رحمه الله: "سَلَّامٌ وَسَلَامٌ: جَمِيعُ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ إِلَّا خَمْسَةً، وَهُمْ: سَلَامٌ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ الْإِسْرَائِيلِ يِّ الصَّحَابِيِّ، وَسَلَامٌ وَالِدُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْبِيكَنْدِيِّ الْبُخَارِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ، وَسَلَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاهِضٍ الْمَقْدِسِيُّ، رَوَى عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ الْحَافِظُ وَالطَّبَرَانِي ُّ، وَسَمَّاهُ الطَّبَرَانِيُّ سَلَامَةَ، وَسَلَامٌ جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ سَلَامٍ الْمُتَكَلِّمِ الْجُبَّائِيِّ أَبِي عَلِيٍّ الْمُعْتَزِلِيّ ِ.
عُمَارَةُ وَعِمَارَةُ: لَيْسَ لَنَا عِمَارَةُ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - إِلَّا أُبَيُّ بْنُ عِمَارَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَمَّهُ، وَمَنْ عَدَاهُ عُمَارَةُ، بِالضَّمِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
كَرِيزٌ وَكُرَيْزٌ: حَكَى أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ "تَقْيِيدِ الْمُهْمَلِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ أَنَّ كَرِيزًا - بِفَتْحِ الْكَافِ - فِي خُزَاعَةَ، وَكُرَيْزًا - بِضَمِّهَا - فِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
قُلْتُ: وَكُرَيْزٌ - بِضَمِّهَا - مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي غَيْرِهِمَا.
حِزَامٌ: بِالزَّايِ فِي قُرَيْشٍ، وَحَرَامٌ: بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَنْصَارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ"اهـ[2].
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــ
[1] "علوم الحديث" (344).
[2] "علوم الحديث" (345، 346)، مختصرًا.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122524/#ixzz4yUYjPqXa
ابو مريم الجزائري
2017-11-17, 08:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك أستاذ محمد، وجزاك الله خيرا على هذا الشرح البسيط الوافي الشافي...جعله الله في ميزان حسناتك
تسجيل متابعة...
محمد طه شعبان
2017-11-19, 11:17 AM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك أستاذ محمد، وجزاك الله خيرا على هذا الشرح البسيط الوافي الشافي...جعله الله في ميزان حسناتك
تسجيل متابعة...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيك أخي الحبيب أبا مريم.
محمد طه شعبان
2017-11-19, 11:20 AM
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
وَالْمُنْكَرُ الفَرْدُ بِهِ رَاوٍ غَدَا ♦♦♦ تَعْدِيلُهُ لَا يَحْمِلُ التَّفَرُّدَا
عرَّف الناظم رحمه الله الحديث المنكر بأنه هو: الحديث الذي يتفرَّد به الراوي الذي حِفْظُه لا يجعله أهلًا لأن يتفرد بمثل هذه الرواية.
وقد عرفه بنفس التعريف الإمام أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي رحمه الله [1].
وقد ذهب الحافظ ابن حجر والسيوطي رحمهما الله وغيرهما إلى أن "المنكر" هو "الحديث الذي يخالف فيه الضعيف الثقات".
قال السيوطي رحمه الله:
المُنْكَرُ الَّذِي رَوَى غَيْرُ الثِّقَهْ *** مُخَالِفًا، فِي نُخْبَةٍ قَدْ حَقَّقَهْ
قَابَلَهُ المَعْرُوفُ، وَالَّذِي رَأَى *** تَرَادُفَ المُنْكَرِ وَالشَّاذِ نَأَى
فعلى هذا القول فإنه يُشترط في الحديث كي يُسمى منكرًا أن يتوافر فيه شرطان:
الشرط الأول: المخالفة.
الشرط الثاني: أن تكون هذه المخالفة من ضعيف.
وأما على القول الأول، فيُشترط في المنكر فقط عدم أهلية التحمل، ولو كان من ثقة تفرد ولم يُخالف.
والناظر في واقع الأئمة المتقدمين، يجدهم لا يتقيدون بهذه التقييدات؛ وإنما قد يُطلقون المنكر على أي خطأ وقع فيه الراوي؛ سواء كان هذا الراوي ثقة أو غير ثقة، تفرد أو خالف؛ وقد صرح الحافظ ابن حجر نفسه بذلك؛ فقال رحمه الله:
"وهذا ما ينبغي التيقظ له، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد، ولكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يُحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده"اهـ[2].
ومن اشترط في الحديث المنكر المخالفة، يُسمي الرواية الخطأ "منكرة"، والرواية الصحيحة "معروفة".
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ
[1] السابق.
[2] "النكت على ابن الصلاح" (1/ 108).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122628/#ixzz4yrbCy89U
محمد طه شعبان
2017-11-20, 03:42 PM
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
مَتْرُوكُهُ مَا وَاحِدٌ بِهِ انْفَرَدْ ♦♦♦ وَأَجْمَعُوا لِضَعْفِهِ فَهْوَ كَرَدْ
فالحديث المتروك: هو الحديث الذي تفرَّد به راوٍ قد أجمعوا على ضعفه، أو يكون هذا الراوي متهمًا بالكذب، أو عرفوا منه الكذب في حديث الناس.
قال السيوطي رحمه الله:
وَسَمِّ بِالْمَتْرُوكِ فَرْدًا تُصِبِ *** رَاوٍ لَهُ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ
أَوْ عَرَفُوهُ مِنْهُ فَي غَيْرِ الأَثَرْ *** أَوْ فِسْقٌ اْوْغَفْلَةٌ اوْ وَهْمٌ كَثُرْ
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122751/#ixzz4yyVtjNRN
محمد طه شعبان
2017-11-23, 07:11 AM
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
وَالْكَذِبُ المُخْتَلَقُ الْمَصْنُوعُ ♦♦♦ عَلَى النَّبِيْ فَذَلِكَ الْمَوضُوعُ
فالحديث الموضوع هو الحديث المُختَلق المصنوع المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ سواء كان عن عمد أو غير عمد.
قال السيوطي رحمه الله:
وَغَالِبُ الْمَوْضُوعِ مِمَّا اخْتَلَقَا *** وَاضِعُهُ، وَبَعْضُهُمْ قَدْ لَفَّقَا
كَلامَ بَعْضِ الْحُكَمَا، وَمِنْهُ مَا *** وُقُوعُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَهَمَا
فالحديث الموضوع قسمان:
1- قسم تعمد أحد الرواة وضعَه.
2- قسم وقع غلطًا، لا عن قصد.
فأما ما وقع خطأ لا عن قصد، فمثاله:
حَدِيثٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُوسَى الزَّاهِدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا: "مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ".
قَالَ الْحَاكِمُ: دَخَلَ ثَابِتٌ عَلَى شَرِيكٍ وَهُوَ يُمْلِي، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَكَتَ؛ لِيَكْتُبَ الْمُسْتَمْلِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى ثَابِتٍ، قَالَ: مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ ثَابِتًا؛ لِزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، فَظَنَّ ثَابِتٌ أَنَّهُ مَتْنُ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ؛ فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ[1].
وأما المتعمدون للوضع فأقسام:
قال السيوطي رحمه الله:
وَالْوَاضِعُونَ بَعْضُهُمْ لِيُفْسِدَا *** دِينًا وَبَعْضٌ نَصْرَ رَأْيٍ قَصَدَا
كَذَا تَكَسُّبًا، وَبعْضٌ قَدْ رَوَى *** لِلأُمَرَاءِ مَا يُوَافِقُ الْهَوَى
وَشَرُّهُمْ صُوفِيَّةٌ قَدْ وَضَعُوا *** مُحْتَسِبِينَ الأَجْرَ فِيمَا يَدَّعُوا
فَقُبِلَتْ مِنْهُمْ رُكُونًا لَهُمُ *** حَتَّى أَبَانَهَا الأُلَى هُمُ هُمُ
كَالْوَاضِعِينَ فِي فَضَائِلِ السُّوَرْ *** فَمَنْ رَواهَا فِي كِتَابِهِ فَذَرْ
فبيَّن السيوطي رحمه الله أن الوضاعين أقسام:
فمنهم: من يضع الحديث لإفساد الدين.
قال السيوطي رحمه الله: "وَوَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ جُمَلًا مِنَ الْأَحَادِيثِ يُفْسِدُونَ بِهَا الدِّينَ، فَبَيَّنَ جَهَابِذَةُ الْحَدِيثِ أَمْرَهَا، وَللَّهِ الْحَمْدُ.
رَوَى الْعُقَيْلِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: وَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ.
مِنْهُمْ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ الَّذِي قُتِلَ وَصُلِبَ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمَّا أُخِذَ لِيُضْرَبَ عُنُقُهُ، قَالَ: وَضَعْتُ فِيكُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ حَدِيثٍ، أُحَرِّمُ فِيهَا الْحَلَالَ، وَأُحَلِّلُ الْحَرَامَ.
وَكَبَيَانِ ابْنِ سَمْعَانَ النَّهْدِيِّ، الَّذِي قَتَلَهُ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ، وَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ.
قَالَ الْحَاكِمُ: وَكَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الشَّامِيِّ الْمَصْلُوبِ فِي الزَّنْدَقَةِ، فَرَوَى عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: "أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ"؛ وَضَعَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ ، لِمَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى التَّنَبِّي"اهـ[2].
ومنهم: من يضعه نُصرة لمذهبه ورأيه.
قال السيوطي رحمه الله: "وَمِنْهُمْ قِسْمٌ يَضَعُونَ انْتِصَارًا لِمَذْهَبِهِمْ؛ كَالْخَطَّابِيّ َةِ[3]، وَالرَّافِضَةِ، وَقَوْمٍ مِنَ السَّالِمِيَّةِ[4]، رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي "الضُّعَفَاءِ" بِسَنَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ رَجَعَ عَنْ بِدْعَتِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ، فَإِنَّا كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا رَأْيًا جَعَلْنَا لَهُ حَدِيثًا.
وَرَوَى الْخَطِيبُ بِسَنَدِهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنَ الرَّافِضَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ عَلَى وَضْعِ الْأَحَادِيثِ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الطَّايَكَانِيّ ُ مِنْ رُءُوسِ الْمُرْجِئَةِ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ.
ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنِ الْمُحَامِلِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَيْنَاءِ يَقُولُ: أَنَا وَالْجَاحِظُ وَضَعْنَا حَدِيثَ فَدَكَ، وَأَدْخَلْنَاهُ عَلَى الشُّيُوخِ بِبَغْدَادَ فَقَبِلُوهُ إِلَّا ابْنَ شَيْبَةَ الْعَلَوِيَّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يُشْبِهُ آخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلَهُ، وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ"اهـ[5].
ومنهم: من يضعه للتكسب.
مثل حديث: "الهريسة تشد الظهر"؛ فإنَّ واضعه محمد بن الحجاج النخعي، كان يبيع الهريسة.
ومنهم: من يضعه تقربًا للأمراء والسلاطين.
قال السيوطي رحمه الله: "وَقِسْمٌ تَقَرَّبُوا لِبَعْضِ الْخُلَفَاءِ وَالْأُمَرَاءِ بِوَضْعِ مَا يُوَافِقُ فِعْلَهُمْ وَآرَاءَهُمْ؛ كَغِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ وَضَعَ لِلْمَهْدِيِّ فِي حَدِيثِ: "لَا سَبْقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ"، فَزَادَ فِيهِ: "أَوْ جَنَاحٍ"، وَكَانَ الْمَهْدِيُّ إِذْ ذَاكَ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ، فَتَرَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِذَبْحِهَا، وَقَالَ: أَنَا حَمْلَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَامَ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاكَ قَفَا كَذَّابٍ، أَسْنَدَهُ الْحَاكِمُ.
وَأَسْنَدَ عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الْمَهْدِيُّ: أَلَا تَرَى مَا يَقُولُ لِي مُقَاتِلٌ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ وَضَعْتُ لَكَ أَحَادِيثَ فِي الْعَبَّاسِ، قُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا"اهـ[6].
ومنهم: من يضعه زعمًا منه أنه يُرغب الناس في الدين.
قال السيوطي رحمه الله: "وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا وُضِعَ حِسْبَةً: مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي عَمَّارٍ الْمَرْوَزِيِّ، أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي عِصْمَةَ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً، وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ وَاشْتَغَلُوا بِفِقْهِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ، فَوَضَعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ حِسْبَةً.
وَكَانَ يُقَالُ لِأَبِي عِصْمَةَ هَذَا: "نُوحٌ الْجَامِعُ"، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: جَمَعَ كَلَّ شَيْءٍ إِلَّا الصِّدْقَ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا؟ قَالَ: وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ فِيهَا"اهـ[7].
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ
[1] "تدريب الراوي" (1/ 339).
[2] "تدريب الراوي" (1/ 335).
[3] الخطابية: أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي؛ قالوا: إن الأئمة أبناء الله وعليٌّ إله وجعفر الصادق الإله الأصغر وأبو الخطاب نبي، والأنبياء فرضوا على الناس طاعة أبي الخطاب، وكان يأمر أصحابه بشهادة الزور على مخالفيه. "السيوف المشرقة ومختصر الصواقع المحرقة" (62).
[4] السالمية: ويقال لهم: الجواليقية: أصحاب هشام بن سالم الجواليقي؛ قالوا: الإمام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليٌّ ثم الحسن ثم الحسين ثم ولده الباقر ثم الصادق؛ قالوا: إن الله تعالى جسم على صورة إنسان. "السيوف المشرقة ومختصر الصواقع المحرقة" (70).
[5] "تدريب الراوي" (1/ 336).
[6] "تدريب الراوي" (1/ 336، 337)، وبعضهم لم يقبل قصة غياث بن إبراهيم مع المهدي.
[7] "تدريب الراوي" (1/ 333).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122808/#ixzz4zDyNmfga
رضا الحملاوي
2017-12-06, 11:16 PM
/// جزاك الله خيرا وبارك فيك وحفظك شيخنا الحبيب محمد ///
محمد طه شعبان
2017-12-06, 11:51 PM
/// جزاك الله خيرا وبارك فيك وحفظك شيخنا الحبيب محمد ///
وأنتم كذلك، بارك الله فيك يا دكتور رضا.
حسن المطروشى الاثرى
2017-12-23, 01:14 PM
وفقكم الله شيخنا الفاضل
محمد طه شعبان
2017-12-23, 05:25 PM
وفقكم الله شيخنا الفاضل
وفقك الله حبيبنا الشيخ حسن، وبارك فيك، ونفع بك.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.