المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز لمجتهد في زماننا ان ياتي بقول جديد لم يسبق اليه



أبو عمر الدمياطي
2017-01-26, 12:30 AM
هل يجوز لمجتهد في زماننا قد بلغ مرتبه الاجتهاد ان ياتي بقول في مساله ما ليست بنازله بقول لم يسبق اليه وان كان الجواب بنعم فهل من ضوابط وقيود لهذا الامر، وهل تكلم في هذا الامر احد من العلماء وجزاكم الله خيرا

أبو البراء محمد علاوة
2017-01-26, 12:43 AM
في المهذب في علم أصول الفقه المقارن (2/ 925)، للكتور عبد الكريم النملة رحمه الله:
إذا اختلف مجتهدو أهل عصر في حكم مسألة على قولين، فهل يجوز لمن بعدهم
أحداث قول ثالث؟
اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أن القول الثالث إن لزم منه رفع ما اتفقا عليه، فلا يجوز.
وإن لم يلزم منه ذلك، فإنه يجوز إحداثه ويُعمل به.
مثال الأول: " الجد مع الأخ في الإرث "
اختلف في ذلك على قولين: " قيل المال للجد "، و " قيل المال للجد والأخ يتقاسمانه "
فالقول بحرمان الجد قول ثالث خارق للإجماع فلا يجوز القول به.
مثال الثاني: فسخ النكاح بالعيوب الخمسة - وهي: الجذام، والجنون، والبرص، والرتق، والعنَّة - اختلف في ذلك على قولين:
" قيل: يفسخ بجميعها "، و "قيل: لا يفسخ بشيء منها "،
فالقول الثالث وهو: إنه يفسخ بالبعض دون البعض لا يرفع ما اتفق الفريقان عليه؛ لأنه يوافق في كل صورة قولاً، فيجوز ذلك.
وهذا مذهب الإمام فخر الدين الرازي، والآمدي، وابن الحاجب، والبيضاوي، وروي عن الإمام الشافعي، وهو اختيار القرافي، وتاج الدين ابن السبكي.
وهو الحق عندي؛ لأن القول الثالث المحدث إذا كان رافعا لما اتفق عليه الأولون يكون إحداثه مخالفًا للإجماع؛ لأن اختلاف الأولين يتضمن الإجماع على أن ما سواهما باطل، فمخالفة ذلك لا تجوز، ولذلك منعنا من إحداثه.

أبو عمر الدمياطي
2017-01-26, 02:59 AM
السبب الذي من اجله طرحت السوال اني اخبرت ان شيخ الاسلام في الفتاوي والشنقيطي قد جوزا ذلك بظوابط ولكني لم اتمكن من الوقوف علي كلامهما فهل وقف عليه احدا من اعضاء المنتدي ليفيدنا به

أبو البراء محمد علاوة
2017-01-26, 03:18 AM
قال رحمهُ اللهُ تعالى في "مجموع الفتاوى " (20/ 210) :
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ رَجُلٍ تَفَقَّهَ فِي مَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَتَبَصَّرَ فِيهِ وَاشْتَغَلَ بَعْدَهُ بِالْحَدِيثِ فَرَأَى أَحَادِيثَ صَحِيحَةً لَا يَعْلَمُ لَهَا نَاسِخًا وَلَا مُخَصِّصًا وَلَا مُعَارِضًا وَذَلِكَ الْمَذْهَبُ مُخَالِفٌ لَهَا: فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الْمَذْهَبِ؟ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى الْعَمَلِ بِالْأَحَادِيثِ وَيُخَالِفُ مَذْهَبَهُ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ ، قَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَرَضَ
عَلَى الْخَلْقِ طَاعَتَهُ وَطَاعَةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , (وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى هَذِهِ
الْأُمَّةِ طَاعَةَ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى كَانَ صِدِّيقُ الْأُمَّةِ وَأَفْضَلُهَا بَعْدَ نَبِيِّهَا يَقُولُ : أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ , فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ (!) .
وَاتَّفَقُوا (كُلُّهُمْ) عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مَعْصُومًا فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَىعَنْهُ , (إلَّا) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ : كُلُّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَيُتْرَكُ) إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ نَهَوْا النَّاسَ عَنْ تَقْلِيدِهِمْ فِي (كُلِّ) مَا يَقُولُونَهُ وَذَلِكَ هُوَ (الْوَاجِبُ) عَلَيْهِمْ ؛ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : " هَذَا رَأْيِي وَهَذَا أَحْسَنُ مَا رَأَيْتُ فَمَنْ جَاءَ بِرَأْيٍ خَيْرٍ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ " وَلِهَذَا لَمَّا اجْتَمَعَ أَفْضَلُ أَصْحَابِهِ أَبُو يُوسُفَ بِمَالِكِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةِ الصَّاعِ , وَصَدَقَةِ الْخَضْرَاوَاتِ ؛ وَمَسْأَلَةِ الْأَجْنَاسِ ؛ فَأَخْبَرَهُ مَالِكٌ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : " رَجَعْتُ إلَى قَوْلِك يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَلَوْ رَأَى صَاحِبِي مَا رَأَيْتُ لَرَجَعَ إلَى قَوْلِك كَمَا رَجَعْتُ "
وَمَالِكٌ كَانَ يَقُولُ : " إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ فَاعْرِضُوا قَوْلِي عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ " أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ .
وَالشَّافِعِيُّ كَانَ يَقُولُ : " إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِقَوْلِي الْحَائِطَ وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُجَّةَ مَوْضُوعَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَهِيَ قَوْلِي " .
وَفِي مُخْتَصَرِ المزني لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ اخْتَصَرَهُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ مَذْهَبِهِ قَالَ : " مَعَ إعْلَامِهِ (نَهْيَهُ) عَنْ تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ " .
وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ كَانَ يَقُولُ : " لَا تُقَلِّدُونِي وَلَا تُقَلِّدُوا مَالِكًا وَلَا الشَّافِعِيَّ
وَلَا الثَّوْرِيَّ وَتَعَلَّمُوا (كَمَا) تَعَلَّمْنَا " , وَكَانَ يَقُولُ : " مِنْ (قِلَّةِ) عِلْمِ الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ دِينَهُ الرِّجَالَ " , وَقَالَ : " لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرِّجَالَ فَإِنَّهُمْ (لَنْ يَسْلَمُوا) مِنْ أَنْ يَغْلَطُوا " .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ » وَلَازِمُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ اللَّهُ فِي الدِّينِ لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا فَيَكُونُ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ (فَرْضًا) .
وَالتَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ : مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ (بِأَدِلَّتِهَا السَّمْعِيَّةِ) , فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَفَقِّهًا فِي (الدِّينِ) , لَكِنْ مِنْ النَّاسِ مَنْ قَدْ (يَعْجِزُ) عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّ ةِ فِي (جَمِيعِ) أُمُورِهِ , فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ , لا كُلُّ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ حقَّ التَّفَقُّهِ , (وَيَلْزَمُهُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) .
(وَأَمَّا) الْقَادِرُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ ؛ فَقِيلَ : يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ مُطْلَقًا , وَقِيلَ : يَجُوزُ مُطْلَقًا , وَقِيلَ : (يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ) ؛ كَمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ , (وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ) .
وَالِاجْتِهَادُ : (لَيْسَ هُوَ أَمْرًا وَاحِدًا لَا يَقْبَلُ التَّجزِّيَ وَالِانْقِسَامَ ) , بَلْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مُجْتَهِدًا فِي فَنٍّ أَوْ بَابٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ , دُونَ فَنٍّ وَبَابٍ وَمَسْأَلَةٍ (!) وَ(كُلُّ) أَحَدٍ (فَاجْتِهَادُهُ بِحَسَبِ وُسْعِهِ) .
فَمَن نَّظَرَ فِي مَسْأَلَةٍ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا , وَرَأَى مَعَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ نُصُوصًا (لَمْ يَعْلَمْ) لَهَا مُعَارِضًا بَعْدَ نَظَرِ (مِثْلِهِ) ؛ فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ : إمَّا أَنْ يَتَّبِعَ قَوْلَ
الْقَائِلِ الْآخَرِ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ (الْإِمَامَ) الَّذِي اشْتَغَلَ عَلَى مَذْهَبِهِ (!!) (وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةِ شَرْعِيَّةٍ) (!) بَلْ مُجَرَّدُ عَادَةٍ يُعَارِضُهَا عَادَةُ غَيْرِهِ , وَاشْتِغَالٌ عَلَى مَذْهَبِ إمَامٍ آخَرَ .
وَإِمَّا أَنْ يَتَّبِعَ الْقَوْلَ الَّذِي (تَرَجَّحَ فِي (نَظَرِهِ) بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ) وَحِينَئِذٍ
فَتَكُونُ مُوَافَقَتُهُ لِإِمَامٍ يُقَاوِمُ ذَلِكَ الْإِمَامَ , وَتَبْقَى النُّصُوصُ (سَالِمَةً) فِي حَقِّهِ عَنْ
الْمُعَارِضِ بِالْعَمَلِ , (فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَصْلُحُ) .
وَإِنَّمَا (تَنَزَّلْنَا) (!) هَذَا التَّنَزُّلَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ : إنَّ نَظَرَ هَذَا قَاصِرٌ وَلَيْسَ اجْتِهَادُهُ قَائِمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؛ لِضَعْفِ آلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي حَقِّهِ (!) .
(أَمَّا) إذَا قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ التَّامِّ الَّذِي (يَعْتَقِدُ) مَعَهُ أَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَدْفَعُ بِهِ النَّصَّ ؛ فَهَذَا (يَجِبُ عَلَيْهِ) اتِّبَاعُ النُّصُوصِ , وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ مُتَّبِعًا لِلظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ , وَكَانَ مَنْ أَكْبَرِ الْعُصَاةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ (!) بِخِلَافِ مَنْ يَقُولُ : (قَدْ) (!) يَكُونُ لِلْقَوْلِ الْآخَرِ حُجَّةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى هَذَا النَّصِّ وَأَنَا لا أَعْلَمُهَا (!!) .
فَهَذَا يُقَالُ لَهُ : قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ » ((وَاَلَّذِي (تَسْتَطِيعُهُ) مِنْ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ دَلَّكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الرَّاجِحُ فَعَلَيْك أَنْ تَتَّبِعَ ذَلِكَ)) , ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ أَنَّ لِلنَّصِّ مُعَارِضًا رَاجِحًا كَانَ حُكْمُك فِي ذَلِكَ (حُكْمَ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ) إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ .
وَانْتِقَالُ الْإِنْسَانِ مِنْ قَوْلٍ إلَىقَوْلٍ (لِأَجْلِ) مَا (تَبَيَّنَ) لَهُ مِنَ (الْحَقِّ) ؛ هُوَ (مَحْمُودٌ) فِيهِ , بِخِلَافِ إصْرَارِهِ عَلَى قَوْلٍ لَا حُجَّةَ مَعَهُ عَلَيْهِ (!) .
(وَتَرْكُ الْقَوْلِ الَّذِي وَضَحَتْ حُجَّتُهُ , أَوْ الِانْتِقَالُ عَنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ لِمُجَرَّدِ عَادَةٍ وَاتِّبَاعِ هَوًى فَهَذَا مَذْمُومٌ) .
وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ الْمُقَلَّدُ قَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَرَكَهُ - لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَدْ رَوَاهُ أَيْضًا - فَمِثْلُ هَذَا وَحْدَهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا (فِي تَرْكِ النَّصِّ) فَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا كَتَبْنَاهُ فِي " رَفْعِ الْمَلَامِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ " نَحْوَ (عِشْرِينَ عُذْرًا) لِلْأَئِمَّةِ , فِي تَرْكِ الْعَمَلِ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ , وَبَيَّنَّا أَنَّهُمْ يُعْذَرُونَ فِي التَّرْكِ (لِتِلْكَ الْأَعْذَارِ) وَأَمَّا نَحْنُ فَمَعْذُورُونَ فِي تَرْكِهَا لِهَذَا الْقَوْلِ .
فَمَنْ تَرَكَ الْحَدِيثَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ ؛ أَوْ أَنَّ رَاوِيَهُ مَجْهُولٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ ؛ وَيَكُونُ غَيْرُهُ قَدْ عَلِمَ صِحَّتَهُ وَثِقَةَ رَاوِيهِ ؛ (فَقَدْ زَالَ عُذْرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ هَذَا) .
وَمَنْ تَرَكَ الْحَدِيثَ (لِاعْتِقَادِهِ) أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يُخَالِفُهُ ؛ أَوْ الْقِيَاسِ ؛ أَوْ عَمَلٍ لِبَعْضِ الْأَمْصَارِ ؛ وَقَدْ تَبَيَّنَ (لِلْآخَرِ) أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ لَا يُخَالِفُهُ ؛ وَأَنَّ نَصَّ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (مُقَدَّمٌ) عَلَى الظَّوَاهِرِ ؛ وَ(مُقَدَّمٌ) عَلَى الْقِيَاسِ وَالْعَمَلِ ؛ (لَمْ يَكُنْ) عُذْرُ ذَلِكَ الرَّجُلِ (عُذْرًا) فِي حَقِّهِ ؛ فَإِنَّ ظُهُورَ الْمَدَارِكِ الشَّرْعِيَّةِ لِلْأَذْهَانِ وَخَفَاءَهَا عَنْهَا ؛ (أَمْرٌ لَا يَنْضَبِطُ طَرَفَاهُ) لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ التَّارِكُ لِلْحَدِيثِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ (!) وَغَيْرِهَا الَّذِينَ يُقَالُ : إنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ الْحَدِيثَ ؛ إلَّا لِاعْتِقَادِهِم ْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ , أَوْ مُعَارَضٌ بِرَاجِحٍ , وَقَدْ (بَلَغَ) (مَنْ بَعْدَهُ) أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ لَمْ يَتْرُكُوهُ , بَلْ عَمِلَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ؛ أَوْ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُمْ ؛ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْدَحُ فِي هَذَا الْمُعَارِضِ لِلنَّصِّ (!) .
وَإِذَا قِيلَ لِهَذَا الْمُسْتَهْدِي الْمُسْتَرْشِدِ : أَنْتَ أَعْلَمُ أَمِ الْإِمَامُ الْفُلَانِيُّ ؟ (!) ؛ كَانَتْ هَذِهِ (مُعَارَضَةً فَاسِدَةً) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْفُلَانِيَّ قَدْ خَالَفَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْ هُوَ نَظِيرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ , وَلَسْتُ أَعْلَمُ مِنْ هَذَا وَلَا هَذَا , وَلَكِنَّ نِسْبَةَ هَؤُلَاءِ إلَى الْأَئِمَّةِ كَنِسْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وأبَيٍّ وَمُعَاذٍ وَنَحْوِهِمْ إلَى الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ , فَكَمَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ (أَكْفَاءٌ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ) , وَإِذَا تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ ؛ (رَدُّوا) مَا تَنَازَعُوا فِيهِ (إلَى اللَّهِوَالرَّس ُولِ) وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ (قَدْ) يَكُونُ أَعْلَمَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ ؛ فَكَذَلِكَ مَوَارِدُ النِّزَاعِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ (!) .
وَقَدْ تَرَكَ النَّاسُ قَوْلَ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي مَسْأَلَةِ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ , وَأَخَذُوا بِقَوْلِ مَنْ هُوَ دُونَهُمَا ؛ كَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ لَمَّا (احْتَجَّ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) , وَتَرَكُوا قَوْلَ عُمَرَ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ (!) وَأَخَذُوا بِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ لِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ السُّنَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ » .
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُنَاظِرُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْمُتْعَةِ فَقَالَ لَهُ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ ؛ أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُونَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؟ .
وَكَذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ لَمَّا سَأَلُوهُ عَنْهَا , فَأَمَرَ بِهَا , فَعَارَضُوا بِقَوْلِ عُمَرَ , فَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يُرِدْ مَا يَقُولُونَهُ , فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ , فَقَالَ لَهُمْ : (أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ أَمْرُ عُمَرَ) ؟ (!!) مَعَ عِلْمِ النَّاسِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَعْلَمُ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ .
(وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَوَجَبَ أَنْ يُعْرَضَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيَبْقَى كُلُّ إمَامٍ فِي
أَتْبَاعِهِ بِمَنْزِلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ وَهَذَا تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ يُشْبِهُ مَا
عَابَ اللَّهُ بِهِ النَّصَارَى فِي قَوْلِهِ : ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ
عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾) وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.

أبو البراء محمد علاوة
2017-01-26, 03:22 AM
وصنيع ابن تيمية يدلك على هذا، فكم من مسألة لم يسبق إليها رحمه الله.
وينظر هذا الكتاب علّك تجد فيه مبتغاك: معالم وضوابط الاجتهاد عند شيخ الإسلام ابن تيمية
<span style="font-family: traditional arabic"><font size="5"><font color="#ff0000">
http://waqfeya.com/book.php?bid=5652

أبو عمر الدمياطي
2017-01-26, 04:14 AM
جزاك الله خيرا ابو البراء لاكن كلام ابن تيميه محصور في الاخذ براي احدا من الائمه والاجتهاد في معرفة الصواب الذي هو عند احدهما ويبقي السؤال هل يجوز له الاتيان بقول ثالث مخالف وما الضابط، وهل ترجيح الشيخ عبد الكريم النمله هو الراجح في المساله ام ان هناك قول اقوي،