أبو عبد الأكرم الجزائري
2016-11-16, 04:02 PM
قال شيخ الاسلام في المجموع 4 /176
"...وقد ذكرنا في غير هذا الجواب مذهب سلف الأمة وأئمتها بألفاظها وألفاظ من نقل ذلك من جميع الطوائف : بحيث لا يبقى لأحد من الطوائف اختصاص بالإثبات . ومن ذلك : ما ذكره شيخ الحرمين : أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي في كتابه الذي سماه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول " وكان من أئمة الشافعية - ذكر فيه من كلام الشافعي ومالك والثوري وأحمد بن حنبل (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251)وال خاري - صاحب الصحيح - وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه في أصول السنة ما يعرف به اعتقادهم .
وذكر في تراجمهم ما فيه تنبيه على مراتبهم ومكانتهم في الإسلام وذكر " أنه اقتصر في النقل عنهم - دون غيرهم - لأنهم هم المقتدى بهم والمرجوع شرقا وغربا إلى مذاهبهم ولأنهم أجمع لشرائط القدوة والإمامة من غيرهم وأكثر لتحصيل أسبابها وأدواتها : من جودة الحفظ والبصيرة والفطنة والمعرفة بالكتاب والسنة والإجماع والسند والرجال والأحوال ولغات العرب ومواضعها والتاريخ والناسخ والمنسوخ والمنقول والمعقول والصحيح والمدخول في الصدق والصلابة وظهور الأمانة والديانة : ممن سواهم " . قال : " وإن قصر واحد منهم في سبب منها جبر تقصيره قرب عصره من الصحابة والتابعين لهم بإحسان باينوا هؤلاء بهذا المعنى من سواهم فإن غيرهم من الأئمة - وإن كانوا في منصب الإمامة - لكن أخلوا ببعض ما أشرت إليه مجملا من شرائطها إذ ليس هذا موضعا لبيانها " .
قال : " ووجه ثالث لا بد من أن نبين فيه فنقول : إن في النقل عن هؤلاء إلزاما للحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة فإن أحدهما لا محالة يضلل صاحبه أو يبدعه أو يكفره فانتحال مذهبه - مع مخالفته له في العقيدة - مستنكر والله شرعا وطبعا فمن قال : أنا شافعي الشرع أشعري الاعتقاد قلنا له : هذا من الأضداد لا بل من الارتداد إذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد . ومن قال : أنا حنبلي في الفروع معتزلي في الأصول قلنا : قد ضللت إذا عن سواء السبيل فيما تزعمه إذ لم يكن أحمد معتزلي الدين والاجتهاد " .
قال : " وقد افتتن أيضا خلق من المالكية بمذاهب الأشعرية وهذه والله سبة وعار وفلتة تعود بالوبال والنكال وسوء الدار على منتحل مذاهب هؤلاء الأئمة الكبار فإن مذهبهم ما رويناه : من تكفيرهم : الجهمية والمعتزلة والقدرية والواقفية وتكفيرهم اللفظية " . وبسط الكلام في مسألة اللفظ إلى أن قال - : " فأما غير ما ذكرناه من الأئمة : فلم ينتحل أحد مذهبهم فلذلك لم نتعرض للنقل عنهم " .
قال : " فإن قيل : فهلا اقتصرتم إذا على النقل عمن شاع مذهبه وانتحل اختياره من أصحاب الحديث وهم الأئمة : الشافعي ومالك والثوري وأحمد إذ لا نرى أحدا ينتحل مذهب الأوزاعي والليث وسائرهم ؟ . - قلنا : لأن من ذكرناه من الأئمة - سوى هؤلاء - أرباب المذاهب في الجملة إذ كانوا قدوة في عصرهم ثم اندرجت مذاهبهم الآخرة تحت مذاهب الأئمة المعتبرة .
وذلك أن ابن عيينة كان قدوة ولكن لم يصنف في الذي كان يختاره من الأحكام وإنما صنف أصحابه وهم الشافعي وأحمد وإسحاق فاندرج مذهبه تحت مذاهبهم . وأما الليث بن سعد فلم يقم أصحابه بمذهبه قال الشافعي : " لم يرزق الأصحاب " إلا أن قوله يوافق قول مالك أو قول الثوري لا يخطئهما ; فاندرج مذهبه تحت مذهبهما .
وأما الأوزاعي فلا نرى له في أعم المسائل قولا إلا ويوافق قول مالك أو قول الثوري أو قول الشافعي : فاندرج اختياره أيضا تحت اختيار هؤلاء . وكذلك اختيار إسحاق يندرج تحت مذهب أحمد لتوافقهما .
قال : " فإن قيل : فمن أين وقعت على هذا التفصيل والبيان في اندراج مذاهب هؤلاء تحت مذاهب الأئمة ؟ قلت : من التعليقة للشيخ أبي حامد الإسفرائيني التي هي ديوان الشرائع وأم البدائع : في بيان الأحكام ومذاهب العلماء الأعلام وأصول الحجج العظام ; في المختلف والمؤتلف . قال : " وأما اختيار أبي زرعة وأبي حاتم في الصلاة والأحكام - مما قرأته وسمعته من مجموعيهما - فهو موافق لقول أحمد ومندرج تحته وذلك مشهور . وأما البخاري فلم أر له اختيارا ولكن سمعت محمد بن طاهر الحافظ يقول : استنبط البخاري في الاختيارات مسائل موافقة لمذهب أحمد وإسحاق .
فلهذه المعاني نقلنا عن الجماعة الذين سميناهم دون غيرهم إذ هم أرباب [ ص: 179 ] المذاهب في الجملة ولهم أهلية الاقتداء بهم لحيازتهم شرائط الإمامة وليس من سواهم في درجتهم وإن كانوا أئمة كبراء قد ساروا بسيرهم ."
"...وقد ذكرنا في غير هذا الجواب مذهب سلف الأمة وأئمتها بألفاظها وألفاظ من نقل ذلك من جميع الطوائف : بحيث لا يبقى لأحد من الطوائف اختصاص بالإثبات . ومن ذلك : ما ذكره شيخ الحرمين : أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي في كتابه الذي سماه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول " وكان من أئمة الشافعية - ذكر فيه من كلام الشافعي ومالك والثوري وأحمد بن حنبل (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251)وال خاري - صاحب الصحيح - وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه في أصول السنة ما يعرف به اعتقادهم .
وذكر في تراجمهم ما فيه تنبيه على مراتبهم ومكانتهم في الإسلام وذكر " أنه اقتصر في النقل عنهم - دون غيرهم - لأنهم هم المقتدى بهم والمرجوع شرقا وغربا إلى مذاهبهم ولأنهم أجمع لشرائط القدوة والإمامة من غيرهم وأكثر لتحصيل أسبابها وأدواتها : من جودة الحفظ والبصيرة والفطنة والمعرفة بالكتاب والسنة والإجماع والسند والرجال والأحوال ولغات العرب ومواضعها والتاريخ والناسخ والمنسوخ والمنقول والمعقول والصحيح والمدخول في الصدق والصلابة وظهور الأمانة والديانة : ممن سواهم " . قال : " وإن قصر واحد منهم في سبب منها جبر تقصيره قرب عصره من الصحابة والتابعين لهم بإحسان باينوا هؤلاء بهذا المعنى من سواهم فإن غيرهم من الأئمة - وإن كانوا في منصب الإمامة - لكن أخلوا ببعض ما أشرت إليه مجملا من شرائطها إذ ليس هذا موضعا لبيانها " .
قال : " ووجه ثالث لا بد من أن نبين فيه فنقول : إن في النقل عن هؤلاء إلزاما للحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة فإن أحدهما لا محالة يضلل صاحبه أو يبدعه أو يكفره فانتحال مذهبه - مع مخالفته له في العقيدة - مستنكر والله شرعا وطبعا فمن قال : أنا شافعي الشرع أشعري الاعتقاد قلنا له : هذا من الأضداد لا بل من الارتداد إذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد . ومن قال : أنا حنبلي في الفروع معتزلي في الأصول قلنا : قد ضللت إذا عن سواء السبيل فيما تزعمه إذ لم يكن أحمد معتزلي الدين والاجتهاد " .
قال : " وقد افتتن أيضا خلق من المالكية بمذاهب الأشعرية وهذه والله سبة وعار وفلتة تعود بالوبال والنكال وسوء الدار على منتحل مذاهب هؤلاء الأئمة الكبار فإن مذهبهم ما رويناه : من تكفيرهم : الجهمية والمعتزلة والقدرية والواقفية وتكفيرهم اللفظية " . وبسط الكلام في مسألة اللفظ إلى أن قال - : " فأما غير ما ذكرناه من الأئمة : فلم ينتحل أحد مذهبهم فلذلك لم نتعرض للنقل عنهم " .
قال : " فإن قيل : فهلا اقتصرتم إذا على النقل عمن شاع مذهبه وانتحل اختياره من أصحاب الحديث وهم الأئمة : الشافعي ومالك والثوري وأحمد إذ لا نرى أحدا ينتحل مذهب الأوزاعي والليث وسائرهم ؟ . - قلنا : لأن من ذكرناه من الأئمة - سوى هؤلاء - أرباب المذاهب في الجملة إذ كانوا قدوة في عصرهم ثم اندرجت مذاهبهم الآخرة تحت مذاهب الأئمة المعتبرة .
وذلك أن ابن عيينة كان قدوة ولكن لم يصنف في الذي كان يختاره من الأحكام وإنما صنف أصحابه وهم الشافعي وأحمد وإسحاق فاندرج مذهبه تحت مذاهبهم . وأما الليث بن سعد فلم يقم أصحابه بمذهبه قال الشافعي : " لم يرزق الأصحاب " إلا أن قوله يوافق قول مالك أو قول الثوري لا يخطئهما ; فاندرج مذهبه تحت مذهبهما .
وأما الأوزاعي فلا نرى له في أعم المسائل قولا إلا ويوافق قول مالك أو قول الثوري أو قول الشافعي : فاندرج اختياره أيضا تحت اختيار هؤلاء . وكذلك اختيار إسحاق يندرج تحت مذهب أحمد لتوافقهما .
قال : " فإن قيل : فمن أين وقعت على هذا التفصيل والبيان في اندراج مذاهب هؤلاء تحت مذاهب الأئمة ؟ قلت : من التعليقة للشيخ أبي حامد الإسفرائيني التي هي ديوان الشرائع وأم البدائع : في بيان الأحكام ومذاهب العلماء الأعلام وأصول الحجج العظام ; في المختلف والمؤتلف . قال : " وأما اختيار أبي زرعة وأبي حاتم في الصلاة والأحكام - مما قرأته وسمعته من مجموعيهما - فهو موافق لقول أحمد ومندرج تحته وذلك مشهور . وأما البخاري فلم أر له اختيارا ولكن سمعت محمد بن طاهر الحافظ يقول : استنبط البخاري في الاختيارات مسائل موافقة لمذهب أحمد وإسحاق .
فلهذه المعاني نقلنا عن الجماعة الذين سميناهم دون غيرهم إذ هم أرباب [ ص: 179 ] المذاهب في الجملة ولهم أهلية الاقتداء بهم لحيازتهم شرائط الإمامة وليس من سواهم في درجتهم وإن كانوا أئمة كبراء قد ساروا بسيرهم ."