تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة تعريف اسماء الله الحسنى



جُرَيْج
2016-10-09, 07:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف أسماء الله الحسنى

لا ريب ان شرف العلم بشرف المعلوم واذا كان المعلوم هو مؤصل العلوم فلا ريب اذا ان العلم به هو أصل كل العلوم واعظمها. وبما أن الله خلق الخلق لعبادته وأرسل رسلا وأنزل كتبا ليعرف فيحب وليعظم فيطاع فكان واجب علينا التعرف على الله بما تعرف به الينا في كتابه وعلى لسان نبيه ثم الإجتهاد في طاعته فان الذي يتعرف على الآمر ثم يتعرف على الأمر يتفانى في طاعة الآمر والذي يتعرف على الأمر ثم يتعرف على الآمر يتفنن في التفلت من الأمر. وهذه حالة الأمة الا من رحم ربي تعرفوا على أمر ربهم ولم يعرفوا ربهم فتفننوا في التفلت من الأمر ولو أنهم تعرفوا على ربهم أولا لكان خيرا لهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون. قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12) وقال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) فذكر العلم قبل العمل. وهذا لا يعني ان لا نعبد الله حتى نتعرف عليه لأن الله فطر العباد على معرفته وعلى طاعته ولكن من باب تصليح العقائد والأعمال وزيادة الحب والخوف والرجاء.

المهم لقد دلنا النبي صلى الله عليه وسلم أن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة» (صحيح البخاري) وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) والإحصاء هو العد والفهم والحفظ والعمل بمقتضاها. فالذي فقه أن الله هو السميع البصير لن يتكلم ولن يفعل الا ما يرضي الله سبحانه كذلك من فقه ان الله هو الرازق الرزاق فلن يلجأ في طلب الرزق الا الى الله ... وليس المعنى أن لله تسعة وتسعين اسما أنها محصورة في هذا العدد طبعا لا فان الله حميد مجيد سبحانه له الأسماء الحسنى كلها ولكن منها ما تعرف بها الينا ومنها ما اخفاها عنا فعن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري ، وجلاء حزني وذهاب همي . إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا " . قال : فقيل : يا رسول الله ، أفلا نتعلمها ؟ قال : فقال : " بلى ، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها " . (أخرجه الإمام أحمد وصححه العلماء) .

واعلم انه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أي حديث تم فيه تعيين هذه الأسماء كما اتفق عليه اهل الحديث. فلذلك اجتهد الناس في احصائها وكل بطريقته. فمنهم من اخذ بالأسماء التي في الأحاديث الضعيفة التي اشرت اليها وغيرها ومنهم من اشتق من صفات الله اسماء لم يتسمى ربنا بها ومنهم من وفق القواعد اللغوية والعقائدية استنبطها من الأيات والأحاديث الصحيحة وهؤلاء هم اهل الوسط بين الفريقين. فلذلك أذكر هنا ببعض هذه القواعد المهمة، منها:

1- لا نصف الله الا بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل نؤمن بأن الله سبحانه كما قال عن نفسه:.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11). فلا ننفي عنه ما وصف به نفسه ولا نحرف الكلم عن مواضعه ولا نلحد في أسماء الله وآياته ولا نكيف ولا نمثل صفاته بصفات خلقه لأنه سبحانه لا سمي له ولا كفو له ولا ند له ولا يقاس بخلقه - سبحانه وتعالى - فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا وأحسن حديثا من خلقه ثم رسله صادقون مصدوقون؛ بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون ولهذا قال سبحانه وتعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب

2- أسماء الله تعالى كلها حسنى قال تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها.

3- أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف أعلام باعتبار دلالتها على نفسه، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني وهى بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله عز وجل، وبالاعتبار الثاني متباينة، لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص.
ف "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم" كلها أسماء لمسمى واحد وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.
وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليها، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ، وقوله: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} ، فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة. ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن علم، ولا سميع إلا لمن سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر. وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل.

4- دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة، وبالتضمن، وبالالتزام.
مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.

5- أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص.

6- باب الصفات أوسع من باب الأسماء وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها. واعلم أنه لا يجوز اشتقاق الأسماء من الصفات كقولك بطش الله فهو الباطش مكر الله فهو الماكر سبحانه هذا لا يجوز أما من باب الإخبار فهذا شيء آخر.

7- أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته، وأسماءُ المخلوقين صادرةٌ عن أفعالهم، فالرب تبارك وتعالى فِعاله عن كماله، والمخلوق كماله عن فعاله، فاشتقت له الأسماء بعد أنْ كمل بالفعل..

8- الاسم يتميز عن الفعل والحرف بخمس علامات جمعها بن مالك في قوله : بالجر والتنوين والندا وأل - ومسند للاسم تمييز حصل ، فالعلامة الأولي الجر كقوله : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) ( تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (فصلت:2) (الفرقان:58) ، والعلامة الثانية التنوين كقوله : ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ) (:15) ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42) ، العلامة الثالثة النداء كما ثبت عن النبي بإسناد صحيح أنه كان يقول في دعائه يا حي يا قيوم ، العلامة الرابعة : أل المعرفة كقوله تعالى : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (الأعلى:1) ( تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ) (يس:5) العلامة الخامسة : الإسناد إليه بأن يسند إليهما تتم به الفائدة سواء أكان المسند فعلا أم اسما أم جملة ، وهذه من أبرز العلامات في التمييز بين الاسم والصفة ( وَرَبُّكَ الغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ) ومع العلامات السابقة للإسم يجب أن يكون الاسم في إطلاقه مقتضيا للمدح والثناء بنفسه ، فان من شرط إطلاق الاسم من الصفة أن تكون الصفة في حال إطلاقها غير منقسمة إلى كمال ونقص أو جامدة .

فبناءا على هذه القواعد وخاصة على القاعدة الخامسة والثامنة يمكن احصاء الأسماء بطريقة سليمة.
هم، في هذا البحث سيتم تعريف اسماء الله الحسنى التسعة والتسعون التي تعرف بها الينا ربنا في كتابه وفي أحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
ومنهجي في تعريف الأسماء هو أني أذهب أولا الى معرفة دلالة الأصل وهو الفعل الذي منه اشتقاق الإسم وذلك بتصفح كتاب المقاييس للإمام اللغوي ابن فارس رحمه الله وكتاب اشتقاق اسماء الله للزجاجي رحمه الله وغيرهم ثم أبحث عن التفسير في الكتب والبحوث الموجودة على موسوعة الشاملة وعلى النت واهمها عندي كمرجعية كتاب تفسير اسماء الله الحسنى للزجاج رحمه الله وكتاب شأن الدعاء للخطابي رحمه الله وكتاب النهج الأسمى في شرح اسماء الله الحسنى للشيخ محمد الحمد الحمود جزاه الله خيرا ، لأسماء الله الحسنى الموجود على النت وغيرها أيضا ثم أنتقل الى البحث عن تعريفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في كتبهم قدس الله أرواحهما عبر محرك موسوعة الشاملة وهي تعريفات لا يستغنى عنها في هذا الباب. ثم ارجع الى كتاب ربي الكنز الأعظم فابحث عن الآيات التي ذكرت فيها الأسماء وأتفقد بعض المعاني والدلالات التي قد نكون غفلنا عنها. ثم في الآخير اكتب التعريف واضخم الخط لتمييزه عن غيره. وبعض الأحيان أكتب الأدلة العقلية النقلية الدالة على صحة معاني بعض الأسماء وذلك لرفع الشبهات وترسيخ الإيمان.

والواجب في التعريف ان يكون دقيقا وجيزا جامعا للمعاني مانعا لدخول معاني أخرى ومباينا لرسم المعرف عنه. وقد يصعب ذلك مع بعض الأسماء ولكن أختصر على قدر المستطاع.
تنبيه : علمت التعريفات باللون الأحمر وان شاء الله عندما انتهي من السلسلة انشر البحث ككتاب
والتعريفات كالتالي:

جُرَيْج
2016-10-09, 07:25 AM
1-2- هو الأول والآخِر قال تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)
وهما اسمان متقابلان فالأول يفيد التقدم مطلقا والآخر نقيضه وهو الأبعد عن المتقدم تلاوة تقول مضى قدما وتأخر أخرا.
وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما في هذين الإسمين من معاني فقال: ...اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وانت الآخر فليس بعدك شيء...(صحيح مسلم)
أي هو الأول فلذلك ليس قبله شيء وهو الآخر فلذلك ليس بعده شيء،
فلو لم يكن الأول لما أمكن وجود مكان ولا أمكن بدء زمان
ولو لم يكن الآخر لما بقي مكان ولا جرى زمان .
فالأول هو الذي لم يتقدمه شيء الذي منه بدأ كل شيء
فلا بداية لأوليته فلذلك ليس قبله شيء
وهو الآخر الذي لا يتأخر ويبتعد عنه شيء بل اليه يَصير كل شيء
فلا نهاية لآخريته فلذلك ليس بعده شيء
فلذلك هو واجب الوجود بذاته لا يستمد لوجوده من غيره
فمنه ابتدأ كل شيء واليه يعود
ولذلك هو الذي كان ولم يزل على ما كان وسيبقى على ما كان اي لا تتغير أسماؤه ولا تتبدل صفاته هو الفعال لما يريد ومؤصل الأصول ومسبب الأسباب وخالق المخلوقات واليه تنتهي جميع المحدثات

جُرَيْج
2016-10-10, 07:02 AM
3-4- هو الظاهر الباطن قال تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)

وهما اسمان فاعل مشتقان من فعل ظهر وفعل بطن
قال ابن فارس: (ظَهَرَ) الظَّاءُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةٍ وَبُرُوزٍ. مِنْ ذَلِكَ: ظَهَرَ الشَّيْءُ يَظْهَرُ ظُهُورًا فَهُوَ ظَاهِرٌ، إِذَا انْكَشَفَ وَبَرَزَ. وَلِذَلِكَ سُمِّيَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالظَّهِيرَةِ، وَهُوَ أَظْهَرُ أَوْقَاتِ النَّهَارِ وَأَضْوَؤُهَا. وَالْأَصْلُ فِيهِ كُلِّهِ ظَهْرُ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ خِلَافُ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَجْمَعُ الْبُرُوزَ وَالْقُوَّةَ. وَيُقَالُ لِلرِّكَابِ: الظَّهْرُ ; لِأَنَّ الَّذِي يَحْمِلُ مِنْهَا الشَّيْءَ ظُهُورُهَا. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مُظَهَّرٌ، أَيْ شَدِيدُ الظَّهْرِ. وَرَجُلٌ ظَهِرٌ: يَشْتَكِي ظَهْرَهُ.

وقال ايضا رحمه الله: (بَطَنَ) الْبَاءُ وَالطَّاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ لَا يَكَادُ يُخْلِفُ، وَهُوَ إِنْسِيُّ الشَّيْءِ وَالْمُقْبِلُ مِنْهُ. فَالْبَطْنُ خِلَافُ الظَّهْرِ. تَقُولُ بَطَنْتُ الرَّجُلَ: إِذَا ضَرَبْتَ بَطْنَهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ:

إِذَا ضَرَبْتَ مُوقَرًا فَابْطُنْ لَهُ

وَبَاطِنُ الْأَمْرِ دَخْلَتُهُ، خِلَافُ ظَاهِرِهِ. وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْبَاطِنُ; لِأَنَّهُ بَطَنَ الْأَشْيَاءَ خُبْرًا. تَقُولُ: بَطَنْتُ هَذَا الْأَمْرَ: إِذَا عَرَفْتَ بَاطِنَهُ. وَالْبَطِينُ: الرَّجُلُ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ. وَالْمَبْطُونُ الْعَلِيلُ الْبَطْنِ. وَالْمِبْطَانُ: الْكَثِيرُ الْأَكْلِ. وَالْمُبْطِنُ الْخَمِيصُ الْبَطْنِ. وَالْبُطْنَانُ بُطْنَانُ الْقُذَذِ. وَالْبَطْنُ مِنَ الْعَرَبِ دُونَ الْقَبِيلَةِ. وَالْبُطَيْنُ نَجْمٌ، يُقَالُ: إِنَّهُ بَطْنُ الْحَمَلِ. وَالْبِطَانُ بِطَانُ الرَّحْلِ، وَهُوَ حِزَامُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَلِي الْبَطْنَ...

( مقاييس)

وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما في هذين الإسمين فقال : أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء (صحيح مسلم)

أي هو الظاهر فلذلك ليس فوقه شيء

وهو الباطن فلذلك ليس دونه شيء

فهو القريب في علوه والعلي في دنوه

واسم الظاهر والباطن من الأسماء المتقابلة التي لا يمكن أن تجتمع في مخلوق

فالشيء اذا كان ظاهرا بالنسبة الى آخر لا يمكن أن يكون باطنا , والعكس

فالشمس اذا كانت ظاهرة على السقف , فلا يمكن أن تكون باطنة بالنسبة الى من تحت السقف فلا يصح أن يقال (ليس دونها شيء ( فما دامت ظاهرة فلن تكون باطنة والعكس في السقف لكن الله تبارك وتعالى يجتمع له هذان الوصفان فاذا قلنا ان الله ظاهر عال , فقد يتوهم أنه ليس قريبا منا , وأن غيره من المخلوقات التي هو عال عليها , قد تكون هي (دونه بالنسبة الينا (فلذلك كان هو الباطن الذي ليس دونه شيء أي من كل تلك الأشياء التي هو ظاهر عال عليها.

فلولا أنه هو الظاهر والباطن معا لكان ظاهرا لبعض خلقه باطنا عن بعضهم إذا لكان محاطا بخلقه أو حالا أو متحدا بهم سبحانه وتعالى عن ذلك.

فلذلك هو ايضا الظاهر البائن عن خلقه ما ثم فوق الخلق الا الله

والباطن المحتجب عن خلقه الذي احتجب عنهم بحجاب من نور ونار لو كشفه ﻷحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك ليس بينه وبين عباده شيء يسترهم منه .

هو ايضا الظاهر الذي ظهر لعباده بعلمه وامره الشرعي والباطن الذي بطن عن عباده بعلمه وامره الكوني


فبالخلاصة الظاهر هو الذي علا فوق خلقه علوا مطلقا وانكشف وبرز لهم بعلمه وأمره الشرعي


والباطن هو الذي قرب من خلقه قربا لا ينافي علوه فوقهم وخفي عنهم باحتجابه وبعلمه وأمره الكوني

فمجموع الإسمين الأول والأخر يدلان على الإحاطة الزمانية

ومجموع الإسمين الظاهر والباطن يدلان على الإحاطة المكانية .

جُرَيْج
2016-10-11, 06:49 AM
5- هو الخالق قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)

والخالق اسم فاعل مشتق من خلق قال ابن فارس: (خَلَقَ) الْخَاءُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا تَقْدِيرُ الشَّيْءِ، وَالْآخَرُ مَلَاسَةُ الشَّيْءِ.

فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَوْلُهُمْ: خَلَقْتُ الْأَدِيمَ لِلسِّقَاءِ، إِذَا قَدَرْتَهُ. قَالَ:
لَمْ يَحْشِمِ الْخَالِقَاتِ فَرْيَتُهَا ... وَلَمْ يَغِضْ مِنْ نِطَافِهَا السَّرَبُ
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
وَلَأَنْتَ تَفْرِي، مَا خَلَقْتَ، وَبَعْ ... ضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي
وَمِنْ ذَلِكَ الْخُلُقِ، وَهِيَ السَّجِيَّةُ، لِأَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ قُدِّرُ عَلَيْهِ. وَفُلَانٌ خَلِيقٌ بِكَذَا، وَأَخْلِقْ بِهِ، أَيْ مَا أَخْلَقَهُ، أَيْ هُوَ مِمَّنْ يُقَدَّرُ فِيهِ ذَلِكَ. وَالْخَلَّاقُ: النَّصِيبُ ; لِأَنَّهُ قَدْ قُدِّرَ لِكُلِّ أَحَدٍ نَصِيبُهُ.
وَمِنَ الْبَابِ رَجُلٌ مُخْتَلَقٌ: تَامُ الْخَلْقِ. وَالْخُلُقُ: خُلُقُ الْكَذِبِ، وَهُوَ اخْتِلَاقُهُ وَاخْتِرَاعُهُ وَتَقْدِيرُهُ فِي النَّفْسِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: 17] .....(مقاييس)

والخلق يأتي بمعنى الصنع والإنشاء والإيجاد على غير مثال سابق قال تعالى:.. صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وقال تعالى: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)

فالخالق هو الذي أوجد وأنشأ وصنع كل شيء بعد عدمه وبتقدير مسبق

وهل يعقل عدم وجود خالق لهذا الكون قال تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36( فقوله { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ{ يعني أخلِقوا مِن غيرِ خالِقٍ خلقهم أي: لا خالق خلقهم، بل وجدوا من غير إيجاد ولا موجد، وهذا عين المحال. فهذه البنايات والسيارات والطيارات لم توجد صدفة كذلك هذه السماء والكواكب والنجوم والأرض والشجار والنبات والبحار والأنهار لم توجد صدفة... } أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ{ فإذا أنكروا الرب الخالق، ولم يجز أن يوجدوا بلا خالق خلقهم، أفهم الخالقون لأنفسهم؟ وهذا أيضا محال، فإنه لا يتصور أن يوجدوا أنفسهم إذ الموجود نقيض المعدوم فيستحيل أن يجتمعا أو أن يرتفعا.} أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ { ام هم الذين خلقوا هذه السماء والكواكب والنجوم والأرض والأشجار والنبات والبحار والأنهار.... وهذا ايضا عين المحال. فتعين إذا أنه لا بد لهم من خالق وهذا شيء من الفطرة إذ كلنا نعلم ان كل محدَث لا بد له من محدِث وكل مفعول لا بد له من فاعل وكل فعل لا بد له من فاعل وكل مصنوع لا بد له من صانع وكل سبب لا بد له من مسبب وكل صورة لا بد لها من مصور وكل نظام لا بد له من منظم كل أثر لا بد له من مؤثر وكل إحكام لا بد له من محكم... ولا حاجة لمعرفة هذه القضايا الكلية إذ القضية المعينة الجزئية كافية شافية ودالة كقولك هذا البناء لا بد له من بان، وهذه الكتابة لا بد لها من كاتب، وهذا الثوب المخيط لا بد له من خياط وهذه الآثار التي في الأرض من آثار الأقدام لا بد لها من مؤثر وهذه الضربة لا بد لها من ضارب، وهذه الصياغة لا بد لها من صائغ، وهذا الكلام المنظوم المسموع لا بد له من متكلم وهذا الضرب والرمي والطعن لا بد له من ضارب ورام وطاعن فلا داعي أن تقول كل بناء فلا بد له من باني... فهذه القضايا المعينة الجزئية لا يشك فيها أحد من العقلاء، ولا يفتقر في العلم بها إلى دليل بل هي بنفسها أدلة أي آيات تدل بنفسها على فاعلها وهي أسبق إلى الفطرة من القضايا الكلية. ولذلك كانت كل الخلائق آيات للخالق يستدل بها على نفسه المقدسة ويتعرف بها عليه. فالأدلة على وجود الخالق هي كل المخلوقات بعينها فالأدلة لا تحصى وكيف يطلب دليل على من هو دليل على كل شيء .

فالله هو الخالق وهو الأول والأخر والظاهر والباطن ولا ريب في ذلك هو الذي خلق السماوات والأرض (الأماكن) وجعل الظلمات والنور (الأزمان) .خلق كل شيء من ماء، خلق الماء على متن الريح ثم خلق العرش على الماء ثم خلق القلم وكتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ثم خلق الأرض في يومين يوم الأحد والإثنين ثم خلق الجبال وأرسى الأرض بها وبارك في الأرض وقدر فيها أقواتها في يومين أخرين يوم الثلاثاء والأربعاء ثم خلق يوم الخميس والجمعة السماء من الدخان الذي فوق الأرض ثم فتق أي فصل السماء من الأرض فسواهن سبع سماوات طباق وسبع أراضين كذلك ثم زين السماء الدنيا بزينة الكواكب ثم دحا الأرض وأخرج منها ماءها ومرعاها ثم خلق الملائكة من نور ثم خلق الجنة والنار وخلق الجن من مارج من النار ثم خلق آدم من آديم الأرض فتم الخلق في اليوم السادس وهو يوم الجمعة الذي فيه تقوم الساعة وتجمع الخلائق.

هو خالق العباد صفاتهم وأفعالهم خالق الخير برحمته وخالق الشر بعدله وحكمته فالخير منه والشر ليس إليه.
6- هو الخلاق قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)
والخلاق اسم فاعل على وزن فعال مما يدل على كثرة المعاودة والتكرار وهو مشتق من فعل خلق كما سبق.

فالخلاق هو المكثر والعواد بالخلق.

ولقد أتى هذا الإسم في سياق اثبات البعث توكيدا لهذا الأمر.
قال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)
وقال تعالى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81).

جُرَيْج
2016-10-12, 07:34 AM
7- هو البارئ قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
والبارئ اسم فاعل لمن برأ قال ابن فارس: (بَرَأَ) فَأَمَّا الْبَاءُ وَالرَّاءُ وَالْهَمْزَةُ فَأَصْلَانِ إِلَيْهِمَا تَرْجِعُ فُرُوعُ الْبَابِ: أَحَدُهُمَا الْخَلْقُ، يُقَالُ: بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ يَبْرَؤُهُمْ بَرْءًا. وَالْبَارِئُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54] ، وَقَالَ أُمَيَّةُ:
الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: التَّبَاعُدُ مِنَ الشَّيْءِ وَمُزَايَلَتُهُ ، مِنْ ذَلِكَ الْبُرْءُ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنَ السُّقْمِ، يُقَالُ: بَرِئْتُ وَبَرَأْتُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ : يَقُولُ أَهْلُ الْحِجَازِ: بَرَأْتُ مِنَ الْمَرَضِ أَبْرُؤُ بُرُوءًا. وَأَهْلُ الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ: [بَرَأْتُ أَبْرَأُ] بَرْءًا. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بَرِئْتُ إِلَيْكَ مِنْ حَقِّكَ. وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: أَنَا بَرَاءٌ مِنْكَ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ أَنَا بَرِيءٌ مِنْكَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف: 26] وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ {إِنِّي بَرِيءٌ} [الأنعام: 78] ...(مقاييس)
فالإسم يرجع الى معنيين الخلق والفصل والمباعدة وقال ابن منظور يقال: برأ الله النسمة وخلق السموات والأرض.( لسان العرب )

فالبارئ هو الذي خلق الخلائق وفصل الأنفس عن الجمادات بنفخ الأرواح

قال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)

8- هو المصوّر قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
والمصور اسم فاعل مشتق من فعل صور قال ابن فارس: (صَوَرَ) الصَّادُ وَالْوَاوُ وَالرَّاءُ كَلِمَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَبَايِنَةُ الْأُصُولِ. وَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ بِبَابِ قِيَاسٍ وَلَا اشْتِقَاقٍ. وَقَدْ مَضَى فِيمَا كَتَبْنَاهُ مِثْلُهُ. وَمِمَّا يَنْقَاسُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ صَوِرَ يَصْوَرُ، إِذَا مَالَ. وَصُرْتُ الشَّيْءَ أَصُورُهُ، وَأَصَرْتُهُ، إِذَا أَمَلْتَهُ إِلَيْكَ. وَيَجِيءُ قِيَاسُهُ: تَصَوَّرَ، لِمَا ضُرِبَ، كَأَنَّهُ مَالَ وَسَقَطَ. فَهَذَا هُوَ الْمُنْقَاسُ، وَسِوَى ذَلِكَ فَكُلُّ كَلِمَةٍ مُنْفَرِدَةٌ بِنَفْسِهَا.
مِنْ ذَلِكَ الصُّورَةُ صُورَةُ كُلِّ مَخْلُوقٍ، وَالْجَمْعُ صُوَرٌ، وَهِيَ هَيْئَةُ خِلْقَتِهِ. وَاللَّهُ تَعَالَى الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ صَيِّرٌ إِذَا كَانَ جَمِيلَ الصُّورَةِ....(مق ييس)
وقال تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)

فالمصور هو الذي أعطى كل شيء شكله وهيئته وركبه في صفات خاصة به

فلا يتماثل جنسان أو يتساوى نوعان ، بل لا يتساوى فردان ، فلكل صورته وسيرته ، وما يخصه ويتميز به عن غيره.

جُرَيْج
2016-10-13, 06:24 AM
9- هو العليم قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) والعليم اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد، وهو مشتق من فعل علم والعلم خلافه الجهل

فالله سبحانه هو العليم الذي لا يجهل شيئا فلا يخفى عليه شيئ من المعلومات

وهو العليم بغير تعليم الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، وبالإسرار والإعلان، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات. وبالعالم العلوي والسفلي، وبالماضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء.
كيف لا وهو الذي قدر مقادير الخلائق قبل خلقها فإن كل صانع إذا أراد أن يصنع شيئا فقد علمه وأراده وقدر صنعته في نفسه والغاية التي سينتهي إليها وما الذي سيوصله إلى تلك الغاية قبل أن يصنع ذلك الشيء ولله المثل الأعلى قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) ولقد دل إحكام واتقان الخلق على علمه.

10- هو الخبير قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)
والخبير على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو من فعل خبر
قال الخطابي: هو العالم بكنه الشىء. المطلع على حقيقته.
كقوله تعالى: (فاسأل به خبيرا) [الفرقان/59]. يقال فلان بهذا الأمر خبير؛ وله به خبر، وهو أخبر به من فلان؛ أي: أعلم. إلا أن الخبر في صفة المخلوقين إنما يستعمل في نوع العلم الذي يدخلة الاختبار، ويتوصل إليه بالامتحان، والاجتهاد، دون النوع المعلوم ببدائه العقول.
وعلم الله -سبحانه- سواء فيما غمض من الأشياء و فيما لطف، وفيما تجلى به منه وظهر. وإنما تختلف مدارك علوم الآدميين الذين يتوصلون إليها بمقدمات من حس، وبمعاناة من نظر، وفكر؛ ولذلك قيل لهم: ليس الخبر كالمعاينة، وتعالى الله عن هذه الصفات علوا كبيرا. (شأن الدعاء)

فالخبير هو العالم ببواطن الأمور
اي بحقيقتها وبدايتها وغايتها ونهايتها ولوازمها فلا ينبئك مثل خبير وهو خبير بلا تعليم وبلا تدريب سبحانه قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) وقال تعالى: إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)

جُرَيْج
2016-10-14, 06:20 AM
11-12-13- هو القادر القدير المقتدر
قال تعالى: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)
وقال تعالى: ..يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)
وقال تعالى: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
والقادر اسم فاعل من قدر يقدر فهو قادر والقدير على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد والمقتدر على وزن مفتعل قال ابن فارس (قَدَرَ) الْقَافُ وَالدَّالُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَبْلَغِ الشَّيْءِ وَكُنْهِهِ وَنِهَايَتِهِ. فَالْقَدْرُ: مَبْلَغُ كُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ: قَدْرُهُ كَذَا، أَيْ مَبْلَغُهُ. وَكَذَلِكَ الْقَدَرُ. وَقَدَرْتُ الشَّيْءَ أَقْدِرُهُ وَأَقْدُرُهُ مِنَ التَّقْدِيرِ، وَقَدَّرْتُهُ أُقَدِّرُهُ. وَالْقَدْرُ: قَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الْأَشْيَاءَ عَلَى مَبَالِغِهَا وَنِهَايَاتِهَا الَّتِي أَرَادَهَا لَهَا، وَهُوَ الْقَدَرُ أَيْضًا......... وَقُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلِيقَتِهِ: إِيتَاؤُهُمْ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي يَشَاؤُهُ وَيُرِيدُهُ، ..( مقاييس)
وقال تعالى عن الحواريين: إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّون َ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112)

فالقادر القدير المقتدر هو المتصف بالقدرة الذي يستطيع بلا عجز وبكل سهولة فعل ما يريده بالمبلغ الذي يشاؤه سبحانه.
فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
ومن تمام قدرته أنه قدر مقادير الأشياء قبل خلقها وكتبها في لوح محفوظ ثم خلقها ومن الأدلة العقلية النقلية على ذلك ان نقول:
1 - لا ريب أن الله خالق كل شيء اي هو الذي أوجد وأنشأ وصنع كل شيء بعد عدمه وبتقدير مسبق فإن الصانع إذا أراد أن يصنع شيئا فقد علمه وأراده وقدر صنعته في نفسه والغاية التي سينتهي إليها وما الذي سيوصله إلى تلك الغاية قبل أن يصنع ذلك الشيء.
ولله المثل الأعلى فالله سبحانه قد علم وقدر وكتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ثم خلقهم سبحانه فسواههم وهداهم الى مقاديرهم .
وهل يعقل أن يسبق فعله علمه
فان كان كذلك فهو إما مقسور على الفعل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لأنه الأول الذي ليس قبله شيء الذي لو لم يكن الأول لما وجد مكان ولا بدأ زمان .
واما أن يكون خلقه عن جهل وهذا مخالف للمشاهد فالمخلوقات فيها من الأحكام والإتقان ما يستلزم علم الفاعل لها، لأن الفعل المحكم المتقن يمتنع صدوره عن غير علم.
قال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) فالذي قدر فهدى هو الذي خلق فسوى وهو الرب الأعلى
وكما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء"
وفي البخاري عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض وفي رواية ثم خلق السموات والأرض "

ومصداق ذلك أيضا في كتاب الله قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)
فأثبت أولا سبحانه علمه بمقادير الخلائق كلها ووجودها في كتاب مبين ثم أخبرنا بخلقه للسماوات والأرض بعد أن كان عرشه على الماء ثم اخبرنا الغاية التي خلقنا لها فقال :" لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا "
وهذا يشبه الحديث من حيث ترتيب الأخبار

وفي آية أخرى قال : تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)
وقال تعالى :وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
وقال تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)
فالغاية هي ليبلونا أينا أحسن عملا بما أتانا من كتب وهذه هي العبادة إذ العبادة هي طاعة الله بغاية التذلل والمحبة قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56(

2- اذا عرضنا على العقل السليم ملكا قادرا على ضبط رعيته بارادته فلا يحصل في ملكه الا ما يشاء وملكا غير قادر على ضبط رعيته بارادته فيقع في ملكه ما لا يشاء كان الأول أكمل. ويبين هذا المعنى محاورة جرت بين عبد الجبار الهمداني وأبي إسحاق الإسفراييني، دخل عبد الجبار الهمداني أحد شيوخ المعتزلة - على الصاحب ابن عباد، وعنده أبو إسحاق الإسفراييني أحد أئمة السنة، فلما رأى الأستاذ قال: سبحان من تنزه عن الفحشاء. فقال الأستاذ فوراً: سبحان من لا يقع في ملكه إلا من يشاء. فقال القاضي: أيشاء ربنا أن يُعْصَى؟ فقال الأستاذ: أيُعْصَى ربنا قهراً؟ فقال القاضي: أرأيت إن منعني الهدى، وقضى عَليَّ بالردى، أحسن إليّ أم أساء؟ فقال الأستاذ: إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء فبهت القاضي.
قال تعالى: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)
وقال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29(

فاثبت لعباده مشيئة وعلقها بمشيئته فلا يحصل في ملكه الا ما يشاء.
وقال تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)
فهو نوره يهدي لنوره من يشاء وقد جعل لنيله أسبابا.
وعن ابن الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب فقلت له: قد وقع في نفسي شيء من القدر فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي قال لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ولو مت على غير هذا لدخلت النار قال ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك قال ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك قال ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الألباني)
فثبت عقلا ونقلا ان الله قدر سبحانه ما يريد أن يخلقه من هذا العالم حين كان عرشه على الماء إلى يوم القيامة كما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب. فقال ما أكتب؟ فقال: اكتب ما يكون إلى يوم القيامة} . وأحاديث تقديره سبحانه وكتابته لما يريد أن يخلقه كثيرة جدا.

والحكمة في اخبارنا عن القدر هو لكي لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح أي لا نفخر على الناس بما أتانا قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)
فما أصابنا لم يكن ليخطؤنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.
والله خالق الخير برحمته وخالق الشر بعدله وحكمته والشر ليس اليه.

وقد ترد هنا شبهة وهي هل الإنسان مخير أم مسير والجواب في الوسط الإنسان ميسر لما خلق له.

أما كونه مخيراً فلأن الله تعالى أعطاه عقلاً وسمعاً و إدراكاً وإرادةً فهو يعرف الخير من الشر والضار من النافع وما يلائمه وما لا يلائمه، فيختار لنفسه المناسب ويدع غيره، وبذلك تعلقت التكاليف الشرعية به من الأمر والنهي، واستحق العبد الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية. قال تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)

وأما كونه مسيراً فلأنه لا يخرج بشيء من أعماله كلها عن قدرة الله تعالى ومشيئته، قال عز وجل: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ {التَّكوير:29}. والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جداً.

ولذلك الإنسان ميسر لما خلق له، ففي صحيح مسلم أن سراقة بن مالك قال: يا رسول الله؛ بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير. قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر، وفي رواية: كل عامل ميسر لعمله.

وهذا موافق للحس والعقل فلو كانت الخلائق مستقلة بأفعلها وأراد خالقها ان ينفعها او يضرها وهي لم ترده لم يكن ليحصل شيئا.

فهو سبحانه القادر القدير المقتدر لا يحصل في ملكه الا ما يشاء والقدر من قدرته.

ومن الفروق بين اسم الله القادر والقدير أن صيغة (فعيل ) فيها زيادة في معنى المدح على صيغة فاعل , مثل عليم على عالم وقدير على قادر , ورحيم على راحم وما دامت هي صيغة مبالغة فلا بد أن تتضمن زيادة تحقق تلك الصفة في الموصوف .
وقال لي اخ مكرم أنه يوجد فرق بين استعمال هذين الاسمين الكريمين في القرآن
فقادر يجيء ذكره في القرآن اذا كانت القدرة متعلقة بشيء مخصوص من الأفعال
أما اذا تعلق الأمر بالعموم والاطلاق ذكر اسم (القدير )
فالأول مثل قوله عز وجل :وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) فهم طلبوا الاتيان بآية دالة على صدقه , فأخبر الله تعالى أنه قادر على ذلك الأمر المخصوص
وقال تعالى: وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99) فهذه قدرة على خلقهم واعادة بعثهم كما كانوا أول مرة
وقال تعالى: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)
وايضا هذه القدرة خاصة , وهي انزال العذاب على المكذبين
وقد اجتمع الاسمان في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)
فالأول قدرة خاصة والثاني قدرة عامة
فهو انتقال من الخاص الى العام , فصيغة (كل شيء ) تدل على العموم فناسب أن تقترن باسم القدير
والفرق بين اسم الله القدير واسم الله المقتدر ذكرته في شرح اسم الله المالك الملك المليك.

قال تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} [الأنعام: 91] ، قال المفسرون: ما عظموا الله حق عظمته. وهذا صحيح، وتلخيصه أنهم لم يصفوه بصفته التي تنبغي له تعالى فلم يبلغوا التعظيم الذي يجب أن يبلغوه .

جُرَيْج
2016-10-15, 08:22 AM
14- هو الرب قال تعالى: سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)
والرب اسم فاعل مشتق من فعل رب وهو يرجع الى ثلاثة اصول على الراجح
يكون الرب: المالك الصاحب للشيء تقول فلان رب الدار أي صاحبها ومالكها ورب الدابة كذلك، وكل من ملك شيئًا فهو ربه.
ويكون الرب: السيد المطاع ومن ذلك قول لَبيد بن ربيعه:
وأهلِكنْ يوما رب كِندة وابنه ... ورب معدٌّ بين خبت وعَرْعَرِ
ويكون الرب: المصلح للشيء المدبر له، القائم على تربيته، حتى أن بعض العلماء قال بأن كلمة رب مشتقة من التربية؛ لأنه سبحانه مدبر الخلق ومربيهم.
قال أحمد بن فارس: "والرب المصلح للشيء، يقال: ربَّ فلانٌ ضيعته: إذا قام على إصلاحها"انتهى بلفظه.
وقال القرطبي: "والرب المصلح والمدبر والجابر والقائم، قال الهروي وغيره: يقال لمن قام بإصلاح شيء وإتمامه: قد ربه يرُّبه فهو ربٌّ له ورابٌّ، ومنه سمي الربانيون لقيامهم بالكتب"انتهى بلفظه.
واجل من ذلك تعريفا تعريف موسى عليه السلام في قوله تعالى عن فرعون: قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)

فالرب هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.

أي هو المنفرد بخلق الأشياء وتسويتها ثم بتقدير وظائفها وهدايتها
لأن الرب لغة هو الذي يربي غيره فينشئه شيئا فشيئا فهو الذي له الخلق والأمر.
ولا ريب انه رب واحد لأنه لو كان هناك ربان أو أكثر اذا لاختل نظام الكون وتقوضت أركانه فإنهما يتمانعان ويتعارضان. وإذا أراد أحدهما تدبير شيء، وأراد الآخر عدمه، فإنه محال وجود مرادهما معا. ووجود مراد أحدهما دون الآخر، يدل على عجز الآخر وتنازله أو عدم إقتداره .واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور غير ممكن لأن الأول ليس كالآخر. فتعين اذا انه رب كل شيء رب العالمين رب السماوات والأرض وما بينهما رب المشارق والمغارب ورب المشرق والمغرب ربكم ورب ابائكم الأولين فلذلك هو الله إله من في السماوات ومن في الأرض .ومن ربوبيته أنه يربي الأجساد فينزل لعباده من السماء رزقا وكذلك من ربوبيته انه يربي الأرواح فينزل لعباده من السماء روحا

جُرَيْج
2016-10-16, 07:18 AM
15-16- هو الواحد الأحد
قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)
وقال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
وهما اسمان مشتقان من فعل وحد قال ابن فارس: (وَحَدَ) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الِانْفِرَادِ. (مقاييس) وقال بعض أهل اللغة العربية الأحد من وحد إلا أن الواو قلبت همزة وهذا نادر في اللغة العربية. فالإسمان يدلان على الإنفرد واسم الله الأحد أعم بالوحدانية من الواحد وبينهما فروق كما سيتبين.
قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) فأدخل اللام في الصمد ولم يدخلها في أحد؛ لأنه ليس في الموجودات ما يسمى أحدا في الإثبات مفردا غير مضاف إلاّ الله تعالى بخلاف:
النفي كقولك ما جائني أحد أو لا أحد في الدار..
والشرط كقولك إن جاءني أحد من جهتك أكرمته
والاستفهام كقولك: هل عندك أحد؟
و العدد المطلق كقولك: أحد اثنان أو أحد عشر وفي أول الأيام يوم الأحد.
وفي الإضافة كقوله: {فابعثوا أحدكم} {جعلنا لأحدهما جنتين}
فإذا هذا الإسم لم يسمى به احد إلا الله بخلاف اسم الصمد..
.. فمعنى الأحد أن الله منفرد بالوحدانية في جميع أسمائه وصفاته وأفعاله فلا مثيل له.
ولا شك أن العلماء قد فرقوا بين اسم الله الواحد والأحد من وجوه:
الأول: أن الواحد اسم لمفتتح العدد، فيقال: واحد واثنان وثلاثة. أما أحد فينقطع معه العدد فلا يقال: أحد اثنان ثلاثة.
الثاني: أن أحداً في النفي أعم من الواحد. يقال: ما في الدار واحد، ويجوز أن يكون هناك اثنان أو ثلاثة أو أكثر. أما لو قال: ما في الدار أحد فهو نفي وجود الجنس بالمرة، فليس فيها أحد ولا اثنان ولا ثلاثة ولا أكثر ولا أقل.
الثالث: لفظ الواحد يمكن جعله وصفاً لأي شيء أريد، فيصح القول: رجل واحد، وثوب واحد، ولا يصح وصف شيء في جانب الإثبات بأحد إلا الله الأحد: (قل هو الله أحد) فلا يقال: رجل أحد ولا ثوب أحد فكأن الله عز وجل استأثر بهذا الوصف.
وهناك وجه آخر والحمدلله لاحظ أخي الكريم أن اسم الله الواحد لا يأتي الا كنعت ووصف كما في قوله تعالى : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163 البقرة) وفي قوله تعالى: يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) وكذلك في جميع الأيات ولن تجد اسم الله الواحد الا في نفي الألوهية أو نفي الربوبية عما سوى الله
أما في سورة الإخلاص فقد أتى اسم الله الأحد بمعنى الخبر عن المبتدأ الذي هو لفظ الجلالة "الله".
ومن الفروق بين النعت والخبر أن الخبر هو الجزء المتم للكلام أما الصفة فلا يشترط فيها ذلك بل تأتي للتمييز ونفي الإشتراكية .كقولك زيد قائم فالكلام واضح أما اذا قلنا زيد ابن فلان قائم فقد زدنا في الوصف وميزنا زيد عن باقي الزيدين فإن حذفنا ابن فلان لم يزل الكلام تاما فالخبر يأتي دائما في الكلام لإسناد أمر ما إلى المبتدأ أما الصفة فتأتي لتخصيص الموصوف ونفي الإشتراكية ويجوز حذفها لأنها فاضلة.
ففي سورة الإخلاص اخبار أن الله ليس من جنسه أحد ولا يماثله احد ولا يتم الكلام الا بهذا. وهذا فيه الرد على من سأل مما الله كما سأل المشركون أمن ذهبٍ هو، أم من فضّةٍ، أم من حديدٍ، أم من خشبٍ؟
فالذي نستفيد من هذه النكتة هو تعريف اسم الله الواحد والأحد
فنقول
الواحد هو المنفرد بوصفه بلا مشاركة.
والأحد هو المنفرد بوصفه بلا مماثلة.
فاسم الله الواحد يدخل في الأحد والعكس غير صحيح.
وقد بينت بعض الأدلة العقلية النقلية على انفراده بالربوبية والألوهية في شرح اسم الله الإله واسمه الرب
أما الأدلة العقلية النقلية على أحديته منها
قوله تعالى: "..ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.."
وهذه الأية من أهم المسائل في كتاب الله
وكما تعلمون أن الأيات اما مسائل أو دلائل على هذه المسائل
والذي يقرأ كتب العقيدة يجد ان العلماء رحمهم الله يستدلون بها كدليل سمعي على نفي المثلية عن الله عز وجل
ثم يأتون بأدلة عقلية خارج هذه الأية لإثبات هذه المسألة
ولو تأملنا قليلا الأية التي ذكرت فيها هذه المسألة لوجدنا أنها هي بنفسها في سياق دليل عقلي على نفي المثلية عن الله ثم أتي قوله تعالى : "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" كحكم عام لتأكيد الدليل المذكور.
قال تعالى: فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
واسم الله الفاطر هو بمعنى الذي بدأ خلق السماوات والأرض بابداع ففتق السماء من الأرض بعد أن كانتا رتقا وكما أنه فتق السماء من الأرض كذلك فتق لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام ازواجا وكثركم في الأرض...
فقوله تعالى : فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ دليل على أنه ليس كمثله شيء لأن الذي خلق هذا الخلق بإبداع اي على غير مثال سابق هو بنفسه ليس له مثال سابق
وبالتفصيل ان الذي جعل ذات كل جنس من الخلائق على غير مثال سابق كالإنسان فإنه لا يماثله أحدا في الخليقة كذلك الملائكة والجن هو بنفسه أولى أن لا يماثله أحدا في ذاته
فلذلك قال تعالى في نهاية الأية : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
فنفى عن نفسه المثلية ثم أثبت لنفسه صفات أزلية لكي لا ينخدع الإنسان ويشبه الله بالعدم وخصص ذلك بالسمع والبصر لحكمة فليحذر الإنسان مما يتكلم به عن الله بغير علم

جُرَيْج
2016-10-17, 07:05 AM
17- هو الوتر ففي صحيح مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ )
والوتر من فعل وتر وهو خلاف فعل شفع الذي يدل على الإقتران كما ذكره ابن فارس.

فالوتر هو الفرد الذي انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا

فالله عز وجل خلق المخلوقات بحيث لا تعتدل ولا تستقر إلا بالزوجية ولا تهنأ على الفردية والأحدية ، يقول تعالى : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (الذاريات:49) كالذكر والأنثى والأرض والسماء والليل والنهار والشمس والقمر... وهو ايضا الوتر الذي انفرد بصفاته فهو العزيز بلا ذل ، والقدير بلا عجز ، والقوي بلا ضعف ، والعليم بلا جهل ، وهو الحي الذي لا يموت ، القيوم الذي لا ينعس ولا ينام ...

جُرَيْج
2016-10-18, 06:47 AM
18-19-20- هو العلي الأعلى المتعالي.
قال تعالى: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)
وقال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)
وقال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)
وهي اسماء مشتقة من فعل علو وعلي على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد والأعلى على وزن أفعل مما يدل على التفضيل والمتعالي على وزن متفاعل ويدل على المقابلة قال ابن فارس: (عَلَوَ) الْعَيْنُ وَاللَّامُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَاءً كَانَ أَوْ وَاوًا أَوْ أَلِفًا، أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى السُّمُوِّ وَالِارْتِفَاعِ ، لَا يَشِذُّ عَنْهُ شَيْءٌ. (مقاييس)

واعلم أن العلو في القرآن والسنة ثلاثة أنواع : علو الذات وعلو الشأن وعلو القهر، واسماء الله العلي والأعلى والمتعال دل كل واحد منهم على نوع من أنواع العلو بالتضمن والباقي بالتلازم. فالعلي دل على علو الذات ، والأعلى دل على علو الشأن ، والمتعال دل على علو القهر.

فهو العلي الذي علا بذاته فسما وارتفع ارتفاعا مطلقا فوق جميع خلقه

وهو بائن عنهم أي هو منفصل عن المخلوقات، فليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته. ولا يحويه أو يُحيط به شيء من خلقه. هو الذي استوى اي علا وارتفع فوق عرشه العظيم وعرشه فوق كرسيه وكرسيه وسع السماوات والأرض وما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة في أرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة وكما قال حبر الأمة ابن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم :ما السموات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم (أخرجه ابن جرير بسند صحيح) ولله المثل الأعلى. وقال تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) . أما الأدلة على علوه فلا تحصى منها:
قوله سبحانه وتعالى في كتابه: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) .
وثبت في الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال للجارية: "أين الله؟ "، قالت: في السماء، قال: "من أنا؟ "، قالت: أنت رسول الله. قال: "أَعتِقْها فإنها مؤمنة". وهذا الحديث رواه مالك والشافعي وأحمد بن حنبل ومسلم في صحيحه وغيرهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً " (صحيح البخاري ومسلم )
وقال أيضا : " ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ "(صحيح الترمذي)
وليس معنى في السماء أن الله في جوف السماء، وأن السماوات تَحصُره وتَحوِيه، سبحانه فإن هذا لم يَقُلْه أحدٌ من سلف الأمة وأئمتها، بل هم متفقون على أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاتِه شيء من مخلوقاته. بل معنى في السماء اي في العلو لأن السماء من سما يسمو أي علا يعلو وأيضا في تأتي بمعنى على كما قال تعالى عن فرعون : ..وَلَأُصَلِّبَن َّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ..(71) أي على جذوع النخل.
وقال الله تعالى أيضا: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ، وقال: (يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) ، وقال: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ) وقال: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) ، وقال: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ،
والله قد فَطَر العباد عَرَبَهم وعَجَمَهم على أنهم إذا دَعَوا الله توجهتْ قلوبهم إلى العلوّ، لا يقصدونَه تحت أرجلهم. ولهذا قال بعض العارفين: ما قال عارفٌ قَطُّ "يا الله" إلاّ وجد في قلبه قبلَ أن يتحرك لسانه معنىً يطلب العلوَّ، ولا يلتفت يمنة ولا يسرةً.
أما الدليل العقلي على علوه أيضا فنقول كان الله ولا شيء معه، ثمّ خلق العالم، فلا يخلو: إما أن يكون خَلَقَه في نفسه واتصل به، وهذا محالٌ، لتعالي الله عز وجل عن مماسّةِ الأقذار والنجاسات والشياطين والاتصال بها.
وإمّا أن يكون خَلَقَه خارجًا عنه ثم دخل فيه، وهذا محالٌ أيضًا، لتعالي الله عز وجل عن الحلول في المخلوقات. وهاتان الصورتان مما لا نزاعَ فيها بين المسلمين.
وإما أن يكون خَلَقَه خارجًا عن نفسِه ولم يحل فيه، فهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره، ولا يقبل الله منا ما يخالفه، بل حرَّم علينا ما يناقضه.
وأما إن قال قائل: إنه لا داخلَ العالم ولا خارجَه، ولا مباين له ولا محايث له. فقد رفع النقيضين ولم يبقي أحدهما أي فقد أنكر وجود الخالق وبالتلازم الخلق وهل يُعقَل إثباتُ خالقٍ للعالم ليس في العالم ولا مباينًا للعالم؟ فلا شك ان الله سبحانه مباين عن خلقه.

أما من اعتقد أن الله في جوف السماء محصور مُحاط به، أو أنه مفتقر إلى العرش أو غيرِ العرش من المخلوقات، أو أن استواءه على عرشه كاستواء المخلوق على كرسيه فهو ضال مبتدع جاهل.
ومن اعتقد أنه ليس فوق السماوات إله يُعبَد، ولا على العرش ربٌّ يُصلَّى له ويُسجَد، وأن محمداً لم يُعرَج به إلى ربه، ولا نزلَ القرآن من عنده فهو معطِّلٌ فرعوني ضالٌّ مبتاع. فإن فرعون كذَّب موسى في أن ربه فوق السماوات، وقال: (يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً..)
ومحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صدَّق موسى في أن ربَّه في السماوات، فلمّا كان ليلة المعراج وعُرِجَ به إلى الله تعالى وفرضَ عليه ربُّه خمسين صلاةً، ذكر أنه لما رجَع إلى موسى قال له: ارجعْ إلى ربك فاسألْه التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تُطيق ذلك، فرجع إلى ربه فخفَّف عنه عشرًا، ثم رجع إلى موسى فأخبره بذلك، فقال: ارجعْ إلى ربّك فاسألْه التخفيفَ لأمتك. وهذا الحديث في الصحاح .
فمن وافقَ فرعونَ وخالفَ موسى ومحمدًا فهو ضالٌ، ومن مَثَّل اللهَ بخلقِه فهو ضالٌّ. قال نعيم بن حماد: من شبَّه الله بخلقِه فقد كَفر، ومن جَحَد ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس ما وصف الله به نفسَه ولا رسولُه تشبيهًا.

ومنشأ الضلال أن يظنّ أن صفاتِ الربّ كصفاتِ خلقِه، فيظنّ أن الله سبحانه على عرشه كالملك المخلوق على سريره، فهذا تمثيل وضلال. وذلك أن الملك مفتقر إلى سريره، ولو زال سريرُه لسقَط، والله غني عن العرشِ وعن كلِّ شيء، والعرشُ وكلُّ ما سواه فقير إلى الله، وهو حامل العرش وحملة العرش، وعلوُّه عليه لا يُوجب افتقارَه إليه، فإنّ الله قد جَعَلَ المخلوقاتِ عاليًا وسافلاً، وجَعَلَ اَلعاليَ غنيًّا عن السافل، كما جعل الهواء فوق الأرض، وليس هو مفتقرًا إليها، وجعل السماء فوق الهواء، وليست محتاجةً إليه. فالعليُّ الأعلى ربُّ السماوات والأرض وما بينهما أولى أن يكون غنيًّا عن العرشِ وسائرِ المخلوقات وإن كان عاليًا عليها، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
أما من ظن ان الله فوق بعض خلقه وتحت بعضهم فقد أخطأ وضل لأنه من المعلوم أن السماوات والأرض مستديرة كروية الشكل وأن الجهة العليا هي جهة المحيط وهي المحدب وأن الجهة السفلى هو المركز وليس للسماوات إلا جهتان العلو والسفل فقط. والله تعالى فوق سماواته فهو فوق كل شيء وهو بائن عن خلقه. وأما الجهات الست فهي للحيوان فإن له ست جوانب يؤم جهة فتكون أمامه ويخلف أخرى فتكون خلفه وجهة تحاذي يمينه وجهة تحاذي شماله وجهة تحاذي رأسه؛ وجهة تحاذي رجليه وليس لهذه الجهات الست في نفسها صفة لازمة؛ بل هي بحسب النسبة والإضافة فيكون يمين هذا ما يكون شمال هذا ويكون أمام هذا ما يكون خلف هذا ويكون فوق هذا ما يكون تحت هذا. لكن جهة العلو والسفل للأفلاك لا تتغير فالمحيط هو العلو والمركز هو السفل فإذا قصد الإنسان بدعائه السفل بلا علو كان ينتهي قصده إلى المركز ثم يصعد الى العلو وإن قصد أمامه أو وراءه أو يمينه أو يساره من غير قصد العلو كان منتهى قصده أجزاء الهواء فلا بد من العلو ضرورة سواء قصد مع ذلك هذه الجهات أو لم يقصدها.
وبعد هذا البيان يقول قائلهم فان كانت السماوات والأرض كروية والله بكل شيء محيط كان الله كرويا سبحانه وتعالى عما يقولون بل ما السماوات والأرض في يده إلا كخردلة في يد أحدنا ولله المثل الأعلى كما قال حبر الأمة ابن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم :ما السموات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم (أخرجه ابن جرير بسند صحيح) وقال الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) . وفي الحديث المجموع برواياته الصحيحة عن عبيد الله بن مقسم قال: (نظرت إلى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كيف يحكي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (قال: " قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية ذات يوم على المنبر: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه , سبحانه وتعالى عما يشركون} (ثم قال: يطوي الله - عز وجل - السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى , ثم يطوي الأرضين) (ثم يأخذهن بيده الأخرى) وفي رواية: (بشماله ثم يقول: أنا الله) (أنا العزيز, أنا الجبار, أنا المتكبر) (أنا المتعالي) (أنا الكريم) (أنا الملك, أين ملوك الأرض؟) (أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟) (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هكذا بيده) (يقبض أصابعه ويبسطها) (ويحركها , يقبل بها ويدبر) (قال: ويتمايل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه وعن شماله) (فرجف المنبر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ") (حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه , حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ) (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد). فالله تعالى محيط بالمخلوقات كلها إحاطة تليق بجلاله لا يماثله فيها أحد.

ومن الألفاظ المبتدعة قول القائل: هو في جهة أو ليس هو في جهة، وهو متحيز أو ليس بمتحيز، ونحو ذلك من الألفاظ التي تنازع فيها الناس، وليس مع أحدهم نصٌّ، لا عن الرسول ولا عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا أئمة المسلمين، فإن هؤلاء لم يقل أحدٌ منهم: إنّ الله في جهة، ولا قال: ليس هو في جهة؟ ولا قال: هو متحيز، ولا قال: ليس بمتحيز؟ ولا قال: هو جسم أو جوهرٌ، ولا قال: ليس بجسم ولا جوهر. فهذه الألفاظ ليست منصوصة في الكتاب ولا في السنة ولا الإجماع. والناطقون بها قد يُرِيدون معنى صحيحًا، وقد يريدون معنًى فاسدًا، فمن أراد معنًى صحيحًا يوافق الكتابَ والسنة كان ذلك المعنى مقبولاً منه، وإن أراد معنًى فاسدًا يخالفُ الكتابَ والسنة كان ذلك المعنى مردودًا عليه.

فإذا قال القائل: إن الله في جهةٍ، قيل له: ما تُريد بذلك؟
أتريدُ بذلك أنه في جهة موجودة تحصرُه وتُحِيط به، مثل أن يكون في جوف السماء؟
أم تريد الجهةَ أمرًا عدميًّا؟ وهو ما فوق العالم، فإنه ليس فوق العالم شيء من المخلوقات.
فإن أردتَ الجهةَ الوجوديةَ وجعلتَ اللهَ محصورًا في المخلوقات فهذا باطل،
وإن أردتَ الجهةَ العدمية وأردتَ أن الله وحدَه فوقَ المخلوقات بائن منها فهذا حق، وليس في ذلك شيء من المخلوقات حَصرَه ولا أحاطَ به ولا عَلاَ عليه، بل هو العالي عليها المحيط بها
ومن قال: إنَّ الله ليس في جهة، قيل له: ما تُريد بذلك؟
فإن أراد بذلك أنه ليس فوق السماوات ربٌّ يُعبَد، ولا على العرش إلهٌ، ومحمدٌ لم يُعرَج به إلى الله تعالى، والأيدي لا تُرفَع إلى الله تعالى في الدعاء، ولا تتوجه القلوبُ إليه فهذا فرعوني معطِّلٌ جاحدٌ لربِّ العالمين.
وإن كان معتقدًا أنَّه مُقِرٌّ به، فهو جاهل متناقضٌ في كلامه. ومن هنا دَخَل أهل الحلول والاتحاد كابن عربي، وقالوا: إنّ الله بذاته في كل مكان، وأن وجود المخلوقات هو وجودُ الخالق.
وإن قال: مرادي بقولي "ليس في جهة" أنه لا تُحيط به المخلوقات، بل هو بائن عن المخلوقات فقد أصاب في هذا المعنى.
وكذلك من قال: إن الله متحيز، أو قال: ليس بمتحيز، إن أراد بقوله "متحيز" أن المخلوقات تَحُوزُه وتُحِيط به فقد أخطأ. وإن أراد أنه منحازٌ عن المخلوقات لا تَحوِيه فقد أصاب. وإن أراد: ليس ببائنٍ عنها، بل هو لا داخلٌ فيها ولا خارجٌ عنها فقد أخطأ.
فلا ريب أن الله هو العلي العظيم الذي استوى على عرشه وهو بائن عن خلقه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

- هو الأعلى أي هو الذي تعالى بصفاته عن جميع النقائص والعيوب
فهو الذي تعالى بأحديته عن الأمثال ، وتعالى بوحدانيته عن الشركاء وتعالى بصمديته عن الأصل والفروع والأكفاء وتعالى بعلوه عن الحلول والإتحاد وتعالى بحياته عن الموت وتعالى بقيوميته عن السنة والنوم والزوال وتعالى بعلمه عن الغفلة والنسيان.... وتعالى بحكمته عن العبث وعن ترك الخلق سدى دون غاية قال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) فالله عز وجل كما خلق كل شيء وسواه في أحسن صورة قدر له وظيفته ثم هداه إليها فان الشيء اذا تم خلقه ثم لم يهدى الى ما خلق له فسد وهذا مخالف لربوبية الله لأنه كما ان الناس خلق من خلق الله فلا بد لهم من وظيفة تناسب خلقهم وبما ان كل شيء مسخر لهم فهم اولى بمعرفة وظيفتهم من غيرهم ولا بد ان تكون هذه المعرفة من جنس ما يفهمه الإنسان ولذلك ارسل الله الرسل وانزل الكتب لكيلا لا يفسد الناس قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ ينَصُرُهُ وَرُسُلهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ(25) ليقوموا بالقسط اي بالعدل. واصل العدل هو التوحيد لأن الرسل لم يُرسلوا الا بلا اله الا الله فاعبدوه قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) وهي الغاية التي خلق لها الإنس والجن قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56) واصل الظلم هو الشرك قال تعالى اخبارا عن عبده لقمان: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابنُيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13). فمن وحد الله وعبده وحد الناس وعدل ومن اشرك بالله وترك عبادته فرق الناس وافسد. وهذا موضوع سورة الأعلى أن الله تعالى بربوبيته أن يترك عباده بلا وظيفة ولا هداية بعد أن خلقهم وسواهم فإن ذلك يناقض ما نراه في خلقه ولذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب ليتذكر ويتزكى من يخشى ولتقوم الحجة على الأشقى وهذا ما تواتر عن الرسل.

- هو المتعال اي هو المستعلي على كل شيء بقدرتهأي اسمه المتعال جامع لصفة القدرة والفوقية معا ويدل على ذلك سياق الآية التي ذكر فيه اسمه سبحانه قال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) فعالم الغيب والشهادة يدل على إحاطته بالأقوال والافعال الظاهرة والباطنة والكبير يدل على أنه لا شيء اكبر منه والمتعال يدل على قهره فوق عباده بإرساله عليهم حفظة يحفظونهم من أمره تبارك وتعالى قال سبحانه: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61). واسمه المتعالي دال على ألوهيته قال تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُون (المؤمنون:91) فلو فرضنا وجود إلهين اثنين متنازعين متشاكسين ، مختلفين ومتضادين ، وإراد أحدهما شيئا خالفه الآخر ، فلا بد عند التنازع من غالب وخاسر ، فالذي لا تنفذ إرادته فهو المغلوب العاجز ، والذي نفذت إرادته هو المتعالي القادر.

جُرَيْج
2016-10-19, 06:44 AM
21- هو القريب قال تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُ مْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوه ُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61)
والقريب اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد مشتق من فعل قرب يقرب قربا والقرب خلاف البعد وهو بمعنى الدنو.

فالقريب هو الذي دنا من عباده دنوا لا ينافي علوه فوقهم

والله تعالى قرب من عباده قربا يليق بجلاله وأحديته ولا ينافي علوه فوق عرشه ومباينته لخلقه ولا يقتضي مماسته وحلوله فيهم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بل هو القريب من كل شيء في علوه والعلي فوق كل شيء في دنوه سبحانه هو اقرب الى احدنا من عنق راحلته كما في الصحيح وهو فوق جميع خلقه.
وهو القريب الذي يقرب من عباده كل يوم في ثلث الأخير من الليل بنزوله الى السماء الدنيا ويقول كما اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: أنا الملك , أنا الملك , هل من داع يدعوني فأستجيب له؟ , هل من سائل يسألني فأعطيه؟ , هل من مستغفر يستغفرني فأغفر له؟) (هل من مذنب يتوب) (فأتوب عليه؟) (من ذا الذي يسترزقني فأرزقه؟ , من ذا الذي يستكشف الضر فأكشفه عنه؟ (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد) ومع هذا نزوله لا ينافي علوه فانه لا يقاس على خلقه سبحانه
وهو القريب الذي يقرب اليه أوليائه وعباده بتقريبه أرواحهم وقلوبهم إليه فهذه الروح قد تعرج من النائم إلى السماء وهي لم تفارق البدن، كما قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 24] وكذلك الساجد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ". وكذلك تقرب الروح إلى الله في غير حال السجود مع أنها في بدنه ولهذا يقول بعض السلف: القلوب جوّالة: قلب يجول حول العرش، وقلب يجول حول الحش.
ومتى قرب أحد الشيئين من الآخر صار الآخر إليه قريبًا بالضرورة.
وإن قدر أنه لم يصدر من الآخر تحرك بذاته، كما أن من قرب من مكة قربت مكة منه.
وهو القريب من عباده بعلمه وقدرته وسمعه وبصره وبقرب ملائكته منهم الذين منهم من هو أقرب الى العبد من حبل الوريد قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَا نِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
فهو القريب هو العلي وليس كمثله شيء.

22-هو المجيب قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
والمجيب اسم الفاعل من أجاب يجيب فهو مجيب

فالمجيب هو الذي يؤتي الداعي مسألته.
والله سبحانه ان لم يُسأل يغضب وذلك خلاف البشر.

جُرَيْج
2016-10-20, 06:47 AM
23- هو البر قال تعالى عن الأبرار: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)
والبر اسم فاعل مشتق من بر يبر فهو بار قال ابن فارس: (بَرَّ) الْبَاءُ وَالرَّاءُ فِي الْمُضَاعَفِ أَرْبَعَةُ أُصُولٍ: الصِّدْقُ، وَحِكَايَةُ صَوْتٍ، وَخِلَافُ الْبَحْرِ، وَنَبْتٌ. فَأَمَّا الصِّدْقُ فَقَوْلُهُمْ: صَدَقَ فُلَانٌ وَبَرَّ، وَبَرَّتْ يَمِينُهُ صَدَقَتْ، وَأَبَرَّهَا أَمْضَاهَا عَلَى الصِّدْقِ.
وَتَقُولُ: بَرَّ اللَّهُ حَجَّكَ وَأَبَرَّهُ، وَحِجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، أَيْ: قُبِلَتْ قَبُولَ الْعَمَلِ الصَّادِقِ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يَبَرُّ رَبَّهُ، أَيْ: يُطيِعُهُ. وَهُوَ مِنَ الصِّدْقِ. قَالَ:
لَاهُمَّ لَوْلَا أَنَّ بَكْرًا دُونَكَا ... يَبَرُّكَ النَّاسُ وَيَفْجُرُونَكَ ا
وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: 177] . وَ [أَمَّا] قَوْلُ النَّابِغَةِ:
عَلَيْهِنَّ شُعْثٌ عَامِدُونَ لِبَرِّهِمْ
فَقَالُوا: أَرَادَ الطَّاعَةَ، وَقِيلَ أَرَادَ الْحَجَّ. وَقَوْلُهُمْ لِلسَّابِقِ الْجَوَادِ " الْمُبِرُّ " هُوَ مِنْ هَذَا; لِأَنَّهُ إِذَا جَرَى صَدَقَ، وَإِذَا حَمَلَ صَدَقَ....
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ: هُوَ يَبَرُّ ذَا قَرَابَتِهِ، وَأَصْلُهُ الصِّدْقُ فِي الْمَحَبَّةِ. يُقَالُ: رَجُلٌ بَرٌّ وَبَارٌّ. وَبَرِرْتُ وَالِدِي وبرِرْتُ فِي يَمِينِي. وَأَبَرَّ الرَّجُلُ وَلَدَ أَوْلَادًا أبْرَارًا....(مقا يس)
وبرّ والديه اي أحسن بطاعتهما
وقال تعالى عن الأبرار: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فأجاب دعائهم وصدق ما وعدهم لأنه البر الرحيم
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "وإن الصدق يهدي الى البر" فأصل البر الصدق وهو يدل على الخير

فالبر هو الصادق الوعد ذو الخير والإحسان

24- هو السميع قال تعالى: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)
والسميع اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل سمع وخلافه الصم والطرش
فالسميع هو الذي ليس بأصم سبحانه فلا يخفى عليه شيء من المسموعات
بل هو الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات، فكل ما في العالم العلوي، والسفلي من الأصوات يسمعها سرها وعلنها وكأنها لديه صوت واحد، لا تختلف عليه الأصوات، ولا تخفى عليه جميع اللغات.

25- البصير قال تعالى: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) والبصير اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل بصر خلاف عمي
فالبصير هو الذي ليس بأعمى سبحانه فلا يخفى عليه شيء من المبصرات
بل هو الذي أحاط بصره بجميع المبصرات فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الموجودات يراها وكأنها رؤية واحدة، لا تختلف عليه الأشكال، ولا تخفى عليه ظواهرهم ولا بواطنهم.

جُرَيْج
2016-10-21, 06:48 AM
مقاييس)
وبرّ والديه اي أحسن بطاعتهما
وقال تعالى عن الأبرار: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فأجاب دعائهم وصدق ما وعدهم لأنه البر الرحيم
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "وإن الصدق يهدي الى البر" فأصل البر الصدق وهو يدل على الخير

فالبر هو الصادق الوعد ذو الخير والإحسان

جُرَيْج
2016-10-21, 06:49 AM
24- هو السميع قال تعالى: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)
والسميع اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل سمع وخلافه الصم والطرش
فالسميع هو الذي ليس بأصم سبحانه فلا يخفى عليه شيئ من المسموعات
بل هو الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات، فكل ما في العالم العلوي، والسفلي من الأصوات يسمعها سرها وعلنها وكأنها لديه صوت واحد، لا تختلف عليه الأصوات، ولا تخفى عليه جميع اللغات.

25- البصير قال تعالى: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) والبصير اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل بصر خلاف عمي
فالبصير هو الذي ليس بأعمى سبحانه فلا يخفى عليه شيئا من المبصرات
بل هو الذي أحاط بصره بجميع المبصرات فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الموجودات يراها وكأنها رؤية واحدة، لا تختلف عليه الأشكال، ولا تخفى عليه ظواهرهم ولا بواطنهم.

جُرَيْج
2016-10-22, 07:06 AM
26-27-هو الصمد السيد
قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
وفي حديث أَبي نَضْرَةَ عن مطرف بنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قالَ قالَ أَبِي : انْطَلَقْتُ في وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلنا أَنْتَ سَيِّدُنا فقَالَ : السَّيِّدُ الله...( سنن أبي داود وصححه الشيخ الألباني)
الصمد هو اولا بمعنى المصمد اي المصمت الذي لا جوف له
وهو قول أكثر السلف من الصحابة والتابعين وطائفة من أهل اللغة
وقال يحيى بن أبي كثير الملائكة صمد والآدميون جوف
وفي حديث آدم أن إبليس قال عنه أنه أجوف ليس بصمد أي لا يتمالك
وقال الجوهري: المصمد لغة في المصمت وهو الذي لا جوف له
قال والصماد عفاص القارورة
وقال: الصمْد المكان المرتفع الغليظ قال أبو النجم:
يغادر الصمد كظهر الأجزل
وقال أبو عبيد: المصمت الذي لا جوف له وقد أصمته أنا وباب مصمت قد أبهم إغلاقه. والمصمت من الخيل البهيم أي لا يخالط لونه لون آخر ومنه قول ابن عباس: إنما حرم من الحرير المصمت..
فالمصمد والمصمت متفقان في الاشتقاق الأكبر والاشتقاق الأكبر هو ما يكون فيه الكلمتان قد اشتركت في جنس الحرف
فإن التاء والدال أخوان متقاربان في المخرج وليست الدال منقلبة عن التاء بل الدال أقوى والمصمد أكمل في معناه من المصمت وكلما قوي الحرف كان معناه أقوى فإن لغة الرب في غاية الإحكام والتناسب
ولفظ ص م د يدل على الاجتماع والإنضمام المنافي للتفرق والتركيب والخلو والتجويف كما يقال صمد المال وصمده تصمدًا إذا جمعه وضم بعضه إلى بعض. ولهذا يقال للعظام ونحوها من الأجسام منها أجوف ومنها مصمت.
وكون الصمد يتضمن معنى الاجتماع وأنه مصمت ونحو ذلك يقتضي تعدد الصفات
إذ الاجتماع لا يكون إلاَّ فيما له عدد فلو لم يكن منه وله صفات تقتضي التعدد لامتنع أن يقال له صمد أو مصمت أو يكون التصمد يقتضي معنى الاجتماع
فاسم الصمد بأي شيء فُسر يوجب وجود صفات واجتماعها له والدليل على ذلك أن غاية ما يفسرونه به من نفي الصفات أنه هو المصمود إليه كما قال القرطبي الخلق كلهم متوجهون إلى الله ومجتمعون بجملتهم في قضاء حوائجهم وطلبها من الله فهو الصمد على الإطلاق والقائم بسد مفاقر الخلق فيقال كون الخلق يقصدونه ويسألونه هذا أمر حسي إذ القصد والسؤال قائم بهم فهو لا يستحق الاسم بمجرد فعل غيره بحيث لو قدر أنهم لم يسألوه لم يكن صمدًا بل لابد أن يقال هو المستحق لذلك في نفسه كما ذكر ذلك الحليمي وغيره وأيضًا فإن كونهم يقصدونه ويحتاجون إليه يقتضي أمرًا ثبوتيًّا في ذاته لأن الأمور العدمية تمتنع أن تكون مقصودة أو قاضية للحوائج فعلم أن كونه صمدًا بمعنى مقصود مصمود إليه يقتضي ثبوت أمور وجودية بها يستحق أن يكون صمدًا وبها أمكن أن يكون مقصودًا معطيًا
وليس ذلك لـمجرد موجود وإلاَّ لوجب أن يكون كل موجود هو الصمد
ولا لمجرد أمر يتصف به المخلوق لأنه لو كان هو الصمد لمعنى يقوم بالمخلوق لكان المخلوق هو الصمد أيضًا
وقد بينا أن قوله هو الصمد يبين أنه المستحق لهذا الاسم على الكمال والحقيقة
وأيضًا فلو فرض أنه صمد وغيره صمد فغيره لم يكن صمدًا إلاَّ بأمور وجودية أيضًا فهو أحق بأن لا يكون صمدًا إلاَّ بأمور وجودية لا عدمية إذ هو أحق بالكمال من كل موجود
فعلم أن الصمدية توجب أمورًا وجودية على غاية الكمال ولهذا فسر الصمد بأنه الكامل في كل شيء

فاسمه الصمد بهذا الوجه يوجب اثبات نفسا لله متصفة بصفات الكمال وتنزيهه عن الانقسام والتفرق والتمزق وما يتبع ذلك من تركيب ونحو ذلك مما ينافي كمال صمديته سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا . وهذا الوجه هو الموجب لوجود الوجه الثاني

وهو أنه السيد الذي يصمد اليه في الحوائج
وهو قول طائفة من السلف والخلف وجمهور اللغويين
ولفظ السيد يدل على الجمع والقوة ولهذا يقال السواد هو اللون الجامع للبصر والبياض اللون المفرق للبصر ويقال للحليم السيد لأن نفسه تجتمع فلا تتفرق ولا تتميز من الغيظ والواردات عليها وكذلك هو الذي يصبر على الأمور والصبر يقتضي الجمع والحبس والضم وضده الجزع الذي يقتضي التفرق وكذلك التعزي والتعزز وعززته فتعزى أو هو لا يتعزى هو ضد الجزوع فإن التعزز والتعزي يقتضي الاجتماع والقوة والجزع يقتضي التفرق والضعف والإنسان له في سؤدده وعزته حالان أحدهما أن يستغني بنفسه عن غيره ويعز نفسه عن غيره فلا يحتاج إلى الغير الذي يحتاج إليه غيره لغناه ولايخاف منه لعزته والثاني أن يكون هو قد احتاج إليه غيره ويكون قد أعز غيره فغلبه وأعزه فمنعه فيكون الناس قد صمدوا له أي قصدوه وأجمعوا له وهذا هو الصمد السيد وذلك إنما يكون من كمال سؤدده وصمديته التي تنافي تفرقه وتمزقه وضعفه

فبالخلاصة الصمد هو الكمال في صفاته والمنزه عن الانقسام والتفرق والتمزق وما يتبع ذلك من تركيب ونحو ذلك مما ينافي كمال صمديته
ولذلك هو السيد الذي تصمد اليه جميع الخلائق بحوائجها.

واذا اضفنا اسمه الأحد مع اسمه الصمد اللذان لم يذكرهما الله إلا في سورة الإخلاص أثبتنا بهما نفسا لله متصفة بصفات الكمال ونفينا بهما عن الله ما هو منزه عنه من التشبيه والتمثيل ومن التركيب والانقسام والتجسيم .

قال ابن القيم: هو الذي اجتمعت فيه صفات الكمال ولا جوف له فإنما لم يكن أحد كفوا له لما كان صمدا كاملا في صمديته فلو لم تكن له صفات كمال ونعوت الجلال ولم يكن له علم ولا قدرة ولا حياة ولا إرادة ولا كلام ولا وجه ولا يد ولا سمع ولا بصر ولا فعل يقوم به ولا يفعل شيئا البتة ولا هو داخل العالم ولا خارجه ولا فوق عرشه ولا يرضى ولا يغضب ولا يحب ولا يبغض ولا هو فعال لما يريد ولا يرى ولا يمكن أن يرى ولا يشار إليه ولا يمكن أن يشار إليه لكان العدم المحض كفوا فإن هذه الصفات منطبقة على المعدوم فلو كان ما يقوله المعطلون هو الحق لم يكن صمدا وكان العدم كفوا له.( الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة)

جُرَيْج
2016-10-23, 11:49 AM
28-29- هو الرحمن الرحيم
قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
الرحمن الرحيم اسمان فاعل مشتقان من رحم يرحم فهو راحم فهو رحيم ورحمن والرحمن على وزن فعلان يدل على الإمتلاء. والرحيم على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد.
والرحمة في حق العبد هي رقة وعطف أما في حق الله تعالى الرحمة هي لين وعطف وحنان وما قارب ذلك بلا تمثيل ولا تكييف تقتضي دفع غضبه وعذابه عن عباده وتستلزم إحسانه اليهم بإنعامه وعطائه .
والرقة هي اللين والعطف تقول رق فلان لفلان اي لان وعطف وحن عليه
ولا تعني الرقة أن الشيء قد ينكسر لأنه ضعيف بل العكس لأنها صفة محمودة كما بينه شيخ الإسلام ردا على من ظن أن الرقة التي تكون في الراحم هي ضعف وخَوَر في الطبيعة، وتألم على المرحوم. وعلى كل اجتنابا للفتنة نفسر الرحمة بما فسرناه سابقا وهو ليس تأويل بل تفصيل.
واسم الله الرحمن الذي هو من اسمائه الخاصة التي لا يسمى بها غيره وهو أشد مبالغة في الرحمة من اسمه الرحيم لأن فعلان في اللغة العربية تدل على السعة والامتلاء ، كما يقال : رجل غضبان ، إذا امتلأ غضبا .والرحيم : اسم يدل على الفعل لأنه فعيل بمعنى فاعل ، فهو دال على الفعل وإذا أرَدْتَ فهمَ هذا، فتأمَّل قولَه: ..إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) ولم يقل رءوف رحمن.
والله عز وجل استوى على عرشه فوق جميع خلقه باسمه الرحمن كما قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) وكتب في ذلك كتاب وهو عنده فوق العرش والعرش يدل على الملك والملك هو المتصرف بفعله وأمره فكل ما يحصل في ملكه هو برحمته ولذلك كان كل شيء من أثار رحمته فاسمه الرحمن من الأسماء الجامعة لأسمائه الحسنى التي تعرف بها الينا لأن أفعاله صادرت عن اسمائه وهي مستلزمة لرحمته قال تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110).
وهذه الرحمة يشترك فيها كل الخلق ولكنهم يتفاوتون فيها فمنهم من أصابته رحمة ايمانية ورحمة حسية (كالصحة والمال..) ومنهم من أصابته الواحدة دون الأخرى ومنهم من نزعت منه كلتيهما فهلك وهم مع ذلك في هذه الرحمات درجات. وهذا في الدنيا أما يوم القيامة فهذه الرحمة هي فقط للمؤمنين كما قال تعالى: قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)
فالرحمن الرحيم هو ذو الرحمة الواسعة بدأت من الرحمن ووصلت الى كل شيء باسمه الرحيم. والرحمة هي لين وعطف وحنان وما قارب ذلك بلا تمثيل ولا تكييف تقتضي دفع غضبه وعذابه عن عباده وتستلزم إحسانه اليهم بإنعامه وعطائه .

جُرَيْج
2016-10-24, 04:56 PM
30-هو الرفيق فمن حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ لها : " يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَي الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَي الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَي مَا سِوَاهُ "( صحيح مسلم)
والرفيق اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل (رَفَقَ) الرَّاءُ وَالْفَاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَةٍ وَمُقَارَبَةٍ بِلَا عُنْفٍ. فَالرِّفْقُ: خِلَافُ الْعُنْفِ; يُقَالُ رَفَقْتُ أَرْفُقُ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» ".
هَذَا هُوَ الْأَصْلُ ثُمَّ يُشْتَقُّ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ يَدْعُو إِلَى رَاحَةٍ وَمُوَافَقَةٍ. وَالْمِرْفَقُ مِرْفَقُ الْإِنْسَانِ; لِأَنَّهُ يَسْتَرِيحُ فِي الِاتِّكَاءِ عَلَيْهِ. يُقَالُ ارْتَفَقَ الرَّجُلُ: إِذَا اتَّكَأَ عَلَى مِرْفَقِهِ فِي جُلُوسِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ لَمَّا سَأَلَ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: " «هُوَ ذَاكَ الْأَمْغَرُ الْمُرْتَفِقُ» "، أَيِ الْمُتَّكِئُ عَلَى مِرْفَقِهِ. وَيُقَالُ فِيهِ مَرْفِقٌ وَمِرْفَقٌ، حَكَاهُمَا ثَعْلَبٌ. وَالرُّفْقَةُ: الْجَمَاعَةُ تُرَافِقُهُمْ فِي سَفَرِكَ; وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْبَابِ، لِلْمُوَافَقَةِ ، وَلِأَنَّهُمْ إِذَا تَمَاشَوْا تَحَاذَوْا بِمَرَافِقِهِمْ . قَالَ الْخَلِيلُ: الرُّفْقَةُ فِي السَّفَرِ: الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ يُرَافِقُونَكَ، فَإِذَا تَفَرَّقْتُمْ ذَهَبَ اسْمُ الرُّفْقَةِ. قَالَ: وَالرَّفِيقُ: الَّذِي يُرَافِقُكَ، وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَكَ وَإِيَّاهُ رُفْقَةٌ; وَلَيْسَ يَذْهَبُ اسْمُهُ إِذَا تَفَرَّقْتُمَا. وَالْمُرْفِقُ: الْأَمْرُ الرَّافِقُ بِكَ. وَالرِّفَاقُ: حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ مِرْفَقُ الْبَعِيرِ إِلَى وَظِيفِهِ. وَهُوَ قَوْلُهُ:
كَذَاتِ الضِّغْنِ تَمْشِي فِي الرِّفَاقِ
وَالْمِرْفَقُ: الْمِرْحَاضُ، وَالْجَمْعُ مَرَافِقُ. وَيُقَالُ ارْتَفَقَ الرَّجُلُ سَاهِرًا، إِذَا بَاتَ عَلَى مِرْفَقِهِ لَا يَنَامُ. وَشَاةٌ مُرَفَّقَةٌ: يَدَاهَا بَيْضَاوَانِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ . وَالرَّفَقُ: انْفِتَالٌ عَنِ الْجَنْبِ; نَاقَةٌ رَفْقَاءُ، وَجَمَلٌ أَرْفَقُ. وَيُقَالُ مَاءٌ رَفَقٌ وَمَرْتَعٌ رَفَقٌ، أَيْ سَهْلُ الْمَطْلَبِ. (مقاييس)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ..ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ..(صحيح مسلم)
فالرفيق هو الذي لا يستعجل ولا يعنف على أحد فيكرهه بل كل ما يفعله هو بأناة ولين مما يشعر المفعول به بالراحة والطمأنينة.

31- هو اللطيف قال تعالى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)
واللطيف اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل لطف قال ابن فارس: (لَطَفَ) اللَّامُ وَالطَّاءُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى رِفْقٍ وَيَدُلُّ عَلَى صِغَرٍ فِي الشَّيْءِ. فَاللُّطْفُ: الرِّفْقُ فِي الْعَمَلِ ; يُقَالُ: هُوَ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ، أَيْ رَءُوفٌ رَفِيقٌ. وَمِنَ الْبَابِ الْإِلْطَافُ لِلْبَعِيرِ، إِذَا لَمْ يَهْتَدِ لِمَوْضِعِ الضِّرَابِ فَأُلْطِفَ لَهُ. (مقاييس)
وقال الزجاج: اللَّطِيف أصل اللطف فِي الْكَلَام خَفَاء المسلك ودقة الْمَذْهَب واستعماله فِي الْكَلَام على وَجْهَيْن يُقَال فلَان لطيف إِذا وصف بصغر الجرم وَفُلَان لطيف إِذا وصف بِأَنَّهُ محتال متوصل إِلَى أغراضه فِي خَفَاء مَسْلَك وَفُلَان لطيف فِي علمه يُرَاد بِهِ أَنه دَقِيق الفطنة حسن الاستخراج لَهُ فَهَذَا الَّذِي يسْتَعْمل مِنْهُ وَهُوَ فِي وصف الله يُفِيد أَنه المحسن إِلَى عباده فِي خَفَاء وَستر من حَيْثُ لَا يعلمُونَ (تفسير اسماء الله )
قال تعالى عن عبده لقمان: يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)
وقال تعالى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)

فاللطيف هو الذي خفي بنفسه وبتدبيره عن إدراك عباده له ورفق بهم فأوصل اليهم أرزاقهم بخبرته

32- هو الحليم قال تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17)
والحليم اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل حلم قال ابن فارس: (حَلَمَ) الْحَاءُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ، أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ تَرْكُ الْعَجَلَةَ، وَالثَّانِي تَثَقُّبُ الشَّيْءِ، وَالثَّالِثُ رُؤْيَةُ الشَّيْءِ فِي الْمَنَامِ. وَهِيَ مُتَبَايِنَةٌ جِدًّا، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ اللُّغَةِ لَيْسَ قِيَاسًا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ مُنْقَاسًا.
فَالْأَوَّلُ: الْحِلْمُ خِلَافُ الطَّيْشِ. يُقَالُ حَلُمْتُ عَنْهُ أَحْلُمُ، فَأَنَا حَلِيمٌ... (مقاييس)
قال تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)

فالحليم هو ذو الصفح والأناة الَّذِي لَا يعاجل العصاة بالعقوبة بل يمهلهم بعد المعصية ليتوبوا او يتجاوز عنهم.
وقال الخطابي :ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحليم إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة والمتأني الذي لا يعجل بالعقوبة.

جُرَيْج
2016-10-25, 06:23 AM
33- هو العفو قال تعالى: ..إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)
والعفو اسم فاعل على وزن فعول مما يدل على المداومة والكثرة وهو مشتق من فعل عفا قال ابن فارس : (عَفَو) الْعَيْنُ وَالْفَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى تَرْكِ الشَّيْءِ، وَالْآخَرُ عَلَى طَلَبِهِ. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ لَا تَتَفَاوَتُ فِي الْمَعْنَى.
فَالْأَوَّلُ: الْعَفْوُ: عَفْوُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَنْ خَلْقِهِ، وَذَلِكَ تَرْكُهُ إِيَّاهُمْ فَلَا يُعَاقِبُهُمْ، فَضْلًا مِنْهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَكُلُّ مَنِ اسْتَحَقَّ عُقُوبَةً فَتَرَكْتَهُ فَقَدْ عَفَوْتَ عَنْهُ. يُقَالُ: عَفَا عَنْهُ يَعْفُو عَفْوًا. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْخَلِيلُ صَحِيحٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَعْفُوَ الْإِنْسَانُ عَنِ الشَّيْءِ بِمَعْنَى التَّرْكِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنِ اسْتِحْقَاقٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «عَفَوْتُ عَنْكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ» فَلَيْسَ الْعَفْوُ هَاهُنَا عَنِ اسْتِحْقَاقٍ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ تَرَكْتُ أَنْ أُوجِبَ عَلَيْكُمُ الصَّدَقَةَ فِي الْخَيْلِ.
وَمِنَ الْبَابِ الْعَافِيَةُ: دِفَاعُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَنِ الْعَبْدِ، تَقُولُ عَافَاهُ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ مَكْرُوهَةٍ، وَهُوَ يُعَافِيهِ مُعَافَاةً. وَأَعْفَاهُ اللَّهُ بِمَعْنَى عَافَاهُ...(مقايي س)

فالعفو هو المداوم والمكثر من ترك عقوبة المذنبين

34-35- هو الغفور الغفار
قال تعالى: ..إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)
وقال تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)
وهما اسمان فاعل أحدهما على وزن فعول مما يدل على المداومة والكثرة في الفعل والآخر على وزن فاعل مما يدل على المعاودة والتكرار وهما مشتقان من فعل غفر قال ابن فارس: (غَفَرَ) الْغَيْنُ وَالْفَاءُ وَالرَّاءُ عُظْمُ بَابِهِ السَّتْرُ، ثُمَّ يَشِذُّ عَنْهُ مَا يُذْكَرُ. فَالْغَفْرُ: السَّتْرُ. وَالْغُفْرَانُ وَالْغَفْرُ بِمَعْنًى. يُقَالُ: غَفَرَ اللَّهُ ذَنْبَهُ غَفْرًا وَمَغْفِرَةً وَغُفْرَانًا. قَالَ فِي الْغَفْرِ:
فِي ظِلِّ مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لَهُ ... مَلِكِ الْمُلُوكِ وَمَالِكِ الْغَفْرِ
وَيُقَالُ: غَفِرَ الثَّوْبُ، إِذَا ثَارَ زِئْبِرُهُ. وَهُوَ مِنَ الْبَابِ، لِأَنَّ الزِّئْبِرُ يُغَطِّي وَجْهَ الثَّوْبِ. وَالْمِغْفَرُ مَعْرُوفٌ. وَالْغِفَارَةُ: خِرْقَةٌ يَضَعُهَا الْمُدَّهِنُ عَلَى هَامَتِهِ. وَيُقَالُ الْغَفِيرُ: الشَّعْرُ السَّائِلُ فِي الْقَفَا. وَذُكِرَ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْعَرَبِ أَنَّهَا قَالَتْ لِابْنَتِهَا: " اغْفِرِي غَفِيرَكِ "، تُرِيدُ: غَطِّيهِ. وَالْغَفِيرَةُ: الْغُفْرَانُ أَيْضًا. قَالَ: يَا قَوْمُ لَيْسَتْ فِيهِمُ غَفِيرَهْ... (مقاييس)
وقال الزجاج: يقال: غفرت الشيء أغفره غفرًا إذا سترته فأنا غافر وهو مغفور أي مستور، ومنه سمي جنة الرأس المغفر لأنه يستر الرأس.(اشتقاق)
وعن ابي امامة مرفوعا :" إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ أو المسيء ، فإن ندم و استغفر الله منها ألقاها و إلا كتب واحدة" (السلسلة الصحيحة)

فالغفور هو المداوم والمكثر من ستر ومحي ذنوب المستغفرين
والغفار هو المكثر والعواد بالمغفرة.

36- هو التواب قال تعالى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)
والتواب اسم فاعل على وزن فعال مما يدل على كثرة المعاودة والتكرار وهو مشتق من فعل تاب يتوب فهو تائب والتائب يقال لباذل التوبة ولقابل التوبة والفارق هو حرف التعدي تبت اليه او تبت عليه قال ابن فارس: (تَوَبَ) التَّاءُ وَالْوَاوُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ. يُقَالُ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ، أَيْ رَجَعَ عَنْهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً وَمَتَابًا، فَهُوَ تَائِبٌ. وَالتَّوْبُ التَّوْبَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3] .(مقاييس)
ومعنى التوبة في حق العبد: عود العبد إلى الطاعة بعد المعصية.
والتوبة في الشرع : ترك الذنب لقبحه ، والندم علي ما فرط في حق الناس وحق ربه ، والعزم علي ترك المعاودة لذنبه ، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من صالح عمله ، فمتى اجتمعت هذه الأربع ، فقد كملت شرائط التوبة

المهم التواب هو العواد والمكثر من قبول عودة عباده الى طاعته

عبد الباسط آل القاضي
2016-10-25, 11:47 PM
السلام عليكم ورحمته وبركاته
سؤال من أي كتاب تنقل يا أخي ؟

جُرَيْج
2016-10-26, 05:25 PM
ومنهجي في تعريف الأسماء هو أني أذهب أولا الى معرفة دلالة الأصل وهو الفعل الذي منه اشتقاق الإسم وذلك بتصفح كتاب المقاييس للإمام اللغوي ابن فارس رحمه الله وكتاب اشتقاق اسماء الله للزجاجي رحمه الله وغيرهم ثم أبحث عن التفسير في الكتب والبحوث الموجودة على موسوعة الشاملة وعلى النت واهمها عندي كمرجعية كتاب تفسير اسماء الله الحسنى للزجاج رحمه الله وكتاب شأن الدعاء للخطابي رحمه الله وكتاب النهج الأسمى في شرح اسماء الله الحسنى للشيخ محمد الحمد الحمود جزاه الله خيرا وشرح لأسماء الله الحسنى الموجود على النت وغيرها أيضا ثم أنتقل الى البحث عن تعريفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في كتبهم قدس الله أرواحهما عبر محرك موسوعة الشاملة وهي تعريفات لا يستغنى عنها في هذا الباب. ثم ارجع الى كتاب ربي الكنز الأعظم فابحث عن الآيات التي ذكرت فيها الأسماء وأتفقد بعض المعاني والدلالات التي قد نكون غفلنا عنها. ثم في الآخير اكتب التعريف واضخم الخط لتمييزه عن غيره. وبعض الأحيان أكتب الأدلة العقلية النقلية الدالة على صحة معاني بعض الأسماء وذلك لرفع الشبهات وترسيخ الإيمان.

والواجب في التعريف ان يكون دقيقا وجيزا جامعا للمعاني مانعا لدخول معاني أخرى ومباينا لرسم المعرف عنه. وقد يصعب ذلك مع بعض الأسماء ولكن أختصر على قدر المستطاع.
تنبيه : علمت التعريفات باللون الأحمر وان شاء الله عندما انتهي من السلسلة انشر البحث ككتاب
والتعريفات كالتالي:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كتبت هذا في مقدمة البحث
وهو بحث لي أنشره لتعم الفائدة

جُرَيْج
2016-10-26, 05:28 PM
38- هو الودود قال تعالى: وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14)
والودود على وزن فعول بمعنى فاعل وعلى وزن فعول بمعنى مفعول أي مودود وفعول يدل على الدوام والكثرة والاسم مشتق من فعل ود قال ابن فارس: (وَدَّ) الْوَاوُ وَالدَّالُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مَحَبَّةٍ. وَدِدْتُهُ: أَحْبَبْتُهُ. وَوَدِدْتُ أَنَّ ذَاكَ كَانَ، إِذَا تَمَنَّيْتَهُ، أَوَدُّ فِيهِمَا جَمِيعًا. وَفِي الْمَحَبَّةِ الْوُدُّ، وَفِي التَّمَنِّي الْوَدَادَةُ. وَهُوَ وَدِيدُ فُلَانٍ، أَيْ يُحِبُّهُ. (مقاييس)
وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)

فالودود هو بمعنى الحبيب المحب الذي يحب عباده الصالحين الى أبد الآبدين والمحبوب منهم الى غاية تمني رؤيته على الدوام.

39-40- هو الحيي الستير فمن حديث سَلْمَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِىٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِى مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا (صحيح ابي داود)
والحيي والستير اسمان فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهما مشتقان فعل حيّ وستر قال ابن فارس: (حَيَّ) الْحَاءُ وَالْيَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا خِلَافُ الْمَوْتِ، وَالْآخَرُ الِاسْتِحْيَاءُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْوَقَاحَةِ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَالْحَيَاةُ وَالْحَيَوَانُ، وَهُوَ ضِدُّ الْمَوْتِ وَالْمَوَتَانِ. وَيُسَمَّى الْمَطَرُ حَيًا لِأَنَّ بِهِ حَيَاةَ الْأَرْضِ. وَيُقَالُ نَاقَةٌ مُحْيٍ وَمُحْيِيَةٌ: لَا يَكَادُ يَمُوتُ لَهَا وَلَدٌ. وَتَقُولُ: أَتَيْتُ الْأَرْضَ فَأَحْيَيْتُهَا ، إِذَا وَجَدْتَهَا حَيَّةَ النَّبَاتِ غَضَّةً.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: قَوْلُهُمُ اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ اسْتِحْيَاءً. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: حَيِيتُ مِنْهُ أَحْيَا، إِذَا اسْتَحْيَيْتَ. فَأَمَّا حَيَاءُ النَّاقَةِ، وَهُوَ فَرْجُهَا، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحْيِي لَكَانَ يَسْتَحْيِي مِنْ ظُهُورِهِ وَتَكَشُّفِهِ.(م قاييس)

وقال عن الستر : (سَتَرَ) السِّينُ وَالتَّاءُ وَالرَّاءُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْغِطَاءِ. تَقُولُ: سَتَرْتُ الشَّيْءَ سَتْرًا. وَالسُّتْرَةُ: مَا اسْتَتَرْتَ بِهِ، كَائِنًا مَا كَانَ. وَكَذَلِكَ السِّتَارُ....(مق ييس)
وعَنْ يَعْلَى بن أمية أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلاَ إِزَارٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم :" إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ " (صحيح ابي داود) البراز هو الفضاء الواسع من الأرض ، وَالسَّتْرَ
ومن حديث سَلْمَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِىٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِى مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا (صحيح ابي داود)
وعن أبي واقد الليثي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=397)أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل نفر ثلاثة فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد قال فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=6573&idto=6574&bk_no=53&ID=1032#docu)(صحيح مسلم)

فالحيي سبحانه هو الذي امتنع عن القبائح فلذلك لم يفضح عباده ولم يعرض عنهم وعن دعائهم الا لما اعرضوا عنه
والستير هو الذي غطا ذنوب عباده وعوراتهم فلم يفضحهم الا لما فضحوا انفسهم.

جُرَيْج
2016-10-27, 06:44 AM
41- هو الرؤوف قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)
والرؤوف على وزن فعول مما يدل على الدوام والكثرة وهو مشتق من فعل رأف قال ابن فارس: (رَأَفَ) الرَّاءُ وَالْهَمْزَةُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى رِقَّةٍ وَرَحْمَةٍ، وَهِيَ الرَّأْفَةُ. يُقَالُ رَؤُفَ يَرْؤُفُ رَأْفَةً وَرَآفَةً، عَلَى فَعْلَةٍ وَفَعَالَةٍ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] ، وَقُرِئَتْ: رَآفَةٌ، وَرَجُلٌ رَءُوفٌ عَلَى فَعُولٍ، وَرَؤُفَ [عَلَى] فَعُلَ. قَالَ فِي رَءُوفٍ:
هُوَ الرَّحْمَنُ كَانَ بِنَا رَءُوفًا
وَقَالَ فِي الرَّءُوفِ:
يَرَى لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ حَقًّا ... كَفِعْلِ الْوَالِدِ الرَّءُوفِ الرَّحِيمِ (مقاييس)
والفرق بين الرأفة والرحمة أن الرأفة نعمة ملذة من جميع الوجوه أما الرحمة فقد تكون مؤلمة في الحال ويكون في عقابها لذة ولذلك قال
اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ (2) فلم يقل رحمة لأن عذابهما رحمة لهما لتطهير ذنوبهما والرأفة مانعة من وقوع العذاب

فالرؤوف هو الرحيم الدافع عذابه عن عباده المتفضل عليهم.
قال تعالى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)

42-هو الرقيب قال تعالى:... إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)
وقال تعالى: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)
والرقيب اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل رقب قال ابن فارس: (رَقَبَ) الرَّاءُ وَالْقَافُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ مُطَّرِدٌ، يَدُلُّ عَلَى انْتِصَابٍ لِمُرَاعَاةِ شَيْءٍ. مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيبُ، وَهُوَ الْحَافِظُ. يُقَالُ مِنْهُ رَقَبْتُ أَرْقَُبُ رِقْبَةً وَرِقْبَانًا. وَالْمَرْقَبُ: الْمَكَانُ الْعَالِي يَقِفُ عَلَيْهِ النَّاظِرُ. وَالرَّقِيبُ: الْمُوَكَّلُ فِي الْمَيْسِرِ بِالضَّرِيبِ. وَمِنْ ذَلِكَ اشْتِقَاقُ الرَّقَبَةِ، لِأَنَّهَا مُنْتَصِبَةٌ، وَلِأَنَّ النَّاظِرَ لَا بُدَّ يَنْتَصِبُ عِنْدَ نَظَرِهِ. (مقاييس)

فالرقيب سبحانه هو البصير الحافظ لعباده واعمالهم مع استعلاء وفوقية مطلقة

43-هو الشهيد قال تعالى عن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)
والشهيد اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل شهد قال ابن فارس: (شَهَدَ) الشِّينُ وَالْهَاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى حُضُورٍ وَعِلْمٍ وَإِعْلَامٍ، لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ فُرُوعِهِ عَنِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. مِنْ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ، يَجْمَعُ الْأُصُولَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنَ الْحُضُورِ، وَالْعِلْمِ، وَالْإِعْلَامِ. يُقَالُ شَهِدَ يَشْهَدُ شَهَادَةً. وَالْمَشْهَدُ: مَحْضَرُ النَّاسِ. مقاييس)
وقال تعالى:...وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)
وقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قد تنوعت عبارات المفسرين في لفظ (شهد فقالت طائفة منهم مجاهد والفراء وأبو عبيدة: أي حكم وقضى. وقالت طائفة منهم ثعلب والزجاج: أي بين. وقالت طائفة: أي أعلم. وكذلك قالت طائفة معنى شهادة الله الإخبار والإعلام ومعنى شهادة الملائكة والمؤمنين الإقرار وعن ابن عباس أنه شهد بنفسه لنفسه قبل أن يخلق الخلق حين كان ولم يكن سماء ولا أرض ولا بر ولا بحر فقال: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} . وكل هذه الأقوال وما في معناها صحيحة؛ وذلك أن الشهادة تتضمن كلام الشاهد وقوله وخبره عما شهد به وهذا قد يكون مع أن الشاهد نفسه يتكلم بذلك ويقوله ويذكره وإن لم يكن معلما به لغيره ولا مخبرا به لسواه. فهذه أول مراتب الشهادة. ثم قد يخبره ويعلمه بذلك فتكون الشهادة إعلاما لغيره وإخبارا له ومن أخبر غيره بشيء فقد شهد به سواء كان بلفظ الشهادة أو لم يكن....
فالشهادة تضمنت مرتبتين: " إحداهما " تكلم الشاهد وقوله وذكره لما شهد في نفسه به.
و " الثاني " إخباره وإعلامه لغيره بما شهد به.
فمن قال: حكم وقضى فهذا من باب اللازم فإن الحكم والقضاء هو إلزام وأمر.....
وشهادة الرب وبيانه وإعلامه يكون بقوله تارة وبفعله تارة.
فالقول هو ما أرسل به رسله وأنزل به كتبه وأوحاه إلى عباده....
وأما شهادته بفعله فهو ما نصبه من الأدلة الدالة على وحدانيته التي تعلم دلالتها بالعقل وإن لم يكن هناك خبر عن الله...
ثم قال {قائما بالقسط} هو نصب على الحال وفيه وجهان: قيل: هو حال من (شهد) : أي شهد قائما بالقسط. وقيل: من (هو أي لا إله إلا هو قائما بالقسط كما يقال: لا إله إلا هو وحده وكلا المعنيين صحيح.(مجموع الفتاوى)
والقسط هو العدل والعدل هو وضع الشيء في موضعه خلاف الظلم فهو سبحانه بقوله وفعله صاحب أقسط شهادة لأنه الحق المؤمن فلذلك هو صاحب أكبر شهادة قال تبارك وتعالى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) فكفى بالله شهيدا.

فالشهيد سبحانه هو الذي حضر وعلم كل شيء والذي أعلم عباده بما يشاء .
وهو أقسط من شهد لأنه المؤمن فلذلك هو أكبر من شهد.

جُرَيْج
2016-10-28, 06:39 AM
43- هو الحفيظ قال تعالى عن هود: ...إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) والحفيظ من فعل حفظ وهو على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد قال ابن فارس: (حَفِظَ) الْحَاءُ وَالْفَاءُ وَالظَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مُرَاعَاةِ الشَّيْءِ. يُقَالُ حَفِظْتُ الشَّيْءَ حِفْظًا. وَالْغَضَبُ: الْحَفِيظَةُ ; وَذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الْحَالَ تَدْعُو إِلَى مُرَاعَاةِ الشَّيْءِ. يُقَالُ لِلْغَضَبِ الْإِحْفَاظُ ; يُقَالُ أَحْفَظَنِي أَيْ أَغْضَبَنِي. وَالتَّحَفُّظُ: قِلَّةُ الْغَفْلَةِ. وَالْحِفَاظُ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأُمُورِ. (مقاييس)
فالحفظ يقتضي الحماية وعدم الإهمال والترك والنسيان قال تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ...(11) قال تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) ويقتضي الإحصاء والمحاسبة قال تعالى: قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) وقال تعالى: وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)

فالحفيظ سبحانه هو من أحصى كل شيء وتكفل به.

ومن تمام حفظه أنه حفظ كتابه وسنة نبيه من الضياع والتحريف لقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وقوله تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) فجعل الآيات والحكمة ذكر سبحانه.

44- هو المقيت قال تعالى: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)
والمقيت اسم فاعل مشتق من قوت قال ابن فارس: (قَوَتَ) الْقَافُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِمْسَاكٍ وَحِفْظٍ وَقُدْرَةٍ عَلَى الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85] ، أَيْ حَافِظًا لَهُ شَاهِدًا عَلَيْهِ، وَقَادِرًا عَلَى مَا أَرَادَ. وَقَالَ:
وَذِي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عَنْهُ ... وَكُنْتُ عَلَى إِسَاءَتِهِ مُقِيتَا
وَمِنَ الْبَابِ: الْقُوتُ مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ; وَإِنَّمَا سُمِّيَ قُوتًا لِأَنَّهُ مِسَاكُ الْبَدَنِ وَقُوَّتُهُ. وَالْقَوْتُ: الْعَوْلُ. يُقَالُ: قُتُّهُ قَوْتًا، وَالِاسْمُ الْقُوتُ. وَيُقَالُ: اقْتَتْ لِنَارِكَ قِيتَةً، أَيْ أَطْعِمْهَا الْحَطَبَ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَقُلْتُ لَهُ ارْفَعْهَا إِلَيْكَ وَأَحْيِهَا ... بِرُوحِكَ وَاقْتَتْهُ لَهَا قِيتَةً قَدْرًا. (مقاييس)
ويأتي بمعنى موقوف
وفي بيت اليهوديّ الذي يقول فيه:
لَيْتَ شِعْرِي، وَأَشْعُرَنَّ إِذَا مَا ... قَرَّبُوهَا مَنْشُورَةً وَدُعِيتُ !
أَلِيَ الْفَضْلُ أَمْ عَلَيَّ إذا حُوسِبْتُ? ... إِنِّي عَلَى الْحِسَابِ مُقِيتُ
أي فإنّي على الحساب موقوف ذكر هذا المعنى أبو عبيدة والإمام الطبري في التفسير.
وقال تعالى: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)

فالمقيت هو بمعنى الحفيظ الذي يؤتي كل من عمل عملا حسنا أو سيئا قوتا خاصا به
. والقوت قوتان قوت القلوب وقوت الأجساد ولكل منهما نصيب أو كفل من عمل صاحبهما. فتخيل أخي الكريم كيف أن الله قدير على أن يوقفك على كل عمل فيعطي قلبك وجسدك كفلا أو نصيبا منه أي من عملك.

45- الحسيب قال تعالى:.. وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)
والحسيب اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من حسِب يحسِب حسَابا
قال ابن فارس (حَسِبَ) الْحَاءُ وَالسِّينُ وَالْبَاءُ أُصُولٌ أَرْبَعَةٌ:
فَالْأَوَّلُ: الْعَدُّ. تَقُولُ: حَسَبْتُ الشَّيْءَ أَحْسُبُهُ حَسْبًا وَحُسْبَانًا. ...
والْأَصْلُ الثَّانِي: الْكِفَايَةُ. تَقُولُ شَيْءٌ حِسَابٌ، أَيْ كَافٍ. وَيُقَالُ: أَحْسَبْتُ فُلَانًا، إِذَا أَعْطَيْتَهُ مَا يُرْضِيهِ ; وَكَذَلِكَ حَسَّبْتُهُ..... (مقاييس)
والحساب ضبط العدد وبيان مقادير الأشياء المعدودة
والذي يدل على الأصل الأول قوله تعالى: وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)
والذي يدل على الأصل الثاني قوله تعالى: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)
فالحسيب هو بمعنى الكافي عباده والمحاسب الذي يجازيهم على شكرهم اياه يوم القيامة.
واللّه سريع الحساب وحسابه واقع لا محالة ، وسرعة حساب اللّه أنه لا يشغله حساب واحد عن محاسبة الآخر ، لأنه سبحانه لا يشغله سمع عن سمع ، ولا شأن عن شأن .

46- هو الديان فمن حديث جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أنه قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الدَّيَّانُ" (صحيح البخاري) .
والديان اسم فاعل على وزن فعال يفيد كثرة المعاودة والتكرار وهو مشتق من فعل دين قال ابن فارس : (دَيَنَ) الدَّالُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ إِلَيْهِ يَرْجِعُ فُرُوعُهُ كُلُّهَا. وَهُوَ جِنْسٌ مِنَ الِانْقِيَادِ، وَالذُّلِّ. فَالدِّينُ: الطَّاعَةُ، يُقَالُ دَانَ لَهُ يَدِينُ دِينًا، إِذَا أَصْحَبَ وَانْقَادَ وَطَاعَ. وَقَوْمٌ دِينٌ، أَيْ مُطِيعُونَ مُنْقَادُونَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَكَانَ النَّاسُ إِلَّا نَحْنُ دِينَا
وَالْمَدِينَةُ كَأَنَّهَا مَفْعَلَةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُقَامُ فِيهَا طَاعَةُ ذَوِي الْأَمْرِ. وَالْمَدِينَةُ: الْأَمَةُ. وَالْعَبْدُ مَدِينٌ، كَأَنَّهُمَا أَذَلَّهُمَا الْعَمَلُ. وَقَالَ:
رَبَتْ وَرَبَا فِي حِجْرِهَا ابْنُ مَدِينَةٍ ... يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَرَكَّلُ...(مق اييس)
ويقال كما تدين تدان
والديان يأتي بمعنى الحاكم والقاهر والمحاسب والمجازي كما بينه اهل اللغة...

فالديان هو المحاسب المجازي الذي قهر العباد على حكمه

جُرَيْج
2016-10-29, 07:30 AM
47-48- هو الشاكر الشكور قال تعالى: ...وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) وقال تعالى:.. إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) وهما اسمان فاعل مشتقان من فعل شكر قال ابن فارس (شَكَرَ) الشِّينُ وَالْكَافُ وَالرَّاءُ أُصُولٌ أَرْبَعَةٌ مُتَبَايِنَةٌ بَعِيدَةُ الْقِيَاسِ. فَالْأَوَّلُ: الشُّكْرُ: الثَّنَاءُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِمَعْرُوفٍ يُولِيكَهُ. وَيُقَالُ إِنَّ حَقِيقَةَ الشُّكْرِ الرِّضَا بِالْيَسِيرِ. يَقُولُونَ: فَرَسٌ شَكُورٌ، إِذَا كَفَاهُ لِسِمَنِهِ الْعَلَفُ الْقَلِيلُ. وَيُنْشِدُونَ قَوْلَ الْأَعْشَى:
وَلَا بُدَّ مِنْ غَزْوَةٍ فِي الْمَصِي ... فِ رَهْبٍ تُكِلُّ الْوَقَاحَ الشَّكُورَا
وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: " أَشْكَرُ مِنْ بَرْوَقَةَ "، وَذَلِكَ أَنَّهَا تَخْضَرُّ مِنَ الْغَيْمِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ...(مقاييس)
قال تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)
و قال تعالى: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)
و قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)
و قال تعالى:... وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)
و قال تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17)
فالشاكر الشكور سبحانه هو الذي يثني على أفعال عباده ويثيبهم عليها وفي اسمه الشكور زيادة من فضله سبحانه ودوام.

49-50- هو القابض الباسط فعن أَنَس بن مالك أنه قَالَ : قَالَ النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم :" إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ" (أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه الترمذي والألباني) وهما اسمان لفاعل يقبض ويبسط والقبض نقيض البسط
قال ابن فارس (بَسَطَ) الْبَاءُ وَالسِّينُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ امْتِدَادُ الشَّيْءِ، فِي عِرَضٍ أَوْ غَيْرِ عِرَضٍ. فَالْبِسَاطُ مَا يُبْسَطُ. وَالْبَسَاطُ الْأَرْضُ، وَهِيَ الْبَسِيطَةُ. يُقَالُ: مَكَانٌ بَسِيطٌ وَبَسَاطٌ. قَالَ:
وَدُونَ يَدِ الْحَجَّاجِ مِنْ أَنْ تَنَالَنِي ... بَسَاطٌ لِأَيْدِي النَّاعِجَاتِ عَرِيضُ
وَيَدُ فُلَانٍ بِسْطٌ: إِذَا كَانَ مِنْفَاقًا، وَالْبَسْطَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ السَّعَةُ وَهُوَ بَسِيطُ الْجِسْمِ وَالْبَاعِ وَالْعِلْمِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة: 247] . وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ قَوْلُهُمْ لِلنَّاقَةِ الَّتِي خُلِّيَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا لَا تُمْنَعُ مِنْهُ: بِسْطٌ. (مقاييس)
وقال رحمه الله (قَبَضَ) الْقَافُ وَالْبَاءُ وَالضَّادُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مَأْخُوذٍ، وَتَجَمُّعٍ فِي شَيْءٍ.
تَقُولُ: قَبَضْتُ الشَّيْءَ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ قَبْضًا. وَمَقْبِضُ السَّيْفِ وَمَقْبَضُهُ: حَيْثُ تَقْبِضُ عَلَيْهِ. وَالْقَبَضُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ: مَا جُمِعَ مِنَ الْغَنَائِمِ وَحُصِّلَ. يُقَالُ: اطْرَحْ هَذَا فِي الْقَبَضِ، أَيْ فِي سَائِرِ مَا قُبِضَ مِنَ الْمَغْنَمِ. وَأَمَّا الْقَبْضُ الَّذِي هُوَ الْإِسْرَاعُ، فَمِنْ هَذَا أَيْضًا، لِأَنَّهُ إِذَا أَسْرَعَ جَمَعَ نَفْسَهُ وَأَطْرَافَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ} [الملك: 19] ، قَالُوا: يُسْرِعْنَ فِي الطَّيَرَانِ. (مقاييس)
وقال تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)
فالباسط هو الذي يمد بسعة ما يشاء والقابض هو الذي يأخذ بقدر ما يشاء
والله سبحانه يبسط الأرواح في الأجساد ويقبضها ويبسط الأرزاق لمن يشاء ويقبضها ممن يشاء ويبسط الليل والنهار ويقبضه....
وفي الصورة التي تعرف بها الينا ربنا هو يبسط يده بالليل , ليتوب مسيء النهار , ويبسط يده بالنهار , ليتوب مسيء الليل , حتى تطلع الشمس من مغربها
ويوم القيامة يطوي الله السماء فتكون بيمينه ويأخذ الأرض فتكون بشمال ثم يقبض ويبسط سبحانه..
وقبضه تعالى وبسطه وصف حقيقي لا نعلم كيفيته ، نؤمن به على ظاهره وحقيقته ، لا نمثل ولا نكيف ولا نعطل ولا نحرف.

جُرَيْج
2016-10-30, 07:50 AM
51- هو الوهاب قال تعالى: أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9)
والوهاب اسم فاعل من وهب يهب فهو واهب وهو على وزن فعال مما يدل على المعاودة والمداومة في الهبات والهبة هي عطاء خاص من خزائن رحمة الله سبحانه ومن تتبع الأيات التي ذكر فيها فعل وهب لم يجد الا ذلك
قال تعالى: وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً..
وقال: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)
وقال: وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا...
وقال: وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)
وقال: وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43)
وقال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)
وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)
ومن أهم الأسباب للتعرض لهبات الله هو إعتزال الشرك وأهله قال تعالى عن ابراهيم: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49)
وتقول رجل موهوب أي عنده موهبة في مجال ما والذي وهبه هذه الموهبة هو الله.
والموهبة لا تكون الا خيرا حتى يستعملها العبد فيما يغضب الله

فالوهاب هو العواد والمكثر من العطايا الرحمانية

52-53-هو الكريم الأكرم قال تعالى: يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) وقال تعالى: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) والكريم من فعل كرم وهو على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد والأكرم أيضا من كرم بصيغة التفضيل والحصر قال ابن فارس (كرم) الكاف والراء والميم أصل صحيح له بابان: أحدهما شرف في الشيء في نفسه أو شرف في خُلق من الأخلاق. يقال رجل كريم، وفرس كريم، ونبات كريم. وأكرم الرجل، إذا أتى بأولاد كرام. واستكرم: اتخذ علقا كريما. وكرم السحاب: أتى بالغيث. وأرض مكرمة للنبات، إذا كانت جيدة النبات. والكرم في الخلق يقال هو الصفح عن ذنب المذنب. قال عبد الله بن مسلم بن قتيبة: الكريم: الصفوح. والله تعالى هو الكريم الصفوح عن ذنوب عباده المؤمنين.
والأصل الآخر الكرم، وهي القلادة. قال:
عدوس السرى لا يعرف الكرم جيدها.... (مقاييس)

وقال شيخ الإسلام : ولفظ الكرم لفظ جامع للمحاسن والمحامد. لا يراد به مجرد الإعطاء بل الإعطاء من تمام معناه فإن الإحسان إلى الغير تمام المحاسن.
والكرم كثرة الخير ويسرته.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم {لا تسموا العنب الكرم فإنما الكرم قلب المؤمن} . وهم سموا العنب " الكرم " لأنه أنفع الفواكه يؤكل رطبا ويابسا ويعصر فيتخذ منه أنواع....وليس في الدنيا أكثر ولا أعظم خيرا من قلب المؤمن (ولهذا نهاهم)...
والشيء الحسن المحمود يوصف بالكرم قال تعالى {أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} . قال ابن قتيبة: من كل جنس حسن. وقال الزجاج: الزوج النوع والكريم المحمود....
يقال: " نخلة كريمة " إذا طاب حملها و " ناقة كريمة " إذا كثر لبنها....
والقرآن قد دل على أن الناس فيهم كريم على الله يكرمه وفيهم من يهينه. قال تعالى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وقال تعالى {ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء} (مجموع)

فالكريم هو بمعنى الشريف الجامع لجميع صفات الخير والإحسان الذي يعطي عطاءا كثيرا نافعا والأكرم {الأكرم} يدل على الحصر. ولم يقل " الأكرم من كذا " بل أطلق الاسم ليبين أنه الأكرم مطلقا غير مقيد. فدل على أنه متصف بغاية الكرم الذي لا شيء فوقه ولا نقص فيه فالأكرم هو الذي لا أشرف منه والذي يعطي عطاءا لا يمكن لأحد أن يماثله فيه. كيف لا وهو الرب الذي خلق ؟!
والفرق بين الكريم والأكرم أن الكريم على الأغلب دل على صفة من صفات الذات والأكرم على الأغلب دل على صفة من صفات الفعل.
فهو سبحانه ذو الجلال والإكرام أي هو المستحق لأن يجل أي يعظم ولأن يكرم بالعبادة على أحسن وجهها.

جُرَيْج
2016-10-31, 07:54 AM
54-55- هو الرازق الرزاق قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)
وعن أَنَس بن مالك أنه قَالَ : قَالَ النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم :" إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ" (أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه الترمذي والألباني)
وهما اسمان لفاعل مشتقان من فعل رزق (رَزَقَ) الرَّاءُ وَالزَّاءُ وَالْقَافُ أُصَيْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى عَطَاءٍ لِوَقْتٍ، ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَوْقُوتِ. فَالرِّزْقُ: عَطَاءُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَيُقَالُ رَزَقَهُ اللَّهُ رِزْقًا، وَالِاسْمُ الرِّزْقُ. [وَالرِّزْقُ] بِلُغَةِ أَزْدِشَنُوءَةَ : الشُّكْرُ، مِنْ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} [الواقعة: 82] . وَفَعَلْتُ ذَلِكَ لَمَّا رَزَقْتَنِي، أَيْ لَمَّا شَكَرْتَنِي. (مقاييس)
فالرازق هو الذي يعطي عباده ما يبتغونه وزيادة
والرزاق على وزن فعال يفيد المداومة والمعاودة.
فالرزاق هو المكثر والعواد بالرزق
ورزقه لعباده نوعان: عام، وخاص.
1 - فالعام إيصاله لجميع الخليقة جميع ما تحتاجه في معاشها وقيامها، فسهَّل لها الأرزاق، ودبّرها في أجسامها، وساقَ إلى كل عضوٍ صغير وكبير ما يحتاجه من القوت، وهذا عام للبرِّ والفاجر والمسلم والكافر، بل للآدميين والجن والملائكة والحيوانات كلها.
وعام أيضاً من وجه آخر في حق المكلّفين؛ فإنه قد يكون من الحلال الذي لا تبعة على العبد فيه، وقد يكون من الحرام ويسمى رزقاً ونعمة بهذا الاعتبار، ويقال: ((رزقه الله)) سواء ارتزق من حلال أو حرام، وهو مطلق الرزق.
2 - وأما الرزق الخاص فهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنيا والآخرة ، وهو نوعان:
النوع الأول: رزق القلوب بالعلم والإيمان وحقائق ذلك، فإن القلوب مفتقرة غاية الافتقار إلى أن تكون عالمة بالحق مريدة له متألّهة لله متعبّدة، وبذلك يحصل غناها ويزول فقرها.
النوع الثاني: رزق البدن بالرزق الحلال

56- هو الجواد كما ثبت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، وكذلك عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ( إن الله عز وجل جواد يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويبغض سفسافها ) (صحيح بمجموع طرقه وصححه الألباني)
وهو اسم فاعل على وزن فعال مشتق من جاد قال ابن فارس (جَوَدَ) الْجِيمُ وَالْوَاوُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّسَمُّحُ بِالشَّيْءِ، وَكَثْرَةُ الْعَطَاءِ. يُقَالُ رَجُلٌ جَوَادٌ بَيِّنُ الْجُودِ، وَقَوْمٌ أَجْوَادٌ. وَالْجَوْدُ: الْمَطَرُ الْغَزِيرُ. وَالْجَوَادُ: الْفَرَسُ الذَّرِيعُ وَالسَّرِيعُ، وَالْجَمْعُ جِيَادٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [ص: 31] . وَالْمَصْدَرُ الْجُودَةُ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يُجَادُ إِلَى كَذَا، [فَ] كَأَنَّهُ يُسَاقُ إِلَيْهِ. (مقاييس)
فالجواد هو المكثر والعواد بالمعروف ابتداء منه والذي يعطي عطاء سخيا ولا يبخل سبحانه

57- هو المعطي فعن مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ ، وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ ، وَلاَ تَزَالُ هَذِهِ الأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَي مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِي أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ ) (متفق عليه) وهو اسم مشتق من عطو قال ابن فارس: (عَطَوَ) الْعَيْنُ وَالطَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى أَخْذٍ وَمُنَاوَلَةٍ، لَا يُخْرِجُ الْبَابُ عَنْهُمَا. فَالْعَطْوُ: التَّنَاوُلُ بِالْيَدِ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرِ شَثْنٍ كَأَنَّهُ ... أَسَارِيعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاوِيكُ إِسْحِلِ
يَصِفُ الْمَرْأَةَ أَنَّهَا تَسُوكُ. وَالظَّبْيُ يَعْطُو، وَذَلِكَ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ مُتَطَاوِلًا إِلَى الشَّجَرَةِ لِيَتَنَاوَلَ الْوَرَقَ. وَقَالَ:
تَخُلُّ بِقَرْنَيْهَا بَرِيرَ أَرَاكَةٍ ... وَتَعْطُو بِظِلْفَيْهَا إِذَا الْغُصْنُ طَالَهَا
قَالَ الْخَلِيلُ: وَمِنْهُ اشْتُقَّ الْإِعْطَاءُ. وَالْمُعَاطَاةُ : الْمُنَاوَلَةُ. وَيُقَالُ: عَاطَى الصَّبِيُّ أَهْلَهُ، إِذَا عَمِلَ وَنَاوَلَ مَا أَرَادُوا. وَالْعَطَاءُ: اسْمٌ لِمَا يُعْطَى، وَهِيَ الْعَطِيَّةُ، وَالْجَمْعُ عَطَايَا، وَجَمْعُ الْعَطَايَا أَعْطِيَةٌ. قَالَ:
تُعَاطِيهِ أَحْيَانًا إِذَا جِيدُ جَوْدَةً ... رُضَابًا كَطَعْمِ الزَّنْجَبِيلِ الْمُعَسَّلِ
وَيَقُولُونَ: إِنَّ التَّعَاطِيَ: تَنَاوُلٌ مَا لَيْسَ لَهُ بِحَقٍّ، يُقَالُ فُلَانٌ يَتَعَاطَى ظُلْمَ فُلَانٍ. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى: {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر: 29] . وَمِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ: " عَاطٍ بِغَيْرِ أَنْوَاطٍ "، أَيْ إِنَّهُ يَسْمُو إِلَى [الْأَمْرِ] وَلَا آلَةَ لَهُ عِنْدَهُ، كَالَّذِي يَتَعَلَّقُ وَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُ. (مقاييس)
قال تعالى: قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)
وقال تعالى: كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)

فالمعطي هو الذي خص كل خلق بما يناسبه من صفات وصورة وسيرة وناوله ما يعينه لبلوغ غايته.

جُرَيْج
2016-11-01, 03:54 PM
58- هو المسعر فعن أَنَس بن مالك أنه قَالَ : قَالَ النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم :" إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ" (أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه الترمذي والألباني)
والمسعر اسم فاعل لمن سعر يسعر فهو مسعر قال ابن فارس : (سَعَرَ) السِّينُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى اشْتِعَالِ الشَّيْءِ وَاتِّقَادِهِ وَارْتِفَاعِهِ. مِنْ ذَلِكَ السَّعِيرُ: سَعِيرُ النَّارِ. وَاسْتَعَارُهَا : تَوَقُّدُهَا. وَالْمِسْعَرُ: الْخَشَبُ الَّذِي يُسْعَرُ بِهِ. وَالسُّعَارُ: حَرُّ النَّارِ. وَيُقَالُ سُعِرَ الرَّجُلُ، إِذَا ضَرَبَتْهُ السَّمُومُ. وَيُقَالُ إِنَّ السِّعْرَارَةَ هِيَ الَّتِي تَرَاهَا فِي الشَّمْسِ كَالْهَبَاءِ. وَسَعَرْتُ النَّارَ وَأَسْعَرْتُهَا ، فَهِيَ مُسْعَرَةٌ وَمَسْعُورَةٌ. وَيُقَالُ اسْتَعَرَ اللُّصُوصُ كَأَنَّهُمُ اشْتَعَلُوا. وَاسْتَعَرَ الْجَرَبُ فِي الْبَعِيرِ. وَسُمِّي الْأَسْعَرَ الْجُعْفِيَّ لِقَوْلِهِ:
فَلَا يَدْعُنِي الْأَقْوَامُ مِنْ آلِ مَالِكٍ ... لَئِنْ أَنَا لَمْ أَسْعَرْ عَلَيْهِمْ وَأُثْقِبِ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَيُقَالُ سَعَرَهُمْ شَرَّا، وَلَا يُقَالُ أَسْعَرَهُمْ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: السُّعْرُ، وَهُوَ الْجُنُونُ، وَسَمِّي بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْتَعِرُ فِي الْإِنْسَانِ. وَيَقُولُونَ نَاقَةٌ مَسْعُورَةٌ. وَذَلِكَ لِحِدَّتِهَا كَأَنَّهَا مَجْنُونَةٌ. فَأَمَّا سِعْرُ الطَّعَامِ فَهُوَ مِنْ هَذَا أَيْضًا ; لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ وَيَعْلُو...(مقاي يس)

فالمسعر هو الذي يرفع أو يخفض قيمة الأشياء

والتسعير في حق الله يتعلق بنوعي التدبير ، فالتدبير منه ما هو متعلق بتصريف المقادير وهو التدبير الكوني ، ومنه ما هو متعلق بالحكم الشرعي وهو التدبير الشرعي ، فالأول هو المقصود بحديث النهي عن التسعير ، لأن ارتفاع السعر أو انخفاضه في هذا المقام مرتبط بالتدبير الكوني والتقدير الأزلي ، فالسعر يرتفع بين الناس إما لقلة الشيء وندرته ، وإما لزيادة الطلب وكثرته ، وهذه أمر يتعلق بمشيئة الله وحكمته ،
وأما التسعير المتعلق بالتدبير الشرعي فهو منع الظلم وكفه عن الناس ، بمنع استغلال حاجتهم أو احتكار التجار لسلعتهم طلبا لزيادة الأسعار ...

59- هو الشافي فعن عبد العزيز بن صهيب قال: دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك - رضي الله عنه - فقال ثابت: يا أبا حمزة , اشتكيت , فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ , قال: بلى , قال: " اللهم رب الناس , مذهب البأس , اشف أنت الشافي , لا شافي إلا أنت , شفاء لا يغادر سقما " (صحيح البخاري)
والشافي اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو شتق من فعل شفى قال ابن فارس: (شَفِيَ) الشِّينُ وَالْفَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَدُلُّ عَلَى الْإِشْرَافِ عَلَى الشَّيْءِ ; يُقَالُ أَشَفَى عَلَى الشَّيْءِ إِذَا أَشْرَفَ عَلَيْهِ. وَسُمِّيَ الشِّفَاءُ شِفَاءً لِغَلَبَتِهِ لِلْمَرَضِ وَإِشْفَائِهِ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ اسْتَشْفَى فُلَانٌ، إِذَا طَلَبَ الشِّفَاءَ. وَشَفَى كُلِّ شَيْءٍ: حَرْفُهُ. وَهَذَا مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِبْدَالِ، وَتَكُونُ الْفَاءُ مُبْدَلَةً مِنْ يَاءٍ.
وَيُقَالُ أَعْطَيْتُكَ الشَّيْءَ تَسْتَشِفِي بِهِ، ثُمَّ يُقَالُ أَشْفَيْتُكَ الشَّيْءَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَيُقَالُ أَشْفَى الْمَرِيضُ عَلَى الْمَوْتِ، وَمَا بَقِيَ مِنْهُ إِلَّا شَفًى أَيْ قَلِيلٌ. فَأَمَّا قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
أَوْفَيْتُهُ قَبْلَ شَفًى أَوْ بِشَفَى
قَالُوا: يُرِيدُ إِذَا أَشْفَتِ الشَّمْسُ عَلَى الْغُرُوبِ.
وَأَمَّا الشَّفَةُ فَقَدْ قِيلَ فِيهَا إِنَّ النَّاقِصَ مِنْهَا وَاوٌ، يُقَالُ ثَلَاثُ شَفَوَاتٍ. وَيُقَالُ رَجُلٌ أَشْفَى، إِذَا كَانَ لَا يَنْضَمُّ شَفَتَاهُ، كَالْأَرْوَقِ. وَقَالَ قَوْمٌ: الشَّفَةُ حُذِفَتْ مِنْهَا الْهَاءُ، وَتَصْغِيرُهَا شُفَيْهَةٌ. وَالْمُشَافَهَة ُ بِالْكَلَامِ: مُوَاجَهَةٌ مِنْ فِيكَ إِلَى فِيهِ. وَرَجُلٌ شُفَاهِيٌّ: عَظِيمُ الشَّفَتَيْنِ. وَالْقَوْلَانِ مُحْتَمَلَانِ، إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَجْوَدُ لِمُقَارَبَةِ الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، لِأَنَّ الشَّفَتَيْنِ تُشْفِيَانِ عَلَى الْفَمِ. (مقاييس)
و الشفاء هو البرء من المرض كما هو معلوم
وقال تعالى إخبارا عن إبراهيم: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)
فالشافي هو الذي يذهب السُقم ويظهر البُرء
ولقد جعل الله لنيل شفائه أسباب منها الرقية الشرعية ومنها الأدوية الطبيعية. والقرآن يشفي من الأمراض الروحية والحسية لأنه كلام الشافي سبحانه.

60-هو المنان فعن أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَي يَا قَيُّومُ ، فَقَالَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِي بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى (سنن أبي داود وصححه الألباني)
والمنان اسم فاعل على وزن فعال يفيد كثرة المعاودة والتكرار وهو مشتق من فعل منّ قال ابن فارس: (مَنَّ) الْمِيمُ وَالنُّونُ أَصْلَانِ. أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى قَطْعٍ وَانْقِطَاعٍ، وَالْآخَرُ عَلَى اصْطِنَاعِ خَيْرٍ.
الْأَوَّلُ [الْمَنُّ] : الْقَطْعُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: مَنَنْتُ الْحَبْلَ: قَطَعْتُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 6] . وَالْمَنُونُ: الْمَنِيَّةُ، لِأَنَّهَا تَنْقُصُ الْعَدَدَ وَتَقْطَعُ الْمَدَدَ. وَالْمَنُّ: الْإِعْيَاءُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْيِيَ يَنْقَطِعُ عَنِ السَّيْرِ. قَالَ:
قَلَائِصًا لَا يَشْتَكِينَ الْمَنَّا
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْمَنُّ، تَقُولُ: مَنَّ يَمُنُّ مَنًّا، إِذَا صَنَعَ صُنْعًا جَمِيلًا. وَمِنَ الْبَابِ الْمُنَّةُ، وَهِيَ الْقُوَّةُ الَّتِي بِهَا قِوَامُ الْإِنْسَانِ، وَرُبَّمَا قَالُوا: مَنَّ بِيَدٍ أَسْدَاهَا، إِذَا قَرَّعَ بِهَا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَطَعَ الْإِحْسَانَ، فَهُوَ مِنَ الْأَوَّلِ. (مقاييس)
قال تعالى: قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)
وقال: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)

فهو المنان اي هو المكثر والعواد بالتفضل على العباد بما أنعمه عليهم من نعم ، ولا منّة لأحد من عباده عليه سبحانه لأنه الرب

جُرَيْج
2016-11-02, 07:18 AM
60-61- هو المقدم المؤخر عن أبي موسى الأشعري أن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ : " رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَاي وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ ، وَأَنْتَ عَلَي كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ" (صحيح البخاري ومسلم)
وهما اسمان متقابلان متلازمان وهما مشتقان من فعل قدم وأخر وهما دالان على صفات الله الفعلية بخلاف اسميه الأول والآخر فانهما مختصان بصفاته الذاتية سبحانه
فالمقدم وهو الذي ينزل الأشياء بمنازلها في الأول قبل آخرها
والمؤخر هو الذي ينزل الأشياء بمنازلها في الآخر بعد أولها
والتقديم والتأخير المتعلق بتدبير الله ينقسم إلى نوعين ، نوع كوني وآخر شرعي
مثال الكوني تقديم كتابة المقادير على خلقها والأسباب على مسبباتها وخلق على خلق كخلق السماوات والأرض على خلق الإنسان وأزمان على أزمان وأمم على أمم وعلم على علم ...
مثال الشرعي تقديم بعض الأنبياء على بعض زمانا ومكانة وتقديم بعض الشرائع على بعض وتقديم بعض الأحكام على بعض كالناسخ والمنسوخ ...

63-62- هو الولي المولى قال تعالى:.. وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وقال تعالى: قال تعالى: ...وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)
والولي من ولي يلي فهو وال والوال اسم فاعل والولي على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد. ومنه المولى على وزن مفعل.
وولاية الله لعباده تعني قربه منهم بتوليه أمرهم.
وولاية الله نوعان عامة وخاصة
اما العامة فهي التي تقتضي تدبير الأمور.. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)
أما الولاية الخاصة: فهي فقط للمؤمنين المتقين الصالحين قال تعالى: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)
وقال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)
وقال تعالى: ... وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)
وتولي الله أمرهم خاصة يكون بإخراجهم من الظلمات الى النور قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)
ولا يصبح العبد وليا لله حتى يؤمن به ويتقيه بطاعته فيما فرضه الله عليه ثم بالتقرب اليه بالنوافل فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله قال :"من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) رواه البخاري). وفي رواية أخرى: فبي يسمع ، وبي يبصر ، وبي يبطش ، وبي يمشي .
وهذا من تمام خروجه من الظلمات الى النور.

والولي عكسه العدو فالولاية تدل على الموالاة وأصل الموالاة هي المحبة كما أن أصل المعاداة البغض فإن التحاب يوجب التقارب والاتفاق والتباغض يوجب التباعد والاختلاف
والعدو من العدواء وهو البعد ومنه العدوة والشيء إذا ولي الشيء ودنا منه وقرب إليه اتصل به كما أنه إذا عدي عنه ونأي عنه وبعد منه كان ماضيا عنه
فأولياء الله ضد أعدائه يقربهم منه ويدنيهم إليه ويتولاهم ويتولونه ويحبهم ويرحمهم ويكون عليهم منه صلاة وأعداؤه يبعدهم ويلعنهم وهو إبعاد منه ومن رحمته ويبغضهم ويغضب عليهم وهذا شأن المتوالين والمتعادين.

ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻟﻲ ﻭﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻟﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻰ ﺃﻣﺮﻙ ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ ﺣﺎﻟﻚ ﻭﺣﺎﻝ ﻏﻴﺮﻙ من دون أن تسأله ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ تعتصم به قال تعالى: ...وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) ولا مولى بحق الا الله فكل من اعتصم بغير الله فلا مولى له قال تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِين َ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)

64- هو الوكيل قال تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) والوكيل اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل وكل قال ابن فارس: (وَكَلَ) الْوَاوُ وَالْكَافُ وَاللَّامُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِ غَيْرِكَ فِي أَمْرِكَ. مِنْ ذَلِكَ الْوُكَلَةُ، وَالْوَكَلُ: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ. يَقُولُونَ وُكَلَةٌ تُكَلَةٌ. وَالتَّوَكُّلُ مِنْهُ، وَهُوَ إِظْهَارُ الْعَجْزِ فِي الْأَمْرِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى غَيْرِكَ. وَوَاكَلَ فُلَانٌ، إِذَا ضَيَّعَ أَمْرَهُ مُتَّكِلًا عَلَى غَيْرِهِ. وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ يُوكَلُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ. وَالْوِكَالُ فِي الدَّابَّةِ: أَنْ يَتَأَخَّرَ أَبَدًا خَلْفَ الدَّوَابِّ، كَأَنَّهُ يَكِلُ الْأَمْرَ فِي الْجَرْيِ إِلَى غَيْرِهِ. وَفِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لَا يُوَاكِلُ نَهْزَهَا
أَيْ لَا يُبْطِئُ ; وَأَصْلُهُ مِنَ الْمُوَاكَلَةِ. [وَ] وَاكَلْتُ الرَّجُلَ، إِذَا اتَّكَلْتَ عَلَيْهِ وَاتَّكَلَ عَلَيْكَ. وَيَقُولُونَ: الْوَكَالُ فِي الدَّابَّةِ: أَنْ يَسِيرَ بِسَيْرِ الْآخَرِ. (مقاييس)
وقال تعالى عن عبده المؤمن : فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)
وقال تعالى في سورة يوسف: {والله على ما نقول وكيل} أي كفيل

فالوكيل هو الكفيل المعتمد عليه في كل شيء والمفوض اليه كل أمر .

جُرَيْج
2016-11-02, 07:25 AM
تصحيح للعد

جُرَيْج
2016-11-03, 07:44 AM
65-66- هو الحكيم الحكم
قال تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)
وعن شُرَيْح عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يَكْنُونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ فَقَالَ : إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِي كِلاَ الْفَرِيقَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَا أَحْسَنَ هَذَا ، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ ؟ قَالَ لِي شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ ؟ قُلْتُ : شُرَيْحٌ ، قَالَ : فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ .( رواه أبو داود وصححه الألباني)
وهما من فعل حكم والحكيم على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد .وقال ابن فارس (حكم) الحاء والكاف والميم أصل واحد، وهو المنع. وأول ذلك الحُكم، وهو المنع من الظلم. وسميت حكمة الدابة لأنها تمنعها، يقال حكمت الدابة وأحكمتها. ويقال: حكمت السفيه وأحكمته، إذا أخذت على يديه. قال جرير:
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا
والحكمة هذا قياسها، لأنها تمنع من الجهل. وتقول: حكمت فلانا تحكيما منعته عما يريد...(مقاييس اللغة)
وقال الزجاجي :كذلك الحكيم من الناس إنما سمي حكيمًا لأنه يمتنع من فعل القبائح ويمنع نفسه منها وإن كان كذلك فهو عالم، لأنه ليس كل من كان منا عالمًا يمتنع من فعل القبائح.
والحكيم لا يسمى حكيمًا حتى يكون عالمًا محكم الأفعال ممتنعًا من القبائح ومجانسة الجهال، وملابسة القبيح والظلم.
وكذلك حكم الحاكم على المحكوم عليه إنما هو أن يلزمه أمرًا واجبًا عليه، ويمنعه الخروج عنه ومخالفته، وكذلك الحاكم بين الناس إنما هو الفاصل بينهم بعلمه والملزم لهم ما لا يمكنهم مخالفته (اشتقاق الأسماء)
وزاد شيخ الإسلام: الحكم هو الفصل بين الشيئين بالحق
وكذلك الحد هو الفصل بين الشيئين
والمنع جزء مسماه
فالمنع بعض معنى الفصل
فإن الفصل بين الشيئين يتضمن منع كل منها من الآخر
وإلا فليس كل من منع غيره من شيء قيل انه أحكمه حتى يكون منعاً بحق وحتى يكون ممنوعاً من شيء دون شيء
والحكم هو الفاصل ويقال يوم الفصل وحكم فيصل
واحكم بيننا ولا يقال امنع بيننا
والحكمة هي الفصل بين الحق والباطل والخير والشر والصدق والكذب علماً وعملاً قال تعالى:ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ [الإسراء 39] وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي السنة لأنها بينت ما يؤمر به وما ينهى عنه لأنها بينت ما يؤمر به وما ينهى عنه

فالحكيم هو الذي امتنع عن كل ما ينافي كماله وفصل بين كل ضدين علما وفعلا سبحانه
واسمه الحكم يدل على الفصل بين الضدين والمتعارضين وانزال كل منهما بمنزلته فهو يدخل في اسمه الحكيم والحكيم أشمل من حيث الدلالة فلذلك هو الذي أحسن واتقن كل شيء خلقه ووضع كل شيء في مكانه وزمانه ولذلك هو الذي أنزل الكتاب محكمة أياته وجعله عليا حكيما ممتنع عن المعارضة ولذلك هو الذي يحكم بالعدل فيفصل بين العباد ....

67- هو الفتاح قال تعالى: قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)
والفتاح اسم فاعل على وزن فعال ويفيد كثرة المعاودة والتكرار وهو مشتق من فعل فتح قال ابن فارس: (فَتَحَ) الْفَاءُ وَالتَّاءُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْإِغْلَاقِ.
يُقَالُ: فَتَحْتُ الْبَابَ وَغَيْرَهُ فَتْحًا. ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا سَائِرُ مَا فِي هَذَا الْبِنَاءِ. فَالْفَتْحُ وَالْفِتَاحَةُ: الْحُكْمُ. وَاللَّهُ تَعَالَى الْفَاتِحُ، أَيِ الْحَاكِمُ. قَالَ الشَّاعِرُ فِي الْفِتَاحَةِ:
أَلَا أَبْلِغْ بَنِي عَوْفٍ رَسُولًا ... بِأَنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ
وَالْفَتْحُ: الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ غَيْرِهَا. وَالْفَتْحُ. النَّصْرُ وَالْإِظْفَارُ. وَاسْتَفْتَحْتُ : اسْتَنْصَرْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ» . وَفَوَاتِحُ الْقُرْآنِ: أَوَائِلُ السُّوَرِ. وَبَابٌ فُتُحٌ، أَيْ وَاسِعٌ مَفْتُوحٌ. (مقاييس)
وقال تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (فاطر :2)
قال الزجاج: الفتاح والفاتح: الحاكم {ربنا افتح بيننا} أي: احكم بيننا. وأصله من فتح الباب بعد إغلاقه، كأن الحاكم إذا حكم بينهم فقد فتح الباب إلى الحق وبينه.

فالفتاح هو الذي لا يغلق خزائن رحمته على عباده ولا يمسكها عنهم بل يعطيهم حقهم وزيادة لذلك هو الذي يرزق ويُعلم ويحكم فيفصل...

عبد الباسط آل القاضي
2016-11-03, 05:17 PM
وجدت في البحث أنه لم يدرج إسم الطبيب مع أنه قد ورد في الحديث أن الله هو الطبيب ؛ وكذا في إسم المتين فإنه لم يذكره مضافا إذ جاء ( ذو القوة المتين ) وهو على مثل اسم ( ذو الجلال والاكرام )فهل لكم في ذلك تعليق ..

جُرَيْج
2016-11-04, 07:26 AM
وجدت في البحث أنه لم يدرج إسم الطبيب مع أنه قد ورد في الحديث أن الله هو الطبيب ؛ وكذا في إسم المتين فإنه لم يذكره مضافا إذ جاء ( ذو القوة المتين ) وهو على مثل اسم ( ذو الجلال والاكرام )فهل لكم في ذلك تعليق ..
صدقت
لم يدرج اسم الطبيب لأن العلماء اشترطوا في إحصاء أسماء الله الحسنى أن لا يكون مقيدا وأن يكون الوصف الذى دل عليه الإسم في غاية الكمال فلا يكون المعنى عند تجرد اللفظ منقسما إلى كمال أو نقص أو يحتمل شيئا يحد من إطلاق الكمال و الحسن .. راجع هذه المدارسة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=72669

أما الجواب عن سؤالك في قوله تعالى: ( ذو القوة المتين )
1- قال الإمام الطبري: اختلفت القرّاء في قراءة قوله (المَتِين) ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا يحيى بن وثاب والأعمش: (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) رفعا، بمعنى: ذو القوّة الشديد، فجعلوا المتين من نعت ذي، ووجهوه إلى وصف الله به. وقرأه يحيى والأعمش (المَتِين) خفضا، فجعلاه من نعت القوّة، وإنما استجاز خفض ذلك من قرأه بالخفض، ويصيره من نعت القوّة، والقوّة مؤنثة، والمتين في لفظ مذكر، لأنه ذهب بالقوّة من قوي الحبل (1) والشيء المبرم: الفتل، فكأنه قال على هذا المذهب: ذو الحبل القوي. وذكر الفراء أن بعض العرب أنشده:
لكُلّ دَهْرٍ قَدْ لَبِسْتُ أثْؤُبَا ... مِنْ رَبْطَةٍ واليُمْنَةَ المُعصَّبا (2)
فجعل المعصب نعت اليمنة، وهي مؤنثة في اللفظ، لأن اليمنة ضرب وصنف من الثياب، فذهب بها إليه.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) رفعا على أنه من صفة الله جلّ ثناؤه، لإجماع الحجة من القرّاء عليه، وأنه لو كان من نعت القوّة لكان التأنيث به أولى، وإن كان للتذكير وجه.

2- "ذو" ليس من علامات الإسم بل من علامات الإتصاف وهناك فرق كبير بين الإسم والصفة كما تعلم
3- ذو الجلال والإكرام هو نعت للوجه وصفة للذات وليس اسم

جُرَيْج
2016-11-04, 07:29 AM
68- هو النصير قال تعالى: ...وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)
والنصير بمعنى فاعل من نصر ينصر وهو على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وقال ابن فارس (نصر) النون والصاد والراء أصل صحيح يدل على إتيان خير وإيتائه. ونصر الله المسلمين: آتاهم الظفر على عدوهم، ينصرهم نصرا. وانتصر: انتقم، وهو منه..(مقاييس)
والنصر عكس الخذل قال تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)
ونصر الله يقتضي جعل المخذول مغلوبا أي مقهورا مذلولا
قال تعالى: وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116)
وقال تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)
وقال تعالى: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)
وقال تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)
فالنصير هو الغالب على أمره الذي يغلب ولا يغلب
الذي ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد والذي ينتصر لهم بانتقامه من المجرمين الذين أعرضوا عن دعوتهم وتذكيرهم بأيات ربهم. وقد اشترط الله شرطا لمن أراد النصر والغلبة والتمكين وهو في قوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) ونصر الله يكون بإعلاء كلمته في الأرض أي بتبليغ دينه واظهاره على الدين كله ولو كره المشركون ويكون ذلك أولا بالدعوة ثم بالجهاد! فان فعلنا أصبحنا ظاهرين على أعدائنا قال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّي نَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّون َ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)

69- هو المؤمن قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
والمؤمن اسم مشتق من فعل أمن قال ابن فارس: (أَمَنَ) الْهَمْزَةُ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ أَصْلَانِ مُتَقَارِبَانِ: أَحَدُهُمَا الْأَمَانَةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْخِيَانَةِ، وَمَعْنَاهَا سُكُونُ الْقَلْبِ، وَالْآخَرُ التَّصْدِيقُ. وَالْمَعْنَيَان ِ كَمَا قُلْنَا مُتَدَانِيَانِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَمَنَةُ مِنَ الْأَمْنِ. وَالْأَمَانُ إِعْطَاءُ الْأَمَنَةِ. وَالْأَمَانَةُ ضِدُّ الْخِيَانَةِ.....
وَأَمَّا التَّصْدِيقُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] أَيْ: مُصَدِّقٍ لَنَا. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ " الْمُؤْمِنَ " فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ أَنْ يَصْدُقَ مَا وَعَدَ عَبْدَهُ مِنَ الثَّوَابِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مُؤْمِنٌ لِأَوْلِيَائِهِ يُؤْمِنُهُمْ عَذَابَهُ وَلَا يَظْلِمُهُمْ. فَهَذَا قَدْ عَادَ إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ.... (مقاييس)

المؤمن هو الذي صدق فعله قوله فإنما قوله لشيء اذا اراده أن يقول له كن فيكون ، فهو المصدق رسله بالبينات والمعجزات وأوليائه بالكرامات وخوارق العادات والمؤمنين بالأمن والتمكين والمنافقين والكافرين بالعذاب الأليم هو الذي يؤمن من آمن به ولم يلبس إيمانه بظلم من بأسه الشديد وعذابه الأليم وهو الذي يصدقهم على إيمانهم بقبوله منهم وإثابتهم عليه.

70- هو المهيمن قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
والمهيمن اسم فاعل للموصوف بالهيمنة على غيره، وهو بمعنى الشاهد المؤتمن المسيطر الحاكم قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) فمن هيمنته سبحانه أنه هيمن بكتابه على كتبه فجعله شاهدا على ما فيها وناسخا لشرعها ومسيطرا عليها فجعل القرآن مهيمنا على الكتب السابقة كالتوراة والزبور والإنجيل يشهد بما فيها من الحق وينفي ما حرف فيها ويحكم بإقرار ما أقره الله من أحكامها وينسخ ما نسخه الله منها وهو مؤتمن في ذلك عليها.

جُرَيْج
2016-11-05, 07:16 AM
71- هو الجبار قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
والجبار اسم مشتق من جبر قال ابن فارس (جَبَرَ) الْجِيمُ وَالْبَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ جِنْسٌ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالْعُلُوِّ وَالِاسْتِقَامَ ةِ. فَالْجَبَّارُ: الَّذِي طَالَ وَفَاتَ الْيَدَ، يُقَالُ فَرَسٌ جَبَّارٌ، وَنَخْلَةٌ جَبَّارَةٌ.... وقال: وجبرت العظم فجبر. (أي أصلح كسره فاستقام) وَيُقَالُ لِلْخَشَبِ الَّذِي يُضَمُّ بِهِ الْعَظْمُ الْكَسِيرُ جِبَارَةٌ، وَالْجَمْعُ جَبَائِرُ... وقال: وَيُقَالُ أَجْبَرْتُ فُلَانًا عَلَى الْأَمْرِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْقَهْرِ وَجِنْسٍ مِنَ التَّعَظُّمِ عَلَيْهِ.
(مقاييس اللغة)
فالجبار سبحانه هو الذي يقيم ويصلح الأشياء فيجبر الفقر بالغنى والمرض بالصحة ، والخيبة والفشل بالتوفيق والأمل ، والخوف والحزن بالأمن والاطمئنان ، والجبار هو الذي لا يقصم ولا يمكن الوصول اليه ليقهر سبحانه بل هو المتكبر على كل شيء الذي يقصم المتكبرين والجبارين ويطبع على قلوبهم ثم يخيبهم ويدخلهم النار وهو الجبار الذي لا يحصل في ملكه الا ما يشاء وعند الجبرية (فرقة ضالة من فرق المسلمين) الجبر هو اكراه العبد على فعل ما لا يشاء وهذا المعنى مردود لقوله تعالى : ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (البقرة:256) ، وإنما يتحقق الجبار بمعنى الإجبار فيما لا اختيار فيه ولا تكليف به ولا مسؤولية عليه ، كالسنن الكونية التي لا تحويل فيها ولا تبديل ، ومنها الحركات اللاإرادية في الإنسان كحركة القلب وسريان النفس والروح في الأبدان وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده وركوعه : سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة.. فهو ذو الجبروت لأنه ذي الملكوت وذو الكبرياء لأنه ذي العظمة. والملكوت هو ما بطن من تدبير الملك. فالجبار في حق الله وصف محمود من معان الكمال ، وفى حق العباد وصف مذموم من معاني النقص فكل من تكبر وتجبر قصمه الله وكسره تبارك .
قال شيخ الإسلام :الجبر من الله بهذا الاعتبار معناه القهر والقدرة وأنه يقدر أن يفعل ما يشاء ويجبر على ذلك ويقهرهم عليه فليس كالمخلوق العاجز الذي يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء ومن جبره وقهره وقدرته أن يجعل العباد مريدين لما يشاء منهم إما مختارين له طوعا وإما مريدين له مع كراهتهم له ويجعلهم فاعلين له وهذا الجبر الذي هو قهره بقدرته لا يقدر عليه غيره وليس هو كإجبار غيره وإكراهه من وجوه: (منها أن ما سواه عاجز لا يقدر أن يجعل العباد مريدين لما يشاؤه ولا فاعلين له. ومنها: أن غيره قد يجبر الغير ويكرهه إكراها يكون ظالما به والله تعالى عادل لا يظلم مثقال ذرة. ومنها: أن غيره قد يكون جاهلا أو سفيها لا يعلم ما يفعله وما يجبر عليه ولا يقصد حكمة تكون غير ذلك والله عليم حكيم ما خلقه وأمر به له فيه حكمة بالغة صادرة من علمه وحكمته وقدرته.

72- هو العظيم قال تعالى: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)
وهو اسم مشتق من عظم وهو على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد والعظيم لغة عكس الهين لقوله تعالى: ...وَتَحْسَبُونَ ُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) اي شديد وسمي العظم عظما لأنه شديد لا ينكسر... ويأتي عكس الصغير الحقير لقوله تعالى: ..فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ.. وقال ابن فارس: (عَظَمَ) الْعَيْنُ وَالظَّاءُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى كِبَرٍ وَقُوَّةٍ. فَالْعِظَمُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الْعَظِيمِ. تَقُولُ: عَظُمَ يَعْظُمُ عِظَمًا، وَعَظَّمْتُهُ أَنَا. فَإِذَا عَظُمَ فِي عَيْنَيْكَ قُلْتَ: أَعْظَمْتُهُ وَاسْتَعْظَمْتُ هُ. وَمُعْظَمُ الشَّيْءِ: أَكْثَرُهُ. وَعَظْمَةُ الذِّرَاعِ: مُسْتَغْلَظُهَا . وَهِيَ الْعَظِيمَةُ: النَّازِلَةُ الْمُلِمَّةُ الشَّدِيدَةُ. قَالَ:
إِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ ... وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إِخَالُكَ نَاجِيًا
وَمِنَ الْبَابِ الْعَظْمُ، مَعْرُوفٌ، وَهُوَ سُمِّي بِذَلِكَ لِقُوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ. (مقاييس)
فالعظيم هو بمعنى الكبير الشديد فكل ما دونه صغير مهان ضعيف. والفرق بين العظيم والكبير أن العظيم يدل على الشدة أكثر مما يدل على الكبر والعكس في اسمه الكبير.
فهو تبارك وتعالى العظيم أي بمعنى الشديد الكبير المتصف بصفات كثيرة وكبيرة الشأن .
وال (شد) الشين والدال أصل واحد يدل على قوة في الشيء، وفروعه ترجع إليه. من ذلك شددت العقد شدا أشده. فالله عز وجل شديد في صفاته لا تنفك عنه صفة تبارك وتعالى فلذلك ان بطشه لشديد وهو شديد المحال وشديد العذاب وشديد العقاب. وهو الكبير بها فكل ما دونه صغير مهان.

جُرَيْج
2016-11-06, 07:24 AM
73- هو الكبير قال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)
وهو اسم مشتق من فعل كبر وهو على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وصيغته يدل على تعظيم المتصف بالكِبَر والكِبَر لغة بمعنى العظمة وهو أيضا عكس الصغر فالكبير هو أكبر من كل شيء بذاته وأسمائه وصفاته فكل ما دونه صغير مهان اي هو الكبير في ذاته فما السماوات والأرض في يده الا كخردلة في يد أحدنا وله المثل الأعلى وهو الكبير في أسمائه وصفاته الذي تصاغر أمامه الأغنياء لأنه الغني الرزاق رب العالمين الذي له خزائن السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، والذي تصاغر أمامه الرحماء لأنه أرحم الراحمين الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء والذي هو ارحم بالعبد من الأم بولدها والذي تصاغر أمامه الملوك لأنه مالك الملك الملك رب العرش العظيم يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء والذي تصاغر أمامه العلماء لأنه العليم الحكيم الخبير عالم الغيب والشهادة الذي علم الإنسان ما لم يعلم والذي تصاغر أمامه الأسياد لأنه السيد الصمد الذي تصمد الى اليه الخلائق في جميع حوائجها..... فكل من كان كبيرا في شيء محمود فهو صغير امام الله والله أكبر منه.. هو اذا الكبير الذي فاق تسبيح المسبحين وحمد الحامدين وتقديس المقدسين . والتكبر ايضا يستلزم العلو والترفع , والعلو يستلزم التكبر قال الله تعالى عن فرعون:"واستكبر هو وجنوده في الأرض ".وقال "ان فرعون علا في الأرض ".لذلك اقترن الاسمان في قوله عز وجل "وهو العلي الكبير " "وأن الله هو العلي الكبير " "عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال".

74- هو المتكبر قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
والمتكبر اسم فاعل للموصوف بالكبر والكبْرياء، طبعا مع زيادة في الوزن ، وأصل الكبر والكبرياء الامتناع والترفع فالمتكبر هو الممتنع المترفع المتعالي على الخلق وسبب ذلك هو الإتصاف بالعظمة فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ": قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري (وفي رواية : العز ازاري)، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار " ، وروي بألفاظ مختلفة منها "عذبته" و"قصمته" ، و"ألقيته في جهنم" ، و"أدخلته جهنم" ، و"ألقيته في النار" ) الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وغيرهم وصححه الألباني) ومعنى الْكَلَام: أَن الْكِبْرِيَاء وَالْعَظَمَة صفتان لله اخْتصَّ بهما لَا يشركهُ فيهمَا أحد كَمَا لَا يُشْرك الْإِنْسَان فِي رِدَائه وَإِزَاره أحد . وجعل العظمة كالإزار، والكبرياء كالرداء، والمعلوم أن الرداء فوق الإزار فالكبرياء فوق العظمة ولهذا كان المشروع في العبادات الله أكبر دون الله أعظم وذلك في الصلاة والأذان والأعياد والمناسك وعلى الأشراف حتى لو قال المؤذن الله أعظم أو الله الكبير أو الله الأكبر لكان قد بدل شريعة الإسلام عند جميع المسلمين وكان ذلك مما ينكره المسلمون كلهم. والكبرياء والعظمة لا تصلح إلا لله لأنه رب العالمين الاله الحق فكل ما سواه مربوب وعبد فالكبرياء في صفات الله مدح وفي صفات المخلوقين ذم . فكل من نازعه لباسه ببطر الحق أي رفضه وغمط الناس أي احتقارهم قصمه المتكبر جل جلاله فلذلك له الكبرياء في السماوات والأرض فكل شيء منقاد لأمره . ومن مقتضى كبريائه أنه امتنع عن أن يراه أحد لكن رحمته للمؤمنين اقتضت أن يريهم وجهه في الجنة فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" (إن في الجنة جنتين) (من فضة , آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب , آنيتهما وما فيهما , وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن ") (رواه البخاري ومسلم والزيادة للترمذي ).

جُرَيْج
2016-11-07, 07:03 AM
75- هو العزيز قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
والعزيز في كلام العرب يأتي بمعنى الغالب القاهر ومنه قوله عز وجل: {وعزني في الخطاب} ويأتي بمعنى الجليل الشريف عكس الذليل ومنه قوله عز وجل: {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} ويأتي بمعنى الشديد القوي وفيه زيادة في الشدة ومنه قوله عز وجل: إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) وقال ابن فارس (عَزَّ) الْعَيْنُ وَالزَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى شِدَّةٍ وَقُوَّةٍ وَمَا ضَاهَاهُمَا، مِنْ غَلَبَةٍ وَقَهْرٍ. (مقاييس) وقال شيخ الإسلام : العزة تتضمن القدرة والشدة والامتناع والغلبة. تقول العرب: عز يعز بفتح العين إذا صلب وعز يعز بكسرها إذا امتنع وعز يعز بضمها إذا غلب. فهو سبحانه في نفسه قوي متين وهو منيع لا ينال وهو غالب لا يغلب.
فالله تعالى هو العزيز اي المنيع الذي لا ينال فيذل والشديد القوي القهار الذي يذل من يشاء ويعز من يشاء.

76- هو القوي قال تعالى: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)
والقوي اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد والقوة هى صفة يتمكن بها الفاعل من الفعل وهي تدل على القدرة والشدة معا بخلاف العجز والضعف وفي صفة القوة زيادة في الشدة يقال لمن أطاق شيئًا وقدر عليه: «قد قوي عليه» ولمن لم يقدر عليه «قد ضعف عنه» وقال تعالى: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)
فالقوي هو الشديد القدير على ما يشاء

77- هو المتين قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)
والمتين اسم مشتق من فعل متن وهو على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد قال ابن فارس (مَتَنَ) الْمِيمُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى صَلَابَةٍ فِي الشَّيْءِ مَعَ امْتِدَادٍ وَطُولٍ.... (مقاييس) والصلابة بمعنى الشدة والثبات ولا ريب ان الله تعالى احد ليس كمثله شيء وان له نفس مقدسة متصفة بصفات أزلية عظيمة وانه صمد لا تنفك عنه صفة وليس بحاجة ان يزداد بصفة وهو مع هذه الأوصاف تبارك وتعالى المتين سبحانه اي الثابت والشديد بصفاته فلذلك هو الرزاق ذو القوة المتين ولذلك إن كيده متين ولذلك إن كتابه حبل متين من تمسك به نجا ومن فلته هلك.

والفرق بين المتين والعظيم والكبير والقوي أن المتين يدل أكثر على الثبات والعظيم يدل أكثر على الشدة والكبير يدل أكثر على الكبر والقوي يدل أكثر على القدرة كما تبين ذلك سابقا.

جُرَيْج
2016-11-08, 07:44 AM
78-79- هو القاهر القهار قال تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)
و قال تعالى عن يوسف: يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)
والقاهر اسم فاعل لمن قهر يقهر قهرا والقهار كذلك وهو على وزن فعال وبينهما فروق.
والقهر لغة هو الغلبة والتذليل فالقاهر يشبه الآسر والمقهور يشبه الأسير.
فالقاهر هو الغالب عبادَه الذي دان وخضع وذل له كل شيء
والفرق بين اسم الله القاهر والعزيز والقوي والنصير أن في العزيز زيادة في الشدة والإمتناع وفي القاهر زايدة في الإذلال وفي القوي زيادة في القدرة وفي النصير زيادة في الغلبة.
ومن سعي كل قاهر في الدنيا أن يكون مستعليًا على مقهوره أي عاليا فوقه وقد حقق ذلك ربنا سبحانه فعلا علوا مطلقا فوق جميع خلقه سبحانه فهو بائن عنهم لا ينال مستوي على عرشه فوقهم قاهر لهم سبحانه بحكمته وخبرته .قال تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)
والقهار بمعنى القاهر ولكن يفيد المداومة والمعاودة كأواب وضحاك وقتال... وذلك لإثبات ألوهيته وربوبيته.
قال تعالى عن يوسف: يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)
وقال تعالى: ...أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)
فلو كان لله شركاء سبحانه لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض أي لغلب وذل أحدهم الآخر لأن من شأن القهر الإذلال والإستعلاء .
قال تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)
فالله هو القاهر الغالب عبادَه الذي دان وخضع وذل له كل شيء
وهو القهار المكثر والعواد بالقهر الذي يقهر المعاندين بأياته الدالة على وحدانيته ويقهر الجبابرة من خلقه بعز سلطانه ويقهر الخلق كلهم بالموت والبعث والحساب.

80-81-82- هو المالك الملِك المليك، وهي أسماء من اتصف بصفة الملك
قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
وعن أَبي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّ أَخْنَع اسْمٍ عِنْدَ اللّهِ رَجُلٌ تَسَمَّىٰ مَلِكَ الأَمْلاَكِ ، لاَ مَالِكَ إِلاَّ اللّهُ عَزَّ وَجَل (صحيح مسلم)
وقال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
فهو المالك اي الذي له وبيده الملك والملكوت أي كل شيء دون الله هو لله لأنه خالقه فهو المنفرد بالتصرف فيه والفرق بين الملك والملكوت ان الملك هو ما تعلق بعالم الشهادة فهو ما ظهر للناس والملكوت هو ما تعلق بعالم الغيب فهو ما بطن عنهم وخفيت أسراره.
أما الملِك فهو المنفرد بالأمر يأمر فيطاع طوعا او كرها ولهذا يقال " ملك " للحي المطاع الأمر ولا يقال في الجمادات: لصاحبها " ملك "؛ إنما يقال له: " مالك " فالمالك هو المتصرف بفعله والملك هو المتصرف بفعله وأمره. وامر الله تبارك وتعالى كوني وشرعي فمن فرّ من أمره الشرعي لم يزل في أمره الكوني لذلك هو ملك الملوك ومالك الملك الذي لا يخالف أمره بل إنما أمره اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون! ومن لوازم كل ملك في الدنيا أن يكون له مملكة وعرش وخزائن وجنود ورسل وأن يكون بيده الأمر والثواب والعقاب ولله المثل الأعلى فالله جل جلاله هو ملك الملوك مالك الملك رب العرش العظيم الذي استوى على عرشه أي علا وارتفع فهو فوق جميع خلقه بائن عنهم لا يصلون اليه لينفعوه ولا ليضروه له خزائن السماوات والأرض وله جنود السماوات والأرض أرسل ملائكته الى الأرض بكتبه على رسله فأمرهم بدعوة عباده الى دار السلام بشرط أن يأتوه مسلمين وأعد للمؤمنين الطائعين منهم جنات تجري من تحتها الأنهار وللكافرين المعرضين منهم عذاب النار.

واسم الله المليك هو بمعنى اسمه الملك ولكن فيه من المبالغة ما ليس في اسمه الملك كذلك المقتدر وذلك لحكمة. فقد ذُكرا في آخر سورة القمر في قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) فذكر تعالى مصير المتقين "يوم القيامة" أنهم بالقرب من المليك المقتدر ولم يقل عند ملك مقتدر لأن أكثر الناس في الدنيا في ريب وغفلة عن حقيقة انفراد الله بالملك التام والقدرة الشاملة مما أدى اكثرهم الى تكذيب الأيات والرسل ومحاربتهم وهذا ما يدل عليه السياق في سورة القمر فلن يستبين لهم هذان الإسمان اي الملك والقدير الا عندما تقوم الساعة "يوم يدعو الداعي الى شيء نكر" يومئذ يتبين لمن الملك والقدرة حقيقة ولذلك والله أعلم ختمت السورة باسم الله المليك والمقتدر للتأكيد والمبالغة بظهور اسمي الله الملك والقدير يوم القيامة.

جُرَيْج
2016-11-09, 06:43 AM
83- هو الحق قال تعالى: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)
وهو اسم مشتق من فعل حق قال ابن فارس: (حَقَّ) الْحَاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى إِحْكَامِ الشَّيْءِ وَصِحَّتِهِ. فَالْحَقُّ نَقِيضُ الْبَاطِلِ، ثُمَّ يَرْجِعُ كُلُّ فَرْعٍ إِلَيْهِ بِجَوْدَةِ الِاسْتِخْرَاجِ وَحُسْنِ التَّلْفِيقِ وَيُقَالُ حَقَّ الشَّيْءُ وَجَبَ. (مقاييس) والحق عكسه الباطل ويفيد اليقين وعدم وجود الريب.
فهو الحق الذي لا ريب فيه والذي لا يقوم امامه الباطل
.هو الذي خلق السماوات والأرض بالحق وأرسل رسله مبشرين ومنذرين بالحق فدعا عباده الى عبادته لأنه الملك المولى الإله الحق وختمهم برسوله النبي الأمي صلى الله عليه وسلم بالحق فأنزل عليه القرآن الذي لا ريب فيه والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بل أزهق واذهب ومحا به الباطل وأحق الحق بكلماته وهدى الناس الى الحق وأظهر دينه الحق على جميع الأديان الباطلة لأنه الحق , ووعده الحق , ولقاؤه حق , وقوله حق , والجنة حق , والنار حق , والنبيون حق , ومحمد صلى الله عليه وسلم حق , والساعة حق ....

84- هو المبين قال تعالى: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)
والمبين اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل بين قال ابن فارس: (بَيْنَ) الْبَاءُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ بُعْدُ الشَّيْءِ وَانْكِشَافُهُ. فَالْبَيْنُ الْفِرَاقُ ; يُقَالُ بَانَ يَبِينُ بَيْنًا وَبَيْنُونَةً. وَالْبَيُونُ الْبِئْرُ الْبَعِيدَةُ الْقَعْرِ. وَالْبِينُ: قِطْعَةٌ مِنَ الْأَرْضِ قَدْرُ مَدِّ الْبَصَرِ. قَالَ: بِسَرْوِ حِمْيَرَ أَبْوَالُ الْبِغَالِ بِهِ ... أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْنًا ذَلِكَ الْبِينَا
وَبَانَ الشَّيْءُ وَأَبَانَ إِذَا اتَّضَحَ وَانْكَشَفَ. وَفُلَانٌ أَبْيَنُ مِنْ فُلَانٍ ; أَيْ أَوْضَحُ كَلَامًا مِنْهُ. فَأَمَّا الْبَائِنُ فِي الْحَلْبِ. . . . (مقاييس)
فالمبين هو الذي يُظهر ويبلغ الحق بأدلته ليَبينَ الباطل عن الحق
هو الذي أرسل رسوله بالبينات أي المعجزات التي تظهر صدق رسالته كما أرسل رسله سابقا وأنزل عليه الكتاب المبين الذي فيه أيات بينات مبينات بلسان عربي مبين ليبين للناس الذي اختلفوا فيه ليحي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.

جُرَيْج
2016-11-10, 07:13 AM
85- هو الحميد قال تعال: يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)
والحميد اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل حمد قال ابن فارس: (حَمِدَ) الْحَاءُ وَالْمِيمُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الذَّمِّ. يُقَالُ حَمِدْتُ فُلَانًا أَحْمَدُهُ. وَرَجُلٌ مَحْمُودٌ وَمُحَمَّدٌ، إِذَا كَثُرَتْ خِصَالُهُ الْمَحْمُودَةُ غَيْرُ الْمَذْمُومَةِ.. .(مقاييس)
فالحميد هو الذي له الثناء والمدح المطلق فلا يذم في شيء
ولا ريب أنه هو الحميد لأنه الكامل بذاته فلا يذم بشيء من اسمائه او صفاته او افعاله بل كل ما دونه مذموم من وجه أو آخر هو الذي حمد نفسه وأمر بحمده فافتتح خلقه بالحمد وجعل كل شيء يسبح بحمده وارسل ملائكته بكتبه على رسله بالحمد فأمر عباده بالحمد وهدى من يشاء الى حمده برحمته وأضل من يشاء عن حمده بعدله وحكمته ثم اختتم خلقه بالحمد فلذلك هو المحمود في الأولى والآخرة .

86- هو السبوح فعن عَائِشَة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : " سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ " (صحيح مسلم)
والسبوح اسم فاعل على وزن فعّول مما يدل على المداومة والتكرار والكثرة وهو مشتق من فعل سبح قال ابن فارس: (سَبَحَ) السِّينُ وَالْبَاءُ وَالْحَاءُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا جِنْسٌ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَالْآخَرُ جِنْسٌ مِنَ السَّعْيِ. فَالْأَوَّلُ السُّبْحَةُ، وَهِيَ الصَّلَاةُ، وَيَخْتَصُّ بِذَلِكَ مَا كَانَ نَفْلًا غَيْرَ فَرْضٍ. يَقُولُ الْفُقَهَاءُ: يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلَا يُسَبِّحُ بَيْنَهُمَا، أَيْ لَا يَتَنَفَّلُ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ. وَمِنَ الْبَابِ التَّسْبِيحُ، وَهُوَ تَنْزِيهُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ. وَالتَّنْزِيهُ: التَّبْعِيدُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سُبْحَانَ مِنْ كَذَا، أَيْ مَا أَبْعَدَهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
أَقُولُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ ... سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الْفَاخِرِ
وَقَالَ قَوْمٌ: تَأْوِيلُهُ عَجَبًا لَهُ إِذَا يَفْخَرُ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ ذَاكَ لِأَنَّهُ تَبْعِيدٌ لَهُ مِنَ الْفَخْرِ. وَفِي صِفَاتِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: سُبُّوحٌ. وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ تَنَزَّهَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ.(مقاييس)
فالسبوح هو المبعد المنزه من كل سوء
هو الذي يسبح نفسه والذي تسبح الملائكة بحمده وعباده المؤمنين وكل من في السماوات والأرض حتى ظلال الكافرين هو الذي علم عباده كيف يسبحونه فما من شيء الا وقد علم صلاته وتسبيحه.

87- هو القدوس والقدوس اسم فاعل على وزن فعّول مما يدل على المداومة والتكرار والكثرة وهو مشتق من فعل قال ابن فارس: (قَدَسَ) الْقَافُ وَالدَّالُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ، وَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَلَامِ الشَّرْعِيِّ الْإِسْلَامِيِّ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الطُّهْرِ.
وَمِنْ ذَلِكَ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ هِيَ الْمُطَهَّرَةُ. وَتُسَمَّى الْجَنَّةُ حَظِيرَةَ الْقُدْسِ، أَيِ الطُّهْرِ. وَجَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رُوحُ الْقُدُسِ. وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ وَاحِدٌ....(مقايي )
وقال الإمام الطبري ان التقديس هو التعظيم
وقالوا القدوس هو المبارك
فالقدوس هو المبارك الطاهر من كل سوء
هو الذي يقدس له الملائكة وعباده الصالحين... وهو الذي يقدس الأمم العادلة ويقصم الأمم الظالمة ...

88- هو السلام قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
والسلام اسم فاعل على وزن فعال مما يدل على الديمومة وهو مشتق من فعل سلم قال ابن فارس: (سَلِمَ) السِّينُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ مُعْظَمُ بَابِهِ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ ; وَيَكُونُ فِيهِ مَا يَشِذُّ، وَالشَّاذُّ عَنْهُ قَلِيلٌ، فَالسَّلَامَةُ: أَنْ يَسْلَمَ الْإِنْسَانُ مِنَ الْعَاهَةِ وَالْأَذَى. قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هُوَ السَّلَامُ ; لِسَلَامَتِهِ مِمَّا يَلْحَقُ الْمَخْلُوقِينَ مِنَ الْعَيْبِ وَالنَّقْصِ وَالْفَنَاءِ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] ، فَالسَّلَامُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَدَارُهُ الْجَنَّةُ. وَمِنَ الْبَابِ أَيْضًا الْإِسْلَامُ، وَهُوَ الِانْقِيَادُ ; لِأَنَّهُ يَسْلَمُ مِنَ الْإِبَاءِ وَالِامْتِنَاعِ . وَالسِّلَامُ: الْمُسَالَمَةُ. وَفِعَالٌ تَجِيءُ فِي الْمُفَاعَلَةِ كَثِيرًا نَحْوَ الْقِتَالِ وَالْمُقَاتَلَة ِ. وَمِنْ بَابِ الْإِصْحَابِ وَالِانْقِيَادِ : السَّلَمُ الَّذِي يُسَمَّى السَّلَفَ، كَأَنَّهُ مَالٌ أَسْلَمُ وَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ إِعْطَائِهِ...(مق اييس)
اي فالسلام هو الدائم في براءته من العيوب
فاذا جمعنا اسم السلام مع اسم القدوس نحصل على تنزيه أزلي وأبدي

هو الذي وضع اسمه السلام في الأرض وأمر بإفشائه بين المسلمين تحية طيبة مباركة منه وتذكيرا بالعهد الذي بينهم وبين ربهم أن الله مطلع عليهم وأنه قد حرم عليهم دماءهم وأموالهم وأعراضهم لإسلامهم له فليسلم بعضنا البعض من لسانه ويده فهو السلام ومنه السلام.

جُرَيْج
2016-11-11, 07:24 AM
89- هو المجيد قال تعالى عن الملائكة في كلامهم مع ساره زوجة ابراهيم عليهم السلام: قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73)
وهو اسم مشتق من مجد ويدل على صيغة تعظيم لصاحب المجد قال ابن فارس (مجد) الميم والجيم والدال أصل صحيح، يدل على بلوغ النهاية، ولا يكون إلا في محمود. وقال الزجاج: أصل المجد في الكلام الكثرة والسعة.
فالمجيد هو المتصف بالصفات الكثيرة الكريمة التي تستحق الحمد
وكل صفاته محمودة ولكن لا يمكن احصائها فلذلك يأتي دائما المجيد مقرونا باسمه الحميد لأنه لا يمكننا ان نحصي عليه ثناءا هو كما أثنى على نفسه سبحانه. هو ايضا رب العرش المجيد ووصف العرش بالمجد لكثرة صفاته العظيمة الكريمة كيف لا وهو اقرب شيء الى الله الملك الحميد المجيد وهو أيضا الذي انزل على عبده القرآن الكريم المجيد الذي فيه تفصيل كل شيء ليصلي ويبارك على محمد وعلى آله كما صلى وبارك على ابراهيم وعلى آل ابراهيم. وآله هنا بمعنى أتباعه.

90- هو الغني قال تعالى : يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) والغني من فعل غني قال ابن فارس: (غني) الغين والنون والحرف المعتل أصلان صحيحان، أحدهما يدل على الكفاية، والآخر صوت. فالأول الغنى في المال. يقال: غني يغنى غنى. والغناء بفتح الغين مع المد: الكفاية. يقال: لا يغني فلان غناء فلان، أي لا يكفي كفايته...(مقاييس)
والغني عكسه الفقير اي المحتاج الى غيره بغاية الذل
فالغني سبحانه هو المكتفي بذاته عن العالمين فليس بفقير الى غيره بل كل شيء اليه فقير
وهو مع غناه حميد كريم حليم سبحانه كما وصف نفسه في كتابه. فلذلك هو غني سبحانه عن الأولاد والشركاء وعن عبادة المخلوقات.

91- هو الوارث قال تعالى: وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23)
والوارث لغة من فعل ورث وهو أن يكون الشيء لقوم ثم يصير إلى آخرين بنسب أو سبب. قال: ورثناهن عن آباء صدق ... ونورثها إذا متنا بنينا (مقاييس) والله تبارك وتعالى واحد لا شريك له أحد لا مثيل له ملك له الملك وله الأمر الأول الذي من عنده ابتدأ كل شيء والآخر الذي اليه يعود كل شيء وهو الحي الذي لا يموت فهو سبحانه لا يرث الملك عن نسب سبحانه بل يرثه عن سبب هو قدّره والسبب هو الإحياء والإماتة فهو أحيا أشياءا فملَّكها ثم أماتها فورثها سبحانه
فالوارث هو الذي اليه يرجع كل شيء
قال تعالى: وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وقال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40) وقال تعالى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180).

جُرَيْج
2016-11-12, 07:47 AM
93- هو المحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله محسن يحب الإحسان إلي كل شيء فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ "(أخرجه الطبراني وصححه الألباني) و قال صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " (صحيح مسلم)

والمحسن من فعل حَسُن يَحْسُن حُسْنا فهو حاسِنٌ ، والحُسن خلاف السوء والمحسن خلاف المسيء والحسنات خلافها السيئات وقال تعالى: ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) احسن اي أتقن واحكم واسم الله المحسن خاص بصفاته الفعلية.
فالمحسن هو الذي احكم واتقن فعله فلا يسيء فعلا ولا يسيء الى أحد سبحانه بل هو الذي أتقن كل شيء واعطى الكل حقه وزيادة.

94- هو الواسع قال تعالى: ...وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)
والواسع اسم فاعل مشتق من فعل وسع قال ابن فارس : (وَسَعَ) الْوَاوُ وَالسِّينُ وَالْعَيْنُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الضِّيقِ وَالْعُسْرِ. يُقَالُ وَسُعَ الشَّيْءُ وَاتَّسَعَ. وَالْوُسْعُ: الْغِنَى. وَاللَّهُ الْوَاسِعُ أَيِ الْغَنِيُّ. وَالْوُسْعُ: الْجِدَةُ وَالطَّاقَةُ. وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ. وَقَالَ تَعَالَى فِي السَّعَةِ: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] . وَأَوْسَعَ الرَّجُلُ: كَانَ ذَا سَعَةٍ. وَالْفَرَسُ الذَّرِيعُ الْخَطْوِ: وَسَاعٌ. (مقاييس)
الواسع قد يتضمن من المعنى ما لا يتضمنه الغني، ويتصرف فيما لا يتصرف في الغني كقولنا: يا واسع الفضل، يا واسع الرحمة، وكقوله عز وجل {ربنا وسعت كل شيء حرمة وعلما} أي عمت رحمتك كل شيء وأحاط علمك بكل شيء.
وقال الإمام الطبري: يقال منه: فلان يسع لهذا الأمر: إذا أطاقه وقوي عليه، ولا يسع له: إذا عجز عنه فلم يطقه ولم يقو عليه. (التفسير)
قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)
وقال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)
وقال تعالى: ..إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ..
وقال تعالى اخبارا عن ملائكته:.. رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا...

اذا الواسع هو الذي لا يُضَّيق عليه ولا يَضيق عليه شيء فلا حدود لقدرته وفضله ورحمته وعلمه ومغفرته.. هو الذي ملأ كل شيء بعلمه ورحمته سبحانه.

95- هو الطيب فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) ، وقال : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب لذلك" (صحيح مسلم)
والطيب اسم مشتق من فعل طيب قال ابن فارس (طَيَبَ) الطَّاءُ وَالْيَاءُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْخَبِيثِ. مِنْ ذَلِكَ الطَّيِّبُ: ضِدُ الْخَبِيثِ. يُقَالُ: سَبْيٌ طِيبَةٌ، أَيْ طَيِّبٌ. وَالِاسْتِطَابَ ةُ: الِاسْتِنْجَاءُ ; لِأَنَّ الرَّجُلَ يُطَيِّبُ نَفْسَهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَ الْخُبْثِ بِالِاسْتِنْجَا ءِ. «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - أَنْ يَسْتَطِيبَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ» . وَالْأَطْيَبَان ِ: الْأَكْلُ وَالنِّكَاحُ. وَطَيْبَةُ مَدِينَةُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ. وَيُقَالُ: هَذَا طَعَامٌ مَطْيَبَةٌ لِلنَّفْسِ. وَالطَّيِّبُ: الْحَلَالُ، وَالطَّابُ: الطِّيبُ: قَالَ:
مُقَابَلَ الْأَعْرَاقِ فِي الطَّابِ الطَّابْ ... بَيْنَ أَبِي الْعَاصِ وَآلِ الْخَطَّابْ (مقاييس)
وقال تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)
وتقول رائحة طيبة أي زكية ليست بنتنة
وقال علي لرسول الله طبت حيا وطبت ميتا أي طاهرا
وكما يكون الطيب في المحسوسات كذلك يكون في المعنويات كطيب الكلام وطيب الأعمال ...
فالطيب سبحانه هو الطاهر المبرء من النقائص فلذلك لا يفعل الا طيبا ولا يقبل الا طيبا والفرق بينه وبين اسمه القدوس ان القدوس أعم فانه يدل على الطهارة وعلى فعل التطهير قال النبي صلى الله عليه وسلم : كيف يقدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من قويها وهو غير متعتع» (صحيح الجامع: 4597) ويدل أيضا على التعظيم.

جُرَيْج
2016-11-12, 07:56 AM
تصحيح للعد
أخطأت في الرقم 60

جُرَيْج
2016-11-12, 07:58 AM
96- هو الجميل قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ» (صحيح مسلم)
وهو اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل جمل قال ابن فارس: (جَمَلَ) الْجِيمُ وَالْمِيمُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا تَجَمُّعُ وَعِظَمُ الْخَلْقِ، وَالْآخَرُ حُسْنٌ.
فَالْأَوَّلُ قَوْلُكَ: أَجْمَلْتُ الشَّيْءَ، وَهَذِهِ جُمْلَةُ الشَّيْءِ. وَأَجْمَلْتُهُ حَصَّلْتُهُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32] .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَمَلُ مِنْ هَذَا ; لِعِظَمِ خَلْقِهِ. وَالْجُمَّلُ: حَبْلٌ غَلِيظٌ، وَهُوَ مِنْ هَذَا أَيْضًا. وَيُقَالُ أَجْمَلَ الْقَوْمُ كَثُرَتْ جِمَالُهُمْ. وَالْجُمَالِيُّ : الرَّجُلُ الْعَظِيمُ الْخَلْقِ، كَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالْجَمَلِ ; وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ جُمَالِيَّةٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: (جِمَالَاتٌ) جَمْعُ جَمَلٍ. وَالْجِمَالَاتُ : مَا جُمِعَ مِنَ الْحِبَالِ وَالْقُلُوسِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْجَمَالُ، وَهُوَ ضِدُّ الْقُبْحِ. وَرَجُلٌ جَمِيلٌ وَجُمَالٌ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَصْلُهُ مِنَ الْجَمِيلِ وَهُوَ وَدَكُ الشَّحْمِ الْمُذَابِ. يُرَادُ أَنَّ مَاءَ السِّمَنِ يَجْرِي فِي وَجْهِهِ. وَيُقَالُ جَمَالَكَ أَنْ تَفَعَلَ كَذَا، أَيِ اجْمُلْ وَلَا تَفْعَلْهُ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
جَمَالَكَ أَيُّهَا الْقَلْبُ الْجَرِيحُ ... سَتَلْقَى مَنْ تُحِبُّ فَتَسْتَرِيحُ
وَقَالَتِ امْرَأَةٌ لِابْنَتِهَا: " لَا تَجَمَّلِي وَتَعَفَّفِي " أَيْ كُلِي الْجَمِيلَ - وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ الشَّحْمِ الْمُذَابِ - وَاشْرَبِي الْعُفَافَةَ، وَهِيَ الْبَقِيَّةُ مِنَ اللَّبَنِ.(مقايي س)
فالجميل هو الجامع لكل الصفات العظيمة الحسن فلا ينسب اليه قبيح سبحانه
فهو الجميل بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
وجمال هذه الموجودات هو من بعض آثار جماله ،
فيكون هو سبحانه أولى بذلك الوصف من كل جميل
فإن واهب الجمال للموجودات لا بد أن يكون بالغا من هذا الوصف أعلى الغايات
وحسبك أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم وأفانين اللذات والسرور التي لا يقدر قدرها، إذا رأوا ربهم ، وتمتعوا بجماله ؛ نسوا كل ما هم فيه، واضمحل عندهم هذا النعيم ، وودوا لو تدوم لهم هذه الحال، ولم يكن شيء أحب إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالا إلى جمالهم، وبقوا في شوق دائم إلى رؤيته، حتى إنهم يفرحون بيوم المزيد فرحا تكاد تطير له القلوب.

جُرَيْج
2016-11-13, 07:40 AM
97- هو الحي قال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58)
فالحي هو الذي لا يموت الذي لو مات سبحانه ما قام بنفسه ولا قامت به الخلائق ولذلك دائما يقرن اسم القيوم مع اسم الحي لنفي هذه الشبهة واثبات دوام حياته المستلزمة لصفاته وافعاله وقيامه بها فإن جميع أسماء الله الحسنى وصفاته تدل باللزوم على صفة الحياة ما عدا اسمه الحي فإنه يدل عليها بالتضمن ، ولولا صفة الحياة ما كملت بقية أسمائه وصفاته ، فلا يمكن لأحد أن يكون قديرا إلا إذا كان حيا ، ولا يمكن أن يكون قويا إلا إذا كان حيا ، ولا يمكن أن يكون عليا إلا إذا كان حيا ، ولا يمكن أن يكون غنيا إلا إذا كان حيا ، ولا يمكن أن يكون عظيما إلا إذا كان حيا ، ولا يمكن أن يكون سميعا بصيرا إلا إذا كان حيا ، ولا يمكن ان يتحرك او يريد الا اذا كان حيا فجميع أسماء الله وصفاته تدل على صفة الحياة التي تضمنها اسمه الحي ، وهذه قضية عقلية نقلية بحتة. فاسم الله الحي مستلزم لصفاته وأفعاله وهو من أعظم البراهين العقلية على ثبوت صفات الكمال ونفي نقيضها .

98- هو القيوم قال تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)
والقيوم هو الذي لم يزل ولا يزل قائما بنفسه لا يستمد لدوام قيامه بصفاته من غيره بل هو القائم على غيره فلذلك لا تأخذه سنة اي تعب ولا نوم ، فقد يكون الحي سميعا لكن يتأثر سمعه مع مرور الوقت ، فيفتقر إلى وسيلة إضافية للسماع ، فيضع سماعة أو آلة يستعين بها ، فلا بد أن يكون قيوما في سمعه له البقاء والكمال فيه على الدوام ، وقد يكون الحي بصيرا لكن بصره يتأثر مع مرور الوقت ، فيفتقر إلى وسيلة إضافية للإبصار ، فيضع نظارة يستعين بها ، فلا بد أن يكون قيوما في بصره له البقاء والكمال فيه على الدوام ، فالحي قد يكون متصفا بالصفات لكنه يتأثر بالغفلة والسنات ، فتتأثر وتضمحل الصفات ، وربما ينام فتنعدم حال نومه والنوم اخ الموت ، أما لو كان قائما دائما لكملت حياته وبقيت صفاته ، ولذلك قال تعالى : ( اللهُ لا إِلهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) فأثبت الحياة والقيومية اللازمة لكمال أسمائه وصفاته وأفعاله . فجميع صفات الكمال يَدلُّ عليها اسم "الحيّ القيوم"، ويَدُلُّ أيضًا على بقائها ودوامِها وانتفاء النقص والعدم عنها أزلاً وابدا. ولهذا كان قوله سبحانه وتعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) أعظمَ آيةٍ في كتاب الله عز وجل.

جُرَيْج
2016-11-14, 07:13 AM
99- هو الإله قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)
وهو اسم مشتق من أله قال ابن فارس: (أله) الهمزة واللام والهاء أصل واحد، وهو التعبد.(مقاييس) فمعنى الأية انه هو المعبود في السماء والأرض

فالإله هو المعبود الحق بغاية المحبة والتذلل
اعلم ان كل حي سوى الله له مقصود مراد لنفسه يعمل له لينتفع به ويدفع الضر عن نفسه وكل ذلك عن ارادة ومحبة وما يتبع ذلك من خوف ورجاء وله ايضا مستعان يعينه على اتمام عمله ونيل مراده.
قلنا "كل حي سوى الله له مقصود " لأن العدم لا يقصد فلا بد من شيء يقصد ويوجب العمل والحركة. وبما أن الكل يتحرك سواء كانت الحركة قسرية او طبيعية او ارادية التي هي الاصل لهاتين فلا بد للمتحرك أو المحرك من مقصود.

وقلنا : " مراد لنفسه" لأن المراد نوعان: مراد لنفسه ومراد لغيره
فالمراد لنفسه مطلوب مقصود محبوب لذاته وهو الذي تريده النفس وتطلبه على الدوام، وتطمئن إليه، بحيث لا يبقى لها مراد غيره وذلك لما عنده من الخير الباقي.
والمراد لغيره هو الذي يكون وسيلة إلى مقصوده ومراده وقد يكون مكروها له من حيث نفسه وذاته مراد له من حيث قضاؤه وإيصاله إلى مراده. وهذا كالدواء الكريه ، إذا علم المتناول له أن فيه شفاءه تناوله، وكقطع العضو المتآكل ، إذا علم أن في قطعه بقاء جسده قطعه، وكقطع المسافة الشاقة ، إذا علم أنها توصل إلى مراده ومحبوبه قطعها
والمراد لغيره لا بد أن ينتهي إلى مراد لنفسه، فيمتنع أن تكون جميع المرادات مرادات لغيرها، فإن هذا تسلسل في العلل الغائية، وهو ممتنع، كامتناع التسلسل في العلل الفاعلية، بل أولى.
والمراد إما أن يراد لنوعه أو لعينه مثال الأول كون العطشان يريد ماءً، والسغبان يريد طعاماً، فإرادته هنا لم تتعلق بشيء معين، فإذا حصل عين من النوع حصل مقصوده.
أما المراد لذاته لا يكون نوعاً بل هو عينا فقط.

وقلنا :" يعمل له لينتفع به ويدفع الضر عن نفسه " لأنه من المعلوم أن كل المخلوقات مفتقرة الى جلب ما ينفعها ودفع ما يضرها ولأن في جلب المنافع ودفع المضار لذة فهي دائما تبحث على من يديمها على هذه اللذة فلذلك هي تتحرك وتعمل لمن يؤمن لها ذلك.

وقلنا" وكل ذلك عن ارادة ومحبة" لأن الإرادة لا بد لها من مراد وهي التي توجب الحركة ولأن المحبة اصل كل فعل والكراهة اصل كل ترك والكراهة هي نقيض المحبة وعدم فعل الشيء اصله عدم وجود المحبة فتعين اذا ان الارادة والمحبة اصل كل فعل وترك.
وكل محبة وبغضة فإنه يتبعها لذة وألم ففي نيل المحبوب لذة وفي فراقه يكون فيه ألم وفي نيل المكروه أيضا ألم وفي العافية منه تكون فيه لذة فاللذة تكون بعد إدراك المشتهى والمحبة تدعو إلى إدراكه.

وقلنا " وما يتبع ذلك من خوف ورجاء" لأن عدم نيل المريد مراده من مقصوده ينبت الخوف في نفس القاصد كذلك القرب من نيل مراده ينبت الرجاء، مما يجعل القاصد هنا بغاية التذلل.

وقلنا : " وله ايضا مستعان يعينه على اتمام عمله ونيل مراده" لأنه لا بد للإنسان مثلا من يهديه الى مقصود ومراده ولا بد له من وسائل تحصله لأن المراد لا يحصل إلا بأسباب، ، فإن حصل بفعل العبد فلابد من قدرة وقوة، وإن كان من الخارج فلابد من فاعل غيره، وإن كان منه ومن الخارج فلابد من الأسباب، كالآلات ونحو ذلك، فلابد لكل حى من إرادة كما تبين ذلك، ولابد لكل مريد من عون يحصل به مراده.
والمستعان: منه ما هو المستعان لنفسه، ومنه ما هو تبع للمستعان وآلة له كالمال مع المالك، والسلطة مع الملك والآلات مع الصانع...

وعلما ان من معاني الألوهية أن يكون الاله مقصودا مرادا لنفسه معبودا اي يعمل له بغاية التذلل والمحبة
وان من معاني الربوبية أن يكون الرب هو المعين المدبر الدليل الهادي الآمر..
فاذا تبين هذا كله فكل منا له إله مقصود مراد لنفسه محبوب معبود ورب مستعان مطاع ليصل الى مقصوده.
فاذا تعددت الألهة والأرباب تعددت المقاصد واختلفت الاعانات اذا لفسدت الخلائق وظهر الظلم
واذا كان المقصود والمستعان هو نفسه واحد اي هو الإله الرب توحدت المقاصد والاعانات فصلحت الخلائق وظهر العدل.
وهذه هي حقيقة قوله تعالى : أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) وقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)

ولذلك ارسل الرب الرسل بلا اله الا الله، أي لا معبود بحق الا الله، فاعبدوه واتقوه واطيعوه وتوكلوا عليه اي استعينوا به، ارسلهم مبشرين برحمته لمن أخلص العمل له ومنذرين من عذابه الأليم لمن أشرك غيره بعمله له.

قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)
وقل تعالى: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)
وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ..
وقال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)
وقد جمعت هذه الثلاثة في قوله تعالى عن نوح عليه السلام: قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)
وقال تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُو نَ (12)
وقال تعالى: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)
وقال تعالى: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)

ولذلك نقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اي لا نعبد الا أنت لأنك انت الإله الحق ولا نستعين الا بك لأنك أنت الرب.

فصلاح الخلق هو بأن تكون عبادتها وطاعتها لله ربها فقط وهذا هو معنى الدين العبادة والطاعة كما بينه الإمام اللغوي ابن فارس وشيخ الاسلام ابن تيمية

فلا صلاح للخلق إلا بأن يكون دينها واحد لأنه لا صلاح لها إلا بأن يكون إلهها واحد.

ولذلك كان الدين عند الله الإسلام اي الإستسلام له وحده بعبادته وطاعته قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)

وهذا هو دين اهل السماوات والأرض قال تعالى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)

وهو دين الأنبياء أيضا فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :"أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة ليس بيني وبينه نبي والأنبياء أولاد علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد"(صحيح الجامع 1452)

واختلاف الشرائع لا يعني اختلاف الدين بل لكل أمة في كل زمن شرعة ومنهاجا فاذا ارسل الله رسولا وانزل شريعة وجب على الناس اتباع ذلك الرسول وتلك الشريعة والا فقد طعنوا في دين الله واختلفوا فيه فتفرقوا الى فرق وأحزاب ففسدوا وأفسدوا وحق عليهم العذاب.

ولرفع الشبهات فقد سمى الله المسلمين في زمن عيسى بن مريم عليهما السلام بالنصارى لأنهم نصروا المسيح عندما استنصرهم قال تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّون َ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)
وسمى المسلمين في زمن موسى عليه السلام باليهود لأنهم هادوا اي تابوا من عبادة العجل قال تعالى عن موسى عندما اعتذر لقومه: وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)
وسمانا نحن بالمسلمين خاصة لأنه اجتبانا على جميع الأمم بدينه الحنيف وبجعلنا ان شاء الله شهداء على الناس يوم القيامة بتبليغ الرسل دعوة الله اليهم قال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)


فأحسن الناس دينا هو من أسلم وجهه لله وهو محسن أي من توجه بعمله الى الله فقط فلم يشرك غيره بقصده له بل أخلص العمل له والمحسن هو المتبع لأحسن ما انزل الله قال تعالى: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)

فجماع الدين " أصلان " أن لا نعبد إلا الله، و ان لا نعبده إلا بما شرع على ألسنة الرسل ولهذا كان أول ركن الإسلام ومفتاحه شهادة أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله أي أن يعرف ويقر العبد انه لا معبود بحق الا الله ولا متبوع بحق الا محمد صلى الله عليه وسلم فلا يعمل الا لله وكما امر الله ورسوله فالعبادة هي اسم جامع لكل ما أمر الله به وأحبه ورضيه من الأقول والأفعال الظاهرة كالذكر والدعاء والطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج... والباطنة كالحب والخوف والرجاء والتوكل ... وجميع الخلق سيسألون يوم القيامة عن هذين الأصلين (ماذا كنتم تعبدون، وبما أجبتم المرسلين؟) قال تعالى: وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) و قال تعالى: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)

وعلما أن الشرك لغة هو أن تعدل وتساوي الشيء بالشيء فكل من لم يكن الإسلام دينه أي كل من لم يستسلم لله بعبادته وطاعته فهو مشرك بالله حتما لأنه سيكون عابدا ومطيعا لغيره سبحانه.
فمن لم يدين الله فلا بد أن يدين غيره كالذي يعبد الشمس والقمر والكواكب والنجوم والأصنام والتماثيل وأصحاب القبور والصالحين والأنبياء والملائكة والشياطين والأعلام والمال والجاه... ويطيع من يدله ويعينه على عبادتهم وتعظيمهم ومحبتهم والتذلل لهم كالأحبار والرهبان والمشايخ المضلين والأهل والمجتمع والعلمانيين والملحدين وكل من حكم بغير ما أنزل الله ودعا الى ذلك...
قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)
وقال تعالى عن يوسف: يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)
وقال تعالى :قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)

ولو لم يكن يعبد غير الله فإنه يعبد هواه ويتبع الظن المخروص ولا بد ، فيكون مختالا فخورا متكبرا، فيكون قد أشرك نفسه بالله إن لم يشرك غيره. قال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) وقال تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)

فمن عرف انه لا اله الا الله وجب عليه ان يسلم لله بأن يعبده وحده ويتبع رسوله وإلا فالنار موعده. نسأل الله العافية.

جُرَيْج
2016-11-14, 07:16 AM
هو الله الذي لا اله الا هو لأن له الأسماء الحسنى قال تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)
واختلف العلماء في كون اسم الجلالة "الله" مشتقا او لا وجمع بين القولين شيخ الإسلام.
فذهب الخليل وسيبويه وجماعة من أئمة اللغة والشافعي والخطابي وإمام الحرمين ومن وافقهم إلى عدم اشتقاقه لأن الألف واللام فيه لازمة فتقول يا الله ولا تقول يا الرحمن, فلولا أنه من أصل الكلمة لما جاز إدخال حرف النداء على الألف واللام
وقال آخرون إنه مشتق, واختلفوا في اشتقاقه إلى أقوال أقواها أنه مشتق من أله يأله إلهة, فأصل الاسم الإله فحذفت الهمزة وأدغمت اللام الأولى في الثانية وجوبا فقيل الله, ومن أقوى الأدلة عليه قوله تعالى: وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ.. (3) مع قوله تعالى :وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ (84) ومعناه ذو الألوهية التي لا تنبغي إلا له, ومعنى ألَه يألَهُ إلاهةً عبد يعبد عبادة فالله المألوه أي المعبود.
وقال شيخ الإسلام: أسماء الله تعالى كلُّها متفقة في دلالتها على نفسه المقدسة، ولكل اسمٍ خاصَّةٌ ينفرد بها عن الاسم الآخر، فللرحمن الرحمة، وللحكيم الحكمة، وللقدير القدرة.
وهكذا أسماء الرسول وأسماء القرآن، ليست هذه الأسماء مترادفة، ولا هي أيضًا متباينةٌ من كل وجه، بل هي باعتبار الذات مترادفة، وباعتبار الصفات غير مترادفة بل كالمتباينة، ولهذا يُسمى هذا النوع المتكافئة.
وكلُّ اسمٍ فإنه يدلُّ على ذاتِ الله وعلى خصوصِ وصفهِ بالمطابقة، ويدلُّ على أحدهما بالتضمن، ويدلُّ على الصفة التي للاسم الآخر بالالتزام، فإنه يدلُّ على الذات المستلزمة للصفة الأخرى، فبين كل اسمينِ اجتماعٌ وامتيازٌ إلاّ اسم "الله"، ففيه قولان.
ولهذا هل يدخل في الأسماء؟
فيه روايتان عن الإمام أحمد: إحداهما أنه لا يدخل في هذه الأسماء، بل هو متضمنٌ للجميع، وهذا يطابق قول من يقول: ليس بمشتق.
والثاني: أنه من الأسماء، وهذا يطابق قول من يقول: إنه مشتق.
والصواب أنه فيه الاشتقاق وعدم الاشتقاق،
ففيه الاشتقاق الأصلي لا الوضعي، فليس في الاستعمال مشتقًّا كاشتقاق سائر الأسماء التي هي اشتقاقها اشتقاق الصفات. (وهذا القول يبين مذهب الفريق الأول)
وأما في الأصل فإنه مشتق، وهذا يُسمَّى الاشتقاق الوضعي. (وهذا يبين مذهب الفريق الثاني)

فاسم الجلالة "الله" اسم جامع لجميع اسمائه الحسنى وهو اسم لم ولن يتسمى به أحد وهو من أكبر الأدلة على صدق دعوة الرسل وعلى لقاء الله.

جُرَيْج
2016-11-14, 07:54 AM
فخلاصة التعريفات كالتالي:

1. الأول: هو الذي لم يتقدمه شيء والذي منه بدأ كل شيء فلذلك ليس قبله شيء
2. الآخر :هو الذي لا يتأخر عنه شيء بل اليه يَصير كل شيء فلذلك ليس بعده شيء
3. الظاهر: هو الذي علا فوق خلقه علوا مطلقا وانكشف وبرز لهم بعلمه وأمره الشرعي
4. الباطن: هو الذي قرب من خلقه قربا لا ينافي علوه وخفي عنهم باحتجابه وبعلمه وأمره الكوني
5. الخالق: هو الذي أوجد وأنشأ وصنع كل شيء بعد عدمه وبتقدير مسبق
6. الخلاق: هو المكثر والعواد بالخلق
7. البارئ: هو الذي خلق الخلائق وفصل الأنفس عن الجمادات بنفخ الأرواح
8. المصور: هو الذي أعطى كل شيء شكله وهيئته وركبه في صفات خاصة به
9. العليم: هو الذي لا يجهل شيئا فلا يخفى عليه شيء من المعلومات
10. الخبير: هو العالم ببواطن الأمور اي بحقيقتها وبدايتها وغايتها ونهايتها ولوازمها..
11. القادر القدير المقتدر: هو المتصف بالقدرة الذي يستطيع بلا عجز وبكل سهولة فعل ما يريده بالمبلغ الذي يشاؤه سبحانه
12. القدير :انظر الى اسم القادر
13. المقتدر: انظر الى اسم القادر
14. الرب: هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
15. الواحد: هو المنفرد بوصفه بلا مشاركة.
16. الأحد: هو المنفرد بوصفه بلا مماثلة.
17. الوتر: هو الفرد الذي انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا
18. العلي هو الذي علا بذاته فسما وارتفع ارتفاعا مطلقا فوق جميع خلقه
19. الأعلى: هو الذي تعالى بصفاته عن جميع النقائص والعيوب
20. المتعال: هو المستعلي على كل شيء بقدرته . وبين العلي الأعلى المتعال لوازم.
21. القريب: هو الذي دنا من عباده دنوا لا ينافي علوه فوقهم
22. المجيب: هو الذي يؤتي الداعي مسألته.
23. البر: هو الصادق الوعد ذو الخير والإحسان
24. السميع: هو الذي ليس بأصم سبحانه فلا يخفى عليه شيء من المسموعات
25. البصير: هو الذي ليس بأعمى سبحانه فلا يخفى عليه شيء من المبصرات
26. الصمد: هو الكمال في صفاته والمنزه عن الانقسام والتفرق والتمزق وما يتبع ذلك
27. السيد: هو الذي تصمد اليه جميع الخلائق بحوائجها.
28. الرحمن: هو ذو الرحمة الواسعة بدأت من الرحمن ووصلت الى كل شيء باسمه الرحيم .والرحمة هي لين وعطف وحنان وما قارب ذلك بلا تمثيل ولا تكييف تقتضي دفع غضبه وعذابه عن عباده وتستلزم إحسانه اليهم بإنعامه وعطائه
29. الرحيم انظر الى اسم الرحمن
30. الرفيق: هو الذي لا يستعجل ولا يعنف على أحد فيكرهه بل كل ما يفعله هو بأناة ولين مما يشعر المفعول به بالراحة والطمأنينة.
31. اللطيف: هو الذي خفي بنفسه وبتدبيره عن إدراك عباده له ورفق بهم فأوصل اليهم أرزاقهم بخبرته
32. الحليم: هو ذو الصفح والأناة الَّذِي لَا يعاجل العصاة بالعقوبة بل يمهلهم بعد المعصية ليتوبوا او يتجاوز عنهم.
33. العفو: هو المداوم والمكثر من ترك عقوبة المذنبين
34. الغفور: هو المداوم والمكثر من ستر ومحي ذنوب المستغفرين
35. الغفار: هو المكثر والعواد بالمغفرة.
36. التواب: هو العواد والمكثر من قبول عودة عباده الى طاعته
37. الودود: هو الحبيب المحب الذي يحب عباده الصالحين الى أبد الآبدين والمحبوب منهم الى غاية تمني رؤيته على الدوام.
38. الحيي: هو الذي امتنع عن القبائح فلذلك لم يفضح عباده ولم يعرض عنهم وعن دعائهم الا لما اعرضوا عنه
39. الستير: هو الذي غطا ذنوب عباده وعوراتهم فلم يفضحهم الا لما فضحوا انفسهم.
40. الرؤوف: هو الرحيم الدافع عذابه عن عباده المتفضل عليهم
41. الرقيب: هو البصير الحافظ لعباده واعمالهم مع استعلاء وفوقية مطلقة
42. الشهيد: هو الذي حضر وعلم كل شيء والذي أعلم عباده بما يشاء
43. الحفيظ: هو من أحصى كل شيء وتكفل به.
44. المقيت: هو بمعنى الحفيظ الذي يؤتي كل من عمل عملا حسنا أو سيئا قوتا خاصا به
45. الحسيب: هو بمعنى الكافي عباده والمحاسب الذي يجازيهم على شكرهم اياه
46. الديان: هو المحاسب المجازي الذي قهر العباد على حكمه
47. الشاكر: هو الذي يثني على أفعال عباده ويثيبهم عليها وفي اسمه الشكور زيادة من فضله سبحانه ودوام.
48. الشكور: انظر الى اسم الشاكر
49. القابض: هو الذي يأخذ ويمسك بقدر ما يشاء
50. الباسط: هو الذي يمد بسعة ما يشاء
51. الوهاب: هو العواد والمكثر من العطايا الرحمانية
52. الكريم: هو بمعنى الشريف الجامع لجميع صفات الخير والإحسان الذي يعطي عطاءا كثيرا نافعا
53. الأكرم: هو الذي لا أشرف منه والذي يعطي عطاءا لا يمكن لأحد أن يماثله فيه.
54. الرازق: هو الذي يعطي عباده ما يبتغونه وزيادة
55. الرزاق: هو المكثر والعواد بالرزق
56. الجواد: هو المكثر والعواد بالمعروف ابتداء منه والذي يعطي عطاء سخيا ولا يبخل سبحانه
57. المعطي: هو الذي خص كل خلق بما يناسبه من صفات وصورة وسيرة وناوله ما يعينه لبلوغ غايته.
58. المسعر: هو الذي يرفع أو يخفض قيمة الأشياء
59. الشافي: هو الذي يذهب السُقم اي المرض ويظهر البُرء اي السلامة من السقم
60. المنان: هو المكثر والعواد بالتفضل على العباد بما أنعمه عليهم من نعم
61. المقدم: هو الذي ينزل الأشياء بمنازلها في الأول قبل آخرها
62. المؤخر: هو الذي ينزل الأشياء بمنازلها في الآخر بعد أولها
63. ﺍﻟﻮﻟﻲ: ﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻰ ﺃﻣﺮﻙ ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ ﺣﺎﻟﻚ ﻭﺣﺎﻝ ﻏﻴﺮﻙ من دون أن تسأله ،
64. ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ: الولي الذي تعتصم به
65. الوكيل: هو الكفيل المعتمد عليه في كل شيء والمفوض اليه كل أمر .
66. الحكيم: هو الذي امتنع عن كل ما ينافي كماله وفصل بين كل ضدين علما وفعلا سبحانه
67. الحكم هو الذي يفصل بين الضدين والمتعارضين وينزل كل منهما بمنزلته
68. الفتاح: هو الذي لا يغلق خزائن رحمته على عباده ولا يمسكها عنهم بل يعطيهم حقهم وزيادة
69. النصير: هو الغالب على أمره الذي يغلب ولا يغلب
70. المؤمن: هو الذي صدق فعله قوله فإنما قوله لشيء اذا اراده أن يقول له كن فيكون
71. المهيمن: وهو بمعنى الشاهد المؤتمن المسيطر الحاكم
72. الجبار: الذي لا يقصم ولا يمكن الوصول اليه ليقهر وهو الذي يقيم ويصلح الأشياء فلا يحصل في ملكه الا ما يشاء
73. العظيم: هو الشديد الكبير المتصف بصفات كثيرة وكبيرة الشأن .
74. الكبير: العظيم الذي كل ما دونه صغير مهان
75. المتكبر: هو الممتنع المترفع المتعالي على خلقه
76. العزيز: هو المنيع الذي لا ينال فيذل والشديد القوي القهار الذي يذل من يشاء ويعز من يشاء.
77. القوي: هو الشديد القدير على ما يشاء
78. المتين: هو الثابت والشديد
79. القاهر: هو الغالب عبادَه الذي دان وخضع وذل له كل شيء
80. القهار: هو المكثر والعواد بالقهر
81. المالك: هو الذي له وبيده الملك والملكوت
82. الملِك :هو المنفرد بالأمر يأمر فيطاع
83. المليك :هو بمعنى اسم الله الملك ولكن فيه زيادة في المدح والتوكيد لحكمة
84. الحق: هو الذي لا ريب فيه والذي لا يقوم امامه الباطل
85. المبين: هو الذي يُظهر ويبلغ الحق بأدلته ليَبينَ الباطل عن الحق
86. الحميد: هو الذي له الثناء والمدح المطلق فلا يذم في شيء
87. السبوح: هو المبعد المنزه من كل سوء
88. القدوس: هو المبارك الطاهر من كل سوء
89. السلام: هو الدائم في براءته من كل سوء
90. الطيب: هو الطاهر المبرء من كل سوء
91. الجميل: هو الجامع لكل الصفات الحسنى العظيمة فلا ينسب اليه قبيح سبحانه
92. المجيد: هو المتصف بالصفات الكثيرة الكريمة التي تستحق الحمد
93. الغني: سبحانه هو المكتفي بذاته عن العالمين فليس بفقير الى غيره بل كل شيء اليه فقير
94. الوراث: هو الذي اليه يرجع كل شيء
95. المحسن: هو الذي احكم واتقن فعله فلا يسيء فعلا ولا يسيء الى أحد سبحانه
96. الواسع: هو الذي لا يُضَّيق عليه ولا يَضيق عليه شيء الذي ملأ كل شيء رحمة وعلما
97. الحي: هو الذي لا يموت
98. القيوم: هو الذي لم يزل ولا يزل قائما بنفسه لا يستمد لدوام قيامه بصفاته من غيره بل هو القائم على غيره
99. الإله: هو المعبود الحق بغاية المحبة والتذلل

والحمد لله رب العالمين

جُرَيْج
2016-11-14, 08:03 AM
وهذا هو البحث بصيغة pdf

جُرَيْج
2016-11-15, 07:04 AM
https://archive.org/details/georges_201611