مشاهدة النسخة كاملة : مشاهد الإيمان من أسماء وصفات:(الْكَبِير ُ الْمُتَعَالِ)
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-03, 07:48 PM
مما يزيد من إيمان العبد ويرفعه: التفكر والتأمل في أسماء الله وصفاته، فكما أننا نحتاج إلى تنقيح وتحرير الأقوال في ذاك الباب الشائك؛ كذا نحتاج إلى استخلاص تلك المعاني والمشاهد الإيمانية التى تعلو وتسمو بالأرواح وتزيد من إيمانها وتقوي من أواصر الحب والصلة بربها.
فرجاء من مشايخنا وإخواننا من طلبة العلم: ذكر ما وقفتم عليه من تلك المعاني من أقوال العلماء أو مما فتح الله به عليكم، بارك الله فيكم، ورحم الله من كان مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر.
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-03, 11:30 PM
قال العز بن عبد السلام: (اعلم أن معرفة الذات والصفات مثمرة لجميع الخيرات العاجلة والآجلة، ومعرفة كل صفة من الصفات تثمر حالًا علية، وأقوالًا سنية، وأفعالًا رضية، ومراتب دنيوية، ودرجات أخروية، فمثل معرفة الذات والصفات كشجرة طيبة أصلها –وهو معرفة الذات– ثابت بالحجة والبرهان، وفرعها –وهو معرفة الصفات– في السماء مجدًا وشرفًا (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ) من الأحوال والأقوال والأعمال (بِإِذْنِ رَبِّهَا) [إبراهيم: 25] وهو خالقها إذ لا يحصل شيء من ثمارها إلا بإذنه وتوفيقه، منبت هذه الشجرة القلب الذي إن صلح بالمعرفة والأحوال صلح الجسد كله). [شجرة المعارف والأحوال: (صـ 14 - 15)].
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-03, 11:39 PM
من ثمارها المحبة لله:
من تأمل أسماء الله وصفاته وتعلق قلبه بها طرحه ذلك على باب المحبة، وفتح له من المعارف والعلوم أمورًا جمة، قال ابن القيم: (والمحبة هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون وإلى علمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبوب وبروح نسيمها تروح العابدون، فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون، وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال، والتي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه). [مدارج السالكين: (3/ 6 - 7)].
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-03, 11:44 PM
حب الله هو فطرة القلب التي فطر عليها، قال ابن تيمية: (والقلب إنما خلق لأجل حب الله تعالى، وهذه الفطرة التي فطر الله عليها عباده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء)، ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: اقرأوا إن شئتم: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) [الروم: 30] أخرجه البخاري ومسلم، فالله سبحانه فطر عباده على محبته وعبادته وحده فإذا تركت الفطرة بلا فساد كان القلب عارفًا بالله محبًا له عابدًا له وحده). [مجموع الفتاوى: (10/ 143 - 135)].
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-03, 11:51 PM
التأمل في الأسماء والصفات يورث المحبة، فمعرفة النعم دليل المحبة، قال أبو سليمان الواسطي: (ذكر النعم يورث المحبة). [المحبه لله سبحانه، لإبراهيم بن الجنيد: (صـ 24)].
وقال ابن القيم: (فإذا انضم داعي الإحسان والإنعام إلى داعي الكمال والجمال لم يتخلف عن محبة من هذا شأنه إلا أردأ القلوب وأخبثها وأشدها نقصًا وأبعدها من كل خير، فإن الله فطر القلوب على محبة المحسن الكامل في أوصافه وأخلاقه، وإذا كانت هذه فطرة الله التي فطر عليها قلوب عباده، فمن المعلوم أنه لا أحد أعظم إحسانًا منه سبحانه وتعالى، ولا شيء أكمل منه ولا أجمل، فكل كمال وجمال في المخلوق من آثار صنعه سبحانه وتعالى، وهو الذي لا يحد كماله ولا يوصف جلاله وجماله، ولا يحصي أحد من خلقه ثناء عليه بجميل صفاته وعظيم إحسانه وبديع أفعاله، بل هو كما أثنى على نفسه وإذا كان الكمال محبوبًا لذاته ونفسه وجب أن يكون الله هو المحبوب لذاته وصفاته؛ إذ لا شيء أكمل منه، وكل اسم من أسمائه وصفة من صفاته وأفعاله دالة عليها، فهو المحبوب المحمود على كل ما فعل وعلى كل ما أمر؛ إذ ليس في أفعاله عبث ولا في أوامره سفه، بل أفعاله كلها لا تخرج عن الحكمة والمصلحة والعدل والفضل والرحمة، وكل واحد من ذلك يستوجب الحمد والثناء والمحبة عليه، وكلامه كله صدق وعدل، وجزاؤه كله فضل وعدل، فإنه إن أعطى فبفضله ورحمته ونعمته، وإن منع أو عاقب فبعدله وحكمته
ما للعباد عليه حق واجب
كلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله أو نعموا
فبفضله وهو الكريم الواسع). [طريق الهجرتين: (صـ 520 - 521)].
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-04, 12:05 AM
قال ابن تيمية: (وليس للقلوب سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه، ولا تمكن محبته إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه، وهذا حقيقة لا إله إلا الله). [مجموع الفتاوى: (28/ 32)].
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-04, 12:07 AM
قال ابن كثير: (إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر). [تفسير ابن كثير: (3/ 561)].
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-04, 11:43 AM
ها نحن نبدأ بالطلب من مشايخنا وإخواننا في ذكر معاني ومشاهد الإيمان من اسم الله: (الرحمن)؟
أم علي طويلبة علم
2016-10-04, 06:07 PM
قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين:
"من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة ".
موضوع مهم وقيم جدا، نسأل الله أن يجعل هذا الجهد في ميزان حسناتكم ونفع بكم.
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-04, 09:45 PM
موضوع مهم وقيم جدا، نسأل الله أن يجعل هذا الجهد في ميزان حسناتكم ونفع بكم.
ننتظر المشاركات الطيبة النافعة.
أم علي طويلبة علم
2016-10-05, 10:37 PM
اسم الله ( الرحمن الرحيم ) جل ثناؤه
قال تعالى:{ وإلََهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم }.
المعنى اللغوي:
هذان الاسمان الكريمان مشتقان من (الرحمة) على وجه المبالغة، والرحمة في اللغة هي: الرقة، والشفقة، والحنان، والعطف، والرأفة.
المعنى الشرعي:
الله سبحانه وتعالى هو الرحمن الرحيم، وهو أرحم الراحمين، ذو الرحمة الواسعة، التي لا غاية بعدها في الرحمة، ولا نظير لها، فبحار رحمته تبارك وتعالى لا شاطئ لها، ولا حدود لها، قد وسعت كل شيء ، فجميع ما في العالم العلوي والسفلي، من حصول المنافع ، والمسار والخيرات من آثار رحمته تعالى، كما أن ما صرف عنهم من المكاره، والنقم، والسيئات، من آثار رحمته تعالى.
قال سبحانه: { ورحمتي وسعت كل شيء}
فهو تعالى أرحم بنا من كل راحم، أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا وأولادنا بل ومن أنفسنا.*
_____________________________
* أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسنة، لماهر مقدم
-يتبع إن شاء الله-
أم علي طويلبة علم
2016-10-06, 11:02 AM
آثار الإيمان بهذين الاسمين:*
١- إثبات صفة الرحمة لله رب العالمين:
من صفات الله الثابتة بالكتاب والسنة (الرحمة)، وهي صفة كمال لائقة بذاته كسائر صفاته العلى، لا يجوز لنا أن ننفيها أو نعطلها لأن ذلك من الإلحاد في أسمائه.
٢- ظهور آثار رحمة الله سبحانه على الخلق بجلاء:
قال ابن القيم رحمه الله:
((أن ظهور آثار هذه الصفة في الوجود كظهور أثر صفة الربوبية والملك والقدرة ، فإن ما لله على خلقه من الإحسان والإنعام شاهد برحمة تامة وسعت كل شيء ، كما أن الموجودات كلها شاهدة له بالربوبية التامة الكاملة ،.
وما في العالم من آثار التدبير والتصريف الإلهي شاهد بملكه سبحانه .
...فبرحمته أرسل إلينا رسوله صلى الله عليه وسلم وأنزل علينا كتابه وعصمنا من الجهالة، وهدانا من الضلالة ، وبصرنا من العمى ، وأرشدنا من الغي ،
وبرحمته عرفنا من أسمائه وصفته وأفعاله ما عرفنا به أنه ربنا ومولانا ، وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم ، وأرشدنا لمصالح ديننا ودنيانا ،
وبرحمته أطلع الشمس والقمر ، وجعل الليل والنهار ، وبسط الأرض ، وجعلها مهادا وفراشا وقرارا وكفاتا للأحياء والأموات ،.
وبرحمته أنشأ السحاب وأمطر المطر ، وأطلع الفواكه والأقوات والمرعى .
ومن رحمته سخر لنا الخيل والإبل والأنعام وذللها منقادة للركوب والحمل والأكل والدر .
وبرحمته وضع الرحمة بين عباده ليتراحموا بها ، وكذلك بين سائر أنواع الحيوان .
فهذا التراحم الذي بينهم بعض آثار الرحمة التي هي صفته ونعمته ، واشتق لنفسه منها اسم (الرحمن الرحيم) ، وأوصل إلى خلقه معاني خطابه برحمته ، وبصرهم ومكن لهم أسباب مصالحهم برحمته .
وأوسع المخلوقات عرشه ، وأوسع الصفات رحمته ، فاستوى على عرشه الذي وسع المخلوقات بصفة رحمته التي وسعت كل شيء ،.
ولما استوى على عرشه بهذا الاسم الذي اشتقه من صفته وتسمى به دون خلقه ، كتب بمقتضاه على نفسه يوم استوائه على عرشه حين قضى الخلق كتابا ، فهو عنده وضعه على عرشه ((إن رحمته سبقت غضبه)) ، وكان هذا الكتاب العظيم الشأن كالعهد منه سبحانه للخليقة كلها بالرحمة لهم والعفو عنهم ، والمغفرة والتجاوز والستر والإمهال والحلم والأناة ، فكان قيام العالم العلوي والسفلي بمضمون هذا الكتاب الذي لولاه لكان للخلق شأن آخر .
وكان عن صفة الرحمة الجنة وسكانها وأعمالها ، فبرحمته خلقت ، وبرحمته عمرت بأهلها ، وبرحمته وصلوا إليها ، وبرحمته طاب عيشهم فيها ، وبرحمته احتجب عن خلقه بالنور ، ولو كشف ذلك الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه .
ومن رحمته أنه يعيذ من سخطه برضاه ، ومن عقوبته بعفوه ، ومن نفسه بنفسه .
ومن رحمته أن خلق للذكر من الحيوان أنثى من جنسه ، وألقى بينهما المحبة والرحمة ، ليقع بينهما التواصل الذي به دوام التناسل ، وانتفاع الزوجين ، ويمتع كل واحد منهما بصاحبه .
ومن رحمته أحوج الخلق بعضهم إلى بعض لتتم مصالحهم ، ولو أغنى بعضهم عن بعض لتعطلت مصالحهم، وانحل نظامهم ، وكان من تمام رحمته بهم أن جعل فيهم الغني والفقير ، والعزيز والذليل ، والعاجز والقادر ، والراعي والمرعي ، ثم أفقر الجميع إليه ، ثم عم الجميع برحمته .
ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة ، كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض ، فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة ، نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها ، فبها تعطف الوالدة على ولدها ، والطير والوحش والبهائم ، وبهذه الرحمة قوام العالم ونظامه .
وتأمل قوله تعالى {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان }, كيف جعل الخلق والتعليم ناشئا عن صفة الرحمة متعلقا باسم (الرحمن) ، وجعل معاني السورة مرتبطة بهذا الاسم وختمها بقوله : {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام } فالاسم الذي تبارك هو الاسم الذي افتتح به السورة ، إذ مجيء البركة كلها منه ، وبه وضعت البركة في كل مبارك ، فكل ما ذكر عليه بورك فيه وكل ما خلي منه نزعت منه البركة )) ا هـ
___________________
* النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للشيخ محمد النجدي
يتبع إن شاء الله
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-06, 05:19 PM
سبقت رحمة الله غضبه؟
يقول العلماء في ذلك: لأن الرحمة مقتضى ذاته المقدّسة، وأما الغضب فإنه متوقف على سابقة عمل من العبد حادث. _ فقدم الرحمة التي هي أصلا من صفاته الذاتية ، وأما الغضب فإنه عارض على ما يتوقف من سببه، وهو من صفاته الفعلية_.
قال الطيبي: (في سبق الرحمة إشارة إلى أن قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب، وأنها تنالهم من غير استحقاق، وأن الغضب لاينالهم إلا باستحقاق، فالرحمة تشمل الشخص جنينًا ورضيعًا وفطيمًا وناشئًا قبل أن يصدر منه شيء من الطاعة، ولايلحقه من الغضب إلا بعد أن يصدر عنه من الذنوب مايستحق معه ذلك). [فتح الباري: (6/ 293)].
وفي فيض الباري على صحيح البخاري (4/ 301):
الحديثَ يُخْبِرُ أن الرحمةَ والغضبَ تَسَابقا، فَسَبَقَتْ رحمتُه غضبَه، فإذا سَبَقَتْ لَزِمَ أن لا يَبْقَى أحدٌ تحت غضبه تعالى، ويَدُخُلَ كلُّهم في رحمته تعالى، ويَخْلُصَ من عذاب الله عزَّ وجلَّ، ولو آخِرًا. وذلك لأن النارَ تكون طبيعةً لهم، فَيَعِيشُون فيها غير معذَّبين، لكونهم ناريي الطبع. كمائيِّ المَوْلِدِ، يَسْكُنُ في الماء، ولا يكون عليه ضيقٌ، وغيره لو سَكَنَ فيه مات من ساعته.
قلتُ: ومذهبُ الجمهور: أن جهنم عذابٌ سَرْمَدِيٌّ لمن فيها. قال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56].
وأمَّا السَّبْقِيَّة، فهي عندي في جانب المبدأ دون المنتهى، ومعناه: أن الرحمةَ والغضبَ تَسَابَقَا عند ربك، فسَبَقَتْ الرحمة قبل سَبْقِ الغضب، فتقدَّمت عليه من هذا الجانب. وذلك؛ لأن الغضبَ يَحِلُّ بالمعاصي، والرحمة منشؤها الجود، فتأتي من غير سببٍ ولا استحقاقٍ. بخلاف الغضب، فإنه يَنْتَظِرُ اقترافَ السيِّئات، واقتحام الموبقات، والرغبة عن التوبة، ثم التمادي في الغيِّ، فلا يأتي حين يأتي إلاَّ على مَهْلٍ، فتقدُّمها يَظْهَرُ في جانب المبدأ).
أم علي طويلبة علم
2016-10-06, 11:15 PM
*3- سعة رحمة الله تعالى:
قال تعالى إخبارا عن حملة العرش ومن حوله أنهم يقولون: {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما}.
وقال سبحانه: {ورحمتي وسعت كل شيء}.
يخبر تعالى شأنه عن رحمنه التي وسعت وشملت كل شيء في العالم العلوي والسفلي، البر والفاجر، المسلم والكافر، فما من أحد إلا وهو يتقلب في رحمة الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار.
ولكن للمؤمنين الرحمة الخاصة بهم، والتي يسعدون بها في الدارين ولذلك قال في تمام الآية السابقة: {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}، فالكافر لا رحمة له في الآخرة.
وفتح الله تعالى أبواب رحمته للتائبين فقال: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
قال صلى الله عليه وسلم في ذلك: ( لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد).(1)
وسمى الله تعالى وحيه إلى أنبيائه بالرحمة كما في قوله تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده}. يشير إلى ما خصه الله به من الوحي والعلم والحكمة...
4- رحمة الله تغلب غضبه:
وقد ثبت في ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لما خلق الله الخلق كتب في كتابه -وهو يكتب على نفسه وهو وضع عنده على العرش- إن رحمتي تغلب غضبي) وفي رواية: (إن رحمتي سبقت غضبي).(2)
وهذا الحديث موافق لقوله تعالى: {كتب ربكم على نفسه الرحمة}، وقوله: (وهو يكتب على نفسه) لأنه لا آمر له سبحانه ولا ناهي يوجب عليه ما يلزمه المطالبة به، ولكن الله ينجز عباده ما وعدهم وهو لايخلف الميعاد.
___________________________
*النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للشيخ محمد النجدي.
(1) رواه مسلم (4/2755) عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة به.
(2) رواه البخاري (7404، 7422، 7453، 7553، 7554) ومسلم (2751).
يتبع إن شاء الله
أم علي طويلبة علم
2016-10-06, 11:40 PM
*5- لله جل ثناؤه مائة رحمة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة - وفي رواية: كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض - فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة).
وفي رواية: (إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها -وفي رواية: حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه- وأخر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة) (1)
6- الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الأم بولدها:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي، فإذا امرأة من السبي تبتغي -وفي رواية البخاري: تسعى- إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟) قلنا: لا والله! وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أرحم بعباده من هذه بولدها).(2)
__________________________
*النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للشيخ محمد النجدي.
(1) رواه البخاري (9469) ومسلم (2752/ 18-19)، (2753/ 21).
(2) أخرجه البخاري (5999) ومسلم (2754).
أم علي طويلبة علم
2016-10-06, 11:58 PM
* الثمرات:
إن هذين الاسمين يثمران تجريد محبة الله عز وجل، وعبودية الرجاء والتعلق برحمة الله تعالى، والتعرض للأسباب التي تستوجب رحمته تعالى الخاصة التي من أعظمها، طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون} وامتلاء القلب بالرحمة والعطف مع الإنسان، والحيوان، قال صلى الله عليه وسلم: (الراحمون يرحمهم الله، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء)(1)، وقال صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: (ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم)(2).
_________________
*أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسنة، لماهر مقدم.
(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة (925).
(2) صحيح الجامع (897).
أم علي طويلبة علم
2016-10-07, 03:01 PM
وقد ورد هذان الاسمان مقترنين في مواضع من القرآن، وكل منهما دال على ثبوت الرحمة صفة لله عز وجلّ.
إلا أن اقتران هذين الاسمين فيه دلالة على ثبوت هذا الوصف وحصول أثره وتعلقه بمتعلقاته؛
فالرحمن أي: الذي الرحمة وصفه، والرحيم أي: الراحم لعباده، ولهذا يقول تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِين َ رَحِيمًا}، وقال: {إنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}. ولم يجئ (رحمن بعباده)، ولا (رحمن بالمؤمنين).
والرحمن جاء على وزن (فعلان) الدال على الصفة الثابتة اللازمة الكاملة، أي: من صفته الرحمة، والرحيم دال على تعديها للمرحوم: أي: من يرحم بالفعل.
إن في هذين الاسمين دلالة على كمال الرحمة التي هي صفة الله وسعتها، فجميع ما في العالم العلوي والسفلي من حصول المنافع والمحاب والمسار والخيرات من آثار رحمته، كما أن ما صرف عنهم من المكاره والنقم والمخاوف والأخطار والمضار من آثار رحمته؛ فإنه لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو، وهو أرحم الراحمين.*
_____________________________
* فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبدالرزاق البدر
أم علي طويلبة علم
2016-10-07, 03:37 PM
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد:
أن يعلم أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا ،
فمن رحمة أرحم الراحمين أن يفتقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء، وحفظا لصحة عبوديته ، واستفراغاً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه ،
فسبحان من يرحم ببلائه ، ويبتلي بنعمائه ، كما قيل :
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم.
أم علي طويلبة علم
2016-10-07, 08:59 PM
ويَخْلُصَ من عذاب الله عزَّ وجلَّ، ولو آخِرًا. وذلك لأن النارَ تكون طبيعةً لهم، فَيَعِيشُون فيها غير معذَّبين، لكونهم ناريي الطبع. كمائيِّ المَوْلِدِ، يَسْكُنُ في الماء، ولا يكون عليه ضيقٌ، وغيره لو سَكَنَ فيه مات من ساعته.
وهذا قول لا دليل عليه.
أم علي طويلبة علم
2016-10-08, 11:25 AM
* أنواع رحمته تعالى لعبادة:
أولا: رحمة عامة:
وهي لجميع الخلائق، فكل الخلق مرحومون برحمة الله تعالى، بإيجادهم وتربيتهم، ورزقهم، وإمدادهم بالنعم والعطايا، وتصحيح أبدانهم، وتسخير المخلوقات والجمادات لهم، وغير ذلك من النعم، التي لا تعد ولا تحصى.
ثانيا: رحمة خاصة:
التي تكون بها سعادة الدنيا الآخرة، وهي لا تكون إلا لخواص عباده المؤمنين، فيرحمهم تعالى في الدنيا:
بتوفيقهم إلى الهداية إلى الصراط المستقيم، وينصرهم على أعدائهم، ويدفع عنهم الشرور والمهالك والمصائب، ويرزقهم الحياة الطيبة النافعة، التي تعود عليهم بالمنافع الدنيوية، والدينية.
وتتجلى في الآخرة:
في أعلى مظاهرها وكمالها في السعادة الأبدية، في دخولهم جنات الله تعالى العلية، والتمتع برؤية رب البرية.
______________________________ _________
* أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها، لماهر مقدم.
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-16, 09:28 PM
وهذا قول لا دليل عليه.
أحسنتم، بارك الله فيكم
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-16, 09:32 PM
اسمي الله تعالى: (الرحمن الرحيـــــم).
من أسماء الله عزَّ وجلَّ الحسنى الرحمن الرحيــــم، فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع خلقه سبحـــانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163]، والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه ولا يجوز أن تُنسب لغيره، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى..} [الإسراء:110].
ورود الاسمين في القرآن الكريم (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%82%D8 %B1%D8%A2%D9%86%20%D8%A7%D9%84 %D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85%22):
وقد ذُكر اسمه تعالى: (الرحمن) في القرآن 57 مرة، أما اسمه (الرحيـــم) فذُكر 114 مرة.
معنى الاسمين في حق الله تعالى:
الرحمن والرحيـــم اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة في اللغة: هي الرقة والتعطُّف، و(رحمن) أشد مبالغة من (رحيـــم) ولكن ما الفرق بينهما؟
الرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9 %86%D9%8A%D8%A7%22)، وللمؤمنين في الآخرة، أي: إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، فذكر الاستواء باسمه (الرحمن) ليعم جميع خلقه برحمته.
الرحيـــــم: هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%82%D9 %8A%D8%A7%D9%85%D8%A9%22)، كما في قوله تعالى: {..وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِين َ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، فخص برحمته عباده المؤمنين.
يقول ابن القيم (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D8%A8%D9%86%20 %D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D9%85 %22): "الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف والثاني للفعل، فالأول دال أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله: {..وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِين َ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، {..إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9 %88%D8%A8%D8%A9%22):117]، ولم يجيء قط رحمن بهم فعُلِم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة، ورحيم هو الراحم برحمته" (بدائع الفوائد:2:34)، فالرحمنُ الذي الرَّحْمَةُ وَصْفُهُ، والرحيمُ الراحمُ لِعِبَادِهِ.
آثـــــار الإيمان (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9 %8A%D9%85%D8%A7%D9%86%22) بهذين الاسمين:
1- إثبــــات صفة الرحمة لله ربِّ العالمين، فصفة الرحمة من صفات الله تعالى الثابتة بالكتاب والسُّنَّة، وهي صفة كمال لائقة بذاته كسائر صفاته العلى، لا يجوز لنا أن ننفيها أو نعطلها لأن ذلك من الإلحــــاد في أسمائه سبحـــانه وتعالى، وقد يُلحد البعض بهذه الصفة دون أن يشعر، حينما يعترض على الابتلاءات التي تعتريه هو أو غيره، ولا يدري أن تلك الابتلاءات من رحمة الله (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8 %A9%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87 %22) عزَّ وجلَّ بعبـــــاده، عن جابر قال: قال رسول الله: «يود أهل العافية يوم القيامة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D9%8A%D9%88%D9%85%20 %D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7 %D9%85%D8%A9%22) حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض» (رواه الترمذي وحسنه الألباني (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9 %84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%22 ))، فأهل البلاء أكثر إحساسًا برحمة الله تعالى؛ لأنها سابغة عليهم..
2- جلاء آثار رحمة الله على الخلق، انظر إلى ما في الوجود من آثار رحمته الخاصة والعامة، فبرحمته سبحانه وتعالى أرسل إلينا رسوله، وأنزل علينا كتابه وعصمنا من الجهالة، وهدانا من الضلالة، وبرحمته عرفنا من أسمائه وصفاته وأفعاله ما عرفنا به أنه ربنا ومولانا، وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم، وأرشدنا لمصالح ديننا ودنيانا، وبرحمته أطلع الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار، وبسط الأرض، وجعلها مهادًا وفراشًا، وقرارا، وكفاتًا للأحياء والأموات، وبرحمته أنشأ السحاب وأمطر المطر، وأطلع الفواكه والأقوات والمرعى، وبرحمته وضع الرحمة بين عباده ليتراحموا بها، وكذلك بين سائر أنواع الحيوان.
وكان من تمام رحمته بهم أن جعل فيهم الغني والفقير، والعزيز والذليل، والعاجز والقادر، والراعي والمرعي، ثم أفقر الجميع إليه، ثم عمَّ الجميع برحمته، (مختصر الصواعق بتصرف:2:121،124)، ومن رحمته: "أن نغصَّ عليهم الدنيا وكدرها؛ لئلا يسكنوا إليها، ولا يطمئنوا إليها، ويرغبوا في النعيم المقيم في داره وجواره، فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8 %A8%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%A1%22 ) والامتحان، فمنعهم ليعطيهم، وابتلاهم ليعافيهم، وأماتهم ليحييهم" [1].
3- رحمة الله واسعة، يقول الله جلَّ وعلا" {..وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ..} [الأعراف:156]، فرحمة الله عزَّ وجلَّ عــــامة واسعة، هي للمؤمنين في الدارين، يقول الله تبارك وتعالى: {..فَسَأَكْتُبُه ا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:156]، وفتح الله تعالى: أبـواب رحمته للتائبيــن، فقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].
وقال رسول الله: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طَمِع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد» (متفق عليه)، وسمى الله تعالى: وحيـــه إلى أنبيــائه رحمة، كما في قوله تعالى مُخبرًا عن نبيه نوح عليه السلام: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُو هَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود:28]، فجعل الوحي والعلم والحكمة، رحمة، ويقول تعالى عن نبينا: {..وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل:89]
4- رحمة الله تغلب غضبه، عن أبي هريرة عن رسول الله قال: «إن الله حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي» (رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن صحيح)، وهذا الحديث موافق لمعنى قوله تعالى: {..كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ..} [الأنعام:54]، فالله تعالى أوجب على نفسه ولا يوجب أحدٌ على الله.
5- لله جلَّ ثناؤه مائة رحمة، كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض، فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والطير والوحش والبهائم، وبهذه الرحمة قوام العالم ونظامه. (مختصر الصواعق:2:124)، قال رسول الله: «إن الله تعالى: خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، وأخر تسعا وتسعين فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة» (رواه أحمد، وصححه الألباني، صحيح الجامع:1767)، فيا لعظم رحمة الله تعالى في هول هذا الموقف العصيب، ولكن هذا ليس دعوة للعصاة ليزدادوا عصيانًا، بل هو دعوة للمؤمنين ليزدادوا قربًا ومحبة من ربِّهم الرحيـــم.
6- الله سبحانه وتعالى: أرحم بعبـــاده من الأم بولدهـــا..
عن عمر بن الخطاب (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%B9%D9%85%D8%B1%20 %D8%A8%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8 %AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8%22) قال: "قدم على النبي (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%86%D8 %A8%D9%8A%22) سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها، تسعى إذا وجدت صبيًا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي: «أترون هذه طارحة ولدها في النار (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%86%D8 %A7%D8%B1%22)؟»، فقلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها» (متفق عليه).
7- نِعَم الله سبحانه وتعالى رحمة..
وقد سمى الله سبحانه بعض نعمه بالرحمة، كالمطر في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ..} [الأعراف:57]
وسمى رزقه بالرحمة في قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء:28]، أي:إذا سألك أقاربك وليس عندك شيء وأعرضت عنهم لعدم وجود ما تنفقه عليهم، فعليك أن تعدهم باللين إنه إذا جاء رزق الله -الرحمة- فسنصلكم إن شاء الله، وسمى الله كتابه العزيز بالرحمة، فقال تعالى: {..وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل:89]، وسمى الله عزَّ وجلَّ الجنة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9 %86%D8%A9%22) بالرحمة، وهي أعظم رحمة خلقها الله لعباده الصالحين، قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران:107]
حظ المؤمن من اسمي الله الرحمن الرحيــــم، موجبــــات الرحمة: فالرحمة بمثابة الوقود الذي سيدفعك للعمل والحركة، فلا بد أن تأخذ بتلك الأسبــاب التي توجب الرحمة، وتعتمد على الله وحده ليوفقك للعمل الصالح، ومن موجبـــات الرحمة:
1- رحمة النــــاس، الرحمة من الأخلاق (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8 %AE%D9%84%D8%A7%D9%82%22) العظيمة التي حضَّ الله سبحـانه عباده على التخلُّق بها، ومدح بها أشرف رسله، فقال جلَّ وعلا: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِين َ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128]، ومن أسمائه: (نبي الرحمة) (حسنه الألباني، مختصر الشمائل:316).
ومدح النبي أفضل أصحابه من بعده بهذه الصفة، فقال: «أرحم أمتي بأمتي: أبو بكر..» (رواه الترمذي وصححه الألباني)، فكأن من يتصف بالرحمة ينال درجة الصديقين، وهي أعلى الدرجـــات عند الله تعالى، وبيَّن أن الرحمة تنــال عبــاده الرحمــاء، كما قال: «فإنما يرحم الله من عباده الرحماء» (متفق عليه)، والشقي هو الذي نزعت من قلبه الرحمة، قال: «من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله» (متفق عليه)، وعن عائشة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D8 %B4%D8%A9%22) قالت: "جاء أعرابي إلى النبي فقال: أتقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم! فقال النبي: «أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة» (متفق عليه)
2- القرآن، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء:82]، فقراءة القرآن رحمة، وتدبُّر القرآن رحمة، وكل تعلَّقٌ للمؤمن بكتاب الله جلَّ وعلا مستوجبٌ لنزول الرحمة.
3- صلاة أربع ركعــات قبل العصر، قال رسول الله: «رَحِم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا» (رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني)، وهي ليست من السُنن المؤكدة، لكن تُستنزل بها الرحمــات.
4- المكوث في المسجد، قال رسول الله: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها، ولا تزال الملائكة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%85%D9 %84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9%22 ) تصلي على أحدكم ما دام في المسجد: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ما لم يُحدِث» (رواه الترمذي وصححه الألباني).
5- عيـــادة المرضى، عن جابر قال: قال رسول الله: «من عاد مريضًا لم يزل يخوض الرحمة حتى يجلس، فإذا جلس اغتمس فيها» (رواه مالك وأحمد وصححه الألباني).
6- طاعة الله ورسوله، فهي من أعظم أسبــاب الرحمة، وكلما كان العبد أطوَّع لله، كان أكثر استحقاقًا لاستنزال الرحمة به، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:132].
7- الإحســـان:
فالإحســـان يبدأ من الإتقان وتجويد العمل، ويصل إلى المنزلة العظمى من منازل الإيمان وهي: أن تعبد الله كإنك تراه، كما جاء في حديث جبريل حينما سأل النبي عن الإحسان، فقال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (رواه مسلم)، وهذه المنزلة العظمى تقتضي مراقبة الله جلَّ وعلا في السر والعلن، فإن كنت تريد أن تتنزل عليك الرحمة: راقب قلبـــك وحالك في الخلوات،فإن كنت مستقيم الحال في خلوتك، فاعلم أن هذا من أعظم أسبـــاب استنزال الرحمة عليك، يقول تعالى: {..إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:56]
كيف ندعو الله باسميه الرحمن الرحيم؟
1- اثن على الله عزَّ وجلَّ في كل حالك وأكثِر منه بين الخلائـــق، فتتحدث بنعمته ورحمته عليــك، وتقول: يا لرحمة الله، وافرح برحمة الله تعالى: إذا تنزلت عليك، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58].
2- أن يُكثر العبد من سؤال ربِّه الرحمة، فيقول:اللهم ارحمني، اللهم ارحمني.
فإذا دعوت الله، فاعزم في الدعــاء ولا تتردد، قال رسول الله: «إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء ولا مكره له» (رواه البخاري (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8 %AE%D8%A7%D8%B1%D9%8A%22))، اللهم رحمتك نرجو، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
المصدر: موقع الكلم الطيب
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-16, 09:47 PM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (اللطيف):
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-16, 09:55 PM
من أسماء الله الحسنى الثابتة في القرآن والسنة : (اللطيف)، قال تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك/14 ، وقال عز وجل: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفا خَبِيرا) الأحزاب/34.
ولهذا الاسم معنيان عظيمان:
الأول: أن الله يعلم دقائق الأمور وخفاياها، وما في الضمائر والصدور .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي شارحًا معنى هذا الاسم : " الذي لَطُفَ علمه حتى أدرك الخفايا ، والخبايا ، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور " .
انتهى من "تفسير أسماء الله الحسنى " للسعدي (ص: 225) .
المعنى الثاني : أن الله تعالى يحسن إلى عباده من حيث لا يحتسبون .
قال الزجاج : " وَهُوَ فِي وصف الله يُفِيد أَنه المحسن إِلَى عباده فِي خَفَاء وَستر من حَيْثُ لَا يعلمُونَ ، ويسبب لَهُم أَسبَاب معيشتهم من حَيْثُ لَا يحتسبون ".
انتهى " تفسير أسماء الله الحسنى " للزجاج (ص: 44) .
فإذا يسر الله لعبده طريق الخير وأعانه عليه : فقد لطف به .
وإذا دفع عنه السوء والمكروه : فقد لطف به .
وإذا هداه من ظلمات الجهل والكفر والبدع والمعاصي ، إلى نور العلم والإيمان والطاعة : فقد لطف به .
وإذا قيض الله له أسبابًا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد : فقد لطف به .
فمن لطفه : أن يسوق عبده إلى الخير ، ويعصمه من الشر ، بطرق خفية لا يشعر العبد بها ، ويسوق إليه من الرزق ما لا يدريه ، ويريه من الأسباب التي تكرهها النفوس ما يكون ذلك طريقًا له إلى أعلى الدرجات ، وأرفع المنازل .
" ولهذا لما تنقلت بيوسف عليه السلام تلك الأحوال ، وتطورت به الأطوار من رؤياه ، وحسد إخوته له ، وسعيهم في إبعاده جدا ، واختصامهم بأبيهم ثم محنته بالنسوة ثم بالسجن .
ثم بالخروج منه بسبب رؤيا الملك العظيمة ، وانفراده بتعبيرها ، وتبوئه من الأرض حيث يشاء ، وحصول ما حصل على أبيه من الابتلاء والامتحان .
ثم حصل بعد ذلك الاجتماع السار وإزالة الأكدار وصلاح حالة الجميع والاجتباء العظيم ليوسف : عرف عليه السلام أن هذه الأشياء وغيرها لطف لطف الله لهم به ، فاعترف بهذه النعمة فقال: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) أي لطفه تعالى خاص لمن يشاء من عباده ممن يعلمه تعالى محلا لذلك وأهلاً له ، فلا يضعه إلا في محله ، فالله أعلم حيث يضع فضله .
فإذا رأيت الله تعالى قد يسر العبد لليسرى ، وسهل له طريق الخير ، وذلل له صعابه ، وفتح له أبوابه ، ونهج له طرقه ، ومهد له أسبابه ، وجنبه العسرى : فقد لطف به " .
انتهى من تفسير أسماء الله الحسنى" للسعدي (ص: 227) .
ومن لطفه بعباده : أنه يقدر أرزاقهم بحسب علمه بمصلحتهم ، لا بحسب مراداتهم ، فقد يريدون شيئاً وغيره أصلح لهم ، فيقدر لهم الأصلح وإن كرهوه لطفاً بهم ، وبراً إحساناً ( اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ).
ومن لطفه بهم : أنه يقدر عليهم أنواع المصائب ، وضروب المحن والابتلاء رحمةً بهم ولطفاً ، وسوقا إلى كمالهم ، وكمال نعيمهم ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .
ومن لطف الله تعالى بعبده : أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية التي يظن فيها إدراك بغيته ، ويعلم الله تعالى أنها تضره وتصده عما ينفعه ، فيحول بينه وبينها ، فيظل العبد كارهاً ولم يدر أن ربه قد لطف به حيث أبقى له الأمر النافع وصرف عنه الأمر الضار .
قال ابن القيم : " واسمه اللطيف يتضمن : علمه بالأشياء الدقيقة ، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية " انتهى من " شفاء العليل " (ص: 34) .
وقال في " الكافية الشافية " (ص: 179) :
وهو اللطيف بعبده ولعبده ... واللُطف في أوصافه نوعان
إدراك أسرار الأمور بخبرةٍ ... واللطف عند مواقع الإحسان
فيريك عزَّته ويُبدي لطفه ... والعبد في الغفلات عن ذا الشَّان
وقد أفاض الشيخ عبد الرحمن السعدي في بيان صور وحالات من لطف الله بعباده في رسالته " تفسير أسماء الله الحسنى " (ص: 225) .
https://islamqa.info/ar/214374
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-16, 10:34 PM
سبحــــان اللطيف الخبيــــر، يرفق بعبـــاده ويلطف بهم، يرزق من يشــاء بغير حســـاب، ومنعه هو خيـــر العطــــاء، يعلم مصالح جميع الخلائق؛ الجن والإنس، والطير والحيوان، والجماد والنبـــات، ثم يسلك سبيلَ الرفق في إيصال هذه المصالح إلى مستحقِّها دون العُنْف..
ولو نظر الإنسان إلى الكون من حوله، لوجد آثـــار لطف الله تعالى بخلقه واضحةً جليَّة، ولوجد المرءَ نفسه في نهاية العجز، واللهُ تعالى في نهاية اللطف، ولطفُه به هو الذي جعله على هذا الحال الحسن، فليس لك إلا أن تدعوه سبحــــانه قائلاً: يـــــا لَطِيــــــف.. الْطُفْ بِنـــــا..
أم علي طويلبة علم
2016-10-19, 09:57 PM
الله ( اللطيف ) تبارك وتعالى:
قال تعالى:{ وهو اللطيف الخبير}
- المعنى اللغوي : اللطيف هو: البر، والحفاوة، والإكرام، والترفق في تحقيق المراد، والعلم بدقائق الأمور، وغوامضها، فإذا اجتمع الرفق في الفعل، واللطف في الإدراك، تم معنى اللطيف.
فهذا الاسم الكريم يتضمن: علمه بالأشياء الدقيقة، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية، ولا تجتمع هذه المعاني كلها إلا في الله.
- المعنى الشرعي: الله سبحانه وتعالى هو اللطيف الذي لا ألطف منه على الإطلاق:
(1) الذي لطف علمه ودق، حتى أحاط بالسرائر والخفايا، وأدرك البواطن، والخبايا، ومكنونات الصدور، ومغيبات الأمور، وما في الأراضي من خفايا الحبوب، والبذور.
(2) الذي يوصل الأمور إلى غاياتها بألطف الوجوه، وبأحسن ما يكون، فييسر المنافع للعباد، من حيث يعلمون أو لا يعلمون.
(3) وهو اللطيف البر بعباده المؤمنين، الموصل إليهم مصالحهم ومنافعهم، بلطفه وإحسانه، وسهل لهم كل طريق يوصل إلى مرضاته وكرامته، وحفظهم من كل سبب ووسيلة توصل إلى سخطه، من طرق لا يشعرون، ومن حيث لا يحتسبون، كما قال يوسف عليه السلام: { إن ربي لطيف لما يشاء}.
(4) وهو سبحانه الذي لطف صنعه، وحكمته ودق، حتى عجزت الأفهام، عن إدراكه.
(5) ومن لطفه بعباده أنه تعالى أعطاهم فوق الكفاية، وكلفهم دون الطاقة وسهل عليهم الوصول إلى السعادة في مدة قصيرة.
- الثمرات:
عندما يدرك المؤمن اتصافه تعالى باللطف بكل معانيه، من دقة العلم، وإحاطته تعالى بكنه الأشياء، صغيرها وكبيرها، وأنه يلطف بوليِّه بإيصال إحسانه إليه، من حيث لا يحتسب، فإن ذلك يغرس في قلبه شجرة المحبة، التي تثمر له أنواع القُرب، والعبودية، من ذلك محاسبة نفسه على أقواله، وأفعاله، وحركاته، وسكناته، والتعبد بمقتضى هذا الاسم الكريم، في التلطف مع إخوانه المؤمنين، وأخص من ذلك مع أهله، في النصح، وفي أمره ونهيه، وإيصال البر واللطف بكل أنواعه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وينبغي له أن يتوسل بهذا الاسم، ويستحضر معانيه " فإذا قال العبد: يا لطيف ألطف بي، أو لي، وأسألك لطفك، فمعناه: تولني ولاية خاصة، بها تصلح أحوالي الظاهرة والباطنة".
________________________
المصدر: أسماء الله الحسنى لماهر مقدم.
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-20, 01:33 PM
أحسن الله إليكم
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-27, 12:40 PM
مِنْ أسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الرَّؤُوف، وَهُوَ الرحيمُ لِعِبَادِهِ العَطُوفُ عَلَيْهِمْ بأَلطافه ..
فالله عزَّ وجلَّ هو الرؤوف المتناهي في الرحمة بعبـاده، لا راحم أرحم منه سبحانه ولا غاية وراء رحمته ..
الدليل على ثبوت الاسم من القرآن الكريم سمى الله تعالى نفسه الرؤوف في عشر آيات من كتابه تعالى، منها: قوله تعالى {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النور: 20]، وقوله عزَّ وجلَّ {.. رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10]
المعنى اللغوي للاسم الرأفَةُ: أشدُّ الرحمة .. والرأفة في حق البشر، هي: امتلاء القلب بالرقة، وهي أشد ما يكون من الرحمة، وقيل: بل شدة الرحمة ومنتهاها ..
قال تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ..} [النور: 2]، يعني: لا تنظروا بأي اعتبار يمكن أن يمنحهم شيئًا من الرحمة والرقة، فلا ترحموهما فَتُسْقِطُوا عنهما ما أَمَرَ الله به من الحد.
ويمكن القول أن الرحمة تسبق الرأفة، فالرأفة هي المنزلة التي تعقبها .. فإذا رقَّ القلب دعاه ذلك إلى الرحمة، وإذا رَحِم واشتدت رحمته وامتلأ القلب بها كانت الرأفة .. كما يُقال: فلان رحيم فإذا اشتدت رحمته فهو رؤوف، فالرأفة آخر ما يكون من الرحمة ..
ولذلك قُدِمَت الرأفة على الرحمة في وصف نبينا ، كما قال تعالى {.. بِالْمُؤْمِنِين َ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، وذلك على اعتبار أن الرأفة مبالغة في الرحمة، والمبالغة في الرحمة تتعلق بخاصة المؤمنين، أما الرحمة في اسمه الرحمن فإنها تتعلق بالخلائق أجمعين، فالأمر في الرأفة والرحمة على قدر الولاية والإيمان، وعلى حسب علو الهمة في عمل الإنسان، وقد كانت رأفة النبي بأصحابه ما بعدها رأفة.
الفرق بين الرأفة والرحمة:
والرَّأْفَةُ أَخصُّ وأَرَقُّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَلَا تَكاد تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ، والرحمةُ قَدْ تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ للمَصْلحةِ. [لسان العرب (9:112)]
معنى الاسم في حق الله تعالى يقول ابن جرير "إنَّ الله بجميع عباده ذو رأفة، والرأفة أعلى معاني الرحمة، وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ولبعضهم في الآخرة" [جامع البيان (2:12)]
قال الخطابي "الرَّؤوف: هو الرحيم العَاطِف برأفته على عباده" والرَّؤوف سبحانه هو الذي يتعطف على عباده المؤمنين بحفظ سمعهم وأبصارهم وحركاتهم وسكناتهم في توحيده وطاعته، وهذا من كمال الرأفة بالصادقين ..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: .. وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" [صحيح البخاري]
ويعطف على عباده المذنبين، فيفتح لهم باب التوبة ما لم تغرغر النفس أو تطلع الشمس من مغربها ..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ" [صحيح مسلم]
وعَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري: عَنْ النَّبِيِّ قَالَ "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" [صحيح مسلم]
والرَّؤوف أيضًا هو الذي يخفف عن عباده، فلا يكلفهم ما يشق عليهم أو يخرج عن وسعهم وطاقتهم ..
قال تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]، وقال {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ..} [البقرة: 286]
قال الحُليمي "الرَّؤوف معناه المتساهل على عباده؛ لأنَّه لم يُحملهم ما لا يُطيقون، بل حَمَّلَهم أقل مما يُطيقون بدرجاتٍ كثيرة.
ومع ذلك غلَّظ فرائضه في حال شدة القوة، وخَفَّفها في حال الضعف ونقصان القوة، وأخذَ المُقيم بما لم يأخذ به المسافر، والصحيح بما لم يأخذ به المريض .. وهذا كله رأفة ورحمة"
وقد ذكر الله تعالى أنه جعل الرأفة في قلوب بعض عباده .. فقال تعالى { .. وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّة ً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ ..} [الحديد: 27]
حظ المؤمن من اسم الله تعالى الرؤوف أولاً: طهِّر قلبــــك حتى يمتليء بالرحمة ..
قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (*) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النور: 19,20]
لأن العبد إذا لم يُطهِّر قلبه، لن تدخله الرحمة بل سيكون قلبًا قاسيًا .. فلا يعرف معروفًا ولا يُنكِر مُنكرًا .. وحينها ستستحكم الأمراض من هذا القلب، فيمتليء بالحقد والضغينة ويكون ممن يحبون أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين والعياذ بالله.
ومن رأفة الله عزَّ وجلَّ بعباده أن أنزل عليهم القرآن؛ ليفك تلك الأغلال التي تُقيد القلب ..
قال تعالى {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحديد: 9] فتدبُّر القرآن يُخرِج القلب من ظلمات الشهوة والقسوة إلى نور الهداية والإيمان .. ومن ظلمات الشك إلى نور اليقين .. فإذا امتلأ القلب بهذا النور، تنزلت عليه الرحمة وصار قلبًا نقيًا طاهرًا سليمًا.
ثانيًا: بِع نفسك لله ..
قال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207] فلكي تكون أهلاً لنيل رأفة الله سبحانه وتعالى، لابد أن تُضحي بشيءٍ عظيم تقربًا لله عزَّ وجلَّ .. فإذا ما ضحيت بصدق وإخلاص، نلت رأفة الله جلَّ وعلا وحينها ستتخلَّص من قسوة قلبك ويصير طاهرًا.
ثالثًا: كن رؤوفـــًا بالنــاس ..
على العبد أن يمتلأ قلبه بالرحمة والرأفة التي تشمل عامة المسلمين وخاصتهم .. عن عبد الله بن عمرو : أن رسول اللهِ قال "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللهُ" [رواه الترمذي وصححه الألباني (1924)]
وعليك أن تسعي في جميع الأسباب الموجبة للرحمة؛ لكي تنال رأفة الله عزَّ وجلَّ ..
الاعتدال في الرأفـــة ولا بد أن تكون الرأفة في موضعها .. فكما أنها من الأخلاق الحميدة والخصال العظيمة إلا أن الشدة أنفع في بعض المواضع؛ كإقامة الحدود والأخذ على أيدي المفسدين الظالمين حين لا ينفع معهم نصح ولا لين، قال تعالى في حد الزنا {.. وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ..} [النور: 2].
وهذا يشبه حال المريض إذا اشتهى ما يضره أو جَزَع من تناول الدواء الكريه فأخذتنا رأفة عليه حتى نمنعه شربه؛ فقد أعناه على ما يضره أو يهلكه، وعلى ترك ما ينفعه فيزداد سقمه فيهلك ..
وهكذا المذنب هو مريض .. فليس من الرأفة به والرحمة أن يمكن مما يهواه من المحرمات ولا يعان على ذلك، ولا أن يمكن من ترك ما ينفعه من الطاعات التي تزيل مرضه، بل الرأفة به أن يعان على شرب الدواء وإن كان كريهًا، مثل الصلاة وما فيها من الأذكار والدعوات فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأن يحمى عما يقوى داءه ويزيد علته وإن اشتهاه، ولا يظن الظان أنه إذا حصل له استمتاع بمُحَرَم يسكن بلاؤه، بل ذلك يوجب له انزعاجًا عظيمًا وزيادةً في البلاء والمرض في المآل، فإنه وإن سكن بلاؤه وهدأ ما به عقيب استمتاعه، أعقبه ذلك مرضًا عظيمًا عسيرًا لا يتخلص منه، بل الواجب دفع أعظم الضررين باحتمال أدناهما قبل استحكام الداء الذي ترامى به إلى الهلاك والعطب.
ومن المعلوم أن ألم العلاج النافع أيسر وأخف من ألم المرض الباقي، وبهذا يتبين أن العقوبات الشرعية كلها أدوية نافعة يصلح الله بها مرض القلوب، وهى من رحمة الله بعباده ورأفته بهم الداخلة في قوله تعالى لنبيه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]
فمن ترك هذه الرحمة النافعة لرأفة يجدها بالمريض، فهو الذي أعان على عذابه وهلاكه وإن كان لا يريد إلا الخير ..
إذ هو في ذلك جاهل أحمق كما يفعله بعض النساء والرجال الجهال بمرضاهم وبمن يربونه من أولادهم وغلمانهم وغيرهم في ترك تأديبهم وعقوبتهم على ما يأتونه من الشر ويتركونه من الخير رأفة بهم، فيكون ذلك سبب فسادهم وعداوتهم وهلاكهم ..
ومن الناس من تأخذه الرأفة بهم لمشاركته لهم في ذلك المرض، وذوقه ما ذاقوه من قوة الشهوة وبرودة القلب والدياثة، فيترك ما أمر الله به من العقوبة، كمن ينادي بتعطيل الحدود الشرعية من قطع يد السارق ورفع عقوبة الزنا، وإباحة الشذوذ والسحاق واللواط وغير ذلك من الأمور الانحلالية تحت دعوى الحرية، فهؤلاء من أظلم الناس وأديثهم في حق نفسه ونظرائه، وهو بمنزلة جماعة من المرضى قد وصف لهم الطبيب ما ينفعهم فوجد كبيرهم مرارته، فترك شربه ونهى عن سقيه للباقين.
ومن لم يكن مبغضًا للفواحش كارهًا لها ولأهلها، ولا يغضب عند رؤيتها وسماعها لم يكن مريدًا للعقوبة عليها، فيبقى العذاب عليها يوجب ألم قلبه .. قال تعالى {.. وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ..} [النور: 2]، فإن دين الله طاعته وطاعة رسوله المبني على محبته ومحبة رسوله ، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ..
فإن الرأفة والرحمة يحبهما الله ما لم تكن مضيعة لدين الله، فهذه الرحمة حسنة مأمور بها أمر إيجاب أو استحباب بخلاف الرأفة في دين الله فإنها منهي عنها .. والشيطان يريد من الإنسان الإسراف في أموره كلها، فإنه إن رآه مائلاً إلى الرحمة زين له الرحمة حتى لا يبغض ما أبغضه الله، ولا يغار لما يغار الله منه، وإن رآه مائلاً إلى الشدة زين له الشدة في غير ذات الله حتى يترك من الإحسان والبر واللين والصلة والرحمة ما يأمر به الله ورسوله ، ويتعدى في الشدة فيزيد في الذم والبغض والعقاب على ما يحبه الله ورسوله ..
فينبغي أن يكون الموحد سُنيًا وسطيًا في رأفته؛ فإن الله لا يحب المسرفين.
[مجموع الفتاوى 15/290 بتصرف]
نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلوبًا نقيةً طاهرةً؛ حتى ننال رأفة الله تعالى،،
http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/1280
أم علي طويلبة علم
2016-10-28, 02:20 PM
الله (الرؤوف) جل ثناؤه
جلال الرؤوف: من جلال رأفته تعالى أن فيها صلاحا للعباد في دينهم، ودنياهم، وآخرتهم، فمنها:
(1) أن حذرهم، ورغبهم، ورهبهم، ووعدهم، وأوعدهم، رأفة بهم، ومراعاة لصلاحهم، قال سبحانه:{ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد}.
(2) إنزاله الكتاب على رسوله ليخرجنا من الظلمات إلى النور، قال تعالى:{ هو الذي ينزل على عبده ءايات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم}.
(3) ومنها: سخر لنا وسائل النقل، كالجمال والخيول، والحمير قديما، والسيارات، والطائرات حديثا، قال سبحانه:{ وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم}.
(4) أن ما اشتراه من العباد من أنفسهم وأموالهم، إنما هو خالص ملكه، ثم إنه سبحانه يشتري منهم ملكه الخالص، بما لا يعد ولا يحصى، قال تعالى:{ ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد}.
(5) ومن جلال رأفته أنه يجيب دعاء أوليائه، قال تعالى:{ والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم}. أي: فحقيق أن يجيب دعاءنا.
(6) ومنها أنه نصب الحدود الزاجرة عن الحدود الحاملة على التقوى، فإن الرأفة تقيم المرؤوف به، لأنها ألطف الرحمة، وأبلغها، قال تعالى:{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم}.
(7) ومن جلالها إمهاله للكافرين، والعاصين، "من أن يأخذهم بالعذاب على غرة وهم لا يشعرون، بل يمهلهم، ويعافيهم، ويرزقهم"، قال سبحانه:{ أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم}.
(8) ومن جلال رأفته سبحانه، أنه يمسك {السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم}.
* الثمرات:
يجب على كل مكلف أن يعلم أنه لا رؤوف على الإطلاق إلا الله تعالى، وأن رأفته ليست كرأفتنا، ومن رأفته لعباده ورحمته بهم أن دفعهم عن مراتع الهلكة، ومنعهم من موارد الشهوات، فمتى أصابهم نصيب من كتاب سبق، أقال عثراتهم، وأيقظهم من سبات غمراتهم، وربما رأف بهم ورحمهم، بما يكون في الظاهر بلاء وشدة، وهو في الحقيقة رأفة بهم، ورحمة، ثم عليك أن ترأف بنفسك كما رأف الله سبحانه بها، فلا تحملها فوق وسعها، وينبغي للعبد أن يكون رؤوفا مع أهله، وإخوانه.*
____________________________
* أسماء الله الحسنى لماهر مقدم.
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-29, 06:11 PM
جزاكم الله خيرًا
أم علي طويلبة علم
2016-10-29, 09:15 PM
وجزاكم الله خيرا على فتح موضوع معرفة أسماء الله وصفاته...
قال الشيخ عبدالرزاق البدر حفظه الله:
"... عباد الله:
إن معرفة الله - عز وجل - ومعرفة أسمائه الحُسنى وصفاته العظيمة باب شريف من العلم له الأثر البالغُ على من اعتنى به وفَهمه؛ يقول - صلى الله عليه وسلم - كما في الصّحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا، مَنْ أحصاها، دخل الجنة)).
تأمل - رعاك الله - هذا الأثر العظيم والنهاية الطيبة لمن أحصى تسعة وتسعين اسمًا من أسماء الله، فإن مآله - بإذن الله - إلى دخول الجنة، وليس المراد - عباد الله - بإحصاء أسماء الله في هذا الحديث حفظ ألفاظها فقط دون علم بمعرفة معانيها ودلالاتها، ودون قيام بمقتضياتها وموجباتها، بل المطلوب في الإحصاء - عباد الله - العلم بمعاني أسماء الله مع حفظها وفَهْمها، والقيام بما تقتضيه، فهي ثلاثة مراتب؛ المرتبة الأولى حفظها، والمرتبة الثانية فَهْم معانيها، والمرتبة الثالثة القيام بالعبوديات المختصة بها.
ومعنى ذلك - عباد الله - أنَّه ما من اسم من أسماء الله - جل وعلا - إلا وله عبودية مختصة به، وهي من موجبات العلم بذلك الاسم، بل إن لكثير من الأسماء عبوديات كثيرة، فما أعظم - عبادَ الله - أن يُقبل العبد على معرفة الله، ومعرفة أسمائه وصفاته الواردة في كتابه وسنة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم...".
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/22412/#ixzz4OaapesI3
أبو البراء محمد علاوة
2016-10-31, 05:11 PM
وجزاكم الله خيرا على فتح موضوع معرفة أسماء الله وصفاته...
وإياكم، وفتح الموضوع كان بناء على رغبتكم، بارك الله فيكم، ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل.
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-02, 12:19 PM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (العزيز):
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-05, 12:09 AM
اسم الله العـــزيز
العزيز لغة: يدور حول ثلاثة معانٍ: القوة والشدة والغلبة
ü منه قول الله تعالى ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ [ص/23] يعني غلبني فيه
ü وقوله ﴿فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ [يس/14] أي فقوينا وشددنا بثالث
(وعز الشيء) إذا قل أو ندر فهو شيء عزيز أي أصبح نادرًا
لذلك هذه صفة اختص الله بها نفسه فلا يشاركه فيها أحد لذلك قال ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ﴾ [المنافقون/8] استأثر بالعزة نفسه هو سبحانه وتعالى فله الغلبة وله القوة وله البأس سبحانه وتعالى.
وروده في القرءان
اسم الله العزيز ورد كثيرًا في القرءان، ورد اثنتين وتسعين مرة. ولا شك أن في هذا إشارات، فورود الاسم وتكراره بهذا الشكل لابد أن يكون له حكمة. واقترن بأسماء كُثر
فاقترن أحيانًا باسمه الحكيم ﴿وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة/260]
واقترن بالعليم ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [الأنعام/96]
واقترن بالغفور﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر/28]
واقترن بصفة (الانتقام المنتقم) سبحانه وتعالى يقول الله جل و علا ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [آل عمران/4]
واقترن باسم الله الغفار ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ [ص/66]
واقترن باسمه الحميد ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾[البروج /8]
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-05, 12:10 AM
معنى الاسم في حق الله تعالى:
¯ يقول ابن جرير: العزيز أي الشديد في انتقامه ممن انتقم من أعدائه لذلك قال ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾[البروج /8 ]
آمنوا بالعزيز فمالهم ينقمون عليهم؟ آمنوا بالحميد وشكروا أنعم الله عليهم ،أهذا ما نقموه عليهم؟!
¯قال ابن كيسان: معناه الذي لا يُعجزه شيء، ألم يقل الله ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾[فاطر/43]
¯قالوا العزيز الذي لا مثل له ألم يقل ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾[الشورى/11]
يقول ابن القيم في النونية:-
وهو العزيز فلن يُرام جنابه ******* أنى يُرام جناب ذي السلطان
وهو العزيز القاهر الغلاب لم********** يغلبه شيء هذه صفتان
وهو العزيز بقوة هى وصفه ********** فالعز حينئذ ثلاث معان
وهي التي كملت له سبحانه ********** من كل وجه عادم النقصان
¯ ومن معاني العزيز :الندرة ونفاسة القدر، وهو سبحانه وتعالى لا يعادله شيء ولا مثل له ولا نظير له.
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-05, 12:12 AM
إذا اشتد الكرب بالعبد؛ لجأ إلى العزيز، وتوكل عليه وفوض أمرة إليه سبحانه وتعالى، فهو عز وجل العزيز الغالب على أمره، المنتقم من أعدائه، ومن آمن بأن العزة لله؛ لم يطلبها من غيره، وطلبه لها يكون بطاعة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-05, 12:16 AM
اقتران اسـم الله العزيز باسمه الرحيم
اقترن اسم الله العزيز مع الرحيم كثيرًا في سورة الشعراء وغيره ليعطينا معنى الكمال...فهو عزيز في رحمته رحيم في عزته بلا ذل. لأن أحيانًا الرحمة إذا زادت عن حدها وعن قدرها تنقلب إلى ذل، فالأب مثلا من شدة رحمته بابنه قد يذل له أو لأجله حتى لا يصيبه شيء.
فهو سبحانه وتعالى رحيم لكنه عزيز؛ لذلك فإن حبه دوما مشوب بالخوف، ليس الخوف الذي يبعدك عنه بل خوف الإجلال والمهابة..فهو معي رحيم ودود رءوف لكنه عزيز قد يطردني عن جنابه في أي لحظة ولا يبالي!.
http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/22534
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-05, 12:23 AM
فـ "العزيز" مِن أسماء الله الحسنى (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8 %A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%84 %D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8 %B3%D9%86%D9%89%22) التي وصف الله عز وجل بها نفسه كثيرًا، وقد ذُكر من معاني اسم الله "العزيز": أنه "الذي لا مغالب له". وأنه الذي: "لا مرام لجنابه".
- لا مُغالب له:
فلا يغالب الله عز وجل، فعزَّ بمعنى: غلب، وفي المثل العربي: "من عزَّ بزَّ" أي: مَن غلب أخذ المتاع، فالعزة بمعنى: الغلبة، وقولنا: "لا يغالب" أكمل في المعنى من: "لا يغلب"؛ إذ قولنا: "لا يغالب" بمعنى أنه لا يتصور أن يطلب أحد غلبة الربّ عز وجل، مثل قولنا: "لا يُقاتل" تعني أنه لا يتطلّع أحد إلى قتاله فضلاً عن قتله؛ فهذا ليس ممكنًا، فالله عز وجل لا يُغلَب ولا يُغالَب.
- لا مرام لجنابه:
فلا يتطلع أحد إلى أن يُنازع الله؛ لعظمته عز وجل، وإن زعم بعض الكفرة والطواغيت أنه: "ربهم الأعلى"، وقال آخر: "أنا أحيي وأميت"، وقال ثالثهم: "أولك ربٌّ غيري؟!" فما هذا إلا مكابرة، ولما قال إبراهيم عليه السلام للنمرود: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، قال الله عز وجل: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: من الآية 258]؛ إذ لا يُنازَع الربّ عز وجل في مثل ذلك، وعجز العباد عجز مطلق عن طلب الوصول لصفة من صفاته، ولو فكر إنسان في ذلك؛ لحكم على نفسه بالعجز قطعًا ويقينًا.
وقد عجز "فرعون" عن مواجهة آيات سيدنا موسى عليه السلام كما جاء في القرآن الكريم (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%82%D8 %B1%D8%A2%D9%86%20%D8%A7%D9%84 %D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85%22) لما قال موسى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء: من الآية 24]، فما كان منه إلا أن حاد عن الجواب وعمد إلى التشغيب والاستهزاء {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ} [الشعراء:25]، فما أجاب فرعون على أي حجةٍ من هذه الحِجج: من رب هؤلاء الناس؟! من ربّ الآباء الأولين؟!
وما كان منه إلا أن يحاول الهروب بعيدًا: {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء:27]، فلما بهته موسى عليه السلام {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء:28]، فما استطاع أن يدعي أنه يقدر على أن يجعل الشمس تخرج من المشرق أو يجعلها تغرب من المغرب، وما كان منه إلا أن لجأ إلى البطش {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ } [الشعراء:29].
- شهود آثار اسم الله العزيز:
فالله عز وجل عزيز لا مغالب له، فضلاً على أن يكون له غالب، فلما يحاول الكفرة -إذن- أن يغالبوا شرع الله؟!
إنهم قد يهزمون المؤمنين ويغلبونهم، ولكن لا يستطيع أحد منهم أن ينازع قدر الله!
- زلازل وأعاصير:
فلا يستطيع أحد منهم أن ينازع قدر الله باهتزاز الأرض، فما وجدنا أحدًا يستطيع أن يقول -مثلاً- أننا قوةً عظمى ولن نجعل الزلازل تحدث، ولن نجعل الأعاصير تهب، أو سنجعل الشمس تتأخر أو تتقدم، فلا يمكن لأحد أن يفعل ذلك، فهم مصابون رغمًا عنهم!
- سفينة تغرق ومركبة فضاء تنفجر:
فيوم أن قالوا: صنعنا سفينة لا تغرق! إذا بها تغرق عند أول رحلة، وعندما قالوا: صنعنا مركبة فضاء تُدعَى: "CHALLENGE" -وهي كلمة إنجليزية تعني: التحدي-؛ إذا بها تنفجر عند أول رحلة، فقد أرادوا أن يتحدوا ربهم فقصمهم، وفي كل يوم تحدث آية من آيات الله تُبرهن على أنه العزيز الذي لا يغالب.
- يوسف وإخوته.. والله غالب على أمره:
فقد أراد إخوة يوسف أن يغلبوه ويجعلوه بعيدًا عن أبيه، فإذا بالذي يفعلونه يكون -بإذن الله- سببًا لتمكينه عليهم: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: من الآية 21].
- يوسف وامرأة العزيز.. والله غالب على أمره:
أرادت امرأة العزيز أن تحبس يوسف عليه السلام في السجن؛ ليستجيب لها، فجعل الله السجن سببًا لتملكه عليها وعلى الناس.
- والله غالب على أمره:
فالله عز وجل لا يُغالب، والذين ينازعون الله أمره الشرعي واهمون في ذلك، فلا بد لدين الله أن يظهر، ومهما ظهروا على المؤمنين لفترة من الزمن فالعاقبة في النهاية للمتقين، كما أخبر الله سبحانه وتعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: من الآية 49]، وقد ختم الله عز وجل الآيات التي ذكر فيها هلاك الكافرين من الأمم السابقة، فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:103].
فقد غلب الله عز وجل هؤلاء الكافرين بعد أن غالبوا أمره، ونازعوا شرعه، وغالبوا عباده المؤمنين، فغلبهم الله عز وجل، ورحم عباده المؤمنين، فهو العزيز في انتقامه ممن عاداه، شديد العقوبة لمن خالف أمر الشرعي، ينتقم ممن خالف شرعه، وكذّب رسله، وعادى أولياءه، فيثأر لهم عز وجل.
فهو العزيز سبحانه وتعالى، وجعل العزة لعباده المؤمنين، فقال سبحانه وتعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: من الآية 10].
- ذلوا له فأعزهم، وإن تكبروا أهانهم:
عبيد أذلوا أنفسهم لله كأشد ما يكون الذل؛ فأعزهم الله وأظهرهم على من خالفهم، ومَن طلب العزة بغير دينه وطاعته؛ أذله الله، فقد أذل الله الطغاة المجرمين، فمن طغى منهم على الضعفاء منهم وتكبر عليهم؛ أهانه الله عز وجل أعظم إهانة على يد أعدائه، فقد أهان الله فرعون فغرق وهو يصرخ: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: من الآية 90]، وخرج جسدًا ميتًا لا حراك فيه: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: من الآية 91]، وهكذا يذل الله الظالم ويهينه، ويذّله أسوأ المذلة والهوان.
- قلوب المؤمنين عزيزة.. وإن خضعت الأبدان:
وأما أولياء الله المؤمنين فإن سُلط عليهم عدوهم فإنما يُسلط على أبدانهم أو أموالهم أو أراضيهم، ولا يسلط على قلوبهم، ولربما أكرهوا الناس بأنواع الاضطهاد المختلفة؛ لتوافق ألسنة المؤمنين إرادتهم، وإلا فقلوب المؤمنين تظل كارهة للباطل، عزيزة ممتنعة عليهم.
- أتبتغون عندهم العزة؟!
وأما مَن وافق ورضي وتابع، وكان ذيلاً لهؤلاء الكفرة والمجرمين، فهذا هو الذل الحقيقي الذي يطلب به الكفرة والمنافقون عز الدنيا (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9 %86%D9%8A%D8%A7%22) فما يزيدهم إلا ذلاًّ فصاروا تابعين لأعداء الله، موافقين لهم بالقلب واللسان، مسارعين في رضاهم، ومعادين لدين الله وأوليائه من أجلهم، فكان أعظم الذل والهوان، وصدق الله إذ يقول: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8 %AC%22):18]، فلما طلبوا العزة بمعصية الله والكفر به؛ أهانهم الله عز وجل وأذلهم.
- فما كان السجن ذلاًّ ليوسف عليه السلام:
فما كان السجن ذلاًّ ليوسف عليه السلام، وما كان الاستضعاف ذلاًّ لبلال ومَن شابهه من المستضعفين من المؤمنين، وإنما كان الذل للكفرة الذين ملك الله نواصيهم للشياطين: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9 %85%22):83]، فيصيبهم بأنواع من الذل في الدنيا.
- فضائح.. ذل وهوان:
حتى إن كبار هؤلاء يفضحهم الله بأنواع من الفضائح على سمع وبصر من العالم كله، فانظر لمن كان يُقال عنهم رؤساء وكبراء -زعموا- كيف أذلهم الله وأهانهم وفضحهم فضائح متتابعة؟!
- أي عز.. وأي ذل؟!
فأي عز دنيوي يطلبه الناس أكثر من مثل هذه الرئاسة والإمارة؟! وأي ذل أشد مما وقع ويقع لهؤلاء؟! لقد طلبوا العزة بغير طاعة الله؛ فانتقم العزيز سبحانه وتعالى منهم: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء:9].
- معاملة اسم العزيز بما يقتضيه من فعل العبد:
إذا اشتد الكرب بالعبد؛ لجأ إلى العزيز، وتوكل عليه وفوض أمرة إليه سبحانه وتعالى، فهو عز وجل العزيز الغالب على أمره، المنتقم من أعدائه، ومن آمن بأن العزة لله؛ لم يطلبها من غيره، وطلبه لها يكون بطاعة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
http://ar.islamway.net/article/36183/%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%84%D8%A7 %D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%8A %D8%B2
أم علي طويلبة علم
2016-11-05, 04:57 PM
الله (العزيز) تبارك وتعالى
قال تعالى:{ وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.
المعنى اللغوي العزيز:
من صيغ المبالغة على وزن فعيل، وهذا الاسم الجليل يحمل في طياته معان جلال وكمال، التي لا تحيط به العبارة، ولا يشار إليها بإشارة، فمنها: أنه الغالب، والجليل الشريف، الرفيع الشأن والقدرة، والقوي القاهر، والرفيع المنيع، والمنقطع النظير، الذي يصعب مناله، ووجود مثله.
المعنى الشرعي:
الله جل جلاله هو العزيز: الذي لا أعز منه على الإطلاق، له جميع معاني العزة، وصفا، وملكا، في أسمى معانيها، وأعلى كمالها، قال الله تعالى:{ إن العزة لله جميعا }.
(1) فهو تعالى العزيز: له عزة الغلبة والقهر، فهو تعالى الغالب الذي لا يغلب، والقاهر الذي لا يقهر.
(2) وله عزة الامتناع: فهو المنيع سبحانه، فلا ينال منه، ولا يرام جنابه، ولا يلحقه سوء لعظمته، وجلاله.
(3) وله عزة القوة القدرة: فهو تعالى الشديد في قوته، الذي ذلت لعزته الصعاب، ولانت لقوته الشدائد الصلاب.
(4) وهو تعالى المنقطع النظير، الذي لا شبيه له، ولا مثيل له، ولا عديل، لكماله من جميع الوجوه والاعتبارات.
(5) وهو سبحانه العزيز الشديد في نقمته، إذا انتقم من أعدائه، فلا يقدر أحد على دفعه، أو منعه متى أراده سبحانه.
(6) وهو تعالى العزيز: الذي يهب العزة لمن يشاء من عباده، قال تعالى:{وتعز من تشاء}.
(7) وهو سبحانه العزيز الذي لا يضام جاره، ولا يذل أنصاره فيعز أهل الإيمان، ويذل أهل الكفران، قال تعالى:{ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}.
(8) وهو سبحانه: الجليل الرفيع الشأن، والقدر، له شرف الذات، والتفرد في كمال النعوت، والصفات.
(9) ومن تمام عزته: براءته من كل نقص، وسوء وعيب،قال تعالى:{سبحان ربك رب العزة عما يصفون}.
(10) ومن كمال عزته سبحانه أنه أمنع الأبصار أن تدركه، وعن الأوهام أن تكيفه.
الثمرات:
إن هذاالاسم الكريم يورث للعبد العزة في دين الله تعالى، وأن هذه العزة تعلو في اتباع أمره تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والسير مع الصالحين من عباده، فإنه تعالى كتبها له، ولحزبه، قال تعالى:{ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}، فمن أراد العزة في الدنيا والآخرة، فليطلبها من الله تعالى وحده، قال عز شأنه :{ من كان يريد العزة فلله العزة جميعا}، ولا تكون إلا بطاعته، واتباع أمره.
واعلم أن على قدر ركوعك خاضعا، وسجودك خاشعا، يكون عزك في دينك، ودنياك، وآخرتك، قال صلى الله عليه وسلم لمن سأله مرافقته في الجنة: (أعني على نفسك بكثرة السجود)، وعليك أن تتذلل لأوليائه وأهل طاعته، قال تعالى:{واخفض جناحك للمؤمنين}،وقال سبحانه:{أذلة على المؤمنين}، وأن تعتز على أهل كفرانه، قال تعالى:{أعزة على الكافرين}، وأن تعفو عمن أسأء إليك من عباده، قال صلى الله عليه وسلم:(وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا).
المصدر: أسماء الله الحسنى لماهر مقدم
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-13, 10:46 PM
جزاكم الله خيرًا الفاضلة: (أم علي)
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-13, 10:47 PM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (الرفيق):
أبو البراء محمد علاوة
2016-11-13, 10:49 PM
إن الله تعالى رفيق بعباده، وهو رفيق في أفعاله: خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئًا فشيئًا بحسب حكمته ورفقه، مع أنه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة، ومن تدبر الشرائع كيف يأتي بها شيئًا بعد شيء وجدها شاهدًا على رفقه سبحانه.
وهو سبحانه رفيق لا يعجل؛ لأنه إنما يعجل من يخاف الفوت، فأما من كانت الأشياء قبضته وملكه فليس يعجل فيها.
قال ابن القيم:
وهو الرفيق يحب أهل الرفق بل ... يعطيهم بالرفق فوق أمان
أم علي طويلبة علم
2016-11-14, 09:28 PM
الله (الرفيق) عز شأنه
وهو من الأسماء الحسنى الثابتة في السنة، روى البخاري في (صحيحه) عن عروة ،عن عائشة –رضي الله عنها – قالت:
(استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا :السام عليك، فقلت: بل عليكم السام واللعنة، فقال: (يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)، قلت : أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال: (قلت :وعليكم).
...ففي الحديث التصريح بتسمية الله بالرفيق و وصفه بالرفق ،و أن له من هذا الوصف أعلاه و أكمله وما يليق بجلاله وكماله سبحانه .
والرفق: اللين والسهولة و التأني في الأمور والتمهل فيها، وضده العنف والتشديد، فهو مأخوذ من الرفق الذي هو التأني في الأمور، والتدرج فيها، والله سبحانه رفيق في قدره و قضائه وأفعاله ،رفيق في أوامره و أحكامه و دينه وشرعه.
ومن رفقه سبحانه في أفعاله:
أنه سبحانه خلق المخلوقات كلها بالتدرج شيئًا فشيئا، بحسب حكمته ورفقه ،مع أنه قادر على خلقها بدفعة واحدة، وفي لحظه واحده، وهو دليل على حلم الله وحكمته وعلمه ولطفه، وقد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم حمدهم لله عز وجل على رفقه في الخلق، وتصريفه الدائم للمخلوقات، وأنه لم يجعل الخلق ثابتا على هيئة واحدة.
ومن رفق الله بعباده:
رفقه سبحانه بهم في أحكامه و أمره ونهيه، فلا يكلف عباده ما لا يطيقون ،وجعل فعل الأوامر قدر الاستطاعة، و أسقط عنهم كثير من الأعمال بمجرد المشقة رخصة لهم ورفقًا بهم و رحمة، ولم يأخذ عباده بالتكاليف دفعة واحدة، بل تدرّج بهم من حال إلى حال؛ حتى تألف النفوس وتلين الطباع ويتم الانقياد.
ومن رفقه سبحانه إمهاله راكب الخطيئة، ومقترف الذنب، وعدم معاجلته بالعقوبة؛ لينيب إلى ربه و ليتوب من ذنبه وليعود إلى رشده.
...ومن رفقه سبحانه:
أن دينه كله رفق ويسر و رحمة، و أمر عباده بالرفق، و يعطيهم على الرفق ما لا يعطي على الشدة، ولا يكون في شيء من الأمور إلا زانه ،ومن حرمه؛ حرم الخير.
ولذا ينبغي على كل مسلم أن يكون رفيقا في أموره كلها، و أحواله جميعها، بعيدا عن العجلة والتسرع والتهور والاندفاع، فإن العجلة من الشيطان، ولا يبوء صاحبها إلا بالخيبة والخسران، وكفى بالرفق نبلا وفضلا أنه حبيب للرحمن، فهو سبحانه رفيق يحب الرفق.
...و واجبنا أن نتحلى بالرفق في شأننا كله، والله وحده الموفِق لا شريك له .
______________________________ _
المصدر: فقه الأسماء الله الحسنى للشيخ عبدالرزاق البدر
أبو البراء محمد علاوة
2016-12-07, 11:30 PM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (الودود):
أبو البراء محمد علاوة
2016-12-07, 11:32 PM
الودود معناه: المحب لخلقه والمحبوب لهم، جاء في لسان العرب: الوَدُودُ في أَسماءِ الله عز وجل المحبُّ لعباده من قولك وَدِدْتُ الرجل أَوَدّه ودّاً ووِداداً وَوَداداً، قال ابن الأَثير: الودود في أَسماءِ الله تعالى فَعُولٌ بمعنى مَفْعُول من الودّ: المحبة، يقال وددت الرجل إِذا أَحببته، فالله تعالى مَوْدُود أَي مَحْبوب في قلوب أَوليائه، قال: أَو هو فَعُول بمعنى فاعل أَي يُحبّ عباده الصالحين.
وفي تفسير التحرير والتنوير: والودود: فَعول بمعنى فاعل مشتق من الودّ وهو المحبة فمعنى الودود: المحبّ وهو من أسمائه تعالى، أي إنه يحب مخلوقاته ما لم يحيدوا عن وصايته.
وفي تفسير القرطبي: الْوَدُودُ: أي المحب لأوليائه، وروى الضحاك عن ابن عباس قال: كما يود أحدكم أخاه بالبشرى والمحبة، وعنه أيضا: الودود: أي المتودد إلى أوليائه بالمغفرة.
وجاء في تفسير السعدي: ومعنى الودود، من أسمائه تعالى، أنه يحب عباده المؤمنين ويحبونه، فهو فعول بمعنى فاعل، وبمعنى مفعول.. والودود الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم، ويحبونه، فهو أحب إليهم من كل شيء، قد امتلأت قلوبهم من محبته، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه ودا وإخلاصا وإنابة من جميع الوجوه.
وجاء في شرح الأسماء الحسنى: فالله عز وجل هو الودود الذي يَوَدُّ عبَادَهُ الصالحين فيحبهم ويقربهم ويرضى عنهم ويتقبَّلُ أعمالَهم، وهذه محبة خاصة بالمؤمنين، أما المحبة العامة فالله هو الودود ذو إحسان كبير لمخلوقاته من جهة إنعامه عليهم..
فمعنى أن الله عز وجل ودود يعني حبيب قريب سميع مجيب، وقد ورد هذا الاسم في موضعين من القرآن الكريم، هما قول الله تعالى: إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ { سورة هود، الآية :90} وقوله تعالى: وهو الغفور الودود {سورة البروج، الآية :14}.
فإذا عرف العبد معنى هذين اسم الله الودود كان لذلك الأثر البالغ في عقيدته وتفكيره وسلوكه وفي حياته كلها ونظرته للكون من حوله؛ فيعيش سعيدا مطمئنا إلى ولاية الله تعالى لعباده ومودته لهم، فيحب الخير لجميع خلق الله، ويعمل ما استطاع لتعبيد العباد لخالقهم، فيحب للكافر الهداية وللعاصي التوبة والمغفرة، وللمطيع الثبات ورفعة المنزلة.. وبذلك يكون ودودا محبوبا لعباد الله فيعفو عمن أساء إليه، ويلين مع البعيد كما يلين مع القريب وبذلك ينال ولاية الله تعالى ومحبته ووده.. فقد قد قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ. رواه البخاري.
والله أعلم.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=185683 (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=185683)
أم علي طويلبة علم
2016-12-10, 11:28 PM
الله (الودود) سبحانه وتعالى
قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
وهو الودود يحبهم ويحبه
أحبابه والفضل للمنان
وهو الذي جعل المحبة في قلو
بهم وجازاهم بحب ثان
هذا هو الإحسان حقاً لا معا
وضة ولا لتوقع الشكران
لكن يحب شَكورهم وشُكورهم
لا لاحتياج منه للشكران
* الثمرات(1):
من ظهر له اسم (الودود) وكشف له عن معاني هذا الاسم ولفظه، وتعلقه بظاهر العبد وباطنه: كان الحال الحاصل له من حضرة هذا الاسم مناسبا له، فكان حال اشتغال حب وشوق، ولذة، ومناجاة، لا أحلى منها، وأطيب، بحسب استغراقه في شهوده معنى هذا الاسم وحظه من أثره، ولهذا كان سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم يلازم سؤال ربه الودود، أن يرزقه محبته التي هي أعظم المحاب، فكان من دعائه:
((...اللهم وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك))، ومن دعائه أيضا: ((اللهم ارزقني حبك، وحب من ينفعني حبه عندك...)).
وينبغي للمؤمن أن يتودد إلى الله تعالى، بالاشتغال بالأسباب التي تقضي محبته تعالى، من الأقوال والأفعال، وأعظهما، طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، فمن اتبع رسوله فيما جاء به وصدق في اتباعه، فذلك الذي أحب الله، وأحبه الله، وأن لا يواد من حاد الله ورسوله، ولو كانوا من أهله، قال تعالى:{لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوآدون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءاباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم}.
____________________
(1) أسماء الله الحسنى لماهر مقدم.
أبو البراء محمد علاوة
2016-12-11, 12:25 AM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (الحليم):
أم علي طويلبة علم
2016-12-27, 12:04 AM
الله (الحليم) عز شأنه
قال تعالى:{والله غني حليم}.
المعنى اللغوي: الحليم: من أبنية المبالغة، على وزن فعيل، جاء بصيغة المبالغة، لكثرة حلمه تعالى على عباده.
والحلم: ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب، ويدل على الأناة والتمهل، ومعالجة الأمور بصبر، وعلم وحكمة، وربنا كذلك.
المعنى الشرعي: الله عز وجل هو الحليم الذي لا أحلم منه:
(1) الذي له الحلم الكامل، الذي وسع حلمه أهل الكفر والفسوق والعصيان، ومنع عقوبته أن تحل عاجلا بأهل الظلم والطغيان، فهو يمهلهم، ولا يهملهم.
(2) وهو سبحانه الحليم ذو الصفح والأناة، الذي لا يستفزه غضب، ولايستخفه جهل جاهل، ولا عصيان عاص، مع كمال القدرة، والانتقام.
(3) ومن كمال خلمه تعالى: أنه يدر نعمه الظاهرة، والباطنة على العاصين، كما يدر نعمه على الطائعين.
(4) ومن سعة حلمه أنه العبد يسرف على نفسه والله قد أرخى عليه حلمه، فإذا تاب العبد وأناب، فكأنه ما جرى منه جرم.
(5) فهو تعالى يمهل عباده الطائعين، ليزدادوا من الطاعة والثواب، ويمهل العاصين لعلهم يرجعوا إلى الحق والصواب.
(6) أنه لولا حلمه عن الجناة، ومغفرته للعصاة، لما استقرت السموات والأرض في أماكنهما، وتأمل قوله تعالى:{إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا}.
* الثمرات: ينبغي للمؤمن أن يتعبد ربه الأعلى بمقتضى هذا الاسم الكريم، فإنه تعالى يحب من تعبد بأسمائه الحسنى، قال صلى الله عليه وسلم:(إن الله يحب الغني الحليم، المتعفف..) [صحيح الترغيب والترهيب(819)]، فمن عبوديته لهذا الاسم أن يحلم هو على من خالف أمره، فإنه تعالى مع كمال قدرته وقوته حليم، فمن باب أولى بالعبد العاجز الضعيف، فكما تحب أن يحلم عند مالكك، فاحلم أنت عمن تملك.
المصدر:أسماء الله الحسنى لماهر مقدم.
أبو البراء محمد علاوة
2016-12-27, 01:01 AM
ورد هذا الاسم في القرآن الكريم (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%82%D8 %B1%D8%A2%D9%86%20%D8%A7%D9%84 %D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85%22) إحدى عشرة مرة، من ذلك:
قوله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة:235].
وقول الله تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة:263].
ومن ذلك قوله في سورة الأحزاب: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا} [الأحزاب:51].
وقوله في سورة فاطر: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر:41].
معنى الاسم في اللغة:
* الحليم من الحِلم، والحِلم -بالكسر- معناه في اللغة: الأناة والعقل. ويُجمع على أحلام وحُلُوم. وأحلام القوم: أي حُلماءهم. والحِلمُ نقيض السفه، أما الحُلمْ والحُلُمْ: فهو الرؤيا، والجمع أحلام، يُقال: حلم يحْلُم إذا رأى في المنام.* الحِلمُ.. معناه الأناة والعقل. قال الراغب الأصفهاني: "الحِلْمُ ضبط النفس (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%86%D9 %81%D8%B3%22) والطبعِ عن هيجان الغضب".
قال تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا} [الطور من الآية:32]: أي.. عقولهم، فجاءت من هنا حَلُمَ: أي ضبط نفسه وسيطر عليها.. وهذا هو المعنى اللغوي.
أما هذا المعنى في حق الله سبحانه وتعالى.. فيقول العلماء (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9 %84%D9%85%D8%A7%D8%A1%22):
الحليمُ.. أي الذي لا يعجُل على عباده عقوباتهم بذنوبهم.. حليمًا عمن أشرك وكفر به من خلقه فيترك تعذيبه أو تعجيل عذابه له..حليمًا فهو ذا صفحٍ وأناة لا يستفزه غضب ولا يستفزه جهل جاهل ولا عصيان عاصٍ.. فلا يستحق الصافح مع العجز اسم الحِلمْ.. إنما الحليم الذي يصفح مع القدرة والمُتأني الذي لا يعجل بالعقوبة..وقد أنعم بعض الشعراء بيان هذا المعنى فقالوا:لا يدركُ المجد أقوامٍ وإن كَرَموا *** حتى يذلوا وإن عزُّو الأقوام
ويُشتموا فترى الألوان مُسفرة *** لا صفح ذلٍ ولكن صفح أحلام
يقول الغزالي رحمه الله: "الحليم هو الذي يُشاهد معصية العصاة ويرى مُخالفة الأمر ولايستفزُه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المُسارعة على الانتقام مع غاية الاقتدار ولا يحمله عجلة وطيش"، ألا ترى قول الله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [النحل:61]، لكن الله سبحانه حليم.. فلو كان غير هذا لعجَّل بعقوبته على العصاة والمذنبين..
واسمع إلى قول الله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [يونس:11].
وقوله: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا} [الكهف:58].
وقوله: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} [فاطر:45].
كُل هذه الآيات تُشير إلى هذا المعنى وهو حلمُ الله تعالى على عباده.
قِيل: "حلم الله.. تأخيره العقوبة عن المُستحِق لها.. فيؤخر العقوبة عن بعض المستحقين ثم قد يُعذبهم وقد يتجاوز عنهم".
وقال بعضهم: حليم سُبحانه لأنه يعفو عن كثير فهو يعفو عن كثير من سيئاتهم ويُمهلهم بعد المعصية ولا يُعاجلهم بالعقوبة والانتقام بل يقبل توبتهم بعد ذلك..
يُقال: الحلمُ قرين للحكمة فلا يكون الحليمُ إلا حكيمًا لأنه يضع الأمور في مواضعها فيلزم من كونه أنه حليمًا أنه حكيمًا عليمًا قادرًا.. لأنه إن لم يكن قادرًا كان حلمه مُتلبِّسًا بالعجز والوهن والضعف.
وقالوا كذلك: الحليم عز وجل هو الصبور..
فالحِلمُ مع القدرة على الفعل ولايُشترط ذلك في الصبر (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8 %A8%D8%B1%22).. فالحليم لا يتأثر بالمرارة ولايشعر بوجودها وقد يشترك معه في ذلك الصبر ولكن لا يُشترط وجوده فيه.فالحليم الصبور المُتصفُ بالحلم يتمهل ولا يتعجَّل بل يتجاوز عن الزلات ويعفو عن السيئات فهو سُبحانه وتعالى يُمهلُ عباده الطائعين ليزدادوا من الطاعة والثواب ويُمهل العاصين لعلهم يرجعون للطاعة والصواب ولو عجَّل لعباده الجزاء ما نجى أحدًا من العقاب ولكن الله هو الحليم ذو الصفح والأناة استخلف الإنسان في أرضه واسترعاه في مُلكه واستبقاه إلى يومِ موعود وأجلٌ محدود فأجَّل بحِلمه عقاب الكافرين وعجٍّل بفضله ثواب المؤمنين.وخُلاص المعاني في تفسير الحليم:
أنه الذي لا يتعجٍّلُ بالعقوبة والانتقام ولا يحبسُ عن عباده بذنوبهم الفضل والإنعام بل يرزقُ العاصي كما يرزُق المطيع وإن كان بينهما تفاضُل على مُقتضى الحكمة لكنه سبحانه وتعالى ذو الصفح مع القدرة على العقاب.
فلا شك أنه ذا اسم جميل.. وسيحتاج منَّا إلى نظرٍ وتأمّل وتمعُّن وتدبّر.. ونُريد أن نتخلَّق بهذا الخُلق العظيم.. هذا الخُلق خُلق الحلم.. فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم للأشجع بن القيس.. قال: «إنَّ فيكَ لَخَصْلَتينِ يحبُّهُما اللَّهُ الحِلمُ والأناة» (رواه مسلم).
فالحِلمُ شرفه أنه سبب لمحبة الله سبحانه وتعالى وكفى بها من منقبة لهذا الخُلقُ العظيم فهو صفة تُكسِبُ المرء محبة الله ورضوانه وهو دليلٌ على كمال العقل وسعة الصدر وامتلاك النفس.. فالذي يتخلَّق بهذا الخُلق سيكون في منزلةٍ عُليا في تهذيبه وتربيته لنفسه..لذلك إذا أردت أن ترى أحدًا أين وصل مع نفسه في حدود التربية (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8 %B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%22) انظر إلى حلمه.. أي ضبط النفس.. فالأصل في الإنسان أن يتشفَّى لنفسه وأن يُعاجل بالعقوبة أو يرد عنه أو يجد في نفسه شيئًا.. إنما الحليم لا يُبالي بمثل ذلك، فنفسه ليست أسيرة به ولا يهمه مثل هذه الجهالات ولا يلتفت إليها.. فهو لا يلتفت إلى سفاسف الأمور وهذا دليل على الوصول إلى منزلة عليا من الإيمان (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9 %8A%D9%85%D8%A7%D9%86%22) ومن تهذيبه لنفسه..
والله سبحانه وتعالى يؤيد الحليم وكذلك يُلقي قدْره في قلوب العباد لكن من البداية ينبغي فهم أمرًا مهمًا وهو أن الحِلمُ لا يُستخدم مطلقًا.. فقد نحتاج لأن نخرج عنه أحيانًا لردع السفيه..فالأصل في التعامل عند تربية النفس (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9 %8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%86 %D9%81%D8%B3%22) أن تحلُم.. لكن هنا كبعض المواقف تحتاج الردع وتحتاج القوة في التعامل مع السفيه لا سيما إذا استشرى، فلو تُرك هكذا ستكون مفسدته أعظم وقد يُساء فهم الحليم في هذا الموقف.
ومن الأمور المتعلقة بالحلم أيضًا أنه لا يكون إلا مع القدرة على إنزال العقوبة وإلا سُمِّي ذلك خَوَر وضعف وذُل.. فالحليم من يقدر على الرد ولكنه يترك السفيه لجهله وذلك شرط على الحليم.. أن يقدر على إنزال العقوبة.ومن فضل الحلم كذلك أن قليل من الخلق من يتصفُ به.. فالذي يتصف بهذا الخُلق صار بمنزلهم ميزة وصار في النادر القليل وقد يكتسبه الإنسان بالتعود وبالرغبة فيما عند الله بالثواب الجزيل فإذا تحلَّم العبد وتكلفه شيئًا فشيئًا يعتاده «إنما الحلمُ بالتحلُّم» (صحّحه الألباني (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9 %84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%22 )) وذلك إذا كان دائمًا أبدًا ينظر إلى ما عند الله ولا يلتفتُ إلى الناس.. فسيكون ذلك دافعٌ له للتخلُّق بهذا الخُلُق العظيم.الحلمُ يعمل على تآلف القلوب (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%82%D9 %84%D9%88%D8%A8%22) وينشُر المحبة بين الناس ويُزيل البغض ويمنعُ الحسد (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8 %B3%D8%AF%22) ويُميل القلوب ويستحق صاحبها لدرجات العلا والجزاء الأوفر.ولذلك فهو خُلق عظيم نحتاج لأن نفقه عنه الكثير من الأمور حتى نستطيع أن نتخلَّق بهذا الخُلق فأولًا نعرفه في حق ربنا فنزداد محبةٌ له سُبحانه فالمتأمِّل في أحوال الناس يقول: فالغني غير راضٍ عن حاله..تجده يقول: لو أن ذاك المال ليس عندي بتلك الكيفية يقصد إن حصل عليه من والده!ويقول: كُنت أريد أن أتعب في الحصول عليه ليكون الإحساس بمتعة الحصول على المال موجود! وأما الفقير فيتسخط لعدم وجوده!
فسُبحان الله العظيم.. لا يرضى عنه أحد! لا الغني راضٍ ولا الفقير راضٍ ولاالصحيح راضٍ ولا السقيم والمريض راضٍ! الكُل لا يرضى عن الله.. فما أحلمه عنا مع أنه يستحقله الغضب علينا.. فهو يُغدق على هذا بالنعم ليُحبه بها فيطغى بها! وهذا يبتليه ليرجع إليه فيتسخط ويغضب.. فما أحلم الله سبحانه وتعالى!
http://ar.islamway.net/article/42499/-37-%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%8A %D9%85
أبو البراء محمد علاوة
2016-12-27, 01:06 AM
كيفية التخلق بهذا الخُلُق؟
قالوا الأسباب الدافعة للحلم كثيرة خصٍّها الماوردي في أدب الدُنيا والدين بعشرةِ أمور، فقال:"الحلمُ من أشرف الأخلاق (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8 %AE%D9%84%D8%A7%D9%82%22) وأحقها بذوي الألباب لما فيه من سلامة العرض وراحة الجسد واجتلاب الحمد. والأسباب الباعثة عليه عشرة:1- الرحمة للجُهَّال:
فينظُر إليهم بعين الرحمة لعدم علمه وعدم فهمه في رحمه ويتجاوزعنه ويحلُم عليه.. وذلك من خيرٍ يُوافقُ رقه وقد قيل في مأثور الحكم من: "أوكد أسباب الحلم رحمة الجُهَّال".
2- القدرة على الانتصار:
وذلك من سعة الصدر وحُسن الثقة فيبعثُه على حلمه معرفته التامة بأنه يستطيع أن ينتصر.. ولكن يتسع صدره بحُسن ثقته في ربه وما عنده من جزيل الثواب.. وأن الله سينتصرُ للمظلوم ولو بعد حين وأن الله سيكُف عنه ذلك ويدفع عنه وذلك شيء يعرفه المؤمن من نفسه وحاله مع ربه... فيتركه ويقول لو أراد الله أن يُردُ عنى ذلك الظلم (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9 %84%D9%85%22) سيكون.. فذاك قدر هو لا راد له! فيمنعه ذلك من أن يتشفَّى لنفسه ويقول: يا رب كُف عني أذى المؤذين في القدرة على الانتصار.3- أنه من الأصل مُهذَّبٌ مؤدب فيترفَّع عن السباب:
فيستشعر من نفسه ومن لسانه العفة على أن ينطق بمثل السباب الموجه إليه! ويكون كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم: «لم يكن فاحشًا ولامُتَفَحِّشًا ولا صَخَّابًا في الأسواقِ، ولا يَجْزِي بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يَعْفُو ويَصْفَحُ» (رواه الترمذي)، فيترُكه ويترفَّع عن سبابه.. قالوا: وذلك من شرف النفس وعُلو الهمة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%87%D9 %85%D8%A9%22) ومن الجميل هاهنا أنهم قالوا الله سُبحانه وتعالى سمَّى يحيى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بسيدًا وذلك لحِلمه.. لأنه كان حليمًا فصار سيدًا.
4- الاستهانة بالمُسيء:
وذلك فيه نظر لأنه قد يؤدي إلى نوع من الكِبر! لكن الضابط هنا العِزَّة فإن كان عزيزًا فإنه يحلُم على الجُهَّال.. فمثل ذلك -ذُكر سابقًا في اسم الله العزيز- عندما أتى سُفيان أحدُهم فقال له: إنك مُتكبر فقال: لا إنما عزيز! أي لا أحب أن يجلب لنفسه الاستصغار بأن يُنزله المستوى من يجهلُ عليه بالقول أو الفعل.. وذلك عزة نفس وليس كِبرًا.. فالكبر بطرُ الحق وغمط الناس أما عندما يعزُّ بنفسه على أمر ربه فهو كِبر!
إنما الاستهانة بالمُسيء قريبة من معنى القدرة على الانتصار..فأحذر من أن تكون العزة لديك بأن لا تخضع لأمر الله أو تستمع النصيحة من أحد أو أن تذلل له أو تذلل لمؤمنين.. بل فقط تكون عزيزًا على الكافرين والمجرمين فهنا لا تلين لهم.. أما إذا كُنت هينًا لينًا مع الناس مُتقبلًا لأمر ربك فقد نفيت عن نفسك الكبر (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%83%D8 %A8%D8%B1%22).. ثم كُنت صعب في التعامل مع أعداء الله حتى لا يُستباح عِرضك.. فهذه عزة.يقولون: رُوي أن مُصعب ابن الزبير لمّا وُلي العراق جلس يوما لعطاء الجُند وأمر مناديه ونادى: أين عمر ابن جرموز -وهو الذي قتل أباه الزبير ابن العوام رضي الله عنهما- فقيل له: قد تباعد في الأرض فقال: أو يظن الجاهل أني أقيده بأبي عبد الله! فليظهر آمنًا ليأخذ عطاءهم وفرًا.. فقالوا استهانة بصنيعة.. فترك العقاب لله!5- الاستحياء من جزاء الجواب:
والباعثُ عليه صيانة النفس وكمال المروءة ولذلك قيل: ما أفحش حليم ولا أوحش كريم.
أي: لا يُعقل أن يقع الحليم في مثل هذا الفُحش في الكلام.. فيجب أن يصون لسانه ويترفع أن يرُد عنه وكذلك يستحي من جزاء الجواب وهو أن يزيد الفاحش فيكُف عن نفسه بسكوته هذا الأذى!
6- الكرم والتفضُّل وحُب التآلف:
فقد حُكي عن الأحنف ابن قيس أنه قال: "ما عاداني أحدٌ قط إلا أخذت في أمري بإحدى ثلاث خصال: إن كان أعلى مني عرفتُ له قدره، وإن كان دوني رفعت قدْري عنه، وإن كان نظيري تفضَّلتُ عليه".أي: لو أعلى مني أوقره امتثالًا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه: «ليس منّا من لم يوقر كبيرنا» وإن كان أدنى مني يمثل بقوله ليس منّا من لم يرحم صغيرنا وإن كان مثلي فأتميز عليه بالكرم وأتفضل عليه فأكون ذو الشأن.7- الحزم:
فيقولون إن الحليم يستنكِفُ السباب وفي نفس الوقت (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%88%D9 %82%D8%AA%22) يُريد أن يقطع أسباب مثُل ذلك فيبعثُه الحزم على التحلُّم.قال الشعبي: "ما أدركتُ أمي فأبرها ولكن لاأسبُ أحدًا فيسُبها.. فقالوا: في إعراضك صونُ أعراضك!".وقال الشاعر:وفي الحِلمُ ردعٌ للسفيه عن الأذى *** وفي الخُرق إغراءٌ فلا تكُ أخرقًا!
فلو سفَهت ستُستباح وليس كما يُزيِّن لك الشيطان (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9 %8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%22) أنك لو صمت فذلك سيجعلهم يتكالبوا عليك وتزداد في الأذى بالعكس فلو كان ينبح فلا عليك به.. دع القافلةُ تسير والكلاب تنبح!
8- الخوف من العقوبة على الجواب:
بمعنى.. الخوف من العقوبة من الله سبحانه وتعالى إذا وقع في السفه فقد قالوا: الحلمُ حجاب الآفات.9- الوفاء (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%88%D9 %81%D8%A7%D8%A1%22)ُ وحسن العهد:
إذا كان من وقع في حقك تعرف له مكرُمة عليك فترعى له هذه اليد السالفة وتكون له عليك حُرمة لازمة.. أي تفتكر له الخير وتتغاضى له عن خطأه في لحظة الغضب.
10- بعض الناس يحلمون ويكون الباعثُ عليه المكر والدهاء -وذلك مذموم وليس من مكارم الأخلاق- فقال بعضُ العقلاء: غضب الجاهل في قوله وغضب العاقل في فعله.
قال إياس:تُعاقبُ أيدينا ويحلُم رأينا *** ونشتُمُ بالأفعال لا بالتكلم
ومثلُ ذلك: أن تترك أحدهم يشتمك ويُسيء لك أمام الناس.. فتحلُم عليه حتى يُثني على صنيعك الناس وتظهر أنت المظلوم أمامهم! فيكون الباعثُ على ذلك الدهاء وليس طلبِ رضا الله.
أبو البراء محمد علاوة
2016-12-27, 01:08 AM
الفرقُ بين الحِلمُ وكظم الغيظ؟
يقول الغزالي في (الإحياء) والجاحظ في (تهذيب الأخلاق): "الحلم أفضل من كظم الغيظ لأن كظمُ الغيظ عبارة عن التحلُّم ولا يحتاج في الحلم إلى مثل ذلك..."، ففي كظم الغيظ تكلُّف أما في الحلم هو سجيَّة فلا يحتاج إلى كظم الغيظ إلا من هاج غيظه ويحتاج فيه إلى مجاهدة شديدة عندما يلحق به الأذى لكن إذا أعتاد ذلك صار ذلك اعتيادًا فلا يُهيِّجه الغيظ. وهذا الأمر يحتاجُ لأن يدرس المرء شخصية عمر رضي الله عنه من بداية إسلامه إلى أنصار أميرًا للمؤمنين.. ويدُل على ذلك مواقف منها:موقف له قبل الإسلام عندما ضرب أخته فاطمة عِداءً لله.. ثم في صُلح الحديبية بعد إسلامه عندما دخل على الرسول وهو غاضب وهو يقول: "لما نُعطي الدنيِّة في ديننا، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟"، وكانت تلك غضبه لله.وبذلك نرى أثر الدين العظيم على شخصية عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كيف انتقل غضبه لنفسه إلى الغضب لله وحده وذلك بمُدارسة القرآن ومُجالسته للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.. فسبحان الله جل في علاه.ومن هنا يجب أن تنتبه إلى درسٍ مهم وهو:
يجب أن يضيف لك الدين خُلق جديد، ومن ليس كذلك ففي التزامه مشكلة، لأن الإيمان يزيد وينقص فإن لم يكن يزيد فإنه ينقص.. فتبحث دائمًا عن أثر الإيمان عليك.. لأن الله شكور فإذا لم تجد للعبادة بعدها سعادة وانشراح فأعلم أن هذا العمل مدخول.
الحلمُ في السنة:
ورد ذكر ذلك الخُلق العظيم على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أحاديث كُثُر ومنها:
أن النبي (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%86%D8 %A8%D9%8A%22) صلى الله عليه وسلم قال: «التَّأَنِّي مِنَ اللهِ، والعَجَلَةُ مِنَ الشيطانِ، وما أحدٌ أكثرُ مَعَاذِيرَ مِنَ اللهِ، وما من شيءٍ أحبَّ إلى اللهِ مِنَ الحَمْدِ» (حسّنه الألباني) وهنا نرى حلم الله.. إنهم ليدعون له الولد سُبحانه ويعذرهم ويدعوهم إلى التوبة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9 %88%D8%A8%D8%A9%22)!انظر إلى حلمه وهو يقول: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج:10]، فقد آذوا أولياءه ويظهر هذا إن وضعت نفسك في نفس الموقف إن آذى أحدهم أقاربك أو عائلتك وأصبحت المسألة ثأر! لو عاقبتهم فلك الحق ولا لوم عليك حتى لو عاقبتهم بمثل ما عاقبوك به! أما الله فيُؤذون أولياءه ويدعوهم للتوبة فإذا لم يتوبوا يستحقون حينذاك العقاب الشديد منه سبحانه.. فما أحلم سبحانه فما أحد أكثر معاذيرًا من الله.والنبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنا أعظم المثل في سيرته في هذا الخلق، ففي الحديث: "أنَّ رجلًا أَتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يتقاضاهُ فأَغْلَظَ فهَمَّ بهِ أصحابُهُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «دَعُوهُ، فإنَّ لصاحِبِ الحقِّ مقالًا». ثم قال: «أعطوهُ سِنًّا مثلَ سِنِّهِ». قالواْ: يا رسولَ اللهِ لا نجدُ إلا أمثلَ من سِنِّهِ، فقال: «أعطوهُ، فإنَّ من خيرِكُمْ أحسنُكُمْ قضاءً» (رواه البخاري (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8 %AE%D8%A7%D8%B1%D9%8A%22)). شرح الحديث:
فقد جاء ذلك الرجل للرسول صلى الله عليه وسلم يختصم إليه وينال من عدله فأغلظ له قائلًا ما أعطيتني حقي! فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم لما همَّ الصحابة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8 %AD%D8%A7%D8%A8%D8%A9%22) أن يُنكِّلوا بهذا الرجل فقال: دعوه فإن لصاحب الحق مقال هو خيركم أحسنكم قضاءً صلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه يقول: "كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه فأدمَوهُ وهو يمسح الدمع عن وجهه ويقول: «ربي اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» (رواه البخاري).وكأن هذا حدث بعد أُحد.. فكأنه يحكي هذا عن نبي من الأنبياء ضربه قومه فأدموه فقال: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.وعن أنس أنه قال : "كُنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُردٌ نجراني غليظ الحاشيه فأدركه أعرابي فجبذه برداءه جبذه شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البُرد فقال: يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك فالتفت له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاءه" (رواه مسلم).وهذا من شدة حلمه صلى الله عليه وسلم.. فتخيل نفسك مكانه وأنت تمشي ثم شدك أحدهم من قميصك وقال لك دونما أي مقدمه: أنت! فكيف ستتصرف معه! أما النبي صلى الله عليه وسلم فإذا به يضحك للأعرابي.. فلميسكُن حتى.. إنما نظر إليه ثم ضحك ثم أمر له بأن يعطوه عطاءه.وكذلك حديث عائشة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D8 %B4%D8%A9%22) رضي الله عنها: "أنه استأذن رهط من اليهود (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9 %87%D9%88%D8%AF%22) فقالوا: السام عليك فقلتُ: بل عليكم السام واللعنة فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة إن الله رفيق يُحب الرفق في الأمر كُله». فقلت: أولم تسمع ما قالوا؟! فقال: «قُلت: وعليكم»" (رواه البخاري)، صلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.ومنها ما حدث في أحد أيضًا حينما قالت عائشة رضي الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم: "هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ فقال: «لقد لقيتُ من قومك ما لقيت وكان أشدُ ما لقيتُ منهم يوم العقبة إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل ابن عبد كلال فلم يُجبني إلى ما أردتُ فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قدأظلتني فنظرت فيها فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني وقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله لك ملك الجبال لتأمره ما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم عليَّ ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟»، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبُد الله وحده ولا يُشرك به شيئًا» (رواه البخاري).التعليق على الحديث:
يُقال: أنه صلى الله عليه وسلم عرض نفسه على القبائل من يأويني؟ من ينصرني؟! وفي أحد الأحداث وهو يعرض نفسه صلى الله عليه وسلم فأتاه سيدُ القبيلة التي يكلمها وبعد أن ركب النبي صلى الله عليه وسلم على ناقته، فجذبه فوقع صلى الله عليه وسلم على الأرض وكان قد بلغ أكثر من خمسين عامًا! ويقال أن الارتفاع من الناقة إلى الأرض حوالي خمسة أمتار..فانظر إلى ما لقي النبي الشريف الكريم عظيم الخُلق صلى الله عليه وسلم.. وانظر إلى ردّه عندما قال له ملك الجبال مُرني ما شئت.. ولكن ذلك هو نبينا الحليم محمد صلى الله عليه وسلم.إذا الحلم خُلق عظيم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديدُ الذي يملك نفسه عند الغضب» (رواه البخاري).وأوصانا بأن لا نغضب ثلاثًا وقال: «طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته» (حسّنه الألباني).وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «السمتُ الحسن والتُؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءً من النبوة» (رواه الترمذي).وكأنه يقول للدعاة وكل من يسير في دربها.. أن هذه شروط لازمة لأي داعية لأنها جزء من أربعة وعشرين جزءً من النبوة والمفترض أن العلماء والدعاة إلى الله هم ورثة الأنبياء فينبغي أن يكون ذلك الأساس عندهم:أولًا: هو السمْت الحسن.. بمعنى السمْت الظاهري، بأن يكون مظهره حسن وذلك ليس لشخصه ولا تلك قضيته بل لأنه يحمل راية الإسلام. وسمته أيضًا السلوكي والخُلُقي.. فلا ينبغي لطالب علم أو داعية أو من بلغ منزلة عظيمة في العلم (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9 %84%D9%85%22) أن لا يتوافق سمْته الخُلقي والظاهر يمثل أن يلبس الملابس المُشجرة وغيرها! أما الأخلاق فهو أول شيء يُعلَّم للدعاة.ثانيًا: التٌؤدة.. فلايصلُح العجلة.. فتجد من يدخل في سلك الدعوة (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8 %B9%D9%88%D8%A9%22) من الشباب (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8 %A8%D8%A7%D8%A8%22) تجده متهور.. وهذا لا يصح! الأمر يحتاج للصبر والأخذ من خبرة السابقين ليعرف كيف يسير في هذا الأمر فلا تُصبح لديه القضية قضية حماس سرعان ما ينجلي.. فلا بُد من التُؤدة والحكمة.ثالثًا: الاقتصاد ما بين الأمرين.. فلا يغلو ولا عنده تفريط.. فلا يتعبد الناس بالرُخص ولا بالعزائم طيلة الأمر.. فلا بد أن يعرف من يقول له هذا ومن يقول له الأمر الآخر.. فلا بُد أن يقتصد..
فلمَّا يخرج أحدهم ويكون لديه شيء من الغلو يتسبب في خروج جيل فيه شيء من الشدة.. ويظُن في نفسه أنه أكثر الناس التزامًا.. والأمر ليس كذلك. فالأمر ليس بالغلو وليس بأن يأخذ الناس بشديد وغليظ الأقوال.. وحتى في خاصة نفسك فقد يؤدي ذلك لنتائج عكسية فالقلب إناء يوجد فيه جزء مُضيء وآخر مُظلم.. والجزء المضيء هو الجزء الذي يدفعك وهو الذي يمدك بقوة في النفس فإذا أخذت تلك الطاقة وأخرجتها مرةً واحدة كما يفعل الذين يغلون في الدين.. فإذا أردت فعل المزيد من الطاعات ستجد أن الطاقة الإيمانية قد استُنفذت.. فيجب على الإنسان الملتزم المتزن أن يُخرج طاقته شيئًا فشيئًا مثلما يفعل الرياضيين من تمارين الإحماء قبل القيام بأي رياضة.. فيتدرج في الطاعات شيئًا فشيئًا إلى أن يعلو الإيمان في قلبه شيئًا فشيئًا فيُحقق بذلك الاقتصاد.
أبو البراء محمد علاوة
2016-12-27, 01:08 AM
بعض تطبيقات السلف في الحلم:
قالوا: أن مفتاح الحلم العلم، قال عمر رضي الله عنه: "تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم".
كان معاوية رضي الله عنه يقول: "لا يبلُغُ العبد مبلغ الرأي حتى يبلُغُ حلمُه جهله وصبره شهوته ولا يبلُغ ذلك إلا بقوة العلم".وقال ابن عباس رضي الله عنهما لرجل سبَّه: "يا عكرمة هل لرجلٍ حاجة فنقضيها فنكَّس الرجل رأسه واستحى من حلم ابن عباس به".ومن المواقف التي نختم بها أن علي ابن الحُسين سبَّه رجل فأتاه عليٌ بخميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم فقال بعضهم: جمع في ذلك الموقف خمسً خصال محموده:أولًا: الحلم.
ثانيًا: إسقاط الأذى.
ثالثًا: تخليص الرجل مما يُبعده عن الله.رابعًا: حمله على الندم والتوبة.
خامسًا: رجوعه إلى مدح بعد الذم فاشترى بجميع ذلك بشيءٍ يسير من الدنيا (http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%22%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9 %86%D9%8A%D8%A7%22).
فينبغي علينا أن نلاحظ مثل هذه الأمور جيدًا.. فصفة عباد الرحمن أنهم رُحماء إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا.وتذكر دائمًا أن الله سُبحانه وتعالى يُعامل الحليم بالحلم فكلما ازددت حلمًا ازداد حلم الله بك وكلنا يحتاج لمثل ذلك فكلنا أصحاب ذنوب ومعاصي ونخشى من عاجل العقوبة، وذلك حلًا في كبيرة العقوق والبغي، فيُقال له: عليك أن تتعود الحلم لأن الحديث يقول قال صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنبٍ أعجل عقوبة من البغي والعقوق».. فحلها حتى يدفع العقوبة عنه أن يحلُم على بعض الناس ليُعامله الله بذلك حتى لا يُعجِّل الله له العقوبة.
أم علي طويلبة علم
2016-12-29, 11:46 PM
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله : إن دعوة الرسل تدور على ثلاثة أمور :
- تعريف الرب المدعو إليه بأسمائه وصفاته وأفعاله،
- الأصل الثاني: معرفة الطريفة الموصلة إليه، وهي ذكره وشكره وعبادته التي تجمع كمال حبه وكمال الذل له.
- الأصل الثالث: تعريفهم ما لهم بعد الوصول إليه في دار كرامته من النعيم الذي أفضله وأجله رضاه عنهم، وتجليه لهم ورؤيتهم وجهه الأعلى، وسلامه عليهم، وتكليمه إياهم.
____________________
الصواعق المرسلة ( ١٤٨٩/٤)
كتاب فقه الأسماء الحسنى ص 15-16
للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
أبو البراء محمد علاوة
2017-01-01, 12:13 AM
قال السعدي في توضيح الكافية الشافية: (صـ 123): (اللطيف: الذي لطف علمه حتى أدرك الخفايا، والخبايا، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور. ولطف بأوليائه، وأصفيائه، فيسرهم لليسرى وجنبهم العسرى، وسهل لهم كل طريق يوصل إلى مرضاته وكرامته وحفظهم من كل سبب ووسيلة توصل إلى سخطه، من طرق يشعرون بها، ومن طرق لا يشعرون بها، وقدر عليهم أمورا يكرهونها لينيلهم ما يحبون، فلطف بهم في أنفسهم فأجراهم على عوائده الجميلة، وصنائعه الكريمة، ولطف لهم في أمور خارجة عنهم لهم فيها كل خير وصلاح ونجاح، فاللطيف متقارب لمعاني الخبير، الرؤوف، الكريم).
أبو البراء محمد علاوة
2017-01-01, 12:17 AM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (اللطيف):
قال السعدي في: (الحق الواضح المبين: (صـ 61 - 62): (وهذا من آثار علمه وكرمه ورحمته، فلهذا كان معنى اللطيف أنه الخبير الذي أحاط علمه بالأسرار والبواطن والخبايا والخفايا ومكنونات الصدور ومغيبات الأمور، وما لطف ودقَّ من كل شيء. النوع الثاني: لطفه بعبده ووليه الذي يريد أن يتم عليه إحسانه، ويشمله بكرمه ويرقيه إلى المنازل العالية فييسره لليسرى، ويجنبه العسرى، ويجري عليه من أصناف المحن التي يكرهها وتشق عليه وهي عين صلاحه، والطريق إلى سعادته، كما امتحن الأنبياء بأذى قومهم وبالجهاد في سبيله وكما ذكر الله عن يوسف عليه السلام وكيف ترقت به الأحوال ولطف الله به وله بما قدره عليه من تلك الأحوال التي حصلت له في عاقبتها حسن العقبى في الدنيا والآخرة. وكما يمتحن أولياءه بما يكرهونه لينيلهم ما يحبون، وكم لله من لطف، وكرم لا تدركه الأفهام ولا تتصوره الأوهام، وكم استشرف العبد على مطلوب من مطالب الدنيا من ولاية ورياسة أو سبب من الأسباب المحبوبة فيصرفه الله عنها ويصرفها عنه رحمة به لئلا تضره في دينه، فيظل العبد حزينا من جهله وعدم معرفته بربه، ولو علم ما ادخر له في الغيب وأريد إصلاحه لحمد الله وشكره على ذلك، فإن الله بعباده رؤوف رحيم، لطيف بأوليائه. وفي الدعاء المأثور: (اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغا لي فيما تحب)، اللهم الطف بنا في قضائك وبارك لنا في قدرتك حتى لا نحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت).
أبو البراء محمد علاوة
2017-01-01, 12:31 AM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (اللطيف):
قال السعدي في: (المواهب الربانية من آيات القرآن): (صـ 146 - 155): (واعلم أن اللطف الذي يطلبه العباد من الله بلسان المقال، ولسان الحال هو من الرحمة بل هو رحمة خاصة فالرحمة التي تصل العبد من حيث لا يشعر بها أو لا يشعر بأسبابها هي اللطف فإذا قال العبد: يا لطيف الطف بي أو لي وأسألك لطفك فمعناه تولني ولاية خاصة بها تصلح أحوالي الظاهرة، والباطنة وبها تندفع عني جميع المكروهات من الأمور الداخلية والأمور الخارجية. فالأمور الداخلية لطف بالعبد. والأمور الخارجية لطف للعبد فإذا يسر الله عبده وسهل طريق الخير وأعانه عليه فقد لطف به وإذا قيض الله له أسبابا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد فيها صلاحه فقد لطف له ولهذا لما تنقلت بيوسف عليه السلام تلك الأحوال، وتطورت به الأطوار من رؤياه، وحسد إخوته له، وسعيهم في إبعاده جدا، واختصامهم بأبيهم ثم محنته بالنسوة ثم بالسجن ثم بالخروج منه بسبب رؤيا الملك العظيمة، وانفراده بتعبيرها، وتبوؤه من الأرض حيث يشاء، وحصول ما حصل على أبيه من الابتلاء، والامتحان ثم حصل بعد ذلك الاجتماع السار وإزالة الأكدار وصلاح حالة الجميع والاجتباء العظيم ليوسف عرف عليه السلام أن هذه الأشياء وغيرها لطفٌ لطف الله لهم به فاعترف بهذه النعمة فقال: إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف: 100] أي لطفه تعالى خاص لمن يشاء من عباده ممن يعلمه تعالى محلا لذلك وأهلا له فلا يضعه إلا في محله. الله أعلم حيث يضع فضله فإذا رأيت الله تعالى قد يسر العبد لليسرى، وسهل له طريق الخير، وذلل له صعابه، وفتح له أبوابه، ونهج له طرقه، ومهد له أسبابه، وجنبه العسرى فقد لطف به. ومن لطفه بعباده المؤمنين أنه يتولاهم بلطفه فيخرجهم من الظلمات إلى النور من ظلمات الجهل، والكفر، والبدع، والمعاصي إلى نور العلم والإيمان والطاعة، ومن لطفه أنه يرحمهم من طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء التي هذا طبعها وديدنها فيوفقهم لنهي النفس عن الهوى ويصرف عنهم السوء والفحشاء فتوجد أسباب الفتنة، وجواذب المعاصي وشهوات الغي فيرسل الله عليها برهان لطفه ونور إيمانهم الذي مَنَّ به عليهم فيدعونها مطمئنين لذلك منشرحة لتركها صدورهم. ومن لطفه بعباده أنه يقدر أرزاقهم بحسب علمه بمصلحتهم لا بحسب مراداتهم فقد يريدون شيئًا وغيره أصلح فيقدر لهم الأصلح وإن كرهوه لطفًا بهم، وبرًا، وإحسانًا (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ) [الشورى: 19] (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى: 27].
ومن لطفه بهم أنه يقدر عليهم أنواع المصائب، وضروب المحن، والابتلاء بالأمر والنهي الشاق رحمة بهم، ولطفًا، وسوقًا إلى كمالهم، وكمال نعيمهم (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].
ومن لطيف لطفه بعبده إذ أهله للمراتب العالية، والمنازل السامية التي لا تدرك بالأسباب العظام التي لا يدركها إلا أرباب الهمم العالية، والعزائم السامية أن يقدر له في ابتداء أمره بعض الأسباب المحتملة المناسبة للأسباب التي أهل لها ليتدرج من الأدنى إلى الأعلى ولتتمرن نفسه ويصير له ملكة من جنس ذلك الأمر وهذا كما قدر لموسى ومحمد وغيرهما من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - في ابتداء أمرهم رعاية الغنم ليتدرجوا من رعاية الحيوان البهيم وإصلاحه إلى رعاية بني آدم ودعوتهم وإصلاحهم. وكذلك يذيق عبده حلاوة بعض الطاعات فينجذب ويرغب ويصير له ملكة قوية بعد ذلك على طاعات أجل منها وأعلى ولم تكن تحصل بتلك الإرادة السابقة حتى وصل إلى هذه الإرادة والرغبة التامة.
ومن لطفه بعبده أن يقدر له أن يتربى في ولاية أهل الصلاح، والعلم، والإيمان وبين أهل الخير ليكتسب من أدبهم، وتأديبهم ولينشأ على صلاحهم وإصلاحهم كما امتن الله على مريم في قوله تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا) [آل عمران: 37]، إلى آخر قصتها، ومن ذلك إذا نشأ بين أبوين صالحين وأقارب أتقياء أو في بلد صلاح أو وفقه الله لمقارنة أهل الخير وصحبتهم أو لتربية العلماء الربانيين فإن هذا من أعظم لطفه بعبده فإن صلاح العبد موقوف على أسباب كثيرة منها بل من أكثرها وأعظمها نفعا هذه الحالة.
ومن ذلك إذا نشأ العبد في بلد أهله على مذهب أهل السنة والجماعة فإن هذا لطف له وكذلك إذا قدر الله أن يكون مشايخه الذين يستفيد منهم الأحياء منهم والأموات أهل سنة وتقى فإن هذا من اللطف الرباني ولا يخفى لطف الباري في وجود شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أثناء قرون هذه الأمة وتبيين الله به وبتلامذته من الخير الكثير والعلم الغزير وجهاد أهل البدع والتعطيل والكفر ثم انتشار كتبه في هذه الأوقات فلا شك أن هذا من لطف الله لمن انتفع بها وأنه يتوقف خير كثير على وجودها فلله الحمد والمنة والفضل.
ومن لطف الله بعبده أن يجعل رزقه حلالًا في راحة وقناعة يحصل به المقصود ولا يشغله عما خلق له من العبادة والعلم والعمل بل يعينه على ذلك ويفرغه ويريح خاطره وأعضاءه ولهذا من لطف الله تعالى لعبده أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية التي يظن فيها إدراك بغيته فيعلم الله تعالى أنها تضره وتصده عما ينفعه فيحول بينه وبينها فيظل العبد كارهًا ولم يدر أن ربه قد لطف به حيث أبقى له الأمر النافع وصرف عنه الأمر الضار ولهذا كان الرضى بالقضاء في مثل هذه الأشياء من أعلى المنازل.
ومن لطف الله بعبده إذا قدر له طاعة جليلة لا تنال إلا بأعوان أن يقدر له أعوانا عليها ومساعدين على حملها قال موسى عليه السلام: (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا) [طه: 29-34].
وكذلك امتن على عيسى بقوله: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّين َ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) [المائدة: 111].
وامتن على سيد الخلق في قوله (هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِ ينَ) [الأنفال: 62] وهذا لطف لعبده خارج عن قدرته ومن هذا لطف الله بالهادين إذا قيض الله من يهتدي بهداهم ويقبل إرشادهم فتتضاعف بذلك الخيرات والأجور التي لا يدركها العبد بمجرد فعله بل هي مشروطة بأمر خارجي. ومن لطف الله بعبده أن يعطي عبده من الأولاد، والأموال، والأزواج ما به تقر عينه في الدنيا، ويحصل له السرور، ثم يبتليه ببعض ذلك ويأخذه، ويعوضه عليه الأجر العظيم إذا صبر واحتسب فنعمة الله عليه بأخذه على هذا الوجه أعظم من نعمته عليه في وجوده وقضاء مجرد وطره الدنيوي منه وهذا أيضا خير وأجر خارج عن أحوال العبد بنفسه بل هو لطف من الله له قيض له أسبابًا أعاضه عليها الثواب الجزيل والأجر الجميل.
ومن لطف الله بعبده أن يبتليه ببعض المصائب فيوفقه للقيام بوظيفة الصبر فيها فينيله درجات عاليه لا يدركها بعمله وقد يشدد عليه الابتلاء بذلك كما فعل بأيوب عليه السلام ويوجد في قلبه حلاوة روح الرجاء وتأميل الرحمة وكشف الضر فيخف ألمه وتنشط نفسه. ولهذا من لطف الله بالمؤمنين أن جعل في قلوبهم احتساب الأجر فخفت مصائبهم وهان ما يلقون من المشاق في حصول مرضاته. ومن لطف الله بعبده المؤمن الضعيف أن يعافيه من أسباب الابتلاء التي تضعف إيمانه وتنقص إيقانه.
كما أن من لطفه بالمؤمن القوي تهيئة أسباب الابتلاء والامتحان ويعينه عليها ويحملها عنه ويزداد بذلك إيمانه ويعظم أجره فسبحان اللطيف في ابتلائه وعافيته وعطائه ومنعه.
ومن لطف الله بعبده أن يسعى لكمال نفسه مع أقرب طريق يوصله إلى ذلك مع وجود غيرها من الطرق التي تبعد عليه فييسر عليه التعلم من كتاب أو معلم يكون حصول المقصود به أقرب وأسهل وكذلك ييسره لعبادة يفعلها بحالة اليسر والسهولة وعدم التعويق عن غيرها مما ينفعه فهذا من اللطف.
ومن لطف الله بعبده قدر الواردات الكثيرة والأشغال المتنوعة والتدبيرات والمتعلقات الداخلة والخارجة التي لو قسمت على أمة من الناس لعجزت قواهم عليها أن يمن عليه بخلق واسع وصدر متسع وقلب منشرح بحيث يعطي كل فرد من أفرادها نظرا ثاقبا وتدبيرا تاما وهو غير مكترث ولا منزعج لكثرتها وتفاوتها بل قد أعانه الله تعالى عليها ولطف به فيها ولطف له في تسهيل أسبابها وطرقها وإذا أردت أن تعرف هذا الأمر فانظر إلى حالة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله بصلاح الدارين وحصول السعادتين وبعثه مكملاً لنفسه ومكملاً لأمة عظيمة هي خير الأمم ومع هذا مكنه الله ببعض عمره الشريف في نحو ثلث عمره أن يقوم بأمر الله كله على كثرته وتنوعه وأن يقيم لأمته جميع دينهم ويعلمهم جميع أصوله وفروعه ويخرج الله به أمة كبيرة من الظلمات إلى النور ويحصل به من المصالح والمنافع والخير والسعادة للخاص والعام مالا تقوم به أمة من الخلق. ومن لطف الله تعالى بعبده أن يجعل ما يبتليه به من المعاصي سببا لرحمته فيفتح له عند وقوع ذلك باب التوبة والتضرع والابتهال إلى ربه وازدراء نفسه واحتقارها وزوال العجب والكبر من قلبه ما هو خير له من كثير من الطاعات.
ومن لطفه بعبده الحبيب عنده إذا مالت نفسه مع شهوات النفس الضارة واسترسلت في ذلك أن ينقصها عليه ويكدرها فلا يكاد يتناول منها شيئا إلا مقرونا بالمكدرات محشوا بالغصص لئلا يميل معها كل الميل، كما أن من لطفه به أن يلذذ له التقربات ويحلي له الطاعات ليميل إليها كل الميل. ومن لطيف لطف الله بعبده أن يأجره على أعمال لم يعملها بل عزم عليها فيعزم على قربة من القرب ثم تنحل عزيمته لسبب من الأسباب فلا يفعلها فيحصل له أجرها فانظر كيف لطف الله به فأوقعها في قلبه وأدارها في ضميره وقد علم تعالى أنه لا يفعلها سوقا لبره لعبده وإحسانه بكل طريق. وألطف من ذلك أن يقيض لعبده طاعة أخرى غير التي عزم عليها هي أنفع له منها فيدع العبد الطاعة التي ترضي ربه لطاعة أخرى هي أرضى لله منها فتحصل له المفعولة بالفعل والمعزوم عليها بالنية وإذا كان من يهاجر إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت قبل حصول مقصوده قد وقع أجره على الله مع أن قطع الموت بغير اختياره فكيف بمن قطعت عليه نيته الفاضلة طاعة قد عزم على فعلها وربما أدار الله في ضمير عبده عدة طاعات كل طاعة لو انفردت لفعلها العبد لكمال رغبته ولا يمكن فعل شيء منها إلا بتفويت الأخرى فيوفقه للموازنة بينها وإيثار أفضلها فعلا مع رجاء حصولها جميعها عزما ونية.
وألطف من هذا أن يقدر تعالى لعبده ويبتليه بوجود أسباب المعصية ويوفر له دواعيها وهو تعالى يعلم أنه لا يفعلها ليكون تركه لتلك المعصية التي توفرت أسباب فعلها من أكبر الطاعات. كما لطف بيوسف عليه السلام في مراودة المرأة. وأحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: (إني أخاف الله رب العالمين).
ومن لطف الله بعبده أن يقدر خيرًا وإحسانًا من عبده ويجريه على يد عبده الآخر ويجعله طريقًا إلى وصوله إلى المستحق فيثيب الله الأول والآخر.
ومن لطف الله بعبده أن يجري بشيء من ماله شيئا من النفع وخيرا لغيره فيثيبه من حيث لا يحتسب فمن غرس غرسا أو زرع زرعا فأصابت منه روح من الأرواح المحترمة شيئًا آجر الله صاحبه وهو لا يدري خصوصًا إذا كانت عنده نية حسنة وعقد مع ربه عقدًا في أنه مهما ترتب على ماله شيء من النفع فأسألك يا رب أن تأجرني وتجعله قربة لي عندك، وكذلك لو كان له بهائم انتفع بدرها وركوبها والحمل عليها، أو مساكن انتفع بسكناها ولو شيئًا قليلًا، أو ماعون ونحوه انتفع به، أو عين شرب منها، وغير ذلك ككتاب انتفع به في تعلم شيء منه، أو مصحف قرئ فيه، والله ذو الفضل العظيم.
ومن لطف الله بعبده أن يفتح له بابًا من أبواب الخير لم يكن له على بال، وليس ذلك لقلة رغبته فيه وإنما هو غفلة منه وذهول عن ذلك الطريق فلم يشعر إلا وقد وجد في قلبه الداعي إليه والملفت إليه ففرح بذلك وعرف أنها من ألطاف سيده وطرقه التي قيض وصولها إليه فصرف لها ضميره ووجه إليها فكره وأدرك منها ما شاء الله وفتح).
أبو البراء محمد علاوة
2017-01-15, 07:15 PM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (التواب):
أم علي طويلبة علم
2017-01-17, 11:01 AM
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى:
"وليس للخلق محبة أعظم ولا أكمل ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم وليس في الوجود ما يستحق أن يحب لذاته من كل وجه إلا الله تعالى".
علينا تعليم أنفسنا وأبناءنا على معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته، حيث أن معرفة الله تعالى تدعو إلى محبته وخشيته وزيادة الإيمان وإخلاص العمل له.
أبو البراء محمد علاوة
2017-01-17, 09:57 PM
علينا تعليم أنفسنا وأبناءنا على معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته، حيث أن معرفة الله تعالى تدعو إلى محبته وخشيته وزيادة الإيمان وإخلاص العمل له.
أحسنتم التنبيه.
أم علي طويلبة علم
2017-01-17, 10:12 PM
الدور الفعال لترسيخ أسماء الله وصفاته عند الأبناء
تعْليمُ طِفْلك أسماءَ الله - عزَّ وجلَّ - وصفاته، وترسيخ مفهومِها عنده، يعني تعريفه بالله، ويعني كذلك بناء العلاقة بيْنه وبين الله تعالى، وهذا من أنفع ما يَنشأ عليه الطّفل المسلم، ومِن أعْظم ما يكفل للمربِّي النَّجاح في مهمَّته التَّربويَّة.
وترْسيخ أسماء الله وصِفاته عند الطفل، له أثر فعَّال في تنشِئة الطِّفْل على الاستِقامة وحبِّ الخير؛ إذ بتعْريف الطِّفْل أسماءَ الله - عزَّ وجلَّ - وصفاته يحبُّ الطِّفل الله - تعالى - ويَعمل على إرضائِه منذ صغره، فيسْهل بعد ذلك توْجيهه وإرْشاده.
وكان ترسيخ أسماء الله وصفاته عند الأنبياء من هدْيِهم في ترْبية الأبناء، كما كان يعقوب يعلِّم يوسف - عليْهِما السَّلام - فيقول له: ﴿ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [يوسف: 5 - 66]، وهكذا يعلّم الأب ابنَه أنَّ الله عليمٌ بأحواله الظَّاهرة والباطنة، وكذلك عليمٌ بأحوال مَن حوله، وأنَّه - تعالى - حكيم؛ إذ قدَّر الأمور وهيَّأها وَفق حكمةٍ بالغة، قد لا نعْلمها في العاجل.
لَم ينس الابن هذا التَّعليم الجليل بعد أنِ انقضت السِّنون الطَّويلة, كما قال - تعالى -: ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ * وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 99 - 1000]، فيستحْضر يوسف نفس الاسْمين والصِّفَتين اللَّذين علَّمهما أبوه في صِغَره، تمامًا كما ينسب يوسفُ الشرَّ إلى الشَّيطان كما علَّمه يعقوب - عليْهما السَّلام.
وكان هذا هو نفس نهج النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في تربية النَّشء؛ فيقول لابن عباس - رضي الله عنْه -: ((يا غلام، إنّي أعلّمك كلمات، احفظ الله يَحفظك، احفظ الله تَجده تجاهَك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ بالله، واعْلمْ أنَّ الأمَّة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ لَم ينفعوك إلاَّ بشيءٍ قد كتبَه الله لك، ولوِ اجْتمعوا على أن يضرُّوك بشيءٍ لَم يضرّوك بشيء إلاَّ قد كتبه الله عليك، جفَّت الأقلام ورُفِعت الصّحف))؛ رواه أحمد والترمذي والحاكم من حديث ابن عبَّاس، وصحَّحه الألباني في "صحيح الجامع".
فيعرِّفه - صلى الله عليه وسلم - بالله، وأنَّه - تعالى - الحافظ لعباده إذا حفِظوه، والمعين لهم إذا استعانوه، والمستجيب والنَّاصر لهم إذا دعَوه، وأنَّ قَدَره - تعالى - نافذ لا رادَّ له، فيعي ابنُ عبَّاس - رضي الله عنه - وصيَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويبلغها النَّاس جميعًا، ثمَّ يقول فيه طاوس - رحمه الله - وهو من تلاميذه: "ما رأيت أحدًا أشدَّ تعظيمًا لحرمات الله من ابن عبَّاس".
المحبَّة والخوف والرَّجاء والمراقبة:
وإذا كان لترْسيخ معاني الأسماء والصّفات أكبر الأثر في نفوس النَّشء في كِبَرهم، فإنَّ أوَّل هذه المقامات الَّتي يجب أن ترسَّخ وتغْرَس في الأطفال هي مقامات حبّ الله والخوف منْه، ورجاء ما عنده ومراقبته - تعالى - في ظواهر الأمور وبواطنِها.
فيُعلَّم الطّفل أنَّ الله هو الرزَّاق وهو المنَّان، وأنَّه - تعالى - اللَّطيف والجميل، فيُثمر هذا كلّه عند الطّفل حبَّ الله تعالى، ويعلَّم أنَّه - عزَّ وجلَّ - عزيز ذو قوَّة وانتقام، فيُثمر هذا في قلبه الخوف من الله تعالى، ويعلَّم أنَّه - تعالى - المُعطي والمانع والقابض والباسط، فلا يرجو سواه، ولا يرغب في غيره، ويُعلَّم أنَّه - تعالى - الرَّقيب الخبير السَّميع البَصير، فيراقبه في كلِّ حالاتِه.
كيف نرسّخ في نفوس النَّشء معاني الأسْماء والصّفات؟
كان بعضُهم يقول للطّفل: يا بني، قُل قبل أن تنام: الله يسمعُني، الله يرانِي، الله مطَّلع عليَّ، ثمَّ يقول له بعد ذلك: يا بُني، مَن علم أنَّ الله يراه ويسمعُه ومطَّلع عليه، لم يعْصِه.
وبالإضافة إلى التَّعليم التَّنظيري بالشَّكل والأسلوب المناسب لعقليَّة الطّفل، فإنَّ في حياتنا اليوميَّة من المواقف ما يُمكن الاستِفادة منه في ترْسيخ هذه المعاني في القلوب، وفي التصوّرات، وفي السلوكيَّات العمليَّة.
فإذا كان من مقوّمات التَّربية الصَّحيحة ترغيب الطّفل وترهيبه ومتابعته، فإنَّنا يمكننا ربْط هذه المقوّمات بأسماء الله - تعالى - في المواقف المختلفة، فنرغّب الطّفل بما عند الله - عزَّ وجلَّ - إذِ الله هو الرزَّاق وهو المعطي في الحقيقة لا نحن، وكذلك يكون أصْل التَّرهيب والتَّخويف بالله - تعالى - وتكون المتابعة أو المراقبة نابعة من كون الله - تعالى - يراه ويسمعُه.
أمثلة:
• فإذا أحسن الطّفل، فإنَّه يستحقّ أن يُجازى على إحسانه، وهُنا نربطه بالله - تعالى - وأنَّه مصدر الإعطاء، وأنَّه - تعالى - سيُجازيه يوم القيامة جزاءً أعظم وأوْفى، وبِهذا يتعلم الطفل أن الله هو الرزَّاق ويرجو الله وحْده.
• وإذا أساء الطفل، فإنَّه يُعاقب، ونربط معاقبته كذلك بالله؛ إذْ هو الآمر بالعقاب، ثمَّ إنَّ الله - تعالى - يُجازي المخطئين يوم القيامة؛ لأنَّه - تعالى - المنتقم والجبَّار.
• وإذا اعتدى الطّفل على أحدٍ من إخْوانه الصِّغار أو من الحيوانات الضَّعيفة، فإنَّه يعلَّم أنَّ هذا منافٍ للرَّحمة الَّتي هي صفة الله - تعالى - الَّتي حثَّ عبادَه على التخلُّق بها.
• وإذا اعتاد الطفل الخطأ في غيابِنا، وجَّهناه بأنَّنا وإن لم نرَه، فإنَّ الله - تعالى - السَّميع البصير يراه ويسمعه، وبهذا نغرس فيه مقام المُراقبة.
• وإذا وقع بالطِّفْل مكروه من مرَض أو ما شابه، ثمَّ عافاه الله - تعالى - فإنَّه يعلَّم أنَّ هذا من لُطف الله - تعالى - بعباده الضُّعفاء.
• وإذا كرِه الطِّفل وضعًا معيَّنًا أو شقَّ عليْه، علَّمناه أنَّ كلَّ أمر كوني أو شَرْعي في هذه الحياة وإنْ كرِهَتْه نفوسنا، فإنَّما وقع لحكمة الله الَّتي قد نعلمها وقد تغيب عنا، فيرسخ عند الطفل معنى صفة الله - تعالى - الحكمة.
وهكذا يخلص المربي من كلّ موقف يمرُّ بالابن لفائدة مهمَّة تربطه بالله - تعالى - وأسمائه وصفاته، فترسخ عند الطّفل هذه المعاني مع الوقْت وبالتّكرار.
وكذلك يُمكننا استخدام أسلوب القصص المُحبَّب إلى الأطفال في ترْسيخ معاني أسماء الله - تعالى - وصفاته؛ إذ هي لا تَخلو من مواقف يسهل توظيفها في التَّعليم والتَّوجيه.
وإذا كانت قضيَّة معرفة الله باستحضار معاني أسمائه - تعالى - وصفاته لها أثرها في سلوك كلّ أحد كان، إلاَّ أنَّ أثرها في النشء إذا تعلَّموها على وجه صحيح أكبرُ وأعظم، فمع كون التَّعليم في الصِّغَر أسهل في كلّ شيء، فإنَّه كذلك أنفع في واقع الملامسة في الحياة.
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهُمَّ وسلِّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/72271/#ixzz4W8bxBqUP
أبو البراء محمد علاوة
2017-01-17, 10:16 PM
قال ابن القيم:
وكذلك التواب من أوصافه
والتواب في أوصافه نوعان
إذن بتوبة عبده وقبولهـــــــــ ـــــا
بعد المتاب بمنة المنـــــــــــ ـــــــان
أبو البراء محمد علاوة
2017-01-17, 10:26 PM
- التواب
قال تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [التوبة: 104].
وقوله: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [النصر: 3].
فالتواب هو من التوبة، وهي تفيد معنى الرجوع، يقال: تاب إذا رجع، والتواب فعال من تاب يتوب أي يقبل توبة عباده، وفعال من أبنية المبالغة مثل ضراب للكثير الضرب. وجاء تواب على أبنية المبالغة لقبوله توبة عباده وتكرير الفعل منهم دفعة، وواحداً بعد واحد طول الزمان، وقبوله عز وجل ممن يشاء أن يقبل منه، فلذلك جاء على أبنية المبالغة، فالعبد يتوب إلى الله عز وجل، ويقلع عن ذنوبه، والله يتوب عليه أي يقبل توبته. فالعبد تائب والله تواب. اشتقاق أسماء الله: (صـ 63)، لأبي القاسم الزجاجي.
فالتواب في حق الله تعالى هو الذي يتوب على عبده، أي يعود عليه بألطافه، ويوفقه إلى التوبة، وييسرها له، ثم يقبلها منه.
فهو التواب الذي ييسر أسباب التوبة لعباده مرة بعد مرة بما يظهر لهم من آياته، ويسوق إليهم من تنبيهاته، ويطلعهم عليه من تخويفاته، وتحذيراته، حتى إذا اطلعوا بتعريفه على غوائل الذنوب استشعروا الخوف بتخويفه، فرجعوا إلى التوبة فرجع إليهم فضل الله تعالى بالقبول. فهو –سبحانه- التائب على التائبين أولاً بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه، وهو التائب عليهم بعد توبتهم، قبولاً لها، وعفواً عن خطاياهم. قال تعالى: ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ [التوبة: 118].
قال ابن القيم:
وكذلك التواب من أوصافه
والتواب في أوصافه نوعان
إذن بتوبة عبده وقبولها
بعد المتاب بمنة المنان
وعلى هذا تكون توبته على عبده نوعان:
الأول: يوقع في قلب عبده التوبة إليه، والإنابة إليه، فيقوم بالتوبة وشروطها من الإقلاع والندم والعزم على ألا يعود إلى الذنب، واستبدال الذنب بالعمل الصالح.
الثاني: توبته على عبده بقبوله، وإجابتها ومحو الذنوب بها، فإن التوبة النصوح تجب ما قبلها.
وإذا كانت التوبة معناها الرجوع والعودة، فإن الله تعالى كثير العودة بأصناف الإحسان على عباده، فهو يوفقهم بعد الخذلان، ويعطيهم بعد الحرمان، ويخفف عنهم أنواع الآلاء، ومن توبته يقابل الدعاء بالعطاء، والاعتذار بالغفران، والإنابة بالإجابة، والتوبة بمحو الحوبة. المنهج الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى: (2/ 762)، لزين محمد شحاته.
أم علي طويلبة علم
2017-02-01, 03:23 PM
الله (التواب) سبحانه وتعالى
المعنى الشرعي: الله تبارك وتعالى هو التواب: وصف نفسه بصيغة المبالغة، لكثرة من يتوب عليه، وتكرير الفعل منهم دفعة بعد دفعة، وواحدا بعد واحد، على طول الزمان.
* الثمرات:
إن هذا الاسم الكريم يورث المؤمن محبة الله تعالى، والحياء منه، والإجلال له، والمسارعة إلى التوبة النصوح في حاله، وأنه كلما أحدث ذنبا، أحدث له توبة، وذلك أن منزلة التوبة أول المنازل، وأوسطها، وآخرها، فلا يفارقه العبد السالك، ولا يزال به حتى الممات، فالتوبة هي بداية العبد، ونهايته، قال عز شأنه:{ وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون}.
المصدر: أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسنة لماهر مقدم.
أبو البراء محمد علاوة
2017-02-02, 04:02 AM
تذكرة:
قال ابن قدامة في: (مختصر منهاج القاصدين): (ص: 311):
(وإذا عرفت معنى سوء الخاتمة، فاحذر أسبابها، وأعد ما يصلح لها، وإياك والتسويف بالاستعداد، فإن العمر قصير، كل نفس من أنفاسك بمنزلة خاتمتك، لأنه يمكن أن تخطف فيه روحك، والإنسان يموت على ما عاش عليه، ويحشر على ما مات عليه.
واعلم: أنه لا يتيسر لك الاستعداد بما يصلح، إلا أن تقنع بما يقيمك، وترفض طلب الفضول، وسنورد عليك من أخبار الخائفين ما نرجو أن يزيل بعض القساوة من قلبك، فإنك متحقق أن الأنبياء والأولياء كانوا أعقل منك، فتفكر في اشتداد خوفهم، لعلك تستعد لنفسك).
أبو البراء محمد علاوة
2017-02-05, 02:59 AM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (السبوح):
أبو البراء محمد علاوة
2017-04-12, 02:43 PM
قال ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل: (5/ 310): (والقرآن فيه من ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر مما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة، والآيات المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته، أعظم قدرًا من آيات المعاد، فأعظم آية في القرآن آية الكرسي المتضمنة لذلك).
أبو البراء محمد علاوة
2017-04-12, 02:51 PM
قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/ 133): (قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه قال الله تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله}.
فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته.
قال: ولو أراد رجل أن يتزوج إلى رجل أو يزوجه أو يعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه وجده، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله الذي خلقنا ورزقنا ونحن نرجوا رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها).
أبو مالك المديني
2017-04-12, 07:52 PM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (السبوح):
من ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ : تَنْزِيه الله وتقديسه عن النقائص، ووصفه بصفات الكمال، فمن علم أن من صفاته (القُدُّوس، السُّبُّوح) ؛ نَزَّه الله من كلِّ عيبٍ ونقصٍ، وعلم أن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء}.
أبو مالك المديني
2017-04-12, 07:53 PM
في : صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة
الدرر السنية :
السُّبُّوُحُ
يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه السُبُّوح، وهذا ثابت بالسنة الصحيحة، والسُبُّوح من أسماء الله تعالى، أثبته ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (22/485) ، والشيخ العثيمين -رحمه الله- في ((القواعد المثلى)) .
? الدليل:
حديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول في ركوعه وسجوده: ((سُبُّوح قُدُّوس رب الملائكة والروح)) . رواه: مسلم (487) ، وأبو داود، والنسائي.
المعنى:
قال الفيروزأبادي في ((القاموس المحيط)) : ((سُبُّوح قُدُّوس-ويفتحان- من صفاته تعالى؛ لأنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّس)) .
وقال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص8) : ((ومن صفاته: (سُبُّوح) ، وهو حرف مبني على (فُعُّول) ، من (سبَّح الله) : إذا نَزَّهه وبرَّأه من كل عيب، ومنه قيل: سبحان الله؛ أي: تَنْزيهاً لله، وتبرئة له من ذلك)) اهـ.
وقال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص 154) : ((السُبُّوح: المنَزَّه عن كل
وقال النووي في شرحه لـ ((صحيح مسلم)) في الحديث المتقدم: ((قوله: سُبُّوح قُدُّوس)) : هما بضم السين والقاف وبفتحهما، والضم أفصح وأكثر. قال الجوهري في (فصل: ذرح) : كان سيبويه يقولهما بالفتح. وقال الجوهري في (فصل: سبح) : سُبُّوح من صفات الله تعالى. قال ثعلب: كل اسم على فعول؛ فهو مفتوح الأول؛ إلا السُبُّوح والقُدُّوس؛ فإن الضم فيهما أكثر، وكذلك الذروح، وهي دويبة حمراء منقطة بسواد تطير، وهي من ذوات السموم. وقال ابن فارس والزبيدي وغيرهما: سُبُّوح هو الله عَزَّ وجَلَّ؛ فالمراد بالسُبُّوح القُدُّوس المسَبَّح المقدَّس؛ فكأنه قال: مُسَبَّحٌ مُقَدَّسٌ رب الملائكة والروح، ومعنى سُبُّوح: المبرأ من النقائص والشريك وكل ما لا يليق بالإلهية، وقُدُّوس: المطهر من كل ما لا يليق بالخالق، وقال الهروي: قيل: القُدُّوس المبارك. قال القاضي عياض: وقيل فيه: سُبُّوحاً قُدُّوساً على تقدير: أسبح سُبُّوحاً أو أذكر أو أعظم أو أعبد ...
أم علي طويلبة علم
2017-04-12, 10:08 PM
الله (السبوح) سبحانه وتعالى
من آثار الإيمان بهذا الاسم:
1- الله تبارك وتعالى منزه عن كل عيب ونقص وسوء، فله الكمال المطلق سبحانه وتعالى.
2- الله جل شأنه يسبحه من في السموات ومن في الأرض، بمختلف اللغات، وأنواع الأصوات، قال سبحانه:{تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا يفقهون تسبيحهم}...
3- كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر هذا الاسم في ركوعه وسجوده، داعيا ربه عز وجل به...
[النهج الاسمى للشيخ محمد النجدي]
"وينبغي أن يعلم هنا أن تسبيح الله وتقديسه إنما يكون بتبرئة الله وتنزيهه عن كل سوء وعيب، مع إثبات المحامد، وصفات الكمال له سبحانه على الوجه اللائق به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والأمر بتسبيحه يقتضي تنزيهه عن كل عيب وسوء، إثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده).
وبه يعلم أن ما يفعله المعطلة من أهل البدع من تعطيل للصفات، وعدم إثبات لها، وجحد لحقائقها ومعانيها بحجة أنهم يسبحون الله وينزهونه، فهو في الحقيقة ليس من التسبيح والتقديس في شئ، بل هو إنكار وجحود، وضلال بهتان.
قال ابن رجب رحمه الله في معنى قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك}:
( أي: سبحه بما حمد به نفسه؛ إذ ليس كل تسبيح بمحمود، كما أن تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات).".
[ فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبدالرزاق البدر]
أبو البراء محمد علاوة
2017-04-17, 01:35 PM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله:
(البارئ):
أم علي طويلبة علم
2017-05-05, 12:39 AM
الله (البـارئ) سبحانه وتعالى
قال تعالى: {هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى}.
المعنى اللغوي: البرء له معنيان:
الأول: الخلق، يقال: برأ الله الخلق يبرؤهم برءاً.
والثاني: التباعد عن الشيء، وخلوصه منه، وبرئ: إذا تنزه، وتباعد، ومن ذلك البرء، وهو السلامة من السقم، ومن ذلك البراءة من العيب، والمكروه، أو التهمة، وخلص منها، وتنزه عن وصفه بالنقص، قال تعالى حكاية عن إبراهيم:{وإنني برئ مما تشركون}.
المعنى الشرعي: الله تبارك وتعالى هو البارئ:
(1) الموجد المبدع، من العدم إلى الوجود، على مقتضى الخلق والتقدير:{ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها}.
(2) هو الذي فصل بعض الخلق عن بعض، أي ميز كل جنس عن الآخر، وصور كل مخلوق بما يناسب الغاية من خلقه.
(3) وهو سبحانه خلق الخلق بريئا من التفاوت، والتنافر، ومن الزلل والخلل، أبرياء من ذلك كله.
(4) أنه تعالى خلق الإنسان من التراب، وأن أصله من البري، وهو التراب.
(5) وهو قالب الأعيان أي: أنه أبدع الماء والتراب، والنار والهواء لا من شيء ثم خلق منها الأجسام المختلفة.
(6) وهو البارئ الذي يبرئ المظلوم مما ظُلم به، كما برأ موسى عليه السلام:{فبرأه الله مما قالوا}.
(7) وهو المنزه من كل النقائص والعيوب في ذاته، وصفاته، وأفعاله، وعن المثيل، والشبيه، والشريك، والصاحبة، والولد، والند، وعن كل ما يفتريه المعاندون والكافرون في حقه عن ذلك علواً كبيراً.
(8) وهو الذي يبرئ المريض مما فيه من الأسقام والبلايا، كما في الرقية: (بسم الله يبريك من كل داء يشفيك).
* الثمرات:
ينبغي للمؤمن أن يبرأ إلى الله تبارك وتعالى من كل شهوة تخالف أمره، ومن كل شبهة تخالف خبره، ومن كل بدعة تخالف سنة نبيه ومن كل من لا يوالي الله ورسوله وحزبه، قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام:{ قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده}.
المصدر: أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسنة لماهر مقدم.
أبو البراء محمد علاوة
2017-05-14, 08:47 PM
اسـم الله البـارئورود الاسم في القرآن وفي السنة:
ورد اسم الله تعالى البارئ في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم منها في سورة الحشر ورد مُطلقًا، معرفًا، مُرادًا به العلانية، دالاً علي كمال الوصفية.وهذه هي الشروط التي وضعها العلماء حتي يُدخل هذا الاسم في أسماء الله تعالى:
1- أن يكون مطلقًا ليس مقيدًا كقوله تعالى:{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ} [الحشر:24] فذكر الاسم مطلقًا، إنما ورد مقيدًا في قول الله تعالى{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة:54].
2- وأن يكون مُعرَّفا (البارئ) هكذا جاء معرفًا ليس نكرة.
3- مُراداً به العلانية ..أي أنه علم علي ذاته سبحانه.
4- دالاً علي كمال الوصفية ..بمعني أنَّ تكون الصفة صفة كمال لا تعتريها أي شائبة. {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر:24]
معنى اسـم الله البـارئ:المعنى لغة:يقال برأَ إذا تخلص، كما في قوله تعالي {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [التوبة:1]
قالوا هذا إعذار وإنذار, بمعني أعذر وأنذر
وتقول مثلاً برأَ الرجل من هذا المرض ..برأ أي أنه تعالج منه, برأ وصار صحيحًا بعد أن كان عليلاً فتخلص من هذا المرض
· ويقال برأ أي تنزه وتباعد ،وفي حق الله سبحانه وتعالي معناه المنزه عن كل عيب، منزه عن كل نقص. وفي حق الإنسان هو أن تتباعد وتتنزه عن السفاسف، كما قال النبي "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها" السفاسف أي دنايا الأمر، فيتنزه عن الخطايا والمعاصي التي تودي به إلي الهلكات، وتباعده عن ربه.
برِأَ: تخلص وتنزه وتباعد وأعذر وأنذر.
أعذر الله سبحانه وتعالى عباده كما يقول النبي "فما أحدٌ أحب إليه المدح من الله وما أحدٌ أكثرَ معاذير من الله"[صححه الألباني في صحيح الترمذي وغيره ] يعني يخطئ العبد ولوشاء الله –عز وجل- أن يعجل عليه العقوبة لكن يعذره، ويأمرنا من باب آخر أن نتلمس الأعذار للناس، (أعذر ثم أنذر) فبدأ بصفة الجمال (الإعذار) ثم صفة الجلال (الإنذار).· ويقال بَرأت العود أو يقال بَرِئْتَ العود وبروته إذا قطعته وأصلحته، ففيها معنى الإصلاح، كأن في ذلك إشارة إلى حال الاعوجاج الذي تكون عليه النفس البشرية، فإذا سعى الإنسان في إصلاحها فله في اسم الله تعالى البارئ حظ ونصيب.
قالوا :البرية: معناها الخلق، وهنا {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة}[البينة:7]
أي خير البرية: من حقق معنى الإيمان والعمل الصالحوفي الناحية الأخرى{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِين َ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ }[البينة:6]هذا في المعنى اللغوي للاسم. معنى الاسم في حق الله سبحانه وتعالىالبارئ :الذي أوجد الخلق بقدرته.قال الزجاج: يقال برأ الله الخلق: إذا فطرهم وخلقهم وأوجدهم..فكل مبروء مخلوق.
وقال الشوكاني: البارئ أي الخالق، وقيل: أي المبدع، المحدث الشيء على غير نظير.
الفرق بين اسم الله البارئ واسم الله الخالق:عند الخطابي
قال الخطابي: "البارئ هو الخالق إلا أن لهذه اللفظة من الاختصاص بالحيوان ما ليس لها بغيره من الخلق وقلما يُستعمل في خلق السماوات والأرض والجبال". المقصود أن اسم الله الخالق هذا اسم عام يشمل جميع الخلق، وكلمة الخلق هنا تشمل كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، واسم الله الخلّاق نفس الأمر، أما برأ فتختص بعالم الحيوان.عند ابن كثير
قال: "الخلق هو التقدير، والبرء هو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود" أي أن الله سبحانه وتعالى في مراحل إيجاده للشيء:.المرحلة الأولى: يقدر الله الشيء في قدره سبحانه وتعالى وفي علمه السابق. المرحلة الثانية: مرحلة تنفيذ هذا التقدير وإبرازه وتقريره إلى الوجود وهي مرحلة البرء، وليس كل من قدر شيئًا ورتَّبه يقْدِر على تنفيذه وإيجاده.عند الحليمي
يقول اسم الله البارئ يحتمل معنيين أحدهما: الموجد لما كان في معلومه، وهو الذي يشير إليه الله جل وعلا في قوله {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا } [الحديد /22]لم يقل من قبل أن نخلقها أو من قبل أن نصورها.."من قبل أن نبرأها"ولا شك أن إثبات الإبداع للباري جل وعز لا يكون على أنه أبدع بغتة من غير سبق علم بل هو على سبق في علم الله. يعني عندما يحدث زلزال أو بركان أو أي حادثة كونية بغتة مفاجئة للبشر، هذا الشيء الذي برأه الله فأصبح موجودا منفذا أمامنا، كان قبل حدوثه معلوما عند الله..كان مفاجئا لنا فقط له سبق علم عند الله. وهذا يعطينا إشارة إلى ضرورة أن تكون حياة المؤمن مبنية على علم، فلا يمشي في الأرض سدىً ولا عبثًا، و لا يكون أهوجا طائشا يتصرف من غير دراسة ولا تخطيط..بل يجب أن يكون له حظ من اسم ربه البارئ.المعنى الثاني: يُشير أنَّ المُراد بالبارئ قالب الأعيان، أي أنه أبدع الماء والتراب والنار والهواء لا من شيء، ثم خلق منها الأجسام المختلفة كما قال جل وعلا : {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الانبياء: 30] وقال: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ }[ص:71] وقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ }[النحل: 4] وقال:{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ } [الروم: 20] وقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن :14-15]وقال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[المؤمنون:12-14]
وبذلك نخلص في معنى البارئ الى أربعة معاني:
1 – البارئ هو: الموجد، المبدع، من برأ الله الخلق أي خلقه. وبهذا يكون مرادف ومشابه لاسم الله (الخالق).
2 – البارئ: الذي فصل بعض الخلق عن بعض، أي: ميَّز بعضهم عن بعض، وهذا مثل ما قلنا برأ الشيء بمعنى قطعه وفصله. ميَّز الخلق هذا أبيض وهذا أسود، هذا عربيّ وهذا أعجمي،
3 –البارئ يدل على أنه تعالى خلق الإنسان من التراب، قال {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه:55] لأنه في لغة العرب يقولون: البرىّ هو التراب.
4 – البارئ هو: الذي خلق الخلق بريئا من التفاوت، { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}[الملك:3] أي خلقهم خلقًا مستويًا، ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا نقص ولا عيب ولا خلل، فهم أبرياء من ذلك كله.وهنا قد تعرض شبهه: كيف مع كون الله هو الخالق البارئ وله الكمال المطلق في ذلك ويكون في خلقه نقصان؟ كمن خلق أعمى لا يبصر أو أصم لا يسمع أو به شلل أو أي عيب خلقي؟نقول ابتداء أنه { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23] يعني السؤال من البداية خطأ، لكن هذا جواب لأهل الإيمان الذين يعرفون أن الله سبحانه حكيم عليم، أنَّ الله سبحانه وتعالى يُحال في حقه الظلم "إني حرمت الظلم على نفسى" فهم يعرفون تماما كما في حديثِ النبي أن "من فقد حبيبتيه فإن الله عز وجل يبدله بهما الجنة يصبر على ذلك " [ مسند أحمد بن حنبل] ، ويكون هذا مفتاح دخوله الجنة، لا تحتاج أكثر من أنك فقط تصبر على هذه البلية- المؤمن يفهم ذلك-
.أما الملحدون والمتكلمة أهل الشبهات فنقول لهم: أن الأرزاق قُسِّمَت ما بين الناس جميعًا بالسوية، لكن الرزق تفاوت في كيفيته بالنسبة لكل شخص، فشخص كان الرزق بالنسبة له مال، وآخر كان الرزق له صحة، وثالث كان الرزق له تيسير أمور من نحو تيسير زواج وأولاد ونحو ذلك، وشخص آخر رزق ملكات وذكاء فيستغل ملكاته وذكاؤه ويصبح به مرموقا فكل يأخذ رزقه من ناحية.فقانون العدل الإلهي يقتضى ذلك، وهذا دليله الحس قبل أن يكون دليله الايمان، فالواقع يشهد أن الذي يفقد شيء يُعوَّضه الله بأشياء، فمثلاً الإنسان الضرير من أكثر الناس في ملكة الحفظ وييسر له ما لا ييسر للإنسان العادي الصحيح. ونفس الحال بالنسبة للغنى والفقير، فالفقير له راحة البال، والله يدخل الفقراء قبل الأغنياء الجنة، وكم من غني أغبط فقيرا على رضاه وراحة باله وصلاح حياته .. فكل إنسان أخذ جزء من الكعكة ولم يأخذها كلها، ولكن كل منا ينظر إلى القطعة التي لم يأخذها.
حظ المؤمن من اسم الله البارئ:
أولاً:
المؤمن – كما قلنا- لا بد أن تكون له دراسة جدوى في حياته بشكل عام، يخطط لحياته ولا يعيشها عبثا. فأول ما يستيقظ من نومه يأخذ بكلام العلماء في القيام بـ:..(المشارطة، والمحاسبة، والمعاتبة، والمعاقبة) التي هي مراتب المحاسبة.المشار ة:
يخطط ليومه من بدايته، يسجل ما يريد إنجازه في يومه ويحاسب نفسه بعد ذلك.المحاسبة:
بعد انتهاء اليوم وقبل أن ينام، يبدأ ينظر في تنفيذ ما اشترطه على نفسه..ويحاسبها فإن وجدها قصرت تأتي مرحلة..3. المعاتبة: يعاتب نفسه على تقصيرها ويذكرها بالموت والآخرة وأن العمر رأس ماله.المعاقبة:
ثم يعاقب نفسه بأن يحرمها من نزهة مع الأصدقاء، أو يحرما من شراء شيء تحبه..يعاقبها فيما تحب.وهكذا في كل يوم..فيصل مع الوقت إلى إحكام نفسه وتأييدها.ثانيـا:
قلنا برأ الشيء بمعنى تخلص..ومنها يسعى المؤمن في تنزيه نفسه من العيوب والنقائص والآفات..وهي التزكية وسوف نفصل فيها لاحقا إن شاء الله.ثالـثا:
الإعذار: فقلنا أن المؤمن لكي يُعذر عند الله عز و جل عليه تلَمُّس الأعذار لغيره.رابعـا:
قلنا البري بمعنى التراب، فتشير لمعنى الذل والانكسار فأي مخلوق من تراب هذا الذي يتكبر وعلامَ؟ خامسـا:
تحقيق مبدأ الولاء والبراء: يبرأ فيها معنى البراءة.. أنه يبرأ من أشياء ويُوالي أشياء، والولاء والبراء يتحقق في عدة معاني منها: أولا أن يبرأ إلى الله عز وجل من كل دين يخالف دين الإسلام. ويبرأ في خاصة نفسه من كل شهوة تخالف أمر ربه. ويبرأ من كل شبهة تخالف النص الذى ورد عن الله سبحانه وتعالى وعن رسوله. يبرأ من كل ولاء لغيرِ دين الله وشرعه ومن كل بدعة تخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم يبرأ من كل معصية تؤثر على محبته لربه وقربه منه..سادسـا:
إذا كان الله عزو جل برأ الخلق وأوجدهم على هذه الصورة المبدعة المذهلة التي ليس لها مثال سابق فحقها الإتقان فيما تستطيع إتقانه. أخبرنا النبي كما روى ذلك الطبراني الأوسط وصححه الألباني في الصحيح: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" [صححه الألباني] فالدقة في الصنعة هذا من شيم المؤمنين وبها يتلبس العبد باسم الله البارئ.
طويلب علم مبتدىء
2017-05-15, 12:11 AM
فتبارَكَ الله أحسنُ الخالقين
نفع الله بكم
أبو مالك المديني
2017-05-15, 09:10 PM
السؤال
ما الفرق في المعنى بين : الخالق , البارئ ,المصور؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالفرق بين أسماء الله عز وجل (الخالق) و(الباري) و(المصور) هو ما ذكره ابن كثير -رحمه الله في تفسيره (4/344 - 345) عند تفسير قوله تعالى: ) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّر [الحشر: من الآية24] حيث قال هناك: ( هو الله الخالق البارئ المصور ) الخلق: التقدير، والبرء: هو الفري وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود، وليس كل من قدر شيئاً ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل، قال الشاعر يمدح آخر:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـــــــــ ــ ـــض القوم يخلق ثم لا يفري
قدر الجلاد ثم فرى، أي قطع على ما قدره بحسب ما يريده، وقوله تعالى: ( الخالق البارئ المصور ) أي الذي إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون على الصفة التي يريد، والصورة التي يختار كقوله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (الانفطار:8) ولهذا قال: المصور، أي الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها. انتهى.
والله أعلم.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=30635
أبو البراء محمد علاوة
2017-05-16, 07:07 AM
فتبارَكَ الله أحسنُ الخالقين
نفع الله بكم
آمين، وبكم نفعنا الله
أبو البراء محمد علاوة
2017-05-16, 02:45 PM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (المُقيت):
أبو البراء محمد علاوة
2017-05-22, 01:08 AM
قال ابن القيم: (فالسير على طريق الأسماء والصفات، شأنه عجب وفتحه عجب، صاحبه قد سيقت له السعادة وهو مستلق على فراشه). طريق الهجرتين: (صـ 215).
أم علي طويلبة علم
2017-05-26, 11:50 PM
الله (المُقِيتُ) سبحانه وتعالى
قال تعالى:{وكان الله على كل شئ مقيتا}
فهو سبحانه الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات.
وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء، بحكمته وحمده.
قال الراغب الأصفهاني: القوت ما يمسك الرمق وجمعه: أقوات قال تعالى:{وقدر فيها أقواتها} وقاته يقوته قوتا: أطعمه قوتَهُ.
وأقاته يُقيتُهُ جعل له ما يقُوتُهُ وفي الحديث:(كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت).
قال تعالى:{وكان الله على كل شيء مقيتا} قيل: مقتدراً، وقيل:شاهداً. وحقيقته قائما عليه يحفظه ويقيته..
...وقال ابن عباس رضي الله عنهما: مقتدرا أو مجازيا، وقال مجاهد: شاهدا، وقال قتادة: حافظا وقيل: معناه على كل حيوان مقيتا: أي يوصل القوت إليه.
وقال ابن كثير: {وكان الله على كل شئ مقيتا} أي حفيظا، وقال مجاهد: شهيدا، وفي رواية عنه: حسيبا، وقيل: قديرا، وقيل: المقيت الرزاق، وقيل مقيت لكل إنسان بقدر عمله.
[شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن على بن وهف القحطاني ص170-172]
المعنى الشرعي: الله تبارك وتعالى هو المقيت: المقتدر، الذي خلق الأقوات، وتكفل بإيصالها إلى كل الخلائق، بكمال الحفظ والاقتدار، فيعطي كل مخلوق قوته، ورزقه، على مر الأوقات، على ما حدَّدَهُ سبحانه وتعالى من زمان، أو مكان، أو كم، أو كيف، بكمال المشيئة والحكمة بلا نقصان، ولا نسيان، فهو تعالى يمدها في كل وقت وحين، على اختلاف الأنواع، والألوان، وييسر أسباب نفعها للإنسان والحيوان، على تتابع الأوقات والزمان، فمنه من يعطيه لأمد قليل، ومنه لأمد طويل بلا حسبان، بما جعله قواما لها، إلا أن يريد إبطال شيءٍ منها، فيحبس عنه ما جعله الله تعالى له مادة لبقائه، فيهلك في أي وقت شاء سبحانه.
وكما أنه سبحانه وتعالى المقيت للأبدان، فإنه أيضا مقيت القلوب بالمعرفة والإيمان، وكل هذه الأرزاق والأقوات قدرها عز وجل عند خلقه الأرض التي وضعها للأنام، قال الله العظيم:{وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواءً للسائلين}، أي: قدر فيها ما يحتاج أهلها إليه من الأرزاق والأماكن، التي تزرع وتغرس.
جلال المقيت: أن الله تعالى جعل لكل مخلوق قوتا، فالأبدان قوتها المأكول، والمشروب، والأرواح قوتها العلوم، والملائكة فوتها التسبيح.
الثمرات: إن هذا الاسم الكريم يورث المؤمن محبة الله تعالى، والطمأنينة والثقة بقوة الله سبحانه، لا سيما إذا اشتد به الكرب، وقلت لديه سبل الكسب، وينبغي للعبد أن يكون قوته حلالا طيبا، وأن يكون وسطا، لا يكون مسرفا، ولا بخيلا، قواما بين ذلك، وأن يتضرع إلى المقيت أن يقيته الهدى والإيمان، والعمل الصالح والإحسان، الذي هو أشرف من قوت الأبدان.
[ المصدر:أسماء الله الحسنى جلالها ..ولطائف اقترانها..ثمراته ا في ضوء الكتاب والسنة لماهر مقدم]
عادل الغرياني
2017-05-28, 04:07 AM
بوركتم
أبو البراء محمد علاوة
2017-05-28, 05:23 AM
بوركتم
آمين وإياك
أم علي طويلبة علم
2017-08-05, 06:58 PM
قال ابن تيمية رحمه الله مجموع الفتاوى(10/ 186):
فالحرية حرية القلب، والعبودية عبودية القلب، كما أن الغنى غنى النفس.
أبو البراء محمد علاوة
2017-08-28, 04:31 PM
أسماء الله الحسنى التي وردت في سورة الحج: (http://islamiyyat.3abber.com/post/294903)
رب، (http://islamiyyat.3abber.com/post/294903) الله (74 مرة)، إله، الحق، قدير، (http://islamiyyat.3abber.com/post/294903) شهيد، الحميد، قوي، عزيز، عليم، حكيم، قدير، هادِ، حليم، عفو، غفور، سميع، بصير، العلي، الكبير، لطيف، خبير، الغني، رؤوف، رحيم، المولى، النصير. ولعل ورود هذه الأسماء الحسنى المتعددة في هذه السورة يتناسب مع سياق سورة الحج وفريضة الحج التي وردت فيها حيث يجتمع في الحج أجناس مختلفة من الناس (وهذا يتناسب مع عالمية السورة وقد تكرر ذكر كلمة الناس في السورة كثيرا) أتوا من كل فجّ عميق بأطباعهم وعاداتهم وأخلاقهم وحاجاتهم المختلفة والمتعددة فناسب ذكر مجموعة من أسماء الله الحسنى تتناسب مع تنوعهم وورود لفظ الجلالة (الله) بهذا العدد يتناسب مع توحيده الذي هو شعار الحج الأول (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك) ووردت أسماء تناسب عظمة الله تعالى وقدرته (قوي، شهيد، عزيز، العلي، الكبير، عليم، سميع، بصير) فمن كانت هذه صفاته فهو قادر على بعث الخلق ومحاسبتهم يوم القيامة ووردت صفات العفو والمغفرة التي تناسب مطلب (http://islamiyyat.3abber.com/post/294903) الحجيج الذين يدعون ربهم بالمغفرة والصفح والعفو (رب، حليم، عفو، غفور، لطيف، خبير، رؤوف، رحيم، المولى، النصير).
وكذلك تنوعت الفاصلة القرآنية في آيات سورة الحج لتناسب هذا التنوع في الناس في الحج يأتون من كل فج عميق (م، د، ر، ج، ق، ن، ظ، الهمزة، ب، ز، ط).
وختمت سورة الحج (لعلكم تفلحون) وافتتحت بعدها سورة المؤمنون ببيان صفات المفلحين، تناسق بديع بين سور القرآن الكريم فسبحان من هذا كلامه وهذا بيانه!
والحج هي الشعيرة المشتركة بين الأنبياء جميعًا من بدء الخلق (سورة الأنبياء السورة التي سبقت سورة الحج) وبين المؤمنين إلى قيام الساعة (السورة التي تلت سورة الحج) سورة الحج سورة التعظيم والاستسلام لله تعالى سورة الحج تركز على قضية التعظيم والاستسلام لله تعالى من خلال عرض مشاهد العظمة والقدرة الإلهية. والسورة افتتحت بالتخويف من مشهد يوم القيامة وفيها سجدتين وفيها ذكر شعيرة الحج التي هي مبنية على تعظيم الله والاستسلام لأمره سبحانه.
ومن تعظيم الله أن زلزلة الساعة بأمره وبعث الناس يوم الحشر بأمره ومن تعظيم الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أطوار بدءا من تراب إلى أن يبلغ أشدّه ومن عظمته سبحانه وتعالى أنه يحيي الموتى كما يحيي الأرض بماء المطر فتهتز وتنبت من كل زوج بهيج ومن عظمته سبحانه وتعالى أنه يحاسب الخلق يوم القيامة فمن آمن له الجنة ومن كفر له النار وبئس المهاد. ومن تعظيم الله تعالى سجود من في السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ومن عظمته سبحانه وتعالى أنه يفعل ما يشاء ويحكم بين الناس ويفصل بينهم ولو تتبعنا أفعال الله سبحانه وتعالى في السورة لتبين لنا ماهر عظمته سبحانه بدءا من: خلقناكم، لنبيّن لكم، نقرّ في الأرحام، نخرجكم، أنزلنا عليها الماء، يحيي الموتى، يبعث من في القبور، يُدخل الذين آمنوا جنات، يفعل ما يريد، يهدي من يريد، يفصل بينهم، يفعل ما يشاء، يدافع عن الذين آمنوا، لينصرنّ الله من ينصره، الله هاد الذين آمنوا، يحكم بينهم، ليرزقنهم الله رزقا حسنا، ليدخلنهم مدخلا يرضونه، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، أنزل من السماء ماء، له ما في السموات وما في الأرض، سخّر لكم ما في الأرض والفلك، يمسك السماء أن تقع، أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم، يعلم ما في السموات والأرض، الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، اجتباكم.. هذه أفعال الله تعالى في هذه السورة وحدها ألا تكفي لتعظيمه سبحانه وتعالى وتقديره حق قدره؟! بلى والله! ونتأمل أسماء الله الحسنى التي وردت في هذه السورة العظيمة فنجدها كثيرة جدا: رب، الله، الحق، قدير، شهيد، الحميد، قوي، عزيز، عليم، حكيم، حليم، عفو، غفور،العلي، الكبير، خير الرازقين، لطيف، خبير، الغني، رؤوف، رحيم، المولى، النصير، ولعل تعدد هذه الصفات والأسماء في سورة الحج العظيمة التي فيها نداءات (يا أيها الناس) تتناسب مع تنوع أصناف الناسفي الحج. ومن تعظيم الله سبحانه وتعالى فريضة الحج فهي فريضة مبنية على التعظيم الكامل لله تعالى ولشعائره وحرماته والاستسلام لأوامر الله تعالى وأحكامه. مما يحقق تعظيم الله سبحانه وتعالى العلم، العلم بالله والعلم عن الله والعلم بعظيم خلقه في الكون وفي الأنفس وقد تكرر لفظ العلم ومشتقاته في السورة 11 مرة فالإيمان ثمرة العلم والخشوع والخضوع لأوامر الله تعالى ثمرة الإيمان، فالعلم يورث الإيمان والتعظيم لله سبحانه وتعالى والخضوع وا تأملات في سورة الحج (http://islamiyyat.3abber.com/post/294903)
بقلم الدكتورة رقية العلواني
أبو البراء محمد علاوة
2017-11-20, 02:58 AM
يقول علي بن جابر الفيفي: في كتابه: [لأنك الله: (صـ 8)]: (وباب أسماء الله الحسنى باب إيماني عظيم، يدلف العبد من خلاله إلى عالم قدسي خاص، يجعل النفس تسجد تعظيمًا، والروح تتبتَّل خشوعًا وحبًّا).
أبو البراء محمد علاوة
2017-11-20, 03:05 AM
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (الصمد):
أبو البراء محمد علاوة
2017-11-21, 06:53 AM
إنَّ معاني اسم الله (الصمد): تجعل العبد يستشعر القوة، والعزة، والغنى عن كل ما سوى الله عز وجل، فيوقن ما معنى أنّ الله سبحانه وتعالى كافٍ عبده، فالعبد حين يشعر بالضعف والوهن أو الفقر والأيس أو انقطاع السبب يحتاج إلى مثل هذا المعنى العظيم ليناجي به الله جلّ وعلا، فلا يلبث أن يرى الكون كله ملكًا له طالما أن الصمد بجانبه يسمع نجواه ويرى مكانه، وأن الكون كله ليس سوى هباءًا منثورًا ولو اجتمع على أن يضره بشيء لن يضره إلا بشيء قد كتبه الله له، ومن كان الصمد معه فمن عليه؟!
وقد روى العلماء مثل الطبري والبغوي وابن كثير وابن القيم معانٍ عدة لاسمِ اللهِ الصمد فاسم الله الصمد من جملة أسماء الله الحسنى الدالة على عدة صفات لا على معنى مفرد، ونلخص أقوالهم فيما يلي:
فالصمد هو السيد الذي انتهى سؤدده، والسيد العظيم في علمه وحكمته وحلمه وقدرته وعزته وجميع صفاته سبحانه وتعالى.
والصمد الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجهم فيكفيهم، إذ ليس لها رب سواه ولا مقصود غيره تقصده وتلجأ إليه.
ومن معاني الصمد أيضًا القصد والغاية، فصمد إليه: (أي قصده وجعله مقصده وغايته)؛ وهذا هو سبب تسمية سورة (الصمد): بالإخلاص لأن الصمد هو الذي تقصده الخلائق في عبادتها وتوحيدها دون غيره عز وجل.
ويأتي الصمد بمعنى الغَنيّ، الذي ليس فوقه أحد ولا فوق قدرته أحد وفيه إثبات لصفة العلو.
والصمد في اللغة الذي لا جوف له فهو متنزه سبحانه عن صفات البشر كالأكل والشرب والأبعاض والأجزاء كما يزعم بعض الفلاسفة -تعالى الله عما يصفون علوًا كبيرا-، وهو تفسير للآية الثالثة في سورة الإخلاص {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [سورة الإخلاص: 3].
رابط المادة: http://iswy.co/e67ae
أبو البراء محمد علاوة
2017-11-21, 07:20 AM
قال ابن القيّم فِي نونيّته:
وهو الإلهُ السّيِّدُ الصَّمدُ الّــذي ... حَمَدَت إِليهِ الخَلقُ بالإِذعانِ
الكامل الأوصاف كماله ما فيه ... من كُلِّ الوجوهِ من نقصَانِ
أم علي طويلبة علم
2017-11-25, 02:33 PM
قال الشيخ عبدالرزاق البدر في كتابه فقه الأسماء الحسنى ص 130 :
وهو يفيد أن هذا الاسم العظيم من جملة أسماء الله الحسنى الدالة على عدة صفات لا على معنى مفرد ، ففيه الدلالة على كثرة صفات الله وعظمتها وكمالها .
قال ابن القيم رحمه الله : (( الصمد : السيد الذي قد كمل في سؤدده ، ولهذا كانت العرب تسمي أشرافها بهذا الاسم ، لكثرة الصفات المحمودة للمسمى به ، قال شاعرهم :
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد
فإن الصمد من تصمد نحوه القلوب بالرغبة والرهبة ، وذلك لكثرة خصال الخير فيه ، وكثرة الأوصاف الحميدة له .
لهذا قال جمهور السلف ، منهم : عبدالله بن عباس رضي الله عنه : الصمد : الذي قد كمل سؤدده ، وهو العالم الذي كمل علمه ، القادر الذي كملت قدرته ، الحكيم الذي كمل حكمه ، الرحيم الذي كملت رحمته، الجواد الذي كمل جوده )).
وفي أسماء الله الحسنى لماهر مقدم ص96:
الثمرات: يجب أن يعلم كل مكلف، أن لا صمدية، ولا وحدانية إلا لله تعالى وحده، فينبغي له أن يصمد إلى ربه تعالى الحوائج كلها، ويكون مفزعه، وغايته، ومقصده في كل أحواله، هو ربه تعالى، ومن جعله الله تعالى مقصد عباده في مهمات دينهم، ودنياهم، وأجرى على لسانه ويده حوائج خلقه، فقد أنعم عليه بحظ من معنى هذا الوصف، وعليه أن يتخلق بأخلاق السيادة، والسادة، حتى يكون مصمودا وبابه مقصودا.
أم علي طويلبة علم
2017-11-25, 02:35 PM
وفي أسماء الله الحسنى لماهر مقدم ص95:
جلال الصمد: أنه انفرد تعالى بصمديته في الوجود من كل الوجوه، في كل شيء، إلى حد تنقطع دونه الآمال، فليس صمد سوى الله، فمن جلاله: أنه دال على جملة أوصاف عديدة لاتحصى، ولا تستقصى، فلا تختص بصفة معينة، فهو متعلق بالصفة من حيث دلالتها على الكثرة، والزيادة، والسعة، بحيث يدخل في معناه المعبر عنه، باللفظ الكثير من معاني أسماء الله وصفاته، فهو يتضمن جميع صفات الكمال، من نعوت العظمة والجلال، المستوجب لغايته على الكمال.
أبو البراء محمد علاوة
2017-11-26, 01:22 AM
قال ابن كثير: (وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة له بعد إيراده كثيرًا من هذه الأقوال في تفسير الصمد: (وكل هذه صحيحة وهي صفات ربنا عز وجل، هو الذي يصمد إليه في الحوائج وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه).
أم علي طويلبة علم
2018-02-10, 11:32 PM
للرفع
أم علي طويلبة علم
2018-07-04, 07:08 AM
{{والذين آمنوا أشد حبا لله}}
في التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزى:
...واعلم أن محبة الله إذا تمكنت من القلب ظهرت آثارها على الجوارح:
من الجد في طاعته
والنشاط لخدمته
والحرص على مرضاته
والتلذذ بمناجاته
والرضا بقضائه
والشوق إلى لقائه
والأنس بذكره
والاستيحاش من غيره
والفرار من الناس
والانفراد في الخلوات
وخروج الدنيا من القلب
ومحبة كل من يحبه الله
وإيثاره على كل من سواه.
أبو البراء محمد علاوة
2018-07-11, 06:45 AM
التعبد بالأسماء والصفات:
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: (وهذا فصل عظيم النفع والحاجة، بل الضرورة ماسة إلى معرفته والعناية معرفة واتصافا وذلك: أن الإيمان هو كمال العبد، وبه ترتفع درجاته في الدنيا والآخرة.
والإيمان أعظم المطالب وأهمها وأعمها: وقد جعل الله له مواد كبيرة تجليه وتقويه، كما كان له أسباب تضعفه وتوهيه...وأعظمها: معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة، والحرص على فهم معانيها، والتعبد لله بها. فقد ثبت في الصحيحين عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قال: ((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)) رواه البخاري ومسلم .
أي: من حفظها وفهم معانيها، واعتقدها، وتعبد لله بها دخل الجنة، والجنة لا يدخلها إلا المؤمنون. فعلم: أن ذلك أعظم ينبوع ومادة لحصول الإيمان وقوته وثباته.
ومعرفة الأسماء الحسنى هي أصل الإيمان، والإيمان يرجع إليها.
ومعرفتها تتضمن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
وهذه الأنواع هي روح الإيمان وروحه، وأصله وغايته . فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه، وقوي يقينه. فينبغي للمؤمن: أن يبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة الأسماء والصفات.
قال أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله: (الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التعداد، وإنما هو العمل والتعقل بمعاني الأسماء والإيمان بها).
وقال العز بن عبد السلام رحمه الله: (فهم معاني أسماء الله تعالى وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء والمهابة والمحبة والتوكل وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات).
أبو البراء محمد علاوة
2018-07-11, 06:46 AM
مراتب التعبد بالأسماء والصفات:
تنقسم هذه العبادة إلى مراتب، وهي راجعة إلى يقين القلب وخضوعه وذله لله جل جلاله، وتفاوت الناس في هذه العبادة بحسب تفاوتهم في معرفة النصوص النبوية وفهمها والعلم بفساد الشُبَه المخالفة لحقائقها.
قال العز ابن عبد السلام رحمه الله: (وقد يحصل التحديق إلى هذه الصفات من غير تذكر ولا استحضار، والعارفون متفاوتون في كثرة ذلك وقلته وانقطاعه ومداومته، فهم في رياض المعرفة يتقلبون، ومن نضارة ثمارها يتعجبون، ولا تستمر الأحوال لأحد منهم على الدوام والاتصال لتقلب القلوب وتنقل الأحوال، والغفلات حجب على العارف مسدلات، إن أسدلت على جميعها نكص العارف إلى طبع البشر، فربما وقعت منه الهفوات والزلات فإذا انكشف الحجاب عن بعض الصفات ظهرت آثار تلك الصفة وأينعت أثمارها).
وأكمل الناس في هذا الباب من تعبد الله بجميع أسمائه وصفاته ونال قصب السبق في عبودية الله بها، وهذه منزلة تحقيق العبودية بالأسماء والصفات، قال ابن القيم رحمه الله: (وأكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر كمن يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم أو يحجبه عبودية اسمه المعطي عن عبودية اسمه المانع أو عبودية اسمه الرحيم والعفو والغفور عن اسمه المنتقم أو التعبد بأسماء التودد والبر واللطف والإحسان عن أسماء العدل والجبروت والعظمة والكبرياء ونحو ذلك وهذه طريقة الكمل من السائرين إلى الله وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180].
أم علي طويلبة علم
2018-07-15, 12:09 AM
التعبد بالأسماء والصفات:
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: (وهذا فصل عظيم النفع والحاجة، بل الضرورة ماسة إلى معرفته والعناية معرفة واتصافا وذلك: أن الإيمان هو كمال العبد، وبه ترتفع درجاته في الدنيا والآخرة.
والإيمان أعظم المطالب وأهمها وأعمها: وقد جعل الله له مواد كبيرة تجليه وتقويه، كما كان له أسباب تضعفه وتوهيه...وأعظمها: معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة، والحرص على فهم معانيها، والتعبد لله بها.
تفسير ابن كثير سورة النازعات (4/ 552):
{فَكَذَّبَ وَعَصَى} أي: فكذب بالحق وخالف ما أمره به من الطاعة. وحاصلُه أنه كَفَر قلبُه فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره، وعلمُهُ بأن ما جاء به أنه حق لا يلزم منه أنه مؤمن به؛ لأن المعرفة علمُ القلب، والإيمان عمله، وهو الانقياد للحق والخضوع له.
أم علي طويلبة علم
2019-02-22, 03:19 AM
القادر - القدير - المقتدر
عوض فالح العازمي
القادر والمقتدر والقدير كلها من اسماء الله الحسنى وصفاته العلي وتعني في جملتها السيطرة والتمكن والهيمنه كما تعني التقسيم والتنظيم والتخطيط .
ومن الآيات التي وردت فيها كلمة قدر في سورة الحج74 ( ماقدروا الله حق قدره)
كذلك جاء في الحديث : (اذا غم عليكم الهلال فاقدروا له ) ونلحظ اختلافا في مدلول الكلمة , فقد وردت في الايه بمعنى المكانة والرفقه , اما في الحديث فجاءت بمعنى التقدير أي التخمين والحساب .
الفرق بين هذه الاسماء:
ان الفرق بين هذه الاسماء ( القادر_ القدير_المقتدر) هو
أن القادر هو المتمكن في حين أن القدير صيغة مبالغة منه كما يرى الزجاجي, اما ابن الاثير فيرى ان المقتدر ابلغ واعم في المعنى .
ورود الأسماء في القران :
وردت كلمة القادر 12 مره 5 منها بصيغة الجمع ,منها ماورد في سورة يس " أوليس الذي خلق السموات والارض بقادر على ان يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم "8
كذلك ورد لفظ القادر في سورة الجمعة " وانا على ان نريك مانعدهم لقادرون" _ المؤمنون :95 _
وقد اسمه القدير 45 مرة في سور متعددة من القرآن الكريم منها على سبيل المثال قوله سبحانه في سورة البقره : " أينما تكون يأتي بكم الله جميعا أن الله على كل شي قدير" البقرة : 148
واما اسمه المقتدر فقد ورد 4 مرات منها قوله سبحانه : " وكان الله على كل شيء مقتدر " (الكهف :45) وغيرها .
معنى الأسماء في حق الله تعالى
قال الزجاج : اما القادر فيعني انه القادر على كل شيء فلا يفوته شيء, ولا يعجزه شيء ولا يتطرق اليه العجز .
والقادر من الناس اذا ما اتصف بتلك الصفة فان قدرته مستعارة من الله تعالى , لذا فهي توجد حين ولا توجد احيانا اخرى.
ويرى الخطابي ان معنى اسم القادر مشتق من القدرة على شي أي ان الله قادر على كل شي, كما يعني انه عزوجل المقدر لكل شي ويستشهد بدليل على كلامه من قوله تعالى "فقدرنا فنعم القادرون" * المرسلات:33*
وقال الحليمي: معنى القادر عدم عجزه سبحانه عن أي شيء وهو دليل على انه حي عالم .
وقال البهيقي : أن القادر هو من له القدرة الشاملة الكاملة .
أما القدير فيرى ابن جرير انه قدير بمعنى القوة قدير قدرة قادر مقتدر.
ويستدل بقوله سبحانه "ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير"
فهو قدير بالاحاطة بالمكان والزمان والعاجل والاجل .
اما الحليمي فيرى أن معنى القدير هو التام القدرة لا يلابس قدرته عجز.
وقال ابن القيم لايعجزه شيء رامه .
وأما المقتدر فيقول ابن جرير في قوله تعالى " عند ملك مقتدر" (القمر:25) .
القدير الملك المقتدرعلى كل شي. في حين يقول الزجاج : المقتدر مبالغة القوة وذلك أن الاصل في لغة العرب أن زيادة اللفظ تزيد المعنى قوة.
اما الخطابي فيقول : المقتدر هو تام القدرة الذي لا يحتجب عليه أي شيء.في حين يرى الحليمي أن المقتدر هو المقدر والمظهر بقدرته من خلال فعل ما يقدر عليه .
من آثار الإيمان بهذه الأسماء القدير القادر المقتدر :
1- اتفاق سائر المذاهب الاسلامية على ان الله على كل شيء قدير وبالتالي فانه سبحانه لايفوته مطلوب ولا يعجزه شي فقدرة الله متحققة متعدية لكل شيء.
أما قدرة الناس فمحدودة ولازمة عند أشياء محددة.
وحقيقة قول أن المراد من هذه الصفات ضرورة الايمان بها على اطلاقها وتمامها لكونها صفات لازمة لذات الله عزوجل وهو ما يتجسد في اوضح صور الايمان لدى مذهب أهل السنة والجماعة لا آراء والجهمية والمعتزلة والقدرية وغيرهم من الطوائف .
2- في وجود المخلوقات التي لا تحصى بتعدد اشكالها وبتنوع اصنافها برهان ساطع ودليل باهر وآية ظاهرة على كمال قدرة الله تعالى.وقد بسط الله سبحانه وتعالى تلك الدلائل في مواضع شتى من كتابه الكريم,فمخلوقات سبحانه على تنوعها برهان على قدرته اللا متناهيه وارادته اللا محدودة وينبني على هذا الفهم لمخلوقات الله وموجوداته أن الله قادر على ايتان بكل شيء واحداثه سواء ان كان كائنا ام لم يكن .
ومن الدلائل على ذلك قوله سبحانه عن نفسه : " ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها" ( السجدة :13) كذلك قوله سبحانه : " ولو شاء ربك للآمن من في الارض"(يونس :99) وغير ذلك من الايات التي تبرهن وتؤكد على ان الله سبحانه قادر على احداث كل شيء ولو انه لم يحدثه , فلا يتنافى هذا (عدم الاحداث) من انه غير قادر عز وجل على احداثه .
مما سبق نرى ان الله اخبر انه سبحانه لو شاء لفعل اشياء ولكنه لم يفعلها وهو بالتالي لا ينقص من قدرته جل وعلا شي في حال عدم فعلها.
وبطبيعة الحال فان الله يكون بذلك قادر ومقتدر وقدير على التحكم بكل افعال مخلوقاته , اذ انه قادر على فعل كل شيء وتسيير جميع مافي الكوين وبالتالي فهو قادر على المنفصل كما انه قادر على افعال عباده
اما ما يراه الاشاعرة والمعتزلة من ان ارادة الله مقتصرة على منفصل دون قدرته على إتيان بإرادات خلقه من البشر فلا مجال للنطق به لدى أهل السنة والجماعة من المسلمين ..
https://saaid.net/Minute/140.htm
أبو البراء محمد علاوة
2019-02-22, 03:33 AM
القادر - القدير - المقتدر
لقد وردت هذه الأسماءُ مع مشتقاتها في كتاب الله أزيدَ من 130 مرة، منها 45 مرة كلمة "قدير"، و13 مرة كلمة "قادر"، وأربع مرات كلمة "مقتدر"، ويدور معناها كلها على تسليط القوةِ، والسيطرةِ، والتمكن، والهيمنةِ.
قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُون ﴾ [الأنعام: 65]
وقال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ﴾ [البقرة: 106]
وقال تعالى: ﴿ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 42].
وجاء في حديث الاستخارة التسليمُ بقدرة الله (https://www.alukah.net/sharia/0/113471/)، وأنه المدبرُ لكل شيء، القادرُ على كل شيء، فيقول صاحب الحاجة: ((اللهم إني أستخيرُك بعلمك، وأستقدرُك بقدرتك، وأسألُك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدرُ ولا أقدرُ، وتعلمُ ولا أعلمُ، وأنت علام الغيوب))؛ البخاري، وفيه ركونُ العبدِ إلى قدرة الله، مع إظهار الضعف وقلة الحيلةِ.
ومن الأدعية التي علَّمنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نقولَها دُبرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ: ((لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منك الجدُّ))؛ البخاري؛ أي: لا ينفع صاحبَ الحظِّ حظُّه، ولا صاحبَ الغنى غناه.
وأخبرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقصة الرجل الذي كان "يسرفُ على نفسه، فلما حضره الموتُ، قال لبنيه: إذا أنا متُّ، فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح؛ فوالله لئن قدَرَ عليَّ ربي ليعذبَنِّي عذابًا ما عذَّبه أحدًا، فلما مات، فُعل به ذلك، فأمر اللهُ الأرضَ، فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلتْ، فإذا هو قائمٌ؛ فقال: ما حمَلَكَ على ما صنعت؟ قال: يا رب، خشيتُك؛ فغفر له))؛ متفق عليه.
ولا شك أن الذي خلق الإنسانَ من لا شيء - قادرٌ على أن يعيدَ بعثَه ليوم الحساب؛ ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 79].
قال الزَّجاج: "القادر: هو الله القادر على ما يشاءُ، لا يُعجزُه شيء، ولا يفوتُه مطلوبٌ، والقادر منا - وإن استحقَّ هذا الوصف - فإن قدرتَه مستعارةٌ، وهي عنده وديعةٌ من الله تعالى، ويجوزُ عليه العجزُ في حال، والقدرةُ في أخرى".
ولذلك فمهما قوي الإنسانُ وتمكَّن، ومهما استطاع وقدَر، فإن الله تعالى أقوى منه، وأقدرُ منه؛ ففي صحيح مسلم أن أبا مسعودٍ البدري رضي الله عنه قال: كنت أضربُ غلامًا لي بالسوطِ، فسمعتُ صوتًا من خلفي: "اعلم أبا مسعود!"، فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني، إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول: ((اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود!))، قال: فألقيتُ السوطَ من يدي، فقال: ((اعلم أبا مسعود أن الله أقدرُ عليك منك على هذا الغلام))، قال: فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا.وقد يكونُ القادرُ بمعنى المقَدِّر للشيء، كقوله: ﴿ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُون ﴾ [المرسلات: 23]؛ أي: نعم المقدرون.
وقال الشيخ السعدي رحمه الله: "(القدير) كامل القدرة، بقدرته أوجد الموجوداتِ، وبقدرته دبَّرَها، وبقدرته سوَّاها وأحكمَها، وبقدرته يحيي ويميت، ويبعثُ العبادَ للجزاء، ويجازي المحسنَ بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، الذي إذا أراد شيئًا قال له: كن، فيكون، وبقدرته يقَلِّب القلوبَ ويصرفُها على ما يشاء ويريد".
وقال ابن القيم رحمه الله:
وهو القديرُ وليس يعجزُه إذا ♦♦♦ ما رام شيئًا قط ذو سلطان
وقال الحليمي: "المقتدر: هو المظهرُ قدرتَه بفعلِ ما يقدرُ عليه".
وقال الزجاج: "المقتدرُ: مبالغةً في الوصف بالقدرة، والأصلُ في العربية أن زيادةَ اللفظ زيادة في المعنى".
واسم الله القادرُ هو الفاصلُ بين المؤمنين الذين يعلمون أن المتمكن من الكون، المهيمن عليه، المتصرِّف فيه - هو الله، فيعبدونه بمقتضى هذا الاسم وما يستحقه من الإجلال والإعظامِ، وبين الزنادقةِ والملاحدة، الذين ينسُبون التصرفَ في الكون إلى قوةِ الطبيعةِ، أو يركنون إلى قوةِ العقل البشري، ويرون أن الإنسانَ بعقله هو المتصرفُ الحقيقي في الكون.ولقد أعجز اللهُ تعالى هؤلاء بقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ [الحج: 73]؛ ليبين لنا ربُّنا عز وجل حقيقةَ هذا الإنسانِ المغرور بمادياته ومخترعاته: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54].
ويحذِّر عبدُالله بنُ مسعود رضي الله عنه هؤلاء المتكلِّفين، الخائضين فيما ليس لهم به علمٌ ويقول: "يا أيها الناسُ، اتقوا الله، من علِم منكم شيئًا فليقل بما يعلمُ، ومن لم يعلم، فليقل: اللهُ أعلمُ"؛ مسلم.
وماذا يُشَكِّل هذا الإنسانُ اللجُوجُ في حجم هذا الكونِ، الذي تُشَكِّل فيه الأرضُ برمتها نقطةً لا تُرى وسط الكواكبِ والنجوم والمجرات الأخرى؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما السماواتُ السبعُ في الكرسيِّ إلا كحلقة ملقاةٍ بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاةِ على تلك الحلقةِ))؛ الصحيحة.
ما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
فبالِافتقار إليك فقري أدفعُ http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
ما لي سوى قرعي لبابك حيلةٌ http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
فإذا رُددتُ فأيُّ باب أقرعُ http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
إن سطوةَ خصومِ الإسلامِ المعتدين، وغطرسةَ المناوئين المعاندين، وكبرياءَ الانتهازيين المستعمرين - مؤسَّسةٌ على أنقاض ضَعفِ المسلمين، الذي أفلتوا زمام اليقين، بأن الله ناصرُ أوليائه الصالحين، وأنه ذو القوةِ المتين.
أسفي على الإسلام هان عرينُه ♦♦♦ وعدا عليه الفاتكُ المستأسِدُ
وإن النظرَ في سنن الله في القضاء على الجبابرة قديمًا وحديثًا - بيِّنةٌ جليَّة، وإذا كانت الأمثلةُ على ذلك في الكتاب والسُّنة كثيرةً، فلنذكر مثالَ فرعون الذي علا في الأرض وتكبَّر وتجبَّر، لما أخبره المنجمون بأن ملكَه سيذهبُ على يد مولودٍ من بني إسرائيل، رأى الحلَّ في قتل جميع مواليدِ بني إسرائيلَ؛ قال الزجاج: "والعجبُ من حمق فرعونَ؛ فإن الكاهن الذي أخبَره بذلك إن كان صادقًا عنده، فما ينفع القتل؟ وإن كان كاذبًا، فلا معنى للقتل"، وخوفًا من انقراض النسل، فضَّل فرعون أن يقتلَ المواليدَ سَنةً، ويستحييهم سَنة، فقضى ربُّنا عز وجل أن يولدَ موسى عليه السلام في السَّنة التي يقتل فيها المواليد، ليُلقى في البحر، وليلتقطَه آلُ فرعون، وليتربى في قصر فرعونَ، وليهلكَ فرعون على يده، ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾ [القصص: 8]؛ لتمضي قدرةُ الله التي لا يمنعُها مانعٌ، ولا يحجُزُها حاجزٌ.
وكيف يفرُّ المرءُ عنك بذنبِه ♦♦♦ إذا كان يطوي في يديك المراحِلَا؟!
والذي جعل النارَ على سيدنا إبراهيم بردًا وسلامًا، والذي فلَق البحرَ نصفين بضربةِ عصا موسى، والذي فجَّر من الحجر ينابيعَ المياه، والذي وهب لإبراهيم وزكريا أولادًا مع الكبر والعقم - هو الذي يُغنيك إذا افتقرت، ويثبِّتك إذا اضطربت، ويَشفيك إذا مرِضت، إذا صدَق لُجْؤُك إليه، وصحَّ اعتمادُك عليه، وسلِم افتقارُك إليه؛ ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
كن مع الله ترَ اللهَ معكْ http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
واترُكِ الكلَّ وحاذِرْ طمعَكْ http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
وإذا أعطاك من يمنعُه؟ http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
ثم من يُعطي إذا ما منعَكْ؟ http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
هذا تمييزُنا بين القدرة الربانيَّةِ، والقدرةِ البشريَّة، فكيف فهم غيرُ المسلمين هذه المعادلةَ؟ ذلك ما سنحاولُ معرفتَه في المناسبةِ القادمة إن شاء الله.فاللهم بلِّغنا مما يُرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات (https://www.alukah.net/web/khalidshaya/0/97985/) أعمالَنا.
اللهم وأبرم لهذه الأمةِ أمرَ رشدٍ، يُعَزُّ فيه أهلُ طاعتِك، ويذلُّ فيه أهلُ معصيتك، ويؤمرُ فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، إنك سميع مجيب.
https://www.alukah.net/sharia/0/116265/
أبو البراء محمد علاوة
2019-02-22, 03:57 AM
من آثار الإيمان بهذه الأسماء القدير القادر المقتدر :
1- اتفاق سائر المذاهب الاسلامية على ان الله على كل شيء قدير وبالتالي فانه سبحانه لايفوته مطلوب ولا يعجزه شي فقدرة الله متحققة متعدية لكل شيء.
أما قدرة الناس فمحدودة ولازمة عند أشياء محددة.
وحقيقة قول أن المراد من هذه الصفات ضرورة الايمان بها على اطلاقها وتمامها لكونها صفات لازمة لذات الله عزوجل وهو ما يتجسد في اوضح صور الايمان لدى مذهب أهل السنة والجماعة لا آراء والجهمية والمعتزلة والقدرية وغيرهم من الطوائف .
2- في وجود المخلوقات التي لا تحصى بتعدد اشكالها وبتنوع اصنافها برهان ساطع ودليل باهر وآية ظاهرة على كمال قدرة الله تعالى.وقد بسط الله سبحانه وتعالى تلك الدلائل في مواضع شتى من كتابه الكريم,فمخلوقات سبحانه على تنوعها برهان على قدرته اللا متناهيه وارادته اللا محدودة وينبني على هذا الفهم لمخلوقات الله وموجوداته أن الله قادر على ايتان بكل شيء واحداثه سواء ان كان كائنا ام لم يكن .
ومن الدلائل على ذلك قوله سبحانه عن نفسه : " ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها" ( السجدة :13) كذلك قوله سبحانه : " ولو شاء ربك للآمن من في الارض"(يونس :99) وغير ذلك من الايات التي تبرهن وتؤكد على ان الله سبحانه قادر على احداث كل شيء ولو انه لم يحدثه , فلا يتنافى هذا (عدم الاحداث) من انه غير قادر عز وجل على احداثه .
مما سبق نرى ان الله اخبر انه سبحانه لو شاء لفعل اشياء ولكنه لم يفعلها وهو بالتالي لا ينقص من قدرته جل وعلا شي في حال عدم فعلها.
وبطبيعة الحال فان الله يكون بذلك قادر ومقتدر وقدير على التحكم بكل افعال مخلوقاته , اذ انه قادر على فعل كل شيء وتسيير جميع مافي الكوين وبالتالي فهو قادر على المنفصل كما انه قادر على افعال عباده
اما ما يراه الاشاعرة والمعتزلة من ان ارادة الله مقتصرة على منفصل دون قدرته على إتيان بإرادات خلقه من البشر فلا مجال للنطق به لدى أهل السنة والجماعة من المسلمين ..
https://saaid.net/Minute/140.htm
ثمرة الإيمان بصفة القدرة الإلهية:
هذا وإن للإيمان بقدرة الله عز وجل التي دل عليها أسماؤه "القدير والقادر والمقتدر" آثارًا عظيمة وثمارا مباركة تعود على العبد في دنياه وآخرته منها:
- أن يقوي في العبد الاستعانة بالله وحسن التوكل عليه وتمام الالتجاء إليه كما في الحديث «وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك...» الحديث، رواه الترمذي في جامعه برقم [٢٥١٦] وقال حسن صحيح.
- ومنها تكميل الصبر وتتميمه وحسن الرضا عن الله قال ابن القيم: "من ملأ قلبه من الرضا ملأ الله صدره غنى وأمنا وقناعة، وفرغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه ومن فاته حظ من الرضا امتلأ قلبه بضد ذلك واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه".
- ومن آثاره سلامة الإنسان من أمراض القلوب كالحقد والحسد ونحوهما.
- ومن آثاره تقوية عزيمة العبد وإرادته في الحرص على الخير وطلبه والبعد عن الشر والهرب منه.
- ومن آثاره حسن رجاء الله ودوام السؤال والإكثار من دعائه لأن الأمور كلها بيده.
رابط المادة: http://iswy.co/e14tsa
أم علي طويلبة علم
2019-02-22, 06:02 AM
...فقضى ربُّنا عز وجل أن يولدَ موسى عليه السلام في السَّنة التي يقتل فيها المواليد، ليُلقى في البحر، وليلتقطَه آلُ فرعون، وليتربى في قصر فرعونَ، وليهلكَ فرعون على يده، ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾ [القصص: 8]؛ لتمضي قدرةُ الله التي لا يمنعُها مانعٌ، ولا يحجُزُها حاجزٌ.
وكيف يفرُّ المرءُ عنك بذنبِه ♦♦♦ إذا كان يطوي في يديك المراحِلَا؟!
والذي جعل النارَ على سيدنا إبراهيم بردًا وسلامًا، والذي فلَق البحرَ نصفين بضربةِ عصا موسى، والذي فجَّر من الحجر ينابيعَ المياه، والذي وهب لإبراهيم وزكريا أولادًا مع الكبر والعقم - هو الذي يُغنيك إذا افتقرت، ويثبِّتك إذا اضطربت، ويَشفيك إذا مرِضت، إذا صدَق لُجْؤُك إليه، وصحَّ اعتمادُك عليه، وسلِم افتقارُك إليه؛ ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
سبحان الله العظيم وبحمده
نبيل عبد الحميد العريفي
2019-02-22, 09:46 AM
هذان الاسمان الكريمان مشتقان من (الرحمة) على وجه المبالغة !!!
.
مسمى الاشتقاق ليس هو مسمى الدلالة ؟ فالاشتقاق منسوب والدلالة منبت ؟ لا ينفك إلا بانعدام تلك الصفة.
فالصفة دليلها الإسم ؟ وهي دليل على ما يصدر منها من فعل أو قول كونها عن الذاة فرع عنها.
.
والله تبارك وتعالى ليس كمثله شيء ؟ في مسمى الرحمة الواسعة والتي يدل عليه اسم "الرحمن"
وأما الرحيم فلا يدل على الرحمة الواسعة -العامة- ولكن الخصوص .
.
المخلوق قد ييكون كبير ومتعال ؟ ورحمن ورحيم ! حسب فهم من ينتمي إليه ؟
وليس حسب فهم الشريعة ؟ لأن الشريعة تمنع تصريف "الرحمن" دلالة على المخلوق.
.
فيكون المخلوق لم يوفر لهم لا الرّزق ولا المسار ؟ ما يستطيعه ؟ إلا تشبيها ومجازا وهو غير الحقيقة حيث إذا طلبوه وهو ليس أمرا ليجدوه حين هو مجاز ؟
.
فهو مفتقر لهؤلاء الذين يوفرون له الراحة والسعادة والرزق بمعنى وسائله وهكذا تتحق خطته وما ينصحهم به.
.
هكذا يتضح لك أنهم لم يردوا عليك دعوة ولكنهم ردوك أنت ؟ فإذا خالفت في دعوتك ؟؟؟
بقيت دعوتك وردّ عليك ما خالفت به ؟ كون دعوتك متوافقة وأصولها صحيحة ؟ وهذا لو فرضنا ؟ فكيف وهي لا تصلح تكون دعوة ؟
.
فلا سبيل لك تقول بوحدة الأديان ! لا ؟ ولا بوحدة المنهاج ؟ لا ؟
ولا سبيل لك تقول حوار إلا وضوابط ذلك تتوفر علميته لديك ؟
.
هكذا لا مشاحة في الإصطلاح المعاداة ! فلا يصلح هذا ؟ ردوا عليك دعوتك ! أم ردوك أنت ؟
والحال يقول : ردوك أنت ولم يردوا دعوتك ؟ فلا حرج ولا يوجد في القلب منهم شيء ؟ وهكذا تكون جنتك في صدرك.
أبو البراء محمد علاوة
2024-07-07, 01:24 AM
شاركونا في مشاهد الإيمان من اسم الله: (المتعال)
ابو وليد البحيرى
2024-07-07, 05:09 AM
بيان مختصر وتوضيح ينبغي للمسلم أن يهتم بالدعاء، يسأل الله حاجته، ويلحَّ عليه في السؤال، ويحسن الظن به، ويأخذ بأسباب الإجابة، ويتوكَّل على ربه، ويرضى بما قسم له، ولا حرج في أن يدعو العبد ربه أن يفتح له باب المعرفة والدعاء باسمه الأعظم، ويتقبل ذلك منه؛ وإن كان ينبغي له- أيضًا- أن يدعو الله بأسمائه الحسنى عامة، ويتخير منها ما هو لائق بحاجته ومسألته؛ وقد قال سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، وقال عز وجل: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 110].
يا صاحبَ الهَمِّ إن الهم منفرجٌ
ابشر بخير فإن الكاشف اللهُ
اليأس يقطع أحيانًا بصاحبهِ
لاتيأسَنَّ فإن الكافي اللهُ
إذا ابتُليت فثق بالله وارض به
فإن الذي يكشف البلوى هو اللهُ
الله يحدث بعد العُسْر ميسرةً
لاتجزعنَّ فإن الصانع اللهُ
والله ما لك غير الله من أحد
فحسبُك الله في كلٍّ لك اللهُ
منقول
أبو البراء محمد علاوة
2024-07-07, 02:33 PM
شاركونا في مشاهد الإيمان من اسم الله: (المتعال)
قال تعالى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ [الرعد: 9].
المعنى:
العلي والأعلى والمتعال من العلو وهو الارتفاع، فهذه الأسماء الثلاثة العظيمة تدل على علو الله تعالى على خلقه علواً مطلقاً بجميع أنواع العلو ومعانيه، بذاته وصفاته وسلطانه وقهره، وجميع الخلق دونه في كل ذلك.
فالله هو العلي: أي: العالي الذي ليس فوقه شيء، وهو الأعلى، أي: أعلى من كل عالٍ، وصفاته أعلى الصفات، وهو المتعال، أي: المستعلي على كل شيء بقدرته وقهره.
وقد قسم العلماء علو الله تعالى بحسب تتبع الأدلة واستقرائها إلى ثلاثة أقسم:
1- علو الذات: فالله تعالى فوق خلقه عالٍ عليهم بذاته، قال تعالى: ﴿ إ ِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [يونس: 3]، أي: علا على العرش سبحانه بكيفية تليق بجلاله وعظمته، وقال تعالى: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 50].
2- علو القهر والسلطان: أي: أن الله قاهر غالب، فلا ينازعه منازع، ولا يغلبه غالب، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد، وكل مخلوقاته تحت قهره وسلطانه، قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ [الأنعام: 18]، أَي: وهو الذي قهر كُلَّ شيء، وخضع لجلاله كُلُّ شيء.
3- علو القدر والصفات: أي: أن صفات الله عليا لا مثيل لها، ولا يستحقها غيره، قال تعالى: ﴿ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الروم: 27]، أي: له الصفات العليا والكمال المطلق.
مقتضى أسماء الله العلي الأعلى المتعال وآثارها:
تقتضي هذه الأسماء الثلاثة العظيمة إثبات علو الله تعالى بأنواع العلو الثلاثة، علو الذات وعلو القهر وعلو القدر، وإثبات علو الله تعالى يلزم من العبد أن يعظّم الله تعالى ويمجّده ويقدّسه، ويستلزم من تعظيم الله تعالى تعظيم شرعه وأمره ونهيه.كما تقتضي هذه الأسماء اللجوء إلى الله تعالى والخضوع له والافتقار إليه وإظهار الحاجة إليه، فهو سبحانه العلي الذي بيده الأمور كلها، وكل شيء تحت قهره وتصرفه وسلطانه.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/144965/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%86 %D9%89-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B6 %D8%A7%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%84 %D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B9 %D8%A7%D9%84/#ixzz8fIHsIz5Q (https://www.alukah.net/sharia/0/144965/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%86 %D9%89-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B6 %D8%A7%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%84 %D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B9 %D8%A7%D9%84/#ixzz8fIHsIz5Q)
أبو البراء محمد علاوة
2024-07-07, 02:51 PM
شاركونا في مشاهد الإيمان من اسم الله: (المتعال)
الآثارُ الإيمانيَّةُ لأسماءِ اللهِ: العَلِيِّ – الأعلى – المُتَعالِ
تضَمَّنت هذه الأسماءُ الكريمةُ إثباتَ عُلُوِّ ذاتِ رَبِّنا سُبحانَه، وأنَّه عالٍ على كُلِّ شَيءٍ، وفوق كُلِّ شَيءٍ، ولا شَيءَ فَوقَه، وهو فوقَ العَرْشِ كما أخبر عن نَفْسِه، وهو أعلَمُ بنَفْسِه.
ومن الآثارِ الإيمانيَّةِ لهذه الأسماءِ الإلهيَّةِ:
خُضوعُ العَبدِ للهِ تعالى والتذَلُّلُ له مع محبَّتِه وتعظيمِه، وهذان هما رُكْنا العبوديَّةِ لله تعالى.
كما قال ابنُ تَيميَّةَ (https://dorar.net/history/event/2962): (إنَّ الإلهَ هو المألوهُ، والمألوهُ هو الذي يستحِقُّ أن يُعبَدَ، وكونُه يَستَحِقُّ أن يُعبَدَ هو بما اتَّصَف به من الصِّفاتِ التي تستلزِمُ أن يكونَ هو المحبوبَ غايةَ الحُبِّ، المخضوعَ له غايةَ الخُضوعِ، والعبادةُ تتضَمَّن غايةَ الحُبِّ بغايةِ الذُّلِّ) .يُنظر: مجموع الفتاوى (10/ 249)
وقال ابنُ القَيِّمِ (https://dorar.net/history/event/3051): (العبادةُ تجمَعُ أصلَينِ: غايةَ الحُبِّ بغايةِ الذُّلِّ والخُضوعِ، والعَرَبُ تقولُ: طَريقٌ مُعَبَّدٌ، أي: مُذَلَّلٌ، والتعَبُّدُ: التذَلُّلُ والخضوعُ، فمن أحبَبْتَه ولم تكنْ خاضِعًا له، لم تكُنْ عابِدًا له، ومن خضَعْتَ له بلا مَحَبَّةٍ لم تكُنْ عابدًا له، حتى تكونَ محِبًّا خاضِعًا).يُنظر: مدارج السالكين (1/ 95).
ومن الآثارِ كذلك:
التواضُعُ لله تعالى ولِما أنزل من الحَقِّ؛ فلا يَرُدُّ أحدٌ الحَقَّ ويؤثِرُ الباطِلَ عليه إلَّا حين يَغفُلُ عن آثارِ أسماءِ اللهِ الحُسنى التي فيها إثباتُ العُلُوِّ والعَظَمةِ، والمُلْكِ والحِكمةِ لله تعالى .يُنظر: ولله الأسماء الحسنى: (ص: 223).
ومنها: الحَذَرُ من العُلُوِّ في الأرضِ بغيرِ الحَقِّ؛ فاللهُ هو العَلِيُّ المتعالِ الأعلى؛ ولذلك لَمَّا ذكر تعالى علاجَ نُشوزِ الزَّوجاتِ خَتَم باسمَيه «العَلِيِّ الكبيرِ»، فقال تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء: 34] (https://dorar.net/tafseer/4/12).
قال القاسمي: (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا فاحذَرُوه. تهديدٌ للأزواجِ على ظُلمِ النِّسوانِ مِن غيرِ سَبَبٍ؛ فإنَّهنَّ وإنْ ضَعُفْن عن دَفعِ ظُلْمِكم، وعَجَزْنَ عن الانتصافِ منكم؛ فاللهُ سُبحانَه عَلِيٌّ قاهِرٌ كبيرٌ قادِرٌ، ينتقِمُ ممَّن ظلَمَهنَّ وبغى عليهنَّ، فلا تغتَرُّوا بكونِكم أعلى يدًا منهنَّ وأكبَرَ درجةً منهنَّ؛ فإنَّ اللهَ أعلى منكم وأقدَرُ منكم عليهنَّ؛ فختْمُ الآيةِ بهذينِ الاسمينِ فيه تمامُ المناسَبةِ).يُنظ ر: ((تفسير القاسمي)) (3/ 100).
<span style="font-family:simplified arabic;"><font size="5"><span style="color:#ff0000;"><span style="font-size: 14px; background-color: rgb(238, 251, 234);">
https://dorar.net/aqeeda/1032/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84 %D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A8 %D8%B9%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AB%D8%A7 %D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D9%85 %D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7 %D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A-%E2%80%93-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%84 %D9%89-%E2%80%93-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B9 %D8%A7%D9%84
السليماني
2025-06-18, 11:55 AM
جزاك الله خيراً ...
أبو البراء محمد علاوة
2025-06-18, 09:34 PM
جزاك الله خيراً ...
وجزاكم آمين
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.