المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تجميع ما يخص شرح الدكتور محمد اللبان لمادة الجرح والتعديل لسنـ2016



عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 01:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ها هي محاضرات الدكتور محمد اللبان في مادة الجرح والتعديل
المقررة على الفرقة: الأولى (دراسات عليا) بكلية أصول الدين جامعة الأزهر القاهرة مصر

رابط الموضوع (http://majles.alukah.net/t152283/)

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 02:02 PM
سـ1: ما هو تعريف الجرح والتعديل لغة، واصطلاحاً؟ وما الفرق بين الجرح، والجُرح؟
أولاً الجرح لغة: مصدر مأخوذ من جَرَحَه يجرحه إذ أثر فيه بسلاح أو غيره فسال منه الدم.
يقال جرحه بلسانه أي شتمه، وجرح الحاكم الشاهد إذ عثر منه على ما تسقط به عدالته من كذب وغيره.
والجرح ينقسم إلي:
جرح مادي: وهو أن يُحْدِث الإنسان أثراً في الأجسام الحية من قطع أو ذبح، ولا دخل لهذا النوع في دراستنا.
جرح معنوي: وهو وصف الشخص بما يؤذيه باللسان أو الكتابة أو الإشارة المفهمة بسب أو قذف، وهو أشق وأشد تأثيرا وأعظم خطورة من الأول.
والفرق بين الجرح والجُرح (بالضم): ان الجرح (بالفتح) يكون ف المعنويات، والجرح (بالضم) يكون في المحسوسات، فلو قال: جرحه بمعنى اسال دمه فهو بالضم، ولو كان بمعني ذكر عيوبه ومساوئه فهو (بالفتح).

الجرح اصطلاحاً:
" هو الطعن في رواة الحديث بما يُسقط عدالتهم، أو يُخِلُّ بضبطهم، أو يُقلِّل منهما، أو من أحدهما مما يترتَّب عليه سقوط روايتهم وردِّها أو ضعفهم."
او هو " وصف الراوي بصفاتٍ تقتضي تضعيف روايته أو عدم قبولها"
ثانياً التعديل لغة ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)):
تفعيلُ من عدل الأشياء: إذ قام على تسويتها على نسق واحد، وهو ما قام في النفوس أنه مستقيم.
ويكون في المحسوسات فيُقال: عدَّل العود أي: جعله مستقيماً.
ويكون في المعقولات فيُقال: عدَل الحاكم في حكمه أي: أقام حكمه على أسسٍ سوِيَّة لا يُفرِّق فيها بين أحدٍ من الناس
التعديل اصطلاحاً:
وصف الراوي بصفاتٍ تُزكِّيه فتُظْهِرُ عدالته ويُقبل خبره.
أو هو: ذكر الراوي بصفاتٍ تقتضي قبول روايته والحكم عليه بأنه عدلٌ أو ضابط

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) الفرق بين الجرح والتجريح:
الجرح: هو وصف الراوي بما يترتب عليه رد روايته.
أما التجريح: هو ذكر هذا الوصف.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 02:09 PM
سـ2: من هو العدل، وما هو علم الجرح والتعديل؟
الإجابة:
والعدل هو: من لم يُظْهِرْ في أمر دينه ومروءته ما يُخِلُّ بهما.
علم الجرح والتعديل هو: هو: علمٌ يبحث عن جرح الرواة، وتعديلهم بألفاظٍ مخصوصة، وعن مراتب تلك الألفاظ لقبول روايتهم أو ردها.
قال ابن الأثير: " الجرح وصفٌ متى التحق بالراوي والشاهد سقط الاعتبار بقوله وبطل العمل به، والتعديل وصفٌ متى التحق بهما اعتُبر قولهما وأُخذ به."

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 02:46 PM
سـ3: ما الفرق بين العدالة، والتعديل، والجرح، والتجريح؟
الإجابة
العدالة: ملكة نفسية تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة.
التعديل: وصــــف الراوي بما يقتضي قبول روايته.
الجرح: طعن الراوي في عدالته وضبطه.
التجريح: وصف الراوي بما يقتضي رد روايته.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 03:05 PM
سـ4: لماذا قدم العلماء كلمة جرح على تعديل؟
الإجابة
الأصل العدالة، لكن عندما كان الأمر متعلقاً بالشريعة وبصونها وبالحفاظ عليها، كان الهدف الأول والأساسي معرفة أهل البدع والكذابين، ومعرفة من ترد روايتهم حتى لا يدخل في السنة ما ليس منها، فلذلك يقدم الجرح على التعديل.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 03:18 PM
سـ5: تحدث عن نشأة الجرح والتعديل؟
الإجابة:
1-نشأ علم الجرح والتعديل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأول من جرح وعدل "رسول الله صلي الله عليه وسلم"، حيث قال "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل" و"بئس أخو العشيرة"
وقال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين قالت إن معاوية بن ابي سفيان وابا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، واما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد.
2-ثم تبعه الصحابة "كابن عباس -وأنس بن مالك – وعائشة" وغيرهم، رضي الله عنهم جميعاً لكن الكلام في الرجال جرحاً وتعديلاً كان قليلاً في زمن الصحابة، لأن الرواة في ذلك الزمن كانوا من الصحابة، والصحابة كلهم عدول بتعديل الله لهم، فلم يكونوا يعرفون الكذب في حديثهم فضلاً عن أن يكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3-ثم تلاهم التابعون، أمثال سعيد بن المسيب، والزهري وغيرهم، ولم يكن الضعف بينهم منتشراً.
4-ثم ظهرت الفرق، والجماعات واندس بينهم من أراد الكيد للإسلام والمسلمين، فاختلقوا الأحاديث الباطلة، ونسبوها زوراً وكذباً لرسول الله صلي الله عليه وسلم ترويجاً لبدعتهم، فنشأة علم الجرح والتعديل مقترناً بنشأة الرواية في الإسلام، للتمييز بين المقبول والمردود لصيانة السنة من الدرس والتحريف.
وقد قيض الله لهذه الأمة علماء عظاماً، وجهابذة كباراً، دافعوا عن السنة، وردوا عنها الكذب والزيف، وانما لم يذكره السابقون على أنه علم مستقل لأنه كان ضمن علوم الحديث، ولا غرابة أن يظل علم فترة من الزمن من مشمولات علم آخر، ولما افرد علم الدراية بالتأليف، كان الجرح والتعديل جزء منه حيث لم يخل عصراً من متكلم في الرواة جرحاً وتعديلاً.
◄وأول من كتب في قواعد الجرح والتعديل هو:
الإمام الحاكم أبو عبد الله النيسابوري المتوفي سنة (405هـ) في كتابه "معرفة علوم الحديث". حيث قال: هذا النوع من علم الحديث معرفة الجرح والتعديل.
وتبعه ابن الصلاح ت(643ه) وعنون له "صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل ". [1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)
وبعدهما أفردت الكتب والمؤلفات في علم الجرح والتعديل.[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) - أقسام المُتَكَلِّمين في الرجال: بدأ الكلام في الرجال منذ أواخر عصر الصحابة الكرام، ثم تكلَّم فيهم بعض التابعين، ثم تتابع النقَّاد يتكلَّمون على رواة الحديث فيُعدِّلون الثقة ويقبلون رواياته، ويجرحون الضعيف ويردُّون رواياته، وِفق الأسس والقواعد الضابطة لذلك، ولكنهم تفاوتوا في الكلام على الرجال من حيث الكثرة والقلة.
ولذلك قسَّم الإمام الذهبي من تكلَّم في الرجال إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: نقَّادٌ تكلَّموا في أكثر الرواة كابن معين، وأبي حاتم.
القسم الثاني: نقَّادٌ تكلَّموا في كثيرٍ من الرواة كمالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج.
القسم الثالث: نقَّادٌ تكلَّموا في الرجل بعد الرجل كسفيان بن عيينة، والشافعي.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2) - طبقات المُتكلِّمين في الرجال: تكلَّم في الرجال جرحاً وتعديلاً جماعةٌ من العلماء وصفهم الإمام السخاوي بأنهم: خلقٌ من نجوم الهدى، ومصابيح الظُلَم المُستضاء بهم في دفع الردى، لا يتهيَّأ حصرهم في زمن الصحابة رضي الله عنهم وهلُمَّ جرَّا.
فبيَّنوا أحوال الرواة جرحاً وتعديلاً، ولم يُحابوا في ذلك أحداً، ووضعوا لذلك القواعد والأُسس التي بنوا على أساسها كلامهم في الرجال، ولكنهم تفاوتوا في تطبيق هذه القواعد تشدُّداً وتساهُلاً.
◄ وقد بدأ الكلام في الرجال جماعةٌ من الصحابة رضي الله عنهم من أشهرهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم ولكن ذلك كان قليلاً جداً، ومعظمه مُنصرِفٌ إلى الضبط؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم جميعاً عدول، فلا يوجد بينهم من يكذب، ولكن قد يوجد بينهم من يخطئ.
◄ ثم تبعهم جماعةٌ من التابعين من أشهرهم: الشعبي، وابن سيرين فتكلَّموا في الرجال جرحاً وتعديلاً ولكن كلامهم كان قليلاً بالنسبة لمن بعدهم لقلة الضعف في عصرهم؛ إذ أكثر المحدِّثين صحابةٌ عدول، وغير الصحابة من التابعين أكثرهم ثقاتٌ صادقون يعون ما يروون، وهم كبار التابعين، فلا يكاد يوجد في القرن الأول الذي انقرض فيه الصحابة رضى الله عنهم، وكبار التابعين ضعيفٌ إلا الواحد بعد الواحد كالحارث الأعور، والمختار الكذَّاب، وعاصم بن ضمرة.
◄ فلمَّا كان عند آخر عصر التابعين: تكلَّم في التوثيق والتجريح طائفةٌ من الأئمة كأبي حنيفة، والأعمش، وشعبة، والأوزاعي، والثوري وغيرهم.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 03:22 PM
سـ6: ما منزلة علم الجرح والتعديل؟
الإجابة:
بين الحاكم أن ثمرة علم الجرح والتعديل ثمرة علم الدراية والمرقاة الكبيرة منه.
وكان العراقي أوضح منه اذ قال: واعتن بعلم الجرح والتعديل، فإنه المرقاة للتفصيل بين الصحيح والسقيم.
وقال ابن المديني: الفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم."
ومن هنا كان علم الجرح والتعديل:
هو السبيل للحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو الضعف، وهذه منزلة سما بها هذا العلم.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 03:32 PM
سـ7: ما علاقة علم الجرح والتعديل، وعلم المصطلح؟
الإجابة:
العلاقة بين علم الجرح والتعديل، وعلم المصطلح علاقة عموم وخصوص من وجهين:
فمن حيث مصطلح الحديث:
1-علم المصطلح أعم من الجرح والتعديل من وجه: لأن علم المصطلح يشمل علم الجرح والتعديل غيره (فيشمل التحمل والأداء، والمؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، والمتشابه والصحيح، والحسن، والضعيف، والموقوف، والمرفوع)، فالجرح والتعديل كقواعد أخص من مصطلح الحديث.
2-والجرح أعم من المصطلح من وجه وذلك: إذا نظرنا الى أقوال علماء الجرح والتعديل في الرواة، فيكون الجرح والتعديل من هذا الوجه أعم من المصطلح، لأنها زائدة عليه.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 03:36 PM
سـ8: ما علاقة علم الجرح والتعديل بعلم الرجال؟
الإجابة:
1-علم الرجال أعم من الجرح من وجه وهو:
أن علم الرجال لا يقتصر على أقوال علماء الجرح والتعديل فقط في الراوي، وإنما يشتمل أيضاً على «أسماء الرواة، وألقابهم، وكناهم، وطبقاتهم، ومواليدهم، ووفياتهم، ورحلاتهم، وغير ذلك فهذه العلوم الزائدة على علم الجرح والتعديل، تجعل علم الرجال أعم.
2-وعلم الجرح والتعديل أعم من علم الرجال من وجه وهو:
أن علم الجرح والتعديل له قواعد مثل: الحكم إذا تعارض الجرح والتعديل، وألفاظ الجرح والتعديل ومراتبه، والجرح المبهم والمعين، والجرح المفسر والمجمل. وغيرها من القواعد، وهذه القواعد موجودة في الجرح والتعديل، وغير موجودة في علم الرجال، إذاً علم الجرح والتعديل أعم من علم الرجال من هذا الوجه.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 03:48 PM
سـ9: ما غاية الجرح والتعديل؟
الإجابة:
الأصل حرمة عِرض المسلم ومنع تناوله، ولا يُباح شيءٌ من ذلك إلا للضرورة، وقد أباح الشرع تناول رواة الحديث بالجرح والتعديل، وبيان أحوالهم صوناً للشريعة، وحمايةً للسنة.
وقال الإمام النووي: " اعلم أن جرح الرواة جائزٌ، بل واجبٌ بالاتفاق؛ للضرورة الداعية إليه لصيانة الشريعة المكرمة، وليس هو من الغِيبة بل من النصيحة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ولم يزل فضلاء الأمة وأخيارهم وأهل الورع منهم يفعلون ذلك."
فغاية هذا العلم: بيان حال الراوي لئلا يخفى أمره على من لا يعرفه فيظنه عدلاً فيحتجُّ بروايته، ويُدْخِل في الشريعة ما ليس منها، فسلامة الشريعة متوقِّفة على سلامة المصدر الثاني للتشريع وهو: السنة النبوية المطهرة.
ولذلك قال العلماء: متى انكشف حال الراوي بذكر عيبٍ قادحٍ كان ذِكْرُ الثاني غِيبةً مُحرَّمة؛ لأنه حقَّق الغاية بالأوَّل، فالجرح ضرورة، والضرورة يجب أن تُقدَّر بقدرها.
وبعد اتِّضاح هذه الحقائق يجب أن نعلم أن تجريح الرواة لا يكون بهدف الطعن فيهم أو الانتقاص منهم، وإنما الهدف منه هو: حماية الدين الذي يتوقف على سلامته صلاح الدنيا والآخرة، وهو من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، والنصيحة واجبة في الجملة يُثاب فاعلها متى قصد بها وجه الله تعالى سواءً كانت النصيحة عامة أو خاصة.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 03:54 PM
سـ10: ما أهمية هذا العلم وخطورته؟
الإجابة:
◄ مختصرة:
يُعَدُّ علم الجرح والتعديل من أهمِّ علوم الحديث، بل من أهمِّ العلوم قاطبة، وأعظمها شأناً، وأبعدها أثراً، إذ به يتميَّز الصحيح من السقيم، والمقبول من المردود.
وهو علم ميزان رجال الرواية، به تُعْرَف قيمة الراوي فتثقل كفته ويُقبل حديثه، أو تخف به كفته فتُرفض أحاديثه وتُردُّ رواياته، ولذلك اعتنى به علماء الحديث كل العناية، وبذلوا فيه أقصى جهدٍ، تصنيفاً وتطبيقاً، وانعقد إجماع العلماء على مشروعيته بل على وجوبه لشدة الحاجة إليه.
◄ مطولة:
والكلام في الرواة جرحاً وتعديلاً علمٌ صعبٌ عسيرٌ، ومزلقٌ جِدُّ خطير، ولا يكمُل للكلام فيه إلا القليل من العلماء.
ولذلك قال ابن دقيق العيد: أعراض المسلمين حفرةٌ من حُفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدِّثون، والحكَّام.
قال الإمام السخاوي: الجرح والتعديل خطر؛ لأنك إن عدّلت بغير تثبُّتٍ كنت كالمُثبت حكماً ليس بثابت، فيُخشى عليك أن تدخل في زمرة من روى حديثاً وهو يظن أنه كذب، وإن جرَّحت بغير تحرُّزٍ أقدمت على الطعن في مسلمٍ برئ من ذلك ووسمته بميسم سوءٍ يبقى عليه عاره أبداً، فالجرح خطرٌ أيّ خطر، فإن فيه مع حق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم رضى الله عنهم حق آدمي.
وعلماء السلف حينما تكلَّموا في رواة الحديث كانت الديانة تقودهم إلى إحقاق الحق، وكانوا بعيدين عن الهوى والميل، فلم يتركوا الإنصاف طرفة عين خاصةً في التجريح؛ لأنه من أخطر الأمور.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) وما وقع من بعضهم من تشدُّدٍ وتعنُّتٍ في التجريح أحياناً، إنما دفعهم إليه محض الاجتهاد وليس الهوى والعصبية. فكانوا يتحرَّزون من التجريح لأنهم علموا أنهم إن جرحوا بريئاً فقد طعنوا في مسلمٍ برئ ووصفوه بسوءٍ يبقى عليه عاره أبد الدهر، وهذا فيه خطرٌ عظيم؛ لأن فيه مع حق الله تعالى حق آدمي، وربَّما ناله بسبب هذا الجرح ضررٌ في الدنيا فمقته الناس وتباعدوا عنه، فيُطالِب بحقه يوم القيامة ممن جرحه ظلماً فمنعهم ذلك من محاباة أقاربهم، وأحبابهم، كما منعهم من التحامل على أعدائهم فسلكوا طريق الجادة، وتكلَّموا بلسان الإنصاف عند الغضب والرضا، رضوان الله عليه جميعا.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 03:58 PM
سـ11: ما الفرق بين التعديل المبهم، والمهمل؟
الإجابة:
- التعديل المبهم كقولك حدثني الثقة، وهذا يحتاج إلى تعيين.
- أما التعديل المهمل فهو كقولك: حدثني محمد، وكان ثقة، وهذا يحتاج إلى تمييز.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 04:10 PM
سـ12: س: هل الجرح غيبة؟
الإجابة:
اختلف العلماء في هذه المسألة كما يلي:
الفريق الأول: ذهب بعض الأئمة إلى أن الجرح حرام لأنه غيبة، واستدلوا على ذلك بما يلي:
1– قوله تعالى:" ولا يغتب بعضكم بعضا ".
2-وقوله صلى الله عليه وسلم "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه".
الفريق الثاني: ومن قال بأن الجرح غيبة، لكنها جوزت لضرورة وهي صون الشريعة، وحفظ الدين، ومن هؤلاء: الامام شعبة بن الحجاج، والامام البخاري، والامام أبو حاتم وغيرهم. قال شعبة:" تعالوا حتى نغتاب في الله عز وجل"، يقول الامام اللكنوي فِي حُدُود الْجرْح الْجَائِز: لما كَانَ الْجرْح امرا صعبا فَأن فِيهِ حق الله مَعَ حق الْآدَمِيّ، وَرُبمَا يُورث مَعَ قطع النّظر عَن الضَّرَر فِي الْآخِرَة ضَرَرا فِي الدُّنْيَا من المنافرة والمقت بَين النَّاس وانما جوز للضَّرُورَة الشَّرْعِيَّة حكمُوا بِأَنَّهُ لَا يجوز الْجرْح بِمَا فَوق الْحَاجة وَلَا الِاكْتِفَاء على نقل الْجرْح فَقَط فِيمَن وجد فِيهِ الْجرْح وَالتَّعْدِيل كِلَاهُمَا من النقاد، وَلَا جرح من لَا يحْتَاج الى جرحه، وَمنعُوا من جرح الْعلمَاء الَّذين لَا يحْتَاج اليهم فِي رِوَايَة الاحاديث بِلَا ضَرُورَة شَرْعِيَّة.
الفريق الثالث: ذهب إلى أن الجرح ليس بغيبة بل هو واجب باعتبار أنه نصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين، مستدلين على ذلك، بقوله تعالي «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا »، وها إشارة الى السند، فالسند: مخبر، والمتن خبر، والفاسق الذي سياتي بخبر هو (السند) وقوله بنبإ أي الخبر وهو المتن، ومفهوم الآية: إن جاءكم ثقة بنبإ فاقبلوا، وان جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا وتثبتوا، فهم يستدلون بالآية على أن الجرح أمر واجب، فالله عز وجل قال « فَتَبَيَّنُوا » فتبيين من فسق الفاسق ومن ضعف الضعيف ومن جرح المجروح، لأن الواجب صيانة الشريعة، ولا يتم هذا الواجب إلا بجرح المجروح، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
2-وقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ)، فإن كانت العدالة مطلوبة في الشهادة، ولا تُقْبَلُ الشهادة إلا عند تحقُّقها، كان طلبها أولى في مجال الرواية.
3-أن النبي صلى الله عليه وسلم جرح بعض الأفراد: ومن ذلك لما جاءت فاطمة بنت قيس الى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ان معاوية بن ابي سفيان وابي جهم خطباه، فقال صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له "
وقال الإمام النووي: " اعلم أن جرح الرواة جائزٌ، بل واجبٌ بالاتفاق؛ للضرورة الداعية إليه، لصيانة الشريعة المكرمة، وليس هو من الغِيبة، بل من النصيحة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ولم يزل فضلاء الأمة، وأخيارهم وأهل الورع منهم يفعلون ذلك."
والذي أراه: ان الجرح يكون غيبة إذا قصد به الطعن والاعابة، أما إذا عرى عن ذلك، وكان الهدف منه النصيحة لله ولرسوله فليس بغيبه بل واجب.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 04:50 PM
سـ13: هل يمكن أن نكتفي بأحد العدالتين (الضبط أو العدالة)؟
الإجابة:
◄مختصر
لا، فحتى وإن كان الراوي رجلا صالحا، وتقيا، ولكنه غير حافظ للرواية، فلا تقبل روايته، لان صلاحه لا يكفي.
◄مطول
وهناك مصطلحات لبعض الأئمة المتقدمين يقصرون كلمة الثقة على الصلاح والتقوى، وهي عدالة الدين فقط، ولذلك قول الإمام مالك " توفى ١٧٩ ھ " أدركت بالمدينة مائة كلهم يسمى ثقة، لم أخذ عن واحد منهم، يقال ليس من أهله" أي: من أهل الحديث، يعني أنه ليس من أهل لضبط وإن كان من أهل الصلاح والتقوى، فعدالة الدين ضرورية، لكنها لا تكفي في رواية الحديث، فالراوي الذي تقبل راويته يجب أن يكون لديه عدالتين، عدالة الدين، وعدالة الرواية. عند المتأخرين كلمه ثقة تطلق على العدالة، والضبط معًا.
هناك خمسه أشياء لو وجدت في واحد يقال ليس من أهله:
1ـ سيئ الحفظ.
2ـ فاحش الغلط في الرواية.
3-والغفلة وهي ضد اليقظة.
4-كثرة الأوهام.
5ـ مخالفه الثقات.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 05:09 PM
سـ14: ما هي أدلة مشروعية الجرح والتعديل؟
الإجابة:
◄مختصر:
في الجرح: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}، ومن السنة: «بئس أخو العشيرة».
وفي التعديل: قول تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}، وقول النبي يوم مات النجاشي: "مات اليوم رجلٌ صالح".
◄ مطولا:
فمن القرآن الكريم في "الجرح: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
فالتبيُّن المقصود يقتضي: معرفة حال الناقل للخبر ومرتبته من حيث التوثيق والتضعيف.
وجه الدلالة: حيث امر الله تعالى في هذه الآية ان نتثبت من خبر الفاسق، ولا نعتمد على روايته في الأخبار، كما أن الله تعالى رد خبر الفاسق على فسقه، فيلزم من ذلك ان يكون الراوي الذي تقبل روايته عدلا.
وفي التعديل: قول الله سبحانه وتعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ).
فإن كانت العدالة مطلوبة في الشهادة، ولا تُقْبَلُ الشهادة إلا عند تحقُّقها، كان طلبها أولى في مجال الرواية.
ومن السنة المطهرة:
في الجرح: حديث عائشة رضي الله عنها أن رجلاً استأذن على النبي فلما رآه قال: "بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة"، فلما جلس تطلَّق النبي في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت له عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله حين رأيتَ الرجل قلتَ له: كذا وكذا ثم تطلَّقتَ في وجهه، وانبسطتَ إليه، فقال رسول الله: "يا عائشة متى عهدتني فاحشاً؟ إن شر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة، من تركه الناس اتقاء شره».
وحينما جاءت فاطمة بنت قيس رضي الله عنها إلى النبي تستشيره فيمن تتزوج وقالت له: إن أبا الجهم ومعاوية خطباني فقال لها: "أما معاوية فصعلوكٌ لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه"() أي ضرَّاب للنساء، كما صرَّح به في رواية مسلم، وقيل معناه: كثير الأسفار.
وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً".
قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث: كانا رجلين من المنافقين.
وهناك رواياتٌ كثيرة في هذا المعني، وكلها تدُلُّ دلالةً واضحة على أن ذِكْر عيوب الرجل على سبيل النصيحة والإبانة وللحاجة والمصلحـة ليس بغِيبة، ولو كان هذا غِيبة ما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعفُّ الناس لساناً، وأطهرهم قلباً، وأصدقهم حديثاً.
ومن الأدِلَّة المُجيزة للتعديل من القرآن قوله تعالى: {وَالسَّابِقُون الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} فقد عدَّل الله تعالى المهاجرين، والأنصار، ومن تبعهم بإحسان، وأعلن رضاه عنهم، وهذا تعديلٌ أيُّما تعديل، فجاز لنا تعديل الثقات.
ومن السنة في التعديل: قول النبي يوم مات النجاشي: "مات اليوم رجلٌ صالح.
وقول النبي ص في خالد بن الوليد: "نِعْمَ عبد الله، وأخو العشيرة: خالد ابن الوليد، سيفٌ من سيوف الله، سلَّه الله على الكفار والمنافقين"
فهذه الأدِلَّة وغيرها كثير تبيِّن بوضوح أن الخوض في أعراض رواة الحديث بما يُوجِب تعديلهم أو تجريحهم لا يُعَدُّ من قَبيل الغِيبة المُحَرَّمة، بل من قَبيل النصيحة المشروعة، صوناً للشريعة لا طعناً في الناس.
وكما جاز جرح الشهود جاز جرح رواة الحديث، بل جرح الرواة أهمُّ وأحقُّ بالجواز؛ لأن التثبُّت في أمر الدين أهمُّ وأولى من التثبُّت في أمر الحقوق والأموال.
ولذلك قال العلماء: جرح رواة الحديث فرض كفاية ينبغي أداؤه على من علِمه، ويحرُم عليه أن يكتمه، وهذا ما فهمه علماء السلف.
قال بعض الصوفية لابن المبارك وقد سمعه يُضَعِّف بعض الرواة: يا أبا عبد الرحمن تغتاب؟ فقال له: اسكت، إذا لم نبيِّن فمن أين يُعرف الحق من الباطل؟
وسمع أحدهم الإمام أحمد بن حنبل وهو يُضَعِّف بعض الرواة فقال له: يا شيخ لا تغتاب العلماء، فقال له أحمد: ويحك هذا نصيحة، وليس بغِيبة.
وقال لآخر: إذا سكتَّ أنت، وسكتُّ أنا، فمتى يَعرفُ الجاهل الصحيح من السقيم؟
وقال يحيى بن سعيد: سألتُ شعبة، والسفيانين، ومالك عن الرجل يُتَّهم في الحديث أو لا يحفظه قالوا: بيِّن امره للناس.
ولما عتب أبو بكر بن خلاد على يحيى بن سعيد القطان قائلاً له: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركتَ حديثهم خصماؤك عند الله تعالى؟ فقال له: لأن يكون هؤلاء خُصَمائي! أحبَّ إلى من أن يكون خصمي رسول الله، يقول لي: لِمَ حَدَّثت عني حديثاً ترى أنه كذب؟
ولذلك كان شعبة يقول لأصحابه: تعالوا نغتاب في الله، يعني أن جرح الرواة وإن كان ظاهره الغِيبة لكنه مشروع مُرضٍ.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 05:15 PM
سـ15: من أول من تكلم ف الجرح والتعديل؟
الإجابة:
◄مختصرا:
الحاكم في "معرفة علوم الحديث"
◄ مطولا:
هناك فرق بين أول من جرح وبين أول من تكلم ف الجرح والتعديل
حيث كان علم الجرح والتعديل داخلا ف ثنايا مصطلح الحديث وعلم الرجال وكان عبارة عن لبنات متفرقة لم تنضج بعد إلى أن جاء الإمام الحاكم وأول من كتب في قواعد الجرح والتعديل هو:
الإمام الحاكم أبو عبد الله النيسابوري المتوفي سنة (405هـ) في كتابه "معرفة علوم الحديث". حيث قال: هذا النوع من علم الحديث معرفة الجرح والتعديل
وتبعه ابن الصلاح وعنون له "صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل ".
وبعدهما أفردت الكتب والمؤلفات في علم الجرح والتعديل.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 05:18 PM
سـ16: ما مقابل الجرح المبهم؟ والمجمل؟
الإجابة:
مقابل الجرح المبهم: الجرح المعين، مثل حدثنا من لا اثق بحديثه.
مقابل الجرح المجمل: الجرح المفسر.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 05:44 PM
سـ17: من هو الراوي المقبول؟ أو ما هي صفة من تقبل روايته؟
الإجابة:
◄ مختصرا:
قال الامام النووي: " أجمع الجماهير من أئمة الحديث على انه يشترط فيه أن يكون عدلا ضابط.
والعدل هو من كان:
1-مسلما.
2 – بالغا.
3-عاقلا.
4-سليما من أسباب الفسق، وخوارم المروءة.
ضابطا:
5-متيقظا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدث منه.
6-عالما بما يحيل المعنى إن روى به.

والإجابة المطولة ستأتي عقبه على هيئة سؤال وجواب أيضا

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 05:55 PM
سـ18: فصل القول في شروط العدالة؟
الإجابة:
-لكي يكون الراوي مقبولاً لابد أن يكون:
أولاً: «عادلاً»:
العدالة لغة: الاستقامة.
والعدالة ضَابِطُهَا إِجْمَالًا انها، ملكة نفسية تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة. وَالْمُرَادُ بِالتَّقْوَى اجْتِنَابُ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ مِنْ شِرْكٍ أو فِسْقٍ أو بِدْعَةٍ.
ما شروط العدالة:
1-الإسلام: فاشتراط الإسلام: أخرج الكافر، وهذا الشرط إنما يُشْتَرط في الأداء لا في التحمل، أي قد يسمع الكافر شيئًا من الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - حال كفره، ويؤديه بعد إسلامه، ويُقْبَل هذا منه لعدالته حال الأداء، لا حال التحمل.
قال الحافظ الذهبي: " لا تُشترط العدالة حالة التحمل، بل حال الأداء، فيصح سماعه كافرًا، وفاجرًا، وصبيًّا، فقد روى جبير – رضي الله عنه –أنه سمع النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم -يقرأ في المغرب بـ"الطور" فسمع ذلك حال شِرْكه، ورواه مؤمنًا.
2-البلوغ: أي بلغ الحلم، وَالْمُرَادُ الْبُلُوغُ بِهِ أو بِنَحْوِهِ كَالْحَيْضِ، أو بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، إِذْ هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ، وهذا الشرط أخرج الصغير الذي لم يَبْلُغ، وهذا أيضا إنما يُشْترط في حالة الأداء؛ لأن الصغير قد يتحمل قبل البلوغ بدليل حديث محمود بن الربيع "عقلت من النبي ص مجة مجها في وجهي من دلو وانا ابن خمس سنين (وفي رواية وانا ابن أربع)"
إلا أنه لا يُقْبل منه إلا إذا بلغ؛ لأن البالغ الذي أصبح مكلفا، ويعرف الحساب والجزاء، ونحو ذلك؛ يكون عنده خوف من أن يجازف في القول على رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم -بخلاف الصغير: فإنه لا يُؤْمَن عليه أن يقول على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم -مالم يقل؛ لأنه ليس عنده الإدراك الواسع، أو العقل الكامل، الذي يجعله يخاف ويرتدع. هذا أَمْرٌ، وأَمْرٌ آخر: أنه قد لا يكون عنده ضبط يستطيع به أن يأتي بالحديث على وجهه.
ثُمَّ إِنَّ اشْتِرَاطَ الْبُلُوغِ هو الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَإِلَّا فَقَدْ قَبِلَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَوْثُوقِ بِهِ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ قَبُولِ غَيْرِ الْبَالِغِ، وحكى النووي قَبُولَ أَخْبَارِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ، بِخِلَافِ مَا طَرِيقُهُ النَّقْلُ، كَالْإِفْتَاءِ وَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ وَنَحْوِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابن حجر بِقَوْلِهِ: " وَقَبِلَ الْجُمْهُورُ أَخْبَارَهُمْ إِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهَا قَرِينَةٌ ". أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا.
فالخلاصة في هذا الشرط: ان الجمهور على اشتراط البلوغ في الراوي، ويجوز له ان يتحمل في صباه، ولكن لا يرويه الا بعد البلوغ، وبعض العلماء ذهب إلى قبول رواية الصبي الذي لم يجرب عليه الكذب، فاذا جرب عليه الكذب فلا.
3-العقل: اخرج المجنون، والجنون قسمان: مُطَبَّق ومتقطع:
فالأول: هو الذي يكون ملازما للرجل في كل حال، ويُرَدُّ حديثه مطلقا.
أما الثاني: فهو الذي يعتري الإنسان في حال دون حال، فمثله تُقْبَل روايته حال إفاقته، إذا توافرت فيه الشروط الأخرى، وتُرَدُّ حال جنونه، واشتراط العقل: معتبر في حالتي التحمل والأداء
4- السلامة من أسباب الفسق: أخرج من وقع في شيء منها، وأصر على ذلك، أما مجرد الوقوع في الكبيرة فالمسلم غير معصوم من ذلك، ولو رددنا راوية كل من وقع في معصية دون إصرار عليها ما سلم لنا أحد، ولا تقبل رواية الفاسق بدليل قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة "فإذا تحقق فسقه ترد روايته لا تقبل، وقوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم}، وحديث: «لا تأخذوا العلم إلا ممن تقبلون شهادته»، والشهادة لا تقبل إلا من العدل، إذًا الرواية كذلك لا تقبل إلا من العدل..، وأخرج هذا الشرط أيضًا المجهول، الذي لم تتحقق عدالته وسلامته من أسباب الفسق..

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 05:57 PM
سـ19: ما هي اسباب الفسق؟ وما الفرق بين الكذاب، والمتهم بالكذب؟
الإجابة:
أسبابه كثيره وفي مقدمتها الكذب، ما اتهم بالكذب.
◄والفرق بين الكذاب، والمتهم بالكذب.
" المتهم بالكذب" من يكذب في حديث الناس، ولم يثبت كذبه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لا له تقبل رواية وحديثه يسمي متروك، وأما الذي ثبت كذبه ولو في حديث واحد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فهذا هو "الكذاب" ويسمي حديثه موضوع.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 06:08 PM
س20: ما المقصود بالسلامة من خوارم المروءة؟ وضابطها؟
الإجابة:
◄ مختصرا:
5-السلامة من خوارم المروءة.
تعريف المروءة:
هي: ملكة نفسية تحمل صاحبها على التحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل.
وضابط المروءة:
العرف الصحيح الموافق للشرع، والعرف الصحيح لابد له من شروط ثلاثة وهي:
1. ألا يصطدم مع نص من نصوص الشرع
2.ألا يفوت مصلحة.
3 ـ ألا يجلب مضرة.
◄مطولا: ونزيد على ما سبق:
• وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الزِّنْجَانِيِّ فِي شَرْحِ (الْوَجِيزِ): قال " الْمُرُوءَةُ يُرْجَعُ فِي مَعْرِفَتِهَا إلى الْعُرْفِ، فَلَا تَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْعِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْأُمُورَ الْعُرْفِيَّةَ قَلَّمَا تُضْبَطُ، بَلْ هِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْبُلْدَانِ، فَكَمْ مِنْ بَلَدٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ بِمُبَاشَرَةِ أُمُورٍ لَوْ بَاشَرَهَا غَيْرُهُمْ لَعُدَّ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ.
واشترطوا في الراوي ان يكون صاحب مروءة، لأن الراوي إذا لم يكن كذلك؛ فَيُخْشَى منه أن يكون صاحب مجازفة، وتوسُّعٍ غير مرضيٍّ، ويُلْقي الكلام دون مبالاة، فيقول على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - مالم يَقُلْ، أو لا يتورع إذا شك في الوجه الذي تَحَمَّل به الحديث، فيرويه على الوجه المخالف للاحتياط والورع، بخلاف صاحب المروءة والتحرز: فإنه إذا ترفَّع عن النقائص العرفية - وإن كانت مباحة شرعًا - فلن يتجرأ على حديث رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بل سيكون أكثر ترفعا وتحرُّزًا، والله أعلم.

ويليها تفصيل في السؤال القادم

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 06:18 PM
سـ21: ما الذي يقدح في المروءة؟ مختصرا، ومطولا؟
الإجابة:
◄ مختصرا:
والذي يقدح في المروءة:
(1) الصغائر: الدالة على الخسة ونقص الدين.
(2) التوسع في المباحات التي تورث الاحتقار، وتذهب بالكرامة، كما في المزاح الخارج عن حد الاعتدال.
◄ ومطولا: نزيد ما يلي
ومما سبق يتبين أن العلماء لم يشترطوا في عدالة الراوي:
1-الحرية: وان اشترطها الفقهاء في الشهادات، لان العبد مقبول الراوية بالشروط المذكورة بالإجماع، وهذا مما تفترق فيه الشهادة والرواية.
2-ولا الذكورة: خلافا لما نقل عن أبي حنيفة.
3-ولا العدد: فمن اشترط في الرواية العدد كالشهادة، فهو قول شاذ مخالف لما عليه الجمهور، بل تقبل رواية الواحد إذا جمع اوصاف القبول.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 06:45 PM
سـ22: بم تثبت العدالة؟
الإجابة:
◄مختصرا:
تنصيص علماء الجرح والتعديل، وبالاستفاضة.
◄مطولاً:
تثبت عدالة الراوي بواحد من عدة أمور، منها ما هو متفق عليه بين العلماء، ومنها ما هو مختلف فيه.
أما ما كان متفقاً عليه فهو ما يأتي:
1-تنصيص علماء الجرح أو التعديل أو أحدهم عليه في كتبهم، وذلك في حق من خفي أمره ممن لم يبلغ درجة الاشتهار بين الناس.
2-الاستفاضة بأنه عدل: كأحمد، والشافعي، ومالك.
واختلف في العدد المطلوب في التنصيص على عدالة الراوي.
فمنهم من اشترط عدلين وذلك لما يلي:
أ ـ لأن التزكية صفة، فتحتاج في ثبوتها إلى عدلين كالرُّشد، والكفاءة.
ب -وَقِياسًا عَلَى الشَّاهِدِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ الْمُرَجَّحُ فِيهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّ ةِ.
ومنهم من قال ان التَّزْكِيَةِ لا يقبل فِيهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ:
مَتَمَسِّكًا بِحَدِيثِ قَبِيصَةَ فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ: ((«حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا فَيَشْهَدُونَ لَهُ» وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ .
ولكن الرأي الراجح قبول تنصيص العالم الواحد أو العالمة المرأة والعبد قياسًا على قبول الرواية وقبول الخبر من كل منهم.
2-الاستفاضة والشهرة، فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل أو نحوهم من أهل العلم وشاع الثناء عليه بالثقة والأمانة استغنى فيه بذلك عن التنصيص على عدالته، وذلك كالسفيانين: الثوري (161)، وابن عيينه (198) ومالك(179)، والأوزاعي (157)، والشافعي(204)، والليث (175)، وشعبة(160)، وأحمد(241)، وعبد الله ابن المبارك(181)، وأبو داود (275)، وابن معين (233)، وابن المديني (234)، ومن كان على منوالهم في نباهة الذكر، واستقامة الأمر فمن كانت هذه صفته لا يسأل عن عدالته.
فقد سئل أحمد بن حنبل عن اسحاق بن راهوية (238) فقال: مثل إسحاق يسأل عنه؟
وسئل ابن معين عن أبي عبيد القاسم بن سلام (224) فقال: مثلي يسأل عن أبي عبيد؟ أبو عبيد يسأل عن الناس.
وليس المقصود بالشهرة هو اشتهاره لرواية جماعة عنه، وإنما المقصود منها من عرف اشتهاره بين العلماء لفضله وثقته وكثرة حديثه ونحو ذلك.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) قال السخاوي(مِمَّا تَثْبُتُ بِهِ الْعَدَالَةُ أَيْضًا (اسْتِغْنَاءِ ذِي الشُّهْرِةِ) وَنَبَاهَةِ الذِّكْرِ بِالِاسْتِقَامَ ةِ وَالصِّدْقِ، مَعَ الْبَصِيرَةِ وَالْفَهْمِ (عَنْ تَزْكِيَةٍ) صَرِيحَةٍ (كَمَالِكٍ)، هُوَ ابْنُ أَنَسٍ (نَجْمِ السُّنَنْ) كَمَا وَصَفَهُ بِهِ إِمَامُنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَكَشُعْبَةَ وَوَكِيعٍ وَأَحْمَدَ وَابْنِ مَعِينٍ، وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ، فَهَؤُلَاءِ وَأَمْثَالُهُمْ كَمَا قَالَ الْخَطِيبُ - وَقَدْ عَقَدَ بَابًا لِذَلِكَ فِي كِفَايَتِهِ - لَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ مَنْ كَانَ فِي عِدَادِ الْمَجْهُولِينَ ، أَوْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ عَلَى الطَّالِبِينَ.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:08 PM
سـ23: بم تثبت عدالة الراوي التي لم ينص عليها أحد؟
الإجابة:
أما ما كان مختلفاً فيه فهو ما يأتي:
1-تخريج أصحاب المصادر التي تنتهج إيراد الأحاديث الصحيحة لروايته، وبخاصة البخاري، ومسلم، فإنه من خرجا لروايته فقد جاز القنطرة، كما يقال. وخولف في هذا بالكلام على بعض الرواة في هذه المصادر.
2-تخريج من أعلن عن نفسه بأنه لا يروي إلا عند الثقات، لحديث ذلك الراوي، سواء سماه أو اكتفى بقوله: حدثني الثقة. وخولف في هذا بعدم كفاية ذلك، إلا أن رتبة التوثيق قد ثبتت له، وهي نافعة عند الترجيح، إذا لم يعد له غيره([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))، إلا أن توثيقه له لا يعتد به بإطلاق، لجواز إطلاع غيره على ما يجرحه وعليه فإنه يجب البحث عن حالة عنده غيره من الأئمة.
3-عدالة كل من يحمل علم الحديث استناداً إلى قول الرسول "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالبين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين" وهو مذهب يوسف بن عبد الله بن عبد البر(463).
وخولف في هذا: بأن المراد من الحديث هو، ليحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، لأن الواقع يدل على هذا، لوجود بعض من يحمله، ولا يتصف بالعدالة، وبخاصة في الأعصار المتأخرة.

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) ـ إذا كان في النقط فهو"تصحيف
ـ إذا كان في الشكل فهو"تحريف

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:14 PM
سـ24: (مهم جدا) اذكر مذهب ابن عبد البر في إثبات العدالة، وما دليله؟ وما درجته من الصحة؟ وهل وافقه العلماء على ذلك؟
الإجابة:
◄مذهب ابن عبد البر في إثبات العدالة:
هو: "كُلُّ مَنْ عُنِي بِحَمْلِهِ الْعِلْمَ، ولَمْ يُضَعَّفْ، فَإِنَّهُ عَدْلٌ بِقَوْلٍ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
◄دليل ابن عبد البر:
وَيُسْتَأْنَسُ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَا جَاءَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ، أو مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةَ زُورٍ، أو ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أو نَسَبٍ».
وحَدِيثِ: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ»
وقد ضعفه: ابن عبد البر، والدارقطني، وابن حجر، وابن كثير.
◄ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ صَلَاحِيَتِهِ لِلْحُجَّةِ أو ضَعْفِهِ:
1-فَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ أَنْ لَوْ كَانَ خَبَرًا، ولَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْخَبَرِ، لِوُجُودِ مَنْ يَحْمِلُ الْعِلْمَ، وَهُوَ غَيْرُ عَدْلٍ، وَغَيْرُ ثِقَةٍ.
2-وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: "لِيَحْمِلْ" بِلَامِ الْأَمْرِ.
3-قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُوَفِّقُ لَهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ خَلَفًا مِنَ الْعُدُولِ يَحْمِلُونَهُ، وَيَنْفُونَ عَنْهُ التَّحْرِيفَ فَلَا يَضِيعُ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِعَدَالَةِ حَامِلِيهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَهَكَذَا وَقَعَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَهَذَا مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ.
4-وقد ضبطه بعضهم " يُحْمَلُ " بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّ ةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَرَفْعِ مِيمِ الْعِلْمِ، وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ مِنْ عَدُولَةٍ، مَعَ إِبْدَالِ الْهَاءِ تَاءً مُنَوَّنَةً، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَلَفَ هُوَ الْعَدُولَةُ، وَنَحْوُهُ مَا يُرْوَى مَرْفُوعًا: «أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرْ عَمَّنْ تَأْخُذُ دِينَكَ».
◄والخلاصة:
وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَات ِ فَلَا يَسُوغُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَقَوِيَ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ تَوَسُّعٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، وَوَافَقَهُ ابْنُ أَبِي الدَّم، وقَالَ: إِنَّهُ قَرِيبُ الِاسْتِمْدَادِ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ، وَقَبُولُ شَهَادَةِ كُلِّ مُسْلِمٍ مَجْهُولِ الْحَالِ إلى أَنْ يَثْبُتَ جَرْحُهُ، قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ عِنْدَنَا، لِخُرُوجِهِ عَنِ الِاحْتِيَاطِ.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:16 PM
(وَلِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ) قَوْلٌ فِيهِ تَوَسُّعٌ، وَهُوَ:
"كُلُّ مَنْ عُنِي بِحَمْلِهِ الْعِلْمَ، ولَمْ يُضَعَّفْ، فَإِنَّهُ عَدْلٌ بِقَوْلٍ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ:
مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْمُتَوَسِّمِي نَ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ أَحْوَالِهِمُ الْمُسْتَدَلِّ بِهَا عَلَى الْعَدَالَةِ وَالصِّدْقِ، روي عن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا قَدَّمَ آخَرَ إلى إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِيَ، فَادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَأَنْكَرَ، فَقَالَ لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فُلَانٌ وَفُلَانٌ، أَمَّا فُلَانٌ فَمِنْ شُهُودِي، وَأَمَّا فُلَانٌ فَلَيْسَ مِنْ شُهُودِي، قَالَ: فَيَعْرِفُهُ الْقَاضِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: أَعْرِفُهُ بِكَتْبِ الْحَدِيثِ، قَالَ: فَكَيْفَ تَعْرِفُهُ فِي كَتْبَتِهِ الْحَدِيثَ؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَ: فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((«يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ»))، وَمَنْ عَدَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى مِمَّنْ عَدَّلْتَهُ أَنْتَ، قَالَ: فَقُمْ فَهَاتِهِ، فَقَدْ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ.
وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّاقِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِي نَ: أَهْلُ الْعِلْمِ مَحْمُولُونَ عَلَى الْعَدَالَةِ، حَتَّى يَظْهَرَ مِنْهُمْ خِلَافُ ذَلِكَ.
◄وَيُسْتَأْنَس لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَا جَاءَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ، أو مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةَ زُورٍ، أو ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أو نَسَبٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَهَذَا يُقَوِّيهِ، لَكِنَّ ذَاكَ مَخْصُوصٌ بِحَمَلَةِ الْعِلْمِ.

[الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ]
«(يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ) مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ»، أَيِ: الْمُتَجَاوِزِي نَ الْحَدَّ، وَانْتِحَالَ أَيِ: ادِّعَاءَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ""

◄ لَكِنْ قَدْ خُولِفَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، لِكَوْنِ الْحَدِيثِ مَعَ كَثْرَةِ طُرُقِهِ ضَعِيفًا، ولَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ، بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ نَفْسُهُ: أَسَانِيدُهُ كُلُّهَا مُضْطَرِبَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ: إِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا، يَعْنِي: مُسْنَدًا.
وَقَالَ ابن حجر: وَأَوْرَدَهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَحَكَمَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ، وَإِنْ قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ مِنْهَا: إِنَّهُ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

◄ وَصَحَّحَ الْحَدِيثَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَكَذَا نَقَلَ الْعَسْكَرِيُّ فِي الْأَمْثَالِ عَنْ أَبِي مُوسَى عِيسَى بْنِ صُبَيْحٍ تَصْحِيحَهُ، فَأَبُو مُوسَى هَذَا لَيْسَ بِعُمْدَةٍ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الْمُعْتَزِلَةِ .
وَأَحْمَدُ فَقَدْ تَعَقَّبَ ابْنُ الْقَطَّانِ كَلَامَهُ، وحَدِيثُ أُسَامَةَ بِخُصُوصِهِ قَالَ فِيهِ أَبُو نُعَيْمٍ: إِنَّهُ لَا يَثْبُتُ.
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ قَوِيٌّ، وَالْأَغْلَبُ عَدَمُ صِحَّتِهِ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ قَوِيًّا - انْتَهَى.

وَقال الامام السخاوي: سَأُحَقِّقُ الْأَمْرَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ عِنْدِي مِنْ غَيْرِ مُرْسَلِ إِبْرَاهِيمَ الْعُذْرِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ صَلَاحِيَتِهِ لِلْحُجَّةِ أو ضَعْفِهِ:
فَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ أَنْ لَوْ كَانَ خَبَرًا، ولَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْخَبَرِ لِوُجُودِ مَنْ يَحْمِلُ الْعِلْمَ، وَهُوَ غَيْرُ عَدْلٍ، وَغَيْرُ ثِقَةٍ، وَكَيْفَ يَكُونُ خَبَرًا، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ نفسه يَقُولُ: فَهُوَ عَدْلٌ مَحْمُولٌ فِي أَمْرِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ جَرْحُهُ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَحْمَلٌ إِلَّا عَلَى الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَمَرَ الثِّقَاتِ بِحَمْلِ الْعِلْمِ، لِأَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا يُقْبَلُ عَنِ الثِّقَاتِ.
وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: "لِيَحْمِلْ" بِلَامِ الْأَمْرِ، عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إِرَادَةِ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ، وَحِينَئِذٍ سَوَاءٌ رُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ، أو بِالْجَزْمِ عَلَى إِرَادَةِ لَامِ الْأَمْرِ، فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، بَلْ لَا مَانِعَ أَيْضًا مِنْ كَوْنِهِ خَبَرًا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ.
وَالْقَصْدُ أَنَّهُ مَظَنَّةٌ لِذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أول تَهْذِيبِهِ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَهَذَا إِخْبَارٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَانَةِ الْعِلْمِ وَحِفْظِهِ، وَعَدَالَةِ نَاقِلِيهِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُوَفِّقُ لَهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ خَلَفًا مِنَ الْعُدُولِ يَحْمِلُونَهُ، وَيَنْفُونَ عَنْهُ التَّحْرِيفَ فَلَا يَضِيعُ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِعَدَالَةِ حَامِلِيهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَهَكَذَا وَقَعَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَهَذَا مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، وَلَا يَضُرُّ مَعَ هَذَا كَوْنُ بَعْضِ الْفُسَّاقِ يَعْرِفُ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ بِأَنَّ الْعُدُولَ يَحْمِلُونَهُ، لَا أَنَّ غَيْرَهُمْ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنْهُ - انْتَهَى.

عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ: مَا يَعْرِفُهُ الْفُسَّاقُ مِنَ الْعِلْمِ لَيْسَ بِعِلْمٍ حَقِيقَةً، لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ التَّفْتَازَانِ يُّ فِي تَقْرِيرِ قَوْلِ التَّلْخِيصِ: وَقَدْ يُنَزَّلُ الْعَالِمُ مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِ.

وَصَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ:
وَلَا الْعِلْمُ إِلَّا مَعَ التُّقَى... وَلَا الْعَقْلُ إِلَّا مَعَ الْأَدَبِ

◄وقد ضبطه بعضهم " يُحْمَلُ " بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّ ةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَرَفْعِ مِيمِ الْعِلْمِ، وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ مِنْ عَدُولَةٍ، مَعَ إِبْدَالِ الْهَاءِ تَاءً مُنَوَّنَةً، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَلَفَ هُوَ الْعَدُولَةُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ عَادِلٌ، كَمَا يُقَالُ: شَكُورٌ بِمَعْنَى شَاكِرٍ، وَتَكُونُ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ صَرُورَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْعِلْمَ يُحْمَلُ عَنْ كُلِّ خَلَفٍ كَامِلٍ فِي عَدَالَتِهِ. وَنَحْوُهُ مَا يُرْوَى مَرْفُوعًا: «أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرْ عَمَّنْ تَأْخُذُ دِينَكَ».

◄ وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَات ِ فَلَا يَسُوغُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَقَوِيَ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ تَوَسُّعٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، وَوَافَقَهُ ابْنُ أَبِي الدَّم، وقَالَ: إِنَّهُ قَرِيبُ الِاسْتِمْدَادِ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ، وَقَبُولُ شَهَادَةِ كُلِّ مُسْلِمٍ مَجْهُولِ الْحَالِ إلى أَنْ يَثْبُتَ جَرْحُهُ.
قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ عِنْدَنَا، لِخُرُوجِهِ عَنِ الِاحْتِيَاطِ.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:25 PM
سـ25: ما هي أنواع العدالة؟
الإجابة:
والعدالة نوعان:
1-الظاهرة: إذا توفرت هذه الشروط الخمسة في الراوي ثبت له بها العدالة الظاهرة، أي: عدم الفسق. (1-مسلما. 2 – بالغا. 3-عاقلا. 4-سليما من أسباب الفسق، وخوارم المروءة.)
2-الباطنة: وهي التي يرجع فيها إلى أقوال المزكين، ولا يطلع عليها إلا من عايش الراوي وعرف حاله واحتك به احتكاكاً مباشراً.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:30 PM
سـ26: من هو الراوي المقبول؟ والمردود؟
الإجابة:
الراوي المقبول ما اجتمعت فيه العدالة (عدالة الدين)، والضبط (عدالة الرواة)
والراوي المردود: من سلبت منه العدالة والضبط

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:31 PM
سـ27: حكم تعديل المرأة؟ (مهم جدا)
الإجابة:
اخُتلِفَ في تعديل المرأة على عدة أوجه وهي:
1-أكثر العلماء من أهل المدينة وغيرهم قالوا: لا يقبل في التعديل «النساء»، لا في الرواية، ولا في الشهادة.
2-ذهب القاضي أبو بكر الباقلاني إلى أنه يقبل تعديل المرأة في الرواية، والشهادة، أما الحكم الذي لا تقبل شهادتها فيه فلا.
3-القول الثالث وهو الراجح: ذهب الفخر الرازي وغيره إلى أنه يقبل تعديل المرأة مطلقاً، مستدلين بتزكية بريرة للسيدة عائشة، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كما في حادثة الإفك. ولان المرأة يقبل خبرها، فقياسا على قبول خبر المرأة يقبل تعديلها وتجريحها.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّقْرِيبِ: يُقْبَلُ-أَيْ: فِي الرِّوَايَةِ -تَعْدِيلُ الْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ الْعَارِفَيْنِ، وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:33 PM
سـ28: حكم تعديل العبد؟
الإجابة:
1-ذهب القاضي أبو بكر الباقلاني إلى أنه يجب قبول تزكيته في الخبر دون الشهادة، لأن خبره مقبول وشهادته مردودة.
2-وذهب الفخر الرازي إلى قبول تزكيته في الخبر وفي الشهادة.
وهو الراجح بدليل أن عمر بن الخطاب قبل تزكية عبد.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:38 PM
سـ29: حكم تحمل الصبي؟
الإجابة:
◄ مختصرا:
القول الأول: ذهب قوم إلى عدم قبول تَحَمَّلَ الصبي قَبْلَ الْبُلُوغِ، لِأَنَّ الصَّبِيَّ مَظَنَّةُ عَدَمِ الضَّبْطِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّة ِ، وَكَذَا كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، يَتَوَقَّفُ فِي تَحْدِيثِ الصَّبِيِّ.
القول الراجح: ان الصبي يتحمل الحديث، الدليل: (قِصَّةُ مَحْمُودٍ بْنُ الرَّبِيعِ (وَعَقْلُ الْمَجَّهْ)، وَهِيَ إِرْسَالُ الْمَاءِ مِنَ الْفَمِ، الَّتِي مَجَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ مِنْ دَلْوٍ عَلَى وَجْهِ الْمُدَاعَبَةِ، أو التَّبْرِيكِ عَلَيْهِ، كَمَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ مَعَ أَوْلَادِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ نَقْلَهُ لِذَلِكَ الْفِعْلِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ السَّمَاعِ، وَكَوْنُهُ سُنَّةً مَقْصُودَةً. وَهُوَ، حِينَئِذٍ ابْنُ خَمْسَةٍ مِنَ الْأَعْوَامِ، ولكن الصبي لا يؤدي ما تحمله إلا بعد البلوغ أو التمييز، والمميز تقبل روايته إن لم يجرب عليه الكذب فإن جرب عليه الكذب وإن كان مميزًا، لا تقبل روايته.

◄مفصلاً: ونزيد على ما مضى
(وَرُدَّ) عَلَى الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ قَبُولِ الصَّبِيِّ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ عَلَى قَبُولِ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ مِمَّا تَحَمَّلُوهُ فِي حَالِ الصِّغَرِ (كَالسِّبْطَيْن )، وَهُمَا الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ ابْنَا ابْنَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، وَالْعَبَادِلَة ِ: ابْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَالسَّائِبِ بْنَ يَزِيدَ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَأَنَسٍ، وَمَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ،، وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَعَائِشَةَ وَنَحْوِهِمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا تَحَمَّلُوهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ.
مَعَ إِحْضَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ) خَلَفًا وَسَلَفًا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ (لِلصِّبْيَانِ) مَجَالِسَ الْعِلْمِ ثُمَّ قَبُولِ: الْعُلَمَاءِ مِنَ الصِّبْيَانِ (مَا حَدَّثُوا) بِهِ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُلُمْ أَيِ: الْبُلُوغِ.
وَقَدْ رَأَى أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيَّ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ وَقَدْ طَيَّنُوهُ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِهِ مَوَدَّةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: يَا مُطَيَّنُ، قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَحْضُرَ مَجْلِسَ السَّمَاعِ. وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَلْقِيبِهِ مُطَيَّنًا.
وَمَاتَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلِلدَّبَرِيِّ سِتُّ سِنِينَ أو سَبْعٌ، ثُمَّ رَوَى عَنْهُ عَامَّةَ كُتُبِهِ وَنَقَلَهَا النَّاسُ عَنْهُ.
· وَقيل يُسْتَحَبُّ طلب الحديث وكتابته فِي الْعِشْرِينَ"، وذلك لاكتمال عَقْلُ الْغُلَامِ لِعِشْرِينَ، وَالْفَهْمُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَكْمَلُ مِمَّا قَبْلَهُ. والْحَقُّ عَدَمُ التَّقَيُّدِ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ، بَلْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ طَلَبِ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ بِالْفَهْمِ، لِمَا يَرْجِعُ إلى الضَّبْطِ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَعْرِفُ عِلَلَ الْأَحَادِيثِ، وَاخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ، وَلَا أَنْ يَعْقِلَ الْمَعَانِيَ، وَاسْتِنْبَاطَه َا، إِذْ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْأَدَاءِ فَضْلًا عَنِ التَّحَمُّلِ فَكَتْبُ الصبي الْحَدِيثَ، بِنَفْسِهِ مُقَيَّدٌ بِالتَّأَهُّلِ لِلضَّبْطِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ (السَّمَاعُ) مِنَ الصَّبِيِّ لِلْحَدِيثِ بحيث يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى فِيهِ سَامِعًا.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:40 PM
سـ30: حكم تحمل وآداء المجنون؟
الإجابة:
وقت الجنون: لا تقبل له رواية.
وقت الإيفاق: إذا انقطع جنونه، وأثر في زمن إفاقته لا تقبل روايته. وإذا لم يؤثر في زمن افاقته قبلت روايته.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:44 PM
سـ31: حكم تحمل وآداء الكافر؟
الإجابة:
◄مختصرا
يتحمل لكنه لا يؤدي.
◄ مفصلا:
· قَالَ ابْنُ السُّبْكِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إِنَّهُ الصَّحِيحُ، لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِمْ كَمَالَ الْأَهْلِيَّةِ حِينَ التَّحَمُّلِ، مُحْتَجِّينَ:
- «بِأَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أُسَارَى بَدْرٍ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، فَسَمِعَهُ حِينَئِذٍ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، قَالَ جُبَيْرٌ: " وَذَلِكَ أول مَا وَقَرَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي».
وَفِي لَفْظٍ: " فَأَخَذَنِي مِنْ قِرَاءَتِهِ الْكَرْبُ "، وَفِي آخَرَ: " فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي حِينَ سَمِعْتُ الْقُرْآنَ "، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِسْلَامِهِ، ثُمَّ أَدَّى هَذِهِ السُّنَّةَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَحُمِلَتْ عَنْهُ.
- وَكَذَلِكَ رُؤْيَتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَنَحْوُ تَحْدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ بِقِصَّةِ هِرَقْلَ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ. بَلْ عِنْدَنَا لَوْ تَحَمَّلَ الْكَافِرُ وَالصَّبِيُّ شَهَادَةً، ثُمَّ أَدَّيَاهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ قُبِلَ أَيْضًا، سَوَاءٌ سَبَقَ رَدُّهُمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَمْ لَا. نَعَمْ، الْكَافِرُ الْمُسِرُّ كُفْرَهُ، لَا تُقْبَلُ مِنْهُ إِذَا أَعَادَهَا فِي الْأَصَحِّ، كَالْفَاسِقِ غَيْرِ الْمُعْلِنِ.
قَالَ الْخَطِيبُ: وَإِذَا كَانَ هَذَا جَائِزًا فِي الشَّهَادَةِ فَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ أَوْلَى، لِأَنَّ الرِّوَايَةَ أَوْسَعُ فِي الْحُكْمِ مِنَ الشَّهَادَةِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ لِغَيْرٍ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا حَفِظُوهَا قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ، وَأَدَّوْهَا بَعْدَهُ - انْتَهَى.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:47 PM
سـ32: حكم تحمل وآداء الفاسق؟
الإجابة:
لا تقبل رواية الفاسق، الدليل:
1-قوله تعالى «إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ» فإذا تحقق فسقه ترد روايته.
2-قوله تعالى «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ» أي لا تأخذوا العلم إلا ممن تقبلون شهادته والشهادة لا تقبل إلا من العدل، إذا الرواية كذلك لا تقبل إلا من العدل، إذا تحمل الفاسق حال فسقه ثم زال فسقه وأدى، تقبل روايته، من باب أولى قياسا على الكافر.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:56 PM
سـ33: عرف الضبط، وأنواعه؟ وما هي شروط الرواية بالمعنى؟
الإجابة:
والضبط هو: الاتقان والتثبت، والضبط قسمان:
ضبط صدر، وضبط كتاب.
وقد قال يحيى بن معين:" هما ثبْتان: ثبْت حفظ، وثبْت كتاب"
أما ضبط الصدر:
تعريفه: هو: "أن يُثْبت ما سمعه، بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء".
أو هو: إحكام وإتقان الرواية بحيث يستحضرها وقتما يطلب منه ذلك.
والبعض أطلق مجازاً على الضبط «عدالة»، وقالوا العدالة الأولى عدالة الدين وهي: التقوى والصلاح.
والعدالة الثانية عدالة رواية وهي: الضبط أن يكون متيقظاً وضابطاً لما يقول.
والأصل أنه يشترط في حالة الأداء، فإن جمع مع ذلك الضبط حال التحمل وما بعده، فهو أفضل.

◄حكم الرواية بالمعنى:
هذا إذا كان يروى باللفظ، أما إذا كان يروى بالمعنى فلابد من توافر شروط عدة:
أ*-ألا يكون الحديث الذي يرويه بالمعنى مما يتعبد بلفظه.
ب*-ألا يكون من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم (وهذان الشرطان يتعلقان بالمروى).
ت*-أن يكون الراوي عالماً بالألفاظ ومدلولاتها ومترادفاتها.
ث*-أن يكون عالماً بما يحيل المعنى عن المراد، أي: ما يبعده عن المعنى المراد. (وهذان يتعلقان بالراوي).
ثانيا: ضبط كتاب:
تعريفه: وهو صيانة الراوي لكتابه منذ أدخل الحديث فيه، وصححه، أو قابله على أصل شيخه، ونحو ذلك؛ إلى أن يؤدي منه، وذلك لأن الراوي قد يُبتلى برجل سوء: سواء كان ابنًا، أو جارًا، أو صديقًا، أو ورَّاقًا، أو نحو ذلك، فَيُدْخِلون في كتابه ما ليس منه، فعند ذلك يُطْعَن في ضبط الراوي، ويَسْقُط حديثه.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 10:59 PM
سـ34: ما هي مراتب الضبط؟ وشروطه؟
الإجابة:
مراتب الضبط:
المرتبة العليا: وهي التي يوصف صاحبها بتمام الضبط، وحديثه صحيح لذاته.
المرتبة الوسطى: وهي التي يوصف صاحبها بخفة الضبط، وحديث حسن لذاته مالم يتابع فان توبع ارتقى من الحسن لذاته إلى الصحيح لذاته
المرتبة الدنيا: وهي التي يوصف صاحبها بسوء الحفظ، أو بضعفه، وحدثه ضعيف مالم يتابع، فان توبع ارتقي من الضعف إلى الحسن لغيره

شروط الضبط:
1-أن يكون يقظا، وذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُغَفَّلًا لَا يُمَيِّزُ الصَّوَابَ مِنَ الْخَطَأِ، كَالنَّائِمِ وَالسَّاهِي، إِذِ الْمُتَّصِفُ بِهَا لَا يَحْصُلُ الرُّكُونُ إِلَيْهِ، وَلَا تَمِيلُ النَّفْسُ إلى الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ.
2-حافظا ان حدث من حفظه.
3-ضابطا لكتابه ان روى من كتابه.
4-عالما بما يحيل من معنى ان روى بالمعنى فالرواية نوعان، رواية باللفظ ورواية بالمعنى، فلا تجوز الرواية بالمعنى ان أمكن الرواية باللفظ، كما لا تجوز الرواية بالمعني إذا كان الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم أو اذا كان الحديث متعلق بألفاظ يتعبد بها، أو اذا كان متعلق بأسماء الله وصفاته، فهذا كله لا تجوز روايته بالمعنى، لكي تتحقق الغاية المرجوة منه.
اما إذا كان عاجزا عن الرواية باللفظ، فتجوز رواية الحديث بالمعني بشرط:
1-ان يكون عالما بالألفاظ ومدلولاتها.
2-ان يكون عاما بما تحيل من معنى والهدف[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1) من هذه الشروط: الحفاظ على المعني الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم.
3-أن لا يكون مخالفاً للثقات، فقد يوصف الراوي بذلك وهو نوعان:
*أ-ألا يخالف الراوي الثقة غيره من الثقات وعندئذ يكون حديثه شاذا.
*ب-أن يخالف الراوي الضعيف الثقات وعندئذ يكون حديثه منكرا.
قال الإمام مالك «أدركت بالمدينة مائة كلهم يسمي ثقة، لم أخذ عن واحد منهم الحديث، يقال ليس من أهله» لأنه ليس بضابط.

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) شروط الضبط:
1- أن لا يكون الراوي سيء الحفظ.
2- أن لا يكون فاحش الغلط.
3- أن لا يكون مغفلاً.
4- أن لا يكون كثير الأوهام.
5- أن لا يكون مخالفاً للثقات.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 11:32 PM
سـ35: ما الذي يترتب على فقدان الضبط؟
الإجابة:
والذي يخل بالضبط:[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1) أو سؤال؟ ما الذي يترتب على فقدان الضبط؟
أولا: أن يكون الراوي سيء الحفظ، فقد يوصف الراوي بسوء الحفظ وهو أن يكون خطؤه أقل من صوابه. وهو على قسمين:
*أ-أن يكون سوء الحفظ ملازما له في جميع حالاته وأوقاته، وهذا هو الضعيف.
* ب-إذا كان سوء الحفظ طارئا على الراوي، وهذا هو المختلط، وهو على قسمين:
1-من ضعف حديثه في بعض الأوقات دون بعض، وهؤلاء هم الثقات الذين خلطوا في آخر أعمارهم.
2-من ضعف حديثه في بعض الأماكن دون بعض، وهو من حدث في مكان من كتبه فضبط، وحدث في مكان آخر من غير كتبه فخلط.

ثانيا: أن يكون فاحش الغلط، فقد يوصف الراوي بكثرة الغلط في نفسه، مع قلة الغلط بالنسبة إلى صوابه ومع ذلك يعتقد ان ما يرويه صوابا، وهذا يعني ضعفه، وهذا الضعف يجبر بالمتابعات.
3-أن يكون مغفلاً.
4-أن يكون كثير الأوهام، وهو ان يكون الراوي كثير الوهم في نفسه، مع قلته بالنسبة إلى الصواب من حديثه، ومع ذهول الراوي وشرود ذهنه.
5-أن يكون مخالفاً للثقات، فقد يوصف الراوي بذلك وهو نوعان:
*أ-أن يخالف الراوي الثقة غيره من الثقات وعندئذ يكون حديثه شاذا.
*ب-أن يخالف الراوي الضعيف، حديث الثقات وعندئذ يكون حديثه منكرا.

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) مايُخِّل يخل بضبط الراوى:
أوجه الخلل فى ضبط الراوى بنوعيه – ضبط صدر وضبط كتاب -:
_ يقع فى ضبط الصدر أنواع من الخلل مثل: الوهم، والغفلة، والخطأ، والنسيان.
_ ويقع فى ضبط االكتاب أنواع من الخلل: كالتصحيف، والتخريف، والتغيير، والتبديل.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 11:36 PM
سـ36: كيف يعرف ضبط الكتاب؟
الإجابة:
1-التنصيص من إمام على أن فلان صحيح الكتاب.
2-التنصيص على ان أصل الراوي الذي يحدث منه مقابَل على أصل شيخه.
3 -أن يوافق حديثه الذي يرويه من كتابه حديث الثقات.

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 11:38 PM
سـ37: هل الضبط درجة واحدة؟
الإجابة:
ليس درجة واحدة بل درجات عامة وهي:
1-ضابط في الدرجة العليا "ويكون حديثه صحيحا".
2-ضابط في الدرجة الوسطي "ويكون حديثه حسنا".
3-ضابط في الدرجة الدنيا "ويكون حديثه ضعيفا".

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 11:46 PM
سـ38: اذكر مراتب العدالة والضبط معاً؟
الإجابة:
9 مراتب:
هناك ثلاث دراجات للعدالة وثلاث للضبط وهم:
1-عدل في المرتبة الأولى، ضابط في المرتبة الأولى.
عدل في المرتبة الأولى، ضابط في المرتبة الوسطى.
عدل في المرتبة الأولى، ضابط في المرتبة الدنيا.
2-عدل في المرتبة الوسطى، ضابط في المرتبة الأولى.
عدل في المرتبة الوسطى، ضابط في المرتبة الوسطى.
عدل في المرتبة الوسطى، ضابط في المرتبة الدنيا.
3-عدل في المرتبة الدنيا، ضابط في المرتبة الأولى.
عدل في المرتبة الدنيا، ضابط في المرتبة الوسطى.
عدل في المرتبة الدنيا، ضابط في المرتبة الدنيا( [1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) " قال السخاوي نقلا عن ابن الاثير : الضبط هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ احْتِيَاطٍ فِي بَابِ الْعِلْمِ، وَلَهُ طَرَفَانِ: الْعِلْمُ عِنْدَ السَّمَاعِ، وَالْحِفْظُ بَعْدَ الْعِلْمِ عِنْدَ التَّكَلُّمِ، حَتَّى إِذَا سَمِعَ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا، كَمَا لَوْ سَمِعَ صِيَاحًا لَا مَعْنَى لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَفْهَمِ اللَّفْظَ بِمَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ ضَبْطًا، وَإِذَا شَكَّ فِي حِفْظِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ وَالسَّمَاعِ لَمْ يَكُنْ ضَبْطًا ".
[نَوْعَا الضَّبْطِ] قَالَ: " ثُمَّ الضَّبْطُ نَوْعَانِ: ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ، فَالظَّاهِرُ ضَبْطُ مَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ، وَالْبَاطِنُ ضَبْطُ مَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِهِ، وَهُوَ الْفِقْهُ، وَمُطْلَقُ الضَّبْطِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الرَّاوِي هُوَ الضَّبْطُ ظَاهِرًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ الْخَبَرِ بِالْمَعْنَى، فَيَلْحَقُهُ تُهْمَةُ تَبْدِيلِ الْمَعْنَى بِرِوَايَتِهِ قَبْلَ الْحِفْظِ، أَوْ قَبْلَ الْعِلْمِ حِينَ سَمِعَ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَلَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ ; لِتَعَذُّرِ هَذَا الْمَعْنَى ". قَالَ: " وَهَذَا الشَّرْطُ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَا بَيَّنَّا، فَإِنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ قَلَّمَا يَعْتَبِرُونَهُ فِي حَقِّ الطِّفْلِ دُونَ الْمُغَفَّلِ ; فَإِنَّهُ مَتَى صَحَّ عِنْدَهُمْ سَمَاعُ الطِّفْلِ أَوْ حُضُورُهُ أَجَازُوا رِوَايَتَهُ. وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ لِلدِّينِ وَأَوْلَى " انْتَهَى.
[وَحَاصِلُهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ سَمَاعِهِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ تَامًّا]، فَيَخْرُجُ مَنْ سَمِعَ صَوْتَ غَفْلٍ، وَكَوْنُهُ حِينَ التَّأْدِيَةِ عَارِفًا بِمَدْلُولَاتِ الْأَلْفَاظِ، وَلَا انْحِصَارَ لَهُ فِي الثَّانِي عِنْدَ الْجُمْهُورِ ; لِاكْتِفَائِهِم ْ بِضَبْطِ كِتَابِهِ، وَلَا فِي الْأَوَّلِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِي نَ خَاصَّةً ; لِاعْتِدَادِهِم ْ بِسَمَاعِ مَنْ لَا يَفْهَمُ الْعَرَبِيَّ أَصْلًا كَمَا سَيَأْتِي كُلُّ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: " لِتَعَذُّرِ هَذَا الْمَعْنَى " ; أَيْ: عِنْدَ ذَاكَ الصَّحَابِيِّ نَفْسِهِ ; لِخَوْفِهِ مِنْ عَدَمِ حِفْظِهِ وَعَدَمِ تَمَكُّنِهِ فِي الْإِتْيَانِ بِكُلِّ الْمَعْنَى، وَهَذَا مِنْهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ تَوَرُّعٌ وَاحْتِيَاطٌ، وَلَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ تَأْخُذُهُ الرَّعْدَةُ إِذَا رَوَى، وَيَقُولُ: وَنَحْوَ ذَا أَوْ قَرِيبٌ مِنْ ذَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ].

عبد الحميد الأزهري
2016-09-30, 11:54 PM
سـ39: كيف يُعرف ضبط الراوي؟
الإجابة:
أولا: عرض مرويات هذا الراوي على مرويات المشاهير الثقات، والمقارنةُ بينهما من حيث الأسانيد والمتون، وحتماً ستنتهي المقارنة إلى:
1-الموافقة التامة: فيكون الراوي ضابطاً ضبطاً تاماً في الدرجة العليا.
ب-الموافقة الناقصة: أي: غير تامة، ولكن المخالفة فيها يسيرة – فلا تضر هذه المخالفة، لأن الراوي بشر يعتريه ما يعتري البشر من الخطأ، والنسيان، والغفلة، والوهم، وغير ذلك، فيكون ضبطه في الدرجة الوسطى.
ج-أما إذا كانت نتيجة المقارنة مخالفة كبيرة، فهو ليس بضابط.
وأَشَارَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إلى من تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، فَقَالَ: "وَيَكُونُ إِذَا شَرَكَ أَهْلَ الْحِفْظِ فِي حَدِيثٍ وَافَقَ حَدِيثَهُمْ"، وقَالَ: "وَمَنْ كَثُرَ غَلَطُهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلُ كِتَابٍ صَحِيحٍ لَمْ يُقْبَلْ حديثه"، وقال ابن كثير في – اختصار علوم الحديث – و"يعرف ضبط الراوي بموافقة الثقات لفظا، أو معنى"

ثانيا: وَيُعْرَفُ الضَّبْطُ أَيْضًا بِ امتحان الراوي واختباره:
كسؤاله في الرواة، وقلب الأسانيد، واستبدالها، وقد وقع لجماعة من المحدثين، كما فعل أهل بغداد مع الإمام البخاري رحمه الله تعالى.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 12:14 AM
سـ40: هل يقبل التجريح والتعديل من غير ذكر السبب؟ (مهم جدا)
الإجابة:
اختلفت أقوال العلماء في ذلك إلى ما يلي:
القول الأول: يقبل التعديل من غير بيان سببه، ولو من عدل واحد، وأما الْجرْح فانه لَا يقبل إِلَّا مُفَسرًا.
وذلك للأمور التالية:
1-لأن أسباب العدالة كثيرة ومتعددة يصعب ويشق حصرها، فان ذَلِك يحوج الْمعدل إلى أَن يَقُول لَيْسَ يفعل كَذَا وَلَا كَذَا ويعد مَا يجب تَركه، وَيفْعل كَذَا وَكَذَا فيعد مَا يجب عَلَيْهِ فعله.
2-ولان الأصل في الراوي العدالة، ولا يلجأ لغيرها إلا بسبب ظاهر، فيجب الصيرورة إليها.
وأما الْجرْح. فانه لَا يقبل إِلَّا مُفَسرًا مُبين سَبَب الْجرْح، لِأَن الْجرْح يحصل بِأَمْر وَاحِد، فَلَا يشق ذكره وَلِأَن النَّاس مُخْتَلفُونَ فِي أَسبَاب الْجرْح، فيطلق أحدهم الْجرْح بِنَاء على مَا اعتقده جرحا، وَلَيْسَ الْجرْح فينسف الْأَمر، فَلَا بُد من بَيَان سَببه، ليظْهر أهو فادح، أم لَا، وامثلته كَثِيرَة:
الأدلة:
أ-سئل شعبة بن الحجاج: لمَ تركت حديث فلان؟ قال " رأيته يركض على برذون فتركت حديثه "
ب-قيل للحكم بن عتيبة لِمَ لَمْ تروِ عن زاذان؟
قال: كان كثيرُ الكلام. وَلَعَلَّهُ اسْتَنَدَ إلى مَا يُرْوَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ، وَمَنْ كَثُرَ سَقَطُهُ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ، وَمَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ»، وَكَذَا لِمَا وَرَدَ فِي ذَمِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ.
جـ-قال شعبة: أتيت منزل المنهال بن عمرو، فسمعت فيه صوت الطنبور فرجعت. "الطُّنْبُورُ: آلة من آلات اللعِب واللَّهْو والطَّرب، ذاتُ عُنُق وأوتار".
د-ومن ذلك ترك جرير بن عبد الحميد الضبي، سماع الحديث عن سماك بن حرب، لأنه رآه يبول قائماً، وقد وثق جماعة من العلماء سماك بن حرب، وأخرجه مسلم في صحيحه.
(وهذا هو المذهب الصحيح الراجح) لأنه يتفق مع المنطق ومع العقل، ومع عمل علماء الجرح والتعديل.
◄ وذكر الخَطِيب: أنَّه مذهب الأئمة من حُفَّاظ الحديث، كالشَّيخين وغيرهما.
ولذلك احتجَّ البُخَاري بجماعة سبق من غيره الجَرْح لهم، كعكرمة، وعَمرو ابن مرزوق، واحتجَّ مسلم بِسُويد بن سعيد وجَمَاعة اشتهر الطَّعن فيهم، وهكذا فعل أبو داود، وذلك دال على أنَّهم ذهبُوا إلى أنَّ الجرح لا يثبُت إلاَّ إذا فُسِّر سببهُ، ويدل على ذلك أيضًا أنَّه رُبَّما استفسرَ الجارح، فذكر ما ليسَ بجرح".

قَالَ ابْن الصّلاح فِي مقدمته بعد أَن صحّح عدم قبُول الْجرْ ح الْمُبْهم بِإِطْلَاقِهِ:
لقَائِل أَن يَقُول إِنَّمَا يعْتَمد النَّاس فِي جرح الروَاة ورد حَدِيثهمْ على الْكتب الَّتِي صنفها ائمة الحَدِيث فِي الْجرْح أو فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل، وقلما يتعرضون فِيهَا لبَيَان السَّبَب، بل يقتصرون على مُجَرّد قَوْلهم فلَان ضَعِيف، وَفُلَان لَيْسَ بِشَيْء وَنَحْو ذَلِك، أو هَذَا حَدِيث ضَعِيف، أو حَدِيث غير ثَابت وَنَحْو ذَلِك فاشتراط بَيَان السَّبَب يُفْضِي إلى تَعْطِيل ذَلِك، وسد بَاب الْجرْح فِي الاغلب الاكثر.
وَجَوَابه:
أَن ذَلِك وَإِن لم نعتمده فِي إِثْبَات الْجرْح وَالْحكم بِهِ، فقد اعتمدناه فِي أَن توقفنا عَن قبُول حَدِيث من قَالُوا فِيهِ مثل ذَلِك بِنَاء على أَن لَك أوقع عندنَا فِيهِ رِيبَة قَوِيَّة يُوجب مثلهَا التَّوَقُّف، ثمَّ من انزاحت عَن الرِّيبَة بالبحث عَن حَاله، قبلنَا حَدِيثه، وَلم نتوقف كَالَّذِين احْتج بهم صاحبا الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مِمَّن مسهم مثل هَذَا الْجرْح من غَيرهم فَافْهَم ذَلِك فانه مخلص حسن انْتهى.

القول الثاني: عكسه قبول الجرح غير مفسر، ولا يقبل التعديل إلا مفسراً:
فيقبل الجرح غير مفسر، لأن الْجَارِحَ يُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ بَاطِنِيٍّ قَدْ عَلِمَهُ، وَيُصَدِّقُ الْمُعَدِّلَ وَيَقُولُ لَهُ: قَدْ عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِ الظَّاهِرِ مَا عَلِمْتُهُ، وَتَفَرَّدْتُ بِعِلْمٍ لَمْ تَعْلَمْهُ مِنِ اخْتِبَارِ أَمْرِهِ "، يَعْنِي: فَمَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ.
ولا يقبل التعديل إلا مفسراً، لأن أسباب العدالة مما يكثر التصنع فيها، فَيَتَسَارَعُ النَّاسُ إلى الثَّنَاءِ عَلَى الظَّاهِرِ.
فَهَذَا الْإِمَامُ مَالِكٌ مَعَ شِدَّةِ نَقْلِهِ وَتَحَرِّيهِ قِيلَ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، فَقَالَ: غَرَّنِي بِكَثْرَةِ جُلُوسِهِ فِي الْمَسْجِدِ، يَعْنِي لِمَا وَرَدَ مِنْ كَوْنِهِ بَيْتَ كُلِّ تَقِيٍّ.
وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ: لِمَنْ قَالَ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخُطَّابِ الْعُمَرِيُّ ضَعِيفٌ: فقال إِنَّمَا يُضَعِّفُهُ رَافِضِيٌّ مُبْغِضٌ لِآبَائِهِ، لَوْ رَأَيْتَ لِحْيَتَهُ وَخِضَابَهُ، وَهَيْئَتَهُ لَعَرَفْتَ أَنَّهُ ثِقَةٌ.
فَاسْتَدَلَّ لِثِقَتِهِ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لِأَنَّ حُسْنَ الْهَيْئَةِ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْعَدْلُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، والْجُمْهُورَ عَلَى ضَعْفِهِ، وَكَثِيرًا مَا يُوجَدُ مَدْحُ الْمَرْءِ بِأَنَّكَ إِذَا رَأَيْتَ سَمْتَهُ عَلِمْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ.

القول الثالث: لا يقبلان إلا مفسرين: لأنه كما يجرح الجارح بما يقدح، فإن المُعدل يُعدِل بما لا يقتضي العدالة، حَكَاهُ الْخَطِيب والأصوليون.

القول الرابع: عَكسه، وَهُوَ انه لَا يجب بَيَان سَبَب كل مِنْهُمَا إِذا كَانَ الْجَارِح والمعدل عَارِفًا بَصيرًا بأسبابهما:
وهذا الرأي اختاره أبي بكر الخطيب البغدادي، ونقله عن الجمهور، واختاره إمام الحرمين والغزالي والرازي، وصححه الحافظ أبو الفضل العراقي.

القول الخامس: رأي الحافظ ابن حجر في الإجمال والتفسير حيث اختار تفصيلا حسنا: " امتحان مهم فقال أ ـ "إن كان مَنْ جُرِحَ مجملاً قد وثقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يُقبل الجرح فيه من أحد كائناً من كان إلّا مفسراً؛ لأنه قد ثبتت له رتبة الثقة فلا يزحزح عنها إلّا بأمر جلي"
وهذا مأخوذ من قول الإمام أحمد: ((كل رجل ثبتت عدالته لم يقبل فيه تجريح أحد حتى يبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه)).
فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون إلّا من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه ونقدوه كما ينبغي وهم أيقظ الناس، فلا ينتقض حكم أحدهم إلّا بأمر صريح."

ب ـ وإن كان مَنْ جُرِحَ جرحاً مبهماً قد خلا عن التعديل، قُبِلَ فيه الجرح، وإن كان مبهماً إذا صدر من إمام عارف، وذلك لأن الراوي إذا لم يُعدَّلْ فهو في حَيِّزِ المجهول، فإعمالُ قول المجرِّح فيه أولى من إهماله، وإنما لم يُطْلبْ من المجرِّح تفسير جرحه لأنه لو فسره، فكان جرحاً غير قادح لمنعت جهالة حال الراوي من الاحتجاج به.
قال الإمام الذهبي: لا يجتمع إثنان من علماء هذا الشأن على توثيق ضعيف، ولا على تضعيف ثقة.
قال النسائي: لا يترك حديث الرجل حتى يُجْمِعوا على تركه. [1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1)[1] القول الخامس: يقول اللكنوي: اخْتَار الْحَافِظ ابْن حجر فِي نخبته وَشَرحه ان التجريح الْمُجْمل الْمُبْهم يقبل فِي حق من خلا عَن التَّعْدِيل: لانه لما خلى عَن التَّعْدِيل صَار فِي حيّز الْمَجْهُول وإعمال قَول المجرح أولى من إهماله فِي حق هَذَا الْمَجْهُول واما فِي حق من وثق وَعدل فَلَا يقبل الْجرْح الْمُجْمل وَهَذَا وان كَانَ مُخَالفا لما حَقَّقَهُ ابْن الصّلاح وَغَيره م عدم قبُول الْجرْح الْمُبْهم باطلاقه لكنه تَحْقِيق مستحسن وتدقيق حسن وَمن هَاهُنَا علم ان المسالة مخمسة فِيهَا اقوال خَمْسَة وَلكُل وجهة هُوَ موليها فاستبقوا الْخيرَات وسارعوا الى الْحَسَنَات

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 12:27 AM
سـ41: لماذا لا يقبل الجرح إلا مفسرا؟
الإجابة:
لأن الناس يتفاوتون حسب الأعراف، والعادات، والتقاليد، ويختلفون فيما هو قادح، وفيما ليس بقادح، فلا بد من ذكر السبب حتى نعرف هل هذا السبب يؤدى إلى الجرح أو لا.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)
قال الامام اللكنوي:[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2) " قد زلت قدم كثير من عصرنا بِمَا تحقق عِنْد الْمُحَقِّقين أَن الْجرْح مقدم على التَّعْدِيل لغفلتهم عَن التَّقْيِيد وَالتَّفْصِيل توهما مِنْهُم أَن الْجرْح مُطلقًا، أَي جرح كَانَ من أَي جارح كَانَ فِي شَأْن أَي راو كَانَ مقدم على التَّعْدِيل مُطلقًا، أَي تَعْدِيل كَانَ من أَي معدل كَانَ فِي شَأْن أَي راو كَانَ، وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ظنُّوا بل الْمَسْأَلَة أَي تقدم الْجرْح على التَّعْدِيل مُقَيّدَة بَان يكون الْجرْح مُفَسرًا فان الْجرْح الْمُبْهم غير مَقْبُول مُطلقًا على الْمَذْهَب الصَّحِيح فَلَا يُمكن أَن يُعَارض التَّعْدِيل وان كَانَ مُبْهما، وَيشْهد لَهُ.
قَو السُّيُوطِيّ فِي تدريب الرَّاوِي: إذا اجْتمع فِيهِ أَي فِي الرَّاوِي جرح مُفَسّر، وتعديل فالجرح مقدم وَلَو زَاد عدد الْمعدل هَذَا هُوَ الاصح عِنْد الْفُقَهَاء والأصوليين.
وَقَال الْحَافِظ ابْن حجر فِي نخبة الْفِكر وَشَرحه نزهة النّظر: " الْجرْح مقدم من التَّعْدِيل، واطلق ذَلِك جمَاعَة لَكِن مَحَله التَّفْصِيل، وَهُوَ انه صدر مُبينًا من عَارِف بأسبابه لأنه ان كَانَ غير مُفَسّر لم يقْدَح فِيمَن ثبتَتْ عَدَالَته، وإن صدر من غير عَارِف بالأسباب، لم يعْتَبر بِهِ ايضا فان خلا عَن التَّعْدِيل قبل مُجملا غير مُبين السَّبَب".
وَقَول النَّوَوِيّ فِي شرح صَحِيح مُسلم: "عَابَ عائبون مُسلما بروايته فِي صَحِيحه عَن جمَاعَة من الضُّعَفَاء، وَلَا عيب عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَجَوَابه من أوجه ذكرهَا ابْن الصّلاح:
أحدهما: أن يكون ذَلِك فِي ضَعِيف عِنْد غَيره، ثِقَة عِنْده، وَلَا يُقَال الْجرْح مقدم على التَّعْدِيل، لَان ذَلِك فِيمَا إذا كَانَ الْجرْح ثَابتا مُفَسّر السَّبَب، والا فَلَا يقبل الْجرْح إذا لم يكن كَذَا انْتهى".
وَقَول الْحَافِظ ابْن حجر فِي ديباجة لِسَان الْمِيزَان:
"إذا اخْتلف الْعلمَاء فِي جرح رجل وتعديله فَالصَّوَاب التَّفْصِيل فإن كَانَ الْجرْح وَالْحَالة هَذِه مُفَسرًا قبل، وإلا عمل بالتعديل، فأما من جهل، وَلم يعلم فِيهِ سوى قَول إمام من ائمة الحَدِيث، إنه ضَعِيف أو مَتْرُوك وَنَحْو ذَلِك، فان القَوْل قَوْله وَلَا نطالبه بتفسير ذَلِك، فَوجه قَوْلهم إن الْجرْح لَا يقبل الا مُفَسرًا هُوَ فِيمَن اخْتلف فِي توثيقه وتجريحه انْتهى".

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) •قال اللكنوي: قَالَ ابْن الصّلاح فِي مقدمته بعد أَن صحّح عدم قبُول الْجرْح الْمُبْهم بِإِطْلَاقِهِ لقَائِل أَن يَقُول إِنَّمَا يعْتَمد النَّاس فِي جرح الروَاة ورد حَدِيثهمْ على الْكتب الَّتِي صنفها ائمة الحَدِيث فِي الْجرْح أَو فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل وقلما يتعرضون فِيهَا لبَيَان السَّبَب بل يقتصرون على مُجَرّد قَوْلهم فلَان ضَعِيف وَفُلَان لَيْسَ بِشَيْء وَنَحْو ذَلِك أَو هَذَا حَدِيث ضَعِيف أَو حَدِيث غير ثَابت وَنَحْو ذَلِك فاشتراط بَيَان السَّبَب يُفْضِي إِلَى تَعْطِيل ذَلِك وسد بَاب الْجرْح فِي الاغلب الاكثر.
وَجَوَابه: َن ذَلِك وَإِن لم نعتمده فِي إِثْبَات الْجرْح وَالْحكم بِهِ فقد اعتمدناه فِي أَن توقفنا عَن قبُول حَدِيث من قَالُوا فِيهِ مثل ذَلِك بِنَاء على أَن لَك أوقع عندنَا فِيهِ رِيبَة قَوِيَّة يُوجب مثلهَا التَّوَقُّف ثمَّ من انزاحت عَن الرِّيبَة بالبحث عَن حَاله قبلنَا حَدِيثه وَلم نتوقف كَالَّذِين احْتج بهم صاحبا الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مِمَّن مسهم مثل هَذَا الْجرْح من غَيرهم فَافْهَم ذَلِك فانه مخلص حسن انْتهى

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 12:37 AM
سـ42: هل يكتفى بتعديل الواحد وجرحه؟ مهم.
الإجابة:
قال اللكنوي: ذكر الْعِرَاقِيّ وَغَيره من شرَّاح الألفية أنهم اخْتلفُوا فِي الِاكْتِفَاء بتعديل الْوَاحِد، وجرحه فِي بَاب الشَّهَادَة وَالرِّوَايَة على اقوال:
الأول: انه لا يقبل فِي التَّزْكِيَة إلا قَول رجلَيْنِ فِي الشَّهَادَة، وَالرِّوَايَة وكليهما وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ القَاضِي أَبُو بكر الباقلاني عَن أكثر الْفُقَهَاء من أهل الْمَدِينَة وَغَيرهم.
الثَّانِي: الِاكْتِفَاء بِوَاحِد فِي الشَّهَادَة وَالرِّوَايَة مَعًا وَهُوَ اخْتِيَار القَاضِي ابي بكر لَان التَّزْكِيَة بِمَثَابَة الْخَبَر
الثَّالِث: التَّفْرِقَة بَين الشَّهَادَة وَالرِّوَايَة فيكتفى الْوَاحِد فِي الرِّوَايَة دون الشَّهَادَة وَرجحه الامام فَخر الدّين، وَالسيف الآمدي.
قَالَ ابْن الصّلاح: وَالصَّحِيح الَّذِي اخْتَارَهُ الْخَطِيب وَغَيره أنَّ الجرح والتعديل يثبتان بواحد، لأنَّ العدد لم يشترط في قَبُول الخبر، فلم يشترط في جرح راويه وتعديله، ولأنَّ التَّزْكية بمنزلة الحُكْم وهو أيضًا لا يُشترط فيه العدد.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)
قال شيخ الإسلام ابن حجر: وَلَوْ قِيلَ يُفْصَلُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ التَّزْكِيَةُ مُسْنَدَةً مِنَ الْمُزَكِّي إلى اجْتِهَادِهِ، أو إلى النَّقْلِ عَنْ غَيْرِهِ لَكَانَ مُتَّجِهًا، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ أَصْلًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، وَيَتَبَيَّنُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ، لِأَنَّ أَصْلَ النَّقْلِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ، فَكَذَا مَا تَفَرَّعَ مِنْهُ. انْتَهَى.

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) تقبل تَزْكِيَة كل عدل وجرحه ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى حرا كَانَ أَو عبدا صرح بِهِ الْعِرَاقِيّ فِي شرح ألفيته

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 12:40 AM
سـ43: لو خلا الراوي من التوثيق، وجاء في أمره جرح مجمل (غير مذكور السبب) وكتب الجرح والتعديل مليئة بالجرح المجمل، فهل يقبل هذا الجرح أو لا يقبل؟
الإجابة:
يقبل. لأن الراوي لم يأت فيه توثيق، وبشرط أن يكون الجارح من علماء الجرح والتعديل الذين توافرت فيهم شروط المعدل والمجرح.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 12:43 AM
سـ44: في كتب الجرح والتعديل يذكر العلماء تجريح الراوي دون ذكر السبب. فما فائدة ذلك؟
الإجابة:
فائدة ذلك أنه نبهني إلى ان هذا الراوي المتكلم فيه، ينبغي البحث والتحري عن حاله.
-فإذا انكشف سبب الجرح، زال اللبس، وحصلت الثقة بأنه ضعيف.
-أما إذا لم نجد سبباً للجرح، ولم يتضح حال الراوي، ولم نجد من عدله، فإعمال الجرح فيه أولى من إهماله.
قال اللكنوي: " قَالَ ابْن الصّلاح فِي مقدمته بعد أَن صحّح عدم قبُول الْجرْح الْمُبْهم بِإِطْلَاقِهِ لقَائِل أَن يَقُول إِنَّمَا يعْتَمد النَّاس فِي جرح الروَاة ورد حَدِيثهمْ على الْكتب الَّتِي صنفها ائمة الحَدِيث فِي الْجرْح أو فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل وقلما يتعرضون فِيهَا لبَيَان السَّبَب بل يقتصرون على مُجَرّد قَوْلهم فلَان ضَعِيف وَفُلَان لَيْسَ بِشَيْء وَنَحْو ذَلِك أو هَذَا حَدِيث ضَعِيف أو حَدِيث غير ثَابت وَنَحْو ذَلِك فاشتراط بَيَان السَّبَب يُفْضِي إلى تَعْطِيل ذَلِك وسد بَاب الْجرْح فِي الاغلب الاكثر.
وَجَوَابه أَن ذَلِك وَإِن لم نعتمده فِي إِثْبَات الْجرْح وَالْحكم بِهِ فقد اعتمدناه فِي أَن توقفنا عَن قبُول حَدِيث من قَالُوا فِيهِ مثل ذَلِك بِنَاء على أَن لَك أوقع عندنَا فِيهِ رِيبَة قَوِيَّة يُوجب مثلهَا التَّوَقُّف ثمَّ من انزاحت عَن الرِّيبَة بالبحث عَن حَاله قبلنَا حَدِيثه وَلم نتوقف كَالَّذِين احْتج بهم صاحبا الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مِمَّن مسهم مثل هَذَا الْجرْح من غَيرهم فَافْهَم ذَلِك فانه مخلص حسن انْتهى.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 12:50 AM
سـ45: ما الشروط التي يجب أن تتوفر في عَالِم الجَرح والتَّعْديل؟ شروط المجرح؟ مهم جداً.
الإجابة:
1-أن يكون عدلاً في ذاته، والعدل هنا ليس معناه عدالةُ الدين فقط، البعض يُقصرُ العدالةَ: على عدالةِ الدين فقط، لكن الصواب من اجتمعت فيه عدالة الدين، وعدالة الضبط، والمتأخرون يعتمدون كلمة الثقة، والعدل على: من اجتمعت فيه – عدالة الدين، وعدالة الضبط – فلا يُطلقُ على العدلِ عدلاً إلا اذا كان عدلاً في دينه ضابطاً لِروايتهِ، وكذلك الثقة.
2-عالماً بأسباب الجَرحِ والتَّعْديل
3-غير مُتعَصِبٍ
4-ولا يكون قَرِين، كلامُ القَرينِ في قرينهِ لا يُقبل
• قال الامام اللكنوي فِي شَرط الْجَارِح والمعدل:
يشْتَرط فِي الْجَارِح والمعدل الْعلم، وَالتَّقوى، والورع، والصدق، والتجنب عَن التعصب، وَمَعْرِفَة اسباب الْجرْح والتزكية، وَمن لَيْسَ كَذَلِك لَا يقبل مِنْهُ الْجرْح وَلَا التَّزْكِيَة، -قَالَ التَّاج السُّبْكِيّ من لَا يكون عَالما بأسبابهما أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل لَا يقبلُونَ مِنْهُ لَا بأطلاق وَلَا بتقييد.
وقال أيضا: انه إذا علم بالقرائن المقالية أو الحالية ان الْجَارِح طعن على اُحْدُ بِسَبَب تعصب مِنْهُ عَلَيْهِ لَا يقبل مِنْهُ ذَلِك الْجرْح، وإن علم انه ذُو تعصب على جمع من الأكابر ارْتَفع الامان عَن جرحه وعد من أصحاب القرح.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 06:47 AM
سـ46: ما شروط الجرح الذي أباحه الإسلام؟
الإجابة:
1-أن يكون لراو يجوز غيبته، أما غيره فلا.
2-أن يكون داعي الجرح المصلحة والنصيحة، لا حب الطعن والتنقيص.
3-أن يكون الجارح واثقا مما قال.
4-أن يكون بقدر الحاجة.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 06:48 AM
سـ47: ما الدليلُ على ثبوت العدالةِ والتجريحِ والتزكيةِ من عَالِمٍ واحد؟
الإجابة:
أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قَبلَ تزكية بريرة في السيدة عائشة، وقياساً على قبول رواية المرأة، تقبل تزكيتها لغيرها،
وكذلك العبد يُقبل تزكيته، ودليله: ان سيدنا عمر قبل تزكية عبد يقال له سنين،
وهناك من قال: بأنه لابد من عالمين عدلَّين قياساً على الشهادة ودليلهم على ذلك قوله تعالى: { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُم}.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 06:49 AM
سـ48: حكم تزكية الصبي؟
الإجابة:
قال السخاوي: وَلَا تُقْبَلُ تَزْكِيَةُ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ، وَلَا الْغُلَامِ الضَّابِطِ جَزْمًا، وَإِنِ اخْتُلِفَ فِي رِوَايَتِهِمَا، لِأَنَّ الْغُلَامَ وَإِنْ كَانَتْ حَالُهُ ضَبْطَ مَا سَمِعَهُ، وَالتَّعْبِيرَ عَنْهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَهُوَ غَيْرُ عَارِفٍ بِأَحْكَامِ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ ، وَمَا بِهِ مِنْهَا يَكُونُ الْعَدْلُ عَدْلًا، وَالْفَاسِقُ فَاسِقًا، فَذَلِكَ إِنَّمَا يَكْمُلُ لَهُ الْمُكَلَّفُ، وَأَيْضًا فَلِكَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ تَفْسِيقُ الْعَدْلِ، وَتَعْدِيلُ الْفَاسِقِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ، فَافْتَرَقَ الْأَمْرُ فِيهِمَا، قَالَهُ الْخَطِيبُ.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 07:23 AM
سـ49: عرف تعارض الجرح والتعديل؟ وما شروطه؟
الإجابة:
معنى التعارض: عرفه الخطيب البغدادي فقال: أمرٌ جاء من طرق أحدهما ينفي ما يثبته الآخر.
شروط التعارض:
1-أن يكون سند كل قول مقبولاً.
2-أن يُثبت أحدهما ما ينفيه الآخر، أو ينفي أحدهما ما يثبته الآخر.
3 -اتحاد الزمان.
4-اتحاد المكان. فاذا اختل شرط من هذه الشروط فلا تعارض.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 07:30 AM
سـ50: اذكر أنواع تعارض الجرح والتعديل؟ مفصلا القول فيها؟ مهم جدا.
الإجابة:
قد نجد في ترجمة راوٍ واحد تعارض، وهذا التعارض نوعان:
1-تعارض بين قول أكثر من إمام، فيعدله بعض، ويجرحه بعض.
2-تعارض بين قول إمام واحد، فيروي عنه أنه عدله، ويروي عنه أنه جرحه ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
أولا: تعارض أقوال الأئمة:
إذا تحقق التعارض من إمامين فأكثر في راوٍ واحد، فللعلماء فيه أقوال:
الأول. مذهب الجمهور ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)): يقدم الجرح المفسر مذكور السبب، (إذا كان السبب قادحا)، على التعديل المجمل، لأن الجارح عنده زيادة علم لم يطلع عليه المُعدل. ولأن الْجَارِح مُصدق للمعدل فِيمَا أخبر بِهِ عَن ظَاهر حَاله إلا انه يخبر عَن امْر بَاطِن خَفِي عَن الْمعدل، ولو كان سبب الجرح غير قادحٍ، فإنه يقدم التعديل، (وهذا هو المذهب الراجح).
S قال الامام اللكنوي: قد زلت قدم كثير من عصرنا بِمَا تحقق عِنْد الْمُحَقِّقين أَن الْجرْح مقدم على التَّعْدِيل لغفلتهم عَن التَّقْيِيد وَالتَّفْصِيل، توهما مِنْهُم أَن الْجرْح مُطلقًا أَي جرح كَانَ من أَي جارح كَانَ فِي شَأْن أَي راو كَانَ مقدم على التَّعْدِيل مُطلقًا أَي تَعْدِيل كَانَ من أَي معدل كَانَ فِي شَأْن أَي راو كَانَ وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ظنُّوا بل الْمَسْأَلَة أَي تقدم الْجرْح على التَّعْدِيل مُقَيّدَة بَان يكون الْجرْح مُفَسرًا، فان الْجرْح الْمُبْهم غير مَقْبُول مُطلقًا على الْمَذْهَب الصَّحِيح فَلَا يُمكن أَن يُعَارض التَّعْدِيل وان كَانَ مُبْهما" ثم قال: "فَالْحَاصِل ان الَّذِي دلّت عَلَيْهِ كَلِمَات الثقاب وَشهِدت بِهِ جمل الاثبات هُوَ انه ان وجد فِي شان راو تَعْدِيل وجرح مبهمان قدم التَّعْدِيل وَكَذَا ان وجد الْجرْح مُبْهما وَالتَّعْدِيل مُفَسرًا قدم التَّعْدِيل وَتَقْدِيم الْجرْح انما هُوَ إذا كَانَ مُفَسرًا سَوَاء كَانَ التَّعْدِيل مُبْهما أو مُفَسرًا فاحفظ هَذَا فانه ينجيك من المزلة والخطل ويحفظك عَن المذلة والجدل
الثاني: (الأكثرية: أي أكثرية العدد) ذهب بعض الأئمة إلى أن التعديل مُقدم إذا كان المُعدِلون أكثر عدداً والعكس صحيح، فان كَثْرَة المعدلين تقَوِّي حَالهم، وَقلة الجارحين تضعف خبرهم "فالْكَثْرَةَ تُقَوِّي الظَّنَّ، وَالْعَمَلُ بِأَقْوَى الظَّنَّيْنِ وَاجِبٌ كَمَا فِي تَعَارُضِ الْحَدِيثَيْنِ".
قَالَ الْخَطِيب: وَهَذَا خطأ مِمَّن توهمه، لَان المعدلين وإن كَثُرُوا لَيْسُوا يخبرون عَن عدم مَا اخبر بِهِ الجارحون، وَلَوْ أَخْبَرُوا بِذَلِكَ، وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ، لَخَرَجُوا بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ تَعْدِيلٍ أو جَرْحٍ، لأنها شَهَادَةٌ بَاطِلَةٌ عَلَى نَفْيِ مَا يَصِحُّ وَيَجُوزُ وُقُوعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوهُ فَثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنَّ تَقْدِيمَ الْجَرْحِ إِنَّمَا هُوَ لِتَضَمُّنِهِ زِيَادَةً خَفِيَتْ عَلَى الْمُعَدِّلِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ مَعَ زِيَادَةِ عَدَدِ الْمُعَدِّلِ وَنَقْصِهِ وَمُسَاوَاتِهِ، فَلَوْ جَرَّحَهُ وَاحِدٌ وَعَدَّلَهُ مِائَةٌ، قُدِّمَ الْوَاحِدُ لِذَلِكَ.

الثالث: (الأحفظية)[3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3): ذهب بعض الأئمة: انه إذا كان أئمةُ التعديل هم الأحفظ يقدم التعديل، وإذا كان أئمة التجريح هم الأحفظ يقدم التجريح.
الرابع: يتعارَضان ولا يُقَدَمُ أحدُهما إلا بِمُرَجِح: حكَاهُ ابْن الْحَاجِب كَذَا فَصله الْعِرَاقِيّ فِي شرح ألفيته والسيوطي فِي التدريب وَغَيرهمَا
وهذا المذهب يُعَدُ داخلاً في " الثاني، والثالث " لأنهما تعارضا، وقُدِمَ أحدهما بمرجح، والمرجح في الثاني هو " الأحفظية " وفي الثالث " الأكثرية "، وَوَجْهُهُ أَنَّ مَعَ الْمُعَدِّلِ زِيَادَةَ قُوَّةٍ بِالْكَثْرَةِ أو بالأحفظية، وَمَعَ الْجَارِحِ زِيَادَةَ قُوَّةٍ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى الْبَاطِنِ.
ثانياً: تعارض أقوال الإمام الواحد:
إذا تحقق التعارض من إمام واحد في راوٍ واحد، فَهَذَا قَدْ لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا، بَلْ نِسْبِيًّا فِي أَحَدِهِمَا، أو نَاشِئًا عَنْ تَغَيُّرِ اجْتِهَادٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْضَبِطُ بِأَمْرٍ كُلِّيٍّ، فالعمل على آخر القولين إن عُلِمَ المُتأخر، وإلا فالواجب التوقف ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
قال الامام اللكنوي: كثيرا مَا تَجِد الِاخْتِلَاف عَن ابْن معِين وَغَيره من ائمة النَّقْد فِي حق راو، وَهُوَ قد يكون لتغير الِاجْتِهَاد، وَقد يكون لاخْتِلَاف كَيْفيَّة السُّؤَال.
قال الحافظ السخاوي فِي فتح المغيث: "مِمَّا يُنَبه عَلَيْهِ انه يَنْبَغِي ان تتأمل أقوال المزكين ومخارجها فَيَقُولُونَ فلَان ثِقَة أو ضَعِيف وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ أنه مِمَّن يحْتَج بحَديثه وَلَا مِمَّن يرد وإنما ذَلِك بِالنِّسْبَةِ لمن قرن مَعَه على وفْق مَا وَجه إلى الْقَائِل من السؤال وامثلة ذَلِك كَثِيرَة لَا نطيل بهَا، مِنْهَا مَا قَالَ عُثْمَان الدِّرَامِي سَالَتْ ابْن معِين عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أبيه كَيفَ حَدِيثهمَا؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْس، فَقلت هُوَ أحب إليك أو سعيد المَقْبُري، قَالَ: سعيد أوثق، والْعَلَاء ضَعِيف.
فَهَذَا لم يرد بِهِ ابْن معِين ان الْعَلَاء ضَعِيف مُطلقًا، بِدَلِيل إنه قَالَ: لَا باس بِهِ، وإنما أراد أنه ضَعِيف بِالنِّسْبَةِ لسَعِيد المَقْبُري ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي بذل الماعون فِي فضل الطَّاعُون: "وَقد وَثَّقَهُ أَي أبا بلج، يحيى بن معِين، وَالنَّسَائِيّ، وَمُحَمّد بن سعد، وَالدَّارَقُطْن ِيّ، وَنقل ابْن الْجَوْزِيّ عَن ابْن معِين انه ضعفه، فان ثَبت ذَلِك يكون سُئِلَ عَنهُ، وَعَمن فَوْقه، فضعفه بِالنِّسْبَةِ إليه، وَهَذِه قَاعِدَة جليلة فِيمَن اخْتلف النَّقْل عَن ابْن معِين"([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)).

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) س: هل الصحيح يُعارض الحسن؟
الجمهور قالوا: أن الصحيح يعارض الحسن.
الأحناف قالوا: لا تعارض بين الصحيح والحسن، وحُجَتهم في ذلك: أن الصحيح أعلى درجةً من الحسن، وأقوى من الحسن، فيقدم الصحيح.

[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2) قال السخاوي: فِي تَعَارُضِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي رَاوٍ وَاحِدٍ (وَقَدَّمُوا) أَيْ: جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ (الْجَرْحَ) عَلَى التَّعْدِيلِ مُطْلَقًا، اسْتَوَى الطَّرَفَانِ فِي الْعَدَدِ أَمْ لَا.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ الصَّحِيحُ، وَكَذَا صَحَّحَهُ الْأُصُولِيُّون َ كَالْفَخْرِ وَالْآمِدِيِّ، بَلْ حَكَى الْخَطِيبُ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ إِذَا اسْتَوَى الْعَدَدَانِ، وَصَنِيعُ ابْنِ الصَّلَاحِ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ.
وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَسَاكِرَ: "أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَقْدِيمِ قَوْلِ مَنْ جَرَّحَ رَاوِيًا عَلَى قَوْلِ مَنْ عَدَّلَهُ، وَاقْتَضَتْ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ فِي التَّسَاوِي كَوْنَ ذَلِكَ أَوْلَى فِيمَا إِذَا زَادَ عَدَدُ الْجَارِحِينَ".
قَالَ الْخَطِيبُ: "وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَارِحَ يُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ بَاطِنِيٍّ قَدْ عَلِمَهُ، وَيُصَدِّقُ الْمُعَدِّلَ وَيَقُولُ لَهُ: قَدْ عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِ الظَّاهِرِ مَا عَلِمْتُهُ، وَتَفَرَّدْتُ بِعِلْمٍ لَمْ تَعْلَمْهُ مِنِ اخْتِبَارِ أَمْرِهِ"، يَعْنِي: فَمَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ.
قَالَ: "وَإِخْبَارُ الْمُعَدِّلِ عَنْ الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ لَا يَنْفِي صِدْقَ قَوْلِ الْجَارِحِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ الْجَرْحُ أَوْلَى مِنَ التَّعْدِيلِ"، وَغَايَةُ قَوْلِ الْمُعَدِّلِ كَمَا قَالَ الْعَضَدُ: "إِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فِسْقًا، وَلَمْ يَظُنَّهُ فَظَنَّ عَدَالَتَهُ، إِذِ الْعِلْمُ بِالْعَدَمِ لَا يُتَصَوَّرُ، وَالْجَارِحُ يَقُولُ: أَنَا عَلِمْتُ فِسْقَهُ، فَلَوْ حَكَمْنَا بِعَدَمِ فِسْقِهِ كَانَ الْجَارِحُ كَاذِبًا، وَلَوْ حَكَمْنَا بِفِسْقِهِ كَانَا صَادِقَيْنِ فِيمَا أَخْبَرَا بِهِ، وَالْجَمْعُ أَوْلَى مَا أَمْكَنَ، لِأَنَّ تَكْذِيبَ الْعَدْلِ خِلَافُ الظَّاهِرِ" انْتَهَى وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْخَطِيبُ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْعَمَلَ بِقَوْلِ الْجَارِحِ غَيْرُ مُتَضَمِّنٍ لِتُهَمَةِ الْمُزَكِّي بِخِلَافِ مُقَابِلِهِ.
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3) (الْحَقُّ أَنْ يُحْكَمْ) مُسَكَّنُ الْمِيمِ، أَيْ: يُقْضَى (بِمَا أَطْلَقَهُ الْعَالِمْ) مُسَكَّنُ الْمِيمِ أَيْضًا، الْبَصِيرُ (بِأَسْبَابِهِم ا) أَيِ: الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِسَبَبٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِي ُّ، وَنَقَلَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ، فَقَالَ: قَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: "إِذَا جَرَّحَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْجَرْحَ يَجِبُ الْكَشْفُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجِبُوا ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الشَّأْنِ". وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا خِلَافُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي كَوْنِ الْجَرْحِ الْمُبْهَمِ لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ عَيْنُ الْقَوْلِ الرَّابِعِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ أَوَّلًا، وَلَكِنْ قَدْ قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: "إِنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلٍ مُسْتَقِلٍّ، بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ، وَتَحْرِيرٌ لَهُ، إِذْ مَنْ لَا يَكُونُ عَالِمًا بِالْأَسْبَابِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ جَرْحٌ وَلَا تَعْدِيلٌ لَا بِإِطْلَاقٍ وَلَا بِتَقْيِيدٍ.
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4) س: ما الفرق بين التوقف، والتساقط؟
المحدثون يستعملون التوقف، الأصوليون يستعملون التساقط، فما الفرق؟
ج: التساقط: البراءةُ الأصلية – بمعنى: إلغاء وإهمال الدليلين، أو الحديثين كأنهما غير ِموجُودَينِ على الإطلاق. التوقف: معناه – أن الحديثان، أو القولان غير موجودان وننتظرُ من يأتي ليجمع، أو لينسخ، أو ليُرجِح.
س: أيهما أدق التعبيرُ بالتوقف، أم بالتساقط؟
ج: التعبيرُ بالتوقف هنا هو الأحوط والأدق، لأن الواقع يقول: بأن هناك قولان متعارضان موجودان وننتظر م ياتي ليجمع ان ينسخ او يرجح ولن نقول بالبراءة الأصلية لأنها تعني – عدم وجود الدليلين.
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5) وَمِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ أَقْوَالُ الْمُزَكِّينَ وَمَخَارِجُهَا، فَقَدْ يَقُولُونَ: فُلَانٌ ثِقَةٌ أَوْ ضَعِيفٌ، وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَلَا مِمَّنْ يُرَدُّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قُرِنَ مَعَهُ عَلَى وَفْقِ مَا وُجِّهَ إِلَى الْقَائِلِ مِنَ السُّؤَالِ، كَأَنْ يُسْأَلَ عَنِ الْفَاضِلِ الْمُتَوَسِّطِ فِي حَدِيثِهِ وَيُقْرَنُ بِالضُّعَفَاءِ، فَيُقَالُ: مَا تَقُولُ فِي فُلَانٍ، وَفُلَانٍ، وَفُلَانٍ؟ فَيَقُولُ: فُلَانٌ ثِقَةٌ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَمَطِ مَنْ قُرِنَ بِهِ، فَإِذَا سُئِلَ عَنْهُ بِمُفْرَدِهِ بَيَّنَ حَالَهُ فِي التَّوَسُّطِ.
وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ لَا نُطِيلُ بِهَا، وَمِنْهَا قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ كَيْفَ حَدِيثُهُمَا؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، قُلْتُ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ؟ قَالَ: سَعِيدٌ أَوْثَقُ، وَالْعَلَاءُ ضَعِيفْ. فَهَذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ ابْنُ مَعِينٍ أَنَّ الْعَلَاءَ ضَعِيفٌ مُطْلَقًا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ أَكْثَرُ مَا وَرَدَ مِنِ اخْتِلَافِ كَلَامِ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، مِمَّنْ وَثَّقَ رَجُلًا فِي وَقْتٍ وَجَرَّحَهُ فِي آخَرَ، فَيَنْبَغِي لِهَذَا حِكَايَةُ أَقْوَالِ أَهْلِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ بِنَصِّهَا، لِيَتَبَيَّنَ مَا لَعَلَّهُ خَفِيَ مِنْهَا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ.
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6) وَكَذَا يَنْبَغِي تَأَمُّلُ الصِّيَغِ، فَرُبَّ صِيغَةٍ يَخْتَلِفُ الْأَمْرُ فِيهَا بِالنَّظَرِ إِلَى اخْتِلَافِ ضَبْطِهَا، كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مُودٍ، فَإِنَّهَا اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ يُخَفِّفُهَا، أَيْ: هَالِكٌ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: أَوْدَى فُلَانٌ، أَيْ: هَلَكَ، فَهُوَ مُودٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَدِّدُهَا مَعَ الْهَمْزَةِ، أَيْ: حَسَنُ الْأَدَاءِ. أَفَادَهُ شَيْخِي فِي تَرْجَمَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ مِنْ مُخْتَصَرِ التَّهْذِيبِ، نَقْلًا عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْقَطَّانِ الْفَاسِيِّ.
وَكَذَا أَثْبَتَ الْوَجْهَيْنِ كَذَلِكَ فِي ضَبْطِهَا ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَأَفَادَ شَيْخُنَا أَيْضًا أَنَّ شَيْخَهُ الشَّارِحَ كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ عَلَى يَدِي عَدْلٌ: إِنَّهَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّوْثِيقِ، وَكَانَ يَنْطِقُ بِهَا هَكَذَا بِكَسْرِ الدَّالِ الْأُولَى، بِحَيْثُ تَكُونُ اللَّفْظَةُ لِلْوَاحِدِ، وَبِرَفْعِ اللَّامِ وَتَنْوِينِهَا، قَالَ شَيْخُنَا: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ ظَهَرَ لِي أَنَّهَا عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ أَلْفَاظِ التَّجْرِيحِ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَهُ قَالَ فِي تَرْجَمَةِ جُبَارَةَ بْنِ الْمُغَلِّسِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: هُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، ثُمَّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: هُوَ عَلَى يَدِي عَدْلٌ.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 07:43 AM
سـ51: ما حكم الإبهام مع التوثيق، [التعديل مع الابهام]؟ مهم جدا
الإجابة:
إذا قال الإمام الشافعي: "حدثني الثقة"، وقال الإمام مالك: "حدثني من لا أتهمه" هذا القول منهما توثيقاً وتعديلاً، فهل يكتفى بذلك؟
اختلف العلماء في ذلك إلى ما يلي:
1-قال الإمام النووي في كتابه "التقريب" الذي شرحه السيوطي: "لا يكتفي بتوثيق العدل إذ قال: "حدثني الثقة" ولا بد من تعيين اسمه لأنه قد يكون ثقة عند من قال: "حدثني الثقة"، ضعيفاً عند غيره، ويكون الغير قد اطلع على علة لم يطلع عليها من قال: (حدثني الثقة).
كما أن عدم التصريح باسمه يترتب عليه شك وريبة في نفس القارئ، حتى ولو صرح المبهم بأن جميع شيوخه ثقات. (وهذا هو الرأي الراجح، لأنه فيه حيطه، ودقة، وحذر وتروي، وتحقيق، وهذا هو المطلوب).
2-وقيل: يكتفي مطلقاً كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ، لأنه مَأْمُونٌ فِي الْحَالَتَيْنِ مَعًا، وهذا القول منقول عن أَبِي حَنِيِفَةَ، وَهُوَ مَاشٍ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمُرْسِلَ لَوْ لَمْ يَحْتَجَّ بِالْمَحْذُوفِ لَمَا حَذَفَهُ، فَكَأَنَّهُ عَدَّلَهُ، بَلْ هُوَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ، لِتَصْرِيحِهِ فِيهَا بِالتَّعْدِيلِ.
3-وقيل: يكتفى به في حق موافقة في المذهب عند بعض المحققين: فيكتفى بالتَّعْدِيلَ لِمَنْ أُبْهِمَ إذا صَدَرَ مِنْ عَالِمٍ كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمُجْتَهِدِين َ الْمُقَلِّدِينَ ، فِي حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ فِي مَذْهَبِهِ، فَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلْأَئِمَّةِ ذَلِكَ: فَحَيْثُ رَوَى مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، فَالثِّقَةُ مَخْرَمَةُ وَلَدُهُ.
أو عَنِ الثِّقَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَقِيلَ: إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أو الزُّهْرِيُّ، أو ابْنُ لَهِيعَةَ.
أَوْ عَمَّنْ لَا يُتَّهَمُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَهُوَ اللَّيْثُ.
وَجَمِيعُ مَا يَقُولُ: بَلَغَنِي عَنْ عَلِيٍّ، سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ.
وإذا قال الشافعي عن الثقة عن الليث بن سعد، فالثقة هو: "يحيى بن حسان".
◄وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ، لأنه لَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْدِيلِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ غَيْرِهِ كَذَلِكَ، فَلَعَلَّهُ إذا سَمَّاهُ يُعْرَفُ بِخِلَافِهَا، وَرُبَّمَا يَكُونُ قَدِ انْفَرَدَ بِتَوْثِيقِهِ كَمَا وَقَعَ لِلشَّافِعِيِّ فِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّهُ لَمْ يُوَثِّقْهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ ، بَلْ إِضْرَابُ الْمُحَدِّثِينَ عَنْ تَسْمِيَتِهِ رِيبَةٌ تَقَعُ تَرَدُّدًا فِي الْقَلْبِ.
وَصُورَتُهُ: (نَحْوُ أَنْ يُقَالَا حَدَّثَنِي الثِّقَةُ) أو الضَّابِطُ أو الْعَدْلُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ (بَلْ) صَرَّحَ الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ (لَوْ قَالَا) أَيْضًا: (جَمِيعُ أَشْيَاخِي) الَّذِينَ رَوَيْتُ عَنْهُمْ (ثِقَاتٌ)، و(لَوْ لَمْ أُسَمِّ)، ثُمَّ رَوَى عَنْ وَاحِدٍ أَبْهَمَ اسْمَهُ (لَا يُقْبَلُ) أَيْضًا (مَنْ قَدْ أَبْهَمْ) لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، هَذَا مَعَ كَوْنِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَعْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ" فتعددت الأقوال، وهذا التعدد يرجع إلى القول الأول.

ملحوظة: لو قال الإمام الشافعي: "أخبرني من لا أتهمه" هل نفس حكم قوله "حدثني الثقة"؟ نعم: نفس الحكم.
قال الإمام الذهبي: قوله "أخبرني من لا أتهمه" ليس بتوثيق، لأنه نفي للتهمة، وليس فيه تعرض لإتقان الراوي أو لضبطه، ولا لأنه حجه. قال ابن السبكي: ما قاله الذهبي صحيح، والشافعي إذ قال: "أخبرني من لا أتهمه " في مسألة دينية فهي والتوثيق سواء في أصل الحجة، وإن كان مدلول اللفظ لا يزيد ما ذكره الذهبي، فمن ثَم خالفناه في مثل الشافعي، أما من ليس مثله فالأمر كما قال.
تَنْبِيهٌ: أَلْحَقَ ابْنُ السُّبْكِيِّ بِحَدَّثَنِي الثِّقَةُ مِنْ مِثْلِ الشَّافِعِيِّ دُونَ غَيْرِهِ، حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ فِي مُطْلَقِ الْقَبُولِ، لَا فِي الْمَرْتَبَةِ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الذَّهَبِيُّ وَقَالَ: إِنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لِأَنَّ مَنْ أَنْزَلَهُ مِنْ رُتْبَةِ الثِّقَةِ إلى أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فَهُوَ لَيِّنٌ عِنْدَهُ، وَضَعِيفٌ عِنْدَ غَيْرِهِ، لأنه عِنْدَنَا مَجْهُولٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي مَجْهُولٍ.
وَنَفْيُ الشَّافِعِيِّ التُّهَمَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الضَّعْفِ، فَإِنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ، وَوَالِدَ على بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادٍ الْأَفْرِيقِيَّ وَأَمْثَالَهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ نَتَّهِمُهُمْ عَلَى السُّنَنِ، وَهُمْ ضُعَفَاءُ لَا نَقْبَلُ حَدِيثَهُمْ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:08 AM
سـ52: إذا روى العدل عمن سماه، هل هو تعديلُ لمن روى عنه؟
الإجابة:
اختلف العلماء في ذلك إلى ما يلي ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)):
1-عند الأكثرين: إذا روى العدل عن رجل وسماه، لم تجعل روايته عنه تعديلاً منه له ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))، وهو الصحيح لأنه يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَ عَمَّنْ لَا يُعْرَفُ عَدَالَتُهُ، بَلْ وَعَنْ غَيْرِ عَدْلٍ، فَلَا تَتَضَمَّنُ رِوَايَتُهُ عَنْهُ تَعْدِيلَهُ، وَلَا خَبَرًا عَنْ صِدْقِهِ، كَمَا إذا شَهِدَ شَاهِدُ فَرْعٍ عَلَى شَاهِدِ أَصْلٍ لَا يَكُونُ مُجَرَّدُ أَدَائِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى شَهَادَتِهِ تَعْدِيلًا مِنْهُ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ"، "عندنا شاهدان: شاهد أصل وهو الذي قد سمع أو رأى، وشاهد فرع وهو الذي لم يسمع ولم ير لكنه حملّ شهادة غيره واستحفظ."، وَكَذَا إذا أَشْهَدَ الْحَاكِمُ عَلَى نَفْسِهِ رَجُلًا بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لَا يَكُونُ تَعْدِيلًا لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَقَدْ تَرْجَمَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: "لَا تَسْتَدِلَّ بِمَعْرِفَةِ صِدْقِ مَنْ حَدَّثَنَا عَلَى صِدْقِ مَنْ فَوْقَهُ "، بَلْ صَرَّحَ الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلرَّاوِي حُكْمُ الْعَدَالَةِ بِمُجَرَّدِ رِوَايَةِ اثْنَيْنِ مَشْهُورَيْنِ عَنْهُ.
قال الشعبي: حدثنا الحارث، واشهد بالله انه كان كاذبا.
وروى الحاكم، وغيره، عن أحمد بن حنبل، أنه رأى يحيى بن معين، وهو يكتب صحيفة معمر، عن أبان، عن أنس، فإذا اطلع عليه إنسان كتمه، فقال له أحمد: تكتب صحيفة معمر، عن أبان، عن أنس، وتعلم أنها موضوعة؟ فلو قال لك قائل: أنت تتكلم في أبان، ثم تكتب حديثه، فقال: يا أبا عبد الله أكتب هذه الصحيفة، فأحفظها كلها، وأعلم أنها موضوعة، حتى لا يجيء إنسان فيجعل بدل أبان ثابتا، ويرويها عن معمر، عن ثابت، عن أنس، فأقول له: كذبت، إنما هي، عن معمر، عن أبان، لا عن ثابت.
2-وقيل: أَنَّهُ تَعْدِيلٌ مُطْلَقًا، إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ، إِذْ لَوْ عَلِمَ فِيهِ جَرْحًا لَذَكَرَهُ، لِئَلَّا يَكُونَ غَاشًّا فِي الدِّينِ، حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْخَطِيبُ. وَرَدَّهُ الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْلَمُ عَدَالَتُهُ وَلَا جَرْحُهُ، كَيْفَ وَقَدْ وُجِدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُدُولِ الثِّقَاتِ رَوَوْا عَنْ قَوْمٍ أَحَادِيثَ أَمْسَكُوا فِي بَعْضِهَا عَنْ ذِكْرِ أَحْوَالِهِمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَرْضِيِّينَ، وَفِي بَعْضِهَا شَهِدُوا عَلَيْهِمْ بِالْكَذِبِ. قال الصيرفي: وهذا خطأ، لأن الرواية تعريف له، والعدالة بالخبرة.
وَالثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ كَانَتْ رِوَايَتُهُ عَنِ الرَّاوِي تَعْدِيلًا لَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّين َ، كَالسَّيْفِ الْآمِدِيِّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، بَلْ وَذَهَبَ إِلَيْهِ جَمْعٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ . وَأَمَّا رِوَايَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ فَلَا يَكُونُ تَعَدْيِلًا بِاتِّفَاقٍ.

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1)ـ والتعيين يقابل الابهام، فلو قال عالم من العلماء حدثني من لا أتهم، أو حدثني الثقة، يكون عنوان هذا الكلام التعديل مع الابهام، والابهام في كلمه الثقة، من هو فمن لا أتهم أو الثقة الاثنان يحتاجان الي تعين ولذلك قالوا: تعيين المبهم فالمبهم يحتاج الي تعيين، والمهمل يحتاج إلى تمييز فلو قال: حدثني محمد فمحمد يحتاج الي ما يميزه من لقب أو كنيه أو طبقه أشهر الشيوخ، والتلاميذ سنه المولد سنه الوفاة الرحلات... التعيين هو أن تصرح باسمه فهو يحتاج إلى تسميه بل لابد من تسميته حتى وإن كان ثقة عنده، فلربما لو سماه لكان غيره بجرح قادح بل إضرابه عن تسميته فيه ريبه وشك، فلابد من تعيين المبهم ولا يكتفي بأن يكون ثقه عند من قال حدثني الثقة أو حدثني من لا أتهم عند من أبهم، لأنه قد يكون ثقه عند من قال حدثني الثقة أو عند من أبهمه ضعيفاً عند غيره، فلابـــــــــــ ـد من التعيين. إذاً فالقول الراجح هو عدم الاكتفاء بقوله حدثني الثقة يفترض أن الشيخ قال جميع شيوخي ثقات كل من أروي عنه فهو ثقة وقال لك حدثني الثقة جميع شيوخ الامام ثقات وقال حدثني الثقة وهو شيخ من قال حدثني وشيوخه جميعاً ثقات هل يكتفي بالإبهام أم لا يكتفي؟ لا يكتفي لابد من تسميه هذا الثقة لأنه قد يكون ضعيفاً عند غيره ثقة عنده فلابد من تعيينه.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2)ـ والإمام الترمذي عندما يقول حسن صحيح كيف يجتمع الكمال والنقصان في آنٍ واحد وفي حديث واحدأليس الصحيح أعلي من الحسن فالصحيح هو ضبط تام لكل الرواة والحسن فيه راوٍ قد خف ضبطه قالو عنه صدوق أو حسن الحديث، وقيل أيضاً حسن صحيح لحديث وله اسنادان فهو صحيح باعتبار الاسناد حسنٌ باعتبار الآخر. اما الحديث الذي له اسناد واحد او له طريق واحد ولكن اختلف فيه في الحكم عليه فنقول أنه اختلاف اقوال العلماء في الراوي فلو رجحنا الراوي المختلف فيه بانه ثقه فهو صحيح، ولو رجحنا الراوي بانه صدوق فهو حسن أي أنه حسنٌ عند قوم صحيحٌ عند اخريين فجاء هذا الاختلاف من الاختلاف في الراوي فيكون منشأ هذا الاختلاف اختلاف في الرواة واختلاف في المذاهب

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:13 AM
سـ53: لماذا يروي الثقة عن الضعيف، أسباب رواية الثقة عن الضعيف؟
الإجابة:
‏المسألة الأخرى: أن الراوي الثقة قد يروي عن الضعيف لدواعي أخرى غير الاحتجاج والتوثيق، كأن يروي عنه الحديث لمعرفة مخرجه، فلا يقع فيه الخطأ من قِبل أحد الرواة فيسويه، ويجعله ثقة عن ثقة، وقد يروي عنه على وجه الإنكار والتعجب.
كما روى ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: قال قلت لأبي: ما معنى رواية الثوري، عن الكلبي، وهو غير ثقة عنده؟ فقال: كان الثوري يذكر الرواية عن الكلبي على الإنكار والتعجب فتعلقوا عنه روايته عنه، وإن لم تكن روايته عن الكلبي مقبولة له "
وقد قال سفيان "اتقوا الكلبي"، فقيل له: فإنك تروي عنه؟ قال: أنا أعرف صدقه من كذبه.
قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي: "وللأئمة في ذلك غرض ظاهر: وهو أن يعرفوا الحديث من أين مخرجه، والمنفرد به عدل أو مجروح "
وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِنِّي لَأَرْوِيَ الْحَدِيثَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، فَلِلْحُجَّةِ مِنْ رَجُلٍ، وَلِلتَّوَقُّفِ فِيهِ مِنْ آخَرَ، وَلِمَحَبَّةِ مَعْرِفَةِ مَذْهَبِ مَنْ لَا أَعْتَدُّ بِحَدِيثِهِ، لَكِنْ قَدْ عَابَ شُعْبَةُ عَلَيْهِ ذَلِكَ.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:14 AM
سـ54: رواية الثقة عن المجهول هل تنفعه؟
الإجابة:
نعم تنفعه لكن لا تفيد بالضرورة توثيقه بل غايتها أنها ترفع عنه وصف الجهالة، ولكن لا ترقيه إ لى درجة الاحتجاج. ويدل على ذلك:" قول ابن أبي حاتم قال سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة مما يقويه؟ قال إذا كان معروفا بالضعف لم تقوه روايته عنه، وإذا كان مجهولا نفعه رواية الثقة عنه"، وقد تفيد توثيقه إن كان الراوي عنه من الأئمة العارفين النقاد الذين لا يروون إلا عن ثقة: كما يدل على ذلك. ما جاء في ‏سؤالات أبي داود للإمام أحمد. قال: قلت لأحمد: إذا روى يحيى أو عبد الرحمن بن مهدي عن رجل مجهول يحتج بحديثه، قال: يحتج بحديثه، لأن يحيي بن سعيد، وابن مهدي كان لا يحدثان إلا عن ثقة.
وقال أبوداود أيضا: سمعت أحمد قال عثمان بن غياث ثقة أوقال لا بأس به ولكن مرجئ حدث عنه يحيى ولم يكن يحدث الاعن ثقة.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:16 AM
‏ سـ55: بأي شيء تُرفع جهالة العين؟
الإجابة:
قال محمد بن يحيي الذهلي برواية اثنين عنه.
وهذه قاعدة متنازع فيها مع الإمام الذهلي راجع رد العلماء عليه في شرح العلل لابن رجب لِعِظَمِ مَفْسَدَتِهِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ شَرْعًا، وَالشَّهَادَةِ فَإِنَّ مَفْسَدَتَهُمَا قَاصِرَةٌ لَيْسَتْ عَامَّةً.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:17 AM
سـ56: ما حكم رواية التائب من الكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
الإجابة:
لا تقبل رواية من تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وإن تاب وحسنت توبته. تَغْلِيظًا لِمَا يَنْشَأُ عَنْ صَنِيعِهِ مِنْ مَفْسَدَةٍ عَظِيمَةٍ، وَهِيَ تَصْيِيرُ ذَلِكَ شَرْعًا مُسْتَمِرًّا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بِخِلَافِ الْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ، وتَوْبَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ. ورد حديثه الْمُسْتَقْبَلِ إِنَّمَا هُوَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، وَذَلِكَ جَارٍ فِي حَدِيثِهِ الْمَاضِي بَعْدَ الْعِلْمِ بِكَذِبِهِ، وبهذا قال غير واحد من أهل العلم منهم: الإمام أحمد وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري وأبو بكر الصيرفي.
-وَيَلْتَحِقُ بِالْعَمْدِ مَنْ أَخْطَأَ وَصَمَّمَ بَعْدَ بَيَانِ ذَلِكَ لَهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِعِلْمِهِ مُجَرَّدَ عِنَادٍ، وَأَمَّا مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ مُعْتَقِدًا أَنَّ هَذَا لَا يَضُرُّ، ثُمَّ عَرَفَ ضَرَرَهُ فَتَابَ، فَالظَّاهِرُ - كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِي نَ - قَبُولُ رِوَايَاتِهِ. وَكَذَا مَنْ كَذَبَ دَفْعًا لِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ مِنْ عَدُوٍّ، وَرَجَعَ عَنْهُ.
-وقد ذهب الإمام النووي وبعض الحنفية الى: القول بقبول رواية التائب من الكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبول شهادته، كالكافر إذا أسلم.
وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: إِنَّ مَنْ عُرِفَ بِالْكَذِبِ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْصُلُ لَنَا ثِقَةٌ بِقَوْلِهِ: إِنِّي تُبْتُ، يَعْنِي كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي الْمُعْتَرِفِ بِالْوَضْعِ.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:19 AM
سـ57: ما حكم رواية التائب من الكذب في حديث الناس، والتائب من الفسق؟
الإجابة:
ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه تقبل روايته إذا تاب وحسنت توبته فَإِنَّ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُفَسِّقَاتِ تُقْبَلُ رِوَايَةُ التَّائِبِ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ كَثِيرٍ فَقَالَ: التَّائِبُ مِنَ الْكَذِبِ فِي حَدِيثِ النَّاسِ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ خِلَافًا لِلصَّيْرَفِيِّ .

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:22 AM
سـ58: حكم عمل العالم وفتياه على وفق حديث رواه أو مخالفته له، هل يعد حكماً بصحته أو قدحاً في صحته أو رواته؟ مهم جدا
الإجابة:
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
الأول: أنه ليس حكماً منه بصحته، ولا تعديل رواته، لإمكان أن يكون ذلك منه احتياطاً، أو لدليل آخر وافق ذلك الخبر، ولا تعد مخالفته له قدحا في صحته، ولا في رواته، لإمكان أن يكون ذلك لمانع من معارض أو غيره، وقد روى الإمام مالك حديث الخيار ولم يعمل به لعمل أهل المدينة بخلافه، ولم يكن ذلك قدحاً في (نافع) راويه.
قال الامام النووي " وعمل العالم وفتياه على وفق حديث رواه ليس حكما بصحته، ولا مخالفته قدح في صحته ولا رواته"
الثانى: صحح الآمدي وغيره من الأصوليين أنه حكم منه بذلك.
الثالث: قال إمام الحرمين: إن لم يكن في مسالك الاحتياط.
الرابع: فرق شيخ الإسلام ابن تيمية بين أن يُعمل به في الترغيب وغيره.
قال ابن كثير: وفي القسم الأول نظر إذا لم يكن في الباب غير هذا الحديث، وتعرض للاحتجاج به في فتياه أو حكمه أو استشهد به عند العمل بمقتضاه. قال العراقي: وفي هذا النظر نظر، لأنه لا يلزم من كون ذلك الباب ليس فيه غير هذا الحديث، ان لا يكون ثَم دليل آخر من قياس أو اجماع، ولا يلزم الحاكم ان يذكر جميع ادلته، ولعل له دليلا آخر واستأنس بالحديث الوارد في الباب، ورما كان يرى العمل بالضعيف وتقديمه على القياس.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:23 AM
سـ59: هل العبرة بما روى الراوي أم بما رأى برأيه، وإذا خالف الراوي برأيه ما رواه هل يجرح أم يعدل؟
الإجابة:
اختلف في ذلك أهل العلم:
1-ذهب أهل العلم إلى أن العبرة بما روى الراوي لا بما رأى، (وهذا هو الراجح)
2-وذهب البعض إلى: أن العبرة بما رأى الراوي لا بما روى.
وإذا خالف الراوي برأيه ما رواه لا يُرجح، لإمكان أن تكون هذه المخالفة لمانع من معارض أو غيره.
فقد روى الإمام مالك حديث الخيار في الموطأ، ولم يعمل به، لعمل أهل المدينة بخلافه.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-01, 08:30 AM
سـ60: ما حكم رواية المبتدع؟
الإجابة:
وَالْبِدْعَةُ هِيَ مَا أُحْدِثَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ مُتَقَدِّمٍ، فَيَشْمَلُ الْمَحْمُودَ وَالْمَذْمُومَ، وَلَكِنَّهَا خُصَّتْ شَرْعًا بِالْمَذْمُومِ مِمَّا هُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْمُبْتَدِعُ مَنِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ لَا بِمُعَانَدَةٍ بَلْ بِنَوْعِ شُبْهَةٍ.
والمبتدع إما أن يكفر ببدعته، أو لا يكفر، ولكل حكم.
1-حكم رواية المبتدع الذي يكفر ببدعته: كَمُنْكِرِي الْعِلْمِ بِالْمَعْدُومِ، الْقَائِلِينَ مَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ حَتَّى يَخْلُقَهَا، أو بِالْجُزْئِيَّا تِ، وَالْمُجَسِّمِي نَ تَجْسِيمًا صَرِيحًا، وَالْقَائِلِينَ بِحُلُولِ الْإِلَهِيَّةِ فِي على أو غَيْرِهِ.
اختلف في حكم هؤلاء على قولين:
الأول: لا يحتج به مطلقاً، وبه قال القاضي أبو بكر، ونقله السيف الآمدي عن الأكثرين، وقال النووي في (التقريب): لم يُحتج به بالاتفاق. وقد رد السيوطي دعوى النووي بالاتفاق لان هناك من قبل روايته.
الثاني: تقبل روايته إن اعتقد حرمة الكذب، صححه صاحب "المحصول" وقال: لأن اعتقاد حرمة الكذب تمنعه منه.
الرابع: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "التحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته، لأن كل طائفة تدعى أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فالمعتمد: أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع، معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله.

2-حكم رواية المبتدع الذي لا يكفر ببدعته: كَبِدَعِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ الَّذِينَ لَا يَغْلُونَ ذَاكَ الْغُلُوَّ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ الْمُخَالِفِينَ لِأُصُولِ السُّنَّةِ خِلَافًا ظَاهِرًا، لَكِنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلى تَأْوِيلٍ ظَاهِرٍ سَائِغٍ.
اختلف في حكم ذلك على أقوال:
الأول: ترد روايته مطلقاً الدَّاعِيَةُ إلى بدعته وَغَيْرُهُ، لأنه فاسق ببدعته وإن كان متأولاً، فترد كالفاسق بغير تأويل، بَلْ هُوَ فَاسِقٌ بِقَوْلِهِ وَبِتَأْوِيلِهِ ، فَيُضَاعَفُ فِسْقُهُ، كَمَا اسْتَوَى الْكَافِرُ الْمُتَأَوِّلُ وَالْمُعَانِدُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، قال ابْنُ سِيرِينَ: "إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرْ عَمَّنْ تَأْخُذُ دِينَكَ" - وهذا القول نسبه الخطيب البغدادي للإمام مالك رحمه الله.
الثاني: تقبل روايته إن لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، أو لأهل مذهبه، سواء دعي إلى بدعته أم لا، كَمَا حَكَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بَعْضِ الْخَوَارِجِ مِمَّنْ تَابَ أَنَّهُمْ كَانُوا إذا هَوَوْا أَمْرًا صَيَّرُوهُ حَدِيثًا، فَمَنْ لَمْ يَسْتَحِلَّ الْكَذِبَ كَانَ مَقْبُولًا، لِأَنَّ اعْتِقَادَ حُرْمَةِ الْكَذِبِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ، فَيَحْصُلُ صِدْقُهُ. وإن كان ممن يستحل ذلك لم تقبل، حكى هذا القول عن الإمام الشافعي، وسفيان الثوري وغيرهم.
الثالث: إن كان داعية إلى بدعته لم تقبل روايته، وإن لم داعية قبلت روايته. "وهو الراجح"، وهذا القول حكاه الخطيب عن الإمام أحمد، وقال ابن الصلاح: وهذا مذهب الكثير، أو الأكثر وهو أعدلها وأولاها. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لِأَبِي: لِمَ رَوَيْتَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ وَكَانَ مُرْجِئًا، وَلَمْ تَرْوِ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ وَكَانَ قَدَرِيًّا؟ قَالَ: لِأَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ لَمْ يَكُنْ يَدْعُو إلى الْإِرْجَاءِ، وَشَبَابَةُ كَانَ يَدْعُو إلى الْقَدَرِ.
ولا يعترض على هذا القول برواية الامام البخاري في صحيحه عن عِمران بن حطان وهو من الدعاة ولا برواية مسلم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني وكان داعية إلى الارجاء، وذلك لان أبا داوود قال: ليس في اهل الاهواء اصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عِمران بن حطان وابا حسان الاعرج، ولم يحتج مسلم بعبد الحميد ولكنه اخرج له في المقدمة.
فائدة: لا تقبل رواية الرافضة وساب ّ الصحابة والسلف، لأن سباب المسلم فسوق، فالصحابة والسلف من باب أولى. اما من تشيع بلا غلو، كمن تكلم في حق من حارب عليا، فهؤلاء كثير في التابعين واتباعهم مع الدين والورع والصدق، فلو رُد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينه.
الرابع: تقبل أخبارهم مطلقاً، وإن كانوا كفاراً وفسقاً بالتأويل: حكى هذا القول الخطيب البغدادي عن جماعة من أهل النقل والمتكلمين.

عبد الحميد الأزهري
2016-10-02, 01:41 PM
تنبيه مهم
أعد هذه المادة
طلبة الدراسات العليا بقسم الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر

تنظيم
أ/ عبد الحميد الحمراني

سيد صادق بندق
2021-02-15, 08:47 PM
جزاكم الله خيراً هل تتكرمون وتجمعوها في ملف وورد واحد؟